لجان الحقیقة کآلیه لإعمال الحق فی معرفة الحقیقة
الرافدین للحقوق,
2022, السنة 25, العدد 81, الصفحة 358-398
10.33899/alaw.2020.128915.1113
الملخص
تعد لجان الحقیقة احدى اهم الآلیات التی استخدمت فی مرحلة العدالة الانتقالیة من اجل تحقیق العدید من اهداف هذه المرحلة, وقد تنوعت تجارب هذه اللجان وحسب خصوصیة کل دولة فهناک عشرات الدول التی لجأت الى استخدام آلیه لجان الحقیقة. وتهدف هذه اللجان بصورة رئیسة الى کشف حقیقة ما وقع من انتهاکات لحقوق الإنسان, وهو ما یعد الاساس الذی یتم عبره تفعیل حق الانتصاف وجبر الضرر وتحمیل المسؤولیة وتحقیق المصالحة، ولعبت لجان الحقیقة دوراً هاماً فی العدید من التجارب فی إعمال الحق فی معرفة الحقیقة ولکن هناک العدید من العراقیل والصعوبات التی واجهت هذه اللجان مما ترک اثراً على مدى فاعلیة هذه اللجان فی تفعیل الحق فی معرفة الحقیقة سواء بذاته او بما یترتب علیه من اثار.لجان الحقیقة کآلیه لإعمال الحق فی معرفة الحقیقة-(*)-
Truth commissions as a mechanism towards the realisation of the right to the truth
أحمد عبد الرسول جعفر وسام نعمت إبراهیم قسم القانون/ کلیة الحدباء الجامعة کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Ahmed Abdulrasool Jaafar Wisam Nimet Ibrahim Law Department\ Alhadba University College College of Law\ University of mosul Correspondence: Ahmed Abdulrasool Jaafar E-mail: wisamalsaad@uomosul.edu.iq |
(*) أستلم البحث فی 8/11/2020 *** قبل للنشر فی 29/11/2020.
(*) received on 8/11/2020 *** accepted for publishing on 29/11/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.128915.1113
© Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تعد لجان الحقیقة احدى اهم الآلیات التی استخدمت فی مرحلة العدالة الانتقالیة من اجل تحقیق العدید من اهداف هذه المرحلة, وقد تنوعت تجارب هذه اللجان وحسب خصوصیة کل دولة فهناک عشرات الدول التی لجأت الى استخدام آلیه لجان الحقیقة. وتهدف هذه اللجان بصورة رئیسة الى کشف حقیقة ما وقع من انتهاکات لحقوق الإنسان, وهو ما یعد الاساس الذی یتم عبره تفعیل حق الانتصاف وجبر الضرر وتحمیل المسؤولیة وتحقیق المصالحة، ولعبت لجان الحقیقة دوراً هاماً فی العدید من التجارب فی إعمال الحق فی معرفة الحقیقة ولکن هناک العدید من العراقیل والصعوبات التی واجهت هذه اللجان مما ترک اثراً على مدى فاعلیة هذه اللجان فی تفعیل الحق فی معرفة الحقیقة سواء بذاته او بما یترتب علیه من اثار.
الکلمات المفتاحیة: لجان الحقیقة، الضحایا، النزاع، العدالة، حقوق الإنسان.
Abstract
Truth commissions are considered one of the most important mechanisms that are used in the phase of transitional justice in order to achieve the goals set for this critical stage. The experiences of these commissions have varied according to the specificities of each country. There are dozens of countries that have resorted to this mechanism. The function of these committees in its essence is to reveal the truth behind human rights violation incidents which is considered the basis of activating the right to redress, reparation, accountability and achieving reconciliation.
Key words: Truth commissions, victims, conflict, justice, human rights violations, reconciliations.
المقدمـة
ان تفعیل الحق فی معرفة الحقیقة قد یتم عبر آلیات قضائیة وغیر قضائیة, ولجان الحقیقة تعد من اهم الادوات التی تستخدم فی مرحلة العدالة الانتقالیة من اجل تحقیق عدد کبیر من أهداف هذه المرحلة کتفعیل مبدأ عدم الإفلات من العقاب وتحقیق الانتصاف وجبر الضرر للضحایا وحفظ الذاکرة وضمانات عدم تکرار الانتهاکات, فلجان الحقیقة ومن خلال اسمها یتضح انها ترتکز بصورة أساسیة على کشف ومعرفة الحقیقة, وهذا الامر تترتب علیه عواقب قانونیة واجتماعیة وسیاسیة کثیرة, حیث ان نتائج عمل هذه اللجان قد یترک اثراً کبیراً على الدولة بصورة عامة مؤسسات وافراد, فیعد إعمال الحق فی معرفة الحقیقة عبر کشف الحقیقة ونشرها حجر الزاویة فی بناء واقع اجتماعی وسیاسی مستقر.
اهمیة البحث: تتمثل اهمیة الموضوع فی ظل کثرة النزاعات المسلحة وعلى وجه الخصوص النزاعات غیر الدولیة وکذلک الانظمة الاستبدادیة وما یلازمها من انتهاکات جسیمة لحقوق الانسان والتی تستوجب الکشف عنها ومحاسبة من یقف وراءها ویتم ذلک غالبا عقب انتهاء هذه النزاعات او انهیار الحکم الاستبدادی ومن خلال مرحلة العدالة الانتقالیة وعبر الیات منها لجان الحقیقة, حیث ان تفعیل الحق فی معرفة الحقیقة یعد مطلب ضروری من اجل اعمال العدید من حقوق الانسان, ویکون کشف الحقیقة عما حدث فی الماضی ضروریاً وهاماً من اجل استعادة العدالة وتحقیق المصالحة وبناء مستقبل للتعایش السلمی وحمایة وتعزیز حقوق الانسان, ولکن هناک صعوبات عدیدة تواجه هذا الامر ومن الضروری تسلیط الضوء على احد اهم ادوات هذه المرحلة وهی لجان الحقیقة وبیان دورها والصعوبات التی قد تعرقل عملها.
مشکلة البحث: تتمثل فی مدى فاعلیة آلیة لجان الحقیقة من حیث اجراءاتها واسالیب عملها فی تفعیل الحق فی معرفة الحقیقة؟ ومدى قدرتها على تحقیق الاهداف التی توکل الیها خلال مرحلة العدالة الانتقالیة؟.
الفرضیة: ینطلق البحث من فرضیة ان لجان الحقیقة اصبحت ممارسة تحظى بدعم دولی واسع ویظهر بصورة واضحة فی دعم منظمة الامم المتحدة لعمل هذه اللجان, وان تعدد وتنوع تجاربها یبین ان لها دوراً فی تحقیق التعافی فی ما بعد مرحلة النزاعات المسلحة او الانظمة الاستبدادیة عبر کشفها عن حقیقة ما حصل.
المنهجیة: سیتم استخدام المنهج التحلیلی حیث سنحاول تحلیل واقع عمل آلیة لجان الحقیقة وهذا یتطلب الاستعانة بالمنهج الاستقرائی ایضا لکی تکون الصورة واضحة وبالتحدید فیما یخص تعدد تجارب هذه اللجان وتنوعها.
هیکلیة البحث: سیتم تقسیم البحث الى مبحثین الاول سیکون حول التعریف بالحق فی معرفة الحقیقة ولجان الحقیقة والمبحث الثانی سیکرس لبیان اجراءات لجان الحقیقة وتقاریرها واثرها فی معرفة الحقیقة.
المبحث الاول
التعریف بالحق فی معرفة الحقیقة ولجان الحقیقة
إن الحق فی معرفة الحقیقة یعد حجر الزاویة فی تحقیق العدید من اهداف العدالة الانتقالیة والتی تتلخص بکشف انتهاکات حقوق الانسان وتحمیل المسؤولیة لمن یقف وراءها, وتحقیق الانتصاف والجبر لضحایا الانتهاکات، وهذا قد یتم عبر الیات مختلفة ومنها لجان الحقیقة وعلیه لابد من تعریف الحق فی معرفة الحقیقة وبیان اساسه القانونی وثم نعرف لجان الحقیقة, لکی یکون دور لجان الحقیقة فی تطبیق هذا الحق واضحاً وعلیه سنقسم هذا المبحث الى مطلبین نخصص الاول لتعریف هذا الحق وبیان اساسه القانونی اما المطلب الثانی فسوف یخصص للتعریف بلجان الحقیقیة وکما یأتی:
المطلب الاول
التعریف بالحق فی معرفة الحقیقة واساسه القانونی
من اجل الإحاطة بالجوانب القانونیة الخاصة بالحق فی معرفة الحقیقة کمفهوم قانونی وتحدید الاساس القانونی لهذا الحق سوف نقسم هذا المطلب الى فرعین وکما یأتی:
الفرع الاول: تعریف الحق فی معرفة الحقیقة:
بسبب حداثة مصطلح الحق فی معرفة الحقیقة فهناک عدم وضوح فی مفهومه فهناک عدة تعریفات تحاول ان تحیط بهذا المصطلح, فهناک من یعرف الحق فی معرفة الحقیقة بانه (حق للضحایا والاسرة والاقارب والمجتمع فی معرفة الحقیقة حول الانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان, وهو متعلق بالحق فی الانتصاف وکذلک بالتحقیق وهو حق مستقل وهو التزام موضوعی من جانب الدولة ینبع من الحق فی ضمان حقوق الإنسان للجمیع), وهناک من یعرف هذا الحق بان المراد منه هو (معرفة هویة مرتکبی الأفعال الاجرامیة ذات البعد الدولی ومعرفة مصیر واماکن وجود الأشخاص المختفین والتماس المعلومات والحصول علیها بشان الأسباب التی تؤدی الى ایذاء الأشخاص والأسباب وراء الانتهاکات الصارخة لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسان ومدى التقدم المحرز فی عملیات التحقیق ونتائجها وظروف وأسباب ارتکاب الجرائم بموجب القانون الدولی الإنسانی ومعرفة مصیر الضحایا وهویة مرتکبی الأفعال).
وفی تعریف قضائی عرفت المحکمة الدستوریة فی بیرو هذا الحق بانه: (للأمة الحق فی معرفة الحقائق عن الاحداث الظالمة والمؤلمة التی تسببها اشکال متعددة من العنف من قبل الدولة او غیرها, وهذا الحق یعنی إمکانیة معرفة الظروف والملابسات والوقت والمکان الذی حدثت فیه وکذلک أسباب ودوافع من قام بها). ویتضح من هذه التعریفات بان هناک جانباً یذهب الى تعریف الحق فی معرفة الحقیقة عبر ربطه بالانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان فهناک عناصر متشابهة فی هذه التعریفات فهی کلها ترکز على انه حق الضحایا واسرهم والمجتمع فی معرفة الحقیقة عن انتهاکات حقوق الإنسان الجسیمة بصورة اساسیة. ومن الممکن ان نطلق على هذا الجانب من التعریفات بانه تعریف للحق فی معرفة الحقیقة بالمفهوم الضیق عبر تحلیل عناصره الذی ذکرناه, ولکن هناک جوانب یرتبط بها هذا الحق بصورة قویة لم تذکرها تلک التعریفات.
فقد عرفت لجنة حقوق الإنسان الأمریکیة الحق فی معرفة الحقیقة بانه (حق جماعی یضمن حق المجتمع فی الوصول الى المعلومات التی تکون أساسیة لعمل الانظمة الدیمقراطیة وهو ایضا حق فردی لأقارب الضحایا). وهذا التعریف یبین بان هناک بعدین للحق فی معرفة الحقیقة بعد جماعی وبعد فردی والبعد الجماعی مرتبط بالمجتمع ککل بطبیعة الحال وله علاقة بالدیمقراطیة, فهناک ربط بین هذا الحق والدیمقراطیة, وهذا التعریف یمثل اتجاه یوسع من دلالة وأبعاد هذا الحق.
وقد تضمنت الدراسة التی اعدتها مفوضیة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن الحق فی معرفة الحقیقة ربط هذا الحق بالشفافیة والحکم الرشید والدیمقراطیة, وقد أکدت على هذه الجوانب محکمة بیرو الدستوریة التی ذهبت الى ان الحق فی معرفة الحقیقة هو تعبیر ملموس عن المبادئ الدستوریة المتمثلة فی کرامة الإنسان وسیادة القانون وشکل من أشکال الحکم الدیمقراطی, ویتبین من ذلک ان محتوى مفهوم الحق فی معرفة الحقیقة اوسع من ان یحصر فی دائرة معرفة الحقیقة عن انتهاکات حقوق الإنسان فقط بل قد یمتد الى مجالات اخرى تتعلق بسیادة القانون والعدالة والدیمقراطیة والحکم الرشید والشفافیة والتنمیة ..., وهذا یشتق بدرجة کبیرة من طبیعة الحقیقة, فالحقیقة بذاتها هی مطلب مسبق لإعمال کثیر من المجالات التی تحکم علاقات الافراد والمجتمعات بعضها ببعض, فضلاً عن طبیعة الحق ای کأحد حقوق الإنسان, والتی هی من خصائصها التداخل والتشابک مع بعضها البعض وعدم تجزئتها.
ومن الممکن ان نقدم تعریفاً یشمل مساحات وجوانب هذا الحق فنعرفه بانه: حق الضحایا واسرهم والمجتمع ککل فی الحصول على معلومات دقیقة قدر الإمکان عن الملابسات والظروف والأسباب التی تقف وراء حدوث انتهاکات حقوق الإنسان وتحدید المسؤول عن هذه الأفعال وایضاً معرفة مصیر الأشخاص المفقودین والمختفین قسراً, ویکون ذلک عبر تحقیقات تقوم بها سلطات الدولة المختصة او عبر بعض المنظمات الدولیة, وکذلک الحصول على المعلومات حول اداء مؤسسات الدولة بما یعزز سیادة القانون والدیمقراطیة.
الفرع الثانی: الاساس القانونی للحق فی معرفة الحقیقة:
یستند هذا الحق على مصادر متنوعة تختلف فی مدى قوتها القانونیة فهناک معاهدات نصت على هذا الحق وایضاً هناک العرف الدولی فضلاً عن قرارات المحاکم ومبادئ القانون العامة وکذلک فی ما یعرف بالقانون المرن او اللین (soft law), ففی المعاهدات ورد النص الصریح على هذا الحق ورد فی اتفاقیة واحدة فقط وهی اتفاقیة حمایة جمیع الأشخاص من الاختفاء القسری التی تبنتها الجمعیة العامة للأمم المتحدة سنة (2006) ودخلت حیز النفاذ سنة (2010)، فی المادة (٢٤/ ثانیا) حیث نصت (لکل ضحیة الحق فی معرفة الحقیقة عن ظروف الاختفاء القسری، وسیر التحقیق ونتائجه ومصیر الشخص المختفی, وتتخذ کل دولة طرف التدابیر الملائمة فی هذا الصدد), وکما یتضح من موضوع الاتفاقیة والمواضع التی ورد فیها هذا الحق انه متعلق فقط بالانتهاکات التی تکون نتیجة لفعل الاختفاء القسری. ووردت إشارة الى الحق فی معرفة الحقیقة بصورة غیر مباشرة او بمصطلح مختلف (الحق فی المعرفة) فی البروتوکول الاضافی الأول لهذه الاتفاقیات لسنة ١٩٧٧ فی المادة (32).
اما فی العرف فمن الممکن القول ان الحق فی معرفة الحقیقة له أساس فی القانون الدولی العرفی فی الممارسات والقرارات الدولیة, فعلى صعید القانون الدولی الإنسانی العرفی نصت القاعدة رقم (117) من القواعد العرفیة التی جمعتها اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر على ضرورة البحث عن الاشخاص وتوفیر المعلومات لعائلات المفقودین, وفی تفسیر هذه القاعدة ذهبت الجنة الدولیة الى (ان الدافع لهذه الممارسة هو حق الاسر فی معرفة مصیر اقاربهم المفقودین). وعلى الصعید العملی توجد العدید من الممارسات التی ساهمت بترسیخ البحث عن المفقودین کقاعدة عرفیة کما فی من کتیبات وتعلیمات عدد من جیوش الدول وایضا ورد ما یقارب هذه القاعدة فی بعض التشریعات الداخلیة، وکذلک العدید من المؤتمرات الدولیة کمؤتمرات اللجنة الدولیة للصلیب الاحمر لسنوات(1986 -1995) والإعلان الصادر عن مؤتمر حمایة ضحایا الحرب سنة (1993) فی جنیف .... وتوجد قرارات صادرة عن الأمم المتحدةمنذ (1974) حول حقوق عائلات الأشخاص المفقودین والتی یشار الیها بعبارة الرغبة فی المعرفة بوصفها احتیاجاً إنسانیاً..، اما على صعید الممارسة الدولیة فهناک الکثیر من القرارات الصادرة من مجلس الأمن والجمعیة العامة التی تؤکد على أهمیة الحقیقة کما فی ممارسات بعض لجان تقصی الحقائق التی تمهد لإقامة محاکم جنائیة ولجان الحقیقة المتعلقة بانتهاکات حقوق الإنسان حیث تم إنشاء العشرات من لجان الحقیقة. وفی القانون المرن او اللین)( ورد هذا الحق فی العدید من الوثائق)(.
وعلى الصعید الداخلی نصت علیه العدید من قوانین الدول وخصوصاً فی مرحلة العدالة الانتقالیة, ففی جنوب أفریقیا صدر قانون تعزیز الوحدة الوطنیة والمصالحة سنة (1995)، تضمن هذا القانون فی مقدمته الإشارة الى أهمیة اثبات الحقیقة عن الاحداث المتعلقة بالانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان فی الماضی والظروف التی احاطت بها والدوافع التی تقف وراءها وجعلها معروفة من اجل منع تکرار مثل هذه الأفعال مستقبلاً، وهذا القانون جاء فی اعقاب انتهاء نظام الفصل العنصری, وفی کولومبیا صدر قانون العدالة والسلام سنة (2005)، وتم الإشارة الى الحق فی معرفة الحقیقة فی اکثر من مادة,فی البوسنه والهرسک صدر قانون الأشخاص المفقودین سنة (2004), الذی أکد على حق اسر المفقودین فی معرفة مصیرهم, وأماکن تواجدهم إذا کانوا احیاء, وإذا کانوا امواتاً فمعرفة الظروف والأسباب وراء موتهم وتحدید مکان دفنهم واسترجاع بقایا جثثهم, اما فی الدول العربیة فقد وردت اشارة الى هذا الحق فی قانون ارساء العدالة الانتقالیة وتنظیمها فی تونس حیث نص فی المادة (2) (کشف حقیقة الانتهاکات حق یکفله القانون لکل المواطنین مع مراعاة مصلحة الضحایا وکرامتهم ودون المساس بحمایة المعطیات الشخصیة), وفی لبنان نص قانون المفقودین والمخفیین قسراً, الحق فی المعرفة (لأفراد الاسر والمقربین الحق فی معرفة مصیر افرادها وذویها المفقودین او المخفیین قسراً وامکنة وجودهم او مکان احتجازهم او اختطافهم وفی معرفة مکان وجود الرفاة واستلامها ویشمل هذا الحق ایضا تحدید مواقع اماکن الدفن وجمع الرفات ونبشها وإجراء الکشف علیها والتعرف الى الهویات) ونص القانون کذلک على الحق فی الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالمفقودین بالنسبة لأفراد اسرهم.
المطلب الثانی
التعریف بلجان الحقیقة
ان لجان الحقیقة تعد من اهم الادوات التی تستخدم فی مرحلة العدالة الانتقالیة من اجل تحقیق عدد کبیر من أهداف هذه المرحلة, فلجان الحقیقة ومن خلال اسمها یتضح انها ترتکز بصورة أساسیة على کشف ومعرفة الحقیقة, وهذا الامر تترتب علیه عواقب قانونیة واجتماعیة وسیاسیة کثیرة, حیث ان نتائج عمل هذه اللجان قد یترک اثراً کبیراً على الدولة بصورة عامة مؤسسات وافراد, ولکی تکون الصورة واضحة عن دور لجان الحقیقة فی إعمال الحق فی معرفة الحقیقة لابد ان نعرف هذه اللجان ونبین عناصرها وأهدافها وطریقة تشکیلها واختصاصاتها بشیء من التفصیل, وهذا ما سیکون موضوع هذا المطلب حیث سینقسم الى فرعین, الأول سیخصص لتعریف لجان الحقیقة, اما الفرع الثانی سیکرس لموضوع إنشاء لجان الحقیقة وتحدید ولایتها.
الفرع الأول: تعریف لجان الحقیقة واهدافها:
تطرح الکثیر من التعریفات حول لجان الحقیقة وسنذکر جانباً من هذه التعریفات مع محاولة لبیان مدى احاطتها لعمل واختصاصات هذه اللجان, ولکن قبل ان نعرف لجان الحقیقة لابد ان نوضح ان هناک تسمیات متنوعة قد تطلق على لجان الحقیقة ولکنها فی الجوهر تمارس نفس العمل مع اختلافات معینة, فهناک لجان البحث عن المختفین ولجان الحقیقة والمصالحة ولجان الحقیقة والعدالة, لجنة الإیضاح التاریخی, ولجان الانصاف والمصالحة.
تعرف هذه اللجان بانها (هیئات یتم انشاؤها للتحقیق فی الجرائم والانتهاکات المرتکبة فی دولة ما بالمخالفة لأحکام قانون حقوق الإنسان وهی احدى وسائل اقامة العدالة فی المرحلة الانتقالیة بعد النزاعات المسلحة او الانظمة الدکتاتوریة التی ارتکبت جرائم وانتهاکات, وتهدف الى استظهار وجه الحقیقة حول ما حدث من انتهاکات وجرائم فی الماضی), وتعرف ایضاً بانها (اداة غیر قضائیة تتمتع بنوع من الاستقلال القانونی یتم تشکیلها فی مرحلة من مراحل الانتقال السیاسی سواء من الحرب الى السلم او من النظام الاستبدادی او الدکتاتور الى النظام الدیمقراطی تهدف الى تحدید وقائع الانتهاکات الماضیة لحقوق الإنسان وأسبابها ونتائجها).
وکذلک عرفها البعض بانها (لجان رسمیة غیر قضائیة، تقوم الدولة بتعیینها لمدة محددة للتحقیق فی وقائع بعینها حدثت فی فترة زمنیة معینة، ویمکن أن تتفق علیها المعارضة والدولة بموجب اتفاق سلام، وتقدم تقریر عن عملها للمعنیین یتضمن بعض التوصیات), وتشیر لجان الحقیقة الى مجموعة متنوعة من الهیئات التی یتم انشاؤها للتحقیق فی تاریخ سابق من انتهاکات حقوق الإنسان فی بلد معین, ویرتکب هذه الانتهاکات القوات الحکومیة او المعارضة .
ان التعریفات السابقة تقید دور لجان الحقیقة فی التحقیق فقط, وهذا یمثل احد ادوار هذه اللجان ولکنه لیس الوحید, الا اذا تم فهم معنى التحقیق بالمعنى الواسع ومن حیث النتائج التی تترتب علیه کتعویض الضحایا او إنشاء سجل تاریخی یتعلق بالانتهاکات التی حدثت ودورها فی الاعتراف بالضحایا وإعادة کرامتهم ..., ولکن من الصعب ان ینطبق ذلک على موضوع المصالحة وهو من الادوار المهمة التی تلعبها کثیر من لجان الحقیقة بل ان هناک لجاناً تحت مسمى لجان الحقیقة والمصالحة وعلى سبیل المثال لجنة الحقیقة والمصالحة فی تشیلی وسیرالیون. ویمکن ان یعد التحقیق فی انتهاکات حقوق الإنسان التی وقعت فی الماضی والذی یهدف الى کشف الحقیقة عما حدث من ظروف وملابسات وأسباب هذه الانتهاکات من شأنه ان یسهل المساءلة القضائیة للمسؤولین عن ارتکابها فی حال تم اقرار العدالة الجزائیة کسبیل الى معالجة انتهاکات الماضی وقد یکون انشاؤها بمثابة خطوة اولى فی سبیل الوصول الى المصالحة, وهناک نقاش حول إمکانیة التعامل مع الجرائم بموجب القانون الدولی باستخدام آلیات المساءلة غیر القضائیة، مثل لجان الحقیقة, بناءً على التمییز بین العدالة الجزائیة والعدالة التصالحیة، فیذهب البعض الى أن البلدان لدیها خیار فی تقریر أی نوع من العدالة قد تلجأ الیها: إنها قد تقرر عدم إجراء تحقیقات جنائیة ومحاکمات على جرائم مثل الإبادة الجماعیة والجرائم ضد الإنسانیة وجرائم الحرب والترکیز بالأحرى على عملیات البحث عن الحقیقة والمصالحة المجتمعیة, غالباً ما ینظر إلى إنشاء لجان الحقیقة (لجان التحقیق المکلفة بالتحقیق فی أنماط الجرائم السابقة) کبدیل للتحقیق والملاحقة القضائیة للجرائم بموجب القانون الدولی أمام المحاکم الوطنیة, ان الامر یختلف وحسب کل تجربة فقد تکون لجان الحقیقة بدیلاً عن المحاکمات وقد تکون مساهمة فی محاربة الإفلات من العقاب. وهناک من یذهب الى ان تعریف لجان الحقیقة یتضمن اربعة عناصر أساسیة :
- لجان الحقیقة تعمل على التحقیق فی انتهاکات حقوق الإنسان التی حدثت فی الماضی.
- ان لجان الحقیقة تحقق وتوثق عدداً واسعاً من انتهاکات حقوق الإنسان ولیس مجرد انتهاکات محددة.
- لجان الحقیقة هی هیئات مؤقته یتم انشاؤها لأجل فترة زمنیة معینة وغالبا تحل بعد تقدیمها لتقریرها الرسمی.
- تمنح لجان الحقیقة الصلاحیات اللازمة من اجل الوصول الى کافة المعلومات وإجراء التحقیقات اللازمة مع توفیر الحمایة لها.
ولجان الحقیقة بشکل عام من الصعب وضعها تحت نموذج واحد محدد بل هناک تعدد فی نماذجها وتجاربها فهی مرتبطة بالسیاق الذی یتم انشاؤها فیه وحسب ظروف کل بلد وتوجهاته وثقافته, وکذلک حسب التفویض الذی یمنح لها. وربما ترجع أهمیة دور لجان الحقیقة فی الکشف عن الحقیقة ومحاربة الإفلات من العقاب الى عدة امور تمتاز بها عن غیرها من الآلیات القضائیة ولعل اهمها عدم تقیدها بالإجراءات والقواعد المتبعة فی المحاکم الجنائیة مما یجعلها اکثر مرونة فی عملها واکثر قدرة فی تحقیق الأهداف التی تسعى الیها، وایضا تشکیل هذه اللجان الذی غالباً ما یکون متنوعاً ولیس کالهیئات القضائیة وهذا یلعب دوراً فی القدرة على الوصول الى جوانب کثیرة فی القضایا المعروضة امامها والوصول الى فئات اجتماعیة مختلفة.
ولکی تنجح لجنة الحقیقة، یجب ألا یُنظر إلیها على انها مجرد آلیة من شأنها تبییض الماضی أو تصویر وجهة نظر أحادیة الجانب للأحداث ولهذا یذهب البعض إلى صعوبة تحدید السرد الفردی (روایات الضحایا) وقبوله على أنه الحقیقة, ولتجنب ذلک، یجب أن یُنظر إلى لجنة الحقیقة والمصالحة على أنها موضوعیة ونزیهة قدر الإمکان، والتی ینبغی أن تنعکس فی التوظیف والتفویض وطریقة التحقیق, فتقصی الحقائق الذی تقوم به هذه اللجان هدفه بناء سردیة شاملة تتضمن کل الاصوات المتباینة خلال عملیة الکشف عن الحقیقة واثبات الحقائق الموضوعیة وتهدف جهود البحث عن الحقیقة ایضاً الى تسجیل تلک التجارب والحفاظ علیها من ان تضیع, فالبحث عن الحقیقة لیس مجرد قیمة متأصلة او تاریخیة فقط, بل ان توثیق التاریخ الشفهی وانتهاکات حقوق الإنسان وروایات العنف وانماطه هی من الامور الأساسیة لتطویر تدابیر فعالة لمعالجة الاذى الذی وقع فضلاً عن أثرها على سیاسات التعویض ودعم الضحایا.
وقد یتشابه عمل لجان الحقیقة مع عمل لجان اخرى للتحقیق کما فی حالات تشکیل لجان للتحقیق, ویظهر اختلاف لجان الحقیقة عن لجان التحقیق فی ان الثانیة لدیها نطاق عمل محدود اکثر من لجان الحقیقة حیث ان عمل لجان التحقیق قد یکون محدداً بأحداث معینة او مناطق جغرافیة معینة من الدولة, فنطاق عمل لجان الحقیقة اوسع زمانیاً ومکانیاً وموضوعیاً, فضلاً عن المهام الاخرى کالمصالحة وحفظ الذاکرة وجبر الضرر واصلاح المؤسسات ...
وکما مر بیانه بان هناک تعدداً فی نماذج لجان الحقیقة بشکل عام وفیما یخص أهداف هذه اللجان هناک ایضاً اختلاف فی جوانب معینة ولکن کنظرة عامة تتمثل أهداف لجان الحقیقة بالنقاط الاتیة:
- کشف الحقیقة, عبر اثبات الوقائع المتعلقة بانتهاکات حقوق الإنسان التی حدثت فی الماضی.
- تحقیق العدالة عبر إجراء التحقیق فی الانتهاکات السابقة، واذا تم جمع ما یکفی من الأدلة المقبولة قد تتم ملاحقة الجناة المشتبه بهم, ولابد ان نشیر بان هناک بعض لجان الحقیقة لم ینحصر اهتمامها فقط بانتهاکات حقوق الإنسان الجسیمة بل شمل عملها ایضاً الانتهاکات المتعلقة بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة, وهناک من اللجان من تطرقت الى الفساد والجرائم الاقتصادیة.
- المساهمة فی تحقیق المصالحة الوطنیة.
- حمایة حقوق الضحایا واستعادتها والاعتراف بها, تشمل عدة ولایات للجان الحقیقة أهدافاً مثل استعادة کرامة الضحایا وحقوقهم، والاهتمام برفاهیتهم وشفائهم النفسی، ووضع مقترحات سیاسات تهدف إلى تحسین وضع الضحایا.
- جبر الضرر والتعویض المادی والمعنوی, ای تحقیق الجبر الکامل للضحایا واسرهم والذی قد یکون على عدة صور وهی: رد الحقوق والتعویض وإعادة التأهیل الترضیة وضمانات عدم التکرار, حیث تقدم اللجان توصیاتها فی هذا المجال.
- یمکن للجان الحقیقة أن توفر للضحایا منبراً عاماً لسرد قصص معاناتهم، الشیء الذی یجعلهم یشعرون بالإنصاف وخصوصاً مع التعویضات التی یمکن لبعض اللجان أن توصی بها لهؤلاء الضحایا کصورة من صور التعویض عن الانتهاکات الماضیة والأضرار النفسیة والجسدیة والاقتصادیة التی یعانیها الضحایا.
- إنشاء سجل تاریخی موثوق به لجرائم حقوق الإنسان بحیث یمنع التاریخ من الضیاع أو إعادة الکتابة، وجعل المجتمع یتعلم منه, من اجل منع تکرار ما حدث من انتهاکات فی المستقبل, و تعزیز النقاش العام حول الانتهاکات الماضیة إذا تمت إدارتها بشکل صحیح دون خوف الأشخاص من الانتقام.
- البحث عن الأشخاص المختفین قسراً وتحدید مصیرهم, حیث تقوم بعض لجان الحقیقة بتحدید مواقع الدفن وحتى إجراء عملیات استخراج الجثث.
- تقدیم التوصیات فی ما یتعلق بإصلاح مؤسسات الدولة.
الفرع الثانی: إنشاء لجان الحقیقة وتحدید ولایتها:
تختلف طریقة إنشاء لجنة الحقیقة من دولة الى اخرى وحسب الظروف السیاسیة والاجتماعیة, ومن تجارب عشرات اللجان التی مورست حتى الان یتضح ان هناک خمس طرق لإنشاء هذه اللجان وهی:
- تشکیل اللجنة عن طریق السلطة التشریعیة عبر قانون ینظم عمل وصلاحیات هذه اللجنة, کمثال لجنة جنوب أفریقیا.
- إنشاء اللجنة عبر قرار من قبل السلطة التنفیذیة, وعلى سبیل المثال لجان کل من اوغندا والارجنتین وتشیلی.
- عن طریق السلطة القضائیة, حیث یصدر قرار من قبل هذه السلطة بإنشاء لجنة حقیقة والمثال الوحید هو لجنة الحقیقة فی کندا.
- عن طریق منظمة الأمم المتحدة فی حال غیاب وجود سلطة وطنیة, کما هو الحال بالنسبة للجنة تیمور الشرقیة.
- قد تنشاً لجنة الحقیقة عن طریق اتفاق بین الحکومة والمعارضة المسلحة, کما هو الحال فی لجنة غواتیمالا التی تشکلت کجزء من اتفاق اوسلو بین الحکومة والمسلحین.
ومن الضروری ان تسبق عملیة إنشاء اللجنة عملیة تشاور واسعة بشان ای نوع مناسب اکثر من غیره فی سیاق محدد، وتهدف عملیة التشاور الى تحقیق غرضین هما زیادة الفهم عن لجنة الحقیقة وتعزیز اختصاصها، وینبغی ان تشمل هذه المشاورات مجموعات الضحایا ومنظمات المجتمع المدنی وان یتم التواصل مع الجمهور واستقبال اراءهم من کافة مجتمعات الدولة وخصوصاً التی تعرضت للعنف اکثر من غیرها.
اما عن کیفیة اختیار اعضاء اللجنة فهناک اختلاف فی التجارب ولکن بشکل عام یتم الاختیار من قبل السلطة التی تنشئ هذه اللجنة وقد یکون هناک تشاور مع المجتمع المدنی وکما هو الحال فی لجان کل من الارجنتین وشیلی وتشاد واوغندا, وفی جنوب افریقیا تم اتباع النهج التشاوری بصورة کبیرة جداً فی اختیار اعضاء اللجنة, وفی سیرالیون وتیمور الشرقیة تم الاختیار بصورة مشترکة من قبل السلطة الوطنیة ومنظمة الأمم المتحدة, وینبغی أن یکون أعضاء اللجنة ممن یتمتعون بالاحترام الکبیر فی بلدانهم ومشهود لهم بالدفاع عن حقوق الإنسان، ویجب ان لا یتم الانتقاء على أساس حزبی أو عرفی، وإنما مراعاة تمثیل مختلف قطاعات المجتمع, ویفضل ان یکون بعض اعضاء اللجنة من ذوی الخبرة فی التعامل مع ضحایا الجرائم الخطیرة، بما فی ذلک الضحایا المصابین بصدمات نفسیة، وضحایا العنف الجنسی والأطفال الضحایا, ولابد من مراعاة تحقیق نوع من التوازن فی اعضاء اللجنة من حیث الجنس فوجود عدد من النساء فی عضویة اللجنة یساهم ایجابیا فی عدم تردد کثیر من الضحایا النساء فی تقدیم الشکاوى.
اما فی ما یتعلق بولایة اللجنة فان القانون او القرار او اتفاق السلام او لائحة الأمم المتحدة, التی تمثل الوثیقة التأسیسیة التی یتم إنشاء اللجنة بموجبها هی التی تحدد ولایة هذه اللجان, وتتضمن ولایة اللجان الاختصاصات التی تخول للجنة وبیان مساحة عملها, کالنطاق الزمنی ای الفترة الزمنیة التی ستکون موضع التحقیق والتی قد تکون طویلة او قصیرة وحسب کل دولة وایضاً تحدید فترة لعمل اللجنة ای المدة التی ستخصص للجنة لتقصی الحقیقة واکمال مهامها وتختلف ایضا من تجربة الى اخرى, وکذلک تحدد ولایة اللجنة انواع الانتهاکات التی یتعین على اللجنة ان تحقق فیها, والاهتمام الخاص ببعض فئات الضحایا (کالنساء والأطفال او ضحایا العنف الجنسی), والسلطات التی تعطی للجنة قوتها ونفوذها (تعاون السلطات العامة , زیارات المواقع, وقد تخول بإصدار اوامر احضار وبحث وضبط وحمایة الشهود) وقد منحت بعض اللجان صلاحیة اصدار العفو, ولکن غالبیة اللجان لم تمنح صلاحیة اعطاء العفو فمنح العفو هو استثناء من المعمول به من قبل اللجان بشکل عام.
ویذهب کثیر من الباحثین الى أن ولایة اللجنة یجب أن تکون واسعة بما یکفی للسماح لها بتغطیة النطاق الکامل لانتهاکات حقوق الإنسان التی حدثت فی الماضی, عملیاً اختلفت لجان الحقیقة من حیث أنواع الجرائم التی خولت بالتحقیق فیها، ومتى وقعت تلک الجرائم، ومقدار الوقت الذی تستغرقه فی أداء عملها ونتیجة لذلک، فرضت على العدید من لجان الحقیقة قیود کبیرة على نطاق الجرائم التی یحق لها ان تحقق فیها, على سبیل المثال، مُنحت لجنة تشیلی فقط سلطة التحقیق فی انتهاکات حقوق الإنسان التی أدت إلى وفاة الضحیة, ومع ذلک، فإن هذا التحقیق الأولی أدى إلى بذل مزید من الجهود لفحص الماضی، مما یشیر إلى أن التفویض المقیّد قد یکون على الأرجح عاملاً محفزاً لمزید من العمل, مقارنةً بحالات أخرى، تم رسم التفویض فیها على نطاق واسع للغایة، مما قد یترک الوقت والموارد منتشرة بشکل مفرط, کما تم تفویض لجنة تشاد، على سبیل المثال للنظر فی تهم الفساد فضلاً عن انتهاکات حقوق الإنسان, بشکل عام، یبدو الأمر کما لو أنه على المدى الطویل، فإن اللجنة ذات الولایة الواسعة قد تکون أکثر إشکالیة من تقییدها, وهناک لجان تعاملت مع بعض المعانی والمفاهیم کالتهمیش.
ویعد التمویل من الجوانب المهمة فی ممارسة اللجنة لعملها, حیث ان من المحتمل أن تکون لجان الحقیقة الممولة جیداً أکثر قدرة على توظیف المزید من الموظفین، وبالتالی، التحقیق فی عدد أکبر من الحالات والقیام بذلک بشکل أکثر شمولاً ونتیجة لذلک، من المرجح أن تکون الحقیقة التی تم الکشف عنها أکثر شمولیة, بالنسبة إلى مناصری لجان الحقیقة، کلما کانت الحقیقة أکثر شمولاً زاد احتمال دخول المجتمع فی عصر جدید وأکثر إیجابیة, ولکن بالنظر إلى الطلبات المتنافسة على إعادة البناء، فإن التمویل غالباً ما یکون محدوداً مقابل لجان الحقیقة, من الناحیة العملیة یبدو التمویل مهماً للتأثیر على مستوى المجتمع، ولکن فقط إلى حد ما, فی حین أن مشاکل المیزانیة على سبیل المثال أجبرت المرکز المدنی الأوغندی لحقوق الإنسان على الإغلاق لفترات طویلة وأجبرت اللجنة التشادیة على الإقامة فی مرکز احتجاز سابق، تشیر حالات السلفادور وشیلی إلى أن المیزانیات الضخمة للغایة مثل میزانیات جنوب إفریقیا لیست ضروریة للتغییر الاجتماعی الحقیقی. ومع ذلک، یبدو أن المیزانیة الأکبر ستزید من احتمال الکشف عن التفاصیل المحیطة بمزید من الأفراد، وبالتالی توفیر مبرر بدیل محتمل للجان الحقیقة الممولة جیداً.
وقد تضمنت بعض الوثائق التأسیسیة للجان الحقیقة النص على الحق فی معرفة الحقیقة بصورة صریحة او ضمنیة, ففی لجنة الحقیقة فی السلفادور نصت وثیقة انشائها على التحقیق فی أعمال العنف الخطیرة التی وقعت منذ عام )1980( وضرورة ان یعرف الجمهور الحقیقة, اما الوثیقة التی انشأت لجنة الحقیقة فی غواتیمالا فقد نصت (أن لشعب غواتیمالا الحق فی معرفة الحقیقة الکاملة بشأن هذه الأحداث، فإن توضیحها سیساعد على تجنب تکرار هذه الأحداث الحزینة والمؤلمة ویعزز عملیة التحول الدیمقراطی فی غواتیمالا), وکذلک تضمنت وثیقة إنشاء لجنة البرازیل (الحق فی الذاکرة والحقیقة التاریخیة فی محاولة لتعزیز المصالحة الوطنیة).
وقد تتضمن وثیقة تأسیس اللجنة قائمة بالإجراءات التی تقوم بها, کالحصول على الشهادات من الضحایا والشهود والجناة وغیرهم, وعقد جلسات استماع عامة او خاصة وإجراء بعثات لتقصی الحقائق ومراجعة وثائق محددة او سریة, على سبیل المثال لجنة الحقیقة فی سیرالیون خولها القانون إجراء تحقیقات وبحوث وعقد جلسات عامة والاستماع للشهادات, بینما فی لجان اخرى قد تمنح مجالاً اوسع فی طریقة اداء مهامها حیث یتم تخویل اللجنة اداء ای نشاط ضروری لکشف الحقیقة, کما فی مثال لجنة لیبریا, وقد اعطیت بعض اللجان صلاحیة الارغام على ابراز الأدلة والادلاء بالشهادات, ولکی یکون عمل اللجنة اکثر فاعلیة یجب ان تمنح صلاحیة اجبار الأشخاص على الحضور عبر استدعائهم للمثول امام اللجنة وان تمنح صلاحیة إجراء الفحوصات المتعلقة بالطب الشرعی بما فی ذلک استخراج الجثث من المقابر, ویجب الزام الجمیع بالتعاون مع عمل اللجنة, وان لا تکون اعتبارات الأمن الوطنی والسریة مطبقة على عمل اللجنة.
ولابد ان نبین ان هناک اختلافاً فی عمل لجان الحقیقة فیما یتعلق بمعرفة الحقیقة عن عمل المحاکم الجنائیة, فلا تعتبر لجان الحقیقة لجان تحقیقات قضائیة ولا تحدد المسؤولیة الجنائیة الفردیة لقضایا محددة أو لا تقرّ العقوبة المناسبة ولا تستخدم المعاییر المعتمدة فی الإجراءات القانونیّة التی تطبّقها المحکمة, إن تحقیقات هذه اللجان قد تسبق أو تکمل عمل محاکم القانون فی حال تم جمع أدلة مفیدة فی التحقیقات الجنائیة. ترکز محاکم القانون على وقائع خاصة بقضیة فردیة بالاعتماد على الأدلة، بینما تکمل لجان الحقیقة هذا المنهج من خلال إثبات السیاق الاجتماعی والتاریخی للانتهاکات وتبیان الأنماط الواسعة النطاق الکامنة وراء هذه الممارسات, فلجان الحقیقة تسعى إلى إثبات الحقائق، لکنها لا تقتصر على الحقائق حول الجرائم, کما هو عمل المحاکم بل تتعامل هذه اللجان مع قضایا بنطاق اوسع أی تأخذ الموضوع من جوانب مختلفة, مثل تأثیر انتهاکات حقوق الإنسان والسیاق السیاسی والاجتماعی الذی وقعت فیه الانتهاکات وتتعمق فی العوامل التفسیریة, وبدلاً من مجرد إثبات وقوع جریمة، فإنهم یسعون إلى تحدید سبب حدوث الانتهاکات ومن ثم تقدیم توصیات لعدم تکرارها, قد تکون هذه مهمة صعبة للغایة، ولتحقیقها، غالباً ما تستخدم لجان الحقیقة الأدلة التی لن تکون مقبولة فی المحکمة، مثل نتائج الدراسات الاجتماعیة والدیموغرافیة, فهناک قد یکون اختلاف بین المعاییر المعتمدة من قبل المحاکم الجنائیة فی ما یتعلق بقبول الأدلة وهی تکون معاییر مرتفعة بصورة کبیرة, بینما لجان الحقیقة قد تکون معاییر الأدلة اقل ارتفاعاً, مع ذلک تسعى لجان الحقیقة إلى ان تکون هناک جودة فی قیمة الأدلة التی تستند ألیها, ولکن اذا کانت معاییر اللجنة فی قبول الأدلة مرتفعة جداً قد یکون من الصعب ان تصل اللجنة الى نتائج عملیة, فالتشدد فی قبول الأدلة کما یمارس فی المحاکم قد یضیع على لجان الحقیقة الکثیر من المعلومات التی قد تمثل أساساً مهماً لبناء توجهات اللجنة حول ما حصل, ولکن لابد ان نشیر الى ان اتباع معاییر فی الاخذ بالأدلة قریبة من ما یعمل فیه بالمحاکم الجنائیة قد یکون مستحسناً ولکن لیس فی کل جوانب عمل اللجنة بل فی مساحات معینة خصوصاً فی ما یتعلق بتحدید اسماء اشخاص المسؤولین عن الانتهاکات التی حصلت إذا کانت اللجنة قد خولت بذلک, فالأمر یعتمد على مساحات عمل اللجنة ومدى صلاحیاتها, فمثلاً فیما یتعلق بکتابة تاریخ ما حدث من الصعب الاخذ بمعاییر المحاکم الجنائیة لان اللجنة تتعامل هنا مع جوانب سیاسیة واجتماعیة وعرقیة.
وکذلک فی ما یتعلق بحریة وقدرة الضحایا على سرد ما حصل لهم من احداث دون مقاطعة او تشکیک کما قد یحدث عادة فی المحاکمات, وهی ایضاً تساهم فی تقدیم نوع من العلاج للضحایا حیث یمارسون سرد قصصهم امام اشخاص متعاطفین معهم.
وقد تمنح بعض لجان الحقیقة اختصاص تسمیة المسؤولین عن ما وقع من انتهاکات, وقد حصل خلاف بین الباحثین حول هذا الموضوع بین من یرفض منح لجان الحقیقة هذا الاختصاص کونه یعد انتهاکاً لحقوق الإجراءات القانونیة الواجبة للأشخاص الذین تمت تسمیتهم على هذا النحو وأیضاً ممارسة الوظائف القضائیة التی لا تمارسها لجان الحقیقة بحکم تعریفها, ومع ذلک یمکن أن یؤدی الموقف المطلق ضد تسمیة الأسماء فی ظروف معینة إلى تقیید غیر مقبول للحقیقة الکاملة التی یتعین على الحکومات الکشف عنها ولجان الحقیقة مکلفة بهذه المهمة.
ولابد من بیان العلاقة بین لجان الحقیقة والمحاکم بشکل عام, فلجان الحقیقة فی بعض الحالات کلجان شیلی وغواتیمالا قد تکون بدیلاً عن القضاء، إما لأن الإرادة السیاسیة للملاحقة لم تکن موجودة أو لأن الأنظمة القضائیة المحلیة کانت فاسدة أو محدودة القدرات, ففی غواتیمالا لم یستخدم المدعون نتائج لجنة الحقیقة، ولم یُسمح للجنة بإصدار نتائج بشأن المسؤولیة الفردیة, وفی لجنة الحقیقة والمصالحة فی جنوب أفریقیا، یختلف الامر، حیث کانت اللجنة کمرشح للحد من مجموعة المحاکمات المحتملة حیث تم منح مرتکبی جرائم الفصل العنصری الحصانة بشرط أن یشهدوا بصدق, إن لجان الحقیقة یمکنها أیضاً القیام بإعمال تحضیریة للمحاکمة، ففی بیرو، کلف القانون لجنة الحقیقة بالتعاون مع المدعین العامین، واستخدم المدعون نتائج لجنة الحقیقة فی المحاکمات الجنائیة، ویمکن لموظفی اللجنة المشارکة فی المحاکمات کشهود خبراء.
المبحث الثانی
اجراءات لجان الحقیقة وتقاریرها واثرها فی معرفة الحقیقة
من اجل تحقیق اللجنة لأهدافها تتبع إجراءات معینة بعضها یشابه الإجراءات القضائیة, وقد تختلف هذه الإجراءات من لجنة الى اخرى وحسب التفویض الذی یمنح إلیها من قبل السلطة التی شکلتها ولکن بشکل عام هناک تقارب فی إجراءات اغلب هذه اللجان. وینتهی عمل لجان الحقیقة بتقدیم تقریر یعد ثمرة عملها حیث یتضمن المعلومات والاستنتاجات التی توصلت الیها هذه اللجان , ولکی نتبین مدى فاعلیة الاجراءات ومدى قیمة تقاریر اللجان فی إعمال الحق فی معرفة الحقیقة سنقسم هذا المبحث الى مطلبین الاول سیخصص لإجراءات لجان الحقیقة, والثانی سیکرس لتقاریر هذه اللجان.
المطلب الاول
اجراءات لجان الحقیقة
لعل اهم إجراء تمارسه لجان الحقیقة هو التحقیق من اجل القیام بجمع المعلومات لغرض تنفیذ مهامها وقد تضمنت الکثیر من لجان الحقیقة وحدات البحث ووحدات التحقیق الشبیهة بالشرطة, ومع ذلک، تمیل هذه الوحدات إلى تشکیل جزء فقط من اللجان ذات المیزانیات الکبیرة والتفویضات القویة، مثل لجنة الحقیقة والمصالحة فی جنوب أفریقیا, تمیل الوحدات البحثیة إلى أن تکون صغیرة نسبیاً ولکن یعمل بها أشخاص لدیهم مهارات بحثیة قویة ومعرفة بأبحاث الفکر الوطنیة والمنظمات غیر الحکومیة والأرشیفات المحلیة ومصادر المعلومات الرئیسة الأخرى, فی المقابل، قد تشمل وحدات التحقیق أشخاصاً من خلفیات قانونیة أو حتى من الخبراء فی تطبیق القانون. تجمع العدید من لجان الحقیقة بین البحث والتحقیق فی قسم واحد.
ومن الإجراءات المهمة التی تمارسها کثیر من لجان الحقیقة عقد جلسات علنیة, حیث تمنح اللجان مساحة للضحایا لروایة ما حدث لهم امام الجمهور وقد یکون عبر استخدام تقنیات البث التلفزیونی والإذاعی, وهذه الجلسات تساهم فی تقلیل احتمالات انکار الحقیقة وتزید من الشفافیة فی عملها وتساعد على مشارکة الجمهور کمشاهدین, فضلاً عن ذلک تساهم فی زیادة التعاطف مع عمل لجان الحقیقة وتحقیق القبول الجماهیری له, وتترک الجلسات العلنیة اثراً کبیراً على التوعیة بما حدث وکذلک استعادة کرامة الضحایا عبر الاعتراف بمعاناتهم عبر سماع صوتهم وهذه کلها تساهم فی عدم تکرار ما حدث فی المستقبل.
وعقدت لجان الحقیقة فی أوغندا وسریلانکا ونیجیریا جلسات استماع علنیة، ولکن جلسات الاستماع العلنیة للجنة الحقیقة والمصالحة فی جنوب أفریقیا هی التی کان لها تأثیر کبیر, ولم تکن هناک مئات الأیام فقط من جلسات الاستماع العامة, کان هناک أیضاً تنوع فرید فی أنواع جلسات الاستماع، بما فی ذلک جلسات استماع الضحایا، وجلسات العفو، وجلسات موضوعیة خاصة (على سبیل المثال, بشأن النساء والأطفال)، وجلسات الأحداث الخاصة (على سبیل المثال، فی انتفاضة طلاب سویتو عام 1976)، وجلسات الاستماع المؤسسیة (على سبیل المثال، مع القطاعات القانونیة والصحیة) وجلسات الاستماع للأحزاب السیاسیة.
ویعد إجراء اخذ الشهادات والاقوال, مصدراً شدید الأهمیة بالنسبة لهذه اللجان, فهی تحتاج إلى التعمق فی الماضی, من اجل تحقیق أهدافها ومن الواضح أن الأشخاص الذین یعرفون أکثر عن الأحداث قید التحقیق هم الأشخاص الرئیسیون الذین عانوا منها: الضحایا والشهود المباشرون وکذلک الجناة, لذلک، تحتاج لجنة الحقیقة إلى تلقی عددٍ کبیرٍ من الشهادات من أجل التعرف على الحقیقة, وتجمع لجان الحقیقة معلوماتها الأولیة من الاقوال المأخوذة مباشرة من الضحایا والشهود والناجین من الانتهاکات التی وقعت وتؤخذ هذه الاقوال بشکل عام اثناء اجتماعات خاصة, وقد یستغرق هذا الإجراء شهوراً عدة وقد تصل الى سنة وحسب مدة ولایة اللجنة ولابد ان یکون الموظفون الذی یأخذون هذه الاقوال مدربین جیداً لمعرفة الطریقة الصحیحة فی هذا الإجراء فقد یکون هناک ضحایا تعانی ذاکرتهم من الاضمحلال او التشوش او الصدمة العمیقة حتى بعد مرور عدة سنوات من الواقعة, ویکون موظف اخذ الاقوال هو جهة الاتصال المباشر والوحید لأغلب الضحایا والشهود باللجنة.
ویجب الاخذ بالاعتبار بان النساء والأطفال، غالباً ما یواجهون عقبات نفسیة وعملیة فی التعامل مع اللجان فقد یشعرون أنه ستکون هناک تداعیات سلبیة إذا شهدوا أو رأوا أنهم قد یخلون بالوضع الراهن وهذا الأمر أکثر تعقیداً حیث قد یؤدی الشعور بالخجل أو الخوف من الإدانة الاجتماعیة إلى منع النساء من الشهادة بشأن العنف الجنسی, عندما یکون مکان المرأة فی المجتمع أقل من مکان الذکور، فمن المحتمل أن یتأثر استعدادهن للشهادة أو الطریقة التی یشهدن بها, لکی تکون لجنة الحقیقة والمصالحة مفیدة، یجب أن تتضمن شهادة من قطاع عریض من المجتمع فان استبعاد نصف المجتمع من المشارکة من شأنه أن یقلل بشکل کبیر من تأثیر عمل اللجنة, ویمکن معالجة هذه المشکلة من خلال عقد جلسات استماع خاصة مخصصة لتجارب النساء, یجب التعامل مع مثل هذه الجلسات بلباقة من خلال تقدیم تأکیدات بعدم الکشف عن هویته، باستخدام الموظفات ومراعاة القضایا الجنسانیة الحساسة من الناحیة الثقافیة أثناء التحقیق والاستجواب, حیث من الضروری توفیر الحمایة للضحایا والشهود وتامین سلامتهم, وعلى اللجنة ان تحرص على عدم معاملتهم کمصادر للمعلومات فقط بل کشرکاء والاعتراف بکرامتهم, مع توفیر بیئة امینة لهم من اجل التکلم بحریة عن تجاربهم وتأمین دعم على مستوى الصحة العقلیة والحمایة الجسدیة وتقدیم خدمات اجتماعیة لهم وایضاً فی بعض الحالات تقدیم دعم مادی لهم.
خلال فترة النزاع یکون کثیر من الضحایا منعزلین ویعانون من الشعور بالعار داخل مجتمعاتهم وکثیر ما یخاف افراد المجتمع المحلی الربط بینهم وبین الضحایا, وهنا تأتی عملیة الکشف عن حقیقة ما عاشوه من مآسی لتساعد الضحایا على إعادة ادماجهم فی مجتمعاتهم واتاحة استعادة الوضع الذی کانوا یتمتعون به قبل النزاع فان إعلان الاساءة التی تعرض لها الضحایا والاعتراف بها علانیة وسط المجتمع المحلی یمثلان اداة قویة لأحداث الشفاء لهم.
ویمکن ان یحتوی تقصی الحقیقة وفیما یتعلق بالمفقودین على وجه الخصوص البحث فی سجلات الحکومة العسکریة والأمنیة والسجلات العقاریة والسجلات المدنیة وکذلک امکانیة استخدام سجلات لمنظمات غیر حکومیة ومحفوظات البث الإذاعی وسجلات المنظمات الدولیة, ویجب ان تکون آلیات تدقیق السجلات الشخصیة للموظفین تراعی خصوصیات المشتبه بهم وان یتمتع فاحصوا السجلات بمهارات فنیة ومؤهلات موضوعیة.
ان لجان الحقیقة تتعامل مع کمیات هائلة من المعلومات التی یجب تنظیمها وهذا یتطلب، من بین أمور أخرى، قاعدة بیانات فعالة لتخزین وتنظیم واسترجاع السجلات والبیانات, بشکل عام فإن اللجان التی تقوم بجمع البیانات وتحلیلها بشکل صارم ستکون أکثر قدرة على الدفاع عن نتائجها على أسس علمیة, إن وجود نظام قوی لإدارة البیانات سیساعد فی الوصول إلى تحلیل الصورة الکبیرة للأنماط التاریخیة التی یمکن أن تظهر، على سبیل المثال النسبة الدقیقة من الانتهاکات التی ارتکبها أحد الجانبین إلى تلک التی ارتکبها الآخر, ومن اجل تنظیم عملیة البحث والتقصی ومن اجل الدقة فی إنشاء السجل التاریخی للأحداث قد تحتاج اللجنة الى إجراء بحوث مستقلة اضافیة للتحقق من المعلومات التی تم جمعها, وقد تنشئ اللجنة نظام ادارة البیانات لمساعدتها فی البحث والتحلیل او التعاون مع منظمة دولیة لها خبرة فی ادارة البیانات المشابهة, وتساهم نتائج هذه البیانات فی توضیح انماط واتجاهات هامة تؤدی الى انتاج رسوم بیانیة توضح هذه الانماط وقد تسمح للجنة بتقدیر مجموع عدد الضحایا بدقة.
المطلب الثانی
تقاریر لجان الحقیقة
یعد التقریر الذی تصدره اللجنة فی نهایة مدة عملها تتویجاً لکل لجهودها, فکشف الحقیقة عن الانتهاکات السابقة هو احد الأهداف الرئیسة لإنشاء لجان الحقیقة وغالباً ما یکون نشر التقریر النهائی وسیلة أساسیة للکشف عن الحقیقة وجعلها معروفة, ویجب ان یتضمن هذا التقریر تفویض اللجنة واختصاصاتها وإجراءاتها واسالیب عملها, والظروف الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة المتعلقة بنطاق عملها, وبیان ما إذا کانت اللجنة قد تلقت الدعم اللازم من الحکومة والمؤسسات الاخرى, والنتائج التی توصلت لها اللجنة وقائمة الوثائق والأدلة الاخرى التی تستند علیها هذه النتائج, وکذلک استنتاجاتها بما فی ذلک تحلیل الهیاکل المؤسسیة وایضاً ذکر توصیات اللجنة, وقد یتضمن التقریر تحدید اسماء الأشخاص المسؤولین عن الانتهاکات کما فی لجنة السلفادور, ویعد تقریر اللجنة منشوراً رسمیاً ویهدف الى توفیر سجل دقیق وموثوق لما حدث, ویساهم هذا التقریر فی نشر المعرفة بما حدث وبالتالی یساعد فی تقلیل احتمالیة تکرار ما حدث مستقبلاً, وقد اصدرت بعض اللجان تقاریرها فی عدة مجلدات تشمل الاف الصفحات, وبعض اللجان کلجنة بیرو استکملت تقریرها النهائی بإصدار کتاب منفصل یتضمن صوراً فوتوغرافیة توثق الصراع, وقامت لجنة سیرالیون بالتعاون مع منظمة غیر حکومیة دولیة بإصدار نسخة على شریط فیدیو, وتعاونت مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة لنشر نسخة ملائمة للأطفال مع تقریرها النهائی, وقامت العدید من اللجان بنشر اجزاء من تقاریرها فی صحف وطنیة واسعة الانتشار.
وفی جانب تبیان انتهاکات حقوق الإنسان انواعها وانماطها فعلى سبیل المثال تضمن تقریر لجنة الحقیقة والمصالحة فی جنوب افریقیا معلومات تفصیلیة عن هذه الانتهاکات حیث صنفها ضمن خمسة انواع وهی القتل, التعذیب, المعاملة القاسیة, الخطف, وافعال عنیفة اخرى متربطة بالأنواع الاربعة المذکورة, وقدم التقریر ایضا تعریفات وشروحات لکل نوع من هذه الانواع وکذلک تبیان الأفعال التی تندرج تحت کل نوع ای الوسائل التی تنفذ فیها. وقد احتوى التقریر على ذکر اسماء ضحایا الفصل العنصری, حیث خصص المجلد السابع لهذا الموضوع, حیث وضعت قوائم بأسماء الضحایا وحسب ترتیب الاحرف الانکلیزیة تتضمن اعمارهم وما تعرضوا له من انتهاکات وزمان ومکان وقوعها ومع الإشارة الى وجود ضحایا مجهولین ورد ذکرهم بقصص الضحایا والشهود والجناة دون معرفة هویاتهم.
اما لجنة سیرالیون على سبیل المثال بینت فی تقریرها انواع الانتهاکات ونسبة ممارستها من قبل اطراف النزاع حیث کان التهجیر القسری اکثر الانتهاکات التی مورست من قبل اطراف النزاع ویلیها الخطف والاحتجاز التعسفی والقتل وتدمیر الممتلکات والاعتداء الجسدی والنهب والتعذیب والعمل الاجباری والابتزاز والاغتصاب والعنف الجنسی وقطع الاعضاء والتجنید الاجباری والاستعباد الجنسی والمخدرات والاکراه على تناول لحوم البشر, وحسب هذا الترتیب والنسب المذکورة فی التقریر کان قطع الاعضاء یمارس ولکن لیس بصورة کبیرة کما کان یتصور, وکذلک وضعت نسب مئویة لمساهمة کل طرف من اطراف النزاع حیث احتلت الجبهة الثوریة المتحدة المرتبة الأولى فی ذلک واوردت اسماء القادة الأساسیین فی هذا الفصیل والذی لعبوا دوراً مهماً فی عملیات التی قام بها
وتأخذ التوصیات التی تقدمها اللجنة فی تقریرها اشکال متنوعة اعتماداً على أهداف اللجنة, فقد یقترح التقریر النهائی اصلاحات قانونیة او مؤسسیة کالجیش والشرطة او تشریعیة وقضائیة, او یوصی بتقدیم تعویضات للضحایا, وقد تتضمن بعض التقاریر فصولا خاصة بالمرأة, وقد یتضمن التقریر توصیات تتعلق بمنح العفو وکما فی تقریر لجنة جنوب افریقیا, فلجان الحقیقة کل ما تملکه هو تقدیم توصیات یتوجب على مؤسسات الدولة المعنیة تنفیذها وهذا هو احد اهم نقاط ضعف هذه اللجان فهی تعتمد على غیرها من المؤسسات فی جعل توصیاتها واقع وهذا یتعلق بمجالات کالتعویضات للضحایا واسرهم وکذلک اصلاح مؤسسات الدولة.
وقد توصی بعض لجان الحقیقة بالتعویض الرمزی او الترضیة کوسیلة لجبر الضرر, والتی قد تتضمن تقدیم اعتذار من قبل السلطات فی الدولة وارسال نسخ من تقریر الحقیقة لکل ضحیة وتقدیم دعم للأسر لدفن اقربائهم بطریقة تحفظ کرامتهم وکذلک إعادة تسمیة بعض الاماکن العامة والمبانی واقامة شواهد تذکاریة وتخصیص ایام لإحیاء الذکرى. ویظهر الضعف الکبیر فی طبیعة لجان الحقیقة وفی نفس هذا السیاق عندما لا تکتفی الحکومة بعدم تنفیذ التوصیات الواردة فی تقریر اللجنة بل قد تتخذ الدول إجراءات تعاکس وتضاد ما ذهب إلیه تقریر لجنة الحقیقة وکما فی مثال لجنة السلفادور عندما تجاهلت الحکومة ما ورد فی التقریر واصدرت عفواً فی ما یتعلق بانتهاکات وردت فی التقریر, وقد ذهبت لجنة حقوق الإنسان الأمریکیة الى اعتبار حکومة السلفادور مذنبة بإنکارها حق الضحایا والمجتمع فی معرفة الحقیقة وتحدید الجناة, ان الفشل فی تنفیذ التوصیات التی تقدمها اللجان یؤدی الى نتائج سلبیة کبیرة کالفشل فی مواجهة الأسباب التی ادت الى النزاع بسبب الفشل فی القیام بالإصلاحات الموصى بها وکذلک الفشل فی تطبیق حقوق الضحایا بالتعویضات یمثل انتهاکاً اخر للضحایا وایضاً ان عدم الاعتراف بالضحایا یسبب المزید من الصدمات لهم, وایضاً عدم الاخذ بالتوصیات یساهم فی استمرار الإفلات من العقاب وضعف الثقة بالنخب السیاسیة.
على الرغم من ان النتائج التی توصلت إلیها اللجان غیر ملزمة قانوناً بذاتها الا انه من المحتمل ان یکون التقریر النهائی هو السجل الاشمل والاوثق بما یتعلق بالأحداث التی حصلت, وتترک المعلومات الواردة فی التقریر وطریقة تصویرها للأحداث التی وقعت وماهیتها اثراً على التعویضات التی ستقدم للضحایا وعلى تحدید مجموعات الضحایا, وتنطوی التعویضات الشاملة على تدابیر لإرضاء الضحایا کالاعتذارات الرسمیة الصادرة من اعلى سلطة وطنیة, وتخلید الذکرى عبر تعیین یوم للذکرى او تکریس مکان عام او استحداث اماکن وجدانیة, وهذا یساهم فی خلق الذاکرة الاجتماعیة ووعی مجتمعی واسع ینتقل عبر الاجیال المتعاقبة یعمل کعمل المناعة تقف ضد ای تکرار لما حدث مستقبلا, ولکن الامر یواجه عراقیل کثیرة.
فان الذاکرة الاجتماعیة هی عبارة عن عملیة نقاشیة متنازع علیها, ویصعب على لجان الحقیقة ان تنتج سجلاً تاریخیاً محایداً واحداً وذاکره وطنیة واحدة نهائیة یتوقع منها ان تساهم فی معالجة الانقسامات الاجتماعیة, وخصوصاً فی حالة العنف المتبادل من الجانبین فهذه العملیة تصبح ساحة لتنازع الحقائق ویصبح قدرة قول الحقیقة على ارساء المصالحة تحدیاً کبیراً, فضلا عن ذلک ان اللغة نفسها قد تفشل فی نقل التجربة او الالم لشخص عاش التعذیب او رعب مطلق, ویفضل البعض عدم التکلم عن بعض التجارب خصوصاً التی قد تتعارض مع مثل المجتمع کحالات الاغتصاب, وتظهر هذه الصعوبات بصورة اکبر فی الدول ذات المجتمعات المتنوعة والتی تمتلک مزیج ثقافی متعدد ونظرة تقلیدیة سائدة ترکز على الجماعات ولیس الافراد وبالتالی یصبح الاعتراف بحقیقة ما حصل من انتهاکات صعب جدا بسبب عدم الرغبة بنسبة ما حصل الى شخص ینتمی لهذه الجماعة او تلک لأنها ستنسب للجماعة ککل بسبب النظرة السائدة فی هکذا مجتمعات, وتبدو هذه العراقیل صعب تجاوزها ولکن الامر مرتبط بالدرجة الأساس بمدى حیادیة اللجنة وتمثیلها الواسع والمتنوع والاختیار السلیم لأعضاء یحظون بثقة وقبول جمیع المجتمعات داخل الدولة وکذلک طول النفس فی عملیة إجراء التحقیقات والشفافیة, ونشر الوعی بأهمیة عمل اللجنة مع الترکیز على المستقبل وبث الامل بانه عمل اللجنة هو یمثل جزء من عملیة انطلاقة جدیدة نحو مستقبل افضل للجمیع.
فلجان الحقیقة هی وسیلة قویة لمواجهة الاکاذیب التی تحیط بالنزاع والانتهاکات المرتکب فالأمر لیس فی مسالة ان حقیقة ما حدث غیر معروفة بل ان اصحاب الامتیازات والمستفیدین من ما حدث او من ما کان سائداً فی الماضی غالبا ما یرفضون الاعتراف بالحقیقة وعلى سبیل المثال جنوب افریقیا زعم الکثیر من المواطنین البیض بانهم لم یعرفوا بالفظائع المرتکبة او ان الدولة تقف وراءها, وکذلک یتعلق الامر بنوع الانتهاکات ففی سیرالیون کان یسود الاعتقاد بان عملیات بتر الیدین تعد الانتهاکات الرئیسة المرتکبة ولکن اللجنة قامت بإثبات أن عملیات الاغتصاب والعنف الجنسی کانت من اکثر الجرائم انتشاراً حیث کان الاغتصاب الجریمة الصامتة التی عانت منها کثیر من النساء فی سیرالیون اثناء النزاع.
وفیما یتعلق بسجلات لجنة الحقیقة بعد انتهاء عملها فیجب ان تحفظ هذه السجلات بتدابیر تقنیة وجزائیة من اجل منع اتلاف هذه السجلات وبالتالی تمکین مرتکبی الجرائم من الإفلات من العقاب, وکذلک ان یکون الوصول الیها متاحاً فلا یجوز تقییدها الا حفاظاً على خصوصیة وامن الضحایا, ویجب اتخاذ التدابیر من اجل حفظ هذه السجلات تحت مسؤولیة مکتب یحدد لهذا الغرض, ولابد من اعطاء اهتمام خاص بما یتعلق بالسجلات المتعلقة بأماکن الاحتجاز او غیرها من الاماکن التی شهدت انتهاکات جسیمة لحقوق الإنسان, فعلى سبیل المثال فی الارجنتین اصبحت سجلات لجنة الحقیقة (اللجنة المتعلقة بالمختفین قسراً) جزءا من المحفوظات الوطنیة لتخلید الذکرى التاریخیة التی تدیرها امانة حقوق الإنسان.
الخاتمـة
اهم الاستنتاجات التی استخلصناها من هذا البحث هی:
- لعبت لجان الحقیقة دوراً محوریاً فی ابراز الحق فی معرفة الحقیقة کممارسة تحظى باعتراف داخلی ودولی فی کثیر من البلدان, فضلاً عن قدرة هذه اللجان على ابراز الحقیقة بصورة تفصیلیة ومن جوانب مختلفة فردیة واجتماعیة وثقافیة وسیاسیة وتاریخیة.
- ان لجان الحقیقة هیئات غیر قضائیة, وتختلف من حیث الاجراءات التی تستخدمها من اجل إعمال الحق فی معرفة الحقیقة ولکنها فی الغالب تستند على الشهادات وجلسات الاستماع والتحقیق والمقابلات والبحث عن المفقودین.
- ان لجان الحقیقة یقتصر عملها فقط على اصدار التوصیات فی مسائل الانتصاف وجبر الضرر واصلاح المؤسسات واحیاء الذکرى، دون ان تملک سلطة تنفیذ هذه التوصیات, وقد لا تنفذ الحکومة هذه التوصیات, وهی لا تملک معاقبة من ارتکبوا انتهاکات حقوق الإنسان بل یناط ذلک بالمحاکم, فهی تُفعل الحق فی معرفة الحقیقة بجوهره ولکنها من ناحیة ما یترتب على ذلک من اثار فقط تکتفی بتقدیم التوصیات.
- ان نطاق عمل لجان الحقیقة یختلف من لجنة الى اخرى وقد لا ینحصر نشاطها فقط على انتهاکات حقوق الانسان الجسیمة حیث قد یمتد لیشمل الحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة.
- ان تخویل بعض اللجان منح العفو وعلى وجه الخصوص العفو غیر المشروط بکشف الحقیقة یؤدی الى عدم اعمال الحق فی معرفة الحقیقة بصورة فعلیة.
- تختلف مدى فاعلة لجان الحقیقة فی کشف الحقیقة حسب اتساع اختصاصها ومنحها التفویض اللازم والاجراءات الملائمة فضلاً عن التمویل الجید والدعم الحکومی والجماهیری.
المقترحات:
- ضرورة منح لجان الحقیقة التفویض الواسع الذی یتضمن الصلاحیات والاجراءات اللازمة من اجل تحقیق فاعل للحق فی معرفة الحقیقة.
- التزام السلطة التنفیذیة والتشریعیة فی الدول بتنفیذ توصیات لجان الحقیقة قدر المستطاع فبدون تنفیذ فاعل لهذه التوصیات ستبقى معرفة الحقیقة دون اثر واقعی فعال لصالح الضحایا والمجتمع.
- عدم منح لجان الحقیقة صلاحیة منح العفو, وإذا کانت هناک ضرورة عملیة من اجل تحقیق المصالحة فلابد ان یکون العفو مشروطاً بکشف الحقیقة, وان لا یشمل المسؤولین عن الانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان او یؤثر على حقوق الضحایا فی الانتصاف وجبر الضرر.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
- Amann ,Diane marie, bench book on international law, (american society on international law ,2014).
- B. Hayner ,Priscilla, unspeakable truths ,Transitional Justice and the Challenge ، of truth commissions (،Second Edition, Routledge ،New York ، 2011).
- Bloomfield ,David, Teresa Barnes and Luc Huyse, Reconciliation After Violent Conflict, )International Institute for Democracy and Electoral Assistance, Stockholm, 2003(.
- Bosnia and Herzgeovina ,) law No 109/4 , missing persons, 2004(.
- Brahm ,Eric, Uncovering the Truth: Examining Truth Commission Success and Impact, (International Studies Perspectives, N8, 2007).
- Christopher D. Totten, The International Criminal Court and Truth Commissions: A Framework for Cross-Interaction in the Sudan and Beyond, )Northwestern Journal of International Human Rights, Volume 7, Issue 1 ,2009(.
- Commissioning Justice ,Truth Commissions And Criminal Justice , )Amnesty International ,2010(.
- Daqun, Liu Quality Control in Truth and Reconciliation Processes, in Morten bergsmo , quality in fact-finding , (torkel opsahl academic publisher, florence , 2013).
- E Mendez , Juan, accountability for past abuses , human right quarterly ,( johns hopkins university press ,volume 19 , N 2 ,1997) .
- Gender, Justice, and Truth Commissions, (World Bank ,2006).
- González,Eduardo ,Drafting a Truth Commission Mandate A Practical Tool,( International Center for Transitional Justice, Newyork, 2013).
- hartnett,Conor ,the relationship between truth-seeking and prosecution,) international centre for ethnic studies, colombo,2016(.
- International law and the fight against impunity, (a practitioners guide 7, international commission of jurists, Geneva, 2015).
- J ean mari henckaerts, louise doswald beck , customary internatinal humanitarian law, (volume 2 practice ,icrc, 2005).
- Leah Kimathi, Whose Truth, Justice, and Reconciliation?( International Peace Support Training Centre, Nairobi, 2010).
- Melanie klinkner, forensic science expertise for international criminal proceedings: an old problem, a new context and a pragmatic resolution, (the international journal of evidence & proof, 13e ,2009).
- Obstacles and Opportunities for Transitional Justice:Truth and Reconciliation Commissions, (Democratic Progress Institute, London, 2012).
- Ocampo González, M. : Ramírez Escamill J. , The Inter-American Human Rights System and the Truth Commissions, (Revista del Centro de Investigación de la Universidad La Salle Vol. 13, No. 47,2017).
- Polly Dewhirst , Amrita Kapu ,The Disappeared and Invisible, Revealing the Enduring Impact of Enforced Disappearance on Women, (International Center for Transitional Justice, New york, 2015).
- Promotion of national unity and reconciliation act )34, 1995(.
- Salmon G.Elizabeth ,reflection on international humanitarian law and transitional justice: (lessons learnt from the American experience, international review of the red cross, v 88 , no 862, 2006).
- Scharf , Michael p. the case for a permanent international truth commission ,( duke journal of comparative & international law , vol. 7:37 ,1997).
- The justice and peace law ,) NO. 975, 25, JULY 2005(.
- Torné,Carlos Fernández ,How Truth Commissions Promote Accountability: An Evaluation of Impact of the Commissions Established in Nepal and Sri Lanka, )Doctoral Thesis, Departament de Dret Públic i Ciències Historicojurídiques Universitat Autònoma de Barcelon, 2017(.
- Truth, justice and reparation Establishing an effective truth commission, )Amnesty International, 2007(.
- Urquidi Herrera, Juan Carlos Victims, Testimonies in Truth Commissions: Who Owns the Memory?(OREGON REVIEW OF INTERNATIONAL LAW ,Vol. 20, 79, 2018).
- Vasallo ,Mark, Truth and Reconciliation Commissions: General Considerations and a Critical Comparison of the Commissions of Chile and El Salvador,( Inter-American Law Review ,Vol. 33:1,2002).
- Weston, Rose Facing The Past, Facing The Future: Applying The Truth Commission Model To The Historic Treatment Of Native Americans In The United States, )Arizona Journal Of International And Comparative Law, Vol. 18, No. 3, 2001(.
- truth commission digital collection , )United states institute of peace , in internet :https://www.usip.org/publications/2011/03/truth-commission-digital-collection?fbclid , date of visit 3/6/2020(.
تناول هذا البحث موضوع الحق فی معرفة الحقیقة والذی هو لم یتبلور بعد بشکل واضح والیات تفعیله
اولاً: الکتب:
- ادوات سیادة القانون اللازمة للدول الخارجة من الصراعات، برامج جبر الضرر، (مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، جنیف، ٢٠٠٦).
- ادوات سیادة القانون لدول ما بعد الصراع , لجان الحقیقة, (مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان, نیویورک, 2006).
- ادواردو غونزالیس, هاورد فارنی, البحث عن الحقیقة عناصر إنشاء لجنة حقیقة فاعلة, (المرکز الدولی للعدالة الانتقالیة, نیویورک, 2013).
- الحق فی الانصاف وجبر الضرر فی حالات الانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان, دلیل الممارسین رقم 2, (اللجنة الدولیة للحقوقیین, جنیف, 2009).
- د. الشافعی, بدر حسن, العدالة الانتقالیة فی افریقیا التجارب والدروس ,(المعهد المصری للدراسات, اسطنبول,2020).
- عبد اللاوی, عبد الکریم, تجربة العدالة الانتقالیة فی المغرب, (مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان, القاهرة ,2013).
- لجان تقصی الحقائق والمصالحة: العناصر الرئیسیة, (منظمة القانون الدولی العام ومجموعة السیاسة , 2013).
- مستقبلنا, عدالتنا, دلیل ارشادی, المرکز الدولی للعدالة الانتقالیة, (مؤسسة دولتی, 2019).
- ملکی, ابراهیم, آلیات تنفیذ العدالة الانتقالیة خلال مرحلة الانتقال السیاسی فی سوریة, (مرکز حرمون للدراسات المعاصرة, الدوحة, 2019).
- نسیاه, فاسوکی, واخرون, لجان الحقیقة ونوع الجنس, المبادئ والسیاسات والإجراءات, (سلسلة العدالة من منظور الجنس, المرکز الدولی للعدالة الانتقالیة, نیویورک, ب.ت).
- هنکریست، لویز دوزوالد بک، القانون الدولی الإنسانی العرفی، ج١, القواعد، (اللجنة الدولیة للصلیب الاحمر, ٢٠٠٥).
ثانیاً: الرسائل والاطاریح:
- خوجة, سعاد, العدالة الانتقالیة, اطروحة دکتوراه, (کلیة الحقوق, جامعة الاخوة منتوری, قسنطینة, 2017).
- صونیة, منصوریه, الإطار القانونی الدولی لمکافحة الإفلات من العقاب عن انتهاکات حقوق الإنسان, اطروحة دکتوراه, (کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة, جامعة مولود معمری, تیزی وزو, 2018).
ثالثاً: البحوث والدوریات :
- د.حسن, محمد رشید, الإطار القانونی للحق فی معرفة الحقیقة, دراسة فی مستلزمات التقاضی السلیم عن الجرائم الدولیة, (مجلة جامعة التنمیة البشریة, السلیمانیة, العدد (3) ,2016).
- حسین, امجد علی , لجان الحقیقة کآلیة لتعزیز المصالحة الوطنیة, (مجلة رسالة الحقوق, جامعة کربلاء, السنة التاسعة, العدد (3), کربلاء, 2017).
- سوکا, یاسمین, النظر الى الماضی والعدالة الانتقالیة, (مختارات من المجلة الدولیة للصلیب الاحمر, المجلد(88), العدد(862), 2006).
- فیصل, انسیغة؛ بن علیه بن عطا, الحق فی معرفة الحقیقة فی سیاق العدالة الانتقالیة, (مجلة المفکر , کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة, جامعة محمد خیضر,, العدد(15), بسکرة, 2018).
- د. المهتدی بالله, احمد, دور لجان الحقیقة خلال مرحلة العدالة الانتقالیة لدول الربیع العربی, (مجلة کلیة القانون الکویتیة العالمیة, السنة الأولى, العدد(2), الکویت, 2013).
- نقبی, یاسمین, الحق فی معرفة الحقیقة فی القانون الدولی, واقع ام خیال, (مختارات من المجلة الدولیة للصلیب الاحمر, المجلد (88), العدد (862), 2006).
رابعاً: التقاریر الدولیة:
- العدالة الانتقالیة والحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة, (الأمم المتحدة مکتب المفوض السامی لحقوق الإنسان, نیویورک, 2014).
- تعزیز حقوق الإنسان وحمایتها, دراسة عن الحق فی معرفة الحقیقة, (تقریر مفوضیة الأمم المتحدة السامیة لحقوق الإنسان, رقم (91), 2006).
- تعزیز الحقیقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التکرار, (تقریر صادر عن المقرر الخاص المعنی بتعزیز الحقیقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التکرار التابع لمجلس حقوق الإنسان, 2013).
- تقریر المقرر الخاص المعنی بتعزیز بالحقیقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التکرار, (مجلس حقوق الإنسان, 2013).
- تقریر بشان الحلقة الدراسیة المتعلقة بتجارب حفظ السجلات کوسیلة لضمان الحق فی معرفة الحقیقة, (مفوضیة الأمم المتحدة السامیة لحقوق الإنسان,2011).
- على ارض صلبة ,بناء السلام والتنمیة المستدامین فی اعقاب الانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان, (تقریر الفریق العامل المعنی بالعدالة الانتقالیة ومجموعة مقاصد هدف التنمیة المستدامة+16, المرکز الدولی للعدالة الانتقالیة, نیویورک, 2019).
خامساً: القرارات الدولیة:
26. تعزیز حقوق الإنسان وحمایتها, الإفلات من العقاب, (تقریر الخبیرة دیان اورنتلیتشر المعنیة باستیفاء مجموعة المبادئ لمکافحة الإفلات من العقاب, اضافة الى المجموعة المستوفاة من مبادئ حمایة حقوق الإنسان وتعزیزها من خلال اتخاذ إجراءات لمکافحة الإفلات من العقاب, اعتمدت من قبل للجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادی والاجتماعی سنة 2005).
27. المبادئ الأساسیة والمبادئ التوجیهیة بشأن الحق فی الانتصاف الجبر لضحایا الانتهاکات الجسیمة للقانون الدولی لحقوق الإنسان والانتهاکات الخطیرة للقانون الإنسانی الدولی, (القرار رقم (60/147 ) لسنة 2005 الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة).
28. الحق فی معرفة الحقیقة, (القرار رقم (66), لسنة (2005) الصادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادی والاجتماعی) .
- الحق فی معرفة الحقیقة, (مجلس حقوق الإنسان, القرار رقم( 9/11 ) لسنة 2008).
- الحق فی معرفة الحقیقة, (مجلس حقوق الإنسان, القرار رقم( 12/12) لسنة 2009).
- الحق فی معرفة الحقیقة, (مجلس حقوق الإنسان, القرار رقم (21/7) لسنة 2012).
- الحق فی معرفة الحقیقة,( قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة, رقم ( 68 / 165) سنة 2014).
سادساً: القوانین الوطنیة:
33. قانون المفقودین والمخفیین سرا اللبنانی, رقم( 105) لسنة 2018.
- عدد الزيارات للمقالة: 77
- مرات تحميل الملف الأصلي للمقالة: 69