الملخص
یعد نقل الدعوى المدنیة من الضمانات التی نص علیها قانون المرافعات المدنیة, ویتم ذلک الضمان من خلال استخراج الدعوى من المحکمة المختصة بها اصلاً والتی اقیمت امامها بالنظر فیها الى محکمة اخرى لمبررات یقررها المشرع, هذا الاجراء یتصف بجملة من الخصائص فهو یعد من الرخص الاجرائیة ولا یکون الا بین محاکم الموضوع وهو مقید بأسباب ترک تقدیرها لمحکمة التمییز, ولهذا الاجراء شروط یلزم توافرها فی مقدمتها ان تکون هناک دعوى مقامة فعلاً وان یتحقق سبب من الاسباب التی تدعو الى النقل وان یکون هناک تماثل فی الاختصاص والموضوع, ولهذا الاجراء تکییف قانونی خاص به فهو وسیلة دفاع اجرائی تثار فی خصومة قائمة لا تمس اصل الحق ولا حق المدعی فی الدعوى ای الحمایة القانونیة الممنوحة للمدعی بالتالی لا یعتبر دفعاً تأجیلیاً, ولهذا الاجراء اسباب ذکرها المشرع بالنص وترک تقدیرها لمحکمة التمییز الاتحادیة حصراً ولهذا الاجراء سلوک اجرائی رسمه المشرع یبدأ بتقدیم الطلب وتبت به محکمة التمییز کما ان نقل الدعوى المدنیة له اثر على مصیر الدعوى المنقولة من حیث الرسوم القانونیة المدفوعة والفترة ما بین تقدیم الطلب وبت محکمة التمییز فی قرار النقل.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
الجديد في البحث
تسلیط الضوء على هذا الاجراء المهم والحیوی والذی له تأثیر مباشر على سرعة حسم الدعوى بدل انتظار زوال الأسباب التی تؤدی الى تعطیل سیرها والتی تکون من موجبات طلب نقلها وان المشرع العراقی لم یتعرض لهذا الموضوع فی قانون المرافعات الا فی مادة واحدة، وبذلک اقترحنا مجموعة من النصوص التی تحیط بالموضوع من جمیع جوانبه والتی نأمل من المشرع الاخذ بها لتکون إضافة جدیدة فی حقل الاختصاص
أصل المقالة
نقل الدعوى المدنیة - دراسة تحلیلیة مقارنة-(*)-
Transfer of civil case : A Comparative Analytical Study
زیاد محمد شحاذة کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Zyad Mohammed Shehada College of Law\ University of mosul Correspondence: Zyad Mohammed Shhatha E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 1/9/2021 *** قبل للنشر فی 17/11/2021.
(*) received on 1/9/2021 *** accepted for publishing on 17/11/2021.
Doi: 10.33899/alaw.2021.131140.1171
© Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعد نقل الدعوى المدنیة من الضمانات التی نص علیها قانون المرافعات المدنیة, ویتم ذلک الضمان من خلال استخراج الدعوى من المحکمة المختصة بها اصلاً والتی اقیمت امامها بالنظر فیها الى محکمة اخرى لمبررات یقررها المشرع, هذا الاجراء یتصف بجملة من الخصائص فهو یعد من الرخص الاجرائیة ولا یکون الا بین محاکم الموضوع وهو مقید بأسباب ترک تقدیرها لمحکمة التمییز, ولهذا الاجراء شروط یلزم توافرها فی مقدمتها ان تکون هناک دعوى مقامة فعلاً وان یتحقق سبب من الاسباب التی تدعو الى النقل وان یکون هناک تماثل فی الاختصاص والموضوع, ولهذا الاجراء تکییف قانونی خاص به فهو وسیلة دفاع اجرائی تثار فی خصومة قائمة لا تمس اصل الحق ولا حق المدعی فی الدعوى ای الحمایة القانونیة الممنوحة للمدعی بالتالی لا یعتبر دفعاً تأجیلیاً, ولهذا الاجراء اسباب ذکرها المشرع بالنص وترک تقدیرها لمحکمة التمییز الاتحادیة حصراً ولهذا الاجراء سلوک اجرائی رسمه المشرع یبدأ بتقدیم الطلب وتبت به محکمة التمییز کما ان نقل الدعوى المدنیة له اثر على مصیر الدعوى المنقولة من حیث الرسوم القانونیة المدفوعة والفترة ما بین تقدیم الطلب وبت محکمة التمییز فی قرار النقل.
الکلمات المفتاحیة: نقل، دعوى مدنیة، دفاع إجرائی.
Abstract
The transfer of civil cases from a competent court to another is one of the procedural guarantees of the Iraqi Civil Procedures Law. The main characteristic of this guarantee is that case transfer is considered a procedural right, and it is only allowed between trial courts, and it is limited to the grounds specified in the law and is exclusively subject to the discretion of the Court of Cassation. Thus, this paper attempts to analyse the criteria the Cassation court apply when looking at a transfer of proceedings case. Its aim is to address the ambiguity and deficiency in the legislative framework regulating transfer of civil cases. As a comparative study, it specifically looks at the provisions set out in the Iraqi civil procedures law and Lebanese civil Code.
Key words: Transfer of cases, civil proceedings, procedural defense, Iraqi Civil Procedure law, Lebanese Civil Code.
المقدمـة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله علیه وسلم وعلى اله وصحبه اجمعین وبعد.
اولا : مدخل تعریفی لموضوع البحث :
ان حق الانسان فی التقاضی یعد من اهم حقوق الانسان، فهو یحمی جمیع الحقوق فی حال الاعتداء علیها من ای جهة کانت سواء من قبل الافراد او من قبل الدولة ، وبما ان حق الانسان فی التقاضی هو الحامی لبقیة الحقوق عند تعرضها للتعدی او الانتهاک، فلا بد من احاطته بمجموعة من الضمانات لکی یتمکن المتقاضون من استرداد حقوقهم، ومن بین تلک الضمانات نقل الدعوى المدنیة، فالسلطة القضائیة فی بعض الاحیان تقف عاجزة عن تحقیق العدالة لأسباب خارجة عن ارادتها حددها المشرع العراقی وحاول ان یجد لها الحلول والضمانات، ذلک ان جمیع الحقوق لا قیمة لها مالم یکن للإنسان الحق فی التقاضی وان یکون لهذا الحق من الضمانات ما یکفل له الدفاع عن جمیع الحقوق، ولذلک اجاز المشرع نقل الدعوى المدنیة من محکمة الى اخرى بقرار من محکمة التمییز اذا تعذر تشکیل المحکمة کأن یکون احد القضاة تعرض لمرض او قد طلب تنحیه، وقد یکون السبب وراء نقل الدعوى الاخلال بالأمن او لأی سبب اخر تراه محکمة التمییز مناسباً.
ثانیا : اسباب اختیار الموضوع :
تکمن اسباب اختیار الموضوع فی الغموض والنقص الذی یعتری التنظیم التشریعی لموضوع نقل الدعوى المدنیة اذ اکتفى المشرع العراقی بتنظیم موضوع النقل رغم اهمیته وخطورته بمادة قانونیة واحدة فی قانون المرافعات المدنیة هذه المادة لا توضح کثیراً من المسائل الاجرائیة التی یحتاجها التنظیم القانونی للنقل فضلاً عن وجود ارباک واضح فی نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة العراقی.
ثالثاً: تساؤلات البحث :
هناک جملة من التساؤلات تثار حول الموضوع وهی :
رابعاً: اهمیة الموضوع :
تکمن اهمیة موضوع نقل الدعوى المدنیة باعتباره احد اهم الضمانات التی نص علیها المشرع لحق الانسان فی التقاضی هذه الضمانة تتمثل فی عدم ضیاع حق الخصوم فی نظر دعواهم فی حال حدوث سبب یدعو الى نقل الدعوى الى محکمة اخرى اذ لولا هذه الضمانة لتعذر نظر تلک الدعاوى.
خامساً: منهجیة البحث :
سنعتمد فی اعداد هذا البحث على المنهج التحلیلی للنصوص القانونیة المنظمة لموضوع نقل الدعوى المدنیة، بالإضافة الى تحلیل الآراء الفقهیة التی تناولت الموضوع للوقوف على الاصوب فیها وترجیحه، بالإضافة الى المنهج المقارن حیث اعتمدنا المقارنة ما بین قانون المرافعات المدنیة العراقی وقانون اصول المحاکمات المدنیة اللبنانی باعتبار القانون الاخیر هو الاکثر تنظیماً لموضوع نقل الدعوى المدنیة.
سادساً : خطة البحث :
المقدمة
المبحث الاول : التعریف بنقل الدعوى المدنیة.
المطلب الاول : تعریف نقل الدعوى المدنیة.
المطلب الثانی : شروط نقل الدعوى المدنیة.
المبحث الثانی : التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة واسباب نقلها.
المطلب الاول : التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة.
المطلب الثانی : اسباب نقل الدعوى المدنیة.
المبحث الثالث : اجراءات نقل الدعوى المدنیة ومصیرها.
المطلب الاول : اجراءات نقل الدعوى المدنیة.
المطلب الثانی : مصیر الدعوى المدنیة المنقولة.
الخاتمة.
المبحث الاول
التعریف بنقل الدعوى المدنیة
یسعى المشرع من وراء ما یقرره من نصوص قانونیة الى بناء اسس سلیمة مشترکة داخل المجتمع فینشِئ من مجموعها النظام القانونی للدولة، ومن اجل ذلک فقد وضع الحلول فی حال ای تعثر لذلک النظام. ومن بین تلک النصوص ما تم اقراره لإمکانیة نقل الدعوى المدنیة من محکمة الى اخرى وان کان ذلک یشکل استثناء على الاصل، الا ان حمایة القیم الجوهریة للمجتمع والمصالح الاساسیة للأفراد سواء کانت هذه القیم او المصالح جدیرة فی ذاتها حقاً بالحمایة ام عدها المشرع کذلک بالنظر لاعتبارات معینة یقدرها، ومن هنا اقتضت الضرورة فی هذا المقام بیان تعریف العنوان الذی توسم به البحث واهم الشروط الواجب توافرها للقیام به، ومن اجل ذلک ارتأینا تخصیص هذا المبحث لتعریف نقل الدعوى المدنیة وشروطه وعلى النحو الاتی: ـ
المطلب الاول : تعریف نقل الدعوى المدنیة.
المطلب الثانی : شروط نقل الدعوى المدنیة.
المطلب الاول
تعریف نقل الدعوى المدنیة
للحصول على تعریف جامع وقانونی لنقل الدعوى المدنیة لابد من بیان معناه فی اللغة العربیة ومعناه فی الاصطلاح، وقبل ان نبین ذلک لابد ان نشیر الى ان الدعوى المدنیة هی المحل الذی یرد علیه النقل مما یستوجب ان نقف على تعریف المصطلح بجزأیه.
الفرع الاول : معنى نقل الدعوى المدنیة فی اللغة العربیة :-
النقل یعنی تحویل الشیء من موضع الى موضع نقل ینقل نقلاً فانتقل والمفعول منقول، اما الدعوى فإنها تأتی فی اللغة العربیة من اصل الفعل دعا، یدعو، دعا بالشیء ای احتاج الیه یقال وعن ثیابه اخلقت واحتاج الى ان یلبس غیرها، والدعوى بفتح الدال وسکون العین من دعا وجمعها دعاوى بکسر الواو وفتحها قال بعضهم الفتح اولى لان العرب اثرت التخفیف ففتحت وحافظت على الف التأنیث یقال دعوى ای مطالب والدعوى اسم لما تدعیه وذلک ان تدعی حقاً لک او لغیرک، یقال ادعى حقاً او باطلا وادعیت على فلان ای جحت به واستدعیته وتداعت القبائل على بنی طلال ای تألفوا اودعا بعضهم بعضاً الى التناصر علیهم.
الفرع الثانی : معنى نقل الدعوى المدنیة فی الاصلاح القانونی :-
على الرغم من تنظیم المشرع العراقی والمشرع اللبنانی لنقل الدعوى المدنیةالا انهما لم یتطرقا الى معنى نقل الدعوى المدنیة، وحیال تعریف المصطلحات من قبل المشرع نجد ان وجهات النظر تختلف من ذلک فهناک من یرى ان تعریف المشرع لأی مصطلح قانونی ومنه نقل الدعوى المدنیة یعتبر من المآخذ التی تؤخذ على المشرع ویعزو السبب فی ذلک لصعوبة اعطاء تعریف جامع مانع شامل لما یفرزه الواقع من مستجدات، ومنهم من یرى خلاف ذلک ان اعطاء التعریف من قبل المشرع لبعض المصطلحات ضرورة تشریعیة لسد النقص ومنع اختلاف التفسیر والتعریف من قبل الفقه القانونی ونحن نرى ان الرای الاول هو الرأی الجدیر بالتأیید لان ایجاد التعریفات لیس من مهمة المشرع وانما من مهمة الفقه.
وازاء خلو التشریع العراقی والمقارن من تعریف لمصطلح نقل الدعوى المدنیة، فقد کان من المتوقع والحال هذا، ان یجد الفقه من جانبه فی تقدیم تعریف عام لتخصص القاضی، ولذا فقد تعددت التعریفات التی قیلت بشان ذلک، ولکن مهما قیل من تعریفات لهذا المصطلح فان ذلک لا یعدو اکثر من اختلاف فی الصیاغة منه الى المضمون، فهناک من عرف نقل الدعوى المدنیة "بانها من الضمانات التی نص علیها قانون المرافعات المدنیة ویتم ذلک الضمان من خلال استخراج الدعوى من المحکمة المختصة بها اصلا والتی اقیمت امامها بالنظر فیها الى محکمة اخرى لمبررات یقدرها المشرع"کما عرف نقل الدعوى بانه "رفع ید المحکمة عن الدعوى الداخلة فی اختصاصها وایداعها الى محکمة اخرى مماثلة لها فی الصنف والدرجة صالحة لرؤیتها لتقوم بنظرها مکانها" وقد عرف ایضا "وسیلة من وسائل تطمین سلامة التقاضی اجاز من خلاله اعطاء محکمة اخرى غیر المختصة اصلاً بنظر النزاع نظر الدعوى لأسباب نص علیها المشرع".
تبین لنا فی کل التعاریف السابقة انها تتفق حول مضمون واحد وهو ان نقل الدعوى اجراء یتم بین محکمتین الاولى مختصة اصلا بنظر النزاع وصاحبة ولایة والثانیة نقل الیها نظر الدعوى ولم تکن صاحبة ولایة من حیث الاصل وانما نقل الیها استثناء بسبب تحقق سبب نص علیه القانون وکانت هناک ضرورة للقیام بذلک.
الفرع الثالث : خصائص نقل الدعوى المدنیة :
یمتاز اجراء نقل الدعوى المدنیة بجملة من الخصائص کضمانة لحق التقاضی :
المطلب الثانی
شروط نقل الدعوى المدنیة
یستلزم نقل الدعوى المدنیة من محکمة الى اخرى توافر جملة من الشروط نحاول من خلال هذا المطلب تسلیط الضوء علیها وعلى النحو الاتی :
أولاً: ان تکون هناک دعوى مقامه فعلا :
فی مقدمة الشروط الواجب توافرها لنقل الدعوى المدنیة هو ان تکون الدعوى مقامة فعلا، حیث تعتبر الدعوى مقامة من تاریخ دفع الرسم القضائی او من تاریخ صدور قرار القاضی بالإعفاء من الرسوم القضائیة او تأجیلها, وهذا یعنی أنه لا یمکن تقدیم طلب نقل الدعوى اذا لم یتم ذلک لانتفاء المحل الذی یرد علیه النقل.
ثانیاً: ان یتحقق احد الأسباب التی تجیز نقل الدعوى المدنیة فلا بد لإمکانیة نقل الدعوى المدنیة ان یتحقق احد الأسباب القانونیة التی نص علیها المشرع اذ تعد تلک الاسباب مبررات لنقل الدعوى المدنیة ووسائل یمکن من خلالها اقناع محکمه التمییز بقبول النقل
ثالثاً: تماثل الاختصاص والدرجة بین المحکمة الناقلة للدعوى والمنقولة الیها:ـ
لابد لصحة نقل الدعوى المدنیة ان یتم النقل بین محاکم ذات اختصاص واحد وتماثل من حیث الدرجة التی علیها کلا المحکمتین وهذا استجابة لمبدأ التقاضی على درجتین من ناحیة وتجنب تنازع الاختصاص من ناحیة اخرى.
رابعاً: ان یکون نقل الدعوى بین محاکم الموضوع :ـ
یشترط لکی یکون النقل صحیحاً لابد ان یتم بین محاکم الموضوع لا محاکم الطعن، وهذا الشرط قضت به محکمة التمییز العراقیة فی قرار لها جاء فیه (ان الهیئة الموسعة ترى ان المادة (97) تنظم قواعد نقل الدعوى من محکمة موضوع الى محکمة اخرى فهی لا تشمل محاکم الطعن، وعلیه فلا مجال قانوناً لنقل الطعن التمییزی من اختصاص محکمة استئناف اخرى بذات الصفة استناداً الى المادة المذکورة).
یلاحظ على قرار محکمة التمییز الموقرة انها استندت الى نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة، وبالرجوع الى ذلک النص نجد ان المشرع لم یحدد طبیعة المحکمة ان کانت محکمة موضوع او محکمة طعن بل اطلق ذلک، کذلک نرى ان المحکمة جانبت الصواب فی قرار فالأسباب التی یمکن ان تحیط بمحکمة الموضوع وتبرر نقل الدعوى من الممکن انها تحیط بمحکمة الموضوع وتبرر نقل الدعوى من الممکن انها تحیط بمحکمة الطعن هذا من ناحیة ومن ناحیة اخرى ان قرار الموافقة على نقل الدعوى من عدمه خاص بمحکمة التمییز حصراً وان کانت الاخیرة تمثل احدى محاکم الطعن، وهذا یعنی من الناحیة المنطقیة لو تعلق الامر بمحکمة الاستئناف بصفتها التمییزیة فلا مانع من نقل الدعوى الى محکمة استئناف اخرى بذات الصفة التمییزیة اذا تحقق سبب یبرر ذلک وهذا فی مجمله ینسجم مع نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة العراقی، ومن خلال ما تقدم ندعو المشرع العراقی الى رفع اللبس الوارد فی هذه المادة وتحدید طبیعة المحکمة المنقولة الیها الدعوى.
خامساً: لابد ان یقدم طلب الى محکمة التمییز لنقل الدعوى المدنیة :ـ
انطلاقا من القاعدة التی تنص بأن (القضاء مطلوب) ای لابد ان یقدم طلب لاتخاذ ای اجراء على اعتبار ان القضاء لا یتدخل من تلقاء نفسه مالم یقدم الیه طلب، وبالتالی اجازة المشرع العراقی للمحکمة نقل الدعوى لا تعنی ان یکون ذلک بدون طلب وان کان المشرع العراقی لم یحدد من له الحق فی طلب تقدیمه وهذا یعنی ان طلب النقل من الممکن ان یقدم من قبل الخصوم کذلک یمکن ان یقدم من قبل المحکمة، وهذا على خلاف المشرع اللبنانی، اذ حدد الجهة التی یحق لها ان تقدم طلب النقل من قبل احد الخصوم اذا کان سبب النقل غیر متعلق بالأمن، اما ان تعلق بذلک فان تقدیم طلب النقل یکون من قبل النائب العام لدى محکمة التمییز، یبدو ان المشرع اللبنانی لم یجز للمحکمة ذاتها ان تقدم طلب نقل الدعوى، وهنا یطرح التساؤل: من هی الجهة التی تقرر تعذر تشکیل المحکمة، الخصوم ام الجهة نفسها هی التی تصرح بتعذر ذلک؟ لذلک وجدنا المشرع العراقی عندما لم یحدد کان موفقاً فی ذلک خصوصاً وانه جعل احد اسباب نقل الدعوى تعذر تشکیلها.
المبحث الثانی
التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة واسباب نقلها
یعد نقل الدعوى المدنیة ضمانة اساسیة لیس فقط للتقاضی وانما ضمانة لحمایة الدعوى المدنیة من الضیاع وعدم النظر فیها فهو وسیلة للوقایة من تبدید الاجراءات التی تتم امام المحکمة المقامة امامها الدعوى المدنیة، لتحقق سبب من اسباب نقل الدعوى، ولکی تکون الصورة واضحة عن اجراء النقل، لابد من البحث عن الوصف القانونی والتکییف لهذا الاجراء ومن ثم عرض الاسباب التی تدعو الى اتخاذه، لذا ارتأینا ان نقسم هذا المبحث على النحو الاتی:
المطلب الاول : التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة.
المطلب الثانی : اسباب نقل الدعوى المدنیة.
المطلب الاول
التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة
یعد نقل الدعوى المدنیة من القرارات الاجرائیة القضائیة لما یترتب علیها من اثار مهمة سنتطرق الیها لاحقاً، الامر الذی یدعو الى البحث عن التکییف القانونی لنقل الدعوى المدنیة، هل یمکن عده دفعاً موضوعیا ام دفعاً من نوع آخر هذا ما سنتطرق الیه وعلى النحو الاتی :ـ
الفرع الاول : نقل الدعوى المدنیة دفعا موضوعیاً :
یعتبر الدفع الموضوعی من الدفوع التی توجه الى اصل الحق او ذاته ای ذات الحق المدعى به، وذلک کأن ینکر المدعى علیه وجود هذا الحق اصلاً او یمثل هذا الدفع بزعم انقضائهوغایة الدفع الموضوعی هو رد دعوى المدعی وعدم الحکم له فی دعواه وفی ای طلب من الطلبات الواردة فی لائحة الدعوى وهذا الدفع یجوز ابداؤه دون ترتیب معین وفی ای حالة کانت علیها الدعوى، وان تعرض القاضی الى هذا الدفع والحکم فیه یعتبر حکماً فی موضوع الدعوى بحیث ینهی النزاع على اصل الحق نفسه، بحیث لا یجوز للمدعی رفع الدعوى مرة اخرى لسبق الفصل فی موضوعها ، من خلال ما تقدم لا یمکن اعتبار نقل الدعوى دفعا موضوعیا للدعوى لان نقل الدعوى لا یؤدی الى المساس بأصل الحق کما فی الدفع الموضوعی.
الفرع الثانی : نقل الدعوى المدنیة دفعاً بعدم القبول :
من الدفوع الاجرائیة التی تتمیز بطابع خاص هو الدفع بعدم القبول الذی یوجه الى الحق فی اقامة الدعوى لانتفاء شرط من شروط قبولها، والذی یستلزم رد الدعوى وهذا یعنی منع الحمایة القضائیة، وذلک بامتناع القاضی من نظر الدعوى المرفوعة امامه لمخالفة المدعی للشروط اللازم توافرها لسماع دعواه بالتالی یؤدی الى زوال الخصومة باثر رجعی وتعید الخصوم الى الحالة التی کانوا علیها قبل رفع الدعوى، وعلى ذلک تزول المطالب القضائیة بکل اثارها الاجرائیة والموضوعیة وهذا الامر غیر وارد فی نقل الدعوى فالدعوى بعد قرار نقلها قد استوفت شروط قبولها، الا انه لسبب او لآخر ادى الى عدم امکانیة رؤیتها من قبل المحکمة التی رفعت الیها اولاً وبذلک لا یمکن اعتبار النقل دفع بعدم القبول.
الفرع الثالث : نقل الدعوى دفعاً تأجیلیا :
هناک من حاول ان یصف نقل الدعوى بانها دفع تأجیلی مبرراً ذلک بان الوقت الذی یبدأ من تاریخ اثارة طلب النقل لحین صدور القرار من المحکمة المختصة بإقرار النقل هو الوقت الذی قصدت الافادة منه لطلب النقل بالرجوع الى التنظیم القانونی لإجراء التأجیل نجد هناک تمایزاً واضحاً ما بین الإجراءین الامر الذی یدعو الى عدم امکانیة تکییف نقل الدعوى بانه دفع تأجیلی، فعلى الرغم من تماثل کلا الإجراءین فی مصیر الدعوى المؤجلة والمنقولة اذ یقف نظرها والسیر فیها لحین انتهاء مدة التأجیل ولحین البت بقرار النقل من قبل محکمة التمییز الا ان هناک اختلاف جوهری یتمثل بالمحکمة التی تنظر الدعوى فمعلوم ان التأجیل لا یغیر المحکمة التی قررت اتخاذه فی حین ان نقل الدعوى یعنی انتقال مهام نظرها الى محکمة اخرى غیر التی رفعت ایها ابتداءً، ومن ثم لیس للمحکمة التی وافقت محکمة التمییز على طلب نقل الدعوى المنظورة امامها ان تحدد موعد جلسة نظرها امام المحکمة المنقول الیها الدعوى فکل ما علیها هو ان تحدد تلک المحکمة فقط وهذا على خلاف تأجیل الدعوى.
الفرع الرابع : نقل الدعوى المدنیة وسیلة دفاع اجرائیة :
قبل الحدیث عن نقل الدعوى المدنیة کوسیلة دفاع اجرائی، لابد من التفریق هنا ما بین الدفع الاجرائی الذی یرتب علیه جزاء اجرائی, وبین نقل الدعوى کوسیلة دفاع اجرائی ذلک ان الدفع الاجرائی هو عبارة عن موقف ایجابی یقصد من اثارته انتاج اثر معین على الخصومة المدنیة وهذا التأثیر یکون مباشراً، فالدفع الاجرائی وجد لإثارة عیوب الخصومة المدنیةفمن امثلة ذلک الدفع ببطلان عریضة الدعوى بحیث یترتب على ثبوته زوال تلک العریضة وکل اثر قد یترتب علیها اما نقل الدعوى المدنیة کوسیلة دفاع اجرائیة فلا تتعدى کونها موقفاً سلبیاً من الخصوم او من المحکمة نفسها الغایة منه ایقاف نظر الدعوى من قبل المحکمة التی رفعت الیها ابتداءً الى محکمة اخرى لدواعی ومبررات حددها المشرع خدمة للصالح العام والخاص، دون ان تحدث هذه الوسیلة ای اثر للخصومة کأی دفع من تغییر او إنهاء .
ونحن بذلک نتفق مع الاتجاه الذی یرى ان نقل الدعوى المدنیة وسیلة دفاع اجرائی فی خصومة قائمة لا تمس اصل الحق ولا حق المدعی فی الدعوى إلى الحمایة القانونیة الممنوحة للمدعی ولا یعتبر دفعاً تأجیلیاً لأنه لا یقصد منه اطالة امد النزاع وانما اختصاره لعدم الانتظار لحین تشکیل المحکمة او تحقق الامن او الاسباب المناسبة التی تراها محکمة التمییز التی قد تأخذ وقتاً طویلاً لزوالها، فالغایة من نقل الدعوى هو السیر بإجراءات نظرها فی اجواء صحیة من الناحیة القانونیة، فالنقل یتسم بالطابع الاجرائی من جهة لأنه یتعلق بسلامة سیر الاجراءات الخاصة بالخصومة القضائیة وله طابع موضوعی لان الصفة الاجرائیة التی استخدمها الخصوم نتجت عن خصومة قائمة بکل محتواها.
المطلب الثانی
اسباب نقل الدعوى المدنیة
یعد نقل الدعوى المدنیة استثناء یرد على الاصل الذی یقضی ان المحکمة التی اقیمت الدعوى امامها تستمر فی نظرها، هذا الاستثناء اقره المشرع لاعتبارات تشکل جزءاً من مجموعة من الضمانات التی نص علیها قانون المرافعات، وبما ان نقل الدعوى هو استثناء فلابد ان تکون هناک اسباب دعت للخروج به، وهذا ما یمکن ان یستشف من نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة العراقی والتی جاء فی نصها "یجوز نقل الدعوى من محکمة الى اخرى بقرار من محکمة التمییز اذا تعذر تشکیل المحکمة لأسباب قانونیة او کان فی رؤیة الدعوى ما یؤدی الى الاخلال بالأمن او لأی سبب اخر تراه محکمة التمییز مناسباً"، لذلک سنحاول ان نسلط الضوء على تلک الاسباب وکما یلی :
الفرع الاول : نقل الدعوى المدنیة لتعذر تشکیلها :
من الاسباب القانونیة التی نص علیها المشرع والتی تجیز طلب نقل الدعوى هو تعذر تشکیل المحکمة، ومن هنا یطرح التساؤل متى یتعذر تشکیل المحکمة؟، بالرجوع الى موقف المشرع العراقی فانه لم یبین ذلک, وهذا بخلاف موقف المشرع اللبنانی الذی اشار الى الحالات التی یتعذر فیها تشکیل المحکمة وهی عدم وجود عدد کاف من القضاة، او لاستحالة قیام المحکمة بأعمالها بسبب القوة القاهرة, ان مثل هذا الموقف یحسب للمشرع اللبنانی والذی نهیب بالمشرع العراقی أن یسیر على خطاه، فعدم وجود العدد الکافی للقضاة بسبب تمتع احد القضاة بإجازة طویلة لأسباب مرضیة او وجود حالة الفیضان او الزلزال او انقطاع الجسور او اعلان حالة حظر التجوال الشامل کلها احوال تمنع المحکمة من القیام بأعمالها، لذلک نقترح النص الاتی (اذا تعذر تشکیل هیئة المحکمة لعدم وجود عدد کاف من القضاة او لاستحالة قیام المحکمة بأعمالها بسبب القوة القاهرة فان للمحکمة ان تقرر نقل الدعوى).
الفرع الثانی : نقل الدعوى المدنیة لدواعی امنیة :
یعد النقل من التدابیر الاحترازیة التی تنبه الیها المشرع خشیة وقوع اضرابات تخل بالأمن والسکینة فی المنطقة التی تقع فیها المحکمة المقامة امامها دعوى معینة ، وحسنا فعل المشرع عندما اطلق النص ولم یحدد الجهة التی یخل امنها فالأمر لا یتعلق ما بین الخصوم وما ینجم عن الخلافات العشائریة والنفوذ الذی یتمتع به احد الخصوم او التأثیر على الشهودوانما الإخلال بالأمن الشخصی للقضاة ایضاً یؤثر على اداء مهامهم القضائیة فهم مواطنون من جهة وانهم المعنیون بتولی المهمة القضائیة وبالتالی توفیر مستلزمات ممارسة هذه المهمة ومن اهمها کفالة امنهم الشخصی الذی یمکن ان یتحقق بوسائل عدة من ضمنها نقل الدعوى المدنی، وهذا الامن اکدت علیه الدساتیر.
ولکن السؤال الذی یمکن ان یطرح فی هذا المقام هل سیتحقق الامن بنقل الدعوى؟ نرى ان اتخاذ التدابیر الوقائیة من خلال توفیر قوى الامن وتدخل الجهات الاداریة لتوفیر الامن ومنع الاخلال به من الوسائل اللازمة للحفاظ على الامن والسکینة لرؤیة الدعوى بدلا من نقلها، اذ لا جدوى فیه لتصور قیام الاخلال فی المحکمة المنقولة الیها الدعوى.
ثالثاً : نقل الدعوى المدنیة لأی سبب تراه محکمة التمییز مناسباً :
لقد منح المشرع العراقی محکمة التمییز سلطة تقدیریة واسعة بشان الاسباب التی تدعو لنقل الدعوى المدنیة واشار فی الشق الاخیر من المادة (97) الى "او لأی سبب اخر تراه محکمة التمییز مناسباً" ان ما یلاحظ على موقف المشرع العراقی بشان الاسباب التی تدعو الى نقل الدعوى المدنیة انه موقف متباین، فتارة یعطی امثلة لتلک الاسباب وتارة اخرى یطلقها لتقدیر محکمة التمییز وکان الاجدر به ان یتخذ موقفاً محدداً حیال ذلک، فکما اشرنا ان نقل الدعوى یعد استثناء من حیث الاصل، والمعروف فی عرف القانون ان الاستثناء لا یجوز التوسع فیه ولا یجوز القیاس علیه، ویکون العمل به فی اضیق نطاق، وتبدو العلة فی دعوتنا للمشرع العراقی فی تحدید الاسباب على سبیل الحصر والتحدید ولیس على سبیل المثال النأی بمحکمة التمییز عن الخوض بمسائل فی غنى عنها والتی قد لا تمت الى الحقیقة بشیء، فضلا عن تعارض قراراتها وتناقضها، اضف الى ذلک التأخیر فی حسم الدعوى، وهذا على حساب استقرار الحقوق والمراکز القانونیة، لذلک ندعو المشرع العراقی الاخذ بذات الاتجاه الذی سار علیه المشرع اللبنانی بتحدید تلک الاسباب على سبیل الحصر.
المبحث الثالث
اجراءات نقل الدعوى المدنیة ومصیرها
نحاول من خلال هذا المبحث ان نسلط الضوء على المسائل الإجرائیة الهامة التی تتعلق بموضوع نقل الدعوى المدنیة من خلال جملة من المسائل اضف الى ذلک الاثر القانونی المترتب على النقل، لذلک ارتأینا ان نقسم هذا المبحث الى مطلبین وعلى النحو الاتی :
المطلب الاول : اجراءات نقل الدعوى المدنیة
المطلب الثانی : مصیر الدعوى المدنیة المنقولة
المطلب الاول
اجراءات نقل الدعوى المدنیة
اذا ما اقیمت الدعوى المدنیة فان ذلک یتبعه عدد من الاجراءات القضائیة المتتابعة التی یتلو الواحد منها الاخر، على اعتبار ان ذلک فی مجمله یشکل ظاهرة متحرکة والتی تمر بثلاث مراحل رئیسیة تمثل تدرجا منطقیاً فی تحقیق غایتها وهی مرحلة افتتاح الخصومة، تلیها مرحلة الموافقة او تحقیق الدعوى، ثم تنتهی بمرحلة الحکم، وهذه الخصومة متى ما بدأت بالمطالبة القضائیة وجب ان تستمر فی نشاطها وتتابع اجراءاتها على وفق الترتیب المرسوم لها حتى تصل الى نهایتها الطبیعیة بصدور الحکم فی موضوعها، وان کان هذا هو السیاق الذی یجب ان تکون علیه الخصومة المدنیة فی حالتها الصحیة، الا انه قد تظهر معوقات سواء فی بدء الدعوى او اثناء سیرها, من شانها ان تؤثر بشکل او باخر على سیر الاجراءات التی تشکل الخصومة المدنیة، من بین تلک المعوقات، الاسباب القانونیة التی اشار الیها المشرعوالتی تستلزم التدخل من قبل المشرع برسم السلوک او الاجراء القضائی لمواجهة تلک المعوقات، هذا الاجراء بحد ذاته لابد ان یکون وفق الیات محددة وخطوات ثابتة لکی یکون على اتم وجه، من هناک نطرح التساؤل الاتی : ماهی اجراءات نقل الدعوى المدنیة؟ هل نظم المشرع تلک الاجراءات؟ من اجل ان نجیب على هذا التساؤل لابد ان نقف على جمیع الخطوات التی یتم بها اجراء نقل الدعوى المدنیة, ابتداءً من تقدیم الطلب وحتى صدور قرار محکمة التمییز بالموافقة او الرفض، لکی نشخص مواطن الغموض والنقص الذی یعتری التنظیم القانونی لهذا الاجراء من قبل المشرع.
فلو رجعنا الى نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة العراقی لوجدنا انها لم تحدد الجهة التی لها الحق بتقدیم طلب نقل الدعوى المدنیة، وهذ یعنی ان لکل من الخصوم والمحکمة وحتى الجهات الاداریة الاخرى الحق بتقدیم طلب نقل الدعوى, وهذا على خلاف موقف المشرع اللبنانی الذی حدد تلک الجهات واشار الى ان هناک حالات یحق لاحد الخصوم تقدیم طلب النقل وحالات اخرى یحق للنائب العام لدى محکمة التمییز تقدیم ذلک الطلب.
وبصدد تقییم موقف کلا التشریعین من ذلک نرى ان المشرع اللبنانی یبدو اکثر توفیقا من المشرع العراقی، والعلة التی دعتنا ان نقول ذلک هو ان طلب نقل الدعوى المدنیة استثناء من الاصل العام والمعروف فی فقه القانون ان الاستثناء لا یجوز التوسع فیه ولا القیاس علیه، لذلک ندعو المشرع العراقی ان یعدل من نص المادة (97) من قانون المرافعات ویحدد الجهات التی لها الحق بتقدیم طلب نقل الدعوى لکی لا تتسع دائرة تقدیم الطلبات على حساب استقرار الحقوق والمراکز القانونیة، لان فی ذلک اطالة امد النزاع لحین البت فی طلب النقل.
وما دمنا بصدد اجراءات نقل الدعوى المدنیة فإننا نشیر الى ان المشرع العراقی لم یشر فی نص المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة الى الکیفیة التی تنظر بها محکمة التمییز طلب نقل الدعوى بل اکتفى فقط بالإشارة الى ان القرار بنقل الدعوى من عدمه یکون من قبل محکمة التمییز، فی حین نجد ان المشرع اللبنانی اشار الى ان طلب نقل الدعوى یجب ان ینظر على وجه السرعة ودون حاجة الى ادخال الخصوم فی المحاکمة ویعین فی قرارها المحکمة التی تنقل الیها الدعوى والتی تکون فی ذات الصنف والدرجة ویحال الیها الملف.
لذلک ندعو المشرع العراقی ان یبین الالیة التی تنظر بها محکمة التمییز طلب نقل الدعوى لما قد یترتب على عدم بیان ذلک ما یلی :
فی ضوء ما تقدم، فإننا نقترح النص الآتی: "على محکمة التمییز ان تنظر فی طلب نقل الدعوى خلال مدة اقصاها عشرة ایام تبدأ من تاریخ تقدیم الطلب الیها".
المطلب الثانی
مصیر الدعوى المنقولة
نحاول من خلال هذا المطلب الاجابة على جملة من التساؤلات فیما یتعلق بمصیر الدعوى المنقولة من تلک التساؤلات: ما هو مصیر الرسوم القضائیة المسددة قبل تقدیم طلب نقل الدعوى المدنیة؟، هل بالإمکان تقدیم طلب اخر بنقل الدعوى المدنیة لذات الدعوى التی تم نقلها؟، ماهی القوة الملزمة لقرار محکمة التمییز بالنسبة للمحکمة المنقولة الیها الدعوى؟ هل یمکن الطعن بقرار محکمة التمییز بنقل الدعوى من عدمه؟ ما هو مصیر الاجراءات التی تم اتخاذها قبل تقدیم طلب نقل الدعوى المدنیة؟ ان اجابة جمیع هذه التساؤلات المطروحة یمکن ان تبین لنا مصیر الدعوى المدنیة المنقولة، ففیما یتعلق بمصیر الرسوم القضائیةالتی تم دفعها، فالمعلوم ان الدعوى المدنیة لا تعتبر قائمة الا من تاریخ دفع الرسم عنها او من تاریخ صدور قرار القاضی بالإعفاء من الرسوم القضائیة او تأجیلها، فیما یعنی ان المحکمة التی طلب نقل الدعوى منها تبقى محتفظة بالرسم القضائی، ولا یقدم رسم جدید امام المحکمة التی نقلت الیها الدعوى بقرار من محکمة التمییز، والدلیل على ذلک ان المشرع العراقی لم ینص على ذلک فی المادة (97) مرافعات مدنیة عراقی، ثم ان قرار النقل من عدمه لاحق على قیام الدعوى فلو لم تکن کذلک لانعدم المحل الذی یرد علیه النقل، وهذا یعنی ان صندوق المحکمة التی اقیمت امامها الدعوى یبقى محتفظاً بالرسوم القضائیة، ولکن السؤال الذی یطرح بهذا الصدد ماذا لو کان الرسم مؤجلاً وتحقق یسر المؤجل له، الرسم هل یسدد للمحکمة التی اقیمت امامها الدعوى ام للمحکمة المنقول الیها؟ نرى فی ظل غیاب التنظیم التشریعی لذلک ان الرسم القضائی یجب ان یقدم الى المحکمة التی اقیمت امامها الدعوى اولاً، والعلة فی ذلک ان المحکمة المنقولة الیها الدعوى ما علیها سوى النظر فی الدعوى بعد ان قررت محکمة التمییز نقل الدعوى الیها.
اما عن اجابة السؤال المتعلق بإمکانیة نقل الدعوى المدنیة لذات الدعوى المنقولة؟ ان السؤال اثیر عن افتراض تحقق ذات الاسباب التی اشار الیها المشرع العراقی فی المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة امام المحکمة المنقولة الیها الدعوى المدنیة، ان المشرع العراقی، فی المادة المشار الیها انفاً قد اطلق النص، واستناداً الى القاعدة التی تقضی بان المطلق یجری على اطلاقه، فلا مانع من تقدیم طلب نقل الدعوى مرة اخرى اذا تحققت الاسباب التی تدعو الى نقلها، فالغایة من نقل الدعوى هو نظرها فی اجواء صحیة من الناحیة الامنیة والقانونیة والقضائیة،، ولکن قد یثار تساؤل ان مثل ذلک التکرار سیکون تکراراً سلبیاً، اذ سیجعل الدعوى تدور فی حلقة مفرغة بالإضافة الى ان ذلک انه یؤدی الى اطالة امد النزاع، لذلک نقترح النص الاتی: "لا یجوز نقل الدعوى من محکمة الى اخرى اکثر من مرة واحدة، الا اذا رات محکمة التمییز ما یقتضی ذلک لحسن سیر العدالة".
اما عن سؤال القوة الملزمة لقرار محکمة التمییز بالنسبة للمحکمة المنقولة الیها الدعوى؟ ترتبط الجهات القضائیة مع بعضها باعتبارها منظومة قضائیة واحدة وهناک تدرج قضائی ما بین جهات القضاء، فمحکمة التمییز هی اعلى هیئة قضائیة فی الدولة التی تمارس الرقابة القضائیة على جمیع المحاکم وذلک لأنها اعلى جهة قضائیة فی الدولة ولان الموضوع المعروض علیها اخطر بکثیر من مجرد الفصل فی موضوع النزاع، لأنه یتصل بمراقبة المحاکم عند تطبیقها للقانون تطبیقاً سلیماً والعمل على توحید المنطق القضائی بحیث یکون تطبیق القانون من قبل المحاکم مطابقاً للقانون کما اراده المشرع، وهذا یعنی ان قرار محکمة التمییز بنقل الدعوى یکون ملزماً لیس فقط للمحکمة التی اقیمت امامها الدعوى، وانما ملزماً للمحکمة المنقولة الیها الدعوى.
وفیما یتعلق بإمکانیة الطعن بقرار محکمة التمییز بقبول نقل الدعوى من عدمه، نجد ان هذا القرار باتاً لا یمکن الطعن فیه عن طریق الطعن بتصحیح القرار التمییزی، وحسناً فعل المشرع بعدم الاشارة الى امکانیة ذلک، وسکوت المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة عن ذلک، ویبدو ان النص على امکانیة الطعن انما یتعارض مع موقف المشرع العراقی فی تحدید الحالات التی یمکن الطعن بها بطریق تصحیح القرار التمییزی هذا من ناحیة ومن ناحیة اخرى ان جواز امکانیة الطعن یؤدی اطالة امد النزاع وهذا یتعارض مع حکمة وفائدة نقل الدعوى المدنیة التی تتطلب ان یکون اصدار القرار بطریقة مستعجلة، ومع ذلک کان الاجدر بالمشرع العراقی ان ینص على ان قرار محکمة التمییز بنقل الدعوى المدنیة قرار بات لا یجوز الطعن به لقطع الشک حیال ذلک.
اخیراً، فیما یتعلق بمصیر الاجراءات المتخذة قبل قرار نقل الدعوى وهل تستمر المحکمة المراد نقل الدعوى من امامها بالإجراءات؟ بالرجوع الى موقف المشرع العراقی نجد ان المادة (97) من قانون المرافعات المدنیة لم تشر الى ما یتعلق بمصیر الاجراءات فی حین ان المشرع اللبنانی قد نص على ذلک، بان السیر فی الاجراءات تقف بمجرد تقدیم طلب نقل الدعوى, ومن هنا ندعو المشرع العراقی الى النص على استئناف سیر الاجراءات من النقطة التی وصلت الیها الدعوى، اختصاراً للوقت والجهد والنفقات وتلافی ظاهرة الهدر الاجرائی.
الخاتمـة
فی ختام بحثنا الموسوم بـ(نقل الدعوى المدنیة ـ دراسة تحلیلیة مقارنة) فإننا توصلنا الى جملة من النتائج والتوصیات التی نأمل ان تؤخذ بعین الاعتبار ونعرضها على النحو الاتی:
اولا ً : النتائج :ـ
ثانیاً : التوصیات
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Arabic dictionaries:
Second: Legal books:
Third: Laws:
Fourth: Constitutions: