الملخص
نتیجة لتعدد سلطات الضبط الإداری العام والخاص، قد یحدث أن تتداخل هذه السلطات لا سیما إذا کانت تهدف غرضاً وحداً. لذلک تلخصت الدراسة فی البحث بشأن الحل القانونی لمواجهة هذه الحالة بخصوص عنصر الصحة العامة، وبیان سلطات الضبط الإداری على المستوى الوطنی والمستوى المحلی، إذ غالباً ما تکون الأولى سلطاتٌ للضبط الخاص والثانیة للضبط العام، ویحصل بینهما تنازع وتزاحم فی معالجة المسألة. ثم بیّنا الإجراءات الضبطیة التی یمکن ان تتخذها السلطات الضبطیة العامة لمواجهة الجائحة وشروط مشروعیتها ومدى تنازعها مع سلطات الضبط الإداری الخاص. وخلصنا فی نهایتها الى الحلول القضائیة التی وضعها مجلس الدولة الفرنسی بهذا الشأن. وأوردنا عدداً من أحکام القضاء المستعجل التی عالجت مسألة التنازع والتداخل بین نوعی السلطات.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
الجديد في البحث
الجدید فی البحث:
الجدید فی البحث هو االمعالجة القانونیة لمسالتین:
المسألة الاولى: تحدید سلطات الضبط الإداری فی حمایة عنصر الصحة العامة بشکل عام، ومواجهة جائحة کوفید-19 بشکل خاص.
المسالة الثانیة: صور تنازع سلطات الضبط الإداری العام والخاص فی مواجهة الظروف الصحیة الطارئة، والحلول القضائیة لحل هذا التنازع.
أصل المقالة
تنازع اختصاصات الضبط الإداری العام والخاص فی مجال حمایة الصحة العامة تنازع إجراءات مواجهة
وباء کوفید 19 نموذجاً -دراسة مقارنة-(*)-
The conflict of public and private administrative police powers in the area of public health protection:
Covid-19 mitigation measures examples -A comparative study-
علی یونس إسماعیل کلیة القانون والعلوم السیاسیة/ جامعة دهوک Ali Younus Ismael College of law and political science/ University of Duhok Correspondence: Ali Younus Ismael E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 22/8/2020 *** قبل للنشر فی 16/9/2020.
(*) received on 22/8/2020 *** accepted for publishing on 16/9/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.128119.1101
© Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
المستخلص
نتیجة لتعدد سلطات الضبط الإداری العام والخاص، قد یحدث أن تتداخل هذه السلطات لا سیما إذا کانت تهدف غرضاً وحداً. لذلک تلخصت الدراسة فی البحث بشأن الحل القانونی لمواجهة هذه الحالة بخصوص عنصر الصحة العامة، وبیان سلطات الضبط الإداری على المستوى الوطنی والمستوى المحلی، إذ غالباً ما تکون الأولى سلطاتٌ للضبط الخاص والثانیة للضبط العام، ویحصل بینهما تنازع وتزاحم فی معالجة المسألة. ثم بیّنا الإجراءات الضبطیة التی یمکن ان تتخذها السلطات الضبطیة العامة لمواجهة الجائحة وشروط مشروعیتها ومدى تنازعها مع سلطات الضبط الإداری الخاص. وخلصنا فی نهایتها الى الحلول القضائیة التی وضعها مجلس الدولة الفرنسی بهذا الشأن. وأوردنا عدداً من أحکام القضاء المستعجل التی عالجت مسألة التنازع والتداخل بین نوعی السلطات.
الکلمات المفتاحیة: سلطات الضبط الإداری، الصحة العامة، حالة الطوارئ الصحیة، کوفید- 19، الإجراءات الضبطیة.
Abstract
As subsequences of having multi- public and private administrative police authorities, occasionally administrative authorities overlap with each other especially when they have the same purpose. This study focuses on finding legal solution to encounter this overlapping pertaining to public health component, and to administrative policy authorities at the local and national level where the first one is a private regulation authority, and the second is a public regulatory authority. This study also explains the measures that the public police authorities may take to confront the pandemic, legality of these measures, and where they contradict with the measures of the private regulatory authority. The study concludes by analyses the judicial solutions established by French Council of State focusing on its summary judgments addressing conflict and overlapping measures between the two authorities.
Key words: administrative police authorities, public health, health emergency state, Covid-19, police procedures.
المقدمـة
تمتاز مهمة الإدارة فی الحفاظ على النظام العام المجتمعی بأهمیة کبیرة، فهی وظیفة مناطة بها قانوناً، تمارسها فی نطاق المشروعیة، وتختص بها سلطات الضبط الإداری. وتمتلک هذه السلطات الإداریة الضبطیة وسائل وإجراءات قانونیة ومادیة متعددة فی سبیل تحقیق هذه الوظیفة. وهذه السلطات الضبطیة مقسمة إلى سلطات الضبط الإداری العام، تعمل على صیانة عناصر النظام العام وحمایتها، وسلطات الضبط الإداری الخاص المسند لها حمایة عنصر بعینه من هذه العناصر وذلک بموجب تشریع یصدر لهذا الغرض. وبسبب الظروف الصحیة التی یمر بها العالم، بات عنصر الصحة العامة فی مقدمة عناصر النظام العام الذی یولى اهتماماً خاصاً من جمیع سلطات الضبط الإداری فی الدولة.
أهمیة الموضوع: بعد انتشار وباء کورونا، أو ما یسمى علمیاً بـ(کوفید 19)، سارعت جمیع الدول إلى اتخاذ الإجراءات الوقائیة لمواجهة هذه الجائحة، وهذه الإجراءات هی فی الاصل تدخل ضمن سلطات الضبط الإداری فی الحفاظ على عنصر الصحة العامة، ونظراً لحالة الاستعجال وعدم کفایة الوسائل القانونیة العادیة لمواجهة الخطر الناشئ عن هذه الجائحة فی الدول محل الدراسة (فرنسا والعراق)، تطلب الأمر إیجاد سلطات ضبطیة خاصة تعمل على الحد من انتشار الجائحة، ومنحها سلطات ضبطیة استثنائیة. وعلیه تظهر أهمیة البحث فی الوقوف على هذه الإجراءات الضبطیة وتنازعها لاتصالها بعنصر مهم من عناصر النظام العام وهو عنصر الصحة العامة.
مشکلة الدراسة: تظهر مشکلة الدراسة فی نقطة اساسیة، وهی المشکلة القانونیة التی تنتج عن تداخل اختصاص ات سلطة الضبط الإداری العام مع سلطة الضبط الإداری الخاص فی مجال الصحة العامة. ومدى مشروعیة ذلک. ولا سیما حین تطبیقها بخصوص إجراءات مواجهة جائحة کورونا.وهذا یعنی أن المشکلة تکمن فی السؤال الذی مفاده: هل یجوز لمن صدر بحقه قرار ضبطی عام یقید من حریته بهدف الحفاظ على عنصر الصحة العامة أن یطعن بهذا القرار مدعیاً بان مثل هذه القرار یدخل فی اختصاص سلطة الضبط الإداری الخاص؟.
منهجیة الدراسة: تتناول الدراسة الموضوع بمنهاج مقارن بین القانون الفرنسی والقانون العراقی والمعالجة التشریعیة لمواجهة الوباء. ونظراً لانعدام القرارات القضائیة فی العراق بشان مشکلة تنازع الاختصاص ات الضبطیة، فتقتصر الدراسة على دراسة الحلول القضائیة الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسی ومحاکمه الإداریة، وذلک لما کان له من دور بارز فی معالجة هذه المشکلة القانونیة فی ظل الظروف الصحیة الطارئة.
خطة الدراسة: تطلبت الدراسة تقسیم الموضوع إلى مباحث ثلاثة،یختص الاول منها بمفهوم الضبط الإداری وانواعه. أما المبحث الثانی فجرى تخصیصه للتنظیم القانونی لاختصاص الضبط الإداری فی مجال حمایة عنصر الصحة العامة. واختتمنا الدراسة بمحث ثالث تناول موضوع التداخل بین سلطات الضبط الإداری العام والخاص فی مواجهة جائحة کورونا (کوفید 19).
المبحث الأول
مفهوم الضبط الإداری وسلطاته
الضبط الإداری، وظیفة من وظائف الإدارة العامة، هدفه الأساسی الحفاظ على النظام العام من خلال إصدار القرارات الإداریة بأنواعها، واستخدام القوة المادیة عند الضرورة. ولکون دراستنا تتصل بتنازع اختصاص ات هیئات الضبط الإداری العام والخاص فی مجال الحفاظ على عنصر الصحة العامة فذلک یستوجب الوقف بدایة على مفهوم الضبط الإداری وأنواعه وسلطاته، وصور التنازع بین سلطات الضبط العام والخاص وذلک فی مطالب ثلاثة:
المطلب الاول
مفهوم الضبط الإداری
إن مصطلح الضبط الإداری فی القانون الإداری له أکثر من معنى فی الوقت نفسه، فهو له معنى تنظیمی، الذی یحدد فکرة التنظیم بالمعنى الشامل (معنى مادی)، وتشمل جمیع الإجراءات التی تتخذها الأجهزة المختصة من أجل الحفاظ على النظام العام. أما المعنى العضوی، فیشمل جمیع الأجهزة الضبطیة المختصة التی تتمثل مهمتها فی ضمان الحفاظ على النظام. فیکون الضبط الإداری بهذین المعنیین أسلوب للنشاط الإداری الذی یهدف إلى صیانة النظام العام أو استعادته حینما یُخترق أو یعتدى علیه. وللوقوف على مفهوم الضبط الإداری بشک أکثر دقة لا بد من بیان أنواعه أولاً، والسلطات أو الهیئات التی تمارسه ثانیاً:
أولاً-انواع الضبط الإداری: ینقسم الضبط الإداری إلى ضبط إداری عام وضبط إداری خاص:
1- الضبط الإداری العام: الضبط الإداری یتکون من سلطة اتخاذ أی إجراء قابل للتطبیق على جمیع الأفراد فی إقلیم محدد، ویهدف إلى حمایة النظام العام فی معناه الواسع. فهو إذاً نشاط مهمته اتخاذ جمیع الإجراءات اللازمة من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعی. والضبط الإداری بمعناه العام یستغرق هذه المهمة وصولاً إلى غایة أسمى وهی الحفاظ على النظام العام الذی یتألف بشکل جوهری من عناصر ثلاث تقلیدیة، هی الأمن العام والصحة العامة والسکینة العامة.
2- الضبط الإداری الخاص: یتوافق الضبط الإداری الخاص مع الضبط الإداری العام فی أنه مجموعة أنشطة للرقابة والإشراف تهدف إلى حمایة السلم المجتمعی، غیر أن هذا لا ینفی وجه الاختلاف بینهما، فبینما یمارس الضبط الإداری العام هذه المهمة من خلال حمایته للنظام العام الذی یتألف من العناصر المشار لها مسبقاً، فإن الضبط الإداری الخاص یمارس هذه المهمة من جانبه من خلال السعی وراء تحقیق أهداف معینة ومحددة، تحددها له النصوص القانونیة من أجل تدارک الاضطرابات فی مجال محدد، وباستخدام وسائل أکثر تحدیداً، وتتلاءم فنیاً مع ذلک المجال، وهی بشکل عام اکثر تشدداً.
ثانیاً- تمییز الضبط الإداری الخاص عن الضبط الإداری العام:
وکثیراً ما تختلف أغراض الضبط الإداری الخاص عن تلک التی تمیز النظام العام، وإن مجرد معرفة هذه الأهداف تکفی لتمییز الضبط الإداری الخاص عن الضبط الإداری العام، کما ویمکن التعرف على الضبط الإداری الخاص ایضاً من خلال تحدید السلطات التی تمارسه، ومن خلال إجراءاته, وهذا یتطلب بحثاً فی هذه التفاصیل، وعلى الشکل التالی:
أ- الضبط الإداری الخاص من حیث أهدافه: وهذا النوع من الضبط الإداری الخاص یتمیز باختلاف أغراضه عن أغراض الضبط الإداری العام فی الصحة العامة والأمن العام والسکینة العامة ، والتی تشکل بمجموعها عناصر النظام العام. ومنها فی فرنسا على وجه الخصوص شرطة المعالم أو النصب التاریخیة بحسب المادة (L.621-1) من قانون التراث، وبإشراف وزارة الثقافة لغرض حمایة التراث الثقافی.
ومن الأمثلة على الضبط الإداری الخاص فی العراق من حیث أهدافه قانون حمایة الآثار والتراث لسنة 2002، الذی یهدف إلى حمایة الآثار والتراث فی العراق باعتبارهما من أهم الثروات الوطنیة، وذلک من خلال صیانة الآثار والتراث والمواقع التاریخیة من التلف والضرر والاضمحلال، وغیرها من المهام التی أسندها القانون إلى السلطة الآثاریة المتمثلة فی الهیئة العامة للآثار والتراث وغیرها من السلطات التی یمکن أن تشارک فی هذه المهمة الضبطیة.
ب- الضبط الإداری الخاص من حیث القائمین به: وهذا المعیار المعتمد والذی نعول علیه فی دراستنا، وتشمل هذه الفئة الثانیة من سلطات الضبط الخاص، وهی السلطات التی تختص باتخاذ الإجراءات التی تأمر بها النصوص التشریعیة للسعی وراء تحقیق غرض واحد أو أکثر من الأغراض المتصلة بالعناصر التی تشکل النظام العام، ولکنها تخرج عن دائرة الضبط الإداری العام فی ضوء الهیئات أو الجهات الإداریة التی تقوم بها بموجب تلک النصوص القانونیة. ومثالها فی فرنسا الضبط الخاص باستبعاد الاجانب فی الحالات الاستثنائیة الملحة او الطارئة، حسب ما جاءت به المادة (L.522-1) من قانون دخول وإقامة الأجانب والحق فی اللجوء، حیث یحدد النص الجهات التی تمارس مهمة استبعاد الاجنبی فی الحالات الطارئة، والشروط الواجب توفرها لاستبعاد الأجانب فی الظروف غیر الطارئة، إذ یکون لوزیر الداخلیة طرد الأجنبی فی تلک الحالات الطارئة، وبخلافه لا یجوز استبعاده ما لم تستنفذ الإجراءات والشروط المنصوص علیها فی هذه المادة. ومن الأمثلة الأخرى الضبط الخاص شرطة السکک الحدیدیة تحت إشراف وزیر النقل، حسب ما ورد فی المرسوم 22 آذار1942. وشرطة الطیران حسب المادة (L.131-3) من قانون الطیران المدنی تحت إشراف وزیر الطیران المدنی ووزیر الداخلیة ووزیر الدفاع. إن هذه الأمثلة من الضبط الإداری غرضها الأساسی حمایة الأمن العام، ولکنها تدخل ضمن الضبط الإداری الخاص لأن من یمارسها هم من الوزراء - وهم على التوالی وزیر الداخلیة ووزیر الطیران المدنی ووزیر النقل- والوزراء فی القانون الفرنسی لا یعدون من سلطات الضبط الإداری العام.
وعلى النهج نفسه، تعد الشرطة الخاصة بالمؤسسات الخطیرة سواء غیر الصحیة أو التی تصدر ضوضاءً، ضبطاً إداریاً خاصاً على الرغم من أنها تهدف إلى حمایة النظام العام فی عناصره الثلاثة التقلیدیة، لأن ممارستها منوطة بالمحافظین (les préfets) بموجب المادة (L.512-1) من قانون البیئة. ولو أن هذه المهمة تُرکت للضبط الإداری العام لکانت تدخل ضمن اختصاص ات رئیس البلدیة (le maire).
ومن الأمثلة على هذا النوع من الضبط الإداری الخاص هم ما ینص علیه قانون حمایة وتحسین البیئة لسنة 2009، أذ یشکل مجلس یسمى مجلس حمایة وتحسین البیئة، ویقع من ضمن اختصاص اته الحفاظ حمایة المیاه والهواء من التلوث والحد من الضوضاء. وکذلک قانون الوقایة من الإشعاعات المؤذیة الذی نص على تشکیل کل من هیئة الوقایة من الإشعاع و مرکز الوقایة من الإشعاع، مهمة المرکز هو منح إجازة التشغیل التجریبی لمصادر الاشعاع ومنح اجازة التشغیل المستمر لمصادر الاشعاع والموافقة على تشغیل الاشخاص فی حقول الاشعاع. کما تختص الهیئة بإصدار تعلیمات تحدد شروط منح الاجازة والاجراءات والخطوات اللازمة لذلک. کذلک تصدر الهیئة بیانات مرقمة تتعلق بمصادر الإشعاع ووسائل الوقایة منها ووحدات قیاس الاشعاع والحدود القصوى المسموح بها للتعرض للإشعاع أو التلوث به، وکذلک الحدود القصوى المسموح بها لترکیز المواد المشعة فی الماء والهواء.
المطلب الثانی
تقسم سلطات الضبط الإداری
یرتبط تقسیم الاختصاص بین سلطات الضبط الإداری ارتباطاً وثیقاً بالتنظیم الإداری من جهة، وطبیعة الموضوع الذی ینظم اختصاص اها من جهة أخرى. لذلک یمکن تقسیمها إلى سلطات الضبط على المستوى الوطنی وسلطات الضبط على المستوى المحلی. کما وتنقسم إلى سلطات ضبط إداری عام وسلطات ضبط إداری خاص. ومع ذلک، یحدث تقسیم سلطات الضبط الإداری نوعاً من الصعوبة، إذ یمکن أن یحدث أن تکون السلطة نفسها سلطة ضبط إداری على المستوى الوطنی أحیاناً وسلطة ضبط على المستوى المحلی أحیاناً أخرى,کما یمکن للسلطة نفسها أن تمارس سلطات الضبط الإداری العام فی بعض الحالات علاوة على سلطات الضبط الإداری الخاص فی حالات أخرى، وهنا سنبحث سلطات الضبط الإداری على وفق تقسیمها إلى سلطات الضبط الإداری على المستوى الوطنی وأخرى على المستوى المحلی. وسنحاول فی ضوء ذلک بیان تلک التی تعد سلطة ضبطیة عامة وتلک التی تعد سلطة ضبطیة خاصة.
أولاَ- سلطات الضبط الإداری على المستوى الوطنی: من المعروف فی فرنسا أنه یعود لرئیس الوزراء الفرنسی، وبواسطة صلاحیاته الخاصة تحدید تدابیر الضبط الإداری العام التی تنطبق على کامل الإقلیم الفرنسی. وقد أکد المجلس الدستوری هذا الحل معتبراً أن أحکام المادة 34 من الدستور التی تنص على أن القانون وحده ینص على "الضمانات الأساسیة الممنوحة للمواطنین لممارسة الحریات العامة" لا تسحب من رئیس الوزراء سلطات الضبط الإداری العام التی کان یمارسها سابقا تحت سلطاته الخاصة وخارج أی سلطة تشریعیة. ویمتلک رئیس الوزراء أیضاً إمکانیة تبنی القرارات الوزاریة المتخذة فی مجال الضبط الإداری، شریطة أن یکون نطاق التدبیر المقرر اتخاذ ه والغرض منه محدداً على وجه دقیق.
أما فیما یخص صلاحیات الوزراء فی مجال الضبط الإداری العام، فإن الوزیر لا یملک أی سلطة فی مجال الضبط الإداری العام، غیر أن هذا الکلام قد یبدو أحیاناً غیر صحیح على إطلاقه، إذ یحدث أن یتدخل وزیر الداخلیة أحیاناً فی بعض إجراءات الضبط الإداری العام، وذلک لیس لکونه یمتلک اختصاص اً أصیلاً فی هذا المجال، وإنما لکونه رئیساً أعلى لموظفین یختصون بتطبیق وتنفیذ تلک الإجراءات. ولکن الأمر مختلف بشأن الضبط الإداری الخاص، إذ الوزراء من حیث المبدأ هم السلطة المختصة فی هذا المجال، وذلک بموجب النصوص القانونیة، کالضبط الخاص بعرض الأفلام السینمائیة الذی یدخل ضمن اختصاص وزیر الثقافة.
والضبط الخاص بتنظیم إقامة الأجانب الذی یدخل فی اختصاص وزیر الداخلیة.
ولا یختلف الحال کثیراً بخصوص سلطات رئیس مجلس الوزراء والوزراء فی العراق، فالوزراء فی الغالب لیس لهم سلطات ضبطیة عامة ما لم یعهد لهم المشرع فی القانون سلطة الحفاظ على النظام العام أو صیانته فی جانب من جوانبه، فیعدون والحالة هذه من سلطات الضبط الإداری الخاص، إذ تنص المادة (86) من الدستور على أنه ینظم بقانون تشکیل الوزارات ووظائفها، واختصاص اتها، وصلاحیات الوزیر.
غیر أنه یُستثنى مما سبق وزیر الداخلیة، إذ یملک صلاحیات واسعة بموجب قانون وزارة الداخلیة ذی الرقم (20) لسنة 2016 فی الحفاظ على النظام العام، إذ تهدف الوزارة والأجهزة الإداریة التابعة لها فی جمیع الوحدات الإداریة المحلیة بموجب بنود المادة (1) من القانون إلى توطید النظام العام فی جمهوریة العراق وحمایة أرواح الناس وحریاتهم والأموال العامة والخاصة من أی خطر یهددها، والحیلولة دون ارتکاب الجرائـم ومکافحة الإرهاب بکافة أشکاله واتخاذ الإجراءات القانونیة بحق المتهمین بارتکابها.
ثانیاً- سلطات الضبط الإداری على المستوى المحلی: تتوزع سلطة الضبط الإداری على المستوى المحلی فی فرنسا بین کل رؤساء المجالس المحلیة على مستوى الوحدات الإقلیمیة اللامرکزیة، والمحافظ کونه ممثلاً للسلطة المرکزیة فی تلک الوحدات الإداریة:
أولاً- رئیس المجلس المحلی :
رؤساء المجالس المحلیة فی الوحدات الإداریة الإقلیمیة فی فرنسا ممن یمتلکون سلطة الضبط الإداری على مستوى وحداتهم الإداریة هم رؤساء مجالس البلدیات ورؤساء مجالس المقاطعات:
أ- رئیس البلدیة (le maire): ویعد أهم سلطة من سلطات الضبط الإداری العام، وتتنوع اختصاص اته بتنوع المواد القانونیة التی تتضمنها فی هذا المجال، فتنص المادة (L. 2212-1) من المدونة العامة للتجمعات الإقلیمیة على: " إن رئیس البلدیة مسؤول، تحت الرقابة الإداریة لممثل الدولة فی المقاطعة، عن الضبط الإداری المحلی للبلدیة ، والضبط الإداری فی الأریاف، و تنفیذ أعمال الدولة بشأنها".
وهذا مفاده أن رئیس البلدیة (العمدة) هو سلطة الضبط الإداری فی البلدیات(lescommunes)، ویمتلک صلاحیات الضبط الإداری العام لتنفیذ مهام الأمن العام والسکینة العامة والسلامة العامة. ویمارس سلطاته باسم البلدیة، و تحت الرقابة الإداریة للمقاطعة، وتسمح سلطة الضبط الإداری هذه لرئیس البلدیة بتطبیق تدابیر تنظیمیة وفردیة من أجل ممارسة اختصاص اته فی هذا المجال، والتی تشمل: الضبط الإداری المحلی، والضبط الإداری الخاص بالأریاف، وتنفیذ أعمال الدولة المتصلة بهما.
وبصرف النظر عن هذه الأحکام التی تمنح رئیس البلدیة اختصاص الضبط الإداری العام، فإن رئیس البلدیة - کونه سلطة ضبط إداری- یتمتع بصلاحیات الضبط الإداری الخاص أیضاً فی مجالات معینة بحسب مضمون المادة (L. 2213-1) وما یلیها من نصوص المدونة العامة للتجمعات الإقلیمیة، ومن هذه المواد القانونیة التی وردت فی المدونة نفسها تلک التی تتصل بشرطة المرور ووقوف السیارات (L. 2213-10 وما یلیها)، والمادة (2213-7.L) بشأن الضبط الخاص بالجنازات والدفن، والمادةL.2213-23)) بشأن الضبط المتعلق بالسباحة والریاضات المائیة.
ومن اختصاص اته أیضاً فی مجال تنظیم المرور فی الطرق العامة، ممارسة الضبط الخاص بحرکة المرور على الطرق الوطنیة وطرق المقاطعات وطرق الاتصال داخل التجمعات السکنیة، مع احترام السلطات التی أنیطت بالمحافظ على الطرق السریعة (الطرق الکبیرة)، والطرق خارج المجمعات السکنیة. إذ لا یختص رئیس البلدیة بتنظیم المرور ومواقف السیارات على الطرق فی المقاطعات التی تخضع لسلطة رئیس مجلس المقاطعة؛ والطرق الوطنیة (الطرق الوطنیة والطرق السریعة) التی تقع تحت سلطة الضبط الخاصة بالمحافظ. کما یجب التنویه إلى أنه تقع مسئولیة شرطة المطارات ومرافق الطیران، على عاتق المحافظ. ولا یمارس رئیس البلدیة أی سلطة للضبط العام على هذا النوع من الطرق. بمعنى أن رئیس البلدیة لیس له أی اختصاص ضبطی فیما یتعلق بالمجال الجوی.
وفی العراق، فلا یتمتع رئیس المجلس المحلی فی الوحدة الإداریة بهذه الصلاحیات الممنوحة لرئیس المجلس المحلی فی فرنسا، إذ یبقى دوره تنظیمیاً فی إدارة جلسات المجلس، فی حین یتمتع المجلس المحلی فی المحافظة وفی الوحدات الإداریة الأدنى ببعض الصلاحیات الضبطیة المستمدة من قانون مجالس المحافظات المرقم (21) لسنة 2008 المعدل، والتی تتمثل أغلبها فی المصادقة أو الموافقة، مثل الرقابة على جمیع انشطة دوائر الدولة فی المحافظة لضمان حسن اداء عملها و المصادقة على الخطط الأمنیة المحلیة المقدمة من قبل المؤسسات الأمنیة والصحیة فی المحافظة عن طریق المحافظ بالتنسیق مع الدوائر الأمنیة الاتحادیة مع مراعاة خططها الأمنیة والموافقة على اعلان منع التجول بأغلبیة الثلثین بناء على طلب المحافظ وبالتنسیق مع السلطات الاتحادیة المختصة فی الحالات التی تستدعی ذلک، الأمر الذی یمکن القول بأن هذه السلطات الإداریة هی سلطات ضبطیة عامة فی الوحدة الإداریة.
ب- رئیس مجلس المقاطعة: قبل صدور القانون 2 مارس 1982 فی فرنسا، والذی أعاد تنظیم الإدارة اللامرکزیة، کان المحافظ وحده الجهة التی تمتلک سلطات الضبط الإداری العام فی المقاطعات، غیر أن الوضع تغیر بصدور هذا القانون، إذ صار رئیس مجلس المقاطعة هومن یمتلک تلک السلطة، وحسب التنظیم الجدید للجهاز التنفیذی فی المقاطعة، فقد عهد إلیه الاختصاص فی ممارسة سلطات الضبط الإداری العام فی النطاق العام للمقاطعة، وصار من اختصاص ه على وجه الخصوص تأمین ضبط المرور فی قطاعات طرق المقاطعة والتی تقع خارج التجمعات السکنیة (خارج المدن)، کونه مسؤول قانوناً عن إدارة المقاطعة وبشکل خاص الضبط الإداری العام الذی تتطلبه هذه الإدارة.
ثانیاً- المحافظ (le préfet): وفقاً لأحکام المادة 34 من القانون المعدل رقم (82-213) الصادر فی 2 مارس 1982، فإن المحافظ فی المقاطعة مسؤول عن المصالح الوطنیة فیها، واحترام القوانین والنظام العام . ینظم وینسق عملیات منع تعرض نظام الأمن الداخلی للخلل، وهو أیضًا سلطة ضبط إداری خاص فی العدید من الحالات مثل الصید ومحطات السکک الحدیدیة والمطارات، بالإضافة إلى العدید من الفرضیات التی یغطیها القانون البیئی.
وبخصوص سلطاته الضبطیة على مستوى البلدیة (Commune)، فمن حیث المبدأ، وکجزء من صلاحیاته فی الضبط الإداری العام، یمکنه فقط اتخاذ إجراءات وتدابیر یتجاوز نطاقها إقلیم البلدیة، فلا بدّ للإجراء الضبطی العام الذی یتخذه المحافظ أن یکون متصلاً بشأن المقاطعة بأکملها، أو عن بلدیات معینة فقط، لأنه بخلاف ذلک یکون رئیس البلدیة هو المختص. علاوة على ذلک، فلا یمکن ممارسة هذا الاختصاص إلا إذا کانت هناک ظروف خاصة تتطلب ذلک. بمعنى أنه لا یستطیع المحافظ، من حیث المبدأ، اتخاذ أی إجراء للضبط الإداری العام بهدف تطبیقه على بلدیة واحدة، الأمر الذی سیکون له أثر التنافس مع سلطة الضبط الإداری العام لرؤساء البلدیات.
ومع ذلک، هناک حالات استثنائیة، حیث یتم تفویض المحافظ اتخاذ إجراءات الضبط التی یُقصد تطبیقها فی بلدیة معینة. وعلى سبیل المثال فإن القانون یسمح للمحافظ بأن یحل محل رئیس البلدیة، لاتخاذ التدابیر اللازمة للمحافظة على النظام العام فی حال بقاء الإجراءات التی اتخذها الأخیر دون جدوى أو لم یتخذ الإجراءات الکفیلة بمنع الاضطراب وذلک بعد انتهاء المدة المحددة للإخطار قانوناً. وعلى سبیل المثال أمر المحافظ رئیس بلدیة بحظر ترکیب الخیام والبیوت المتنقلة فی منطقة الفیضان داخل المخیم کونها منطقة خطر رئیسی. وبعد تجاهل رئیس البلدیة الإخطار الرسمی والذی مدته ثلاث أسابیع، صار للمحافظ الحلول محل رئیس البلدیة بشکل قانونی لاتخاذ الحظر فی مکانه. ومع ذلک، یجدر بالذکر أنه فی حالة الضرورة الملحة یعفى المحافظ حتى من توجیه إخطار إلى رئیس البلدیة قبل أخذ مکانه.
وبشکل یتوافق مع الوضع السابق أعلاه، یسمح للمحافظ بالحلول محل رئیس البلدیة فی حظر وصول المرکبات إلى ممرات معینة أو أجزاء من الممرات أو مناطق محددة فی واحدة أو أکثر من البلدیات، وبموجب قرار مسبب، إذا کان من الممکن أن یؤثر هذا السیر على هذه الممرات والقطاعات من حیث الهدوء العام، وحمایة الأنواع الحیوانیة أو النباتیة، أو حمایة المناطق الطبیعیة أو المناظر الطبیعیة أو المواقع أو تطویرها وجمالیتها أو البیئة أو الزراعة أو الغابات أو السیاحة.
وبخصوص المحافظ فی العراق، فإن اختلاف النظام القانونی له عن النظام القانونی لنظیره فی فرنسا، إذ أنه یعد رئیساً للوحدة الإداریة وأعلى سلطة تنفیذیة فیها إلى جانب کونه ممثلاً للسلطة المرکزیة فی الوحدة الإقلیمیة؛ یجعل منه سلطة ضبط إداری عام بموجب کل من البند (ثانیاً) والفقرة (1) من البند (عاشراً) من المادة (31) من قانون مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم، إذ ینص الأول على:” تنفیذ القرارات التی یتخذها مجلس المحافظة بما لا یعارض مع الدستور و القوانین النافذة “, بینما تنص الثانیة على أنه: ” للمحافظ سلطة الأمر على الاجهزة الامنیة المحلیة والتشکیلات المکلفة بواجبات الحمایة وحفظ الامن والنظام العام فی المحافظة ویستثنى من ذلک وحدات الجیش والتشکیلات الامنیة الاتحادیة“. ویکاد لا یختلف الوضع القانونی لرؤساء الوحدات الإداریة الأخرى (القائم مقام ومدیر الناحیة) عن الوضع القانونی للمحافظ، إذ یمکن عدهم سلطات ضبطیة عامة محلیة على مستوى وحداتهم الإداریة. کما أنه یمکن أن یکون المحافظ سلطة ضبط إداری خاص، وذلک لسببین، الأول کونه – کما ذکر سابقاً- ممثلاً للسلطة المرکزیة فی الوحدة الإداریة، یعمل على تنفیذ السیاسة العامة الموضوعة من قبل الحکومة الاتحادیة فی حدود المحافظة. وبذلک یمکن أن یخول من قبل سلطة ضبط إداری خاص (وزارة) بالقیام بمهمة من مهامها الضبطیة.أما السبب الثانی، فیمکن أن یعهد القانون إلى المحافظ بعض سلطات الضبط الإداری الخاص، ومثال ذلک ما نصت علیه المادة (7/ أولاً) من قانون حمایة وتحسین البیئة رقم 27 لسنة 2009 بخصوص ترأس المحافظ (مجلس حمایة وتحسین البیئة فی المحافظة).
المطلب الثالث
مظاهر تنازع سلطات الضبط الإداری العام والخاص
نکون أمام تنازع فی سلطات الضبط الإداری- أو کما یمکن أن نسمیه بالتنافس أو التزاحم فی اختصاص ات الضبط الإداری- عندما تتنافس أکثر من سلطة مختصة بالضبط الإداری لاتخاذ قرارات أو إجراءات تتصل بواقعة محددة وفی الظروف نفسها.
فمع تعدد سلطات الضبط الإداری على المستوى المحلی والوطنی، ومع تنوع الضبط الإداری إلى عام وخاص، فلا غرابة أن یقع نوع من التنازع أو التزاحم فی الاختصاص ات بین السلطات التی تمارس مهمة الضبط الإداری، وهذا التنازع قد یقع بین سلطات الضبط الإداری العام نفسها، وقد یقع بین سلطات الضبط الإداری العام وبین سلطات الضبط الإداری الخاص، وأخیراً قد یظهر التنازع بین سلطات الضبط الإداری الخاص. غیر أن ما یهمنا هو تنازع السلطات بین سلطة الضبط الإداری العام وسلطة الضبط الإداری الخاص، والتی یمکن ان تظهر فی الفرضیات التی سنتناولها فی أدناه:
أولاً- فرضیة اختلاف أهداف نوعی الضبط الإداری: إن وجود الضبط الإداری الخاص فی هذه الفرضیة لا یحول دون ممارسة الضبط الإداری العام، فلکل منهما غرضاً متمیزاً من غرض الآخر. فهما یکملان بعضهما أکثر من کونها یتنازعان أو یتزاحمان، فیمکن لرؤساء البلدیات، کونهم سلطات للضبط الإداری العام، حظر عرض بعض الأفلام، وتنظیم ممارسة الطیران. فهذه الإجراءات التی یقصد منها الحفاظ على النظام العام لا تتعارض أو لا تتزاحم مع إجراءات الضبط الإداری الخاص بشان الأفلام السینمائیة أو مسائل الطیران التی یمارسها وزیر الثقافة أو وزیر النقل عندما یستهدفان الحفاظ على الأخلاق والآداب العامة وأمن الطیران على المستوى الوطنی.
ویطبق الشیء نفسه بشأن الضبط الإداری الخاص فی مسائل الإعلانات أو الدعایة على الطرق العامة التی یعهد بها المشرع لکل من رئیس البلدیة و المحافظ من أجل حمایة البیئة، فهی لا تمنع رئیس الوزراء من استخدام اختصاص اته فی الضبط الإداری العام من أجل الحد من هذه الإعلانات على حافات الطرق السریعة، بغرض ضمان أمن مستخدمی هذه الطرق.
والضبط الإداری الخاص للمحافظ بشأن المنشآت المصنفة لحمایة البیئة، لا یحول دون ممارسة رئیس المجلس البلدی اختصاص اته فی الضبط الإداری العام لعلاج أی ضرر على صحة الإنسان والبیئة بسبب النفایات، لأن هذا الغرض یکون متمیزًا من الهدف فی حمایة البیئة التی أنشئت من أجلها تلک المنشآت المصنفة والتی تخضع لسلطة المحافظ، فالضبط الإداری العام المحلی هی الجهة الوحیدة المختصة باتخاذ التدابیر اللازمة لضمان التخلص من هذه النفایات فیما یتعلق بالمنتج أو صاحب النفایات بموجب نصوص القانون، وذلک عندما ینتج عن ترکها أو إیداعها أو معالجتها مثل هذه المخاطر. غیر أن هذه الأحکام لا تمنع، المحافظ من القیام بمهامه فی الضبط الإداری الخاص المنصوص علیها فی قانون البیئة ضد المشغل أو صاحب تلک المنشأة، لضمان الامتثال لواجب الترمیم المنصوص علیه فی المادة 34-1 من المرسوم رقم 77-1133 بتاریخ 21 سبتمبر 1977، عندما تصدر هذه النفایات من نشاط منشأة مصنفة لحمایة البیئة.
ثانیاً- فرضیة تطابق أهداف نوعی الضبط الإداری: وهنا یُفترض إن وجود الضبط الإداری الخاص یمنع من ممارسة الضبط الإداری العام. فیما عدا حالة الاستعجال، فلا یمکن للضبط الإداری العام التدخل، ومن ثم اتخاذ الإجراءات، إلا فی حالة وجود خطر وشیک ، وشرط ألا یمنع القانون هذا النوع من التدخل لسلطة الضبط الإداری العام. فلا یکون لرئیس البلدیة على سبیل المثال الحق فی استعمال اختصاص ه الضبطی العام فیما یخص المیاه، لأن المسألة هنا مسندة إلى المحافظ کنوع من الضبط الإداری الخاص حسب المادة (L. 211-5) من قانون البیئة، وعلیه تتوقف صلاحیات رئیس البلدیة بشان هذا الموضوع ولیس له التدخل إلا حیث یکون هناک خطراً وشیکاً، وهذه الفرضیة تقدم لنا قاعدة عامة مفادها أنه الضبط الإداری الخاص یوقف الضبط الإداری العام، والاستثناء الوارد علیها هو أن تقصیر الأول فی سیاق المهمة المسندة إلیه.
وهناک فرضیة أخرى فی هذا المجال لا بد من الوقوف عندها، وهی تخص الضبط الإداری الخاص بالأبنیة الآیلة للسقوط، وهذا الضبط الخاص یقع ضمن اختصاص ات رئیس البلدیة بموجب المادة (L.511-3) من قانون البناء (Code de la construction)، فحتى عام 2005 کان أی رئیس بلدیة یستطیع استخدام صلاحیاته فی الضبط الإداری العام المستمدة من المادة (L.2212-2) من الدونة العامة للتجمعات الإقلیمیة فی هذا المجال، بدلاً من هذا الضبط الإداری الخاص الذی لم یکن محدداً بشکل واضح، إلا أنه ومنذ عام 2005، أصبحت المسألة أکثر وضوحاً، إذ یستطیع رئیس البلدیة اللجوء إلى صلاحیاته فی الضبط الإداری العام عندما یکون الخطر المحدق بالعقار ناتجاً عن سبب خارج عنه، بینما یجب علیه استخدام صلاحیاته فی الضبط الإداری الخاص عندما یکون هذا الخطر ناتجاً عن أسباب خاصة بالعقار نفسه. وهذا ما أکده مجلس الدولة فی أن رئیس البلدیة یستطیع استخدام سلطاته فی الضبط الإداری العام بدلاً من سلطات الضبط الإداری الخاص فی حالة الاستعجال الشدید. کما واکد إن سلطة الضبط الإداری الخاصة لا تمنع رئیس البلدیة، فی سبیل ضمان السلامة والصحة العامة، من الاستفادة من سلطات الضبط الإداری العام التی یستمدها من المواد (L. 2212-1) من المدونة العامة للتجمعات الإقلیمیة، وذلک شرط توفر ظروف محلیة محددة.
المبحث الثانی
التنظیم القانونی لاختصاص ات الضبط الإداری فی مجال الصحة العامة
لما کانت الصحة العامة عنصر من العناصر التقلیدیة للضبط الإداری العام، فمن البدیهی أن تدخل ضمن الأغراض التی یسعى الضبط الإداری العام إلى حمایتها وتحقیقها، والمشرع غالباً یتدخل وینظم حمایة هذا العنصر وتحقیقه بتشریعات خاصة، وقد تتضمن هذه التشریعات أجهزة إداریة معینة للقیام بهذه المهمة، فیضفی علیها صفة الضبط الإداری الخاص. وهنا یُحتمل أن تتداخل وتتنازع سلطاتها مع سلطات الضبط الإداری العام ولا سیما إذا کان الأمر یتصف بالخطورة والاستعجال. هذه الخطورة التی یمکن أن تمهد لسلطة الضبط العام التدخل وممارسة إجراءات محددة بالرغم من وجود ضبط إداری خاص، ونظراً لأن جائحة کورونا تقدم لنا مثالاً صارخاً على هذا الظرف الخطیر والاستثنائی، فسنتناول تنظیم اختصاص ات الضبط الإداری الخاص فی الظروف العادیة وفی الظروف الطارئة فی مطلبین منفصلین.
المطلب الاول
التنظیم القانونی لاختصاص ات الضبط الإداری فی الظروف العادیة
نظراً لأهمیة عنصر الصحة العامة، وکون الضمان الصحی من أهم الحقوق الدستوریة، فتکاد لا تخلو دولة من التشریعات الخاصة بالصحة العامة، ولا سیما الأمراض الساریة أو المعدیة، وتحدید السلطات الضبطیة الخاصة برعایتها و الحفاظ علیها.
أولاً- التنظیم القانونی لاختصاص ات الضبط الإداری فی فرنسا: یعد قانون الصحة العامة (Code de la santé publique) الشریعة العامة للتشریعات الصحیة، ویتضمن فی ابوابه المختلفة الحمایة العامة للصحة بخصوص الأفراد والمرضى، والحقوق التی یتمتعون بها فی هذا المجال، کحق الشخص المریض فی احترام کرامته، وأصول الأبحاث العلمیة التی یمکن ان تطبق على الأشخاص، ومسائل الفحص الوراثی ، وتحدید الحمض النووی ، والتعویض عن نتائج المخاطر الصحیة، وغیرها من المسائل الأخرى فی مجال الصحة العامة مثل الإنهاء الإرادی للحمل والإنجاب بمساعدة طبیة، والحقوق الخاصة للمصابین بأمراض معینة کالأمراض العقلیة والإیدز والإدمان، وتنظیم المهن الصحیة و المنتجات الصحیة کالأدویة، والمنتجات ذات الصلة بما فی ذلک مستحضرات التجمیل والأجهزة الطبیة، والمؤسسات والمرافق الصحیة کالمستشفیات ، ومعامل تحلیل الأحیاء الطبیة.
إن ممارسة الضبط الإداری الخاص خارج حالة الطوارئ الصحیة، أو ما تسمى بحالة التهدیدات الصحیة (Menaces sanitaires) - وهی التهدیدات الصحیة التی قد تنتج قبل إعلان حالة الطوارئ أو بعد إنتهائها- والتی تسمح للدولة، من وقت لآخر، باتخاذ أی إجراء مفید لمنع خطر الوباء وتقلیله، فقد منحت لوزیر الصحة حصراً، وله بمقتضاها سلطة اتخاذ تدابیر الوقایة والحد من خطر الأوبئة. إذ تنص المادة (L.3131-1) من القانون على إنه: "فی حالة وجود تهدید صحی خطیر یستدعی اتخاذ تدابیر عاجلة، ولا سیما فی حالة التهدید بوباء، یجوز لوزیر الصحة، بموجب قرار مسبب، أن یأمر لمصلحة الصحة العامة بأی تدبیر یتناسب مع المخاطر الجاریة وملائمة لظروف الزمان والمکان من أجل منع التهدیدات المحتملة على صحة السکان والحد من عواقبها. کما ویمکن للوزیر اتخاذ مثل هذه الإجراءات بعد انتهاء حالة الاستعجال الصحیة المنصوص علیها فی هذا القانون، من أجل ضمان الانتهاء الکلی لحالة الأزمة الصحیة".
أما السلطة الإداریة الأخرى والتی تختص بممارسة سلطات الضبط الإداری الخاص فی هذه الحالة الصحیة فهی المحافظ. إذ تنص الفقرة الثانیة من المادة (L.3131-1) من قانون الصحة العامة على ما یلی: "یجوز للوزیر تخویل ممثل الدولة ذات الاختصاص الإقلیمی لاتخاذ جمیع الإجراءات لتطبیق هذه الأحکام، بما فی ذلک الإجراءات الفردیة. وتخضع هذه الإجراءات الأخیرة لتبلیغ الادعاء العام".
ثانیاً- التنظیم القانونی لاختصاص ات الضبط الإداری فی العراق: حفل النظام القانونی العراقی بالعدید من هذه التشریعات العادیة منها والفرعیة، وذلک منذ بدایات نشأة الدولة العراقیة، ولعل من أهم التشریعات العادیة قانون الامراض العفنة لسنة 1926، وقانون مکافحة البلهارزیا والقواقع الناقلة له رقم 38 لسنة 1952، وقانون الصحة العامة رقم 45 لسنة 1958، وقانون مکافحة الامراض الساریة رقم 121 لسنة 1963.
أما عن أهم التشریعات الفرعیة فنذکر منها: نظام المخافر الصحیة للملاحة الجویة رقم 32 لسنة 1932، ونظام المخافر الصحیة فی میناء البصرة رقم 54 لسنة 1935، ونظام المخافر الصحیة للحدود رقم 69 لسنة 1936، ونظام منع سرایة الامراض العفنة بواسطة الحلاقة وقص الشعر والتزیین رقم 2 لسنة 1939، ونظام تشکیلات مکافحة الملاریا رقم 10 لسنة 1941، ونظام ادارة مؤسسات الوقایة رقم 75 لسنة 1941، ونظام واجبات المجالس الصحیة فی الالویة رقم 10 لسنة 1964.
لکن یلاحظ على هذه التشریعات المتصلة بموضوع الصحة العامة أنها کانت مبعثرة بین قانون مبتسر وأنظمة وتعلیمات وبیانات متعددة تفتقر إلى وحدة الموضوع والاتساق، أعدت فی وقت کانت فیه الخدمات الصحیة متخلفة ومحدودة . ومنذ صدور قانون الصحة العامة فی العراق المرقم (89) لسنة 1981، والذی ألغى جمیع التشریعات السابقة، حدث توسع کبیر فی مجال الخدمات الصحیة وبشکل یتلاءم مع المرحلة التی صدر فیها. وقد حاول اعتماد التخطیط أساساً لنشاطات أجهزة وزارة الصحة ضمن إطار خطط التنمیة والتکامل الصحی على المستوى الوطنی. کما وحاول المشرع فی القانون اعتماد مفهوم جدید للصحة العامة، یهدف إلى خلق مواطن یتمتع باللیاقة الکاملة، بدنیاً وعقلیاً واجتماعیاً، لیکون فاعلاً فی المجتمع ومتفاعلاً معه. وصدرت العدید من التعدیلات المتلاحقة بهدف تحقیق أهداف هذا القانون. ویلاحظ من خلال بنود المادة (3) من هذا القانون أنه أولى بالدرجة الأساس اهتماماً بـ:
- الخدمات الصحیة الوقائیة اهتماماً کبیراً باعتبارها أساساً ومرتکزاً للسیاسة الصحیة وخدمات واجبة على الدولة ، لاسیما بالنسبة للطفولة والأمومة والأسرة،
- ضوابط لسلوک المؤسسات الصحیة وللعاملین فیها . ولکی تؤدی الأجهزة الصحیة مهامها.
- مسألة إعداد وتدریب الکوادر الطبیة والفنیة وتجدید معلوماتهم لمسایرة التطور المستمر فی المجال المهنی، ولإمکان استخدام التکنولوجیا الأکثر تطوراً لتقدیم أفضل الخدمات الصحیة وأسرعها وفی ظروف جیدة.
- الرقابة الصحیة لتشمل مهامها جمیع المحلات العامة والمؤسسات فی جمیع قطاعات الدولة وذلک حمایة لصحة المواطنین فی مختلف أنحاء الدولة.
ولجعل هذه الرقابة فاعلة فقد نظم القانون الأحکام المتعلقة بفتح المحلات العامة وإجراءات غلقها وسحب إجازتها وطرق الطعن فی قرارات الغلق والسحب وکیفیة إحالة المخالف لأحکام القانون على المحاکم.
وعلیه یلحظ على هذه القوانین أنها تنیط بوزارة الصحة مسؤولیة العنایة بالصحة العامة والحفاظ علیها، فهی تعد هنا سلطة الضبط الإداری الخاص فی الظروف العادیة، تهتم برعایة عنصر محدد من عناصر النظام العام. إذ أناط قانون الصحة العامة فی العراق بوزارة الصحة وأجهزتها المنتشرة على المستوى الوطنی والمحلی مهمة تنظیم العمل فی القطاع الصحی واتخاذ الإجراءات اللاّزمة لإنجاز مهامها کاملةَ, وتقدیم الخدمات الصحیة المتکاملة. کما وأناط بها مکافحة الامراض الانتقالیة ومراقبتها ومنع تسربها من خارج القطر الى داخله وبالعکس، أو من مکان الى آخر فیه، والحدّ من انتشارها فی الأراضی والمیاه والأجواء العراقیة. کما وأوجبت المادة (31) منه على معهد الأمراض المتوطنة والمدیریات التابعة له فحص الوافدین الى القطر للعمل للتأکد من خلوهم من الامراض الانتقالیة والأمراض المتوطنة فی القطر، وتزویدهم بشهادات تثبت سلامتهم . وتنص المادة (32) على أن ضمان توافر الشروط والقواعد الصحیة فی المحلات العامة بغرض حمایة الصحة وسلامة المواطنین والبیئة. وعلیه تمارس الرقابة الصحیة من قبل أجهزة وزارة الصحة فی جمیع انحاء القطر بصورة مستمرة, لیل نهار, على تلک المحلات ضماناً لتطبیق أحکام هذا القانون.
المطلب الثانی
التنظیم القانونی لسلطات الضبط الإداری فی حالة الطوارئ الصحیة
فی حالة حدوث ظرف صحی طارئ یتطلب الامر تشدیداً فی الإجراءات التی تحد من الحقوق والحریات العامة، بشکل یتجاوز القیود المفروضة لحمایة الصحة العامة فی الظرف العادی. فهل هناک نصوص أو قوانین صحیة تعالج حالة الظرف الصحی الطارئ؟ للإجابة على هذا السؤال سنبحث الموضوع فی ظل التشریعات الصادرة بهذا الخصوص فی فرنسا والعراق:
أولاً- تنظیم حالة الطوارئ الصحیة فی فرنسا: بخصوص تنظیم حالة الظرف الصحی الطارئ فی فرنسا، فإن قانون الطوارئ(l'état d'urgence) لسنة 1955 هو القانون المعتمد فی حالات الطوارئ، فی حین ان قانون الصحة العامة فکان ینظم الرعایة الصحیة ومکافحة الأمراض وغیرها من المواضیع التی ذکرناها سابقاً فی الحالات والظروف العادیة، أما مسالة تداخل اختصاص ات السلطات الضبطیة العامة والخاصة فکان قضاء مجلس الدولة هو الفیصل بهذا الشأن.
وبعد انتشار وباء کورونا فی على الإقلیم الفرنسی، تدخل المشرع الفرنسی وأجرى تعدیلات على قانون الصحة العامة لیستجیب لحالة الاستعجال ومواجهة هذا الفیروس، وذلک بموجب القانون رقم (2020-290) المؤرخ 23 آذار 2020 للطوارئ، ولیصبح هذا القانون بالتوازی مع قانون الطوارئ لسنة 1955 القوانین المعتمدة أساساً فی الإجراءات التی تتخذها سلطات الضبط الإداری المختلفة لمواجهة هذا الوباء. وجرى إعلان حالة الطوارئ الصحیة فی جمیع أنحاء فرنسا بموجب القانون 23 آذار 2020 لمدة شهرین، ثم جرى تمدیده حتى 10 تموز 2020 بموجب القانون رقم 2020-546 المؤرخ 11 مایو 2020.
ومن خلال مراجعة نصوص قانون التعدیل الاخیر لسنة 2020 نجده یعهد إلى رئیس الوزراء ووزیر الصحة والمحافظ سلطة اتخاذ الإجراءات التی تستجیب لحالة الطوارئ الصحیة، وذلک للتعامل مع وباء کوفید 19. وبهذا فلا تختلف سلطة الضبط الإداری الخاص فی حالة الطوارئ عنها فی حالة التهدید الصحی سوى فی إضافة رئیس الوزراء سلطة ضبط إداری خاص ثالثة إلى کل من وزیر الصحة والمحافظ. وبذلک یکون القانون قد أناط سلطة الضبط الإداری الخاص فی الحالات الصحیة الطارئة وحالة التهدید الصحی الخطیر خارج حالة الطوارئ برئیس الوزراء ووزیر الصحة والمحافظ.
أما بخصوص الصلاحیات التی منحت لسلطة الضبط الإداری الخاص أثناء حالة الطوارئ الصحیة، والتی تم إنشاؤها بموجب قانون رقم 2020-290 المؤرخ 23 آذار 2020 بخصوص حالة الطوارئ والاستعجال، فقد عهدت المواد (L.3131-12 وما بعدها) من قانون الصحة العامة - والذی سیکون ساریاً حتى 1 أبریل 2021- إلى کل من رئیس الوزراء ووزیر الصحة والمحافظ سلطة اتخاذ أی إجراء یمکن أن یواجه کارثة صحیة تهدد صحة السکان بحکم طبیعتها وجسامته. وقد حدد القانون اختصاص ات کل من هذه السطات فی مجال الضبط الإداری بالشکل الآتی:
أً – صلاحیات رئیس الوزراء: یتولى رئیس مجلس الوزراء الإجراءات التالیة طبقاً لنص المادة L.3131-15 من قانون الصحة العامة:
ب- صلاحیات وزیر الصحة: أجازت المادة (( L.3131-16 من قانون الصحة العامة لوزیر الصحة اتخاذ الإجراءات الآتیة:
1- یحدد، بقرار مسبب، أی إجراء تنظیمی یتعلق بتنظیم وتشغیل النظام الصحی ، باستثناء التدابیر المنصوص علیها فی المادة L.3131-15)) ، والتی تهدف إلى إنهاء الکارثة الصحیة المذکورة فی المادة L. 3131-12)).
2- یحدد أی إجراء فردی ضروری لتطبیق الإجراءات التی یقررها رئیس الوزراء بموجب درجة 1 إلى 9 من المادة (15-L.3131).
ثانیاً- تنظیم حالة الطوارئ الصحیة فی العراق: لعدم وجود قانون ینظم حالة الحرب الظروف الاستثنائیة (الطارئة) الوارد ذکرها فی البند (تاسعاً) من المادة (61) من الدستور، ولقصور نصوص أمر الدفاع عن السلامة الوطنیة رقم 1 لسنة 2004 عن تنظیم حالة الظروف الصحیة الطارئة ، إذ تنظم حالة تعرض الدولة لخطر حال جسیم یهدد الافراد فی حیاتهم, وناشئ من حملة مستمرة للعنف فقط، تکون نصوص قانون الصحة العامة لسنة 1981 هی المرجع القانونی الوحید لمواجهة جائحة (کوفید19). فإذا کانت نصوص هذا القانون تنظم الرعایة العامة بالصحة، والعمل على الحد من الأمراض الساریة والمعدیة بشکل عام وذلک فی الظروف العادیة، ومن خلال إجراءات الضبط الإداری العادیة، فهل أن الأمر یختلف فیما لو حدثت حالة مرضیة طارئة ومعدیة تستلزم اتخاذ إجراءات سریعة وآنیة، تتطلب تقیید الحریات العامة الأساسیة المنصوص علیها فی الدستور. وهل هناک نصوص قانونیة تنظم أسلوب مواجهة مثل هذا المرض، لبیان ذلک سنتناول النصوص القانونیة التی یمکن اعتمادها إساساً لمواجهة هذا الظرف فی قانون الصحة العامة اولاً، والتشریعات الفرعیة الصادرة عن السلطة التنفیذیة ثانیاً:
1- فی ضوء قانون الصحة العامة لسنة 1981
بالرجوع إلى قانون الصحة العامة نلحظ بأنه لم یرد ذکراً لحالة الطوارئ الصحیة بشکل صریح، غیر أنه لم یغفل الإتیان بنصوص قانونیة تنظم حالة الأمراض الطارئة التی قد تحدث، ولا سیما الأمراض المعدیة أو الانتقالیة، وتتضمن إجراءات استثنائیة یمکن أن تتخذها السلطات الضبطیة الخاصة فی مواجهة هکذا أمراض، وهی تعد بحسب مضمونها صورة من صور حالة الطوارئ الصحیة. وقد عرف القانون بدایة المرض الانتقالی بأنه: (المرض الناجم عن الإصابة بعامل معدٍ أو السموم المتولدة عنه والذی ینتج عن انتقال ذلک العامل من المصدر الى المضیف بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة)، وعهد لوزیر الصحة أو من یخوله تحدید الأمراض الانتقالیة والمتوطنة، وذلک بتعلیمات یصدرها لهذا الغرض. أما بخصوص الإجراءات الاستثنائیة التی یمکن أن تتخذها سلطات الضبط الإداری فی حالة الاستعجال وانتشار مثل هذه الأمراض، فقد نصت علیها القانون فی عدد من المواد الواردة فیه، وعلى الشکل الآتی:
أ- إجراءات الضبط الإداری الخاص الاستثنائیة المنوطة بوزیر الصحة:
- یجوز لوزیر الصحة او من یخوله أن یعلن -ببیان یصدره- أیة مدینة أو أی جزء منها منطقة موبوءة بأحد الأمراض الخاضعة للوائح الصحیة الدولیة .
- لوزیر الصحة تکلیف أی من ذوی المهن الطبیة والصحیة بتقدیم الخدمات الطبیة للمواطنین عند حدوث الأوبئة وفی حالات الطوارئ وللمدد التی تتطلبها تلک الحوادث والحالات.
- لوزیر الصحة او من یخوله ان یعلن ببیان یصدره عند انتشار أحد الأمراض الخاضعة للوائح الصحیة الدولیة, وضع الید على أیة واسطة نقل وأی مبنى رسمی ودعوة ای شخص للمساهمة فی حملة المکافحة الصحیة على أن یحدد البیان مدة سریانه ویدفع لأصحاب وسائط النقل الخاصة والاشخاص أجوراً تحددها الجهة الصحیة استناداً إلى تعریفة تحدید الأجور المعمول بها فی المنطقة الموبوءة.
- لوزیر الصحة إصدار تعلیمات بشأن التدابیر الواجب اتخاذ ها لمکافحة الأمراض الانتقالیة والمتوطنة التی تصیب الإنسان أو الإنسان والحیوان معاً أو الحد من انتشار أو منع دخولها الى القطر حسب طبیعتها بالتعاون مع السلطات المختصة الأخرى .
- الحق فی دخول دور السکن والمحلات العامة أو أی مکان آخر لغرض التفتیش الصحی والکشف على الأشخاص للتأکد من خلوهم من المرض، ولها الحق فی اخذ نماذج للتحلیل المختبری من الملامسین للمریض أو المشتبه بهم، ورش مبیدات الآفات والمواد الکیمیاویة بأنواعها داخل الدور والشقق والعمارات السکنیة وخارجها وأی محل عام آخر.
- عند الاشتباه بأی شخص کونه حاملاً لمسبب مرض او أنه فی دور حضانة أحد الأمراض الانتقالیة بما فیها الأمراض الخاضعة للوائح الصحیة الدولیة؛ فللجهة الصحیة الحق فی اتخاذ التدابیر الکفیلة لمراقبته أو عزله او حجره لغرض فحصه للتأکد من خلوه من المیکروبات المرضیة ومعالجته عند ثبوت کونه حاملاً لهذه المیکروبات أو مصاباً بالمرض لحین سلامته منه.
- یمنع الشخص المصاب بأحد الأمراض الانتقالیة من الدوام فی المؤسسة التعلیمیة أو محل العمل للفترة التی تحددها الجهة الصحیة المختصة فی کل حالة مرضیة، ویکون الرئیس الإداری مسؤولاً عن تنفیذ أوامر الجهة الصحیة.
ب – إجراءات الضبط الإداری الخاص المنوطة بالسلطات الصحیة الأخرى: أجاز القانون فی المادة (46) لوزیر الصحة او من یخوله فی مثل هذه الحالات اتخاذ جمیع الإجراءات الکفیلة بمنع انتشار المرض، ولها فی سبیل ذلک: تقیید حرکة تنقل المواطنین داخل المنطقة الموبوءة والدخول إلیها أو الخروج منها، وغلق المحلات العامة کدور السینما والمقاهی والملاهی والمطاعم والفنادق والحمامات وای محل عام آخر خاضع للإجازة والرقابة الصحیة وکذلک المؤسسات التعلیمیة والمعامل والمشاریع ودوائر الدولة والقطاع الاشتراکی والمختلط والخاص ، ومنع بیع الأغذیة والمشروبات والمرطبات والثلج ونقلها من منطقة الى أخرى وإتلاف الملوث منها، وعزل ومراقبة نقل الحیوانات والبضائع.
2- حالة الطوارئ فی ضوء قرارات مجلس الوزراء:
لمواجهة انتشار فیروس کورونا المستجد، واستناداً لقانون الصحة العامة، أصدر مکتب رئیس مجلس الوزراء أمراً دیوانیاً فی 3 شباط 2020 قضى بتشکیل لجنة سمیت (لجنة الامر الدیوانی رقم 55) برئاسة وزیر الصحة و عضویة ممثلین عن الجهات المشار إلیها فی الأمر لغرض تعزیز الاجراءات الحکومیة فی مجالات الوقایة و السیطرة الصحیة و التوعویة. ثم تدخل مجلس الوزراء بقراره المرقم (74) لسنة 2020 المتخذ بجلسته المنعقدة بتاریخ 26/3/2020 وقرر تشکیل لجنة علیا للصحة والسلامة الوطنیة بهدف مکافحة جائحة فایروس کورونا المستجد (19-COVID)، تتولى وضع السیاسات والخطط العامة والإشراف على تنفیذها وأخذ القرارات الرئیسة وتعزیز التکامل بین الجهات التنفیذیة کافة والتنسیق مع السلطات التشریعیة والقضائیة والجهات الدولیة ذات الصلة بمکافحة انتشار الفایروس، وتخول اللجنة المذکورة آنفاً صلاحیات مجلس الوزراء، وتکون هی الجهة العلیا المعنیة بمکافحة انتشار الفایروس وترتبط بها جمیع الخلایا واللجان والتشکیلات الأخرى ذات الصلة. وتلتزم الوزارات و الجهات غیر المرتبطة بوزارة و المحافظات کافة بتسخیر جهودها و مواردها للجنة المذکورة و دوائر الصحة فی المحافظات بما تحتاجه و بما یساعدها فی مکافحة انتشار فیروس کورونا و احتوائه، على أن تتولى لجنة الأمر الدیوانی رقم (55) لسنة 2020 مسؤولیة الجوانب العلاجیة والوقائیة المباشرة، وتقدیم الخدمات الصحیة للمواطنین. وترفع اللجنة العلیا توصیاتها إلى السید رئیس مجلس الوزراء للإقرار علیها.
ومن بین أهم قرارات اللجنة الجدیدة منع التجمعات بکافة أشکالها بما فی ذلک مجالس العزاء والأفراح و المناسبات الاجتماعیة. وإجراء الفحص السریری للعراقیین الوافدین کآفة، بالإضافة إلى الفحص السریع، وفی حال عدم وجود أعراض، وظهور نتیجة الفحص سالبة یجرى لهم الحجر الصحی المنزلی 14 یوماً. وغلق عیادات الأطباء الخاصة والمجمعات الطبیة لمدد زمنیة محددة، والتشدید على تطبیق الإجراءات الصحیة الصادرة عن وزارة الصحة لاسیما فیما یتعلق بارتداء الکمامات والتباعد الجسدی والاجتماعی فی داخل المحلات والمؤسسات الحکومیة ومؤسسات القطاع الخاص والعجلات، ومحاسبة المخالفین، وغیرها من القرارات الأخرى.
المبحث الثالث
التداخل بین سلطات الضبط الإداری العام والخاص فی مواجهة کوفید 19
لاحظنا فیما سبق انه یمکن أن یحصل تداخل بین سلطات الضبط الإداری العام والخاص فی مجال الصحة العامة، وبالرجوع إلى القانون العراقی فإننا نلحظ أنه منح صلاحیات ضبطیة واسعة فی حالة الطوارئ لسلطات الضبط الإداری الخاص، ولم یعالج فی مقابل ذلک حالة تنازع الاختصاص ات بین السلطات الضبطیة العامة والخاصة، وبالتالی نلجأ هنا إلى القاعدة العامة التی ذکرناها سابقاً، والتی تقضی بأنه لا یجوز لسلطة الضبط الإداری العام التدخل إلا فی حدود ضیقة فی الأمور والمسائل التی تدخل ضمن اختصاص سلطة الضبط الإداری الخاص، الأمر الذی یفسح لها المجال لإصدار بعض القرارات التی تشدد من الإجراءات المتخذة من سلطة الضبط الإداری الخاص لمواجهة المرض المعدی وذلک بتوفر شروط محلیة محددة.
ولکون مجلس الدولة الفرنسی هو المصدر الأول والاساسی لقواعد القانون الإداری، فسنبحث فی عدد من القرارات التی اتخذها حدیثاً بخصوص صلاحیات سلطة الضبط الإداری العام المحلیة فی اتخاذ إجراءات لمواجهة وباء (کوفید-19) بشکل یوضح بعض القواعد التی یمکن إتباعها فی مواجهة مشکلة التنازع بین سلطات الضبط الإداری بهذا الخصوص.
المطلب الأول
مشروعیة قرارات الضبط الإداری العام المحلیة فی حمایة الصحة العامة أثناء حالة الظروف الصحیة الطارئة
لا بد من القول اولاً بأن سلطات الضبط الإداری العام ملزمة بالقیام بواجباتها فی الحفاظ على عناصر النظام العام، ومن ضمنها عنصر الصحة العامة، وهی لا تملک فی ذلک سلطة تقدیریة، فأی تقصیر من جانبها فی التدخل واتخاذ الإجراء الضبطی الضروری -کونها سلطة ضبط إداری عام - یمکن أن یرتب مسؤولیة الإدارة. وهذا ما اقره مجلس الدولة الفرنسی عندما أوجب على رئیس البلدیة ممارسة سلطات الضبط المحلیة لاستیعاب الرواسب غیر المنتظمة لمخلفات البناء على الأرض، وفی حالة عدم القیام بذلک ، تنهض مسؤولیة البلدیة. إذ ورد فی الحکم أنه فی حالة تلوث التربة، أو خطر تلوث التربة ، أو فی حالة التخلی عن النفایات ، أو ترسیبها أو معالجتها بما یتعارض مع أحکام القانون واللوائح المعتمدة لتطبیقها، یجوز لسلطة الضبط الإداری (رئیس البلدیة) وبعد الإشعار الرسمی، القیام من تلقاء نفسه بتنفیذ الأعمال اللازمة على نفقة الشخص المسؤول، ومن ثم یترتب على هذه الأحکام أن سلطة الضبط الإداری المحلیة یجب أن تتخذ التدابیر اللازمة لضمان التخلص من النفایات التی سیؤدی التخلی عنها أو ترسبها أو معالجتها بطرق غیر سلیمة مخاطر بیئیة.
أما بخصوص مشروعیة قرارات الضبط الإداری العام أثناء حالة الظروف الصحیة الطارئة، وتزاحمها مع قرارات الضبط الإداری الخاص لا بد من الوقوف عند موقف مجلس الدولة الفرنسی من الموضوع، ونبدأ هنا بالقاعدة العامة التی وضعها المجلس بخصوص تزاحم قرارات الضبط الإداری العام مع قرارات الضبط الإداری الخاص فی مجال حمایة الصحة العامة فی الظروف العادیة، ومدى إمکانیة تطبیق هذه القاعدة على إجراءات مواجهة وباء (کوفید-19).
لقد استقر القضاء الإداری بشکل منهجی على أنه عندما تکون هناک سلطة ضبط إداری بخصوص موضوع معین على المستوى الوطنی، فلا یکون الضبط الإداری العام مختصاً من حیث المبدأ التدخل فی الموضوع ما لم تکن هناک ظروف محلیة تبرر ذلک. وقد برز هذا الموقف فی مجال الصحة العامة والحفاظ على البیئة قبل ظهور جائحة کورونا. إذ أنه بموجب أحکام المواد (L.533-3) وما یلیها من قانون البیئة، نظم المشرع سلطة ضبط إداری خاصة لإطلاق الکائنات المعدلة وراثیًا، عهد بها إلى الدولة مهمتها منع الأضرار التی تلحق بالبیئة والصحة العامة التی قد تنجم عن الإدخال المتعمد للکائنات المعدلة وراثیًا فی البیئة، وعلیه أکد مجلس الدولة الفرنسی أنه لا یجوز لسلطة الضبط الإداری العام (رئیس البلدیة) بأی حال من الأحوال التدخل فی ممارسة هذه السلطات الضبطیة الخاصة من خلال سن الأنظمة المحلیة. کما وأوقفت المحکمة الإداریة – طبقاً لسلطتها فی القضاء المستعجل- تنفیذ عدد من القرارات التی اتخذها رؤساء البلدیات بشأن استخدام المبیدات فی أراضی بلدیاتهم واتخاذ تدابیر لحمایة الناس عند استخدام منتجات وقایة النبات بالقرب من المناطق السکنیة، ومن ثم ألغتها، وذلک من خلال عدة أحکام صدرت بتاریخ 14 شباط 2020 . إذ أکدت المحکمة على أنه إذا کان الأمر متروکًا لرئیس البلدیة، المسؤول عن النظام العام فی أراضی بلدیته، فی اتخاذ إجراءات الضبط العام اللازمة لحفظ النظام والسلامة والأمن والصحة العامة تطبیقاً للقانون، فلیس له اتخاذ إجراءات تنظیمیة عامة بخصوص منتجات وقایة النبات الممنوحة، لأن ذلک إنتهاکٌ لسلطات الضبط الإداری الخاصة الممنوحة لسلطات الدولة فی هذا الشأن (الوزیر)، وذلک بموجب الأحکام المذکورة فی قانون الصید الریفی والبحری. وفی حکم آخر أکد المجلس بأنه إذا کان الأمر متروکًا لرئیس البلدیة، المسؤول عن النظام العام فی أراضی بلدیته، لاتخاذ إجراءات الضبط الإداری العام لحفظ النظام والسلامة والأمن والصحة العامة ، فإن الضبط الخاص للمنشآت السریة والضبط الخاص بالمیاه قد عهدت إلى المحافظ. وفی حالة عدم وجود خطر جسیم ووشیک، فلا یمکن لرئیس البلدیة التدخل وممارسة هذه الصور من الضبط الإداری الخاص.
المطلب الثانی
مدى مشروعیة قرارات سلطة الضبط الإداری العام فی مواجهة (کوفید-19)
هنا یثار التساؤل عن مدى مشروعیة تدخل سلطات الضبط الإداری العام، واتخاذ قرارات محددة لمواجهة انتشار جائحة کوفید-19، مع وجود سلطات ضبطیة خاصة تختص بإصدار مثل هذه القرارات. ولتقدیم جواب على هذا السؤال نستعرض أولاً بعض القرارات الإداریة التی اتخذتها سلطات الضبط الإداری العام بهذا الخصوص، ثم نتطرق لموقف القضاء الإداری الفرنسی وبیان موقفه من الشروط التی یمکن ان تبیح لسلطة الضبط الإداری العام اتخاذ مثل هذه القرارات وتزاحم بها قرارات الضبط الإداری الخاص.
أولاً- تعدد صور قرارات الضبط الإداری العام لمواجهة جائحة کورونا:
منذ 12 آذار 2020، وقع عدد من رؤساء البلدیات (العمد) قرارات ضبطیة محلیة من أجل تشدید أو استکمال التدابیر التی اتخذتها الحکومة لمنع وباء (Covid-19) والحد من آثاره.والمسالة هنا لا تتصل بوضع قائمة شاملة لهذه القرارات بقدر تعلقها بتحدید أهم الإجراءات التی یمکن ان تتضمنها هذه القرارات. إذ تتنوع هذه الإجراءات من توصیات بسیطة إلى حظر صارم لمغادرة المنزل. ومنها:
1- التوصیات: فبعض القرارات الضبطیة المحلیة لا تحتوی على أی التزام أو حظر للقیام بعمل، بل أنها لا تتعدى کونها توصیات ونصائح. وهکذا، بموجب مرسوم 28 شباط 2020، أصدر رئیس بلدیة (سان لیجر دو بور دینیس) توصیات ونصائح بشأن الامتثال لإجراءات الحجر المنزلی لمواطنی البلدیة.
2- حظر الوصول أو الدخول إلى بعض الأماکن العامة: عمل العدید من رؤساء البلدیات على الحد من مخاطر تجمع الناس وذلک بإصدار قرارات حظر الوصول إلى الأماکن العامة. إذ أمر رئیس بلدیة (لاهای) بموجب قرار صادر فی 20 آذار 2020 بإغلاق العدید من المؤسسات، وهی الفضاء الثقافی، والمکتبة العامة، ومکتبة وسائل الإعلام . وبموجب القرار المؤرخ 25 آذار 2020 ، حظر رئیس بلدیة (إیسی لیه مولینو) التجمعات الثابتة فی أماکن عدیدة فی المدینة، وهی الساحات ، والافنیة وحدیقة التزلج .
3- إغلاق أسواق المواد الغذائیة. بموجب أمر 18 آذار 2020 ، رفض رئیس بلدیة (لیبین) التراجع عن قرار یتضمن فرض حظر على أسواق المواد الغذائیة المفتوحة.
4- حظر التجول. بموجب المرسوم المؤرخ 22 آذار 2020 ، حظر رئیس بلدیة (مونتیلیمار) حرکة الأشخاص والمرکبات فی جمیع أنحاء إقلیم البلدیة، وطرق السیارات والطرق الخاصة المفتوحة أمام حرکة المرور العامة بعد الساعة 9 مساءً وقبل الساعة 6 صباحًا. من 22 آذار 2020 حتى نهایة الشهر نفسه.
5- قرارات ضبطیة أخرى: لم تقتصر قرارات الضبط الإداری العام على ما سبق أعلاه، بل اتخذت انواع أخرى من القرارات التی تهدف إلى تحقیق الحد من انتشار الجائحة، وأبرز الأمثلة علیها ما صدر من رئیس بلدیة (ساناری سور میر)، الذی وقع العدید من الاوامر والقرارات الضبطیة المتضمنة إغلاق المدارس التی کانت مراکزاً للاقتراع فی یوم 16 مارس 2020 لتطهیر المبانی وذلک بعد الجولة الأولى من الانتخابات التی جرت فی الیوم السابق. وإغلاق العدید من الأماکن مثل المسرح، المکتبة الإعلامیة ، الصالات الریاضیة . وإلغاء السوق الیومی والسوق الأسبوعی، بإغلاق الأکشاک التی تقع فی منطقة (Place de la République) حتى إشعار آخر.
ولم یختلف الامر کثیراً فی العراق، فقد تدخلت سلطات الضبط الإداری العام فی المحافظات، وأصدرت العدید من القرارات لمواجهة جائحة کورونا، ومنها قرارات بمنع التجوال الشامل لأیام محددة، کالقرار الصادر عن محافظ نینوى فی 21 نیسان 2020 بفرض حظر التجوال الشامل فی عموم المحافظة لیومی الجمعة والسبت. واتخذت خلیة الأزمة فی محافظة النجف برئاسة المحافظ، عدداً من الإجراءات لمواجهة جائحة کورونا فی المحافظة. ومنها حظر التجوال الجزئی من الساعة الثانیة عشرة لیلًا وحتى الساعة السادسة صباحًا، والاعتذار عن استقبال الزائرین من المحافظات الاخرى، وغریها من الاجراءات الأخرى.
ثانیاً- شروط مشروعیة قرارات الضبط الإداری العام فی مواجهة جائحة (کوفید-19):
والسؤال هنا هل تتمتع هیئات الضبط الإداری العام بسلطات ضبطیة لمواجهة حالات الطوارئ الصحیة؟ فهل أن وجود سلطة ضبط إداری خاص لحالة الطوارئ الصحیة معهود بها فی فرنسا إلى رئیس الوزراء ووزیر الصحة یحرم رئیس البلدیة من سلطاته الضبطیة العامة؟. وهل أن القرارات التی اتخذها المحافظون فی العراق ضمن الحدود الإقلیمیة لمحافظاتهم لمواجهة جائحة کورونا یمکن وصمها باللامشروعیة لأنها تدخل أساساً فی اختصاص سلطات الضبط الإداری الخاص المتمثلة باللًجنة العلیا للصحة والسلامة الوطنیة؟.
أجاب مجلس الدولة الفرنسی عن هذا السؤال فی عدد من قراراته، إذ أکد بموجب قراره الصادر فی 22 آذار 2020، وبعد التذکیر بالأنظمة الأساسیة، التی تمنح رئیس الوزراء والوزیر المسؤول عن الصحة سلطة کبیرة على المستوى الوطنی للتصرف فی حالات الطوارئ الصحیة، على أنه:
.... یتمتع ممثل الدولة فی المقاطعة ورئیس البلدیة، وفقًا للشروط ووفقًا للطرق المحددة بشکل خاص فی المدونة العامة للسلطات المحلیة، بسلطة اعتماد إجراءات أکثر تقییدًا ضمن المقاطعة والبلدیة تجعل من الممکن ضمان السکینة العامة والأمن العام والصحة العامة، خاصة فی حالة حدوث وباء، ومع مراعاة السیاقات المحلیة.. "وبموجب مضمون هذا الحکم، یمکن للمحافظ وکذلک رئیس البلدیة "اعتماد" "تدابیر أکثر تقییداً تجعل من الممکن ضمان السلامة العامة والأمن والصحة العامة".
إن هذا القرار المستعجل الصادر عن مجلس الدولة یحدد لنا أهمیة اتخاذ جمیع هذه السلطات المختلفة - وبهدف حمایة الصحة العامة - جمیع الإجراءات التی یحتمل أن تمنع أو تحد من آثار الوباء. ویجب أن تکون هذه الإجراءات- التی یمکن أن تحد من ممارسة الحقوق والحریات الأساسیة، مثل حریة التنقل، وحریة الاجتماع أو حریة ممارسة مهنة معینة- ضروریة وملائمة ومتناسبة مع هدف الحفاظ على الصحة العامة المتوخى من هذه الإجراءات .
ومن خلال التمعن فی حیثیات هذا القرار، نراه یؤکد على أنه یمکن لرئیس البلدیة (ویجب علیه أحیاناً) ممارسة سلطته فی الضبط الإداری العام حتى لو تم إسناد سلطة الضبط الإداری الخاص بخصوص حالة الطوارئ الصحیة بخصوص جائحة کورونا لرئیس الوزراء ووزیر الصحة. ومن ثم یمکن لرئیس البلدیة أن یتخذ "إجراءات أکثر تقییداً" من تلک التی یقررها رئیس الوزراء ووزیر الصحة. على أنه ولا یستطیع اتخاذ هذه التدابیر إلا إذا کانت "ضروریة ومناسبة ومتناسبة مع هدف الحفاظ على الصحة العامة المبتغى من هذه الإجراءات".
وکذلک حکم قاضی الاستعجال للمحکمة الإداریة فی (جوادلوب) أن رئیس البلدیة من بین السلطات المختصة للتصدی لانتشار الوباء ولکن فی ظل ظروف معینة:
”فی نطاق مکافحة انتشار فیروس کوفید-19، یمکن للسلطات الإداریة المختصة، بما فی ذلک رؤساء البلدیات بحکم سلطاتهم فی الضبط الإداری العام، اتخاذ أی إجراءات تهدف إلى حمایة صحة السکان على وجه الخصوص، والتی یمکن أن تمنع أو تحد من آثار الوباء. وهذه الإجراءات التی قد تحد من ممارسة الحقوق والحریات الأساسیة ، مثل حریة الذهاب والإیاب و حریة الاجتماع، یجب أن تکون ضروریة ومناسبة ومتناسبة مع هدف الحفاظ على الصحة العامة المبتغى منها“.
وأخیراً أکد قاضی الاستعجال للحریات فی المحکمة الإداریة فی (Caen) أن أحکام المواد (L.3131-1) من قانون الصحة العامة والمستحدثة بالقانون 23 آذار 2020 ، والمادة (L.3131-15) من القانون نفسه والمادة 3 من المرسوم رقم 2020-293 المؤرخ فی 23 آذار 2020 تمنح الدولة سلطات ضبط إداری خاص فی حالة الطوارئ الصحیة، وأن رئیس البلدیة یمکنه الاستفادة من سلطته الضبطیة العامة ولکن بشرط أن تکون الإجراءات التی یتخذها یبررها وجود مخاطر معینة تتعلق باضطرابات فی النظام العام أو لظروف خاصة فی ضوء خطر الوباء".
وعندما رفعت أیضاً طلبات إلى قاضی الاستعجال فی المحکمة الإداریة فی نیس (Nice) لوقف تنفیذ القرار الصادر من رئیس البلدیة فی 31 تموز 2020، والذی یلزم الأفراد بارتداء الأقنعة الواقیة (کمامات) فی بعض الطرق العامة، وخارج هذه الطرق إذا تعذر تطبیق قواعد التباعد الاجتماعی، وذلک خلال ساعات محددة من الیوم، کان من بین الأسباب التی استندت إلیها الطلبات أنه لیس لرئیس البلدیة استخدام سلطاته فی الضبط الإداری العام فی مسائل الحمایة من وباء کوفید-19 ، إذ أن المشرع عهد بهذه الحمایة وإجراءاتها إلى سلطة الضبط الإداری الخاص، وذلک بموجب المرسوم الخاص بالخروج من حالة الطوارئ الصادر فی 10 تموز 2020، وهذه السلطة هی المحافظ، فیکون له بموجب هذه السلطات القانونیة اتخاذ سلسلة من الإجراءات العامة التی تهدف إلى التعامل مع وباء کوفید-19 فی المناطق التی خرجت من حالة الطوارئ الصحیة وفی المناطق التی تم تمدیدها فیها. وسیراً مع ما هو مستقر سابقاً ذهب قاضی الاستعجال إلى أن سلطة الضبط الإداری الخاص الممنوحة للدولة لا تحرم رئیس البلدیة من ممارسة سلطته فی الضبط العام، ولکن بشرط أن یلتزم رئیس البلدیة بـ:
آ- تقدیم أسباب مقنعة تتعلق بالظروف المحلیة،
ب- ألا تؤثر قرارات الضبط الإداری العام على اتساق وفعالیة الإجراءات التی تتخذها سلطة الضبط الإداری الخاص.
وفی تحدیدها لهذ الظروف المحلیة أکدت المحکمة على أن خصائص النسیج الحضری لبلدیة نیس، والخصائص الاقتصادیة المرتبطة بالجاذبیة السیاحیة القویة للمدینة هی أسباب مقنعة وکافیة، مرتبطة بالظروف المحلیة فی البلدیة تسوغ لرئیس بلدیة نیس اتخاذ قرار حظر التنقل، خلال ساعات الذروة و فی بعض الشوارع المدرجة بشکل حصری ، من أجل مکافحة انتشار وباء Covid-19 دون ارتداء القناع الواق.
أما فی القانون العراقی، فلم نقف على قرار للقضاء الإداری بهذا الخصوص، غیر اننا نرى أنه فی ضوء نص البند (رابعا)ً من المادة (7) من قانون مجلس الدولة العراقی لسنة 1979المعدل أن قرارات الضبط الإداری الصادرة عن سلطات الضبط الإداری العام فی مواجهة الجائحة هی قرارات إداریة تخضع لرقابة محکمة القضاء الإداری، ویمتلک القضاء سلطات واسعة فی مواجهة هذه القرارات فی حالة الطعن بها من ذی مصلحة، فله إلغاء القرار الصادر من المحافظ أو تعدیله بحسب الظروف أو المصادقة علیه. بل ویمکنه- ونظراً لحالة الاستعجال- وقف تنفیذ هذه القرارات وذلک بالرجوع إلى الفقرة (1) من المادة (208) من قانون المرافعات المدنیة لسنة 1969 المعدل بخصوص القضاء المستعجل، والتی تجیز وقف التنفیذ إلى إن یفصل بنتیجة الطعن، وذلک استناداً إلى إحکام البند (حادی عشر) من المادة (7) من قانون المجلس التی أجازت تطبیق الإجراءات المنصوص علیها فی قانون المرافعات المدنیة رقم (83) لسنة 1969 عند عدم النص علیها فی قانون مجلس شورى الدولة. على ان یقدم الطاعن طلباً مستعجلاً تطبیقاً للمادة (151)، من قانون المرافعات المدنیة یبلغ فیها الخصم قبل الجلسة بـ(24) ساعة على الأقل، ویرفق ما یعزز طلبه من المستندات، وتصدر المحکمة قراراها بشأن الطلب خلال مدة لا تتجاوز (7) أیام وتسری فی شأنها إجراءات التقاضی المقررة فی هذا القانون مع مراعاة الإحکام الخاصة بالمواد المستعجلة.
الخاتمـة:
أولاً- الاستنتاجات:
1- إذا کانت مهمة حمایة عنصر الصحة العامة ورعایته تسند إلى وزارة الصحة کونها سلطة ضبطیة خاصة. فیمکن أن تستحدث سلطات ضبطیة خاصة ومؤقتة إضافیة فی حالة الظروف الصحیة الطارئة وتفاقمها، وتمنح اختصاصات استثنائیة لمواجهة هذه الحالة الصحیة المعینة.
2- القاعدة العامة أنه فی حال وجود سلطة ضبطیة خاصة على المستوى الوطنی من أجل التعامل مع موضوع معین، لا تختص سلطة الضبط الإداری العام بالتدخل وإصدار قرارات تتصدى لذلک الموضوع. ویستثنى من هذه القاعدة حالة وجود ظروف محلیة خاص، کالخطر الوشیک على ألا یکون فی القانون مانعاً من هذا التدخل.
3- اعتمد القضاء الإداری الفرنسی القاعدة السابقة بخصوص تنازع سلطات الضبط الإداری وأجاز للسلطة الضبطیة العامة المحلیة ممارسة اختصاص اتها فی مواجهة الاضطرابات التی تهدد الصحة العامة حتى لو عهدت سلطة للضبط الإداری الخاص لحالة الطوارئ الصحیة إلى رئیس الوزراء ووزیر الصحة . على أن تحترم الإجراءات الضبطیة العامة شروط مشروعیتها. إذ یجب أن تکون مبررة من حیث الغرض المنشود منها، ومن حیث وجود اضطرابات معینة فی النظام العام، ومن حیث الظروف المحلیة کما ویجب أن ضروریة ومناسبة ومتناسبة.
4- وفیما یتصل تحدیداً بممارسة الضبط الإداری العام لسلطته ضد وباء Covid-19، اتضح أن قاضی الاستعجال فی مجلس الدولة أقرّ بأن الأمر متروک لهذه السلطات المختلفة لاتخاذ جمیع الإجراءات التی من شأنها أن تمنع أو تحد من آثار الوباء بهدف حمایة صحة السکان، على أن تکون هذه الإجراءات أکثر تقییداً من إجراءات الضبط الإداری الخاص. وعلیه فلا تعد قرارات مشروعة تلک التی تصدر عن سلطات الضبط الإداری العام تخفف من القیود التی فرضتها السلطة الضبطیة الخاصة فی مواجهة جائحة کوفید-19. مالم تکن بتفویض أو تخویل من الأخیرة.
ثانیاً- التوصیات:
فی ضوء ما ورد فی متن البحث، وما توصلنا إلیه من نتائج، ونظراً للظرف الصحی الخطیر الذی یمر به العالم بشکل، نرى ضرورة تقدیم بعض التوصیات المهمة التی تخص السلطات الثلاث العامة الثلاث(التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة)التی یجب أن تتظافر جهودها مجتمعة لمواجهة مثل هذه الظروف الطارئة:
أ- بخصوص السلطة التشریعیة:
- بات من الضروری تدخل المشرع العراقی وسن قانون الطوارئ تطبیقاً للبند (تاسعاً) من المادة (61) من الدستور، تحدد فیه صلاحیات السلطة التنفیذیة بشکل دقیق لمواجهة أی ظرف طارئ ومن ضمنها الظروف الطارئة المتصلة بالأمراض والأوبئة. لیکون اساساً قانونیاً لأی إجراء ضبطی یصدر عن السلطات الضبطیة المختصة.
- تعدیل قانون الصحة العامة، وتضمینه نصوصاً تنظم حالة الطوارئ الصحیة، وتحدید السلطات الضبطیة الخاصة واختصاص اتها لمواجهة حالات الطوارئ الصحیة. إذ إن وجود قانون عام للطوارئ المذکور فی الفقرة السابقة لا یمکن لوحده أن یسعف السلطات الصحیة بسبب خصوصیة الطوارئ الصحیة وطبیعة إجراءاتها ونتائجها التی قد تکون على المدى الطویل.
- تعدیل قانون مجلس الدولة العراقی ذی الرقم 65 لسنة 1979 المعدل بما یضمن للقضاء الإداری ممارسة القضاء المستعجل ولا سیما بخصوص القرارات الصادرة التی تمس ممارسة الحقوق والحریات العامة.
ب- بخصوص السلطة التنفیذیة:
إذا کانت الظروف الصحیة تسمح أو تتطلب تدخل السلطات الضبطیة العامة على المستوى المحلی، واعتماد إجراءات ضبطیة لمنع وتخفیف آثار الوباء، فلا بد لهذه السلطات الأخذ بنظر الاعتبار التوصیات أدناه:
1- من الضروری لسلطات الضبط الإداری العام ، وهی تعتمد إجراءات وقرارات لمنع هذا الوباء والحد منه، البدء من الإجراءات المتخذة على المستوى الوطنی والتحقق مما إذا کان ذلک ضروریًا لتطبیقها محلیًا.
2- أن تلتزم سلطات الضبط الإداری بأن تکون إجراءاتها أکثر تقییداً من الإجراءات المأخوذة على المستوى الوطنی.
3- یجب أن یکون قرار سلطة الضبط المحلی مسبباً بشکل دقیق. وأن تستهدف تحقیق هدف واحد فقط للصحة العامة: هو هدف الوقایة من آثار الوباء والحد منها. وأن یکون القرار مبرراً فی ضوء "الظروف المحلیة" التی یجب وصفها وتحدیدها على النحو المطلوب.
4- یجب أن یخضع القرار الضبطی العام للمبادئ والقواعد الأخرى الملزمة لأی تصرف إداری ، لا سیما مبدأ المساواة الذی یوجب تطبیق القرار بشکل متماثل على جمیع الأشخاص ممن یتمتعون بمراکز قانونیة متشابهة، کما یمکن بموج هذا المبدأ معاملة جمیع الأشخاص ذوی المراکز القانونیة المختلفة بشکل مختلف.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (French)
first: books
Second: Laws, regulations and decisions:
A-French:
1. Constitution française;
2. Code général des collectivités territoriales;
3. Code des communes;
4. Code de la santé publique;
5. Code de l'industrie cinématographique;
6. Loi n° 55-385 du 3 avril 1955 relative à l'état d'urgence;
7. Loi n° 82-213 du 2 mars 1982 relative aux droits et libertés des communes, des départements et des régions;
8. Décret n° 2013-728 du 12 août 2013 portant organisation de l'administration centrale du ministère de l'intérieur et du ministère des outre-mer;
9. loi n° 2019-1428 du 24 décembre 2019;
10. Loi n° (2020-293) du 23 mars 2020 relative aux situations d'urgence;
11. Décret n° 2020-860 du 10 juillet 2020 prescrivant les mesures générales nécessaires pour faire face à l'épidémie de covid-19 dans les territoires sortis de l'état d'urgence sanitaire et dans ceux où il a été prorogé;
B- Iraqi
1. Iraqi constitution 2005;
2. The Law of the Iraqi State Council 1979;
3. Civil Procedure Code 1969;
4. Harmful Radiation Protection Law 1980;
5. Public Health Law 1981;
6. monuments and Heritage Protection Law 2002;
7. The Law of Provincial Councils Not Organized in a Region 2008;
8. Environmental Protection and Improvement Law 2009;
9. Ministry of Interior Law 2016
Third: Websites
المصـادر
اولاً- الکتب العربیة:
ثانیاً- الکتب الفرنسیة:
ثالثاً- القوانین والأنظمة والقرارات:
أ- الفرنسیة:
(Code général des collectivités territoriales)
(Code de l'industrie cinématographique)
10. القانون ذی الرقم (2020-293) المؤرخ 23 آذار 2020 للطوارئ.
11.المرسوم المرقم (2020-860) الصادر فی 10 تموز 2020 والخاص بتحدید التدابیر العامة اللازمة للتعامل مع وباء کوفید - 19 فی المناطق الخارجة من حالة الطوارئ الصحیة وفی المناطق التی تم تمدیدها فیها.
ب- العراقیة:
10. الأمر الدیوانی ذی الرقم رقم (55) بعدد م.ر.و/ د/6/59/1932 فی 3/2/2020.
11.قرار مجلس الوزراء المرقم (74) لسنة 2020 المتخذ بجلسته المنعقدة بتاریخ 26/3/2020
رابعاً- المواقع الإلکترونیة: