الملخص
تناولت الدراسة دستوریة الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات الغیر منتظمة فی إقلیم محدد فی العراق بموجب القانون رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ, والهدف من البحث هو بیان حدود الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات الغیر منتظمة فی إقلیم محدد فی ضوء دستور جمهوریة العراق لسنة 2005 النافذ. وقد اعتمد البحث على المنهج التحلیلی من خلال تحلیل نصوص الدستور العراقی وقانون المحافظات النافذ المتعلق بالموضوع داعما رأیه بالعدید من الأحکام القضائیة. وقد توصل الباحث الى عدة استنتاجات أهمها: عدم دستوریة التشریعات الصادرة من مجالس المحافظات على شکل قانون عادی, وأن المقصود بالتشریعات المحلیة فی قانون المحافظات هو صلاحیتها فی إصدار التشریعات الفرعیة من غیر القوانین. وأوصى الباحث بتعدیل المواد (111-115) من الدستور العراقی النافذ، وتخصیص أحکام خاصة بالمحافظات مختلفة عن تلک الخاصة بالأقالیم، لاختلاف المرکز القانونی لکل منهما, کما أوصى بضرورة تعدیل النصوص المتعلقة بالاختصاص التشریعی الواردة فی قانون المحافظات بما ینسجم ومبدأ اللامرکزیة الإداریة الواردة فی دستور جمهوریة العراق لسنة 2005.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
الجديد في البحث
الجدید فی الموضوع
أصل المقالة
دستوریة الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق -دراسة قانونیة تحلیلیة-(*)-
The Constitutionality of the Legislative Competence of governorates Councils not incorporated in a Region in Iraq
- An Analytical Legal Study
محمد سلیم محمد أمین جامعـة السلیمانیة التقنیة Mohammed Saleem Mohammed Ameen Sulaimaniyya Polytechnic University Correspondence: Mohammed Saleem Mohammed Ameen E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 27/7/2020 *** قبل للنشر فی 5/9/2020.
(*) received on 27/7/2020 *** accepted for publishing on 5/9/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.127820.1096
© Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تناولت الدراسة دستوریة الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات الغیر منتظمة فی إقلیم محدد فی العراق بموجب القانون رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ, والهدف من البحث هو بیان حدود الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات الغیر منتظمة فی إقلیم محدد فی ضوء دستور جمهوریة العراق لسنة 2005 النافذ. وقد اعتمد البحث على المنهج التحلیلی من خلال تحلیل نصوص الدستور العراقی وقانون المحافظات النافذ المتعلق بالموضوع داعما رأیه بالعدید من الأحکام القضائیة. وقد توصل الباحث الى عدة استنتاجات أهمها: عدم دستوریة التشریعات الصادرة من مجالس المحافظات على شکل قانون عادی, وأن المقصود بالتشریعات المحلیة فی قانون المحافظات هو صلاحیتها فی إصدار التشریعات الفرعیة من غیر القوانین. وأوصى الباحث بتعدیل المواد (111-115) من الدستور العراقی النافذ، وتخصیص أحکام خاصة بالمحافظات مختلفة عن تلک الخاصة بالأقالیم، لاختلاف المرکز القانونی لکل منهما, کما أوصى بضرورة تعدیل النصوص المتعلقة بالاختصاص التشریعی الواردة فی قانون المحافظات بما ینسجم ومبدأ اللامرکزیة الإداریة الواردة فی دستور جمهوریة العراق لسنة 2005.
الکلمات المفتاحیة: قانون المحافظات، الاختصاص التشریعی، مجالس المحافظات، المحکمة الاتحادیة العلیا العراقیة.
Abstract
This paper looks at the constitutionality of the legislative jurisdiction of the councils of Iraqi governorates not incorporated in region in the light of Law (No. 21\2008). Specifically, it examines the legislative competence of these councils under the 2005 Constitution of Iraq. The principal research method employed is that of doctrinal legal research focusing on analysing the 2005 constitution and relevant governorates’ law supported by judicial decisions. It can be argued of the unconstitutionality of a provincial legislation issued by the legislative branch of the government of a province. This highlights the importance of amending Articles (111-115) of Iraq’s Constitution and allocating special provisions for these governorates from those rules applicable to the regions. The paper also emphasises the importance of amending the legislative competence rules of the Provincial Law in accordance with the principles of decentralized administration as enshrined in the 2005 constitution.
Keywords: Provincial Law, Legislative Jurisdiction, Provincial Councils, Iraqi Federal Supreme Court.
المقدمـة
إن منح الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات بموجب قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ, کان نتیجة من نتائج فهم المشرع العادی لفکرة التوزیع الوظیفی للاختصاصات فی العراق – ومنها الاختصاص التشریعی- بموجب الدستور العراقی لسنة 2005 النافذ بین کل من الحکومة الاتحادیة والمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم, بحسبانه ان المشرع الدستوری قد أعطى مجالس المحافظات دورا اکبر من ذلک الذی یمکن ان تلعبه السلطة التشریعیة الاتحادیة فی مجال سن القوانین العادیة, لذلک کثرت السجالات والمناقشات الفقهیة فی الآونة الاخیرة حول هذا الاختصاص لمجالس المحافظات فی العراق, خصوصا بعد ان ظهر من خلال التطبیق العملی لنصوص الدستور والقانون المشار إلیهما، وجود اکثر من تشریع فی محافظة معینة یحکم مسألة من المسائل, ما ادى الى وجود تضارب او تناقض بین احکام التشریع الذی اصدره المحافظة غیر المنتظمة فی اقلیم مع التشریع الاتحادی الصادر بذلک الخصوص.
أولاً: مشکلة البحث: حدد المشرع الدستوری العراقی العلاقة القانونیة بین الحکومة الاتحادیة والمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم على اساس مبدأ اللامرکزیة الاداریة وفقاً للفقرة (ثانیاً) من المادة (122) منه, الا ان المشرع العادی فی قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم رقم 21 لسنة 2008 المشَرَعِ وفقا لتلک المادة، تجاوز الاختصاصات التنفیذیة لمجالس المحافظات, حین أعطاها اختصاصا تشریعیا. وفضلا عن ذلک, فان تشریع بعض القوانین العادیة من قبل بعض مجالس المحافظات من الناحیة العملیة, خلق الکثیر من التساؤلات والجدال الفقهی حول مدى أحقیة مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم بممارسة ذلک الاختصاص. وما زاد المشکلة عمقاً، إصدار المحکمة الاتحادیة العلیا قرارات واراء متناقضة فی الموضوع نفسه.
ثانیاً: أهمیة البحث: تتجسد أهمیة البحث، من خلال دراسته لاحد أهم المشاکل التی تواجه التنظیم الإداری للامرکزیة الاداریة فی العراق والواردة فی المادة (122-ثانیا) من دستور جمهوریة العراق لسنة 2005 النافذ، وهی مسألة العلاقة التی تربط الحکومة الاتحادیة بالمحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم, وخاصة بعد صدور قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ, وما شهده من تجاوز على اختصاص المشرع الدستوری بمنحه تلک المجالس اختصاصا تشریعیا, ( ذلک ان سن القانون (التشریع العادی) فی نطاق الحکومة الاتحادیة (دون الاقالیم) هو صلاحیة خاصة بالبرلمان العراقی (السلطة التشریعیة) وفق م/61 من الدستور النافذ لسنة 2005), ومن ثم ظهور نوع من التنازع حول الاختصاص التشریعی فیما بین تلک الجهتین, ودراسة ذلک التنازع وفق قرارات قضائیة حدیثة نسبیا بهذا الشأن، کما تکمن الأهمیة فی الکشف عن الغموض الذی ینتاب النصوص المنظمة لتلک العلاقة وتحدید الثغرات الموجودة فیها, بما یساعد المشرعین الدستوری والقانونی من اجراء التعدیلات الضروریة, وافادة القائمین بذلک الاختصاص للحد من تلک التنازعات على صعید الممارسة العملیة.
ثالثاً: أسئلة البحث: هنالک عدد من الأسئلة التی یمکن أن تثار بهذا الصدد، جاءت الدراسة للإجابة عنها وهی:-
رابعاً: أهداف البحث: تهدف هذه الدراسة إلى بیان الآتی:-
خامساً: فرضیة البحث: تکمن فرضیة الدراسة, فی ان منح الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم من قبل المشرع العراقی, لم یکن الا نتیجة من نتائج فهمه الخاطئ للامرکزیة الإداریة وخلطها باللامرکزیة السیاسیة.
سادساً: منهجیة البحث: اعتمد البحث بشکل رئیس على المنهج التحلیلی, من خلال تحلیل النصوص المنظمة للاختصاص التشریعی للمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم، ودَعَمَ اراءَهُ بالعدید من التطبیقات القضائیة للقضاء العراقی المختص بالموضوع.
سابعا : نطاق البحث: ان نطاق بحثنا یتعلق بدراسة مدى دستوریة الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق حصرا, حیث نهج المشرع العادی فیه منهجا مختلفا عن بقیة الانظمة المقارنة فی تحدید العلاقة بین الحکومة الاتحادیة والادارات المحلیة, فی اسلوب تکاد تنفرد به عن بقیة الاسالیب المتبعة فی دول العالم, من حیث انه منح مجالس المحافظات اختصاصا تشریعیا بموجب قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم العراقی رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ, فی الوقت الذی بنى فیه الدستور العراقی لسنة 2005 تلک العلاقة على اساس اللامرکزیة الاداریة. الامر الذی یقتضی بیان مدى دستوریة موقف المشرع ذلک فی ضوء احکام الدستور العراقی, ولذلک نَستبعِدُ من دراستنا الاختصاصات الاخرى التی تتمتع بها تلک المجالس, کالاختصاصات الاداریة والمالیة والرقابیة والاختصاصات الاخرى التی منحه لها ذلک القانون.
ثامناً: هیکلیة البحث : اقتضت طبیعة دراستنا لهذا الموضوع تقسیمه إلى ثلاثة مباحث: کان الاول بعنوان التنظیم القانونی لتکوین مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق واختصاصها التشریعی, فی حین کان عنوان المبحث الثانی الموقف الفقهی والقضائی حول الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق, اما المبحث الثالث والاخیر فکان بعنوان رؤیتنا التحلیلیة للنصوص المنظمة للاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق ودور القضاء المختص فی حسم المنازعات المتعلقة بذلک الاختصاص. وختمنا البحث بأهم ما توصلنا الیه من استنتاجات, وابدینا مقترحاتنا بهذا الشأن, من اجل حل اشکالیة موضوع الدراسة.
المبحث الأول
التنظیم القانونی لتکوین مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق واختصاصها التشریعی
تتوزع السلطات اللامرکزیة فی المحافظات بین مجلس المحافظة والمحافظ، حیث یحل کل منهما محل السلطة المرکزیة فی إدارة المحافظة ( إضافةً لمجلس القضاء والقائممقام، مجلس الناحیة ومدیر الناحیة )، وبقدر تعلق الموضوع ببحثنا, فإننا لا نتطرق سوى لماهیة مجلس المحافظة والتنظیم القانونی لاختصاصه التشریعی وذلک فی مطلبین, نتناول فی المطلب الاول ماهیة مجلس المحافظة عیر المنتظمة فی اقلیم فی المطلب الاول, بینما نشیر الى التنظیم القانونی للاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات فی مطلب ثانٍ, وکالاتی :
المطلب الأول
التنظیم القانونی لتکوین مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق
یخضع التنظیم الاداری فی کل دولة لعدد من العوامل السیاسیة والتاریخیة والاقتصادیة لمجتمع ما ویتأثر بها, فقانون المحافظات العراقی رقم 159 لسنة 1969 الملغی قسم العراق الى وحدات اداریة تُدارُ او تُنظمُ على اساس اللامرکزیة الاداریة، الا ان الواقع العملی لم یکن یؤید ذلک, فأغلب القرارات الصادرة من المحافظات لم تکن تتخذ الا بموافقة السلطة المرکزیة فی العاصمة بغداد, واقتصر تکوین اعضاء مجالس ادارة المحافظات فی الغالب على المعینین فقط من العاصمة بغداد دون المنتخبین من ابناء المحافظة, وبذلک تعطلت الکثیر من صلاحیات مجالس ادارتها وما نتجت عن ذلک من اثار سیئة، وهو ما جعل القوى السیاسیة وبأغلب انتماءاتها - بعد سقوط النظام عام 2003 - تمنی النفس بضرورة الأخذ بمبدأ اللامرکزیة الاداریة وتطبیقها على أرض الواقع حقیقةً, فصدر الدستور العراقی لسنة 2005 لیتبنى بصریح نص المادة (122-الفقرة ثانیا) مبدأ اللامرکزیة الاداریة, کمبدأ قانونی اساسی یحکم العلاقة بین الحکومة الاتحادیة والمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم على المستوى التنفیذی او الاداری.
ومن المعروف ان الدستور هو الذی یشکل الاساس التنظیمی لهرمیة التکوین القانونی والاداری للدولة, والقاعدة التی یستمد منها معظم التشریعات شرعیتها والزامها التطبیقی, وحین نمعن النظر فی دستور جمهوریة العراق النافذ لسنة 2005, نجد ان المشرع الدستوری تطرق الى تنظیم مجلس المحافظة دون تحدید أحکام اساسیة به( مثل کیفیة انتخابه, مدة دورته الانتخابیة, وصلاحیاته...الخ ), عدا ما ذکرته الفقرة خامسا من المادة 122 من الدستور, حین نصت على عدم خضوع مجلس المحافظة لسیطرة او اشراف ایة وزارة او ایة جهة غیر مرتبطة بوزارة, وله مالیة مستقلة.
أما المشرع العادی فی قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ فانه قد عرف مجلس المحافظة بأنّه: هو السلطة التشریعیة والرقابیة ضمن الحدود الإداریة للمحافظة، التی لها حق إصدار التشریعات المحلیة فی حدود المحافظة بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة، وبما لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة. ویخضع مجلس المحافظة والمجالس المحلیة لرقابة مجلس النواب.
ولما کان الدستور لم یشر بصریح النص الى کیفیة تکوین مجلس المحافظة وصلاحیاته, کان على المشرع العادی ان یکون حریصا کل الحرص فی انتقاء العبارات والتعاریف القانونیة, فماذا یرید المشرع من اخضاعه مجلس المحافظة لرقابة مجلس النواب؟ ألا یتعارض ذلک مع مبدأ اللامرکزیة الاداریة الواردة فی التعریف نفسه والذی نظمه المشرع الدستوری من قبل فی (المادة 122 -الفقرة ثانیا) منه, والذی یقتضی مفهومها خضوع مجلس المحافظة لرقابة السلطة التنفیذیة الاتحادیة (دون مجلس النواب)؟ثم– لو سلمنا جدلا بصحة تلک الرقابة– على فرض صحة ما ذهب الیه مشرع قانون المحافظات, فهل یخضع مجلس المحافظة لرقابة مجلس النواب فی اختصاصه التشریعی ام الرقابی أم التنفیذی أم فی کل منها؟!!.
هذا ویتکون مجلس المحافظة بموجب قانون المحافظات النافذ من (10) مقاعد ، یضاف إلیه مقعد واحد لکل (200,000) نسمة لما زاد عن (1,000,000) نسمة على أن لا تزید عن (35) مقعدا، ویتم انتخاب أعضائهعن طریق الانتخاب السری المباشر, وتکون مدة الدورة الانتخابیة لهذا المجلس أربع سنوات تقویمیة، تبدأ بأول جلسة لها. أما مدة العضویة فی المجلس المذکور، فتنتهی بانتهاء مدة الدورة الانتخابیة أو قبله وذلک فی احدى الحالات الاتیة:
ولعضو المجلس أن یطعن بقرار إنهاء عضویته أمام محکمة القضاء الإداری خلال (15) یوماً من تاریخ تبلغه به، وتبت المحکمة بالطعن خلال (30) یوماً من تاریخ استلامها الطعن ویکون قرارها باتاً.
وبذلک نرى ان مجلس المحافظة لیس الا هیئة اداریة اقلیمیة منتخبة, تتمتع بالشخصیة المعنویة, وتمارس بنفسها اختصاصاتها الممنوح لها بموجب القانون ضمن منطقة جغرافیة محددة (هی المحافظة), بهدف خدمة ابناء تلک المحافظة, وتحت رقابة الحکومة المرکزیة. وبما انها هیئة اداریة, فان اعمالها ووظائفها لا تتعدى رحبة اللامرکزیة الاداریة التی تحکم علاقتها بالسلطة الاتحادیة.
المطلب الثانی
التنظیم القانونی للاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق
لقد منح مشرع قانون المحافظات المعدل النافذ رقم 21 لسنة 2008 مجلس المحافظة الکثیر من الاختصاصات منها ما هی اختصاصات تشریعیة, ومنها هی تنفیذیة کالاختصاصات الاداریة والمالیة والرقابیة، لکن وبقدر تعلق الامر بموضوع دراستنا, سنشیر الى الاختصاصات التشریعیة للمحافظة مع بیان معناها.
وبما ان مجلس المحافظة غیر المنتظمة فی اقلیم هی وحدة اداریة منتخبة من قبل سکان المحافظة, لذلک استحسن المشرع منحها اختصاصات تشریعیة, والتی تتمثل بما یأتی:
أولا// إصدار التشریعات المحلیة والأنظمة والتعلیمات لتنظیم الشؤون الإداریة والمالیة فی المحافظة وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة وبما لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة. إن عبارة ( التشریعات المحلیة بمعنى سن القانون العادی وإن کانت محلیة) تُعَدُ – وبرأینا - خرقاً لأحکام الدستور، وتجاوزا على الصلاحیات الإداریة والمالیة الواسعة التی منحه الدستور لمجلس المحافظة من أجل إدارة شؤون المحافظة على وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة. بل یتمثل نوع التشریعات التی یصدرها مجلس المحافظة, وعلى رای اغلبیة الفقه (بالتشریعات الفرعیة) ووفقا لما سنزیده بحثا فی حینه. وبعبارة أخرى, فأن لمجالس المحافظات سلطة إصدار (الأوامر والبیانات والتعلیمات) التی تتناسب والصفة الإداریة التی یفترض أن تتمتع بها تلک المجالس للقیام بأعمالها الیومیة فی حدود المحافظة. ومن ثم فإن الصلاحیات التشریعیة التی ذکرها القانون, لا تعدو أن تکون سوى خَطَأِ فی الصیاغة التشریعیة، لأن واقع الحال والنصوص القانونیة الأخرى لا تسعف المجلس للقیام بمهمة سن القوانین.
ولذلک فإننا نرى بأنَّ تعبیر المشرع لم یکن صائباً, حین نص على منح مجالس المحافظات (سلطة تشریعیة)، لأنه قد یوحی بان مجالس المحافظات تملک صلاحیة سن القوانین (التشریع العادی) إلا أنَّ الأمر لیس کذلک، ذلک أنَّ التشریع قد یأتی بالمعنى الواسع، ویدخل -من ضمنها- صلاحیة إصدار الأنظمة والتعلیمات کما سنفصل لاحقا. وخلافُ ذلک یؤدی إلى ظهور نوع من الازدواجیة فی الصلاحیة التشریعیة بینها وبین السلطة التشریعیة الاتحادیة (البرلمان)، وهو ما یجعل اللامرکزیة الإداریة تتحول أو تقترب من نظام اللامرکزیة السیاسیة، لأن الغالب أن دول النظام الفدرالی توجد فیها سلطتان تشریعیتان الأولى: السلطة التشریعیة للدولة الاتحادیة، والثانیة: السلطة التشریعیة للأقالیم.
ثانیا// إقرار ( إعداد) النظام الداخلی للمجلس : وذلک خلال شهر واحد من تاریخ أول جلسة لها ویصادق علیه بالأغلبیة المطلقة، لغرض ضمان وحدة النصوص القانونیة التی ستدون فی النظام الداخلی واتفاقها مع قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم.
ثالثا// إعداد مشروع الموازنة الخاصة بالمجلس : وذلک لدرجها فی الموازنة العامة للمحافظة، وهی تمثل الموازنة التشغیلیة فقط، وهی تشتمل مثلاً على مکافأة الأعضاء والکوادر الإداریة وأجور الموظفین والوقود وأجور الهواتف والقرطاسیة والمطبوعات والنثریة وغیرها. أی أن تلک النفقات تتعلق بتمشیة الأمور الیومیة للمجلس وإدامتها.
رابعا// المصادقة على مشروع الموازنة العامة للمحافظة: ویقصد بها مشروع الموازنة العامة لتلک المحافظة المحال إلیها من المحافظ وإجراء المناقلة بین أبوابها بموافقة الأغلبیة المطلقة، على أن تراعی المعاییر الدستوریة فی التوزیع لکل من مراکز المحافظات والأقضیة والنواحی ورفعها إلى وزارة المالیة فی الحکومة الاتحادیة لتوحیدها مع الموازنة الاتحادیة، وإن لفظ الموازنة العامة فی القانون جاء مطلقاً، لذلک یضم الموازنة التشغیلیة والاستثماریة للمحافظة.
إن مسودة مشروع الموازنة العامة للمحافظة تتضمن المیزانیات المخصصة لمجلس المحافظة ومجالس الأقضیة والنواحی ومکتب المحافظ والقائممقام ومدیر الناحیة، ویستثنى منها موازنة الدوائر والمؤسسات المرتبطة بالسلطات الاتحادیة کالصحة والتربیة والنقل والبیئة والمدیریات الأخرى، أما المدیریات التابعة لوزارة البلدیات والأشغال العامة فإنها تمول ذاتیاً من الإیرادات التی تحصل علیها مقابل الخدمات التی تقدمها، وفی حالة عدم حصولها على الإیراد الکافی تقوم وزارة البلدیات والأشغال بتخصیصها المبالغ اللازمة لتمکینها من أداء عملها.
المبحث الثانی
الموقف الفقهی والقضائی من الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فی العراق
تُعد المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم إحدى تطبیقات نظام اللامرکزیة الإداریة التی تقوم بتسهیل إدارة الدولة, من خلال تقسیم مساحتها إلى وحدات إداریة أصغر، تقوم علیها هیئات تدیر شؤونها وشؤون سکانها، وذلک من خلال منح السلطة المرکزیة لهذه الهیئات سلطة الإدارة ضمن حدود الوحدة الإداریة، إذ إنَّ نظام اللامرکزیة الإداریة یفترض توزیع الوظیفة الإداریة بین السلطة المرکزیة والمحافظات بما تتضمنه هذه الوظیفة من تخطیط وتنظیم وتنفیذ من دون أن یتعدى الأمر الى وظیفتی التشریع والقضاء، لأنه إذا أدخلت هاتان الوظیفتان إلى نطاق اللامرکزیة بین السلطة المرکزیة والمحافظات، فإننا ننتقل من نطاق نظام اللامرکزیة الإداریة إلى اللامرکزیة السیاسیة، غیر أنَّ قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ، کان له حکم مغایر، فقد نص على منح مجالس المحافظات صلاحیات تشریعیة، متجاوزاً بذلک النصوص الدستوریة الواردة فی صلب الدستور.
ولقد شهد الاختصاص التشریعی للمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم اختلافات ومواقف متباینة فقهیة کانت ام قضائیة, کما شهد تنازعا من الناحیتین النظریة بصورة عامة والعملیة بصورة أخص. وقبل ان نلج فی الموضوع, نستعرض النصوص المنظمة للاختصاص التشریعی للمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم, والتی تتجسد فی اربعة نصوص: اثنتان منها نصوص دستوریة, والأخیرتان منها نصوص عادیة نص علیهما قانون المحافظات المعدل النافذ.
فأما النصان الدستوریان, فهما: نص کل من المادة (115) من الدستور التی نصت على انه: "کل ما لم ینص علیه فی الاختصاصات الحصریة للسلطات الاتحادیة، یکون من صلاحیة الأقالیم والمحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم، والصلاحیات الأخرى المشترکة بین الحکومة الاتحادیة والأقالیم، تکون الأولویة فیها لقانون الأقالیم والمحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم، فی حالة الخلاف بینهما". بینما نصت الفقرة (ثانیا) من المادة (122) من الدستور على انه: "تمنح المحافظات التی لم تنتظم فی إقلیم الصلاحیات الإداریة والمالیة الواسعة, بما یمکنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة، وینظم ذلک بقانون".
واما نصا قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فهما: الاول (الفقرة أولا من المادة الثانیة) من ذلک القانون التی نصت على انه: "مجلس المحافظة هو السلطة التشریعیة والرقابیة فی المحافظة، له حق إصدار التشریعات المحلیة بما یمکنه فی إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة, بما لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة التی تندرج ضمن الاختصاصات الحصریة للسلطات الاتحادیة". والثانی هو (الفقرة ثالثا من المادة السابعة) من ذات القانون التی تکلمت عن احدى اختصاصات مجلس المحافظة وهی: "اصدار التشریعات المحلیة والانظمة والتعلیمات لتنظیم الشؤون الاداریة والمالیة بما یمکنها من ادارة شؤونها وفق مبدا اللامرکزیة الاداریة وبما لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة.". وسنتناول الاشکالیة التی اثارتها معانى تلک النصوص فی ضوء الموقفین الفقهی والقضائی فی مطلبین اثنین , وکالاتی:
المطلب الأول
الموقف الفقهی من الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم فی العراق
من خلال قراءة موقف الفقه العراقی حول الاختصاص التشریعی ( سن القانون) لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم فی العراق بموجب الدستور العراقی وقانون المحافظات النافذ, نرى ان ذلک الموقف لا یخرج عن أحد رأیین: فیذهب بعض الفقه الى تمتع مجالس المحافظات بذلک الاختصاص, بینما تذهب الاغلبیة الفقهیة الى ان ما نص علیه قانون المحافظات من اختصاص تشریعیة, لا یعنی سلطة سن القوانین, وان مشرع قانون المحافظات لم یقصد بذلک غیر حقها فی اصدار التعلیمات و البیانات والتعامیم والاوامر على مستوى المحافظة, وفی الجانبین الرقابی والمالی, بما یتوافق مع مبدأ اللامرکزیة الاداریة.
ویستند المؤیدون لمسألة تمتع مجالس المحافظات بصلاحیات تشریعیة بصفة عامة فی رأیهم على الاتی:
اما المعارضون لمسألة تمتع مجالس المحافظات بصلاحیات تشریعیة ومنها سن القانون العادی, فإنهم یستندون على المبررات الاتیة:
ونحن نؤید ما ذهب الیه الاتجاه الثانی (کما سنفصل لاحقا عند تحلیلنا موقف المشرع فی المبحث الثالث من الدراسة) الذی یرى انه لا یمکن الا التوافق بین تلک النصوص, وأن لمجلس المحافظة صلاحیة تشریعیة فرعیة متمثلة بالأنظمة والتعلیمات والبیانات والاوامر, وصلاحیة إداریة أصلیة متمثلة فی القرارات الإداریة الفردیة, وکلها تدور فی نطاق اللامرکزیة الإداریة. خاصة أن منح مجالس المحافظات حق إصدار القرارات هو حق یتلاءم مع طبیعة اللامرکزیة الإداریة، کون هذا القرارات ذات طابع إداری مهمتها وضع القوانین محل التنفیذ، أی أنها قرارات تنفیذیة ولیست بمعنى القانون العادی.
المطلب الثانی
الموقف القضائی من الاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم فی العراق
سنشیر الى موقف کل من قضاء المحکمة الاتحادیة العلیا واحکام مجلس الدولة العراقی بوصفهما القضاءین المختصین بموجب الدستور والقانون, بالنزاعات الناشئة حول الموضوع کل حسب اختصاصه قانونا, وکالاتی :
اولا// موقف المحکمة الاتحادیة العلیا: لقد أصدرت المحکمة الاتحادیة العلیا فیما یتعلق بالصلاحیة التشریعیة لمجالس المحافظات عدة أحکام فی هذا الشأن بین قرارات وآراء تفسیریة، وجاءت تلک الأحکام بصورة مقتضبة وبعیدة عن أصل الموضوع.
ففی رأی للمحکمة الاتحادیة العلیا کان مدعاة للتعجب والاستغراب، قالت فیه "... فإن الفقرة (ثانیاً) من المادة (122) من دستور جمهوریة العراق نصت على أنَّه تمنح المحافظات التی لم تنتظم بإقلیم الصلاحیات الإداریة والمالیة الواسعة بما یمکنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة وینظم ذلک بقانون , کما نصت الفقرة (ثالثاً) من المادة (7) من قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ، بما یلی: إصدار التشریعات المحلیة والأنظمة والتعلیمات لتنظیم الشؤون الإداریة والمالیة بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة وبما لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة"، وتأسیساً على ما تقدم، یکون لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم سلطة سن القوانین الخاصة بفرض وجبایة وإنفاق الضرائب المحلیة وسن القوانین الخاصة بفرض وجبایة وإنفاق الرسوم والغرامات والضمیمة بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة". وقد صدر هذا الرأی نتیجة لاستفسار قدمه مجلس محافظة النجف حول مدى تمتع مجالس المحافظات بسلطة سن القوانین الخاصة بفرض وجبایة وإنفاق الضرائب وفق بعض مواد الدستور ووفق القوانین العراقیة النافذة.
إنَّ هذا الرأی للمحکمة الاتحادیة العلیا الذی جاء بعد صدور قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم، یبدو متناقضا مع قرار سابق لها، وهو القرار رقم (13/ اتحادیة /2007) المؤرخ فی 31/7/2007 أی قبل إصدار قانون المحافظات بسنة واحدة، إذ استوضح فیه مجلس النواب من المحکمة الاتحادیة العلیا عن تفسیر بعض مواد (نصوص) الدستور، وقد أصدرت الأخیرة قرارها التفسیری والذی جاء فیه: "من خلال تدقیق أحکام المادة 115 والمواد الأخرى من دستور جمهوریة العراق لسنة 2005 تبین أنَّ مجلس المحافظة لا یتمتع بصفة تشریعیة لسن القوانین المحلیة، ولکن یمارس صلاحیاته الإداریة والمالیة الواسعة استناداً لحکم الفقرة (الثالثة) من المادة 122 من الدستور بما یمکن المحافظة من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة وطبقاً لأحکام القانون الذی سیشرع وفق مقتضیاتها... ".
وهنا یثار التساؤل الآتی: ما السبب فی هذا التحول القضائی للمحکمة ورأیها فی أقل من سنة، هل هو صدور قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم؟ وإذا کان ذلک صحیحا أو هو السبب، فهل یعقل أنْ یؤدی صدور قانون (تشریع عادی) إلى تغییر رأی المحکمة الاتحادیة العلیا التی تستند فی احکامها الى نصوص الدستور؟ وکأنّنا عدلنا الدستور بتشریع عادی وهو قانون المحافظات المشار الیه, وهو أمر غیر جائز قطعا, بل ویتناقض مع مبدأ علو الدستور العراقی الذی هو دستور جامد, لذلک نؤید الرأی الذی ذهب الى عدم دقة صیاغة الفتاوى والآراء الصادرة عن المحکمة الاتحادیة والإبهام فی استخدام المصطلحات، وأنَّ ذلک یرجع إلى خشیة المحکمة نفسها من الخوض فی تفصیلاته، وإبداء الرأی القانونی الصحیح. خاصة وأن المحکمة الاتحادیة العلیا وفی الکثیر من قراراتها قامت بمراقبة دستوریة قرارات مجلس المحافظة فی فرض الرسوم, من ذلک ما ذهبت الیه بقرارها المرقم (82/اتحادیة/أعلام/2013) فی 8/7/2013 إلى القول بـ " عدم قانونیة الرسوم التی یفرضها مجلس المحافظة عن کل جواز یصدر من مدیریة الجوازات فی المحافظة ".
وبرأینا فان المحکمة الاتحادیة العلیا الغت ذلک التشریع لکونه مخالفا للقانون (قانون الجوازات), ذلک انه من المتعارف علیه قانونا, ان القانون یُلغَى حینما یکون مخالفا للدستور, ولیس لقانون اخر یساویه فی القوة أو یقل عنها من حیث القوة الملزمة (على اعتبار ان م/115) اعطت الاولویة لقوانین المحافظات عند التعارض, وهذا على فرض ان المقصود بالتشریعات المحلیة هو القانون, وهذا یدل على ان معنى التشریعات الواردة فی قانون المحافظات هی التشریعات الفرعیة ولیست التشریعات العادیة (القانون العادی).
ویتبین لنا من خلال ما سبق, ان المحکمة مترددة فی تفسیرها للنص الوارد فی المادة (115) من الدستور والمتعلق بالصلاحیة التشریعیة للمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم, لذلک فان الاحکام والآراء الصادرة عن المحکمة الاتحادیة قد عقدت المسألة دون ان تحسمها, کما ان النزاع حول الموضوع سیبدو مستمرا ما لم تَقُمِ المحکمة بدورها المنشود, وان ما سبق ذکره یفضی بنا الى القول بأحد امرین : إما ان النصوص الواردة فی قانون المحافظات والمتعلقة بالصلاحیة التشریعیة لمجالس المحافظات مشوبة بالبطلان لتعارضها مع النصوص الدستوریة فی هذا الشأن وهنا کان یجب أن تَبرُزَ الرقابةُ القضائیةُ على دستوریة القوانین وفق الاجراءات المتبعة, أو أن قراراتِ المحکمة الاتحادیة العلیا فاقدةٌ لعنصری الالزام والبتات کما ورد فی نص المادة (94) من الدستور.
ثانیاً// موقف مجلس الدولة العراقی: لقد ذهب مجلس الدولة العراقی فی احدى فتاواه برقم (39/2008) فی (11/3/2008) بأنَّه لا یجوز لمجالس المحافظات فرض واستیفاء الضرائب والرسوم الا بقانون یحددها، وذلک استناداً إلى قرار اخر للمجلس والمرقم (54) المؤرخ 19/7/2007 الذی جاء فیه: "لیس لمجالس المحافظات فرض ضمیمة بنسبة 5% الا بقانون".
وفی موقف آخر للمجلس، قطع فیه بعدم جواز إصدار مجالس المحافظات للقوانین، ومن ذلک رأیه الاستشاری فی "صحة قانون المولدات ذات النفع العام رقم 2 لسنة 2009 الصادر من مجلس محافظة بابل"، فقد أوضح المجلس فی قراره ما یأتی: "1- حدد الدستور الأحکام ذات العلاقة بتشریع القوانین وتصدیقها وإصدارها وأنَّ القوانین لا تصدر إلا استناداً لنص دستوری. 2- إنَّ المادة (121) من الدستور خولت سلطات الأقالیم الحق فی ممارسة السلطات التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة وإصدار القوانین وفقاً لأحکامه، ولم تخول المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم هذه الصلاحیة، ولم ترد فیه أیة إشارة بأن تصدر المحافظات قوانینا. 3- إن القانون لا یکون سنده فی الإصدار قانون آخر، ولم یسبق أن صدر قانون استناداً لنص فی قانون آخر منذ تشکیل الدولة العراقیة، وبالتالی فإنَّ إقرار هذا الاتجاه هو مخالفة لأحکام الدستور ویتعارض مع ما استقر علیه فقهاء القانون ودول العالم فی تشریعات القوانین".
ویظهر لنا من ذلک لنا ان المجلس مستقر وغیر متردد فی افصاحه عن عدم جواز سن مجالس المحافظات للقانون (التشریع العادی), وان هذا الاتجاه هو الصحیح والحاسم للمسألة, خلافا للمحکمة الاتحادیة التی رأیناها مترددة بین الجواز وعدمه. ویبدو ان المجلس یستند فیما سبق على مفهوم نص الفقرة (ثالثاً) من المادة (7) من قانون المحافظات النافذ التی جاءت لتقید إصدار التشریعات المحلیة بالشؤون الإداریة والمالیة.
المبحث الثالث
رؤیتنا التحلیلیة للنصوص المنظمة للاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات ودور القضاء المختص فی حسم المنازعات المتعلقة بذلک الاختصاص
راینا حین استعراض النصوص المنظمة لقانون المحافظات رقم (21) لسنة 2008 المعدل النافذ, انها منحت المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم اختصاصا تشریعیا, وفی الوقت نفسه فان الاختصاص الحصری لمجلس النواب بسن القوانین کما ذکرته المادة (61) من الدستور یخلق تنازعا بین نصوص کلا التشریعین , ما أثار مسألة کیفیة التوافق فیما بینها, وانعکس ذلک على ظهور اراء فقهیة واحکام قضائیة مختلفة فی المسألة.
الا ان المتمعن بدقة فی النصوص الدستوریة فیما بینها من جهة وبینها وبین تلک المتعلقة بالموضوع نفسه فی قانون المحافظات من جهة اخرى, یجد تناقضا بینهما, والذی یمکن اظهاره عن طریق الکشف عن نیة المشرع الدستوری, من خلال تحلیل النصوص الدستوریة بصفة خاصة, بوصفها التشریع الاعلى مرتبة فی الدولة, والتی ان بانت على حقیقتها, فإنها تعلو غیرها من القواعد الادنى درجة منها وبضمنها النصوص الواردة فی قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم ما یساعد فی حسم تلک الاشکالیة, مع تسلیمنا بأن الموقف الحاسم والقطعی لن یکون الا فی ید القضاء المختص, والذی علیه ان یقطع الشک بالیقین فی مسالة بهکذا أهمیة فی منازعات مماثلة, وذلک وفقا لاختصاصه فی هذا الشأن. وعلیه سنقسم هذا المبحث الى مطلبین وکالاتی :
المطلب الأول
تحلیل النصوص المنظمة للاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم فی العراق
ذکرنا بان هنالک تنازعا بین النصوص المنظمة للاختصاص التشریعی للمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم, اثنتان منها نصوص دستوریة والأخرتان نصوص تشریعیة عادیة, حیث یثور لدینا تساؤل کالاتی: هل بالإمکان التوفیق بین تلک النصوص وعلى الاقل من الناحیة النظریة؟ أم لا یمکن ذلک لعدم وجود قواسم مشترکة تتضمنها معانی تلک النصوص, بحیث تشکل نوعا من التناقض فیما بینها, -وحینئذٍ- لا یمکن حل ذلک الاشکال الا بتغلیب احدى تلک النصوص, وهی تلک التی کانت مقصد المشرع وغایته من خلال تنظیمه لتلک المسألة؟ إن الاجابة عن هذا السؤال یقتضی منا تحلیل موقف المشرع من خلال المرور بثلاث مراحل وکالاتی :
المرحلة الاولى : بیان مستوى النصوص المتنازعة: والتی تکمن بین نصوص مختلفة من حیث الاساس والدرجة, فاستنادا الى مبدأ علویة الدستور أو سمو الدستور, والذی یعنی ان القواعد الدستوریة تعلو على جمیع القواعد الاخرى فی الدولة وتسمو علیها, ولما کان الدستور العراقی دستورا جامدا, لان الاجراءات التی حددها المشرع لتعدیله اکثر صعوبة وتعقیدا من تلک المتبعة فی تعدیل التشریعات العادیة, وعلیه فان نصی المادتین (115) و(الفقرة ثانیا من المادة 122) من الدستور هما المعول علیه فی هذا الصدد دون نصی قانون المحافظات المشار الیهما.
المرحلة الثانیة : تحدید نقطة التنازع : وهو من أصعب المراحل وأکثرها أهمیة, وتکمن بین نصی المادة (115) و(الفقرة ثانیا من المادة 122) من الدستور العراقی لسنة 2005 کونهما من المستوى نفسه, من اجل التوفیق بینهما أو تغلیب احدهما على الاخر عند التنازع فی حالة عدم امکانیة الجمع بینهما, وبإلقاء نظرة على کلتا النصین, نجد ان نص المادة (115) نص غامض ومضطرب وغیر دقیق, بسبب صیاغتها غیر الدقیقة, فمن المعلوم ان الصیاغة الدستوریة یجب ان تتواءم مع قصد المشرع الدستوری نفسه, وهو ما یمکن استنتاجه من خلال قراءة مختلف النصوص الدستوریة وعرضها على البعض الاخر, وتنبنی على تلک الملاحظة النقاط الاتیة :
ویمکننا الاستشهاد هنا بإحدى القرارات المهمة جدا للمحکمة الاتحادیة العلیا نفسها, التی قالت فیه: "... حیث نَصَ ان المادة (23/ثالثا/ب) من الدستور ورد مطلقا فی حکمه, وهادفا مع النصوص الدستوریة الاخرى فی الحفاظ على الهویة السکانیة بمناطقها الجغرافیة فی العراق القومیة منها والاثنیة والدینیة والمذهبیة, ما شکل قیدا لنص المادة (23/ثالثا/أ) من الدستور التی اجازت للعراقی تملک العقار فی ای مکان فی العراق, لان نص المادة (23/ثالثا/ب)من الدستور ورد بعد نص المادة (23/ثالثا/أ) من الدستور من حیث الترتیب التدوینی, ولأنه کما تقدم ورد بصیغة المطلق , والمطلق یجری على اطلاقه...". ان اخذ المحکمة الاتحادیة بالمفهوم ذلک (الناسخ ینسخ السابق) اتجاه حسن یُحمدُ علیه المحکمة فی حکمها المشار الیه , لوجوب معرفتها بعدم إمکان الجمع بین النقیضین, وکان علیها ان تأخذ بالمسلک نفسه هاهنا , وبذلک تزول الاشکالیة.
علیه لا یمکن القول الا بان المادة (122-الفقرة ثانیا) هی المادة التی یجب ان یُعَوِلَ علیها کافة السلطات فی الدولة, والا وقعنا فی دوامة الجدل اللامتناهی التی تستمر, طالما حاولنا الجمع بین نقیضین یستحیل الجمع بینهما.
المرحلة الثالثة : تغلیب احد النصین المتنازعین : اذا ما عرفنا ان الفقرة الثانیة من المادة (122) هو النص المعول علیه والاکثر انسجاما والاصح تعبیرا والأوضح معنى ودلالة, فانه لیس على المشرع العادی الا ان یتقید بذلک النص الدستوری, دون ان یخرج عنه, والا کان عمله جدیرا بالبطلان والالغاء, لتعارضه مع نص مادة أسمى منها من حیث العلویة والدرجة.
وبذلک فإنَّ نص الفقرة (أولاً) من المادة الثانیة من القانون المذکور یکون قد خالف أحکام الدستور، وجاء – کما یرى البعض وبحق - ببدعة تشریعیة منسوجة على غیر منوال، وکأن ذلک النص منح مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم صلاحیات تشریعیة ( سن القانون) فضلاً عن الصلاحیات الإداریة، أی منحها استقلالاً تشریعیاً وإداریاً، ثم عاد المشرع فی الفقرات اللاحقة لیتحدث عن اللامرکزیة الإداریة التی تتعلق بالوظیفة الإداریة فقط ، هذا من ناحیة.
ومن ناحیة أخرى، لا یمکن منح مجلس المحافظة سلطة إصدار القوانین، على اعتبار أنَّها من اختصاص مجلس النواب، والمجالس التشریعیة فی الأقالیم المؤسسة وفقاً للنظام الفیدرالی، وإنَّما لمجلس المحافظة سلطة إصدار تشریعات من غیر القوانین، کإصدار التعلیمات والأوامر والبیانات، وهو أمر غاب عن بال المشرع، مثل: قیام مجلس المحافظة بإصدار بیانات أو تعلیمات تتضمن استیفاء مبلغ مالی معین لقاء الخدمات التی تقدمها المحافظة ولکن لیس بشکل ضرائب أو رسوم، ومثاله : قرار مجلس المحافظة باستیفاء مبلغ محدد من السیارات التی تستخدم طرق المحافظة، لأجل تحسین الخدمات الخاصة بشوارع المحافظة.
إنَّ تجربة مجالس المحافظات طوال السنوات التی أعقبت تغییر النظام فی العراق من 9/4/2003 والى صدور قانون المحافظات لسنة 2008 , لم تعتد على سن القوانین من مجالس المحافظات، وذلک ربما لعدم وجود نص قانونی واضح وصریح یبیح لها ذلک، حیث إنّ عمل المجالس المذکورة کان مستنداً إلى دستور 2005 وأمر سلطة الائتلاف المرقم 71 لسنة 2004 الملغی.
کما أنه وعند ملاحظة الدستور والأمر المذکور , نجد أنَّ المشرع عندما ذکر بأنَّ مجلس المحافظة یصدر التشریعات المحلیة ألحقها بعبارة "بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة" والمعروف أنَّ نظام اللامرکزیة الإداریة لا یمنح المجالس المحلیة اختصاصات تشریعیة (سن القوانین). کما أنَّ الفقرة (ثانی عشر) من المادة (7) من القانون أشارت بأن یقوم مجلس المحافظة بإصدار جریدة تنشر فیها کافة القرارات والأوامر الإداریة التی تصدر عن المجلس ولم یشر الى القوانین بأیة صورة.
وعلى فرض ان قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ قد استحدث اختصاصاً جدیداً لمجلس المحافظة یتمثل فی الاختصاص التشریعی (اصدار القانون)، ومنحه دوراً فی العملیة التشریعیة, فانه یکون دورا قاصرا على مرحلة (إصدار التشریع) وهی المرحلة الأخیرة فی عملیة صنع التشریع، ولم یبین القانون دور مجلس المحافظة فی المراحل السابقة لمرحلة الإصدار والتی تتجسد فی مراحل (اقتراح المشروع) و(مناقشته والتصویت علیه) و(المصادقة على المشروع)، وهذا یعنی أنَّ القانون خلا من تنظیم المراحل التشریعیة التی تسبق مرحلة الإصدار، وتحدید دور کل من المحافظ ومجلس المحافظة فیها، مما سیولد صعوبات عملیة عند تطبیق النصوص القانونیة ووضعها موضع التنفیذ.
ثم أنَّ المادتین المشار إلیهما سابقاً من قانون المحافظات وهما کل من الفقرة (أولاً) من المادة (2) والفقرة (ثالثاً) من المادة (7)، واللتین أشارتا إلى الصلاحیات التشریعیة لمجالس المحافظات، قد استند فیهما المشرع على نص الفقرة (ثانیاً) من المادة (122) من الدستور (المتعلق بمبدأ اللامرکزیة الاداریة) وهو استناد فی غیر موضعه، الأمر الذی یرفضه الدستور أصلاً فی المادة (13) منه، وبالتالی فهما نصان قانونان غیر دستوریین، ویکونان جدیرین بالبطلان، بموجب نص الدستور نفسه.
ولکن, اذا لم یکن بوسع مجلس المحافظة سلطة اصدار القوانین العادیة, فماذا یقصد المشرع من تلک العبارة؟ وما هی نوع التشریعات التی خول القانون مجلس المحافظات إصدارها؟
ان عبارة التشریعات التی نص علیها المادة (7) الفقرة ثالثا–وبرأینا- لا تعدو أن تکون (تشریعات فرعیة) تنظم الشؤون الإداریة والمالیة للمحافظة، ویفهم من النص کذلک أن تلک التشریعات الفرعیة یجب أن تکون تنظیمیة فی الجانبین الإداری والمالی حصرا، أی بمعنى أن التشریعات الصادرة عن تلک المجالس تکون منظمة لجانب إداری فی المحافظة أو لجانب مالی فیها، والأمثلة على هذین الجانبین کثیرة، فمثلاً : تتمثل التشریعات التی تنظم الجانب الإداری فی المحافظة فی استحداث وحدة إداریة, کأن یقوم المجلس باستحداث قضاء أو ناحیة أو قریة، وهذه کلها تصدر على شکل تعلیمات محلیة تصدر عن مجلس المحافظة لتنظیم جانب إداری فیها، أما التشریعات التی تنظم الجانب المالی, فلعل من أبرز صورها: تشریعات لفرض رسوم معینة أو تشریعات تصدر بموجبها طوابع مالیة أو بریدیة خاصة بالمحافظة عن طریق تعلیمات مستقلة تصدر بهذا الخصوص، وبالتالی یکون لمجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم حق إصدار التشریعات الخاصة – من غیر سن القوانین - بفرض وجبایة وإنفاق الضرائب المحلیة, وکذا فرض وجبایة وإنفاق الرسوم والغرامات بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة, والتی منحتها المادة (115) من الدستور حق الأولویة فی التطبیق. عدا ما ورد فی الفقرة (أولاً) من المادة (61) من الدستور الذی یختص مجلس النواب بممارسة الصلاحیات الواردة بها حصراً، وذلک بتشریع القوانین الاتحادیة, وکذلک القرارات التی تختص بإصدارها السلطات الاتحادیة الحصریة والمشترکة المنصوص علیها فی المواد (110، 111، 112، 113، 114) من الدستور.
وما سلف ذکره فیما یخص الشؤون المالیة قد یتعارض کذلک مع نص دستوری آخر موجود فی الدستور نفسه الذی تضمن النص على أنْ فرض الضرائب والرسوم لا یجوز إلا بقانون. وکذلک جعل رسم السیاسة المالیة من اختصاص السلطات الاتحادیة ولیس مجلس المحافظة، وهذا یعنی أن سلطة مجلس المحافظة التشریعیة قاصرة على إصدار تشریعات من غیر القوانین، کما هو الحال فی إصدار تعلیمات محلیة تنظم الجانب المالی فی حدود المحافظة, وان تلک التشریعات لا تسری إلا على تلک المحافظات ولا تنفذ فی الحدود الإداریة لمحافظة أخرى.
ویُستَخلَصُ مما سبق, ان المقصود بالتشریعات الفرعیة هی القرارات التنظیمیة التی تصدر عن مجلس المحافظة کنوع من التشریع الفرعی یعمل على وضع التشریعات الرئیسة الصادرة عن مجلس النواب موضع التطبیق. وکما هو متعارف فإنَّ مصطلح التشریعات یمکن أنْ یُطلقَ على القرارات الإداریة التنظیمیة التی لا تختلف عن القانون إلا من حیث جهة الإصدار. وعلیه فإننا نرى بأن المقصود بالسلطات التشریعیة لمجالس المحافظات, هی سلطة اصدار التشریعات الفرعیة المتمثلة بالقرارات الاداریة التنظیمیة (کالأوامر والبیانات والتعلیمات والضوابط والإعمامات) وان تلک التشریعات المحلیة لا تطبق سوى فی الحدود الاداریة لتلک المحافظة وفی الجانبین الاداری والمالی دون غیرهما.
المطلب الثانی
دور القضاء المختص بالفصل فی المنازعات المتعلقة بالاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات
إنَّ المشرع الدستوری العراقی، وإنْ نَصَّ فی المادة (122-خامسا) منه على عدم خضوع مجالس المحافظات لسیطرة أو إشراف أیة وزارة أو جهة غیر مرتبطة بوزارة، إلا أنَّ ذلک لا یعنی عدم خضوع أعمال تلک المجالس للرقابة القضائیة، لأنّ ذلک یتناقض مع مبدأ الدولة القانونیة ونصوص الدستور نفسها، وبصفة خاصة مع المادة (100) منه التی نصت على انه: "یحظر النص على تحصین أی عمل أو قرار إداری من الطعن". فیجب على مجالس المحافظات الخضوع لأحکام القانون تطبیقاً لمبدأ المسؤولیة وإلا کان تصرفها غیر مشروع ومحلاً للطعن فیه بالإلغاء. ولما کانت المحکمة الاتحادیة العلیا ومحکمة القضاء الاداری هما الجهتان القضائیتان المختصتان بالفصل فی النزاعات التی تقع بسبب تطبیق قانون المحافظات النافذ کل فی حدود ما اسنده له المشرع, فانه تقع علیهما مسؤولیة حسم تلک النزاعات وتحدید الصلاحیات الخاصة بکل جهة من الجهات المتنازعة.
فلقد کان بإمکان (المحکمة الاتحادیة العلیا) بوصفها القضاء المختص بالفصل فی المنازعات التی تحدث بین الحکومة الاتحادیة والمحافظات, ان یلعب الدور الحاسم والقاطع للجدل - فی غیاب النصوص القاطعة المعنى والدلالة– من أجل تحدید مدلول هذه الاختصاصات والجهة المختصة بها, ومع ذلک نرى انها لم تقم بدورها المنشود کما کنا نتمناه، والسبب فی ذلک هو إما لقلة رفع الدعاوى أمامها لتحدید تلک الاختصاصات عند حصول التنازع فیما بین الجهات المتنازعة، وإما لصدور قرارات وآراء أو فتاوى متناقضة من المحکمة الاتحادیة العلیا فی الموضوع نفسه والتی – وبرأینا- کان ولایزال سبباً لحدوث التنازع فی تلک الاختصاصات واستمراره، ومن اجل توضیح الموضوع سنشیر وکمثالٍ على ذلک الى احدى المواقف المُبهَمَةِ للمحکمة الاتحادیة العلیا فی مسألة حسم المنازعات (ناهیک عما سبق بیانه من موقف المحکمة المتردد بشأن الموضوع) , فقد سبق وان بینا عند الموقف القضائی من الاختصاص التشریعی للمحافظات بانه صدر قراران مختلفان ومتعارضان تماما من قبل المحکمة المذکورة وهما : قرار المحکمة الاتحادیة العلیا المرقم (13/ اتحادیة/2007) المؤرخ 16/7/2007، الذی رفضت فیه المحکمة تمتع مجلس المحافظة بصفة تشریعیة لسن القوانین المحلیة، ورأیها الصادر فی قضیة مماثلة بالرقم(16/اتحادیة/2008) المؤرخ فی21/4/2008، ایدت فیه صلاحیة مجالس المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم حق سن القوانین الخاصة بفرض وجبایة وإنفاق الضرائب المحلیة بما یمکنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامرکزیة الإداریة".
فعقب ذلک الموقف المتردد للمحکمة استوضحت مجلس محافظة البصرة من المحکمة حول التناقض الذی أصاب قراریها السابقین بهذا الشأن, وکان موضوع استیضاح المجلس هو (أی من القرارین یتم العمل به, وهل أن لمجالس المحافظات صلاحیة تشریع القوانین) حیث أجابت المحکمة بصورة غیر واضحة, ونفت وجود التعارض بین القرارین, فقالت: "ان هذا الموضوع تحکمه المواد (61) / أولا, 110, 111 , 114, 115, 122/ثانیا) من الدستور وان استقراء مضامین هذه المواد یشیر الى صلاحیة مجلس المحافظة بسن التشریعات المحلیة لتنظیم الشؤون الاداریة والمالیة بما یمکنها من ادارة شؤونها على وفق مبدأ اللامرکزیة الاداریة والتی تمنحها المادة (115) من الدستور الاولویة فی التطبیق... أما بصدد القرارات التی یمکن أن یصدرها مجلس المحافظة ضمن صلاحیاته الدستوریة فهی جمیع القرارات عدا التی تختص بإصدارها السلطات الاتحادیة الحصریة والمشترکة المنصوص علیها فی المواد (110, 111, 112 , 113, 114 ) من الدستور".
وهنا نلاحظ ان المحکمة کررت الصیغ نفسها التی أوردتها فی قرارها ورأیها (سالفی الذکر), وابتعدت عن أصل الموضوع وجوهره, بل انها أجابت عن سؤال صلاحیة المجلس المتعلق (بتشریع القوانین) بعبارة (القرارات) ما زادت من ضبابیة المسألة بدلا من ان تقطع الشک بالیقین حولها. هذا من جانب.
ومن جانب اخر, ان تلک الاختلافات فی القرارات والآراء القضائیة حول الموضوع لم تقف عند حد قرارات المحکمة الاتحادیة لوحدها, بل امتدت لتشمل الاختلاف او التعارض بینها وبین قرارات وفتاوى مجلس الدولة العراقی حول الموضوع, فقد ذهبت المحکمة الاتحادیة العلیا فی احدى آرائها بموجب القرار المرقم (16/اتحادیة/2007) المؤرخ 11/9/2007 الى أن: "صلاحیات التعیین والإقالة للأجهزة الأمنیة تکون من صلاحیات الأقالیم والمحافظات غیر المنتظمة بإقلیم". فی حین قرر مجلس الدولة العراقی فی قرار له انه: "لا یجوز للمحافظة أو لمجلس المحافظة, ممانعة وزیر الداخلیة أو أمر الضبط فی ممارسة صلاحیته القانونیة فی التحقیق مع ضباط قوى الأمن الداخلی فی المحافظة أو نقلهم".
وبذلک فان الدور السلبی للقضاء المختص فی تلک المنازعات کان بسبب عدم حسمها لمسائل التنازع حین نظرهما فی تلک القضایا, ما ساعد فی تباعد الهوة فی علاقة کل من الحکومة الاتحادیة والمحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم من جهة, والحکومة الاتحادیة ومجلس النواب ومحاولة کل منهما فی فرض هیمنتها وسلطتها على الاخرى من جهة اخرى , فالمحکمة الاتحادیة العلیا مثلا وفی کثیر من الحالات قد اعتمدت -کما رأینا- على نصوص قانون المحافظات نفسه دون النصوص الدستوریة التی یفترض ان تستند علیها وتکون مُتَکَأَهَا عند اصدار قراراتها لحل النزاعات أو تفسیرها للنصوص الدستوریة. کما انه فی الوقت الذی أعطى مجلس النواب لنفسه فی قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ سلطة الرقابة على أعمال مجالس المحافظات, وسلطة حل تلک المجالس فی حالة مخالفته الدستور والقوانین بموجب الفقرة (ثانیاً) من المادة (2) من قانون المحافظات, نرى انه غض النظر عن عدة تشریعات صادرة من المحافظات تحت مسمى (قوانین) على الرغم من عدم اختصاص الاخیرة بإصدار القوانین کما سلف القول, وهذا یرجع الى موقف القضاء غیر الحاسم فی تحدید الاختصاصات التی منحها الدستور لکل منهما, ومن ذلک مثلا (قانون رسم المکائن والآلات الزراعیة رقم (1) لسنة 2010 الصادر من مجلس محافظة المثنى, وکذا قانون رقم(1) لسنة 2010 المتعلق بفرض الضمائم المفروضة على ضرائب الدخل الصادر من مجلس محافظة النجف), بل ان هذا الموقف غیر الحاسم للمحکمة ولد العدید من التنازعات حول الجهات المحتلفة التی تخاطبها تلک القوانین, ومن ذلک النزاع الحاصل بین مدیریة مرور المثنى (التابعة لوزارة الداخلیة) ومحافظة المثنى بشأن تنفیذ أحکام (قانون تنظیم قیادة وبیع الدراجات الناریة رقم (3) لسنة 2017 الصادرة من مجلس محافظة المثنى) وغیرها من الحالات المشابهة. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى, فان عدم توافق القضاء العراقی (المحکمة الاتحادیة ومجلس الدولة) على موقف واحد وتباینه وتأرجحه بین اعطاء تلک المجالس سلطة اصدار تشریعات من عدمه, أضعف من دور تلک السلطة فی حسم القضایا الخلافیة التی کانت مثارا للجدل, ورأینا کیف ان مجلس الوزراء العراقی اصدر قرارها المرقم (27) لسنة 2017 المشار إلیه سابقاً والذی عطل بموجبه صلاحیات مجالس المحافظات فی فرض الضرائب والرسوم ما لم یصدر قانون اتحادی بتشریعه دون ان یتَصَدى له القضاء بالإلغاء. فی حین ان النظر بمنازعات فرض الضرائب والرسوم والغائها هی من اختصاص قضاء المحکمة الاتحادیة بموجب الدستور.
لذلک نرى ضرورة توحید الجهات الفضائیة المختصة بالنظر فی المنازعات المتعلقة بقانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم, وبضمنها المنازعات المتعلقة بالاختصاص التشریعی لمجالس المحافظات, وذلک بإعطاء الاختصاص فیها لمحکمة القضاء الاداری وحدها, وان تقوم الاخیرة بدور حاسم فی تحدید ذلک الاختصاص ومعناه بالشکل الذی بیناه فی دراستنا.
الخاتمـة
بعد أن انتهینا من الدراسة، یجدر بنا أنْ نقف عند أهم ما توصلنا إلیها من الاستنتاجات والمقترحات التی نراها کفیلة بحسم الکثیر من حالات التنازع المستقبلی التی یمکن ان تحصل بین الحکومة الاتحادیة ومجالس المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم فیما یتعلق بالاختصاص التشریعی للأخیرة, وکالآتی:
أولاً:- الاستنتاجات:
أ- من حیث نوع التشریع : یتمثل فی التعلیمات والأوامر والبیانات والإعمامات والضوابط دون القوانین العادیة.
ب- من حیث الموضوع : یتمثل بالأمور المالیة والاداریة للمحافظة دون غیرهما.
ج- من حیث المکان : یتمثل بحدود الرقعة الجغرافیة للمحافظة , فلا تتعداها الى محافظة اخرى.
د- من حیث التدرج : یتمثل بعدم مخالفة تلک التشریعات لأحکام الدستور والقوانین الاتحادیة.
ثانیاً: المقترحات:
أ- تعدیل الفقرة رابعا من المادة (93) من الدستور لتکون کالاتی: "رابعاً:- الفصل فی المنازعات التی تحصل بین الحکومة الاتحادیة، وحکومات الأقالیم".
ت- إلغاء الشطر الأخیر من کل من البندین (أ) و (ب) من الفقرة (8) من المادة (93) من دستور جمهوریة العراق لسنة 2005, لعدم وجود هیئة قضائیة خابالمحافظات التی لم تنتظم فی إقلیم.
ث- الغاء النصوص الواردة فی قانون المحافظات غیر المنتظمة فی اقلیم التی تعطی للمحکمة الاتحادیة العلیا النظر فی النزاعات الحاصلة بشأن تطبیق ذلک القانون وفی أکثر من موضع.
وأن یکون جمیع ما ذکرنا من اختصاص القضاء الإداری, خاصة وان التعدیل الخامس لقانون مجلس الدولة العراقی رقم(17) لسنة2013 اعطى لذلک القضاء صلاحیة النظر فی القرارات الاداریة والتنظیمیة. کما نؤکد فی الوقت عینه, بان یکون للقضاء المختص فی تلک النزاعات موقف واحد کی لا یثار التباین فی موقفه من جدید فی المستقبل (خلافا لما کان متبعا فی السابق کما رأینا).
أ- تعدیل الفقرة (ثانیا) من المادة (2) من قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم 21 لسنة 2008 المعدل النافذ بحذف عبارة " سلطة تشریعیة" منه واستبدالها بـ" سلطة تنفیذیة" .
ب- إلغاء الفقرة (سادساً) من المادة (2) من قانون المحافظات التی تنص على الآتی: تدار الاختصاصات المشترکة المنصوص علیها بالمواد (112و113و114) من الدستور بالتنسیق والتعاون بین الحکومة الاتحادیة والحکومات المحلیة, وتکون الأولویة فیها للتشریعات المحلیة الصادرة من المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم فی حالة الخلاف بینهما وفقاً لأحکام المادة (115) من الدستور.
ج- الغاء الفقرة ثالثا من المادة السابعة من قانون المحافظات بحذف عبارة " اصدار التشریعات المحلیة" منه.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
First// legal books:
1-Blend Ibrahim Hussein Shali, The Relationship between Federal and Local Government in Federal Systems (Iraq case study), Kurdistan Center for Strategic Studies, Sulaimaniyah, 2014.
2-Dr. Hanan Muhammad Al-Qaisi, Dr. Taha Hameed Al-Anbaki and Dr. Usama Baqer Murtada, detailed explanation of the law of governorates that are not organized in aregion No. 21 of 2008, Al-Noor University
3-Dr. Hanan Muhammed Al-Qaisi, brief explaintion the Law of Irregular Governorates that are not organized in Region No. 21 of 2008, 1st edition, Al-Sanhouri Library, Baghdad, 2012.
4-Dr. Hanan Muhammed Al-Qaisi, The Decentralization administration System and Governorate Councils in Iraq (A Comparative Legal Study), Al-Multaqa Magazine, Dar Al-Kutub wal-wathaeq, Baghdad, 2008.
5-Khaled Kazem Odeh Al-Ibrahimi, The Legislative Jurisdiction of Provincial Councils that are not Organized in a Region in Iraq (Comparative Study), 1st edition, Publications of thifaf, Beirut, Dar Uma, Baghdad, 2015.
6-Khamis Othman Khalifa Al-Maidadi Al-Hiti, The brief in the provisions and decisions of the Iraqi federal Supreme Court for the years 2005 - 2013, Al-Wajeez provisions and decisions of the Federal Supreme Court for the years 2005-2013, 1st edition, Zaki office, Baghdad, 2016.
7- Khamis Othman Khalifa Al-Maidadi Al-Hiti, The Practical Curriculum of the Governorate Councils in the Light of the Decisions and opinions of the State Shura Council and the Provisions and Decisions of the Federal Supreme Court, First Floor, Zaki Office, Baghdad, 2016.
8- Dr. Ali Abdul-Razzaq Al-Khafaji, Local Governments and Public Policy Making in Iraq, 1st Edition, Al-Sanhoury Library, Baghdad, 2014.
9- Dr. Ali Muhammad Bedair and dr. Mahdi Yassin Al-Salami and dr. Issam Abdel-Wahab Al-Barzanji, Principles and Provisions of Administrative Law, Al Atik Company for Book Production, Cairo, 2013.
10- Imad Al-Janabi and Mohsen Jabr Al-Bahadli, An Analytical Study of the Law of Governorates that are not Organized in a Region No. 21 of 2008, 1st Floor, USAID, PMT, 2008.
11- Dr. Ghazi Faisal Mahdi, The texts of Law of Irregular Governorates in Region No. 21 of 2008 in Al-Mizan, Al-Multaqa Magazine, dar al-kutub wal wathaeq, Baghdad, 2008.
12- Dr. Najeeb Khalaf Ahmed al-Jubouri and dr. Othman Salman Ghaylan Al-Aboudi, The Financial System of Irregular Governorates in the Region (Comparative Study), 1st Edition, Yadgar Library, Sulaimaniyah, 2016.
13- Dr. Yamamah Muhammad Hassan Kashkool, The Legal System for the Establishment and Organization of Federal Units (Comparative Study), 1st edition, National Center for Legal Publications, 2015.
14- Youssef goran, Constitutional Organization of Pluralistic Communities in Federal Countries, Kurdistan Center for Strategic Studies, Sulaimaniyah, 2010.
Second // Masters and PhD dissertations:
1- Nawras Hadi Waheed Al-Sultani, The Legal regulation of Provincial Councils that are not Organized in a Region in Iraq (Comparative Study), Master Thesis, College of Law, University of Babylon, 2010.
Third // Research and Studies:
1- Dr. Ismail Sa`sa 'Ghaidan, Regional Decentralization A dministrative in Iraq (Study in the Interference of Specializations and Supervision), Message of rights Journal, College of Law, University of Karbala, a special Issue for the First National Legal Conference Research, Fourth Year, 2012.
2- Dr. Jafer Abdul-Sadah and Dr. Salim Naeem Al-Khafaji, Financial independence of the governorates that are not organized in a region in light of the Constitution of the Republic of Iraq for the year 2005, Journal of the investigator Al-Hali for the Legal and Political Sciences, University of Babylon, No. 8, third edition, 2016.
3- Dr. Raed Naji Ahmed, The extent of jurisdiction of governorates that are not organized in a region to imposing taxes and fees, Journal of Law and Political Science, University of Kirkuk, Volume (4), Issue (12), 2015.
4- Dr. Zuhair Al-Hassani, Administrative Decentralization in the Legal System of Governorates not Organized in a Region, a research published on the Internet. Http://www.annabaa.org.
5- Qatada Saleh Al-Saleh, Legislative Organization for the Work of Local Councils in Iraq , message of rights Journal, College of Law, University of Karbala, third edition, fifth year, 2013.
6- Fawzi Hussein Salman and Farid Karim Ali, Decentralization Administration in Iraq, whats for it and whats on it (A Comparative Study), Al-Rafidain Law Journal, Volume 15, No. 55, Year 17.
7- Kazem Hassan Al-Rubaie, Governorates that are not organized in a region between centralization and administrative decentralization, Journal of the University City of Science College, Issue 2, Issue 2, Year 2011.
8- Dr. Hadi Al-Kaabi and dr. Ismail Al-Badiri and dr. Ali Al-Shukrawi, the competencies of the Provincial Councils that are not organized in a region in accordance with Law No. 21 of 2008 amending - Problems and Solutions, Part 1, research presented in studies on decentralization (studies and research issued by the conference of decentralization , Baghdad, 27-28 February 2012).
Fourth // Constitutions and Laws:
1- The Constitution of the Republic of Iraq for the year 2005 in force.
2- the law of governorates not organized in a region no. 21 of 2008 in a verified (rate).
3- Governorate and District Council Elections Law No. (12) of 2018.
Fifth // newspapers and magazines:
1- Official gazette of Iraq no.3983 in June 2004 .
2- Official gazette of Iraq no.4061 in August 2004 .
Sixth // Decisions and opinions of the Iraqi Federal Supreme Court:
1- Federal Supreme Court decision , No. 21 / Federal / 2010 of 23/3/2010, posted on the Internet: http: // www.iraqia.org .
2- Federal Supreme Court opinion, No. 16 / Federal / 2008 of 4/21/2008, published on the Internet: http: // www.iraqia.org.
3- Federal Supreme Court Decision No. 13 / Federal / 2007 of 7/31/2007 posted on the Internet: http://www.iraqia.org .
4- Federal Supreme Court desision, No. 11 / Federal / 2010 of 6/14/2010, posted on the Internet: http: // www.iraqia.org.
5- Federal supreme Court Decision (67 / Federal / 2013) on August 19, 2014. Posted on:https://www.iraqfsc.iq/krarat/1/2013/67_fed_2013.pdf.
6- Federal Supreme Court Decision (124 / Federal / 2018) on 9/9/2018. Posted on: https://www.iraqfsc.iq/krarat/1/2018/124_fed_2018.pdf.
Seventh//Iraqi State Council decisions and opinions:
1- Collection of Resolutions and opinions of the State Shura Council of 2012, State Shura Council, Baghdad, 2012.
2- Decisions of the State Shura Council issued in light of the Irregular Provincial Law in Region No. 21 of 2008, the Iraqi State Shura Council, Baghdad, 2010.
Eighth // websites: https://m.annabaa.org/arabic/studies/15899.
أولا: الکتب القانونیة:
ثانیا: رسائل الماجستیر واطاریح الدکتوراه:
ثالثا: البحوث والدراسات والمقالات العلمیة:
رابعا: الدساتیر والقوانین:
خامسا: الجرائد والمجلات القانونیة :
سادسا: قرارات وفتاوى المحکمة الاتحادیة العلیا العراقیة :
سابعا: قرارات وفتاوى مجلس الدولة العراقی :
ثامنا: المواقع الالکترونیة :
https://m.annabaa.org/arabic/studies/15899-1