الملخص
تعد منظمة التجارة العالمیةWorld Trade Organization) ) احدى المنظمات الدولیة المتخصصة، التی تعتبر الاکثر حداثة بین المنظمات العالمیة، الا انها حققت اسهاما فعالا فی تنشیط وتنظیم التجارة العالمیة، على الرغم من ان تأسیسها کان عام 1995 بعد ان ازدادت التبادلات التجاریة بین الدول.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
الآفاق المستقبلیة لمنظمة التجارة العالمیة بین مظاهر العولمة وتدویل السیادة د. وسام نعمت إبراهیم السعدی-(*)-
Prospective of World Trade Organization : Globalization and Sovereignty Dr. Wisam Nimat lbrahim Alsadi
فارس أحمد إسماعیل کلیة النور الجامعة Faris Ahmed Ismael Al- Noor University College Correspondence: Faris Ahmed Ismael E-mail: [email protected] |
(*) مقال مراجعة الموضوع.
Book review
Doi: 10.33899/alaw.2022.172997
© Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
تعد منظمة التجارة العالمیةWorld Trade Organization) ) احدى المنظمات الدولیة المتخصصة، التی تعتبر الاکثر حداثة بین المنظمات العالمیة، الا انها حققت اسهاما فعالا فی تنشیط وتنظیم التجارة العالمیة، على الرغم من ان تأسیسها کان عام 1995 بعد ان ازدادت التبادلات التجاریة بین الدول.
وتناول الدکتور وسام نعمت ابراهیم السعدی فی کتابة "الآفاق المستقبلیة لمنظمة التجارة العالمیة – بین مظاهر العولمة وتدویل السیادة" والصادر عن دار الفکر الجامعی فی الاسکندریة، منظمة التجارة الدولیة واهدافها ومبادئها والعضویة فیها والالتزامات المترتبة على الدول الاعضاء، ومدى اثرها فی فکرة السیادة الوطنیة، وکذلک اثر العولمة على منظمة التجارة العالمیة.
قسم المؤلف کتابة الى بابین تناول فی الاول منظمة التجارة الدولیة "الاسس العامة والنظام القانونی" وقسم هذا الباب الى اربعة فصول تناول فی الفصل الاول الاتفاقیة العامة للتعرفة الجمرکیة والتجارة "الجات" مدخل تأسیسی لقیام منظمة التجارة العالمیة.
ابتداء تطرق المؤلف الى مفهوم الاتفاقیة العامة للتعریفة الکمرکیة والتجارة، فکلمة الجات (GATT) وهی اختصارا لمصطلح General Agreement on Tariffs and Trade والتی تعنی الاتفاقیة العامة للتعرفة الکمرکیة والتجارة، وهی اتفاقیة تجاریة دولیة متعددة الاطراف هدفها بیان الالتزامات المتبادلة بین الدول الاطراف. وتهدف المنظمة الى تحریر التجارة الدولیة ورفع المستوى المعاشی لأفراد الدول الاعضاء وکذلک رفع مستوى الدخل القومی الحقیقی، وخفض الحواجز الکمرکیة من اجل زیادة حجم التجارة الدولیة، وتنسیق التعاون بین الدول فی مجال التجارة الدولیة.
الفصل الثانی جاء تحت عنوان (التعریف بمنظمة التجارة العالمیة)، وقدم المؤلف مجموعة من التعاریف لهذه المنظمة التی یقع مقرها فی جنیف، وتضم فی عضویتها عددا کبیرا من الدول، وتعمل على ادارة وتقویة النظام التجاری الدولی وتحریره فی مجال التجارة الدولیة، مع زیادة التبادل التجاری والنشاط الاقتصادی بین الدول. ومن ابرز اهداف المنظمة إقامة نظام اقتصادی یسوده الامن والرخاء والتدفق المنتظم للسلع، والعمل على نشوء عالم اقتصادی یتمتع بالسلام وتوفیر الحمایة المناسبة للسوق الدولی لیلائم مختلف مستویات المعیشة والتنمیة، فضلا عن ایجاد وضع تنافسی بین الدول یعتمد على الکفاءة الاقتصادیة فی تخصص الموارد.
المبحث الثانی من الفصل الثانی خصص لأجهزة منظمة التجارة الدولیة، اذ اشارت المادة (الرابعة) من اتفاقیة مراکش الى الاجهزة الرئیسیة لهذه المنظمة، واولها المجلس الوزاری الذی یتکون من ممثلی الدول الاعضاء فی المنظمة ویمثل اعلى سلطة فی المنظمة ویمثله وزراء التجارة والاقتصاد فی الدول الاعضاء، وینعقد کل سنتین، وله السلطة باتخاذ القرارات فی المسائل التی تخص عمل المنظمة. ومن الاجهزة الاخرى المجلس العام وهو الجهاز المحوری للمنظمة ویقوم مقام المؤتمر الوزاری فی فترات عدم انعقاده، ویضم ممثلی الدول الاعضاء فی المنظمة ویعمل کهیئة لفض وحسم المنازعات التجاریة،
والجهاز الآخر هو امانة المنظمة والتی یرأسها مدیر عام، ومقره فی جنیف ویضم عددا کبیرا من الموظفین الذین یمثلون حوالی 60 جنسیة یبلغ عددهم 601 موظفا نظامیا اغلبهم من الاقتصادیین والمحامین ومن المختصین فی سیاسة التجارة الدولیة. الجهاز الاخر هو جهاز فض المنازعات، ومن مهامه التصدی للمنازعات التجاریة الدولیة التی تعرض علیه، وله الدور فی تشکیل فرق التحکیم، ویسعى جهاز فض المنازعات الى اجراء تشاور بین الدولتین المتنازعتین للتوصل الى حل للخلافات التی بینهم، وفق سیاق زمنی معتمد.
تناول المؤلف فی الفصل الثالث احکام العضویة فی منظمة التجارة العالمیة، فالانضمام الى المنظمة مسألة اختیاریة، اذ لا تجبر دولة ما للانضمام الى المنظمة رغما عنها، فالعضویة تکتسب بشکل طوعی تخضع لرؤیة الدولة وسیاستها. ومن الشروط التی یجب توافرها فی الدولة طالبة الانضمام الى منظمة التجارة الدولیة منها ان تقدم تلک الدولة جدول تنازلات یحتوی على تعریفات کمرکیة تشکل التزامات لا یمکن رفعها الا فی حالات خاصة، وتقدم الدولة جدولا بالالتزامات التی ستتبعها فی قطاع الخدمات، فضلا عن الالتزام باتفاقیات منظمة التجارة الدولیة والتوقیع على برتوکول یشمل الموافقة على تطبیق والتزام جمیع اتفاقیات منظمة التجارة العالمیة، على ان العضویة فی المنظمة تکون للدول الاعضاء فی منظمة الامم المتحدة، بشرط الالتزام بکل الاتفاقیات التی تم ابرامها منذ عام 1947، وحتى تحول الجات الى منظمة التجارة العالمیة عام 1995.
وللدولة التی تقدم طلبا للانضمام الى منظمة التجارة الدولیة ان تقدم طلبا بذلک مع وثیقة شاملة عن سیاسات الدول التجاریة والمالیة والاستثماریة وحمایة حقوق الملکیة والنظام القضائی العام وطرق التقاضی وسبل التظلم وان یکون فریق التفاوض من موظفی الدولة الرسمیین، یتبع ذلک مرحلة المفاوضات بین المنظمة والدولة الراغبة بالانضمام، اما المرحلة الاخیرة فیکون قد تم الاتفاق النهائی حول التنازلات الکمرکیة وتثبیت سقوفها وتحدید التزامات قطاعات الخدمات التی سیتم تحریر التجارة فیها، ومن ثم تقوم مجموعة العمل بإعداد تقریرها النهائی وقرارها حول منح العضویة، واذا ما تم منح العضویة تستطیع دولة ما من الانسحاب من المنظمة وذلک طبقا للمادة (الخامسة عشرة) التی بموجبها تنسحب الدولة ویسری ذلک على الاتفاقیة وعلى الاتفاقیات التجاریة متعددة الاطراف.
ابحر المؤلف فی موضوع الاتفاقیات الدولیة التی تحکم عمل منظمة التجارة الدولیة، التی بلغ عددها (38) اتفاقا، ویمکن احصاء (35) اتفاقا، وتقسم من زاویة الالتزام الى قسمین منها (31) اتفاقا وتفاهما، وهذه الاتفاقیات ملزمة للدولة العضو کوحدة واحدة، ولا یمکن للدولة ان تتحلل من الالتزامات المقررة فیها، الا فی حدود ما هو مقرر بشأن الاعفاءات، وفق ما ورد فی ذات اتفاقیة منظمة التجارة العالمیة وبشروط غیر میسرة، واما القسم الثانی من هذه الاتفاقیات وهی اتفاقیات التجارة عدیدة الاطراف التی لا یلتزم بها الا العضو الذی هو منظم لها.
ومن ناحیة موضوعاتها فان الاتفاقیات تقسم الى اربع طوائف، منها ثلاثة على قدر من الاهمیة وهی اتفاقیات التجارة فی السلع (الجات) واتفاقیة التجارة فی الخدمات (جانس) واتفاقیة الملکیة الفکریة (تریس) والرابعة اتفاقیة (فض المنازعات). وهی لا تخلو من الاهمیة فی الجانب القانونی. على ان البعض یضیف الى هذه الاتفاقیات اتفاقیة اخرى وهی (ترمس) وهی خاصة بالاستثمار.
الفصل الرابع من الباب الاول تناول فیه المؤلف سبل تسویة المنازعات فی اطار منظمة التجارة العالمیة، مستعرضا الیات منظمة التجارة العالمیة فی تسویة المنازعات وخصائصها، وما یمیز المنظمة فی مجال تسویة المنازعات هو اقامتها لنظام لفض المنازعات یقوم على المساواة بین القوی والضعیف بالحقوق، فضلا عن ان المنظمة لها صفة لا لزام أعضاء المنظمة فیما یتم الاتفاق علیه. ودخول الدولة فی منظمة التجارة یجعلها موافقة على تسویة المنازعات التجاریة، وقد انشأ فی المنظمة جهاز لفض المنازعات، یعد من اهم الاجهزة الرئیسیة التی تضمها المنظمة، والمکلف بمهمة تطبیق القواعد والاجراءات، فضلا عن المشاورات واحکام تسویة النزاعات الواردة فی الاتفاقیات المشمولة، وله السلطة فی انشاء فرق للتحکیم وجهاز لاستئناف قرارات هیئة المستشارین والقرارات الصادرة التی یمکن الطعن فیها امام هیئة الاستئناف وان القرار الصادر من هیئة الاستئناف ملزما للجمیع. وهناک منهجان لتسویة المنازعات سلمیا احدهما یقوم على علاقات القوة بین الطرفین، والاخر یستند الى الاحتکام لقواعد عامة معروفة سلفا لطرفی المنازعة، والالیات المتبعة فی منظمة التجارة الدولیة فی فض المنازعات تشهد تحولا من الاسلوب الاول الى الاسلوب الثانی.
تناول المؤلف بعد ذلک اجراءات التسویة مبینا بان جهاز تسویة المنازعات یعد احد الاجهزة الرئیسة لمنظمة التجارة العالمیة، ویختص بتسویة المنازعات الخاصة بالسلع والخدمات وحقوق الملکیة الفکریة، ومن مهام هذا الجهاز ادارة القواعد والاجراءات والمشاورات واحکام تسویة المنازعات، فضلا انه یتمتع بسلطة انشاء فرق التحکیم واعتماد تقاریر الاستئناف. وتشیر المادة (الثالثة) من اتفاق التفاهم الى ضرورة ان یتقید الاطراف بمبادئ ادارة النزاع، ووجد هذا النظام من اجل ان یحافظ على حقوق الاعضاء والالتزامات المترتبة بموجب الاتفاقیة المشمولة، وتسویة المنازعات یجب ان تتصف بالفوریة وتهدف الى تحقیق تسویة مرضیة، واشار المؤلف الى ان المشاورات تعد المدخل الاولی للتسویة، وفی ذلک تطبیق لنص المادة (الرابعة) فی فقرتها (الاولى) من وثیقة التفاهم، ویعد التشاور اجراء دبلوماسی الغرض منه تبادل وجهات النظر، وهذا الاجراء یتخذ طوعا فیما اذا اتفق طرفی المنازعة على ذلک.
وتعد التسویة عن طریق التحکیم احدى الوسائل المحایدة والفعالة والمهمة فی انهاء المنازعات التجاریة فی اطار منظمة التجارة الدولیة، وهذه الاهمیة متأتیة من مجموعة المزایا والفوائد منها بساطة الاجراءات وسرعتها التی توفر الوقت واحتفاظها بالجوانب السریة التی یبغی اطراف المنازعة عدم نشرها او اذاعتها، والاجراءات التی تتبعها فرق التحکیم، مدرجة فی الملحق رقم (3) الموسوم بـ (اجراءات العمل) والتی تشیر الى تلک الاجراءات، منها ما یتعلق بالجلسات والمداولات والاسئلة، وکیفیة تقدیم الدفاعات والمذکرات والبیانات لأطراف المنازعة. ویمکن لطرفی المنازعة استئناف قرار التحکیم عن طریق جهاز الاستئناف، الذی تکون جلساته سریة ویتم وضع تقاریره دون حضور اطراف النزاع، ولهذا الجهاز ان یقر او یعدل او ینقض نتائج فرق التحکیم، بالإضافة الى الاحکام الاخرى المتصلة بالتحکیم.
الباب الثانی من الکتاب خصصه المؤلف للحدیث عن منظمة التجارة العالمیة بین تحدیات العولمة ومتطلبات السیادة الوطنیة، وقد قسم المؤلف هذا الباب الى فصلین تناول فی الاول منظمة التجارة العالمیة والعولمة، فیما خصص الفصل الثانی لمنظمة التجارة العالمیة واثرها فی فکرة السیادة. عالج المؤلف فی بدایة الفصل الاول ماهیة العولمة مشیرا الى التعریف اللغوی للعولمة على انها مأخوذ من التعولُم، والعالمیة والعالم، اما فی الاصطلاح فهی تعنی اصطباغ عالم الارض بصبغة واحدة شاملة لجمیع اقوامها وکل من یعیش فیها وتوحید انشطتها الاقتصادیة والاجتماعیة والفکریة من غیر اعتبار لاختلاف الادیان والثقافات والاجناس والاعراق. ثم استعرض المؤلف مجموعة اخرى من التعریفات لمصطلح العولمة.
تعرض المؤلف بعدها الى ابعاد العولمة، کالبعد الاقتصادی، باعتبار ان العولمة تتضمن تحریر التجارة فی مجالات السلع والخدمات وحرکة الاموال، کما انها اکتسبت هذا البعد من کونها تعد لدى البعض اندماج اسواق العالم فی حقول انتقال السلع والخدمات والقوى العاملة، ضمن اطار رأسمالیة حریة الاسواق بحیث تصبح هذه الاسواق سوقا واحدا. ویعد البعد السیاسی احد ابعاد العولمة الذی یرکز على ان العولمة تعنی ان الدولة لیست هی الفاعل الوحید على المسرح السیاسی، بل هناک المنظمات العالمیة والهیئات متعددة الجنسیات وجماعات دولیة اخرى، اما البعد الاخیر للعولمة الذی فهو مجموعة من المظاهر المالیة التی تنشأ جراء بروز ظاهرة العولمة، کتعاظم دور رأس المال.
اختتم المؤلف هذا المبحث بالتطرق الى آثار العولمة على الحیاة الاقتصادیة، مستعرضا المزایا العدیدة التی یمکن ان تحققها على حد سواء للدول النامیة وللدول المتقدمة، وفی المقابل هناک مجموعة من الانتقادات وجهتها الدول النامیة لمنظمة التجارة الدولیة واصفین ایاها بانها منظمة غیر دیمقراطیة، اذ لیس بإمکان الدولة الموقعة على اتفاقیة الانضمام الیها ابراز ای تحفظ على الاتفاقیات فهی تقبل الکل او ترفض الکل، وان المنظمة تعمل لتحقق سیاسات الدول المتقدمة.
وافرد المؤلف مبحثا للحدیث عن اثر العولمة على منظمة التجارة العالمیة بثلاثة مطالب تناول فی الاول تحولات الاقتصاد العالمی فی ظل العولمة، وفی الثانی تناول التداعیات الاساسیة للعولمة على منظمة التجارة العالمیة، مشیرا الى ان میلاد المنظمة الدولیة جاء تعبیرا عن الوضعیة الجدیدة للاقتصاد العالمی، وتناول فی المطلب الثالث العولمة ومنظمة التجارة العالمیة والدول النامیة، ویبدو من قراءة المطلب اعلاه ان الدول النامیة کان لها الحصة الاکبر فی التأثر سواء التراجع فی نمو صادراتها مع ازدیاد الواردات، وازدیاد الاقتراض الخارجی مما ادى الى تفاقم دیونها.
الفصل الاخیر من المؤلف تناول فیه المؤلف منظمة التجارة العالمیة واثرها على فکرة السیادة الوطنیة، مشیرا الى ان السیادة الوطنیة کمفهوم قانونی اثار جدلا فقهیا حول تحدید مکنوناتها ومضمونها، على ان منظمة التجارة العالمیة لیست سلطة فوق الدول، فهی مؤسسة دولیة تُحدد مع مؤسسات اخرى مصیر الملیارات من البشر. وتسهم فی ترقیة السلام، وفض المنازعات التجاریة، وتساعد فی تحریر المبادلات التجاریة وتحقیق الازدهار الاقتصادی، ومع هذا هناک بعضا من الجوانب السلبیة المرتبطة بعمل المنظمة، کالإلغاء التدریجی للدعم المقدم للمنتجین الزراعیین فی الدول الصناعیة، ورفض الدول المتقدمة ازالة عوائق انتقال العمالة.
ان هذا الکتاب یعد من الکتب القیمة لما احتواه من معلومات غزیرة فی موضوع منظمة التجارة العالمیة وانه سیجد له مکانا مرموقا بین الکتب التی تتصدر المکتبة القانونیة، ولا بد من القول ان المؤلف قد بذل جهدا کبیرا فی اخراجه بهذه الصورة.
The Author declare That there is no conflict of interest