الملخص
یعد عقد الصیانة الذی یرتب التزامات على عاتق الصائن واحد من اهم العقود فی الحیاة الیومیة فهو عقد مستحدث مستقل له خصائصه وصوره الخاصة به ولما کانت الآلات والاعیان لها دور مهم فی حیاة الانسان فان الالتزام بصیانة تلک الاعیان یعد امرا ضروریا من اجل ادامتها وصیانتها واعادتها إلى حالتها المعهودة التی کانت علیها من قبل حصور الاعطال فیها فکان لنا ان نتناول تلک الالتزامات الملقاة على عاتق الصائن بشیء من التفصیل مبتعدین عن الاجالة والحشو معتمدین على اسلوب المقارنة واقتراح نصوص قانونیة من اجل تنظیم تلک المسالة بشیء من التفصیل خاصة بعد غیاب التنظیم القانونی الخاص بتلک المسألة فیوجب على الصائن بعد صیانة تلک الاعیان المتعاقد علیها وانجاز تلک الاعمال حسب ما هو متفق علیه فی العقد ما بین الطرفین والتزامه بالمحافظة على تلک الاعیان طیلة فترة الصیانة وان یتوخى الحیطة والحذر عند القیام بالاعمال المکلف بها
الموضوعات
أصل المقالة
التزامات الصائن فی عقد الصیانة -دراسة مقارنة-(*)-
The Obligations of the Service Provider in Maintenance Contract: A Comparative Study
الباحث مها رمزی محمد علی زینة غانم یونس العبیدی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Researcher Maha Ramzi Muhammad Ali Zina Ghanem Younis Al-Obaidi College of law / University of Mosul Correspondence: Researcher Maha Ramzi Muhammad Ali E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 23/6/2019 *** قبل للنشر فی 9/9/2019.
(*) Received on 23/6/2019 *** Accepted for publishing on 9/9/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2019.125844.1015
© Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعد عقد الصیانة الذی یرتب التزامات على عاتق الصائن أحد اهم العقود فی الحیاة الیومیة فهو عقد من العقود المهمة فی الواقع العملی له خصائصه وصوره الخاصة به ولما کانت الآلات والاعیان لها دور مهم فی حیاة الانسان فان الالتزام بصیانة تلک الاعیان یعد امرا ضروریا من اجل ادامتها وصیانتها واعادتها إلى حالتها المعهودة التی کانت علیها من قبل حصور الاعطال فیها فکان لنا ان نتناول تلک الالتزامات الملقاة على عاتق الصائن بشیء من التفصیل مبتعدین عن الاطالة والحشو معتمدین على اسلوب المقارنة واقتراح نصوص قانونیة من اجل تنظیم تلک المسالة بشیء من التفصیل خاصة بعد غیاب التنظیم القانونی الخاص بتلک المسألة فیوجب على الصائن بعد صیانة تلک الاعیان المتعاقد علیها وانجاز تلک الاعمال حسب ما هو متفق علیه فی العقد ما بین الطرفین والتزامه بالمحافظة على تلک الاعیان طیلة فترة الصیانة وان یتوخى الحیطة والحذر عند القیام بالأعمال المکلف بها وعلیه تسلیم تلک الاعمال بعد الانتهاء من اعمال الصیانة خلال المدة المتفق علیها وعدم التأخیر فی انجاز تلک الاعمال وان یحافظ على سریة الاعمال المکلف بها عند صیانة تلک الاعیان منذ انعقاد العقد حتى بعد الانتهاء من تلک الاعمال وان الاخلال بتلک الالتزامات هو احد الاسباب الموجبة للمسؤولیة العقدیة، وبهذا انصب هذا البحث على تناول تلک الالتزامات بشیء من التفصیل لکی تصل إلى قواعد واحکام تجعله یحظى بتنظیم قانونی خاص یلحق برکب بقیة العقود التی وصلت إلى المرتبة التی تکفل لها التنظیم المفصل.
الکلمات لمفتاحیة: الصیانة، الأعیان، الصائن.
Abstract
The contract of maintenance, which arranges the obligations of the custodians and one of the most important contracts in daily life is an independent contract with its own characteristics and images and since the machines and the eyes have an important role in human life, the obligation to maintain these eyes is necessary for the maintenance and maintenance and return to the state Which was used by the limitations of the faults in which we could deal with those obligations placed on the custodians in some detail away from the mobilization and filling, relying on the method of comparison and the proposal of legal texts to regulate this issue in some detail, especially after the absence of regulation Gan The maintenance of such objects shall be subject to maintenance after the maintenance of such contracted objects and the completion of such works as agreed in the contract between the parties and its commitment to maintain these properties throughout the maintenance period and to exercise caution and caution when carrying out the duties entrusted to it. Maintenance works during the agreed period and not delay in the completion of such works and to maintain the confidentiality of the work entrusted to them in the maintenance of these objects since the contract even after the completion of such works and that breach of these obligations is one of the reasons for the liability of the nodal, This research has focused on dealing with these obligations in some detail in order to reach rules and provisions that would give it special legal regulation to be followed by the rest of the contracts which reached the rank of the detailed organization.
Key words: Maintenance, The Dignitaries, Preservative.
المقدمـة
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سید المرسلین (محمد صلى الله علیه وسلم) ومن سار على نهجه ودعا بدعوته إلى یوم الدین.
لما کانت المعاملات والالتزامات التعاقدیة تمثل حیزا کبیرا من حیاة الناس وهی جزء من الاختلافات والخصومات التی ظهرت بین الناس لذلک ظهرت الحاجة إلى عقود جدیدة لها اهمیة کبیرة لاتصالها بالواقع العملی للإنسان مثال ذلک عقد الصیانة الذی یفترض وجود طرفین یقال للأول الصائن والثانی المصون له، ویفرض هذا العقد التزامات على عاتق الصائن الذی یکون لزاما علیه تنفیذ مثل تلک الالتزامات ومنها التزامه بإنجاز العمل المتفق علیه وعدم التأخر فی انجاز العمل وتسلیم الاعیان المصانة بعد صیانتها وعلیه الالتزام بالسریة فی اداء اعمال الصیانة واخیرا یتوجب علیه المحافظة على العین المصانة طیلة فترة الصیانة.
اهمیة الموضوع واسباب اختیاره:
قد یتراءى للبعض للوهلة الاولى ان عقد الصیانة الذی یولد تلک الالتزامات على عاتق الصائن لا جدى من البحث فیه الا ان هذا سرعان ما یتبدد امام اهمیة هذا الموضوع فهو من المواضیع الحیویة المهمة لکونه وسیلة فعالة ومتمیزة عاکسة لمسألة فی غایة الاهمیة الا وهی البحث فی الالتزامات الملقاة على عاتق الصائن خاصة بعد التطور المذهل الذی یشمل مختلف جوانب الحیاة واصبح صیانة الاعیان مسألة ذات اهمیة بکیرة لأنها تتصل بالواقع العملی لحیاة الانسان فیتوجب على الصائن صیانة تلک الاعیان المتعاقد علیها خلال الفترة الزمنیة المتفق علیها سواء اکانت تلک الاعیان آلات أو اجهزة أو ابنیة وعقارات من اجل تحقیق أداؤها لوظائفها بکفاءة عالیة. اما عن اسباب اختیار الموضوع فهی کالاتی:
1. غیاب التنظیم التشریعی لمثل لک العقود الهامة کان احد اهم الاسباب التی دعت إلى دراسة هذا الموضوع من اجل وضع تنظیم قانونی خاص شأنه شان بقیة العقود المسماة
التی تفرض التزامات متقابلة على عاتق الطرفین کعقد الایجار أو عقد البیع أو عقد المقاولة... الخ.
2. زیادة استخدام الآلات والاجهزة لإنجاز الاعمال فی هذا العصر حیث دخلت فی اغلب المجالات فوسائل النقل من مرکبات وسیارات وطائرات وسفن وقطارات بمختلف انواعها فضلاً عن صیانة الابنیة وهذا بدوره له اهمیة فی توفیر فرص العمل باستقطاب الایدی العاملة والقضاء على نسبة لا بأس بها من البطالة.
3. عدم کفایة القواعد العامة للقانون المدنی العراقی من اجل تغطیة تلک الالتزامات التی تقع على عاتق الصائن الذی یتولى صیانة الاعیان آملین اقتراح نصوص قانونیة خاصة لمشرعنا تتعلق بتلک الالتزامات.
منهجیة البحث
أمّا عن المنهج الذی اعتمدناه فهو المنهج المقارن بین القانون المدنی العراقی والقانون المدنی المصری والقانون المدنی الفرنسی رغم ان هذه القوانین لم تتناول تلک الالتزامات بشیء من التفصیل وهذا دعانا إلى اتباع اسلوب اقتراح النصوص القانونیة التی تتناول هذا الجانب من هذه الالتزامات من اجل وضع تنظیم قانونی خاص ینظم تلک الالتزامات. وبالإمکان الرجوع الى القواعد العامة من اجل المقارنة بها مع بقیة القوانین
خطة البحث
بمشیئة الله وفضله سوف یتم بحث هذا الموضوع الذی یتناول جانب مهم من جوانب الحیاة الا وهو التزامات الصائن فی عقد الصیانة فجاء هذا البحث بمادته التی تسرب إلى ذهن القارئ بیسر وهدوء معتمد على الایجاز والتکثیف حینها ومبتعد عن الاطالة المملة حینا آخر، فقد اقتضت الحاجة إلى تقسیم هذا البحث إلى مبحثین وفق الخطة الآتیة:
المقدمة
المبحث الاول: التعریف بعقد الصیانة وخصائصه
المطلب الاول: التعریف بعقد الصیانة
الفرع الاول : التعریف بعقد الصیانة لغةً
الفرع الثانی : التعریف بعقد الصیانة اصطلاحاً
المطلب الثانی خصائص عقد الصیانة
الفرع الاول :الخصائص العامة لعقد الصیانة
الفرع الثانی :الخصائص الخاصة لعقد الصیانة
المبحث الثانی: التزامات الصائن فی عقد الصیانة.
المطلب الاول: التزام الصائن بإنجاز العمل المتفق علیه.
المطلب الثانی: عدم التأخیر فی انجاز العمل.
المطلب الثالث: التزام الصائن بتسلیم الشیء المصون بعد صیانته.
المطلب الرابع: التزام الصائن بالسریة.
المطلب الخامس: التزام الصائن بالمحافظة على العین المصانة.
الخاتمة
قائمة المصادر.
المبحث الاول
التعریف بعقد الصیانة وخصائصه
سوف نتناول فی هذا المبحث التعریف اللغوی والاصطلاحی لعقد الصیانة وبیان خصائصه من اجل الوصول إلى حقیقة ذلک العقد وذلک فی مطلبین مخصصین المطلب الاول للتعریف بعقد الصیانة وقسمناه الى فرعین تناولنا فی الفرع الاول العریف اللغوی لعقد الصیانة والفرع الثانی تناولنا فیه تعریف عقد الصیانة اصطلاحاً اما المطلب الثانی تناولنا فیه خصائص عقد الصیانة وقسمناه الى فرعین تناولنا فی الفرع الاول الخصائص العامة لعقد الصیانة والفرع الثانی الخصائص الخاصة للعقد محل الدراسة
المطلب الأول
التعریف بعقد الصیانة
سوف نتناول فی هذا المطلب التعریف بعقد الصیانة من خلال تسلیط الضوع على التعاریف اللغویة والاصطلاحیة للعقد بعد تقسیمه الى فرعین نتناول فی الفرع الاول التعریف اللغوی للعقد محل البحث والفرع الثانی التعریف الاصطلاحی له وعلى النحو الاتی:-
الفرع الاول : التعریف بعقد الصیانة لغة:
نتناول فی هذا الفرع حقیقة کل من العقد والصیانة من الناحیة اللغویة فکلمة العقد لغةً تعنی الربط والشد والضمان والعهد یقال عقد الحبل أی ربطه بین طرفیه البائع والمشتری, والعقد موضع العقد هو ما عقد علیه([1]), والجمع عقود ومنه قوله تعالى {یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}([2]), ولقد صرح أئمة الاشتقاق أن اصل العقد نقیض الحل ثم استعمل فی انواع العقود والبیوعات وکذلک فی التصمیم والاعتقاد الجازم وعقد العهد والیمین یعقدهما عقداً: أکدهما ومنه تعاقد القوم تعاقداً وعقد النکاح واحکامه وابرامه ([3]), کما فی قوله تعالى {وَالَّذِینَ عَقَدَتْ أَیْمَانُکُمْ}([4]), ولقد ترى عقدّت بالتشدید معناه التوکید والتغلیظ کقوله تعالى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَیْمَانَ بَعْدَ تَوْکِیدِهَا}([5]), والعقد هو العهد والجمع العقود وهی ایضا العهد, ویقال عهدت إلى فلان فی کذا وکذا وتأویله الزمته ذلک فاذا قلت عاقدته أو عقدت علیه فتأویله أنک الزمته ذلک استیثاقاً والمعاقدة المعاهدة ([6]).
اما الصیانة لغةً فان الاصل اللغوی لکلمة الصیانة هی:
الصُّوان: بضم الصاد وکسرها, والصیان هو ما یصان فیه الشیء وصنتهُ حفظته, صوناً وصیانةً, واحیاناً فهو مصون على النقض وهو على وزن مفعول وصان الرجل عرضهُ عن الدنس فهو صَّینٌ, والصیانة خلاف الابتذال([7]).
والصون أن تقی شیئاً أو ثوباً وصان الشیء صوناً وصیانة ویقال صنت الشیءُ اصونه وصیانة ایضاً وهو وعائه الذی یصان فیه ویقال صنت عرضه کما یصون الانسان ثوبه([8]).
وقیل فی ذلک:
أصون عرضی بما لی لا ادنسهُ |
لا بارک الله بعد العرض فی المال([9]) ِ |
|
|
|
|
|
|
وقیل ایضاً صان الفرس صوناً قام على طرف حافرهِ واتقى الشیء من حفا أو وجع فی حافره ویقال صوناً وصیانة فی مکان آمن ویقال صان عرضه وقاه مما یعیبه, التصاون تکلف صیانة نفسه من المعایب ونحوها وقى نفسه منها([10]).
صان صوناً ضلعاً خفیفاً فمعنى یصن الشیء أی یضلعن وتوجین من التعب([11]), ویقال صنت الشیء أصونة ولا تقل أصنته فهو مصون ولا تقل مصان وقال الشافعی رضی الله عنه بذلته کلامنا صون غیرنا وجعلت الثوب فی صوانه وصیانة ایضاً وهو وعائه الذی یصان فیه, ابن الاعرابی الصونة العقیدة وثوب مصون على النقص ومصون على التمام وصان عرضه صیانة وصوناً على المثل([12]).
کما عرف فقهاء اللغة الصیانة بمعناها اللغوی وهو الحفظ والوقایة من التلف فتکلموا عن صیانة العرض وصیانة الدین وصیانة المال ومن ذلک اشتراطهم عدم استعمال العین المستأجرة فی غیر ما استؤجرت له مما یلحق بها ضرر ([13]), ویأتی لفظ الصیانة بعدة مصلحات منها:
المرَّمة: وتعنی لغة اصلاح الشیء الذی فسد بعضهُ ویقال رممتُ الحائط رَمّاً أی أصلحته, رمم البناء أی اصلحهُ بعد فساده ویقال رمم المنزل القدیم رَمّهُ أصلحه وقد افسد بعضهُ ویقال رممت فی البنیان ما استرم منه ورمم اللوحة الفنیة ([14]), والمرمة تعنی الاصلاح وتعنی الصیانة الضروریة لاستیفاء المنفعة وتشمل اصلاح الآلات التالفة بسبب التشغیل واستبدالها لان المرمة قد تتطلب شراء مواد فهی تشمل اصلاح العطل وتبدیل ما تحتاج إلیه المعدات فی کل فترة والشرط الوحید فی المرمة أن تکون بفترات محدودة أو بای وسیلة ترفع عنها الجهالة المؤدیة للنزاع ([15]).
أما العمارة: فی اللغة فهی مصدر عمَّر یقال عمر الدار عمراً وعمارة أی بناها أو بنى ما انهدم منها ویقال عمدت الارض أی أصلحت, وفن العمارة هو فن تشید المنازل ونحوها وتزینیها وفق قواعد معینة قال تعالى {هُوَ أَنشَأَکُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَکُمْ فِیهَا}([16]), أی أذن لکم فی عمارتها واستخراج قوتکم منها([17]).
والتجدید: فی اللغة مصدر جدد یقال جدد فلان الشیء أی صیره جدیداً والجدید خلاف القدیم, ویقال جدد بیته أی أصلحهُ ورممهُ, جدد الشیء صیره جدیداً فقد استعمله الفقهاء فی اصلاح الشیء بما یعیدهُ إلى حالته المعهودة له ویقال أوجد ثوباً استجده بالمعنى([18]).
والاصلاح: فی اللغة هو نقیض الافساد ویقال أصلح الشیء بعد افساده أی أقامهُ ویقال استصلح الالة طلب اصلاحها ویقال علیه أن یتصلح ما افسده أن یصلح أن یرمم, فقد استعمل الفقهاء المعاصرین هذا المعنى فی اصلاح الشیء من اجل صیانته وادامته واعادته إلى حالته الجیدة المعتادة ([19]).
ویقال صیانة الرجل نفسه عن خسیس الاموال([20]), وعلیه فان الصیانة فی اللغة هی القیام على الشیء بما فیه حفظهُ وصیانته ووقایته من التلف وتعنی ایضاً حفظ النفس من المکاسب الدنیئة وحفظ المال من التلف والضیاع ویمکن أن یرد معنى الصیانة على حفظ العرض وحفظ اللسان ایضاً.
وبعد استعراض التعاریف التی وردت بشأن عقد الصیانة من قبل فقهاء اللغة یتضح لنا بأن الصیانة تعنی الترمیم والتجدید من اجل اعادة العین إلى حالتها المعهودة التی کانت علیها قبل عطلها.
الفرع الثانی
تعریف عقد الصیانة اصطلاحاً
اما حقیقة العقد من الناحیة الاصطلاحیة فیمکن تعریف العقد بأنه تطابق ارادتین أو اکثر على ترتیب اثار قانونیة سواء أکانت هذه الاثار انشاء التزام او نقله أو تعدیله أو انهائه([21]), لذلک فأن العقد هو توافق إرادتین على احداث اثار قانونیة سواء أکانت هذه الاثار هی انشاء الالتزام أو نقله أو تعدیله أو انهائه([22]), وقد عرف القانون المدنی العراقی العقد بانه "ارتباط الایجاب الصادر من احد العاقدین بقبول الاخر على وجه یثبت اثره فی المعقود علیه"([23]).
وبناءً على ذلک یکون المراد بالعقد تصرف إرادی ینشأ من توافق ارادتین ولابد فیه أن یکون مشروعاً وان یقصد به احداث اثر سواء أکان التزاماً تشغل به ذمة المتعاقدین أو تغییراً فی محل العقد([24]), لذلک فإن العقد یقتصر على انشاء علاقة ذات طابع مالی أو اقتصادی لأنه قد اشترط فی الالتزام یکون محله ذات قیمة مالیة أو اقتصادیة والعقد هو احد مصادر الالتزام فلا بد من مراعاة هذا القید([25]).
اما عن تعریف الصیانة فی الاصطلاح القانونی: فلم یرد لها تعریف خاصة وان هذا العقد لم ینظمه المشرع العراقی ضمن العقود المسماة هذا ما یقتضی منا استعراض التعاریف الفقهیة التی تناولت موضوع البحث کی نصل فی المحصلة النهائیة إلى وضع تعریف جامع مانع لعقد الصیانة.
وعرفه جانب من الفقه القانونی المعاصر بانه عقد بین طرفین یقال للأول منهم الصائن والثانی المصون له یرد على عمل یقضی استخدامه آلة أو عقار وغیرهما للثانی سلیماً مثمراً ثمراته المعتادة ویحول بینه وبین التلف أو التعیب کما یقضی اصلاحه عند الحاجة إلى ذلک بمقابل بدل یدفعه الثانی للأول یتفق علیه بینهما فی العقد مقداراً ووصفاً وربما احتاج ذلک العمل إلى بعض المواد أو قطع الغیار أو غیر ذلک فیکون ذلک من الصائن أو المصون له أو بالتساوی بینهما حسب الاتفاق([26]).
وقد عرفه جانب آخر من الفقه على انه عقد ما بین طرفین بمقتضاه یقوم احدهم بصیانة آلة من الآلات وفی نظیر ذلک یلتزم الطرف الاخر بدفع الاجرة المحددة له بینهما([27]).
کما عرف عقد الصیانة من قبل جانب اخر من الفقه بأنه عقد على اصلاح الشیء المعمر کلما طرأ علیه عطل أو أذى من حیث قدرته على انشاء الخدمات والمنافع المقصودة منه([28]).
کما عرفه جانب فقهی اخر بانه عقد بین مؤسسة اقتصادیة او فرد من جانب أو بین مؤسسة أو فرد من جانب اخر یتعهد فیه الطرف الثانی بمراقبة الاجهزة والآلات موضوع العقد فی فترات دوریة محددة لتقوم بوظائفها دون تعطل أو نقص کما یتعهد بإصلاح ما تعطب من القطع أو الاستبدال الذی یتم ما بین الجدید والتالف الذی یدفع ثمنه صاحب المؤسسة([29]).
فی حین عرفه جانب آخر من الفقه بأنه مجموعة الاعمال اللازمة لبناء عین على الحالة التی تصلح فیها لأداء الاعمال المراد منها([30]).
اما عن مجمع الفقه الاسلامی فقد عرف عقد الصیانة بانه عقد معاوضة یترتب علیه التزام طرف بفحص واصلاح ما تحتاج الیه آلة أو أی شیء اخر من اصلاحات دوریة او طارئة لمدة معلومة فی مقابل عوض معلوم ویلتزم فیه الصائن بالعمل وحده او بالعمل والمواد([31]).
وعرف الفقه الفرنسی عقد الصیانة بانه مجموعة الاعمال التی تسمح بصیانة وادامة المؤسسات وغیرها وکذلک الاجهزة ووضعها بموضع جید وضمان الخدمة التی یتم تقدیمها([32]).
کما عرف عقد الصیانة فی اصلاح التسویقیین وذلک باعتباره خدمة ترویجیة یقدمها البائع بعد الشراء للمحافظة على السلعة المبیعة فی حالة جیدة سلیمة تکفل استمرار السلعة فی عملها وعدم توقفها عن الاداء أو الانتاج ([33]).
کما ورد تعریف عقد الصیانة لدى بعض الشراح على انه التزام قانونی موضوعه اصلاح کل خلل اشار الیه رب العمل طبقاً للشروط المنصوص علیها قانوناً وذلک بهدف اعادة العمل مطابقاً للحالة التی کان علیها أو کان ینبغی أن یکون علیها عند التسلیم([34]).
فضلاً عن ذلک فقد عرفت الصیانة بأنها الحفاظ على رأس المال المستثمر فی صورة الآلات والمعدات والاجهزة ومرافق ومبانی فی حالة تسمح باستخدامها بمستوى أو أداء معین وبأسلوب اقتصادی بما یحقق اهداف الانتاج بالإضافة إلى ذلک فإن الصیانة هی مجموعة النظم القانونیة التی تقوم بها ادارة الصیانة لتقلیل الاعطال وجعل الاصول فی حالة تشغیلیة جیدة أو أعادة تلک الحالة الجیدة لها عندما تتعطل([35]).
کما قیل بأن الصیانة عبارة عن وضع الخطط العامة التفصیلیة من اجل تحقیق اهداف المؤسسة بأقل تکلفة ممکنة واعادة الآلات والاجهزة إلى حالتها الطبیعیة قبل العطل بما یحقق الاستخدام الجید والفعال لتلک الاجهزة والآلات([36]).
کما عرف الفنیین والمهندسین الصیانة بانها صیانة المنشئات والآلات والاعیان التی تحتاج إلى صیانة من اجل ادامة استخدامها بشکل جید وتحقیق کفاءة عالیة.
وقد جاءت هذه التعاریف بصیغ مختلفة وأن کانت جمیعها تجتمع عند نقطة واحدة لبیان المعنى الواضح للصیانة, فالصیانة عملیة تستهدف القیام على الشیء المصون واصلاح ذلک الشیء من اجل ضمان عدم توقفه عن اداء العمل المرسوم له بالإضافة إلى اعادته إلى حالته المعتادة التی کان علیها قبل تعرضه للعطل أو الخلل الذی أثر على اداء وظیفیته ویقوم بهذه العملیة اختصاصیون لهم خبرات والمؤهلات الفنیة للقیام بالأعمال اللازمة لصیانة العین([37]).
وبعد استعراضنا لأغلب التعریفات التی قیلت بشأن عقد الصیانة من قبل فقهاء القانون کان لنا بعض الملاحظات على هذه التعاریف فقد کان اغلبها بصیغة شرح مطول واغفلت الاشارة إلى اطراف العقد خاصة وانه یعقد من طرفین الصائن والمصون له فإذا کان عقد لابد من ذکر اطرافه کما تناولت بعض التعاریف عقد الصیانة الذی یشتمل على قطع غیار ومنها لا یشتمل واوضحت بعض المستلزمات کأجور الانتقال والأدوات فهذه صور واعمال لا تؤثر فی حقیقة العقد ومن ثم لا علاقة لها بالتعریف والبعض الاخر قصر الصیانة على الآلات والاشیاء المعمرة والبعض الاخر حدد الصیانة على الاشیاء المبیعة أی فی عقد البیع فقط وهذا ما یخالف الواقع العملی للعقد محل البحث لأنه یرد على العقار والمنقول کما لا یمکن أن تقتصر الصیانة على الاشیاء المباعة فقط وانما تشمل الاشیاء المستأجرة فقط فضلاً عن ذلک فان البعض الاخر اغفل (المقابل) عند تعریفه لعقد الصیانة لکون الاخیر لیس من عقود التبرع وانما یکون القیام بالعمل عادة بمقابل یتفق علیه المتعاقدان وهناک بعض التعاریف یکتنفها القصور لأنها حددت الصیانة بالآلات فقط مع أن الصیانة یمکن أن ترد على سائر الاعیان کالأبنیة والمنشئات وغیر ذلک مما یحتاج إلى صیانة وذکرت بعض التعاریف ان عقد الصیانة هو عقد على الاصلاح وهو اعادة الشیء إلى حالته المعهودة التی کان علیها قبل أن یطرأ علیها أی تغییر وهذا یعتبر جزء من مفهوم الصیانة ولیس الکل.
وهکذا اختلف الفقه فی تعریف العقد محل البحث فقد جاءت التعاریف بصیغ مختلفة ولعل السبب فی ذلک کون المشرع العراقی والقوانین محل المقارنة لم ترد تعریفا للعقد محل الدراسة وحسناً قد فعلت کون التعریف لا یعد من عمل المشرع وانما هی من اختصاص الفقهاء والکتاب والباحثین.
ومع تقدیرنا للتعاریف الفقهیة التی عرضنها کونها اصابت جانب أو اخر من جوانب عقد الصیانة ولکن یقتضی الامر وضع تعریف جامع وشامل لمفهوم الصیانة ونأمل أن یکون بالشکل الآتی: "عقد یلتزم بمقتضاه احد الطرفین بفحص وصیانة العین المتعاقد علیها کلما تطلب الامر ذلک بمقابل وخلال مدة یتفق علیها المتعاقدین ویمکن ان تکون الصیانة مرتبطة بعقد أو مستقلة قائمة بذاتها".
یمکن أن نوجز مزایا تعریفنا المقترح بالآتی:
1. اوضح التعریف المقترح بوجود طرفین للعقد محل الدراسة وعادة ما یسمى احدهما الصائن والاخر المصون له.
2. اساس عقد الصیانة هو القیام بالعمل فهو فحص وصیانة العین فیظهر لنا من خلال التعریف ان محل عقد الصیانة هو القیام بالعمل من اجل اعادة العین إلى حالتها المعهودة.
3. جاء التعریف واسعاً فی تحدیده للعین المصانة اذ شمل الآلات الابنیة کونه جاء مطلقاً وکما هو معروف فإن المطلق یجری على اطلاقه.
4. جعل عقد الصیانة عقد معاوضة وهذا واضح من کلمة (بمقابل) بمعنى أن کلا الطرفین یأخذ مقابلاً لما یعطی أی المقابل المالی والاجر الذی یستحقه الصائن نظیر قیامه بالأعمال اللازمة لبقاء العین صالحة لأداء وظائفها وهو الالتزام الرئیسی الذی یلتزم به المصون له بموجب العقد فی مقابل التزام الصائن بالقیام بالأعمال.
5. حدد التعریف المقترح العقد بمدة زمنیة تخضع لاتفاق الطرفین المتعاقدین یتم خلالها اصلاح وصیانة العین سواء أکانت الآلات أو الأبنیة.
6. اشار هذا التعریف إلى صور الصیانة بنوعیها الصیانة المستقلة وذلک عندما تکون الصیانة قائمة بذاتها او مرتبطة بعقد آخر کعقد الایجار أو عقد البیع فیطلق علیها الصیانة المرتبطة بعقد حیث یتم التعاقد على شراء الة او جهاز مع اشتراط صیانتها بثمن اضافی بعقد واحد بحیث یتم التفاوض على ثمن الالة ثم قیمة صیانتها([38]).
المطلب الثانی
خصائص عقد الصیانة
یتمیز عقد الصیانة بعدة خصائص تمییزه عن بقیة العقود الاخرى لذلک کان لنا من بیان تلک الخصائص بعد تقسیم هذا الطلب الى فرعین مخصصین الفرع الاول للخصائص العامة لعقد الصیانة والفرع الثانی للخصائص الخاصة للعقد محل البحث وکالاتی :
الفرع الاول الخصائص العامة لعقد الصیانة
1. عقد غیر مسمى: یتمیز عقد الصیانة بأنه من العقود الغیر منظمة قانوناً رغم شیوعه بین الناس فی مجال التعامل حیث لم یتم تنظیمه بتشریع خاص أو ضمن العقود المسماة کعقد البیع والایجار والمقاولة...الخ من العقود ولهذا السبب اثیر بشأنه النزاع .ومن اجل الفصل فی موضوع النزاع .البحث عن الحل فی القواعد العامة التی تنطبق على سائر العقود المنصوص علیها فی النظریة العامة للالتزامات وإذا لم یجد الحل فعلیه أن یلتمس الحل عن طریق القواعد الخاصة بأقرب العقود المسمات لهذا العقد([39]).
وبما أن المشرع العراقی لم یقم بتنظیم هذا العقد ضمن العقود المسماة فهل هذا یعنی ان القواعد العامة کافیة لتنظیمهُ؟ ام لا بد من تنظیم قانونی خاص شأنه شان العقود المسماة لدى مشرعنا.
2.عقد رضائی: فالعقد الرضائی ینعقد بمجرد التراضی بین طرفیه دون حاجة إلى صیغة أو شکلیة معینة فینعقد العقد بمجرد الایجاب والقبول من کلا الطرفین([40]), فالتراضی وحده یکفی لقیام هذا العقد دون حاجة إلى افراغ التراضی فی قالب او شکل معین والرضائیة هی اساس کل العقود فی الشریعة والقانون وذلک لقوله تعالى {إِلاَّ أَنْ تَکُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْکُمْ}([41]), ولقول الرسول الکریم ((لا یحل مال أمرئ مسلم إلا بطیب نفس منه))([42]), اعمالاً بمبدأ سلطان الارادة واکثر العقود فی الفقه والقانون لا تحتاج فی تکوینها أکثر من مجرد التراضی([43]), وعلیه فإن عقد الصیانة لا یحتاج إلى صیغة أو شکل معین لانعقاده حتى وان اتفق الطرفان على الکتابة فإنها لا تعد رکناً فی العقد وانما هی وسیلة للأثبات فقط وأن أغلب عقود الصیانة المعاصرة تکون مکتوبة لهذا الغرض([44]). واذا کانت الصیانة مقرونة بعقد بیع عقار فان بیع ذلک العقار یتطلب التسجیل فی دائرة التسجیل العقاری فهو عقد شکلی وان اقترن بالصیانة فإنها تکون بند فی ذلک العقد.
وفی الواقع العملی تکون عقود الصیانة مکتوبة یذکر فیها اطراف العقد والمدة التی یبدأ بها ذلک العقد والشروط الخاصة بالعقد بالإضافة إلى بیان الحاجة إلى قطع الغیار اللازمة لعمل الصیانة وعلى من تقع مع بیان وصف کامل للشیء المصون وخاصة ما اذا کان وارد على عقار مع بیان وصف کامل عن الموقع والملحقات بالإضافة إلى الاجر الذی یستحق من تلک الاعمال ومتى یستحق؟ ([45]).
3. عقد معاوضة: یعتبر عقد الصیانة من عقود المعاوضات التی یترتب علیها أن یحصل بمقتضاه المتعاقد مقابلاً لما یعطی أو لما یلتزم به والمقصود بالمقابل هو المقابل المالی أو الذی تکون له قیمة مالیة وبذلک فان کل طرف یأخذ مقابلاً لما یعطی ([46]), فیحصل المصون له على اصلاح وصیانة العین المصانة مقابل الاجرة وبالمقابل یحصل الصائن على الاجر مقابل صیانة الاعیان.
والمقابل المالی هو الالتزام الذی یترتب على عاتق المصون له بعد حصوله على الاعیان المصانة التی تم صیانتها واعادتها إلى حالتها التی کانت قبل حصول الاعطال فیها مقابل ما یلتزم به الصائن بإتمام تلک الاعمال وتسلیم الاعیان إلى المصون له ([47]).
4. عقد ملزم للجانبین: إن عقد الصیانة عقد ملزم للجانبین حیث یرتب التزامات متقابلة على عاتق طرفیه وهما الصائن والمصون له ومن بین الالتزامات التی تقع على عاتق الصائن هی التزامه بإنجاز العمل المتفق علیه وکذلک عدم التأخر فی انجاز العمل والتزامه بتسلیم الشیء المصون بعد الانتهاء من اعمال الصیانة بالإضافة إلى ذلک یتوجب على الصائن الضمان والتزامه بالمحافظة على السریة, ومن ضمن الالتزامات التی تقع على عاتق المصون له هی التزامه بتمکین الصائن من انجاز العمل بالإضافة إلى التزام المصون له بتسلم العمل من قبل الصائن واخیراً یتوجب على المصون له أن یدفع الاجر للصائن عن القیام بأعمال الصیانة.
ویترتب على اعتبار أن عقد الصیانة عقد ملزم للجانبین انه لا یستطیع احد المتعاقدین أن یستقل بفسخ العقد أو انهائه دون موافقة الطرف الاخر لأن مثل هذه العقود إذا لم یقم احد الطرفین بتنفیذ التزامه جاز للطرف الاخر أن یطلب فسخ العقد([48]).
وذلک لان التزامات کل طرف من المتعاقدین هی سبب التزامات المتعاقد الاخر([49]), وهذا ما نصت علیه الفقرة الاولى من المادة 177 من القانون المدنی العراقی "فی العقود الملزمة للجانبین إذا لم یوف احد العاقدین بما وجب علیه فی العقد جاز للعاقد الاخر بعد الاعذار أن یطلب الفسخ مع التعویض إذا کان له مقتضى على انه یجوز للمحکمة أن تنظر المدین إلى اجل کما یجوز لها أن ترفض طلب الفسخ إن کان مالم یوف به المدین قلیلاً بالنسبة للالتزام فی جملته"([50]), وکذلک نصت المادة 157 من القانون المدنی المصری "فی العقود الملزمة للجانبین إذا لم یوف احد العاقدین بتنفیذ التزامه جاز للمتعاقد الاخر بعد اعذاره المدین أن یطالب بتنفیذ العقد أو بفسخه مع التعویض فی الحالتین إذا کان له مقتضى"([51]).
ونصت المادة 1102 من القانون المدنی الفرنسی "لا یکون العقد ملزماً للجانبین اذا التزم العاقدان على وجه التبادل کل منهما نحو الاخر"([52]), وحتى الواقع العملی یمکن أن نجد فی احدى العقود الخاصة لصیانة عقار سکنی کیف یمکن اعتبار عقد الصیانة من العقود الملزمة للجانبین فاذا امتنع احد الطرفین عن الوفاء بالتزامه جاز للطرف الاخر الامتناع عن الوفاء ایضاً([53]).
5. عقد مؤقت([54]): یتمیز عقد الصیانة بأنه من العقود الزمنیة أی أنه عقد لمدة معلومة فهو من العقود المؤقتة([55]), حیث یلتزم الصائن بالقیام بالأعمال اللازمة ابتداءً من تاریخ محدد وإلى نهایة تاریخ آخر فهو ملزم بالقیام بأعمال الصیانة والتصلیح طیلة تلک المدة فعلى سبیل المثال قد تکون مدة العقد نفسه أو سنتین یتفق علیها المتعاقدان من اجل صیانة أو اصلاح المتعاقد علیه فالمدة هنا عنصر اساسی فی تقدیر محل العقد الذی هو اعمال الصیانة ومن ثم یکون عنصراً اساسیاً فی تحدید المقابل المالی الذی یلتزم المصون له بأدائه فعنصر الزمن لا یمکن فصله عن عنصر المنفعة المتوخاة من عمل الصائن أو عنصر الاجرة التی یلتزم بها المصون له([56]).
ویترتب على کون عقد الصیانة عقد زمنی انه اذا انفسخ العقد للأعذار الداعیة إلى ذلک فلا یکون ذلک باثر رجعی فینحل العقد من وقت الفسخ وما نفذ منه قبل ذلک یبقى قائماً ویستحق الصائن مقداراً من العوض یقابل اعمال تلک المدة التی انقضت قبل فسخ العقد ولا یحق للمصون له استرداد شیء مما دفعه للصائن من مبالغ مالیة عن تلک المدة وإذا استحال تنفیذ الالتزام من احد طرفی العقد کأن تلفت الاعیان المصونة کلیاً بسبب خارجی فان هذا یضاف إلى المستقبل فقط دون الماضی فیلغى العقد ولا یحق للمصون له استرداد شیء مما دفعه للصائن عن المدة السابقة([57]), وبناءً على ذلک، فإن العقد الزمنی إذا نفذ حیناً من الزمن وارید الرجوع عنه لسبب او لآخر استحال ذلک فان ما نفذ اصبح صحیحاً نهائیاً ولا یمکن الرجوع فیه اما فی العقد الفوری فإن ما نفذ منه جاز الرجوع فیه([58]).
6. عقد ذو طابع تجاری: یمکن إضافة هذه الخاصیة إلى عقد الصیانة باعتباره من العقود التجاریة الذی دخل فی کثیر من المجالات بما فی ذلک المجال التجاری وما تقوم به المؤسسات والشرکات المتخصصة فی اعمال الصیانة ودلیلنا فی ذلک ما ورد فی متن القانون التجاری فنصت المادة الخامسة الفقرة السادسة منه على ما یأتی "تعتبر الاعمال التالیة اعمال تجاریة اذا کانت بقصد الربح ویفترض فیها هذا القصد مالم یثبت العکس 1-2-3-4-5-6-, مقاولات البناء والهدم والصیانة"([59]), ومن هذا النص یتضح لنا بان الفقرة السادسة منه جعلت الصیانة عملاً تجاریاً, فیعد تجاریاً التعهد بإنشاء العقار واقامة المنشئات والطرق والجسور وغیرها ویلحق بها عملیات الهدم والترمیم والصیانة للأموال العقاریة ولا تتم هذه الاعمال إلا من خلال مشروع تجاری واحتراف العمل ([60]), کما افرد المشرع المصری نصاً خاصاً للأعمال المتعلقة بالملاحة البحریة والجویة تضمنته المادة السادسة من التقنین التجاری الجدید والتی نصت على أنه "یعد عملاً تجاریاً کل عمل یتعلق بالملاحة التجاریة بحریة کانت أو جویة وعلى وجه الخصوص ما یأتی:-
أ. بناء السفن أو الطائرات واصلاحها وصیانتها ب- جـ- د-هـ- حـ" ([61]).
وکما أن عملیات بناء السفن والطائرات تعتبر اعمالاً تجاریة طبقاً لنص المادة اعلاه الفقرة (أ) من التقنین التجاری الجدید, وکذلک فإن الاعمال المتعلقة بإصلاح وصیانة السفن أو الطائرات تعد وفق المادة اعلاه اعمالاً تجاریة تخضع لقواعد القانون التجاری فالغالب أن یقوم بأعمال الصیانة والاصلاح ورش ضخمة تأخذ شکل المشروع التجاری وتحترف مباشرة هذا النوع من الاعمال([62]).
کما وردت کلمة الصیانة فی القانون التجاری الفرنسی طبقاً لأحکام المادة السادسة من l711-8 والتی نصت على ما یأتی "تتضمن غرفة التجارة والصناعة والوظائف الساندة والدعم لحساب الغرفة ومن بین ذلک 1-2-3- العقود الخاصة بنفقات الاتصالات والتأمین والصیانة"([63]).
یتضح لنا مما تقدم بان اعمال الصیانة تعد عملاً تجاریاً بنص القانون هذا ما یضفی الطابع التجاری على عقد الصیانة محل الدراسة.
7. الجهالة: إن اهم خاصیة یتمیز بها عقد الصیانة عن غیره من العقود هی الجهالة باعتباره من العقود الواردة على العمل لإصلاح ما قد یصیب الشیء المطلوب صیانته من اعطال توقف أو تقلل من سبیل المنافع أو المنتجات المتوقعة من ذلک فی عمله الطبیعی([64])(*), وتکمن الجهالة فی عقد الصیانة بمقدار العمل المطلوب وطبیعته أی طبیعة الشیء المصان ففی عقود الصیانة هناک حد ادنى متفق علیه من العمل الذی یشمله العقد ویتضح ذلک فی عقود التشغیل والصیانة التی تشترط حد ادنى من العمل یتفق على مقداره فی العقد([65]).
ولکن العقد ینص دائماً على التزام الصائن بأی مقدار من العمل یراه ضروریاً لاستمرار عمل الاجهزة والمنشئات حسبما هو ضروری لها على أنه اهم ما یمیز عقود الصیانة هی أنها تتضمن مواجهة الاعطال والخلل وهذه الخاصیة تتطلب مقدار غیر معلوم من العمل بالإضافة إلى أنها تحتاج بعض المعدات والآلات من أجل القیام بعملیة الصیانة وهذه عادة مجهولة المقدار والمواعید المطلوبة لها کما أن عقود الصیانة احیاناً ما یتم التعاقد فیها على اجرة للعمل بالساعة ویترک تحدید عدد الساعات لکل عملیة صیانة بذاتها حیث یلتزم الصائن تجاه ضامن الصیانة ویکون الاتفاق بین الطرفین على اساس تحدید معدلات الاجور دون تحدید کمیة العمل التی ستحال لکل مرة ولا مواعیدها وهذا النوع من العقود یتطلب توافر مقدار من العمالة الجاهزة ذات الخبرة لمواجهة تلک الاعمال المتعلقة بصیانة الاعیان([66]).
امعنا النظر فی العقد محل الدراسة نجد أن الجهالة لیس لها تأثیر واضح فی اصل العقد بل ربما تکون جهالة نسبیة فلا توجب ابطال العقد وذلک من ناحیتین:
* الناحیة الأولى: أن ما یتعلق بالصیانة لیس فقط ادامة وصیانة العین أو الاجهزة بل هی عبارة عن عملیة تتضمن مراقبة ومتابعة لتلک الاعیان والآلات بشکل دوری وفی اوقات محددة ولفترة زمنیة من اجل القیام بکل ما تتطلبه عملیة الصیانة لتلک الاعیان.
* الناحیة الثانیة: أن نحدد النسبة المؤدیة لاحتمال ما قد یطرأ على الاجهزة أو الاعیان المشمولة بالصیانة من عطلات وعیوب ومقدار ما تحتاج إلیه من قطع غیار أو ادوات ولوازم تشغل غالباً ما تکون معلومة لدى اهل الاختصاص بحکم الخبرة والتجربة وإلا لما أقدمت تلک الشرکات أو المؤسسات على ابرام مثل تلک العقود مع علمها بکل ما تتطلبه تلک العقود([67]), ویضاف إلى ذلک أن عقود الصیانة تتضمن جهالة فی مقدار قطع الغیار واثمان تلک القطع عندما تتطلب الحاجة إلیها وهذا المقدار من الجهالة لیس بالیسیر سواء فی کمیاتها وانواعها واثمانها ومواعید تسلیمها بالإضافة إلى أن هناک جهالة فی المواد الاستهلاکیة وجهالة فی المواد الکیماویة اللازمة لأجراء الفحص الدوری على الآلات والمکائن یضاف إلى ذلک أن الجهالة فی عقود الصیانة تتضمن نوع آخر وهی جهالة تتعلق بالتطورات الفنیة التی من الممکن ان تحصل فی المستقبل ومن أمثلة ذلک مهنة برامج الکومبیوتر التی التزمت بتقدیم برامج الکومبیوتر مع عقود لصیانتها وذلک من اجل ادخال کل ما هو جدید من الناحیة الفنیة والذی من الممکن أن یطرأ علیها خلال مدة العقد والتغییر الفنی فی هذه الصناعة کبیر وسریع وهو لا یمکن التنبؤ به وهذا النوع من الجهالة یشمل جهالة التغیرات المستقبلیة واثمانها ومواعید ظهورها ([68]).
8. خاصیة التعلیق: کون الصیانة معلقة بظهور الخلل أو العیب فی تلک الاجهزة أو المنشئات فهو غیر معلق على شرط او اجل وانما یکون التعلیق بظهور العیب فی العین المصانة فهی ای (الصیانة) تدور وجوداً وعدماً مع العیب أو الخلل فالأصل فی المعاملات المالیة ان تکون منجزة ولکن هذا التعلیق فی حقیقته عائد إلى جهة من ذلک العقد ولیس منوطاً بأصل العقد فأصل التعاقد قائم على الاشراف الدوری والمتابعة المستمرة للأجهزة کما أنه قائم على استعداد الجهة (الصائنة) القیام بالخدمات اللازمة عند الحاجة ([69]).
ولما کان التعلیق فی عقود الصیانة عائد إلى جهة من ذلک العقد فإن ذلک لا یؤثر فی صحة عقد الصیانة وبهذا یختلف عن العقد المنجز لان الاخیر یصدر بصیغة مطلقة من شأنها أن تغییر وجود العقد واحکامه فی الحال بمعنى أن العاقدین یبرمان العقد بینهما دون قید أن شرط ([70]).
عقد یرد على العمل:
من الخصائص الممیزة لعقد الصیانة هو أنه من العقود الواردة على العمل فالأداء الرئیسی فی العقد مطلوب من الصائن للقیام بعمل معین وأن هذا العمل یتم بمقابل أجر یتفق علیه الطرفان والذی یحصل علیه الصائن لقاء قیامه بالعمل المتعلق بأعمال الصیانة فإن الاعتداء فی وصف العقد انما یکون بالأداء الرئیسی لا المقابل([71]), والاداء الرئیسی المطلوب من الصائن القیام بعمل معین وهذا الاداء هو الذی یمیز عقد الصیانة ویعطیه الخصوصیة حیث یلتزم الصائن بإصلاح العین واعادتها إلى حالتها المعتادة التی کانت علیها قبل قیام العطل أو الخلل ویستوی ذلک أن یکون تحت اشراف وتوجیه صاحب العمل أو بدون اشراف وتوجیه من قبل صاحب العمل وسواء التزام الصائن بتقدیم قطع الغیار بالإضافة إلى عمله أم أنه یقوم بأعمال الصیانة مع التزام المصون له بتقدیم تلک القطع اللازمة لإتمام عملیة الصیانة فیلتزم الصائن بتنفیذ الاتفاق الوارد فی العقد من ناحیة التزامه بالأعمال المناطة إلیه وأن یستعمل کافة خبراته وامکانیاته الفنیة والتقنیة من اجل اتمام وانجاز العمل المطلوب ألا وهو الصیانة واعادة العین إلى حالتها الطبیعیة([72]).والاصل فی العمل الذی یقوم به الصائن انه یتطلب بعض المواد وقطع الغیار وبالتالی یکون الصائن قد ضمن تکلفة القیام بتک الاعمال قیمة المواد التی تم استخدامها لا تمام اعمال الصیانة
المبحث الثانی
سوف نتناول فی هذا المبحث الالتزامات التی تقع على عاتق الصائن بموجب عقد الصیانة وفق مطالب خمس مخصصین المطلب الاول لالتزام الصائن بإنجاز العمل المتفق علیه والمطلب الثانی عدم التأخر فی انجاز العمل والمطلب الثالث التزام الصائن بتسلیم الشیء المصون بعد صیانته، والمطلب الرابع التزام الصائن بالسریة والمطلب الخامس التزام الصائن بالمحافظة على العین المصانة، وهی کالاتی.
المطلب الأول
التزام الصائن بإنجاز العمل المتفق علیه
سوف نتناول فی هذا المطلب التزام الصائن بإنجاز العمل المتفق علیه بمقتضى عقد الصیانة، حیث یتعین على الصائن بمقتضى هذا الالتزام أن یتولى صیانة الشیء محل الالتزام وذلک طبقاً للشروط المتفق علیها فی العقد فاذا لم یکن هناک شروط متفق علیها فلابد من اتباع العرف فیما یتعلق بأصول الصنعة والفن تبعاً للعمل الذی یقوم بإنجازه الا اذا حددت طریقة واضحة جلیة لکیفیة التنفیذ فان ذلک یقتضی اتباع تلک الطریقة فی التنفیذ، فیتوجب على الصائن أن ینجز العمل وفقاً للشروط المتفق علیها فاذا خلت بعض جزئیات العمل من الشروط وجب اتباع العرف ذلک أن المعروف عرفاً کالمشروط شرطاً ومن أجل أن یقوم الصائن بتنفیذ التزامه فی انجاز العمل وجب علیه أن ینجزه بالطریقة الواجبة ویکون مسؤولاً عن خطئه وخطأ تابعیه وعلیه أن ینجز العمل فی المدة المتفق علیها أو المدة المعقولة([73]).
هذا ویقتصر دور الصائن على تقدیم العمل (الصیانة فقط) فی حین یلتزم المصون له بتقدیم قطع الغیار التی یستخدمها الصائن، یتعهد الصائن بتقدیم قطع الغیار والعمل معاً فاذا کان المصون له هو الذی یقدم قطع الغیار ویقتصر دور الصائن على تقدیم العمل فقط یتعین على هذا الأخیر المحافظة على قطع الغیار واستعمالها بالقدر اللازم لإنجاز العمل المطلوب دون زیادة أو نقصان ویکون مسؤولاً عن هلاکها أو تلفها أو ضیاعها واخیراً یتوجب علیه أن یقدم حساباً لصاحب الشیء المصون عما استعمله من قطع غیار ویرد الباقی منها أن وجد ویمکن القول أن الصائن اذا وجد عیباً فی قطع الغیار التی قدمها المصون له مما یجعلها غیر صالحة لأداء اعمالها المقصودة منها وجب علیه اخطار المصون له بذلک فوراً والا کان مسؤولاً عن کل ما یترتب على اهماله من نتائج ([74]) أما اذا کان الصائن هو الذی یقدم قطع الغیار بالإضافة إلى عمله فانه یکون مسؤولاً عن جودة تلک القطع فی مواجهة المصون له فیضمن ما قد یکون فیها من عیوب تنقص من قیمتها أو منفعتها بحسب الغایة منها کما أنه یضمن تخلف المواصفات التی کان قد تعهد بتوفرها فی قطع الغیار تلک ([75]).
والسؤال الذی یثار فی هذا المضمار هو: ماهی العنایة اللازمة على الصائن أن یبذلها فی انجاز العمل؟ وما طبیعة التزامه؟!
وللإجابة على ذلک یمکن القول انه یتوجب على الصائن أن یبذل العنایة الواجبة اثناء القیام بالأعمال اللازمة للصیانة وأن یبذل عنایة الشخص المعتاد الذی هو فی نفس مستواه المهنی وفی مثل ظروفه وهذا ما یسمى بالسلوک المعتاد أی السلوک المتعارف فی کل مجالات العمل على أنه یمکن القول أنه لما کان الصائن من أهل الاحتراف والتخصص بوصفه مهنیاً متمرساً فی اعمال الصیانة وهذا التخصص قد یوجد نوعاً من عدم المساواة بین طرفی العقد من حیث المعلومات والخبرات المتعلقة بمجال العقد لذلک یمکن القول أن التزامات الصائن تکون أشد اذا توافر لدیه الاختصاص والاحتراف لصالح الطرف الآخر لذلک تعتبر الثقة التی یراها المصون له فی الصائن ینتظرها منه سیاجاً یحوط الصائن فی ادائه لالتزاماته نحو المصون له وخصوصاً فیما یتعلق ببذل العنایة اللازمة فی الاعمال التی تتعلق بالصیانة ([76]) وهذا ما نص علیه القانون المدین العراقی فی الفقرة الأولى من المادة 251 والتی جاء فیها ما یأتی: "فی الالتزام بعمل اذا کان المطلوب فی المدین أن یحافظ على الشیء أو أن یقوم بإدارته أو کان مطلوب منه أن یتوخى الحیطة فی تنفیذ التزامه فأن المدین یکون قد وفى بالالتزام اذا بذل فی تنفیذه من العنایة ما یبذله الشخص المعتاد حتى ولو لم یتحقق الغرض المقصود".
أما عن طبیعة التزام الصائن فعلى الرغم من القول أن التزام الصائن بالإمکان أن یکون التزام بوسیلة أی انه یبذل عنایة من غیر تحقیق النتیجة الا أن من وجهة نظرنا المتواضعة نعتقد أن التزام الصائن لابد أن یکون دائماً التزام بتحقیق نتیجة وهی صیانة العین واعادتها إلى حالتها فهو ملزم بتحقیق نتیجة وهی صیانة العین واعادتها إلى حالتها المعهودة التی کانت علیها قبل العطل أو الخلل فهو یختلف عن التزام الطبیب والمحامی فالطبیب غیر مطلوب منه شفاء المریض وانما المطلوب منه أن یعالج مریضه متبعاً لما تملیه علیه مهنته من اصول وباذلاً بالعلاج نفس العنایة التی یبذلها أی طبیب فی مستواه العلمی والامر ینطبق على التزام المحامی عند المرافعة فی قضیة فیتوجب علیه أن یبذل عنایة الرجل المعتاد ویکون قد وفى التزامه عند بذل هذه العنایة ولو لم یتحقق الغرض المقصود وهو کسب القضیة ([77]) والالتزام ببذل العنایة المطلوبة یشمل التزام الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه لتأدیة عمله فاذا اخل الصائن بهذا الالتزام بان اتلفت هذه الاشیاء أو فقد ت منه کان مسؤولاً فی مواجهة المصون له والتزام الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه یتضمن التزامه بعدم استخدام ادوات العمل خارج مکان العمل الا بترخیص من المصون له وأن یحفظ هذه الادوات فی الاماکن المخصصة لها([78]).
ویجب على الصائن التمسک بمبدأ حسن النیة فی التنفیذ وهو مبدأ یسود جمیع العقود من مرحلة ابرام العقد ومروراً بالتنفیذ ومن ثم انقضائه فقد نصت المادة 150 من القانون المدنی العراقی على أنه: "یجب تنفیذ العقد طبقاً لما اشتمل علیه وبطریقة تتفق مع ما یوجبه حسن النیة"([79]).
ویعد مبدأ حسن النیة من المبادئ والاصول العامة من القانون ویقضی هذا المبدأ أن یکون تنفیذ عقد الصیانة وفقاً لما اشتمل علیه بنود العقد والشروط والمواصفات فقد یتم عقد الصیانة فی بعض الاحیان بین الادارة من جهة والمتعهد بالصیانة من جهة اخرى حیث یقضی هذا المبدأ أن تقوم جهة الادارة بتمکین المتعهد بالصیانة من البدء بتنفیذ اعمال الصیانة خلال مدة معقولة والالتزام بتعویضه عما یصیبه من ضرر بسبب التأخر فی تنفیذ التزامها دون مبرر مشروع ودون الاخلال بحقه فی طلب فسخ العقد ([80]).
ویقضی مبدأ حسن النیة أن یختار الصائن الطریقة التی تفرضها الامانة والنزاهة من أجل اتمام العمل واذا کان هو الملتزم بتقدیم المواد فمبدأ حسن النیة یقضی أن یضمن جودتها([81]).
أما عن شخصیة الصائن فی عقد الصیانة فقد تکون شخصیته محل اعتبار فی العقد فضلاً عن کفاءته فی اداء العمل عند ابرام العقد فلا یجوز أن یحل غیره مکانه فی اداء العمل المطلوب ولکن هذا الطابع الشخصی لا یعتبر من المسائل التی تتعلق بالنظام العام ومن ثم یجوز الاتفاق على نفیه فیجوز للعامل أن یستعین بغیره فی انجاز العمل کما أن هذا الطابع الشخصی یبرر للمصون له امکانیة فسخ العقد بوفاة الصائن فلا یستطیع المصون له الزام الورثة بأداء العمل الذی کان مورثهم ملتزم بأدائه ([82]).
والسؤال الذی یثار هنا: ما هو الجزاء الذی یترتب على الاخلال فی الالتزام بإنجاز العمل المتفق علیه؟ وماذا یترتب اذا خالف الصائن اصول الصنعة وعرفها وتقالیدها؟
وللإجابة على الشطر الأول من السؤال یمکن القول اذا اخل الصائن بالتزامه بإنجاز العمل المتفق علیه فانه یکون مسؤولاً عن الاخلال ویحق للمصون له طبقاً للقواعد العامة أن یطلب التنفیذ العینی أو الفسخ مع التعویض فی الحالتین اذا کان له مقتضى بعد أن یکون قد انذر الصائن بالإخلال بالتزاماته ([83]).
فاذا لم یقم الصائن بتنفیذ التزامه ولم یکن ضروریاً أن ینفذه بنفسه جاز للمصون له أن یطلب من المحکمة (حذف) تنفیذ الالتزام على نفقة الصائن اذا کان هذا التنفیذ ممکناً وفی حالة الاستعجال یجوز للمصون له أن ینفذ الالتزام على نفقة الصائن دون حاجة إلى اذن من المحکمة وهذا ما نصت علیه المادة 250 من القانون المدنی العراقی "1- فی الالتزام بعمل اذا لم یقم المدین بتنفیذ التزامه ولم یکن ضروریاً أن ینفذه بنفسه جاز للدائن أن یستأذن من المحکمة فی تنفیذ الالتزام على نفقة المدین اذا کان هذا التنفیذ ممکناً، 2- ویجوز فی حالة الاستعجال أن ینفذ الدائن الالتزام على نفقة المدین بلا اذن من المحکمة"([84]).
وقد یختار صاحب العمل فسخ العقد لعدم التنفیذ ویکون للقاضی سلطة تقدیریة فی ذلک فقد یحکم بالفسخ متى وجد أن اخلال الصائن بالتزامه کان جسیماً فیمتنع عندها المصون له عن تسلم الشیء المصون ویسترد الاجر من الصائن اذا کان قد دفعه له واذا کان المصون له هو الذی قدم المادة وقطع الغیار فأنه یحق له المطالبة بقیمة تلک المادة کما أن طلب الفسخ لا یمنعه فی المطالبة بالتعویض عن الاضرار التی لحقته من جراء اخلال الصائن بالتزامه فیحق للمصون له المطالبة بالتعویض اذا تأخر الصائن فی انجاز العمل تأخراً یفوت الغرض المقصود من القیام بالعمل ([85]).
وللإجابة على الشطر الثانی من السؤال بإمکاننا القول:
إنه اذا خالف الصائن اصول الصنعة وعرفها وتقالیدها فان مسؤولیته العقدیة تنتهی فی مواجهة المصون له ولا یستطیع الصائن التخلص منها الا بإثبات السبب الاجنبی والمتمثل بالقوة القاهرة (الحادث الفجائی) أو فعل الغیر أو فعل صاحب الشیء المصون نفسه ([86]).
وتثور المسؤولیة العقدیة فی حالات عدة منها حالة التزام الصائن بإنجاز العمل فاذا بالآلة أو العین محل الصیانة انفجرت أو تلفت لسبب أو لآخر أو فی حالة التزام الصائن بصیانة العین المؤجرة وسبب اضرار للمصون له فیکون الصائن ملتزماً تجاه المصون له بمقتضى العقد المبرم بینهما لأنه اخل بالتزامه وسبب اضرار للمصون له ([87]). واذا اکتشف الصائن عیبا فی قطع الغیار المسلمة الیه من قبل المصون له اذا کان هو المکلف بتقدیمها فیجب علیه اخطار المصون له بذلک وتنهض مسؤولیة الصائن العقدیة .
وبامکاننا أن نقترح النص القانونی فیما یتعلق بالتزام الصائن بإنجاز العمل وبالشکل الاتی:
1- یلتزم الصائن بإنجاز العمل وفقاً للشروط المتفق علیها أو ما یقتضیه العرف، ویکون ضامناً للمواد اذا تعهد بتقدیمها بنفسه.
2- اذا اخل الصائن بالتزامه جاز للمصون له أن یطلب التنفیذ العینی أو الفسخ مع التعویض ..
وللنص المقترح مزایا نحددها بالشکل الاتی:
1- حدد النص المقترح کیفیة انجاز العمل فی عقد الصیانة وذلک من خلال الشروط التی یتفق علیها المتعاقدین أو وفقاً للعرف واصول المهنة.
2- کما اوضح النص أن عقد الصیانة یتطلب اصلاح العین محل العقد وهذا یحتاج إلى مواد وقطع غیار قد یتعهد الصائن بتقدیمها فقد جعل النص المقترح الصائن ضماناً للمواد فی حالة تعهده بتقدیمها ومن مفهوم المخالفة یمکننا القول بأن الصائن غیر ضامن للمواد اذا قدمها غیره کما لو تعهد المصون له بتقدیم المواد فهو ضامن لها.
3- حدد النص المقترح التزام الصائن بإنجاز العمل وجزاء الاخلال بهذا الالتزام حیث وضع خیارات للمصون له أما أن یطالب بالتنفیذ العینی اذا کان ممکناً أو أن یطالب بفسخ العقد مع الاحتفاظ بحقه فی کلتا الحالتین بالمطالبة بالتعویض.
المطلب الثانی
عدم التأخر فی انجاز العمل
غالباً ما یتم تحدید مدة یلتزم الصائن بإنجاز العمل فأن لم یکن هناک اتفاق على مدة معینة فالواجب أن ینجز العمل خلال المدة المعقولة التی تسمح بإنجاز العمل تبعاً لمقدرة الصائن ومراعاة طبیعة العمل ومقدار ما یحتاج الیه من جهد فی عملیات الصیانة وحسب عرف الصنعة ([88]). فعادة تنص عقود الصیانة على أنه فی حالة تعطل بعض الاعیان یلتزم الصائن بإنجاز اعمال الصیانة خلال المواعید المحددة فی العقد فاذا لم یکن هناک اتفاق وجب اتباع العرف أو أن یتم انجاز ذلک العمل خلال مدة معقولة وقد تشترط بعض العقود انه فی حالة حصول التأخیر فی انجاز العمل یلتزم الصائن بتوفیر بدیل للاعیان المعطلة بحیث یمکن للمصون له استخدام الاعیان البدیلة حتى یتم اصلاح الاعیان المعطلة ویحصل هذا عادة فی صیانة اجهزة الحاسوب والسیارات ([89]) وأن تنفیذ اعمال الصیانة یستغرق فی غالبیة الاحوال زمناً قد یطول وقد یقصر ولذلک فأن انتهاء هذا التنفیذ یکون رهیناً بأن یبدأه الصائن فی وقت یسمح له بأن ینتهی منه فی الموعد المحدد لذلک.
والسؤال الذی یثار هنا ماذا یترتب اذا تأخر الصائن فی البدء بتنفیذ العمل تأخراً لا یرجى معه مطلقاً أن یتمکن من انجاز العمل فی الاجل المتفق علیه؟
وللإجابة على ذلک بإمکاننا القول اذا تأخر الصائن بالبدء بتنفیذ العمل أو تراخى تراخیاً لا یرجى معه اطلاقاً وبالنظر إلى طبیعة العمل وامکانیات الصائن أن ینتهی التنفیذ فی الموعد المحدد لذلک فأن هذا المسلک من قبل الصائن یتضمن اخلالاً بواجب مراعاة مبدأ حسن النیة فی تنفیذه لالتزامه وعدم تقدیر حجم الجزاء الذی سوف یترتب علیه فیحق للمصون له أن یطلب فسخ العقد وتعویض ما اصابه من اضرار ولو أن الموعد المحدد للانتهاء من العمل لم ینقضِ بعد فلا یکون هناک أی مبرر لالتزام المصون له بالانتظار حتى یحل الموعد المحدد اصلاً للتنفیذ([90]).
ویمکن أن نجد فی عقود صیانة الآلات کیف نظمت عقد الصیانة وفی بنود اشارت من خلالها إلى التزام الصائن بعدم تأخره فی انجاز العمل ورتبت على اساس ذلک حقاً للمصون له فی التوقف عن دفع البدل ([91]).
والسؤال الذی یثار هنا ما هو الجزاء الذی یترتب على تأخر الصائن عن انجاز العمل المتفق علیه؟ وکیف یستطیع الصائن التخلص من مسؤولیته تجاه المصون له؟
وللإجابة على ذلک یمکننا القول اذا تأخر الصائن فی انجاز العمل خلال المدة المتفق علیها فی العقد جاز للمصون له المطالبة بفسخ العقد متى کان تأخر الصائن تأخراً لا یرجى منه ابداً القیام بالإصلاح خلال المدة المتفق علیها على أن طلب الفسخ لا یمنع المصون له من المطالبة بالتعویض عن الاضرار التی لحقته من جراء التأخر فی التنفیذ.
واذا تأخر الصائن فی انجاز العمل خلافاً للمدة المتفق علیها عد مسؤولاً عن هذا التأخیر واذا اراد أن یتخلص من مسؤولیته فعلیه أن یثبت أن سبب التأخیر لا ید له فیه کقوة قاهرة أو حادث فجائی أو خطأ المصون له کما لو تأخر المصون له فی تسلیم المواد إلى الصائن اذا کان هو الملتزم بتقدیم قطع الغیار أو المواد ([92]).
فی کل ما تقدم یمکننا أن نقترح نص قانونی خاص لالتزام الصائن بإنجاز العمل خلال المدة المتفق علیها وکالاتی:
1- یلتزم الصائن بإنجاز العمل خلال مدة متفق علیها.
2- اذا تأخر الصائن عن انجاز العمل خلال مدة معقولة جاز للمصون له أن یطلب الفسخ مع المطالبة بالتعویض. یعنی الاصل هو الاتفاق وفی حالة عدم وجود الاتفاق یجب ان تکون مدة معقولة.
مزایا النص المقترح
1- الزم النص الصائن بإنجاز العمل وعدم التأخر فی انجازه خلال مدة معقولة فیفهم من ذلک أن هذه المدة تخضع أما لاتفاق الطرفین المتعاقدین أو حسب العرف طبقاً لطبیعة المتعاقد علیه.
2- فرض هذا النص جزاء على اخلال الصائن بالالتزام بإنجاز العمل خلال تلک المدة بحیث یحق للمصون له المطالبة بالفسخ وأن کانت المدة لم تنقضِ یعد ذلک أن تأخره فی انجاز العمل هو قرینة على عدم انجاز العمل خلال المدة المتفق علیها مسبقاً مع حقه فی المطالبة بالتعویض اذا کان له مقتضى.
المطلب الثالث
التزام الصائن بتسلیم الشیء المصون بعد صیانته
کنتیجة طبیعیة للعلاقة ما بین الصائن والمصون له وبمجرد انتهاء الصائن من اتمام العمل المکلف به وتأکده مبدئیاً من مطابقة العمل لما ورد فی الاتفاق ما بین الطرفین ویکون مستوفیاً للشروط الواردة فی العقد حیث یلتزم الصائن بتسلیمه للمصون له وفقاً للآجال والمهل المحددة مسبقاً ویتم هذا الالتزام بوضع الشیء المصون تحت تصرف المصون له من اجل الانتفاع به دون عائق بحیث یتمکن من استغلاله دون وقوع مانع یحول بینه وبین الانتفاع بالشیء([93]) ولا تثیر مسألة تسلیم العمل إلى المصون له بعد اتمام العمل أیة صعوبات أو عوائق لأنها تسلم بشکل اعتیادی بعد انجاز اعمال الصیانة ولکن قد تتم اعمال الصیانة فی بعض الاحیان فی محل المصون له أی أن تتم اعمال الصیانة اثناء تواجدها فی حیازة المصون له ویمکن ان یحصل التسلیم بالتخلیة بهدف فتح الطریق للمصون له من اجل الانتفاع واستغلال العمل الذی تم انجازه([94]).
وتختلف طریقة التسلیم باختلاف الاعمال فاذا کان الصائن هو الذی قدم المادة وجب علیه تسلیمها إلى الصمون له على النحو المتفق علیه فی العقد أما اذا کان المصون له هو الذی قدم المادة فان الصائن یلتزم بردها بعد أن یجری علیها العمل المطلوب من تصلیح وتحسین([95]) واذا کان المصون له هو الذی یقدم قطع الغیار ویقتصر دور الصائن على تقدیم العمل فقط ویتعین على هذا الأخیر المحافظة على قطع الغیار تلک والا کان مسؤولاً عن هلاکها وتلفها وسرقتها کما یتعین علیه أن یستعمل تلک القطع بالقدر اللازم لإنجاز العمل طبقاً لما تقضی به اصول الصنعة أو المهنة کما یتعین علیه أن یقدم حساباً لصاحب الشیء المصون عما استعمله فی قطع غیار ویرد الباقی منها أن وجد([96]).
والسؤال الذی یطرح نفسه فی هذا المجال هو: ما هو زمان ومکان التسلیم وعلى من تقع نفقات التسلیم؟ وتبعة الهلاک
وللإجابة على ذلک یمکن القول أن الاصل أن یکون مکان التسلیم بالنسبة للعمل بعد انجازه هو المکان المحدد فی العقد واذا لم یکن هناک اتفاق فی العقد فیرجع إلى عرف الصنعة وذلک تطبقاً للقواعد العامة.
والعرف لیس موحداً لکل انواع الاعمال فلکل صنعة عرف متداول وخاص وحسب طبیعة العین المصانة فیما اذا کانت عقاراً ام منقولاً لذا یحب مراعاة عرف کل صنعة فاذا کانت اعمال الصیانة تتم فی موطن المصون له فان التسلیم یتم بالتخلیة کما سبق بیانه واذا کانت الاعمال تتم فی موطن الصائن فان التسلیم یکون فی ذلک المکان أو المکان الذی یوجد فیه مرکز اعماله باعتباره المدین بالتسلیم.
أما بالنسبة لنفقات التسلیم فأنها تقع على عاتق الصائن باعتباره المدین بالوفاء ما لم یوجد اتفاق أو شرط ما بین الطرفیین یقضی بخلاف ذلک للمتعاقدین مسبقاً أن یتفقا على تحمل احدهما لنفقات التسلیم کما یجوز للأطراف الاتفاق على توزیع نفقات التسلیم مناصفة بینهما أو بنسبة معینة لکل طرف ([97]) وهذا ما نصت علیه المادة 398 من القانون المدنی العراقی "نفقات الوفاء على المدین الا اذا وجد اتفاق أو عرف أو نص یقضی بغیر ذلک".
أما بالنسبة لزمان التسلیم فان المعیار المتفق علیه لتسلیم العمل هو الموعد المتفق علیه لإنجاز العمل ما بین الصائن والمصون له واذا لم یکن هناک اتفاق على موعد محدد أو معین فیکون التسلیم فی میعاد معقول لإنجاز العمل وحسب طبیعة العمل وعرف الصنعة وفی کل الاحوال یکون التسلیم عند الانتهاء من اعال الصیانة ما لم یتفق على میعاد اخر ([98]).
والسؤال الذی یثار هنا هل یحق للصائن حبس العین المصونة؟
وللإجابة على ذلک یمکننا القول للصائن الحق فی حبس العین رغم حلول اجل تسلیمها والانتهاء من اعمال الصیانة فی حالة امتناع المصون له عن دفع الاجر ([99]).
هذا ما اکدته نص المادة 280 الفقرة الثانیة من القانون المدنی العراقی والتی جاء
فیها "1- .... 2- فی کل معارضة مالیة بوجه عام لکل واحد من المتعاقدین أن یحبس المعقود علیه وهو فی یده حتى یقبض البدل المستحق"([100]).
أما عن جزاء اخلال الصائن بتنفیذ التزامه بتسلیم العین محل الصیانة فانه یکون قد اخل بالتزامه وکل اخلال بواجب معین یستوجب تقریر جزاء معین فیطلب کخطوة اولى التنفیذ العینی واذا لم یجدی هذا الطلب نفعاً یقوم بطلب فسخ العقد مع المطالبة بالتعویض فیحق للمصون له المطالبة بالتعویض بقدر الضرر الذی اصابه وقبل لجوء المصون له للحلول السابقة علیه البدء اولاً بأعذار الصائن بتسلیم العمل والاعذار خطوة ضروریة لحصول الدائن على التنفیذ العینی اذ انه لا یستحق التعویض الا بعد اعذار المدین ([101]).
ویقصد بالأعذار دعوة الدائن للمدین لکی یقوم بتنفیذ التزامه وهذا ما نصت علیه المادة 256 من القانون المدنی العراقی "لا یستحق التعویض الا بعد اعذار المدین ما لم ینص القانون على غیر ذلک"([102]).
وللأعذار أهمیة لأنه لا یترک مجال للصائن بادعائه عدم العلم بواجباته وبالتالی المماطلة اکثر بها وفی الحالة التی تکون فیها شخصیة الصائن محل اعتبار جاز للمصون له اللجوء إلى الغرامة التهدیدیة لإجباره على تنفیذ العمل أما اذا لم تکن شخصیة الصائن محل اعتبار وکان التنفیذ ممکناً جاز للمصون له أن یستأذن القاضی لإتمام العمل بواسطة صائن آخر على نفقة الصائن الاصلی([103]).
وبإمکاننا أن نقترح نصاً قانونیاً فیما یتعلق بالتزام الصائن بالتسلیم وعلى النحو الاتی:
1- یلتزم الصائن بتسلیم العین المصانة إلى المصون له بعد صیانتها فی الزمان والمکان المتفق علیهما.
2- اذا اخل الصائن بتنفیذ التزامه بتسلیم العین المصانة یحق للمصون له المطالبة التنفیذ العینی أو المطالبة بفسخ العقد مع التعویض اذا کان له مقتضى.
ویلاحظ على هذا النص:
1- فرض التزاماً على عاتق الصائن بضرورة تسلیم العین المصانة بعد الانتهاء من اعمال الصیانة.
2- على أن یکون التسلیم فی الزمان والمکان المتفق علیه فی العقد فقد یکون التسلیم للعین المصانة أما تسلیماً حکیماً فی حالة ما اذا کانت اعمال الصیانة تتم فی مکان المصون له أی اثناء تواجد الاعیان فی مکان المصون له وقد یکون التسلیم فعلیاً فیما اذا تمت اعمال الصیانة فی مکان غیر مکان تواجدها فیوجب على الصائن بعد الانتهاء من الاعمال محل الصیانة أن یقوم بتسلیم الاعیان إلى المصون له حسب ما هو متفق علیه بالعقد.
3- کما أن النص فرض جزاءً فی حالة اخلال الصائن بتنفیذ ذلک الالتزام واعطى له حق الخیار أما التنفیذ العینی أو الفسخ مع التعویض من جزاء الاخلال بذلک الالتزام على أنه یحق للمصون له اعذار الصائن قبل لجوء المصون له إلى تلک الحلول.
المطلب الرابع
التزام الصائن بالسریة
ومن ضمن الواجبات التی تقع على الصائن اثناء قیامه بأداء اعمال الصیانة هی قیامة باسمه وباسم الفنیین معه بالحفاظ على سریة المعلومات التی ینبغی عدم الإفشاء بها فیما یتعلق بتنفیذ الاعمال المتعلقة بالصیانة وخلال فترة تنفیذ العقد وبالإمکان ابلاغ المعلومات إلى الاشخاص الذین یتعهدون بتنفیذ الخدمات کما أن جمیع الوثائق المتعلقة بتنفیذ الاعمال المتعلقة بالصیانة یجب أن تکون ضمن ملکیة المصون له([104]) فیتوجب على الصائن الحافظ على اسرار مهنته فعلیه أن یحفظ اسرار المهنة الصناعیة منها والتجاریة وبالتالی لا یجوز للصائن الکشف عن اسرار مهنته طیلة فترة العقد وکذلک بعد انتهاء مدته لکی لا یضر بالمصون له حینما یبیع اسرار مهنته للغیر ([105]) والالتزام بحفظ الاسرار امر یقتضیه مبدأ حسن النیة فی تنفیذ العقود وواجب الاخلاص والامانة فی علاقات العمل وعلى ذلک یتوجب على الصائن کتمان المعلومات التی تتعلق بأسرار مهنته بحیث یترتب على اذاعتها اضرار بالمنشأة التی یعمل فیها الصائن وزعزعة الثقة فیها.
والسؤال الذی یثار هنا؟ ما هی الاسرار التی یتوجب على الصائن کتمانها؟
یمکن الاجابة على ذلک بالقول أن اسرار المهنة هی کل معلومة ذات قیمة تمس بقدرة المشروع أو المؤسسة على المنافسة یمکن أن تدخل فی اطار السریة ویلتزم الصائن بکتمانها سواء أکانت هذه المعلومة تتعلق بأموال معینة للمشروع أو اعمال مادیة ویشمل الجانب الأول المعلومات المبتکرة الاصلیة والمعلومات الفریدة الاستراتیجیة المتعلقة بخطط المشروع أما الجانب الثانی فیشمل المعلومات التی تنصب على رأسمال المشروع من الناحیة الاقتصادیة کالوضع الاقتصادی للمشروع فی الحاضر أو المستقبل.
ولکن السؤال الذی یطرح نفسه هو: هل الصائن ملزم بالمحافظة على اسرار مهنته حتى بعد انتهاء أو انقضاء العقد المبرم مع المصون له؟
ویمکن الاجابة على ذلک أن الصائن ملزم بالمحافظة على اسرار المهنة حتى بعد انتهاء العقد منعاً لأی تحایل بأن یقوم الصائن بإنهاء العقد ثم یستعمل الاسرار التی اطلع علیها لمصلحة منافس المصون له ولکن هذا لا یمنع من استفادة الصائن لهذه الاسرار لنفسه فی مشروع خاص بشرط عدم المنافسة اذ أن قصر الالتزام على مدة العقد یؤدی بالصائن سیء النیة إلى انهاء الرابطة العقدیة بأیة ذریعة حتى یتمکن من بیع الاسرار التی اطلع علیها إلى الجهة المنافسة للمصون له([106]).
أما عن اثر الاخلال بهذا الالتزام فان الصائن یکون قد أخطأ بهذا الالتزام اذا اخل بالالتزام بالمحافظة على السریة ویرتب على هذا الخطأ مسؤولیته العقدیة فی مواجهة المصون له ویکون من حق هذا الأخیر المطالبة بالتعویض عن الاضرار التی اصابته من جراء الاخلال بهذا الالتزام وفقاً للقواعد العامة فأن من حق المصون له المطالبة بفسخ العقد لعدم قیام الصائن بما فرضه علیه من التزامات ([107]). فقد تم تناول موضوع المسؤولیة ضمنا ولم یتم التطرق الیها بشکل مفصل لکونها قواعد عامة ولاجدید یذکر فیها.
وبامکاننا أن نقترح نصاً قانونیاً فیما یتعلق بالتزام الصائن بالمحافظة على اسرار مهنته بالشکل الاتی:
1- یلزم الصائن بالحفاظ على اسرار مهنته الفنیة والتجاریة ویبقى الالتزام قائماً حتى بعد انقضاء العقد الا ما استثنى باتفاق أو نص قانونی.
2- اذا اخل الصائن بالتزاماته فانه یرتب حقاً للمصون له بفسخ العقد مع المطالبة بالتعویض عما اصابه من ضرر.
ویلاحظ على هذا النص القانونی:
1- أنه فرض التزامات على الصائن بالإضافة إلى التزاماته الأخرى وهی المحافظة على سریة المهنة فیما یتعلق بأعمال الصیانة.
2- وأن الحفاظ على اسرار المهنة یشمل الجوانب الفنیة والتجاریة المتعلقة بأعمال الصائن.
3- أن هذا الالتزام یبقى قائماً طیلة فترة العقد ویبقى قائماً حتى بعد انتهاء اعمال الصیانة للحفاظ على المصون له حینما یبیع اسرار مهنته للغیر واشار النص إلى بعض الحالات التی یجوز فیها افشاء الاسرار دون أن تنهض مسؤولیة الصائن وذلک فی حالتین: الأولى هی بموافقة الصائن والثانیة هی الحالات الی یستثنیها المشرع القانونی بنص قانونی کان یشیر النص إلى الافشاء بالسر منعاً لارتکاب جریمة على سبیل المثال([108]).
4- حدد النص المقترح الجزاء الذی یترتب على الاخلال بهذا الالتزام ویکمن ذلک بحق المصون له بفسخ العقد والمطالبة بالتعویض عما لحقه من ضرر.
المطلب الخامس
التزام الصائن بالمحافظة على العین المصانة
یلتزم الصائن المحافظة على الاشیاء المسلمة الیه لاستخدامها فی العمل وهذا الالتزام یتطلب منه أن یحرص علیها بأن یتخذ الاجراءات والاحتیاطات الکفیلة لمنع تلفها أو ضیاعها فاذا سلم الصائن سیارة من أجل اصلاحها واستغرق ذلک وقتاً طویلاً فعلیة أن یراعی فی ذلک المحافظة على اطارات المرکبات أو محرکها من التلف من جراء بقائها فی مکان الاصلاح مدة طویلة واذا احتاجت هذه الاعیان إلى نفقات فأن الصائن یتحملها ولا یجوز أن یرجع إلى المصون له لأنها تعتبر جزءاً من النفقات العامة التی یجب علیه أن یراعیها عن تحدید أجره ما لم یتفق على غیر ذلک، والتزام الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه هو التزام بوسیلة فلا یطلب منه سوى أن یبذل قدراً من العنایة فی سبیل المحافظة ولما کان التزام الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه لیس مقصوداً لذاته بل هو التزام تابع لالتزامه بالقیام بأعمال الصیانة وکان هذا الالتزام یتم بمقابل اجر فأن الصائن یبذل فی المحافظة علیها عنایة الشخص المعتاد([109]) حیث یتضمن التزام الصائن بالمحافظة على وسائل الانتاج والادوات وقطع الغیار المستخدمة فی العمل وأن یقوم بجمیع الاجراءات الضروریة لحفظها وسلامتها وهو ما یقتضی استخدام الادوات المرخص فیها للعمل وان یحفظها فی الاماکن المخصصة لها([110]) ویترتب على ذلک أن یلتزم الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه لأداء العمل المطلوبة منه لصیانة الاعیان ویترتب على ذلک أن یسأل الصائن عن العیوب والهلاک الذی یحصل لهذه الاشیاء بخطئه أما الهلاک الحاصل عن الحادث الفجائی أو القوة القاهرة الذی لم یتسبب عن تصرفه أو خطئه فلا یسأل عنه ولکن اذا سرقت تلک الاشیاء التی فی حوزته أو تم اختلاسها فأن ذلک لا یعتبر قوة قاهرة الا اذا اثبت انه اتخذ کل ما یلزم من الحیطة والحذر ([111]) فاذا قصر الصائن فی بذل العنایة وترتب على ذلک أن تلفت الاشیاء المسلمة الیه من قبل المصون له أو اصبحت غیر صالحة لاستخدامها فانه یکون مسؤولاً عن ذلک التلف والضیاع ویلتزم برد قیمة تلک المواد إلى المصون له فضلاً عن ذلک یتوجب علیه التعویض طبقاً لقواعد المسؤولیة العقدیة، ولما کان التزام الصائن هو التزام بوسیلة فان المصون له الذی یدعی الاخلال به یلتزم بإقامة الدلیل على ما یدعیه وذلک بإثبات أن الصائن لم یبذل عنایة الشخص المعتاد أو اثبات قصور کفایته العینیة الفنیة مما سبب تلف الشیء ولکن ظروف الحال قد تسمح باستخلاص قرینة قضائیة على هذا التقصیر تعفی المصون له من عبئ اثبات خطأ الصائن وتسهل له الحصول على حقه ولکن هذه القرینة بسیطة یستطیع الصائن اثبات عکسها وذلک بأن التلف أو الضیاع لم ینشأ عن خطئه وهو یستطیع ذلک بأحد طریقین الأول مباشر وهو انتفاء الخطأ من جانبه لکونه بذل عنایة الشخص المعتاد فی الحافظ على الاشیاء المسلمة الیه والثانی غیر مباشر وهو اثبات أن الهلاک یرجع إلى سبب اجنبی عنه([112]).
ویمکن القول فی هذا الالتزام أن ید الصائن هنا هی ید أمانة لان یده على العین المصانة بإذن وموافقة مالک العین وعلیه فأن هذه الید لا تضمن الا بالتعدی والتقصیر فاذا هلکت العین بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائی فهو غیر ضامن ولکن فمن الممکن أن تتحول من ید أمانة إلى ید ضمان فی حالة غصب العین من مالکها دون وجه حق هنا یضمن الصائن هذه العین حتى لو هلکت بسبب اجنبی وقد یکون الهلاک بخطأ من المصون له وعند ذلک یستحق الصائن کامل الاجرة ویلتزم الصائن بدفعها الیه ویکون للصائن الحق فی المطالبة بالتعویض بما لحقه من اضرار([113]) وبالإمکان التمییز بین حالتین فیما یتعلق بتقدیم مادة العمل فقد یکون هناک اتفاق ما بین الطرفین على قیام المصون له بتقدیم المواد من عنده بحیث یقتصر الصائن على تقدیم عمله فقط وقد یتضمن الاتفاق شرطاً یقضی بتقدیم الصائن المادة والعمل معاً، فاذا اتفق على أن یقدم المصون له المادة فیکون ما یقدمه الصائن هو عمله فقط الا أن تقدمیه للعمل لا یعنی أن هناک بعض الادوات والمهمات تقع على عاتقه فالأصل أن یتولى الصائن بالإضافة إلى تقدیمه للعمل أن یقدم کل ما یحتاج الیه انجاز العمل من ادوات ومواد، فإذا کان هذا الاصل فأنه یرد علیه بعض الاستثناءات. الأول أن هناک عرف بالنسبة للمهنة التی یحترفها الصائن مما یقضی خلافاً للأصل أی أن تکون تلک الادوات والمهمات على عاتق المصون له مما یقضی اتباع العرف فی هذه الحالة، والثانی: قاعدة تحمل الصائن نفقات الادوات والمهمات لا تعتبر من قواعد النظام العام لذا یجوز للطرفین أن یجعل تلک النفقات على عاتق المصون له ([114]).
والسؤال الذی یثار هنا من الذی یتحمل تعبیة هلاک الاعیان المصانة قبل تسلیمها إلى المصون له؟.
وللإجابة على ذلک یمکن القول اذا هلکت الاعیان المصانة قبل تسلیمها إلى المصون له بسبب حادث فجائی لیس بإرادة طرفی العقد فان هلاکها یکون على عاتق الصائن ولس له أن یطلب اجره عن عمله ولا برد قیمة النفقات التی تکبدها الا اذا کان الصائن قد وجه انذاراً إلى المصون له بوجوب تسلم الاعیان المصانة بعد اتمام العمل.
وهلاک المادة التی تم استخدامها فی اعمال الصیانة بسبب حادث فجائی یکون هلاکها على من قام بتورید تلک المادة سواء أکان الصائن أو المصون له.
وقد یکون الهلاک بخطأ من الصمون له وعند ذلک یستحق الصائن الاجرة کاملة بالرغم من هلاک الشیء ویلتزم المصون له بدفع الاجرة إلى الصائن ویکون للصائن الحق فی طلب التعویض عن الاضرار التی لحقته ویتحمل المصون له وحده الخسارة اذا اعذره الصائن بأن یتسلم الشیء وامتنع المصون له عن ذلک فاذا هلک الشیء فأن المصون له وحده هو من یتحمل الخسارة کاملة.
واذا هلکت الاعیان بفعل الصائن فأنه وحده من یتحمل الخسارة فیلتزم تبعاً لذلک بأن یدفع إلى المصون له قیمة الشیء الذی جهزه له ویعفى المصون له من دفع الاجر إلى الصائن واذا تم اعذار الصائن من قبل الصمون له بوجوب تسلیم الاعیان له فاذا امتنع عن ذلک وهلکت الاعیان المصانة فأن هلاکها یکون على الصائن وحده ووجب علیه تعویض المصون له عن الاضرار التی لحقته من جراء ذلک ([115]).
وبامکاننا أن نقترح نصاً قانونیاً فیما یتعلق بهذا الالتزام
1- یلتزم الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیه وأن یراعی اصول الفن فی استخدامها.
2- یلتزم الصائن بضمان جودة قطع الغیار جمیعها او بعضها اذا کان هو المتعهد بتقدیم تلک المواد.
3- اذا اخل الصائن بالتزاماته یکون ضامناً تجاه المصون له ویحق لهذا الأخیر أن یطلب التنفیذ العینی أو الفسخ مع المطالبة بالتعویض فی کلا الحالتین.
مزایا النص المقترح
1- اعطى النص التزاماً على عاتق الصائن بضرورة مراعاة اصول الفن والصنعة فی استعمال المادة التی یقدمها المصون له ویحافظ علیها ([116]).
2- أن یبذل فی سبیل تلک المحافظة عنایة الشخص المعتاد.
3- یکون ضامناً لجودة تلک القطع والمواد اذا کان هو المتعهد بتقدیمها.
4- فرض هذا الالتزام جزءاً على الاخلال بهذا الالتزام یکمن فی حق المصون له بالمطالبة أما بالتنفیذ العینی أو فسخ العقد مع المطالبة بالتعویض فی کلتا الحالتین.
الخاتمـة
وفی نهایة المطاف وبعد ان انتهینا من هذا البحث الذی یتناول التزامات الصائن فی عقد الصیانة لا بد ان نختم هذه الدراسة بأهم النتائج والتوصیات:
اولا - النتائج:
1. عقد الصیانة من العقود المهمة نشأ مع التطور المذهل فی کافة مجالات الحیاة ولم یحظ بتنظیم قانونی.
2. عقد الصیانة هو عقد یلتزم بمقتضاه احد الطرفین بفحص وصیانة العین المتعاقد علیها کلما تطلب الأمر ذلک وبمقابل وخلال مدة یتفق علیها المتعاقدین.
3. ان لعقد الصیانة خصائصه التی تمیزه عن غیره من العقود یقوم على ارتباط ارادتین أی طرفین یقال للأول الصائن والطرف الثانی المصون له، واهم هذه الخصائص بان له صفة الجهالة والتعلیق.
4. ان هذا العقد یولد التزامات على عاتق الصائن الذی یتولى صیانة الاعیان من الآلات والاجهزة والمبانی فیلزم بإنجاز العمل المتفق علیه وعدم التأخیر فی انجاز العمل کما یتوجب علیه المحافظة على الاعیان طیلة فترة الصیانة ومن ضمن تلک الالتزامات هی السریة فی العمل منذ انعقاد العقد حتى بعد انتهائه وتسلیم الاعیان بعد الانتهاء من تلک الاعمال وان الاختلاف بتلک الالتزامات یعد سببا من اسباب قیام المسؤولیة العقدیة.
ثانیا – المقترحات:
1. نأمل من المشرع العراق تنظیم هذا العقد الذی یتناول تلک الالتزامات ضمن العقود المسماة فی القانون المدنی العراقی بنصوص قانونیة خاصة.
2. نأمل من مشرعنا ان ینظم التزامات الصائن بنصوص قانونیة کالتزام الصائن بإنجاز العمل المکلف به على ان یکون النص المقترح بالشکل الآتی:
"أ. یلتزم الصائن بانجاز العمل وفق الشروط المتفق علیها أو ما یقتضیه العرف, ویکون ضامنا للمواد إذا تعهد بتقدیمها بنفسه.
ب. إذا اخل الصائن بالتزامه جاز للمصون له أن یطلب التنفیذ العینی أو الفسخ مع التعویض فی کلا الحالتین".
3. ولما کان الصائن ملزماً بانجاز العمل خلال مدة معقولة أو المدة المتفق علیها بامکاننا أن تقترح على المشرع العراقی نصاً قانونیاً ینظم مسألة التزام الصائن بانجاز العمل خلال تلک المدة المحددة فی العقد على ان یکون النص بالشکل الآتی:
"أ. یلتزم الصائن بإنجاز العمل خلال مدة معقولة یتفق علیها المتعاقدان أو وفقاً للعرف.
ب. إذا تاخر الصائن عن انجاز العمل خلال هذه المدة جاز للمصون له أن یطلب فسخ العقد مع المطالبة بالتعویض".
4. یلتزم الصائن بتسلیم الاعمال أو الاعیان التی تم صیانتها إلى المصون له بعد الانتهاء من اعمال الصیانة ومن اجل تنظیم تلک المسألة کان لنا أن تقترح النص القانونی الذی یتناول تلک المسألة على النحو الاتی:-
"أ. یلتزم الصائن بتسلیم الاعیان المصانة إلى المصون له بعد صیانتها فی الزمان والمکان المتفق علیهما.
ب. اذا اخل الصائن بتنفیذ التزامه بتسلیم العین المصانة یحق للمصون له المطالبة بالتنفیذ العینی أو المطالبة بفسخ العقد مع التعویض إذا کان له مقتضى".
5. نأمل من مشرعنا العراقی تنظیم نص قانونی یتعلق بالتزام الصائن بالمحافظة على اسرار المهنة وعدم افشائها عند تنفیذه لأعمال الصیانة على أن یکون النص بالشکل الآتی:
"أ. یلتزم الصائن بالمحافظة على اسرار مهنته الفنیة والتجاریة ویبقى الالتزام قائماً حتى بعد انقضاء العقد إلا ما استثنى باتفاق أو نص قانونی.
ب. إذا أخل الصائن بالتزامه فأنه یرتب حقاً للمصون له إلى طالبة بفسخ العقد مع التعویض عما اصابه من ضرر".
6. ولما کان الصائن ملزماً بالمحافظة على الاعیان المصانة ویتطلب منه ذلک اتخاذ الاجراءات والاحتیاطات الکفلیة للمحافظة علیها من التلف أو الضیاع وإلى غیر ذلک علیه نقترح النص القانونی الذی یتناول تلک المسألة على النحو الآتی:
"أ. یلتزم الصائن بالمحافظة على الاشیاء المسلمة الیة وإن یراعی اصول الفن فی استخدامها.
ب. یلتزم الصائن بضمان جودة قطع الغیار کلها أو بعض منها إذا کان هو المتعهد بتقدیم تلک المواد.
ج. إذا اخل الصائن بالتزامه یکون ضامناً تجاه المصون له ویحق لهذا الاخیر ان یطلب التنفیذ العینی أو الفسخ مع المطالبة بالتعویض فی کلا الحالتین".
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Arabic sources after the Holy Qur’an
Second: Islamic jurisprudence books
Muhammad Qadri Pasha, the guide of Al-Hiran in the knowledge of the human condition, Dar Al-Kutub Al-Ilmiyya, Cairo, 1971.
Third: Hadith Books
Ibn Hajar al-Asqalani, The Book of Fath al-Bari, Explanation of Sahih al-Bukhari, Chapter on Sheep Grazing on Qarit, Dar al-Rayyan Publishing, without a place of printing, 1986. Narrated by al-Bukhari.
Fourth: Linguistic Dictionaries:
Ibrahim Mustafa, The Intermediate Dictionary, The Islamic Library for Printing and Publishing, 2nd Edition, Istanbul, 2004.
Jarallah Abu al-Qasim Mahmoud bin Omar al-Zamakhshari, Asas al-Balaghah, Edition 1, Dar Sader, Beirut, 2009.
Al-Khalil bin Ahmed Al-Farahidi, The Book of Al-Ain, Dar Al-Kutub Al-Ilmiyya, Beirut, without a year of publication.
Hamad bin Makram bin Manzor the African Egyptian, Lisan Al Arab, Volume 3, Edition 1, Dar Sader, Beirut, 2003.
Fifthly: legal Books
Amjad Muhammad Mansour, The General Theory of Obligations, House of Culture for Publishing and Distribution, Jordan, 2015.
Bassem Mohamed Saleh, Commercial Law, Al-Atak Book Industry, Cairo, 2006.
Tariq Kazem Ajil, The Extended Explanation of Civil Law, Contract Contract, Part 1, Zain Human Rights Publications, Beirut, 2013.
Abdul Razzaq Al-Sanhoury, Mediator in Explanation of the New Civil Law, Volume 1, Edition 3, Al-Halabi Human Rights Publications, 2000.
Abdul-Majid Al-Hakim, Abdul-Baqi Al-Bakri, Muhammad Taha Al-Bashir, Al-Wajeez in the Theory of Commitment, Volume 1, Dar Al-Kutub for Printing and Publishing, Baghdad, 1980.
Adnan Ibrahim Al-Sarhan, The Named Contracts, House of Culture, Amman, 2009.
Ismat Abdel Majeed, Al-Wajeez in the Named Civil Contracts, Contracting and Agency, 1st Edition, Zain Human Rights Publications, Beirut, 2015.
Faisal Kilani Muhammad Al-Mahdi, Maintenance Contracts in Islamic Jurisprudence and Positive Law, Volume 1, House of Legal Books, Cairo, 2015.
Mohamed El-Sayed El-Feki, Commercial Law, New University House, Alexandria, 2010.
Muhammad Labib Shanab, Explanation of the Provisions of the Contracting Contract, 1st Edition, Al-Wafa Legal Library, Egypt, 2015.
Sadiq Abd Ali Tarikhim Al-Rikabi, The commitment to maintenance in the construction contracts of buildings and fixed installations, 1st floor, Dar Al-Fikr Legal for Publishing and Distribution, Cairo, 2011.
Sixth: Letters and Dissertations
Muhammad Yunus Omar Al-Birqdar, Maintenance Contract in Islamic Jurisprudence, Master's Thesis, Kuwait, 2002.
Abdel Hamid El Sebaei Abdel Hamid, Maintenance and repair as a form of the named administrative contracts, PhD thesis in Law, Ain Shams University, Faculty of Law, 2008.
Laassi Ayoub, The Role of the Maintenance Function in Increasing Enterprise Productivity, Master Thesis, Kasdi Moulay University, Algeria, 2016.
Bonus Amal, Effects of the Contracting Contract in Civil Law, Master's Thesis, Abdel Rahman Mira University, Algeria, 2013.
Seventh: Research:
Ahmed Al-Hajji Al-Kurdi, Maintenance Contracts, Research published in the Sharia Journal of Islamic Studies, Issue 30, 1996.
Osama Muhammad Al-Sallabi, Warranty and Maintenance to Encourage Selling in the Perspective of Islamic Jurisprudence, Benghazi University Journal, No. 12, Libya, 2011.
Muhammad Al-Mukhtar Al-Salami, research published on the Internet on the website: https://www.islamnessage.com, date of visit: 20/11/2018.
Haider Falih Hassan, Maintenance Contract, A Comparative Study with Islamic Jurisprudence Journal of the College of Law, Al-Mustansiriya University, Baghdad, Volume 4, Issue 19, 2012.
Salah Mahmoud Diab, The Role of Maintenance in Hospital Management and Production, Research Presented to the Third Arab Conference, University of Applied Sciences, No. 5, Egypt, 2004.
Abdel Salam Aham Fego, Maintenance Contract, Research published in the Journal of Law, Legal Knowledge Series, Issue 39, Morocco, 2016.
Ali Amash Al-Shammari, The modern maintenance contract from a legal perspective, research published in the Journal of the Saleh Abdullah Kamel Center for Islamic Economics, Volume 17, Number 50, Egypt, 2013.
Munther Kahf, Maintenance Contract, Research published on the Internet on the websites: mazerkahf.com 1998, date of visit 30/11/2018.
Eighth: Websites:
The worker's obligation to maintain professional secrets, an article published on the Internet on the website: www.aleqt.com. The date of the visit is 18/4/2019.
Obligations of the employee in carrying out the work, an article published on the Internet on the website: https://www.blog.saeed.com. The date of the visit is 5/18/2019.
The rights and obligations of the worker in light of the provisions of the Labor Law of 2003 and its amendments, an article published on the Internet at the website: https://www.man power. gor. The date of the visit is 5/18/2019.
Ninth: Laws:
Iraqi Trade Law No. 30 of 1984.
Iraqi Penal Code No. 111 of 1969.
Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.
The French Civil Code of July 28, 2014.
Egyptian Civil Code No. 131 of 1948.