الملخص
الملخص
تمثل العلاقة بین المنظمات الدولیة الحکومیة والمنظمات الدولیة غیر الحکومیة, احدى العلامات البارزة فی تطور القانون الدولی المعاصر, إذ اصبحت هذه المنظمات تمتلک من الادوات والتأثیر الدولی ما یسمح لها بالتدخل فی مجالات دولیة عدة.
ومن هذه المنظمات هی اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر, التی تعد من أکثر المنظمات الانسانیة نشاطاً فی مجال النزاعات المسلحة والازمات الدولیة, وقد خصها القانون الدولی والقانون الدولی الإنسانی بمکانة متمیزة؛ وجاء تشکیل المحکمة الجنائیة الدولیة بهدف تحقیق العدالة الجنائیة الدولیة, عن طریق ملاحقة مرتکبی الجرائم الدولیة ومعاقبتهم.
وقد نظمت العلاقة القانونیة بین اللجنة والمحکمة بموجب نصوص قانونیة عدة؛ ویهدف هذا البحث الى التطرق الى بیان طبیعة هذه العلاقة, وما یترتب علیها من نتائج قانونیة فی مجال التعاون فی معاقبة مرتکبی انتهاکات القانون الدولی الإنسانی وما یعتری هذه العلاقة من قصور فی وجوه عدة.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
العلاقة بین اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والمحکمة الجنائیة الدولیة-(*)-
The Relation between the International Committee of the Red Cross and the International Criminal Court
ولید أحمد سلیمان الجامعة التقنیة الشمالیة/ الکلیة التنقیة الاداریة / الموصل Walid Ahmed Suleiman Northern Technical University/Technical Administrative College/Mosul Correspondence: Walid Ahmed Suleiman E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 14/5/2020 *** قبل للنشر فی 6/7/2020.
(*) received on 14/5/2020 *** accepted for publishing on 6/7/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.127120.1072
© Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تمثل العلاقة بین المنظمات الدولیة الحکومیة والمنظمات الدولیة غیر الحکومیة, احدى العلامات البارزة فی تطور القانون الدولی المعاصر, إذ اصبحت هذه المنظمات تمتلک من الادوات والتأثیر الدولی ما یسمح لها بالتدخل فی مجالات دولیة عدة.
ومن هذه المنظمات هی اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر, التی تعد من أکثر المنظمات الانسانیة نشاطاً فی مجال النزاعات المسلحة والکوارث, وقد خصها القانون الدولی والقانون الدولی الإنسانی بمکانة متمیزة؛ وجاء تشکیل المحکمة الجنائیة الدولیة بهدف تحقیق العدالة الجنائیة الدولیة, عن طریق ملاحقة مرتکبی الجرائم الدولیة ومعاقبتهم.
وقد نظمت العلاقة القانونیة بین اللجنة والمحکمة بموجب نصوص قانونیة عدة؛ ویهدف هذا البحث الى التطرق الى بیان طبیعة هذه العلاقة, وما یترتب علیها من نتائج قانونیة فی مجال التعاون معاقبة مرتکبی انتهاکات القانون الدولی الإنسانی وما یعتری هذه العلاقة من قصور فی وجوه عدة.
الکلمات المفتاحیة: الجنة الدولیة للصلیب الاحمر، الشخصیة القانونیة الدولیة، المحکمة الجنائیة الدولیة، التعاون القضائی.
Abstract
The relationship between international governmental organizations and international NGOs is one of the prominent signs in the development of contemporary international law. These organizations have the tools and international influence that allow them to interfere in several fields. The Red Cross, which is one of the most active humanitarian organizations in the field of armed conflicts and international crises, has been singled out by international law and international humanitarian law with a distinct position. The formation of the International Criminal Court aimed at achieving international criminal justice, by prosecuting and punishing international crimes.The legal relationship between the commission and the court was organized according to several legal texts. This research aims to address the nature of this relationship and its legal consequences in the field of cooperation in punishing the perpetrators of violations of international humanitarian law and the shortcomings in this relationship in many aspects.
Key words: The International Committee of the Red Cross, International Legal Personality, International Criminal Court, Judicial Cooperation
ساهمت الحروب التی اندلعت منذ منتصف القرن الثامن عشر فی تغییر طبیعة التفکیر الإنسانی والتوجه نحو انسنة هذه الحروب ومحاولة التخفیف من ویلاتها على البشریة, إذ ان الحروب المدمرة التی شهدتها القارة الاوربیة خصوصا بعد عام 1815, دعت الکثیر من الفقهاء والکتاب والباحثین الى الدعوة الى النزعة الانسانیة الدولیة والمناداة بالتخفیف من آثار هذه الحروب على الانسان, ومما نتج عن هذه الدعوات ظهور اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر بوصفها منظمة انسانیة هدفها تقدیم الاغاثة والمساعدة الى ضحایا النزاعات المسلحة.
وعلى الرغم من الجهود الدولیة الإنسانیة الکبیرة للجنة؛ إلا إن الطبیعة البشریة بعد الابتعاد عن الفطرة السلیمة نزعت الى الحروب وارتکاب الجرائم ضد الانسانیة, واستمرت حتى وقوع الحربین العالمیتین؛ التی شهدت ارتکاب فظائع وجرائم مروعة تجاه السکان, ومع نهایة الحرب الباردة وانتشار النزاعات المسلحة غیر الدولیة فی دول عدة, وما شهدته هذه النزاعات من ارتکاب جرائم وانتهاکات تهز ضمیر الانسانیة واستخدام اسالیب مروعة للقتل والتدمیر؛ کل هذه التطورات ساهمت فی ظهور القضاء الجنائی الدولی وتشکیل محاکم جنائیة دولیة مؤقتة وصولاً الى تأسیس المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة, التی اوکلت الیها وظیفة ملاحقة ومعاقبة مرتکبی الجرائم الدولیة.
ونتیجة لما تؤدیه اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر وما تقدمه من خدمات إنسانیة اثناء النزاعات المسلحة الدولة وغیر الدولیة والکوارث, جعلها تمتلک التصور الکامل عن ما یدور فی هذه النزاعات وما یرتکب فیها من جرائم؛ مما حتم على المحکمة الجنائیة الدولیة ان تخص هذه اللجنة بوضع ومرکز قانونی خاص فی طریقة التعاطی معها, بوصفها منظمة غیر حکومیة إنسانیة ذات تأثیر دولی.
أهمیة البحث
تنبع أهمیة البحث فی بیان مدى تطور العلاقة القانونیة بین اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والمحکمة الجنائیة الدولیة, إذ ساهمت اللجنة طوال مسیرتها فی تطویر عمل هذه المحاکم عن طریق اسهاماتها فی مجال القانون الدولی الإنسانی, کما ان البحث یهدف الى بیان مکانة اللجنة ضمن النظام القانونی للمحکمة ومدى التعاون بینهما.
مشکلة البحث
یثیر البحث إشکالیات عدة تدور حول التساؤلات الآتیة: هل تمتلک اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والمحکمة الجنائیة الشخصیة القانونیة الدولیة؟ وماهی طبیعة العلاقة القانونیة بین هذه اللجنة والمحکمة الجنائیة الدولیة؟ وما ینتج عن هذه العلاقة من حقوق والتزامات قانونیة على الصعید الدولی؟
منهجیة البحث
تم اعتماد المنهج الاستقرائی التحلیلی الاستنباطی عن طریق تحلیل النصوص القانونیة التی وردت فی النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة؛ والقواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات الخاصة بالمحکمة والنظام الأساسی للجنة الدولیة للصلیب الأحمر؛ فضلاَ عن التطرق الى الآراء الفقهیة الدولیة حول طبیعة الشخصیة القانونیة لکلا المنظمتین.
خطة البحث
تم تقسیم البحث على مبحثین یتناول: الأول التکییف القانونی للعلاقة بین اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والمحکمة الجنائیة الدولیة فی القانون الدولی, والثانی تنظیم العلاقة بین اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والمحکمة الجنائیة الدولیة.
المبحث الأول
التکییف القانونی للعلاقة بین اللجنة الدولیة للصلیب
الاحمر والمحکمة الجنائیة الدولیة فی القانون الدولی([1])
تکمن العلاقة القانونیة بین المنظمات الدولیة الحکومیة وغیر الحکومیة فی القانون الدولی العام فیما تضمنه هذا القانون من نصوص اتفاقیة وعرفیة تحکم هذه العلاقة؛ والتی تکون محکومة دوما بمدى تمتع هذه المنظمات بالشخصیة القانونیة الدولیة؛ إذ إن الحقوق والواجبات الدولیة مصدرها هو توافر الشخصیة القانونیة الدولیة([2]), التی تعد الأساس فی ترتیب هذه الحقوق والواجبات, ولغرض معرفة طبیعة العلاقة القانونیة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة, سنتطرق الى مدى تمتع هاتین المنظمتین بالشخصیة القانونیة الدولیة, ومن ثم التوصل الى تکییف طبیعة العلاقة القانونیة فیما بینهما, وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
الشخصیة القانونیة للجنة الدولیة للصلیب الأحمر
إن تمتع الکیانات الفاعلة فی القانون الدولی بالشخصیة القانونیة الدولیة یستلزم وجود عناصر رئیسة لمنح هذه الشخصیة, وبما أن موضوعنا یقتصر على اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر بوصفها منظمة غیر حکومیة تمارس مهام دولیة ذات طبیعة انسانیة([3]), ولکن هل تمتلک اللجنة الدولیة الشخصیة القانونیة الدولیة على الصعید الدولی؟
ابتداء اختلف الفقه الدولی حول مدى تمتع المنظمات الدولیة غیر الحکومیة بالشخصیة القانونیة الدولیة؛ إذ انقسم هذا الفقه على اتجاهین: الأول یعترف بهذه الشخصیة, والثانی ینکر وجود هکذا شخصیة لهذه المنظمات؛ ولکل اتجاه حججه ومبرراته التی یسوقها لتبریر وجهة نظره([4])؛ وفیما یخص اللجنة الدولیة؛ فقد اختلف الفقه الدولی حول مدى تمتعها بالشخصیة القانونیة الدولیة حالها حال بقیة المنظمات الدولیة غیر الحکومیة؛ وانقسم هذا الفقه على اتجاهین فی موقفه وعلى النحو الآتی:
الفرع الاول
الرأی المؤید لتمتع اللجنة الدولیة بالشخصیة القانونیة الدولیة
یذهب هذا الاتجاه الى ان اللجنة الدولیة تتمتع بالشخصیة القانونیة الدولیة, ویعلل هذا الاتجاه رأیه بالحجج والاسانید الآتیة:
1- ما تم منحه الى اللجنة من امتیازات وحصانات بموجب الاتفاقیات الدولیة ومنها اتفاقیات جنیف الاربعة لسنة 1949 والبروتوکولین الملحقین بها لعام 1977, الذی تضمن التفویض الإنسانی الذی منح اللجنة دوراً مهماً فی مجال الانشطة الانسانیة اثناء النزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة([5]).
2- منح اللجنة الدولیة مرکز المراقب فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها المرقم (6/45) فی الدورة (45) لسنة 1990, إذ ساهم هذا القرار فی اضفاء المزید من الطابع الدولی الممیز على مکانتها واعمالها على الصعید الدولی([6]).
3- طبیعة العلاقة التعاونیة بین اللجنة الدولیة والمنظمات الحکومیة الدولیة وخصوصا منظمة الأمم المتحدة التی یعود التعاون معها والمشارکة بصورة فاعلة فی جمیع أنشطتها الانسانیة الى بدایات تأسیس المنظمة الدولیة, وهذا الامر منح اللجنة وضعا دولیاً وقانونیاً متمیزاً([7]).
4- الاتفاقات الدولیة التی تعقدها اللجنة الدولیة مع اشخاص القانون الدولی( الدول, المنظمات الدولیة الحکومیة) للتعاون فی تقدیم الانشطة الانسانیة والاغاثیة اثناء النزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة والکوارث الطبیعیة مثالها اتفاقیة التعاون بین اللجنة ومنظمة الاتحاد الافریقی([8]).
5- اتفاقیات التعاون ومنح امتیازات الحصانة الدبلوماسیة التی عقدتها اللجنة مع دول عدیدة منها بعثات اللجنة الدولیة فی العراق وتونس والکویت ودول اسیا والمحید الهادئ ودول أوربا الشرقیة([9]), کذلک منح بعض الدول مکاتب الاتصال التابعة للجنة الدولیة وضع البعثة الدبلوماسیة کما حصل فی عام 1996 عندما منحت الحکومة الاثیوبیة مکتب الاتصال التابع الى اللجنة الدولیة وضع البعثة الدبلوماسیة بکل ما لها من امتیازات وحصانات واصبحت تسمى بالبعثة الدائمة([10]).
6-ما منحه النظام الأساسی للجنة الدولیة من حصانات وامتیازات تخص نشاطها على الصعید الدولی وما یتعلق بمرکزها واصولها المالیة والافراد التابعین لها([11]), وما تضمنته اتفاقیة تحدید الوضع القانونی للجنة فی سویسرا المبرم فیما بین اللجنة والمجلس الاتحادی السویسری فی المادة (1) التی اشارت الى اقرار المجلس الاتحادی السویسری بالشخصیة والاهلیة القانونیة الدولیة للجنة الدولیة([12]).
7- المکانة التی منحت الى اللجنة الدولیة بموجب اتفاقیات جنیف الاربعة دون بقیة المنظمات الدولیة الحکومیة وغیر الحکومیة, ومنحها الحق فی القیام بمهام الدولة الحامیة اثناء النزاعات المسلحة دلیل على الوضع القانونی المتمیز للجنة الدولیة الذی یجعلها بمصاف الدول والمنظمات الدولیة الحکومیة وهذا الامر نتیجته المنطقیة هو تمتع اللجنة بالشخصیة القانونیة الدولیة([13]).
فهذه النصوص القانونیة تجعل اللجنة منظّمة دولیة تماماَ، على الرغم من أنّها منظمة غیر حکومیة دولیة وأنها تعد شخصیة قانونیة سویسریة من حیث الجوهر؛ وما لها من صلاحیات على الصعید الدولی ولا یجوز أن ینضم إلیها سوى السویسریین وحدهم([14])؛ أی ان اللجنة الدولیة تتمتع بالشخصیة القانونیة الدولیة, وأنها منظمة دولیة تتمتع بمکانة خاصة وذات أهداف محددة ووظیفة حددها النظام الأساسی لها([15]).
الفرع الثانی
الرأی المعارض لتمتع اللجنة الدولیة بالشخصیة القانونیة الدولیة
یذهب هذا الرأی الى ان اللجنة الدولیة لا تتمتع بالشخصیة القانونیة الدولیة, وأنها لا تتمتع بحقوق وامتیازات المنظمات الدولیة, ویستند هذا الرأی فی تبریر موقفه الى الحجج والاسانید الآتیة:
1- إنٌ اللجنة الدولیة لا تعد شخصا من اشخاص القانون الدولی؛ لأنها لم یتم تأسیسها بمقتضى اتفاقیة دولیة([16])؛ و أنما تأسست بمبادرة من مواطنین سویسریین وتم تکییف وضعها القانونی استنادا الى المادة (60) من القانون المدنی السویسری لسنة 1915([17]).
2- لا یمکن الاعتماد على الاتفاق المبرم بین اللجنة الدولیة ومجلس الاتحاد السویسری لعام 1993, الذی منحها الشخصیة القانونیة الدولیة؛ کون هذا الاتفاق عقد بین الدولة السویسریة واللجنة, وتأثیره القانونی لا یمکن ان یشمل بقیة الدول استناداَ الى ما تضمنته المادة (26) من اتفاقیة فیینا لقانون المعاهدات لسنة 1969 الخاصة بإلزامیة المعاهدات للأطراف المشترکة فیها فقط؛ والمادة (34) من الاتفاقیة نفسها التی نصت على مبدأ نسبیة أثر المعاهدات([18]).
3- إن اللجنة الدولیة لم تؤسس من قبل الدول وهی لا تضم تجمعا من الدول, ولا تشترک الدول فی عضویتها, أو فی التمثیل الحکومی الرسمی فی اللجنة, ومن الثابت دولیا ان المنظمات الدولیة التی تمنح الشخصیة القانونیة الدولیة, یتم انشاؤها بواسطة الدول أو المنظمات الدولیة الحکومیة الاخرى([19]).
4- إن الامتیازات والحصانات التی منحت الى اللجنة الدولیة بموجب الاتفاقیات الدولیة والاقلیمیة والوطنیة, لا تعنی تمتعها بالشخصیة القانونیة الدولیة؛ وإنما منحت هذه الحقوق والامتیازات لغرض تسهیل ادائها لنشاطها الإنسانی اثناء النزاعات المسلحة والکوارث الطبیعیة.
5- ما ذهبت إلیه اللجنة الدولیة نفسها بعدها؟؟؟ تتمتع بمرکز المنظمة الدولیة غیر الحکومیة استنادا الى اتفاقات المقر بین اللجنة الدولیة والدول والقرارات القضائیة الدولیة وطبیعة العلاقة التی تربطها بالعدید من المنظمات الدولیة والدول؛ ومنحها مرکز المراقب فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة ([20]), وتمتع وثائقها ومبانی اللجنة ومحفوظاتها وغیرها من الوثائق بالحصانة الدولیة , وتمتع موظفیها بمرکز مماثل لموظفی المنظمات الدولیة الحکومیة, إذ یزودون بجوازات سفر تصدرها اللجنة الدولیة([21]).
6- ینتهی هذا الرأی الى عد اللجنة الدولیة جمعیة سویسریة خاصة تقوم بنشاط انسانی على الصعید الدولی دون تمتعها بالشخصیة القانونیة الدولیة.
وفی الحقیقة ان الوضع القانونی للجنة الدولیة مازال غامضاَ والحاجة ضروریة الى اعادة النظر بنظامها الأساسی لغرض بیان مرکزها القانونی على الصعید المحلی والدولی, وان کانت السیدة "غابور رونا" تذهب الى منح اللجنة وضعاَ خاصاَ قد یرقى الى مصاف المنظمات الدولیة الحکومیة؛ إلا إن هذا الرأی لا یمکن التسلیم به لافتقاد اللجنة الى العناصر اللازمة لمنحها الشخصیة القانونیة الدولیة فضلاَ عن عدم تأسیسها بموجب اتفاقیة دولیة وهی محکومة بالقانون المدنی السویسری؛ وهذا الأمر یحتاج الى بیان وضعها القانونی بدقة([22]).
ویمکن القول ان المرکز القانونی للجنة الدولیة فی إطار القانون الدولی؛ بأنها منظمة دولیة غیر حکومیة ذات مرکز قانونی دولی خاص, وتمارس نشاطاً ذا طابع دولی تستمده من المکانة التی منحت لها من قبل الدول والمنظمات الدولیة فی اتفاقیات القانون الدولی العام واتفاقیات القانون الدولی الإنسانی.
المطلب الثانی
الشخصیة القانونیة للمحکمة الجنائیة الدولیة
ان مسیرة انشاء قضاء جنائی دولی دائم استغرقت مدة زمنیة لیست بالقصیرة نسبیا, حتى تأسیس المحکمة الجنائیة عام 1998([23]), التی تضم مؤسسات قضائیة واداریة لمساعدتها على اداء مهامها حسب ما تم النص علیه فی نظامها الأساسی([24]).
وفیما یخص الشخصیة القانونیة لهذه المحکمة, یتفق الفقه الدولی على ان المحکمة تتمتع بالشخصیة القانونیة الدولیة ویستند هذا الفقه فی رأیه هذا الى الحجج والمبررات الآتیة:
1- ما تضمنته المادة (1) من النظام الأساسی للمحکمة على انشاء محکمة جنائیة دولیة دائمة ذات علاقة بالأمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم الاشد خطورة على المجتمع الدولی([25])؛ وما نصت علیه المادة (4/1) من النظام الأساسی للمحکمة بنصها " تکون للمحکمة شخصیة قانونیة دولیة کما تکون لها الاهلیة القانونیة اللازمة لممارسة وظائفها وتحقیق مقاصدها".
2- ان المحکمة الجنائیة هیئة دولیة دائمة تم انشاؤها بموجب معاهدة دولیة بین دول و ساهمت منظمات دولیة عدة فی تأسیسها, وتقوم بممارسة اختصاصها على الاشخاص الطبیعیین الذین یرتکبون اشد الجرائم خطورة وبموافقة وقبول الدول التی ساهمت فی تأسیسها وتعاونها([26]).
3- اعتراف منظمة الأمم المتحدة بالمحکمة بوصفها هیئة ذات شخصیة قانونیة دولیة بموجب المادة (2) من اتفاق امتیازات المحکمة وحصاناتها الموقعة مع الدول الأطراف والأمم المتحدة([27]).
4- الاعتراف الذی تم للمحکمة بالشخصیة القانونیة الدولیة من قبل الدول الأطراف فی المحکمة والدول غیر الأطراف, عن طریق ما جاء فی النظام الأساسی للمحکمة من نصوص تمنحها الولایة القانونیة لممارسة وظائفها وسلطاتها لتحقیق مقاصدها فی اقلیم أیة دولة طرف أو غیر طرف فی ذلک النظام([28]).
5- ما جاء فی الرأی الاستشاری لمحکمة العدل الدولیة عام 1949 بشأن التعویض عن الاضرار الناجمة عن الخدمة فی منظمة الأمم المتحدة والذی نص على " ان الاشخاص القانونیة فی أی نظام قانونی لیسوا بالضرورة متماثلین فی طبیعتهم وفی نطاق حقوقهم؛ بل تتوقف طبیعة کل منهم على ظروف المجتمع الذی نشأ فیه "ومن ثم أضافت المحکمة" ان الدول لیست وحدها أشخاص القانون الدولی العام, إذ قد تتمتع بالشخصیة القانونیة کیانات دولیة أخرى إذا ما اقتضت ظروف نشأتها وطبیعة الأهداف المنوط بها تحقیقها الاعتراف لها بالشخصیة القانونیة"([29]).
6-إن المحکمة الجنائیة تتوافر فیها جمیع العناصر اللازمة لعدها هیئة دولیة؛ فهی تتمتع بالصفة الدولیة کونها تم تأسیسها عن طریق اتفاقیة دولیة عن طریق الدول والمنظمات الدولیة, وتتصف بصفة الارادة الذاتیة التی تعبر عنها المؤسسات والهیئات التابعة لها ولها صفة الدوام والاستمراریة وهو ما تم النص علیه فی نظامها الأساسی, أی أن المحکمة قد استکملت جمیع العناصر اللازمة لتمتعها بالشخصیة القانونیة الدولیة حالها حال بقیة المنظمات الدولیة, من حیث الصفة الدولیة والارادة الذاتیة والاستمراریة ومن ثم تعد هیئة دولیة([30]).
7-إن النظام الأساسی للمحکمة جاء على شکل معاهدة دولیة تسری علیه القواعد العامة التی تطبق على المعاهدات الدولیة, وتم وضعه بموافقة الدول المؤسسة للمحکمة والتی تملک الاهلیة القانونیة لاستحدث کیان دولی دائم([31]), وهذه المعاهدة ملزمة للدول الأطراف فی المحکمة والتی تربطها علاقة قانونیة حددها النظام الأساسی للمحکمة([32]).
ومن مجمل ما تقدم یتبین ان المحکمة الجنائیة الدولیة هی منظمة دولیة تتمتع بالحقوق والواجبات التی یفرضها القانون الدولی على اشخاصه, وان المحکمة لها الشخصیة القانونیة الدولیة؛ إلا إن هذه الشخصیة هی شخصیة محدودة بطبیعة الاهداف والغایات التی تسعى المحکمة الى تحقیقها, ومن ثم فهی شخصیة من نوع خاص وذات طبیعة وظیفیة محدودة بأهدافها وغایاتها([33])؛ وعلى الرغم من ما تضمنه النظام الأساسی للمحکمة من مواد ونصوص قانونیة یمکن ان تشکل معوقاً امامها فی اداء مهامها على الصعید الدولی سواء أکانت تتعلق بطبیعة الجرائم وسلطات المحکمة أم تعاون الدول ومجلس الأمن الدولی([34]).
المطلب الثالث
طبیعة العلاقة القانونیة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة
وفقا للشخصیة القانونیة
فی المطلبین السابقین تبین تمتع المحکمة الجنائیة بالشخصیة القانونیة الدولیة بموجب نظامها الأساسی ووفقا للقانون الدولی, أما فیما یخص اللجنة الدولیة, مازال الفقه الدولی منقسما حول الشخصیة القانونیة لهذه المنظمة, وهذا الأمر انعکس بدوره على طبیعة العلاقة القانونیة بین اللجنة والمحکمة؛ فماهی الطبیعة القانونیة للعلاقة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة؟ وفی أی إطار یمکن ان تصنف هذه العلاقة؟
إن هذه العلاقة یمکن التطرق الیها عن طریق تحلیل وقراءة النظام الأساسی للجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة وموقف الفقه الدولی من کلا المنظمتین وما تم التطرق إلیه فی المطلبین السابقین؛ والتی توصلنا الى تحلیل هذه العلاقة وتصورها حسب الرأیین الآتیین:
الفرع الاول
علاقة بین شخصیتین قانونیتین دولیتین
وفقا لهذا التصور فان طبیعة العلاقة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة هی علاقة قانونیة دولیة بین شخصیتین من أشخاص القانون الدولی؛ إلا أن هذا التصور لا یمکن التسلیم به کون اللجنة الدولیة لا ترقى الى مصاف الهیئات الدولیة لعدم تمتعها بالعناصر اللازمة لهکذا هیئات؛ ومن ثم فهی لیست موضوعا من مواضیع القانون الدولی ولیست شخصاَ من أشخاصهِ لعدم تمتعها بالعناصر اللازمة لاکتساب صفة المنظمة الدولیة.
الفرع الثانی
علاقة بین شخصیة قانونیة دولیة ومنظمة دولیة غیر حکومیة
ذات مرکز قانونی خاص
وفقا لهذا التصور فإنْ طبیعة العلاقة بین المحکمة الجنائیة بعدها شخصیة قانونیة دولیة واللجنة الدولیة؛ بأنها منظمة دولیة غیر حکومیة ذات مرکز قانونی خاص فی إطار القانون الدولی؛ وهذا یمکن ان یکون التحلیل الأکثر منطقیة لتفسیر وتحدید طبیعة العلاقة القانونیة بین کلتا الهیئتین, والذی نجد تبریره فی الحجج والمبررات الآتیة:
1- طبیعة المرکز القانونی الذی تحظى به اللجنة الدولیة على الصعید الدولی, وما تم منحه لها من امتیازات وحقوق على صعید القانون الدولی بصورة عامة والقانون الدولی الإنسانی بصورة خاصة([35]).
2- المبادئ التی تقوم علیها اللجنة الدولیة وخصوصا مبادئ الانسانیة والنزاهة والحیاد وعالمیة نشاطها الإنسانی([36]), جعل واضعی النظام الأساسی یأخذون بنظر الاعتبارِ هذهِ المبادئ عند وضع هذا النظام.
3- طبیعة المهام الموکل للجنة تنفیذها دولیاَ دفع واضعی النظام الأساسی الى النص فی بعض المواد الى وضع ترتیبات خاصة باللجنة الدولیة , والتی تم تفصیلها فی القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات للمحکمة لسنة 2002([37]).
4- الاعتراف الدولی بالطبیعة الانسانیة للجنة الدولیة والتعاون الدولی معها لتحقیق أهدافها وتقدیم نشاطاتها الإنسانیة أثناء النزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة؛ دلیل على تمتعها بمکانة ومرکز قانونی خاص على الصعید الدولی([38]).
المبحث الثانی
تنظیم العلاقة بین اللجنة الدولیة للصلیب الاحمر
والمحکمة الجنائیة الدولیة
نٌظمت العلاقة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة فی إطار ما قدمته اللجنة اثناء المؤتمر الدبلوماسی فی روما عام 1998, من مساهمة فی وضع مواد قانونیة عدة, فضلاً عن القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات الخاصة بالمحکمة لسنة 2002, والاتفاقات الخاصة بین اللجنة والمحکمة ومنها اتفاقیات الزیارات الخاصة بالمحتجزین لسنة 2006. وسنتناول فی هذا المبحث هذه العلاقة فی المطالب الآتیة:
المطلب الأول
حدود اختصاص اللجنة فی تحریک الدعوى أمام المحکمة
حدد النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة, الجهات التی یحق لها احالة الدعوى الى هذه المحکمة؛ وهی فی المادة (13) من النظام الأساسی, وتشمل الإحالة من دولة طرف فی النظام الأساسی, والاحالة عن طریق مجلس الأمن الدولی استنادا الى المادة(13/ب), أو عن طریق المدعی العام نفسه بمباشرة التحقیق فی أی جریمة تدخل فی اختصاص المحکمة استنادا الى المادة (15)([39]).
وعن طریق تحلیل هذه المواد یتبین ان النظام الأساسی للمحکمة لم یتطرق الى ذکر اللجنة الدولیة بوصفها جهة یحق لها احالة الدعوى أو النظر فی قضیة معینة؛ وربما یعود السبب فی ذلک الى ان اللجنة هی منظمة غیر حکومیة دولیة ذات طابع انسانی ولا تتمتع بالشخصیة القانونیة أمام المحکمة؛ کما ان الالتزامات التی یفرضها النظام الأساسی للمحکمة بحق الدول المنضویة فی المحکمة لا یمکن للجنة الدولیة الایفاء بها بسبب طبیعة تکوین اللجنة ومهامها ونشاطها الدولی.
غیر أنه بتحلیل ما تضمنته المواد الخاصة بطرق احالة وتحریک الدعوى أمام المحکمة الجنائیة, یمکن استنتاج ان اللجنة الدولیة تستطیع تحریک الدعوى أمام المحکمة بصورة (حذف) غیر مباشرة وعن طریق الوسائل الآتیة:
الفرع الاول
احالة الدعوى عن طریق دولة طرف فی النظام الأساسی
فی هذه الحالة تستطیع اللجنة الدولیة عن طریق بذل مساعیها الحمیدة والتعاون مع الدولة الطرف عن طریق حثها ودعمها فی التحرک نحو احالة الدعوة فی أیة جریمة تقع فی أراضیها حسب ما نصت علیه المادة (14/1) من النظام الأساسی([40]), کما ان المادة (14/2) تشکل حافزا مهما للجنة نحو دعم الدولة الطرف بتقدیم ما تملکه من مستندات ووثائق فی متناولها إلى الدولة الطرف([41]).
الفرع الثانی
احالة عن طریق المدعی العام
منح المدعی العام للمحکمة الجنائیة سلطة مباشرة أی تحقیق یتعلق بجرائم تدخل ضمن اختصاص المحکمة بموجب المادة (15/1) من النظام الأساسی للمحکمة([42])؛ بینما منحت المادة (15/2) من النظام الأساسی المدعی العام سلطة التماس المعلومات أو تلقی الشهادات التحریریة أو الشفویة فی مقر المحکمة من قبل الدول أو المنظمات الدولیة الحکومیة أو غیر الحکومیة أو اجهزة الأمم المتحدة؛ وبذلک فإن هذه المادة تشکل اساساَ قانونیاَ مهماَ یمنح اللجنة دوراَ فی احالة الدعوى عن طریق التعاون مع المدعی العام وتقدیم الادلة والوثائق, بما ان النظام الأساسی لم یقید المادة(15/2) أی قید أو شرط لممارستها؛ کما ان النظام الأساسی لم یقید اختصاص المدعی العام فی مباشرة التحقیقات([43])؛ وهذا یسمح للجنة الدولیة بالتدخل لحث ودعم المدعی العام للقیام بواجبه فی التحقیق فی الجرائم التی تدخل فی اختصاص المحکمة, الا ان هذه الصلاحیات مقیدة بالمادة (12) المتعلقة بالشروط العامة لممارسة المحکمة اختصاصها العام([44])؛ فضلا عن ضرورة اخذ الإذن من دائرة ما قبل المحاکمة لغرض الشروع فی التحقیق([45]).
الفرع الثالث
احالة الدعوى عن طریق مجلس الأمن الدولی
خص النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة مجلس الأمن بمیزة وسلطة مهمة وهی سلطة ارجاء المحکمة فی النظر فی قضایا معینة, کما منحه الحق فی إحالة القضایا التی تتعلق باختصاص المحکمة فی الجرائم المحددة بموجب المادة (13/ب) من النظام الأساسی للمحکمة, وهذا الاختصاص آثار خلافا واسعا على الصعید الدولی([46])؟ فهل تملک اللجنة الدولیة الحق فی مطالبة مجلس الأمن القیام بإحالة دعوى معینة الى المحکمة الجنائیة ؟
ان النظام الأساسی للمحکمة لم یحدد آلیة معینة لقیام مجلس الأمن بإحالة الدعوى أمام المحکمة, فهذا النظام لم یحدد جهة معینة بذاتها للطلب من المجلس الاحالة الى المدعی العام للمحکمة, وانما ترک للمجلس الحریة المطلقة لممارسة هذا الاختصاص مع التقید بالفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة([47]).
وبذلک نستنتج ان اللجنة الدولیة تستطیع ان تدعم وتحث مجلس الأمن الى تفعیل اختصاصه فی مجال الاحالة, لعدم وجود قید قانونی یمنع هکذا تصرف, کما ان اللجنة الدولیة تتمتع بمرکز المراقب فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة, وما تملکه من مکانة على الصعید الدولی وجهودها اثناء النزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة وطبیعة مهامها الانسانیة ووجودها فی مناطق النزاع, یجعل ما یصدر عنها من نداءات ودعوات محط احترام المجتمع الدولی وعلى رأسه منظمة الأمم المتحدة وجهازها التنفیذی المتمثل بمجلس الأمن.
الفرع الرابع
الحالات الأخرى لتحرک اللجنة فی تحریک الدعوى أمام المحکمة
یمکن للجنة الدولیة فضلاً عن ما تم التطرق الیه, امکانیة المساهمة فی احالة الدعوى الى المحکمة فی حالات أخرى, عن طریق المدعی العام أو دولة طرف أو دولة غیر طرف فی النظام الأساسی للمحکمة؛ وهذه الحالات هی الآتیة:
1- أن تشجع اللجنة دولة أو اکثر طرف فی المحکمة على احالة قضیة معینة الى المحکمة متى ما ارتکبت افعال قد تشکل جرائم وفقا للنظام الأساسی للمحکمة فی حالة وقوعها فی اقلیمها أو على متن سفینة أو طائرة عائدة لها أو مسجلة لدیها, أو ان یکون الشخص المتهم احد رعایاها([48]).
2- أن تشجع دولة غیر طرف فی النظام الأساسی على ان تقبل ممارسة المحکمة اختصاصها فیما یتعلق بالجریمة بموجب الفقرة (2) من المادة (12) من النظام الأساسی بموجب اعلان یودع لدى مسجل المحکمة([49]).
3- أن تطلب اللجنة من المدعی العام للمحکمة التحقیق فی جریمة معینة متى ما کان احد موظفی اللجنة مجنى علیه أو جانیاً, دون الحاجة الى اخذ موافقة الدولة التی یتبعها موظفو اللجنة, أو ان ترتکب هذه الجرائم بحق اللجنة الدولیة باستهداف مبانیها وموادها ووحداتها الطبیة ووسائل النقل والافراد من مستعملی الشارات الممیزة المبینة فی اتفاقیات جنیف طبقاَ للقانون الدولی الإنسانی؛ أو توجیه هجمات ضد موظفی اللجنة أو منشآتها أو مواردها ومرکباتها أو وحداتها المستخدمة فی المهام الانسانیة([50]).
المطلب الثانی
التعاون فی المجال القضائی بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة
تتمتع المنظمات الانسانیة وعلى رأسها اللجنة الدولیة بموقع متمیز على الصعید الدولی, یختلف عن بقیة المنظمات الدولیة غیر الحکومیة ینبع من طبیعة مهامها التی خصتها بها اتفاقیات جنیف لعام 1949 وبروتوکولاتها الملحقة لعام 1977([51]).
غیر ان مسألة التعاون فیما بین اللجنة والمحکمة الجنائیة, تعد مسألة فی غایة الصعوبة والتعقید؛ وذلک لاختلاف طبیعة مهام اللجنة الدولیة عن المحکمة الجنائیة؛ ذات الطابع الإنسانی الهادف الى تقدیم مقومات البقاء على قید الحیاة وتقدیم الاغاثة الطارئة الى الدول التی تتعرض الى النزاعات المسلحة والکوارث, التی غالبا ما ترافقها ارتکاب انتهاکات للقانون الدولی الإنسانی, وان عملیة تقدیم مرتکبی هذه الانتهاکات وملاحقتهم تخرج عن اختصاص واهتمامات اللجنة([52])؛ لذلک هل یجوز للجنة الدولیة التعاون مع المحکمة الجنائیة فیما یخص تقدیم المعلومات والوثائق والادلة أو الادلاء بالشهادة أمام المحکمة؟
ان اللجنة الدولیة تعتمد ممارسة راسخة وواضحة منذ نشأتها؛ تقتضی عدم المشارکة فی الاجراءات القضائیة وعدم الافصاح عن ما تکتشفه اثناء اداء مهامها الانسانیة؛ أمام أیة جهة قضائیة دولیة بما فیها المحکمة الجنائیة الدولیة, وتستند اللجنة فی ممارستها هذه الى تجربتها المیدانیة الواسعة واحترامها الکامل لمبدأ السریة([53]).
وقد نظمت المادة (15) من النظام الأساسی مسألة التعاون بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة والتی منحت المدعی العام الحق فی تلقی المعلومات والوثائق والادلة من جهات دولیة عدة من ضمنها اللجنة الدولیة([54])؛ إذ منحت هذه المادة المدعی العام صلاحیة التحقیق على أساس المعلومات التی یتلقاها من هذه الجهات والتماس المزید من المعلومات وتلقی الشهادات التحریریة أو الشفویة فی مقر المحکمة([55]).
بینما تولت القاعدة (73) من القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات للمحکمة الجنائیة الدولیة لسنة 2002, تنظیم آلیة التعاون بین اللجنة الدولیة والمحکمة؛ إذ حددت هذه القاعدة مجالات التعاون فیما یتعلق بتقدیم المعلومات والوثائق أو أی أدلة اخرى تحصل علیها اللجنة أثناء ادائها لمهامها أو بحکم ادائها لها بموجب النظم الأساسیة لحرکة الهلال والصلیب الأحمر الدولیة؛ وحددت هذه القاعدة عدم جواز الإفشاء أو إطلاع المحکمة على هذه المعلومات والأدلة حتى عن طریق الشهادة إلا بموجب الشروط الآتیة:
1- عدم اعتراض اللجنة الدولیة کتابیا على هذا الإفشاء بعد اجراء مشاورات وفقاَ للقاعدة الفرعیة (6) من القاعدة (73).
2- فی حالة تنازل اللجنة الدولیة عن الحق فی سریة المعلومات.
3- إذا کانت المعلومات والوثائق أو الأدلة واردة فی البیانات العلنیة والوثائق العامة للجنة الدولیة([56]).
واضافت الفقرة الفرعیة (6) من القاعدة (73) مجالاَ آخر للتعاون فی حالة کون الوثائق والمعلومات التی تملکها اللجنة الدولیة ذات أهمیة عظیمة فی قضیة معینة, فعلى المحکمة ان تدخل فی مشاورات مع اللجنة بهدف التوصل الى تسویة تضمن الحصول على هذه الوثائق أو المعلومات وبصورة تعاونیة وفقا للشروط الآتیة:
1- مراعاة ظروف القضیة ومدى أهمیة الأدلة المطلوبة.
2- امکانیة الحصول على هذه الأدلة من مصدر آخر غیر اللجنة الدولیة.
3- مراعاة صالح العدالة والضحایا.
4- عدم التأثیر على اداء مهام المحکمة واللجنة الدولیة([57]).
أما فیما یخص الادلاء بالشهادة من قبل موظفی ومستخدمی اللجنة أمام المحکمة؛ فلم یتضمن النظام الأساسی للمحکمة نصاَ یلزم موظفی اللجنة على الادلاء بالشهادة أمامها, عدا ما تضمنته المادة (69/5) من النظام الأساسی التی نصت على "تحترم المحکمة وتراعی الامتیازات المتعلقة بالسریة, وفقاَ لما هو منصوص علیه فی القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات"([58]), ومن ثم جاءت القاعدة (73) لتفسیر هذه المادة وکحل وسط بین اللجنة الدولیة التی طالبت بحصانة مطلقة من الشهادة أمام المحکمة وما بین اللجنة التحضیریة لمشروع القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات التی عارضت فکرة الحصانة المطلقة([59]) .
إلا أن مسألة الشهادة بقی القرار النهائی فیها بید اللجنة الدولیة التی تملک الحق فی ابدائها من عدمه وربما یعود السبب فی منح هذا الامتیاز للجنة الى الأسباب الآتیة:
1- إن اللجنة الدولیة تجد ان مصلحتها تقتضی حجب المعلومات المطلوبة منها للمحکمة سواء أکانت شهادة من قبل موظف فی اللجنة أم مندوب عنها خوفا على سلامة موظفیها واستمرار عملها ونشاطها الإنسانی.
2- إن اللجنة الدولیة غالباَ ما تعمل فی بیئات عدیدة وحساسة وهی تعتمد فی عملها على دعوة أو قبول الدول والکیانات المتنازعة للقیام بواجبها ونشاطها الإنسانی, وطالما ان اللجنة تعتمد فی ممارستها هذا النشاط على قبول هذه الأطراف لوجودها لتنفیذ مهامها, فسیکون من الصعب علیها الحصول على هکذا دعوات أو موافقات إذا ما کانت المعلومات التی تحصل علیها یمکن استخدامها فی الإجراءات الجنائیة أمام المحاکم الدولیة, مما سیعرقل عملها ویفقدها المصداقیة التی تمیز وجودها الدولی([60]).
3- إن اللجنة تختلف عن المحکمة فی أهدافها ووسائل تحقیقها, فالمحکمة هدفها هو اقامة عدالة جنائیة دولیة, بینما اللجنة هدفها تقدیم العون والمساعدة الى الاشخاص فی النزاعات المسلحة, والنهج الذی تتبعه اللجنة هو الحوارات الجدیة والسریة مع الأطراف فی هذه النزاعات لضمان موافقتهم ولیس هدفها المشارکة فی الإجراءات الجنائیة التی تقوم بها المحکمة. کما أن قیام المحکمة بهکذا أمور سیعرقل نشاطها الإنسانی ویعرض قدرتها على القیام بمهامها الى الخطر([61]).
4- ما ذهبت الیه المحکمة الجنائیة الدولیة الخاصة بیوغسلافیا السابقة فی حکمها فی قضیة "simic" الى ان اللجنة الدولیة لها حق اتفاقی وعرفی على حد سواء فی الاصرار على عدم الشهادة والکشف عن المعلومات التی تحصل علیها أثناء القیام بمهامها؛ وان اللجنة قد منحت دوراَ فریداَ یهدف الى ضمان احترام المعاییر الإنسانیة التی وضعتها اتفاقیات جنیف الأربعة لعام 1949 والبروتوکولین الملحقین بها لعام 1977, وهذا الاعتراف بحق عدم الکشف عن المعلومات المتعلقة بعملها ضروری للأداء الفعال لمهامها؛ لذک فأنه أقر کحق اتفاقی للجنة فی ضمان عدم الکشف عن المعلومات بموجب اتفاقیات جنیف لعام 1949؛ مما یعنی عدم امکانیة اجبار أو استدعاء موظفی اللجنة الدولیة للأدلاء بشهادتهم أمام المحکمة الجنائیة دون موافقة من اللجنة نفسها, وان هذه الموافقة هی عملیة تقدیریة للجنة ولیس للمحکمة نظراً لخبرتها المیدانیة, کما ان التصدیق العالمی على اتفاقیات جنیف وبروتوکولاتها الملحقة بها, واستقرار الممارسة الدولیة على عدم الکشف عن المعلومات والأدلاء بالشهادة قد أنشأ قاعدة عرفیة یحق بموجبها للجنة الدولیة عدم الکشف عن المعلومات أو الإدلاء بالشهادة استناداً الى القانون الدولی وهو حق مطلق غیر قابل لموازنته أو مقارنته مع مصالح العدالة([62])؛ وهذا الأمر ترسخ فی أحکام المحاکم الجنائیة الدولیة الأخرى کما فی المحکمة الجنائیة الدولیة لرواندا والمحکمة الخاصة بسیرالیون([63]).
المطلب الثالث
مظاهر التعاون الأخرى بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة
تتعاون اللجنة الدولیة وتقدم الدعم الى المحکمة الجنائیة فی مجالات عدة, إذ ساهمت اللجنة بصورة فاعلة فی عملیة تأسیس المحکمة وکانت من الجهات المساندة نحو انشاء قضاء جنائی دولی دائم, وشارکت اللجنة فی مؤتمر روما لعام 1998 بفعالیة فی اللجنة التحضیریة التی انتهت الى وضع النظام الأساسی للمحکمة, کما ساهمت اللجنة فی صیاغة مشروع ارکان الجرائم التی اعتمدتها الدول الأطراف فی المحکمة عام 2000([64]).
وتشجع اللجنة الدولیة الدول على التصدیق على النظام الأساسی للمحکمة وتنفیذه عن طریق خدماتها الاستشاریة بمساعدة الدول فی جهودها لاعتماد وتنفیذ تدابیر فعالة من أجل الملاحقة القضائیة لجرائم الحرب على المستوى الوطنی([65]).
واللجنة لها علاقات مهمة مع المحکمة عن طریق العلاقة المتمیزة التی تملکها المحکمة مع منظمات المجتمع المدنی؛ ومن ضمنها اللجنة الدولیة التی تواصل تقدیم دعم جوهری ومهم للمحکمة فی عقد الاجتماعات الاستراتیجیة والاتصالات المنتظمة لمساعدة ودعم المحکمة لتحقیق أهدافها([66]).
کما ان المحکمة تستفید من بعض المواقف القانونیة للجنة الدولیة, کما فی موقفها من تحدید النزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة والنزاعات المسلحة ذات الطابع الدولی, إذ ساهم موقف اللجنة فی بیان جوانب قانونیة عدة أمام المحاکم الجنائیة الدولیة ومن ضمنها المحکمة الجنائیة الدولیة لبیان طبیعة هذه النزاعات وتحدید شروطها, کما حصل فی قضیة "لوبانغا" التی نظرتها المحکمة عام 2012([67])؛ وتسعى اللجنة فی مجالات التعاون إلى تحقیق التوازن بین صلاحیاتها التشغیلیة وواجبها فی تعزیز القانون الدولی الإنسانی ومکافحة الإفلات من العقاب([68]).
ومن صور التعاون الأخرى بین اللجنة والمحکمة توقیع اتفاقیة الزیارات الى الاشخاص المحرومین من الحریة عملا بالاختصاص القضائی للمحکمة الجنائیة, التی تضمنت منح مندوبی اللجنة الدولیة, الحق فی القیام بزیارات سریة غیر معلنة وغیر مقیدة لغرض متابعة والتقصی عن الظروف التی یحتجز فیها الاشخاص الخاضعین لاختصاص المحکمة, وتقدیم الرعایة الطبیة والصحیة واجراء المقابلات مع المعتقلین والاتصال مع عائلاتهم([69]).
ویمکن فی مجال التعاون بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة ان نبدی الملاحظ الآتیة:
1- ان تعاون اللجنة الدولیة مع المحکمة الجنائیة یبقى دائما فی نطاق محدود بسبب طبیعة اللجنة ونشاطها, على العکس من بقیة المنظمات الدولیة غیر الحکومیة خاصة منظمة العفو الدولیة ولجنة المحامین الدولیین لحقوق الانسان, إذ تعاونت هذه المنظمات تعاوناَ وثیقاَ مع المحاکم الجنائیة الدولیة لیوغسلافیا السابقة وروانداوالمحکمة الجنائیة الدائمة([70]).
2- ان اللجنة الدولیة وان کانت تتعاون مع المحکمة الجنائیة, إلا ان هذا التعاون یبقى مقیداً بضرورة التوافق مع متطلبات حقوق الانسان وحمایتها فی الظروف کافة, فضلا عن ما تملکه اللجنة من الحق فی السریة والحفاظ على حیادها وتحدید مجالات التعاون([71]).
3- فی حالة التعاون فیما بین اللجنة والمحکمة یجب ان تدرک اللجنة العواقب التی سوف تواجهها فی ممارسة أنشطتها الإنسانیة خصوصا تقدیم المساعدة الى ضحایا النزاعات المسلحة, والتهدیدات التی من الممکن ان تواجهها فی امکانیة الوصول الى الضحایا وتعاونهم مع اللجنة أو تهدید سلامة اللجنة وموظفیها من قبل أطراف النزاع, وان أی تعاون مع المحکمة الجنائیة الدولیة یکون عن طریق مفاوضات بین اللجنة والمدعی العام وبالشروط التی تطلبها اللجنة([72]).
4- ان اللجنة الدولیة لها الاختصاص والحق المطلق فی تحدید مجالات التعاون کافة, دون ان یکون للمحکمة أی حق فی التدخل فی قراراتها وتحدید أو تقیید هذا الحق.
الخاتمة
فی نهایة هذا البحث, وبعد التطرق الى العلاقة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة فی مجالات عدة وبیان الطبیعة القانونیة لهذه العلاقة وما ینتج عنها, توصلنا الى الاستنتاجات والمقترحات الآتیة:
اولاً: الاستنتاجات:
1- ان اللجنة الدولیة هی منظمة دولیة غیر حکومیة تتمتع بمرکز قانونی خاص ینبع من طبیعة نشاطها على الصعید الدولی وما خصته بها اتفاقیات القانون الدولی الانسانی.
2- إن عدم تمتع اللجنة الدولیة بالشخصیة القانونیة الدولیة له إیجابیات هامة؛ إذ إن طبیعة عمل اللجنة لا تتناسب مع الحقوق والواجبات والشروط التی یفرضها القانون الدولی على المنظمات الدولیة.
3- المحکمة الجنائیة هی شخصیة قانونیة دولیة ذات وظیفة محدودة تم انشاؤها کآلیة قضائیة دولیة بهدف محاکمة الاشخاص الطبیعیة عن جرائم محددة وفقا لنظامها الأساسی بهدف تحقیق العدالة الجنائیة الدولیة.
4- ان العلاقة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة؛ هی علاقة قانونیة دولیة ذات نمط خاص فرضته طبیعة المهام التی تقوم بها اللجنة ودورها فی إطار القانون الدولی الإنسانی؛ وان وجود علاقة تعاونیة قویة بین اللجنة والمحکمة قد یفقدها مصداقیتها الدولیة التی اکتسبتها عبر أکثر من قرن ونصف من العمل الانسانی, على اعتبار ان المحکمة یمکن التأثیر على عملها من قبل بعض الجهات الدولیة الفاعلة على الصعید الدولی وهذا یمکن ان یؤثر على اللجنة الدولیة ایضاَ.
5- ان اللجنة تملک أهلیة تحریک الدعوی أمام المحکمة الجنائیة بصورة غیر مباشرة عن طریق الدول الأطراف ومجلس الأمن الدولی والمدعی العام للمحکمة وان کان هذا الاختصاص یشوبه الغموض فی نصوص النظام الأساسی.
6- ان اللجنة الدولیة تتمتع بمکانة خاصة لدى المحکمة الجنائیة تختلف عن بقیة المنظمات الدولیة غیر الحکومیة, وان القاعدة (73) من قواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات للمحکمة جاءت لتثبت هذه المکانة عن طریق منح اللجنة دون غیرها من هذه المنظمات حصانة مطلقة فی مسألة السریة والتعاون مع المحکمة .
7- ان اللجنة الدولیة تملک آلیات ومجالات عدة للتعاون مع المحکمة عن طریق عقد الاتفاقات الخاصة مع المحکمة, والمشارکة فی اللقاءات الدوریة وحضور المؤتمرات وتقدیم الاستشارات وتشجیع الدول على الانضمام الى النظام الأساسی للمحکمة.
ثانیا: المقترحات:
1- نقترح إعادة النظر فی طبیعة العلاقة القانونیة بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة الدولیة, وان یتم وضعها فی إطار قانونی صریح ضمن النظام الأساسی للمحکمة عن طریق جمعیة الدول الأطراف التی تملک اختصاص تعدیل هذا النظام.
2- إعادة النظر فی مسألة السریة وتقدیم المعلومات فیما بین اللجنة الدولیة والمحکمة الجنائیة ومراعاة الموازنة فیما بین اعتبارات العدالة الجنائیة والنشاط الإنسانی للجنة.
3- نقترح توسیع نطاق تعاون المحکمة فی مسائل ملاحقة المطلوبین وتقدیم المعلومات لیشمل المنظمات الدولیة غیر الحکومیة الناشطة فی المجالات الانسانیة وعدم الاکتفاء بدور اللجنة الدولیة فقط.
4- النظر فی امکانیة ادخال اللجنة الدولیة کوسیط بین المحکمة الجنائیة والأطراف الدولیة فی حالة ملاحقة مرتکبی الجرائم الداخلة فی اختصاص المحکمة.
5- عقد اتفاق خاص بین اللجنة والمحکمة لتغطیة اوجه القصور التی تضمنتها القواعد الاجرائیة وقواعد الاثبات بحیث یحدد نطاق وحدود التعاون وآلیاته بصورة واضحة مع مراعاة الموازنة فیما بین مبادئ اللجنة الدولیة وطبیعة وظیفة المحکمة الجنائیة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books:
1- Dr. Ibrahim Mohammed Anani, International Organization, General Theory, United Nations, Arab Thought House, Cairo,1982.
2- Dr. Abu al-Khair Ahmed Attia, Permanent International Criminal Court, Arab Renaissance House, Cairo, 1999.
3- Ismail Abdel Rahman, International Foundations of International Humanitarian Law, ICRC Publications, Cairo, 2006.
4- Dr. Sameh Jaber Al-Beltaji, Protection of Civilians in The Time of Armed Conflict (Crime, Protection, Mechanisms) Arab Thought House, Cairo, 2007.
5- Dr. Saeed Salem Jouili, Entrance to the Study of International Humanitarian Law, Arab Renaissance House, Cairo, 2002.
6-Dr. Saeed Abdul Latif Hassan, International Criminal Court and Modern and Contemporary International Criminal Justice Applications, Arab Renaissance House, Cairo, 2004.
7- Scatni Bayh, International Criminal Justice and Its Role in the Protection of Human Rights, Dar Homa, Algeria, 2003.
8- Dr. Suhail Hussein Al-Fatlawi, Encyclopedia of International Criminal Law 3, International Criminal Justice, I1, Cultural Publishing and Distribution House, Amman. Jordan, 2011.
9- Taher Mukhtar Ali Saad, International Criminal Law (International Sanctions), New Book House United, Lebanon, 2000.
10- Dr. Abdul Karim Alwan, Mediator in Public International Law, Human Rights, Book III, I1, House of Culture for Publishing and Distribution, Amman, 2006.
11- Dr. Orouba Jabbar Al-Khazraji, International Law of Human Rights, I1, Culture Publishing and Distribution House, Amman, 2010.
12- Dr. Maamoun Mustafa, Law of International Organizations, No Place of Publication, 1998-1999.
13-Dr. Mohamed Sameh Amr, Security Council Relationship with the International Criminal Court, Arab Renaissance House, Cairo, 2008.
14- Dr. Mohammed Sami Abdel Hamid, Law of International Organizations - General Theory and the United Nations, I2, University Foundation for Printing and Publishing, Alexandria, 1983.
15- Dr. Nizar Al-Anbaki, International Humanitarian Law, I1, Dar Wael, Amman, Jordan, 2010.
Second: Research and periodicals:
1- Ahmed Abdel Hamid Rifai, General Principles of International Criminal Responsibility, Study in Light of The Rules of International Humanitarian Law, Graduate Journal, Mubarak Academy of Security, Issue 8, Cairo, 2008.
2-Els Debov, Tools for Mission Accomplish, Legal Status of the ICRC and Its Privileges and Immunities, International Journal of the Red Cross, Issue, (897/898), 2016.
3-Dr. Tristan Ferraro, ICRC Legal Position on the Concept of Armed Conflict Involving Foreign Interference and On The Definition of International Humanitarian Law Applicable to These Conflicts, Anthology of the International Journal of the Red Cross, Volume 97, Issue 900, 2015.
4-Churchill Ombo Nuno, published international humanitarian law through cooperation between the International Committee of the Red Cross and the African Union, the International Journal of the Red Cross, selected from the 2003 edition.
5- Jacob Kallenberg, Do We Speak Publicly or Shut Up During Humanitarian Action, International Review of the Red Cross, Volume 86, Issue 855, 2002.
6-Dr. Rashida Haifa Takkari, The ICRC's role in enforcing the rules of international humanitarian law, discussed a publication as part of the 10th International Conference on Humanitarian Solidarity, Tripoli, Libya, 2015.
7-Dr. Sherif Atlam, The ICRC's Role in The Development and Development of The Rules of International Humanitarian Law, ICRC Publications, Cairo, 2010.
8- Dr. Saddam Al-Fatlawi, Iman Obaid Karim, Legal Nature of the International Criminal Court, International Policy Journal, published by Al-Mustansiriyah University, Issue 20, Baghdad, 2012.
9- Fritz Kaltshoeven , and Elisabeth Tsgvelad, Controls on War, Introduction to International Humanitarian Law, Translation Ahmed Abdel Alim, ICRC Publications, Geneva, 2004.
10- International Review of the Red Cross, Issue 16, November, 1990.
11- Medus Falah al-Rashidi, the mechanism for determining jurisdiction and its convening in the eyes of international crimes in accordance with the Rome Agreement of 1998, The International Security Council International Criminal Court National Courts, Law Journal, Kuwait University, Issue 2, 2002.
Third: Letters and university frameworks:
1- Best Kamal, Mechanisms for The Implementation of International Humanitarian Law in light of international changes in contemporary international law, Master's Thesis, Faculty of Law, Mouloud Mamari University, Tizi Ouzou, Algeria, 2011.
2-Ahmed Ghazi Hermze, International Criminal Tribunal for former Yugoslavia, Master's Thesis, Faculty of Law, University of Babylon, 2000.
3- Bara'a Munther Kamal Abdul Latif, Icc Judicial System, Doctoral Thesis, Faculty of Law, University of Baghdad, 2005.
4-Jamil Harb, ICC in The Balance, Master's Thesis, Faculty of Law, Arab University of Beirut, Lebanon, 2002.
5- Khaled Abdul Mahmoud Othman, Brought before the International Criminal Court, Master's Thesis, Al-Bayt University, Jordan, 2001.
6- Ruqaya Awasheria, Protection of Civilians and Civilians in Non-International Armed Conflicts , Ph.D., Faculty of Law, Ain Shams University, 2001.
7- Sabiha Ben Haddad, Madiha Ben Safia, Limits of icc jurisdiction in the recognition of individual international criminal responsibility, Master's Thesis, Faculty of Law and Political Science, Abderrahmane Meera University- Bejaia, Algeria, 2012-2013.
8-Mohammed Hamad Al-Assbely, National Societies of the Red Crescent and the Red Cross and their protected services in international humanitarian law, Master's Thesis, Faculty of Law, Qar Younis University, Benghazi, Libya, 1995.
9-Nate Jodi Yamina, Role of International NGOs in the Development and Guarantee of The Implementation of International Humanitarian Law, Memorandum of Master's Degree in Public Law, Faculty of Law and Political Science, Mouloud Mamari University, Tizi Ouzou, 2012/2011.
10- Hajar Ben Omar, Investigation before the International Criminal Court, Master's Thesis, University of Tunis, 2004.
11- Youssef Qassimi, ICRC, M.A. in International Human Rights Law, Faculty of Law, Mouloud Mamari University, Tizi Ouzou, Algeria, 2005.
Fourth: International documents:
1- The Vienna Convention on the Law of Treaties 1969.
2- UN General Assembly Proceedings of session (45) of 1990, Resolution 45/6 of 16 October 1990, document (A/RES/45/6).
3- Summary of sentences, opinions and orders issued by the International Court of Justice 1948-1991, UN Publications, New York, 1992.
4- Agreement of the International Committee of the Red Cross and the Swiss Federal Council to determine the legal status of the Commission in Switzerland in 1993.
5- The Statute of the International Criminal Court 1998.
6- Procedural rules and evidentiary rules of the International Criminal Court 2002.
7- Agreement on the privileges and immunities of the International Criminal Court 2002.
8- the International Committee of the Red Cross Statute 2015.
9- International Criminal Court report to the UN General Assembly Session (69) for 2014, document (A/69/321).
10- Agreement between the International Criminal Court and the International Committee of the Red Cross on Visits to Persons deprived of Liberty Pursuant to the Jurisdiction of the International Criminal Court,2006.
11- Anne-Marie La Rosa, Humanitarian organizations and international criminal tribunals, or trying to square the circle ,International Review of The Red Cross, Volume 88 Number 861 March 2006.
12- ICTY, Prosecutor V. Simic et al, Trail Chamber III, Case NO. IT-95-.9.(ICRC Decision) 27,guly,1999.
13- Zoe Pearson, Non-Governmental Organization and the International Criminal Court, Changing Landscapes of International Law ,Cornell International Law Journal,vol39,Issue2,2006.
Fifth: Sources of the International Information Network (Internet):
1- ICRC, Legal Status of the ICRC: https://www.icrc.org/ar/document/status-update-icrcs-legal-standing-explained
2- Gabor Rona, ICRC special category: https://www.icrc.org/ar/resource-centre/result
3- The ICRC and the International Criminal Court have two different but complementary approaches to ensure respect for international humanitarian law: