الملخص
یعتبر ضمان اصابات العمل من اقدم انواع التامین اذ یستهدف توفیر الحمایة التأمینیة للعامل فی حال تعرضه للاصابة او المرض بسبب العمل او اثناء تأدیته, فمنذ قیام الثورة الصناعیة بدأ استخدام الالات والمکائن فی المجال الصناعی مما ترتب علیه ازدیاد المخاطر التی قد یتعرض لها العمال اثناء عملهم واهمها اصابات العمل والامراض المهنیة ونتیجة لذلک بدأ التحرک على النطاق الدولی والوطنی لمواجهة تلک المخاطر المستحدثة من اجل حمایة العمال الذین لا تمکنهم قدرتهم المادیة من مواجهة هذه المخاطر بمفردهم, ولقد مر ضمان اصابات العمل بمراحل عدیدة الى ان اصبح نظاما مستقلا ترعاه الدولة وتشرف على تطبیقه,وقد کان العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة من اکثر الدول العربیة التی اولت هذا النوع من الضمان اهتماما کبیرا فقد نصت علیه فی تشریعاتها الاجتماعیة منذ بدایات تأسیسها والى وقتنا الحاضر لتأمین شریحة واسعة من ابناء المجتمع الا وهی شریحة العمال.
الكلمات الرئيسة
أصل المقالة
التطور التشریعی لضمان اصابات العمل والفئات المشمولة به فی العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة-(*)-
Legislative development guaranteeing work injuries and the categories covered in Iraq and the Hashemite Kingdom of Jordan
علیاء غازی طاهر حسن محمد علی حسن کلیة الحقوق/ جامعة الموصل کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Alia Ghazi Taher Hassan Mohamed Ali Hassan College of law / University of Mosul College of law / University of Mosul Correspondence: Alia Ghazi Taher E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 26/6/2018 *** قبل للنشر فی 18/11/2018.
(*) Received on 26/6/2018 *** accepted for publishing on 18/11/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2021.168455
© Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعتبر ضمان اصابات العمل من اقدم انواع التامین اذ یستهدف توفیر الحمایة التأمینیة للعامل فی حال تعرضه للاصابة او المرض بسبب العمل او اثناء تأدیته, فمنذ قیام الثورة الصناعیة بدأ استخدام الالات والمکائن فی المجال الصناعی مما ترتب علیه ازدیاد المخاطر التی قد یتعرض لها العمال اثناء عملهم واهمها اصابات العمل والامراض المهنیة ونتیجة لذلک بدأ التحرک على النطاق الدولی والوطنی لمواجهة تلک المخاطر المستحدثة من اجل حمایة العمال الذین لا تمکنهم قدرتهم المادیة من مواجهة هذه المخاطر بمفردهم, ولقد مر ضمان اصابات العمل بمراحل عدیدة الى ان اصبح نظاما مستقلا ترعاه الدولة وتشرف على تطبیقه,وقد کان العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة من اکثر الدول العربیة التی اولت هذا النوع من الضمان اهتماما کبیرا فقد نصت علیه فی تشریعاتها الاجتماعیة منذ بدایات تأسیسها والى وقتنا الحاضر لتأمین شریحة واسعة من ابناء المجتمع الا وهی شریحة العمال.
الکلمات المفتاحیة: الضمان، اصابات العمل، العمال.
Abstract: -
Work injury insurance is considered one of the oldest types of insurance. It aims to provide insurance protection for the worker in the event of injury or illness due to work or during his performance. Since the industrial revolution, the use of machinery and machinery in the industrial field has started, resulting in increased risks to workers during their work such as work injuries and occupational diseases. As a result, international and national action has been initiated to address these risks in order to protect workers who are unable to cope with these risks on their own. The guarantee of work injuries has passed through many stages until it becomes an independent system sponsored by the state and oversees its implementation. Iraq and the Hashemite Kingdom of Jordan were among the most Arab countries that gave this type of guarantee a great deal of attention. It was stipulated in its social legislation from the beginning of its establishment and to the present time to secure a large segment of the society which is the workers
Keywords: Work, Injuries, Risks, Legal, System.
المقدمـة
ان دراسة التطور التشریعی لضمان اصابات العمل أمر بالغ الاهمیة، فمن اجل معرفة التنظیم القانونی لهذا النوع من الضمان ولاستکمال جوانبه المختلفة فلابد من الاطلاع على أسس نشأته ومراحل تطوره، حیث أن ضمان اصابات العمل کان محل صراع طویل بین القوى العاملة والطبقة المستغلة وکان العمال عاجزون آنذاک عن ضمان حقوقهم، الامر الذی دفع عدداً من المفکرین الغرب إلى الدعوة لانصافهم ومنهم الکاتب الانکلیزی (Danial de Foe) الذی نادى ومنذ اواخر 1698 بضرورة تأسیس التأمین الاجتماعی کما وضع مشروعاً للتأمین ضد الفقر و البطالة والاصابات إلا أنه لم یؤخذ بنظر الاعتبار.
وفی النصف الثانی من القرن الثامن عشر بدأ التطور الصناعی یسیر بخطوات واسعة وکانت الاختراعات فی تقدم ملموس واتسع استخدام الآلات المیکانیکیة الضخمة وتأسست المشاریع الصناعیة الکبرى التی تستخدم الآف العمال مما ضاعف من مخاطر الاصابة التی باتت تزداد یوماً بعد یوم وصارت مصدر قلق للعمال، ونتیجة لذلک تقررت مسؤولیة صاحب العمل فی تعویض حوادث العمل قانوناً ولأول مرة فی المانیا عام 1871 وفی انکلترا عام 1880، وحتى یؤمن اصحاب العمل انفسهم ضد هذه المسؤولیة بدأوا بابرام عقود تأمین تجاریة لدى شرکات التأمین الخاصة لتغطیة الخطر الناشیءعن اصابات العمال إلا أن هذا التأمین لم یکن إجباریاً وإنما کان إختیاریاً وقد کانت شرکات التأمین تتحکم فی عقود التأمین بحسب مصالحها فضلاً عن تفسیر الاصابات المستحقة للتعویض بالشکل الذی یوافقها کما کانت ترفض التأمین على بعض الاشخاص المشتغلین فی المصانع التی تکثر فیها المخاطر وتضع حداً اعلى لمسؤولیتها مهما بلغ عدد المصابین.
وازاء کثرة الاصابات فی عصر النهضة الصناعیة ارتفعت اصوات قوى الانتاج البشریة مطالبین بالضمانات وکان لالمانیا فی عهد بسمارک فضل السبق بالاستجابة لهذا النداء باصدارها أول قانون اجباری لتأمین اصابات العمل بقواعد مستقلة وذلک فی 6 یولیو من عام 1884 وکان ذلک القانون یعفی المصابین من عبء الاثبات ویجبر اصحاب المنشآت على تقدیم الضمانات للعمال.
ثم صدر بعد ذلک تشریعات مماثلة فی عدد من الدول الاوربیة ومن بینها فرنسا وتبعتها أیضاً عدد من الدول العربیة فی اصدار مثل تلک التشریعات بعد الحربین العالمیتین الاولى والثانیة ومنها العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة, فشهد العراق اهتماما کبیرا بشریحة العمال الواسعة وضمان حقوقهم وحمایتهم من المخاطر التی یتعرضون لها اثناء عملهم واهمها واخطرها اصابات العمل والامراض المهنیة وما یترتب علیها من آثار خطیرة, وقد تجسد ذلک فی القوانین والانظمة التی صدرت ومنذ بدایة تاسیس الدولة العراقیة والتی مرت بمراحل عدیدة وکذلک الحال بالنسبة الى التشریعات الاجتماعیة الصادرة فی المملکة الاردنیة الهاشمیة والتی اهتمت هی الاخرى بضمان اصابات العمل والامراض المهنیة ونصت على احکامه فی القوانین التی اصدرتها المملکة وعلى مراحل عدة.
اسباب اختیار الموضوع:-
تتجسد اهمیة بحثنا هذا فی اعطاء صورة واضحة ومتکاملة عن المراحل التی مر بها ضمان اصابات العمل وما طرأ علیه من تطورات فی قوانین العمل والضمان الاجتماعی فی کل من العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة والصادرة منذ بدایة تاسیس هذه الدول والى یومنا هذا, مع بیان المراحل التی مر بها نطاق سریان هذا الضمان على العمال والفئات المستثناة من احکامه, ومدى فاعلیته فی حمایة مختلف فئات العمال من خلال شمولهم بهذا الضمان فی کل من العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة.
منهجیة البحث:-
لقد اعتمدنا فی هذا البحث على الاسلوب الاستقرائی والتحلیلی لنصوص قوانین العمل والضمان الاجتماعی فی کل من العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة لبیان المراحل التی مر بها ضمان اصابات العمل والتطورات التی شهدتها احکامه ومن ثم التدرج فی نطاق سریانه على مختلف فئات العمال.
هیکلیة االبحث:-
سیکون تقسیم البحث کما یأتی :
المبحث الاول:- التطور التشریعی لضمان اصابات العمل والفئات المشمولة به فی القوانین العراقیة.
المبحث الثانی:- التطور التشریعی لضمان اصابات العمل والفئات المشمولة به فی قوانین المملکة الاردنیة الهاشمیة.
المبحث الأول
التطور التشریعی لضمان اصابات العمل والفئات المشمولة به
فی القوانین العراقیة
سنتناول فی هذا المبحث المراحل التی مربها ضمان اصابات العمل فی التشریعات العراقیة مع بیان الفئات المشمولة بهذا الضمان فی ضوء نصوص قوانین العمل والضمان الاجتماعی العراقی وذلک ضمن المطلبین الآتیین:
المطلب الأول: التطور التشریعی لضمان اصابات العمل فی القوانین العراقیة.
المطلب الثانی: الفئات المشمولة بضمان اصابات العمل فی القوانین العراقیة.
المطلب الأول
التطور التشریعی لضمان اصابات العمل فی القوانین العراقیة
یعد العراق من الدول حدیثة العهد فیما یخص تشریعات العمل والضمان الاجتماعی، لأن تلک التشریعات هی نتاج المجتمع الصناعی ومن ثم ترتبط فی نشأتها وتطورها بنشأة وتطور الصناعة ومدى تقدمها، ولما کان العراق واقعاً تحت سیطرة الدولة العثمانیة ولسنوات طویلة فقد کان النشاط الصناعی فیه یقتصر على الصناعات الیدویة والحرفیة البسیطة کصناعات النسیج والجلود وعلى الرغم من صدور بعض التشریعات العمالیة البسیطة فی الدولة العثمانیة آنذاک إلا انها لم تکن مطبقة فی العراق، فی حین طبقت فیه مجلة الاحکام العدلیة الصادرة عام 1877 وکان العمل المأجور بمقتضى هذه الاحکام حراً خاضعاً لقواعد الاجارة الخاصة ولقانون العرض والطلب کما کان العمال متروکین لرحمة القضاء والقدر عند التعرض إلى الحوادث والاصابات والاعراض([1]).
وبعد تأسیس الدولة العراقیة فی عام 1921 أخذت الحکومات المتعاقبة تولی الصناعة رعایة کبیرة فقامت مشاریع صناعیة کبرى فی قطاعات النفط والسکک الحدید وبعض القطاعات الاخرى ونتیجة لذلک ظهرت طبقة عاملة فتیة حاولت المطالبة بحقوقها من خلال القیام بالاضرابات والمسیرات الجماهریة الواسعة والتی کان من أبرزها اضراب عمال السکک سنة 1927 والذی کان من نتائجه قیام أول نقابة عمالیة فی العراق سنة 1929 بإسم (جمعیة العمال العراقیین)([2]).
وبعد دخول العراق فی عصبة الأمم عام 1931 کدولة مستقلة وإنضامه إلى منظمة العمل الدولیة عام 1932 أهتمت الحکومة العراقیة آنذاک بتنظیم علاقات العمل تنفیذاً لبعض التزاماتها الدولیة بشأن العمل والعمال فاصدرت قانون حصر المهن بالعراقیین رقم (21) لسنة 1936 وقانون العمال رقم (72) فی الخامس من نیسان لعام 1936 وهو أول قانون عمل یصدر فی الدولة العراقیة وقد کان هذا القانون بسیطاً فی مبادئه وصیاغته ومختصراً إختصاراً کلیاً فی أحوال العمل التی عالجها، إذ أحتوى هذا القانون على 37 مادة موزعة على ستة أبواب، الاول فی التعاریف والثانی فی شروط العمل وساعاته والثالث فی التعویض عن الوفاة والعاهة والمرض والرابع فی تألیف النقابات والخامص فی الحقوق والصلاحیات والسادس فی شؤون شتى، إلا أن نصوص هذا القانون کانت ملیئة بالثغرات والتناقضات وأن کانت تحتوی على ضمانات فی حمایة العمال([3]).
وبموجب الفصل الثالث فی هذا القانون والخاص بالتعویض عن الوفاة والعاهة والمرض اصبح ولأول مرة فی العراق قانون ینظم حقوق العمال فی حالة اصابة العمل، حیث قرر المشرع مسؤولیة صاحب العمل فی تعویض العمال المصابین بحوادث العمل والامراض المهنیة بمجرد حدوث الضرر وعند توافر شروط معینة – سنذکرها لاحقاً – فی حین کان المطبق قبل ذلک هو مجلة الاحکام العدلیة العثمانیة والتی لم تکن تجیز بموجب المادة (93) منها اجتماع الاجر والضمان على اساس ان من یدفع الاجر لایکون مسؤولاً عن الاخطار التی تحلق بالمأجور ما لم یکن ناشئاً عن قصور رب العمل، فالمتسبب لایضمن ما لم یکن متعمداً أو متعدیاً([4]).
کما أسنت الحکومة العراقیة أیضاً نظام المعامل والمصانع رقم (38) لسنة 1937 والذی یتکون من ست وعشرین مادة وجدولاً بالصنائع الخطرة والمضرة بالصحة العامة وقد عرفت المادة الاولى من هذا النظام مصطلحی المصنع والمعمل کما بحثت المواد من (3 – 10) التدابیر الصحیة الواجب توافرها فی کل مصنع أو معمل کذلک ألزمت المادة (17/فقرة جـ) صاحب المعمل أو المصنع أو واضع الید علیه أو القائم بملاحظته أن یخبر السلطات الصحیة المحلیة أو مفتش المصانع عند حدوث اصابته بأحد الامراض المنصوص علیها فی الفقرة (أ) من المادة المذکورة ورصدت مکافأة مالیة تشجیعیة لکل من یخبر السلطات الصحیة بوقوع اصابة بمرض من تلک الامراض من غیر الاشخاص المشار ذکرهم، أما فی حالة مخالفة صاحب المعمل أو المصنع أو القائم على ملاحظته أحکام هذا النظام فقد نصت المادة (24) على معاقبته بغرامة مالیة معینة أو بالحبس مدة لاتزید عن ثلاثة أشهر([5]).
علماً أن العراق وبعد تشریعه لقانون العمل أنضم إلى عدد من إتفاقیات العمل الدولیة المتعلقة بضمان اصابات العمل والامراض المهنیة والتعویض عنها فقد صادق فی عام 1937على الاتفاقیة الدولیة بشأن تعویض العمال عن الامراض المهنیة رقم (18) لسنة 1925 کما صادق فی عام 1939 على الاتفاقیة الدولیة المتعلقة بتعویض العمال عن الامراض المهنیة رقم (42) لسنة 1934 المعدلة وفی عام 1940 صادق العراق على الاتفاقیة الدولیة رقم (19) لسنة 1925 المتعلقة بوجوب معاملة العمال الاجانب بالمثل وبالتساوی مع الوطنین فی تعویض حوادث العمل فضلاً عن اتفاقیات اخرى تمت المصادقة علیها لاحقاً، کما شکل فی العام 1939ولأول مرة فی تاریخه وزارة الشؤون الاجتماعیة بعد ان کانت مجرد مکتب فی وزارة الداخلیة یعرف (بسکرتاریة البلدیات والعمال) والذی کان قد تأسس فی العام 1931م ([6]).
ومن الجدیر بالذکر ان اصابات العمل والامراض المهنیة التی کان یتعرض لها العمال آنذاک ظلت خاضعة للأحکام الواردة فی قانون العمال رقم (72) لسنة 1936 المعدل بالقانون رقم (36) لسنة 1942 حتى صدور قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 بالرغم من صدور أول قانون للضمان الاجتماعی فی العراق وهو القانون رقم (27) لسنة 1956م والذی استبعد من أحکامه أهم المخاطر التی یتعرض لها العمال وهی اصابات العمل وقد کان هذا القانون کیتنفه القصور فی نواحی عدیدة أخرى منها ان نطاق سریانه کان محدوداً جداً ولم یکن فی حقیقة الامر للضمان الاجتماعی وإنما کان خلیطاً من التأمین والادخار الالزامیین وذلک یرجع إلى أن مایحصل علیه العامل کان یتحدد دائماً بالرصید المجتمع له من إشتراکاته (الادخار الالزامی) والتأمین لمصلحته (اشتراکات صاحب العمل والدولة) ([7]).
وینبغی الاشارة إلى ان قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 قد عالج مسألة تعویض العمال عن الاصابات والامراض المهنیة والتسممات التی یتعرضون لها ضمن الفصل السابع منه وقد زادت نصوص هذا القانون من حقوق العامل المصاب فی تعویضه عن اصابته عما کان علیه فی قانون العمال رقم (72) لسنة 1936 المعدل ووسع من نطاق شمول العمال بالضمان من اصابات العمل والامراض المهنیة کما تلافى بعض الثغرات المتعلقة بالشروط الصارمة الخاصة بحصول العامل المصاب على التعویض کما اجاز زیادة المدة القانونیة المحددة للمطالبة بالتعویض عن الاصابات والامراض المهنیة فی حالات معینة ومع ذلک بقی العراق بحاجة إلى اصدار قانون جدید للضمان الاجتماعی یعالج مایتعرض له العامل من اصابات العمل والامراض المهنیة باعتبارها جزءاً من المخاطر التی یجب ان تشمل بالضمان الاجتماعی.
ونتیجة للانتقادات الشدیدة التی تعرض لها قانون الضمان الاجتماعی رقم (27) لسنة 1956 والذی شابه الکثیر من العیوب والتناقضات فقد طلبت الحکومة العراقیة من منظمة العمل الدولیة تقدیم العون لها فی اصدار قانون جدید للضمان الاجتماعی یتجاوز عیوب القانون النافذ، فأرسلت المنظمة خبیرین فی عامی1958 و1960 ووضعت المنظمة فی ضوء الدراسات التی أجریت مشروعاً لقانون جدید ارسلته الى الحکومة العراقیة عام 1961 والذی کان اساساً لصدور قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) فی 10/10/1964 على ان ینفذ بعد سنة من نشره إلا أن نفاذه تأجل إلى 1/4/1966([8]).
وقد جاء فی الاسباب الموجبة لصدور هذا القانون انه "أخذ بأحدث مبادئ الضمان الاجتماعی حیث امن العمال ضد مخاطر الحیاة یوم یفقد احدهم دخله بسبب العجز أو الشیخوخة أو اصابة العمل أو المرض.... وان الاسس التی جاء بها ترتکز على مبدأ التکامل الاجتماعی ولیس التوفیر الالزامی کما هو الحال فی القانون رقم (27) لسنة 1956 وستدفع بموجبه للاشخاص المضمونین الرواتب التقاعدیة عند عجزهم وشیخوختهم ولأراملهم وأیتامهم عند وفاتهم بالاضافة إلى اعانة التکفین والدفن التی یتسلمها العیال...."([9]).
وبالتالی فقد جاء بنظام جدید للضمان الاجتماعی فی العراق یضمن للعمال الاعانات المؤقتة والدائمیة فی حالات المرض والولادة والعجز واصابات العمل والشیخوخة والوفاة والغى الضمان الاجتماعی السابق بکل مافیه من عیوب وثغرات([10]).
ولقد تضمنت المادة الاولى من هذا القانون ولأول مرة تعاریف لإصابة العمل ولإعانة الاصابة والعطل والعجز، کما تناول الفصل السابع منه تنظیم الاحکام الخاصة باصابات العمل وقد نص ولأول مرة فی المادة (42) منه على استحقاق العامل المصاب المضمون للعنایة الطبیة والعلاج، وقد تضمن جداول ملحقة بالقانون احدها یتعلق بأنواع العطل العضوی والاخر یتضمن قائمة بالامراض المهنیة والتسممات التی تعتبر فی حکم اصابات العمل، ولذلک یعتبر هذا القانون نقطة تحول فیما یخص ضمان اصابات العمل وتنظیمه القانونی فی العراق.
وعلى الرغم من مزایاه السابقة إلا أنه ظل قاصراً فی شموله على فئات قلیلة من العمال وأخذ بأسلوب الاشتراک الاسبوعی وما فیه من تعقید وأعتمد الاسلوب القدیم فی تحصیل الاشتراکات وهو اسلوب لصق الطوابع برغم الانتقادات الکثیرة التی وجهت إلیه، کما صنف العمال إلى خمسة أصناف بحسب أجورهم وفرض على کل صنف مقداراً معیناً من الاشتراکات الموحدة وعین له مقداراً معیناً من الاعانات رغم اختلاف اجورهم([11]).
وبعد تغیر نظام الحکم فی العراق عام 1968 اصدرت الحکومة العراقیة آنذاک قانون الضمان الاجتماعی رقم (112) لسنة 1969 والمعدل بالقانون رقم (89) لسنة 1970 حیث عمد هذا القانون إلى زیادة حقوق العمال من حیث الاعانات والمنح والمکافآت ولکنه أعتمد على نفس الأسس الفنیة المتخلفة التی کان یعتمدها القانون الملغی، کتسدید الاشتراکات بطریقة الطوابع وتقسیم العمال إلى خمسة أصناف، کما لم یتضمن أی تغییر فی الاحکام الخاصة باصابات العمل سوى اضافة بعض الواجبات على اصحاب العمل عند اصابة عمالهم المشمولین بالضمان وبالتالی یمکن القول ان الضمان الاجتماعی فی العراق لم یتقدم بصدور هذا القانون لکونه قد وضع على عجالة وبطریقة افقدت واضعیه الفرصة لتطویر شکل ومضمون الضمان الاجتماعی فی القطر فاقتصرت مهمتهم على زیادة حقوق المضمونین من حیث الکم فقط ولذلک لم یصمد هذا القانون طویلاً من حیث التطبیق([12]).
ونتیجة للقصور والثغرات التی شابت قانون الضمان الاجتماعی رقم(112) لسنة 1969 المعدل فقد الغی بالقانون رقم(39) لسنة 1971 النافذ کمحاولة لإجراء تغییر جذری فی نظام ومحتوى الضمان الاجتماعی وتطویره فی العراق حیث الغى هذا القانون اسلوب تقسیم العمال الى اصناف واعتبرهم طبقة واحدة، وکذلک الغى اسلوب التحصیل بالطوابع فی جبایة الاشتراکات کما ان مقیاس استحقاق الخدمة أو التعویض أو المکافأة أو الراتب التقاعدی وفقاً لهذا القانون لم یعد مستنداً إلى ما أدخره العامل أثناء قدرته على العمل بل أصبح الاساس الاول فی الاستحقاق هو وجود الحاجة الفعلیة للحمایة الاجتماعیة([13]).
وفیما یخص موضوع اصابات العمل لم تکن لدى مؤسسة الضمان الاجتماعی أیة إمکانیة خاصة لرعایة ومعالجة المصابین فی ظل احکام القانون السابق، وکان مایجری عملیاً أن العامل المصاب یتولى رعایة ومعالجة نفسه من الاصابة، ویقتصر دور المؤسسة على دفع التکالیف.... لکن القانون الحالی أنتقل بالمؤسسة من وضع کانت به أشبه بشرکات التأمین الخاصة إلى وضع مؤسسة عامة للضمان الاجتماعی بعد أن قلب موضوع الضمان الاجتماعی ذاته من نظام محدود الى نظام عام([14]).
ومن الجدیر بالذکر أن قانون التقاعد و الضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 قد تم تعدیله لمرات عدیدة فی محاولة لمواکبة التغیرات و التطورات الحاصلة فی الواقع الاجتماعی و الاقتصادی للبلاد إلا أن الواقع الحالی یحتم اصدار تشریع جدید للضمان الاجتماعی فی العراق یأخذ بنظر الاعتبار التغییر الحاصل فی النشاط الاقتصادی والصناعی ومحاولة تنشیط القطاع الخاص وفتح مجال الاستثمار فی البلاد، علماً أن هنالک مشروع قانون جدید للضمان الاجتماعی مازال قابعاً فی ادراج البرلمان العراقی منذ الدورة البرلمانیة السابقة ولم یرى النور إلى یومنا هذا بالرغم من حاجة العراق إلى اصدار قانون جدید لأنصاف شریحة واسعة ومغبونة من ابناء الشعب العراقی.
المطلب الثانی
الفئات المشمولة بضمان اصابات العمل فی القوانین العراقیة
أن شمول العمال بضمان اصابات العمل یختلف بإختلاف القوانین التی نضمت الاحکام الخاصة به ففی قانون العمال رقم (72) لسنة 1936 الملغی حدد نطاق سریانه على العمال الذین یعملون لدى الحکومة وفی المشاریع الصناعیة الخاصة وقد حدد المقصود بالمشروع الصناعی بأنه یتناول مایلی:
" أ- مناجم المعادن ومقالع الاحجار والتنقیب عن الاثار القدیمة وأماکن استخراج المعادن والصناعة النفطیة وما یتفرع منها.
ب- المعامل التی تقوم بصنع المواد وتغییرها واصلاحها وتصفیتها وترمیمها وتزویقها وکبسها واتقانها مما یجعلها صالحة للبیع وکذلک المصانع التی تحول المواد من حالة إلى أخرى وتکسرها وتهدمها ویشمل ذلک بناء السفن وتولید القوة الکهربائیة أو أی نوع من أنواع القوة المحرکة وتحویلها من حالة إلى أخرى ونقلها.
ج- الأعمال الانشائیة من تجدید بناء أو صیانته أو ترمیمه أو تغییره أو هدمه وکذلک الأعمال المذکورة المتعلقة بالسکک الحدیدیة أو الترامویات أو الموانیء أو أحواض السفن أو أرصفة الموانیء أو الترع أو طرق الملاحة النهریة أو الطرق أو الجسور أو القناطر أو المجاری أو المخازن تحت الارض وسائر مشاریع الری الاخرى أو ترکیب التلفونات أو مشاریع الکهرباء أو الغاز أو الماء أو غیر ذلک من الأعمال التمهیدیة.
د- نقل الرکاب أو البضائع بالطرق البریة والجویة والنهریة والبحریة أو بالسکة الحدیدیة ویشمل هذا القاء البضائع باحواض السفن أو الارصفة أو الموانیء أو المستودعات.
هـ- أعمال المطابع وسوق المحرکات أو تدویرها بخاریة کانت أو آلیة "([15]).
وقد أستبعد من مفهوم المشروع الصناعی مجموعة من الأعمال أوردها القانون على سبیل الحصر وحددها بمایأتی:
" 1- الأعمال الطفیفة التی لایستمر العمل فیها أکثر من أسبوع.
2- الأعمال الزراعیة وتشمل أعمال الری والسداد والامور الاخرى المتعلقة بها.
3- المشاریع التی یستخدم فیها أعضاء أسرة صاحب المشروع فقط.
4- الأعمال الالزامیة التی یعود نفعها للمجموع کتطهیر الاقنیة وتعمیر السداد أثناء الطفیان ومکافحة الجراد على أن تکون هذه الأعمال مفروضة قانوناً "([16]).
وعلیه فان تقریر حق العمال فی الضمان من اصابات العمل والامراض المهنیة لم یطبق إلا بالنسبة للمشاریع الصناعیة التی شملها قانون العمال فحسب أی على فئة قلیلة من عمال البلاد فقط، کما أن هذا الضمان کان اختیاریاً ولیس اجباریاً مما یفسح المجال لتهرب اصحاب العمل من مسؤولیاتهم تجاه عمالهم بشمولهم بالضمان ومع ذلک نص القانون وبشکل صریح على شمول العمال الاجانب المجازین بممارسة العمل قانوناً فی العراق والذین یصابون من جراء عملهم فی العراق أن یطالبوا بالتعویض عما یلحق بهم من اضرار، وقد نص ایضاً على استحقاق کل من کان یعیلهم وان لم یکونوا مقیمین فی العراق ذلک التعویض عند الوفاة واشترط لتطبیق ذلک أن تکون الدولة التی یکون العامل من رعایاها مشترکة فی الاتفاقیة الدولیة رقم (19) لسنة 1925 المتعلقة بالمساواة فی المعاملة للعمال الوطنیین والاجانب بشأن تعویض العمال عن حوادث العمل([17]).
أما فیما یخص قانون العمل العراقی رقم (1) لسنة 1958 الملغی فإنه قد نص على سریان أحکامه على کافة العمال والمستخدمین الذین یشتغلون لدى الحکومة والدوائر شبه الرسمیة بأیة صفة کانت([18]). وبالتالی سیکونون مشمولین بضمان اصابات العمل والامراض المهنیة ثم عاد واستثنى من سریانه مجموعة من العمال وهم:
" أ- العمال أو المستخدمین فی الزراعة أو البستنة أو الغابات عدا المشتغلین منهم فی تشغیل الآلات الزراعیة المتحرکة بالقوة المیکانیکیة ((أـ و الذین یتقاضون أجوراً نقدیة)).
ب- خدم المنازل ومن کان فی حکمهم.
ج- أفراد أسرة رب العمل الذین یعولهم فعلاً.
د- العامل أو المستخدم فی بیته لحساب رب العمل دون أن یکون تحت إشرافه.
هـ- الاشخاص الذین یشتغلون فی محلات صناعیة لاتدار بالآت میکانیکیة وتستخدم عادة أقل من خمسة أشخاص.
و- الاشخاص الذین یشتغلون فی أعمال مؤقته أو عرضیة وتشمل هذه الاعمال التی تنجز فی سبیل اصلاح أو هدم أو تغییر ماهو موجود من أدوات إنتاج أو ممتلکات وما شابهها أو لغرض إضافة أو إقامة متممات لمحلات أو مشاریع أو أیة أعمال لاتدخل بطبیعتها فیما یزاوله رب العمل وکذلک الاعمال الموسمیة التی تتسم بالمواسم کمکابس التمور ومعامل الثلج وتنظیف الصوف وکبسه وغسله ونفشه بشرط أن تکون المدة المقتضیة لانجازها لاتزید على ستة أشهر إلا فیما یتعلق بالأحکام الواردة فی هذا القانون بشأن التعویض عن الاصابات أو الامراض المهنیة وساعات العمل وإستخدام الاحداث.
ز- الموظفین والمستخدمین من عسکریین ومدنیین حسب قوانین الخدمة الحکومیة.
ح- الاشخاص الذین تقتصر خدمتهم على حصة فی أرباح العمل أو نسبة مئویة من المبیعات أو العمل التجاری أو قیمة الانتاج أو بوسائل مماثلة أو بالحلوان على أن لاتقل هذه الاجرة عن الحد الادنى المقرر لامثالهم وفقاً لأحکام هذا القانون"([19]).
وعلیه ومن خلال النص السابق یتضح أن العمال والمستخدمین فی مجال الزراعة والعاملین فی تشغیل الآلات الزراعیة المتحرکة بالقوة المیکانیکیة أو من یتقاضى منهم أجوراً نقدیة مشمولون بأحکام قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 الملغی وبالتالی مشمولون بالضمان من اصابات العمل والامراض المهنیة، وکذلک العمال العرضیون والوقتیون والموسمیون الذین استثناهم القانون من سریانه ولکنه شملهم وبشکل صریح فی التعویض عن الاصابات والامراض المهنیة.
کما نص هذا القانون وبشکل صریح على "أن تسری أحکام هذا القانون فی التعویض من الاصابات والامراض المهنیة والتسممات على ربابنة البواخر والسفن وبحارتها وعمالها والذین یتدربون فیها والاشخاص العاملین اینما وجدت بشرط أن تکون سجلة فی العراق وفق القانون العراقی أو یملکها أو یدیرها أشخاص یقیمون فی العراق، عدا العاملین فی اسطول القوة النهریة والاسطول البحری العسکریین"([20]).
والحقیقة أنه لاحاجة لذکر هؤلاء بکونهم مشمولین بأحکام تعویض اصابات العمل بالنص الصریح وذلک لأنهم مشمولون بأحکام قانون العمل إذ لم یرد ذکر لأستثنائهم منها فیه([21]).
علماً أن هذا القانون قد نص على "عدم سریان أحکامه فی التعویض عن الاصابات والامراض المهنیة والتسممات بسبب العمل على رعایا الدول التی لم تبرم إتفاقیة منظمة العمل الدولیة الخاصة بمعاملة العمال أو المستخدمین الوطنین والاجانب بالتساوی فی تعویض الاصابات" ([22]) وهی الاتفاقیة رقم (19) لسنة 1925 وعلیه فإنه یسری على الاجانب من رعایا الدول التی صادقت على هذه الاتفاقیة. وعند صدور قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) لسنة1964 الملغی والذی کان یعتبر أول خطوة حقیقیة فی میدان التأمین الاجتماعی للعمال ضد اصابات العمل فقد نص على أن یکون الضمان الزامیاً لکل مستخدم وفق أحکام هذا القانون وقد استثنى مجموعة من الاشخاص ذکرهم کالآتی:
"أ- المشمولین من الموظفین والمستخدمین مدنیین وعسکریین بقوانین التقاعد الحکومیة أو صندوق التقاعد للدوائر والمؤسسات شبه الرسمیة وکذلک الموظفین والخبراء الاجانب الذین تستخدمهم الحکومة بدوائرها الرسمیة وشبه الرسمیة بموجب عقود استخدام.
ب- العاملین لدى أزواجهم أو آبائهم أو أمهاتهم أو أبنائهم أو بناتهم.
ج- المستخدمین فی الاعمال العرضیة أو الطارئة والاعمال المؤقتة أو الموسمیة إلا فیما یرد به نص خاص.
د- الرعایا الاجانب المقیمین فی العراق بسبب عملهم فی البعثات الدبلوماسیة أو الدولیة.
هـ- خدم المنازل ومن فی حکمهم.
و- العاملین فی الزراعة وتربیة المواشی والغابات عدا المستخدمین منهم لدى الحکومة فی دوائرها الرسمیة وشبه الرسمیة والمؤسسات التجاریة والصناعیة مع مراعاة الفقرة(أ) بالنسبة للمستخدمین لدى الحکومة.
ز- الاشخاص الذین یشتغلون فی بیوتهم لحساب صاحب العمل.
ح- المستخدمین المشمولین بقوانین أو أنظمة تقاعدیة تساهم الحکومة فی تمویل صنادیقها"([23]).
ومن الملاحظ أن قانون الضمان الاجتماعی هنا قد استثنى من نطاق شموله العمال العرضیون والموسمیون الذین شملهم قانون العمل رقم(1) لسنة1958 بضمان اصابات العمل ضمن الفصل السابع منه، کما أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) لسنة 1964 قد نص على استثناء عمال الزراعة وتربیة المواشی من أحکامه دون أن یمیز بین من یعمل فی تشغیل الآلات الزراعیة التی تعمل بالقوة المیکانیکیة ومن یعمل بیدیه مثلما فعل قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 والذی شمل من یعمل فی تشغیل الآلات ومن یتقاضى أجوره نقداً بأحکام قانون العمل ومن ثم بضمان اصابات العمل وقد کان الاجدر بالمشرع هنا أن یأخذ بهذا التمییز من أجل توسیع نطاق الضمان ضد اصابات العمل وخصوصاً أن من یستخدم الآلات المیکانیکیة فی الزراعة قد یتعرض للاصابة بنسبة کبیرة، علماً أن هذا القانون لم ینص على عدم شمول العمال الاجانب بالضمان إذا کانوا من رعایا الدول التی لم تصادق على اتفاقیة العمل الدولیة رقم (19) لسنة 1925 المتعلقة بالمساواة فی المعاملة للعمال الوطنیین والاجانب بشأن تعویض العمال عن حوادث العمل وعلیه فأنه یسری على جمیع العمال الاجانب حتى ولو لم تکن دولهم قد صادقت على الاتفاقیة المذکورة لعدم وجود نص یستثنیهم من الشمول.
ولقد نص هذا القانون على "الغاء قانون الضمان الاجتماعی رقم (27) لسنة 1956 وتعدیلاته والانظمة الصادرة بموجبه عند تنفیذه تنفیذاً کلیاً حسبما تقرره الانظمة الصادرة بموجب المادة الخامسة من هذا القانون"([24]).
وبالرجوع إلى نص المادة الخامسة نجد انها قد نصت على أن "یطبق الضمان الاجتماعی تدریجیاً وعلى مراحل بالنسبة لمختلف المناطق وفئات المستخدمین واصحاب الاعمال والمؤسسات والصناعات وکذلک بالنسبة لمختلف فروع الضمان وتعین بانظمة مراحل التطبیق"، وعلیه فإنه قد تم إلغاء نظام الخدمة المضمونة رقم (54) لسنة 1956 الصادر إستناداً إلى المادة الثانیة من قانون الضمان الاجتماعی رقم (27) لسنة 1956، فقد نص هذا النظام على أن الخدمة تعتبر مضمونه إذا کانت لدى أرباب العمل الذین یستخدمون ثلاثین مستخدماً فأکثر فی کل من الویة بغداد والبصرة والحلة وکرکوک والموصل فی الصناعات والاعمال والخدمات والمشاریع المحددة فی هذا النظام إلا أنه أعتبر الخدمة لدى الحکومة فی دوائرها ومؤسساتها الرسمیة وشبه الرسمیة مهما کان عدد المستخدمین فیها خدمة مضمونة وفی کافة انحاء العراق وکذلک العمل أو الخدمة فی صناعة النفط وکافة الخدمات المتفرعة منها أو القائمة بسببها أعتبرت خدمة مضمونة فی کافة أنحاء العراق([25]).
وذلک یعنی أن ضمان اصابات العمل وفقاً لهذا النظام کان یقتصر على العمال المتواجدین فی بعض المناطق من العراق باستثناء المستخدمین لدى الحکومة وفی قطاع النفط فإن خدمتهم مضمونة فی کافة أنحاء العراق.
واستناداً إلى المادة الخامسة من قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) لسنة 1964 فقد صدر نظام الخدمة المضمونة رقم (5) لسنة 1966 والذی نص أیضاً على شمول المستخدمین لدى أصحاب العمل الذین یستخدمون ثلاثین مستخدماً فأکثر بالضمان وفی الالویة الخمسة المذکورة سابقاً فی نظام الخدمة المضمونة الملغی ولکن تم تعدیل هذا النظام فی عام 1968 بالنظام رقم (6) لسنة 1968 والذی نص على شمول المستخدمین لدى اصحاب العمل الذین یستخدمون عشرین عامل فأکثر بالضمان الالزامی([26]). فی محاولة لشمول اکبر عدد من العمال بالضمان، وکذلک نص نظام الخدمة المضمونة رقم (5) لسنة 1966 على شمول المستخدمین لدى الحکومة فی دوائرها ومؤسساتها الرسمیة وشبه الرسمیة والمستخدمین لدى شرکات النفط وکذلک المستخدمین العراقیین لدى البعثات الدبلوماسیة والقنصلیة والدولیة والمنظمات الاقلیمیة بالضمان فی کافة أنحاء العراق ودون التقید بعدد معین([27]).
ومن الجدیر بالذکر أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) لسنة 1964 قد نص عى أن یبطل فی التاریخ المعین* مفعول أحکام الفصل السابع من قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 المعدل أو أیة تشریعات أخرى صادرة بمقتضاه فیما یتعلق بإلتزامات أصحاب العمل المشمولین بأحکام هذا القانون عن دفع التعویض عن اصابات العمل التی تقع بعد التاریخ المعین. أما الاصابات والامراض المهنیة التی نشأت قبل التاریخ المعین فتبقى مشمولة بأحکام الفصل السابع من قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 المعدل أو أیة تشریعات أخرى صدرت بموجبه([28]).
وعند صدور قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (112) لسنة 1969 فإنه قد نص على "سریان أحکامه بما فیها ضمان اصابات العمل على جمیع العاملین وکذلک المتدربین منهم"([29]) وعلیه فإنه قد شمل المتدربین لأول مرة بالضمان وهو أمر بالغ الأهمیة والضرورة إذا علمنا أن المتدربین معرضون أیضاً لاصابات العمل وقد کان المشرع موفقاً بشمولهم بالضمان.
ولقد استثنى هذا القانون من أحکامه مجموعة من الفئات مطابقة تماماً للفئات المستثناه فی أحکام قانون الضمان الاجتماعی رقم (140) لسنة1964 والتی ذکرناها سابقاً، ولکنه أضاف إلیها فئة أخرى وهم الرعایا الاجانب الذین یعملون لدى مؤسسات أجنبیة یقع مرکزها الرئیسی خارج العراق والمشمولین بنظام التقاعد والضمان الاجتماعی فی أوطانهم([30]).
وعند صدور قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال رقم (39) لسنة 1971 فقد نصت المادة الثالثة منه على أن "یعمل بهذا القانون من تاریخ صدوره إلا فیما یرد به نص قانونی خاص ویطبق على جمیع العمال المشمولین بأحکام قانون العمل رقم (151) لسنة 1970...." وبالرجوع إلى القانون الاخیر نجد أنه قد نص على أن "تسری أحکام هذا القانون على جمیع العمال فی الجمهوریة العراقیة إلا فیما یرد به نص قانونی خاص، وکل عامل تشمله أحکام هذا القانون یکون مشمولاً حکماً بقانون التقاعد والضمان الاجتماعی"([31]).
وذلک یعنی أن أحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی کانت تشمل آنذاک جمیع العمال وفی أنحاء العراق کافة، کما نصت المادة الثالثة أیضاً على أن "أ- یطبق هذا القانون من أول شهر نیسان لسنة 1971 على جمیع العمال المشمولین بأحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (112) لسنة 1969 المعدل. ب- یطبق على بقیة فئات العمال، تباعاً وعلى مراحل، بمراسیم جمهوریة تصدر بناءاً على إقتراح الوزیر وموافقة مجلس الادارة ویجب فی جمیع الحالات أن یغطی التطبیق الفعلی لهذا القانون جمیع العمال المشمولین بأحکامه، خلال مدة أقصاها خمس سنوات من تاریخ نفاذه"، وفیما یخص الفقرة (أ) وبالرجوع إلى قانون الضمان الاجتماعی رقم (112) لسنة 1969 الملغی نجد أنه قد نصت المادة (3/فقرة 1) على أن تسری أحکامه على جمیع العاملین وکذلک المتدربین منهم باستثناء مجموعة من الفئات سبق ذکرهم، ومن الجدیر بالذکر أن تطبیق قانون الضمان الاجتماعی على عمال القطاع الخاص کان یقتصر فی تاریخ نفاذ القانون رقم (39) لسنة 1971 على عمال المشاریع التی تستخدم عشرین عاملاً فأکثر وفقاً للمادة
(3/ فقرة 1 – أ) من نظام الخدمة المضمونة رقم (5) لسنة 1966 المعدل بالنظام رقم (6) لسنة 1968 أما عمال المشاریع الاخرى فی هذا القطاع والتی تستخدم عددا اقل من العمال فلم یکونوا خاضعین لأحکام قانون الضمان الاجتماعی النافذ ([32]).
وإستناداً إلى الفقرة (ب) من المادة الثالثة من قانون الضمان الاجتماعی النافذ والتی قضت بأن یطبق القانون على بقیة فئات العمال تباعاً وعلى مراحل وبمراسیم جمهوریة، فقد صدر تنفیذاً لهذا النص مرسومان جمهوریان تقرر بموجبهما تباعاً شمول عمال المشاریع التی تستخدم خمسة عشر عاملاً فأکثر([33]). ثم عشرة عمال فأکثر([34]). ثم تقرر سریان القانون على أصحاب العمل الذین یستخدمون خمسة عمال فأکثر بموجب المرسوم الجمهوری رقم (599) لسنة 1978 إلا أن هذا المرسوم قد أفتقد إلى الشرعیة فی صدوره وذلک لأن المدة القصوى التی حددها القانون لشمول جمیع العمال قد أنتهت فی 9/3/1976 وهو تاریخ إنقضاء خمس سنوات على نفاذ القانون إستناداً إلى نص المادة (3/فقرة ب) من هذا القانون، وحیث أن قرار مجلس قیادة الثورة المنحل ذی رقم (521) الصادر فی 27/4/1977 والقاضی بتمدید المدة المقررة فی المادة الثالثة من القانون، قرر أن تطبق أحکام القانون على العمال غیر المشمولین بناءاً على إقتراح وزیر العمل ومصادقة مجلس قیادة الثورة، لهذا أصدر مجلس قیادة الثورة المنحل قراره المرقم (1634)([35]). والذی قرر فیه المصادقة على المرسوم الجمهوری وإعتبار أحکامه نافذه إعتباراً من التاریخ المحدد لنفاذ المرسوم([36]).
وفی عام 1987 أصدر مجلس قیادة الثورة المنحل قراره ذی الرقم (150) والذی نص فیه على "اعتبار جمیع العمال فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی موظفین ویتساوون معهم فی الحقوق والواجبات کما نص على أن یقتصر سریان أحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 على عمال القطاع الخاص والمختلط والتعاونی"([37]), وهذا ما أکده القضاء العراقی حیث قضت محکمة التمییز العراقیة بأنه "لا تختص محکمة العمل فی نظر الدعاوى التی یقیمها العامل الذی یعمل فی داوائر الدولة والقطاع الاشتراکی والذی اصبح موظفاً بموجب الفقرة الأولى من قرار مجلس قیادة الثورة المرقم (150) والمؤرخ فی 19/3/1987 ([38]), وبالتالی فإن قرار تحویل العمال إلى موظفین فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی أیاً کانت مبررات صدوره لم یحقق الفائدة المرجوة للعمال بل على العکس ترتب علیه حرمانهم من الممیزات التی نص علیها کل من قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعی وخاصة تلک الاحکام المتعلقة باصابات العمل وأمراض المهنة، وما یؤکد ذلک أن المشرع العراقی أصدر قانون العجز الصحی للموظفین([39]) والمتعلق برعایة الموظفین عند تعرضهم لإصابة عمل أو مرض مهنی فی عام1999 أی بعد حوالی أثنی عشر عاماً من قرار تحویل العمال إلى موظفین([40]).
وعند صدور قانون العمل رقم (71) لسنة 1987م الملغی فإنه قد نص على سریان أحکامه على جمیع العمال فی القطاع الخاص والمختلط والتعاونی([41]) أی انه ضیق من نطاق شموله للعمال مستبعداً العمال فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی من أحکامه، إلا انه نص ولأول مرة على أن تتحمل دائرة العمل والضمان الاجتماعی دفع الاشتراکات المقررة فی قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال فی حالة اصابة المتدرب لدیها أو وفاته أثناء التدریب أو بسببه عن فترة تدریبه وتطبق بحق المتدرب أحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال([42]).
وقد نص هذا القانون أیضاً على الزام صاحب العمل بتعویض العامل الحدث الذی تم تشغیله بخلاف أحکام قانون العمل لأنه أصغر من السن القانونی المسموح به لتشغیل الاحداث وهو خمسة عشرة عاماً([43]) فی حالة اصابته أثناء العمل أو من جرائه بصرف النظر عن توفر رکن الخطأ([44]).
ومن الجدیر بالذکر أن قانون العمل رقم (71) لسنة 1987 الملغی لم یتضمن نصاً مماثلاً لما ورد فی قانون العمل رقم (151) لسنة 1970 الملغی یقضی بأن العمال المشمولین بقانون العمل مشمولون حکماً بقانون التقاعد والضمان الاجتماعی، وبالتالی بقی قانون الضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 النافذ یسری على العمال الذین یعملون لدى أصحاب العمل الذین یشغلون خمسة عمال فأکثر فی کل من القطاع الخاص والمختلط والتعاونی إلى أن صدر قرار مجلس قیادة الثورة المنحل والمرقم (209) لعام 2000 والقاضی بشمول عمال مشاریع العمل التی تشمل ثلاثة عمال فأکثر بالضمان الاجتماعی([45]) مما أدى إلى اتساع نطاق العمال المشمولین بأحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 النافذ.
وتأکیداً لذلک قضت محکمة التمییز العراقیة " بأن الممیز علیه کان یستخدم عاملاً واحداً فی محله ولیس أربعة عمال لذا فهو غیر مشمول بقرار مجلس قیادة الثورة المرقم 209 لسنة 2000...." ([46]).
وفی عام 2007 صدر القانون رقم (21) لتعدیل قانون التقاعد والضمان الاجتماعی النافذ حیث نص على الغاء المادة الثالثة من قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 ویحل محلها مایلی: " تسری أحکام هذا القانون على العمال المشمولین بأحکام قانون العمل رقم (71) لسنة 1987، کما نص على الغاء قرار مجلس قیادة الثورة المنحل رقم (209) فی 5/12/ 2000" ([47]).
ویأتی ذلک من أجل شمول العاملین لدى کل من القطاع الخاص والمختلط والتعاونی بأحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی النافذ بغض النظر عن عددهم وعدم حرمانهم من مزایاه، وذلک لأن قانون العمل العراقی رقم (71) لسنة1987 الملغی قد نص على "أن تسری أحکامه على المشاریع وأماکن العمل التی تستخدم عاملاً واحداً فأکثر"([48]).
وبالتالی فقد أصبحت أحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 النافذ بما فیها أحکام ضمان اصابات العمل تسری على جمیع العمال والمتدربین العاملین فی کل من القطاع الخاص والمختلط والتعاونی حتى ولو کان المشروع یعمل فیه عامل واحد فقط، علماً أن العامل العربی کان فی السابق شأنه شأن العامل العراقی من حیث المشمولین بأحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی النافذ وذلک إستناداً إلى ما نص علیه قانون العمل العراقی رقم (71) لسنة1987 الملغی بأن "یعامل العامل العربی الذی یعمل فی العراق معاملة العامل العراقی فی الحقوق والواجبات المقررة فی هذا القانون"([49]).
اما فیما یخص العامل الاجنبی فلم ینص أی من قانون العمل العراقی الملغی أو قانون التقاعد والضمان الاجتماعی النافذ على شمولهم بأحکام ضمان اصابات العمل وکذلک التعلیمات رقم (18) لسنة 1987 المعدلة والخاصة بممارسة الاجانب العمل فی العراق، فإنها لم تنص على شمولهم بأحکام اصابات العمل إلا أن العراق بأعتباره من الدول التی صادقت على اتفاقیة العمل الدولیة رقم (19) لسنة 1925 المتعلقة بالمساواة فی المعاملة للعمال الوطنیین والاجانب بشأن تعویض العمال عن حوادث العمل فإنه فی حالة تعرض أی من العمال الاجانب العاملین فی العراق لاصابة عمل فإنه یخضع لأحکام ضمان اصابات العمل الواردة فی قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 النافذ وذلک بالاستناد إلى ما نص علیه قانون العمل الملغی بأنه عند عدم وجود نص فی هذا القانون تطبق أحکام القوانین الاخرى وأحکام اتفاقیات العمل العربیة والدولیة المصادق علیها قانوناً([50]).
ولقد نص قانون العمل لسنة 1987 الملغی على أن تطبق الاحکام الخاصة باصابات العمل المنصوص علیها فی قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال على غیر المضمونین وان تتولى دائرة العمل والضمان الاجتماعی تنفیذ ذلک وأن على صاحب العمل ان یدفع إلى دائرة العمل والضمان الاجتماعی تعویضاً عن التزاماتها تجاه العامل غیر المضمون وفق مایأتی:
1- 50% من أجر العامل الیومی أو الشهری لمدة سنة واحدة إذا سبب الاصابة للعامل عجزاً جزئیاً.
2- 100% من أجر العامل الیومی أو الشهری لمدة سنة واحدة إذا نتج عن الاصابة عجز کلی أو أدت إلى الوفاة، کما نص هذا القانون أیضاً على أن یعاقب بغرامة مالیة لاتقل عن 3000 ولاتزید عن 30000 وبالحبس مدة لاتقل عن شهر واحد ولاتزید عن ستة أشهر کل من یخالف الاحکام المتعلقة باحتیاطات العمل بما فیها النص السابق([51]).
ویأتی ذلک فی سبیل الزام اصحاب العمل على تسجیل عمالهم فی دائرة الضمان الاجتماعی والا سیدفعون تعویظات إلى دائرة الضمان فی حالة اصابة أی من عمالهم کما أنهم سیعاقبون بغرامة مالیة أو بالحبس.
کما ینبغی الاشارة إلى أن المشرع العراقی اصدر فی عام 2006 قانونن وزارة العمل والشؤون الاجتماعیة ذی الرقم (8) لسنة 2006([52]) والذی نصت المادة (16) منه على أن (یلغی قانون العمل والشؤون الاجتماعیة رقم (29) لسنة 1987 وقرار مجلس قیادة الثورة المنحل رقم (551) لسنة 1987 والمرسومین الجمهوریین المرقمین (201) لسنة 1987 و (1364)لسنة 1989 وتبقى الانظمة والتعلیمات الصادرة بموجبها نافذة فیما لایتعارض وأحکام هذا القانون إلى حین صدور مایحل محلها أو یلغیها).
علماً أنه لایوجد فی العراق قانون بإسم قانون العمل والشؤون الاجتماعیة ذی الرقم (29) لسنة1987 وإنما هنالک قانون العمل رقم (71) لسنة 1987 المعدل.
وإذا کان هناک خطأ مطبعیاً فی رقم القانون فإن هنالک خطأ فی اسم القانون أیضاً، وفیما یخص الغاء قرار مجلس قیادة الثورة المنحل ذی الرقم (551) لسنة 1987 فلم نجد ضمن قاعدة التشریعات العراقیة قراراً یحمل هذا الرقم وإذا کان المقصود به هو القرار رقم (150) لسنة 1987 والخاص بتحویل العمال فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی إلى موظفین فإن ذلک یعنی أن العمال فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی سیسری علیهم قانون التقاعد والضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة 1971 المعدل منذ تاریخ نشر هذا القانون فی الجریدة الرسمیة أی منذ عام 2006 ولکن هذه الاخطاء وعدم الوضوح تؤدی إلى الفوضى وعدم معرفة المقصود من نص المادة (16)، کما أن هذه المادة قد نصت أیضاً على بقاء الانظمة والتعلیمات الصادرة بموجب قانون العمل وقرارات مجلس قیادة الثورة المنحل والمراسیم الجمهوریة الملغاة نافذه إلى حین صدور مایحل محلها أو یلغیها، وقد صدر قانون العمل الجدید فی عام2015م أی بعد مرور تسع سنوات على صدور هذا القانون، علماً أن قانون وزارة العمل والشؤون الاجتماعیة ذی الرقم (8) لسنة2006 قد شرع من أجل تأسیس هیکلیة جدیدة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعیة واستغلال الطاقات المادیة والبشریة وإعادة تشکیل مجلس الوزارة وتنظیم العمل بما یؤمن تحسین الخدمات ورفع کفاءة الاداء([53]) فلم یکن من المناسب أن یتضمن نصاً یلغی قانون العمل وقرار مجلس قیادة الثورة المنحل على هذا النحو، وإنما کان من الافضل اصدار قانون مستقل ینص على الغاء قانون العمل النافذ وقرار مجلس قیادة الثورة المنحل وأن یصاغ بشکل صحیح وواضح وأن یکون خالیاً من الاخطاء والعیوب من قبل لجنة قانونیة متخصصة وذات خبرة فی مجال التشریع وأن یتم تشریع قانون عمل جدید بعد مدة قصیرة لکی لانکون أمام فراغ تشریعی أو غموض وتخبط فی معرفة القانون الواجب التطبیق لمدة طویلة.
وعند صدور قانون العمل العراقی الجدید رقم (37) لسنة 2015 ([54]), فإنه لم یتضمن نصاً یقضی بأن العمال المشمولین بقانون العمل مشمولین حکماً بقانون التقاعد والضمان الاجتماعی، کما أنه لم یتم تعدیل قانون الضمان الاجتماعی رقم (39) لسنة1971م النافذ لینص على أن تسری أحکام قانون الضمان على العمال المشمولین بأحکام قانون العمل الجدید وهذا یعد قصوراً قانونیاً کان من المفترض أن یتم تدارکه، لأن العمال الخاضعین لقانون العمل الجدید سیکونون فی هذه الحالة غیر خاضعین لقانون الضمان الاجتماعی.
ومن حیث سریان أحکام قانون العمل الجدید فقد نصت المادة (3) منه على أنه: "أولاً: تسری أحکام هذا القانون على جمیع العمال فی جمهوریة العراق أو من هم بحکمهم ما لم ینص البند (ثانیاً) من هذه المادة على خلاف ذلک. ثانیاً: لاتسری أحکام هذا القانون على : أ- الموظفین العمومیین المعینین وفق قانون الخدمة المدنیة أو نص قانونی خاص. ب- أفراد القوات المسلحة ومنتسبی الشرطة والامن الداخلی". وذلک یعنی ان قانون العمل الجدید یقتصر سریانه أیضاً على القطاع الخاص والمختلط والتعاونی فقط.
وفیما یخص شمول العمال بضمان اصابات العمل فقد نص قانون العمل الجدید على أن تکون دائرة التدریب مسؤولة عن دفع الاشتراکات المقررة فی قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال خلال فترة التدریب على أساس الحد الادنى للأجرة، فی حالة اصابة المتدرب أو وفاته أثناء التدریب أو بسببه وتطبق بحق المتدرب أحکام قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال وهو نص مماثل لما جاء فی قانون العمل السابق إلا أن المشرع العراقی قد أضاف فقرة جدیدة ومهمة جداً تتعلق بالزام مراکز التدریب المهنی على التقید بشروط الصحة والسلامة المهنیة وأخضاع المتدرب للفحص الطبی قبل المباشرة بالتدریب([55]) وهذا یعد خطوة مهمة فی سبیل الوقایة من اصابات العمل والامراض المهنیة.
کما نص القانون الجدید أیضاً على الزام صاحب العمل بدفع أجور العامل الحدث الذی لایجوز تشغیله لأن سنه أقل من السن القانونی للتشغیل وهو خمسة عشر عاماً وأن یقوم بتعویضه فی حال اصابته أثناء العمل أو من جرائه بصرف النظر عن توفر رکن الخطأ([56]).
کما نصت المادة(124)على أن تطبق الاحکام الخاصة باصابات العمل المنصوص علیها فی قانون التقاعد والضمان الاجتماعی للعمال على العمال غیر المضمونین وأن تتولى دائرة الضمان تنفیذ ذلک وأن على صاحب العمل ان یدفع تعویضاً إلى دائرة الضمان مماثلاً لما ورد فی قانون العمل السابق. ولقد نص القانون الجدید على معاقبة کل من یخالف الاحکام المتعلقة باحتیاطات العمل بغرامة لاتقل من (500000)خمسمائة ألف دینار ولاتزید عن (1000000)ملیون دینار أو بالحبس مدة لاتقل عن شهر واحد ولاتزید على ستة أشهر([57]) من أجل الزام اصحاب العمل بالالتزام الصحة والسلامة المهنیة فی أماکن العمل.
ومن الجدیر بالذکر أن قانون العمل الجدید لم ینص على أن یعامل العامل العربی معاملة العامل العراقی فی الحقوق والواجبات کما أن القانون الجدید قد عرف العامل الاجنبی بأنه: "کل شخص طبیعی لایحمل الجنسیة العراقیة یعمل أو یرغب بالعمل فی العراق بصفة عامل بخلاف عمل لایکون لحسابه الخاص"([58]). ویبدو ان هذا التعریف شمل العامل الاجنبی وکذلک العربی لان کلیهما لایحمل الجنسیة العراقیة وبالتالی فان العامل العربی سیطبق بشأنه التعلیمات الخاصة بتشغیل الاجانب رقم(18)لسنة1987 وبالرجوع إلى هذه التعلیمات نجد أن المادة(1/أولاً) قدعرفت الاجنبی بأنه" کل شخص لایحمل الجنسیة العراقیة أو جنسیةأحدالاقطار العربیةویرغب العمل فی العراق بصفة عامل فی القطاع الخاص والمختلط والتعاونی" وذلک یعنی خروج العامل العربی من نطاق هذه التعلیمات وهذا تناقض بین نص القانون و التعلیمات التی لازال العمل بها حتى یومنا هذا مما یستوجب اصدار تعلیمات جدیدة بخصوص تشغیل العمال العرب والاجانب لتواکب الوضع الراهن وحالة اکتساح العمالة الاجنبیة والعربیة لمیادین العمل فی العراق.
وفی هذه الحالة وأمام هذا القصور بعدم وجود نص فی التشریع العراقی یتعلق بتشغیل العمال العرب وأمام خلو کل من قانون العمل الجدید وتعلیمات تشغیل الاجانب من أی نص یتعلق بشمول العمال الاجانب وکذلک العرب بالضمان فإنه سیصار إلى الأخذ بالإتفاقیات العربیة والدولیة ذات الصلة والمصادق علیها من قبل العراق عند تعرضهم لاصابات العمل وقد کان الاجدر بالمشرع العراقی أن ینص بشکل واضح وصریح على شمول العمال العرب والاجانب باحکام قانون الضمان الاجتماعی بشکل عام وباحکام ضمان اصابات العمل بشکل خاص لتلافی هذا النقص التشریعی فیما یخص الفئات المشمولة باحکام هذا القانون.
المبحث الثانی
ضمان اصابات العمل والفئات المشمولة به
فی قوانین المملکة الادرنیة الهاشمیة
للحدیث عن التطور التاریخی لضمان اصابات العمل فی المملکة الاردنیة الهاشمیة والفئات المشمولة بهذا الضمان فإن ذلک یتطلب تقسیم هذا المبحث إلى المطلبین الآتیین:
المطلب الأول: ضمان اصابات العمل فی قوانین المملکة الاردنیة الهاشمیة.
المطلب الثانی: الفئات المشمولة بضمان اصابات العمل فی قوانین المملکة الاردنیة الهاشمیة.
المطلب الأول
ضمان اصابات العمل فی قوانین المملکة الاردنیة الهاشمیة
لقد مر التشریع العمالی فی المملکة الاردنیة الهاشمیة بعدة مراحل ابتداءاً من فترة السیطرة العثمانیة وإلى یومنا هذا ففی عهد امارة شرق الاردن لم یکن هنالک تشریعات عمالیة نافذة المفعول سوى تشریعین فقط صدرا فی عهد الدولة العثمانیة عام1909 وهما قانون الجمعیات وقانون الاضراب وعلى الرغم من نفاذ هذین القانونین إلا أنه لم یکن لهما أی دور یذکر لعدم وجود صناعات مهمة فی ذلک الحین، أما بالنسبة إلى عقود العمل الفردیة فقد کانت خاضعة لأحکام اجارة الاشخاص الواردة فی مجلة الأحکام العدلیة التی أصدرتها الدولة العثمانیة آنذاک.
فلم یکن فی تلک المرحلة أی تنظیم قانونی لاصابات العمل التی یمکن أن یتعرض لها العمال فی أثناء عملهم فی امارة شرق الاردن.
أما فی فلسطین فقد قامت حکومة الانتداب البرطانی بسن قانونین الاول خاص بتعویض العمال سنة1927 والثانی خاص بنقابات العمال سنة 1947 وهذین القانونین قد حلا محل قانونی الدولة العثمانیة (الاضراب والجمعیات)([59]).
ویبدو من خلال ماسبق أنه قد کان هنالک أزدواجیة فی القوانین التی تنظم علاقات العمل فی ضفتی المملکة الاردنیة الهاشمیة، فقد کان تطبیق القوانین التی اصدرتها حکومة الانتداب یقتصر على الضفة الغربیة أی فلسطین بینما کانت القوانین العثمانیة هی المطبقة فی الضفة الشرقیة ولانهاء هذه الازدواجیة تم اصدار قانون نقابات العمال رقم (35) لسنة 1953 ثم صدر بعده قانون تعویض العمال رقم (17) لسنة 1955 وهما أول القوانین الاردنیة فی مجال العمل وبموجبهما الغیت القوانین العثمانیة والبرطانیة السابقة الذکر.
وما یهمنا هنا هو قانون تعویض العمال رقم (17) لسنة1955 الذی نظم شؤون التعویض عن اصابات العمل وامراض المهنة والتی اطلق علیها تعبیر (الامراض الصناعیة)، وقد الغى هذا القانون قانون تعویض العمال الفلسطینی وأی تشریع اردنی أو فلسطینی آخر إلى المدى الذی تتخالف فیه أحکامه مع ماجاء فی هذا القانون، وقد تضمن هذا القانون تحدید المقصود بالعامل وصاحب العمل والمعمل کما نص القانون على استحقاق العامل للتعویض عند اصابته بحادث ناجم عن عمله وعند توفر شروط معینة، وقد بین التعویضات المقررة للعامل المصاب بموجب أحکام هذا القانون وحالة الحرمان من التعویض، کما تضمن عدداً من الأحکام الخاصة باصابة العامل بالأمراض الصناعیة حیث الحق به جدولاً بالأمراض الصناعیة التی یحق طلب التعویض عن الاصابة بها وعددها عشرون مرضاً، علماً أن نطاق تطبیق هذا القانون کنا ضیقاً ومحدوداً جداً([60]).
ویعد هذا القانون هو بدایة التنظیم القانونی لضمان اصابات العمل فی المملکة الاردنیة الهاشمیة بأکملها حیث أنه طبق فی الضفتین الغربیة والشرقیة وقد أستمر العمل به إلى حین صدور قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة 1960.
إذ یعد قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة 1960([61]) أول قانون عمل اردنی موحد ینظم العلاقة التی تربط العامل بصاحب العمل وقد أفرد المشرع فی هذا القانون فصلاً خاصاً وهو الفصل الثانی عشر لیتضمن الأحکام بضمان اصابات العمل موضحاً فیه مسؤولیات صاحب العمل تجاه العامل فی حالة تعرضه لأصابة عمل ومقدار التعویض عن تلک الاصابة وما یمتاز به هذا التعویض إضافة إلى بیان الحالات التی یحرم فیها العامل من حقه فی التعویض، وقد الحق بهذا الفصل قائمة بالأمراض الصناعیة التی یترتب دفع تعویض عند الاصابة بأحداها وقائمة أخرى بالأضرار الجسمانیة التی ینشأ منها عجز جزئی دائم بالإضافة إلى جدول بین توزیع التعویض الواجب دفعه إلى أفراد عائلة العامل المتوفی.
ولکن یلاحظ أن القانون رقم (21) لسنة 1960 بالرغم من أن تنظیمه جاء شاملاً لأغلب موضوعات العمل وخاصة اصابات العمل إلا أن التطبیق العملی لهذا القانون قد أظهر بعض الثغرات أو التحایلات الأمر الذی جعل المشرع الاردنی یصدر بعض التشریعات المعدلة له سداً لهذه الثغرات، وتماشیاً مع التطور الاقتصادی والاجتماعی الذی شهدته المملکة ولقد تم إجراء أربعة عشر تعدیلاً لهذا القانون منذ تاریخ اصداره وإلى أن تم الغائه بصدور قانون العمل رقم (8) لسنة1996([62]).
وینبغی الاشارة إلى أنه فی عام 1978 صدر أول قانون للضمان الاجتماعی فی المملکة الاردنیة الهاشمیة بتاریخ 16/10/1978 والذی سمی بقانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم(30)لسنة1978([63]) ای بعد اکثر من عشرین عاما على صدور اول قانون ضمان اجتماعی فی العراق وقد تم بموجب هذا القانون إنشاء المؤسسة العامة للضمان الاجتماعی الاردنیة وبدأت المؤسسة فی بدایة عام 1979بإعداد کوادرها وخططها للبدء فی تطبیق أحکام هذا القانون حیث بدأ التطبیق الفعلی له بتاریخ 1/1/1980([64]).
ولقد جاء هذا القانون لیعطی المؤمن علیهم فی ظله حمایة إجتماعیة وإقتصادیة أکبر من تلک التی کانت موجودة فی ظل أی تشریع آخر، ولتحقیق هذه الحمایة فقد أشتمل على أنواع متعددة من التأمینات التی یتمتع بها المؤمن علیهم المشمولین بمظلة الضمان الاجتماعی، فقد نصت الفقرة الاولى من المادة الثالثة من قانون الضمان الاجتماعی لسنة 1978 على أن یشتمل هذا القانون على التأمین ضد اصابات العمل وأمراض المهنة والتأمین ضد الشیخوخة والعجز والوفاة والتأمین ضد العجز المؤقت بسبب المرض والامومة والتأمین الصحی والمنح العائلیة والتأمین ضد البطالة.
إذ أفرد هذا القانون الفصل الرابع منه للأحکام الخاصة بضمان اصابات العمل وقد الحق به قائمتین الاولى خاصة بالأمراض الصناعیة التی یترتب علیها التعویض عند الاصابة بها أما القائمة الثانیة فأنها خاصة بالاصابات وتقدیر نسب العجز الذ ی ینشأ عنها، وقد أعتمد هذا القانون على أسلوب الاشتراکات الشهریة التی یؤدیها صاحب العمل فی تمویل ضمان اصابات العمل، وقد وسع هذا القانون من نطاق العمال المشمولین بالضمان، کما أنه جعل التأمین فی المؤسسة العامة للضمان الاجتماعی یکون الزامیاً على العمال الذین نص القانون على شمولهم بالضمان الاجتماعی.
ومن الجدیر بالذکر أن الأحکام الخاصة بضمان اصابات العمل والواردة فی قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة1960 أستمر العمل بها إلى حین صدور قانون الضمان الاجتماعی رقم (30) لسنة1978 والذی أصبح نافذاً فی عام 1980 أی لمدة عشرین عاماً وعند صدور قانون الضمان الاجتماعی لسنة1978 لم ینص على الغاء تلک الأحکام الخاصة باصابات العمل والواردة فی قانون العمل المذکور، وبالتالی فإن تلک الأحکام تسری على العمال غیر المشمولین بقانون الضمان الاجتماعی لسنة1978 وأن لم یتم تعدیل قانون العمل وتضمینه نصاً صریحاً بذلک بخلاف قانون العمل الاردنی رقم (8) لسنة 1996([65])حیث نصت المادة (86)منه على أن تطبق الأحکام المتعلقة باصابات العمل وأمراض المهنة الواردة فی هذا القانون على العمال الذین لاتسری علیهم أحکام قانون الضمان الاجتماعی المعمول به، وعلیه فإن مسؤولیة صاحب العمل غیر التعویض عن اصابات العمل تتوقف على مدى خضوع أو عدم خضوع المؤسسة التی یعمل فیها العامل لأحکام قانون الضمان الاجتماعی وفی حالة عدم خضوع العامل لأحکام قانون الضمان الاجتماعی تکون مسؤولیة صاحب العمل بالتعویض عن اصابات العمل وفق أحکام قانون العمل النافذ([66]).
ومن الجدیر بالذکر أن الأحکام الواردة فی الفصل العاشر من قانون العمل الأردنى رقم(8) لسنة 1996 والخاصة باصابات العمل وأمراض المهنة قد کانت مقتصرة على مسؤولیة صاحب العمل عن اصابات العمل والتعویض عنها وکیفیة المطالبة بالتعویض ومدته ونطاق الشمول بهذا الضمان وبعض الأحکام الأخرى کما الحق به جدولین أحدهما بالأمراض المهنیة والآخر یتعلق بنسب العجز ومن الملاحظ أن هذا القانون هو القانون النافذ حالیاً وأن أجریت علیه العدید من التعدیلات کان آخرها فی عام 2010.
أما فیما یخص قانون الضمان الاجتماعی ففی عام 2001 صدر قانون الضمان الأجتماعی المؤقت رقم (19) لسنة2001([67]) والذی الغى قانون الضمان السابق رقم (30) لسنة 1978 وقد جاءت أحکامه مشابهة لتلک الواردة فی القانون السابق فقد خصص الفصل الرابع منه لضمان اصابات العمل وأمراض المهنة والذی تضمن أسالیب تمویل ضمان اصابات العمل والخدمات المقدمة للعامل المصاب بمقتضى هذا التأمین وما یستحقه العامل المصاب من تعویضات کما الحق به أیضاً جدولین مماثلین لما الحق بالقانون الملغی مع بعض التوسع فی أنواع الأمراض المهنیة کما تمیز هذا القانون بزیادة المزایا التی یحصل علیها العامل المصاب عن تلک الواردة فی القانون السابق.
ومع ذلک فقد کانت هناک عدة مبررات أستوجبت تعدیل قانون الضمان رقم (19) لسنة2001 بعضها یتصل بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعی وبعضها یتصل بالفئات المشمولة تحت مظلة هذا التشریع ومنها مایتعلق بوجود ثغرات فی هذا القانون([68]) ولقد تم تعدیله عدة مرات کان آخرها بصدور القانون المؤقت رقم (26) لسنة 2009([69]). لیتم الغاءه بعد ذلک بموجب المادة (108)من قانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم (7)لسنة 2010([70]), والتی نصت على أن " یلغى قانون الضمان الاجتماعی رقم (19) لسنة 2001 والجداول الملحقة به وما طرأ علیه من تعدیل....".
ومن الملاحظ أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (7) لسنة 2010 قد تضمن زیادة فی الامتیازات والحقوق المقررة للعامل المصاب عن تلک الواردة فی قانون الضمان رقم (19) لسنة2001 الملغی وقد نص ولأول مرة على إمکانیة زیادة نسبة اشتراکات اصابات العمل فی حین أن القانون رقم (19) لسنة2001 قد نص فقط على امکانیة تخفیض هذه الاشتراکات، وقد تضمن هذا القانون أیضاً تعاریف أکثر عن تلک الواردة فی قانون 2001 الملغی کما احتوى هذا القانون ولأول مرة على خمسة جداول ملحقة تضمن الجدول الأول منها قائمة بالأمراض المهنیة أما الثانی فقد تعلق باصابات العمل مع ملاحظات هامة تتعلق بهذین الجدولین فی حین تضمن الجدول الرابع بیان للانصبة المستحقة فی الراتب أو التعویض مع ملاحظات خاصة بکیفیة الرجوع إلى هذا الجدول أما الجدولین المتبقین فقد کانا یتعلقان بالرواتب التقاعدیة وهی لیست محل لدراستنا.
ولکن ینبغی الاشارة إلى أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (7) لسنة 2010 قد استخدم مصطلح المنشآة فی نصوصه ومن ضمنها النصوص الخاصة بضمان اصابات العمل وقد وضع المقصود بالمنشأة بأنها "أی وزارة أو دائرة حکومیة أو هیئة أو مؤسسة رسمیة أو عامة أو أی شرکة أو مؤسسة أو جمعیة أو أی شخص طبیعی أو اعتباری یستخدم عاملاً أو أکثر من الاشخاص الخاضعین لأحکام هذا القانون أو أی شخص طبیعی یعمل لحسابه الخاص أو أی جهة أخرى تحددها التعلیمات التنفیذیة"([71]).
ومن الملاحظ أن هذا المصطلح قد جاء واسعاً ومبهماً وغیر دقیق وفیه خلط وتداخل فی المضمون فقد ورد فیه أنه یشمل أی شرکة أو مؤسسة أو جمیعة أو أی شخص طبیعی أو اعتباری یستخدم عاملاً أو أکثر من الاشخاص الخاضعین لأحکام هذا القانون وهو تعریف لصاحب العمل والوارد ضمن هذا القانون أیضاً، والذی یمکن أن یکون شرکة أو مؤسسة أو جمعیة مما یعنی وقوع المشرع فی تکرار لامبرر له، کما ذکر فی التعریف أیضاً بأنه أی شخص طبیعی یعمل لحسابه الخاص وهذا یعنی حصول تناقض عند تطبیق النصوص الخاصة بضمان اصابات العمل فلا یمکن فی هذه الحالة تطبیق الأحکام الخاصة بالتزامات المنشأة تجاه العامل المصاب لأنه لیس لدیه عمال وأن کان لدیه فسیکون هنالک تکرار آخر لأنه وارد ضمن تعریف صاحب العمل بأنه کل شخص طبیعی أو معنوی وقد کان من الأفضل للمشرع الاردنی الابقاء على مصطلح صاحب العمل والوارد ضمن هذا القانون مع إمکانیة التوسع فی مضمونه لیشمل القطاعین العام و الخاص، لأنه أکثر دقة ووضوح وخاصة عند تطبیق الأحکام المتعلقة بضمان اصابات العمل.
ومع ذلک فقد أبقى المشرع الاردنی على مصطلح المنشأة بالمفهوم ذاته فی قانون الضمان الاجتماعی رقم (1) لسنة 2014([72]). مع کل الثغرات والتناقضات التی تضمنها هذا المصطلح والتی أشرنا إلیها سابقاً، وهو ما کان یجب أن یتجاوزه المشرع الاردنی عند اصداره القانون الأخیر باستخدام مصطلح صاحب العمل تجنباً لأی خلط أو غموض.
کما یبنغی الاشارة إلى أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (1) لسنة2014 قد أختلف فی تحدید المقصود ببعض المصطلحات الواردة فی المادة الثانیة منه عما کانت علیه فی القانون السابق ومن أهم تلک المصطلحات هو تعریف اصابة العمل وکذلک تعریف راتب الاعتلال، کما أن المشرع الاردنی قد بین أن مصطلح رئیس المجلس الوارد فی هذا القانون یقصد به الوزیر وهو أمر غریب لانه غالباً مایذکر أن المقصود بالوزیر هو وزیر العمل أو الوزیر المختص کما لم یحدد هذا القانون أی مجلس یکون رئیسه هو الوزیر، وقد تضمن هذا القانون أیضاً ولأول مرة فی التشریع الاردنی تعریف المهن الخطرة والتی عرفها بأنها "المهن التی تؤدی إلى الاضرار بصحة أو حیاة المؤمن علیه نتیجة تعرضه لعوامل أو ظروف خطرة فی بیئة العمل على الرغم من تطبیق شروط ومعاییر السلامة و الصحة المهنیة وتحدد بنظام یصدر لهذه الغایة".
کما أن الأحکام الخاصة بضمان اصابات العمل والواردة ضمن القانون الجدید قد تضمنت العدید من الاختلافات عن تلک الواردة فی قانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم (7) لسنة 2010 منها الأحکام الخاصة بإجراءات الابلاغ و العلاج الطبی والبدل الیومی والفحص الطبی والاعتراض على قرارات اللجان الطبیة وغیرها، کما أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (1) لسنة 2014 قد زاد مبلغ الغرامات المفروضة على المنشأت المتهربة من تسجیل العمال المشمولین بالضمان لدى الجهات الرسمیة فی خطوة مهمة لإرغام أصحاب العمل أو المنشأت کما یسمیها القانون الاردنی على عدم التهرب من مسؤولیتها فی تسجیل العمال المشمولین فی مؤسسة الضمان الاجتماعی، علماً أن قانون الضمان الاجتماعی الجدید قد زاد من حقوق وضمانات العامل المصاب بالمقارنة مع القوانین السابقة.
ومن الجدیر بالذکر أن قانون الضمان الاجتماعی رقم (1) لسنة 2014 قد نص فی المادة (107) على أن " یلغى قانون الضمان الاجتماعی رقم (19) لسنة 2001 والجداول الملحقة به وما طرأ علیه من تعدیل...." أی أنه نص على الغاء قانون قد تم الغاءه سابقاً بموجب المادة (108) من قانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم (7) لسنة2010 المذکورة سابقاً، وقد کان على المشرع أن ینص على الغاء قانون الضمان لسنة 2010 بشکل صریح حیث نص القانون الجدید على أن " یعاد إحتساب رواتب التقاعد التی تم تخصیصها وفقاً لأحکام قانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم (7) لسنة2010 بما فی ذلک اصابات العمل التی أدت إلى وفاة العامل..."([73]).
أما فیما یخص الجداول الملحقة بالقانون رقم (1) لسنة2014 فقد زادت لتصبح سبعة جداول بدلاً من الجداول الخمسة الملحقة بقانون الضمان المؤقت لسنة 2010 علماً أن الجدول الخاص بالأمراض المهنیة قد زاد عدد الامراض المهنیة الواردة فیه لیبلغ(58) مرضاً بدلاً من (30) مرضاً المذکورة ضمن الجدول الملحق بالقانون رقم (7) لسنة2010، أما بقیة الجداول فلم تختلف فی مضمونها عن تلک الواردة فی القانون السابق إلا أنها قد وزعت على جداول إضافیة بدلاً من دمجها فی جدول واحد باستثناء الجدول رقم (7) والذی تضمن نسب الجمع بین راتب التقاعد المبکر والاجر من العمل المشمول بأحکام هذا القانون.
المطلب الثانی
الفئات المشمولة بضمان اصابات العمل فی قوانین
المملکة الاردنیة الهاشمیة
أن قانون تعویض العمال رقم (17) لسنة1955 یعد من اقدم القوانین الاردنیة التی نظمت الأحکام الخاصة بتعویض اصابات العمل والامراض المهنیة وفیما یخص نطاق سریانه فقد حددت المادة الثانیة منه المقصود بالعامل الذی تسری علیه أحکام هذا القانون حیث نصت على أنه " أی شخص عقد مع مستخدم عقد استخدام أو تلمذة أو أدخل فی خدمته بعقد کهذا سواء أکان العمل یدویاً أو کتابیاً أو غیر ذلک، وسواء أکان ( العقد صریحاً أم ضمنیاً ) شفویاً أم کتابیاً ویشمل:
أ- أی شخص یعمل بالایجار فی مرکبة أو سفینة حصل على استعمالها بعقد ضمان باستثناء اتفاقات الشراء بطریق الایجارة مقابل دفع مبلغ معین أو حصة فی الارباح أو بصورة أخرى.
ب- أی شخص یکون عضواً فی جمعیة تعاون مسجلة أو مستخدماً بعمل تقوم به جمعیة التعاون وأن کان یتقاضى أجراً کلیاً أو جزئیاً فی حصص الارباح أو فی مجموع مکاسب الجمعیة.
ولکن لاتشمل:
أ- أی شخص یکون استخدامه بصفة مؤقتة ویعمل فی اشغال لاتتفق وحرفة المستخدم أو مهنته.
ب- أی عامل خارجی أو أی شخص تقدم له الاشیاء أو المواد لصنعها أو تنظیفها أوغسلها أوتغییرها أو زخرفتها أو إتمامها أو اصلاحها أو تکییفها للبیع فی بیته أو فی أی مکان آخر لایکون تحت اشرافه أو إدارة الشخص الذی قدم الاشیاء أو المواد.
ج- أی شخص یستخدم فی الاعمال الزراعیة.
د- أی فرد من أفراد عائلة المستخدم المقیم فی بیته"([74]).
یتضح من هذا النص أن ضمان اصابات العمل یشمل العمال والمتدربین أیاً کان نوع العمل الذی یقومون به، ولکن بالرجوع إلى من یشملهم تعبیر العامل فنجد أنه لم یکن واضحاً فی تحدید الفئات المشمولة بهذا المصطلح فقد نص على شموله عمال السفن ولکنه استخدم فی تحدیدهم کلمات غیر دقیقة ومربکة، کما أنه شمل أیضاً من یکون عضواً فی الجمیعات التعاونیة أو مستخدماً فیها أیاً کان نوع الأجر الذی یتقاضاه، ولکنه لم یذکر من ضمن المشمولین عمال الصناعة والتجارة.
أما الفئات المستثناة من نطاق الشمول فهم العمال الوقتیون الذین یعملون فی اشغال لاتتفق وحرفة المستخدم أو مهنته، وعمال المنازل الذین تمت الاشارة الیهم بأنهم أی عامل خارجی أو من یعمل فی بیته أو أی مکان آخر ولایکون تحت إشراف أو إدارة من قدم الاشیاء أو المواد، ومن الفئات المستثناة أیضاً عمال الزراعة أیاً کان نوع العمل الذی یقومون به وسواء أکان عملهم باستخدام الآلات أم یدویاً لأن النص قد جاء مشابها لبعض قوانین الضمان العراقیة والتی لم تمیز بین عمال الزراعة العاملین على الآلات المیکانیکیة وهم یشملون بالضمان وبین من یقوم بأعمال الزراعة الیدویة وهم الفئات المستثناة من الضمان.
ویضاف إلى تلک الفئات المستثناة مانصت علیه المادة (28) من قانون تعویض العمال رقم(17) لسنة1955 من أن أحکام هذا القانون لاتشمل حالات الاستخدام التی لایستخدم فیما خمسة عمال أو أکثر فی موقع واحد کما أنها لاتشمل الخدم فی البیوت، ویبدو أن هذا النص مجحف بحق مئات العمال وخاصة إذا ما علمنا أن عدداً کبیراً من الورش المیکانیکیة وغیرها من المؤسسات التجاریة لاتستخدم أکثر من أربعة عمال([75]).
وذلک یعنی أن العاملین فی القطاع الخاص لایشملون بضمان اصابات العمل إلا إذا کانت المؤسسة التی تشغلهم تستخدم خمسة عمال فأکثر مما سیحرم شریحة واسعة من العمال من هذا الضمان إذ سیسمح لأصحاب العمل بالتهرب من شمول عمالهم بالضمان إذا ما تعمدوا تشغیل أربعة عمال أو أقل، أما العاملین لدى الحکومة فقد نصت المادة ذاتها على أن القانون یسری على العمال الذین تستخدمهم الحکومة والبلدیات ومصلحة السکک الحدیدیة دون أن تحدد عددهم مما یعنی أن العمال لدى المؤسسات الحکومیة مشمولون بالضمان دون أیة شروط بشأن العدد.
وعند صدور قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة1960 لیحکم علاقات العمل بصورة عامة فقد نصت المادة الأولى منه وفی فقرتها الثانیة على أنه " مع مراعاة أحکام الفقرة(1) من المادة (5) تطبق أحکام القانون على جمیع العمال وأصحاب العمل باستثناء:
أ- موظفی الحکومة والبلدیات.
ب- الاشخاص المستخدمین فی الاعمال الزراعیة ماعدا الذین یعملون فی الدوائر والمؤسسات الحکومیة على آلات میکانیکیة أو فی أعمال الری الدائم.
ج- خدم البیوت وبستانیی وطهاة المنازل ومن فی حکمهم.
د- أفراد العائلة الذین یعملون فی مشاریع العائلة ".
ویلاحظ من خلال هذا النص أن المشرع الاردنی قد قام بتعداد الاشخاص الذین یستثنون من الخضوع لأحکام هذا القانون وذلک بدلاً من تحدید الاشخاص الذین یخضعون دلالة على أنه یقرر مبدأ عاماً وهو خضوع کل علاقات العمل وکافة الاشخاص لقانون العمل باستثناءات محدودة یستبعد بمقتضاها طوائف معینة من الخضوع لأحکامه([76]).
وفیما یخص الاستثناءات من نطاق هذا القانون المذکورة سابقاً وعلى سبیل الحصر فنجد أن موظفی الحکومة والبلدیات قد أستثنوا بشکل صریح من تطبیق هذا القانون، حیث أن المشرع الاردنی أخرج الموظف العام فی الدولة من نطاق سریان قانون العمل وأخضعه لقوانین وأنظمة خاصة تسمى عادة بنظام الوظفیة العامة او بقوانین الخدمة المدنیة، وهکذا الحال بالنسبة لموظفی البلدیات الذین یخضعون لنظام موظفی البلدیات رقم (1) لسنة 1955 والصادر بالاستثناء إلى قانون البلدیات رقم (29) لسنة1955، فلا مجال لإخضاعهم لقواعد قانون العمل، أما العمال الذین یعملون بصورة مؤقتة وبأجور یومیة لدى الدولة أو البلدیات فلا یشملهم هذا الاستثناء ویعتبرون عمالاً یخضعون لأحکام قانون العمل([77]).
أما الاشخاص المستخدمون فی الاعمال الزراعیة فلم یستثنهم المشرع بشکل مطلق وإنما أورد استثناءاً على هذا الاستثناء بحیث أبقى الاشخاص الذین یعملون فی الدوائر والمؤسسات الحکومیة على آلات میکانیکیة أو فی أعمال الری الدائم مشمولین بنطاق تطبیق قانون العمل([78]).
أما الفئة الثالثة المستثناة من أحکام القانون منهم خدم المنازل وبستانییها وطهاتها ومن فی حکمهم وقد آثار تحدید المقصود بخدم المنازل جدلاً فقهیاً بین علماء القانون ولکن الرأی الغالب هو أن کل من یکون عمله متصلاً بشخص المخدوم بحیث یمکنه الاطلاع على اسراره وشؤنه الخاصة ویغلب على عمله الطابع الجسمانی وأن لایقصد المخدوم من ورائه تحقیق ربح وقد مثل المشرع الاردنی لذلک عدا عن خادم المنزل بالمعنى الحرفی بالبستانی والطاهی وکل من کان فی حکمهم وعلى ذلک ینطبق هذا الوصف على السائق الخاص والمرضعة والحارس الشخصی بینما یخرج عن ذلک المدرس الخاص کونه یقدم عملاً ذهنیاً والقائمون بالخدمة فی المطاعم والنوادی والفنادق حتى لو کانوا مجرد عمال نظافة کون المخدوم یقصد من وراء استخدامهم تحقیق الربح کما یخرج عن وصف الخادم المنزلی الخادم الذی یعمل فی المصنع أو المؤسسة وبالتالی یخضع لقانون العمل، أما إذا أعمل الشخص عملاً مختلطاً کان یقوم بالخدمة فی المنزل وبنفس الوقت یعمل فی المؤسسة فیجب فی هذه الحالة النظر إلى الطابع الغالب على عمله فان کان فی المنزل فهو خادم منزلی، وأن کان غالب عمله فی المؤسسة فهو عامل ویضخع لقانون العمل وأحکامه([79]).
وکذلک استثنى المشرع من نطاق سریان القانون أفراد العائلة الذین یعملون فی مشاریع العائلة دون أن یحدد درجة القربى وسواء کانوا یعملون بأجر أو بدون أجر فقد جاء النص مطلق لیشمل جمیع أفراد العائلة.
وینبغی الاشارة إلى أن قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة 1960 الملغی لم یستثن من نطاق تطبیقه العمال العرضیون والمؤقتون بخلاف قانون تعویض العمال الذی أشرنا الیه سابقاً، کما لم یستثن العمال البحریون أو عمال السفن مما یعنی خضوعهم لأحکامه بما فیها الأحکام الخاصة بضمان اصابات العمل، ولکن منذ عام 1972 أصبح الاشخاص العاملین فی البحر لایخضعون لأحکام قانون العمل ولاحتى لتلک الأحکام الخاصة بعقد العمل فی القانون المدنی، بل لأحکام قانون التجارة البحریة رقم (12) لسنة1972 الذی أفرد فیه المشرع الاردنی نصوصاً خاصة بتنظیم علاقات العمل البحریة وأخضع لها کل من یقوم بعمل على ظهر السفینة مقابل أجر وتحت إشراف الربان أو مجهز السفینة، بما فیهم طاقم السفینة ومهندسیها وملاحیها لابل وحتى الاطباء والطهاة إذا ما أبرموا عقد العمل البحری([80]).
ومن الجدیر بالذکر أن المادة (5/فقرة1) من هذا القانون قد أستبعدت عمال المؤسسات غیر المنتظمة من الحمایة المقررة للعمال فی العدید من المجالات الهامة کتلک الخاصة بالصحة والسلامة والاجازات وغیرها وإذا علمنا أن المؤسسة غیر المنتظمة هی کل مؤسسة تستخدم أقل من خمسة عمال فإنه ینتج عن ذلک خروج فئة کبیرة من العمال ممن یعملون فی هکذا مؤسسات من نطاق مانصت علیه المادة (67) من قانون العمل والتی نصت على معاقبة مدراء المؤسسات المنتظمة التی تستخدم خمسة عمال فأکثر عند مخالفتهم لأی حکم من أحکام الفصل الخاص بتعویض العمال عن اصابات العمل والامراض المهنیة مما یعتبر ثغرة قانونیة تسمح لأصحاب العمل فی المؤسسات التی تستخدم أقل من خمسة عمال بعدم الالتزام بأحکام التعویض دون التعرض لأیة عقوبة إستناداً إلى المادة (5/فقرة1) من القانون([81]).
وعند صدور أول قانون للضمان الاجتماعی فی المملکة الاردنیة الهاشمیة وهو القانون رقم (30) لسنة 1978 فقد نصت المادة (4) منه وبفقراتها الثلاثة على الاشخاص الخاضعین الذین یسری علیهم قانون الضمان الاجتماعی والأشخاص المستثنین من نطاق تطبیقه فضلاً عن الفئات المعلق شمولهم بهذا القانون على قرار مجلس الوزراء وفقاً لمنهجیة معینة حیث نصت المادة (4/فقرة أ) على أن "تسری أحکام هذا القانون على جمیع العمال ممن لاتقل أعمارهم عن ستة عشر عاماً دون أی تمییز بسبب الجنسیة ومهما کانت مدة العقد أو شکله وأیاً کانت طبیعة الاجر وقیمته سواء أکان أداء العمل بصورة رئیسیة داخل المملکة أم خارجها مع عدم الاخلال بأحکام الاتفاقیات الدولیة التی تنظم قواعد الازدواج فی التأمین".
ویلاحظ من خلال هذا النص أن المشرع الاردنی قد أشترط أن لایقل سن العامل عن ستة عشر عاماً لکی یخضع لأحکام قانون الضمان الاجتماعی ولکن دون أی تمییز بسبب الجنسیة أی أن یتساوى العامل الاردنی مع العمال العرب والاجانب فی الخضوع لأحکام الضمان الاجتماعی أیاً کانت مدة العقد أو شکله وبصرف النظر عن طبیعة الأجر وقیمته وسواء أکان العمل داخل المملکة أم خارجها مع عدم الاخلال بأحکام الاتفاقیات الدولیة الموقع علیها والتی تنظم الازدواج فی التأمین، ولکن ینبغی الاشارة إلى أن المشرع الاردنی قد أورد إستثناءاً على شرط السن للمؤمن علیهم فیما یتعلق بضمان اصابات العمل وأمراض المهنة فقد نصت المادة (5) على أن " أ- تسری أحکام التأمین ضد اصابات العمل وأمراض المهنة على العمال المتدربین الذین تقل أعمارهم من ست عشرة سنة والذین یعملون بموافقة وزارة العمل بدون أجر خلال فترات التدریب ودون أن یتحمل صاحب العمل أیة أشتراکات عنهم. ب- یستحق العامل المتدرب الذی تنطبق علیه أحکام الفقرة (أ) من هذه المادة فی حالة اصابته بالعجز الکلی راتباً شهریاً مقداره عشرة دنانیر أو تعویضاً قدره ألف دینار فی حالة الوفاة یوزع بین مستحقیه وفقاً للجدول رقم (6) الملحق بهذا القانون".
ویلاحظ من نص الفقرة (ب) من المادة (5) أن المشرع قد قرر إستحقاق العامل المتدرب راتباً شهریاً فی حالة اصابته بعجز کلی وتعویض الدفعة الواحدة فی حالة الوفاة ولکنه لم ینص على إستحقاق المتدرب أیة حقوق فی حال اصابته بعجز جزئی اصابی وهو مایعتبر قصوراً کان یجب على المشرع أن یتلافاه.
أما الفئات المستثناة من نطاق هذا القانون فقد حددتهم المادة (4/فقرة ب) بالنص على أن "لاتسری أحکام هذا القانون على الفئات التالیة:
1- الموظفین العامین التابعین للتقاعد بموجب أحکام قوانین التقاعد المعمول بها.
2- الموظفین الاجانب الذین یعملون فی البعثات الدولیة أوالسیاسیة أو العسکریة الاجنبیة.
3- العمال الذین تکون علاقتهم بصاحب العمل غیر منتظمة ویحدد الوزیر القواعد والشروط اللازم توفرها لاعتبار علاقة العمل منتظمة ویستثنى من هذا الشرط عمال المقاولات وعمال التفریغ والشحن".
ویبدو من خلال النص السابق أن نصوص قانون الضمان الاجتماعی بما فیها تلک الخاصة بضمان اصابات العمل وأمراض المهنة لاتسری على الموظفین العامین التابعین لأحکام قانون التقاعد المدنی أو قانون التقاعد العسکری واللذان یوفران لهم نوعاً من الحمایة والمزایا التی تغنیهم عن الحمایة التأمینیة فی قانون الضمان الاجتماعی.
أما فیما یخص الاجانب الذین یعملون فی البعثات الدولیة فإنه مراعاة لقواعد منع الازدواجیة فی تشریعات التأمینات الاجتماعیة فإنهم یستثنون من نطاق أحکام قانون الضمان الاجتماعی الاردنی ومثالاً على ذلک هیئة الامم المتحدة والموظفین العاملین بها أوموظفی جامعة الدول العربیة وکذلک الموظفین الاجانب العاملین فی البعثات السیاسیة أو العسکریة الاجنبیة لکون هؤلاء الموظفین یمثلون دولهم من خلالها وبالتالی فهم یخضعون لقوانین دولهم ولذلک فهم أیضاً لاتسری علیهم أحکام قانون الضمان الاجتماعی، وینبغی الاشارة إلى أن هذا الاستثناء قد ورد فقط على الموظفین الاجانب العاملین فی هذه الهیئات أما الاجانب العاملین فی القطاعات الخاصة فتسری علیهم أحکام هذا القانون بموجب نص المادة (4/فقرة أ) المذکورة سابقاً([82]).
ومن الفئات التی نص القانون على استثناءها من أحکام قانون الضمان الاجتماعی هم العمال الذین تکون علاقتهم بصاحب العمل غیر منتظمة وقد حدد وزیر العمل الشروط الواجب توفرها لاعتبار علاقة العمل منتظمة بحیث أعتبر علاقة العامل بصاحب العمل منتظمة لغایات شموله فی الضمان الاجتماعی إذا عمل ستة عشر یوماً فأکثر خلال الشهر الواحد، ومن الملاحظ فی هذا الشأن أن المشرع قد أورد استثناءاً على شرط العلاقة المنتظمة أو غیر المنتظمة والوارد ضمن الفقرة (ب /3) المذکورة سابقاً، حیث أعتبر أن عمال المقاولات وعمال التفریغ والشحن مشمولین بالضمان الاجتماعی بصرف النظر عن علاقتهم المنتظمة أو غیر المنتظمة مع صاحب العمل وذلک بقصد توفیر الحمایة لهذه الفئة التی قد یتطلب عملها وبحکم طبیعته العمل بصورة غیر منتظمة وغیر مستمرة([83]).
کما تضمن القانون أیضاً مجموعة من فئات العمال الذین علق القانون شمولهم بأحکامه على قرارات مجلس الوزراء وذلک وفق ماجاء فی المادة (4/فقرة جـ) والتی نصت على أنه " مع مراعاة أحکام المادة (6) من هذا القانون یعلق تطبیق التأمینات على فئات العمال التالیة وذلک إلى أن یقرر مجلس الوزراء بناء على تنسیب المجلس تطبیق تلک التأمینات علیهم:
1- العمال المستخدمون فی الاعمال الزراعیة أو الحرمیة أو أعمال الرعی ماعدا الذین یعملون فی تلک الاعمال على الآلات میکانیکیة أو فی أعمال الری الدائم أو الذین یعملون فی الحکومة أوفی المؤسسات العامة التابعة لها.
2- البحارة والصیادون البحریون.
3- خدم المنازل ومن فی حکمهم.
4- العاملون لحسابهم الخاص.
5- أفراد أسرة صاحب العمل العاملون عنده الذین یعیشون فی کفنه ویتولى إعالتهم فعلاً حتى الدرجة الثانیة".
ومن الجدیر بالذکر أن مجلس الوزراء لم یصدر أی قرار یتعلق بشمول الفئات المذکورة فی المادة (4/فقرة جـ) بأحکام قانون الضمان الاجتماعی رقم (30) لسنة 1978 طیلة فترة نفاذه.
أما فیما یخص مراحل تطبیق هذا القانون فقد أشارت المادة (6) منه إلى أن تطبیق هذا القانون یکون على مراحل وذلک بقرار من مجلس الوزراء بناءاً على تنسیب من المجلس، ولقد جاءت مراحل تطبیق هذا القانون على النحو التالی:
وینبغی الاشارة إلى أنه تبعاً لسیاسة المراحل التی أتبعها المشرع الاردنی فی تطبیق قانون الضمان الاجتماعی فإن المؤسسات التی تستخدم خمسة عمال فأکثر یکون التأمین على العاملین فیها الزامیاً ضد اصابات العمل والامراض المهنیة، أما العاملین فی المؤسسات التی تستخدم أقل من خمسة عمال فلم تشملهم حمایة هذا القانون بصورة الزامیة وإنما یکون شمولهم بالتأمین اختیاریاً وهو مایعد انتقاصاً واضحاً من حقوق العمال([86]).
ولقد ظل قانون الضمان الاجتماعی رقم (30) لسنة 1978 ساری المفعول إلى عام 2001 حیث تم الغاؤه بصدور قانون الضمان الاجتماعی رقم (19) لسنة 2001، ولکن خلال هذه الفترة تم الغاء قانون العمل الاردنی رقم (21) لسنة 1960 وصدر بدلاً عنه قانون عمل جدید وهو القانون رقم (8) لسنة 1996، وکما ذکرنا سابقاً فإن العمال الغیر مشمولین بأحکام قانون الضمان الاجتماعی تسری علیهم أحکام قانون العمل إذا کانوا مشمولین بنطاق سریانه وقد حددت المادة (3) من قانون العمل الجدید نطاق سریانه بالنص على أنه: "مع مراعاة أحکام الفقرة (ج) من المادة (12) من هذا القانون تطبق أحکام هذا القانون على جمیع العمال وأصحاب العمل باستثناء:
أ- الموظفین العامین وموظفی البلدیات.
ب- أفراد عائلة صاحب العمل الذین یعملون فی مشاریعه دون أجر.
ج- خدم المنازل وبستانییها وطهاتها ومن فی حکمهم.
د- عمال الزراعة عدا الذین یتم أخضاعهم لأی من أحکام هذا القانون وتحدد فئاتهم والأحکام المتعلقة بهم بمقتضى نظام یصدر لهذه الغایة*".
ومن الملاحظ أن قانون العمل الجدید لم یختلف عن القانون السابق فیما یخص نطاق الشمول والفئات المستثناة من الأحکام ماعدا الاستثناء الخاص بأفراد عائلة صاحب العمل فقد کانت المادة (1/فقرة د) من قانون العمل الملغی تستثنی من سریانه أفراد العائلة الذین یعملون فی مشاریع العائلة سواء عملوا بأجر أو بدون أجر، فی حین جاءت المادة (3/فقرة ب) من القانون الجدید لتقصر هذا الاستثناء على أفراد عائلة صاحب العمل الذین یعملون فی مشاریعه دون أجر أی أنه حسب أحکام هذه المادة فإن قانون العمل الجدید یشمل هؤلاء متى ماعملوا بأجر وذلک مراعاة لمصالحهم([87]).
یضاف إلى ذلک الاستثناء الخاص بعمال الزراعة ففی ظل قانون العمل الملغی کان عمال الزراعة مستثنون من نطاق سریانه بشکل قطعی باستثناء عمال الزراعة المیکانیکیین الذین یعملون لدى الحکومة وعمال الری الدائم سواء کانوا یعملون لدى الحکومة أو غیرها([88]). أما قانون العمل الجدید فقد استثنى عمال الزرعة من نطاق سریانه ماعدا الذین یتم أخضاعم لأی من أحکام هذا القانون وتحدد فئاتهم والأحکام المتعلقة بهم بمقتضى نظام یصدر لهذه الغایة وبالفعل تم اصدار نظام عمال الزراعة الخاضعین لأحکام قانون العمل رقم (4) لسنة 2003 والذی نصت المادة (3) منه على أن "تطبق أحکام القانون باستثناء الفصول الخامس والسادس والحادی عشر عدا المواد (137) و (138) و (139) من الفصل الثانی عشر* على الفئات التالیة من عمال الزراعة:
أ- المهندس الزراعی.
ب- الطبیب البیطری.
ج- عمال الزراعة فی المؤسسات الحکومیة والمؤسسات الرسمیة العامة بأجور یومیة.
د- العامل الفنی على الآلات الزراعیة.
هـ - العامل الفنی فی الأماکن التالیة:
1- مشاتل الاشجار المثمرة ونباتات الزینة والخضار ومزارع أزهار القطف وإنتاج الاشتال بالانسجة وإنتاج البذور والتقاوى.
2- مفرخات الدواجن وتربیة الابقار والاغنام والتلقیح الصناعی.
3- مزارع تربیة الاسماک.
4- مزارع تربیة النحل"([89]).
ومن خلال هذا النص تم إضافة مجموعة من العاملین فی الزراعة إلى العمال المشمولین بأحکام قانون العمل وبالتالی شمولهم بالأحکام الخاصة باصابات العمل والواردة ضمن الفصل العاشر من القانون والذی لم ینص النظام على استثنائهم من أحکامه, علماً ان قانون العمل رقم (8) لسنة1996 لایزال ساریاً حتى یومنا هذا وقد تم تعدیله لعدة مرات.
أما قانون الضمان الاجتماعی رقم (19) لسنة 2001([90]) فلم یختلف عن قانون الضمان السابق رقم (30) لسنة 1978 من حیث نطاق سریانه فقد جاءت المادة (4/ فقرة أ) مطابقة لنص المادة ذاتها فی القانون السابق والتی نصت على سریان أحکام هذا القانون على جمیع العمال الذین لاتقل أعمارهم عن ستة عشر عاماً دون تمییز بسبب الجنسیة وأیاً کانت مدة العقد وشکله ونوع الأجر ومقداره وسواء أکان أداء العمل داخل المملکة أم خارجها.
وفیما یخص الفئات المستثناة من نطاق سریان هذا القانون والواردة ضمن المادة (4/ فقرة ب) فلم تختلف عما جاء فی المادة ذاتها من القانون السابق باستثناء ماجاء فی الفقرة (ب – 3) والمتعلقة بالعمال الذین تکون علاقتهم بصاحب العمل غیر منتظمة ولایسری علیهم قانون الضمان فلم یستثن من هذه الفئة عمال المقاولات وعمال التفریغ والشحن بعکس القانون السابق الذی استثناهم وبالتالی أخضعهم للضمان، کما أن هذه الفقرة قد جعلت مسألة تحدید القواعد والشروط اللازم توفرها لاعتبار علاقة العمل منتظمة مناطة بمجلس ادارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعی فی حین نجد أن قانون الضمان السابق کان قد أناط مسألة تحدید تلک القواعد والشروط بالوزیر المختص.
أما الفقرة (ج) من المادة المذکورة والخاصة بفئات العمال الذین علق القانون شمولهم بأحکامه على قرارات مجلس الوزراء فإن قانون الضمان لسنة 2001 قد حددها بثلاث فئات فقط وهم العاملون فی الزراعة والبحارة وخدم المنازل ومن فی حکمهم، أما القانون السابق فقد حددهم بخمس فئات وهم أفراد أسرة صاحب العمل العاملون عنده ویعیشون فی کنفه حتى الدرجة الثانیة وکذلک العاملون لحسابهم الخاص فضلاً عن الفئات الثلاث المذکورة سابقاً، وذلک یعنی أن المشرع الاردنی فی قانون الضمان الاجتماعی رقم (19) لسنة 2001 قد جعل أفراد أسرة صاحب العمل العاملون عند، بأجر مشمولین بالضمان ضد اصابات العمل وأمراض المهنة إذا کانت منشأته مشمولة بأحکام قانون العمل الضمان الاجتماعی، أما إذا کانوا یعملون بدون أجر فلا یشملون بأحکام الضمان، وفیما یخص العاملین لحسابهم الخاص فإن قانون الضمان الاجتماعی لسنة 2001 قد قرر شمولهم بالضمان عند انتسابهم بصفة اختیاریة إلى تأمین الشیخوخة والعجز والوفاة فقط دون أن تشمل تأمین اصابات العمل وأمراض المهنة وذلک وفقاً لما جاء فی المادة (8) من هذا القانون.
أما قانون الضمان الاجتماعی المؤقت رقم (7) لسنة 2010([91]), فقد تضمن عدداً من الأحکام الجدیدة فیما یخص الفئات المشمولة بالضمان حیث نصت المادة (4/فقرة أ) من هذا القانون على أن "یخضع لأحکام هذا القانون کل من الفئات المبینة تالیاً ممن لاتقل أعمارهم عن ست عشرة سنة دون أی تمییز بسبب الجنسیة ومهما کانت مدة العقد أو شکله وأیاً کانت طبیعة الأجر شریطة أن لایقل الأجر الذی تحتسب الاشتراکات على أساسه عن أی منهم عن الحد الادنى للأجور المعتمد وفقاً لقانون العمل النافذ وسواء أکان أداء العمل بصورة رئیسیة داخل المملکة أم خارجها مع عدم الاخلال بأحکام الاتفاقیات الدولیة التی تنظم قواعد الازدواج فی التأمینات:
1- جمیع العمال الخاضعین لأحکام قانون العمل النافذ.
2- العاملون لحسابهم الخاص وأصحاب العمل والشرکاء المتضامنون العاملون فی منشآتهم على أن تحدد التعلیمات التنفیذیة الأحکام المتعلقة بشمولهم بما فی ذلک ساعات العمل والاجازات والراحة والتفتیش وأجورهم المشمولة بأحکام هذا القانون.
3- الموظفون غیر التابعین للتقاعد بموجب أحکام قانون التقاعد المدنی أوقانون التقاعد العسکری.
4- الاشخاص الاردنیون العاملون لدى البعثات الاقلیمیة والدولیة والبعثات السایسیة أو العسکریة العربیة والاجنبیة العاملة فی المملکة والملحقیات والمراکز الفنیة والتعلیمیة التابعة لها".
ویتضح من خلال هذا النص أن قانون الضمان الاجتماعی لسنة2010 قد حدد مجموعة من فئات العمال الذین تسری علیهم أحکام قانون الضمان وعلى سبیل الحصر على أن تتوفر فیهم مجموعة من الشروط أهمها الشرط الخاص بالأجر وهو أن لایقل عن الحد الادنى للأجور المعتمد فی قانون العمل النافذ فی حین نجد أن القوانین السابقة کانت تنص على سریان القانون على جمیع العمال ممن لاتقل أعمارهم عن ست عشرة سنة وبصرف النظر عن نوع الأجر الذی یتقاضاه العامل ومقداره.
أما الفئات المستثناة من أحکام قانون الضمان فلم تختلف عن تلک الواردة فی المادة (4/فقرة ب) من قانون الضمان لعام 2001 من حیث المضمون إلا أنها أختلفت من حیث الصیاغة حیث نصت الفقرة (ب) من المادة (4) من قانون الضمان لعام 2010 على أن "لاتخضع الفئات التالیة لأحکام هذا القانون:
1- الاشخاص الذین یؤدون اشتراکات تقاعدیة وفق أحکام قانون التقاعد المدنی أو قانون التقاعد العسکری.
2- الاشخاص غیر الاردنیین العاملون لدى البعثات الاقلیمیة والدولیة والبعثات السیاسیة أو العسکریة العربیة والاجنبیة العاملة فی المملکة والملحقیات والمراکز الفنیة والتعلیمیة التابعة لها.
3- العمال الذین تکون علاقتهم بصاحب العمل غیر منتظمة على أن تحدد التعلیمات التنفیذیة القواعد والشروط اللازم تحققها لأعتبار علاقة العمل منتظمة".
ولکن ینبغی الاشارة إلى أن المشرع فی قانون 2010 قد کان أکثر دقة وشمولاً وخاصة فیما یتعلق بالفقرة (ب – 2) فقد استخدم عبارة غیر الاردنی لیشمل العرب والاجانب العاملین فی البعثات الاجنبیة والعربیة بکافة أنواعها فی حین کان القانون السابق یقصر هذا الاستثناء على الموظفین الاجانب العاملین فی البعثات الاجنبیة السیاسیة والعسکریة فقط.
أما الفئات التی علق القانون شمولها بأحکامه على قرارات مجلس الوزراء فقد أقتصرت فی قانون الضمان لعام2010 على خدم المنازل فقط وذلک بموجب نص المادة (4/فقرة جـ) بعد أن کانت ثلاث فئات فی قانون 2001 حیث کانت تشمل عمال الزراعة والبحارة إلى جانب خدم المنازل.
وقد تضمن هذا القانون أیضاً الاستثناء الخاص بشرط العمر فیما یخص سریان أحکام هذا القانون المتعلقة بتأمین اصابات العمل على العمال المتدربین الذین لم یکملوا ست عشرة سنة من أعمارهم وهذا ماأخذ به قانون الضمان الاجتماعی رقم (1) لسنة 2014 النافذ([92]) والذی جاءت نصوصه مطابقة تماماً لما جاء فی قانون الضمان الاجتماعی لعام 2010 فیما یخص الفئات المشمولة بالضمان والشروط اللازم توفرها لخضوعهم لأحکام القانون وتعداد تلک الفئات على سبیل الحصر، کما انه لم یختلف عن قانون الضمان لعام2010 فیما یخص الفئات التی علق القانون شمولهم بأحکامه على قرارات مجلس الوزراء واقتصارها على خدم المنازل ومن فی حکمهم فقط([93]). وکذلک الحال بالنسبة إلى الفئات التی لاتحضع لأحکامه فقد جاءت مطابقة للفئات المذکورة فی قانون عام2010 إلا فیما یخص العمال الذین تکون علاقتهم بصاحب العمل غیر منتظمة فقد نص القانون السابق على أن تحدد التعلیمات التنفیذیة القواعد والشروط اللازم تحققها لاعتبار علاقة العمل منتظمة، فی حین نجد أن المشرع فی القانون الحالی قد حدد وبشکل صریح متى تعتبر علاقة العمل منتظمة ولم یترک ذلک للتعلیمات التنفیذیة فقد جاء فی نص القانون "... وتعتبر العلاقة منتظمة وفقاً لمایلی:
أ- للعامل فی المیاومة إذا عمل ستة عشر یوماً فأکثر فی الشهر الواحد.
ب- للعامل بالساعةأو بالقطعةأوبالنقلةأو من فی حکمهم إذاعمل ستةعشر یوماً فأکثر فی الشهر الواحد.
ج- للعامل الذی یتقاضى أجراً شهریاً بغض النظر عن عدد أیام عمله فی الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول لالتحاقه بالعمل فیتم تطبیق مبدأ ستة عشر یوم عمل فأکثر فی الشهر الواحد" ([94]).
ویلاحظ مما سبق ان المشرع الاردنی قد اورد تفاصیل کثیرة واستثناءات عدیدة فیما یخص الفئات المشمولة بالضمان بخلاف القانون العراقی الذی جاءت نصوصه بسیطة وواضحة ولکنها اغفلت بعض الفئات من الشمول او من الاستثناء کالعمال العرب والاجانب.
الخاتمـة
لقد توصلنا من خلال بحثنا هذا الى مجموعة من النتائج والتوصیات سنبینها کالاتی:-
اولا:- النتائج
1- ان احکام ضمان اصابات العمل قد وردت لاول مرة فی قانون العمال العراقی رقم 72 لسنة 1936بینما صدر فی المملکة الاردنیة الهاشمیة قانون خاص بتنظیم احکام اصابات العمل والامراض المهنیة وهو قانون تعویض العمال رقم 17 لسنة 1955ویعد هذا القانون هو بدایة التنظیم القانونی لضمان اصابات العمل فی المملکة الاردنیة الهاشمیة.
2- ان العراق هو الاسبق فی اصدار اول قانون للضمان الاجتماعی وذلک فی عام 1956الا انه لم یتضمن النص على احکام ضمان اصابات العمل وانما کانت ضمن احکام قانون العمال رقم 72 لسنة 1936 ثم اعقبه صدور عدة قوانین ضمان اجتماعی متضمنة الاحکام الخاصة باصابات العمل فی الاعوام 1964 و1969 وکان اخرها صدور قانون الضمان الاجتماعی رقم 37 لسنة 1971 النافذومایزال العراق یطبق احکام هذا القانون الذی تم تعدیله بضع مرات ولکنه لم یعد یواکب التطورات والتغیرات الاجتماعیة والاقتصادیة التی یشهدها العراق الان.
3- إن المشرع الاردنی قد اصدر اول قانون للضمان الاجتماعی فی عام 1978والذی بدا تطبیقه فعلیا فی عام 1980ای بعد اکثر من عشرین عاما على صدور آخر قانون للضمان الاجتماعی فی العراق ثم شهدت المملکة صدور قوانین ضمان اجتماعی جدیدة خلال الاعوام 2001 و2010 واخیرا اصدر المشرع الاردنی قانون الضمان الاجتماعی الاردنی رقم 1 لسنة 2014 ای ان التشریعات العراقیة کانت الاسبق فی الظهور ولکنها تفتقر الى مواکبة التطورات الاقتصادیة الحاصلة بینما التشریعات الاردنیة کانت متاخرة فی الصدور ولکنها الاکثر دقة وانسجاما مع الواقع الاقتصادی والاجتماعی للبلد.
4- لقد کانت احکام ضمان اصابات العمل تنطبق على فئات قلیلة ومحدودة فی قوانین العمل والضمان الاجتماعی القدیمة فی کل من العراق والمملکة الاردنیة الهاشمیة ثم اخذت بعد ذلک بالاتساع فی نطاق الشمول والتطبیق مع مرور الزمن وصدور قوانین الضمان الاجتماعی المتتالیة فی کلا البلدین.
5- ان نصوص قوانین العمل والضمان الاجتماعی فی المملکة الاردنیة الهاشمیة قد کانت اکثر دقة ووضوحا من حیث تحدید نطاق سریان احکام ضمان اصابات العمل على العمال والفئات المستثناة منها متجنبة ای غموض او ابهام,فی حین نجد ان قوانین العمل والضمان الاجتماعی العراقیة وبالرغم من کونها الاسبق فی النشوء الا انه یشوبها الکثیر من الثغرات والقصور وفی مقدمتها عدم النص على شمول العمال العرب والاجانب باحکام ضمان اصابات العمل وبالاخص بعد صدور قانون العمل العراقی الجدید رقم 37 لسنة 2015 والذی لم ینص على احکام تشغیل العمال العرب والاجانب فی العراق مما ترتب علیه عدم شمولهم باحکام ضمان اصابات العمل نتیجة لهذا النقص التشریعی.
6- لقد حاول المشرع الاردنی حمایة معظم العمال من خطر التعرض لاصابات العمل وذلک من خلال ما نصت علیه المادة (86) من قانون العمل الاردنی رقم 8 لسنة 1996 النافذ بان تطبق الاحکام المتعلقة باصابات العمل وامراض المهنة الواردة فی هذا القانون على العمال الذین لا تسری علیهم احکام قانون الضمان الاجتماعی المعمول به, ای ان هنالک نوعین من الاحکام بضمان اصابات العمل احدها فی قانون الضمان الاجتماعی والاخرى فی قانون العمل وهذا ما لم نجده فی القوانین العراقیة.
ثانیا:-التوصیات
1- ضرورة اصدار قانون ضمان اجتماعی جدید فی العراق لیواکب التطورات الاقتصادیة والاجتماعیة والتغییرات الکبیرة فی قطاع الاعمال والتی تشهدها البلاد,من اجل انصاف شریحة واسعة من ابناء الوطن الا وهم فئة العمال مع زیادة الضمانات والحقوق المترتبة على ما قد یلحق بهم من اصابات عمل او امراض مهنیة.
2- الاسراع باصدار تعلیمات جدیدة بشأن تشغیل العمال العرب والاجانب فی العراق مع ضرورة النص على شمولهم باحکام ضمان اصابات العمل من اجل تلافی النقص والقصور الحالی فی نصوص قانون الضمان الاجتماعی النافذ, مع مراعاة عدم حدوث ازدواجیة فی الخضوع لقوانین الضمان الاجتماعی لهؤلاء العمال.
3- توسیع نطاق الحمایة المقررة للعمال لیشمل جمیع فئات العمال فی العراق دون استثناء لاجل توفیر اکبر قدر من الحمایة ضد المخاطر الاجتماعیة التی یمکن ان یتعرض لها العمال اثناء عملهم والتمتع بمزایا الضمان المستحقة.
The Authors declare That there is no conflict of interest
اولا:- الکتب
ثانیا:- الرسائل والاطاریح الجامعیة
1- خالد علی محمد الزومط,التامین ضد اصابات العمل وامراض المهنة فی قانون الضمان الاجتماعی الاردنی – دراسة مقارنة,رسالة ماجستیر مقدمة الى معهد البحوث والدراسات العربیة فی جامعة الدول العربیة, القاهرة, 2004.
2- عبد الله صالح علی الکمیم, التأمینات الاجتماعیة للامراض المهنیة فی قانونی العراق والیمن, اطروحة دکتوراه مقدمة الى کلیة القانون _ جامعة بغداد, 2000.
ثالثا:- المجموعات القانونیة
1- مجموعة الاحکام العدلیة, العدد3, السنة التاسعة عشر, تموز, آب, أیلول, 1988.
2- المجموعة الدائمة للقوانین والانظمة العراقیة الموحدة - مجموعة قوانین العمل والعمال, ط3, من منشورات المکتبة الاهلیة, مطبعة اسعد, بغداد, 1963.
رابعا:- القوانین والانظمة
أ- العراقیة
1- قانون العمال العراقی رقم72 لسنة 1936 الملغی.
2- قانون العمل العراقی رقم 1 لسنة 1958 الملغی.
3- قانون الضمان الاجتماعی العراقی رقم 140 لسنة 1964 الملغی.
4- قانون الضمان الاجتماعی العراقی رقم 112 لسنة 1969 الملغی.
5- قانون العمل العراقی رقم 151 لسنة 1970 الملغی.
6- قانون الضمان الاجتماعی العراقی رقم 39 لسنة 1971 النافذ.
7- قانون العمل العراقی رقم 71 لسنة 1987 الملغی.
8- قانون وزارة العمل والشؤون الاجتماعیة رقم 8 لسنة 2006.
9- نظام الخدمة المضمونة رقم 54 لسنة 1956 الملغی.
10- نظام الخدمة المضمونة رقم 5 لسنة 1966.
ب:- الاردنیة