الموضوعات
أصل المقالة
مراجعة مؤلف کتاب/ المُعین فی دراسة قواعد التحکیم التجاری
Review of the author/appointee in the study of commercial arbitration rules
م. منهل عبد الغنی قلندر
Manhal Abd ALghaneKalandar
الحقوق/ کلیة جامعة الموصل
College of Law/ University if Mosul
معرّف الوثیقة الرقمی (DOI)
10.33899/alaw.2021.167846
Received 2021-02-01 Accepted 2021-03-01
تتمیز المکتبة القانونیة فی مجال التحکیم التجاری بوجود العدید من المؤلفات المتنوعة والحدیثة بین فترة وأخرى، وهذا یرجع إلى تطور نظام التحکیم التجاری وموضوعاته بین فترة واخرى وذلک لمواکبة حاجة أطراف العلاقات القانونیة التجاریة والاستثماریة لمتطلباتهم فی هذا المجال.
ویمثل نظام التحکیم التجاری احد اهم وسائل فض المنازعات التجاریة المهمة، سواء على الصعید المحلی ام الاقلیمی ام الدولی، وان حسم المنازعات بین اطرافه من خلال حکم تحکیمی نهائی وعادل بالسرعة الممکنة هو ما یتفق مع طبیعة المعاملات التجاریة القائمة على اساس السرعة فی المیدان التجاری.
ان صدور الحکم ومهما کان نوعه(قضائیا ام تحکیمیا) لا تکون له ای جدوى مالم یتم تنفیذه، فما فائدة صدور حکم التحکیم التجاری بشکل سریع وباقل جهد وتکالیف من دون وجود طریقة خاصة للتنفیذ؟
وتبرز المشکلة بشکل اکبر عندما یصدر حکم تحکیم فی اقلیم دولة معینة ویراد تنفیذه فی دولة اخرى، لذا اجتمعت الدول وحاولت الوصول الى صیغة توافقیة وقانونیة رئیسة لغرض الاعتراف وتنفیذ مثل هذه الاحکام التحکیمیة فأبرمت اتفاقیة دولیة متعددة الاطراف وهی اتفاقیة نیویورک الخاصة بالاعتراف وتنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة لعام 1958م.
وعلیه فان هذه الاتفاقیة اوجدت حلولا للمشکلات الصعبة التی کان یعانی منها احد او کلا طرفی النزاع عند صدور الحکم التحکیمی من دون الاعتراف به وتنفیذه فی الدولة المطلوب منها تنفیذه .
ولذلک صدر عن دار وائل للنشر والتوزیع فی الأردن کتاب مهم واساسی وحدیث فی مجال التحکیم التجاری یقع فی 424 صفحة یحمل عنوان "المُعین فی دراسة قواعد التحکیم التجاری" حیث بدأ بمقدمة استعرض المؤلف فیها مفهوم التحکیم واهمیته وطریقة اللجوء للتحکیم التجاری، وتبین المقدمة نصوص التحکیم المتنوعة فی ظل تشریعات المرافعات المدنیة فی العراق من الناحیة التاریخیة وصولاً إلى النصوص التحکیمیة النافذة حالیاً وفقاً لقانون المرافعات المدنیة العراقی رقم 83 لسنة 1969 النافذ والمعدل.
ولقد تم تقسیم الکتاب وفقاً لوجهة نظر المؤلف الى مبحثین جاء المبحث الأول فی (الإشکالیات القانونیة والقضائیة فی قضایا التحکیم التجاری فی القانون العراقی) حیث تمثلت بوجود إشکالیات فعلیة حقیقیة تمثل بمسألة الاعتراف بأحکام التحکیم التجاری فی العراق وباعتبار العراق لم ینظم لأهم اتفاقیة دولیة فی مجال الاعتراف وتنفیذ أحکام التحکیم الأجنبیة وهی اتفاقیة نیویورک لعام 1958 لغایة الان.
وکذلک إشکالیة تحدید موضوع التحکیم التجاری بیان مضمونه وفق نصوص التحکیم فی قانون المرافعات العراقی النافذ.
وأیضاً وجود الإشکالیة بعد صدور حکم التحکیم وطبیعة الرقابة علیه من خلال وجود إجراءات معینة قانوناً لمنح المصادقة على الحکم وأنه لا یمکن تنفیذه إلا بعد سلسلة إجراءات أخرى محددة بالقانون مما یتسبب بتأخیر وصول الحقوق لأصحابها.
وبحث المؤلف إشکالیة التعارض الذی یحصل بالاتفاقیات الدولیة التی انضم لها العراق کما فی اتفاقیة الریاض للتعاون القضائی لعام 1983 واتفاقیة عمان العربیة للتحکیم التجاری لعام 1987 وذلک باعتبار أن اتفاقیة الریاض تشمل التحکیم بمختلف انواعه بینما فی اتفاقیة عمان تشمل التحکیم التجاری فقط وبالتالی عند صدور حکم التحکیم والطلب بالاعتراف وتنفیذه لا بد من مراعاة الاتفاقیات وموضوعها والدولة مصادقة علیها لکی یتم تنفیذ حکم التحکیم بشکل صحیح وقانونی.
وواجه المؤلف حالة تنفیذ أحکام التحکیم التجاری عندما لا تخضع لأحکام أی من الاتفاقیات التی یکون العراق طرفاً فیها، فهنا ضرورة قبول المصادقة على تنفیذ أحکام التحکیم الأجنبیة فی العراق ما دام توفرت بها شروط تنفیذ أحکام اجنبیة وفق قانون تنفیذ احکام المحاکم الاجنبیة فی العراق رقم 30 لسنة 1928 وهذا رأی أول تم طرحه ومناقشته بالکتاب. بینما الرأی الآخر یرى عدم جواز تنفیذ أحکام التحکیم الأجنبیة فی العراق وفق قانون تنفیذ احکام المحاکم الاجنبیة فی العراق لعدم وجود أحکام خاصة تعالج قرارات التحکیم الأجنبیة وإجراءات تنفیذها.
والخلاف کما استعرضه المؤلف هو یتعلق بالدرجة الأساس بمسألة مدى جواز تنفیذ احکام التحکیم الأجنبیة فی العراق قبل اعتراف المحکمة المختصة له، ومع استعراض المؤلف لأداء الفقه العراقی لهذا الشأن.
وجاء المبحث الثانی تحت عنوان (الإشکالیات السیاسیة والاقتصادیة فی قضایا التحکیم التجاری فی القانون العراقی)، حیث تکلم المؤلف عن أهم الإشکالیات السیادیة الخاصة بتنفیذ أحکام التحکیم التجاری واعتبار السیادة هی حجة للتخلص من الالتزامات التی تقع على الدولة عند صدور حکم تحکیم ضدها والامتناع من تنفیذ قرارات التحکیم وتطرق المؤلف لمسألة غایة الأهمیة وهی لا تزال الشغل الشاغل للمتخصصین فی مجال التحکیم التجاری والمتعلقة بموقف العراق من التحکیم التجاری الدولی وهذا الموقف هو تاریخی ولیس ولید الفترة القریبة السابقة أو الراهنة إنما تعود جذوره إلى ستینیات وسبعینیات القرن العشرین.
ورکز المؤلف على جهود الحکومة العراقیة فی مسألة الانضمام لاتفاقیة نیویورک الخاصة بالاعتراف وتنفیذ أحکام التحکیم التجاری الأجنبیة وعلى فترات متعاقبة لکن لهذه اللحظة لم یتم الموافقة على الانضمام للاتفاقیة.
وأشار المؤلف لإشکالیات خاصة عملیة تتعلق بالمنازعات النفطیة وعقودها وکذلک مشکلة العقود الإداریة والمعاملات المستندة للشروط العامة لمقاولات الأعمال الهندسیة المدنیة فی العراق وقواعدها الإجرائیة المطبقة علیها.
ولقد ختم المؤلف کتابه بالإشارة إلى جواز التحکیم فی منازعات الاستثمار من خلال النصوص القانونیة الخاصة فی مجال قوانین الاستثمار سواء فی العراق الاتحادی أم إقلیم کردستان العراق، وبیان أهم المعوقات بشأن قرارات التحکیم الصادرة فی منازعات الاستثمار وتنفیذها فی العراق من خلال إیجاد المعالجة المناسبة لمثل هذا الاعتراف عن طریق التشریعات الوطنیة أو الاتفاقیات الثنائیة المتعلقة بحمایة وتشجیع الاستثمار وآلیات حسم المنازعات الاستثماریة بهذا الشأن.
ونجد من خلال خطة المؤلف لکتابه وما تضمنه من فقرات متمیزة ومهمة اضاء فیها من خلال محدودیة التحکیم فی التشریع العراقی من خلال معالجة موضوعات معینة بحد ذاتها بعکس التشریعات التحکیمیة الخاصة والمستقلة لدى الدول الأخرى والاتفاقیات الدولیة حیث أنها تعالج منازعات متنوعة وکثیرة غیر محددة ولا محصورة من خلال التحکیم التجاری.
ولابد من الاشارة الى ان العراق لم یشر الى التحکیم الدولی ضمن نصوص قانون المرافعات المدنیة العراقی النافذ رقم 83 لسنة 1969 النافذ والمعدل، والذی یعد الشریعة العامة للتحکیم فی العراق حیث ان القانون المذکور انفا لم یشر الا للتحکیم المحلی او الداخلی الذی یجری فی العراق، وحتى ان قرارات المحکمین المحلیة لا تملک ای حجیة قانونیة ولا تعد محررات تنفیذیة ما لم تراجع وتصادق علیها من المحکمة المختصة فی العراق.
وعلیه تبرز اهمیة وضرورة انضمام العراق لاتفاقیة نیویورک الخاصة بالاعتراف وتنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة؛ لکونها تضع الحلول المناسبة لحل مشکلات الاعتراف وتنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة، فلماذا لا ینضم ویصادق علیها العراق؟ وماهی اسباب تأخره بهذا الشأن على الرغم من العدد الکبیر من الدول التی انضمت وصادقت علیها، ونجد من جانب اخر ان قانون الاستثمار العراقی رقم 13 لسنة 2006 النافذ والمعدل تبنى التحکیم التجاری بوصفه وسیلة لحسم منازعات الاستثمار، لکن من دون نظام قانونی للتحکیم التجاری حدیث ومتطور حیث لابد هنا ایضا من العودة الى قانون المرافعات المدنیة العراقی.
ان انفتاح العراق على المشروعات التجاریة والاستثماریة المتنوعة وعقد الاتفاقیات الخاصة بتشجیع وحمایة الاستثمارات مع الدول الاخرى، وخصوصا ان الانضمام لاتفاقیة نیویورک لعام 1958م سیحقق المزایا الکثیرة والمتمثلة بدخول العراق للمیدان التجاری الدولی ومواکبته للتطورات التی یشهدها العالم وانضمام العراق للمنظمات الاقتصادیة الدولیة المتنوعة وما سیحققه ذلک من فتح الاسواق العراقیة امام حرکة التجارة الدولیة، وکذلک جذب الاستثمار الاجنبی الى العراق فی مختلف المجالات والذی هو بأمس الحاجة لمثل هذه الاستثمارات فی قطاع البنى التحتیة العراقیة وخصوصا ان غالبیة المستثمرین یمیلون للتحکیم التجاری لحسم ای منازعة تنفیذ الحکم التحکیمی فیما بعد، وان الانضمام للاتفاقیة ایضا سیسهم فی معالجة القصور الکبیر فی مجال التحکیم التجاری فی العراق ، وخصوصا ان احکام التحکیم التی جاء بها قانون المرافعات المدنیة العراقی النافذ اصبحت لا تتلائم مع التطورات الحدیثة فی مجال التحکیم فلو کان العراق قد انضم لهذه الاتفاقیة لحلت العدید من المشکلات الکبیرة؛ لان هذه الاتفاقیة ستطبق کالقانون الوطنی.
وبناء على ما تقدم، فان المشروعات الاستثماریة فی العراق فی الغالب ستواجه مشکلات کبیرة بسبب صدور احکام تحکیمیة من مراکز تحکیم دولیة فی العالم مما یصعب مع ذلک الاعتراف وتنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة فیه؛ بسبب القصور الواضح فی نصوص تنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة فی العراق.
وبخصوص مشکلة عدم وجود التخصص والکفاءة والخبرة لدى المحامین والمحکمین والمتمرسین فی هذا المجال، نجد وجود العدید من المراکز التدریبیة والدورات التی اضطلع بها مجلس القضاء الاعلى للقضاة وغیرهم، وعقد ایضا البنک المرکزی العراقی مع الاتحاد العربی للتحکیم التجاری وتسویة النزاعات مذکرة تعاون فی تموز من عام 2017 تتضمن تنفیذ برامج تدریبیة مشترکة بین الطرفین یهدف إلى الاستفادة من الائتلافات وأسالیب التعاون المشترک بین البنک المرکزی العراقی مع الاعضاء المنضوین تحت الاتحاد. وتضمنت الاتفاقیة على تهیئه الخدمات اللوجستیة وتحدید المکان المناسب لتلک البرامج التدریبیة والتطویریة وفق الاحتیاجات التدریبیة التی یتم تحدیدها من قبل البنک المرکزی العراقی سواء داخل او خارج العراق.
ان الانضمام لهذه الاتفاقیة یمکن ان یحقق اهمیة بالغة وذلک بعد قیام مجلس القضاء الاعلى العراقی ایضا بإجراء العدید من الورش التدریبیة والدورات المکسبة للخبرة والکفاءة فی مجال حسم المنازعات.
وعلیه وجدنا بادرة امل مهمة فی موافقة مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فی 6/2/2018، على الموافقة على الانضمام لاتفاقیة نیویورک انفة الذکر، وارسال مشروع قانون التصدیق لمجلس النواب لتشریعه، ووضع التحفظات الملائمة بعدم سریان الاتفاقیة باثر رجعی، وان مثل هذه الموافقة ستعطی اهمیة کبیرة للمشروعات الاستثماریة بسبب طبیعتها الدولیة والالتزامات المالیة للشرکات الاستثماریة والتی تمیل لایجاد جهة محایدة فی فض منازعاتها تتمثل غالبا بالتحکیم التجاری، مع ضرورة توفیر بیئة قانونیة ملائمة لتنفیذ قرارات التحکیم، وهذا یحصل للعراق عند انضمامه للاتفاقیة مستقبلا وصدور قانون المصادقة علیها .
ولابد من الاشارة ایضا الى عدم وجود حالات تنفیذ لأحکام التحکیم الاجنبیة فی العراق حیث اننا لا نعترف ولا ننفذ ای حکم تحکیمی مالم یکن العراق طرفا باتفاقیة ثنائیة او متعددة الاطراف ووفقا لشروط هذه الاتفاقیات، وعلى الرغم من ذلک تبقى هذه مشکلة کبیرة للعراق لان هناک العدید من العقود التی یکون طرفها الدولة او الافراد مع جهات اخرى دولیة تتضمن اتفاقات تحکیمیة فکیف یمکن حسم ای نزاع یطرأ هنا ویعترف وینفذ حکم التحکیم الاجنبی بهذا الخصوص؟ لتبقى اتفاقیة نیویورک الخاصة بالاعتراف وتنفیذ احکام التحکیم الاجنبیة لعام 1958 الحل الوحید والاهم على الصعید الدولی.
وختاماً لا بد من بیان أن الکتاب رکز على مواقف عدة لتشریعات عراقیة تخص الموضوع ووفق خطته وحتى أن المؤلف رجع إلى التشریعات الملغاة لبیان موقفها من المسائل المعروضة فی المؤلف ولبیان ایجابیاتها وسلبیاتها مع واقع التشریعات فی الوقت الحالی محاولاً تسلیط الضوء على الخلل بهذا الشأن وإیجاد المقترحات المناسبة له.
تعارض المصالح
یعلن الباحث انه لا یوجد أی تعارض للمصالح فی کل ما یتعلق بهذا البحث
Conflict of interest
The Author declare that there are no conflicts of interest regarding the publication of this manuscript
©Authors, 2021, College of law, University of Mosul. This is an open access article under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0/).