الملخص
شرع الباری U الزواج وجعل من أهم أرکانه اختلاف نوع الجنس بین طرفیه فبهذا الاختلاف تتکامل الأدوار وتتحقق المقاصد المرجوة من الزواج، ولکن لما کان الخنثى له ما للرجال والنساء او لیس ما لهما فإن حکم زواجه یبنى على التحوط لوجود الشک فی اختلاف نوع الجنس بین طرفیه غیر أن هذا الاختلاف یکون محققاً عند الخنثى الواضح وغیر متحقق عند الخنثى المشکل ولهذا جاز زواج الخنثى الواضح عند الفقهاء المسلمون ولم یجیز زواج الخنثى المشکل وبالتطور الحاصل فی المجال الطبی استطاع الأطباء اخلاص نوع الجنس فی الخنثى الواضح والمشکل، کذلک بتصحیح جنسه وهذا التصحیح لا یؤثر على أحقیة الزواج وعلى مصیر الزواج، ولکن إن الخنثى الواضح نوع جنسه إلى النوع الأخر فإن یحرم فقهاً من الزواج ویبطل زواجه إن کان متزوج لأسباب شرعیة وطبیعیة.
الموضوعات
أصل المقالة
أحکام زواج الخنثى فی الفقه الإسلامی والقانون الوضعی-(*)-
The provisions of the marriage of Hermaphrodite in Islamic jurisprudence and positive law
عامر مصطفى أحمد قیس عبد الوهاب عیسى کلیة الحقوق/ جامعة الموصل کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Amer Mustafa Ahmed Qais Abdel Wahab Issa College of Law / University of Mosul College of Law / University of Mosul Correspondence: Amer Mustafa Ahmed E-mail: [email protected] |
(*) أستلم البحث فی 28/11/2018 *** قبل للنشر فی 3/3/2019.
(*) Received on 28/11/2018 *** accepted for publishing on 3/3/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2021.167840
© Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
شرع الباری U الزواج وجعل من أهم أرکانه اختلاف نوع الجنس بین طرفیه فبهذا الاختلاف تتکامل الأدوار وتتحقق المقاصد المرجوة من الزواج، ولکن لما کان الخنثى له ما للرجال والنساء او لیس ما لهما فإن حکم زواجه یبنى على التحوط لوجود الشک فی اختلاف نوع الجنس بین طرفیه غیر أن هذا الاختلاف یکون محققاً عند الخنثى الواضح وغیر متحقق عند الخنثى المشکل ولهذا جاز زواج الخنثى الواضح عند الفقهاء المسلمون ولم یجیز زواج الخنثى المشکل وبالتطور الحاصل فی المجال الطبی استطاع الأطباء اخلاص نوع الجنس فی الخنثى الواضح والمشکل، کذلک بتصحیح جنسه وهذا التصحیح لا یؤثر على أحقیة الزواج وعلى مصیر الزواج، ولکن إن الخنثى الواضح نوع جنسه إلى النوع الأخر فإن یحرم فقهاً من الزواج ویبطل زواجه إن کان متزوج لأسباب شرعیة وطبیعیة.
الکلمات المفتاحیة: نوع الجنس، الخنثى، الزواج.
Abstract
Marriage is highly valued in Islam and one of its most important pillars of the marriage contract in Islamic law that parties involved must be of different sex or gender . Thus with this difference in gender, the roles are complemented and the desired purposes of marriage are fulfilled. That this difference is attained by the clear and unfulfilled hermaphrodite in the problematic hermaphrodite, and this is why the clear hermaphrodite marriage is permissible according to the Muslim jurists. Marriage and the fate of marriage, but that the hermaphrodite is clear of his gender to the other type, the jurisprudence prohibits marriage and his marriage is nullified if he is married for legal and natural reasons.
Keywords: Gender, Female, Marriage.
المقدمـة
الحمد لله وکفى والصلاة والسلام على النبی محمد r المصطفى وعلى آله وأصحابه أجمعین صلاةً وسلاماً دائمین متلازمین إلى یوم الدین، أما بعد فسنتناول مقدمة بحثنا الموسوم (( أحکام زواج الخنثى فی الفقه الإسلامی والقانون الوضعی)) من خلال تقسیمها إلى الفقرات الآتیة:
أولاً. مدخل تعریفی بموضوع البحث.
یعد اختلاف نوع الجنس بین طرفی العلاقة الزوجیة أول وأهم رکن یلزم توافره لانعقاد الزواج واستمراره صحیحًا، وهذا الرکن یلزم تحققه حتى وإن لم ینص علیه شرعاً وقانوناً ؛ لأنه یمثل فطرة بشریة راسخة فی النفوس والعقول، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، فإذا اتضح أن الزوجین رجلان أو امرأتان فقد اختل الرکن الأساسی والأهم للقول بمشروعیة وصحة العلاقة الزوجیة، ولما کان الخنثى له ما للرجال وما للنساء أو لیس له مالهما أو له احدهما وغلب على الأخر فإن القول فی زواجه بنی على التحوط والاجتهاد لعدم ورود دلیل ولو ظنی الثبوت بشأن جواز أو عدم جواز زواجه ومصیر زواجه من هذا التحوط من جانب تصحیح جنس الخنثى الواضح والمشکل وزال الوضوح الجنسی بتغییر نوع جنس الخنثى الواضح والإنسان السوی.
ثانیاً. أسباب اختیار الموضوع.
1. قلة الدراسات الخاصة بهذا الموضوع.
2. خلو التنظیم التشریعی من نصوص قانونیة تعالج زواج الخنثى بشکل واضح وآثار تصحیح جنسه وتغیره على أحقیته بالزواج ومصیر زواجه إن کان متزوج.
3. إن الفقهاء المسلمون تناولوا تکییف زواج الخنثى من حیث الصحة وترکوا کثیرا من أحکامه المتعلقة بالأحوال الشخصیة والسبب فی ذلک یرجع إلى أن الکثیر من أحکام الأحوال الشخصیة یتوقف حکمها على صحة الزواج فالطلاق والخلع والظهار والإیلاء والمیراث مثلاً لا یعتبر حکمهم صحیح ابتداءً مالم یکن الزواج صحیحاً.
4. إن المجمع الفقهی الإسلامی ومجالس الإفتاء الکبرى فی الدول الإسلامیة أفتت بجواز تصحیح الجنس بالنسبة للخنثى وحرمة التغییر فحسب ولم توضح أحکام هذا التصحیح والتغییر فی الأحوال الشخصیة والأحوال الأخرى.
ثالثاً. نطاق البحث: ینحصر مکان البحث فی حدود الفقه الإسلامی والقواعد الفقهیة وقانون الأحوال الشخصیة العراقی مع اشارة طفیفة على القوانین الأخرى فی بحث حکم زواج الخنثى الواضح المشکل وأثر تصحیح جنسه وتغییره على حقه بالزواج وعلى مصیر زواجه إن کان متزوج.
رابعاً. منهجیة البحث: سنعتمد فی منهجیة هذا البحث على المنهج التحلیلی التأصیلی للآراء الفقهیة والنصوص القانونیة حیث سنحلل النصوص التی أوردها الفقهاء القدامى والمعاصرین وتأصیل آراءهم بالقواعد الفقهیة والأدلة الشرعیة.
خامساً. مشکلة البحث: تکمن مشکلة البحث بعدم وجود تنظیم قانونی یعالج أحکام زواج الخنثى وآثار تصحیح جنسه وتغییره على أحقیته بالزواج ومصیر زواجه إن کان متزوج.
سادساً. فرضیات البحث: تکمن فرضیات البحث بما یأتی:
سابعاً. الهدف من البحث: تقدیم دراسة فقهیة وقانونیة واضحة لأحکام زواج الخنثى وأثر تصحیح وتغییر جنسه علیه تکون عون للقضاة والباحثین تغنیهم عن الرجوع إلى الکتب الفقهیة والفتاوى الحدیثة المتفرقة بهذا الموضوع.
ثامناً. هیکلیة البحث
المبحث الأول: ماهیة الزواج.
المطلب الأول: تعریف الزواج والحکمة منه وأرکانه.
المطلب الثانی: شروط عقد الزواج.
المبحث الثانی: زواج الخنثى الواضح.
المطلب الأول: مدى صحة زواج الخنثى الواضح
المطلب الثانی: أثر تصحیح الجنس وتغیره على زواج الخنثى الواضح.
المبحث الثالث: زواج الخنثى المشکل.
المطلب الأول: مدى صحة زواج الخنثى المشکل.
المطلب الثانی: زواج الخنثى المشکل على عکس ظاهره الذی تزوج علیه.
المطلب الثالث: أثر تصحیح جنس الخنثى المشکل على أحکام الزواج.
الخاتمة.
المصادر.
المبحث الأول
ماهیة الزواج
شرع الباری U الزواج لمقاصد حمیدة وجعل تلک المقاصد غریزة فی نفس العبد لتحققیها برغبته و أحاطه بأرکان وشروط یستشف منها تبصیر الزوجین والأولیاء بأهمیة هذا الرباط المقدس الذی وصفه الله سبحانه بالمیثاق الغلیظ. وللإحاطة بتلک المقاصد والأرکان والشروط لعقد الزواج سنقسم هذا المبحث إلى مطلبین نخصص المطلب الأول منه لتعریف الزواج والحکمة منه وأرکانه أما المطلب الثانی فسیکون من نصیب شروط عقد الزواج.
المطلب الأول
تعریف الزواج والحکمة منه وأرکانه
سنقسم هذا المطلب إلى فرعین نجعل الفرع الأول منه لتعریف الزواج والحکمة منه أما الفرع الثانی سیکون أرکان الزواج وذلک على النحو الآتی:
الفرع الأول
تعریف الزواج والحکمة منه
سنتناول فی هذا الفرع مقصدین الأول لتعریف الزواج والثانی للحکمة منه وذلک على النحو الآتی:
المقصد الأول
تعریف الزواج
الزواج فی اللغة مادة زوج، والزوج خلاف الفرد، ویقال زوجان للاثنین وهما زوج، والزوج مفرد الذی له قرین، والزوج الاثنان وزوج الاشیاء تزویجًا وزواجًا قرن بعضهما ببعض، والزواج اقتران الزوج بالزوجة أو الذکر بالأنثى([1])، قال تعالى: )وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِین(([2]) أی قرناهم والأزواج القرناء.
أما الزواج فی الاصطلاح فقد عرف بتعریفات عدیدة اختلفت باللفظ واتحدت بالقصد والزواج المقصود عند الفقهاء المسلمون والقوانین هو میثاق ترابط شرعی وقانونی على وجه التأبید بین رجل وامرأة تحل له شرعًا هدفه العفاف والنسل وإنشاء الأسرة على أساس تکفل لهما السکینة والمودة والرحمة([3]).
وعرفه قانون الأحوال الشخصیة العراقی بأنه "عقد بین رجل وامرأة تحل له شرعًا غایته إنشاء رابطة للحیاة المشترکة والنسل"([4]).
المقصد الثانی
الحکمة من الزواج
إن الحکمة من الزواج إذا نظرنا الیها من جهة الشارع کانت الحکمة المقصد الأصلی من تشریع الشارع للزواج، وإذا نظرنا الیها من جهة العبد کانت القصد من إرادة الفرد من الزواج، وان الشارع الحکیم إذا أراد مقصد ما وضع فی نفس العبد ما یرغبه به لتحقق مقصده ولهذا قسم الفقهاء المسلمون مقاصد الزواج إلى مقاصد أصلیة ومقاصد تبعیة فالأصلیة هی مقصود الشرع من النکاح وتنحصر فی ابتغاء النسل وحفظه من الاختلاط وحفظ الفروج أی حفظ العرض وحفظ النسل، أما المقاصد التبعیة فهی التی یکون فیها حظ للمکلف وما جلبت علیه نفسه، وتکون خادمة للمقاصد الأصلیة فالمکلف یرغب فی إشباع غریزته الجنسیة وابتغاء الولد وتحقیق السکن والمودة ([5]). إذن مقاصد الزواج هی حفظ النسل وحفظ العرض وبهذین المقصدین یحفظ الدین؛ لأن الأصل أن الزواج یعف الزوجین من الزنا ویحفظ نسلهما من الاختلاط.
الفرع الثانی
أرکان عقد الزواج
الرکن فی اللغة له معانٍ عدة منها احد الجوانب التی یستند الیها الشیء ویقوم بها ومنها انه جزء من أجزاء حقیقة الشیء یقال رکن الصلاة ورکن الوضوء([6]).
والرکن فی الاصطلاح: هو ما یقوم به ذلک الشیء من التقویم، إذ قوام الشیء برکنه لا من القیام وإلا یلزم انه یکون الفاعل رکنًا للفعل والجسم رکنًا للعرض والموصوف للصفة، وقیل رکن الشیء ما یتم به وهو داخل فیه بخلاف شروطه وهو خارج منه([7]).
وأرکان عقد الزواج وفقًا للرأی الراجح فی الفقه رکنین وهما الایجاب والقبول وهذا ما قال به الحنفیة قال ابن نجیم الحنفی فی البحر الرائق "الشرع یعتبر الإیجاب والقبول أرکان عقد النکاح" ([8]) وقال الکاسانی "وأما رکن النکاح فهو الإیجاب والقبول"([9]).
وبناءً على ذلک جاء نص المادة الرابعة من قانون الأحوال الشخصیة العراقی بـ "ینعقد الزواج بإیجاب یفیده لغًة أو عرفًا من أحد العاقدین وقبول من الأخر ویقوم الوکیل مقامه".
والإیجاب هو أول کلام یصدر من طرفی انشاء الزواج سواء أکان زوجًا أم زوجة أم من ینوب عنهما. أما القبول فهو ما صدر عن الطرف الثانی بعد الایجاب فصیغة الزواج مرکبة مکونة من هذین الجزأین([10]).
أما ما ذهب الیه الشافعیة([11]) والمالکیة([12]) من أن أـرکان الزواج خمسة الأول الصیغة (الإیجاب والقبول) والثانی الولی والثالث الزوج والرابع الزوجة الخامس الشهود، وکذلک الحنابلة بأن أرکان الزواج ثلاثة الأول الزوجان والثانی الإیجاب والثالث القبول والجعفریة فغیر صائب لأنه یصطدم مع المنطق السلیم الذی یرجع الیه موضوع الکلیة والجزئیة أو الکل والجزء، فالزواج سواء اعتبر عقدًا کما یقول الفقهاء أو میثاقًا کما یقول القرآن فهو عبارة عن صیغة مکونة من الإیجاب والقبول؛ لأنه تصرف شرعی مرکب من جزئیین یدل على مجموعهما دلالة مطابقیة وعلى أحدهما ضمن المجموع دلالة تضمینیة وعلى الحقوق والالتزامات الزوجة دلالة التزامیة إذن کیف تکون الصیغة رکنًا لنفسها وکیف یعتبر الولی رکنًا مع قول أکثر الفقهاء بجواز تزوج البالغة العاقلة الرشیدة نفسها ممن تختاره شریکًا لحیاتها وهو کفؤ لها وبمهر المثل، وبوجه خاص إذا کانت ثیبًا أو کان الولی عاضلاً وکان الزواج قد تم أمام القضاء([13]).
المطلب الثانی
شروط عقد الزواج
الشرط فی اللغة العلامة ([14])، ومنه قوله تعالى: )فَهَلْ یَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِیَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا(([15]) أی علاماتها.
وفی الاصطلاح الشرعی والقانونی: ما یتوقف علیه الشیء وجودًا أو صفًة دون ان یکون جزءًا من حقیقته بحیث یلزم من عدمه العدم ولا یلزم من وجوده الوجود([16]).
وشروط عقد الزواج أربعة هی: شروط الانعقاد، وشروط الصحة وشروط النفاذ وشروط اللزوم، ونتناول کل نوع من هذه الشروط فی نقطة مستقلة وعلى النحو الآتی:
أولاً: شروط الانعقاد:
وهی الشروط التی یتم العقد بوجودها وینعدم بانعدامها أی یکون العقد باطلًا وهذه الشروط تأتی فی الأهمیة بعد الارکان وهی منها ما یتعلق بالعاقدین ومنها ما یتعلق فی صیغة الایجاب والقبول([17]) فما یتعلق بالعاقدین شرطان هما:
والذی یتعلق بالإیجاب والقبول:
ثانیاً: شروط الصحة
هی الشروط التی یعتبر العقد بتحققها صحیحًا، صالحًا لترتب الأحکام التی انیطت به وبدونها یکون العقد فاسدًا([19]) وهذه الشروط هی:
ثالثاً: شروط النفاذ
وهی الشروط التی یترتب على وجودها نفاذ أحکام العقد وتترتب آثاره علیه بالفعل، وإذا تخلفت کان العقد موقوفًا على اجازة من له حق إجازته ([25]) وهذه الشروط هی:
رابعاً: شروط اللزوم
وهی الشروط التی إذا توفرت لا یحق لأی من الطرفین وغیرهما فسخ العقد بإرادته المنفردة أو عن طریق القضاء ولکن یجوز الفسخ باتفاق الطرفین کما فی الخلع.
وأهم تلک الشروط:
وقد عالج المشرع العراقی شروط عقد الزواج بشکل معیب ناقص غیر محدد لطبیعة تلک الشروط فنصت المادة السادسة من "قانون الأحوال الشخصیة العراقی" على أنه "1. لا ینعقد عقد الزواج إذا فقد شرطًا من شروط الانعقاد أو الصحة المبینة فیما یلی:
أ. اتحاد مجلس الإیجاب والقبول.
ب. سماع کل من العاقدین کلام الاخر واستیعابها بأن المقصود منه عقد الزواج.
ج. موافقة الإیجاب والقبول.
د. شهادة شاهدین متمتعین بالأهلیة القانونیة على عقد الزواج.
هـ. أن یکون العقد غیر معلق على شرط أو حادثة غیر محققة ".
المبحث الثانی
زواج الخنثى الواضح
سنتناول فی هذا المبحث مطلبین المطلب الأول نجعله لمدى صحة زواج الخنثى الواضح أما المطلب الثانی فسیکون لأثر تصحیح الجنس وتغییره على زواج الخنثى الواضح وذلک على النحو الآتی.
المطلب الأول
مدى صحة زواج الخنثى الواضح
الخنثى غیر المشکل (الخنثى الواضح) هو من بانت فیه علامة الذکورة أو الأنوثة وغلبت فیه علامات الذکورة على الأنوثة أو بالعکس، فهذا النوع من الخنثى یکون زواجه جائز فقهاً وقانونًا بحسب ما یغلب علیه من العلامات، فإذا کانت العلامات الغالبة فیه علامات الذکورة وتزوج من أنثى کاملة الأنوثة ، وکذلک الحال إذا کانت العلامات الغالبة فیه علامات الأنوثة وتزوجت من ذکر کامل الذکورة فزواجه صحیح إذا توافرت شروطه وانتفت موانعه، وبهذا الصدد قال الامام الشافعی (رحمه الله): "وإذا کان الخنثى یبول من حیث یبول الرجل فتنکح على انه رجل فالنکاح جائز.... وإذا نکح المرأة... ولم تنکح بانها رجل فالنکاح جائز"([28]) کما ذکر الماوردی فی الحاوی الکبیر بانه "فإن بال (أی الخنثى) من الذکر کان رجلًا وکان الفرج عضوًا زائدًا وأُجری علیه حکم الرجال فی جمیع أحواله، وإن بال من الفرج کان امرأة وکان الذکر عضوًا زائدًا، وأُجری علیها حکم النساء فی جمیع أحوالها؛ لأن وجود منفعة العضو فیه دلیل على أنه مخلوق له"([29]). وترجع إباحة الفقهاء المسلمون لزواج الخنثى الغیر مشکل بأن اتضاح وتغلیب احدى العلامات علیه من الذکورة أو الأنوثة والزواج بمقتضى الغالب فیه من النوع الأخر لجنسه یوافق الفطرة البشریة ومبنى العلاقة الزوجیة التی تقتضی بوجوب اختلاف نوع الجنس بین طرفیه، فزواجه على هذا النحو یکون موافق لقوانین الفطرة البشریة التی تقضی بمیل الذکر إلى الأنثى وبالعکس وموافق لحکم الشریعة الإسلامیة المقرة بوجوب اختلاف النوع الجنسی بین طرفی العلاقة الزوجیة وهذا الأمر واضح جلی وبدیهی ومؤکد بالتعریفات الفقهیة القانونیة لعقد الزواج التی غالبًا ما رکزت على هذا الجانب بالقول أن عقد الزواج هو عقد بین رجل وامرأة وعلیه ما دامت الخنوثة الواضحة لم یؤثر فی ذکورة الزوج وانوثة الزوجة فإن الزواج یکون صحیحًا لتحقق أهم أرکانه وهو اختلاف نوع الجنس بین طرفیه، متى ما تحقق أرکانه الأخرى وتوافرت شروطه وانتفت موانعه. وکون زواج الخنثى الغیر مشکل صحیحًا فإنه یترتب علیه جمیع آثار عقد الزواج الصحیح من مهر ونفقة ونسب وجمیع الحقوق والالتزامات التی تقع على عاتق طرفیه منذ لحظة انعقاده، غیر ان هذا لا یعنی ان زواج الخنثى غیر المشکل جائز وصحیح فی الأحوال جمیعها، فإذا ما أراد هذا الخنثى ان یتزوج على عکس ما غلبت فیه من علامات فلا یجوز له ذلک وان تزوج فزواجه یعد باطلًا، وصور هذا الزواج الباطل تکمن بما یأتی:
الصورة الأولى: زواج خنثى غلبت فیه علامات الذکورة (خنثى کاذب ذکری) من ذکر کامل الذکورة.
الصورة الثانیة: زواج خنثى غلبت علیها علامات الأنوثة (خنثى کاذبة أنثوی) من أنثى کاملة الأنوثة.
الصورة الثالثة: زواج خنثى غلبت فیه علامات الذکورة من خنثى نفسه أی زواج (خنثى ذکری کاذب من خنثى ذکری کاذب).
الصورة الرابعة: زواج خنثى غلبت فیها علامات الأنوثة من خنثى نفسها أی زواج خنثى أنثوی کاذب من أنثى انثویة کاذبة.
فجمیع هذه الصور یکون فیها الزواج باطلًا ولا یترتب أی أثر شرعی وقانونی؛ لأنه لم یصادف محلهُ، ومخالفًا للفطرة البشریة، وحکم الشریعة الإسلامیة والقوانین الوضعیة خصوصًا قوانین البلدان العربیة الإسلامیة والتی تقتضی بوجوب اختلاف نوع الجنس بین طرفی العلاقة الزوجیة، أما إذا تم الدخول بهذه الصور الأربعة فیکون الحکم کالآتی:
ففی الصورة الأولى والثالثة ولا حیاء مع العلم إذا ادخل الخنثى الواضح ذکره فی دبر من کان کامل الذکورة تحققت جریمة اللواط والحکم عینه إذا ادخل الذکر الکامل الذکورة ذکره فی دبر الخنثى([30])، أما إذا ادخل من کان کامل الذکورة ذکره فی فرج الخنثى الذکری الکاذب فلا یقام علیه حد الزنا؛ لأنه فرج غیر أصلی بل زائد ولا یأخذ حکمه ویجب التقریر على حسب ما قرره الفقهاء المسلمون([31]).
أما الحکم فی الصورة الثانیة والرابعة فهی إذا ادخل الخنثى ذکره الکاذب فی الفرج الاصلی للخنثى الواضحة الأنوثة أو فی دبرها فلا یعتبر ذلک زنا؛ لأن الذکر فیها عضو زائد غیر أصلی فلا یأخذ ولکن یترتب على هذا الفعل السحاق المحرم شرعًا([32]).
وتعد هذه الصور الأربعة زواجًا مثلیًا([33]) لاتحاد الجنس بین طرفی العلاقة الزوجیة وهو باطل بالشرع والقانون ومستوجبًا للعقاب.
والجدیر بالذکر إن العلم النفسی نفسه یعارض زواج المثلیین ویعتبر بأن کل من الرجال والنساء مخلوقین نفسیًا وعاطفیًا لتکمیل أحدهما الأخر، ویقول علماء النفس بشأن العائلة إن الاتحاد بین الرجل والمرأة یکون المثال الجید للأدوار المختلفة وهو افضل بیئة لتنشئة أطفال اسویاء، کما أن من الواضح أن الطبیعة الجسدیة للرجال والسیدات قد صُممت لکی تتواءم معًا جنسیًا، وبما أن الهدف الأساسی للعلاقة الجنسیة هو الإنجاب فمن الواضح أنه فقط العلاقة الجنسیة بین الرجل والمرأة هی التی یمکن أن تحقق هذا الهدف فالطبیعة الجسدیة أیضًا تعارض زواج المثلیین([34]).
أما بالنسبة لموقف القوانین الوضعیة من زواج الخنثى الواضح فإنه لا یوجد نص فی قوانین الأحوال الشخصیة واضح ینص على اباحة أو منع زواج الخنثى الواضح وبهذه الحالة یجب الرجوع إلى نصوص الإحالة، والمحال الیه فی اغلب ان لم یکن جمیع قوانین الأحوال الشخصیة العربیة الشریعة الإسلامیة إما بقواعدها العامة([35]) أو بالفقه الإسلامی([36]) وقد بینا أن حکم الشریعة الإسلامیة بصورة عامة والفقه الإسلامی بصورة خاصة هو اباحة زواج الخنثى الواضح متى ما تزوج على الغالب من امره من النوع الاخر لجنسه، اما إذا تزوج على عکس ظاهره فإن زواجه یکون باطلًا لتماثل الجنسین.
المطلب الثانی
مشروعیة تصحیح الجنس وتغییره وأثره على أحکام زواج الخنثى الواضح
سنتناول فی هذا المطلب فرعین نجعل المطلب الأول لمشروعیة تصحیح الجنس وتغییره أما المطلب الثانی فسیکون لأثر تصحیح جنس الخنثى الواضح وتغییره على أحکام الزواج.
الفرع الأول
مشروعیة تصحیح الجنس وتغیره
سنتناول فی هذ الفرع مقصدین المقصد الأول لمدى مشروعیة تصحیح الجنس وتغیره فی الفقه الإسلامی أما المقصد الثانی نجعله لمدى مشروعیة تصحیح الجنس وتغییره فی القانون العراقی وذلک على النحو الآتی:
المقصد الأول
مدى مشروعیة تصحیح الجنس وتغیره فی الفقه الإسلامی
هناک الکثیر من الفتاوى المعاصرة الخاصة بهذا الشأن وسنقتصر على بیان قرار مجلس المجمع الفقهی الإسلامی لرابطة العالم الإسلامی([37]) لأن الفتاوى الأخرة تحمل نفس المعنى وبلفظ مختلف فقد جاء فی نص القرار "الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبی بعده سیدنا ونبینا محمد r وعلى اله وصحبه، أما بعد: فأن مجلس المجمع الفقهی الإسلامی لرابطة العالم الإسلامی فی دورته الحادیة عشر المنعقدة فی مکة المکرمة فی الفترة من یوم الاحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبرایر 1989 م إلى یوم الاحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبرایر 1989 م، قد نظر فی موضوع تحویل الذکر إلى الأنثى وبالعکس. وبعد البحث والمناقشة بین اعضائه قرر ما یلی:
أولًا: الذکر الذی کملت أعضاء ذکورته والأنثى التی کملت أعضاء أنوثتها لا یجوز تحویل أحدهما إلى النوع الأخر ومحاولة التحویل جریمة یستحق فاعلها العقوبة لأنه تغییر فی لخلق الله. وقد حرم سبحانه هذا التغییر بقوله مخبرًا عن قول الشیطان)وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّیَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّکُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن یَتَّخِذِ الشَّیْطَانَ وَلِیّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِیناً( النساء /119 فقد جاء فی صحیح مسلم عن ابی مسعود قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغیرات خلق الله عز وجل) ثم قال الا العن من لعن رسول الله rوهو فی کتاب الله عز وجل. یعنی قوله: )مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ کَیْ لَا یَکُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاء مِنکُمْ وَمَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقَابِ( الحشر /7
ثانیًا: أما من اجتمع فی اعضائه علامات النساء والرجال فینظر فیه إلى الغالب من حاله فأن غلبت علیه الذکورة حاز علاجه طبیًا بما یزیل الاشتباه فی ذکورته ومن غلبت علیه علامات الأنوثة حاز علاجه طبیًا بما یزیل الاشتباه فی أنوثته سواء کان العلاج بالجراحة أم بالهرمونات لأن هذا مرض والعلاج یقصد به الشفاء منه ولیس تغییرًا لخلق الله U وصلى الله على سیدنا محمد وعلى اله وصحبه و سلم تسلیمًا کثیرًا والحمد لله رب العالمین" یتضح من القرار الآتی
المقصد الثانی
مدى مشروعیة تصحیح الجنس وتغیره فی القانون العراقی
جاء فی "التعلیمات رقم (4) لسنة 2002 تصحیح جنس الإنسان استنادًا إلى أحکام المادتین (1) و(105) من قانون الصحة العامة رقم (89) لسنة 1981.
المادة (1): تشکل لجنة مختصة فی مستشفى حکومی حصرًا فی کل دائرة صحة ودائرتی مدینة صدام الطبیة والیرموک الطبیة مهمتهما دراسة طلبات تصحیح الجنس المقدمة من ذوی العلاقة أو ذویه لمن یقل عمره عن 18 سنة من الاختصاصات الآتیة:
أولًا : جراحة المجاری البولیة
ثانیًا : نسائیة وتولید
ثالثًا : الطب النفسی
رابعًا : وراثة خلویة
خامسًا: موظف قانونی تکون مهمته توجیه مقدم الطلب وذویه عن الآثار القانونیة للتغییر ومعاونة اللجنة فی المسائل القانونیة بهذا الخصوص.
المادة (2): یجب على مقدم الطلب تقدیم تقریر طبی من طبیب اختصاص الذی یروم فیه إجراء العملیة ویتضمن الرأی العلمی فی نوع عملیة تصحیح الجنس بشکل تفصیلی.
المادة (3): على مقدم الطلب إجراء الفحوص التالیة وتقدیم نتائجها إلى اللجنة المنصوص علیها فی المادة (1) من هذه التعلیمات.
أولًا: التقییم النفسی
ثانیًا: الفحص السریری الظاهری phenotype للأعضاء التناسلیة الخارجیة
ثالثًا: فحص بأمواج فوق الصوتیة أو الوسائل الأخرى مثل الرنین المغناطیسی للأعضاء التناسلیة الداخلیة وتحدید نوعیة الغدد التناسلیة.
رابعًا: فحص الهرمونات الآتیة:
وموجودة لدى الذکر والأنثى هرمونات تفرز من الغدد النخامیة لتنشیط عمل الغدد الجنسی:
خامسًا: فحص الکروموستات الصبغیات الوراثیة لتحدید الجنس الوراثی.
المادة (4): اذا ثبت بعد التقییم النفسی والسریری بأن الحالة نتیجة اضطراب هویة الجنس TRANSEXUALSM فیحال المریض إلى اللجنة الطبیة النفسیة الأولیة ومن ثم إلى اللجنة الاستئنافیة النفسیة وفی حال موافقتها على إجراء عملیة التصحیح یخضع المریض إلى برنامج علاجی تأهیلی لمدة تقررها اللجنة الطبیة للتعایش مع التصحیح.
المادة (5): یجوز اجراء العملیة فی مستشفى حکومی وأهلی بناءً على رغبة صاحب العلاقة أو ذویه بعد الانتهاء من مدة التأهیل التی تقررها اللجنة.
المادة (6): تکون ادارة المستشفى والطبیب الجراح مسؤولین عن إجراء أی عملیة تصحیح جنس خلافًا لأحکام القانون وهذه التعلیمات.
المادة (7): تقوم دائرة الصحة بإبلاغ دائرة التجنید ودائرة الأحوال المدنیة بتصحیح جنس صاحب العلاقة.
المادة (8): تنفذ هذه التعلیمات من تاریخ نشرها فی الجریدة الرسمیة".
یلاحظ من هذه النصوص ان موقف المشرع العراقی من جراحة الخنوثة غامض ووجه الغموض أن المشرع العراقی استخدم تارةً مصطلح تصحیح الجنس وذلک فی المادة الأولى من التعلیمات المشار الیها أعلاه، وتارةً أخرى استخدم مصطلح التغییر فی الفقرة خامسًا من المادة الأولى.
غیر أن ما یصرف الأذهان إلى أن المشرع العراقی أراد تغییر الجنس ولیس تصحیحه هو نص المادة الرابعة من هذه التعلیمات ، وهذا ما یظهر لنا بتحلیل هذه المادة بالشکل الآتی:
إن مطلع المادة یقرر أنه إذا ثبت بعد التقییم النفسی والسریری بأن الحالة هی نتیجة اضطراب الهویة الجنسیة فیحال المریض إلى اللجنة الطبیة النفسیة الأولیة ومن ثم إلى اللجنة الطبیة الاستئنافیة.. والنص إلى هذا الحد یظهر فیه عدة أمور:
أولًا: إن مرض اضطراب الهویة الجنسیة مرض نفسی بحت وبالتالی فإن علاجه یجب أن یکون علاجًا نفسیًا وهذا ما أشارت إلیه الأبحاث الحدیثة لعام (2011) إذ جاء فی توصیات هذه الأبحاث التأکید على ضرورة الاهتمام بالعلاج النفسی للمصاب بمرض اضطراب الهویة الجنسیة.([38])
ثانیًا: مما یزکی هذه النظرة أن المشرع العراقی أحال مضطرب الهویة الجنسیة إلى اللجان الطبیة النفسیة، وهذا التوجه من المشرع العراقی جیداً إلى هذا الحد.
ولکن استئناف قراءة هذا النص نجد أن المشرع أعطى اللجنة الطبیة الاستئنافیة فی حال عجزها عن معالجة هذا المریض، بحسب مفهوم نص القرار فی إجراء عملیة تصحیح الجنس، والحق أن هذا لیس تصحیحًا للجنس بل تغییرًا له مادام لم یصاحب الاضطراب فی الهویة الجنسیة خلل فی الأعضاء التناسلیة ، وعلى أیة حال فان کان قصد المشرع العراقی تغییر الجنس فیجب أن یعدل عن هذا الموقف لمخالفته لإحکام الشریعة الإسلامیة وإذا کان قصده تصحیح جنس الخنثى فإن ترک النصوص بهذه الحالة یفتح باب التذرع لکل من تسول له نفسه تغییر جنسه التمسک بظاهرها، وفی الحالتین کلتیهما یتعین على المشرع العراقی أن یعدل هذه النصوص لتکون موافقة لإحکام الشریعة الإسلامیة، ولذلک نقترح أن تکون بالصیاغة الآتیة:
أولًا: تعدیل الفقرة خامسًا من المادة الأولى من هذه التعلیمات لکی تکون بالصیاغة الآتیة موظف قانونی تکون مهمته توجیه مقدم الطلب وذویه عن الآثار القانونیة الناتجة عن تصحیح جنس الخنثى ومعاونة اللجنة فی المسائل القانونیة بهذا الخصوص.
ثانیًا: تعدیل المادة الرابعة وهی الأهم لتکون بالصیاغة الآتیة:
أولًا: إذا ثبت بعد التقییم النفسی السریری بأن الحالة نتیجة اضطراب هویة الجنس وإن أعضائه التناسلیة هی أعضاء الذکر الکامل الذکورة او أعضاء الأنثى الکاملة الأنوثة فیحال المریض إلى اللجنة الطبیة النفسیة الأولى ومن ثم إلى اللجنة الاستئنافیة النفسیة لتتولى علاجه.
ثانیًا: أما إذا ثبت بعد التقسیم النفسی والسریری بأن الحالة نتیجة اضطراب هویة الجنس وصاحب ذلک خلل بالأعضاء التناسلیة الذکریة والأنثویة کتساویها أو انعدامها أو وجودهما مع تغلیب علامات الذکورة على الانوثة أو بالعکس فیحال المریض إلى لجنة طبیة جراحیة لتصحیح جنسه بإزالة العلامات المغلوبة وتنشیط الغالبة إذا کانت العاملات غیر متساویة فی الغلبة، ومما تراه اللجنة الطبیة لتصحیحه على نوع جنس معین إذا کانت علامات الذکورة والأنوثة متساویة فی الغلبة أو منعدمة.
الفرع الثانی
أثر تصحیح الجنس وتغییره على زواج الخنثى الواضح
إذا کان الشرع والقانون أعطى الخنثى الغیر مشکل (الخنثى الکاذب) الحق فی تصحیح جنسه فإن هذا الحق لیس حقا مطلقا بالنسبة له بل مقید بان یکون بإزالة المغلوب علیه من علامات وبقاء الغالب فیه فإن کان الغالب علیه علامات الذکورة فلا یحق له أن یطلب تحویله إلى أنثى بدافع مرض الخنوثة وکذلک الحال إذا کان الغالب علیه علامات الأنوثة فلا یحق أن تطلب تحویلها إلى ذکر وهذا حالة مسندة بمفهوم قرار مجلس المجمع الفقهی الإسلامی لرابطة العالم الإسلامی والذی جاء فیه "... ثانیًا: أما من اجتمع فی اعضائه علامات النساء والرجال، فینظر إلى الغالب فی حاله فإن غلبت علیه الذکورة جاز علاجه طبیاً بما یزیل الاشتباه فی ذکورته ومن غلبت علیه علامات الأنوثة جاز علاجه طبیًا بما یزیل الاشتباه فی أنوثته، سواء کان العلاج بالجراحة أم بالهرمونات لأن هذا مرض والعلاج یقصد به الشفاء منه، ولیس تغییرًا لخلق الله (U)، وصلى الله على سیدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلیمًا کثیرًا والحمد لله رب العالمین"([39]).
وعلى هذا إذا ما تم تصحیح جنس الخنثى الواضح وفقًا للغالب من علاماته جاز له الزواج من النوع الأخر من جنسه وزواجه صحیحاً نافذاً تترتب علیه جمیع الحقوق والالتزامات والحکم عینه إذا کان متزوج، فزواجه یکون صحیحاً وباقٍ ما دام أنه قد تزوج على الغالب ما فیه من علامات من النوع الأخر لجنسه وتترتب علیه جمیع آثاره من لحظة انعقاده. أما إذا طلب تغییر جنسه على المغلوب فیه من علامات على الغالب أی کان الغالب فیه الذکورة وطلب تغییره إلى الأنوثة أو کان الغالب فیه الأنوثة وطلب تغییره إلى الذکورة فالمفروض هنا الا یجاب إلى طلبه؛ لأن ذلک یعد تغییراً للجنس على خلاف ما کان علیه وهو محرم شرعاً، ولکن قد یحدث ان تُجرى لهذا الخنثى عملیة جراحیة أو یعالج بالهرمونات على عکس ما هو غالب علیه من علامات بأن کانت العلامات الغالبة فیه هی الذکورة وتغییر إلى أنثى أو بالعکس بان کانت العلامات الغالبة فیه هی الأنوثة وتغییر إلى ذکر فالسؤال الذی یطرح نفسه فی هذا المقام هو هل یجوز لهذا الخنثى المغیر جنسیًا الزواج؟ وإذا تزوج فما مصیر هذا الزواج؟. أن الإجابة على هذا السؤال تقتضی التفریق بین أمرین:
الأمر الأول: إذا کان للخنثى الواضح المغیر لجنسه غیر متزوج وکان قبل تغییر جنسه خنثى کاذب ذکری أی ان العلامات الغالبة فیه هی الذکورة أو کان خنثى کاذب انثوی أی ان العلامات الغالبة فیه هی الأنوثة وبعد التغییر أصبح الخنثى الکاذب الذکری أنثى وأصبحت الخنثى الکاذب الأنوثی ذکر، وأراد ان یتزوج فلا یحق له ان یتزوج بصفته الجدیدة؛ لأن ما ینتج عن هذا التغییر من صفة الذکورة أو الأنوثة یکون مصیرها البطلان وعدم الاعتراف بها ومن ثم عدم جواز الزواج بمقتضاها ویعضد ذلک القواعد الفقهیة الآتیة:
أولًا: القاعدة الفقهیة "الیقین لا یزال بالشک"([40]) فالذکورة أو الأنوثة قبل التغییر یقین، أما ما اکتسبه من صفة الذکورة أو الأنوثة بعد التغییر یعتبر شک، فما ثبت بالیقین من صفته قبل التغییر لا یزال بالشک بعد التغییر.
ثانیًا: القاعدة الفقهیة "الأصل بقاء ما کان على ما کان"([41])، وبما أن ذکورته أو انوثته تعتبر هی الأصل قبل التغییر فیجب الحکم بمقتضاها.
ثالثًا: القاعدة الفقهیة "الأصل فی الصفات العارضة العدم"([42]) فالصفة التی اکتسبها الخنثى الواضح بعد التغییر من الذکورة أو الأنوثة تعتبر صفة عارضة لا أصلیة فیحکم علیها بالأحکام بالعدم.
رابعًا: القاعدة الفقهیة "الأصل فی الإبضاع التحریم ما لم یرد دلیل على جوازه"([43])، والدلیل على جواز زواجه بالصفة التی صار علیها بعد التغییر منعدم بالإجماع والإجماع لا تجوز مخالفته بالإجماع.
خامسًا: القاعدة الفقهیة "ما کان قدیمًا یترک على حاله ولا یتغیر إلا بحجة"([44])، وبما ان تغییر جنسه یفتقد إلى الحجة کونه فعل محرم فلزم ان یترک حاله على ما کان علیه قدیمًا قبل التغییر بالتالی عدم جواز زواجه بحسب حاله بعد التغییر.
سادسًا: القاعدة الفقهیة "ما اجتمع مبیح ومحرم إلا وغلب المحرم"([45])، فعلى الفرض جدلًا ان امر جواز زواجه دائر بین الحل والحرمة فالحرمة تقدم لأنها الأحوط فی الأنکحة استنادًا إلى قاعدة "الأصل فی الابضاع التحریم".
سابعًا: لو فرضنا جدلًا ان امر زواجه یخرج من دائرة التحریم، فإنه من غیر الممکن خروجه عن دائرة الشبه، فإنه أمرنا الرسول r بتوقیرها فعن عامر قال سمعت رسول الله محمد r یقول: "الحلال بین والحرام بین وبینهما مشبهات لا یعلمها کثیر من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدینه وعرضه ومن وقع فی الشبهات کراع یرعى حول الحمى یوشک ان یواقعه الا وان لکل ملک حمى ألا إن حمى الله فی أرضه محارمه ألا وأن فی الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد کله وإذا فسدت فسد الجسد کله ألا وهی القلب"([46]).
وبعد اتضاح الحکم بعدم احقیة زواج الخنثى الواضح بحسب وضعه الجدید بعد التغییر، قد یتبادر إلى الذهن الحکم بأحقیة زواجه بحسب وضعه قبل تغییر جنسه، بالاستناد إلى الاعتداد بوضعه السابق عن تغییر جنسه کما وضحنا سابقًا ولکن سرعان ما یزول هذا الحکم إذا ما علمنا أن زوجه أصبح محال بحسب وضعه قبل التغییر، فلو اعتبرنا أصله ذکر وأراد أن یتزوج من أنثى فإن ذلک محال؛ لأنه آلة الذکورة والمنسل أزیلت بفعل التغییر ولا یستطیع القیام بدوره کذکر فی الحیاة الزوجیة.
وکذلک إذا اعتبرنا أصله أنثى وأراد ان یتزوج من ذکر فإن ذلک محال؛ لأن الطبیعة الجسدیة التی آل الیها بعد تغییر جنسه تحول دون القیام بدوره کأنثى فی الحیاة الزوجیة فعلامات الأنوثة قد ماتت فیه ویصبح زواجه ذکر من ذکر وهذا غیر جائز شرعًا وقانونًا ومخالفاً للفطرة البشریة.
الأمر الثانی: مصیر زواج الخنثى الواضح بعد تصحیح جنسه وتغییره
وهنا نفترض ان الخنثى الواضح تزوج على وفق الغالب فیه من علامات بأن کان مثلًا خنثى واضح الذکورة وتزوج من أنثى کاملة الأنوثة أو خنثى واضحة الأنوثة أو بالعکس فالزواج هنا صحیحًا لموافقته لمحله متى ما تحققت أرکانه الأخرى وتوافرت شروطه وانتفت موانعه.
وبناءً على ذلک إذا صحح الخنثى الغیر مشکل جنسه على وفق ما صح به زواجه شرعًا، فإن هذا التصحیح لا یؤثر على صحة الزواج وامکانیة استمراره وترتیب آثاره الشرعیة والقانونیة منذ لحظة انعقاده.
أما إذا غیر جنسه على عکس ظاهره الذی تزوج علیه فإن زواجه یبطل منذ لحظة التغییر المتماثل الجنسین فی العلاقة الزوجیة، أما آثار هذا الزواج قبل التغییر فالأصل أن تبقى صحیحة ونافذة من لحظة انعقاد العقد إلى حین التغییر. وتغییر جنس الخنثى الواضح بعد الزواج یکون مبطلًا للزواج حتى ولو غیر کل من الزوجین جنسهما على عکس ظاهرهما الذی تزوجا علیه أی أصبح الزوج بعد التغییر أنثى وأصبحت الزوجة ذکر لمحرمیة هذا الفعل هذا من جانب ومن جانب أخر فعلى الفرض جدلًا أن ذلک لا یبطل الزواج ما دام اختلاف الجنسین بین طرفی العلاقة الزوجیة متحقق غیر أن هذا الفعل یخالف الاستصحاب ؛لأن أصل الزواج کان على غیر هذه الصفة وحتى ولو تجاوزنا دلیل الاستصحاب فإنه وبحسب اعتقادی ألا تتوافق اللحظة الزمنیة بالتغییر فإذا تغیر من الزوج قبل الزوجة أو بالعکس وسبق أحدهما الأخر بتغییر جنسه ولو بلحظة تحقق التماثل بین الجنسین وبطل الزواج والله تعالى أعلى أعلم.
أما بالنسبة للموقف القانونی من تصحیح جنس الخنثى وتغییره فإن تصحیح الجنس بالنسبة للخنثى الواضح لم یؤثر على حقه الزواج متى ما صحح جنسه على وفق ما غلب علیه من علامات وهذا الحکم أیضًا یؤخذ من نصوص الإحالة کما أشرنا سابقًا.
أما إذا غیر الخنثى الواضح جنسه على عکس ما غلب فیه من علامات فإنه لا یحق له ان یتزوج لا بصفته بعد التغییر لمخالفته للشرع والاستمالة استکمال صفة الذکورة الکاملة أو الأنوثة الکاملة ولا بصفته قبل التغییر لأن طبیعته الجسدیة تحول دون زواجه من الذکر أو من الأنثى.
أما إذا کان الخنثى متزوج على وفق ما غلب علیه من علامات من النوع الأخر لجنسه ثم غیر جنسه على عکس ما صح زواجه بموجبه فإن القوانین محل الدراسة لم تنص على بطلان الزواج فی هذه الحالة مما یوجب الرجوع إلى نصوص الإحالة باستثناء "قانون الأحوال الشخصیة الإماراتی" إذ انه جاء بنص عام تندرج تحته هذه الحالة إذ نصت المادة (98) منه على انه "1. یفسخ عقد الزواج إذا اشتمل على مانع یتنافى ومقتضیاته أو طرأ علیه ما یمنع استمراره شرعًا".
المبحث الثالث
مدى صحة زواج الخنثى المشکل
لم یکن زواج الخنثى المشکل محل اتفاق بین الفقهاء المسمون بل اختلفت الآراء الفقهیة بشأن صحة زواجه من عدمه وکان لهذا الاختلاف أثره الواضح فی القوانین محل الدراسة باعتبار ان تلک القوانین أحالت هذه المسألة إلى الفقه الإسلامی، وبناءً على هذا فإنی سأتناول مدى صحة زواج الخنثى فی الفقه الإسلامی وفی القوانین محل الدراسة وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
مدى صحة زواج الخنثى المشکل فی الفقه الإسلامی
وهو الذی التبس أمره ولم تتضح ذکورته أو انوثته بعلامة معتبره([47])، وسمی المشکل؛ لأن ما لم یعلم تذکیره ولا تأنیثه الأصل فیه التذکیر([48])، ویرجع التباس أمر الخنثى المشکل إلى أمرین:
القسم الأول: من لیس له مخرج لا ذکر ولا انثى، ولکن له لحمة ناتئة کالربوة یرشح البول منها رشحًا على الدوام([50]).
القسم الثانی: من لیس له إلا مخرجًا واحدًا فیما بین المخرجین یتغوط ویبول منه([51]).
القسم الثالث: من لیس له مخرج أصلًا، لا قبل ولا دبر، وإنما یتقیأ ما یأکله ویشربه([52]).
القسم الرابع: من لیس له آلة الذکر ولا آلة الانثى، ویخرج من سرته کهیئة البول الغلیظ الخنثى المشکل المقصود هنا هو الخنثى المشکل عضویًا وقد اختلف الفقهاء المسلمون فی مدى صحة زواجه إلى ثلاثة آراء:
الرأی الأول: یذهب بالقول إلى عدم جواز زواج الخنثى المشکل عضویًا مطلقًا ولا یقبل منه اختیار لجنس معین للزواج بمقتضاه وان تزوج یکون زواجه باطلًا درءً لمفسدة الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة؛ لأنه ان تزوج امرأة لم یؤمن أن یکون امرأة وإن تزوج رجلًا لم یؤمن أن یکون رجلًا، فالخنثى المشکل وفقًا لهذا الرأی لا ینکح ولا یُنکح لاشتباه من تحل بمن لا تحل أی لاشتباه المباح والمحظور فی حقه فیقدم المحظور لأنه الأحوط بشأن النکاح وهذا ما ذهب الیه المالکیة([53]).
الرأی الثانی: یذهب هذا الرأی إلى ان زواج الخنثى المشکل موقوف ولا یحکم بصحته ولا ببطلانه ولا یفید الحل إلى ان تتضح حقیقته فإن ظهرت فیه علامات الذکورة وکان قد تزوج أنثى حکم بصحة نکاحه من حین العقد لأنه تبین ان تصرفه صادف محله، وان کان قد تزوج بذکر تبین بطلان العقد لأنه لم یصادف محله، وکذلک لو تزوج خنثى مشکل من خنثى مشکل على ان احدهما ذکر والاخر أنثى، فإن العقد یظل موقوفًا ولا یحکم بإجازته ولا بإبطاله حتى یتبین أمرهما؛ لأن العقد صدر من الولیین فلا یحکم ببطلانه ما لم یعلم انه لم یصادف محله ولا یحکم بجوازه لتوهم کونهما انثیین أو ذکرین أو على عکس ما قدره الولیان، وهذا ما ذهب الیه الحنفیة([54]).
یفهم من رأی الحنفیة ان عقد الخنثى المشکل صحیح؛ لأن العقد الصحیح عند الحنفیة ینقسم إلى نافذة وموقوف، والنافذ یقسم إلى لازم وغیر لازم، ولکن الوقوف هنا بالعقد غیر معلق على اجازة شخص لکی یکون العقد نافذاً ولکن تعلیقه على مصادفة العقد لمحله أی مصادفة اختلاف نوعی الجنس فی طرفی العلاقة الزوجیة.
الرأی الثالث: وهو للحنابلة والشافعیة ولدیهم تفصیل فی ذلک وجه هذا التفصیل یکون بثلاث أمور:
الأمر الأول: إذ لم یختار جنس معین للزواج بمقتضاه فلا یحق له انه یتزوج وان تزوج یکون زواجه باطلًا وبهذا یکون رأی الحنابلة([55]) والشافعیة([56]) موافق لرأی المالکیة.
وهذا ما نص علیه ابن قدامه بقول:" عن احمد فی روایة المیمونی... لأنه (الخنثى المشکل) لم یتحقق وجود ما یبیح له النکاح فلم یبح له... وکما لو لم یقل انی رجلًا ولا امرأة، ولأن قوله لا یرجع الیه فی شیء من احکامه فی المیراث والدیة وغیرهما فی نکاحه ولأنه لا یعرف نفسه کما لا یعرف غیره ولأنه قد اشتبه المباح بالمحظور فی حقه فحرم"([57]).
الأمر الثانی: إذا اختار جنس معین فله أن یتزوج بما اختار حتى ولو کان عضویًا خنثى مشکل حقیقته وهنا یکون رأی الحنابلة والشافعیة موافق لرأی الحنفیة من حیث الصحة ومن النصوص الفقهیة المؤکدة لهذا المعنى ما قاله الخرقی بانه "إذا قال الخنثى المشکل انا رجل لم یمنع من نکاح النساء ولم یکن له ان ینکح بغیر ذلک وکذلک لو سبق فقال انا امرأة لم ینکح الا رجلًا"([58]).
کما قال الشافعی فی الام بانه: "ینکح بأیهما شاء فبأیهما نکح لم أجز له غیره ولم أجعله ینکح بالآخر"([59]).
الامر الثالث: إذا رجع باختیاره إلى الجنس الاخر وهنا فرق الفقهاء بین حالتین:
الحالة الأولى: إذا عاد على اختیاره قبل الزواج فله ذلک وله ان یتزوج باختیاره الاخیر وبهذا الصدد قال العقابی معلقًا على رأی الامام الشافعی ولعله یرید (أی الامام الشافعی) إذا اختار واحدًا وفعله، اما مجرد الاختیار دون فعل فلا ینبغی ان یمنعه من اختیار الطرف الاخر"([60]).
وذکر المرداوی معلقًا على کلام الخرقی بأنه: على قول الخرقی لو لم یکن متزوجًا ورجع عن قوله الأول بأن قال أنا رجل ثم قال أنا امرأة أو عکسه فظاهر کلام الخرقی والأصحاب أن له نکاح ما عاد الیه([61]).
الحالة الثانیة: ان رجع عن اختیاره بعد الزواج فزواجه یبطل ولا یحق له بعد ذلک النکاح من الجهتین وبهذا الصدد قال ابن قدامه فی الکافی "... فعلى هذا ان عاد بعد نکاح المرأة فقال انا امرأة انفسخ نکاحه لإقراره ببطلانه.... ولا یحل له بعد ذلک أن ینکح لأنه أقر بقوله انا رجل بتحریم الرجال وأمر انا امرأة بتحریم النساء"([62]).
یفهم مما تقدم ما یأتی:
أولًا: ان الحنفیة والمالکیة لم یأخذوا بالمعیار النفسی للخنثى المشکل لتحدید جنسه قبل الزواج ومع هذا یکون الزواج منعقدًا وصحیحًا ولکنه موقوف عند الحنفیة وباطلًا عند المالکیة.
ثانیًا: ان الشافعیة والحنبلة اعتمدوا المعیار النفسی لتحدید جنس الخنثى المشکل قبل الزواج وأجازوا له الزواج باختیاره وزاجه یکون صحیحًا ونافذًا ولکنه غیر لازم، اما إذا لم یختار جنس معین قبل الزواج فلا یحق له ان یتزوج وان تزوج یکون زواجه باطلًا.
ثالثًا: ان زواج الخنثى المشکل بالاختیار عند الحنابلة والشافعیة صحیح نافذ غیر لازم، وعند الحنفیة صحیح ولکنه موقوف وغیر لازم، وعند المالکیة باطلًا سواء اختار جنس معین قبل الزواج ام لهم یختار.
رابعًا: ان زواج الخنثى المشکل یبطل عند الحنابلة والشافعیة بإقرار الزوج بعد الزواج بالأنوثة وبالعکس أو باتضاح حاله على عکس ظاهره الذی تزوج علیه، اما عند الحنفیة فالزواج لا یبطل الا باتضاح حالته الجسدیة فقط انها على عکس ظاهره الذی تزوج علیه.
الفرع الثانی
زواج الخنثى المشکل على عکس ظاهرهما الذی تزوجا علیه([63])
ان اختلاف نوع الجنس فی طرفی العلاقة الزوجیة لا یکفی للحکم على صحة الزواج حتى وان توافرت الارکان وتحققت الشروط وانتفاء موانع الزواج، بل یجب للحکم بصحة الزواج تحدید من هو الذکر ومن هو الأنثى فی هذا الزواج ولما کان جنس الخنثى المشکل دائر بین الأنوثة والذکورة ومع تصور امکانیة زواجه قد نجد ان الخنثى المشکل متزوج على أنه ذکر ثم یتبین انه أنثى، وقد یحدث العکس بان یتزوج على انه أنثى ثم یتبین انه ذکر، وهذه الفروض افترضها فقهاؤنا الاجلاء ووضع الحلول لهما، وقد یحدث ذلک بعد تصحیح جنسهما على عکس ظاهرها الذی تزوجا علیه بتقریر الاطباء وأقصد من ذلک بجواز أو لزوج شرعی ومن أقوال الفقهاء بهذا الصدد ما قاله ابن الهمام رحمه الله فی شرح فتح القدیر: "وفی النوازل قال ابو بکر: خنثى مشکل زوج من خنثى مشکل برضا الولی فلما کبرا إذا الزوج امرأة والزوجة رجل جاز نکاحهما عندی لأنه قوله زوجتک یستوی من الجانبین، وفی صغیرین قال أبو احدهما زوجتک بنتی هذه من ابنک هذا وقبل الاخر ثم ظهر أن الجاریة غلام والغلام جاریة جاز ذلک أیضًا وقال العتابی لا یجوز"([64])، ویذهب احد الباحثین([65]) بالقول بعد عرض هذه المسألة.
یتضح من أقوال الفقهاء ان هناک رأیین فی عرض هذه المسألة:
الرأی الأول: یقول بصحة هذا الزواج والرأی الثانی یذهب إلى بطلان هذا الزواج، وعقب على الرأیین بالقول بان نأخذ بالرأیین معًا فنأخذ بالرأی الثانی الذی یقول بالبطلان إذا توافرت سوء النیة عند طرفی عقد الزواج ولم یوجد بینهما أولاد ونأخذ بالرأی الأول إذا توافر حسن النیة عند طرفی عقد الزواج أی بعدم علمها بحالهما عند انعقاد الزواج ووجود الأولاد ویسترسل قائلًا ونکتفی هنا بتعدیل عقد الزواج بحسب الوضع الجدید فیصحح وضع المهر والنفقة وباقی الحقوق والواجبات الزوجیة([66]). ومع احترامنا لهذا الرأی إلا اننا لا نتفق معه ولا مع الرأی القائل بالصحة مطلقًا، بل نؤید الرأی القائل ببطلان هذا الزواج وذلک للأسباب الآتیة:
أولًا: إن الفقیه أبو بکر والذی قال بالصحة له قول آخر یناقض هذا القول وذکر قوله ابن قدامه فی المغنی بخصوص زواج الخنثى المشکل بأنه "وقال أبو بکر لا یجوز أن یتزوج حتى یتبین أمره"([67]) وبما أنه لا یجوز له الزواج فإنه إن تزوج یکون زواجه باطلًا.
ثانیًا: ان تحدید صفة الذکورة للزوج والأنوثة للزوجة یُعد من الأمور الجوهریة فی العقد؛ لأن هذه الصفة تعد محل اعتبار فی هذا الرباط المقدس، وبهذا الصدد قال الرملی "ولابد من تعیین کل من الزوجین والعلم بذکورة الزوج وانوثة الزوجة فالخنثى المشکل لا یصح ان یکون زوجًا وان اتضحت بعد العقد ذکورته ولا زوجة وان اتضحت بعده انوثته"([68]) فإذا کان زواج الخنثى المشکل لا یصح وحتى أن تبین أن زواجهما موافق لظاهرهما فمن باب أولى أن لا یصح إن تبین أنهما على عکس ظاهرهما الذی تزوجا علیه.
ثالثًا: إن الإیجاب والقبول یعتبر غیر مترابط فیما إذا قال رجل لأخر زوجتک ابنتی على مهر قدره کذا فقال الرجل قبلت الزواج على اقل مما أوجبه الولی فکیف ینعقد الزواج یکون فیه ما على الزوج له وما على الزوجة لها؟!.
رابعًا: إن الرأی الذی قدمه الباحث المذکور لم یقدم لنا الحل فیما إذا توافر حسن النیة ولم یوجد بینهما أولاد أو وجد بینهما أولاد ولکن کانا سیئا النیة.
خامسًا: وعلى الفرض جدلًا ان هناک من الفقهاء المسلمون من یبیح استمرار الزواج فی هذا الغرض؛ فإن الحکم اللازم اتخاذه لهذه الحالة هو بطلان الزواج استنادًا إلى القاعدة الفقهیة "إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام"([69])، ویعضد ذلک القاعدة الفقهیة القاضیة بأن الأصل فی الإبضاع التحریم([70]).
سادساً: إذا کانت الغایة من القول بصحة هذا العقد حال وجود الأولاد الحفاظ على نسبهم، فإن هذه الغایة متحققة أیضًا بالزواج الباطل؛ لأن الباطل والفاسد فی النکاح عند الجمهور سواء من حیث آثار الزواج إلا فی حالات معینة یختلف فیها الأثر فی الزواج الفاسد عنه فی الزواج الباطل، ولما کان النسب یثبت الزواج الفاسد وکان الباطل کالفاسد فإن ثبوت النسب بالزواج الباطل متحقق کثبوته بالزواج الفاسد، وبهذا الصدد قال الحموی فی غمز عیون البصائر "إن الفاسد والباطل فی باب النکاح مترادفان؛ لأن ثبوت الملک فی باب النکاح مع المنافی وإنما یثبت ضرورة تحقق المقاصد فی حل الاستمتاع للتوالد والتناسل فلا حاجة إلى عقد لا یتضمن المقاصد فلا یثبت الملک فإن قلت فإذا کان باطلًا کیف.
المطلب الثالث
اثر تصحیح الجنس([71]) على زواج الخنثى المشکل
یظهر اثر تصحیح جنس الخنثى المشکل على الزواج فی مسألتین الأول إذا صحح جنسه قبل الزواج وهنا البحث یقتصر على احقیته بالزواج والثانیة إذا صحح جنسه بعد الزواج والبحث هنا یکون حول مصیر الزواج بعد التصحیح وسأبین هذه المسألتین تباعًا وعلى النحو الآتی:
وسنتناول فی هذا الفرع مسألتین فی المقصدین الآتیین:-
المقصد الأول
تصحیح جنسه قبل الزواج
إذا کان الخنثى مشکل غیر متزوج وصحح جنسه على الذکورة أو الأنوثة بالجراحة أو بالهرمونات جاز له ان یتزوج بما آل الیه جنسه بعد التصحیح من النوع الاخر لجنسه؛ لأنه صفا إلى الذکورة أو الأنوثة بعد ان کان جنسه متأرجح بینهما، واجد هنا أنه إذا ما تعذر على الطب تحدید جنسه بان یؤخذ بالمعیار النفسی لتصحیح جنسه على وفق ما یختاره الخنثى المشکل بشرط ان لا یکون اختیاره للجنس الذی یروم ان یؤول الیه بعد الجراحة ضارًا به ضرارًا یفوق الضرر إذا ما صحح جنسه على عکس اختیاره فحینئذ لا نأخذ بالمعیار النفسی ونأخذ بما یقرره الأطباء أنه أصلح له فإن امتنع عن تصحیح جنسه وفقًا لاختیار الاطباء فلا یجبر قانونًا على اجراء الجراحة وربما یکون آثم شرعًا؛ لأن الخنوثة مرض فعن ابی الدرداء قال قال رسول الله r: "أن الله انزل الداء والدواء وجعل لکل داء دواء فتداوو ولا تداوو بحرام"([72]) فإن حمل الامر على الوجوب فهو آثم وان حمل على الندب لا یؤثم والله اعلم. ولعل من المفید هنا ان نبحث مسألة ما إذا اختار جنس معین للزواج به وآل جنسه إلى عکس اختیاره بعد تدبیر جراحته أو معالجته بالهرمونات مع هذه الحالة نرکن إلى ما آل الیه جنسه بعد التصحیح للتعویل علیه بمسألة الزواج ولیس على جنسه المختار قبل التصحیح، وهذا ان دل على شیء فإنما یدل على امکانیة القیاس من باب أولى على رأی الحنابلة([73]) والشافعیة([74]) القاضی بقبول رجوعه عن اختیار لجنس معین قبل الزواج؛ لأن الحالة التی نحن أمامها بعد التصحیح تحمل الیقین فیجب ان تقدم على الشک المحمول فی قوله قبل التصحیح.
المقصد الثانی
تصحیح جنس الخنثى المشکل بعد زواجه
وهنا نفترض ان الخنثى المشکل متزوج على وفق الجنس الذی اختاره ثم صحح جنسه وهنا أمامنا فرضین:
الفرض الأول: ان یصحح جنسه على حسب ظاهره الذی تزوج علیه وهنا یبقى على زواجه ویکون مرتبًا لآثاره منذ لحظة انعقاده.
الفرض الثانی: ان یصحح جنسه على عکس ظاهره الذی تزوج علیه فهنا یبطل عقد الزواج لتماثل الجنسین بین طرفی العلاقة الزوجیة، بل ویبطل إذا قرر الاطباء ان جنسه الغالب على عکس ظاهره الذی تزوج علیه.
غیر ان السؤال الذی یفرض نفسه فی هذا المقام هو ماذا لو قرر الاطباء ان جنس المراد تصحیحه هو خنثى مشکل حقیقی فهنا الزواج لا یبطل عند الحنابلة والشافعیة لأنهم زالوا اشکاله باختیاره ولا یبطل عند الحنفیة لأنه لم یعلم بعد مصادفته لحله من عدمه وباطل عند المالکیة ابتداءً ولکی افتح باب النقاش سأسترسل برأی الحنابلة والشافعیة والحنفیة بهذا الخصوص وأتساءل مرة اخرى سؤال مفاده هل یبطل عقد الزواج بتقریر الاطباء بان جنسه یقبل فقط التصحیح على عکس ظاهره الذی تزوج علیه ام لابد من التصحیح على عکس ظاهره حتى یبطل الزواج؟ للإجابة على ذلک أقول انه وفقًا لرأی الحنابلة والشافعیة والحنفیة لا یبطل الزواج إلا بعد ثبوت جنسه بعد الجراحة على عکس ظاهره الذی تزوج علیه لأن ذلک الیقین الذی یبنى علیه الحکم بحسب ما ترده. ولکن لنتوقع هنا ان الخنثى المشکل الحقیقی عندما علم بان جنسه سیئول بعد الجراحة إلى عکس ظاهره وان زواجه سیبطل یمتنع عن اجراء الجراحة له لیتمسک بزواجه سیما إذا رضی الزوج الاخر بخنوثته المشکل وأقصد من ذلک ان خنوثته حقیقة وقائمة من الناحیة العضویة وزائلة من الناحیة النفسیة وبعبارة اخرى ان خنوثة المشکلة قائمة طبیًا وزائلة فقهیًا ففی هذه الحالة یمکننا الرکون إلى رأی الحنفیة ونجعل زواجه موقوف على مصادفته لمحله؛ لأن لم یؤمن من ان یکون نوع جنسه نفس نوع جنس زوجه ومع قیام الشک لا تبنى الأحکام القطعیة للخنثى بل یجب ان یحتاط بشأنه والحیطة هنا هی لزوم إیقاف زواجه والله تعالى أعلى واعلم.
وبعد هذا العرض المصحوب بالتحوط والاختلاف بشأن صحة زواج الخنثى وامکانیة استمراره فضلًا عن انه مهدد بالزوال بإرادة الزوج الحالی منه بطلب التفریق لعدم لزومیته، کما انه قد یستمر بالرغم من بطلانه بحکم الطبیعة الجسدیة عندما یخفی الزوجین خنوثتهما المشکلة خاصة التی لا یؤمن من اتحاد الجنسین فیها وبهذا نکون قد أدرکنا أهمیة الفحص الطبی قبل الزواج وعند تثبیته بعد انعقاده؛ لأن ذلک یحفظ الدین وحق العبد وحق المجتمع بصورة عامة ویتحقق حفظ الدین بالفحص الطبی قبل الزواج وکذلک منذ تثبیته لکی لا تستمر العلاقة الزوجیة على غیر هدی الفطرة البشریة التی تقضی بوجوب اختلاف نوع الجنس بین طرفی العلاقة الزوجیة.
کما انه یحفظ مال العبد سیما ان کان الزوج لا یعلم بخنوثة زوجه الاخر فإن جعل العقد غیر لازم وبالتالی المطالبة بالتفریق یکلفه جهد ومال لکی یتخلص من هذا الزواج.
وهذه الایجابیة([75]) للفحص الطبی قبل الزواج وعند تثبیته تهدم کل سلبیاته التی قیلت بشأنه ؛ لأن اختلاف نوع الجنس رکن ضروری للقول بمشروعیة الزواج ولا یمکن التنازل عنه ادعاءً بالحق والحریة الشخصیة ویلزم کل من علم بتماثل الجنسین أو شک فی ذلک الا یعقد هذا العقد ویبطله إن عُقد ویوقفه إن شک فی ذلک.
الخاتمـة
بعد ان انتهینا من متن البحث توصلنا إلى النتائج والتوصیات التی نعرضها کالآتی:
أولاً:-
1- إن زواج الخنثى الواضح جائز شرعاً وقانوناً بالإحالة إلى أحکام الشریعة الإسلامیة إذا تزوج على ما غلب علیه من علامات من النوع الآخر لجنسه.
2- لا یجوز شرعاً للخنثى الواضح الذکورة أن یتزوج کأنثى ولا للخنثى الواضح الأنوثة ان یتزوج کذکر
3- إن تصحیح جنس الخنثى الواضح على وفق الغالب علیه من علامات لا یؤثر على أحقیته بالزواج ولا على مصیر زواجه إن کان متزوج.
4- إذا غیر الخنثى الواضح الذکورة نوع جنسه الى الأنوثة فلا یحق له إن یتزوج بصفته کأنثى ولا العکس لأن الصفة المکتسبة بعد التغییر تعتبر صفة عارضة یکون حکمها فی الأحکام العدم.
5- إن زواج الخنثى المشکل کان محل خلاف عند الفقهاء المسلمون من حیث صحته فمنهم من اعتبره زواجا منعقد ولکنه موقوف على بیان مصادفته لمحله ومنهم من أعتبر زواجه باطلاً ومنهم من أعطاه حق اختیار نوع جنس معین للزواج بمقتضاه فإن تزوج بمقتضى اختیاره کان زواجه صحیحاً ونافذاً وإن تزوج عکس اختیاره أو تزوج من غیر اختیار لنوع جنس معین کان زواجه باطلاً.
6- لا یکفی لانعقاد الزواج اختلاف نوع جنس طرفیه فحسب بل لا بد من تحدید من هو الذکر (الزوج) ومن هی الأنثى (الزوجة).
7- إن تصحیح جنس الخنثى المشکل قبل الزواج یجعل له الحق بأن یتزوج بحسب ما خلص إلیه نوع جنسه بعد التصحیح ،أما تصحیح جنسه بعد الزواج فإن لیس لهذا التصحیح أی أثر فی رفع وصف البطلان على زواجه عند المالکیة والجعفریة وکذلک عند الشافعیة والحنابلة عندما یتزوج عکس اختیاره من نوع الجنس قبل الزواج او کان قد تزوج بدون اختیار، أما عند الحنفیة فإن التصحیح إن کان على حسب ظاهره الذی تزوج علیه رفع وصف الوقف عن العقد واصبح صحیحاً نافذاً منذ لحظة انعقاده لمصادفته لمحله أما إن کان التصحیح على عکس ظاهره أو ظاهرهما الذی تزوجا علیه کان العقد باطلاً لعدم مصادفته لمحله.
ثانیاً:- التوصیات
أولاً: إذا ثبت بعد التقسیم النفسی السریری بأن الحالة نتیجة اضطراب هویة الجنس وإن أعضائه التناسلیة هی أعضاء الذکر الکامل الذکورة او أعضاء الأنثى الکاملة الأنوثة فیحال المریض إلى اللجنة الطبیة النفسیة الأولى ومن ثم إلى اللجنة الاستئنافیة النفسیة لتتولى علاجه.
ثانیاً: أما إذا ثبت بعد التقسیم النفسی والسریری بأن الحالة نتیجة اضطراب هویة الجنس وصاحب ذلک خلل بالأعضاء التناسلیة الذکریة والأنثویة کتساویها أو انعدامها أو وجودهما مع تغلیب علامات الذکورة على الانوثة أو بالعکس فیحال المریض إلى لجنة طبیة جراحیة لتصحیح جنسه بإزالة العلامات المغلوبة وتنشیط الغالبة إذا کانت العاملات غیر متساویة فی الغلبة، ومما تراه اللجنة الطبیة لتصحیحه على نوع جنس معین إذا کانت علامات الذکورة والأنوثة متساویة فی الغلبة أو منعدمة.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Holy Quran
First: the hadith:
1. Produced by Suleiman bin Al-Ash’ath Al-Sijistani Al-Azdi, Sunan Abi Dawood, Part 4, (Investigated by: Muhammad Mohi Al-Din Abdel Hamid), Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
2. Muhammad bin Ismail Abu Abdullah al-Bukhari, The Sahih al-Mukhtasar Mosque, (Investigated by: Dr. Mustafa Dib al-Bagha), 3rd edition, vol. 5, Dar Ibn Kathir, Beirut - Lebanon, 1407 AH - 1986 AD.
3. Muslim ibn al-Hajjaj Abu al-Husayn al-Qushayri al-Nisaburi, Sahih Muslim, (investigated by Muhammad Fouad Abd al-Baqi), Dar for the Revival of Arab Heritage, Beirut - Lebanon, no publication year.
Second: Language:
4. Ibn Manzoor, Lisan Al-Arab, Muhammad bin Makram bin Manzur the African-Egyptian, Lisan Al-Arab, (Investigation: Amer Ahmed Haider), part 2, Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut, Lebanon, 2005 AD.
5. Ibrahim Mustafa, Hamad Al-Zayat, Hamed Abdel-Qader and Muhammad Al-Najjar, Al-Mu’jam Al-Wasat, Edited by: The Arabic Language Academy, Al-Nar, Dar Al-Da`wah, without place of publication, without year of publication.
Third: Islamic jurisprudence
Third: Islamic jurisprudence
a. Hanafi jurisprudence:
6. Zain al-Din Ibn Najim al-Hanafi, The Sea of the Ra’iq, Explanation of the Treasure of Minutes, 2nd Edition, 3rd Edition, Dar Al-Maarifa, Beirut - Beirut, without a year of publication.
7. Alaa Al-Din Al-Kasani, Badaa’ Al-Da’i fi Arranging the Laws, 2nd Edition, Part 2, Dar Al-Kitab Al-Arabi, Beirut - Lebanon, 1982
Alaa al-Din al-Samarqandi, Tuhfat al-Fuqaha, Volume 1, Volume 3, Dar al-Kutub al-Ilmiyya, Beirut - Lebanon, 1405 AH - 1984 AD.
9. Aladdin Al-Hasfaki, Al-Durr Al-Mukhtar, Volume 3, Edition 2, Dar Al-Fikr, Beirut, Lebanon, 1386.
10. Abdullah bin Mahmou bin Mawdood Al-Mawsili Al-Hanafi, The Choice for Explanation of the Mukhtar, 3rd Edition, Part 3, Edited by (Abdul Latif Muhammad Abdul Rahman), Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut - Lebanon, 1426 AH - 2005 AD.
11. Fakhr Al-Din Othman bin Ali Al-Zaila’i Al-Hanafi, explaining the facts, explaining the treasure of minutes, part 6, Dar Al-Kutub Al-Islami, Cairo - Egypt, 1313 AH.
12- Muhammad Amin Ibn Abdin, The Refutation of Al-Muhtar Ali Al-Durr Al-Mukhtar, famous for Ibn Abdin’s footnote, Volume 3, D/I, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1421 AH, 2000 AD.
Shams Al-Din Al-Sarakhsi, Al-Mabsout, Part 30, Dar Al-Maarifa, Beirut - Lebanon, no publication year.
14. Kamal al-Din Muhammad ibn Abd al-Wahed al-Siyasi, Sharh Fath al-Qadir, Volume 3, Edition 2, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
B. Maliki jurisprudence:
15. Ahmed bin Ghoneim Salem Al-Nafrawi Al-Maliki, Fruits Al-Dawani on the message of Ibn Abi Zaid Al-Qayrawani, Part 1, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1415 AH.
16. Hamad bin Abd al-Rahman al-Maghrabi, known as the Al-Khattab al-Raa’ini, Talents of the Galilee to Explain the Brief Khalil, 2nd Edition, Part 5, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1398 AH - 1977 AD.
Shihab Al-Din Ahmed bin Idris Al-Qarafi, Al-Dhakhira, Part 4, Edited by: Muhammad Hajji, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1996.
18. Ali Al-Saeedi Al-Adawi Al-Maliki, Hashiyat Al-Adawi on Explanation of the Competence of the Divine Student, Volume 1, D/I, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1412 AH.
19. Muhammad bin Ahmad bin Jazzi al-Maliki, Jurisprudence Laws, d / i, Dar al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
20. Muhammad bin Ahmed bin Muhammad bin Rushd Al-Qurtubi, The Beginning of the Mujtahid and the End of the Moqtadat, Volume 2, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
Muhammad bin Youssef bin Abi Al-Qasim Al-Abdari, The Crown and the Crowns by Mukhtasar Khalil, 2nd Edition, Part 6, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1398 AH.
22. Muhammad Arafa al-Desouki, Hashiyat al-Desouki on the Great Commentary, (Investigated by Muhammad Alish), Dar Al-Fikr, Volume 2, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
c. Shafi'i jurisprudence:
23. Ibrahim bin Ali bin Youssef Al-Fayrouz Abadi Al-Shirazi, Al-Muhadhab in Shafi’i jurisprudence, Volume 2, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
24. Ali bin Muhammad bin Habib Al-Mawardi Al-Basri Al-Shafi’i, Al-Hawi Al-Kabeer in the Fiqh of Imam Al-Shafi’i, 1st Edition, (Edited by: Sheikh Ali Muhammad Moawad and Sheikh Adel Ahmed Abdel-Mawgod), Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Volume 9, Beirut - Lebanon, 1419 AH - 1999 AD.
25. Muhammad bin Idris Al-Shafi’i, Al-Umm, Part 5, 2nd Edition, Dar Al-Maarifa, Beirut - Lebanon, 1393 AH, 1973 AD.
26. Muhammad Al-Khatib Al-Sherbiny, the singer of the need to know the meanings of the words Al-Minhaj, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
Dr.. Hanbali jurisprudence:
Ibrahim bin Muhammad bin Abdullah bin Al-Muflih Al-Hanbali, the creator in Sharh Al-Muqni’, Part 7, The Islamic Office, Beirut - Lebanon, 1400 AH.
28. Abdullah Ahmad bin Qudamah Al-Maqdisi, Al-Mughni, I 1, Part 7, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1405 AH - 1984 AD.
29. Abdullah Ahmad bin Qudamah Al-Maqdisi, Al-Mughni, I 1, part 7, Dar Al-Fikr, Beirut - Lebanon, 1405 AH - 1984 AD.
30. Abdullah bin Qadamah Al-Maqdisi, Al-Kafi fi Fiqh of the Revered Imam Ahmad bin Hanbal, Volume 3, The Islamic Office, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
31. Aladdin Abi Al-Hassan Ali bin Suleiman bin Ahmed Al-Mardawi Al-Saadi Al-Hanbali, Fairness in knowing the most correct of the dispute over the doctrine of Imam Ahmed bin Hanbal, part 7, (Investigated by: Abu Abdullah Muhammad Hassan Muhammad Hassan Ismail Al-Shafi’i), Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut - Lebanon 1418 AH, 1997 AD.
Muhammad Hassan Ismail Al-Shafi’i), Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut - Lebanon, 1418 AH, 1997 AD.
32- Omar bin Al-Hussein Al-Kharqi, Al-Kharqi’s summary of the issues of Imam Ahmad bin Hanbal, Volume 1, 3rd Edition, Edited by: Zuhair Al-Shawish, Islamic Library, Beirut - Lebanon, 1403 AH.
33. Muhammad bin Ahmad Al-Malli Al-Ansari, Ghayat Al-Bayan Sharh Zaid Ibn Raslan, Volume 1, D / I, Dar Al-Maarifa, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
34. Mustafa Al-Suyuti Al-Rahbani, The Demands of Oli Al-Noha Ghaya Al-Muntaha, Part 5, The Islamic Office, Mashq - Syria, 1961.
35. Mansour bin Younis bin Idris Al-Bahouti, Scout of the Mask on the Board of Persuasion by Hijjawi, Volume 1, Volume 2, Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut - Lebanon, 1418 AH - 1998 AD.
e. Jaafari jurisprudence:
37. Mr. Jaafar Mortada, Mut`ah Marriage, Dar Al-Sira, Beirut - Lebanon, 1422 AH, 2001 AD, 1st edition.
38. Shams Al-Din Al-Asyouti, Jewels of Contracts, Volume 1, Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut - Lebanon, without a year of publication.
Fourth: Usul al-Fiqh:
39. Badr Al-Din Muhammad bin Bahader bin Abdullah Al-Zakshi, Al-Bahr Al-Mohit fi Usul Fiqh, Volume 4, Edition 1, Investigated by: Dr. Muhammad Muhammad Thamer, Scientific Books House, Beirut - Lebanon, 1421 AH, 2000 AD, p. 332,
Usul Fiqh.
Badr Al-Din Muhammad bin Bahader bin Abdullah Al-Zakshi, Al-Bahr Al-Mohit fi Usul Fiqh, Volume 4, Edition 1, Edited by: Dr. Muhammad Muhammad Thamer, Scientific Books House, Beirut - Lebanon, 1421 AH, 2000 AD, p. 332, Usul Fiqh.
40. And for the same author, Al-Manthur fi Al-Qaida, Volume 1, 2nd Edition, investigated by Dr. Tayseer Faeq Ahmed Mahmoud, printed by the Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, Kuwait, 1405 AH, p. 177.
Fifthly - general books
41. Dr. Ahmed bin Sheikh Muhammad Al-Zarqa, Explanation of the Jurisprudential Rules, 2nd Edition, Part 1, verified (corrected and commented on by Mustafa Ahmed Al-Zarqa), Dar Al-Qalam, Damascus - Syria, 1409 AH - 1989 AD.
42. Dr. Ahmed Al-Kubaisi, Personal Status in Jurisprudence, Judiciary and Law, Al-A’il Book Manufacturing Company, Cairo - Egypt, 1430 AH, 2009 AD.
43. Dr. Ahmed Muhammad Ali Daoud, Personal Status, Part 1, House of Culture for Publishing and Distribution, 2009.
Al-Shehabi Ibrahim Al-Sharqawi, Consolidation of Sex and its Effects in Islamic Jurisprudence and Positive Law, 1st Edition, Cairo University, Cairo - Egypt, 1423 AH - 2002 AD.
45. Badr Al-Din Muhammad bin Bahader bin Abdullah Al-Zakshi, Al-Bahr Al-Mohit fi Usul Fiqh, Volume 4, Edition 1, Investigated by: Dr. Muhammad Muhammad Thamer, Scientific Books House, Beirut - Lebanon, 1421 AH, 2000 AD.
46. And by the same author, Al-Manthur fi Al-Qa’ida, Volume 1, 2nd Edition, (Investigated by Dr. Tayseer Faeq Ahmed Mahmoud), reprinted by the Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, Kuwait, 1405 AH.
47. Dr. Hussein Al-Sayed Hamad Khattab, The purposes and effects of marriage, a comparative jurisprudential study, Taibah University, Medina, Saudi Arabia, 1430 AH - 2009 AD.
48. Ali bin Muhammad Al-Jarjani, Definitions, 1st Edition, House of Reviving the Arab Heritage, Beirut - Lebanon, 1424 AH - 2003 AD.
50. Dr. Mustafa Ibrahim Al-Zalami, The Fundamentals of Jurisprudence in his New Text, 22nd Edition, Shehab Press, Erbil - Iraq, 2010.
51. Mustafa Ibrahim Al-Zalami, Provisions of Marriage and Divorce in Comparative Jurisprudence, 5th Edition, Kurdistan Parliament Studies Center, Erbil - Iraq, 2012.
52. Dr. Muhammad Bakr Ismail, Jurisprudence rules between authenticity and guidance, 1, Dar Al-Manar, Beirut - Lebanon, 1997.
53. Kamal bin Al-Sayed Salem, Sahih Fiqh Al-Sunnah, Volume Three, Volume 3, Edition 9, Dar Al-Tawfiqia for Heritage, Cairo - Egypt, 2010.
Sixth: Laws:
54. The Egyptian Law of Litigation Procedures relating to Litigation Procedures in Egyptian Personal Status Issues No. 1 of 2000.
55. Iraqi Personal Status Law No. (188) for 1959.
56. Omani Personal Status Law No. 32 of 1997 Article (281) Paragraph (D).
57. Syrian Personal Status Law No. (59) of 1953, as amended by Law No. (34) of 1975 AD.
Jordanian Personal Status Law No. (61) of 1976, as amended by Law No. (82) of 2001.
59. Algerian Family Law 84-11 dated (9) Ramadan 1404 AH corresponding to (9 June 1984 AD) by Order No. 5- 2 of February 2005.
60. Qatari Personal Status Law No. 22 of 2006.
61. UAE Personal Status Law No. (28) for the year 2005.
Seventh:Journals
62. Journal of Islamic Jurisprudence, Tenth Year, 1st Edition, Issue 12, 1420 A.H. - 1999 A.D.
Eighth: The Internet:
63. An article published on the Internet at the following link: www.gotguestions.org, the date of the visit was 11/2/2017, at nine in the evening