أصل المقالة
تعلیق على حکم مکتب براءات الاختراع الاوربی برفض طلبی براءة اختراع اوربیة تم تسمیة نظاما للذکاء الاصطناعی فیها
باعتباره المخترع -(*)-
Comment on judicial decision
Comments on the decision of the European Patent Office rejecting two patent applications in which an artificial intelligence system was named as the inventor
نهایة مطر خلف کلیة القانون/ جامعة شیفیلد Nehia moter khaif College of Law/University of Sheffield Correspondence: Nehia moter khaif E-mail: |
مقال مراجعة الموضوع.
Doi: 10.33899/alaw.2020.167485
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
فی 27 .1. 2020، اصدر مکتب براءات الاختراع لأوروبی توضیحا لقراره برفض طلبی براءتی اختراع کانت انظمة الذکاء الاصطناعی قد ادرجت فیها کمخترع. وقد کان السبب الرئیسی لقرار الرفض هو أن المخترع یجب أن یکون "شخصًا طبیعیًا" وفقا للاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع فی حین ان الطلب یتحدث عن مخترع هو خوارزمیة ذکاء اصطناعی. لکن تسبیب الحکم ترک من غیر اجابة اسئلة کثیرة. اذ لم یعط الحکم توضیحا کافیا عن حکم الاختراع الذی انتج الخطوة الابتکاریة فیه الة الذکاء اصطناعی ولیس انسان.
بینما سیتم فی الجزء الثانی تسلیط الضوء على وقائع القضیة، سیرکز الجزء الثالث على الاجراءات التی اتخذها مکتب البراءات الاوربی. اما الجزء الرابع فسیوضح الاسس القانونیة لقرار المکتب برفض طلبی البراءة. اخیرا الجزء الخامس سیتضمن تعلیق الباحث على القرار نفسه وما قد یکون له من ابعاد قانونیة والتی یجب اخذها بنظر الاعتبار عند تقریر السیاسة الخاصة بحمایة اعمال الذکاء الاصطناعی والتی تشکل الیوم احد اهم اعمدة التطور العلمی والتکنولوجی والنمو الاقتصادی.
الکلمات المفتاحیة
اتفاقیة البراءات الأوروبیة، الذکاء الاصطناعی، قرار مکتب البراءات الأوروبی برفض اختراعات الذکاء الاصطناعی، نظام او خوارزمیة الذکاء الاصطناعی کمخترع.
Abstract
In 27.1.2020, the European Patent Office (EPO) published the grounds for its recent decision to refuse two European patent applications in which an artificial intelligence (AI) system was designated as the inventor. The main reason for the decision was that the inventor must be a "natural person" as requested by the European Patent Convention whereas the submitted applications talking about an inventor which is an artificial intelligence machine. However, the decision is not sufficiently clear regarding inventions produced by AI algorithms.
While Section 1 provides a summary of the pertinent facts and legal points raised in the case, Section 2 focuses on the procedures taken by the European Patent Office, including the legal basis for the decision to reject the patent applications. Section 3 includes the researcher's comment on the decision itself and what implications it may have when deciding the policy for the protection of artificial intelligence outputs.
Keywords: European Patent Office, European Patent Convention, artificial intelligence systems, refusal decision of artificial intelligence, based inventions, Artificial intelligence as inventors
المقدمـة
فی شهر ینایر الماضی، تحدیدا فی 27 .1. 2020، اصدر مکتب براءات الاختراع لأوروبی توضیحا للأسس لقراره برفض طلبی براءتی اختراع کانت انظمة الذکاء الاصطناعی قد ادرجت فیها کمخترع. وقد کان السبب الرئیسی لقرار الرفض هو أن المخترع یجب أن یکون "شخصًا طبیعیًا" وفقا للاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع فی حین ان الطلب المقدم یتحدث عن مخترع هو خوارزمیة ذکاء اصطناعی . والسبب الثانی للرفض یکمن فی أن انظمة الذکاء الاصطناعی لا یمکنها امتلاک حقوق براءة اختراع لأنها لا تتمتع بالشخصیة قانونیة. لکن تسبیب الحکم ترک من غیر اجابة اسئلة کثیرة. اذ لم یعط الحکم توضیحا کافیا عن الاختراعات الی تنتجها خوارزمیات الذکاء الاصطناعی. بعبارة اخرى ما هو حکم الاختراع الذی انتج الخطوة الابتکاریة فیه الة الذکاء اصطناعی ولیس انسان. وهل مثل هکذا قرار قد یؤدی الى عدم الیقین القانونی بشان من هو المخترع فی ابتکارات خوارزمیات الذکاء الاصطناعی.
بینما سیتم فی الجزء الثانی من التعلیق على هذا الحکم تسلیط الضوء على وقائع القضیة، سیرکز الجزء الثالث على الاجراءات التی اتخذها مکتب البراءات الاوربی. اما الجزء الرابع فسیوضح الاسس القانونیة لقرار المکتب برفض طلبی البراءة. اخیرا الجزء الخامس سیتضمن تعلیق الباحث على القرار نفسه وما قد یکون له من ابعاد قانونیة والتی یجب اخذها بنظر الاعتبار عند تقریر السیاسة الخاصة بحمایة اعمال الذکاء الاصطناعی والتی تشکل الیوم احد اهم اعمدة التطور العلمی والتکنولوجی والنمو الاقتصادی.
ملخص للوقائع ذات الصلة والبیانات المقدمة
قدمت براءة الاختراع الاوربیة المرقمة (EP 18275163) الى مکتب حقوق الملکیة الفکریة البریطانی وفقا للمادة(b))1.75( من الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع، ثم احیلت الى مکتب براءات الاختراع الاوربی (The European Patent Office) للنظر فی الطلب بتاریخ 17. 10. 2018. وکانت تتعلق بالمطالبة ببراءة اختراع اوربیة وفقا للـ (Form 1001P) ولکن الحقل الخاص بالمخترع ترک شاغرا. و لم یتم تحدید المخترع بطلب مستقل. لتفصیل ذلک، قدم الدکتور Stephen Thaler، فی أواخر عام 2018، طلبی البراءة الأوروبیین المذکورین أعلاه الاول لحاویة طعام، و الثانیة لاجهزة وطرق الانذار المحسن فی خریف 2018 . اعتبر الدکتور Thaler نفسه صاحب العمل وان DABUS مستخدما عنده هو المخترع.
قبل الرفض، طلبت وحدة الاستلام (The Receiving Section) بمکتب البراءات الاوربی فی کتاب بتاریخ 15. 11. 2018، من مودع الطلب معالجة هذا النقص من خلال تقدیم وثیقة مستقلة تتضمن التعریف بالمخترع وتحدیده وفقا للمادة (81) والقاعدة (19.1) من اتفاقیة براءات الاختراع الاوربیة خلال 16 شهرا من تاریخ تقدیم الطلب. ایضا اعلم الکتاب مقدم الطلب بان هذا السقف الزمنی سیعتبر مستوفیا اذا ما تم تقدیم المعلومات المطلوبة قبیل اکمال التحضیرات التقنیة لنشر طلب براءة الاختراع الاوربیة وفقا للقاعدة (60.1) من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات، وهذه المدة غیر قابلة للتمدید. کما ابلغ بانه اذا فشل فی معالجة النقص، سیرفض الطلب وفقا للمادة(90.5) من الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع.
بتاریخ 24 .7. 2019، قدم مدعی البراءة تعریفا للمخترع (Form 1002) على انه الة ذکاء اصطناعی تدعى:
(Device for the Autonomous Bootstrapping of Unified Sentience) واختصارا (DABUS). وفی طلب لاحق، بین طالب البراءة بان DABUS هو المخترع وهو نوع من الذکاء الاصطناعی المرتبط ومنه یستمد طالب البراءة حقه فی البراءة بصفته "صاحب العمل".
ثم صحح مدعی البراءة طلبه الاول الخاص بتعیین المخترع بتاریخ )2019.8.2(، بطلب اخر اوضح فیه انه اکتسب حقوقه فی البراءة الاوربیة بصفته خلفا للمخترع فی الحقوق لا بصفته صاحب عمل. وقد اوضح فی الطلب ان الاختراع تم التوصل الیه بواسطة "الة" وهذه الالة تمکنت من تحدید عنصر الجدة فی فکرتها قبل ان یقوم بذلک ای انسان . و دفع بوجوب الاعتراف بالآلة کمخترع وان مقدم طلب البراءة، کمالک للآلة هو محال الیه حقوق الملکیة الفکریة التی انتجتها الالة. مدعیا بان ذلک یتوافق مع الغرض من نظام براءات الاختراع والذی یهدف الى نشر العلم وتطویر الابتکار ودعم تسویق تلک الابتکارات. وقد دفع مقدم الطلب بان الاعتراف بالآلة کمخترع ستسهل الاعتراف بالحقوق الادبیة للمخترع الانسان الطبیعی وستسمح بالاعتراف بعمل مُنشئ الالة.
لذا قرر قسم الاستلام توحید الإجراءات فی طلبی البراءة (EP 1827516 ) و ( EP 18275174) لأغراض إجراء المرافعة الشفویة وذلک لتحدید من هو المخترع. مسببا قراره بتوحید الطلبین بان مقدم الطلب والحقائق الأساسیة المقدمة والمتعلقة بتعیین المخترع کانت متطابقة فی کلتا الحالتین. وفی مرفق الاستدعاء فی 13. 2019.9، أبلغ مقدم الطلب بان طلبه بتسمیة المخترع کان ناقصا، لأنه لا یفی بمتطلبات المادة (81) والقاعدة (19.1) من الاتفاقیة الأوروبیة للبراءات موضحا بان االفقرة الخاصة بالمخترع من استمارة طلب البراءة یجب أن تتضمن الاسم الکامل للمخترع مع اسم العائلة وعنوانه والذی یجب أن یکون شخصًا طبیعیًا الا انه بتاریخ 2019.9.24، طلب مدعی البراءة النشر المبکر لبراءة الاختراع.
دفع مقدم الطلب حجة أخرى لدعم طلبه بتسجیل الآلة کمخترع فی 2019.10.25، بحجة ان القاعدة (19.1) من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات لا تتطلب أن یکون المخترع إنسانا ای شخصا طبیعیا موضحا أن الغرض من القاعدة (19.1)هو لتحدید وتعیین المخترع بشکل واضح. وأضاف مقدم الطلب أن تسمیة المخترع المودعة فی هذه القضیة تفی بهذا المطلب دافعا بأن المطالبة بأن یشیر الحقل الخاص بالمخترع إلى کل من اسم الشخص واسم العائلة من شأنه أن ینکر حق الاشخاص المجهولین قانونا فی تسمیتهم مخترعین لابتکاراتهم.
برای مقدم طلب البراءة، ان الاعمال التحضیریة لاتفاقیة البراءات الاوربیة:
(Travaux preparatoires) لا تسمح باستنتاج مفاده أن المشرعین لاتفاقیة البراءات الاوربیة استبعدوا تسجیل براءات الاختراع للابتکارات التی تنتجها انظمة الذکاء الاصطناعی. فشروط براءة الاختراع حددت حصرا فی المواد( 52-57) من اتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع وهی تتوافق مع اتفاق تریبس واتفاق ستراسبورغ. ووفقا لتلک الشروط، لا یمکن حمل المطلب الإجرائی فی القاعدة (19.1) من الاتفاقیة لخلق استثناء جوهری على نطاق الحمایة ببراءات الاختراع ومنها للابتکارات التی تنتجها خوارزمیات الذکاء الاصطناعی.
3. إجراءات المرافعة
3.1. مذکرات رفعت للمداولة الشفویة
دفع مقدم الطلب فی المذکرة المکتوبة بأن نظام الذکاء الاصطناعی (DABUS) هو المخترع الفعلی الذی توصل للابتکار الذی یتضمنه الطلب، محتجا بانه من المبادئ الأساسیة لقانون براءات الاختراع أن یتضمن الطلب تحدیدا وتعریفا واضحا للمخترع محددا ایاه بانه الشخص الذی جاء فعلیا بالاختراع، مشیرا الى المادة (7.3) من قانون براءات الاختراع البریطانی 1977. وان تسمیة شخص غیر المخترع الفعلی بانه هو المخترع یشکل خرقا لهذا المبدأ القانونی وقد یعد جریمة فی بعض النظم. کما احتج مدعی البراءة بانه قد لا یتمتع نظام الذکاء الاصطناعی بحقوق ادبیة أو حقوق ملکیة، لکن هذا وحده لا یکفی لمنع الاعتراف به کمخترع، فتحدید المخترع یسبق تقریر أیة حقوق قد تنتج عن البراءة نفسها. بالإضافة لذلک فان قانون براءات الاختراع البریطانی لسنة 1977فی المادة (7.2 ) یمنح الحق فی الاختراع للمخترع أو خلفه فی الحقوق، لذا فملکیة البراءة فی هذه الحالة تنتقل إلى Mr. Thalar (مقدم الطلب) بصفته مالکا لشرکة DABUS.
وکانت الحجة الاخیرة لمقدم الطلب تتلخص بما یلی رغم من أن نظام الذکاء الاصطناعی قد لا یکون قادرًا على تقدیم طلب تصحیح اسم المخترع او الموافقة علیه، فإن ذلک ینبغی أن لا یمنع من تطبیق المادة 21 من اتفاقیة البراءات الاوربیة وقبول نظام الذکاء الاصطناعی کمخترع. والسبب فی ذلک هو لیس جمیع الأشخاص الطبیعیین یملکون إعطاء موافقة لها قیمة من الناحیة القانونیة من تلقاء أنفسهم ما لم یقرر القانون ذلک. وخیر مثال على ذلک هم القصر فی القانون الالمانی او بقیة القوانین فی الدول الاوربیة الاطراف فی الاتفاقیة. لیختم دفوعه بان صحة تسمیة المخترع هی مسألة یقررها القانون الوطنی ولا یملک مکتب براءات الاختراع الاوربی تقریرها. إن عدم الدقة فی تحدید المخترع و إدراج شخص طبیعی کمخترع بدلا من الالة التی هی المخترع سیکون مضللاً للجمهور. کما ان قبول انظمة الذکاء الاصطناعی کمخترع یتماشى مع اهداف ورسالة قانون براءات الاختراع فی التشجیع على الابتکار ونشر المعرفة والعلوم للعامة.
تم نشر طلب البراءة بناءً على طلب مدعی البراءة بتاریخ 6.11.2019. و کانت الصفحة الأولى تقرأ، الفقرة (ا) من الاستمارة، تحدیدا الحقل المخصص ل"المخترع" بانه (لم یتم تسمیة المخترع بعد ) وفی خانة " الملاحظات "،وردت عبارة (لم یف تعیین المخترع بالشروط المنصوص علیها فی المادة 81 والقاعدة 19 من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات). الا ان مقدم الطلب احتج بان هذه الملاحظات فی الفقرة(ا) من الاستمارة تشیر إلى أن المکتب الأوروبی للبراءات قد أصدر حکماً مسبقاً على قضیة مقدم الطلب قبل إتاحته الفرصة لتقدیم مرافعته لغرض المداولة الشفویة.
3.2. المرافعة الشفویة
جرت المداولة الشفویة فی 2019.11.25. وتناولت النقاط ادناه:
کمسألة أولیة، نوقشت الملاحظات الواردة بصدد نشر الطلب. حیث تم تناول اعتراضات مقدم الطلب بان محتوى المنشور مضلل، وان نشر الملاحظة ادى إلى الحکم المسبق على قضیة مقدم الطلب قبل منحه الفرصة لعرض دفوعه فی المداولة الشفویة. رد قسم الاستلام أن الملاحظات الواردة فی الصفحة الأولى من الطلب تحدیدا الفقرة "أ" فی الحقل الخاص بـ "المخترع" وحقل "الملاحظات" تعکس الاتجاه العام فی التطبیق العملی وکانت نصاً تمت صیاغته مسبقاً ویتم نشره تلقائیاً فی الحالات التی لا یوجد فیها تسمیة للمخترع او التعیین للمخترع قد قدم معیبا، ولکن لا یزال لدى مقدم الطلب فرصة لتقدیم تعریفا بالمخترع أو لمعالجة أوجه القصور التی کانت فیه وقت نشر الطلب. لان الهدف من نشر هذه المعلومات هو إعلام الجمهور بالمسائل التی تتعلق بطلب البراءة یوم نشره، وهی للعلم فقط وتعکس فقط حالة الطلب وقد یتم فحص تلک المعلومات من قبل الجمهور (المادة4 .128) من اتفاقیة براءات الاختراع الاوربیة. لیوکد القرار إن نشر هذه الملاحظة بشان الطلب لا یقتضی بالضرورة أی قرار من قبل قسم الاستلام لان قرارات قسم الاستلام فقط یتم اتخاذها بعد إتاحة الفرصة للمدعی لتقدیم دفوعه.
فیما یتعلق بوقائع القضیة، کرر مقدم الطلب فی مذکراته الشفویة حججه المقدمة فی المذکرة المکتوبة وشدد على أن الاعتراف بأنظمة الذکاء الاصطناعی کمخترع تتیح لمقدم الطلب تحدید المخترع الحقیقی بدلا من تضلیل العدالة ونسبة الاختراع لنفسه. وقد دفع بان عدم قبول أنظمة الذکاء الاصطناعی کمخترع سیستبعد الاختراعات التی قدمها الذکاء الاصطناعی من نطاق الاختراعات التی یحمیها نظام براءات الاختراع . وذلک یناقض المواد (52-57) من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات. کما اکد أنه لا یمکن لمکتب البراءات والمحاکم فی المملکة المتحدة الطعن فی المخترع، ما لم یقم بذلک الشخص الذی تم تعیینه خطا فهو الوحید الذی یمکنه الطعن. بالمثل دفع مقدم الطلب بان الاعمال التحضیریة للاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع والسوابق القضائیة تقر بحق الجمهور فی معرفة المخترع الفعلی مشیرا الى الاسباب فی (J 1/10 point 3.2). مستندا لمنطق قانون البراءات، دفع مقدم الطلب بان وجود اختراع یفترض وجود مخترع. وان عدم تمتع الآلات بالحقوق ومنها الحق فی الملکیة والحقوق الادبیة وفقا لاتفاقیة البراءات الاوربیة لا یمکن قبوله سببًا لرفض الاختراع. إن رفض طلب البراءة بسبب القصور فی التعریف بالمخترع سیکون بمثابة "عقوبة" لم تکن مقصودة عند صیاغة الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع.
أعلن قسم الاستلام بمکتب براءات الاختراع الاوربی قراره برفض طلبی البراءة الاوربیة المرقمین (EP 1827516) و(EP 18275174)، لکن بعد منح مقدم الطلب الفرصة لتقدیم ما لدیه من حجج وطلبات وبعد اصدار القرار أخطر مقدم الطلب بحقه فی استئناف القرار. وقد کانت الاسس التی استند الیها القرار کالاتی:
ا. الاشارة للمخترع فی فقرة تسمیة المخترع وتحدیده فی طلب البراءة
اولا. ان استمارة طلب البراءة قدمت "جهازا" بصفته المخترع وهذا لا یلبی المتطلبات الرسمیة لتحدید او التعریف بالمخترع بموجب المادة (81) والقاعدة (19) من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات. اذ تنص المادة 81 اعلاه بأن طلب البراءة الأوروبی یجب ان یتضمن المخترع، وإذا لم یکن مقدم الطلب هو المخترع، فیجب ان یتضمن الطلب بیانا یشیر إلى أصل الحق فی البراءة الأوروبیة. تتطلب القاعدة( 1 .19 (أن تضمن الفقرة الخاصة بالمخترع اسم العائلة، وأسم المخترع وعنوانه الکامل، وفی حالات التی لا یکون فیها مقدم الطلب هو المخترع، یجب أن یحتوی الطلب على توضیح لأصل الحق فی البراءة الأوروبیة ویحمل توقیع مقدم الطلب أو من ینوب عنه.
ثانیا. ان اسم الجهاز (DABUS) لا یفی بمتطلبات القاعدة (1. 19) من اتفاقیة البراءات الاوربیة فهو تسمیة لشی ای لجهاز او الة ولیس اسم انسان.
ثالثا. ذهب المکتب البراءات الاوربی فی تسبیب قراره الى ان الأسماء المعطاة للأشیاء قد لا تعادل أسماء الأشخاص الطبیعیین. الأسماء المعطاة للأشخاص الطبیعیین، والتی تکون مؤلفة من اسم الشخص والعائلة، تؤدی وظیفتین: وظیفة التعریف بالشخص من جهة کما تمکنه من ممارسة حقوقه فهی تشکل جزء من شخصیته امام القانون من جهة اخرى. ولکن الأشیاء لیس لها حقوق تسمح لها اسماءها بممارستها.
رابعا. کما احتج مکتب البراءات بالإطار القانونی للاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع الذی حدد المقصود بالأشخاص القانونیین حیث ینص على ان الأشخاص الطبیعیین والأشخاص الاعتباریین والهیئات المعادلة للأشخاص الاعتباریین الذین یتصرفون ضمن الاهلیة التی حددها لهم القانون. لکن الاتفاقیة الاوربیة للبراءات لم تنص على غیر الأشخاص (أی الأشخاص الطبیعیین أو الاعتباریین) کمقدم لطلب البراءة، أو کمخترع أو فی أی دور آخر فی إجراءات منح براءة اختراع. فی نطاق التعریف بالمخترع، یجب ان یشار الى الأشخاص الطبیعیین فقط. وهذا یشیر إلى فهم واضح لتشریع البراءات الاوربی بأن المخترع هو شخص طبیعی.
خامسا. کذلک اسند مکتب البراءات حکمه الى التاریخ التشریعی لاتفاقیة براءات الاختراع الاوربیة محتجا بان مشرعی الاتفاقیة کانوا متفقین على أن مصطلح "المخترع" یشیر إلى الانسان ای الشخص الطبیعی فقط. فالأعمال التحضیریة للاتفاقیة تشیر للمخترع على أنه شخص طبیعی. ثم اضاف القرار رغم انه تم مناقشة إمکانیة الاعتراف بالأشخاص الاعتباریین کمخترعین، الا أن القاعدة الخاصة بهذا الاعتراف لم یتم تبینها فی المسودة النهائیة. وهذا یؤکد فهم مشرعو الاتفاقیة للمخترع على انه الشخص الطبیعی فقط.
سادسا . تحمی اتفاقیة براءات الاختراع الاوربیة المخترع من خلال منحه العدید من الحقوق ومنها: حق المخترع مقابل مالک البراءة فقد یکون المالک للبراءة غیر المخترع: حقه فی ان یتم تسمیته فی استمارة براءات الاختراع الاوربیة: حقه فی ان یتم اخطاره بتسمیته کمخترع: الحق فی أن یتم ذکره کمخترع فی طلب البراءة الأوروبی المنشور ومواصفات الاتحاد الأوروبی لبراءات الاختراع: وفی حالة وجود نزاع مع مودع الطلب أو صاحب البراءة، فإن له الحق فی ذکره کمخترع وان کانت ضد رغبات مقدم الطلب أو المالک للبراءة. کذلک نصت المادة( 60.1) من الاتفاقیة على حمایة الوضع القانونی للمخترع والتی تمنح المخترع الحق المبدئی فی البراءة ولکنه بنفس الوقت تعطیه الحق فی نقل هذا الحق إلى الخلف. بالمقابل تبنت القوانین الوطنیة للدول الاعضاء فی الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع أحکام مماثلة بشأن تسمیة المخترع وحقوقه.
سابعاً. من ناحیة قانونیة ایضا، لا تتمتع الأنظمة أو الآلات بحقوق لأنه لیس لها شخصیة قانونیة کتلک التی یتمتع بها الأشخاص الطبیعیین أو الاعتباریین على الاقل فی وقتنا الراهن. فالشخصیة القانونیة للشخص الطبیعی شرعت نتیجة لکونه إنسانًا، وللشخص اعتباری على أساس خیال قانونی. عندما یتعلق الأمر بالأشخاص غیر الطبیعیین، تُعطى الشخصیة الاعتباریة فقط على أساس خیال قانونی یتم إنشائه إما مباشرة من خلال التشریع أو یتم تطویرها من خلال الفقه القانونی. فی حالة مخترعی الذکاء الاصطناعی، لا یوجد تشریع أو فقه قانونی یقر ویثبت مثل هذا الخیال القانونی. ویترتب على ذلک أن خوارزمیات الذکاء الاصطناعی لا یمکن أن یکون لها حقوق ناتجة عن کونها مخترعة، کالحق فی تسمیتها کمخترع أو أن یتم تثبیتها کمخترع فی طلب براءة الاختراع.
ثامناً. عدم وجود السوابق القضائیة لا یعنی بالضرورة امکانیة الاستنتاج بقبول کیانات أخرى غیر الشخص الطبیعی کمخترعین تحت الاتفاقیة الاوربیة للبراءات. وقد جرت ممارسات مجالس الاستئناف للمکتب الأوروبی للبراءات على الاقرار بان المخترع هو شخص طبیعی، و لم یُطلب من المجالس حتى الآن اتخاذ قرار بشأن امکانیة الاعتراف بکیان غیر الشخص الطبیعی کمخترع.
اخیرا. المعیار او الفهم السائد بان المخترع هو شخص طبیعی قابل للتطبیق دولیًا، فقد أصدرت المحاکم الوطنیة لمختلف البلدان قرارات بهذا الصدد. هذا المعیار السائد فی غالبیة الدول الاطراف فی الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع طبقا لاستشارة أجراها المکتب الأوروبی للبراءات فی 2018/2019 .فقوانین الدول الاعضاء فی تعریف المخترع بأنه شخص طبیعی یبتکر اختراعًا .وبالمثل هذا هو النهج المتبع فی مکاتب البراءات فی الصین والیابان وکوریا والولایات المتحدة.. لحد الان لا یوجد أی قانون وطنی یعترف بشیء، منها خوارزمیات او برمجیات الذکاء الاصطناعی، کمخترع.
ب . أصل الحق بالبراءة فی تسمیة المخترع
وفی محاولته التصدی للفقرة الخاصة بأصل الحق بالبراءة فی تسمیة المخترع، ذهب المکتب الاوربی للبراءات الى ان "مقدم الطلب حصل على الحق فی البراءة الأوروبیة من الةDABUS " بصفته صاحب العمل وتصحیح هذا البیان بعد ذلک للإشارة الى انه یستمد حقه بصفته خلفا للمخترع وهو الالة فی هذه القضیة لا یفی بمتطلبات المادة (81) والمادة (60.1) من الاتفاقیة.( )لذا لا یمکن توظیف آلات الذکاء الاصطناعی ولا یمکن للأخیرة ان تکون طرفا فی عقد عمل وهی لا تملک نقل أی حقوق إلى الغیر.
اولا- برمجیات أو الآلات الذکاء الاصطناعی لا تتمتع بالشخصیة القانونیة کما ناقش القرار ذلک ولذا لا یمکن أن تکون طرفًا فی عقد عمل والتی تقتصر على الأشخاص الطبیعیین، فهی فقط محل لحق التملک.
ثانیا- لا یمکن لأنظمة أو لخوارزمیات الذکاء الاصطناعی أن یکون لها أی صفة قانونیة على مخرجاتها والتی یمکن نقل ملکیتها وفقا للقوانین ذات الصلة وکذلک بالاتفاق. نظرًا لأن تلک الانظمة لا یمکن أن یکون لها حقوق، طبقا لذلک لا یمکن اعتبار انها تمتلک مخرجاتها أو تملک أی اختراع یتم الادعاء به، ولا تملک انشاء او نقل أی حقوق إلى المنتج. وبالتالی، لا یمکن اعتبار مالک نظام أو آلة الذکاء الاصطناعی خلفا للآلة بالمعنى المقصود فی المادة 60.1 من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات. لکن من منظور قانونی یجوز لمالک نظام الذکاء الاصطناعی، وفقًا للقانون النافذ، امتلاک مخرجات ذلک النظام، تمامًا کما قد یمتلک مالک الآلة منتجاتها. لکن، یبقى السؤال عن المخترع وماهی الحقوق المرتبطة به فی حالات الاختراعات التی تنشا الخطوة الابتکاریة فیها بشکل مباشر من جهاز ولیس الانسان.
ثالثا. الحجة التی دفع بها مودع الطلب غیر ذات صلة هنا فالأهلیة القانونیة لممارسة شخص ما لحقوقه، على سبیل المثال فی حالة القاصرین لا تنطبق على هذه الحالة. فالأصل ان الات الذکاء الاصطناعی لیس لها حقوق أو بالأحرى لیس لها شخصیة قانونیة تسمح لها بممارسة هذه الحقوق. بینما القصر والأشخاص عدیمی الاهلیة کالمرضى العقلیین یتمتعون بالشخصیة القانونیة وبالتالی بحقوق اقرها القانون لهم ونظمها بما یمکنهم التصرف بها فی حدود اهلیتهم القانونیة.
ح. تسمیة المخترع وقابلیة الاختراع للحمایة ببراءات الاختراع
رفض مکتب البراءات دفوع مودع الطلب المتعلقة بتعیین المخترع وقابلیة الابتکار للحمایة ببراءات الاختراع بناء على الحجج ادناه:
اولا- إن تسمیة المخترع هو مطلب رسمی یجب الوفاء به فی الاستمارة الخاصة بطلب البراءة. إن تعیین المتطلبات الرسمیة (الشکلیة) لطلب البراءة، مستقل ولا یؤثر على الشروط الموضوعیة للحصول على براءة اختراع والتی تتعلق بالاختراع ذاته.
ثانیا- دفع مودع الطلب بأن عدم قبول أنظمة أو آلات الذکاء الاصطناعی کمخترعین قد یؤدی الى استبعاد الاختراعات التی یولدها الذکاء الاصطناعی من نطاق الحمایة ببراءات الاختراع، وذلک یشکل خرقا للمواد (52-57) من الاتفاقیة اعلاه، والمادة 27 من اتفاقیة التربس واتفاقیة ستراسبورغ والتی تشترط الجدة فی الاختراع، وان ینطوی الاختراع على خطوة ابتکاریة وان یکون قابلا للتطبیق الصناعی . وایضا دفع مقدم الطلب بان إذا کان هنالک ابتکار تتوافر فیه شروط الموضوعیة للحمایة ببراءة اختراع، فإن قانون براءات الاختراع یفترض وجود مخترع.
ثالثا- یتم تقییم المتطلبات الشکلیة لتحدید المخترع قبل الفحص الموضوعی للابتکار نفسه للتأکد من توافر شروط الجدة وبشکل مستقل ولا یدلی بای بیان حول ما إذا کان موضوع ذلک الطلب یلبی متطلبات الموضوعیة للبراءة وفقا للمواد (52-57) اعلاه. والعکس صحیح، فاذا ما استوفى طلبا ما الشروط الموضوعیة للبراءة فان ذلک لا یعنی بالضرورة انه قد یلبی المتطلبات الشکلیة المنصوص علیها فی القانون.
ج. حق الجمهور فی معرفة المخترع الحقیقی
بالمثل ذهب مکتب البراءات الاوربی فی معالجة الدفع الخاص بحق الجمهور فی معرفة المخترع الفعلی الى ان:
اولا- یلبی الإطار القانونی لاتفاقیة البراءات الأوروبیة هدف تزوید الجمهور بمعلومات کافیة عن المخترع کما حددته المادة (62) والقاعدة (20.2) من الاتفاقیة الاوربیة للبراءات. فالشرط الخاص بتحدید المخترع وتسمیته یمکن الجمهور من الطعن فی صحة نسبة الاختراع الیه أمام المحاکم الوطنیة المختصة وفقا للمادة (61) من الاتفاقیة اعلاه.
ثانیا- برأی مقدم الطلب، اشتراط أن یشیر تحدید المخترع إلى شخص طبیعی قد یستخدم لإخفاء الهویة الحقیقیة للمخترع فی الحالات التی تم فیها تطویر محل طلب البراءة دون تدخل بشری.
هذا الدفع یرفضه قسم الاستلام فی مکتب البراءات الاوربی. فالمکتب لا یتحقق وحده من أصل الموضوع المدعى به فی طلب البراءة وفقا للقاعدة (2 .19). اذ قرر المشرع أن یعطی هذا الحق للجمهور والذی یملک، بما فیهم المخترع الذی حذف اسمه من التعیین، الطعن فی التسمیة اذا کانت غیر صحیحة. ویضمن نشر طلب البراءة إعلام الجمهور بما فیهم المخترع الذی حذف اسمه بمحتویات المستندات المودعة وعلى هذا الأساس قد یطعن فی صحة تحدید المخترع. وهذه الطعون ترفع الى المحاکم الوطنیة المختصة وقد تنتهی بتصحیح اسم المخترع وفقا للقاعدة (20.2) و القاعدة 21 من الاتفاقیة الاوربیة بشان براءات الاختراع.
ت. المهلة الزمنیة لمعالجة أوجه القصور فی تسمیة المخترعالقاعدة 60 من اتفاقیة براءات الاختراع الاوربیة
کما ناقش مکتب البراءات الاوربی المهلة الزمنیة الممنوحة لمودع الطلب لمعالجة أوجه القصور فی تسمیة المخترع. أن مودع الطلب لم یعبر عن نیة ملء الفقرة الخاصة باسم المخترع من أجل تصحیح أوجه القصور فی القضیة، حتى بعد ان منح فرصة أخرى قبل وقف إجراءات المداولة، لذا قرر قسم الاستلام إصدار قراره فی الإجراءات الشفویة حتى على الرغم من أن المهلة المحددة بموجب القاعدة (60.1) من اتفاقیة براءات الاختراع لم تنته بعد. لان مقدم الطلب اعلن بوضوح أنه یرغب فی تعیین نظام الذکاء الاصطناعی کمخترع، وبالتالی تم إغلاق النقاش حول هذا الموضوع فی قسم الاستلام، على ان ذلک لا یمنع من اللجوء الى سبل الانتصاف القانونیة المعمول بها.
فی کانون الثانی 2020، قرر المکتب الأوروبی للبراءات رفض طلبی براءة اختراع المرقمتین (EP18275163) (EP18275174) حیث تم تسمیة نظاما للذکاء الاصطناعی باعتباره المخترع الوحید. فی کلتا الحالتین، قد تم رفض الطلبات لعدم الامتثال لأحکام الاتفاقیة الاوربیة لبراءات الاختراع المتعلقة بشخص المخترع. ویمکن تلخیص اهم اسباب الرفض من قبل مکتب البراءات الاوربی بالاتی:
- یتطلب الحصول على براءة اختراع أوروبیة، أن یکون المخترع شخصًا طبیعیًا. وهذا ما أکده حکم المکتب الأوروبی للبراءات مسترسلا بانه لا یوجد أی قانون وطنی یعترف بـ [الآلة] کمخترع.
- أکد الحکم بأن الات الذکاء الاصطناعی لا تتمتع حالیا بأیة حقوق لأنها لا تتمتع بشخصیة قانونیة مماثلة لتلک التی یتمتع بها لأشخاص الطبیعیین أو الاعتباریین. وهنا یمیز المکتب الأوروبی الآلات عن الأشخاص الاعتباریین مصرحا بأنه حالیا "لا یوجد تشریع أو فقه قضائی یثبت مثل هذا الخیال القانونی" لأنظمة الذکاء الاصطناعی.
- فی نفس السیاق، میز الحکم بین اسماء الأشخاص الطبیعیین والمسمیات التی تعطى للأشیاء موکدا بان اسم الشخص الطبیعی لیس فقط لتعریف وتحدید الشخص، ولکن له أیضًا دور فی تحدید حقوق هذا الشخص ومرکزه القانونی، خلافا لدور المسمیات المعطاة للأشیاء، والتی تنحصر وظیفتها فقط فی تحدید هذه الأشیاء بشکل دقیق.
- کما بت القرار بمسألة ملکیة الآلات لمخرجاتها موکدا بانه لا یمکن للآلات ان تکون طرفا فی عقد عمل وبالمثل لا یمکنها نقل أی حقوق للآخرین لأنها لا تتمتع بای حقوق على مخرجاتها أیاً کان شکل تلک المخرجات او محتواها، لذا فإن ادعاء دکتور Thalar بأنه صاحب عمل او خلفا للآلة DABUS فی الحقوق لا یمکن تبریره وفقا لأی سند قانونی مشروع.
مع ذلک، فان حکم مکتب البراءات الأوروبی برفض طلبی البراءة لا یخلو من اوجه القصور. فهو من ناحیة لم یعط توضیحا کافیا عن الاحکام التی تنطبق على براءات الاختراع التی تولدها انظمة الذکاء الاصطناعی. اذ لم یوضح القرار القواعد الخاصة بمن یجب أن یکون مؤهلاً قانونا لیوصف بالمخترع بالنسبة للابتکارات التی تنشئها انظمة الذکاء الاصطناعی وتحت أی ظروف. والسؤال هنا هل قرار المکتب البراءات الأوروبی برفض طلبی البراءة سیخلق شرطًا جدیدًا للحصول على براءة اختراع لم یکن لیخطر على بال واضعی الاتفاقیة الاوربیة للبراءات مطلقًا الا وهو حظر الحمایة بنظام البراءات للاختراعات التی لا یکون المخترع فیها شخص طبیعی. من الجدیر بالذکر، ان ارشادات المکتب الأوروبی للبراءات لسنة 2018 بشان قابلیة الاختراع للحمایة بنظام البراءات ذهبت الى أن اختراعات الذکاء الاصطناعی لاتعد تقنیة بطبیعتها وهذا یعنی انها لیست محل للحمایة بالبراءة، فی حین اکدت إرشادات المکتب لسنة 2019 أن الاختراعات الناتجة عن الذکاء الاصطناعی قد تکون ذات طابع تقنی، خاصة عندما یتم تطویرها لأغراض تقنیة.
بینما هنالک اجماع عالمی على الاهمیة الستراتیجیة للذکاء الاصطناعی فی حیاتنا الیوم والتی عند العمل جنبًا إلى جنب مع البشر، ستساهم حتمًا فی الوصول الى اختراعات مهمة. لکن یتحفظ الفقه القانونی على مسالة منح البراءة لتلک الانظمة الالیکترونیة اخذا بنظر الاعتبار الابعاد الاجتماعیة والقانونیة رغم عوائدها الاقتصادیة.
من ناحیة اخرى لا یمکن اغفال حقیقة ان مکتب البراءات لم یبت وهو یصدر قراره بعدم وجود اختراع قابل للتسجیل فی الطلب.فالاختراع بذاته توافرت فیه عنصر الجدة والخطوة الابتکاریة بالإضافة لقابلیته للتطبیق صناعیا، هذه الثغرة تترک الاجابة عن السؤال عما یجب فعله عندما لا یکون هناک مخترع انسان. لکن ماهی صحة ان یکون الذی انشا الاختراع هی خوارزمیة الذکاء الاصطناعی ولا دور للإنسان الشخص الطبیعی لم یتطرق القرار إلى هذه المسالة المهمة والى کیفیة تقییم مساهمة الإنسان الشخص الطبیعی فی الاختراع. فالآلة لم تشغل نفسها أو تجمع بیاناتها الخاصة، فمن تحکم بنوع المدخلات(البیانات) هو الشخص الطبیعی .لیوجه الالة باتجاه مخرجات معینة مرغوبة. صحیح ان مع التطور الهائل لتکنلوجیا المعلومات، اصبحت خوارزمیات الذکاء الاصطناعی تقوم بإنشاء عمل یمکن وصفه ابتکاریا دون تدخل بشری لکننا لم نصل مرحلة التفرد التکنولوجی حیث یمکن لآلات الذکاء الاصطناعی أن تعمل بشکل مستقل لکتابة التعلیمات البرمجیة الخاصة بها اذ من المحتمل أن یقود هذا إلى مناطق قانونیة جدیدة.
مع ذلک یجب نسبة الاختراع الى کل من ساهم فی تطویره فلا یمکن ان ینسب الاختراع للإنسان بینما الابتکار ولدته الالة بغض النظر عن کونها تملک الذکاء العام ام انها لازالت تعمل ضمن حدود الحلول التی وضعها المبرمج. وبهذا النطاق، ترک تسبیب الحکم مجالًا للتفسیر حول مقدار مساهمة الإنسان الشخص الطبیعی فی إنشاء اختراع ولدته خوارزمیة الذکاء الاصطناعی. وهنا کان الاجدى بالحکم ان یمیز بین حامل او مالک براءة الاختراع وبین حق الشخص فی نسبة الاختراع الیه ای الحق الادبی، حیث کان الاجدى بمکتب البراءات مناقشة ذلک.
اذ ینتقد القرار على اساس عدم تمیزه بین ملکیة براءات الاختراع (ownership) والمخترع (inventorship). فمفهوم المخترع ومفهوم ملکیة الاختراع یمثلان وضعیین قانونیین مختلفین تماما. اذ یحدد الاول الشخص الذی اوجد الابتکار وهو ما یسمى بالمخترع، بینما تعترف الملکیة بالحق فی امتلاک هذا الاختراع. یُعرف مالک البراءة بانه من یملک الحق فیها وبالتالی له الحق فی تقیید الآخرین فی استخدامهم لحقوق الملکیة الفکریة التی یمتلکها. ولا یشترط ان یکون المخترع هو المالک للبراءة.
وقد قضى الحکم فی فقرته (27) بان جهاز الذکاء الاصطناعی لا یمتلک حقوقًا لأنه لا یتمتع بشخصیة قانونیة مماثلة للأشخاص الطبیعیین أو حتى الاعتباریین. فالشخصیة القانونیة تمنح للشخصیة القانونیة لشخص طبیعی نتیجة لکونه إنسانًا، ولشخص اعتباری على أساس خیال قانونی یفترض منح الشخصیة لذلک الکیان. لکن فی حالة خوارزمیات الذکاء الاصطناعی، لا یوجد تشریع أو فقه قانونی یثبت مثل هذا الخیال القانونی.
لکن من المرجح أن تصبح الاختراعات التی تم إنشاؤها بواسطة آلات الذکاء الاصطناعی أکثر انتشارًا فی المستقبل، والسؤال الملح هنا هو کیف أو ما إذا کان ینبغی لنظام البراءات الحالی التعامل مع هذه الاختراعات. وهنا یثار التساؤل عن اذا ما افترضنا جدلا بمنح انظمة الذکاء الاصطناعی براءات اختراع عن الابتکارات التی تولدها فهل لمخترع الذکاء الاصطناعی نفس حقوق المخترع الانسان خاصة ان حکم مکتب البراءات الاوربی لیس بالنهائی فهو قابل للطعن؟ وهل یمکن لخوارزمیات الذکاء الاصطناعی أن تطالب بمقابل مادی عن الترخیص لاستخدام الاختراع او أرباح انتاجه وتسویقه؟ هل یمکنها مقاضاة ای شخص یقوم بسرقة ذلک الاختراع؟ هناک ببساطة العدید من الأسئلة التی لم یتم الاجابة عنها والتی تحتاج إلى معالجة.
ختاما، فی ضوء هذا الحکم لمکتب البراءات الاوربی الاجابة ستکون للأسف بان النظام الحالی اصلا غیر قادر على تلبیة متطلبات حمایة هذه الاختراعات . ان التطور التکنولوجی السریع یقتضی أن یتم مناقشة هذا الامر على نطاق أوسع وأن یتم النظر فی تعدیل القانون النافذ لیستوعب التطور التکنولوجی ویواکبه، وعدم تضمین الحلول الراهنة بشکل تعسفی فی التشریعات التی نرتئی منها ان تطبق فی عصر الذکاء الاصطناعی وعصر یطلق على اقتصاده تسمیة" اقتصاد المعرفة knowledge based economy "
رغم ان البعض یرى ان هذه الانتقادات للقرار وقد تتجاوز نطاقه فهو لایزال قابلا للاستئناف، وهو بالمحصلة یستند إلى التشریعات المعمول بها. لکن یبقى هذا الحکم بالرفض رائدا لأنه سیؤثر بالتأکید على مکاتب البراءات للدول الأعضاء فی الاتحاد الأوروبی بشان اسس وإمکانیة حمایة الاختراعات القائمة على الذکاء الاصطناعی. کما یستنتج من هذا الحکم بان حمایة ابتکارات الذکاء الاصطناعی بقواعد الملکیة الفکریة لا یزال محل خلاف . و من المثیر للاهتمام فعلا رؤیة التطورات القانونیة حول هذا الموضوع لا نقول مستقبلا لکن فی المستقبل القریب.
The Author declare That there is no conflict of interest
المصـادر
29160191, on 27.01.2020) available
<https://www.epo.org/news-issues/news/2020/20200128.html >.
مکتب براءات الاختراع الاوربی، اسس قرار مکتب البراءات الأوروبی المرقم
(EPA / EPO / OEB FORM 29160191 فی 27.01.2020)،
< https://www.epo.org/news-issues/news/2020/20200128.html >.
مکتب البراءات الأوروبی (EPO)، ینشر المکتب الأوروبی للبراءات أسباب قراره برفض طلبین لبراءة اختراع تسمیة آلة کمخترع (EPO،
https://www.epo.org/news-issues/news/2020/20200128.html
ارشادات المکتب الأوروبی لبراءات الاختراع لسنة 2018 بشان قابلیة الاختراع للحمایة بنظام البراءات
www.epo.org/law-practice/legal-texts/html/guidelines2018/e/g_ii_3_3_1.htm
<www.ipwatchdog.com/2020/01/07/epo-ukipo-refuse-ai-invented-patent-applications/id=117648/> accessed 5 April 2020.
جیمس نورتون، المکتب الأوروبی للبراءات ومکتب حقوق الملکیة الفکریة فی المملکة المتحدة یرفضان طلبات براءات لاختراعات الذکاء الاصطناعی:
(IPWatchdog,com ,7 January 2020)
last accessed 7 April 2020
شارلوت کیلباتریک، المکتب الأوروبی للبراءات ینشا عدم یقین قانونی بشأن قابیلة منح البراءة لاختراعات الذکاء الاصطناعی (استراتیجیة براءات الاختراع، 13 فبرایر 2020).
مکتب البراءات الاوربی، منح البراءة لاختراعات الذکاء الاصطناعی، ملخص المؤتمر، میونیخ، 30.5. 2018، 8.
<https://www.dentons.com/en/insights/articles/2020/march/27/the-dabus-case> مaccessed 5April 2020.
جینجیاکومو اولیفی، قضیة DABUS : طلبا براءة اختراع عینتا أجهزة قائمة على الذکاء الاصطناعی کمخترع رفضتا من قبل مکتب البراءات الاوربی،
https://www.dentons.com/en/insights/articles/2020/march/27/the-dabus-case