الملخص
تعد تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق ضرورة لازمة تزداد أهمیتها بازدیاد قدرتها على تحقیق متطلبات المواطنین على المستوى المحلی، وأن تبنی الدولة لفکرة اللامرکزیة الإداریة لا یعنی استبعاد أسلوب المرکزیة الإداریة فهناک مصالح عامة لا یمکن ترک إدارتها للسلطات اللامرکزیة، إلا أن الواقع العملی خصوصاً بعد عام 2003 أثبت وجود العدید من الإخفاقات فی التطبیق وسوء فی الإدارة، ولعلّ ذلک یعود إلى المعوقات التی تعترض تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق، والتی وُضعت لها الکثیر من الحلول التی إذا تم تهیئة الأرضیة المناسبة لها فإنها ستحقق الأهداف المرجوة منها.
وقد توصلنا فی بحثنا هذا إلى جملة من الاستنتاجات والتوصیات التی کان أبرزها أن تجربة اللامرکزیة الإداریة هی من التجارب المهمة لکافة مستویات الدولة، إلا أنه لم تکن هناک رؤیة واضحة لها، کما أن الأرضیة غیر مهیأة لتطبیقها بالشکل الأمثل، وتمثل الإدارة الالکترونیة إحدى الحلول الإداریة الحدیثة التی یجب أن یلجأ إلیها العراق فی سبیل تحسین الأداء الحکومی فی جمیع المجالات للقضاء على البیروقراطیة والروتین الإداری.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق -(*)-
Administrative decentralization in Iraq
ماهر سبهان حمد أحمد محمود أحمد الربیعی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Maher Sabhan Hamad Ahmed Mahmoud Ahmed Al-Rubaie College of law / University of Mosul Correspondence: Maher Sabhan Hamad E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 24/3/2019 *** قبل للنشر فی 16/4/2019.
(*) Received on 24/3/2019 *** accepted for publishing on 16/4/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2019.167432
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تعد تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق ضرورة لازمة تزداد أهمیتها بازدیاد قدرتها على تحقیق متطلبات المواطنین على المستوى المحلی، وأن تبنی الدولة لفکرة اللامرکزیة الإداریة لا یعنی استبعاد أسلوب المرکزیة الإداریة فهناک مصالح عامة لا یمکن ترک إدارتها للسلطات اللامرکزیة، إلا أن الواقع العملی خصوصاً بعد عام 2003 أثبت وجود العدید من الإخفاقات فی التطبیق وسوء فی الإدارة، ولعلّ ذلک یعود إلى المعوقات التی تعترض تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق، والتی وُضعت لها الکثیر من الحلول التی إذا تم تهیئة الأرضیة المناسبة لها فإنها ستحقق الأهداف المرجوة منها.
وقد توصلنا فی بحثنا هذا إلى جملة من الاستنتاجات والتوصیات التی کان أبرزها أن تجربة اللامرکزیة الإداریة هی من التجارب المهمة لکافة مستویات الدولة، إلا أنه لم تکن هناک رؤیة واضحة لها، کما أن الأرضیة غیر مهیأة لتطبیقها بالشکل الأمثل، وتمثل الإدارة الالکترونیة إحدى الحلول الإداریة الحدیثة التی یجب أن یلجأ إلیها العراق فی سبیل تحسین الأداء الحکومی فی جمیع المجالات للقضاء على البیروقراطیة والروتین الإداری.
الکلمات المفتاحیة: اللامرکزیة الإداریة، الإدارة الإلکترونیة، البیروقراطیة.
Abstract
Administrative decentralization experiment in Iraq is considered is a necessity whose importance increases a long with its ability to fulfill the requirements of citizens on the local level. The adoption of the concept of Administrative decentralization by the state doesn't mean to exclude the technique of Administrative decentralization as there are public interests that can't be Administrative by decentralization authorities. However; the actual reality following 2003 in particular, has proven many failures in implementation and mal- Administration, which might be attributed to the obstacles that hinder the implementation of Administrative decentralization in Iraq. A wide range of solutions have been developed that can achieve the desired objectives if an appropriate ground is available.
In this research, a number of conclusions and recommendations have been attained the most important of which is that administrative decentralization is among the most important experiments at all states levels, but there has been no evident vision of it besides no ground is ready for optimal application.
E-administration represents one of the modern administrative solutions that should Iraq appeal to in order to enhance its governmental solutions in all aspects to eliminate bureaucracy and administrative routine.
Keywords: administrative decentralization, emanagement, bureaucracy.
المقدمـة
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على رسول الله محمد الأمین وآله وصحبه الطیبین...
أولاً: أهمیة البحث
تتضح أهمیة موضوع اللامرکزیة الإداریة من خلال التطور الذی تشهده البلدان فی السنوات الأخیرة بصورة عامة وفی العراق بصورة خاصة، وکذلک صدور العدید من التشریعات العدیدة التی تنظمها، إذ أن هناک صراعاً خفیاً بین الحکومة المرکزیة والحکومات المحلیة فلم تکن هناک رؤیة واضحة للامرکزیة الإداریة وآلیات تطبیقها، مما أدى إلى ظهور معوقات عدیدة حالت دون ذلک ووضعت لها العدید من الحلول التی إذا ما تم العمل بها ستؤدی إلى نجاح التجربة فی العراق.
ثانیاً: أهداف البحث
یهدف البحث إلى تسلیط الضوء على المعوقات التی واجهت تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق سواءً کانت معوقات ذات طابع دستوری أو سیاسی أو أمنی أو إداری، بهدف وضع الحلول لتجاوزها والذی یتطلب عمل مؤسساتی على مستوى عالی والأخذ بمبدأ الشفافیة والمساءلة وتفعیل الرقابة وتطبیق القانون وذلک فی ظل تدنی مستوى أداء الحکومات المحلیة وعجزها عن تقدیم الخدمات للمواطنین بالشکل المطلوب.
ثالثاً: إشکالیة البحث
تتمثل إشکالیة البحث فی الإجابة على تساؤلات عدة، ولعلّ من أبرزها:
1- مدى إمکانیة تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق بالشکل الأمثل؟
2- ما هی أهم معوقات تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق والحلول اللازمة لتجاوزها؟
3- الجهة المختصة بتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق وإیجاد الحلول للمعوقات التی تعترض التطبیق؟
4- هل تمثل الإدارة الالکترونیة إحدى حلول تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق من عدمه؟
رابعاً: منهجیة البحث
سنتولى بحث المعوقات والحلول اللازمة لتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق وفق المنهج التحلیلی الذی یقوم على تحلیل النصوص القانونیة، والمنهج التطبیقی من خلال التطرق إلى ما هو منصوص علیه وما هو مطبق على أرض الواقع.
خامساً: نطاق البحث
سنتناول فی هذا البحث المعوقات والحلول اللازمة لتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق بعد عام 2003، وذلک لأنها طُبقت فی العراق بشکلٍ فعلی بعد هذا العام، أما قبل هذا التاریخ فقد کانت تطبق فی نطاق محدود، وعلى هذا الأساس سوف تقتصر دراستنا على اللامرکزیة الإداریة فی العراق فی ظل التشریعات التی صدرت بعد عام 2003.
سادساً: هیکلیة البحث
فی ضوء ما تقدم وللإحاطة بموضوع البحث ارتأینا بتقسیم هذا البحث إلى مبحثین؛ وعلى وفق الآتی:
المبحث الأول: معوقات تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق.
المطلب الأول: مفهوم اللامرکزیة الإداریة.
المطلب الثانی: المعوقات الدستوریة والسیاسیة.
المطلب الثالث: المعوقات الأمنیة والإداریة.
المبحث الثانی: الحلول اللازمة لتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق.
المطلب الأول: الحلول التی تستخدمها الحکومة المرکزیة.
المطلب الثانی: الحلول التی تستخدمها الحکومات المحلیة.
المطلب الثالث: الحلول الإداریة الحدیثة (الإدارة الالکترونیة).
المبحث الأول
معوقات تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق
هناک العدید من المعوقات التی تقف حائلاً بین اللامرکزیة الإداریة وتطبیقها فی العراق، وقبل البحث فیها لابد من تحدید مفهوم اللامرکزیة الإداریة، علیه سنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب؛ نبین فی الأول مفهوم اللامرکزیة الإداریة، ونتناول فی الثانی المعوقات الدستوریة والسیاسیة، ونتناول فی الثالث المعوقات الأمنیة والإداریة.
المطلب الأول
مفهوم اللامرکزیة الإداریة
تعد اللامرکزیة الإداریة أسلوباً من أسالیب التنظیم الإداری التی تعتمدها العدید من الدول لتحقیق أهدافها الإداریة وتلبیة الخدمات العامة للمواطنین، وللامرکزیة الإداریة صور عدیدة، لذا سنقسم هذا المطلب إلى فرعین؛ نتناول فی الأول تعریف اللامرکزیة الإداریة، وفی الثانی صور اللامرکزیة الإداریة.
الفرع الأول
تعریف اللامرکزیة الإداریة
للوصول إلى حقیقة اللامرکزیة الإداریة، لابد من تعریفها لغةً واصطلاحاً وصولاً إلى تعریف مانع جامع لها، لذا سنتناول فی هذا الفرع التعریف اللغوی والاصطلاحی للامرکزیة الإداریة على وفق الآتی:
أولاً: التعریف اللغوی:
إن اللامرکزیة فی اللغة هی اسم وأصلها إرتکَزَ، یرتکز (فعل) إرتکازاً، ومرتکز مفهوم ویقال أرتکزَّ على الشیء بمعنى اعتمد علیه، ومعناها فی اللغة تحویل السلطة إلى الأقالیم والولایات وجعلها تتمتع باستقلالیة فی تسییر شؤونها الخاصة عکس المرکزیة، کما تعنی عملیة تقسیم منظمة کبیرة إلى وحدات تشغیل أصغر.
ویأتی أصل کلمة إداریة (إدارة) والإدارة اسم مصدره (أدار)، و (أدار) فعل والمفعول مدار یأتی فی اللغة بمعنى التحسین المستمر للخدمة وهی طریقة لإدارة التحسین المستمر باستخدام نظام إدارة الجودة وإدارة الجودة الشاملة ثقافة تشمل الأفراد کلهم فی المؤسسة فی إطار عملیة حرفیة وتحسین مستمر.
ثانیاً: التعریف الاصطلاحی:
تعددت التعریفات التی تناولت مفهوم اللامرکزیة الإداریة تبعاً لوجهة نظر الفقهاء والمفکرین، ویرجع السبب إلى أن کل مفکر ینظر إلى اللامرکزیة الإداریة من زاویة معینة تبنى على الفلسفة الفکریة والقانونیة والسیاسیة التی ینتمی إلیها، ولاشک أن اختلاف الجوانب التی یهتمون بها والأهداف التی یرمون إلى تحقیقها تدعو إلى التعرف على بعض هذه التعریفات.
فقد عرفها الفقیه الفرنسی "Ander de laubadere" بأنها: "هیئات محلیة لا مرکزیة تمارس اختصاصات إداریة وتتمتع باستقلال ذاتی".
ویؤخذ على هذا التعریف أنه أغفل أهم عناصر اللامرکزیة الإداریة وهو عنصر الرقابة، ولم یشر إلى آلیة إنشاء هذه الهیئات المحلیة هل عن طریق الانتخاب أم التعیین.
ویرى د. سلیمان الطماوی أنها: "توزیع الوظائف الإداریة بین الحکومة المرکزیة فی العاصمة وبین هیئات محلیة أو مصلحیة منتخبة، بحیث تکون هذه الهیئات فی ممارستها لوظیفتها الإداریة خاضعة لإشراف ورقابة الحکومة المرکزیة".
ونجد أن هذا التعریف قد أغفل تمتع الهیئات المحلیة بالشخصیة المعنویة ولم یشر إلیها إلا أنه قد أبرز بوضوح وجود هیئات محلیة منتخبة وخضوع هذه الهیئات لرقابة الحکومة المرکزیة وإشرافها التی تمثل أهم عناصر اللامرکزیة الإداریة.
أما فی العراق فهناک من ذهب إلى تعریفها بأنها: "نظام یقوم على تفریق العمل الإداری وتوزیعه بین السلطات الإداریة المتفرعة وسلطات الإدارة فی المرکز بحیث لا یکون لهذه سوى الإشراف والمراقبة والتوصیة العام".
ویعاب على هذا التعریف أنه قد رکز على تفریق العمل الإداری وتوزیعه على الوحدات الإداریة المحلیة تحت إشراف السلطة المرکزیة ورقابتها وقد أغفل الشخصیة المعنویة ولم یتطرق إلیها.
یمکننا مما تقدم أن نعرف اللامرکزیة الإداریة بأنها: "أسلوب من أسالیب التنظیم الإداری والذی ینصب على توزیع الوظائف الإداریة بین الحکومة المرکزیة والهیئات الإداریة المحلیة المنتخبة، کلها أو جزء منها التی تتمتع بالشخصیة المعنویة وتتولى إدارة شؤونها المحلیة بالتنسیق مع السلطة المرکزیة تحت إشرافها ورقابتها".
الفرع الثانی
صور اللامرکزیة الإداریة
لنظام اللامرکزیة الإداریة صورتان رئیستان هما اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة (المحلیة) واللامرکزیة الإداریة المرفقیة (المصلحیة).
أولاً: اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة (المحلیة):
تعرف اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة بأنها "طریقة من طرائق الإدارة یتم فیها توزیع اختصاصات الوظیفة الإداریة بین السلطة المرکزیة والمجالس المحلیة المنتخبة على أن تباشر هذه المجالس المحلیة سلطاتها تحت رقابة السلطات المرکزیة".
وهی تعنی أیضاً منح الشخصیة المعنویة للوحدات المحلیة لاعتبارات إقلیمیة أو محلیة وتکون هذه التقسیمات معترف بها قانوناً، لذا ینحصر دور الإدارة المرکزیة فی الرقابة والإشراف على وفق القانون، ومن ثم تعکس هذه الصورة الدیمقراطیة التی تقضی إعطاء سکان کل هیئة محلیة الحق فی انتخاب وإدارة مرافقهم بأنفسهم.
وتقوم اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة على أساس جغرافی عندما یعمد المشرع إلى تقسیم الدولة إلى وحدات جغرافیة. والسؤال الذی یطرح نفسه فی هذا المجال هل التقسیم الجغرافی کافیاً لقیام اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة؟
للإجابة على السؤال المطروح نجد أن مجرد هذا التقسیم لا یعنی قیام اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة وإنما لابد أن تمثلها هیئات مستقلة نسبیاً عن السلطة المرکزیة تتولى إدارة الشؤون والمصالح المحلیة بإشراف السلطة التنفیذیة المرکزیة ورقابتها، والتقسیم الجغرافی أملته الظروف العملیة إذ تأخذ به الدول ذات النظام المرکزی على حد سواء مع تلک التی تتبنى اللامرکزیة الإداریة.
وتکون المجالس المحلیة فی معظم الأحوال منتخبة وتتمتع بالاستقلال فی مواجهة السلطة المرکزیة، مع خضوعها لرقابتها وإشرافها فی الحدود التی بیّنها القانون.
ثانیاً: اللامرکزیة الإداریة المرفقیة (المصلحیة):
یعرف توزیع الوظیفة الإداریة (على أساس موضوعی) باللامرکزیة المرفقیة أو المصلحیة التی تعنی قیام هیئات مستقلة تحدد اختصاصاتها على أساس موضوعی، أو منح مرفق قومی الشخصیة الاعتباریة أو قدر من الاستقلال.
وتتمثل صورة اللامرکزیة الإداریة المرفقیة عندما یعترف المشرع لمرفق عام بالشخصیة المعنویة وبقدر من الاستقلالیة فی إدارة شؤونها وتصریف أمورها تحت رقابة الدولة وإشرافها ومثال على ذلک مرفق الجامعات والکهرباء لتقدیم الخدمات الضروریة على نطاق الدولة، ویتم ذلک من خلال تسهیل ممارسة نشاطها.
وإن سبب ظهور هذه الصورة من اللامرکزیة الإداریة هو حاجة الدول إلى أن تقوم بإنشاء هیئات ومؤسسات عامة تتمتع بالشخصیة المعنویة ولها استقلالها المالی والإداری ولابد أن یتم ذلک تحت إشراف السلطة المرکزیة ورقابتها، وقد تنشأ هذه المرافق والمشاریع لاعتبارات موضوعیة وتمارس کل منها اختصاصها التی أُنشأت من أجله والمنصوص علیه فی قانونها ومن ثم لا یجوز لها ممارسة أی نشاط غیره، وقد کان الباعث لإنشاء اللامرکزیة المرفقیة هو لاعتبارات فنیة وتتمثل فی حمایة نشاط معین من تعقیدات الجهاز الإداری المرکزی والروتین وفسح المجال لأهل الخبرة لیسهموا بإدارته بقدر من الحریة والاستقلالیة، ولا تخضع الأشخاص المرفقیة لقانون واحد کما هی الحال فی الإدارة المحلیة التی ینظمها قانون واحد ینطبق على الأشخاص الإقلیمیة جمیعهم، بل یوجد لکل فرع من الأشخاص المرفقیة قانونها الذی ینظمها منذ نشأتها ویرجع الأصل فی نشأة الوحدات الإقلیمیة إلى اعتبارات وعوامل سیاسیة ترتبط بفکرة الدیمقراطیة للتعبیر عن استقلال وحریة الجماعات المحلیة لتحکم نفسها بنفسها.
مما یعنی عدم استناد هذا الأسلوب على أی فکرة دیمقراطیة، بل یقوم على فکرة فنیة تتصل بکفاءة إدارة المرفق، علماً بأن التعیین ولیس الانتخاب هو الطریقة المتبعة فی اختیار رؤساء مجالس إدارة المؤسسات العامة وأعضائها.
المطلب الثانی
المعوقات الدستوریة والسیاسیة
سنقسم هذا المطلب إلى فرعین؛ نتناول فی الفرع الأول المعوقات الدستوریة، أما فی الفرع الثانی فنتناول المعوقات السیاسیة على وفق ما یأتی:
الفرع الأول
المعوقات الدستوریة
هناک العدید من المعوقات التی ظهرت جراء تطبیق مواد دستور جمهوریة العراق لسنة 2005 وعلى الرغم من إیجابیات النصوص الدستوریة الداعمة لتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی المحافظات، إلا أن التعارض وعدم فاعلیة بعضها فضلاً عن الحاجة إلى تشریع جدید سواءً بالتعدیل أو الإضافة أو الإلغاء تعد من أبرز المشاکل الدستوریة والقانونیة التی طفت على سطح التنفیذ، مما عزز الواقع السلبی على تطبیق اللامرکزیة الإداریة.
وقد تعود تلک السلبیات التی ظهرت نتیجة تطبیق مواد الدستور المشار إلیه أعلاه إلى ظروف کتابة الدستور والتی تختلف عن ظروف کتابة أی دستور آخر، فقد واجه المشرع العراقی العدید من الصعوبات والمعوقات ومنها الصراعات ما بین ممثلی الکتل السیاسیة فی لجنة کتابة الدستور وکذلک ضیق الوقت لکتابته والتدخلات الخارجیة وأزمة الحکم التی تلت عام 2003، فلم تکن إدارة هذا الملف بید إدارة مهنیة متخصصة ولم یکن أصحاب الاختصاص هم الفاعلین فیه، مما أثر فی إنجاز دستور ناضج وواضح وفاعل یؤسس فی تصمیم وبناء دولة مستقرة، فقد کان نتیجةً للتجاذبات السیاسیة التی أعقبت عام 2003 وأزمة الشارع العراقی الذی ابتلى بوضع معقد اتسم بالإرهاب وعدم الاستقرار.
الفرع الثانی
المعوقات السیاسیة
إن الصراع السیاسی فی العراق کان سبباً فی خلق العدید من المعوقات والتی لا حصر لها ومن ضمنها شکل الدولة ونظام الإدارة فیها بین الفیدرالیة واللامرکزیة الإداریة، وأن من نتائج هذا الصراع هو عدم إصدار قانون الإدارة المحلیة لحد الآن وإصدار قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم (21) لسنة 2008 المعدل بهذا الشکل الذی یؤخذ علیه کثیر من المآخذ فی مواضع عدة کان نتیجة طبیعة هذا الصراع، وأهم ما یؤخذ علیه بأنه لا یتوافق جیداً مع روح الدستور المتمثلة بعدم ترکیز السلطة وإنما کان یعبر عن روح تسویة توافقیة قائمة على أنصاف الحلول وقائمة على الخلط بین واقع الأنظمة الفیدرالیة واللامرکزیة فی العالم وبین هواجس سیاسیة غیر واضحة، مما أثر على واقع ومستقبل العلاقة بین السلطات المرکزیة والسلطات المحلیة.
ومن المعوقات الأخرى فی هذا الجانب هی مسألة التوزیع الحزبی والسیاسی للمناصب السیاسیة والإداریة سواءً على المستوى الوطنی أم على المستوى المحلی، فالکثیر من المناصب السیاسیة والإداریة مُنحت على أساس الانتماء الحزبی والطائفی دون التأکید على عنصر الخبرة والکفاءة والمهنیة لموظفی الحکومات المحلیة، وذلک لأن العناصر التی شکلت الحکومات المحلیة جاءت وفق قوائم حزبیة قامت على المحاصصة الطائفیة لا على البرامج الانتخابیة، فضلاً عن محاولة بعض الجهات السیاسیة إسقاط وإفشال الجهات السیاسیة الأخرى مما تسبب ذلک فی تأخیر الکثیر من المشاریع والقوانین والتی کان من المفروض إقرارها وتنفیذها لولا تلک الصراعات السیاسیة ومحاولة بعض الأطراف إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى عند فشل بعض المشاریع الاستراتیجیة والخدمیة.
المطلب الثالث
المعوقات الأمنیة والإداریة
تمثل المعوقات الأمنیة والإداریة إحدى الأسباب التی ساهمت فی عدم فاعلیة نظام اللامرکزیة الإداریة فی العراق وفق ما کان مخطط إلیه، علیه سنتناول المعوقات الأمنیة فی الفرع الأول، أما فی الثانی سنتناول المعوقات الإداریة.
الفرع الأول
المعوقات الأمنیة
إن انعدام الأمن یعد سبباً رئیساً فی عدم تطبیق اللامرکزیة الإداریة بالشکل الأمثل فی العراق، فالوضع الأمنی یواجه تحدیات داخلیة وخارجیة، کما أن عدم وجود رؤیة واضحة بعیدة المدى وعدم تحدید الأولویات والانشغال بالمصالح القومیة والحزبیة أدى إلى الانشغال بالقضایا الأمنیة وفرض الإجراءات المشددة أکثر من الاهتمام بالجانب العملی والمهنی، مما تسبب فی تراجع مؤشرات تطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق.
فالنظام السیاسی یواجه تحدیات کبیرة تتمثل فی الأحداث التی مر بها العراق، فمعظم مناطق العراق لا تکاد تخلو من العملیات الإرهابیة شبه الیومیة والتدهور الأمنی الواضح، لذا فإن المسؤولین المحلیین یلقون السبب فی تردی أوضاع المحافظات إلى سوء الواقع الأمنی والذی یمثل السبب الرئیس فی توقف وتعثر خطط التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة للمحافظات، فقد أنفقت مبالغ کبیرة من الأموال من قبل الحکومات المحلیة داخل المحافظات لدعم الخطط الأمنیة حفاظاً على أمن المواطنین، وعلیه فإن المشکلة الأمنیة مثلت عبئاً إضافیاً على الحکومات المحلیة، فقد ترکزت معظم الجهود والإمکانیات لبسط الأمن فی المحافظات وهذا ما تطلب أموالاً هائلة ودعماً کبیراً یفوق قدرة الحکومات المحلیة، بینما لو کانت الأوضاع الأمنیة مستقرة لترکزت هذه الإمکانیات والجهود نحو تقدیم الخدمات وتحقیق الرفاهیة للمواطنین.
الفرع الثانی
المعوقات الإداریة (البیروقراطیة والفساد الإداری والمالی)
إن مشکلة البیروقراطیة والفساد على مستوى الحکومات المحلیة هی من أبرز أسباب التلکؤ فی تطبیق نظام اللامرکزیة الإداریة، إذ أن الصعوبات فی الإجراءات الإداریة مستشریة فی المؤسسات المحلیة على اختلاف مستویاتها، فنلحظ هنالک صعوبة فی تمریر مشاریع القوانین وحتى المعاملات الیومیة وذلک لکثرة الإجراءات البیروقراطیة والإداریة المعقدة، کما هناک العدید من المشاریع تؤخذ من جانب واحد وتترک الکثیر من الجوانب الأخرى دون معالجة، ویمثل الروتین الحکومی أحد أبرز الأسباب التی تعرقل أعمال المؤسسات الحکومیة سواءً المؤسسات المرکزیة أم المؤسسات المحلیة.
کما أن التأخیر الذی یرافق عملیة إعداد الموازنة العامة الاتحادیة وفی مختلف مراحلها والذی یؤدی بدوره إلى التأخر فی صرف المستحقات المالیة للمحافظات ما یساهم فی عرقلة مشاریع البناء والخدمات، فضلاً عن عدم وجود التنسیق والتعاون بین المحافظات والوزارات الاتحادیة والذی أدى إلى حالة من الإرباک نتیجة تعدد مصادر القرار والجهات المنفذة.
ونرى أن المعوقات المذکورة أعلاه قد ساهمت سواءً بشکل مباشر أو غیر مباشر فی عدم تطبیق مبدأ اللامرکزیة الإداریة فی العراق بأفضل شکل رغم تباینها بین حکومة محلیة وأخرى إلا أن أثرها کان واضحاً فی عرقلة تنفیذ العدید من المشاریع والخطط التنمویة فی الکثیر من المحافظات.
المبحث الثانی
الحلول اللازمة لتطبیق اللامرکزیة الإداریة فی العراق
إن تجربة اللامرکزیة الإداریة من التجارب المهمة لکافة مستویات الدولة، لأنها تعمل من أجل تحقیق النمو بشکل عادل لجمیع طبقات المجتمع العراقی أی جعل الشرائح الاجتماعیة کافة فی دائرة المستفیدین ولا یوجد أی إقصاء لأی فئة من الفئات، وأن هذه التجربة إن طُبقت وفق الخطط المدروسة بالإضافة إلى تجاوز العقبات ووضع الحلول اللازمة فأنها ستحقق الهدف من تطبیقها، وعلیه سنبین هذه الحلول فی ثلاث مطالب وکالآتی:
المطلب الأول
الحلول التی تستخدمها الحکومة المرکزیة
ینبغی على الحکومة المرکزیة أن تضع حلولاً جذریة من أجل نجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق وهذا ما سنتناوله فی فرعین وکما یأتی:
الفرع الأول
ترسیخ مفهوم المواطنة وتعزیز المصالحة الوطنیة
إن من أهم الحلول التی یجب على الحکومة المرکزیة أن تعمل على تنفیذها هی ترسیخ مفهوم المواطنة والعمل على تعزیز المصالحة الوطنیة وهذا ما سنبینه فی الفقرات الآتیة:
أولاً: ترسیخ وبناء مفهوم المواطنة:
وذلک یتم من خلال تعزیز روح الانتماء إلى البلد لدى جمیع مکونات المجتمع العراقی وهذا ما یساهم فی بناء مجتمع متماسک وأن الشعور بالانتماء یعزز الوعی وینمیه لدى أفراد المجتمع وما یدعم ذلک هو تحقیق مبدأ المساواة بین الأفراد والعمل على إلغاء کل أشکال التمیز العنصری على أساس الجنس أو اللون أو اللغة أو الدین أو القومیة وهذا یمثل تجسیداً لنص المادة (14) من الدستور العراقی لسنة 2005 والتی جاء فیها: "العراقیون متساوون أمام القانون دون تمییز بسبب الجنس أو العرق أو القومیة أو الأصل أو اللون أو الدین أو المذهب أو المعتقد أو الرأی أو الوضع الاقتصادی أو الاجتماعی".
ثانیاً: تعزیز المصالحة الوطنیة:
تتحقق المصالحة الوطنیة الحقیقیة وذلک عندما تشمل الجمیع باستثناء من ارتکب جرائم بحق الشعب وینبغی أن تقوم على الحوار بوصفه وسیلة أساسیة لتفاهم أبناء المجتمع فیما بینهم، وهذا یعنی أن المصالحة یجب أن تتم بین الأطراف الفاعلة فی العملیة السیاسیة وقوى المعارضة داخل العراق وخارجه، وتعزیز فکرة السلم المجتمعی بین مکونات المجتمع العراقی المختلفة، وتشریع القوانین التی تجرم الطائفیة أو العرقیة بکل أشکالها وصورها، وترسیخ مبدأ الحوار من خلال دعم منظمات المجتمع المدنی لنشر ثقافة التعایش السلمی.
الفرع الثانی
بناء دولة القانون ومحاربة الفساد
إن توجه الحکومة إلى بناء دولة القانون والمؤسسات ومحاربتها للفساد المالی والإداری یمثلان حلول جوهریة نحو إنجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق، علیه سنوضح الحلول المشار إلیها أعلاه فی الفقرات الآتیة:
أولاً: بناء دولة القانون والمؤسسات:
وهذا ما یستدعی إعادة النظر فی الکثیر من القوانین والأنظمة والمناهج التربویة والتعلیمیة وذلک لتخلیصها من النعرات العنصریة، مع التأکید على النقد الذاتی والمعارضة السلیمة، وإتباع أسالیب مهنیة محترفة بعیدة عن المحاصصة الفئویة والحزبیة قائمة على أساس مبدأ سیادة القانون، وبذلک تتهیأ الأرضیة المناسبة لتطبیق مبدأ اللامرکزیة الإداریة، مما یجعل الحکومة المرکزیة تتفرغ لحل المشاکل المستعصیة فی البلاد، وترک المشاکل الداخلیة للأقالیم والمحافظات وذلک بإعطائها المزید من الصلاحیات وهذا ما یساهم فی قیام شراکة حقیقیة تتلاءم مع أوضاع المحافظات الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة والعمل على بناء مؤسسات فاعلة ومؤثرة فی سلوک الجمیع بما فیهم نخب السلطة، فضلاً عن الشفافیة والعدالة والتی تتطلب توفر قوة رادعة، إضافةً إلى العمل على عدم ترکیز السلطة بید شخص أو فئة معینة والعمل عل التداول السلمی للسلطة، الأمر الذی یجعل تحقیق اللامرکزیة الإداریة بأبعادها کافة أمر إیجابی.
ثانیاً: محاربة الفساد المالی والإداری:
کثیراً ما یتفشى الفساد فی البلدان التی تمر بمراحل انتقالیة وتشهد تغیرات سیاسیة متمثلة بالانتقال من الحکم الشمولی إلى الحکم المعتمد على مقومات الدیمقراطیة ورکائز الحکم الصالح، وإذا کانت الإدارة السیاسیة قویة وفاعلة فأنها تسعى إلى تحجیم هذه الظاهرة وتتعالى الأصوات والمطالبات من الجمهور بالمساءلة والمحاسبة لجمیع الفاسدین، وفی مختلف مستویات الحکم والوظیفة العامة، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشکل واضح فی العراق بعد أحداث 9/4/2003، وعلى أثرها سُرقت وتبددت الکثیر من ثروة البلد وسادت مظاهر عدم احترام هیبة القانون، ویتم مکافحة الفساد من خلال منظومة متکاملة واستراتیجیة شاملة من الآلیات والإجراءات المتکاملة فی مقوماتها، والتی کان آخرها إنشاء مجلس أعلى لمکافحة الفساد یتولى العدید من المهام أهمها إعداد استراتیجیة وطنیة لمکافحة الفساد ومتابعة تنفیذها والإشراف على استکمال الأطر القانونیة وسد الثغرات التی ینفذ منها الفساد والإشراف على استکمال الأطر المؤسساتیة لمنظومة مکافحة الفساد وتوحید ودعم جهود مکافحة الفساد، وکذلک مناقشة المشکلات والصعوبات التی تواجه جهود مکافحة الفساد والقضاء علیها.
المطلب الثانی
الحلول التی تستخدمها الحکومات المحلیة
إن الحکومات المحلیة کذلک تمتلک من الآلیات ما یؤهلها لوضع حلول یکون هدفها الأساس إنجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق وهذا ما سنتناوله فی فرعین وکما یأتی:
الفرع الأول
حلول تشریعیة وسیاسیة
من ضمن الحلول التی یمکن أن تساهم فی إنجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق والتی تضعها الحکومات المحلیة هی الحلول التشریعیة والسیاسیة وکما یلی:
أولاً: حلول تشریعیة:
إن وضع أی تشریع یجب أن لا یتعارض مع الدستور والقوانین الاتحادیة النافذة، وهذا ما نص علیه الدستور العراقی لسنة 2005، وأن أی عملیة لتنظیم الشؤون الإداریة والمالیة یتطلب صیاغة تشریعیة ومتطلبات عدیدة لبناء النظام الداخلی للهیئات المحلیة والتی تقوم على آلیات متنوعة هادفة وبناءة، والهدف الرئیسی هو خلق نوع من التوازن بین سلطة المرکز والسلطة المحلیة.
ولعلّ من أهم التشریعات المحلیة هی التی تتعلق بدعم الموارد المالیة للوحدات المحلیة لغرض تطویر الموازنات المحلیة من خلال إنشاء أوعیة جدیدة للتمویل دون تحمیل المواطنین أعباء مالیة إضافیة، وعلى سبیل المثال صدور تشریعات محلیة تسهل عمل المنظمات الدولیة التی تعمل فی عموم محافظات العراق والتی تقدم الدعم المالی من أجل إنشاء مشاریع للمحافظات وفی مختلف المجالات ومنها منظمة (Voca) ومنظمة (أطباء بلا حدود) التی تعمل فی مجال الصحة، وکذلک التشریعات المالیة التی تتعلق بتوزیع میزانیة المحافظات لتنمیة الأقالیم.
ثانیاً: حلول سیاسیة:
إن الهدف الأساسی للدولة هو تحقیق الوحدة السیاسیة والإداریة على حدٍ سواء، ویتم ذلک عن طریق تشدید القیود على استقلال الهیئات اللامرکزیة حرصاً من أن یؤدی استقلالها بشکل مطلق إلى تفتیت وحدة الدولة السیاسیة، فینبغی الحرص والحذر من خلال التأکد من سلامة تصرفات الهیئات اللامرکزیة وعدم ارتکابها أی مخالفة للدستور لأن الحکومة المرکزیة تراقب النشاط الإداری فی عموم الدولة ولکون اللامرکزیة الإداریة قد تکون مدعاة للانفصال السیاسی من خلال انقلابها إلى لا مرکزیة سیاسیة وانتهائها إلى استقلال تام إذا کان غرض تجربة اللامرکزیة الإداریة أهداف عنصریة أو دوافع خارجیة، کما أن تطبیق اللامرکزیة الإداریة یضمن عدم حصول اضطرابات سیاسیة وذلک لأن إعطاء الهیئات اللامرکزیة الحریة المطلقة دون وجود رقیب أمر غیر مرغوب فیه، فحریة تلک الهیئات المحلیة فی إدارة شؤونها الداخلیة تنتهی عندما تتعارض مع المصلحة العامة للسلطة الاتحادیة ومن ثم إعطاء الأولویة دوماً للمصلحة العامة، وهذا لا یتحقق إلا من خلال تجربة اللامرکزیة الإداریة.
الفرع الثانی
حلول إداریة
فیما یتعلق بالصعید المرکزی فتتحقق اللامرکزیة الإداریة من خلال تخویل الصلاحیات للوزارات والتی تؤدی بعض المهام الفرعیة والمتعلقة بوضع الخطط وأسالیب التنفیذ وقد تکون لهذه الوزارات دوائر فرعیة فی المحافظات والأقالیم والتی تکون مرتبطة بها وتتقید بالقرارات والتوجیهات الصادرة من الوزارات، أما على الصعید المحلی (الأقالیم والمحافظات) فتجربة اللامرکزیة الإداریة تکون أشمل وأوسع وذلک بوجود الهیئات المحلیة والتی تشترک فیها مختلف شرائح المجتمع، فلابد من الاهتمام بالإدارات المحلیة ورفع کفاءتها وتقویتها من خلال ممارسة الدور القیادی المتمیز ضمن نموذج اللامرکزیة الإداریة ویعود ذلک إلى اتصالها المباشر بالمواطنین سواءً عن طریق تقدیمها للخدمات المتنوعة أو عن طریق ملائمتها لمتطلبات وحاجات المواطنین الضروریة ووفق الخطط المناسبة طویلة کانت أم قصیرة، ودعم الهیئات الحکومیة من أجل الاستمرار بتنفیذ الخطة وتوسیع المشارکة الشعبیة فی وضع الخطط المستقبلیة المناسبة.
ولابد أن یکون الدور الرقابی فاعلاً، إذ أن استقلال مجالس المحافظات هو استقلال نسبی کما أشرنا سابقاً، إذ توجد رقابة مرکزیة تمارسها السلطة المرکزیة على المجالس المحلیة بالإضافة إلى وجود رقابة لا مرکزیة تقوم بها المجالس المحلیة الأعلى على المجالس المحلیة الأدنى.
المطلب الثالث
الحلول الإداریة الحدیثة (الإدارة الالکترونیة فی العراق)
یعتبر برنامج الإدارة الالکترونیة عامل مهم لإصلاح القطاع العام فی العراق، حیث اعتمدت الحکومة العراقیة على نهج متکامل للإدارة الالکترونیة، والهدف من ذلک هو لتنمیة العراق على المستوى الوطنی والمحلی بالتماشی مع استراتیجیة التنمیة الوطنیة العراقیة.
ففی عام 2004 وقّعت وزارة العلوم والتکنولوجیا عقد بمبلغ (20) ملیون دولار مع إحدى الشرکات الإیطالیة لتنفیذ مشروع الإدارة الالکترونیة، وکانت خطة الوزارة تتکون من ثلاثة مراحل: الأولى قصیرة المدى وعمرها (سنتان) وتضمنت البنیة التحتیة لتکنولوجیا المعلومات وتقدیم الخدمة إلى موظفی وزارة العلوم والتکنولوجیا، أما الثانیة ومدتها (خمس سنوات) فتضمنت تقدیم الخدمة إلى موظفی الوزارات وإلى القطاع الخاص، والثالثة فهی بعیدة المدى وتهدف إلى تقدیم الخدمة إلى الأفراد، وللإحاطة أکثر بهذا الموضوع فأننا سنتناوله فی فرعین وکما یأتی:
الفرع الأول
مفهوم الإدارة الالکترونیة
لقد شاع استخدام مصطلح الإدارة الالکترونیة نتیجة تطور تکنولوجیا المعلومات والاتصالات الذی أدى إلى تحقیق نقلة نوعیة هائلة فی مجال تطور العمل وکفاءته وأمنه وزیادة إنتاجیته، ولإیضاح ذلک نتناول هذا الفرع فی فقرتین وکالآتی:
أولاً: التعریف بالإدارة الالکترونیة:
هناک العدید من المفاهیم للإدارة الالکترونیة والتی لا تقف عند اتجاه معین، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل العاملین والباحثین فی هذا المجال، إلا أنه لم یتم التوصل إلى تعریف دقیق لها، وهناک من ذهب إلى تعریفها بأنها: "الانتقال من العمل الإداری التقلیدی إلى تطبیق تقنیات المعلومات والاتصالات فی البناء التنظیمی واستخدام التقنیة الحدیثة بأشکالها المختلفة وتسهیل الحصول على البیانات والمعلومات لاتخاذ القرارات المناسبة داخل وخارج هذه الأجهزة وإنجاز أعمالها وتقدیم الخدمات للمستفیدین بکفاءة وفاعلیة وبأقل تکلفة وبأسرع وقت ممکن".
ومن خلال التعریف أعلاه یتبین أن نظام الإدارة الالکترونیة یتضمن مجموعة من العناصر والتی تعد أساسیة لنجاحه، إذ أن الانتقال من نظام الإدارة التقلیدیة إلى نظام الإدارة الالکترونیة یتضمن تغیراً شاملاً فی الأجهزة المستخدمة ونوعیة العاملین وحتى فی طرق توصیل الخدمة للمواطنین، وعلیه فأن أهم عناصر هذا النظام تتمثل بالآتی:
1- الأجهزة التقنیة المتطورة والحدیثة.
2- نظام إدارة موارد المؤسسة.
3- العنصر البشری المؤهل.
4- الخدمات المقدمة الکترونیاً.
ثانیاً: ممیزات تطبیق نظام الإدارة الالکترونیة:
إن المعطیات التکنولوجیة والتطورات الکمیة والنوعیة التی شهدها العالم مؤخراً فی مجال الاتصالات الالکترونیة والخدمات الالکترونیة المختلفة أدى إلى إقبال الإدارات المختلفة علیها، کما أن تطبیقها له العدید من المزایا وهی کالآتی:
1-تعزیز التعاون بین المؤسسات الحکومیة المختلفة وتبادل المعلومات والبیانات فیما بینها، مما یؤدی إلى زیادة الفاعلیة فی تحقیق الأهداف الحکومیة وکما تحقق الاستثمار الأمثل لموارد المؤسسة وذلک من خلال تقلیل تکلفة الخدمات والأعمال والمعلومات الحکومیة وما یصاحبها من إجراءات معقدة، کما تعمل على تسویق المنتجات والخدمة عالمیاً واجتذاب الاستثمارات من خلال تحدید الفرص الاستثماریة القائمة.
2-تطویر العمل الإداری وذلک نتیجة استخدام التقنیات الرقمیة الحدیثة ومما یؤدی إلى رفع کفاءة الإنتاج وخلق جیل جدید من الکوادر الکُفء وکذلک القضاء على الروتین والبیروقراطیة، کما یؤدی هذا النظام إلى القضاء على العطل والإجازات لإنجاز المعاملات، وبالتالی یساهم فی تلبیة احتیاجات المواطنین فی أی وقت وأی مکان محتاجین فیه الخدمة وفی أسرع وقت ممکن.
3-إن أهم مزایا نظام الإدارة الالکترونیة هو الحد من الفساد الإداری، وذلک کون المعاملات تنجز بطریقة الکترونیة من خلال المواقع الالکترونیة الخاصة بجهة الإدارة، فلا توجد أی علاقة مباشرة بین أی موظف وطالب الخدمة، مما یؤدی إلى عدم انتشار جرائم الفساد ویعود ذلک إلى طبیعة نظام الإدارة الالکترونیة الذی یقوم على العدالة فی تقدیم الخدمات والمساواة فی المعاملة والتقدیر والاحترام دون تفرقة بین أی شخص وآخر، کما یسهل نظام الإدارة الالکترونیة للأفراد الحصول على الخدمات التی تقدمها الإدارة التی یعمل بها دون تکبد لمشقة انتقال الأفراد إلى الجهة الحکومیة، أی أنه یساهم فی استیعاب عدد کبیر من العملاء فی وقت واحد ودون الانتظار أمام المکاتب وهذا یوفر الوقت والجهد کما یوفر للإدارة تکالیف تزویدها بمکاتب ومقاعد لاستقبال العملاء.
الفرع الثانی
متطلبات الإدارة الالکترونیة وعوائق تطبیقها
لابد من توفر متطلبات عدیدة ومتکاملة لتطبیق مفهوم الإدارة الالکترونیة وإخراجها إلى حیز الواقع العملی، إلا أن ذلک یواجه کثیر من العوائق والتحدیات وهذا ما سنوضحه فیما یلی:
أولاً: متطلبات الإدارة الالکترونیة
لابد من توفیر متطلبات عدیدة لتطبیق نظام الإدارة الالکترونیة ومن أهمها:
1- وجود الرؤیة الاستراتیجیة:
یتطلب تحقیق الرؤیة الاستراتیجیة للإدارة الالکترونیة العدید من الخطوات والتی تتمثل فی وضع الرؤیة الاستراتیجیة لمشروع الإدارة الالکترونیة من قبل جهة علیا، ووضع الخطط الفرعیة لمشروع الإدارة الالکترونیة ومشارکة الجهات الاستشاریة فی المشروع وکذلک تحدید منافذ الإدارة بالوسائل الالکترونیة، ولابد من مشارکة القطاع الخاص فی تنفیذه وکذلک التوافق مع أکثر من جهة حکومیة أو أهلیة.
2- المتطلبات التنظیمیة:
لابد من الاهتمام بالبناء التنظیمی، فیجب أن توصف کل وظیفة وتحدید متطلبات عملها من تأهیل وتدریب ویتم ذلک وفق الهیکل الوظیفی کما یجب تهیئة الموظفین للتعامل مع المستجدات من التقنیات والوسائل من خلال توفیر فرص التدریب وإعادة التأهیل لتطویر أدائهم وتحفیزهم على التفاعل الإیجابی ولکون المستفیدین طرف أساسی فی التعامل مع الإدارة الالکترونیة لذلک لابد من تنمیة الوعی لدیهم عن طریق إرشادهم وتوجیههم وتثقیفهم قبل البدء بتطبیق نظام الإدارة الالکترونیة.
3- المتطلبات الفنیة والتکنولوجیة:
فمن الناحیة الفنیة لابد من توفیر بوابة على شبکة الانترنیت یمکن للأفراد من خلالها الوصول منها إلى کافة الدوائر الرسمیة بسهولة، والبوابة عبارة عن موقع على شبکة الانترنیت یشمل کل ما ترید الحکومة توفیره وتقدیمه لأفرادها بموجب سیاسة یتم بموجبها تحدید جمیع الوثائق والمعلومات والنماذج الحکومة مباشرةً عبر الانترنیت، فیجب استخدام أحدث تکنولوجیة المعلومات والاتصالات، لذلک من المهم الترکیز على توفیر البنى والاستراتیجیات الکفیلة بإنجاح عمل النظام وبناء المجتمعات.
4- المتطلبات الاقتصادیة والمالیة:
قبل المباشرة بتطبیق نظام الإدارة الالکترونیة یجب دراسة العائد والتکلفة، حیث تعتبر المتطلبات الاقتصادیة والمالیة من العوامل الرئیسیة التی قد تعوّق أو تؤخر تنفیذ تلک المشاریع کون التحول للإدارة الالکترونیة یتطلب مبالغ طائلة من بناء بنوک للمعلومات إلى بنیة تحتیة مطورة للشبکات، بالإضافة إلى إعادة تأهیل العاملین وکل هذا بدون جدوى إذا لم یتحول المجتمع إلى مجتمع معلوماتی، لذلک نجد أن عدد کبیر من دول العالم لم تتحول حکوماتها إلى حکومة الکترونیة وإنما تنتظر التجارب الأخرى.
5- المتطلبات القانونیة:
إن عملیة الانتقال من الحکومة التقلیدیة إلى الحکومة الالکترونیة تشکل عملیة تغییر جوهری، ولذلک لابد من إجراء التغییرات اللازمة لمواکبة وملائمة هذا التغییر، وتتلخص المتطلبات القانونیة فی تطویر التشریعات واللوائح المنظمة للعمل فی الأجهزة الحکومیة بهدف تبسیطها وتوفیقها مع متطلبات التعامل الالکترونی من خلال شبکة الانترنیت.
والسؤال الذی یطرح نفسه فی هذا المجال ما علاقة الإدارة الالکترونیة بالقانون الإداری وموضوعات القانون الإداری؟
وللإجابة على التساؤل هناک من یرى أن القانون هو ترجمة حقیقیة لحال الشعب لأنه وُضع من أجل الشعب، لذلک یجب أن یکون ملائماً لمطالب ورغبات الشعب، ومن سمات القانون الإداری أنه قانون حدیث النشأة وأنه قانون قضائی لأن دور القاضی دور مبدع وخلاق یقوم أساساً على اعتبارات الملائمة والمرونة وهو فی تطور مستمر متماشیاً مع التطور والتقدم العلمی، کما أنه قانون مرن أی عدم انطوائه على مبادئ جامدة سابقة التحدید، ومن ذلک یتبین أن القانون الإداری هو قانون السلطة التی تباشر شؤون الحکم والإدارة فی الدولة من أجل إشباع حاجات المواطنین.
ونحن بدورنا نؤید ما جاء فی أعلاه ونرى أن القانون الإداری هو الأکثر استیعاباً للمستجدات الحدیثة التی یکشف عنها العلم ویتطلبها واقع الحیاة من أجل النهوض بواقع الخدمات المقدمة للجمهور، فهو قانون یحاکی الحاجات المتجددة لمواطنی الدولة کونه قانون متطور ومتغیر باستمرار وعلى تماس مباشر مع الحیاة العامة الیومیة للمواطنین.
ثانیاً: عوائق تطبیق برنامج الإدارة الالکترونیة:
إن تطبیق نظام الإدارة الالکترونیة لا یعنی زوال جمیع المصاعب والمشاکل الإداریة، فمن الطبیعی وجود مشاکل وعوائق تواجه تطبیقه، ویمکن إیجاز تلک العوائق بما یلی:
1- المعوقات المالیة والقانونیة:
وتتمثل بعدم توافر الموارد المالیة اللازمة من أجل تمویل مبادرة الإدارة الالکترونیة التی تستلزم توافر الوسائل الالکترونیة مثل أجهزة الکومبیوتر والانترنیت والهواتف المحمولة بالإضافة إلى وجود بنیة تحتیة للاتصالات والمعلومات ودورات تدریبیة للموظفین تمکنهم من العمل عبر الانترنیت، وکذلک وضع الإطار القانونی والتنظیمی لنظام الإدارة الالکترونیة حتى یکون مشروع، وأن التأخیر فی وضع التشریعات القانونیة المناسبة سوف یؤدی إلى عدم اعتماد الوثائق الالکترونیة بدلاً من المستندات الورقیة وعدم الاعتراف بها قانوناً سیؤدی إلى تعطیل عمل الإدارة الالکترونیة بالإضافة إلى عدم الاعتراف بالتوقیع الالکترونی کبدیل للتوقیع التقلیدی.
2- المعوقات الإداریة:
إن مشروع الإدارة الالکترونیة یرتکز على الفکر الإداری ظهوراً وتطوراً وینبثق منه، وأن نجاحه یتطلب تجاوز العدید من المعوقات التی ترتبط بمفهوم الإدارة الالکترونیة وهی ما یلی:
أ- عدم وضوح الرؤیة.
ب- ضعف تکامل التخطیط.
ج- صعوبة التحول للتنظیم الالکترونی.
د- مقاومة التغییر.
فنوعیة الموظفین القائمین على تطبیق هذا النظام أو التعامل مع هذا النظام لا زالت فی طور النمو وتحتاج إلى أموال طائلة وجهود کبیرة فی سبیل الارتقاء بهم إلى المستوى المطلوب.
وللإدارة الالکترونیة فی العراق رؤیة خاصة تتمثل فی أن العراق یوظف تکنولوجیاً المعلومات والاتصالات فی تقدیم الخدمات العامة لتعزیز الحکم الرشید، ومشارکة المواطنین وتحقیق المساواة والعدالة الاجتماعیة وتأکید الشفافیة والمساءلة والکفاءة والفاعلیة فی العمل الحکومی وصولاً إلى اقتصاد متنوع تنافسی مبنی على المعرفة، ومن أجل تحقیق الوصول إلى هذه الرؤیة وتحقیقها فقد تم تحدید الأهداف الاستراتیجیة التالیة:
1- ضمان مشارکة المجتمع المدنی فی الشؤون العامة وتعزیز الاندماج الاجتماعی، ویتم ذلک من خلال تعزیز التفاعل بین المواطنین والدولة.
2- نشر ودعم خدمات الحکومة الالکترونیة الجدیدة داخل المحافظات حتى یتسنى لجمیع المواطنین الوصول إلیها لتعزیز تکافؤ الفرص.
3- تعزیز الکفاءة والشفافیة والمساءلة من خلال زیادة قدرات واستجابة المؤسسات العامة عن طریق استخدام تکنولوجیا المعلومات والاتصالات لتحقیق الحکم الرشید.
4- المساهمة فی تطویر بیئة مواتیة لنمو اقتصاد سلیم.
5- تعزیز تنمیة مجتمع قائم على العلم والمعرفة.
ومما تقدم نرى أن الإدارة الالکترونیة هی إحدى الحلول التی یمکن أن تعالج الکثیر من المشاکل التی تعانی منها الهیئات المرکزیة والمحلیة والتی تمثل عائق أمام نجاح نظام اللامرکزیة الإداریة وتطبیقه بالشکل الأمثل فی العراق على أن یتم تهیئة البیئة والظروف المناسبة لتطبیقها.
الخاتمـة
بعد أن انتهینا من دراسة موضوع تطبیق (اللامرکزیة الإداریة فی العراق – المعوقات والحلول) توصلنا إلى جملة من الاستنتاجات والتوصیات وکما یأتی:
أولاً: الاستنتاجات
1- تُعد اللامرکزیة الإداریة أسلوباً من أسالیب التنظیم الإداری الذی ینصب على توزیع الوظائف الإداریة بین الحکومة المرکزیة والهیئات الإداریة المحلیة المنتخبة، کلها أو جزء منها التی تتمتع بالشخصیة المعنویة وتتولى إدارة شؤونها المحلیة بالتنسیق مع السلطة المرکزیة وتحت إشرافها ورقابتها، ولنظام اللامرکزیة الإداریة صورتان رئیسیتان؛ هما اللامرکزیة الإداریة الإقلیمیة (المحلیة) واللامرکزیة الإداریة المرفقیة (المصلحیة)، وهما صورتان لمسألة واحدة هی حالة توزیع الوظیفة الإداریة بین عدد من الهیئات الإداریة المتمیزة والمستقلة.
2- هنالک العدید من المعوقات التی تقف حائلاً بین اللامرکزیة الإداریة وتطبیقها فی العراق، وهذه المعوقات قد تکون سیاسیة أو دستوریة أو أمنیة أو إداریة وقد ساهمت بشکل مباشر أو غیر مباشر فی ذلک رغم تباینها بین حکومة محلة وأخرى.
3- تمثل الصراعات السیاسیة فی العراق أهم المعوقات والتی من نتائجها عدم إصدار قانون الإدارة المحلیة لحد الآن وکذلک إصدار قانون المحافظات غیر المنتظمة فی إقلیم رقم (21) لسنة 2008 المعدل بهذا الشکل الذی علیه الکثیر من المآخذ.
4- لم تکن هناک رؤیة واضحة للامرکزیة الإداریة عدا بعض المحاولات البسیطة، کما أن الأرضیة لم تکن مهیأة لتطبیقها بالشکل الأمثل مما انعکس سلباً فی التطبیق.
5- إن تجربة اللامرکزیة الإداریة هی من التجارب المهمة لکافة مستویات الدولة على مستوى الحکومة المرکزیة والتی عملت على وضع العدید من الحلول من أجل إنجاح هذه التجربة وأهمها ترسیخ وبناء مفهوم المواطنة وتعزیز المصالحة الوطنیة وبناء دولة القانون ومحاربة الفساد المالی والإدارة والتی إذا طُبقت على نحو صحیح ستتجاوز تلک العقبات وتحقق أهدافها.
6- کما أن الحکومات المحلیة تمتلک من الآلیات ما یؤهلها لوضع حلول یکون هدفها الأساس إنجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق سواءً کانت حلول تشریعیة أم رقابیة أم سیاسیة أم إداریة على أن تکون تلک الحلول فی نطاق الدستور والتشریعات الأخرى بما یضمن مشروعیتها.
7- تمثل الإدارة الالکترونیة أحد الحلول الإداریة التی یلجأ إلیها العراق فی سبیل تحسین أدائه الحکومی وفی جمیع المجالات، وهی تعد من أهم التطبیقات الجدیدة التی یجب الاعتماد علیها وخاصةً فی الدول النامیة، وأن أهم ما یتصف به القطاع الحکومی فی تلک البلدان هو البیروقراطیة والروتین وذلک من حیث إنجاز الأعمال وهو ما لا یتناسب مع متطلبات المرحلة التی یعیشها العالم فی الوقت الحالی.
8- إن للعراق رؤیة خاصة فیما یتعلق بالإدارة الالکترونیة باعتبارها إحدى حلول تطبیق اللامرکزیة الإداریة، وتتمثل هذه الرؤیة فی أن العراق یعمل على توظیف تکنولوجیا المعلومات والاتصالات فی تقدیم الخدمات العامة ومشارکة المواطنین والعمل على المساواة والعدالة الاجتماعیة والتأکید على الکفاءة والشفافیة فی العمل الحکومی على أن یتم ذلک وفق أهداف واستراتیجیات تم تحدیدها مسبقاً.
ثانیاً: التوصیات
1- نأمل من المشرع العراقی تفعیل الدور الرقابی وخصوصاً فیما یتعلق بالرقابة القضائیة على مجالس المحافظات والمجالس المحلیة الأخرى من خلال تفعیل التعدیل الخامس عام 2013 لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 والذی تضمن تشکیل فروع لمحکمة القضاء الإداری فی المنطقة الشمالیة ومنطقة الفرات الأوسط والمنطقة الجنوبیة من أجل التسهیل على الأشخاص مراجعتها والوصول إلیها للطعن بالقرارات الصادرة بحقهم.
2- ندعو المشرع العراقی إلى إصدار تشریع خاص ینظم تشکیل المجلس الأعلى لمکافحة الفساد المالی والإداری والذی تم تشکیله بموجب الأمر الدیوانی رقم (70) فی 31/12/2018 وذلک کونه یمثل منظومة کاملة واستراتیجیة شاملة من الآلیات والإجراءات المتکاملة فی مقوماتها باعتبارها أحد الحلول التی تستخدمها الحکومة المرکزیة لإنجاح تجربة اللامرکزیة الإداریة فی العراق.
3- نأمل من المشرع إیجاد الحلول اللازمة للإشکالیات الإداریة والمالیة التی ظهرت على أرض الواقع نتیجةً لنقل الصلاحیات التی تمت تنفیذاً لنص المادة رقم (45) من قانون المحافظات النافذ رقم (21) لسنة 2008 المعدل من خلال إلزام الوزارات بإتمام عملیة نقل الوظائف والصلاحیات المشمولة بالنقل بشکل مهنی وإلزام المحافظات کافة بالعمل على تطویر کوادرها الإداریة والفنیة بما یمکنها من استیعاب الوظائف والصلاحیات المنقولة إلیها وبما یضمن نجاح تلک التجربة.
4- ندعو إلى تفعیل برنامج الإدارة الالکترونیة بوصفها إحدى الحلول الإداریة الحدیثة ومن الأدوات المهمة التی تساهم فی تحسین الأداء الحکومی فی المجالات کافة، کما أنها عاملاً مهماً لإصلاح المنظومة الإداریة تماشیاً مع استراتیجیة التنمیة الوطنیة العراقیة.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Sources
First: Dictionaries
1. The linguist Majd al-Din Mohammed bin Ya'qub Al-Fayrouzabadi, The Surrounding Dictionary, I2, Dar A'ath Heritage, Beirut, 2003.
2. Mohammed bin Abu Bakr Abdul Qadir al-Razi, Mukhtar al-Saah, Dar al-Resala, Kuwait, 1983.
Second: Books
3. Dr. Ibrahim Abdel Aziz Sheeha, Political Systems and Constitutional Law, Knowledge Facility, Alexandria, without a print year.
4. Ahmed Ali Ahmed, Administrative Organization in the Federal States, I1, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut, 2018.
5- Amal Lotfi Hassan Jaballah, The Impact of Electronic Means on the Legal Conduct of the Legal Department, I1, University Thought House, Alexandria, 2013.
6. Dr. Bashir Ali Baz, Role of E-Government in Administrative Decision-Making and Electronic Voting, Law Books, Egypt, 2009.
7. Hamed Mustafa, Principles of Iraqi Administrative Law, Al-Ahli Publishing Company, Baghdad, 1968.
8. Dr. Khalid Khalil Al-Zahir, Administrative System, I1, Library of Law and Economics, Riyadh, 2013.
9. Dr. Sami Hassan Najm al-Hamdani, Local Administration, Applications and Control, I1, National Center for Legal Publications, Cairo, 2014.
10. Dr. Suleiman Al-Tamawi, Principles of Administrative Law, T8, Arab Thought House, Cairo, 1966.
11. Abdessalam Habs Al-Suwayfan, Department of Electronic Security Facility, New University House, Alexandria, 2014.
12. Dr. Abdelghani Bassiouni Abdullah, Administrative Law, Comparative Study of the Principles and Principles of Administrative Law and Its Application in Lebanon, University House, Without Publishing, 1986.
13. Ali Abdul Razzaq al-Khafaji, Local Governments and Policy Making in Iraq, I1, Sanhouri Library, Baghdad, 2014.
14. Omar Musa Jaafar al-Quraishi, The Impact of E-Government in Reducing The Phenomenon of Administrative Corruption, I1, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut, 2015.
15. Dr. Fawzat Farhat, General Administrative Law, I1, C1, Al-Halabi Human Rights Library, Beirut, 2004.
ative, tom 1, L.J Paris, 1984.
16. Muthanna Faiq al-Obaidi, Local Government between Theory and Practice, Without Place of Publication, 2009.
17. Dr. Mohammad Ali Jawad Kazim and Dr. Najib Khalaf Ahmed, Administrative Judge, T6, Yadkar Library, Baghdad, 2016.
18. Dr. Mohammed Yacoub Al-Saidi, Principles of Administrative Law, C1, Zahra Press, Baghdad, without a year of publication.
19. Dr. Najib Khalaf Ahmed, Administrative Law, I2, Yadkar Library for the Sale and Publication of Legal Books, Sulaimaniyah, 2015.
20. Youssef Fawaz Al-Hiti, Provincial And Regional Decentralization, Thaer Jaafar al-Assami For Modern Art Printing, Beirut, 2011.
Third: Letters and university studies
21. Amir Abdullah Ahmed, Specialties of The Province's Irregular Provincial Councils in the Province and Its Oversight, Master's Thesis, Faculty of Law, Tikrit University, 2011.
22. Adel Hashoush Jaber Al-Rikabi, Federalism and Administrative Decentralization, Master's Thesis, Faculty of Law, Nahrein University, 2013.
23. Mustafa Musa Abu Hussein, Standards of Good Governance and Its Role in Human Resources Development at the Palestinian Ministry of The Interior, Master's Thesis, Academy of Management and Politics for Graduate Studies, Al-Aqsa University, 2017.
24. Howkar Omar Ahmed, Legislative Frameworks for Decentralization in Administration and Governance in Iraq, Master's Thesis, Faculty of Law and Politics, Salaheddine University, 2015.
Fourth: Research and articles
25. Dr. Ismail Sa'a'a Ghaidan and Dr. Welfare Karim, Regional Decentralized Department of Iraqi Law, research published in al-Qadisiyah Journal of Law and Political Science, Faculty of Law, Al-Qadisiyah University, Volume 1, Issue 1, 2008.
26. Dr. Ismail Sa'a'a Ghaidan, Regional Administrative Decentralization in Iraq, Research Published in The Letter of Law, Faculty of Law, Karbala University, Fourth Year, Research Issue of the First National Legal Conference, 2012.
27. Twitter, Da'ad Salman, Administrative and Financial Corruption in Iraq and its Economic and Social Impact, Research published in al-Ghrei Journal of Economic and Management Sciences, Faculty of Management and Economics, Kufa University, Volume 10, Issue 33, 2015.
28. Saad Abdul Hussein Nehme, The Role of the Principle of Citizenship in Promoting Political Participation in Iraq, research published in the Journal of the University School of Humanities, Najaf Al-Ashraf, Issue 3, 2013.
29. Dr. Zia Saleh Mahdi Al-Attar, Decentralization and Its Role in the Development of Public Education in Iraq, research published in the Journal of the Faculty of Basic Education of Educational and Human Sciences, Babylon University, Issue 40, 2018.
30. Dr. Issa Ismail Attia, The Role of National Reconciliation in Activating Foreign Policy, Research published in the Journal of the Center for International Studies, University of Baghdad, Issue 44, 2010.
31. Maryam Khalis Hussein, E-Government, research published in the Journal of the Baghdad College of Economics University, Baghdad, issue of the College Conference, 2013.
Fifth: Constitutions
32. Constitution of the Republic of Iraq for 2005.
Sixth: Laws
The irregular provinces law in Territory No. 21 of 2008 amended.
Seventh: Internet
34. Ahmed Saleh, the obstacles that guide civil society organizations in promoting a culture of human rights from the point of view of managers in Gaza Governorate, research published on the website: http://journals.najah.edu. Visit date 11 April 2019.
35. Dr. Hazem Sabah Ahamid and Suhail Ali Abdul Majmaie, Future Prospects for The Experience of Administrative Decentralization in Iraq, research published on the website: https://www.iasj.net. Visit date 17/12/2018.
36. Dr. Sahar Kaddouri Rifai, E-Government and Ways to Apply It, Research published on the website: www.univ-chlef.dz. Visit date 17 January 2019.
37. Charlie's presentation of Abdul Fadil, the effectiveness of public relations in the development of the performance of government institutions, research published on the website:
www.repository.sustech.edu. Visit date: April 10, 2019.
38. Taha Mohamed AbdulMutallab, Prospects for The Development of the Local Administration System, research published on the website: http://www.democracy.ahram.org.eg. Visit date 12 January 2018.
39- http://www.alsumaria.tv . Visit date 5 January 2019.
References (French)
Viii: French sources
40- Ander de laubadere: Trate de droit administrative, tom 1, L.J Paris, 1984.