الملخص
فی کثیر من الأحیان قد یفشل المتعاقدین فی الوصول الى توافق بینهما لتطبیق قانون معین یحکم العقد فی حالة حدوث نزاع بینهما، و لعل السبب فی ذلک هو عدم و جود من یتمتع بالخبرة القانونیة المطلوبة عن عندما یتم إبرام العقد و إجراء التعاقد، لذلک فقد تصدت العدید من الاتفاقیات الدولیة لمثل هذه الحالات وذلک بالاعتماد على عدة ضوابط اسنادیة و من بینها ضابط الأداء الممیز.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
القانون الواجب التطبیق بالاستناد الى فکرة الأداء الممیز -(*)-
Applicable law to international contract based on the concept of ‘’characteristics of performance”
سلطان عبدالله محمود الجواری کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Sultan Abdullah Mahmoud Al-Jawary College of law / University of Mosul Correspondence: Sultan Abdullah Mahmoud Al-Jawary E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 25/10/2020 *** قبل للنشر فی 10/11/2020.
(*) Received on 25/10/2020 *** accepted for publishing on 10/11/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.128771.1109
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
فی کثیر من الأحیان قد یفشل المتعاقدین فی الوصول الى توافق بینهما لتطبیق قانون معین یحکم العقد فی حالة حدوث نزاع بینهما، و لعل السبب فی ذلک هو عدم و جود من یتمتع بالخبرة القانونیة المطلوبة عن عندما یتم إبرام العقد و إجراء التعاقد، لذلک فقد تصدت العدید من الاتفاقیات الدولیة لمثل هذه الحالات وذلک بالاعتماد على عدة ضوابط اسنادیة و من بینها ضابط الأداء الممیز.
الکلمات المفتاحیة : المتعاقدین , الخبرة القانونیة , ضوابط اسنادیة , الاتفاقیات الدولیة.
Abstract
The concept of characterstic performance is used to determine the applicable law in cases where there is no express or implied agreement about the law applicable to the contract in the event of a dispute between the parties, . Perhaps the reason for this is the lack of required legal experience at the time of drafting the contract, and therefore many international agreements have dealt with these situations. are based on a number of cross-references, among which is the distinguished performance officer.
Keywords:
contractors legal expertise assignment controls international agreements
المقدمـة
لقد کان للتطور السریع الذی شهده العالم فی وسائل الاتصال و التکنلوجیا بالغ الأثر فی تطویر المعاملات المالیة بین الدول، و هذا التطور بحد ذاته صاحبه تطور آخر فی الجانب التشریعی عن طریق ایجاد علاقات مناسبة تنظم هذا النوع من المعاملات و المبادلات التی یکون لها اتصال بأکثر من نظام قانونی دولی، و تکاد تتفق اغلب التشریعات الوطنیة و الاتفاقات الدولیة على خضوع العقد الدولی لقانون ارادة الأطراف، أی القانون الذی یختاره الاطراف صراحة أو ضمنا لیحکم العقد، حیث أن إرادة الأطراف هی التی یجب أن یُعول علیها فی اختیار القانون الواجب التطبیق على العقد لأن العقد شریعة المتعاقدین فإذا اختار الاطراف العقد یجب على القاضی أن یحترم تلک الارادة و یطبق القانون المختار طالما أنه لا یخالف القواعد الآمرة فی نظامه القانونی ، ذلک فإن منهج الاداء الممیز فی تحدید القانون الواجب التطبیق على العقد یسعى الى التوفیق بین عدد کبیر من الاعتبارات التی یرغب المشرع بمراعاتها من خلال اختیار القانون الواجب التطبیق على العقد الدولی، لأنه ذلک سیکون محققاً للعدالة اکثر من أی ضابط آخر لما یتمیز به من مرونة و سرعة فی تحدید القانون الواجب التطبیق على العقد، و لعل الأهمیة تزداد فی حالة غیاب الاختیار الصریح أو الضمنی للأفراد فی تحدید القانون الواجب التطبیق على العقد فی حالة حدوث نزاع، مما شجع الکثیر من الانظمة الدولیة على اعتماد هذا المنهج فی حل النزاعات المتعلقة بالعقود الدولیة.
المبحث الأول
المقصود بفکرة الأداء الممیز
للحدیث عن ضابط الأداء الممیز لا بد من الحدیث عن المقصود بهذا الضابط و ما هو مضمونه و ما هی مزایاه، و هذا ما سنتناوله و کما یأتی:
المطلب الأول
المقصود بضابط الأداء الممیز
إن المقصود بفکرة الأداء الممیز فی مجال العلاقات الدولیة المشوبة بعنصر أجنبی، قد یکون المقصود به فی کثیر من الاحیان الالتزام الأکثر أهمیة أو الصفة التی یتمیز بها العقد عن بقیة العقود، على سبیل المثال : عقد البیع، حیث أن الالتزام الأهم فیه هو قیام البائع بتسلیم المبیع إلى المشتری، و لذلک فإن هذا الالتزام هو الذی یطغى على عناصر العقد الأخرى.
واذا ما أردنا معرفة الأداء الممیز أو الطریقة التی یتم بها التوصل الیه، یجب ان یتم الاعتماد على العناصر التی تربط مکونات العقد بعضها ببعض و لیس العوامل التی تربط العقد بالعناصر الخارجیة عن العقد التی لیس لها علاقة بما یتضمنه العقد و هذا الأمر من السهولة بمکان أن یتم التوصل إلیه اذا کان العقد من العقود الملزمة لجانب واحد کالهبة وکذلک الوکالة حیث یمثل تصرف الواهب و کذلک الوکیل هو الاداء الممیز.
وفیما یتعلق بالعقود ذات الطبیعة المزدوجة (الملزمة للجانبین)، هنا تکمن الصعوبة فی معرفة الأداء الممیز و على سبیل المثال فی عقد الضمان ففی خطاب الضمان ذهبت المحکمة الانکلیزیة فی حکم لها الى القول ان العلاقة بین المصرف المصدر لخطاب الضمان على هذا الخطاب هو الاداء الممیز، لأنه یمثل التزام المصرف باعتباره الضمان.
و على الرغم مما سبق فإن هناک عقوداً یمکن القول فیها بأنه لا یمکن الاعتماد على الالتزام فیها کأداء ممیز بالنسبة لأحد اطراف العلاقة العقدیة کما فی عقد المقایضة و الذی یقوم على أساس مبادلة سلعة بسلعة لأن التزام کل من الطرفین فی هذه الحالة یکون التزاماً ممیزاً لأن العقد فی هذه الحالة لیس إلا التزامات متقابلة، کذلک العقود التی تتعلق بالملکیة الفکریة هنا من المتعذر أن یتم تفضیل التزام على ما یقابله من التزام للطرف الآخر.
ولابد من الاشارة هنا الى ان هناک قرینة عامة یمکن اللجوء الیها لمعرفة الأداء الممیز نصت علیها مثال ذلک ما نصت علیه بعض الاتفاقیات مثل اتفاقیة روما الأولى لعام 1980، حیث ذهبت فی المادة الرابعة الفقرة الثانیة و التی جاءت کما یأتی "مع مراعاة نصوص الفقرة الخامسة من هذه المادة یفترض أن للعقد الارتباط الأوثق بالبلد الذی یقیم فیه الطرف الذی یلتزم بالأداء الممیز إقامة اعتیادیة عند انعقاد العقد أو البلد الذی یکون فیه المرکز الرئیسی لإدارة الأعمال اذا کان هذا الطرف شرکة أو جمعیة أو شخص معنوی، و مع ذلک اذا عقد العقد ضمن نشاط مهنی لهذا الطرف فیکون هذا البلد هو الذی تقع فیه المؤسسة الرئیسیة له و ان کان الاداء یجب أن یؤدى وفقاً للعقد من قبل مؤسسة هی غیر المؤسسة الرئیسیة، یکون البلد هو ذلک الذی تقع فیه هذه المؤسسة غیر الرئیسیة، هنا من المتعذر أن یتم الاعتماد التزام على ما یقابله من التزام للطرف الآخر حیث یتم تطبیق بنود الاتفاق المُبرم بین الطرفین فقط لعدم إمکانیة الاعتماد على فکرة الأداء المُمیز فی هذا المجال باعتبار أن وقوع النزاعات بخصوص الملکیة الفکریة محدود جداً و فی نطاق ضیق.
و لابد من الاشارة هنا الى ان هناک قرینة عامة یمکن اللجوء الیها لمعرفة الأداء الممیز مثال ذلک ما أشارت إلیه بعض الاتفاقیات مثل اتفاقیة روما الأولى لعام 1980، حیث ذهبت فی المادة الرابعة الفقرة الثانیة و التی جاءت کما یأتی "مع مراعاة نصوص الفقرة الخامسة من هذه المادة یفترض أن للعقد الارتباط الأوثق بالبلد الذی یقیم فیه الطرف الذی یلتزم بالأداء الممیز إقامة اعتیادیة عند انعقاد العقد أو البلد الذی یکون فیه المرکز الرئیسی لإدارة الأعمال اذا کان هذا الطرف شرکة أو جمعیة أو شخص معنوی" و مع ذلک اذا عقد العقد ضمن نشاط مهنی لهذا الطرف فیکون هذا البلد هو الذی تقع فیه المؤسسة الرئیسیة له و ان کان الاداء یجب أن یؤدى وفقاً للعقد من قبل مؤسسة هی غیر المؤسسة الرئیسیة، یکون البلد هو ذلک الذی تقع فیه هذه المؤسسة غیر الرئیسیة.
و حین نُمعن النظر فی هذه الفقرة نرى أنها تتکون من قسمین :
الأول : هو الأداء الممیز الذی یجب ان یتم تحدیده قبل کل شیء.
الثانی: هو الموقع الجغرافی الذی اشارت الیه الفقرة باعتباره مکاناً للإقامة الاعتیادیة لطرف العقد الذی سیقوم بالأداء الممیز.
ولا بد من الإشارة هنا الى القول بأن اتفاقیة روما لم تأخذ بالترکیز الموضوعی سوى عند غیاب الاختیار الإرادی للأطراف لقانون العقد کما هو واضح من المادة الرابعة المُشار إلیها آنفاً.
المطلب الثانی
مضمون الأداء الممیز کنظریة
إن الأداء المُمیز کنظریة یمکن اعتبارها من النظریات ذات الترکیز الموضوعی على العلاقات التعاقدیة، لکنها تختلف اختلافاً کبیراً مع نظریة الترکیز التی أخذ بها القضاء الفرنسی و الانکلیزی.
فوفقاً لنظریة الاداء الممیز فإن الترکیز یکون منصباً على "الطبیعة" للرابطة العقدیة ذاتها و التی لا مکان فیها لأی من العناصر الشخصیة، أی أنها لا تکترث بإرادة الأطراف أو العناصر التی یمکن اعتبارها خارج العلاقة التعاقدیة، فهی بذلک على عکس نظریة "الترکیز الموضوعی" التی تترکز بثقلها على الرابطة التعاقدیة و الظروف التی تحیط بها.
لذا فمن الصعوبة بمکان أن یکون لهذه النظریة مفهوماً جامعاً، او أن یکون بالإمکان أن یتم وضع قاعدة یمکن من خلالها أن نصل الى أبرز السمات التی تتصف بها على الأقل، بل لا بد من أن یتم تحلیل العملیات التعاقدیة من أجل الوقوف على العنصر الذی یمکن ان نُسمیه بالأکثر تمیزاً، فهی نظریة حدیثة تقوم على تحدید القانون الواجب التطبیق على العملیات التعاقدیة ذات الطابع الدولی من خلال اعتمادها فی عملیة توزیع الإسناد الى الاعتماد على ضابط مخصص لکل نوع من أنواع العقود المختلفة ، ذلک أن هذه النظریة قائمة على البحث عن الخصوصیة التی یتمتع بها کل عقد و العمل على اسنادها الى ضابط اسناد معین باعتباره الأوثق صلة (الأکثر تمیزاً) و لعل ما یمیز هذه النظریة هو اعتمادها على ضابط اسناد مرن وهی بذلک على خلاف بقیة النظریات.
وجدیر بالذکر أن هذه النظریة قد ظهرت لتحدید القانون الواجب التطبیق على العقد و لعل أول من کان له الدور فی ظهورها هو الفقیه شنایتزر و هو احد فقهاء القانون البارزین فی سویسرا و الذی یذهب الى أن ترکیز العقد الصحیح یکون عن طریق البحث فی کافة الروابط التی من الممکن أن ترتبط به بطریقة او بأخرى عن طریق النظر الى أهمیة العقد فی المجال الاقتصادی فإذا ما تم إبرام العقد فی فرنسا أو ألمانیا فإن العبرة لا تکون عن طریق ترکیز هذا العقد من خلال الاقلیم الذی تم فیه أو ما یعرف ب "البعد الجغرافی" وإنما یکون التحدید من خلال ربط العقد الى القانون الذی یمکن أن نعتبره الاقرب الى العقد بحسب طبیعته، و یتم هذا التحدید عادة عن طریق البحث فی ما یقوم به الأطراف من أداء من أجل الوقوف على حقیقة أداء کل طرف و معرفة من هو الطرف الذی یمکن اعتباره ذو إداء ممیز فی العقد.
ولو أخذنا مثالاً لعقد البیع الدولی برأینا أن فعل المشتری المتمثل بدفع الثمن یمکن اعتباره أداءً ممیزاً تجاه الطرف الثانی من العقد ألا وهو البائع و لکن اذا نظرنا الى هذا الطرف ذاته فی عقد آخر من العقود کما فی عقد التأمین فإن الالتزام الملقى على عاتقه بدفع الثمن لا یکون أداءً ممیزاً، إنما ینتقل الأداء الممیز الى الطرف الآخر المتمثل بالتزام المؤمن فی عقد التأمین و الذی یُعد عنصراً جوهریاً من عناصر العقد المبرم و فی مثل هذه الحالة یُطبق قانون موطن "المدین" کونه القانون الذی یرتبط به العقد ارتباطاً و ثیقاً.
ولذلک و کنتیجة حتمیة لابد أن نرى أن القانون الذی یحکم العقد مختلف من عقد لآخر.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الاسناد وفقاً لنظریة الاداء الممیز، لا یکون عبر جعل العقد یخضع لضابط اسناد تم اعداده بوقت سابق سواء کان ذلک عند التعاقد او بأی وقت آخر، کذلک لابد من القول بأنه یجب أن یؤخذ بنظر الاعتبار الخصائص التی یتمتع بها العقد و هذا الأمر ینطبق على کل عقد من العقود.
ولا بد من الاشارة هنا الى أن أنصار هذه النظریة ذهبوا الى ان عدم وجود الاختیار الضمنی أو الصریح للقانون الواجب التطبیق على العقد فبالإمکان أن یتم وضع قواعد للإسناد تتخصص فی کل نوع من أنواع العقود، أو على الأقل فی العقود التی تکون ذات طبیعة متشابهة من حیث مکوناتها الذاتیة، و یتم هذا التحدید هنا و کما یتضح من خلال عناصر العقد الموضوعیة.
ومن التطبیقات القضائیة لموطن المدین لابد من الاشارة الى قرار لمحکمة النقض فی فرنسا و الذی طبقت فیه قانون الموطن للمدین بالأداء و ذلک فی النزاع الذی وقع بین شرکة JFA CHANTIER الفرنسیة و المتخصصة بصناعة الیخوت و بین شرکة Kerstholt VOF الهولندیة و المتخصصة بصناعة الأخشاب التی تلتزم وفقاً للعقد ببناء الأسطح الخشبیة للقاربین و بعدما حدث النزاع بین الطرفین قامت الشرکة الفرنسیة بالمطالبة بتطبیق قانون فرنسا لاعتباره القانون الأکر صلة بالعقد ذلک لأن مقر الشرکة فی فرنسا و أن بناء تلک الأسطح الخشبیة کان فی فرنسا أیضاً و کذلک المناقصة التی أُعلن عنها فی فرنسا و أما عن علاقة العقد بهولندا فهی علاقة ضیقة جداً من خلال عنصر مقر الشرکة التی تعاقدت، و لا بد من الاشارة هنا الى أن محکمة النقض فی فرنسا رفضت الطلب و قامت بتطبیق القانون الهولندی باعتباره قانون الموطن للشخص "المدین" بالأداء الممیز.
و یعتمد منهج الأداء الممیز على مسألة تقسیم العقود الى فئات معینة تجمعها طبیعة واحدة، إذ یوجد لکل عقد أداء ممیز یمیزه عن غیره من العقود و یُعبر عن جوهره و خصوصیته ثم یتم بعد ذلک تحدید القانون الواجب التطبیق على العقود المتشابهة مثل بیع المنقولات.
إذا نخلص من کل ما سبق أن فکرة الأداء الممیز "کنظریة" تقوم على أساس تقسیم أنواع العقود و من ثم بیان القانون الواجب التطبیق على العقد من خلال معرفة مکوناته و أهمیتها و وزنها أو الالتزام الرئیسی للعقد أو المکان الذی سیتم الوفاء به ذلک أن کل عقد یتمیز بأداء متمیز عن غیره مما یؤدی الى أن یکون القانون الذی یجب أن یتم تطبیقه فی حالة حدوث نزاع بین الأطراف مختلف عن العقد الآخر.
وقد ذهب القضاء السویسری فی أحد أحکامه الى القول أن محل تنفیذ الأداء الرئیس أو الممیز للعقد هو المکان الذی یقیم فیه المدین لهذا الأداء، و کذلک قضت المحکمة الفیدرالیة السویسریة فی الحکم الذی اصدرته بتأریخ 11/5/1966 الى القول "وفقاً لقواعد القانون الدولی الخاص، و عند سکوت المتعاقدین عن اختیار القانون الواجب التطبیق على الرابطة العقدیة تخضع هذه الرابطة للقانون الذی یربط العقد بأوثق صلة إقلیمیة، و هو بصفة عامة قانون محل إقامة الطرف الذی یعد أداؤه ممیزاً فی العقد محل النزاع"
المطلب الثالث
ممیزات منهج الأداء الممیز
ذهب جان من الفقه الى القول أن نظریة الاداء الممیز تقوم على أساس الترکیز الموضوعی البحت لعناصر العقد، تشکل الحل الأوسط بین الإسناد الجامد لهذه العناصر من خلال اسنادها الى قانون الدولة التی تم فیها ابرام العقد او الدولة التی سیتم فیها تنفیذ العقد أو جنسیة الأطراف المشترکة أو الموطن المشترک، و من ممیزات هذا النوع من الاسناد الوضوح و کذلک من ممیزاته الحفاظ على توقعات اطراف العلاقة التعاقدیة، و کذلک إن هذه النظریة تحقق المرونة التی تتطلبها العدالة من خلال العمل على تمییز الاسناد بین الأنواع المختلفة من العقود المتنوعة، إن هذا الاختلاف فی ترکیز العقود لا یعتبر مؤثراً على الظروف التی یتم بها التعاقد فحسب بل یرتد على طبیعة الرابطة العقدیة و محل الأداء الممیز، و بالتالی العمل على توفیر العلم لأفراد الرابطة التعاقدیة بالقاعدة الاسنادیة التی یتم تحدیدها مسبقاً من خلال القانون الواجب التطبیق المفترض تطبیقه على العقد لاحقاً.
ولا بد من الاشارة الى إلى أن القانون الخاص بالدولة التی یتواجد فیها المدین بالأداء الممیز فی العقد یُعد محل الاقامة المعتاد بکل بساطة و بهذه الطریقة یتم تجاوز المشاکل التی قد تقع بسبب إعمال قانون الدولة التی یتم فیها تنفیذ العقد خاصة اذا کان التنفیذ بین الدول المختلفة قائم على مبدأ المساواة،،ومن الممیزات ایضا، انه ضابط تفصیلی یختلف باختلاف العقود ویتسم بالبساطة والوضوح وانه ذا ترکیز وظیفی وتحتل فکرة الاداء الممیز مکانا" وسط ما بین منهج الاسناد الجامد ومنهج الاسناد المرن. حیث أن المدین بالأداء هو عادة ممن یحترف التجارة لذلک فإن من الضروری أن یتم توحید القانون الواجب التطبیق على کافة العملیات التجاریة للتاجر الذی یعد مدیناً بالأداء الممیز او مرکز الادارة اذا کان شخصاً معنویا بغض النظر عن المحل الذی سیتم فیه التنفیذ الفعلی للأداء.
المبحث الثانی
موقف التشریعات القانونیة من ضابط الأداء الممیز و الخروج عنه
سنتناول فی هذا المطلب موقف التشریعات من ضابط الأداء الممیز و من ثم الإشارة الى الحالات الاستثنائیة للخروج عن هذا الضابط و کما یلی :
المطلب الأول
تبنی فکرة الأداء الممیز فی التشریعات القانونیة
عند الحدیث عن ظهور فکرة الأداء الممیز أولاً فلا بد من القول أن الفکرة قد ظهرت أولاً فی القضاء و الفقه السویسری، فقد نصت المادة 17 من مجموعة القانون الدولی الخاص السویسری الجدیدة على: "یسری على العقد عند غیاب اختیار القانون، قانون الدولة التی له بها اکثر الروابط وثوقاً، و تُعد الروابط موجودة مع الدولة التی بها الإقامة العادیة للطرف الذی یجب ان یقدم الأداء الممیز" و قد حظیت هذه الفکرة تأیید العدید من الفقهاء و المتخصصین فی القانون، و هذه الفکرة تقترب من فکرة "نظریة الترکیز"، لکنها تختلف عنها فی أن تقدیر الأداء الممیز یکون عند ابرام العقد، و ما یتصوره الافراد فی ذلک الوقت و لیس بالضرورة ان یکون التنفیذ المادی ملزماً أو حتى التنفیذ الفعلی، لأن ذلک یأتی لاحقاً، و من هنا تتمیز فکرة الأداء الممیز عن "نظریة الترکیز التی یرى أصحابها الى الأخذ بمحل التنفیذ".
کما أخذ بفکرة الأداء الممیز القضاء فی فرنسا و کذلک اخذت بها العدید من القوانین الأوربیة کما فی القانون النمساوی فی المواد " 38، 39، 40 من القانون الصادر عام 1978، و کذلک القانون المجری فی المادة 25 و الصادر عام 1978 و کذلک اخذ بها القانون الروسی فی المادة 1211 من القانون الصادر عام 2001، و کذلک قانون التحکیم الأردنی الصادر عام 2001 فی المادة 31 منه، کما نصت على الأخذ بها بعض الاتفاقات الدولیة مثل اتفاقیة روما الأولى لسنة 1980 و کذلک اتفاقیات لاهای للعام 1955 و عام 1978 و التی تتعلق البیع الدولی الخاص بالمنقولات و کذلک عقد الوساطة، فقد ذهبت اتفاقیة روما لعام 1980 و التی تتعلق بالقانون الواجب التطبیق على الالتزام ات العقدیة فی المادة الرابعة منها و التی نصت على "عند انعدام الاختیار الصریح یسری على العقد قانون الدولة التی له بها أکثر الروابط وثوقاً، و یفترض أن العقد یرتبط بأوثق صلة بقانون الدولة التی یوجد بها عند التعاقد محل الاقامة المعتاد للطرف المدین بالأداء الممیز أو مرکز ادارته فیما لو کان شخصاً اعتباریاً".
وکذلک أخذ بها المشرع الألمانی حیث نص فی القانون الدولی الخاص، المادة 28 منه على أنه "عند سکوت الارادة عن اختیار القانون الواجب التطبیق یتم اسناد العقد الدولی الى قانون الدولة ألأوثق صلة بالرابطة العقدیة، و یفترض أن العقد یرتبط بأوثق صلة قانون الدولة التی یوجد بها عند ابرام العقد محل الاقامة المعتادة للطرف الذی یتعین أن یقوم بالأداء الممیز فی العقد".
وکذلک القانون النمساوی الخاص لسنة 1978 فی المواد 36 و 37 منه، و کذلک القانون الایطالی فی مادته 57 و التی احالت الى اتفاقیة روما، التی تؤکد على أن الوقت الذی یتم فیه تقدیر ما اذا کان الاداء ممیز ام لا عند ابرام العقد عادة ، کذلک اخذت بهذه النظریة اتفاقیة التجارة الدولیة الخاصة بالاتحاد الأوربی لسنة 2000 و التی تختص بالتجارة الالکترونیة وقد لقیت تفضیلاً من قبل الفقهاء.
وخلاصة القول إن نظریة الأداء الممیز بوصفها نظریة حدیثة تسعى إلى تحدید القانون الواجب التطبیق فی العقد الدولی باعتمادها فی عملیة توزیع الإسناد إلى تخصیص ضابط إسناد لکل طائفة من طوائف العقود وفقا لفکرة الأداء الممیز فی العقد، و کذلک إن نظریة الأداء الممیز تبحث فی خصوصیة کل عقد من العقود وتعمل على إسناده إسنادا وظیفیاً إلى قانون موطن أو مکان إقامة المدین بهذا الأداء کونه القانون الأوثق صلة بالعقد ویمثل الالتزام الرئیسی فیه وبذلک فإن هذه النظریة لا تأخذ بضوابط إسناد جامدة کما هو الحال فی بقیة النظریات الأخرى وإنما تخضع العقد لقانون المکان الذی یکون الأداء الممیز متحققا فیه.
إن الأخذ بنظریة الأداء الممیز یکفل للمتعاقدین العلم المسبق بالقانون الواجب التطبیق ویصون توقعاتهم المشروعة فی شأن قانون العقد ویحقق لهم على هذا النحو الأمان القانونی الذی ینشدوه منذ البدایة وهو الأمر الذی یعد أحد الأهداف الأساسیة للقانون الدولی الخاص المعاصر.
ولا بد من الاشارة ایضاً الى القول بأن هناک بعض الاستثناءات على المبدأ العام فی هذه النظریة یقضی بالاعتداد وفی حالات معینة بالقانون الأوثق صلة بالرابطة العقدیة ومنها الحالة التی یتبین فیها القاضی المرفوع أمامه النزاع إن محل الأداء الممیز لا یعد ذا صلة وثیقة بالعقد أو إذا تبین له أن هناک قانونا آخر أشد صلة و أقوى ارتباطا بالعلاقة العقدیة من قانون مکان إقامة المدین بالأداء الممیز وحینئذ یرجع إلى تطبیق القانون الذی یراه أکثر تعبیرا عن الصلة الوثیقة أما فیما یتعلق بموقف المشرع العراقی، یمکن القول إن الضوابط المعتمدة من قبل المشرع العراقی فی تحدید القانون الواجب التطبیق على الالتزام ات التعاقدیة فی ظل غیاب التحدید الإرادی تشیر بالاختصاص إلى قانون الموطن المشترک للمتعاقدین إذا اتحدا موطنا أو قانون الدولة التی تم فیها إبرام العقد فی حال اختلافها أن کل من هذین الضابطین لا یعبر عن وجود صلة حقیقیة أو وثیقة بین العقد محل النزاع والدولة التی یوجد فیها موطن الطرفین أو یتم فیها إبرام العقد وهذا على خلاف مواقف التشریعات الوطنیة والاتفاقیات الدولیة الحدیثة ذات الصلة والتی تعطی الاختصاص فی هذه الحالة لقانون الدولة الأکثر صلة بالعقد بصفة عامة ولقانون دولة إقامة المدین بالأداء الممیز بصفة خاصة وبذلک فإن المادة (25/1) من القانون المدنی العراقی قد تعجز عن القیام بدورها أو تبدو فیه غیر ملائمة فی التطبیق على بعض العقود الدولیة کعقود نقل التکنولوجیا.
المطلب الثانی
حالات الخروج الاستثنائی عن تطبیق فکرة الأداء الممیز
على الرغم من ان فکرة الأداء الممیز وضعت ضابطاً مرناً یمکن ان یتم تطبیقه على غالبیة العقود إلا أنه یمکن القول أنه وفقاً لاتفاقیة روما فإن العقود یجب ان تکون محکومة بقانون الدولة التی تکون أکثر ارتباطاً معها، و هناک اتفاق مسبق عام على معنى الاداء الممیز من أجل بیان مفهوم تلک الدولة التی یکون العقد مرتبطاً بها بدرجة عالیة، لکن هناک قاعدة ثانیة بأن هذا الأمر لا یجب الاخذ به اذا ظهر أن العقد أکثر ارتباطاً بدولة اخرى.
ففی کثیر من الاحیان قد یتعذر على القاضی أن یصل الى الأداء الممیز مما یجعل من الاستحالة بمکان ان یتم الوصول الى القانون الواجب التطبیق على العقد إلا من خلال الرجوع الى الظروف المحیطة بالتعاقد و الملابسات الخاصة به لکن هناک ربما ظروف أخرى توضح أو تشیر ان هناک قانون آخر أشد صلة بالتعاقد الذی جرى یمکن أن نقول حینها بأنه القانون الأکثر صلة بهذه الرابطة.
ومن الجدیر بالذکر ان مثل هذه الحالات الاستثنائیة لابد من الأخذ بنظر الاعتبار القانون الأوثق صلة بالرابطة العقدیة و الذی من الممکن ان توضحه الظروف الخاصة بالتعاقد، و هذا الاستثناء یقوم على اساس ان الاخذ بهذا المعیار من الممکن ان یستند الى افتراض أنه التعبیر الأکثر ملائمة وهو افتراض قابل لإثبات العکس.
ووفقا ً لکل ما تقدم یمکن القول ان اتفاقیة روما لعام 1980 و کذلک القانون الدولی الخاص بألمانیا لعام 86 تم بموجبهما منح القاضی الصلاحیة و تخویله السلطة للخروج الاستثنائی عن اخضاع العقد الى فکرة الاداء الممیز اذا ما ظهر جلیاً من الظروف المحیطة بالتعاقد أن هناک قانون أوثق صلة بالرابطة التعاقدیة القائمة بین الاطراف، و القاضی هنا و بصورة بدیهیة أن یقوم بإسناد هذه الرابطة الى القانون الاکثر صلة بها بموجب ما یتم التوصل الیه من ظروف التعاقد فی الفروض التی یکون من المتعذر علیه فیها تحدید الأداء الممیز.
لذلک فإن ذلک الجزء من العقد الذی یمتلک ارتباطاً قویا مع دولة ثانیة من الممکن عن طریق الاستثناء یحکم بموجب قانون تلک الدولة الاخرى، فإذا کان للأفراد بإمکانهم اختیار القانون الذی سیتم تطبیقه على العلاقة التعاقدیة فإن للمحاکم و القضاء نفس السلطة فی حالة عدم اتفاق الاطراف على تطبیق قانون معین و فی الحقیقة ان هذا الامر یعتبر استثناءً عن المبادئ العامة و یجب أن یتم الأخذ به فی نطاق ضیق قدر الامکان، و هناک استثناءً آخر الاستثناء الاخر الخاص بطبیعة العقود الخاصة التی لا یمکن تطبیق فکرة الاداء الممیز بصددها کعقود العمل وعقود الاستهلاک،لکن هناک جانب من الفقه یرى أن هذا الامر ترک من خلاله المشرع للقاضی سلطة تقدیریة قد تؤدی ربما فی یوم ما على أن تطغى فیها سلطته.
واخیراً لا بد من القول الى ان هذا الشرط الخاص بالخروج یعتبر استثناءً و لعل العبرة منه هو ادخال المرونة الى النظام القضائی و لکنه یُعتبر فی نفس الوقت مخاطرة فی مسألة الیقین القانونی اذا لم یتم استخدامه بصورة صحیحة.
المبحث الثالث
نطاق تطبیق الاداء الممیز فی العقود الدولیة
هناک العدید من العقود التی تم تطبیق فکرة الاداء الممیز علیها، و سنعرض على سبیل المثال لا الحصر لعقد التمثیل فی مجال التجارة، و عقد الاستهلاک و عقود الترخیص الخاصة بالتکنلوجیا انموذجا و کما یأتی :
المطلب الأول
عقد التمثیل التجاری و الوکالة
لقد غدت مسألة التمثیل التجاری فی مجال التجارة من المسائل التی لا یمکن الاستغناء عنها فی مجال العلاقات التجاریة الدولیة الخاصة، خاصة اذا ما کان احد الاطراف یتواجد فی دولة بعیدة عن الدولة التی یتم فیها ابرام العقد، و بما ان هناک اختلافاُ بین أنواع الوکالة کان من الیسیر للمشرع ان یجیز فی القانون لمن یرغب فی التعاقد أن یوکل شخصاً آخر، و فیما یتعلق بالعلاقة بین الوکیل و الموکل، هنا القانون الذی یجب أن یتم تطبیقه على الوکالة هو القانون الذی یتم اختیاره صراحة، او بالإمکان الوصول الیه من ظروف التعاقد و اذا ما لم یتم التوصل الیه من خلال الارادة الصریحة او الضمنیة فقد ذهب البعض من فقهاء القانون ان فی مثل هذه الحالات یتم تطبیق القانون الذی یُطبق على العقد الذی یتم ابرامه بین الوکیل و الغیر، و غالباً ما یکون هذا القانون هو القانون الخاص بمحل تنفیذ العقد أو قانون محل الاقامة الاعتیادیة للوکیل فی نفس الوقت، و لعل العلة فی هذا هو أن الوکیل أو النائب هو صاحب الاداء الممیز، فهنا سیکون له دور ایجابی و لیس للوکالة أیة أهمیة بدونه، و کذلک إن علاقته بالموکل تنحصر فی الاعداد للعقد او التصرف الذی سیقوم به، اما من ناحیة العلاقة بین الوکیل و الغیر، فإن الوکیل هنا هو صاحب الأداء الممیز، و وفقاً لما تقدم فإن العقد الذی یتم ابرامه مع الغیر یکون قانون البلد الذی تتم فیه ممارسة الوکیل لسلطاته المخول بها هو النافذ وفقا ً لما تتجه الیه ارادة الموکل و الذی یکون عادة هو محل الاقامة المعتادة للوکیل حین ابرام العقد، أو قانون المرکز الذی سیتم فیه مشروعه ان کان تاجراً ، و هذا ما أخذت به اتفاقیة لاهای 1978 و المختصة بتحدید القانون الواجب التطبیق على المسائل المتعلقة بعقود النیابة و کذلک الوساطة.
المطلب الثانی
عقد المستهلک
لقد نصت الفقرة الأولى من المادة (5) من اتفاقیة روما 1980 والمادة (6) من اتفاقیة 2008 على ما یأتی:۔ تطبق هذه المادة على العقود التی یکون محلها تجهیز منقولات مادیة أو خدمات لشخص (المستهلک لاستعمالها خارج نشاطه التجاری او الحرفی وکذلک العقود الخاصة بتمویل هذا التجهیز).
ففیما یتعلق بتفسیر الفقرة (1) من المادة (5) یقول تقریر فریق العمل ای تفسیرها یجب أن یکون على ضوء القصد منها وهو حمایة الطرف الضعیف وعلى ضوء الاتفاقیات الدولیة التی تهدف الى نفس الغایة مثل اتفاقیة بروکسل الخاصة بالاختصاص القضائی وتنفیذ الأحکام فی المواد المدنیة والتجاریة لسنة 1968 المعقود بین دول المجموعة الاقتصادیة الأوربیة والاتحاد الأوربی.
ویمکن أن نستخلص من نص الفقرة (۱) بأن طلب الخدمات وشراء البضائع (السلع) هو للاستعمال الشخصی او العائلی او المنزلی وهو استخلاص على ضوء ما جاء فی اتفاقیة فینا للبیع الدولی للبضائع لسنة۱۹۸۰ بهذا الشأن (المادة ٥/٢)
وقد حاولت محکمة العدل الأوربیة تفسیر النصوص الخاصة فیما تعنیه بعقود المستهلک تفسیرا قصدیا دون التقید بحرفیة النصوص وذلک فی قضیة Benin casa V Dentalk it srl سنة ۱۹۹۷ حیث صرحت ان العقود التی تعقد لغرض اشباع حاجیات الفرد الخاصة والتی بالاستهلاک الشخصی تکون مشمولة بالنصوص التی توضع لحمایة المستهلک باعتباره الطرف الضعیف اقتصادیا ونرى ان رأی محکمة العدل الأوربیة یمکننا من القول بأن عقود المستهلک هی التی یکون محلها تلقی الخدمات والبضائع (السلع) لغرض الاستعمال الشخصی او العائلی او المنزلی ومع هذا اذا حددنا عناصر هذا العقد اللازمة لاعتباره عقد مستهلک نکون قد توصلنا الیه دون الحاجة الى تعریف:
العنصر الأول: أن المعاملة تتضمن تقدیم خدمات أو سلع (بضائع منقولة) ویدخل فی ذلک تمویل هذه المعاملة العقد بالقروض مثلا. سواء من قبل البائع او شخص ثالث.
أما العنصر الثانی: ان یکون الشخص المستهلک شخصا طبیعیا ولیس معنویا أو مؤسسة وهذا واضح من قرار محکمة العدل الأوربیة فی قرارها لسنة ۱۹۹۷ بصراحة العبارة (لغرض اشباع حاجیات) الفرد الخاصة وإن کانت اتفاقیة روما لم تنص على هذا العنصر صراحة.
العنصر الثالث: یجب أن یکون مزود الخدمات او السلع یقوم بتزویدها فی مجال نشاطه التجاری او المهنی وان عدم ذکر هذا فی اتفاقیة روما لا یعنی ان تستعمل الحمایة ضد البائع غیر المحترف لسلع مستعملة ولا یمکن للمستهلک ان یطالب بالحمایة ضد بائع هذه السلع.
وعلى ضوء عناصر عقد المستهلک یمکن القول إن مما یعتبر عقد المستهلک عقود بیع البضائع نقدا او بالائتمان عقد ایجار المبایعة Hire purchase وعقد الایجار العادی عقود التأمین عدا عقود التأمین المستثناة بموجب الاتفاقیة وذلک إذا کان الغرض منها للاستعمال الشخصی او العائلی او المنزلی ولکن کیف تتم حمایة المستهلک وفقا للاتفاقیة؟
أن الحمایة المقصودة هی فی تطبیق القانون الواجب التطبیق على عقد المستهلک الأکثر ملائمة لمصلحته على الوجه المبین فی الفقرات الاخرى من المادة (5) من الاتفاقیة الحمایة بموجب المادة (٢/٥) حیث تنص على ما یلی :"رغم ما ورد فی نصوص المادة (3) فإن اختیار القانون الواجب التطبیق لا یحرم المستهلک من الحمایة التی تضمنها له النصوص الأمرة فی قانون البلد الذی فیه محل اقامته الاعتیادیة إذا کان انعقاد العقد قد سبقه فی هذا البلد عرض بالطرق الخاصة او عن طریق النشر او اذا کان المستهلک قد اتم فی هذا البلد الاعمال الضروریة الانعقاد العقد او کان المتعاقد مع المستهلک او ممثله قد استلم طلب التجهیز فی هذا البلد. واذا کان العقد عقد بیع بضائع وکان المستهلک قد سافر من هذا البلد الى بلد اجنبی وفیه قدم طلب التجهیز بشرط ان السفرة کانت منظمة من قبل البائع الغرض حثه على إبرام هذا العقد.
إن الفقرة (۲) من المادة الخامسة تنص على عدم حرمان المستهلک من بالقواعد الآمرة فی هذا المجال فی القواعد التی لا یمکن للمتعاقدین استبعاد تطبیقها على عقدهما ومثالها فی مجال عقد المستهلک المدة اللازمة لإلغاء العقود او شرط الحد الأدنى للمواصفات النوعیة للبضاعة والقواعد الخاصة بالمنافسة غیر المشروعة وهذه الأخیرة وان کانت لحمایة المجتمع الان فیها حمایة للمستهلک بصورة غیر مباشرة.
إن تطبیق المادة (٢/٥) لا یعنی عدم نفاذ اختیار القانون الواجب التطبیق بموجب المادة (3) وکل ما فی الأمر أن هذا الاختیار لا یحرم المستهلک من الحمایة التی توفرها القواعد الآمرة فی قوانین البلد الذی یقیم فیه اقامه اعتیادیة ویطبق القانون المختار فیما لا یخص قواعد الحمایة التی یوفرها له قانون بلد الإقامة الاعتیادیة ولا یوفرها له القانون المختار وقد یقتصر التطبیق من قانون محل الاقامة الاعتیادیة على القواعد الامرة التی توفر الحمایة الاعلى بدلا من القواعد الآمرة فی القانون المختار التی توفر للمستهلک الحمایة الاقل عند اختلاف الحمایتین کما لا نوعا.
ولا بد من الاشارة اخیرا الى الحالات التی تطبق فیها القواعد الآمرة فی قانون بلد اقامة المستهلک الاعتیادیة لحمایته رغم وجود قانون قد وقع علیه الاختیار عقد المستهلک ویمکن اجمال هذه الحالات بحالات أربع على الوجه الآتی:
(أ) - اذا کان انعقاد العقد فی سبقه عرض فی بلد الإقامة الاعتیادیة للمستهلک سواء بالطرق الخاصة کدعوة شخصیة مثلا او بطریق النشر بأیة وسیلة کانت فی الصحف او الرادیو او التلفزیون وغیرها من وسائل النشر.
(ب) - اذا کان المستهلک قد اتم فی بلد الإقامة الاعتیادیة، للمستهلک الأعمال الضروریة لانعقاد العقد کإجراء المفاوضات التی تسبق العقد عادة.
(ج)- اذا کان المتعاقد مع المستهلک او ممثل هذا المتعاقد قد استلم طلب التجهیز فی بلد الإقامة الاعتیادیة للمستهلک.
(د)- اذا کان العقد عقد بیع بضائع وکان المستهلک قد سافر من البلد الذی یقیم فیه عادة إلى بلد أجنبی وفیه قدم طلب التجهیز وکان السفر منظما من قبل البائع لغرض حث المستهلک او اغرائه على عقد هذا العقد.
المطلب الثالث
عقد الترخیص و نقل التکنلوجیا
وفقاً للقواعد العامة، فإن عقود العقود الخاصة بالتراخیص المتعلقة بنقل التکنلوجیا، لا بد ان تخضع للقانون الذی تتفق فیه ارادة الاطراف، سواء کانت تلک الارادة صریحة أم ضمنیة، و هنا یمکن أن نطرح التساؤل الآتی، کیف یتم تحدید قانون العقد؟
یذهب جانب من الفقه الى القول بان عقد الترخیص یقع اساساً على الابتکار الجدید او استغلال اختراع سابق، و لعل ابرز العناصر المهمة فی مثل تلک العقود هو الملکیة الفکریة أو ما یمکن أن نسمیه بالمال المعنوی، لذلک فإن القانون الذی یمکن أن یتولى تنظیم مثل هذه الحالات هو القانون الذی یطبق على الأموال هو نفسه ما یطبق على عقود الترخیص أو العقود الخاصة بنقل التکنلوجیا
ویرى أصحاب هذا الاتجاه ان تطبیق نظام قانونی واحد على المال سواء کان مادیاً او معنویا هو أفضل الحلول، کما یمکن أن یتم تلافی مسألة التفرقة فی المسائل المتعلقة بالمال أیاً کان.
ویذهب رأی آخر الى القول بأن صاحب الاداء الممیز فی مثل هذه الحالة هو صاحب الاختراع الأصلی او صاحب السر الصناعی أو مورد التکنولوجیا، و هنا یکون القانون الذی یجب أن یتم تطبقه على مثل هذه العقود هو قانون دولة الموطن أو قانون محل الإقامة العادیة.
وقد أصبح هذا الرأی هو السائد فی الدول المتقدمة و ذلک من أجل حمایة المصالح کمورد رئیسی للتکنلوجیا بمختلف أنواعها، و قد أخذ بهذا الرأی القانون المجری عام 1979 و الذی نص على ما معناه انه فی حالة انعدام الاختیار صراحة او ضمناً للقانون المعنی بالعقد، فإن القانون الذی یجب ان یتم تطبیقه على العقد فی مثل هذه الحالة هو قانون الدولة التی یوجد فیها العقد، او محل الاقامة المعتادة .
الخاتمـة
بعد عرض موضوع بحثنا عن القانون الواجب التطبیق بالاستناد الى فکرة الأداء الممیز اتضح لنا ما یأتی:
التوصیات :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First : books:
1.Dr. Ahmed Abdel-Karim Salama, Special International Special Contract Law (“Electronic-Tourism-Environmental), First Edition, Arab Renaissance House, Cairo, 2000.
2. Okasha Muhammad Abdel-Al, Conflict of Laws (a comparative study), Al-Halabi Human Rights Publications, 2004.
3. Hani Hamzah, Law Enforcement of Administrative Contracts Before International Courts, First Edition, Al-Halabi Legal Publications, Beirut 2008.
4. Bashar Al-Asaad, The International Event for Arbitration in International Investment Contracts Disputes, First Edition, Al-Halabi Legal Publications, (without a year of publication), Beirut.
5. Mr. Abdel Moneim Hafez, International Financial Leasing Contract, Dar Al Fikr University, Alexandria, 2010.
6. Abdo Jamil Ghossoub, Lessons in Private International Law, First Edition, Majd University Foundation for Studies, Publishing and Distribution, Beirut, 2008.
7. Ibrahim Ahmed Ibrahim, Private International Law (Conflict of Laws) (dn.n.), 1997.
8. Nawras Abbas Abboudi, The Distinguished Performance and Its Impact on the Attribution Process, Beirut, Dar Al-Sanhouri, 2016.
9. Khaled Abdel-Fattah Mohamed, Consumer Protection in International Private Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, 2002.
References (English)
Research :
1. George Hazboun, Rules for Conflict between Traditional, Procedural, New and Objective Description, Journal of Law, Kuwait University, Issue Two, Twenty-sixth Year, June 1423 AH.
Foreign sources:
1. Mc Clean, “the conflict of laws, fifth edtion, sweet and david - Maxwell, London, 2000.
Judicial decisions:
1.https://www.courdecassation.fr/publications_26/arrets_publies_2986/chambre_commerciale
المصـادر
أولاً الکتب :
البحوث و الدوریات :
المصادر الاجنبیة :
القرارات القضائیة :