کلیة الحقوق - جامعة الموصل - العراق
  • التسجيل في الموقع
  • تسجيل الدخول
  • English

الرافدین للحقوق

Notice

As part of Open Journals’ initiatives, we create website for scholarly open access journals. If you are responsible for this journal and would like to know more about how to use the editorial system, please visit our website at https://ejournalplus.com or
send us an email to info@ejournalplus.com

We will contact you soon

  1. الصفحة الرئيسة
  2. السنة 23، العدد 73
  3. المؤلف

العدد الحالي

حسب أعداد المجلة

حسب الموضوعات

قائمة الكلمات الرئيسة

قائمة المؤلفين

التصدير إلى قاعدة بيانات الفهرسة

حول المجلة

أهداف المجلة

أعضاء هيئة التحرير

الإحصائيات

أخلاقيات النشر

قواعد البيانات المفهرسة

عملية قبول البحوث

الأخبار والإعلانات

الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة

    اجیاد ثامر الدلیمی

الرافدین للحقوق, 2020, السنة 23, العدد 73, الصفحة 90-130
10.33899/alaw.2020.127732.1093

  • مشاهدة المقالة
  • أصل المقالة
  • المراجع والمصادر
  • تحميل
  • إرجاع للمصدر
  • الإحصائيات
  • شارك

الملخص

إن کفالة حق الدفاع تقتضی أن لا یکون التنظیم الإجرائی الذی یحکم سیر الإجراءات فی الدعوى معلقاً على إرادة الخصوم، لذا نجد أن المشرع قد حدد شروطاً لا بد من توافرها لقبول الدعوى، وموانع لا بد من انتفائها لکی تکون الدعوى مقبولة، ومن هذه الموانع رفع الدعوى بعد فوات المدة المحددة قانوناً لرفعها، ووسیلة التمسک بهذا المانع هو الدفع بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان، والدفع بمرور الزمان قد عانى من أزمة حقیقیة نتیجة اختلاطه بالدفع بالتقادم، واعتبارهما تعبیرین مترادفین على صعید التشریع والفقه والقضاء، وشتّانَ ما بین الدفع بمرور الزمان بوصفه دفعاً بعدم القبول والدفع بالتقادم بوصفه دفعاً موضوعیاً، فالأول یؤدی إلى زوال الحمایة القضائیة والثانی یؤدی إلى زوال الحمایة القانونیة وسقوط الحق الموضوعی.
الكلمات الرئيسة:
    الحق الاجرائی الدفع بمرور الزمان الدفع بالتقادم الدعوى المدنیة
الموضوعات:
  • قانون المرافعات المدنیة والاثبات

الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة--(*)-

The right to a hearing within a reasonable time and  case inadmissibility

 

       اجیـاد ثامر نایف الدلیمی

     کلیة الحقوق/ جامعة الموصل              

Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi

College of law / University of  Mosul

Correspondence:

Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi

E-mail:

 

(*) أستلم البحث  فی 22/7/2020 *** قبل للنشر فی 2/10/2020

(*) Received on 22/7/2020 *** accepted for publishing on 2/10/2020.

Doi: 10.33899/alaw.2020.127732.1093

© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license

     (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).

 

المستخلص                               

          إن کفالة حق الدفاع تقتضی أن لا یکون التنظیم الإجرائی الذی یحکم سیر الإجراءات فی الدعوى معلقاً على إرادة الخصوم، لذا نجد أن المشرع قد حدد شروطاً لا بد من توافرها لقبول الدعوى، وموانع لا بد من انتفائها لکی تکون الدعوى مقبولة، ومن هذه الموانع رفع الدعوى بعد فوات المدة المحددة قانوناً لرفعها، ووسیلة التمسک بهذا المانع هو الدفع بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان، والدفع بمرور الزمان قد عانى من أزمة حقیقیة نتیجة اختلاطه بالدفع بالتقادم، واعتبارهما تعبیرین مترادفین على صعید التشریع والفقه والقضاء، وشتّانَ ما بین الدفع بمرور الزمان بوصفه دفعاً بعدم القبول والدفع بالتقادم بوصفه دفعاً موضوعیاً، فالأول یؤدی إلى زوال الحمایة القضائیة والثانی یؤدی إلى زوال الحمایة القانونیة وسقوط الحق الموضوعی.

الکلمات المفتاحیة: الحق الاجرائی، الدفع بمرور الزمان، الدفع بالتقادم، الدعوى المدنیة. 

Abstract

The guarantee of the right of defense requires that the procedural organization that governs the conduct of the proceedings in the case not be dependent on the will of the litigants. Therefore, we find that the legislator has set conditions that must be met to accept the lawsuit, and Contraindications must be removed in order for the lawsuit to be admissible. And the means of adhering to this barrier is to argue of not accepting the lawsuit over time, and to push over time has suffered from a real crisis as a result of its mixing with the payment of statute of limitations, and considering them synonymous expressions in terms of legislation, jurisprudence and the judiciary, There is a difference between submitting the passage of time as a payment of non-acceptance and payment of prescription as an objective payment, the first leads to the disappearance of judicial protection and the second leads to the disappearance of legal protection and the fall of the substantive right.

Keywords: Procedural right؛ ؛over the passage of time؛ ؛Payment by prescription؛ ؛؛ ؛ ؛Civil law

 

المقدمـة

الحمد لله الذی شرع لنا من الدین أکمله، وبعث إلینا من الرسل أفضلهم وخاتمهم، وأنزل علینا من الکتب أحسنها وأبینها، وجعلنا خیر أمةٍ أخرجت للناس: تتواصى بالحق والصبر وتتعاون على البر والتقوى، وأما بعد فسأقسم هذه المقدمة على ستة فقرات وکما یأتی:

أولاً:  تَوْطِئَةً لِمَا یَتَنَاوَلُه الْبَحْث:

إن حسن سیر العدالة وسرعة أدائها، وتنظیم عمل مرفق القضاء، وسلامة أدائه لوظیفته، یقتضی وجود طریقة محددة یتعین على منْ یستجیر "بِالْقَضَاء لِحِمَایَتِهِ" أن یسلکها، "لِذَا نَجِد أَنَّ الْمُشَرِّعَ" قد حدد سلفاً وسیلة اللجوء إلى هذا القضاء بتنظیمه لفکرة الدعوى بوصفها "الْوَسِیلَة القَانُونِیَّة فِی الْحُصُولِ عَلَى حِمَایَةِ الْقَضَاء لِلْحُقُوق الْمَوْضُوعِیَّة". وبما أن کفالة حق الدفاع وسرعة حسم الدعاوىبأسرع وقت، وأقل عدد ممکن من الإجراءات تقتضی أن لا یکون التنظیم الإجرائی الذی یحکم سیر الإجراءات فی الدعوى معلقاً على إرادة الخصوم، لذا "نَجِد أَنَّ الْمُشَرِّعَ قد" حدد شروطاً لا بد من توافرها لقبول الدعوى، وموانع لا بد من انتفائها لکی تکون الدعوى مقبولة، ومن هذه الموانع رفع الدعوى بعد فوات المدة المحددة قانوناً لرفعها، ووسیلة التمسک بهذا المانع هی الدَّفْع بِعَدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى لمرور الزمان.

ثانیاً: مُشْکِلَةٌ الْبَحْث:

یتعین علینا تحدید مشکلة البحث کونها تلعب دوراً أساسیاً فی مختلف أجزاء البحث ابتداءً من المقدمة وانتهاءً بالخاتمة، ففی المقدمة؛ تحدد مشکلة البحث الأسس النظریة للبحث، وفی ثنایا البحث؛ تحدد العناوین الرئیسة والفرعیة للمباحث والمطالب والفروع، وفی الخاتمة؛ تساعد اشکالیة البحث على استخلاص النتائج واقتراح الحلول من خلال التوصیات، لذا نعرض لمشکلة البحث فیما یأتی:

  1. إن الدفع بمرور الزمان قد عانى من أزمة حقیقیة نتیجة اختلاطه بالدفع بالتقادم، واعتبارهما تعبیرین مترادفین على صعید التشریع والفقه والقضاء؛ فعلى صعید التشریع "نَجِد أَنَّ الْمُشَرِّعَ العراقی" قد نظم مرور الزمان فی الفرع الثالث من الفصل الثالث من الباب الخامس من الکتاب الأول من القسم الأول من "القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 تحت عنوان مُرُورَ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" "التقادم المسقط"، وقد سایر الفقه والقضاء المشرع فی اعتبار الدفع بمرور الزمان مرادفاً للدفع بالتقادم وشتّانَ ما بین الدفع بمرور الزمان بوصفه دفعاً بعدم القبول والتقادم بوصفه دفعاً موضوعیاً. فالدفع بعدم القبول لمرور الزمان له طبیعة إجرائیة لأنه یصیب الحق فی رفع الدعوى، بینما الدفع بالتقادم له طبیعة "مَوْضُوعِیَّة لِأَنَّهُ یُصِیبُ الْحَقّ الموضوعی".
  2. "نصت الفقرة 1 من المادة 431 من القانون المدنی" على أن: "لا تسمع الدعوى على المنکر بعد ترکها من غیر عذر شرعی سنة واحدة" فِی الْحُقُوقِ الَّتِی نَصَّتْ عَلَیْهَا، وهذه الفقرة تشیر إلى نظام مرور الزمان. بینما "نصت الفقرة 4 من المادة ذاتها على أنه" إذَا حَرَّر سَنَدٌ بِحَقٍّ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقَ فَلَا یَتَقَادَم الْحَقِّ إِلَّا بِانْقِضَاءِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وهذه الفقرة تشیر إلى التقادم، "وبذلک یکون المشرع العراقی قد" خلط بین نظامین مختلفین فی تنظیم موضوع واحد، فضلاً عن التناقض الحاصل بین الفقرتین.
  3. نظم المشرع العراقی "مرور الزمان المانع من سماع الدعوى" بِوَصْفِه سبباً مِنْ أَسْبَابِ انْقِضَاء الِالْتِزَام دُونَ أَنْ یُوَفَّى بِهِ فی المواد (429-343) من القانون المدنی، وبذلک یکون قد وقع فی تناقض واضح، "ذلک أن المادة 440 من القانون المدنی نصت على أنه لا یسقط الحق بمرور الزمان"، فکیف ینقضی الالتزام إذن؟
  4.  إن الخلط الذی وقع فیه المشرع العراقی بین مرور الزمان والتقادم واضح من خلال العبارات التی استخدمها فِی تَنْظِیمُه لِلْمَوْضُوع، إذ استخدم عبارة "لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُنْکِرِ"، وعبارة لا یسقط الحق فی بعض النصوص للدلالة على تبنی نظام "مُرُورَ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى"، بینما استخدم تقادم الحق، والتقادم المسقط فی نصوص أخرى، وهی عبارات توحی بالأخذ بنظام التقادم هذا من ناحیة ومن ناحیة ثانیة فإن الإیجاز فی الصیاغة التشریعیة یقتضی استخدام أوجز العبارات للتعبیر عن الموضوع، ولو کان مرور الزمان مرادفاً للتقادم لاستخدم المشرع کلمة التقادم للتعبیر عن هذا النظام وهی کلمة واحدة بدلاً من استخدام ستة کلمات للتعبیر عن الموضوع ذاته.
  5. لم یفرق المشرع العراقی بین مرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى، والدفع بمرور الزمان بوصفه "الْوَسِیلَة الإجرائیة الَّتِی حَدَّدَهَا الْمُشَرِّع" للتمسک بهذا المانع من جهة، وبین عدم قبول الدعوى لمرور الزمان بوصفه الجزاء المترتب على أعمال الدفع بمرور الزمان من جهة ثانیة.

ثالثاً: تساؤلات الْبَحْث:

  1. هل أن "الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" مرادفٌ للدفع بالتقادم أم أن لکل منهما شروطاً وآثاراً تختلف عن الآخر؟
  2. هل یقتصر الحکم بعدم "قَبُول الدَّعْوَى عَلَى انْتِفَاءِ شَرْطِ مِنْ شُرُوطِ" قبولها أم یمکن أن یتعدى ذلک إلى "وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ مَوَانِعِ قَبُولِهَا" کمرور الزمان؟
  3. هل یترتب على ثبوت "الدفع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى تَحَوَّل الِالْتِزَام مَوْضُوعٌ الدَّعْوَى" من التزام مدنی إلى التزام طبیعی شأنه فی ذلک شأن ثبوت الدفع بالتقادم؟ أم یبقى التزاماً مدنیاً؟
  4. هل یقتصر الأثر المترتب على ثبوت الدفع بمرور الزمان على الحق الإجرائی أم یتجاوزه إلى الحق الموضوعی؟
  5. هل افلح الْمُشَرِّع فِی تَنْظِیمُه "لِمُرُور الزَّمَان الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِی الْقَانُونِ الْمَدَنِیّ" أم کان یتعین علیه تنظیمه فی "قَانُون المرافعات" لکون "مُرُور الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى یُعَدّ مانعاً" من موانع قبول الدعوى ووسیلة التمسک به تنطوی تحت "أَحْکَام الدَّفوع"؟
  6. هل أصاب الْمُشَرِّع عِنْد تَنْظِیمه "لِمُرُور الزَّمَان الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِی بَابِ انْقِضَاء الِالْتِزَام على الرغم من النص فی المادة 440 من القانون المدنی على أن الالتزام لا ینقضی بمرور الزمان"؟

رابعاً: مُسَوِّغَات اصْطِفَاء الْمَوْضُوع وأهمیته:

  1. عدم تنظیم المشرع العراقی "لِمُرُور الزَّمَان الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِوَصْفِه مانعاً مِنْ مَوَانِعِ قَبُولِ الدَّعْوَى فِی قَانُونِ المرافعات".
  2. عدم تنظیم المشرع العراقی للدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِوَصْفِه دفعاً مِن دفوع عَدَم الْقَبُولِ فِی قَانُونِ المرافعات.
  3. بیان أوجه الفرق بین "الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" والدفع بالتقادم.
  4. حسم الخلاف الفقهی حول الطبیعة القانونیة للدفع "بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى"، "وَتَحْدِید مَا إذَا کَانَ دفعاً شکلیاً أَم موضوعیاً أَم دفعاً بِعَدَمِ الْقَبُولِ" نظراً لسکوت المشرع عن تحدید هذه الطبیعة.
  5. تعدد النصوص التی عالجت "مُرُورَ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" وتناثرها فی مواضیع عدة فضلاً عن تعدد المدد المتعلقة بهذا النظام دون أن یجمعها مبدأ عام أو قاسم مشترک یوحد آثارها وشروطها ومددها.

خامساً: منهجیة الْبَحْث:

سنجمع فی بحثنا هذا بین المنهج التحلیلی والمنهج المقارن؛ وإعمالاً للمنهج التحلیلی سنعنى بتحلیل النصوص التی عالجت مرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى، ووسیلة التمسک به المتمثلة بالدفع بمرور الزمان بشرح أحکام تلک النصوص، وتعقب جزئیاتها، وتحدید آثارها، فضلاً عن المقارنة بین الدفع بمرور الزمان الذی تبناه المشرع العراقی والدفع بالتقادم الذی أخذ به "القَانُون الْمِصْرِیّ والفرنسی".

سادساً: هَیْکَلِیَّة الْبَحْث:

إن الإحاطة بالجوانب "القَانُونِیَّة لِلْمَشَاکِل الْمُتَعَلِّقَة بِمَوْضُوع الْبَحْث"، والإجابة عن التساؤلات المطروحة بشأنها اقتضت أن تکون خطة البحث مقسمة على مبحثین جاء الأول تحت عنوان التعریف "بِالدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ"؛ وهو مقسم الى مطلبین؛ تناول الأول منها مفهوم "الدفع بمرور الزمان"، وخصص الثانی للطبیعة القانونیة للدفع بمرور الزمان وتمیزه من الدفع بالتقادم. أما المبحث الثانی فقد خصصناه لأحکام "الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ"؛ وهو أیضاً مقسم الى مطلبین نبین فی الأول، شروط الدفع بمرور الزمان، بینما نناقش فی الثانی آثار الدفع بمرور الزمان، وانهینا بحثنا بخاتمة أوجزنا فیها أهم النتائج والتوصیات التی توصلنا إلیها من خلال البحث.

المبحث الأول

التَّعْرِیف بِالدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ

        إن التعریف بِالدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ یَقْتَضِی بَیَانَ مَفْهُومِ هَذَا الدَّفْعُ، وَتَحْدِید طَبِیعَته القَانُونِیَّة، وتمییزه عن الدفع بالتقادم، ولهذا فإن طبیعة هذا المبحث تقتضی تقسیمه إلى مطلبین وعلى النحو الآتی:

المطلب الأول

مَفْهُوم الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ

       لتوضیح مَفْهُوم "الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" یتعین تعریفه لغةً، واصطلاحاً، وهو ما نعرض له فی فرعین على النحو الآتی:

الفرع الأول

الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لغةً

"الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" مصطلح مرکب من مجموعة کلمات، لذا فإن تعریفه لغةً یقتضی تحدید المعنى اللغوی لکل منها على حدة، وهو ما نعرض له فیما یأتی:

 

أولاً: الدفع لغةً: "من دفع دفعته دفعاً نحیته فاندفع، ودفعت عنه الأذى ودافعت عنه مثل حاججت، ودافعته عن حقه ماطلته، ودفعت القول رددته بالحجة. والدفع مصدر من دفع یدفع دفعاً ویقصد به الانصراف".

ثانیاً: مرور لغةً: "مرر: مَرَ علَیْهِ وَبِهِ یَمُرُّ مَرًّاً أی اجْتَازَ. ومَرَّ یَمُرُ مَرًّاً ومُروراً: ذهب. یقال أَمْرَرْتُ الشیءَ أُمِرُّه إِمْراراً إذا جَعَلْتَهُ یَمُرُّ، أَی یَذْهَبُ".

ثالثاً: الزمان لغة: "الوقت قلیله وکثیره ومدة الدنیا کلها ازمنة، فیقال مرض مرضاً یدوم زمناً طویلاً، ویقال أیضاً أقام فیه زمناً، والشیء طال علیه الزمان، وکذلک یقال زامنه مزامنة، وزماناً عامله بالزمان".

رابعاً: المانع لغةً: "الحائل بین شیئین أو العائق أو الحاجز وجمعه موانع، والمنع هو أن تحول بین الرجل وبین الشیء الذی یریده، وهو ما رتب الشارع على وجوده عدم وجود الحکم، فهو وصف ظاهر منضبط یستلزم وجوده حکمة تستلزم عدم الحکم".

خامساً: سماع لغةً: "مصدر سمع. وسمع یسمع سمعاً، وسمع الصوت أو به التقطته اذنه، وسمع له أو إلیه: أصغى، وسمع الدعاء: استجاب له، وسمع الکلام: فهمه". 

سادساً: الدعوى لغةً: "الدعوى فی اللغة لها إطلاقات متعددة، منها الحقیقی، ومنها المجازی، ولعل معظمها یرجع إلى معنى واحد هو: الطلب"، "وتطلق أیضاً على الزعم: أی القول غیر المدعوم بالحجة والبرهان، وصاحب هذا الزعم سُّمی مدعیاً لا محقاً". "ومنه قولهم "ادَّعیت الشیءَ": "أی زعمته لی حقاً کان أو باطلاً".

        نخلص من العرض المتقدم إلى أن "الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" یعنی لغةً: الوقت الذی یلزم انقضاؤه لیکون حائلاً لحکمة تقتضی عدم سماع الدعوى والحکم فی زعم المدعی.

الفرع الثانی

الدَّفْع مُرُورَ الزَّمَانِ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى اصطلاحاً

انطلاقاً من "الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الَّتِی تَقْتَضِی اسْتِقْرَار الْمُعَامَلَات والمراکز القَانُونِیَّة" بوضع حد للمنازعات بین الأفراد، وانسجاماً مع کون الالتزام رابطة مؤقتة مصیرها الزوال ولا یمکن جعلها مؤبدة، فقد جعلت التشریعات کافة من مرور مدة معینة من الزمان سبباً مِنْ أَسْبَابِ انْقِضَاء الدعوى أو مانعاً من موانع قبولها، ذلک أن صمت الدائن مدة طویلة عن الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ دون عذر مشروع قرینة على استیفاء حقه أو تنازله عنه للمدین فضلاً عن قرینة الوفاء بالحق الذی لا یستطیع المدین اثباته بسبب فقدان دلیل الوفاء أو وفاة الشهود.

وتحقیقاً للغرض المتقدم فقد تبنى المشرع العراقی نظام مرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى، بینما تبنى المشرعان المصری والفرنسی نظام التقادم بوصفه سبباً مِنْ أَسْبَابِ انْقِضَاء الِالْتِزَام.

ووسیلة التمسک بمرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى هو الدفع بمضی المدة أو بمرور الزمان، ولم یتطرق الفقه الإجرائی للدفع بمرور الزمان بوصفه "الْوَسِیلَةِ الَّتِی یَتمُّ مِنْ خِلَالِهَا التَّمَسُّک بِمُرُورِ الزَّمَانِ"، وإنما اقتصرت دراسته على مرور الزمان بوصفه سبباً مِنْ أَسْبَابِ انْقِضَاء الِالْتِزَام على الرغم من أن الالتزام لا ینقضی بمرور الزمان، وبذلک یکون الفقه قد خلط بین الحکم بثبوت الدفع بمرور الزمان الذی یتعلق أثره بالحق الإجرائی ویؤدی إلى منع المحکمة من سماع الدعوى، وبین الحکم بثبوت الدفع بالتقادم الذی یتعلق أثرة بالحق الموضوعی ویؤدی إلى سقوطه.

واستناداً لما تقدم یتعین علینا أن نعرض لتعریف الدفع بمرور الزمان، والدفع بالتقادم لإزالة اللبس بینهما، ذلک أن بعض الفقهاء یعد الدفع بمرور الزمان مرادفاً للدفع بالتقادم على "الرَّغْمِ مِنْ اخْتِلَافهمَا مِنْ حَیْثُ الطَّبِیعَة وَالْأَثَر".

أولاً: تعریف الدفع بمرور الزمان اصطلاحاً:

  1. تعریف الدفع بمرور الزمان فی الِاصْطِلَاح القَانُونِیّ:

نظم "الْمُشَرِّع الْعِرَاقِیّ مُرُورَ الزَّمَانِ الْمَانِع مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى" فی الفرع الثالث من الفصل الثالث من الباب الخامس من الکتاب الأول من القسم الأول فی المواد (429-443) من "القانون المدنی رقم (40) لسنة 1951" تحت عنوان انقضاء الالتزام دون أن یوفى به.

وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْمُشَرِّعَ الْعِرَاقِیّ قد نظم مرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى فی "القانون المدنی إلا أنه لم ینظم وسیلة التمسک به المتمثلة بالدفع بمرور الزمان فی "قانون المرافعات"، ولهذا خلا هذا القانون من إیراد تعریف للدفع بمرور الزمان.

وَیُؤْخَذُ عَلَى مَوْقِفٌ الْمُشَرِّع الْعِرَاقِیّ ما یأتی:

    أ‌.          أنه نظم مرور الزمان فی "القانون المدنی"، وکان یتعین علیه تنظیمه فی "قانون المرافعات"، لأن مرور الزمان مانع من موانع قبول الدعوى.

  ب‌.       أنه نظم الدفع بمرور الزمان فی القانون المدنی، والدفوع مجال تنظیمها "قانون المرافعات".

ج‌.      أنه نظم مرور الزمان تحت عنوان انقضاء الالتزام دون أن یوفى به فی حین ان مرور الزمان لا یؤدی إلى انقضاء الالتزام بدلیل أن "المادة (440) من القانون المدنی نصت على أنه "لا یسقط الحق بمرور الزمان".

د‌.       أنه استخدم مصطلح "التقادم المسقط" إلى جانب "مرور الزمان" واعتبرهما مترادفین والحقیقة غیر ذلک.

لذا ندعو المشرع العراقی إلى تنظیم مرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع "قبول الدعوى، ووسیلة التمسک به المتمثلة بالدفع بمرور الزمان فی قانون المرافعات".

  1. تعریف الدفع بمرور الزمان فی الاصطلاح الفقهی:

ذهب جانب من الفقه إلى أن التشریعات جمیعها تجعل من مرور مدة معینة من الوقت "سبباً من أسباب انقضاء الالتزام بحیث لا یقتصر أثر التقادم على سقوط الحقوق الشخصیة، وإنما تسقط أیضاً الحقوق العینیة الأصلیة عدا حق الملکیة". وذهب جانب آخر من الفقه إلى أن التقادم له أثر عام بالنسبة لسائر الحقوق "سواء کانت عینیة أم شخصیة"، فالتقادم المسقط یصیب هذه الحقوق جمیعها عدا حق الملکیة. ولهذا عرف هذا الجانب من الفقه الدفع بمرور الزمان بأنه: "عبارة عن وسیلة من وسائل انقضاء الالتزام عند مضی مدة معینة". وهذا التعریف لا یعد تعریفاً للدفع بمرور الزمان، وإنما تعریفاً للدفع بالتقادم، ویتناقض "مع موقف المشرع العراقی" الذی استقى هذا النظام من الفقه الإسلامی، حیث أسس هذا الأخیر مرور الزمان ووسیلة التمسک به على قول الرسول e "لَا یَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَأَنَّ قَدُمَ" وهو أصل تشریعی لا یجوز مخالفته حیث لا یجوز "سن قانون یتعارض مع ثوابت احکام الاسلام".

وعرفه جانب آخر من الفقه بانه: "وسیلة للتخلص من الالتزامات". وهذا التعریف أیضاً ینصب على الدفع بالتقادم، لأنه یحدد أثر الدفع بالتخلص من الالتزام، فی حین أن الدفع بمرور الزمان لا یؤدی إلى التخلص "من الالتزام، وإنما یبقى الالتزام عالقاً" فی ذمة المدین، ولکن لا توجد دعوى تحمیه، ویبقى للدائن وسائل أخرى للحصول على حقه کالدفع بالمقاصة.

ثانیاً: تعریف الدفع بالتقادم اصطلاحاً:

  1. تَعْرِیف الدَّفْع بِالتَّقَادُم فِی الِاصْطِلَاحِ القَانُونِیّ:

"نظم المشرعان المصری والفرنسی أحکام التقادم المسقط فی القانون المدنی"ولم ینظما وسیلة التمسک به المتمثلة بالدفع بالتقادم تارکین الأمر إلى القواعد العامة المتعلقة "بالدفوع الموضوعیة فی قانون المرافعات". ولم یعرف القانون المدنی المصری التقادم المسقط بخلاف المشرع الفرنسی الذی عرفه بأنه: "وسیلة لإسقاط حق ناتجة عن عدم تصرف صاحبه خلال فترة زمنیة معینة". وقد خلا القانونین من إیراد تعریف للدفع بالتقادم.

  1. تعریف الدفع بالتقادم فی الاصطلاح الفقهی:

عرف جانب من الفقه الدفع بالتقادم  بأنه: "وسیلة لانقضاء الالتزام ..."، "وعرفه جانب آخر من الفقه بأنه": "سبب من أسباب انقضاء الالتزام دون الوفاء به یرجع فی الأصل إلى قعود الدائن عن المطالبة بالوفاء مدة طویلة کثیراً ما یرجح نزوله عن التمسک به وإبراء المدین من التزامه"، وذهب رأی آخر من الفقه إلى القول بأنه: "وسیلة لسقوط الدین وتوابعه من کفالة ورهن رسمی وحق امتیاز وحق اختصاص وما إلى ذلک".

وهذه التعریفات حددت المقصود بالدفع بالتقادم، والأثر المترتب على ثبوته والمتمثل بسقوط الحق الموضوعی، وهی تعریفات تتفق مع ما أخذ به المشرع المصری والفرنسی. فالتقادم یتعلق بالحق موضوع الدعوى ولیس بالدعوى کحق.

وسبب الخلط الذی وقع فیه الفقه العراقی بین الدفع بمرور الزمان والدفع بالتقادم، وذهاب البعض إلى القول بأنهما مترادفین یرجع إلى أمرین نعرض لهما فیما یأتی:

أ‌.     الْخَلْط بَیْن "الْحِمَایَة القَانُونِیَّة وَالْحِمَایَة القضائیة":

         إن اللبس الحاصل لدى بعض الفقه فی الأثر المترتب على الحکم بثبوت الدفع بمرور الزمان عند تعریفه لهذا الدفع بأنه وسیلة من وسائل "انقضاء الالتزام" مرده الخلط بین الحمایة "القانونیة والحمایة القضائیة" واعتبارهما مترادفین والحقیقة غیر ذلک.

         "فالحمایة القَانُونِیَّة شَیْءٌ وَالْحِمَایَة القضائیة" شیء آخر؛ وتفصیل ذلک أن لکل التزام عنصرین هما عنصر المدیونیة، وعنصر المسؤولیة. فالعنصر الأول، المدیونیة: "هو الواجب الذی یفرض على المدین القیام بأداء مالی لمصلحة الدائن أی القیام بعمل أو الامتناع عن عمل أو اعطاء شیء"، وهذا العنصر ینقضی بالوفاء الاختیاری، أما عنصر المسؤولیة فهو "الجزاء الذی تَتَضَمَّنُه الْقَاعِدَة الْمَوْضُوعِیَّة، وهو ما یسمى بالحمایة القانونیة"، فکل قَاعِدَةٌ قَانُونِیَّةٌ مَوْضُوعِیَّة تتضمن جزاء یفرض على مَنْ أخل أو امتنع عن "تنفیذ التزامه، وتظل هذه الحمایة قائمة" فی حالة سکون طالما لم یتعرض الحق لأی اعتداء، فإذا ما وقع الاعتداء "على الحق نشأ التزام على المعتدی" بإعادة الحال إلى ما کان علیه قبل وقوع الاعتداء، وتعویض الضرر الذی تسبب فیه دون "اللجوء إلى القضاء، وَهَذَا الِالْتِزَام مَصْدَرُه الْحِمَایَة القَانُونِیَّة الَّتِی تُوجَدُ فِی الْقَاعِدَةِ القَانُونِیَّة الْمُوَلَّدَة لِلْحَقّ الموضوعی"، إلا أن الأمور لا تسیر فی معظم الأحیان على هذا النحو النموذجی لِامْتِنَاع الْمُعْتَدِی عَنْ تَنْفِیذِ الْتِزَامِه بِإِعَادَة الْحَالُ إلَى مَا کَانَ عَلَیْهِ بإرادته الحرة، ولهذا لا یجد صاحب الحق أمامه إلا  للجوء إلَى الْقَضَاءِ، حَیْثُ یَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ فِی الْمُجْتَمَعَاتِ الحدیثة، وهو إذ یفعل فإنه یطلب من القضاء منحه "الحمایة القضائیة" لحقه الذی اعتُدی علیه. "وهکذا یتضح أَنَّ الْحِمَایَة القَانُونِیَّة المستمدة مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَوْضُوعِیَّة الَّتِی تَقَرُّرِ وُجُودِ الْحَقِّ أَوْ الْمَرْکَز القَانُونِیّ" لا تکفی بذاتها فی معظم الأحیان لدرء الاعتداء الذی قد یهدد "الحق أو المرکز القانونی، الأمر الذی یتطلب البحث عن أداة تحویل تلک الحمایة القانونیة إلى حمایة فعلیة، وهو ما یتحقق عن طریق الحمایة القضائیة التی یوفرها قانون المرافعات".

         وبناءً علیه فإن "الحمایة القضائیة" المتمثلة بالدعوى لا تعد عنصراً من عناصر الحق، بل هی مجرد "وسیلة لحمایة الحق"، فهی بحسب طبیعتها تالیة فی نشوئها لنشوء الحق. وهکذا یتضح أن "الحمایة القضائیة إنما تؤدی إلى إعطاء الفعالیة للحمایة القانونیة" المکونة للعنصر الثانی من عناصر الحق الموضوعی.

         واستناداً لما تقدم فإن الحکم بثبوت الدفع بالتقادم یؤدی إلى سقوط العنصر الثانی من عناصر الحق المتمثل بعنصر المسؤولیة أو ما یطلق علیه بالحمایة القانونیة الذی تتضمنه القاعدة الموضوعیة، وَإِذَا سَقَطَ عُنْصُرٌ الْمَسْؤُولِیَّة بِسَبَب التَّقَادُم سَقَطَ الْحَقُّ الموضوعی، وَتَحَوَّل الِالْتِزَامَ مِنْ الْتِزَامِ مَدَنِیٌّ إلَى الْتِزَامِ طَبِیعِیٌّ، وتسقط تبعاً لذلک "الحمایة القضائیة المتمثلة بالدعوى" التی تحمی الحق. فی حین أن الحکم بثبوت الدفع بمرور الزمان لا یؤدی إلى سقوط الحق "طبقاً لما تقضی به المادة 440 من القانون المدنی" لأن الحمایة القضائیة لا تعد "عنصراً من عناصر الحق، ویبقى الحق" حقاً مدنیاً مجرداً من الحمایة القضائیة.

ب‌.       الخلط بین الحق الموضوعی والحق فی الدعوى:

إن اعتبار الحق الموضوعی والحق فی الدعوى مترادفین أثار اللبس لدى بعض الفقهاء عند تعریف الدفع بمرور الزمان فرتب على الحکم بثبوته "ذات الآثار المترتبة على الحکم بثبوت الدفع بالتقادم" من حیث سقوط الحق الموضوعی. وتفصیل ذلک أن بعض الفقهاء ذهب إلى القول بأن "الحق فی الدعوى هو ذات الحق الموضوعی المطلوب حمایته متحرکاً إلى القضاء"، "ولهذا لا یمکن تصور وجود حق موضوعی دون دعوى تحمیه، وفی نفس الوقت لا توجد دعوى دون حق تستند إلیه، وأنه لا یمکن تصور نشأة دعوى قبل وجود الحق الذی تحمیه، ولا یمکن تصور بقاءها قائمة بعد انقضائه، وأن محل الحق أو موضوعه هو ذاته محل الدعوى"، فضلاً عن "اتسام الدعوى بذات الأوصاف التی یتسم بها الحق الموضوعی الذی تحمیه فتکون عینیة أو شخصیة تبعا لذات الحق الموضوعی، وتتبعه فی طبیعته بحیث تعتبر عقاریة متى تعلقت بحق عینی على عقار وتعتبر منقولة فی غیر ذلک من الحالات"، فضلاً عن أن "لکل حق دعوى واحدة مهما کان مصدره، وأن الدعاوى شأنها شأن الحقوق الموضوعیة لا یمکن حصرها بعدد معین". والحقیقة کما یرى العض أن الحق الموضوعی شیء والحق فی الدعوى شیء آخر؛ "فالحق فی الدعوى هو حق إجرائی مستقل عن الحق الموضوعی، وأن استعمال الشخص للحق فی الدعوى لا علاقة له بوجود أو عدم وجود الحق الموضوعی، وهکذا یتضح أن الدعوى تعد حقاً إجرائیاً یتولى قانون المرافعات تنظیمه من خلال تحدید شروط وجوده، ولیس من بینها وجود الحق الموضوعی، لأن التحقق من ذلک لا یتم إلا بعد الفصل فی موضوع الدعوى. وبتوافر شروط الحق فی الدعوى یکون للمدعی الحق فی نظر دعواه، ولکن لیس معنى هذا صدور حکم فی موضوع الدعوى لصالحه، وإنما قد یصدر فی غیر صالحه، وفی هذا دلیل على استقلال الحق فی الدعوى عن الحق الموضوعی".

وهذا التمییز بین الحق الموضوعی والحق فی الدعوى فیه دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْحُکْمَ بِثُبُوتِ الدَّفْع بِالتَّقَادُم یُنْصَبُ عَلَى الْحَقِّ الموضوعی ویؤدی إلى سقوطه، بینما الحکم بثبوت الدفع بمرور الزمان ینصب على الحق فی الدعوى ویؤدی إلى عدم سماعها.

         وبناءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ یُمْکِنُنَا تَعْرِیف الدَّفْع بِمُرُور الزمان بأنه: "الدفع الذی یوجه إلى حق المدعی فی رفع دعواه لوجود مانع من موانع قبولها، ویترتب على ثبوته عدم قبول الدعوى وامتناع المحکمة عن توفیر الحمایة القضائیة للحق موضوع الدعوى".

ونزعم أن هذا التعریف لا یشوبه الغموض، لأنه عین على وجه الدقة عناصر الدفع بمرور الزمان، وهی "المحل" الذی ینصب علیه الدفع والمتمثل بالدعوى، "والسبب" الذی یستند إلیه قبول الدفع والمتمثل برفع الدعوى بعد مضی المدة المحددة لرفعها، "والأثر" الذی یترتب على الحکم بثبوت الدفع والمتمثل بامتناع المحکمة عن توفیر "الحمایة القضائیة للحق الموضوعی".

المطلب الثانی

الطَّبِیعَة القَانُونِیَّة لِلدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ وَتَمَیُّزِه مِنْ الدَّفْعِ بِالتَّقَادُم

         یَقْصِد بِالطَّبِیعَة القَانُونِیَّة لِلدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَان تَحْدِیدٌ الْفِئَةُ الَّتِی یَنْتَمِی إلَیْهَا مِنْ فئات الدَّفوع الَّتِی یُمْکِنُ لِلْمُدَّعَى عَلَیْهِ التَّمَسُّکِ بِهَا، وتحدید طبیعة هذا الدفع له دور کبیر فی إزالة اللبس بینه وبین الدفع بالتقادم، ولهذا فإن طبیعة هذا المطلب تقتضی تقسیمه إلى فرعین على النحو الآتی:

الفرع الأول

الطَّبِیعَة القَانُونِیَّة لِلدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ

       تتنوع الدفوع إلى عدة أنواع منها "الْمَوْضُوعِیَّة وَمِنْهَا الشکلیة" ومنها المتعلقة بعدم القبول، ویتیح استخدامها للخصم الاعتراض إما على الحق الموضوعی المدعى به، وإما على إجراءات الخصومة، وإما على الدعوى ذاتها إذا لم تتوافر شروط قبولها أو تنتفی موانع قبولها، لذا یثار التساؤل عن تصنیف الدفع بمرور الزمان بین هذه الدفوع، وهو ما نعرض له فیما یأتی:

 

أولاً: الدفع بمرور الزمان دفع موضوعی:

         الدفع الموضوعی هو: "الدفع الذی یوجه إلى الحق موضوع الدعوى بهدف الحصول على حکم برد الدعوى کلاً أو بعضاً". فهو دفع یهدف "المدعى علیه من إبدائه الاعتراض على الحق الموضوعی" کما لو تمسک بواقعة معاصرة للواقعة التی یستند إلیها المدعی فی دعواه من شأنها أن تؤثر فی وجود الحق الموضوعی أو نشوئه کالدفع بصوریة العقد أو الدفع ببطلانه لعدم مشروعیة محله أو سببه أو التمسک بواقعة لاحقة للواقعة التی یستند إلیها المدعی فی دعواه من شأنها أن تؤثر فی بقاء الحق الموضوعی أو استحقاقه کالدفع "بانقضاء الالتزام بالوفاء أو بالتقادم أو بالمقاصة القانونیة"

         یتضح مما تقدم أن الدفع بمرور الزمان لا یعد دفعاً موضوعیاً، لأن "الدَّفْع الموضوعی یُوَجَّهَ إلَى الْحَقِّ الموضوعی ذاته بهدف إنکار نشأته"، أو إنکار بقائه بعد نشوئه، أو إنکار ترتیب آثاره، أو إنکار بقاء هذه الآثار، أو الادعاء بتعدیلها، والدفع بمرور الزمان لا یتناول هذه الأمور جمیعها، وإنما "یوجه إلى الحق الاجرائی ذاته متمثلاً بالدعوى بهدف إنکار حق الخصم فی الحصول على الحمایة القضائیة لوجود مانع من موانع قبول الدعوى". بینما یعد الدفع بالتقادم "دفعاً موضوعیاً، لأنه ینصب على الحق الموضوعی فیؤدی فی حال الحکم به إلى سقوط الحق الموضوعی" محل النزاع. لذا لا نتفق مع الفقه الذی یذهب إلى أن الدفع بمرور الزمان هو "دفع موضوعی".

 

ثانیاً: الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ دَفَع شَکْلِی:

         الدفع الشکلی هو "الدفع الذی یوجه إلى الخصومة بهدف إنهائها قبل الفصل فی الموضوع أو تأخیر الفصل فیه". فهو "دفع لا یتعرض للحق المدعى به أو الحق فی الدعوى"، وإنما یوجه إلى اختصاص المحکمة أو إجراءات الدعوى".

         لذا لا یمکن عد الدفع بمرور الزمان دفعاً شکلیاً، لأن الخصم الذی یتمسک به یطعن فی صحة شکل الدعوى، إما بإنکار "اختصاص المحکمة المرفوعة إلیها الدعوى"، وإما بإنکار صحة الإجراءات التی رفعت بها او التی تسیر فیها دون أن ینکر حق خصمه فی رفع الدعوى أی دون أن یتمسک بوجود مانع من موانع قبول الدعوى. بینما الخصم الذی یتمسک بالدفع بمرور الزمان یعترض على حق خصمه فی استعمال الدعوى لرفعها بَعْدَ انْتِهَاءِ الزَّمَنُ الْمُحَدَّدُ لِاسْتِعْمَالِهَا بهدف منع المحکمة من سماعها.        

ثالثاً: الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ دَفَع بِعَدَمِ الْقَبُولِ:

         عرّف قِسْمٌ مِنْ الْفِقْهِ الدَّفْع بِعَدَمِ الْقَبُولِ بِأَنَّه: "الوسیلة الإجرائیة التی حددها المشرع للمدعى علیه للتمسک بتخلف الشروط القانونیة الواجب توافرها فی الدعوى القضائیة والتی تکون لازمة لقبول هذه الدعوى". وَعَرّفَة آخَرَ بِأَنَّهُ: "الدفع الموجه إلى الحق فی الدعوى عن طریق التمسک بعدم توافر شرط من شروط قبول الدعوى". وعرفه البعض الآخر من الفقه بأنه: "ما یتقدم به الخصم من دفاع یرمی به إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى". فی حین عرفه بعض الفقه بأنه: "کل دفع ینکر به الخصم دون المساس بالموضوع دعوى خصمه على أساس انتفاء شروط قبول دعواه ویکون ذلک بسبب فقدان الصفة أو الأهلیة أو المصلحة". وعرفه جانب اخر بأنه: "الدفع الذی یرمی إلى إنکار وجود الدعوى لعدم توافر الشروط التی یتطلبها القانون فیها".

         یتضح من التعریفات المذکورة آنفاً أن الفقه الإجرائی یکاد یجمع على "تعریف الدفع بعدم القبول" بأنه: "الوسیلة الإجرائیة التی ینکر بها الخصم حق خصمه فی رفع الدعوى لعدم توافر الشروط التی یتطلبها القانون فیها".

         ونعتقد أن التعریفات التی أوردها الفقه للدفع بعدم القبول تعریفات غیر جامعة، لأنها قصرت استعمال "الدفع بعدم القبول على تخلف شروط قبول الدعوى"، والحقیقة غیر ذلک، لان "الدفع بعدم القبول إنما یوجه إلى الحق فی الدعوى، والحق فی الدعوى لا یتوافر إلا إذا توافرت شروط قبول الدعوى" وانتفت موانع قبولها، وهی "إما موانع قانونیة" تتمثل بسبق الحکم فی الدعوى ومرور الزمان، وإما موانع اتفاقیة تتمثل بالصلح والاتفاق على التحکیم. لذا فإن "الدفع بعدم القبول یمکن التمسک به فی حال وجود مانع من موانع" قبول الدعوى کمرور الزمان.

         لذا یمکن تعریف "الدفع بعدم القبول بأنه": "الدفع الذی یوجه إلى حق الخصم فی رفع الدعوى لعدم توافر شرط من شروط قبولها أو لوجود مانع من موانع قبولها، ویهدف إلى منع المحکمة من النظر فیها، دون التعرض لموضوعها أو لمدى أحقیة المدعی فی طلبه".

         یتضح مما تقدم أن الدفع بمرور الزمان "دفع بِعَدَمِ الْقَبُولِ، لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَیْهِ الَّذِی یَتَمَسَّکُ بِهِ یَطْلُبُ مِنْ الْمَحْکَمَةِ" الامتناع عن سماع الدعوى، لَا لِأَنَّهَا رُفِعَت بإجراءات غَیْر صَحِیحَةٍ، وَلَا إلَى مَحْکَمَةِ غیر مختصة کما هو الحال فی الدفع الشکلی، ولا لأن المدعی لیس صاحب حق "کما هو الحال فی الدفع الموضوعی"، وَإِنَّمَا "لِانْقِضَاء الْحَقِّ فِی الدَّعْوَى بِانْقِضَاء الوقت المحدد لرفعها"، وانقضاء هذا الوقت یعد مانعاً من موانع قبول الدعوى.

الفرع الثانی

تَمْیِیز الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ مِنْ الدَّفْعِ بِالتَّقَادُم

         إن الهدف الذی نرمی إلیه من هذا التمییز یکمن فی اعتبارین، الأول: إزالة الإبهام الذی یمکن أن یحصل بخصوص المحل الذی ینصب علیه کل منهما، والثانی: تحدید آثار کل منهما على الحق الموضوعی والحق الإجرائی. ویمکن أن نحدد أوجه الاختلاف بین کلا الدفعین بما یأتی:

  1. من حیث أساس کل منهما:

         یستند الدفع بمرور الزمان إلى إهمال المدعی فی "استعمال حقه الإجرائی متمثلاً بالدعوى" فی حین یستند الدفع بالتقادم إلى إهمال الدائن فی المطالبة بحقه الموضوعی.

  1. من حیث هدف کل منهما:

         یهدف الدفع بمرور الزمان إلى "إنکار الحمایة القضائیة، لأن المدعى علیه ینکر حق المدعی فی استعمال الدعوى" لوجود مانع من موانع قبولها، فی حین یهدف الدفع بالتقادم إلى "إنکار الحمایة القانونیة"، لأن المدعى علیه یتمسک بواقعة لاحقة على نشوء الحق الموضوعی تؤثر فی بقائه.

 

 

3. مِنْ حَیْثُ طَبِیعَة کُلٍّ مِنْهُمَا:

           الدفع بمرور الزمان دفع بعدم القبول، لأنه یرمی إلى إنکار حق الخصم فی استعمال الدعوى لوجود مانع "من الموانع التی یتطلب القانون انتفائها لقبول الدعوى". بینما الدفع بالتقادم یعد دفعاً موضوعیاً، لأنه یرمی إلى إنکار بقاء الحق الموضوعی بعد نشوئه.

  1. مِنْ حَیْثُ مَوْقِع کُلِّ مِنْهُمَا:

         إن مکان الدفع بمرور الزمان "قانون المرافعات، لأنه صورة من صور الدفع بعدم القبول، فَهُو یُنْصَبُ عَلَى الْوَسِیلَةِ الَّتِی یَحْمِی بِهَا صَاحِبُ الْحَقِّ حَقِّه"، ویرمی إلى إنکار سلطة المدعی فی استعمال الدعوى, بینما مقام "الدَّفْع بِالتَّقَادُم القَانُون الموضوعی، لِأَنَّهُ دَفَعَ یَرْتَبِطُ بِأَصْل الْحَقِّ وجوداً وعدماً"، فهو وسیلة من وسائل انقضاء الالتزام دون أن یوفى به.

  1. مِنْ حَیْثُ الْمَحَلُّ الَّذِی یَنصب عَلَیْهِ کُلُّ مِنْهُمَ: 

         إنَّ الدَّفْعَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ یُنْصَبُ عَلَى الْحَقِّ الإجرائی متمثلاً بِالدَّعْوَى، وفی حال ثبوته یجرد "المطالبة القضائیة من آثارها الموضوعیة والاجرائیة". فی حین أَنْ الدَّفْعَ بِالتَّقَادُم مَحَلِّه الْحَقّ الموضوعی، وفی حال ثبوته یجرد الحق الموضوعی من آثاره.

6. من حیث الأثر المترتب على ثبوتهما:

         إن أثر ثبوت الدفع بمرور الزمان یقتصر على الحق الإجرائی دون أن یؤثر على الحق الموضوعی، فهو أثر یمنع المحکمة من توفیر الحمایة القضائیة للحق الموضوعی، بینما لا یقتصر أثر ثبوت الدفع بالتقادم على الحق الإجرائی، وإنما "یتناول الحق الموضوعی محل الحمایة القضائیة".

  1. من حیث وصف الحکم الصادر فیهما:

         یوصف الحکم الصادر بثبوت الدفع بمرور الزمان بأنه "حکم صادر قبل الفصل فی الموضوع، لأنه صورة من صور الدفع بعدم القبول"، فَهُوَ حُکْمُ یَتَضَمَّن تأکیداً بِوُجُود مَانِع مِنْ مَوَانِعِ قَبُولِ الدَّعْوَى. فی حین یوصف الحکم الصادر بثبوت الدفع بالتقادم بأنه "حکم فاصل فی الموضوع، لأنه فصل فی دفع موضوعی تقدم به المدعى علیه بخصوص الحق المتنازع فیه".

  1. من حیث الالتزام المتخلف عنهما:

         أن الحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان لَا یُؤَدِّی إلَى تَحَوَّل الِالْتِزَامَ مِنْ الْتِزَامِ مَدَنِیٌّ إلَى الْتِزَامِ طَبِیعِیٌّ، بَلْ یَبْقَى الِالْتِزَام التزاماً مدنیاً لا دعوى تحمیه، لأن امتناع المحکمة عن سماع الدعوى لا یؤثر على عناصر الحق الذی یبقى محتفظاً بعنصری المدیونیة والمسؤولیة. فی حین أن الحکم برد الدعوى لتقادم الحق الموضوعی یؤدی إلى تَحَوَّل الِالْتِزَامَ مِنْ الْتِزَامِ مَدَنِیّ إلَى الْتِزَامِ طَبِیعِیّ بسقوط عنصر المسؤولیة متمثلاً ب"الحمایة القانونیة".

المبحث الثانی

أَحْکَام الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ

       یُعَدّ الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ صُورَةً مِنْ صُوَرِ الدَّفْع بِعَدَمِ الْقَبُولِ، لذا فإن التمسک به یقتضی "توافر شروطه لکی یتمکن المدعى علیه من دفع دعوى المدعی بهذا الدفع"، کما أن ثبوت هذا الدفع یرتب جملة من الآثار، "منها ما یتعلق بالحق الإجرائی، ومنها ما یتعلق بالحق الموضوعی"، لذا فإن طبیعة هذا المبحث تقتضی تقسیمه إلى مطلبین على النحو الآتی:

المطلب الاول

شُرُوط الدَّفْع بِمُرُورِ الزَّمَانِ

         یمکن استخلاص "هذه الشروط من النصوص التی عالجت هذا الدفع فی القانون المدنی، وهی نوعان"؛ شروط تتعلق بمدة رفع الدعوى، وشروط تتعلق بالمدعی والمدعى علیه. نعرض لها فی الفرعین الآتیین.

 

الفرع الأول

الشُّرُوطِ الَّتِی تَتَعَلَّقُ بِمُدَّة رَفَع الدَّعْوَى

         إقراراً للمصلحة العامة المتمثلة باستقرار المعاملات، حدد "الْمُشَرِّع فَتْرَة زمنیة یَتَعَیَّن رَفَع الدَّعْوَى خِلَالِهَا لِلْمُطَالَبَة بِالْحَقّ الموضوعی بِهَدَف حَسَم الْمُنَازَعَات" التی لو ترک حسمها لإرادة الخصوم دون هذا الضابط لأدى ذلک إلى شیوع الفوضى والاضطراب فی العلاقات الاجتماعیة. ولحث الدائن على الالتزام برفع الدعوى خلال المدة المحددة  مَنَح "الْمُشَرِّع لِلْمُدَّعَى عَلَیْهِ" حق الدفع بمرور الزمان لتفادی سماع الدعوى المرفوعة بعد انقضاء میعاد رفعها. لذا تعد المدة أول شرط من شروط التمسک بالدفع بمرور الزمان. وفیما یأتی نعرض للشروط المتعلقة بالمدة فی مقصدین:

المقصد الأول

انْتِهَاء الْمُدَّةِ الْمُعَیَّنَةِ لِرَفْع الدَّعْوَى

         لکی یتمکن المدعى علیه من التمسک بالدفع بمرور الزمان أثناء نظر الدعوى لا بد وأن تکون المدة المحددة قانوناً لاستعمالها قد انقضت قبل رفعها إلى القضاء، ولکن متى تبدأ هذه المدة ومتى تنتهی، وکیف یتم حسابها، لذا یتعین علینا أن نعرض لمبدأ سریان المدة، وکیفیة احتسابها.

أولاً: بدء سریان المدة المحددة لرفع الدعوى:

         إن القاعدة العامة التی أقرها "المشرع العراقی بخصوص الیوم الذی تبدأ فیه المدة المقررة لرفع الدعوى والتی بانقضائها یتمکن المدعى علیه" من التمسک بالدفع بمرور الزمان" تقضی بأن: "یبدأ سریان المدة المقررة لعدم سماع الدعوى من الیوم الذی یصبح فیه الالتزام مستحق الأداء". "وهذا یعنی أن المشرع قرر أن سریان المدة المحددة لرفع الدعوى یبدأ من تاریخ نشوء الحق فی الدعوى"، وتاریخ نشوء الحق فی الدعوى یتحدد بتاریخ الاستحقاق. ففی "دعوى الدین المؤجل یبدأ سریان المدة المحددة لرفع الدعوى من تاریخ نشوء الحق فی الدعوى، وینشأ الحق فی الدعوى وقت حلول الأجل، لأن الدین یصبح مستحق الأداء بحلول الأجل، وفی دعوى الدین المعلق على شرط واقف یبدأ سریان المدة المحددة لرفع الدعوى من وقت نشوء الحق فی الدعوى، وینشأ الحق فی الدعوى وقت تحقق الشرط، لأن الدین المعلق على شرط لا یکون نافذاً إلا من وقت تحقق الشرط، وفی دعوى ضمان الاستحقاق یبدأ سریان المدة المحددة لرفع الدعوى من الوقت الذی یثبت فیه الاستحقاق، لأن الوقت الذی یثبت فیه الاستحقاق هو الوقت الذی ینشأ فیه الحق فی الدعوى". "وقد أورد المشرع العراقی على القاعدة العامة المذکورة آنفاً" استثناءات عدة أخر فیها بدء سریان المدة المحددة لرفع الدعوى عن یوم الاستحقاق إلى یوم آخر، هو یوم علم صاحب الحق، لأن صاحب الحق لا یستطیع اتخاذ أی إجراء یقطع به المدة المحددة لرفع الدعوى، ومقتضیات العدالة توجب عدم معاقبته على وزر لم یرتکبه أو إهمال لم یقع منه. لهذا أوجب المشرع "بدء سریان المدة المحددة لرفع الدعوى من الیوم الذی یعلم فیه المتضرر بحدوث الضرر وبالشخص الذی أحدثه" بالنسبة لدعوى التعویض عن العمل غیر المشروع" "ومن الیوم الذی یعلم فیه الدائن بحقه فی الرجوع بالنسبة لدعوى الکسب دون سبب"، "ومن الیوم الذی یعلم فیه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف بالنسبة لدعوى عدم نفاذ التصرف".

ثانیاً: طریقة حساب المدة المحددة لرفع الدعوى:

         تنص المادة "433" من القانون المدنی العراقی على أن: "تحسب المدة التی تمنع من سماع الدعوى بالتقویم المیلادیوتکون بالأیام لا بالساعات". یتضح من هذا النص أن المدة المقررة لرفع الدعوى والتی بانتهائها تکتمل مدة الدفع بمرور الزمان تحسب بالتقویم المیلادی على أن تکون بالأیام لا بالساعات، إلا أن هذا النص لم یحدد فیما إذا کان الیوم الأول یحسب من ضمن المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أم لا، وبما أن التمسک "بانقضاء المدة المحددة لاستعمال الدعوى لا یتم إلا عن طریق الدفع بمرور الزمان، لذا یتعین الرجوع إلى قانون المرافعات المدنیة لحساب هذه المدة"، "واستناداً لنص المادة "25" من هذا القانون فإن المدة تحتسب من الیوم التالی لاستحقاق الالتزام وتنتهی بانتهاء الیوم الأخیر منها"، "وإذا انتهت المدة فی یوم عطلة رسمیة تمدد إلى أول یوم یلیه من أیام العمل"، وتضم مدة السلف إلى مدة الخلف، فإذا ترک السلف الدعوى مدة وترکها الخلف مدة أخرى وبلغ مجموع المدتین الحد المقرر لعدم سماع الدعوى فلا تسمع.

المقصد الثانی

انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَة لِرَفْع الدَّعْوَى دُونَ عُذْرٍ مَشْرُوعٌ

         إن رفع الدعوى بعد انقضاء المدة المحددة لاستعمالها لا یکفی لامتناع المحکمة عن نظرها، والحکم بعدم قبولها، وإنما یجب أن تنقضی هذه المدة دون عذر مشروع، لأن العذر المشروع یحول بین الدائن وبین المطالبة بحقه، ولهذا فإن العدالة تقتضی عدم احتساب المدة التی یستغرقها العذر المشروع ضمن المدة المقررة لعدم سماع الدعوى، والاعذار المتعلقة بالمدة حددها المشرع بالوقف والانقطاع. نتناولها فیما یأتی:

أولاً: وقف المدة المحددة لرفع الدعوى:

  1. تعریف وقف المدة المحددة لرفع الدعوى: ذهب جانب من الفقه إلى أن المقصود بوقف التقادم: "هو وقف سریان مدته فی فترة تمتنع فیها المطالبة بالالتزام"، "وإذا کان الالتزام ینقضی بعدم المطالبة به مدة من الزمن، فإنه لا تدخل فی حساب هذه المدة الفترة التی یوجد فیها مانع لدى الدائن یمنعه من المطالبة بحقه". "وذهب البعض الآخر إلى أن": "المقصود بوقف مدة التقادم هو أن یتعطل سریانها بسبب عذر خاص تتعطل معه المطالبة بالحق". بینما یرى البعض الآخر أن "المقصود بوقف التقادم هو التوقف المؤقت الذی یعترض سیر التقادم فترة من الزمن..."، فی حین ذهب جانب آخر إلى أن: "المقصود بوقف التقادم أن یکون سریانه قد بدأ ولکن طرأ طارئ جعل هذا السریان یتوقف..."، بینما ذهب البعض الآخر إلى القول بأنه: "یکون هناک وقف للتقادم عندما یوجد عذر شرعی بعد سریانه یجعله متوقفاً عن السریان...". یتضح من التعریفات المتقدمة أنها تعرف وقف التقادم، والتقادم نظام لم یأخذ به المشرع العراقی، وإنما أخذ بنظام مرور الزمان المانع من سماع الدعوى، فحدد مدداً لرفع الدعاوى، ورتب على انقضائها منح "المدعى علیه حق دفع الدعوى بمرور الزمان لیمنع القضاء من سماعها، وتوفیر الحمایة القضائیة التی یطلبها المدعی". وعلى خلاف الاتجاه الذی سلکه الفقه فقد عرفت "محکمة التمییز الاتحادیة وقف المدة المحددة" لرفع الدعوى بأنه: "الوقف الذی یمنع سریان المدة المحددة لرفع الدعوى بتحقق العذر الشرعی".
  2. الأعذار الشرعیة التی توقف المدة المعینة لرفع الدعوى: "نصت على هذه الأعذار المادة 435/1 من القانون المدنی العراقی التی جاء فیها": "تقف المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالعذر الشرعی، کأن یکون المدعی صغیراً أو محجوراً ولیس له ولی أو غائباً فی بلاد أجنبیة نائیة أو أن تکون الدعوى بین الزوجین أو بین الأصول والفروع أو أن یکون هناک مانع آخر یستحیل معه على المدعی أن یطالب بحقه". وعلیه فإن الأعذار الشرعیة التی توقف المدة المحددة لرفع الدعوى هی:

أ‌.     الأهلیة: إذا کان المدعی "ناقص الأهلیة أو عدیمها سواء أکان ذلک بسبب صغر السن أو لعارض من عوارض الأهلیة کالجنون ...، ولم یکن له ولیٌّ او وصیٌّ أو قیمٌّ" ترتب على ذلک وقف المدة المحددة لرفع الدعوى. أما إذا کان للمدعی وصی أثناء قصره فلا تقف المدة المحددة لرفع الدعوى.

ب‌.   الغیبة: تقف المدة المحددة لرفع الدعوى إذا کان المدعی غائباً فی بلاد أجنبیة نائیة، "ویجب توافر الوصفین معاً فی البلاد الأجنبیة وهو أن یکون البلد أجنبیاً ونائیاً".

ت‌.  الزوجیة: تعد العلاقة الزوجیة عذراً شرعیاً یوقف المدة المحددة لرفع الدعوى.

ث‌.  القرابة: عدَّ المشرع کون المدعی أصلاً أو فرعاً للمدعى علیه عذراً شرعیاً یوقف المدة المحددة لرفع الدعوى حفاظاً على الروابط الأسریة، وخوفاً من تصدعها فی حال رفع الدعوى "خلال المدة المحددة لها" لتفادی عدم سماعها بمضی المدة. لذا لا یعد عذراً شرعیاً یوقف المدة المحددة لرفع الدعوى غیر القرابة التی نصت علیها "المادة 435 من القانون المدنی" کعلاقة الأخوة.

ج‌.  القوة القاهرة: وهذا العذر ورد فی المادة المذکورة آنفاً بقولها "أو أن یکون هناک مانع آخر یستحیل معه على المدعی أن یطالب بحقه". لذا تقف المدة المحددة لرفع الدعوى کلما استحال على المدعی اتخاذ الإجراءات المقتضیة للمطالبة بحقه "کنشوب حرب أو ثورة أو فتنة أو حدوث زلزال أو فیضانات".

  1. أثر العذر الشرعی على المدة المحددة لرفع الدعوى:

       نصت على هذا الأثر "المادة 43/2 من القانون المدنی العراقی" التی جاء فیها: "والمدة التی تمضی مع قیام العذر لا تعتبر. واستناداً لهذا النص تطرح من حساب المدة المحددة لرفع الدعوى المدة التی یستغرقها العذر"،  بحیث تحسب المدة السابقة على وجوده والمدة اللاحقة على زواله.

ثانیاً: انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى:

1. تعریف انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى: ذهب جانب من الفقه إلى المقصود بانقطاع التقادم هو: "سقوط مدة التقادم التی کانت قد ابتدأت من قبل نتیجة لإجراء قانونی یتخذه صاحب الحق أو إقرار بالحق یصدر عن المدین"، وذهب البعض الآخر إلى أن المقصود به هو: "سقوط المدة الساریة لأحد الأمور التی تؤدی إلى قطع التقادم...". وعرفه آخرون بأنه: "سقوط مدة التقادم الساریة قبل تحقق أسباب القطع وعدم اعتبارها، وابتداء تقادم جدید مدته هی نفس مدة التقادم التی قطعت". یتضح من التعریفات المتقدمة أنها تعرف انقطاع مدة التقادم التی یترتب على اکتمالها سقوط الحق الموضوعی، ولم تعرف انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى، أی لم تعرف انقطاع مدة مرور الزمان التی یترتب على اکتمالها عدم سماع الدعوى، لذا یمکننا تعریف انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى بأنه: اسقاط المدة السابقة على تحقق سبب الانقطاع من حساب المدة المحددة لرفع الدعوى.

  1. الأسباب التی تقطع المدة المحددة لرفع الدعوى: تنقطع المدة المحددة لرفع الدعوى لأسباب تتعلق بالدائن أو المدین؛ والأسباب التی تؤدی إلى قطع المدة لأسباب تعود للدائن تتمثل "بالمطالبة القضائیة ولو رفعت الدعوى إلى محکمة غیر مختصة عن غلط مغتفر" ... "ویعد فی حکم المطالبة القضائیة الطلب الذی یتقدم به الدائن لقبول حقه فی تفلیس أو توزیع وبوجه عام أی عمل یقوم به الدائن للتمسک بحقه أثناء السیر فی إحدى الدعاوى". وأما الأسباب التی تقطع المدة وتعود للمدین فإنها تتمثل "بإقرار المدین بحق الدائن صراحة أو دلالة ... ویعتبر المدین قد أقر دلالة بحق الدائن إذا هو ترک تحت یده مالاً مرهوناً بالدین رهن حیازة".
  2. أثر انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى: یترتب على انقطاع المدة المحددة لرفع الدعوى سقوط المدة السابقة على تحقق سبب الانقطاع واعتبارها کأن لم تکن، وسریان مدة جدیدة لرفع الدعوى هی ذات المدة المقررة لرفع الدعوى تبدأ من یوم "زوال سبب الانقطاع دون ضم المدة السابقة على الانقطاع الیها".

الفرع الثانی

الشُّرُوطِ الَّتِی تَتَعَلَّقُ بالمدعی وَالْمُدَّعَى عَلَیْهِ

یُمْکِنُ حَصْرُ الشُّرُوط الْمُتَعَلِّقَة بِالْخُصُوم بما یأتی:

أولاً: تَمَسَّک الْمُدَّعى عَلَیْهِ بِالدَّفْعِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّة الْمُحَدَّدَة لِرَفْع الدَّعْوَى:

         تنص المادة "442/1" من القانون المدنی العراقی على انه: "لا یجوز للمحکمة أن تمتنع من تلقاء نفسها من سماع الدعوى لمرور الزمان بل یجب أن یکون ذلک بناءً على طلب المدین أو بناءً على طلب دائنیه أو أی شخص أخر له مصلحة فی هذا الدفع ولو لم یتمسک به المدین". ولهذا لا تملک المحکمة الحکم بعدم قبول الدعوى لانقضاء المدة المحددة لرفعها من تلقاء نفسها، وإنما یجب أن "یتمسک به المدعى علیه أو أی شخص آخر له مصلحة فی هذا الدفع"، ذلک أن الدفع بمرور الزمان "لا یتعلق بالنظام العام، وإن کان مبناه" المصلحة العامة المتمثلة بحمایة الاوضاع المستقرة، لذا ترک "المشرع للمدعى علیه حریة التمسک بالدفع" إن کان مطمئناً إلى عدم انشغال ذمته بالالتزام أو أن "یتنازل عن هذا الدفع إن کان" یعلم بانشغال ذمته بالدین وأراد أن لا یجحد حق المدعی. وقد "أجاز القانون للمدعى علیه التمسک بالدفع بمرور الزمان فی أیة حالة تکون علیها الدعوى ولو أمام محکمة الاستئناف" إذا فات علیه التمسک "به أمام محکمة أول درجة" لجهله بهذا الدفع أو لکونه قد سهى عنه.

ثانیاً: إنْکَار الْمُدَّعَى عَلَیْهِ الْحَق الْمُدَّعَى بِهِ:

         إن تمسک المدعى علیه بالدفع بانقضاء المدة المحددة لرفع الدعوى لا یکفی للحکم بعدم قبول الدعوى، وإنما یجب أن یقترن ذلک بإنکار المدعى علیه للحق المدعى به، فإن أقر بالحق تعذر علیه التمسک بالدفع. بینما لم یشترط "القانون المصری والفرنسی" الانکار.

ثالثاً: تَرَک الْمُدَّعِی دَعْوَاهُ الْمُدَّة الْمُقَرَّرَة لِسَمَاعِهَا:

         إن رفع الدعوى للمطالبة بالحق خلال المدة المحددة قانوناً لرفعها یعد واجباً إجرائیاً فرضه المشرع على المدعی تحقیقاً "للمصلحتین العامة الخاصة" فی آن واحد، وبما أن مخالفة المدعی لهذا الواجب فرضاً محتمل الوقوع کان "لزاماً أن ترتبط القاعدة التی أوجبته بجزاء إجرائی" یحقق له الاحترام الذی یتفق مع الغایة منه، ومن "ثم کان جزاء عدم قبول الدعوى" هو الجزاء الذی یضمن عدم اهمال المدعی برفع دعواه خلال المدة المحددة قانوناً لرفعها، فإذا ترک المدعی دعواه ولم یرفعها خلال هذه المدة تحقق سبب "جزاء عدم القبول، ووسیلة التمسک بهذا الجزاء هی الدفع بمرور الزمان".

المطلب الثانی

آثَار الْحُکْمُ بعَدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى لِمُرُور الزَّمَان

       إذا قضت المحکمة بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان ترتب على ذلک آثار "منها ما یتعلق بالحق الاجرائی ومنها ما یتعلق بالحق الموضوعی"، لذا فإن دراستنا لهذه الاثار تتطلب تناولها فی فرعین على وفق الآتی:

الفرع الأول

آثَار الْحُکْم بعَدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى عَلَى الْحَقِّ الإجرائی

       یترتب على الحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان اثار تتعلق بالحق الاجرائی متمثلاً بالدعوى، وهذه الاثار یمکن اجمالها بالآتی:

 

 

أولاً: عَدَمُ جَوَازِ الرُّجُوعِ إلَى الدَّعْوَى المحسومة مرةً أُخْرَى:

       إذا قضت المحکمة بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان امتنع علیها العودة إلى الدعوى ذاتها، لأن یدها تکون قد ارتفعت عنها واستنفذت ولایتها بشأنها بمجرد صدور الحکم بعدم القبول، ومن ثم لا یجوز لها بعد ذلک العدول عن الحکم الذی أصدرته أو الغائه أو المساس به أو تعدیله بالحذف أو الاضافة، ذلک أن "الحکم الصادر بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان یبقى مرعیاً ومعتبراً ما لم یبطل أو یعدل من المحکمة نفسها بالاعتراض علیه إن کان غیابیاً أو یفسخ أو ینقض من محکمة أعلى منها بالطعن فیه عن طریق الاستئناف أو التمییز".

ثانیاً: عَدَمُ جَوَازِ رَفْعِ الدَّعْوَى المحسومة مَرَّةً أُخْرَى:

       إذا قضت المحکمة بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان امتنع علیها وعلى غیرها من المحاکم النظر فی الدعوى ذاتها مرة اخرى بعد الفصل فیها طبقاً "لحجیة الأحکام التی قررها المشرع" بوصفها وسیلة وقائیة تقی الأحکام من التناقض قبل وقوعه حفاظاً على هیبة القضاء، لذلک عد الحکم قرینة قانونیة قاطعة لا تقبل اثبات العکس على مطابقة الحقیقة القضائیة للحقیقة الواقعیة. فوضع بذلک حداً لتجدید النزاع ممن خسر الدعوى، واباح للمحکوم علیه عند رفع "الدعوى مرة ثانیة التمسک بحجیة الحکم والدفع بسبق الحکم فی الدعوى".

الفرع الثانی

آثَار الْحُکْم بعَدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى عَلَى الْحَقِّ الموضوعی

       لا یَترتَّبُ على الحُکْمِ بِعدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى لِمُرور الزَّمَان سُقُوط الْحَقّ الموضوعی، وإنما یقتصر أثر الحکم على زوال الحمایة القضائیة المقررة للحق، "وهذا ما قضت به المادة 440 من القانون المدنی العراقی التی نصت على أنه": "لا یسقط الحق بمرور الزمان...".

       وعلیه فإن الحق الموضوعی لا یسقط بالحکم "بعدم قبول الدعوى" لمرور الزمان، وإنما یبقى عالقاً فی ذمة المدین، ویتوجب علیه الوفاء به، وغایة ما فی الأمر أنه یتجرد من "الحمایة القضائیة، ولا یمکن رفع الدعوى للمطالبة به مرة ثانیة"، لأنها ستصطدم بالدفع بحجیة الحکم السابق وسبق الحکم فی الدعوى.

       فضلاً عَنْ أَنْ الْحَقَّ الموضوعی یَبْقَى حقاً مدنیاً بَعْدَ الْحُکْمِ بعَدَمِ قَبُول الدَّعْوَى ولا یتحول إلى حق طبیعی، لأنه یبقى محتفظاً بعنصریه المدیونیة والمسؤولیة، فالحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان لا یسقط عنصر المسؤولیة، فالمسؤولیة معبرٌ عنها بالجزاء الذی تتضمنه القاعدة "القانونیة الموضوعیة تمثل الحمایة القانونیة، وهذه الحمایة لا ترتبط بالحمایة القضائیة" التی زالت عن الحق بالحکم بعدم قبول الدعوى، لأنها لا تعد "عنصراً من عناصر الحق. بل هی تالیة" فی نشوئها لنشوء الحق.

       مما تقدم یتضح أن الْمُشَرِّعَ الْعِرَاقِیّ  لم یکن موفقاً فی تَنْظِیم مرُور الزَّمَان الْمَانع منْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فی القانون المدنی تَحْتَ عِنْوَان انْقِضَاء الِالْتِزَام دُونَ أنْ یوَفَّى بهِ، فالالتزام لا ینقضی بمرور الزمان طبقاً لما تقره المادة "440" من القانون المدنی.

       اما فیما یتعلق بموقف المشرع المصری فإن المادة "386/ف1 من القانون المدنی المصری نصت على انه": "یترتب على التقادم انقضاء الالتزام، ومع ذلک یتخلف فی ذمة المدین التزام طبیعی"، ویتبین من هذا "النص أن الحکم برد الدعوى بسبب التقادم یؤدی إلى سقوط الحق الموضوعی" بسقوط عنصر من عناصره وهو عنصر المسؤولیة أی سقوط الحمایة القانونی وتبعاً لذلک یتجرد الحق من "الحمایة القضائیة التی تحمیه، ویتخلف عن الحکم بالتقادم" حق طبیعی. ومن هنا یتبین صحة "موقف المشرع المصری" بتنظیمه للتقادم تحت عنوان انقضاء الالتزام.

       اما بالنسبة للمشرع الفرنسی، فإن المادة "2219 من القانون المدنی قد نصت على أنه: "التقادم المسقط وسیلة من وسائل سقوط الحق بسبب عدم استعمال صاحبه له مدة محددة" ومن هذا "النص یتضح أن المشرع الفرنسی یتفق فی موقفه مع موقف المشرع المصری".

       وإذا کان "الحق الموضوعی" لا یسقط بالحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان طبقاً للقانون العراقی، فإن التساؤل یثار عن الوسائل التی یتمکن بها صاحب الحق من الحصول على حقه؟

یمکن تحدید هذه الوسائل بــ:

أولاً: تنازل المدین عن الحکم الصادر بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان، "حیث نصت المادة 90 من قانون المرافعات المدنیة العراقی على انه": "یترتب على التنازل عن الحکم التنازل عن الحق الثابت فیه". فإذا تنازل المدین عن الحکم الصادر لصالحه "بعدم قبول الدعوى، زالت عن الحکم حجیته لأنه لم یعد له وجود، وجاز للدائن اقامة الدعوى للمطالبة بالحق، وجاز للمحکمة "نظر الدعوى" لکونها لم تستنفذ ولایتها" لزوال الحکم السابق.

ثانیاً: اقرار المدین بالحق: إذا رفع الدائن "الدعوى مرة ثانیة للمطالبة بالحق بعد صدور الحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان" ولم یدفع المدین بحجیة الحکم السابق واقر بالحق امام المحکمة اخذ بإقراره. ولإزالة التناقض الذی یحصل بین الحکمین یتعین على محکمة التمییز فی هذا الفرض أن تقضی بترجیح الحکم الثانی الأحدث تاریخاً عند حصول التناقض بین حکمین صادرین عن نفس المحکمة أو عن محاکم مختلفة متساویة فی الدرجة، وهذا الترجیح یستند إلى افتراض تنازل الخصوم ضمناً عن الحکم الأسبق لمصلحة الحکم الأحدث تاریخاً، ذلک أنهم لم یتمسکوا بحجیة الحکم السابق فی الدعوى اللاحقة أو "بسبق الفصل فیها أو لم یطعنوا فی الحکم الثانی، لا سیما وأن المادة (13/ أولاً/ب/1) من قانون التنظیم القضائی العراقی رقم 160 لسنة 1979 قد نصت على أنه" : "أولاً. تکون هیئات محکمة التمییز کما یلی: ب. الهیئة الموسعة ـ ............ وتختص فیما یأتی:1. النزاع الحاصل عن تنفیذ حکمین مکتسبین درجة البتات صادرین فی موضوع واحد إذا کان بین الخصوم أنفسهم أو کان احدهم طرفاً فی هذین الحکمین، وترجح احد الحکمین وتقرر تنفیذه، دون الحکم الآخر، ولرئیس محکمة التمییز وقف تنفیذ الحکمین المتناقضین لحین صدور القرار التمییزی"، "والمادة 217 من قانون المرافعات نصت على أنه": " یجوز للخصوم ولرؤساء دوائر التنفیذ ان یطلبوا من محکمة التمییز النظر فی النزاع الناشئ عن تنفیذ حکمین نهائیین متناقضین صادرین فی موضوع واحد بین الخصوم أنفسهم. وتفصل الهیئة العامة لمحکمة التمییز فی هذا الطلب وترجح احد الحکمین وتأمر بتنفیذه دون الحکم الآخر وذلک بقرار مسبب" .وهذان النصان یعالجان مشکلة التناقض بین الأحکام وهما لم یلزما محکمة التمییز او الهیئة الموسعة بترجیح الحکم الأول، وإنما ترکا لهما الخیار فی ترجیح احدهما على الآخر تحقیقاً للعدالة.

ثالثاً: تَنْفِیذ الْمَدِین الْتِزَامِه: إذا قَامَ الْمَدِین بِتَنْفِیذ الْتِزَامِه بَعْدَ صُدُورِ الْحُکْمِ بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان، فإن تنفیذه یکون صحیحاً لأنه قام بوفاء التزام مدنی صحیح مترتب فی ذمته، ولا یستطیع بعد هذا التنفیذ الرجوع على الدائن بدعوى المدفوع دون وجه حق.

رابعاً: تمسک الدائن بالمقاصة: "نصت المادة 414 من القانون المدنی العراقی على أنه": "اذا کان الدین لا تسمع فیه الدعوى لمرور الزمن وقت التمسک بالمقاصة فلا یمنع ذلک من وقوع المقاصة ما دامت المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى لم تکن قد تمت فی الوقت الذی اصبحت فیه المقاصة ممکنة". "یتضح من هذا النص" أن المقاصة إذا أصبحت ممکنة قبل اکتمال مدة مرور الزمان، فإن ذلک لا یمنع من وقوعها حتى وإن رفعت الدعوى بعد اکتمال مدة مرور الزمان وتمسک المدین بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان، لأن حق الدائن بالمقاصة ثبت قبل اکتمال مدة مرور الزمان.

خامساً: حق الدائن فی حبس المبیع: إذا طالب البائع المشتری بتسدید ثمن المبیع، وحکم بعدم قبول دعواه لمرور الزمان، کان له أن یتمسک بحقه فی حبس المبیع إلى أن یؤدی له "المشتری جمیع الثمن".

الخاتمـة

نورد فی خاتمة هذا البحث أهم النتائج والتوصیات وهی:

أولاً: النَّتَائِج:

  1. اتضح  من البحث أن الدفع بمرور الزمان هو: "الدفع الذی یوجه إلى حق المدعی فی رفع دعواه لوجود مانع من موانع قبولها، ویترتب على ثبوته عدم قبول الدعوى وامتناع المحکمة عن توفیر الحمایة القضائیة للحق موضوع الدعوى".
  2. تبین لنا أن وسیلة التمسک بمرور الزمان بوصفه مانعاً من موانع "قبول الدعوى" هی الدفع بمضی المدة أو بمرور الزمان.
  3. نظم المشرع العراقی مرور الزمان فی القانون المدنی، وکان یتعین علیه تنظیمه فی قانون المرافعات، لأن مرور الزمان مانع من موانع قبول الدعوى.
  4. نظم المشرع العراقی الدفع بمرور الزمان "فی القانون المدنی، والدفوع مجال تنظیمها قانون المرافعات".
  5. تبنی المشرع لمصطلح "التقادم المسقط" إلى جانب "مرور الزمان" واعتبرهما مترادفین والحقیقة غیر ذلک.
  6. نظم المشرع العراقی مرور الزمان تحت عنوان انقضاء الالتزام دون أن یوفى به فی حین ان مرور الزمان لا یؤدی إلى انقضاء الالتزام بدلیل أن "المادة 440 من القانون المدنی نصت على أنه": "لا یسقط الحق بمرور الزمان".
  7. تبین لنا أن المشرع والفقه قد خلطا بین الدفع بمرور الزمان والدفع بالتقادم، وسبب ذلک یعود إلى عدم التمییز بین "الحمایة القانونیة والحمایة القضائیة" واعتبارهما مترادفین فضلاً عن الخلط بین الحق الموضوعی والحق فی الدعوى واعتبارهما شیئا واحداً.
  8. اتضح لنا أن الدفع بمرور الزمان یعد دفعاً "بعدم القبول، لأن المدعى علیه الذی یتمسک به یطلب من المحکمة الامتناع عن سماع الدعوى، لا لأنها رفعت بإجراءات غیر صحیحة"، ولا إلى محکمة غیر مختصة کما هو الحال فی الدفع الشکلی، ولا لأن المدعی لیس صاحب حق کما هو الحال "فی الدفع الموضوعی، وإنما لانقضاء الحق فی الدعوى بانقضاء المیعاد المحدد لرفع الدعوى، وانقضاء هذا المیعاد" یعد مانعاً من موانع قبول الدعوى.
  9. إن الحکم بثبوت الدفع بالتقادم ینصب على الحق الموضوعی ویؤدی إلى سقوطه، بینما الحکم بثبوت الدفع بمرور الزمان ینصب على الحق فی الدعوى ویؤدی إلى عدم سماعها.
  10. إن الْحُکْمَ بعَدَمِ قَبُولِ الدَّعْوَى لِمُرُور الزَّمَانِ لَا یُؤَدِّی إلَى سُقُوطِ الْحَقِّ الموضوعی، وإنما یبقى عالقاً فی ذمة المدین، ویتوجب علیه الوفاء به، وغایة ما فی الأمر أنه یتجرد من "الحمایة القضائیة، ولا یمکن رفع الدعوى للمطالبة" به مرة ثانیة، لأنها ستصطدم بالدفع بحجیة الحکم السابق وسبق الحکم فی الدعوى.
  11. اتضح لنا أن الحق الموضوعی یبقى حقاً مدنیاً بعد الحکم "بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان" ولا یتحول إلى حق طبیعی، لأنه یبقى محتفظاً بعنصریه "المدیونیة والمسؤولیة".
  12. إن "الحکم بعدم قبول الدعوى لمرور الزمان" لا یجرد الدائن من الوسائل التی تمکنه من الحصول على حقه.

ثانیاً: التوصیات:

نَدْعُو الْمُشَرِّع الْعِرَاقِیّ إلَى:

  1. تنظیم مرور الزمان المانع من سماع الدعوى فی قانون المرافعات بوصفه مانعاً من موانع قبول الدعوى.
  2. تنظیم الدفع بعدم القبول فی قانون المرافعات وتحدید اسباب التمسک بهذا الدفع المتمثلة "بانتفاء شرط أو أکثر من شروط قبول الدعوى وهی الأهلیة والصفة والمصلحة" او وجود مانع من موانع قبول الدعوى وهی موانع قانونیة تتمثل بسبق الحکم فی الدعوى ومرور الزمان، وموانع اتفاقیة تتمثل بالصلح والاتفاق على التحکیم.
  3. رفع التناقض الحاصل بین "المادة 440 من القانون المدنی التی تقضی بعدم انقضاء الالتزام بمرور الزمان وتنظیم الاخیر ضمن احکام انقضاء الالتزام دون أن یوفى به".

The Author declare That there is no conflict of interest

 

References (Arabic Translated to English)

  1.  Abu Muhammad Abdullah bin Wahb bin Muslim al-Masri al-Qurashi, Muwatta Abdullah bin Wahb, Dar Ibn al-Jawzi, Dammam - Saudi Arabia, 1999.
  2.  Ibrahim Mustafa, Ahmed Hassan Al-Zayat, Hamid Abdel Qader and Muhammad Ali Al-Najjar, The Intermediate Dictionary, Part 1, Islamic Library, Istanbul-Turkey, without a year printed.
  3. Dr. Ibrahim Anis and dr. Abdel-Halim Montaser, Attia Al-Sawalhi and Muhammad Khalaf Allah, The Intermediate Dictionary, 4th Floor, Al-Sharq International Library, Cairo, 2004.
  4. Ahmed bin Muhammad Ali Al-Fayoumi Al-Maqari, Al-Misbah Al-Munir, Dar Al-Hadith, Cairo, 2003.
  5. Ismail bin Hammad Al-Johari, Lexicon of Al-Sahah (Al-Sahah, “The Language Crown and the Sahih of Arabia”), 1st Edition, Vol. 3, Dar Al-Maarefah, Beirut - Lebanon, 2005.
  6. Imam Moheb al-Din Abu al-Faid al-Sayyid Muhammad Murtada al-Zubaidi, Taj al-Arus, part 1, 1st floor, Dar Sader, Beirut - Lebanon, 1966.
  7. Al-Khalil bin Ahmed Al-Farahidi, Book of Al-Ain, investigation dr. Abdel Hamid Hendawi, Part 2, Publications of Scientific Books, Beirut - Lebanon, 2003.
  8. The scholar Abu al-Fadl Jamal al-Din Muhammad bin Makram ibn Manzoor al-Afriki al-Masri, Lisan al-Arab, Volume 5, 6th Edition, Dar Sader, Beirut - Lebanon, 2008.
  9. Dr. Abdel-Karim Zidan, Al-Wajeez in Fundamentals of Jurisprudence, 1st edition, Al-Resala Foundation, Beirut - Lebanon, 2004.

10. Ali Qaraa`, Judicial Origins in Sharia Courts, Raghiba Press, Cairo, 1921.

11. Dr. Ibrahim Amin al-Nafayawi, The Origins of Litigation, Second Book on Litigation Procedures, 1st Edition, without mentioning the place and place of publication, 2007.

12. Dr. Ahmed Maher Zaghloul, The Judge's Works in Obtaining the Authentic Order and its Controls, 2nd edition, Abu al-Majd House, Cairo, 1999.

13. Dr. Ahmad Muslim, The Origins of Pleadings, Judicial Organization, Procedures and Provisions in Civil, Commercial and Personal Articles, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1977.

14. Dr. Adam Wahib Al-Naddawi, Civil Procedure, Al-Atak for Book Production, Cairo, without mentioning the year of publication.

15. Dr. Adwar Eid, Al-Wajeez in the Origins of Civil Trials, Part 1, Human Rights Publications Issued, Beirut-Lebanon, 2004.

16. Judge Ahmed Aziz Jaid Al-Khayyun, Advance of Statute of Limitations and Its Judicial Applications in Iraqi Law, First Edition, Legal Library, Baghdad, 2010.

17. Tawfiq Hassan Faraj and d. Mustafa Al-Gammal, Sources and Judgments of Commitment, A Comparative Study, Al-Halabi Human Rights Publications, 2009.

18. Dr. Hassan Ali Al-Thanoon, Iraqi Civil Law Explained Provisions of Commitment, Al-Rabita Printing and Publishing Co., Ltd., Baghdad, 1954.

19. Dr. Khalil Jreij, Lectures on Case Theory, Nofal Foundation, Beirut, 1980.

20. Dr. Ramzi Saif, Mediator in Explaining the Civil and Commercial Procedures Law, 8th Floor, Arab Renaissance House, Cairo, 1968.

21. Dr. Saadoun Naji Al-Qashtaini, Judgments of Pleadings, Part 1, 2nd Edition, Al-Maaref Press, Baghdad, 1976.

22. Dr. Suleiman Mark, Al-Wafi in Explaining the Civil Law, Provisions of Commitment, without a place of publication, 1992.

23. Shaker Nasser Haidar, the mediator in explaining the new civil law, original in-kind rights, Part 2, Al-Maaref Press, Baghdad, 1959.

24. Sadiq Haider, Explanation of the Civil Procedure Law, a comparative study, Al-Sanhouri Library, Baghdad, 2011.

25. Dr. Salah Al-Din Al-Nahhi, Al-Wajeez in Civil and Commercial Procedures, Al-Ahlia Publication Company, Baghdad, 1962.

26. Dr. Talaat Muhammad Dowidar, Mediator in Explaining the Procedures Law, New University House, Alexandria, 2016.

27. Dr. Abdel Basset Jamii, Explanation of the Civil Procedure Law, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1965.

28. Dr. Abdel Tawab Mubarak, Al-Wajeez in the Origins of the Civil Judiciary, Arab Renaissance House, Cairo, 2005.

29. Dr. Abdel Hamid El-Shawarby and Usama Othman, the statute of limitations in the light of jurisprudence and jurisprudence, Ma'arif Al-Maaref, Alexandria, 1984.

30. Dr. Abdel-Razzaq Ahmed Al-Senhouri, Al-Wajeez in the General Theory of Commitment, revised by Counselor Ahmed Medhat Al-Maraghi, Monshaat Al-Maaref, Alexandria, 2004.

31. Dr. Abdul Majeed al-Hakim, Summary in Explaining the Iraqi Civil Law, Obligation Provisions, Al-Ahlia Company, Baghdad, 1967.

32. Dr. Abdul Majeed Al-Hakim, Abdul-Baqi Al-Bakri and Mohamed Taha Al-Bashir, Civil Law and Obligation Provisions, Part 2, Al-Atak for Book Production, Cairo, without mentioning the year of publication.

33. Dr. Abdel Moneim Al-Badrawi, The General Theory of Commitments in Civil Law, Part 2, Arab Renaissance House, 1989.

34. Dr. Abdel Moneim Faraj Al-Sada, The Right to Ownership, Mustafa Al-Babi Al-Halabi Press, Beirut, 1962.

35. Dr. Awad Ahmad Al-Zoubi, Al-Wajeez in the Jordanian Civil Procedure Law, 1st edition, Wael House for Publishing and Distribution, Jordan, 2007.

36. Dr. Fathi Wali, Mediator in the Civil Judicial Law, Arab Renaissance House, Cairo, 1993.

37. Mohamed Al-Ashmawy and Dr. Abdel-Wahab El-Ashmawy, The Rules of Pleadings in Egyptian and Comparative Legislation, Part 2, The Model Press, Cairo, 1958.

38. Dr. Muhammad Mahmoud Hashem, Civil Judicial Law, part 2, Arab Thought House, Cairo, 1983.

39. Dr. Mamdouh Abdel-Karim Hafez, Iraqi Civil Procedure Law No. 38 of 1969, Al-Azhar Press, Baghdad, 1972.

40. Dr.. Nabil Ismail Omar and Dr. Ahmed Khalil, Civil Procedure Law, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut-Lebanon, 2004.

41. Dr. Nabil Ismail Omar, Mediator in the Civil and Commercial Procedures Law, New University House, Alexandria, 2006.

42. Dr. Wagdy Ragheb Fahmy, Principles of the Civil Judiciary, 1st edition, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1986.

43. ACHYAD THAMIR NAYEF AL- DOLEYM, Revocation of the Civil Case Petition for Negligence by Procedural Duties, A Comparative, Analytical and Comparative Study, College of Law, University of Mosul, 2011.

44. Sahar Hayyal Ghanem, The Theory of Passing Time, Preventing the Case from Hearing a Comparative Study, PhD thesis, College of Law / University of Mosul, 2016.

45. Dr. ACHYAD THAMIR NAYEF AL- DOLEYM, Transition of the Right to a Civil Case, a Comparative Study, a Mansur Research in Al-Rafidain Journal of Rights, Volume (16) No. (56), Sunnah (18).

46. Sheikh Hamed Effendi Al-Emadi Al-Dimashqi Al-Hanafi, the strongest statement in defining the case, an investigation by Dr. Abdel Nasser Abu Al-Basal, Al-Balqa Journal for Research and Studies, First Issue, Fifth Volume, 1997.

47. Shuaib Ahmad Suleiman, The statute of limitations in Iraqi civil law, research published in the Journal of Jurists, Issues (1-4), the fifteenth year, 1983.

48. Dia Shit Khattab, The statute of limitations in the Iraqi civil law. Research published in the Judicial Magazine, Bar Association, Year (15) No. (1), February, Al-Ani Press, 1957.

49. Latif Jabbar Ali, The Civilization Projected Legislation, research published in Hammurabi, No. 5, 2009.

50. The Constitution of the Republic of Iraq of 2005.

51. Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969 amended.

52. Iraqi Civil Law No. 40 of 1951, as amended.

53. Iraqi Evidence Act No. 107 of 1979 amended.

54. Egyptian Civil and Commercial Procedures Law No. 13 of 1968.

55. Egyptian Civil Law No. 131 of 1948.

56.French Civil Code for the year 1804 amended by Law No. (561-2008) on June 17, 2008.

  • أصل المقالة بشكل PDF (878 K)
  • XML
. (2020). الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة. الرافدین للحقوق, 23(73), 90-130. doi: 10.33899/alaw.2020.127732.1093
اجیاد ثامر الدلیمی. "الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة". الرافدین للحقوق, 23, 73, 2020, 90-130. doi: 10.33899/alaw.2020.127732.1093
. (2020). 'الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة', الرافدین للحقوق, 23(73), pp. 90-130. doi: 10.33899/alaw.2020.127732.1093
. الدفع بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى -دراسة مقارنة. الرافدین للحقوق, 2020; 23(73): 90-130. doi: 10.33899/alaw.2020.127732.1093
  • RIS
  • EndNote
  • BibTeX
  • APA
  • MLA
  • Harvard
  • Vancouver

المصـادر

أولاً:کتب الحدیث:

  1. أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصری القرشی، موطأ عبد الله بن وهب، دار ابن الجوزی، الدمام – السعودیة، 1999.

ثانیاً: کتب أصول الفقه وقواعده:

  1. الشیخ محمد الخضری، أصول الفقه، دار الحدیث، القاهرة، 2003.
  2. د. محمد سلیمان عبد الله الأشقر، الواضح فی أصول الفقه، ط2، دار النفائس، عمان - الأردن، 2006.

 

ثالثاً: کتب اللغة والمصطلحات:

  1. إبراهیم مصطفى واحمد حسن الزیات وحامد عبد القادر ومحمد علی النجار، المعجم الوسیط، ج1، المکتبة الإسلامیة، استانبول-ترکیا، دون سنة طبع .
  2. د. إبراهیم أنیس و د. عبد الحلیم منتصر وعطیة الصوالحی ومحمد خلف الله، المعجم الوسیط، ط4، مکتبة الشرق الدولیة، القاهرة، 2004.
  3. أحمد بن محمد علی الفیومی المقرىّ، المصباح المنیر، دار الحدیث، القاهرة، 2003.
  4. إسماعیل بن حماد الجوهری، معجم الصِّحاح (الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة)، ط1، ج3، دار المعرفة، بیروت - لبنان، 2005.
  5. الإمام محب الدین أبو الفیض السید محمد مرتضى الزبیدی، تاج العروس، ج1، ط1، دار صادر، بیروت - لبنان، 1966.
  6. الخلیل بن احمد الفراهیدی، کتاب العین، تحقیق د. عبد الحمید هنداوی، ج2، منشورات دار الکتب العلمیة، بیروت – لبنان، 2003.
  7. العلامة أبو الفضل جمال الدین محمد بن مکرم ابن منظور الأفریقی المصری، لسان العرب، المجلد الخامس، ط6، دار صادر، بیروت - لبنان، 2008.

رابعاً: مراجع الفقه الإسلامی:

  1. أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد علیش، منح الجلیل على مختصر خلیل، ج8، المطبعة العامرة، القاهرة، 1294هـ.
  2. د. عبد الکریم زیدان، الوجیز فی أصول الفقه، ط1، مؤسسة الرسالة، بیروت - لبنان، 2004.
  3. علی قراعة، الأصول القضائیة فی المرافعات الشرعیة، مطبعة الرغائب، القاهرة، 1921.

خامساً: الکتب القانونیة العامة:

  1. د. أحمد ماهر زغلول، أعمال القاضی التی تحوز حجیة الأمر المقضی وضوابط حجیتها، ط2، دار أبو المجد، القاهرة، 1999.
  2. د. أحمد مسلم، أصول المرافعات والتنظیم القضائی والإجراءات والأحکام فی المواد المدنیة والتجاریة والشخصیة، دار الفکر العربی، القاهرة، 1977.
  3. د. آدم وهیب النداوی، المرافعات المدنیة، العاتک لصناعة الکتاب، القاهرة، دون ذکر سنة الطبع.
  4. د. القاضی أحمد عزیز جاید الخیون، الدفع بالتقادم وتطبیقاته القضائیة فی القانون العراقی، ط1، المکتبة القانونیة، بغداد، 2010.
  5. توفیق حسن فرج ود. مصطفى الجمال، مصادر وأحکام الالتزام دراسة مقارنة، منشورات الحلبی الحقوقیة، 2009.
  6. د. حسن علی الذنون، شرح القانون المدنی العراقی أحکام الالتزام، شرکة الرابطة للطبع والنشر المحدودة، بغداد، 1954.
  7. د. حسن علی الذنون ود. محمد سعید الرحو، الوجیز فی النظریة العامة للالتزام، أحکام الالتزام دراسة مقارنة، دار وائل للنشر، 2004.
  8. د. خلیل جریج، محاضرات فی نظریة الدعوى، مؤسسة نوفل، بیروت، 1980.
  9. د. ربیع شندب، شرح قانون أصول المحاکمات المدنیة، ج1، المؤسسة الحدیثة للکتاب، لبنان، 2011.
  10. د. سعدون ناجی القشطینی، أحکام المرافعات، ج1، ط2، مطبعة المعارف، بغداد،1976.
  11. د. سلیمان مرقس، الوافی فی شرح القانون المدنی، احکام الالتزام، دون مکان طبع، 1992.
  12. شاکر ناصر حیدر، الوسیط فی شرح القانون المدنی الجدید، الحقوق العینیة الاصلیة، ج2، مطبعة المعارف، بغداد، 1959.
  13. د. صلاح الدین الناهی، الوجیز فی المرافعات المدنیة والتجاریة، شرکة الطبع والنشر الأهلیة، بغداد، 1962.
  14. د. عبد الباسط جمیعی، شرح قانون الإجراءات المدنیة، دار الفکر العربی، القاهـرة، 1965.
  15. د. عبد الحمید الشواربی واسامة عثمان، احکام التقادم فی ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف، الإسکندریة، 1984.
  16. د. عبد الرزاق أحمد السنهوری، الوجیز فی النظریة العامة للالتزام، تنقیح المستشار احمد مدحت المراغی، منشأة المعارف، الاسکندریة، 2004.
  17. د. عبد المجید الحکیم، الموجز فی شرح القانون المدنی العراقی، أحکام الالتزام، شرکة الأهلیة، بغداد، 1967.
  18. عبد المجید الحکیم وعبد الباقی البکری ومحمد طه البشیر، القانون المدنی وأحکام الالتزام،ج2، العاتک لصناعة الکتاب، القاهرة، دون ذکر سنة الطبع.
  19. د. عبد المنعم البدراوی، النظریة العامة للالتزامات فی القانون المدنی، ج2، دار النهضة العربیة، 1989.
  20. د. عبد المنعم فرج الصدة، حق الملکیة، مطبعة مصطفى البابی الحلبی، بیروت، 1962.
  21. د. عبدة جمیل غصوب الوجیز فی قانون الإجراءات المدنیة، المؤسسة الجامعیة، لبنان، 2010.
  22. د. د. فتحی والی، الوسیط فی قانون القضاء المدنی، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1993.
  23. محمد العشماوی ود. عبد الوهاب العشماوی، قواعد المرافعات فی التشریع المصری والمقارن، ج2، المطبعة النموذجیة، القاهرة، 1958.
  24. محمود الکیلانی، أصول المحاکمات المدنیة، ط 2، جامعة عمان الأهلیة، الأردن، 2006.
  25. د. محمد محمود هاشم، قانون القضاء المدنی، ج2، دار الفکر العربی، القاهرة، 1983.
  26. د. ممدوح عبد الکریم حافظ , قانون المرافعات المدنیة العراقی رقم 38 لسنة 1969, مطبعة الأزهر, بغداد، 1972.
  27. د. نبیل إسماعیل عمر ود أحمد خلیل، قانون أصول المحاکمات المدنیة، منشورات الحلبی الحقوقیة، بیروت-لبنان، 2004.
  28. د. نبیل إسماعیل عمر، الوسیط فی قانون المرافعات المدنیة والتجاریة، دار الجامعة الجدیدة، الاسکندریة، 2006.
  29. د. هدى مجدی، النظام القضائی وقواعد المرافعات، مرکز الدراسات العربیة، 2018، ص268.
  30. د. وجدی راغب فهمی، مبادئ القضاء المدنی، ط1، دار الفکر العربی، القاهرة، 1986.

سادساً: الأطاریح:

  1. اجیاد ثامر نایف الدلیمی، إبطال عریضة الدعوى المدنیة للإهمال بالواجبات الإجرائیة دراسة تأصیلیة تحلیلیة مقارنة، کلیة الحقوق، جامعة الموصل، 2011.
  2. سحر حیال غانم، نظریة مرور الزمان المانع من سماع الدعوى دراسة مقارنة، أطروحة دکتوراه کلیة الحقوق/جامعة الموصل، 2016.

سابعاً: البحوث والمقالات:

  1. د. اجیاد ثامر نایف الدلیمی، انتقال الحق فی الدعوى المدنیة دراسة مقارنة بحث منسور فی مجلة الرافدین للحقوق، المجلد (16) العدد (56) السنة (18).
  2. الشیخ حامد أفندی العمادی الدمشقی الحنفی، القول الأقوى فی تعریف الدعوى، تحقیق د. عبد الناصر أبو البصل، مجلة البلقاء للبحوث والدراسات، العدد الأول، المجلد الخامس، 1997.
  3. شعیب احمد سلیمان، التقادم المسقط فی القانون المدنی العراقی، بحث منشور فی مجلة الحقوقی، الاعداد (1-4)، السنة الخامسة عشر، 1983.
  4. ضیاء شیت خطاب، التقادم المسقط فی القانون المدنی العراقی بحث منشور فی مجلة القضاء نقابة المحامین، السنة (15) العدد (1)، شباط، مطبعة العانی، 1957.
  5. لطیف جبار علی، التقادم المسقط فی القانون المدنی، بحث منشور فی مجلة حمورابی، العدد5، 2009.

ثامناً: القوانین:

  1. دستور جمهوریة العراق لعام 2005.
  2. قانون المرافعات المدنیة العراقی رقم 83 لسنة 1969 المعدل .
  3. القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
  4. قانون الإثبات العراقی رقم 107 لسنة 1979 المعدل.
  5. قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری رقم  13  لسنة 1968.
  6. القانون المدنی المصری رقم 131 لسنة 1948.
  7. القانون المدنی الفرنسی لسنة 1804 المعدل بالقانون رقم (561-2008) فی 17 حزیران/2008.

  • عدد الزيارات للمقالة: 2,287
  • مرات تحميل الملف الأصلي للمقالة: 586
  • لنكدان
  • تويتر
  • فيسبوك
  • غوغل
  • تيليغرام
  • الصفحة الرئيسة
  • قاموس المصطلحات التخصصية
  • الأخبار والإعلانات
  • أهداف المجلة
  • الحقوق المعنوية
  • خريطة الموقع

 کافة البحوث التی تقدم للمجلة لغرض النشر وتحصل على قبول النشر النهائی تعد ملکا لمجلة الرافدین للحقوق .

وان کافة  حقوق الطبع والتوزیع  تعود ل :

مجلة الرافدین للحقوق -کلیة الحقوق -جامعة الموصل

الموصل - العراق

 

مشغل بواسطة eJournalPlus