الملخص
ان حق الانسان فی السکن من الحقوق الاساس المرتبطة بحریاته الرئیسة والشخصیة والتی لا یمکن التخلی عنها، وان انتهاک هذا الحق ینجم عنة انتهاک سائر الحقوق الاخرى وذلک للارتباط الوثیق بینها وبین تلک الحقوق لذلک حظى هذا الحق باهتمام الدول والمجتمع الدولی اذ نصت التشریعات والدساتیر الوطنیة على اهمیته وضرورة الحرص على عدم انتهاکه ومن ضمنها المشرع الدستوری الى جانب المواثیق الدولیة والاعلانات المتعلقة بحقوق الانسان التی اکدت اغلبها و بصورة مباشرة او ضمنیه على هذا الحق الى جانب اهتمام القانون الدولی الانسانی الذی نص فی ظل ظروف الحرب على توفیر السکن الملائم ولاسیما للفئات المهمشة کالأطفال والنساء وکبار السن التی تکون عاجزة عن حمایة حقوقها، غیر انه على الرغم من النص تکرار ومرارا على حق الانسان فی السکن الا انها تنتهک فی اغلب الاحیان مؤدیا ذلک الى زیادة المناطق العشوائیة والاحیاء الفقیرة مکثفة بالسکان والتی تعیش فی ظل ظروف وبیئة غیر ملائمة للسکن ومفتقرة لأبسط مقومات الحیاة الضروریة وذلک بسبب قلة الوحدات السکنیة مقارنة بزیادة السکان الى جانب عدم وجود مشاریع الأعمار السکنیة فی البلد وکذلک عدم وجود لجان رقابیة فی مناطق العشوائیة، فعلیة یتوجب على الدول ومن ضمنها العراق ان تکاثف جهودها وتعمل على توفیر السکن الملائم للأفراد وتوفیر ضمانات کافیة لصونها فکلما کان هذا الحق مصانا ومکفولا کان المجتمع مزدهرا ومتقدما.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
الضمانات الدستوریة والدولیة لحق الإنسان فی السکن -العراق نموذجاً-
The constitutional and international guarantees for the human right to housing: A case study of Iraq
شیماء جمال محمد روشنا محمد أمین کلیة القانون والعلوم السیاسیة/ جامعة کرکوک کلیة القانون والعلوم السیاسیة/ جامعة کرکوک Shaima Jamal Muhammad Roshna Muhammad Amin College of Law and Political Science/ University of Kirkuk College of Law and Political Science/ University of Kirkuk Correspondence: Shaima Jamal Muhammad E-mail: |
(*) أستلم البحث فی *** قبل للنشر فی
(*) Received on *** accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2020.166869
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
ان حق الانسان فی السکن من الحقوق الاساس المرتبطة بحریاته الرئیسة والشخصیة والتی لا یمکن التخلی عنها، وان انتهاک هذا الحق ینجم عنة انتهاک سائر الحقوق الاخرى وذلک للارتباط الوثیق بینها وبین تلک الحقوق لذلک حظى هذا الحق باهتمام الدول والمجتمع الدولی اذ نصت التشریعات والدساتیر الوطنیة على اهمیته وضرورة الحرص على عدم انتهاکه ومن ضمنها المشرع الدستوری الى جانب المواثیق الدولیة والاعلانات المتعلقة بحقوق الانسان التی اکدت اغلبها و بصورة مباشرة او ضمنیه على هذا الحق الى جانب اهتمام القانون الدولی الانسانی الذی نص فی ظل ظروف الحرب على توفیر السکن الملائم ولاسیما للفئات المهمشة کالأطفال والنساء وکبار السن التی تکون عاجزة عن حمایة حقوقها، غیر انه على الرغم من النص تکرار ومرارا على حق الانسان فی السکن الا انها تنتهک فی اغلب الاحیان مؤدیا ذلک الى زیادة المناطق العشوائیة والاحیاء الفقیرة مکثفة بالسکان والتی تعیش فی ظل ظروف وبیئة غیر ملائمة للسکن ومفتقرة لأبسط مقومات الحیاة الضروریة وذلک بسبب قلة الوحدات السکنیة مقارنة بزیادة السکان الى جانب عدم وجود مشاریع الأعمار السکنیة فی البلد وکذلک عدم وجود لجان رقابیة فی مناطق العشوائیة، فعلیة یتوجب على الدول ومن ضمنها العراق ان تکاثف جهودها وتعمل على توفیر السکن الملائم للأفراد وتوفیر ضمانات کافیة لصونها فکلما کان هذا الحق مصانا ومکفولا کان المجتمع مزدهرا ومتقدما.
الکلمات المفتاحیة: حق الإنسان فی السکن، العشوائیة، السکن الملائم.
Abstract
The right to housing is one of the fundamental human rights that is interconnected to other human rights which cannot be abandoned. It can be argued that any violation of this right will lead to the violation for other human rights as they are strongly interlinked. Therefore the right is a universal right applicable to all human beings and protected in international law and national constitutions, including the constitutional legislator beside the international charters and the declarations of human rights that directly or implicitly emphasized on this right, in addition to the concern of international humanitarian law that under the circumstances of the war provided for adequate housing, especially for marginalized groups such as children, women, and the elderly, who are unable to protect their rights, however, despite the provisions , it is repeated over on the human right to housing However, it violates most of the time, leading to an increase in slums and poor neighborhoods, which are densely populated and that live under conditions and an environment that is not suitable for housing and lacks the most basic necessities of life due to the lack of housing units compared to the increase in population. In addition to the absence of house building projects in the country also the absence of censorship in the random areas. Therefore, the countries including Iraq are obliged to implement its obligation under international law and provide the appropriate housing for people to ensure the prosperity for society.
Keywords: the human right to housing randomness Adequate Housing
المقدمـة
ان السکن الملائم یعتبر من حاجات الانسان وحقوقه الاساس والمهمة لبناء المجتمع والدولة ویرتبط ارتباطا وثیقا بالتحضر والتمدن، ولا یمکن التخلی او الاستغناء عنه فی ظل أی ظرف من الظروف شأنه شأن المأکل والملبس، فقد حرصت جمیع الدول على کفالة هذا الحق لمواطنیه کافة وبدون تمییز اذ جاءت الدساتیر الوطنیة والاتفاقات الدولیة مؤکدة على حق الانسان فی السکن وعلى الدولة السعی من اجل تمکین کل فرد من الحصول على السکن ضمن بیئة امنة ومن هذه الدول العراق التی وضعت احکاما دستوریة تتعلق بحقوق الانسان ومنها الحق فی السکن وتوفیر الحمایة الاساس له وبالرغم من وجود نصوص دستوریة فی الدساتیر العراقیة تنص على حق السکن ومع ذلک یعانی العراقیون من ازمة السکن التی اصبحت من اهم القضایا والمشاکل التی تؤرق الدول عامة والمجتمع العراقی خاصة نتیجة الظروف الاقتصادیة والاجتماعیة وکذلک بسبب الظروف الفریدة التی مرت بها البلد من الحروب والحصار الاقتصادی والتغییرات الامنیة والسیاسیة التی حصلت بعد عام 2003 وما خلفته ذلک من اثار سلبیة وظهور العشوائیات وازدیاد اعداد الاشخاص المهجرین وازداد الامر سوءا بدخول داعش الارهابی للبلد واحتلاله بعض المحافظات العراقیة واضطرار السکان للنزوح والتهجیر من جدید وفقدانهم لأهم حق من حقوق الانسان التی اکدته الشرائح السماویة والدساتیر والمواثیق وبناءً على ذلک سنتناول فی هذا البحث مفهوم الحق فی السکن وازمة السکن واسبابه وکذلک الضمانات الدستوریة والدولیة لحق السکن من خلال المبحثین الاتیتین:
المبحث الاول : الحق فی السکن واسباب نشوء ازمة السکن .
المبحث الثانی: الضمانات الدستوریة والدولیة لحق السکن.
هدف البحث:
یهدف البحث الى تسلیط الضوء على حق الانسان فی السکن ومدى تمتعه به وضمانة هذا الحق فی الوقت الذی ازدادت فیه انتهاکاته نتیجة الحروب والازمات وذلک لأهمیة السکن من الناحیة الاقتصادیة والاجتماعیة للسکان ومن ثم محاولة تشخیص وبیان اهم اسباب ازمة السکن.
مشکلة البحث:
تمثل ازمة السکن مشکلة عالمیة تعانی منها الکثیر من الدول المتقدمة والنامیة على حد سواء نتیجة الزیادة السکانیة ولعدم وجود التوازن بین عدد السکان والحاجة الى المساکن نجم عنه زیادة الازمة وتفاقم ابعادها وشکلت عائقا امام حریة المواطن وحرکته وعلى ضوء ذلک یمکن طرح الاسئلة التالیة:
1- ما هو الحق فی السکن وماهی المتغیرات والعوامل التی ادت الى تفاقم وزیادة ازمة السکن.
2- ماهی الضمانات التی تحمی هذا الحق من الاعتداء علیه.
3- ماهی المعالجات المقترحة لحل ازمة السکن.
فرضیة البحث
ینطلق البحث من فرضیة مفادها ان مشکلة السکن من مشاکل المجتمع المعاصر فهی مشکلة اجتماعیة قدیمة ذات ابعاد اقتصادیة وسیاسیة والتی تفرض على الدولة الاسراع فی معالجتها ووضع حد للتجاوزات على اراضی الدولة والحکومة من خلال توفیر السکن للمهمشین والفقراء فی البلد.
هیکلیة البحث:
للإحاطة بالموضوع فقد قسمنا البحث بشکل موجز الى مبحثین رئیسین سنتناول فی المبحث الاول الحق فی السکن وازمة السکن والاسباب المؤدیة الى نشوئها اما المبحث الثانی فیتضمن اهم النصوص القانونیة والاتفاقات الدولیة المتعلقة بالحق فی السکن باعتبارها جزء لا یتجزأ من حقوق الانسان الاساس.
المبحث الاول
الحق فی السکن واسباب نشوء ازمة السکن
ان الحق فی السکن من الحقوق العینیة المهمة التی نصت علیه المواثیق الدولیة والدساتیر الوطنیة کافة لکونه یرتبط بجوانب الحیاة المختلفة، فالمسکن من الحاجات الاساس للإنسان والتی تأتی فی المرتبة الثانیة بعد المأکل والملبس، فهی احدى مستلزمات الحیاة الضروریة للإنسان والتی لا یمکن للفرد القیام بمهامه الاجتماعیة بدونها ولا یمکن ایضا الاستغناء عنها فی أی ظرف من الظروف، اذ ان انتهاک حق الانسان فی السکن ینجم عنه اثار سلبیة منه لحد ذاته انتهاک للحقوق الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة والعائلیة، فعلیه تقع على عاتق الحکومات سواء کانت فی الدول النامیة ام الدول المتقدمة مسؤولة توفیر وضمان السکن اللائق للأفراد المجتمع کافة والتی لا تقتصر على مجرد ضمان سقف یأوی الیه الانسان وانما العمل على ضمان وضع مالی للأسر، والتخفیف من الاثار التی یخلفها السکن العشوائی علیه نقسم هذا المبحث الى مطلبین نتناول حق السکن فی المطلب الاول اما المطلب الثانی فسیکون الحدیث عن ازمة السکن واسبابه ووفقا للتفصیل الآتی:
المطلب الاول
الحق فی السکن لغة واصطلاحا
ان السکن لغة تعنی البیت او المنزل والمأوى للعیش ومفهوم السکن بحسب المنجد الفرنسی تعنی السکینة والسلام واعطاء کل ما تقدمه من الراحة للإنسان).)
ان السکن بمفهومه الضیق تعنی المأوى والمکان الذی یقیم فیه الانسان ویتألف من الجدران والسقف، فی حین یقصد به حسب المفهوم الواسع المکان الذی یشمل الخدمات ووسائل الراحة التی یحتاجها الانسان للبقاء على قید الحیاة والعیش بالاستقرار والامان، ومن الناحیة الاقتصادیة یرى البعض بأن السکن بمثابة سلعة استثماریة او یکون الاستثمار فیه ذات تکالیف باهظة ویرى الاخرون بأنها سلطة استهلاکیة معمرة بغض النظر عن الاختلاف فی الاستعمال ومدته ولا یمکن للفرد التخلی عنه فی حال حصوله علیه .
وقال البعض بأن السکن هو الوطن فمن لا سکن له لا وطن له فالسکن بدایة الاستقرار وشعور الانسان بإنسانتیه وان من یفقده یفقد طعم الحیاة والهناء وفاقد السکن لا یمکن ان یقدم لوطنه ومجتمعه خدمة لکونه یفقد عاملا اساسا من التقدم الا وهو تنامی شعور بالاستقرار، فی حین ذکر جون دین ان السکن هو المکان الذی تقوم فیه العائلة والاسرة بفعالیات متکررة ومختلفة وهی الوطن ووحدة فی شعور الانسان بإنسانتیه.
وقد اکدت جمیع الشرائح السماویة والقوانین بشکل متکرر على هذا الحق وجاء قوله تعالى "والله جعل لکم من بیتوکم سکنا"اذ ان المسکن من اکبر النعم التی انعمها الله على الانسان، فالمسکن هو الملاذ الامن الذی یشعر الانسان فیه بالطمأنینة والخصوصیة والعیش الرغید وهی من اکثر الالتزامات المالیة التی تثیر قلقا لدى الانسان عند عدم امتلاکه.
اما القانون الدولی لحقوق الانسان فأعتبر الحق فی السکن احد مکونات العیش فی مستوى لائق ومکفول للجمیع بدون استثناء وبغض النظر عن وضعیة الشخص والظروف المحیطة بهکما تحتفل الامم المتحدة فی کل عام فی 11 تموز بالیوم العالمی للإسکان مؤکدة على حق الانسان بالعیش الکریم وضمان الحریة له وتذکیر الدول بالتزاماتها بضمان وتوفیر السکن للمواطنین باعتباره حقا اصیلا وواجبا على الدول تأمینه وبدون تمییز بین المواطنین.
ویشترط فی المسکن ان یکون صالحا للسکن بشکل یضمن السلامة الجسدیة وضرورة تطبیق ومراعاة المبادئ الصحیة للسکن التی وضعت من قبل منظمة الصحة العالمیة التابعة للأمم المتحدة عام 1990 فالسکن فی بیئات غیر الملائمة والمزدحمة وغیر الصحیة ینجم عنه مشاکل صحیة واجتماعیة نحن فی غنى عنها، وان حق الافراد فی حصول على السکن بشکل متساو ومن غیر تمییز امر جدید تم اضافته من قبل لجنة حقوق الانسان والاخلاء فی هولندا التی دعت الى مساواة وعدم التمییز بین الافراد فی مجال الحصول على السکن اللائق وبدون أی معوقات وتعزیز فرص حمایة من قبل الدول.
ومن خلال ما تقدم ممکن القول ان حق الانسان فی السکن یعنی العیش بأمان وسلام وراحة وکرامة بشکل یضمن له حقوقه ویتلاءم مع احتیاجاته الضروریة وان السکن لا یعنی السقف والجدران بل یتجاوز ذلک لیشمل الحیز المکانی المناسب للعیش الذی تتوافر فیه الخصوصیة الکافیة والامن والخدمات الضروریة والاساس من الانارة والتدفئة والموقع المناسب فعلیه یمکن ایراد تعریف للحق فی السکن هو ضرورة اساس لا غنى للإنسان عنه فهو حق کل امرأة ورجل وطفل فی الحصول على مکان أمن یؤویه ویمارس فیه حیاته بسلام وامان ورفاهیة وشعوره بانتمائه الى مجتمع محلی یعیش فیه وتأتی فی المرتبة التالیة من ناحیة الأهمیة بعد المأکل والملبس.
المطلب الثانی
ازمة السکن واسبابه
الفرع الاول/ ازمة السکن
على الرغم من التطور الکبیر الذی توصل الیه الانسان فی الصناعة والتکنولوجیا وفی مختلف مجالات الحیاة غبر انه لا زال الکثیر من الناس یبحثون عن مأوى وملاجئ لحمایة انفسهم، وان مشکلة السکن لیست ولیدة العصر الحدیث وانما مشکلة قدیمة قدم الزمان غیر انه زادت فی الآونة الاخیرة وبشکل ملحوظ ولاسیما فی دول الشرق الاوسط واصبحت من ابرز المشاکل التی تعکس بأثارها السلبیة على الوضع الاقتصادی والاجتماعی والسیاسی وظهرت حاجة الدول الى زیادة الوحدات السکنیة فهناک الالاف من العراقیین مفتقرین الى بیوت واماکن للسکن فی ظل غیاب سلطة الحکومة التی ساعدت على استغلال اراضی الدولة من قبلهم وظهور العشوائیات بشکل کبیر فی البلاد مهددة الامن والاستقرار.
ان ازمة السکن هی النقص الحاصل فی عدد الوحدات السکنیة المطلوب توافرها فی مکان وزمان معین، فله وجهین احدهما یتعلق بنقص عدد الوحدات السکنیة الموجودة للأفراد فی مکان او دولة ما أی وجود عجز سکنی اما الوجه الثانی فیتعلق بوجود مساکن غیر مناسبة للعیش والسکن نتیجة سوء وتدهور الخدمات الموجودة فی تلک المناطقوتفاقم ازمة السکن وانتشار العشوائیات فی العراق بنسبة کبیرة فأصبحت ما یقارب 50% من دخل الاسرة تذهب لتوفیر السکن عن طریق دفع بدلات ایجار وازدادت الازمة اکبر بسبب زیادة اسباب حالات الفقر التی اصبح من الصعوبة حصرها بسبب البطالة وذلک بسبب اغلاق اغلب المصانع فی البلد وساهمت مع ذلک عوامل اخرى فی انتشار تلک العشوائیات.
وازدادت تلک العشوائیات بطریقة مخیفة، اذ ارتفعت من 16 وحدة سکنیة الى 24 وحدة سکنیة خلال اعوام 2016-2019، وبلغت اعدادها فی محافظة البصرة 667 مجمعا عشوائیا فی عام 2016 وحسب البیانات الصادرة من وزارة البلدیات ارتفع عدد الاطفال الذین یقیمون فی مراکز الایواء مملوکة للبلدیات 126020 طفلا نتیجة التشرد اما فی بغداد فقد بلغت العشوائیات فیها ما یقارب 523 وحدة سکنیة ، وان هذه العشوائیات هی مواقع واحیاء تم تشیدها بجهود شخصیة وبطریقة غیر قانونیة من قبل الفقراء وتکون ذات بنیة تحتیة سکنیة متردیة لا تصلح للعیش واطلق علیه عدة مسمیات لا حصر لها فقد سمیت بأحیاء فقیرة او مدن صقیع وغیرها من تسمیات.
لقد ازدادت العشوائیات فی العراق بعد 2003 وسمیت بالتجاوزات وهی کلمة مرادفة ومفردة لکلمة (العشوائیة) وحسب الارقام والاحصاءات الصادرة من وزارة الهجرة والمهجرین تبین ان بغداد تحتل المرتبة الاولى وتلیها البصرة ثم محافظات اخرى فی ظهور العشوائیات فهی مناطق سکنیة غیر مرخصة من قبل الجهات الرسمیة والحکومیة وتفتقر الى ابسط مقومات الحیاة, ولا یخفى على احد ظهور العشوائیات فی اطراف وقرى محافظة نینوى بشکل مرعب بعد احداث عام 2014 وسیطرة داعش الارهابی على اغلب المناطق واضطرار المواطنین للنزوح بحثا عن ملاذ أمن.
الفرع الثانی /اسباب ازمة السکن
وقد اختلف الآراء حول اسباب السکن قسمناها الى اسباب مباشرة وغیر مباشرة واخرى طبیعة ان زیادة عدد السکان من ابرز اسباب ظهور الازمة فتوجد علاقة طردیة مباشرة ما بین نمو السکان وزیادة الطلب على المساکن وقد اشارت نظریة ماکثوس للسکان الى ذلک فقد اکدت على ان السکان تنمو بمتوالیة هندسیة اما الموارد فأنها تنمو بمتوالیة عددیة.
اما الاسباب غیر المباشرة فتتمثل بالتوسع العمرانی والتحام القرى بالمدن اذ تمتد القرى على الاراضی الزراعیة المجاورة للمدن بدون وجود أی تخطیط او قوانین خاصة تحد منها مؤدیا ذلک الى نشوء العشوائیات
کما ان التدفق الکبیر من الاریاف والقرى الى المدن والمناطق الحضریة احد الاسباب المباشرة فکانت نسبة سکان المدن فی عام 1900 قد بلغت حوالی 14% واصبحت 30% فی سنة 1950 ومن ثم ازدادت الى 47% فی 1999 ولاسیما فی القرنین التاسع العشر والعشرین ازدادت الهجرة والانتقال ففی البرازیل شهدت الهجرة ما بین اعوام 1940-1950 زیادة کبیرة فی عدد السکان وصلت الى اربعة اشخاص من سکان جمهوریة البرازیل.
وان الهجرة تعنی تغییر محل الاقامة والانتقال من مکان الى اخر سواء کانت داخلیة ام دولیة وتشکل بحد ذاتها اساسا فی تزاید ازمة السکن واستحواذ الکثیر على الاراضی الزراعیة ومبانی تابعة للبلدیات لغرض السکن ))، فتعد السودان من الدول التی یوجد فیه اشخاص مشردون بدون مأوى وحسب إحصاءات الامم المتحدة الى 1.8 ملیون شخص یقیمون فی الاحیاء الانتقالیة ویجبر النساء والاطفال على العیش فی سکن ردئ وفی ظل ظروف یسودها الرعب والمخاطر.
اما بالنسبة للأسباب الاقتصادیة فتتمثل بانخفاض مستوى الدخل للإفراد مقابل ارتفاع اسعار الاراضی فی المدن وترکز الاستثمارات فی المدن الکبیرة کبغداد التی تکون مرکزا لاستقطاب السکان فی محافظات اخرى لقلة الاستثمارات فیها، وان الارتفاع الکبیر فی الاسعار وتکالیف البناء وبشکل لا یتناسب مع دخل الاسرة وعدم وجود الدعم والاسناد من قبل الحکومات تکون سببا اخر من اسباب زیادة الازمة، اذ ان الاعانات والتخفیف من الضرائب من شأنها ان تقلل او تحد من الازمة قدر الامکان.
کما ان العوامل الطبیعیة والمتمثلة بالمناخ والتضاریس من احدى الامور التی تساهم فی زیادة الازمة السکنیة بشکل لا یمکن تجاهله فالزلزال بومرداس نجم عنه انهیار الکثیر من المبانی والمساکن العقاریة وکان ذلک سببا فی لجوء السکان الى بناء العشوائیات .
والى جانب العوامل السابقة فإن للعوامل الاداریة والتخطیطیة دور لا یقل عن سابقتها فی تفاقم ازمة السکن، فأن التخطیط والادارة الکفؤة هی السمة البارزة ولاسیما فی الدول المتقدمة لا یجاد حلول لمشاکل السکن کما ان عدم وجود مراقبة والاشراف المباشر على عملیة انجاز الاسکان ینجم عنه عیوب وانهیار المبانی بعد فترة قصیرة کما حدث فی المشاریع الاسکانیة فی الجزائر فی عین تیموشنت.
ونلاحظ مما تقدم بأن کل العوامل والاسباب متداخلة مع بعضها ومفرزة للازمة حقیقة یعانی منها المواطن البسیط صاحب الدخل المحدود، وان هذه الاسباب تختلف باختلاف الوضع والظروف السائدة فی کل البلاد فمنها ما هو اسباب اجتماعیة واخرى اقتصادیة ومنها ما تتعلق بالسیاسات الاسکانیة الى جانب العوامل الطبیعیة ومع ذلک فان الاسباب الاقتصادیة تلعب دورا بارزا فی لجوء الافراد الى بناء اکواخ وبیوت غیر ملائمة للسکن ومفتقرة لمقومات الحیاة الاساس ولا یخفى على احد وجود اسباب وطموحات شخصیة فی الاستحواذ على ملک الغیر وغیاب التنسیق بین جهات البلدیة وجهات حکومیة ولاسیما فی المناطق البعیدة التی لا تتمکن البلدیة فی حمایتها لعدم امتداد صلاحیتها لها، وفی العراق على الرغم ما تملکه من مؤهلات وثروات ومکانة اقتصادیة فی العالم غیر ان معظم مدنه تعانی من الازمة بسبب تدنی مستوى المعیشة الى جانب النمو السکانی الطبیعی المتزاید الذی انعکس على ظهور عجز سکانی.
المبحث الثانی
الضمانات الدستوریة والدولیة لحق السکن
بما ان الحق فی السکن یعتبر من حقوق الانسان الاساسیة وجزء لا یتجزأ من حقوقه لذا حظى بأهمیة بارزة فی القانون الدولی لحقوق الانسان نظرا لارتباطه وعلاقته الوثیقة بحقوق الانسان اخرى، لاسیما الحق فی الصحة والخصوصیة وارتباطه بحقوق الاطفال والنساء فعلیه یتوجب البحث عن الضمانات الدستوریة والدولیة لصون وحمایة هذا الحق، فأن الضمانات القانونیة لهذا الحق من المعاییر الدولیة المهمة فی اطار منظومة حقوق الاقتصادیة والاجتماعیة وضرورة الاطلاع على دساتیر الدول ومنها العراق وبیان دور والتزامات الدول فی مجال صون هذا الحق لان انتهاکه یعد انتهاکا صارخا لبقیة الحقوق.
المطلب الاول
الضمانات الدستوریة لحق السکن
یعتبر حق السکن من الحقوق الاساس للإنسان والذی لا یمکن الاستغناء عنه تحت أی ظرف من الظروف فمن حق کل انسان ان یکون له سکن ملائم ولکن السؤال الذی یطرح نفسه هل اهتمت الدساتیر بهذا الحق وهل اعتبرته من الحقوق الاساس وللإجابة عن هذه التساؤلات نتطرق الى الدساتیر العراقیة ودساتیر الدول المقارنة وذلک من خلال الفرعین الآتیین:
الفرع الاول: حق السکن فی الدساتیر العراقیة
کما نعلم ان الحق فی السکن من الحقوق التی کفلتها اغلبیة دساتیر الدول ومنها العراق ولمعرفة مدى اهتمام الدساتیر العراقیة بحق السکن لابد ان نطلع على الدساتیر العراقیة ابتداء من القانون الاساسی العراقی لعام 1925وصولا الى دستور جمهوریة العراق لعام 2005 ویکون کالآتی:
أ- حق السکن فی الدساتیر العراقیة السابقة: ان الاهتمام بحق السکن فی العراق یرجع الى العهد الملکی حیث اکد القانون الاساسی العراقی لعام 1925 على هذا الحق من خلال الحریة الشخصیة والتی یجب ان تکون مصونة لجمیع المواطنین ولا یجوز انتهاک تلک الحریة حیث منع القانون الاساسی العراقی القبض على أی شخص وتوقیفه او معاقبته او اجباره الى تبدیل مسکنه او تعرضه لقیود.
کما اکد القانون الاساسی العراقی على حرمة المساکن والتی لا یجوز الدخول الیها او التحری فیها الا فی الحالات التی ینص علیها القانون .
ویتبین لنا من خلال ما سبق ان القانون الاساسی العراقی لعام 1925 کفل حق السکن بصورة غیر مباشرة باعتباره حقا من حقوق الانسان واکد القانون نفسه على حق کل انسان ان یکون حرا فی حیاته الخاصة وبما ان الحیاة الخاصة تحتاج الى خصوصیة فمن حق کل انسان ان یکون له مساحة من الخصوصیة والتی لا یمکن لاحد انتهاک تلک الخصوصیة الا فی الاحوال التی ینص علیها القانون.
اما بالنسبة للدستور العراقی لعام 1958 والذی یعتبر من اول دساتیر الجمهوریة العراقیة الذی کفل حق السکن الى جانب حقوق الانسان الاخرى ونص هذا الدستور على حرمة المساکن والتی لا یجوز الدخول فیها الا فی الاحوال التی ینص علیها القانون، وکذلک اکد الدستور نفسه على الملکیة الخاصة للإنسان والتی یجب ان تکون مصونة ولا یجوز نزعها الا لمنفعة عامة مقابل تعویض عادل.
وبهذا یتبین لنا ان الدستور العراقی لعام 1958 قد جاء بنفس نمط القانون الاساسی العراقی لعام 1925ولکن یختلف عنه اختلافا بسیطا وهو ان الدستور العراقی لعام 1958 قد نص على حق السکن بشکل مفصل وذلک من خلال تأکیده على الملکیة الخاصة والتی لا یجوز نزعها او استردادها من مالکها الا لمنفعة عامة ویکون ذلک مقابل تعویض مناسب.
ولو امعنا النظر فی الدساتیر العراقیة لعام 1963 وعام 1964 وعام 1968 لنرى ان هذه الدساتیر رکزت على حرمة المسکن فقط فلم تتضمن هذه الدساتیر أی نص ینص على حق السکن.
اما بالنسبة للدستور العراقی لعام 1970 فقد جاء هذا الدستور بشکل مختلف عن الدساتیر السابقة حیث اکد هذا الدستور على توفیر سکن ملائم کما اکد هذا الدستور على حریة الفرد فی التنقل والاقامة بحریة داخل البلد او خارجه فأن للفرد الحریة فی اختیار المکان الذی یناسبه لیختاره مکانا للعیش دون قید یتقید به عدا القانون، وکذلک نص الدستور نفسه على حرمة المساکن وعدم جواز الدخول الیها او تفتیشها الا فی الحدود التی اجاز بها القانون، وفی عام 1973 تم استدعاء مؤسسة (بول بیرمش) البولندیة حیث قامت هذه المؤسسة بوضع الدراسات والخطط بشأن وضع مخطط للإسکان العام وحینذاک قام مجموعة من الباحثین العراقیین بوضع دراسة مفصلة حول السیاسة السکانیة وذلک لغرض وضع افضل السیاسات والبرامج خاصة بمشاریع السکن العامة فی عام 1986 وقد اعتمدت هذه الدراسة على استراتیجیة التنمیة السکانیة لعام 1986 واجمعت تلک الدراسات على وجود عجز سکانی خطیر قدرت بـ(453) وحدة الف و1،38 ملیون وحدة) على التوالی.
وعند اطلاعنا على قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالیة والتی صدرت بعد عام 2003 لنرى ان هذا القانون قد نص على مجموعة من الحقوق والحریات ومن اهم تلک الحقوق التی نص علیها هذا القانون هو حق المواطن فی الحصول على سکن مناسب وحمایته والتی لا یجوز لأی جهة ان تقوم بانتهاکها الا بأذن صادر من الجهة القضائیة، حیث خصص هذا القانون الباب الثانی منه للحقوق والحریات وسمته بـ(الحقوق الاساسیة) وتناولت موادها مختلف الحقوق والحریات ومن ضمنها الحق فی الخصوصیة وحرمة المساکن.
اما بالنسبة لدستور جمهوریة العراق لعام 2005 فأن هذا الدستور یعتبر مرحلة جدیدة فی تاریخ العراق حیث ظهرت حاجة ملحة الى ضرورة وجود دستور دائم للعراق وذلک لان جمیع الدساتیر العراق السابقة دساتیر مؤقتة وقدم ذلک بالفعل وصدر دستور جمهوریة العراق لعام 2005 الدائم وقد خصص هذا الدستور الباب الثانی للحقوق والحریات ومن ابرز تلک الحقوق حق السکن حیث اکد الدستور العراقی لعام 2005 الدائم على واجب الدولة بأن توفر السکن المناسب وقد حدد هذا الدستور الاشخاص الذین یجب ان توفر لهم الدولة السکن المناسب وتشمل (الشیخوخة، المرضى، العجز عن العمل، التشرد، الیتیم، البطالة)، وکذلک اکد الدستور نفسه على ان لکل عراقی الحق بالمطالبة بسکن ملائم وعلى الدولة توفیره لکل مواطن وینظم ذلک بقانون.
وکما نعلم ان العراق یعانی فی الوقت الحاضر من ازمة السکن والسبب فی ذلک اتباع سیاسات خاطئة من قبل وزارة الاسکان والاعمار وان هذه الازمة تفاقمت بشکل کبیر بعد دخول قوات داعش الى العراق وذلک بسبب الحروب التی جرت بین داعش والقوات العراقیة فی المناطق التی توجد فیها داعش وهذا ما أدى الى نزوح العوائل فی تلک المحافظات الى محافظات اخرى لا توجد فیها داعش ونجم عنها وجود زحم کبیر فی تلک المحافظات ومنها کردستان العراق الذی هاجرت الیه کثیر من العوائل النازحة مما ادى ذلک الى ارتفاع الایجارات بسببها ونتج من ذلک النزوح ازمة السکن حتى بعد انتهاء الحرب ضد داعش لم تستطع تلک العوائل الرجوع الى مناطقها لکون بیوتهم انهدمت ولیس لدیهم سیولة مالیة لإعادة ترمیمها لان اعادة تلک البیوت وکذلک اعادة الخدمات الیها یحتاج الى میزانیة خاصة تخصص من قبل الدولة ولهذا رأینا بعد الاحداث الاخیرة انه لا فائدة من وجود نصوص دستوریة ان لم یتم تطبیقها على ارض الواقع فان کثیرا من المشاکل التی تحصل فی العراق هو عدم حصول المواطنین على حقوقهم بشکل یلیق بهم والسبب لیس فی الدستور نفسه لان دستور جمهوریة العراق لعام 2005 یعتبر من افضل الدساتیر العراقیة الذی تطرق بشکل مفصل الى الحقوق والحریات العامة حیث خصص بابا کاملا للحقوق والحریات ولکن المشکلة فی تطبیق دستور ولیس فی الدستور نفسه فلو تم تطبیق الدستور فان اغلب المشاکل التی یعانی منها المواطن العراقی تنحل وخاصة المشاکل التی تخص السکن والتی یعانی منها کثیر من العراقیین ویمکن حل تلک المشکلة من خلال استغلال مساحات شاسعة فی المحافظات لقیام مشاریع استثماریة سکنیة علیه وبیعها لمواطن على شکل اقساط مریحة وهذا ما یقلل من ازمة السکن فبدل من أن یلجأ المواطن العراقی الى بناء تجاوزات على اراض تابعة للدولة بدون مخطط لجأ الحکومة الى ذلک بوضع مخطط وتوفیر خدمات فیها وهذا یکوّن افضل طریقة لحل الازمة .
الفرع الثانی: حق السکن فی دساتیر الدول المقارنة
تطرقنا فیما سبق عن حق السکن فی الدساتیر العراقیة والان جاء دور دساتیر الدول التی قوانینها ودساتیرها قریبة من القوانین العراقیة ویکون کالآتی:
1- حق السکن فی الدستور المصری لعام 2012 ودستور 2014.
کفل الدستور المصری لعام 2012 حق السکن بشکل صریح حیث اعتبر حق المواطن فی توفیر سکن ملائم والغذاء الصحی من الحقوق المکفولة وبذلک تتکفل الدول بوضع خطة وطنیة للإسکان على اساس العدالة الاجتماعیة وتقوم الحکومة ایضا بتشجیع المبادرات الذاتیة وتنظیم استخدام اراضی الدولة لأغراض العمران .
اما بالنسبة للدستور المصری لعام 2014 فقد نص ایضا بشکل صریح عن حق السکن وذلک بتوفیر السکن الملائم بما یحقق ذلک الکرامة الانسانیة .
وبهذا یتبین لنا الدستور المصری لعامی (2012-2014) قد نصا بشکل صریح وواضح ومفصل عن حق السکن .
ومن خلال ما سبق یتبین لنا على الرغم من ان العراق قد سبق مصر فی کفالته لحق السکن وذلک بالنص علیه فی الدساتیر العراقیة ابتداء من القانون الاساسی العراقی لعام 1925 الى دستور 2005 الا ان الدستور المصری لعامی 2012 و2014 کان اکثر توضیحا لهذا الحق وذلک من خلاک تأکید کلا الدستورین على وضع خطط شاملة لتوفیر ذلک الحق بشکل یتلاءم ویضمن تحقیق العدالة الاجتماعیة .
2- حق السکن فی الدستور الفرنسی
لم ینص الدستور الفرنسی بشکل واضح عن الحق فی السکن ولکن یمکن استنباطه من خلال النصوص التی نصت علیه فی باب الحقوق والحریات حیث نص الدستور على ان الهدف فی کل مجتمع سیاسی هو المحافظة على الحقوق الطبیعیة للإنسان والحقوق التی لا تسقط بالتقادم ومن تلک الحقوق التی نص علیها الدستور الفرنسی هو حق الملکیة .
وکذلک نص الدستور نفسه على أن "حق الملکیة مصون ومقدس، لا یجوز حرمان أی شخص منه، ما لم تقتض الضرورة العامة ذلک، بعد التأکد من الناحیة القانونیة وبوضوح من أن الأمر یتطلب ذلک وأنه قد تم دفع تعویض عادل ومسبق".
ومن خلال ما سبق نرى الدستور العراقی والدستور المصری یختلف مقارنة بالدستور الفرنسی من حیث النص على حق الملکیة وصونه کما ان العبرة لیست بنصوص المواد وانما بالتطبیق الفعلی لها .
المطلب الثانی
الضمانات الدولیة لحق السکن
لقد اعطت المواثیق الدولیة اهمیة لهذا الحق لدرجة انه لم یعد موضوع حق شخصی فقط وانما اصبح موضوع التشریعات الدولیة والهیئات والمنظمات والامم المتحدة باعتباره حقا اساسا فی اقامة العلاقات والصلات وانتماء الى جماعة معنیة ولقد شکل الاعلان العالمی لحقوق الانسان الاساس القانونی الذی بنی علیه هذا الحق اذ اشار الى ان لکل فرد الحق فی مستوى معیشی یکفی لضمان الصحة والرفاهیة له ولأسرته وخاصة على صعید المأکل والمسکن وتلاه العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة فی ابراز اهمیة حق السکن للإنسان وتأکیده على ضرورة وضمان توفیره للأفراد مؤکدا على الدول الاطراف الالتزام تجاه هذا الحق لکونه حقا شخصیا ویضمن للفرد العیش فی مستوى لائق، وان اللجنة الدولیة المعنیة بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة اکدت على اهمیة هذا الحق ورکزت على الحمایة القانونیة فی حالات الاخلاء القسری او المضایقة او عن طریق التهدید لکونه یتعارض مع التزامات الدول الناشئة بموجب العهد الدولی للحقوق.
ولکون هذا الحق یتمتع به الافراد کافة سواء کانوا رجالا ام نساء بغض النظر عن الجنس او اللون او العرق وهذا ما أکدت علیه اتفاقیة القضاء على جمیع اشکال التمییز ضد المرأة لان للمرأة الحق فی التمتع بظروف معیشیة ملائمة ومنها الاسکان وتلتها اتفاقیة حقوق الطفل مؤکدة ومذکرة للدول بالتزاماتها ووفقا لظروفها الوطنیة فی مجال الدعم ومساعدة الوالدین على تهیئة الظروف الملائمة لنشأة الاطفال ولاسیما ما تتعلق بالتغذیة والسکن، وکذلک لجنة القضاء على التمییز العنصری فی توصیتها رقم(30) الى ضمان المساواة بین المواطنین فی التمتع بهذا الحق وتفادی التمییز العنصری مستندة الى نصوص اتفاقیة القضاء على التمییز العنصری.
والى جانب هذه الاتفاقات دعت المبادئ التوجیهیة بشأن التشرد الداخلی واتفاقیة منظمة العمل الدولیة والاتفاقیة الدولیة لحقوق العمال المهاجرین الى صون هذا الحق وحمایته.
من خلال الاطلاع على الاتفاقات الدولیة تبین بأن الاعلان العالمی لحقوق الانسان هو الوثیقة الدولیة التی نصت بشکل صریح وواضح على حق الانسان فی السکن، فاصبح لهذا الاعلان میزة واهمیة کبیرة فی مجال القانون الدولی لحقوق الانسان وعلى الرغم من انه اعلان دولی ولیس اتفاقیة دولیة الا انها حظیت بالقبول العالمی، وان الاتفاقیات التی تلتها کافة نصت صراحة على ذلک فی قواعدها التی کرستها وبالتالی اصبحت ملزمة للدول.
وقد عقد فی کندا عام 1976 مؤتمر فانکوفر وبدعم کبیر من الامم المتحدة وبحضور 132 دولة لمناقشة القضایا المتعلقة بالمستوطنات البشریة وحل المشاکل المتعلقة بالسکن واکدت الفقرة الثانیة والمبدأ الاول من الاعلان على وضع سیاسة خاصة بالمستوطنات البشریة، کما عقد مؤتمر ثان للمستوطنات البشریة فی اسطنبول عام 1996 وکرس بعدا اوسع لمضمون حق السکن وضرورة التزام بالصکوک الدولیة والتعاون المشترک بین الشرکات العامة والخاصة والحکومة لضمان وکفالة الحیازة القانونیة للملکیة وفرص حصول الاشخاص على السکن.
ان النتائج التی توصل الیها مؤتمر فانکوفر والمستوطنات البشریة فی اسطنبول کانت مجرد اعلان غیر ملزم للدول من الناحیة القانونیة ومع ذلک اکد المؤتمر على ان المأوى حق اساس للإنسان الى جانب العدید من الالتزامات القانونیة التی تلتزم بها الدولة فی مجال احترامها لحقوق الانسان وبذلک شکلت اساسا قویا لدعم حق السکن.
وتضمنت قواعد القانون الدولی الانسانی الذی یطبق اثناء النزاعات المسلحة نصوصا ضامنة لحمایة حق السکن باعتباره من الاعیان المدنیة وحظرت قواعد القانون الدولی الانسانی قوات الاحتلال الحربی من تدمیر مساکن المدنیین لغیر المشارکین فی الاعمال العسکریة ومعاقبة مرتکبیها.
الى جانب الاتفاقات الدولیة فأن الاتفاقات الاقلیمیة لم تخل من النص على حق الفرد فی الحصول على السکن الملائم فتضمنت میثاق الاتفاقیة الامریکیة على" توافق الدول الاعضاء على بذل جهد کبیر لتوفیر السکن لجمیع قطاعات الاسکان ،فی حین لم یتضمن المیثاق الافریقی لحقوق الانسان نصا صریحا لحق السکن غیر انه یمکن استنباطه من بعض النصوص التی تتعلق بحق المیاه والصحة البدنیة.
وقد صدر عن الامم المتحدة الاستراتیجیة العالمیة للمأوى لعام 2000 وعد الحق فی السکن حقا عالمیا معترفا به لدى جمیع الامم وبدون استثناء ودعت الى ضرورة انشاء هیئات ووزارات للإسکان ووضع السیاسات والبرامج خاصه بالإسکان.
وبالنسبة للعراق فأن اغلب المنظمات والمستوطنات البشریة التی اعلنت تعاونها فی معالجة القضایا المتعلقة بالسکن باءت بالفشل فی مساعیها ولم تقدم على ارض الواقع أی حلول ما عدا الاعلانات والمؤتمرات وورش العمل التی توصلت بعد 5 اعوام الى نتیجة مفادها هو حاجة العراق الى المشاریع الاسکانیة ووضع خطط السیاسات الخاصة به.
ومن الملاحظ ان الاتفاقات الدولیة والاقلیمیة المتعلقة بحقوق الانسان والاعلانات کافة نصت على حق الانسان فی السکن الملائم سواء کانت بشکل صریح ام ضمنی الى جانب الجهود التی تبذلها الامم المتحدة فی مجال دعمه وحمایته واستمرار المجتمع الدولی بالتأکید على اهمیة السکن واحترامه لکونه من حقوق الانسان الاساس غیر انه یؤسفنا القول بعدم وجود تطبیق فعلی للنصوص وعدم وجود التعاون الدولی والوطنی بین القطاعات لتوفیر السکن لاسیما ان اغلب التقدیرات والاحصاءات تشیر الى ازدیاد الازمة وفی اغلب الدول العربیة وبشکل مخیف ناهیک عن الاثار السلبیة الناجمة عن نشوء وظهور العشوائیات ولجوء الاشخاص للعیش فی الاکواخ وکرفانات وفی الاحیاء الفقیرة المفتقرة الى ابسط الخدمات الصحیة والاساس فعلیه تتطلب الامر التعاون وبذل المزید من الجهود من قبل المجتمع الدولی والمنظمات والدول فی هذا المجال الى جانب وجود جهات وهیئات رقابیة.
الخاتمـة
ومن خلال ما تقدم توصلنا الى عدة استنتاجات ومقترحات متعلقة بحق السکن کالآتی:
اولاً: الاستنتاجات
1- ان الحق فی السکن لا یعنی مجرد توفیر المأوى للأفراد فقط وانما یتعداه الى المفهوم الواسع الذی یتطلب توافر الخدمات والمرافق الاساسیة للسکان من الماء والکهرباء والخدمات الصحیة والضروریة .
2- وجود وازدیاد الاسباب المباشرة وغیر المباشرة والمساهمة فی زیادة ظهور وانتشار العشوائیات فی مناطق المختلفة من البلد کنتیجة حتمیة لزیادة عدد السکان وقلة عدد الوحدات السکنیة الى جانب الحروب والظروف الطارئة وظروف البیئة.
3- لقد کفل الدستور العراقی للإنسان الحق فی السکن اسوة ببقیة دساتیر دول العالم غیر انه لم یأخذ مداه فی العنایة والاهتمام من قبل الجهات الحکومیة المحلیة وهیئاتها الرسمیة ولاسیما فی الوقت التی ازدادت فیه ازمة السکن وظهور السکن العشوائی فی محافظات العراق بشکل مرعب ومهدد.
4- عدم ایجاد حلول للأزمة السکنیة ینجم عنه اثار سلبیة اقتصادیة واجتماعیة ذات ابعاد کثیرة وتؤثر فی جوانب الحیاة المختلفة وعلى الدول بصورة خاصة والمجتمع الدولی بصورة عامة.
5- نص الدساتیر والتشریعات الدولیة على حق السکن الى جانب وجود العدید من الاعلانات والمواثیق الدولیة التی توکد ذلک الحق ما هو الا دلیل على انه من حقوق الانسان الاساس التی لا یمکن الاستغناء عنها وضرورة التمتع بها وحث الدول على تمکین الافراد من الحصول علیه.
ثانیا: المقترحات
1- ینبغی على الحکومات والدول الاهتمام بحق السکن من منطلق حق المواطن فی السکن عن طریق اقامة مجمعات سکنیة وتوفیر اراض تصلح لتلک المجمعات .
2- توزیع الاراضی السکنیة على المواطنین وبأسعار مناسبة تتناسب مع دخل الاسرة وبشکل اقساط مدفوعة وقیام الدولة بتقدیم القروض المالیة للبناء وبشروط میسرة.
3- القیام بأخلاء مناطق السکن العشوائی من التجاوزات على الاراضی العامة والخاصة والتعویض فی اماکن اخرى مناسبة للسکن والتعاقد مع الشرکات العالمیة فی مجال الاعمار والسکن وتشغیل الایدی العاملة.
4- تفعیل دور الرقابة والجهات البلدیة بالتعاون فیما بینها لأنها اکثر فعالیة للحد من العشوائیات ووضع لجان خاصة تأخذ على عاقها مهمة الرقابة ومکافحة السکن العشوائی وتنفیذ القوانین الخاصة لحمایة الاراضی والاملاک العامة وذلک من خلال تنظیم قانون ینظم السکن للأشخاص الذی حددتهم المادة (30) من دستور جمهوریة العراق لعام 2005.
The Authors declare That there is no conflict of interest