الملخص
یؤدی العقار دوراً أساسیاً فی تسهیل الاستثمار، من خلال سد الحاجة المتزایدة للسکان على الوحدات السکنیة، نظراً لأهمیته فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة. ویعد الاستثمار العقاری المحرک الاساس للاقتصاد الوطنی بما یتیح من امکانات هائلة لتحقیق النهوض الاقتصادی للدولة، ویستوجب وجوده توفیر مقومات البیئة الاستثماریة الملائمة بمختلف أطرها التشریعیة والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، لتکون ضامنة فی ایجاد أوعیة عقاریة لتشجیع الاستثمارات الوطنیة والأجنبیة من جهة، وقادرة على التغلب على المخاطر الکثیرة الناتجة عن حاجته إلى مبالغ مالیة ضخمة، ومتطلبات فنیة کبیرة من جهة أخرى
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
مدى قدرة الاستثمار العقاری على الحد من العشوائیات فی العراق -دراسة فی المقومات والمزایا والضمانات والاعفاءات-
The effectiveness of real estate investment in eliminate informal housing
سجاد خالد عبد الرحمن اللامی المدیریة العامة لتربیة میسان Sajjad Khaled Abdul Rahman Al-Lami General Directorate of Education Maysan Correspondence: Sajjad Khaled Abdul Rahman Al-Lami E-mail: |
(*) أستلم البحث فی *** قبل للنشر فی
(*) Received on *** accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2020.166864
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یؤدی العقار دوراً أساسیاً فی تسهیل الاستثمار، من خلال سد الحاجة المتزایدة للسکان على الوحدات السکنیة، نظراً لأهمیته فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة. ویعد الاستثمار العقاری المحرک الاساس للاقتصاد الوطنی بما یتیح من امکانات هائلة لتحقیق النهوض الاقتصادی للدولة، ویستوجب وجوده توفیر مقومات البیئة الاستثماریة الملائمة بمختلف أطرها التشریعیة والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، لتکون ضامنة فی ایجاد أوعیة عقاریة لتشجیع الاستثمارات الوطنیة والأجنبیة من جهة، وقادرة على التغلب على المخاطر الکثیرة الناتجة عن حاجته إلى مبالغ مالیة ضخمة، ومتطلبات فنیة کبیرة من جهة أخرى.
Abstract
Real estate plays on essential role in facilitating investment, by meeting the growing need of the population for housing units, given its importance in economic and social development. Real estate investment is considered the main driver of the national economy, which provides huge potential to achieve the economic advancement of the country. Its presence requires providing the elements of an appropriate investment environment and its legislative, political, economic and social frameworks, in order to be a guarantor in creating real estate containers to encourage national and foreign investments on the one hand, and able to overcome the many risks resulting from its need for huge financial sums, and great technical requirements on the other hand.
Keywords: Real estate investment slums advantages guarantees exemptions
أولاً: المقدمـة:
یؤدی الاستثمار دوراً کبیراً وفاعلاً فی التنمیة الاقتصادیة للبلدان، ویعد المحرک الأساس لها، لذا تمنحه الدول اهتماماً بالغاً فی سیاستها التشریعیة، وخططها التنمویة والاستراتیجیة. ویعد قطاع العقارات وخصوصاً الإسکان من أهم القطاعات التی تحظى بأولویة ضمن المشاریع الاستثماریة لأغلب دول العالم، نظراً إلى الأهمیة الکبیرة للسکن فی حیاة الأفراد, إذ یعد توفیر السکن الملائم لهم أحد المقومات الأساس فی عملیة التنمیة, وتسعى أکثر دول العالم إلى تشجیع الاستثمار فی هذا القطاع، بالنظر إلى أهمیته فی التنمیة الاقتصادیة من جهة، ولتأثره الطفیف بالتقلبات الاقتصادیة، وارتفاع معدلات الطلب على العقارات وخصوصا السکنیة منها من جهة أخرى.
إن الاستثمار فی قطاع العقارات ینشط وینهض کلما کانت هناک مقومات تشجع النشاط فیه، ویزداد بزیادة منح المزایا والضمانات والاعفاءات والتسهیلات للمستثمرین من قبل الدول المضیفة فی تشریعاتها، إذ تعمل تلک الضمانات والحوافز على حث المستثمرین - سواء کانوا وطنیین أم أجانب، أم أشخاص طبیعیین أم معنویین - للإقدام على الاستثمار. إن الاستثمار العقاری لا سیما السکنی بالرغم من دوره فی الاقتصاد الوطنی، ودرّه للأرباح للمستثمرین، وتوفیره السکن الملائم لجمیع شرائح المجتمع، فإنه فی الوقت ذاته یعد وسیلة هامة للقضاء على المناطق العشوائیة أو التقلیل منها، والمنتشرة داخل المدن أو خارجها، والتی ازدادت بشکل ملحوظ فی الأعوام الأخیرة، وتفتقر إلى أبسط مقومات العیش الکریم، والخدمات والمرافق العامة.
ثانیاً: أهمیة الموضوع:
تکمن أهمیة الموضوع فی ازدیاد الحاجة للسکن والطلب على العقارات من جهة، والتی تقابلها ازدیاد حالات السکن العشوائی بشکل کبیر من جهة أخرى، وسعی الحکومة لجذب الاستثمارات العقاریة، ومدى مقدرة الاستثمار العقاری فی الحد من هذه الظاهرة.
ثالثاً: مشکلة البحث:
إن الإشکالیة الرئیسة فی البحث تکمن فی أن المشرع العراقی قد منح المستثمر العدد من المزایا والضمانات والحوافز المشجعة للاستثمار غیر أنه لا یوجد تطور ملموس فی مجال الاستثمار العقاری، فما سبب ذلک؟
کما تثار حول الدراسة الکثیر من التساؤلات أیضاً والتی یمکن إجمالها بما یأتی:
1- ماذا یقصد بالاستثمار العقاری؟ وما العشوائیات؟ وما أسباب نشوئها؟
2- ما مقومات الاستثمار العقاری؟ وما المزایا التی منحها القانون للمستثمر فی قطاع العقارات؟
3- ما الضمانات والاعفاءات التی منحها المشرع العراقی للمستثمر فی قطاع العقار؟
4- ما تقییم تلک المزایا والحوافز؟ وما مدى فاعلیتها فی النهوض بقطاع الاستثمار العقاری فی العراق؟
رابعاً: منهجیة البحث:
حیث ان الاستثمار العقاری یعد حاجة ملحّة فی العراق تزداد بمرور الوقت، فإن دراستنا للموضوع ستکون بالمنهجیة الوصفیة، وفقاً للقانون العراقی حصراً، مع الترکیز على قانون الاستثمار العراقی النافذ رقم 13 لسنة 2006 المعدل، الذی أحد أهدافه الرئیسة هو (تسهیل الحصول على العقارات اللازمة لإقامة المشاریع السکنیة، ببدل للمشاریع السکنیة التی تقع ضمن التصمیم الأساس، وبدون بدل للمشاریع السکنیة التی تقع خارج التصمیم الأساس)، کما جاءت الأسباب الموجبة لتشریعه بأنه (من أجل دفع عملیة التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة وتطویرها وجلب الخبرات التقنیة والعملیة وتنمیة الموارد البشریة وایجاد فرص عمل للعراقیین بتشجیع الاستثمارات ودعم عملیة تأسیس مشاریع الاستثمار فی العراق وتوسیعها وتطویرها على مختلف الاصعدة الاقتصادیة ومنح الامتیازات والاعفاءات لهذه المشاریع).
خامساً: خطة البحث:
فی سبیل الاحاطة بموضوع البحث، ارتأینا تقسیم البحث إلى مطلبین، الأول خصصناه لتعریف الاستثمار العقاری ومقوماته والمزایا الممنوحة له، والثانی خصصناه للحدیث عن الضمانات والاعفاءات الممنوحة للمستثمر فی قطاع العقار وتقییمها. وختمناه بجملة من النتائج، وعدد من التوصیات.
المطلب الأول
مفهوم الاستثمار العقاری
یعد العقار ثروة اقتصادیة مهمة لکل البلدان، وقد جبل بنی البشر على حب امتلاکه، مما دفعهم الى التنافس على طلبه، والذی قاد الى ظهور الکثیر من المشاکل والخلافات بینهم، مما حدا بالمشرع فی الکثیر من الدول إلى تنظیم الملکیة العقاریة العامة أو الخاصة، فی إطار تشریعی معین. وللتعریف بالاستثمار العقاری سنقسم هذا المطلب إلى ثلاثة أفرع، نتناول بالأول منها تعریف الاستثمار العقاری والعشوائیات وأهم أسباب ظهورها، ونخصص الفرع الثانی لبیان مقومات الاستثمار العقاری، أما الفرع الثالث فسیکون لإیضاح المزایا الممنوحة للاستثمار العقاری.
الفرع الأول
تعریف الاستثمار العقاری والعشوائیات
سنبین فی هذا الفرع المقصود بالاستثمار العقاری والعشوائیات لغة واصطلاحاً :
أولاً: التعریف اللغوی للمفاهیم موضوع البحث:
1- الاستثمار: وهو مصدر: استَثمَرَ، وأصله من الـ (ثمر)، استثمر المال: جعله یُثمر. وقد ورد لفظه فی قوله تعالى: ((انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَیَنْعِهِ)).
2- العقار: وهو کل ما له أصل وقرار بالأرض، وجمعه (عقارات)، والعقاری؛ المنسوب إلى العقار أو المختص به.
3- العشوائیات: العشواء؛ مؤنث الأعشى، الظُلمة، ویقال (تصرف خبط عشواء) أی تصرف بغیر رویة، والعشواء هی الناقة التی لا تبصر أمامها. وبهذا المعنى تکون العشوائیات؛ هی المبانی المُقامة بلا تخطیط أو نظام.
ثانیاً: التعریف الاصطلاحی للمفاهیم موضوع البحث:
1- تعریف الاستثمار اصطلاحاً: سنتناوله وفقاً للمفهوم الاقتصادی والاداری والقانونی تباعاً :
1- وفقاً للمفهوم الاقتصادی: تناول الاقتصادیون تعریف الاستثمار لکونه یرتبط ارتباطاً مباشراً بالتنمیة الاقتصادیة، ووثیق الصلة بالعملیة الانتاجیة، فعرّفوه بأنه: (الإضافات الجدیدة إلى قیمة السلع الرأسمالیة الحالیة الناشئة عن النشاط الانتاجی خلال مدة زمنیة معینة).
2- وفقاً للمفهوم الإداری: المقصود بالاستثمار فی علم الإدارة هو (نشاط فردی او جماعی ینطوی على استخدام المدخرات بهدف الحفاظ على قیمة الأصول المالیة، إضافة إلى تحقیق عائد مالی مستمر على هذه الأصول المالیة).
3- وفقاً للمفهوم القانونی: عرّف الاستثمار قانوناً بأنه: (الأموال المنقولة وغیر المنقولة التی تهدف إلى إنشاء او التوسع فی مشروع قائم، وعرّف أیضاً بأنه: (عملیة اقتصادیة تهدف أساساً إلى إنماء الذمة المالیة لبلد أو مشروع من خلال استثمار رؤوس الأموال واستغلالها للقیام بمشروعات تحقق ارباحاً مالیة تضاف إلى رأس المال المستثمر). وقد عرّف الاستثمار فی نص البند (سادسا) من المادة (1) من قانون الاستثمار العراقی النافذ بأنه ( توظیف رأس المال فی أی نشاط أو مشروع اقتصادی یعود بمنفعة على الاقتصاد الوطنی وفقاً لأحکام هذا القانون)، ویتضح من هذا النص أن المشرع أورد لفظ الاستثمار بصورة مطلقة لم یخصصه بنوع معین من الاستثمارات، واشترط فیه أن یکون بشکل نشاط أو مشروع اقتصادی یعود بمنفعة على الاقتصاد الوطنی، ولا شک فی أن الاستثمار العقاری یحقق هذا الغرض، وحیث ان المطلق یجری على أطلاقه ما لم یقید، فیکون الاستثمار العقاری محکوم بأحکام هذا القانون.
2- تعریف العقار اصطلاحاً:
عرّف المشرع العراقی العقار فی المادة (63) من القانون المدنی رقم (40) لسنة 1951 بأنه (کل شیء مستقر ثابت بحیث لا یمکن نقله أو تحویله دون تلف، فیشمل الأرض والبناء والغراس والجسور والسدود والمناجم وغیر ذلک من الأشیاء المادیة). ویتضح من هذه المادة أن العقار هو الشیء الثابت موقعاً، الذی لا یمکن نقله دون تلف، وإن الموقع الثابت للعقار عنصراً جوهریاً فیه، نظراً لعدم إمکان تحویله من جهة إلى أخرى، وهذا ما یعد عاملاً هاماً، وضماناً أساساً بالنسبة للمستثمرین فی الحصول نهائیا علیه، مع کل ما یترتب على ذلک من آثار قانونیة، وقضائیة، وتنظیمیة، مما یوفر ضمانات أکیدة خاصة فی حالة وجود نزاع حول الملکیة العقاریة المحولة للاستثمار، فالاختصاص القضائی فی النزاعات المتعلقة بالعقارات تعود دائما لمحکمة موقع العقار کاختصاص وحید وأصیل.
أما بالنسبة إلى مفهوم الاستثمارات العقاریة اقتصادیاً، فتعرف بأنها (ملکیة أرض أو بنایة أو الاثنین معاً أو جزء منهما، تعود للمالک أو المستأجر بموجب عقد إیجار تمویلی لکسب الایجار أو الارتفاع فی قیمتها او الاثنین معاً، بدلاً من استعمالها فی الانتاج أو تورید البضائع والخدمات أو للأغراض الإداریة أو للبیع ضمن النشاط المعتاد للمنشأة). ویعدّ الاستثمار العقاری توظیفاً للموارد المالیة فی موجودات عقاریة، ویشمل نوعین أساسین من الاستثمارات العقاریة؛ النوع الأول هو الاستثمار فی السکن، والنوع الثانی هو العقارات التجاریة.
ومن خلال ما تقدم نستطیع أن نعرّف الاستثمار العقاری بأنه ( قیام المستثمر- سواء کان شخصاً طبیعیاً أم معنویاً- بتوظیف رأس مال معین واستثماره فی مشروع عقاری من خلال بناء أو هدم وبناء أو تطویر أو ترمیم أو إعادة تأهیل مجمعات سکنیة أو تجاریة فی مکان معین، لغرض تحقیق ارباح مالیة تضاف إلى رأس المال المستثمر).
ولا بد أن یتم الاستثمار العقاری بموجب عقد وهو عقد الاستثمار الإسکانی والذی یعرّف بأنه: (العقد الذی تبرمه الدولة أو أحد الاشخاص المعنویة التابعة لها مع مستثمر من أجل إقامة المبانی السکنیة والمرافق المتعلقة بها خلال مدة محدّدة وتصرّفه بها بالبیع للمواطنین أو للجهة المانحة أو باستغلالها عن طریق الایجار وبحسب الاتفاق).
3- تعریف العشوائیات اصطلاحاً، وأسباب نشوئها:
انتشرت مناطق السکن العشوائیة فی العراق بشکل کبیر حول المدن العراقیة المختلفة، إذ دفعت أزمة السکن المواطنین الى مخالفة القوانین والأنظمة الخاصة بالتخطیط العمرانی والبناء فی المدن، وظهرت نتیجة لذلک مدن ومناطق سکن عشوائیة کثیرة تفتقر الى أبسط مقومات العیش الکریم، ولا تحظى بأیة خدمات، فضلاً عن افتقارها الى التنظیم والترتیب، کما أنها أقیمت على أراضی الدولة، والأراضی الزراعیة، داخل حدود المدن وخارجها.
وقد تعــدّدت المصــطلحات لتوصــیف ظــاهرة الســکن العشــوائی فــأطلق علیهــا عــدة مســمیات : کـ (التجمعــات غیــر الرســمیة، والتجمعـات غیـر القانونیـة, ومـدن الصـفیح, والمـدن غیـر النظامیـة, والسـکن القزمـی, ومـدن الأکـواخ, وغیرهـا)، ویختلف هذا المفهوم مـن مکـان إلـى آخـر، حسـب اوضـاع کـل مجتمـع ومسـتویات المعیشـة والقـیم والـنظم الاجتماعیة السائدة به، فالعشـوائیات هی المنـاطق الفقیرة المزدحمة التی تنشـأ بصورة غیـر مخططـة عمرانیـاً, ومحرومـة مـن الخـدمات والمرافـق الأساس ، أو هی الإسـکان غیـر الرسـمی الـذی ینشـأ أساسـاً نتیجـة التجاوز على أراضـی الدولـة, واقـــــامة مبـانٍ سـکنیة علیهـا وهـی تقـع علـى أطـراف المـدن فـی الغالـب، ویقصـد بــها أیضاً بأنها تلـک المسـاکن التـی أقیمـت علـى مسـاحات شاسـعة مـن المنـاطق الزراعیة على وفق تقسیمات غیر معتمدة, وبدون ترخیص, وبصفة عامة, فان تعبیر المناطق العشوائیة هو احد المــــسمیات التی تطلق على عملیة بناء المــــساکن بصورة غیر قانونیة, والتی ظهرت کنتیجة حتمیـة للنمـو الحضـری السـریع بمدن معظـم دول العـالم النـامی.
وقد عرّفت الأمم المتحدة المناطق العشوائیة بأنها (المناطق المتهالکة، والقدیمة، الواقعة داخل المدینة، ومستعمرات واضعی الید التی تحتل اطراف المدن خارج المخططات العمرانیة، والتی تعانی من عدم الاعتراف بشرعیتها، والعشش والاکواخ أو ما یسمى بمدن الصفیح، والتی تنتشر فی الاحیاء السکنیة الحدیثة والقدیمة على حد سواء فی قلب المدن أو على هوامشها). وتسمى العشوائیات بالتجاوزات أیضاً: وقد أوضح القرار رقم (154) لسنة 2001، المقصود بالتجاوز بأنه ( یُعد تجاوزا التصرفات الآتیة الواقعة على العقارات العائدة للدولة والبلدیات ضمن حدود التصامیم الأساس للمدن دون الحصول على موافقة أصولیة: 1- البناء سواء أکان موافقا أم مخالفاً للتصامیم الأساس للمدن.2- استغلال المشیدات. 3- استغلال الأراض ).
وأخیراً نؤید التعریف القائل بأن العشوائیات هی (المناطق الواقعة ضمن الحدود الاداریة للمحافظات، داخل المدینة أو خارجها، تتخذ أشکالا هندسیة مختلفة، وتستعمل مواد بناء متنوعة، وتنشأ من دون موافقات قانونیة ومخططات تقسیم الأراضی الرسمیة، ویستولی سکانها على الأملاک العامة للدولة غالبا، والاملاک الخاصة أحیانا قلیلة، ولها مساحات متباینة، ولا یخصص لها أیة خدمات اضافیة (ماء، کهرباء، صرف صحی...) وإنما تتجاوز على شبکة الخدمات المخصصة للمناطق الرسمیة ذات الجنس السکنی المجاورة لها). وهناک العدید من الأسباب التی أدت إلى نشوء السکن العشوائی وتوسعه، ویمکن إجمالها بما یلی:
1- غیاب السیاسات التنمویة المحدّدة للإسکان وتوزیعه، وعدم وجود سیاسات للأراضی المخصصة داخل المدن وخارجها، وانعدام الدعم والتمویل المالی، واضطراب الأوضاع الأمنیة والسیاسیة, وضعف الجهات الرقابیة فی تطبیق القوانین والتشریعات الخاصة بمثل هذه التجاوزات قد أسهم بصورة کبیرة فی نشوء هذه التجمعات.
2- قیام الدولة بمسؤولیات تنفیذیة للتشیید والبناء، بینما یجب أن یکون دورها الرئیس رسم السیاسات العامة لذلک، ومتابعة هذه السیاسات وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص ( الشرکات، والهیئات، والجمعیات )، فضلاً عن الأفراد، للمساهمة فی حل مشکلة الإسکان.
3- غیاب المخططات الهیکلیة للمدن وقربها المکانی من القرى، وموقع الأخیرة القریب من المدن لدرجة الالتحام، ونتیجة للزیادة السکانیة وأزمة الإسکان بالمدینة، اتسعت المبانی العشوائیة الى الأراضی الزراعیة المجاورة، وتمدّدت القریة على حساب مساحتها الزراعیة، وبدون تخطیط, ولضعف الرقابة یتم ضم هذه القرى إلى المدینة بکل اوضاعها وخدماتها غیر الملائمة لتصبح المناطق العشوائیة داخل المدن.
4- تداخل المسؤولیات والصلاحیات بین الوزارات والجهات الأخرى فی مجال الإسکان وعدم قیامها بدورها الحقیقی فی مجال التخطیط الإسکانی والعمرانی، کما أن التأجیل المستمر لحل هذه المشکلة من قبل الحکومات المتعاقبة أدى إلى تفاقمها وصعوبة وتعقید فی حلها.
5- ترکز الاستثمارات فی مدنٍ دون غیرها، مما جعلها مرکزاً لاستقطاب المواطنین المهاجرین إلیها وزیادة نسبتهم، لغرض الحصول على فرص عمل, وتحسین أوضاعهم المادیة، یقابلها فی ذلک ارتفاع أسعار الأراضی الحضریة والمساکن والایجارات. ورغبة هؤلاء المهاجرین من القرى أو المناطق الریفیة فی ان یکون سکنهم فی منطقة واحدة رغبةً فی ان یکون مع أهل قریته او عشیرته.
6- حب التملک والطمع فی أراضی الدولة, وقیام بعضهم بالمتاجرة عن طریق إفراز وبیع قطع الأراضی، یدفعهم إلى حالات مقصودة من التجاوز على أراضی الدولة.
7- نقص التشریعات فی مجال الاسکان وتضاربها، ووضع معاییر تصمیمیة مرتفعة، تجعل الإسکان الخاص الرسمی فوق متناول قدرة العدید من الأسر, وکذلک قیام الحکومة والبلدیات بتوزیع قطع أراضٍ غیر مخدومة على عدد من شرائح المجتمع، مع عدم توزیع قروض مالیة لهم لبنائها، مما جعل محدودی الدخل یتوجهون نحو المناطق العشوائیة.
الفرع الثانی
مقومات الاستثمار العقاری
یعدّ الاستثمار العقاری، أحد أهم الأسالیب الناجعة فی حل مسألة العشوائیات وما تترتب على هذه الظاهرة من آثار، ومن خلاله یمکن تقدیم الخدمات لهذه المدن والأحیاء والمناطق العشوائیة، ویمکن أیضاً تملیک تلک الأراضی الزراعیة وغیر الزراعیة المقامة علیها العقارات للمواطنین، ویمکن للمستثمر، فی سبیل إصلاح الوضع وتصحیح هذه الظاهرة، إقامة مشاریع البنى التحتیة، وهدم بعض الأبنیة، أو إضافة بعضها الآخر بالقدر الکافی لتحویل هذه المناطق، من مناطق سکن عشوائیة، إلى مناطق سکنیة منظمة، خاضعة لأحکام القوانین والأنظمة ذات العلاقة، وتوجد الکثیر من العوامل والمقومات التی تدفع المستثمرین للاستثمار فی مجال ونشاط القطاع العقاری، لا سیما الإسکان العقاری، نظراً للأرباح التی یحصل علیها المستثمر من هذا القطاع مقارنة بالاستثمارات فی القطاعات والنشاطات الأخرى، ویمکن إجمال تلک المقومات بما یلی:
1- یتطلب رأس مال صغیر: لا یتطلب الاستثمار العقاری رؤوس أموال ضخمة للاستثمار فیه، إذ یستطیع المستثمر أن یشتری عقاراً محدداً، بمبلغ معین، ومن ثم یستطیع تغطیة بقیة مبلغ العقار من خلال الحصول على رهن عقاری کضمان للقرض.
2- قلیل المخاطر: قد یخسر المستثمر بعضاً من أمواله من خلال الاستثمار فی العقار ویتعرض للمخاطر أیضاً، وحیث ان الاستثمارات بأنواعها المختلفة تتعرض الى مخاطرة ما، إلا أنه مقارنة بین الاستثمار العقاری وغیره من الاستثمارات، یعدّ العقار وسیلة آمنة، وجیدة، تحقق عوائداً وأرباحاً للمستثمرین لا سیما اذا أحسنوا استعمال وسائله وطرقه، نظراً لوجود الکثیر من الأسباب التی تخفض من تلک المخاطر، ومنها؛ الزیادة المستمرة فی السکان، التی یقابلها زیادة على طلب العقارات السکنیة، وکذلک سهولة التمویل، وقلة الاراضی المتاحة للسکن وغیرها.
3- اکتساب القیمة وارتفاعها: من مقومات الاستثمار العقاری هو سرعة اکتساب العقار للقیمة، بمعنى أن العقار بالإمکان رفع قیمته، من خلال خبرة المالک أو المستثمر من خلال تأهیل العقار، مثل بناء مراکز تجاریة، أو توسیع قطعة الأرض وغیرها، وهذا یقودنا الى ارتفاع فی قیمة العقار، حیث تزداد ثروة العقار وقیمته خلال مدة معینة من الزمن، ویختلف هذا الأمر بحسب موقع العقار ونوعه. ویتطلب ارتفاع القیمة مرور مدة معینة فی الغالب تکون طویلة الأمد.
4- إمکان إعادة تأهیل العقار أو تقسیمه: یمتاز العقار بإمکان إعادة تأهیله، من خلال الترمیم، أو الهدم والبناء مرة أخرى، کما یمکن إعادة تقسیمه، مثلاً إعادة تقسیم العقارات السکنیة إلى عقارات تجاریة، أو تقسیم العقار الواحد إلى عدة استعمالات، کأن یکون التقسیم فی جزء منه تجاریاً، وفی جزءٍ آخر سکنیاً وهکذا مما یسهم فی استعمال العقار استعمالاً متنوعاً یدرّ الأرباح على المستثمر، وهذه من أهم مقومات الاستثمار العقاری.
ونلاحظ أنه فی السنوات الأخیرة عمد الکثیر من أصحاب العقارات أو المستثمرین إلى إعادة تأهیل عقاراتهم وتنویع استعمالاتها بین المحال التجاریة، والسکنیة. بل لوحظ أن العدد من مالکی العقارات من غیر التجار أو المستثمرین ساروا على نفس خطى المستثمرین، من خلال هدم عقاراتهم، وإعادة تأهیلها وتقسیمها إلى عدد من المحال التجاریة، والشقق السکنیة، لتدرّ علیهم الدخل الشهری أو السنوی، مع الاحتفاظ لأنفسهم بجزء من ذلک العقار للسکن الشخصی.
5- سهولة تعلم مهارات الاستثمار العقاری: ان تعلم المهارات المطلوبة للنجاح فی مجال الاستثمار العقاری سهل ویسیر، إذ ان تعلّم انواع الممتلکات العقاریة وطبیعتها یساعد المستثمر على الدقة فی العمل وتنظیم الموارد البشریة، والذی یقود بالنتیجة الى معرفة المستثمر للعقارات التی یمکن ان تدیر علیه أرباحاً ومن ثمّ الترکیز علیها.
6- الاقراض الحکومی: صحیح أن الدعم الحکومی محدود فی مجال العقار، إلا أنه یعد من المقوّمات التی تدفع بالمستثمرین إلى الاستثمار فی هذا النشاط. فمثلاً فی العراق یوجد مصرف خاص للأغراض العقاریة وهو المصرف العقاری العراقی، حیث یمنح هذا المصرف قروضاً مختلفة فی مجال العقار من خلال قروض الإسکان للمواطنین وتتضمن هذه القروض ( شراء وحدة سکنیة, بناء وحدة سکنیة, إضافة بناء, ترمیم) وبنسبة فائدة 6% ومدة القرض (5 سنوات). کذلک صندوق الاسکان العراقی التابع الى وزارة الاعمار والاسکان هو الآخر یقوم بتمویل مشاریع الاسکان واقراض المواطنین والشرکات العامة المختصة لبناء الدور او الشقق السکنیة وبدون فوائد، وکذلک یقوم بالاستثمار فی الاراضی والعقارات. بالإضافة إلى المصارف العراقیة الأخرى التی تمنح قروضاً خاصة لشراء أو بناء أو تأهیل أو إعادة ترمیم العقارات السکنیة وبقروض وفوائد مختلفة، کمصرف الرافدین والرشید وغیرهما.
الفرع الثالث
المزایا الممنوحة للاستثمار العقاری
تعمل الکثیر من الدول التی ترغب بجذب الاستثمارات إلیها على إزالة الشکوک والمخاوف التی تراود المستثمرین حول استثماراتهم فی تلک البلدان، ولذا تقدم تلک الدول عدداً من المزایا التی تستهدف تشجیع المستثمرین على القیام بتلک الاستثمارات، والتی تعدّ بمجملها حقوقاً للمستثمر وتشجیعا له، وبالرجوع لقانون الاستثمار العراقی النافذ رقم 13 لسنة 2006 المعدل، نجده قد منح للمستثمر المزایا التالیة:
أولا: تملیک الأراضی المخصصة للمشاریع السکنیة: نصّ الفقرة ( ثانیاً/أ/1 ) من المادة (10) من قانون الاستثمار العراقی النافذ المعدل على أنه ( یجوز تملیک المستثمر العراقی أو الأجنبی الأراضی المخصصة للمشاریع السکنیة والعائدة للدولة والقطاع العام، وللمستثمر العراقی أو الأجنبی شراء الأراضی العائدة للقطاع الخاص أو المختلط لإقامة مشاریع الإسکان حصراً، شریطة عدم تعارضها مع استعمالات التصمیم الأساس)، وهذا التوجه خطوة متقدمة من المشرع العراقی وجیدة فی سبیل تشجیع الاستثمار فی مشاریع الإسکان هذا من جهة، کما ان التملیک المنوه عنه فی هذه الفقرة محدّد بهذه المشاریع على سبیل الحصر، ومشروط بعدم تعارضه مع التصمیم الأساسی للمدن من جهة أخرى. وقد تنبّه المشرع العراقی لمسألة تملیک الأراضی فی تعدیل قانون الاستثمار، لأنه لم یکن یسمح، قبل التعدیل، للمستثمر الأجنبی بتملک العقارات والأراضی، وهذا الحق مرهون بالغرض الذی ملکت على أساسه العقار أو الأرض، وتستثنى فی هذه الحالة اجراءات البیع من قانون بیع وایجار اموال الدولة رقم 32 لسنة 1986. وقد ألزمت الفقرة (ثانیاً/ و) من المادة (10) من قانون الاستثمار العراقی النافذ المعدل المستثمر العراقی أو الأجنبی بتشیید الوحدات السکنیة خلال الفترة المحددة فی الاتفاق وبیعها أو إیجارها إلى المواطنین.
أما نظام بیع وایجار عقارات الدولة والقطاع العام لأغراض الاستثمار والمساطحات علیها رقم (6) لسنة 2017 بخصوص تملیک الأراضی لأغراض مشاریع الاستثمار الاسکانی، فقد فرق بین حالتین، حیث جعل تملیک الاراضی الواقعة ضمن التصمیم الأساس للمستثمر مقابل بدل، إذ نصت الفقرة (أولاً) من المادة (4) منه على أنه (تُملک الأراضی المخصصة للمشاریع السکنیة ضمن التصمیم الأساس ببدل بیع قدره (١٠%) عشرة من المئة من قیمة الأرض على أن یتولى المستثمر إیصال البنى التحتیة الخارجیة للمشروع مجاناً، وتخصیص نسبة (١٠%) عشرة بالمائة من المساحة المخصصة للمشروع السکنی للجهة المالکة لغرض استثمارها). أما الأراضی الواقعة خارج التصمیم الأساس فقد أجاز تملیکها بدون بدل، إذ نصت الفقرة (ثانیاً) من ذات المادة على أنه (یُملک المستثمر والمستثمر الثانوی الأراضی المخصصة لأغراض الإسکان التی تقع خارج التصمیم الأساس بدون بدل، على أن لا تحتسب قیمة الأرض ضمن قیمة الوحدة السکنیة المباعة للمواطن، وأن یتولى المستثمر إیصال البنى التحتیة الخارجیة للمشروع مجاناً، وتخصیص نسبة (10%) عشرة بالمائة من المساحة المخصصة للمشروع السکنی للجهة المالکة لغرض استثمارها ).
ثانیاً: استئجار الأراضی اللازمة للمشروع: لکی یقوم المستثمر بأعماله فی مجال الاستثمار العقاری ینبغی تخصیص قطعة ارض لإقامة المشروع، لذلک نجد أن التشریعات الاستثماریة قد نصّت على منح التسهیلات اللازمة للحصول على الأرض، وهذا ما جاءت به المادة (10/ثالثاً/أ) من قانون الاستثمار العراقی النافذ على أنه (للمستثمر العراقی والأجنبی حق استئجار العقارات أو المساطحة من الدولة أو من القطاعین الخاص والمختلط لغرض إقامة المشاریع الاستثماریة علیها لمدة لا تزید عن (50) خمسین سنة قابلة للتجدید ...) واشترطت هذه المادة موافقة (الهیأة مانحة الاجازة) و (الجهة ذات العلاقة)، و نرى أنه ینبغی ان یکون الایجار بموجب عقد یحدد حقوق والتزامات مالک الأرض والمستثمر، کما لا یجوز للأخیر استغلال الأرض لغیر الاسکان العقاری، وعلى الجهة المانحة لإجازة الاستثمار او المؤجرة للأرض سحب الأرض فی حال استغلالها لغیر أغراض المشروع أو عدم استغلالها خلال المدة المتفق علیها فی العقد.
وأجازت المادة ( 10/ثالثاً/د ) من قانون الاستثمار العراقی المعدل النافذ ( للهیئة المانحة لإجازة الاستثمار الاتفاق مع المستثمر العراقی أو الأجنبی على بقاء المشروع الاستثماری ملکاً للمستثمر أرضاً وبناءً أو بناءً حسب ما إذا کان المشروع سکنیاً أو غیر سکنی على التوالی والتعاقب بعد انتهاء فترة الاجازة دون التمتع بالمزایا والتسهیلات والضمانات الواردة فی هذا القانون).
أما نظام بیع وایجار عقارات الدولة والقطاع العام لأغراض الاستثمار والمساطحات علیها رقم (6) لسنة 2017 فقد نصت المادة (٥) منه على أنه (تُؤجر الجهة المالکة للعقار أو الجهة صاحبة حق التصرف بالتنسیق مع الهیئة الوطنیة لاستثمار الأراضی والعقارات المخصصة للمشاریع الاستثماریة وفقاً للنسب المئویة من بدل الایجار السنوی المقدر لکل منها من اللجان المشکلة بموجب المادة (٢) من هذا النظام وعلى النحو الآتی :أولاً: أ.الأراضی اللازمة لتنفیذ المشروع أو المشاریع السکنیة أو المدن السکنیة المتعددة الأغراض مثل المجمع الترفیهی أو التجاری أو الخدمی ضمن المدن السکنیة بعد إفرازها، مقابل بدل إیجار أو مساطحة قدره (7%) سبعة من المئة من قیمة بدل الإیجار المقدر بنسبة (١٠%) من القیمة الحقیقیة للأرض، على أن یقوم المستثمر بإعادة الأراضی التی تستخدم للنفع العام مثل الحدائق والشوارع وغیرها إلى الجهات الحکومیة المعنیة خلال (٦٠) ستین یوماً من تأریخ انجاز المشروع مجاناً).
ثالثاً: إخراج رأس المال: تعمد الدول إلى اصدار قوانین وأنظمة وتعلیمات تحد بموجبها حرکة دخول الأموال الأجنبیة وخروجها من البلد، ولا تجیز تداولها إلا بإذن من الدولة، وهذه الاجراءات من معوقات الاستثمار التی تحجم المستثمرین من الاقدام على الاستثمار فی تلک الدول، وقد تنبهت البلدان، إلى هذه المسألة، فعمدت إلى معالجة ذلک بشتى الطرق، وتسهیل عملیة دخول الأموال الأجنبیة وخروجها، والتعامل فیها وتداولها بحریة. وقد تنبّه المشرع العراقی إلى ذلک فأجاز للمستثمر اخراج رأس المال الذی أدخله فی المادة (11/أولا) من قانون الاستثمار العراقی النافذ حیث تضمنت بأنه یتمتع المستثمر (بإخراج رأس المال الذی أدخله إلى العراق وعوائده وفق أحکام هذا القانون وتعلیمات البنک المرکزی العراقی وبعملة قابلة للتحویل...) إلا أن ذیل هذا البند قد اشترط ذلک الإخراج لرأس المال بـ (تسدید المستثمر لالتزاماته ودیونه کافة للحکومة العراقیة وسائر الجهات الأخرى) فعلى المستثمر أن یفی بالتزاماته تجاه الحکومة العراقیة أو هیئات الاستثمار أو دوائر الضرائب أو أیة جهة أخرى وتسدید ما بذمته من دیون کی یتسنى له إخراج رأس المال. وقد أحسن المشرع العراقی إذ جعل إخراج رأس المال یجب أن یتم وفقاً لتعلیمات البنک المرکزی العراقی وضوابطه، کونه الجهة الوحیدة المختصة فی السیاسة النقدیة للبلد، وبغیة قطع الطریق على المستثمرین فی التهرب من تلک التعلیمات. ویعترض على هذا البند أنه قد یعطی الفرصة للمستثمر الأجنبی بالمضاربة على قیمة العملة الوطنیة من جهة، کما أنه یعرض الاقتصاد الوطنی لعدم الاستقرار من جهة أخرى، نتیجة للحرکة غیر المقننة والمستمرة لرؤوس الأموال الأجنبیة.
رابعاً: التداول فی سوق الأوراق المالیة وتکوین محافظ الاستثمار واکتساب العضویة فی الشرکات وتأسیسها وتسجیل براءات الاختراع: إن اعطاء الحریة لحرکة الأموال المستثمرة فی العقارات ذو أثر ایجابی على جذب تلک الاستثمارات، ومن شأنه أن یسهم فی تنمیة ودعم اقتصادیات البلدان النامیة. وقد منحت المادة (11/ ثانیاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ، الحق للمستثمر الأجنبیفی (أ- التداول فی سوق العراق للأوراق المالیة بالأسهم والسندات المدرجة فیه. ب- تکوین المحافظ الاستثماریة فی الاسهم و السندات)، ویتضح من هذه الفقرة أن قانون الاستثمار أجاز للأجانب التداول بالأسهم والسندات المدرجة فی سوق العراق للأوراق المالیة (ISX)، وسمح لهم أیضاً بتکوین المحافظ الاستثماریة فی الأسهم والسندات، ویقصد بالمحفظة الاستثماریة (مجموعة من الاستثمارات فی الأسهم والسندات).
ولم یقتصر الأمر على ذلک بل تعدّاه إلى السماح للمستثمر الأجنبی بـ (...اکتساب العضویة فی الشرکات المساهمة الخاصة والمختلطة...)، وإن هذا الجواز لا یمنعه (وجود عقارات ضمن موجودات الشرکات المذکورة). کما أجازت الفقرة (ج) من البند نفسه للمستثمر الأجنبی (فتح فرع للشرکة الأجنبیة فی العراق وفقاً للقانون)، إذ من حق المستثمر سواء کان شخصا طبیعیاً أم معنویاً إنشاء شرکة وفقاً لأحکام قانون الشرکات العراقی رقم (21) لسنة 1997 المعدل، ویعتبر التأسیس وفقاً لقانون الدولة المضیفة شرطاً لضمان الاستثمار. ونود الإشارة إلى أن المشرع العراقی بموجب القانون رقم 17 لسنة 2019 قانون تعدیل قانون الشرکات العراقی النافذ، قد أجاز بموجب المادة ( 2/ثانیاً ) منه (للشخص الطبیعی أو المعنوی الأجنبی اکتساب العضویة بصفة مؤسس أو مساهم فی الشرکات المساهمة والمحدودة على أن لا تقل نسبة مساهمة العراقی عن 51% واحد وخمسین من المئة من رأس المال). وحسناً فعل المشرع العراقی حینما اشترط أن تکون نسبة مساهمة العراقی لا تقل عن 51% من رأس المال، لأنه لو لم یحدد هذه النسبة لکان من الممکن أن تخضع الشرکات لتحکم الأشخاص الأجانب الأعضاء.
وأخیراً منحت المادة (11/ ثانیاً/ د) من قانون الاستثمار العراقی المعدل النافذ للمستثمر بـ (تسجیل براءة الاختراع لمشروعه الاستثماری وفق القانون).
خامساً: التأمین على المشروع الاستثماری: یعرف التأمین بأنه (عقد بمقتضاه یلتزم شخص یدعى المؤمن، لشخص آخر یدعى المؤمن له، بتحمل المخاطر التی یتعرض لها وتعوضه فی حالة تحققها، وذلک لقاء مبلغ مسمى یدعى قسط التأمین، یدفعه المؤمن له إلى المؤمن). التأمین ظاهرة حضاریة یعزى سبب نشوئها الى رغبة الفرد فی الحمایة عما یحیط به من اخطار قد تلحق بشخصه او بماله فی حال وقوعها، وقد عرفته المادة (983) من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 بأنه (التأمین عقد یلتزم به المؤمن بأن یؤدی إلى المؤمن له أو إلى المستفید مبلغاً من المال أو إیراداً أو أی عوض مالی آخر فی حالة وقوع الحادث المؤمن ضده، وذلک مقابل أقساط أو أیة دفعة مالیة أخرى یؤدی المؤمن له للمؤمن). ویتضح من التعریف ان المؤمن (سواء أکان فردا أم شرکة) یدفع الى المؤمن له مبلغاً معیناً من المال عند وقوع حادث ما محدد بالعقد المبرم بینهما وفق تفصیل نترکه للدراسات المتخصصة فی هذا الشأن. وقد منحت المادة (11/ثالثاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ، الحق للمستثمر فی (التأمین على المشروع الاستثماری لدى أیة شرکة تأمین وطنیة أو أجنبیة یعتبرها ملائمة).
سادساً: فتح حساب مصرفی: یعدّ الحساب المصرفی أحدى العملیات والخدمات المصرفیة، التی یقدمها المصرف لزبائنه، والتی تسهل للزبون تداول رؤوس أمواله واستعمالها فی نشاطاته ومشاریعه، ویعرّف بأنه (عقد یتفق بمقتضاه شخصان على أن یقیدا فی حساب عن طریق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الدیون الناشئة عن العملیات التی تتم بینهما من تسلیم نقود أو أموال أو أوراق تجاریة قابلة للتملیک وغیرها وأن یستعیضا عن تسویة هذه الدیون عن کل دفعة على حدة بتسویة نهائیة ینتج عنها رصید الحساب عند غلقه). وقد أجازت المادة (11/رابعاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ للمستثمر (فتح حسابات بالعملة العراقیة أو الأجنبیة أو کلیهما لدى أحد المصارف فی العراق أو خارجه للمشروع المجاز)، ویستحسن لو أن المشرع قد قید فتح الحساب هذا بأن یکون لدى أحد المصارف المسجلة لدى البنک المرکزی العراقی.
سابعاً: المزایا الممنوحة بموجب الاتفاقات والمعاهدات: بالإضافة إلى المزایا المتقدم ذکرها، فقد أجازت المادة (22) من قانون الاستثمار العراقی النافذ منح المستثمر الأجنبی المزایا التی تنص علیها الاتفاقات أو المعاهدات بین العراق ودولة المستثمر، بقولها ( یتمتع المستثمر الاجنبی بمزایا اضافیة وفقاً لاتفاقات دولیة بین العراق و دولته أو اتفاقات دولیة متعددة الاطراف کان العراق قد انضم الیها).
المطلب الثانی
ضمانات وإعفاءات الاستثمار العقاری وتقییمها
لقد منح قانون الاستثمار العراقی النافذ، للمستثمرین الأجانب الرعایة نفسها الممنوحة للمستثمر الوطنی فیما یتعلق باستثماراتهم. حیث نصت الفقرة (أولاً) من المادة (10) منه على أنه (یتمتع المستثمر العراقی أو الأجنبی بجمیع المزایا والتسهیلات والضمانات ویخضع للالتزامات المنصوص علیها فی هذا القانون)، وهذه تعدّ مبادرة طیبة من المشرع العراقی فی طریق تشجیع الاستثمارات الأجنبیة من خلال منحه للمزایا والتسهیلات والضمانات إلى المستثمر العراقی والمستثمر الأجنبی على حد سواء. لذا سنتناول هذا المطلب فی ثلاثة أفرع، نخصص الاول للبحث عن الضمانات، والثانی نتناول فیه الاعفاءات، وفی الثالث ننتقل إلى تقییم تلک الحوافز:
الفرع الأول
ضمانات الاستثمار العقاری
الضمانات هی (مجموعة من الحقوق والوسائل التشجیعیة التی یغلب علیها الطبیعة الاقتصادیة، والتی تستهدف جذب واستقطاب المستثمرین خصوصاً الأجانب منهم).
کما عرّفت بأنها: (الوسائل الکفیلة التی تضمن حمایة الاستثمارات من المخاطر غیر التجاریة التی قد تتعرض لها وذلک عبر وسائل تؤمن لها الحمایة من المخاطر أیاً کانت هذه الوسائل موضوعیة أم إجرائیة ). ویمکن اجمال الضمانات التی یتمتع بها المستثمر فی قطاع العقارات وفقاً لقانون الاستثمار العراقی النافذ بما یلی:
أولاً: توظیف واستخدام الأجانب: یتطلب الاستثمار العقاری فی أغلب جوانبه، خبرات ومهارات وکفاءات فنیة، وإداریة عالیة، ومدربة، لذلک فقد اعطت العدید من القوانین الحق للمستثمر فی استخدام الأجانب والسماح لهم بالعمل وشغل بعض المناصب المهمة، ولکن هذا الحق لیس مطلقاً، إذ یرسم القانون مداه وحدوده وبصورة متفق علیها، وإن استعماله مقید بعدم وجود کفاءات وطنیة مؤهلة لأداء هذه الاعمال. وقد نصت المادة (12/أولاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ، على أنه (یحق للمستثمر توظیف واستخدام عاملین من غیر العراقیین فی حالة عدم امکان استخدام عراقی یملک المؤهلات اللازمة وقادر على القیام بنفس المهمة...) ویلاحظ على هذا البند أنه لم یحدد النسبة التی یجب ان یلتزم بها المستثمر فی تشغیل العاملین وترک ذلک للمستثمر من جهة، کما لم یحدد مستویات العمل لهؤلاء العاملین.
ثانیاً: منح حق الاقامة: نجد أن غالبیة الدول التی لدیها استثمارات ضخمة، قد تساهلت فی مسألة منح الاقامة؛ لأن تسهیل اجراءات منحها للمستثمر ومستخدمیه، وتسهیل عملیة دخوله وخروجه فی الدول المضیفة، له دور هام فی جذب الاستثمارات فیها، على خلاف الدول التی تتشدد فی منح الاقامة وفی شروطها وضوابطها. وقد نصت المادة (12/ثانیاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ، على (منح المستثمر الاجنبی والعاملین فی المشاریع الاستثماریة من غیر العراقیین حق الاقامة فی العراق وتسهیل دخوله وخروجه من وإلى العراق) ویخضع الاجانب المستخدمون للقوانین والانظمة واللوائح المنظمة لدخول الاجانب واقامتهم، والمطبقة فی الدول المضیفة.
ثالثاً: عدم مصادرة أو تأمیم المشروع: یقصد بالمصادرة نزع ملکیة الشیء جبراً عن مالکه وإضافته إلى ملک الدولة بغیر مقابل. والمصادرة عمل من الأعمال التی تقوم بها الدولة بوصفها صاحبة السیادة والسلطان، تنقل بموجبها الأموال والحقوق المالیة من تحت ید مالکها جزئیاً أو کلیاً إلیها دون مقابل، وإن الأصل فی المصادرة کونها جزاء جنائیا ذا طبیعة مالیة وعینیة تقع على مال معین متمثلا بنقل ملکیة مال معین إلى خزینة الدولة. أما التأمیم فیعرف بأنه (ذلک التغییر الذی یطرأ لاعتبارات المصلحة العامة العلیا على مال معین یدخل أو یمکن أن یدخل فی عدد وسائل الانتاج والتداول بالمعنى الواسع بحیث یخرج المال أو النشاط من دائرة الملکیة الخاصة لکی یتصل بالدولة أو أحد فروعها بغیة تسخیره لخدمة المجموعة).
وکلا الأمرین (المصادرة والتأمیم) من المخاطر التی تتعرض لها المشارع الاستثماریة، إذ قد تقدم الدولة المضیفة على مصادرة المشروع الاستثماری لأسباب معینة أو تأمیمه ونقل ملکیته من المستثمر إلى الدولة، ومن ثم إلحاق الضرر بالمستثمر، وعلى هذا الأساس فقد منع قانون الاستثمار العراقی النافذ فی المادة (12/ثالثاً/أ) مصادرة أو تأمیم المشروع الاستثماری بقولها (عدم مصادرة أو تأمیم المشروع الاستثماری باستثناء ما یتم بحکم قضائی بات)، ویتضح من هذه الفقرة أن الأصل هو عدم جواز مصادرة أو تأمیم المشروع الاستثماری، والاستثناء یجوز مصادرة أو تأمیم المشروع الاستثماری إذا صدر فی ذلک حکم قضائی بات ومکتسب الدرجة القطعیة من محکمة مختصة ومشتمل على أسبابه.
رابعاً: عدم نزع ملیکة المشروع: یقصد بنزع الملکیة أنها ( تملّک الدولة لأموال عقاریة مملوکة لأشخاص خاصة، تحقیقاً لدواعی الصالح العام بموجب قرار إداری یصدر عن الجهة المختصة). ومن خلال هذا التعریف نستطیع أن نحدد شروط نزع الملکیة بأنها لا تتم إلا على الأموال العقاریة والحقوق المتعلقة بها تنقل ملکیتها من القطاع الخاص إلى القطاع العام، وأنه لا یکون إلا تحقیقاً للمصلحة العامة للدولة، ولا یجوز إجراءه إلا بقرار من الدولة أو أحدى مؤسساتها المختصة قانوناً بذلک، ویکون لقاء تعویض عادل (نقدی أو عینی) تدفعه الدولة لمالک العقار.
ویمنح القانون العراقی الحمایة للمستثمرین الأجانب قدر تعلق الأمر بنزع الملکیة، حیث تمنع المادة (23/ثانیاً) من الدستور العراقی الدائم لعام 2005، نزع الملکیة إلا إذا کانت للمصلحة العامة ولقاء تعویض عادل، وبالرغم من أن هذا النص یوفر الحمایة للاستثمارات الأجنبیة، إلا أنه لاتزال هناک ضرورة لإصدار قانون خاص ینظم هذه المسألة. وقد نصت المادة (12/ثالثاً/ب) من قانون الاستثمار العراقی النافذ، على أنه (عدم نزع ملکیة المشروع الاستثماری إلا للمنفعة العامة کلا أو جزءً وبتعویض عادل)، وبهذا یتضح أن المشروع الاستثماری بالأصل لا یجوز نزع ملکیته، وأنه یجوز ذلک استثناءً إذا تحقق فی هذا النزع المصلحة العامة للدولة ولکن بشرط تعویض مالک المشروع الاستثماری تعویضاً عادلاً.
خامساً: تحویل رواتب العاملین للخارج: أجازت المادة (12/رابعاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ على أنه (للعاملین الفنیین والاداریین غیر العراقیین فی المشروع أن یحولوا رواتبهم وتعویضاتهم إلى خارج العراق وفقاً للقانون...) واشترطت هذه الفقرة لتحویل رواتب المستخدمین الى الخارج أن یسدد هؤلاء العاملون غیر العراقیین ما علیهم من التزامات ودیون تجاه الحکومة العراقیة وسائر الجهات الأخرى ذات العلاقة.
سادساً: ضمانات أخرى: وتتمثل بما یلی:
أ- الاستقرار التشریعی: یعد تطبیق مبدأ الثبات التشریعی احد اهم العوامل الجاذبة للاستثمارات الاجنبیة فی دولـة بحاجـة للاستثمار مثل العراق، وسائر البلدان النامیة. ویتحقق هذا الأمر من خلال ما یسمى بشرط الثبات التشریعی والذی یعد من أهم ضمانات الاستثمار، إذ یسعى المستثمرون إلى درء مخاطر عدم الاستقرار التشریعی فی تلک الدول من خلال هذا الشرط.ویقصد بشرط الثبات التشریعی (الشرط الذی یرد فی عقد الاستثمار والذی یؤدی إلى تجمید دور الدولة کسلطة تشریعیة وطرف فی العقد، وفی الوقت نفسه یمنعها من تغییر القواعد القانونیة التی کانت ساریة وقت إبرام العقد ویعتبر ذلک الشرط ملزماً للطرفین استناداً إلى قاعدة العقد شریعة المتعاقدین). أی هو ذلک الشرط الذی یقید سلطة الدولة المضیفة من خلال تجمید القواعد التشریعیة فی علاقتها مع الشرکات المستثمرة على الحالة التی کانت علیها عند التعاقد، لحمایة الأخیرة من المخاطر التشریعیة المتمثلة فی تعدیل العقد، من خلال تغییر تشریع الدولة الواجب التطبیق أما بوصفه القانون الذی یحکم العقد، أو باعتباره من القواعد الضروریة فی التطبیق.وبالتالی یتم تثبیت العقد بموجب سلطة المتعاقدین على قانونه النافذ وقت التعاقد، فلا یسری أی تعدیل أو تغییر یطرأ علیه فی المستقبل. وقد تضمنت المادة (13) من قانون الاستثمار العراقی النافذ ان ( أی تعدیل لهذا القانون لا یترتب علیه أثر رجعی یمس الضمانات والإعفاءات المقررة بموجبه )، ومن الجدیر بالذکر ان المشرع العراقی فی قانون الاستثمار لم یـنص على هذا المبدأ بشکل صریح کما ان مثل هذا المبدأ یمثل ثقة المـستثمر الاجنبـی بالدولـة المـضیفة للاستثمار.
ب- التحکیم: من أهم الضمانات (الاتفاقیة) المشجعة للاستثمار الأجنبی هو التحکیم، الذی له میزة بارزة فی التجارة الدولیة، ویعود سبب ذلک لما یتمتع به من مزایا، أهمها استبعاد القضاء الوطنی من الفصل فی النزاعات الناشئة عن الاستثمار، لذا یفضله المستثمر الأجنبی، ویلجأ إلیه لتسویة
منازعاته مع الدولة المضیفة. لذلک تنبه له المشرع العراقی، وسمح فی المادة (27/أولاً) من قانون الاستثمار العراقی النافذ اللجوء إلى التحکیم فی حل المنازعات الناشئة عن تطبیقه بقوله (...ویجوز الاتفاق مع المستثمر على اللجوء إلى التحکیم التجاری (الوطنی أو الدولی) وفق اتفاق یبرم بین الطرفین یحدد بموجبه اجراءات التحکیم وجهته والقانون الواجب التطبیق).
الفرع الثانی
الاعفاءات الممنوحة للمستثمر العقاری
زیادة على ما تقدم من المزایا والضمانات التی وفرها قانون الاستثمار العراقی النافذ وتعدیلاته، والأنظمة ذات الصلة الملحقة به للمستثمر، فإنها أیضاً وفرت له جملة من الاعفاءات التی تشکل حافزاً کبیراً للمستثمر، ویمکن إجمالها فیما یلی:
أولاً: الإعفاء من الضرائب والرسوم: یقصد بالإعفاء الضریبی (هو تنازل الدولة عن حقها فی فرض الضریبة وتحصیلها عن إیراد خاضع أصلاً للضریبة وفقاً لاعتبارات معینة، وهذا الإعفاء لا یطبق إلا بقانون، ولا یحق للدوائر المالیة منح الإعفاءات إلا بمقدار ما سمح لها التشریع الضریبی بذلک). ویعد الاعفاء من الرسوم الجمرکیة والضریبیة أحد الأسالیب والضمانات المهمة المستخدمة لجذب المستثمرین، إذ یساهم ذلک فی تخفیف العبء الملقى على کاهلهم من جهة، ویسهل عملیة انتقال واستیراد البضائع والسلع وتداول رؤوس الأموال بین الدول من جهة أخرى، وتشجیع الاستثمارات الأجنبیة، ویمکن أن تکون تلک الاعفاءات بصفة مؤقتة أو دائمة تبعا للوضع الاقتصادی للدولة المضیفة.
وقد منح البند (أولاً) من المادة (١٥) من قانون الاستثمار العراقی النافذ المشروع الحاصل على إجازة استثماریة إعفاءً من الضرائب والرسوم لمدة (10) سنوات بشروط وهی؛ أن یبدأ الاعفاء من تاریخ تشغیل المشروع تجاریاً، وحسب تحدید مجلس الوزراء للمناطق التنمویة المشمولة وفقاً لاقتراح هیأة الاستثمار، وحسب درجة التطور الاقتصادی الذی یعکسه المشروع للمنطقة، وأخیراً حسب طبیعة ذلک المشروع الاستثماری. ولم یکتفِ المشرع عند هذا الحد بل منح فی البند ثانیاً من المادة ذاتها (لمجلس الوزراء اقتراح مشاریع قوانین لتمدید او منح اعفاءات بالإضافة الى الاعفاءات المنصوص علیها فی البند (اولاً) من هذه المادة او تقدیم حوافز او ضمانات او مزایا اخرى لأی مشروع او قطاع او منطقة والمدد والنسب التی یراها مناسبة...) إلا أن هذا الاعفاء الاضافی مشروط أیضاً بـ (طبیعة النشاط، وموقعه الجغرافی، ومدى مساهمته فی تشغیل الأیدی العاملة، ودفع عجلة التنمیة الاقتصادیة، لاعتبارات تقتضیها المصلحة الوطنیة). فإذا ما توافرت هذه الشروط فی مشروع الاستثمار العقاری الإسکانی، منح المستثمر المزید من الاعفاءات. کما أن المادة ذاتها فی البند (ثالثا) منحت للهیئة الوطنیة للاستثمار الحق فی (زیادة عدد سنی الاعفاء من الضرائب والرسوم... لتصل الى (١٥) خمسة عشر سنة) بشرط (اذا کانت نسبة شراکة المستثمر العراقی فی المشروع أکثر من ٥٠%).
ثانیاً: الإعفاء من الرسوم عند نقل المشروع لمنطقة أخرى: نصت المادة (16) من قانون الاستثمار العراقی النافذ على أنه (إذا نقل المشروع خلال مدة الاعفاء الممنوحة من منطقة تنمویة الى منطقة تنمویة اخرى، فیعامل المشروع لأغراض الاعفاء المنصوص علیه فی البند (أولاً) من المادة (15) خلال المدة الباقیة معاملة مشاریع منطقة التنمیة المنقول الیها) وهذا مشروط بأن یقوم المستثمر بـ (ان یشعر الهیئة الوطنیة للاستثمار بذلک).
ثالثاً: إعفاء الموجودات المستوردة من الرسوم: ویقصد بالموجودات: المکائن والآلات والأجهزة والعدد والوسائل والمواد والأشیاء الأخرى المستعملة فی إنشاء المشروع الاستثماری وإنجازه. وقد نصت المادة (17) من قانون الاستثمار العقاری النافذ على أربع حالات لإعفاء الموجودات؛ أولاً: اعفاء الموجودات المستوردة لأغراض المشروع الاستثماری من الرسوم، بشرط ان یتم ادخالها الى العراق خلال (٣) ثلاثة سنوات من تاریخ منح اجازة الاستثمار. ثانیاً: تعفى الموجودات المستوردة اللازمة لتوسیع المشروع او تطویره او تحدیثه من الرسوم، بشرط إذا أدى ذلک الى زیادة الطاقة التصمیمیة، على ان یتم ادخالها خلال (3) ثلاثة سنوات من تاریخ اشعار الهیئة بالتوسع او التطویر. ثالثاً: تعفى قطع الغیار المستوردة لأغراض المشروع من الرسوم، بشرط أن لا تزید قیمة هذه القطع على (٢٠%) عشرین من المئة من قیمة شراء الموجودات، وأن لا یتصرف بها المستثمر لغیر الاغراض المستوردة من أجلها. رابعاً: تمنح مشاریع الفنادق والمؤسسات السیاحیة والمستشفیات والمؤسسات الصحیة ومراکز التأهیل والمؤسسات التربویة والعلمیة اعفاءات اضافیة من رسوم استیراد الاثاث والمفروشات و اللوازم لأغراض التحدیث والتجدید مرة کل (٤) اربع سنوات فی الاقل، بشرط ان یتم ادخالها الى العراق او استعمالها فی المشروع خلال (٣) سنوات من تاریخ صدور قرار الهیئة بالموافقة على قوائم الاستیرادات وکمیاتها، وأن لا یتم استخدامها لغیر الاغراض المستوردة من اجلها.
ویسجل على هذا البند أنه لم یشمل بتلک الاعفاءات الاضافیة مشاریع الاستثمار الإسکانی، وکان الأولى بالمشرع شمول هذا القطاع بتلک الاعفاءات تشجیعاً للمستثمرین فیه، بغیة الاسهام فی حل مشکلة السکن، والاسکان العشوائی. وحسناً فعل المشرع باشتراطه على المستثمر تسدید الضرائب والرسوم والغرامات وفقاً للقانون (إذا تبین ان موجودات المشروع المعفاة کلها أو بعضها من الضرائب والرسوم قد بیعت خلافاً لأحکام هذا القانون او استعملت فی غیر المشروع او استخدمت فی غیر الاغراض المصرح بها) وهو ما نصت علیه المادة (18) من قانون الاستثمار العراقی النافذ.
رابعاً: الاعفاء فی حالة انتقال ملکیة المشروع: یجوز للمستثمر بیع المشروع إلى مستثمر آخر, فی هذه الحالة تستمر الاعفاءات الممنوحة للمشروع، حیث نصت المادة (23) من قانون الاستثمار العراقی النافذ على أنه (إذا انتقلت ملکیة المشروع خلال مدة الاعفاء الممنوحة لها فیستمر تمتع المشروع بالإعفاءات والتسهیلات والضمانات التی منحت له حتى انقضاء تلک المدة) وذلک بشرط (ان یواصل المستثمر الجدید العمل فی المشروع السابق فی الحقول والالتزامات المترتبة بموجب احکام هذا القانون) ویلاحظ أن هذه المادة لا تتعلق بالإعفاءات فقط، بل شملت حتى الضمانات والتسهیلات الأخرى الممنوحة للمستثمر الأول وفقاً لأحکام القانون.
خامساً: بیع الموجودات المعفاة أو التنازل عنها أو إعادة تصدیرها: وقد عالجت هذه المسألة المادة (24) من قانون الاستثمار النافذ، بثلاث حالات؛ اولاً: بیع الموجودات المعفاة أو التنازل عنها الى مستثمر آخر، بشرط أن یکون مستفیداً من أحکام هذا القانون، وأن یستعملها فی مشروعه، وبعد موافقة هیأة الاستثمار على ذلک. ثانیاً: بیع الموجودات المعفاة لأی شخص او مشروع آخر غیر مشمول بأحکام هذا القانون، بشرط دفع الرسوم والضرائب المستحقة عنها، وبعد إشعار هیأة الاستثمار. ثالثاً: أعادة تصدیر الموجودات المعفاة، بعد موافقة هیأة الاستثمار على ذلک.
ویسجل على هذا النص عدة ملاحظات، أنه لم یحدد الموجودات المعفاة، هل التی وافقت علیها هیأة الاستثمار ابتداءً أم غیرها؟ ومتى یمکن للمستثمر بیع تلک الموجودات؟ کما أن المستثمر قد یستغل هذا الوضع فیعمد على استیراد موجودات لا حاجة للمشروع بها، من أجل إعادة بیعها أو تصدیرها والاستفادة من فرق السعر فی ذلک.
الفرع الثالث
مدى فاعلیة المزایا والضمانات والاعفاءات
فی النهوض بالاستثمار العقاری
على الرغم من المزایا الکثیرة والضمانات الکبیرة والاعفاءات العدیدة التی منحها قانون الاستثمار العراقی النافذ للمستثمر، إلا أنه لا نجد هناک إقبالاً واسعاً على مشاریع الاستثمار الإسکانی والعقاری، فلا توجد مشاریع استثماریة سکنیة إلا عدد قلیل منها هنا أو هناکوغیر قادرة على سد الحاجة الفعلیة للسکن ولا القضاء على العشوائیات، ومن هذا یتضح لنا أن هذه المزایا والضمانات والاعفاءات لم تساهم فی تنشیط قطاع العقار بشکل فاعل، وهنا یقودنا البحث الى تساؤل مفاده، هل أن السبب یعود لهذه المزایا والضمانات، أم أن هناک أسباباً أخرى؟
وباعتقادنا أن السبب لا یعود إلى تلک المزایا والضمانات والحوافز وإن کان یوجد فیها قصور فی بعض الجوانب، بل ان هناک أسباباً أخرى أدت إلى ضعف الاستثمار العقاری فی العراق. ویمکن إجمالها بما یلی:
1- عدم الاستقرار الأمنی: یعد الاستقرار الأمنی رکناً أساساً من أرکان المناخ الاستثماری الجید، ذلک لأن رأس المال یوصف بطبیعته بأنه جبان، أی أنه یبحث عن المناطق الآمنة اقتصادیاً وسیاسیاً. لذا تشکل حالة عدم الاستقرار الأمنی عقبة کبیرة أمام الاستثمار العقاری، لکونها تعمل على رفع کلف الحمایة والأمن للمشاریع الاستثماریة، وقد أدى ذلک إلى تطبیق سیاسات الاستثمار فی المناطق ذات الاستقرار الأمنی النسبی.
2- سیاسات البنک المرکزی العراقی النقدیة: أدت السیاسات النقدیة لتخفیف التضخم المتبعة من قبل البنک المرکزی، إلى آثار سلبیة على الواقع والمشاریع الاستثماریة، ولذلک لقیام البنک بفرض سعر خصم عالٍ وصل فی أواخر عام ٢٠٠٨ إلى ١٩%، الأمر الذی أدى إلى خلق بیئة غیر ملائمة لجذب الاستثمارات.
3- ضعف القطاع المصرفی والمالی: لا یزال القطاع المصرفی غیر قادر على منح القروض للمستثمرین فضلاً عن عامة الناس إلا بشکل محدود، وبنسبة فائدة کبیرة، إلى جانب الوسائل التقلیدیة المتبعة فی تسییر النشاط المصرفی فی العراق، حیث تضافرت هذه العوامل إلى تقلیل حجم تدفقات رؤوس الأموال الأجنبیة المستثمرة إلى العراق.
4- استشراء الفساد المالی والإداری: یمثل الفساد المالی والإداری ظاهرة معقدة ومتشابکة المتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة، یعانی الاقتصاد العراقی من وجودها، والتی أخذت بالازدیاد بشکل کبیر ومخیف خلال المدة التی تلت سقوط النظام السابق، ومما یؤسف له أن العراق – ووفقاً لتقاریر منظمة الشفافیة العالمیة - فی مقدمة الدول فساداً على المستوى العالمی، وتحمل هذه الظاهرة العدید من الآثار والرسائل السلبیة على مجمل المتغیرات الاقتصادیة ومن أهمها الاستثمار، وهناک عدة صور وأوجه للفساد المالی والإداری فی العراق، کعقود الأعمار، والتهریب، وغیرها الکثیر، والتی انعکست على إیجاد مناخ غیر داعم للاستثمار عموماً، والاستثمار الأجنبی على وجه الخصوص، لکونه یعمل على تقلیل المنافسة السلیمة والشفافیة، ویزید من کلف المعاملات على حساب عوائد الاستثمار.
5- تعقید نظام المالیة فی العراق واعتماده على الموازنة العامة: یتسم النظام المالی العام فی العراق بالتعقید، کما ان الواقع المالی فی الموازنة العامة له تأثیر کبیر على إقامة المشاریع الاستثماریة للدولة من عدمها، إذ أن العجز فی الموازنات یعنی عدم تخصیص الأموال اللازمة لإقامة المشاریع، وإن عدم وجود استراتیجیة واضحة للاستثمار، وسوء الإدارة ینتج عنه العشوائیة والتخبط فی الاستثمارات، ومن ثم یؤدی الى عرقلة أو فشل أو تأخر فی تنفیذ أو إنجاز أغلب مشاریعها الاستثماریة، أو أنجازها ولکن بمدة زمنیة تتجاوز المدة المحددة للمشروع، وعلى حساب کلف اضافیة أعلى من تلک المرصودة له.
6- معوقات أخرى: هناک معوقات کثیرة أخرى تقف حجر عثرة فی طریق الاستثمار، کالبیروقراطیة والروتین الإداری الخاص بالتشریعات القانونیة اللازمة لتسهیل عملیة الاستثمار على مراحلها المختلفة، بالإضافة إلى النقص الحاصل فی مستوى الثقافة الاستثماریة، فما زالت هذه الثقافة بعیدة عن أذهان المسؤولین فی السلطة والذی انعکس بدوره على تعطیل القرار الاقتصادی الداعم لعملیة الاستثمار.
الخاتمـة
وصل بنا المطاف إلى نهایة هذه الدراسة الموجزة عن (مدى قدرة الاستثمار العقاری على الحد من العشوائیات فی العراق) والتی بینا فیها المقصود بالاستثمار العقاری، وکذلک العشوائیات وأسباب نشوئها وانتشارها، وتعرضنا للمزایا والضمانات والاعفاءات الممنوحة للمستثمرین، وأخیراً تناولنا مدى فاعلیة هذه المزایا والضمانات والاعفاءات فی النهوض بالقطاع العقاری، ووصلنا إلى جملة من النتائج وعدد من التوصیات نعرضها تباعا:
أولاً: النتائج: هناک جملة من النتائج توصلنا الیها فی البحث هی:
1- یؤدی قطاع العقارات دوراً کبیراً فی الاقتصاد الوطنی والقومی للبلدان، ویعد من أهم القطاعات التی تحظى بأولویة ضمن المشاریع الاستثماریة لأغلب دول العالم، نظراً لأهمیة السکن فی حیاة الأفراد. لذا تسعى أکثر دول العالم إلى تشجیع الاستثمار فی هذا القطاع من خلال منح عددٍ من المزایا والتسهیلات والضمانات والاعفاءات التی تشکل بمجموعها حوافز للمستثمر تشجعه على الاستثمار فی ذلک البلد.
2- إن الاستثمار فی قطاع العقارات ینشط وینهض کلما کانت هناک مقومات تشجع على النشاط فیه، ویزداد بزیادة منح المزایا والضمانات والاعفاءات والتسهیلات للمستثمرین من قبل الدول المضیفة فی تشریعاتها،
3- بالرغم من وجود تلک الحوافز والضمانات، إلا أنه عانى ویعانی القطاع العقاری فی العراق ولا سیما قطاع الإسکان من الکثیر من المشاکل والتلکؤات والعقبات، فعلى مدار 18 ثمانیة عشر عاماً منذ عام 2003 ولغایة الآن لا نجد اهتماماً بالغاً فیه، من قبل الحکومات المتعاقبة، وإن وجدت هناک مشاریع أو خطط بشأنه، فهی مشاریع وخطط خجولة لا ترقى لمستوى الطموح والامکانات والمقومات التی یمتلکها بلد مثل العراق. کما أن الاجراءات الحکومیة وقراراتها وخطواتها لم تساهم فی القضاء على ظاهرة العشوائیات أو الحد منها على أقل الاحتمالات.
4- إن مناطق السکن العشوائیة انتشرت فی العراق بشکل کبیر خصوصاً بعد عام 2003، وشوهت صور الکثیر من المدن، والاحیاء، لأسباب عدیدة أهمها أزمة السکن التی دفعت المواطنین الى مخالفة القوانین والأنظمة الخاصة بالتخطیط العمرانی والبناء فی المدن، مع إهمال واضح من الحکومة الاتحادیة والحکومات المحلیة فی المحافظات، ولأسباب اقتصادیة واجتماعیة وغیرها کثیرة، وظهرت نتیجة لذلک مدن ومناطق سکن عشوائیة کبیرة داخل المدن وخارجها، تفتقر الى أبسط مقومات العیش الکریم، والخدمات والمرافق العامة من جهة، وتنتشر فیها الکثیر من الامراض والأوبئة من جهة أخرى، کما انتشرت فیها الکثیر من الظواهر الاجتماعیة الخاطئة وغیر القانونیة، وأصبح بعضهاً یشکل ضرراً حقیقیاً على الأمن الوطنی.
5- مما لا شک فیه أنه من خلال دعوة المستثمرین وتقدیم التسهیلات والحوافز لهم للاستثمار العقاری، یمکن إصلاح وضع العشوائیات وتصحیح هذه الظاهرة فی العراق، من خلال إقامة مشاریع البنى التحتیة، وهدم بعض الأبنیة، أو إضافة بعضها الآخر بالقدر الکافی لتحویل هذه المناطق، من مناطق سکن عشوائیة، إلى مناطق سکنیة منظمة.
6- أن المزایا والضمانات والاعفاءات التی منحها قانون الاستثمار العراقی النافذ للمستثمر على کثرتها لم تساهم فی تنشیط الاستثمار فی قطاع العقار والإسکان بشکل فاعل، والسبب لا یعود لهذه المزایا والضمانات، وإن کان فیها قصوراً فی بعض الجوانب، بل هناک أسباب أخرى کثیرة أدت إلى ضعف الاستثمار العقاری فی العراق کعدم الاستقرار الامنی والفساد الاداری المستشری والنظام المالی العراقی، وغیره من الأسباب الأخرى، فضلاً عن العراقیل والعقبات والمشاکل المتعددة التی تواجه هیأة الاستثمار الوطنی وفروعها فی المحافظات التی تحد من قدراتها وفاعلیتها فی تحقیق غایاتها التی أنشئت من أجلها.
التوصیات: نخلص إلى عدد من التوصیات وهی :
1- على الحکومة الاتحادیة والحکومات المحلیة إعداد الأراضی الصالحة للإسکان، وتهیئتها وتأهیلها وعرضها للاستثمار بالتعاون مع صندوق الاسکان العراقی والهیأة الوطنیة للاستثمار، لبناء مجمعات سکنیة فی جمیع محافظات العراق کما هو الحال فی مجمع بسمایة السکنی فی بغداد أو مشروع الدور السکنیة واطئة الکلفة، کمشروع (الألف دار) فی میسان مثلاً، ومن ثم عرضها على المواطنین أو توزیعها على شرائح المجتمع، لکون المجمعات السکنیة التی تکون مجهزة بالخدمات والمرافق العامة أفضل من توزیع قطع الأراضی بدون خدمات وبالتالی یعجز إصحابها عن بنائها بسبب التکالیف الباهظة لذلک ومحدودیة الدخل.
2- على الحکومة تکییف أوضاع المناطق العشوائیة قانوناً بما لا یضر بالتخطیط العمرانی لکل مدینة أو محافظة أو منطقة تنتشر بها تلک العشوائیات، وإعادة تهیئتها وترتیبها بالجهود الوطنیة أو عرضها للاستثمار، ومن ثم تملیکها لشاغلیها ببدل رمزی أو ببدل مناسب بالقسط المریح، وتملیکها بدون بدل لأصحاب الدخل المحدود والمعدمین فهو من واجباتها تجاههم.
3- على المصرف العقاری والمصارف العراقیة الأخرى وضع سیاسة مالیة متکاملة لتقدیم الدعم والإقراض لسکان المناطق العشوائیة، وکذلک لجمیع شرائح المجتمع لشراء أو بناء أو ترمیم العقارات السکنیة بفوائد تکون مناسبة ولیس کما هو الحال الآن مما نراه من ارتفاع قیمة الفائدة، وتسهیل اجراءات الاقراض والابتعاد عن الروتین والبیروقراطیة الاداریة فی منحها.
4- على المشرع العراقی إعادة النظر فی القوانین والنظم المتعلقة بالإسکان من جمیع جوانبها، واجراء تعدیلات فی قانون الاستثمار العراقی رقم 13 لسنة 2006 المعدل النافذ بما یکون مناسباً للإسکان ومشجعاً للقطاع الخاص للاستثمار فیه.
5- على المشرع العراقی الإسراع فی وضع وإصدار النظام القانونی والتنظیمی لإنشاء صنادیق الاستثمار العقاری (REITs) وکذلک الأدوات التمویلیة الأخرى للقطاع العقاری.
6- على دائرة مسجل الشرکات فی وزارة التجارة تسهیل الإجراءات للشرکات بتسجیل المشاریع باسم المؤسسات، والذی بدوره سوف یعزز من ثقة المستثمرین ویجذب رؤوس الأموال الأجنبیة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
1.Dr. Ibrahim Madkour, Dictionary of Social Sciences, Egyptian General Book Authority, Cairo, 1975
2. Gibran Masoud, The Leading Lexicon, 7th Edition, Dar Al-Alam Al-Mali'a, Beirut, Lebanon, 1992.
3. Dr. Nasser Sayed Ahmed, Dr. Mustafa Muhammad, Prof. Muhammad Darwish, Prof. Ayman Abdullah, Al-Waseet Dictionary, 1st Edition, House of Revival of Arab Heritage, Beirut - Lebanon, 2008
4. Dr. Ahmed Muhammad Mustafa Naseer, The Role of the State towards Investment, Part 1, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, without a year of printing.
5. Dr. Akram Nashat Ibrahim, General Rules in the Comparative Penal Code, 1st Edition, Boys Press, Baghdad, 1998
6. Dr. Basem Muhammad Salih, Commercial Law, published by Sanhouri House, Beirut, 2015
7. Dr. Basman Nawaf Fathi Hussein Al-Rashdi, The Legal System for Foreign Oil Investments, 1st Edition, Dar Al Fikr University, Alexandria, 2014.
8. Bashar Muhammad Al-Asaad, Investment Contracts in Special International Relations (what they are, the law to be applied to them, and means of settling their disputes), Al-Halabi Human Rights Publications, Lebanon, 2006.
9. Dr. Jalal Tharwat, The General Theory of the Penal Law, The Special Division Theory, Assault Crimes of Persons, The Criminal Culture Foundation, Alexandria, 1979.
10. Dr. Khaled Shehadeh Al-Khatib, Dr. Ahmed Zuhair Shamiya, Foundations of Public Finance, F-2, Wael Publishing and Distribution House, Amman, 2005.
11. Dr. Duraid Mahmoud Al-Samarrai, Foreign Investment (Guarantees and Obstacles), 1st Edition, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 2006
12. Dr. Suleiman Al-Tamawi, Principles of Administrative Law, Cairo, 1973,
13. Dr. Abdel Hakim Mustafa Abdel-Rahman, Economic Development Contracts in Private International Law, Al-Nasr Library, Cairo University, without a year of printing, p. 76.
14. Abdullah Abdul-Karim Abdullah, Investment guarantees in the Arab countries (a legal study of the most important Arab legislation and international treaties with reference to the World Trade Organization and its role in this field), Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, Amman, 2008
15. Dr. Abdel-Moneim Al-Sayed Ali, Introduction to Economics, Principles of Macroeconomics, Part 2, Al-Mustansiriya University, 1984.
16. Dr. Qasim Nayef Alwan, Investment Department, 1st Edition, House of Culture, Amman, Jordan, 2009, pg. 30.
17. Dr. Hisham Sadiq, International Protection of Foreign Money, University House for Publications, Beirut, without a year of printing
18. Ministry of Industry and Minerals, Industrial Investor Guide in Iraq, prepared by the General Directorate for Industrial Development in cooperation with the United States Agency for International Development USAID-Tijara Trade Program for Economic Development in the provinces, August 2012
19. The United States Agency for International Development, Tijara Program for Provincial Economic Development, Basra Investor Guide, a report prepared by the Lewis Burger Group Company, December, 2011.
20. Anwar Abd Munif Al-Enezi, The Legal System for Foreign Direct Investment (a study in the Kuwaiti Investment Law No. 8 of 2001), an unpublished master's thesis, submitted to the Council of the Faculty of Law - University of the Middle East, Jordan, 2012.
21. Al-Karar Habib Jahloul, Housing Investment Contract (a comparative study), an unpublished master's thesis, submitted to the College of Law - University of Karbala, 2013.
22. Ziad Faisal Habib Al-Bamboo, Legislative Advantages and Guarantees for Foreign Investment in the Iraqi Investment Law (A Comparative Study of Arab Legislations), an unpublished Master Thesis submitted to the Legal Studies Department - Institute for Arab Research and Studies - League of Arab States, Cairo, 2012
23. Akoush Souhaila, Akoush Asmaa, Huqooq - the foreign investor in Algerian law between law and application, an unpublished master's thesis, submitted to the Council of the Faculty of Law and Political Science, University of Abdel Rahman Meera Bejaia, Algeria, 2005.
24. Illat Omar, Protection of private foreign investment in national legislation and international law (a comparative study), an unpublished master's thesis, submitted to the Council of the Faculty of Law - University of Mentouri Constantine, Algeria, 2008
25. Kamal Sumaya, The Legal System for Foreign Investment in Algeria, an unpublished master's thesis, submitted to the Council of the Faculty of Law - University of Abi Bakr Belkaid - Tlemcen, Algeria, 2003
26. Mawhoubi Mahfouz, Real Estate Center from the Perspective of Investment Law, unpublished MA, Faculty of Law, Bod Waw - University of M'hamed Bougara Bou Merdas, Algeria, 2009.
27. Ibrahim Ezz El-Din, Slums (Tangible Problems and Forgotten Solutions), Revision by: Ahmed El-Sayed, Ashraf: Maha Ahmed, Egyptian Commission for Rights and Freedoms, without a year.
28. Dr. Basem Alwan Tohme, Iraqi Investment Law No. 13 of 2006 Amending the Balance, a research published in the Journal of Law Message, University of Karbala - College of Law, Fifth Year, Second Issue, 2013
29. Prof. Batoul Sarawah Abbadi, The failure of the Iraqi government's legislative investment policy, research presented to the conference (Legislative Reform is a Path Towards Rational Government and Combating Corruption) held by Al-Nabaa Foundation for Culture and Media and the University of Kufa - College of Law 25-26 April 2018
30. Prof. Dr. Jamal Baqer Mutlaq, Eng. Chief Engineer Haidar Razzaq Muhammad Al-Shibar, Determining proposals to solve the problem of random housing, an analytical study of the city of Baghdad for the period from 2003-2008, Al-Mohathtar and Development Journal, Issue (33), 2016.
31. Hussein Issa Abdul-Hassan, Contractual Guarantees for Investment, a research published in Kufa Journal of Legal and Political Sciences, Volume 1, Issue 21, 2014.
32. Prof. Dr. Sarmad Kawkab Ali Al-Jamil, Sari Taqi Muhammad Ali Suleiman, the components of real estate investment in Iraq and its determinants in application in Nineveh Governorate, a research published in the Kirkuk University Journal of Administrative and Economic Sciences, Volume (6), Issue (2), 2016.
33. Prof. Dr. Sabiha Qasim Hashem, Eng. Hanadi Sakr Maktouf, A Philosophical Introduction to Real Estate Investments Strategies, a research published in Al-Dinanir Magazine, Ninth Issue, 2016.
34. Dr. Abdul-Rasoul Abd al-Ridha and M. Khair al-Din Kazim Ubayd, The Influence of the Foreign Characteristic in the Iraqi Investment Law No. 13 of 2006, a research published in the Investigator Al-Hilli Journal of Legal and Political Sciences, Volume 1, Issue 1, 2009
35. Eng. Ahdi Adel, An Analytical Study of Slum Patterns, Journal of Engineering Sciences, Faculty of Engineering - Assiut University, Vol. 36, Issue 1, January 2008.
36. M. Ghalib Abdul Hussein Al-Jubouri, Legal Center for Foreign Investors in Iraqi Law, a research published in Tikrit Journal of Legal and Political Sciences, Volume (3), Year (3), Issue (11).
37. Prof. Dr. Hashem Ramadan Al-Jazaery, Prof. Dr. Walid Khaled Attia, M. Dr. Hussein Abdel-Qader Maarouf, Investor Incentives and Guarantees Under the Iraqi Investment Law and Some Arab Investment Laws, Research published in the Journal of Economic Sciences, Issue (23), Volume VI, January 2009.
38. Researcher Firas Jassim Musa, Slums in Iraq: A Reading of Dangers and Solutions, Research Department, Research Department, Iraqi Parliament, May - 2017, p. 4
39. Dr. Mohamed Fathy Fouda, Spotlight on Nationalization and the Nationalized State Responsibility, The Law Firm Journal, Year 56, Issue 7-8, 1976
40. Prof. Dr. Muhannad Ibrahim Fandi, Prof. Dr. Bushra Khaled Turki, Legal Regulation for Foreign Real Estate Investment (a comparative study), research published in Al-Rafidain Journal of Rights, Volume (16), Issue (58), Year (18), 2013