الملخص
یعد الحق فی السکن من أهم الحقوق التی ینبغی أن یتمتع به کل فرد فی وطنه، بوصفه من أهم مقومات المستوى المعیشی اللائق ویغدوا عاملا أساسیا للتمتع بکافة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة على حد سواء.
ولا یجوز أن ینظر إلیه على اعتبار أن هذا الحق مجرد مأوى أساسی تتوافر فیه مقومات الحیاة لساکنیه، بل یجب على الدول تعزیز هذا الحق وذلک بوضع النظم والآلیات القانونیة الملائمة لضمانه وتحدید الأطر والسیاسات لتلبیة الاحتیاجات المتعلقة بالسکن، کما تلتزم بإزالة کافة العوائق والممارسات التی تهدد حق الانسان فی المأوى.
لذا فقد رأینا أن هذا الموضوع من الأهمیة بمکان فی کل من مصر والعراق، فآثرنا أن یدور بحثنا فی جوانبه بشیء من الإیجاز.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
دور الدولة فی توفیر السکن الاجتماعی الملائم للمواطنین تطبیقاً لحق الإنسان فی السکن فی کل من مصر والعراق
The role of the state in providing adequate social housing for citizens in implementation of the human right to housing in both Egypt and Iraq
دعاء ابراهیم عبد المجید عزَّت صلاح عبد العزیز کلیة الحقوق/ جامعة حلوان - مصر القاضی بمجلس الدولة المصری Doaa Ibrahim Abdel Majid Izzat Salah Abdel Aziz College of law / University of Helwan Egypt Judge at the Egyptian State Council Correspondence: Doaa Ibrahim Abdel Majid E-mail: |
(*) أستلم البحث فی *** قبل للنشر فی
(*) Received on *** accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2020.166857
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعد الحق فی السکن من أهم الحقوق التی ینبغی أن یتمتع به کل فرد فی وطنه، بوصفه من أهم مقومات المستوى المعیشی اللائق ویغدوا عاملا أساسیا للتمتع بکافة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة على حد سواء.
ولا یجوز أن ینظر إلیه على اعتبار أن هذا الحق مجرد مأوى أساسی تتوافر فیه مقومات الحیاة لساکنیه، بل یجب على الدول تعزیز هذا الحق وذلک بوضع النظم والآلیات القانونیة الملائمة لضمانه وتحدید الأطر والسیاسات لتلبیة الاحتیاجات المتعلقة بالسکن، کما تلتزم بإزالة کافة العوائق والممارسات التی تهدد حق الانسان فی المأوى.
لذا فقد رأینا أن هذا الموضوع من الأهمیة بمکان فی کل من مصر والعراق، فآثرنا أن یدور بحثنا فی جوانبه بشیء من الإیجاز.
الکلمات المفتاحیة: الحق فی السکن، الالیات القانونیة، السکن الملائم.
Abstract
The right to housing is one of the most important rights that everyone should enjoy in his homeland, as it is one of the most important components of an adequate standard of living, and it considers an essential factor for the enjoyment of all economic, social and cultural rights alike.
It should not be seen on the grounds that this right is merely a basic shelter that provides the essentials of life for its residents. Rather, states must promote this right by setting the appropriate legal systems and mechanisms to guarantee it and defining frameworks and policies to meet housing needs, as well as committing to remove all obstacles and practices that threaten the right of The human being in the shelter.
Key words :Right to housing, legal mechanisms, and adequate housing
تمهید وتقسیم
یعتبر الحق فی السکن من الحقوق الأساس لکل فرد، فلابد أن یتمتع کل فرد بمسکن ملائم بوصفه من مقومات المستوى المعنى اللائق باعتباره عاملاً أساساً للتمتع بالحقوق السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة کافة ولا یجوز ان یقتصر النظر إلیه على أنه مجرد مأوى أساس وإنما ینبغی على الدول کافة تعزیز الأطر الوطنیة الملائمة لأعمال هذا الحق ووضع بعض السیاسات والممارسات لتلبیة الاحتیاجات المتعلقة بالسکن على المدى الطویل، فضلاً عن تنظیم المأوى من قبل القطاع الخاص، فنجد أن الدستور المصری فی عام 2012 قد نص على الحق فی السکن فی المادة 68 منه وهى تنص على الحق فی المسکن الملائم والحیاة النظیفة والغذاء وهى أمور مضمونة بموجب هذا الحق وقد تبنت الدولة خطة وطنیة للإسکان تستند إلى العدالة الاجتماعیة وتعزیز المبادرات المستقبلیة.
وقد أکدت جمیع المنظمات الدولیة وعلى رأسها الأمم المتحدة على حق الانسان فی السکن فقد عرفت مفوضیة الأمم لحقوق الانسان حق السکن على انه یعین الانسان فی أحد الأماکن فی سلامة وکرامة وان تمثل ذلک عدم استخدام القوة بالإخلاء القسری او التدمیر التعسفی مما یحدث فی فلسطین المحتلة وحق هذا الشخص فی الانتقال منه وإلیه بکامل حریته وکذلک الحصول على خدمات للمسکن من میاه وکهرباء وصرف صحى وان یکون تکلفة السکن فی إمکان کل شخص وان توفر الحمایة لقاطنی تلک المناطق بعیداً عن أی مؤثرات خارجیة وان یکون قریبا من جمیع المرافق الصحیة والمدارس والأسواق.
وتعترف المواثیق الدولیة بالحق فی السکن کما فی المادة 25 ( أ ) عن الاعلام العالمی لحقوق الإنسان بالإضافة إلى نصوص أخرى تنص على حق الانسان فی سکن ملائم کما فی اتفاقات القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة واتفاقیة حقوق الطفل واتفاقیة الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئین کما تلتزم الدولة بتخصیص هذا الحق فی السکن فیما یلى:
1- اتخاذ السبل کافة التی تضمن إتاحة السکن المقبول بثمن ملائم لکل فرد.
2- اتخاذ التدابیر اللازمة من خلال سیاستها التشریعیة للتأکید على هذا الحق.
3- توفیر الحمایة للأحیاء السکنیة ورفع مستوى الخدمات المقدمة لتلک الأحیاء السکنیة مما یضمن مستوى معیشة لائق لجمیع الأفراد.
وفی مقابل هذا الحق یجب الا یخل هذا الحق بحقوق الدولة فی القضاء على ظاهرة العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة الأمر الذى یؤثر على توفیر مساحات أراض تصلح لوضع الخطط العمرانیة للدولة وبما لا یؤثر على أی فئة من فئات الشعب أو یؤثر على حفظ الدولة فی التنمیة الاقتصادیة من خلال استقطاع أجزاء من أراضی الدولة بصورة عشوائیة وبطرق غیر قانونیة وغیر مشروعة مما یقلل من قدرات الدولة على النهوض بالمستوى المعیشی لمواطنیها ووضع خطط مستقبلیة للتنمیة المستدامة علیه.
إشکالیة البحث :
لاشک أن مشکلة المسکن للمواطن العربی تشکل أحد التحدیات الرئیسة التی تواجه الحکومات العربیة خصوصاً الدول التی تفتقر للموارد ووجود تخطیط عمرانی للدول العربیة مما أدى الى ظهور ظاهرة العشوائیات فی کثیر من الدول العربیة ومما نتج عنها سلبیات، الأمر الذى حذا بنا الى تسلیط الضوء على هذه المشکلة وإبداء الرأی فی معالجتها.
أهمیة البحث:
تتمثل أهمیة البحث فی زیادة العشوائیات داخل الوطن العربی ومما نتج عنها من سلبیات، الأمر الذى یدفعنا الى محاولة وضع حلول عملیة وعلمیة لمعالجة هذه الظاهرة من خلال ألیات تساعد الحکومات العربیة فی وضع حلول للحد من هذه الظاهرة والقضاء علیها وذلک وفقا للأهداف التالیة :
1- التعرض لظاهرة العشوائیات .
2- تسلیط الضوء على ظاهرة العشوائیات.
3- وضع حلول للألیات للحد من هذه الظاهرة والقضاء علیها.
4- التأکید على حق الانسان فی المسکن فی ظل انتشار ظاهرة العشوائیات.
منهجیة البحث:
لقد اتبعنا فی هذا البحث المنهج الوصفی التحلیلی باعتباره یساعد على سرد الحقائق الخاصة بظاهرة العشوائیات من خلال الواقع فی المنطقة العربیة وذلک من خلال عرض بعض الأمثلة الواقعیة لجهود الحکومات العربیة فی القضاء على ظاهرة العشوائیات فی کل من مصر والعراق.
ومن ثم قد قسمنا البحث إلى مطلبین وهما کالتالی:
المطلب الأول: الضمانات القانونیة للحق فی المسکن الملائم.
المطلب الثانی: سیاسات الدول فی تحقیق المسکن الملائم ظل امکانیاتها الاقتصادیة.
المطلب الأول
الضمانات القانونیة للحق فی المسکن الملائم
لقد أضحت مشکلة السکن العشوائی فی المدن الکبرى العربیة إحدى المشکلات الأساس السکنیة والاسکانیة التی تعانى منها تلک المدن مما یعنى تحملها عبئا ثقیلا من السکن العشوائی الذى یضرب کل جوانبها وارجائها فی شکل احیاء ومناطق وعزب ذات بناء فوضوی ومرافق عشوائیة مبعثرة دون أدنى مراقبة من قبل الدولة علی ساکنیها وتفجرت من بین جنباتها مخاطر ومشکلات عدة سکنیة وسکانیة وخدمیة وبیئیة واجتماعیة واقتصادیة وأمنیة.
مما شکلت معه خللا فادحا فی النسیج العمرانی والحضاری للدول یتنافى وحق الإنسان فی السکن الاجتماعی الملائم الذى نصت علیه المواثیق الدولیةوباتت دساتیر وتشریعات العدید من الدول - فی شتى أنحاء العالم - تتضمن على نحو مضطرد نصوصاً قانونیة صریحة أو ضمنیة بشأن الحق فی السکن، ومنها الدستور المصری والدستور العراقی الصادر عام 2005م، وذلک نظرا لکون السکن من أهم الاحتیاجات الاساس للفرد إنسانیا وصحیا ونفسیا حیث یشعره بالحمایة والاستقرار ویدفع عنه غائلة التشرد والاحساس بالأمان والتی تقع مسئولیة توفیره على الدول باعتبارها الجهار الإداری المکلف بخدمة المواطن وتیسیر سبل عیشه.
وعلى ذلک فإن الجوانب المحددة لمعیار السکن الملائم تشمل الضمان القانونی لشغل المسکن وهى فی الجملة تتمثل فی توفیر الخدمات والموارد والمرافق والهیاکل الأساس والقدرة على تحمل التکلفة، والصلاحیة للسکن واتاحة امکان الحصول على السکن والموقع وسنتناول هذه الضمانات بشیء من التفصیل:
1- الضمان القانونی لشغل المسکن:
یجب أن یتمتع کل شخص بدرجة کبیرة من الأمن فی شغل مسکنه مما یکفل له الحمایة القانونیة اللازمة من الاخلاء بالإکراه وغیر ذلک من التهدیدات لذا کان لزاما على الدول کافة أن تتخذ التدابیر اللازمة والفوریة التی تهدف إلى توفیر الضمان القانونی لشغل المسکن للأشخاص والأسر الذى یفتقرون لهذه الحمایة.
ومن ثم ینبغی أن یتوافر عدد من العناصر والمکونات التی حددتها لجنة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والتی ألقت مسئولیة توفیر السکن الملائم على عاتق الدول الاطراف فی العهدوذلک فی الاعلان العالمی لحقوق الانسان انطلاقا من وفاء الدول بالتزاماتها فی هذا الشأن.
2- توفیر الخدمات والمواد والمرافق والهیاکل الأساسیة:
وذلک لأن المسکن الملائم یجب أن تتوافر فیه بعض المرافق الأساسیة اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذیة وهى بالدرجة الأولى تتمثل فی الماء الصالح للشرب والکهرباء، والصرف الصحی. إلى غیر ذلک من الخدمات.
3- القدرة عل تحمل الکلفة:
مما لا شک فیه أن تکلفة المسکن تعتمد بصورة مباشرة على مسألة حصول الفرد على سکن ملائم ولعل هذا هو السبب الذی دفع لجنة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة الى اشتًراط ان تکون التکالیف المالیة الشخصیة أو الاسریة المتصلة بالسکن ذات مستوى یکفل عدم تهدید احراز تلبیة الاحتیاجات الاساس الأخرى او الانتقاص منها ویبدو ان اللجنة تتوق أن تقوم الدول الاطراف فی العهد بتحدید حد لتکالیف السکن على أساس ان تکون هذه النسبة المئویة لهذه التکالیف متناسبة مع مستویات الدخل وینبغی علیها کذلک تقدیم المعونات السکنیة للأشخاص غیر القادرین الذین لا یستطیعون تحمل تکالیف السکن وذلک عن طریق إنشاء وحدات سکنیة.
4- الصلاحیة للسکن:
حیث إن المسکن الملائم یجب أن یکون صالحا للسکن من حیث توفیر المساحة الکافیة لساکنیه وحمایتهم من عوامل المناخ التی تؤثر فی صحتهم کالبرد والحر والأمطار وکذلک من کل العوامل التی قد تهدد سلامتهم الجسدیة حیث تصبح الصلاحیة للسکن معیارا حاسما فی تحدید السکن الملائم.
5- اتاحة امکانات الحصول على السکن:
ذلک أن هذه الامکانات بجب أن تکون متاحة لجمیع الناس مهما اختلف دخلهم، مع اعطاء الأولویة للفئات المحرومة کالأشخاص المسنین والأطفال والمعاقین والمرضى وضحایا الکوارث الطبیعیة.
6- الموقع:
حیث إن المسکن الملائم یجب أن یکون فی موقع یتیح امکان الاستفادة من خیارات العمل وخدمات الرعایة الصحیة والمدارس ومراکز رعایة الاطفال وغیر ذلک من المرافق الاجتماعیة إذ ینبغی الا یترتب على التنقل بین المسکن وموقع العمل نفقات تفرض ضغوطا مفرطة على میزانیة الاسرة الفقیرة کما ینبغی الا تبنى تلک المساکن فی اماکن قریبة من مواقع التلوث مما یؤثر على الصحة العامة للسکان.
7- ملاءمة السکن من الناحیة الثقافیة
ویعنى ذلک أن الطریقة التی یتم بها بناء المسکن یجب أن تعبر على نحو مناسب عن الهویة الثقافیة لشاغلیه وألا تؤدى الأنشطة الموجهة نحو التطویر أو التحدیث فی قطاع الاسکان إلى التضحیة بالأبعاد الثقافیة.
المطلب الثانی
سیاسات الدول فی تحقیق المسکن الملائم لمواطنیها فی ظل امکاناتها الاقتصادیة
نجد أن مشکلة العشوائیات تحمل فی طیاتها جوانب سلبیة ذات تأثیر على استقرار المناطق الحضریة، فضلا عن انتشار الجرائم داخل تلک المناطق فقد أظهرت الدراسة التی أجریت داخل تلک المناطق العشوائیة عن وجود عدد من المشکلات التی تعانى منها أغلبیة تلک المناطق فی کثیر من البلدان العربیة مما حدا الکثیر من الحکومات العربیة إلى توفیر المسکن الملائم باعتباره حقا من حقوق الإنسان فی ظل امکاناتها الاقتصادیة.
الفرع الأول
دور الدولة فی القضاء على العشوائیات
إن ظاهرة العشوائیات تمثل أحدى مظاهر تحدیات دول العالم الثالث والتی من ضمنها منطقتنا - المنطقة العربیة - خاصة فیما تشهده من عدم استقرار سیاسی وانتشار للنزاعات المسلحة، الامر الذى أضفی تحدیا کبیرا یعیق هذه الدول فی ظل افتقار الکثیر من الدول العربیة للمنظومة الاقتصادیة التی تساعدها على مواجهه هذه التحدیات، إلا أنه فی ظل ذلک فإنه وفقاً لمقترحاتنا نرى أنه لابد على هذه الدول ان تتخذ الکثیر من الآلیات والإجراءات التی تمکنها من مواجهه ظاهرة العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة ومن هذه المقترحات نرى ما یلی:
1- وضع التشریعات القانونیة التی تحد من العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة وتشدید التشریعات ان وجدت والتی تکافح هذه الظاهرة.
2- تطویر العشوائیات التی أصبح وجودها وجوداً فعلیاً من خلال ما یلی:
أ- إحلال محلى للعشوائیات من خلال إیجاد منازل بدیلة لقاطنی تلک العشوائیات مع توفیر کل ما یلزمها من خدمات .
ب- تطویر المناطق العشوائیة تدریجیا خاصة اذا ما أصبحت للمدن او تکون قد دخلت ضمن التصمیم الاساس لتلک المدن.
جـ- قیام المحلیات بمتابعه بروز أی مشروعات عشوائیة للقضاء علیها فی مهدها.
د- قیام الحکومات بعمل مشاریع اسکان بأسعار اقتصادیة مع توفیر الخدمات والمرافق کافة من میاه وکهرباء وصرف صحى وأسواق.
هـ- خلق فرص عمل جدیدة للشباب وتجریم عمل الأطفال حتى یتم إیقاف الهجرة الداخلیة.
و- قد تلجأ الحکومات الى فرض عقوبات مالیة على التعدی على أراضی الدولة کتعویض للدولة عن هذه الاراضی.
وفی رأینا ان هذا التطرف یشجع المواطنین على التعدی على أراضی الدولة لمعرفته مسبقا بأنه سوف یکون بعیداً عن العقوبة وان کل ما سوف یلتزم به للدولة فی حالة تعدیه على أراضیها هو دفع مبالغ مالیة کتعویض على تلک الأراضی.
ک- العمل على إبراز مساوئ تلک العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة من خلال توعیة المواطنین اعلامیاً.
وقد أسفرت جهود جمهوریة مصر العربیة منذ ظهور فیروس کورونا مع ان سیاسات الدولة المعنیة لم تتهاون فی ازالة التعدیات کافة على الأراضی وفقاً للخطط الموضوعة والاستمرار فی ازالة العشوائیات وتطویرها وفقاً لمنهجیة الحکومة الطموحة على الرغم من انشغالها مع باقی الدول فی معالجة آثار فیروس کورونا وهذا یدل على جدیة الحکومة المصریة فی تنفیذ خططها فی تطویر العشوائیات وازالة التعدیات.
الفرع الثانی
حق الانسان فی مسکن ملائم فی ضوء المواثیق والمعاهدات الدولیة
قبل التحدث عن حق الانسان فی مسکن ملائم فی ضوء المعاهدات والمواثیق الدولیة یجب ان نتعرض أولاً لتعریف حق المسکن باعتباره من حقوق الانسان التی أقرت بها المعاهدات والمواثیق الدولیة فی جمیع الدول.
أولاً: تعریف الحق فی المسکن:
هو المکان المغلق الذى یحتوى على بعض الأشیاء من اثاث وحاجات یعدها الانسان لسکنه الشخصی أو العائلی او لحیازته الخاصة ولا یکون مفهوما للعموم.
ویعرف الاخرون الحق فی المسکن على انه قدر مناسب من الخصوصیة ومساحة کافیة وثمن مناسب واضاءة وتهویة مناسبة وبنیة تحتیة أساس تضمن سکنا ملائما ومناسبا للفرد0
ثانیا: الاساس القانونی لحق الانسان فی مسکن ملائم فی ضوء المواثیق والمعاهدات الدولیة:
یمکن القول ان الاعلان العالمی لحقوق الانسان قد شکل الاساس الذى بنى علیه تطور مضمون الحق فی السکن الملائم الذى تفصله المادة الحادیة عشرة فی العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة خاصة الفقرة الاولى منها والتی تعتبر احد أهم النصوص القانونیة لهذا الحق.
ودائما ما تنص المعاهدات والالتزامات الدولیة على ما یمکن اعتباره الحد الادنى للحق الذى یجب على الدول القیام به لاحترام حق الانسان فی مسکن ملائم فتشمل المصادر القانونیة فی الاتفاقات الدولیة ومن ضمنها التی صادقت علیها الدول العربیة وبناء على هذه الاتفاقات الملزمة تشکل الخصوصیة الاساس والمعیار الاساس للسیاسات والممارسات المؤثرة على المبدأ القانونی لحیازة المسکن فی الدول التی تنتمى للنظام الدولی وتلتزم بالحد الادنى للمعاییر القانونیة للحضارة الانسانیة.
وتشمل هذه المصادر الاتفاقات الدولیة للقضاء على أشکال التمییز العنصری کافة والعهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة، نجد ان الاعلان العالمی لحقوق الانسان قد نص على حق کل شخص فی مستوا معیشی له ولأسرته وتوفیر ما یفی بحاجاتهم الضروریة للحیاة وتتعهد الدول الاطراف باتخاذ التدابیر اللازمة کافة لإنفاذ هذا الحق.
وفقا لمفوضیة الأمم المتحدة یجب أن یتوافر بعض المواصفات فی المسکن:
1- أن یکون الساکن مطمئنا لحیازته القانونیة للمسکن حیث ینبغی ان یکون الساکن مطمئنا الى ان حیازته للمسکن تحمیه من الاخلاء القسری والتهدیدات والمضایقات.
2- ان یکون سعر المسکن مناسبا حیث یجب ان یکون الساکن قادراً على تحمل تکالیف السکن.
3- توافر الخدمات والمرافق فیجب أن تتوافر فی المسکن جمیع الخدمات والمرافق من کهرباء وصرف صحى ومیاه وتدفئة وتبرید.
4- الموقع المناسب یجب ان یکون المسکن ملائم من حیث موقعه وسهولة الوصول منه والیه ویتوافر فیه جمیع الخدمات الصحیة والمدارس ومراکز رعایة الاطفال ووفقا للدستور المصری المادة رقم 78 منه والتی تنص على حق الانسان فی المسکن حیث ورد فیها (تکفل الدولة للمواطن الحق فی المسکن الملائم والامن والصحة وبما یضمن حفظ الکرامة الانسانیة ویحقق العدالة الاجتماعیة).
کما اقرت المادة 25 من الاعلان العالمی لحقوق الانسان بالحق فی السکن کجزء من حقوق الانسان الاساس حیث نصت على أنه لکل شخص (الحق فی مستوى من المعیشة للمحافظة على الصحة والرفاهیة له ولأسرته ویتضمن ذلک التغذیة والملبس والعنایة الطبیة وکذلک الخدمات الاجتماعیة وله الحق فی تأمین معیشته من البطالة والعجز والمرض والشیخوخة وغیر ذلک من فقدان وسائل العیش نتیجة لظروف خارجة عن ارادته).
کما نصت على حق الانسان فی المسکن المادة رقم 11 بند (1) من العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة.
وکذلک المادة 28 من اتفاقیة حقوق الاشخاص ذو الاعاقة والمادة 16 من المیثاق الاجتماعی الأوروبی.
الـخاتمـة
ومن خلال بحثنا فقد استعرضنا خطة بحث تشرح وجهة نظرنا نحو هذه الظاهرة مع إعطاء وجهة نظرنا حول السبل التی یمکن أن تتبعها الحکومات فی القضاء على هذه الظاهرة وفی نفس الوقت إبراز حق کل إنسان فی الحصول على مسکن ملائم لظروفه الاقتصادیة وبما لا یخل بآدمیته الامر الذى یتبع تضافر جهود جمیع مؤسسات الدولة سواء ان کانت قطاعا حکومیاً ام خاصا ومن خلال آلیة ووفقا لإجراءات قانونیة للمساعدة فی حل هذه المشکلة.
لذا فقد تطرقنا فی المطلب الاول الى الضمانات القانونیة للحق فی المسکن الملائم ثم فی المطلب الثانی الی سیاسات الدول فی تحقیق المسکن الملائم لمواطنیها فی ظل امکاناتها الاقتصادیة من خلال متابعة المواثیق الدولیة للقضاء على ظاهرة العشوائیات.
وقد اکدنا - على الرغم من أهمیة معالجة ظاهرة العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة - على الأمر الذی لا یخل ایضا بحق الانسان فی مسکن ملائم له وهو ما نصت علیه التشریعات والمعاهدات الدولیة وقد توصلنا الى مجموعة من التوصیات یمکن اجمالها فیما یلى:
1- وضع التشریعات والقوانین المشددة التی تعالج مسالة العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة .
2- اعتماد سیاسة سکنیة قوامها العمل من أجل توفیر السکن الملائم لمختلف شرائح المجتمع.
3- ضمان توزیع متکافئ للسکان وذلک بخلق الظروف المناسبة لضمان انتشار السکان بشکل شبه متکافئ تفادیا لعملیة الترکیز والضغط السکانی ببعض المناطق دون الاخرى .
4- السماح بمساحة کافیة من موارد الدولة لمساعدة أجهزة الحکومة على معالجة ظاهرة العشوائیات من خلال توفیر التدابیر المالیة .
5- وضع خطة جادة خلال فترة زمنیة محددة لمواجهة ظاهرة العشوائیات والتعدی على أراضی الدولة .
6- عدم استخدام الحلول المؤقتة عن طریق الموافقة على السماح لکل من تعدى على اراضی الدولة بموافقته على تعدیه على الارض وذلک بالاتفاق معه على دفع مبالغ مقابل تعدیه، الا فی حالة ما اذا کانت هذه العشوائیات یصعب ازالتها او کان فی ازالتها تأثیر سلبی على المنطقة، او اذا کان الاستمرار فی المعیشة فی هذه المدن تعتمد علیها.
7- السماح للقطاع الخاص فی مساعدة القطاع الحکومی لمواجهه ظاهرة العشوائیات .
8- توفیر فرص عمل للشباب فی محافظات الدولة کافة للحد من الهجرة الداخلیة وتشجیع الهجرة العکسیة.
9- الارتقاء بمستوى معیشة المواطنین.
10- تکثیف الأمن فی المناطق العشوائیة للحد من ارتفاع معدلات الجریمة بهذه المناطق.
11- الاطلاع على تجارب الدول الکبرى فی مواجهة هذه العشوائیات.
12- بناء مدن جدیدة بأسعار اقتصادیة لاستیعاب أهالی المدن العشوائیة مع توفیر الخدمات کافة بها وذلک بإشراف حکومی.
13- تشجیع الجمعیات الاسکانیة فی بناء المزید من الوحدات السکنیة الشعبیة وان یتم البناء بإشراف الحکومات ومن قبل وزارة الاسکان.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
(1) Dr. Said Al-Wardi: State policy in providing adequate housing, PhD thesis, Morocco, 2012.
(2) Muhammad Yusef Alwan and Muhammad Khalil al-Musa, International Law of Protected Human Rights, House of Culture for Publishing and Distribution, Amman, Jordan, 2009.
(3) Bo Moaza Ftaymeh, Legal Mechanisms for the Protection of Human Rights in the Arab World, Master Thesis, 1st Edition, Constantia Faculty of Law, year 2009.
(4) Nazi, Nemat Muhammad, Sahar Suleiman Abdullah, and Maha Bami Kamel, The Development and Development of Informal Settlements for Housing (Manshaet Nasser area in Cairo as a model) Al-Azhar University, 9th International Conference, 2007.
(5) Hamdy Hammouda - The Legal Regulation of Freedom of the Press in Egypt and the United Kingdom - A Comparative Study, 1st Edition, Arab Renaissance House, Cairo, 2008.
(6) Dr. Abdel Hamid Metwally, Constitutional Law and Political Regulations Part 1, Fourth Edition, Dar Al Ma'arif, Cairo, 1965, 1996.
(7) The Universal Declaration of Human Rights, 1984.
(8) The example of Musa, The National Plan for Human Rights, The Right to Housing, Beirut 2008.
المصـادر