الملخص
منذ العام 1975 نشأ حول مدینة بیروت ما یسمى بأحزمة البؤس نتیجة للنزوح الکثیف من المناطق والاریاف بسبب الحرب الاهلیة، حیث استقر هؤلاء بصورة غیر مشروعة فی اراض مملوکة من الغیر او من الدولة حیث تم بناء وتشیید الابنیة والمنازل التی تخالف ادنى الشروط المفروضة للسکن.
الیوم یقوم هؤلاء بتأجیر تلک الابنیة المبنیة على اراض الغیر وفی بعض الاحیان یقومون ببیعها وتنشأ الخلافات نتیجة لتلک التصرفات القانونیة.
فضلا عن ان تلک البؤر تشکل مکانا مثالیا للخارجین عن القانون کتجار المخدرات والقتلة وغیرهم.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
أحزمة البؤس حول المدن من الناحیة القانونیة -(*)-
Les ceintures de la misère autour les villes de point de vue juridique "Ceniture de misère", zone de non droit
علی عصام غصن کلیة الحقوق/ الجامعة اللبنانیة Ali Essam Ghosn College of law / Lebanese University Correspondence: Ali Essam Ghosn E-mail: |
(*) أستلم البحث فی *** قبل للنشر فی
(*) Received on *** accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2020.166829
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
منذ العام 1975 نشأ حول مدینة بیروت ما یسمى بأحزمة البؤس نتیجة للنزوح الکثیف من المناطق والاریاف بسبب الحرب الاهلیة، حیث استقر هؤلاء بصورة غیر مشروعة فی اراض مملوکة من الغیر او من الدولة حیث تم بناء وتشیید الابنیة والمنازل التی تخالف ادنى الشروط المفروضة للسکن.
الیوم یقوم هؤلاء بتأجیر تلک الابنیة المبنیة على اراض الغیر وفی بعض الاحیان یقومون ببیعها وتنشأ الخلافات نتیجة لتلک التصرفات القانونیة.
فضلا عن ان تلک البؤر تشکل مکانا مثالیا للخارجین عن القانون کتجار المخدرات والقتلة وغیرهم.
الکلمات المفتاحیة: السکن، العشوائیات، النزوح.
Abstract
The state assumes the performance of its functions specified in the constitution, and in order to perform these functions, it must possess movable and real estate funds and use them either by its institutions, or directly by the public, and it may happen that individuals exceed it by assaulting in one way or another, which requires the state’s intervention to protect it Necessary to prevent overtaking in the first place, or to raise the overtaking by means of a lawsuit that you bring before the courts and through a civil lawsuit to request the overtaking of overtaking and compensation for the damages caused by it if it has a requirement, Therefore, we will highlight what is available to the administration and individuals from legal and material means that enable them to respond to the aggression of individuals and bypassing them on public funds of the state and private, especially in light of the current circumstances of an exceptional nature that our country is going through, as the means of fraud, fraud and destruction increased, without being based on Legal basis.
Keywords: right to housing, , Procedural protection, Iraqi civil procedures law.
المقدمـة
تمرّ بالمرء مشاهد فی لبنان، غیر مألوفة فی العدید من البلدان الأخرى، ولکنها مألوفة جداً إلى درجة الاعتیاد فی هذا البلد. فهنا مبنىً مخالف یقضم من الطریق العام وآخر هناک غیر مطابق لمواصفات التنظیم المدنی، بینما تجد هنالک اقتطاعاً لجزء من الشارع العام أو حتى رصیف المشاة لمواقف السیارات أو لبسطات الفاکهة والخضار.
کلّ ذلک یطرح مشکلة کبیرة وعمیقة الأثر فی مجتمعنا ألا وهی ظاهرة التعدّی على الأملاک العامة التی یبدو أنها أصبحت عادة متأصّلة فی مجتمعنا اللبنانی، وأصبحنا معتادین علیها إلى درجة أننا نمرّ علیها مرور الکرام.
ظهرت اهمیة الملکیة العامة منذ نشأت الدولة، التی سعت لامتلاک عقارات تساعدها على تنفیذ مهماتها، فأضفت حمایة قانونیة على أملاکها معتمدة فی ذلک وسائل تختلف عما اعتمدته فی الملکیة الخاصة بالأفراد.
إلا أن القوانین الوضعیة لمختلف الدول لم تستوِ فی مقاربة وتنظیم الأملاک العقاریة عموماً، أو فی مدى ملکیة الأفراد جزءاً منها أو فی عائداتها على الدولة أو ماهیة الحقوق علیها.
وفی لبنان، المتأثر بالنظام الرأسمالی، أبرزت القوانین نوعین رئیسین من أملاک الدولة نتیجة تخصیص ووجهة استعمال الملک، وهما ملک الدولة العام وملک الدولة الخاص، ویتبع هذا التقسیم اختلاف درجات الحمایة لکل نوع منهما وطریقة تحدیده وإدارته.
قبل التطرق الى تشخیص وضع إدارة املاک الدولة فی لبنان، لا بد من التعریف بهذه الأملاک التی تتألف من الأملاک العامة، وهی مجموعة الممتلکات الضروریة لتنفیذ المهمات التی تندرج فی إطار الخدمة العامة، إضافة إلى البنیة التحتیة والأملاک الطبیعیة.
تتألف الأملاک العامة العائدة لأشخاص الحق العام أو الهیئات العامة (الدولة، والبلدیات، والمؤسسات العامة) من الممتلکات العائدة لهذه الهیئات، وهی تکون إما مخصصة للاستعمال المباشر من قبل الجمهور واما مخصصة لتقدیم خدمة عامة، والأملاک الخاصة الدولة، وهی مجموعة الممتلکات الأخرى التی تملکها الدولة ولا تکون مخصصة للمنفعة العامة.
لا تقع مسؤولیة إدارة أملاک الدولة اللبنانیة فی الوقت الراهن على جهة واحدة بل تتوزع الصلاحیات المتعلقة بإدارة الأملاک بین وزارة المالیة والوزارات الأخرى وفقاً للقانون رقم 275/1926.
استنادا إلى ما تقدم سنعرض تباعاً لأحزمة البؤس حول المدن من الناحیة القانونیة من خلال الفقرات التالیة:
الفقرة الأولى : کیفیة تحدید الأملاک العامة
الفقرة الثانیة : خصاص النظام القانونی الراعی للأملاک العامة
الفقرة الثالثة : المبادئ الراعیة لاستعمال الأملاک العامة من قبل العموم
الفقرة الرابعة : مفهوم مخالفات البناء
الفقرة الخامسة : الإطار القانونی والمؤسساتی لأراضی المشاعات فی لبنان
الفقرة السادسة: الدور التنموی لترشید استخدام الأراضی المشاعیة
الفقرة الأولى
کیفیة تحدید الأملاک العامة
إن النص القانونی الوحید الناظم للأملاک العامة فی لبنان یعود تاریخ إصداره إلى فترة الانتداب، وهو القرار الناظم للأملاک العمومیة فی لبنان رقم 144/س الصادر فی 10 حزیران 1925 ،وقد أولى هذا القانون الملک العام تعریفاَ واسعاَ حیث شمل جمیع الأشیاء المعدة بسبب طبیعتها لاستعمال مصلحة عمومیة ، کما حظر بیعها وعدم جواز ملکیتها بمرور الزمن".
والواقع أن هذا التعریف ترک مجالاَ واسعاَ لجهة تحدید الشروط الواجب توفرها فی المال لتصنیفه ملکاً عاماً، حیث استقر الفقه على شرح هذه المادة بأن المال یکون مالکاً عاماً اذا اجتمع بشأنه معیاران اثنان؛
ـ المعیار الأول: أن یکون المال منتمیاً إلى احد أشخاص القانون العام، أی الدولة بجمیع وزاراتها أو البلدیة أو المؤسسة العامة؛
ـ المعیار الثانی: یقضی بأن یکون المال معداً لاستعمال العموم او لاستعمال مرفق عام – أی المصلحة العمومیة وفق ما جاء فی التعریف ، وهذا ما یمّز أملاک الدولة العامة عن أملاکها الخاصة.
بناء على ما تقدم، فإن الأملاک العامة التی لیست ملکاً خاصاً لأحد بل هی ملک للدولة أو للبلدیات، والتی یمکن وصفها بالتالی أنها “ملک لجمیع المواطنین”. وتُعتبَر أملاکاً عامة الطرقات والشوارع والساحات والأرصفة وخطوط الکهرباء والهاتف والمیاه والشواطئ.
یمکن اعتبار سوء تعامل المواطن مع الممتلکات العامة ظاهرة لبنانیة میّزت مجتمعنا منذ وقت طویل وخاصة بعد اندلاع الحرب وحتى الآن، وهی للأسف ظاهرة شاملة إذ أنها تشمل المناطق اللبنانیة کافة بنفس النمط من ذهنیة التعدّی وعدم احترام الملکیة العامة، وبشکل نسبیّ بین منطقة وأخرى. إن احترام أو التعدی على الأملاک العامة یمکن النظر إلیه من عدة زوایا:
1- الزاویة القانونیة: فالقانون هو الذی یحدّد الأملاک العامة ویحمیها وینظّم أسلوب التعاطی معها. ومن هنا فالمواطن محکوم (ولو نظریاً!) بالتقیّد بالقانون الذی ینظّم علاقته بهذه الأملاک، والسلطة لها الحق القانونی بالتصرّف واستعمال وحمایة تلک الأملاک. وهنا تظهر إشکالیة من جانب المواطن الذی یتعدّى حیناً ویستهتر أحیاناً فی تعامله مع الأملاک العامة، وکذلک من جانب الدولة التی قد تمتنع، لسبب أو لآخر، عن حمایة تلک الأملاک أو إزالة التعدّیات علیها بعد حصولها.
2- الزاویة النفسیة: توجد نظرة تقلیدیة متوارثة ومستمرة لدى أغلب المواطنین، تنظر إلى الأملاک العامة کأملاک یمکن التصرف أو التعدّی علیها، أو فی أحسن الأحوال الاستهتار بها.
3- علاقة المواطن بالدولة: فمن منطلق التهاون فی التعامل مع الأملاک العامة ومن منطلق النظرة إلى تلک الأملاک على أنها أقلّ حرمة من الأملاک الخاصة، نجد أن نظرة اللبنانی هذه جزء من علاقته الأشمل مع الدولة بمؤسساتها وأملاکها.
الفقرة الثانیة
خصاص النظام القانونی الراعی للأملاک العامة
یتضمن القانون اللبنانی، لا سیما قانون العقوبات وبعض القوانین الخاصة کالقوانین العقاریة وقوانین الاستملاک وغیرها، مجموعة من القواعد الآیلة إلى إدانة أی تعدیات أو مخالفات أو تجاوزات تتعرض لها الأملاک العامة فمجموع هذه القواعد من شأنها حمایة الأملاک العامة من التصرفات التی تمنع أو تعوق استعمالها.
على صعید آخر، استقر الفقه والاجتهاد على اعتماد مجموعة من المبادئ الراعیة لاستعمال الأملاک العامة من قبل العموم، یتوجب على الإدارة المعنیة بإدارة هذه الأملاک مراعاتها وعدم تجاوزها فی سیاق المحافظة على حسن سیر المرافق العامة.
یرمی النظام القانونی لحمایة الملک العام أی الى ضمان قیام الأملاک العامة بتوفیر الأغراض التی خصصت من أجلها ؛ فهو یضمن استمرار هذه الأملاک فی تخصیصها ما دامت المنفعة العامة قائمة . وتتمثل هذه الضمانة بمبدأ عدم جواز التنازل عن الملک العام إذ یشکل هذا المبدأ نتیجة حتمیة لمبدأ تخصیص الملک العام للمنفعة العامة.
الفقرة الثالثة
المبادئ الراعیة لاستعمال الأملاک العامة من قبل العموم
إن استعمال الجماعی یمارسه الجمیع بحریة تامة على قدم المساواة بدون حاجة إلى ترخیص مسبق، لا یحده سوى المحافظة على النظام والأمن العام والسکینة العامة.
بهذه العبارة یلخص مجلس شورى الدولة فی قرار صادر عنه عام 1966 المبادئ الأساسیة الراعیة لاستعمال الملک العام من قبل العموم: فلجمیع المواطنین الحق باستعمال کل ما هو مصنّف ملکاً عاماً بحریة شبه مطلقة ومن دون مقابل- إلاّ بقدر ما هو محدد صراحة بموجب قانون ، على أن یکونوا متساوین فیما بینهم لهذه الغایة .
ویخضع الاستعمال الجماعی لمبادئ الحریة والمساواة والمجانیة .
بموجب هذا المبدأ تکون الإدارة ملزمة بالامتناع عن فرض تدابیر ذات طابع عام ومطلق تؤدی إلى استحالة استعمال الملک العام، باعتبار ان امکانیة استعماله من قبل العامة هو الغایة الأساسیة التی من أجلها وجد الملک العام أصلا. فأی خرق من قبل الإدارة لمبدأ حریة استعمال الملک العام من شأنه أن یتعارض مع حریات أساسیة أخرى کحریة التنقل وحریة الذهاب والإیاب وهی حریات ترتبط ارتباطاً وثیقاً بالحریة الشخصیة.
بناءَ علیه، وإذا کان للإدارة ان تنظّم الاستعمال العام لمقتضیات "المحافظة على النظام والأمن العام والسکینة العامة"، فهذا لا یبرّر فی أی حال إخضاعه لأی ترخیص مسبق أو حتى لأی إعلام مسبق، على اعتبار ان هکذا تدبیر یقع فی خانة التدابیر العامة والمطلقة التی تتعارض مع مبدأ الحریة فی استعمال الملک العام.
الفقرة الرابعة
مفهوم مخالفات البناء
إن ظاهرة مخالفات البناء منتشرة بشکل واسع فی لبنان، وهی تتضمّن:
1- البناء على الأملاک العامة أو على أجزاء منها، أو استعمال مساحات عامة بغرض الاستفادة الخاصة والشخصیة، ونورد هنا مثلین معهودین:
الأول: البناء الذی یتعدّى على الطریق العام، أو الذی لا یحترم المسافات الواجب مراعاتها بین مبنى وآخر.
الثانی: استخدام الأرصفة المتواجدة أمام محال تجاریة أو صناعیة لعرض البضائع والعمل.
2- مخالفة رخص البناء بما یتسبّب بأضرار على الأملاک العامة أو البلدیة أو الخاصة.
3- عدم اتباع شروط وطرق التنظیم المدنی، وما ینتج عنه من إنشاء أبنیة غیر متناسقة وغیر متألفة تتمیّز بألوان وأشکال واصطفافات متنافرة.
بناء على ما تقدم، إن تطبیق القانون وتحویله من مفهوم نظری إلى ممارسة یومیة هو الحلّ وهو الحامی للممتلکات العامـّة. فمفهوم احترام الأملاک العامة یجب أن یکرَّس لدى الجمهور لیصبح راسخاً لدى الأجیال المتعاقبة. کما أن التطبیق یجب أن یصاحبه قمع المخالفات والتعدّیات وفرض الغرامات من قبل السلطات المختصة على کل المخالفین ومن دون استثناء. ولعلّ یوماً یأتی تتحوّل فیه الممتلکات العامة من أملاک سائبة إلى أملاک یحترمها الجمیع.
الفقرة الخامسة
الإطار القانونی والمؤسساتی لأراضی المشاعات فی لبنان
أتناول فیما یلی نظام الملکیة العقاریة فی لبنان، بهدف تحدید التصنیف القانونی للأراضی، وثم طبیعة الأملاک العامة والأهداف المتوخاة منها والتصرّفات الجائزة علیها، وصولاً إلى تحدید مفهوم أراضی المشاع، إدارتها الحالیة، فی نبذات مستقلة.
النبذة الاولى
التصنیف القانونی للأراضی فی لبنان
ورد التصنیف القانونی للأراضی فی لبنان، فی الفصل الثانی من قانون الملکیة العقاریة من المادة الخامسة منه الى المادة التاسعة، حیث صنّفت الأراضی اللبنانیة فی خمسة أنواع وهی على الشکل الآتی:
1- الأراضی الملک
2- الأراضی الأمیریة.
3- العقارات المتروکة المرفقة.
4- الأراضی المتروکة المحمیّة.
5- العقارات الخالیة المباحة.
النبذة الثانیة
طبیعة أملاک الدولة
تتألف أملاک الدولة من:
1- الأملاک العمومیة
الأملاک العمومیة، أو الملک العام، أمر معروف منذ أقدم الأزمنة، ولا سیما بعد ظهور الحیاة الاجتماعیة على الأرض، فطبیعة هذه الحیاة تقضی بأن یکون هناک أملاک عقاریة کانت أم غیر عقاریة، یعود حق استعمالها للجمیع، ومن دون مقابل. وتکون متمیّزة عن الأملاک الخاصة التی لا یعود حق استعمالها أو التصرّف بها، إلا لصاحبها.
2- أملاک الدولة الخاصة
أملاک الدولة الخاصة هی التی تملکها الدولة بصفتها شخصًا معنویًا ولا تکون مخصّصة للمنفعة العامة، سواء کانت تحت تصرّف الدولة الفعلی، أو تحت تصرّف أشخاص آخرین، کالأراضی المتروکة المرفقة الموضوعة تحت تصرّف الجماعات. یمکن تقسیم أملاک الدولة الخاصة إلى فئتین حسب ما تکون هذه الأملاک بالتصرّف الفعلی للدولة، أو بتصرّف الأشخاص الآخرین.
النبذة الثالثة
التصرّفات الجائزة على أملاک الدولة
أ- التصرّفات الجائزة على الملک العام
إن قاعدة عدم جواز التصرّف بالملک العام لا تنفی إمکان الترخیص ببعض الحقوق علیه، ولکن شرط أن یتمّ من دون المساس بتخصیص العقار للاستعمال العام.
ب- التصرّفات الجائزة على أملاک الدولة الخاصة
على عکس التصرّف بالأملاک العامة، تتصرّف الدولة بملکها الخاص تصرّف الشخص العادی بملکه الخاص. نتیجة ذلک، قسّم القانون هذه الأملاک إلى أراضٍ زراعیة تباع وتؤجّر وإلى أراضٍ غیر زراعیة تباع وتؤجّر بوجه خاص بالمزایدة العمومیة، وبعد تخمین تضعه لجنة خبراء خاصة.
الفقرة السادسة
الدور التنموی لترشید استخدام الأراضی المشاعیة
لترشید استخدام الأراضی بُعد مزدوج مبنی على زیادة عائدات أملاک الدولة -اقتصادیا أو مالیًا- بالتوازی مع خفض تکالیف الإدارة والحد من مساوئ سوء استخدامها -عمرانیًا واجتماعیاً-. وذلک من خلال وضع رؤیة متوسّطة الأمد لاستراتیجیة عقاریة متعدّدة السنوات تمکّن القیّمین على إدارة المشاعات من ترشید استعمالها، وتحدید الوجهة المثلى للإفادة منها.
إن التطوّر والارتفاع الکبیر فی أسعار الأراضی وخصوصًا فی المناطق المأهولة والمنظمة (المدن، القرى، البلدات ومحیطها)، رافقهما ظهور مشاکل کثیرة تمثّلت فی مشاکل الشراکة على الشیوع فی قطع الأراضی التی تحیط بطبیعتها بهذه المدن والبلدات والقرى (أراضٍ أمیریة أو متروکة مرفقة)، والتی أدّت إلى إعاقة هذا التطوّر وخلقت سلبیات اقتصادیة تمثّلت فی الحدّ من الإیرادات المتدفّقة على الدولة، وهروب مستثمرین ومطورین عقاریین، مما أدّى إلى إیجاد ضغط کبیر على الدولة بمختلف أجهزتها وعلى میزانیتها، نتیجة الحاجة إلى تطویر مناطق بعیدة عن الخدمات وتأهیلها لکی تستوعب هذا النشاط الجدید فی حال رغب المستثمر فی تلک المناطق الجدیدة. ترافق ذلک مع تعدیات وبناء عشوائی فی الأراضی المشاعیة التی تنتظر عملیات الضم والفرز.
أوجبت المادة 23 من القرار رقم 144/S تاریخ 10/6/1925 المعدلة بالمرسوم رقم 15403 تاریخ 13/2/1964 وبخاصةٍ الفقرتین أ و ب منها، على کلٍ من الضابطة فی قوى الامن الداخلی وإلى کل من هو مخوّل فی کلٍ من وزارات الاشغال العامة والنقل والداخلیة والزراعة والمالیة، تنظیم محاضر بالمخالفات الواقعة على الأملاک العامة واتخاذ التدابیر الآیلة إلى فرض العقوبات الاداریة والمالیة والجزائیة على کل من یخالف أحکام إشغال الأملاک العامة. کما تنصّ الفقرة الثالثة من البند ب على أن تقرر العقوبات الإداریة والقضائیة مع حفظ حق الادارة بالمطالبة بالتعویض عن الضرر وبهدم الاشغال المقامة بصورة غیر مشروعة على الاملاک العامة أو مناطق الارتفاقات، عفواً ودون حاجة لأی معاملة.
على اعتبار أن موجب حمایة الملک العام هو موجب دستوری یفرض على الإدارة اتخاذ الإجراءات التی تراها مناسبة لإزالة الاعتداءات الواقعة علیه، وأن البناء المشید على الملک العام بشکلٍ مخالفٍ للقانون لا یقبل التسویة ویقتضی هدمه.
بناء على ما تقدم، لم یعد من الجائز لأی وزارة أو إدارة عامة، وتحت أی حجة أن ترتب أی أثر قانونی على الإشغال غیر المشروع للملک العام، أو أن یسمح لمحتلی الملک العام بالاستمرار بإشغالهم لأملاک الدولة دون الاستحصال على إجازة قانونیة لمدة محددة تصدر بموجب مرسوم، وأصبح أیضاً من المعیب مفاوضة غاصبی الأملاک العامة لتسویة مخالفاتهم وتعدیاتهم، لأنها مخالفات لا تقبل التسویة. فلا تملک أی سلطة إجازة إنشاء حقوق عینیة على الأملاک العامة. وهذا ما تکرس فی قرارٍ صادر عن مجلس شورى الدولة، جاء فیه أنه: "عملاً بقاعدة عدم جواز إنشاء حقوق عینیة على الملک العام، وبغیاب أی نص صریح یجیزه، لا یجوز إنشاء حقوق عینیة على الاملاک العمومیة بما فیها البحریة منها، ویکون الترخیص بالأشغال المؤقت هو ترخیص شخصی تنتج عنه حقوق شخصیة تسقط بوفاة المرخص له من دون إمکانیة انتقالها الى الورثة". وجاء فی قرارٍ آخر: أن التعدیات على الأملاک البحریة تبقى خارج إطار التعامل بین الناس فلا تباع ولا تشرى.
وکان مجلس شورى الدولة قد أوجب على الادارة بموجب قرار صادر عنه، ان تحمی املاکها العامة وتحافظ علیها، وأن لا تشرع الاعمال الجاریة علیها دون ای وجه حق او دون ای مسوغ شرعی، فأیبناء مشید على الملک العام لا یقبل أی شکل من اشکال التسویة وإنما یقتضی هدمه وإزالته، وکلما کان هناک تعدٍ على الأملاک العامة، یکون القرار المتضمن هدم هذه الانشاءات المتعدیة صحیحاً.
وإذٍ نخلص من کلّ ما سبق أن إزالة التعدی على الملک العام یتعلق بالانتظام العام، ویتوجب على أی سلطة إداریة یردها طلب بإزالة هذا التعدی، أن تستجیب له.
وفی قرار صادر عن مجلس شورى الدولة، قرر بموجبه عدة مبادئ هی الآتیة:
1- یحظر منح شاغلی الأملاک العامة البحریة أی مهلة للإخلاء ویمنع على الإدارة إعادة تمکینهم من الإقامة فی هذه الأملاک. واستند الحکم فی تقریر هذا المبدأ إلى اجتهاد محکمة التنازع الفرنسیة التی اعتبرت أن هدم التعدیات على الأملاک العامة البحریة لا تشکّل حالة من حالات التعدی.
2- طبّق المجلس للمرة الأولى المادة 30 من القانون رقم 14 تاریخ 20/8/1990 التی تنصّ على أنه: تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً ویحظر على ایة جهة رسمیة ترتیب ای اثر قانونی علیها، جمیع الأعمال والتصرفات والتدابیر الحاصلة خلافا للقواعد والأصول المقتضاة قانوناً وبصورة خاصة ما یلی:
أ-....
ب- إشغال الأملاک العامة البحریة الحاصلة دون استصدار مراسیم تجیزها ولا یترتب للشاغل الفعلی بصورة غیر قانونیة ای حق مکتسب مهما کانت مدة إشغاله.
واستناد إلى هذا النص، قضى مجلس شورى الدولة فی هذا الحکم أنه لا یجوز لأی جهة رسمیة أن ترتّب أی أثر قانونی على أی شاغلٍ فعلی للأملاک العامة البحریة إذا لم یکن حائزاً لمرسومٍ یجیز له استثمار الأملاک العامة المقابلة لعقاراته، ولا یترتب للشاغل الفعلی بصورة غیر قانونیة أی حق مکتسب مهما کانت مدة إشغاله.
3- أقر هذا الاجتهاد بالطابع الدستوری لحمایة الملک العام، حیث جاء فیه: إن مبدأ حمایة الملک العام هو المبدأ الأساسی الذی یسود جمیع الأحکام القانونیة المتعلقة بالملک العام وإشغاله، وأن موجب حمایة الملک العام إلزامی وله طابع دستوری. وهذا یعنی الارتقاء بمبدأ حمایة الملک العام إلى المرتبة الدستوریة. وبعد نیل هذا المبدأ للمرتبة الدستوریة فإن المشترع لا یستطیع حتى بقانون أن یتیح للمعتدین تملک هذه الأملاک أو الاستمرار بإشغالها بصورة غیر مشروعة تحت أیّ حجة.
ابرز التوصیات
ابرز التوصیات لتحدیث إدارة أملاک الدولة اللبنانیة
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)