الملخص
یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الانکلیزی نوعاً من أنواع عقود الضیافة المعروفة فی القوانین الانکلوسکسونیة عموماً، والقانون الانکلیزی على وجه الخصوص، وهو عقد إطاری لتقدیم الخدمات الخاصة بالمؤتمرات والمحافل الأخرى، وتلبیة متطلباتها. وینعقد بین الطرف الراعی للضیافة، أو الجهة المنظمة للمؤتمر أو المحفل، أو مقدم الخدمة، والذی هو جهة تمتلک منشآت الضیافة أو تقوم بإدارتها، وبین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة بإقامة نشاط معین، کالجامعات والمؤسسات العلمیة والثقافیة الأخرى التی تقیم المؤتمرات وتدعو إلى المشارکة فیها. وجدیر بالذکر فإن هذا العقد الاطاری تنبثق عنه
مجموعة العقود الثانویة من أبرزها: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة، والذی یعد فی حقیقته عقد حجز أو فندقة. وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى، فضلاً عن عقد الترخیص والعقود الاداریة، أما القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 فإنه لم ینظم هذا العقد، لأنه لا یعرف فکرة العقد الاطاری أصلاً، فضلاً عن عدم تنظیمه لعقد الفندقة الذی هو أحد العقود المتفرعة عن هذا العقد ضمن العقود المسماة.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الانکلیزی دراسة مقارنة بالقانون المدنی العراقی-(*)-
Event Management Agreements under English law: An analytical comparative study with the Iraqi civil law
یونس صلاح الدین علی کلیة القانون والعلاقات الدولیة والدبلوماسیة/ جامعة جیهان الخاصة Yunus Salahuddin Ali College of Law International Relations and Diplomacy / Cihan Private University of law / University of Mosul Correspondence: Yunus Salahuddin Ali E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 31/5/2019 *** قبل للنشر فی 1/7/2019.
(*) Received on 31/5/2019 *** accepted for publishing on 1/7/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2020.165773
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الانکلیزی نوعاً من أنواع عقود الضیافة المعروفة فی القوانین الانکلوسکسونیة عموماً، والقانون الانکلیزی على وجه الخصوص، وهو عقد إطاری لتقدیم الخدمات الخاصة بالمؤتمرات والمحافل الأخرى، وتلبیة متطلباتها. وینعقد بین الطرف الراعی للضیافة، أو الجهة المنظمة للمؤتمر أو المحفل، أو مقدم الخدمة، والذی هو جهة تمتلک منشآت الضیافة أو تقوم بإدارتها، وبین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة بإقامة نشاط معین، کالجامعات والمؤسسات العلمیة والثقافیة الأخرى التی تقیم المؤتمرات وتدعو إلى المشارکة فیها. وجدیر بالذکر فإن هذا العقد الاطاری تنبثق عنه
مجموعة العقود الثانویة من أبرزها: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة، والذی یعد فی حقیقته عقد حجز أو فندقة. وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى، فضلاً عن عقد الترخیص والعقود الاداریة، أما القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 فإنه لم ینظم هذا العقد، لأنه لا یعرف فکرة العقد الاطاری أصلاً، فضلاً عن عدم تنظیمه لعقد الفندقة الذی هو أحد العقود المتفرعة عن هذا العقد ضمن العقود المسماة.
Abstract
The event management services agreement is considered as a type of hospitality contracts well-known in the Anglo-Saxon legal systems and the English law particularly . This kind of agreement is a framework contract aimed at providing services for a range of event types for consumers concluded with hospitality business sponsor (known as event organizer or service provider). The service provider could be the person owning the hospitality facilities or administering the facility and it is usually a specialized group of business. This applies to universities and other scientific and cultural institutions which are concerned with holding conferences and other academic and calling for participation. It is noteworthy that lots of secondary contracts emanate from such framework agreements such as accommodation contract, franchise contract، and administrative contracts. However, the Iraqi civil Code (40/1951) does not regulate this kind of agreements because the idea of framework contract is not originally addressed. Iraqi Civil Transaction Code does not address the hospitality contract which is one of the contracts that emanate from the event management agreement.
Keywords: Iraqi Civil Transaction Code, English law, event management agreement, universities as an event management service provider, hospitality contract, framework contract.
المقدمـة
أولاً: مدخل تعریفی بموضوع البحث: یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الانکلیزی عقداً إطاریاً من عقود الضیافة، ویبرم بین الطرف الراعی الضیافة، أو الجهة المنظمة للمؤتمر أو المحفل، أو مقدم الخدمة من جهة، وبین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة بإقامة نشاط معین من جهة أخرى، کالجامعات والمؤسسات التجاریة والصناعیة، فضلاً عن الاتحادات الریاضیة على اختلاف أنواعها. وتتفرع عن هذا العقد الاطاری مجموعة العقود الثانویة من أبرزها: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة، والذی یعد فی حقیقته عقد حجز أو فندقة. وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى، فضلاً عن عقد الترخیص والعقود الاداریة، والتی تبرمها المجموعة المهنیة المتخصصة مع الطرف الآخر الملتزم بتنفیذ أعمال الضیافة، أو الراعی للضیافة لتنفیذ العقد الإطاری العام، أو یبرمها الأخیر مع الجهة المستضیفة. أما بالنسبة الى القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 فإنه لم ینظم هذا العقد، لأنه لا یعرف فکرة العقد الاطاری أصلاً، فضلاً عن عدم تنظیمه لعقد الفندقة ضمن العقود المسماة. مع إمکانیة الاستعانة بالقواعد العامة لسد هذا النقص. إلا أنه أقرب الى عقد المقاولة الذی یتعهد بمقتضاه أحد الطرفین وهو المقاول، أن یصنع شیئاً أو یؤدی عملاً لقاء أجر یتعهد به الطرف الآخر، وهو رب العمل.
ثانیاً: أسباب اختیار موضوع البحث: إن السبب الرئیس فی اختیار موضوع البحث هو محاولة الاستفادة من هذا النوع الجدید من العقود الذی ظهر فی القوانین الانکلوسکسونیة عموماً، والقانون الانکلیزی على وجه الخصوص. والذی لم ینظمه القانون المدنی العراقی، کما لا یوجد أی قانون خاص صدر فی العراق ونظم هذا النوع من العقود أو أشار الیه، فضلاً عن عدم وجود تنظیم قانونی لجمیع العقود الفرعیة الأخرى التی ینطوی علیها هذا العقد الاطاری العام.
ثالثاً: أهمیة البحث: تکمن أهمیة البحث فی الاهتمام المتزاید الذی یحظى به عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى، وذلک بسبب الصعوبات الکبیرة التی تواجه تنظیم المؤتمرات، سواء أکانت داخلیة أم دولیة. فضلاً عن المحافل الأخرى على اختلاف أنواعها. کما تبرز أهمیة هذا البحث فی محاولة اقتراح تنظیم قانونی لهذا العقد الإطاری فی القانون العراقی، وعدم الاکتفاء بالقواعد العامة فی القانون المدنی العراقی. وذلک بسبب الأهمیة المتزایدة التی تحظى بها سیاحة المؤتمرات فی الوقت الحاضر، وما تحققه من ایرادات. مما یستلزم توفیر قاعات لحضور المؤتمرات، وتزویدها بوسائل اتصال حدیثة، وتهیئة أسباب الراحة والترفیه للمشارکین فیها.
رابعاً: مشکلة البحث: تکمن مشکلة البحث فی القصور الذی اعترى موقف المشرع العراقی بسبب عدم تنظیمه للعقد الإطاری عموماً، وعقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى على وجه الخصوص. فضلاً عن عدم تنظیم مجموعة العقود المنبثقة أو المتفرعة عن هذا العقد الاطاری کعقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة، والذی یعد فی حقیقته عقداً للفندقة، على الرغم من وجود بعض الاختلافات التی سوف نتطرق الیها، وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى وتزویدها بکل المتطلبات اللازمة، وعقد الترخیص الذی یسمح بالانتفاع من حقوق الملکیة الفکریة الناشئة عن وقائع المؤتمرات والأنشطة الأخرى والإفادة منها. فهذا العقد الإطاری العام ومجموعة العقود الفرعیة المکونة له تزایدت أهمیتها کثیراً فی معظم الدول المتقدمة علمیاً، بسبب ما یتمخض عن المؤتمرات العلمیة والمحافل الأخرى على اختلاف أنواعها الثقافیة والفنیة من نتاجات جدیدة من ثمرة الفکر الإنسانی، فضلاً عن أهمیة الجانب الإداری فی نجاح المؤتمر أو المحفل.
خامساً: منهجیة البحث: انتهجت الدراسة منهج البحث القانونی التحلیلی المقارن، بإجراء تحلیل قانونی لموضوع عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى الإطاری فی القانون الانکلیزی، ومقارنته بموقف القانون المدنی العراقی، من حیث مفهومه وانعقاده والآثار القانونیة المترتبة علیه.
سادساً: خطة البحث: فی ضوء ما تقدم فقد توزعت هذه الدراسة على ثلاثة مباحث وکما یأتی:
المبحث الأول:مفهوم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین الانکلیزی والعراقی
المبحث الثانی: انعقاد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین الانکلیزی والعراقی
المبحث الثالث: الآثار المترتبة على عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین الانکلیزی والعراقی
المبحث الأول
مفهوم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین الانکلیزی والعراقی
یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل من العقود التی ظهرت وشاع استعمالها فی القوانین الأنکلوسکسونیة عموماً، وفی قانون الأحکام العام الانکلیزی غیر المکتوب، ذی الأصل العرفی، والذی استقى مبادئه من السوابق القضائیة للمحاکم الانکلیزیة أولاً، ومن قواعد العدالة والإنصاف، ثم من التشریعات الصادرة لاحقاً) (، وذلک على وجه الخصوص. وإن دراسة مفهوم هذا العقد تستلزم منا البحث فی تعریفه وخصائصه وطبیعته القانونیة، والعقود التطبیقیة التی یتم إبرامها تنفیذاً له. ومقارنة هذه المسائل بموقف القانون العراقی وکما یأتی:
المطلب الأول
تعریف عقد خدمات المؤتمرات والمحافل
یعرف جانب من الفقه الانکلیزی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل:
(The Conference and Event Services Contract) بأنه ذلک الاتفاق الذی یتم إبرامه بین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة (Group Business) وبین الطرف الراعی للضیافة (Hospitality Business Sponsor) لغرض تنفیذ الأعمال المتعلقة بالضیافة أو لممارسة مهنة الضیافة (Hospitality Business)، وذلک فیما یتعلق بتقدیم الخدمات للمجموعات المهنیة المتخصصة من مبیتها وإیوائها وتهیئة الأماکن اللازمة لعقد الاجتماعات العلمیة، وإقامة المحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة أو الفنیة أو الریاضیة. وعرفه جانب آخر من الفقه بأنه الاتفاق المبرم بین الطرف الذی یضطلع بمهمة الضیافة وبین مجموعة مهنیة لغرض تقدیم الخدمات للمؤتمرات والمحافل الأخرى. یتبین من هذین التعریفین أن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل هو عقد إطاری یتضمن فی ثنایاه مجموعة أخرى من العقود الواجب إبرامها لاحقاً لتنفیذ الالتزامات المتعلقة بإقامة المؤتمرات والمحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة والفنیة والریاضیة، وتقدیم الخدمات اللازمة لتنظیمها من ضیافة (Hospitality) وإسکان المشارکین فیها، وتهیئة قاعات الاجتماع وصالات العرض والملاعب الریاضیة المطلوبة لإقامتها، إن تطلب الامر وحسب تخصص المؤتمر أو المحفل. ویکون أحد طرفی هذا العقد جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة بإقامة المؤتمرات العلمیة کالجامعات والمؤسسات العلمیة الأخرى التی تسعى الى إقامة المؤتمرات العلمیة وورش العمل التدریبیة (Training workshops). أو المؤسسات الثقافیة والتجاریة التی ترمی إلى إقامة المحافل الثقافیة والفنیة المعارض التجاریة (Trade Shows). والاتحادات الریاضیة التی تقیم المسابقات الریاضیة. أما الطرف الآخر فهو الطرف الراعی للضیافة، أو مقدم الخدمة (Service Provider)، ویعرف أیضاً بالجهة المنظمة للمؤتمر أو المحفل، والذی یمتلک الفنادق وقاعات الاجتماع وصالات العرض والملاعب الریاضیة، أو یقوم بإدارتها. وذلک بعد موافقة الجهة المستضیفة للمؤتمر أو المحفل. ویدخل عقد خدمات المؤتمرات والمحافل ضمن نطاق نظام قانونی خاص یعرف بقانون الضیافة (The Hospitality Law)، والذی ینظم فضلاً عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، عقود الحجز أو الفندقة (Booking Contract)، والعقود الخاصة بالمطاعم، کعقد تقدیم خدمات المطاعم، والعقود المبرمة مع متعهدی السفر والسیاحة:
(Travel Agents). کما یرتبط هذا العقد بنظامین قانونیین آخرین هما قانون العقد (The law of Contract)، وقانون الأخطاء المدنیة:
(The Law of Torts). أما بالنسبة إلى القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 فإنه لم ینظم مثل هذا النوع من العقود، على الرغم من الأهمیة المتزایدة للجوانب القانونیة لتنظیم المؤتمرات. کما أنه لا یعرف فکرة العقد الإطاری أصلاً، والذی یخضع للقواعد العامة للعقد. فضلاً عن عدم تنظیمه للعقود التطبیقیة التی ینطوی علیها هذا العقد، ومن أبرزها عقد الفندقة الذی لم ینظمه القانون المدنی العراقی ضمن العقود المسماة، باستثناء المادتین (972) و (973) اللتین أوردهما بشأن الودیعة الفندقیة. إلا أننا نرى أن هذا العقد الاطاری هو أقرب ما یکون فی طبیعته إلى المقاولة التی عرفتها المادة (864) من القانون المدنی العراقی بأنها (عقد به یتعهد أحد الطرفین أن یصنع شیئاً أو یؤدی عملاً لقاء أجر یتعهد به الطرف الآخر). ویتبین من هذا النص بأن المحل فی عقد المقاولة یشتمل على وجهین هما العمل الذی یلتزم المقاول بأدائه، فی مقابل التزام رب العمل بدفع الأجر للمقاول. فالمقاول یلتزم بأن یؤدی عملاً أو یصنع شیئاً، فإذا تعهد بتقدیم العمل والمادة فإن العقد یکون استصناعاً. فطالما أن العمل یعد أحد وجهی محل عقد المقاولة، فضلاً عن الوجه الآخر المتمثل بالأجر. فإن ذلک یعزز قناعتنا بأن عقد المقاولة هو أقرب ما یکون الى عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الانکلیزی الذی یفرض على الطرف الراعی للضیافة القیام بعمل لمصلحة الطرف الآخر المستفید من العقد، والمتمثل بالجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة. وما یعزز أکثر من هذه القناعة أن الفقرة الثانیة عشرة من المادة الخامسة من قانون التجارة العراقی النافذ رقم (30) لسنة 1984 تضمنت بعض الأعمال القریبة من خدمات إقامة المؤتمرات والمحافل على اختلاف أنواعها، وهی أعمال تجاریة نعتقد أنها تدخل ضمن نطاق المقاولات، لأن أحد وجهی المحل فی عقد المقاولة، وکما أشرنا أعلاه، هو العمل الذی یلتزم المقاول بأدائه، والذی یمکن استخلاصه ضمنیاً من کلمة (متطلبات) التی تلزم المتعهد (أو المقاول) بتوفیر جمیع المواد المطلوبة لإقامة الحفلات والمناسبات الاجتماعیة، وتقدیم جمیع الخدمات المتعلقة بها. إذ نصت هذه الفقرة على أنه (تعتبر الأعمال التالیة أعمالاً تجاریة إذا کانت بقصد الربح ویفترض هذا القصد ما لم یثبت العکس.....ثانی عشر: التعهد بتوفیر متطلبات الحفلات وغیرها من المناسبات الاجتماعیة).فهذا النوع من المقاولات یقترب من عقد خدمات المؤتمرات والمحافل لأربعة أسباب: الأول هو المعنى الواسع لکلمة (الحفلات) الواردة فی النص، والتی قد تشتمل على جمیع أنواع الحفلات والمناسبات، بما فی ذلک المؤتمرات والمحافل الأخرى، فضلاً عن تضمن النص لعبارة (المناسبات الاجتماعیة) ذات المدلول الواسع. والثانی هو المعنى الواسع لکلمة (متطلبات) التی تشتمل على جمیع المواد والخدمات التی تقدم فی الحفلات على اختلاف أنواعها، بما فی ذلک المؤتمرات والمحافل الأخرى. فیدخل ضمن نطاق المتطلبات تهیئة قاعات الاجتماعات وصالات العرض، وتزویدها بأحدث أنواع التقنیات اللازمة، فضلاً عن توفیر المأکل والمشرب وغیرها من المتطلبات. على الرغم من أن هذه المتطلبات لا تشتمل على توفیر المبیت أو السکن الذی یعد من الالتزامات الرئیسة التی یلتزم بها الطرف الراعی للضیافة فی القانون الانکلیزی. والثالث هو أن توفیر هذه المتطلبات یستلزم وجود جهات معینة تقوم بها، کالمکاتب المتخصصة بتقدیم المتطلبات ومتعهدی الحفلات. لأن القیام بمثل هذه الأعمال لا یتم إلا على سبیل الاحتراف، وهذه الجهات هی أشبه ما تکون بالطرف الراعی للضیافة (Hospitality Business Sponsor) فی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الانکلیزی. والرابع هو أن مصطلح (التعهد بتوفیر متطلبات الحفلات وغیرها) هو مصطلح واسع ومرن ومتجدد یسمح بإضافة کل ما یستجد من متطلبات، لتلبیة مستلزمات کل أنواع المؤتمرات والمحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة والفنیة والتجاریة والریاضیة.
المطلب الثانی
خصائص عقد خدمات المؤتمرات والمحافل
یتسم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الإنکلیزی بالخصائص الآتیة:
أولاً: یتسم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل بأنه یضع إطاراً عاماً لأربعة أنواع من العقود اللازم إبرامها لتنفیذ الالتزامات المتعلقة بالضیافة وهی: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمرات أو المحافل الأخرى (Group Lodging Contract) الذی یعد صورة من صور عقد الحجز أو الفندقة، أحد أبرز عقود الضیافة، مع وجود بعض الاختلافات بینهما، وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى:
(Meeting and Space Contract)، وعقد الترخیص (Franchise Contract)، فضلاً عن عقود الإدارة. ویبرم هذا العقد الإطاری (Framework Contract) بین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة، کالمشارکین فی المؤتمرات العلمیة والمحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة والفنیة والریاضیة من جهة، وبین راعی أو متعهد الضیافة من جهة أخرى، لتنفیذ خدمات الضیافة وإقامة المؤتمرات والمحافل على اختلاف أنواعها.
ثانیاً: ویتسم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل أیضاً بطبیعته المهنیة المعقدة (Sophisticated Professional Character) التی تمیزه عن العقود الأخرى.
ثالثاً: ومن الخصائص التی یتسم بها عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانون الإنکلیزی هی صیاغة وثیقة رئیسة (Master Bill or Folio) تترتب علیها أحکام قانونیة مهمة من أبرزها: تحدید العقود الثانویة أو التطبیقیة المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری، وتوحید جمیع الحسابات المتعلقة بالنفقات والمصروفات الخاصة بجمیع أعضاء المجموعة المهنیة المتخصصة.
رابعاً: ویتسم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل بأن أحد طرفیه یکون طرفاً مشترکاً فی هذا العقد، وفی العقود التطبیقیة أو الفرعیة التی تبرم تنفیذاً له. وهو الطرف الراعی للضیافة أو ما یعرف بمقدم الخدمة. فهو یبرم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل مع الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة، ثم یبرم عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمر أو المحفل مع أحد أصحاب الفنادق أو المنشآت الفندقیة.
المطلب الثالث
الطبیعة القانونیة لعقد خدمات المؤتمرات والمحافل
یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل عقداً إطاریاً (Framework Contracts) من عقود الضیافة (hospitality Contracts)، التی یتم إبرامها لتنفیذ الأعمال المتعلقة بالضیافة أو لممارسة مهنة الضیافة (Hospitality Business). ویضم بین دفتیه مجموعة من العقود التی ینبغی إبرامها وتنفیذها لتحقیق الغرض النهائی لهذا العقد الإطاری، وهو تسهیل أو تیسیر إقامة والمؤتمرات والمحافل على اختلاف أنواعها. وهو عقد نهائی وما یرتبط به من إبرام لعقود التطبیق اللاحقة التی ینبغی إبرامها لتنفیذه، إنما هی آثار لهذا العقد الإطاری. کما أن هذا العقد هو من العقود البسیطة:
(Simple Contracts) فی القانون الانکلیزی، والتی یقصد بها العقود الرضائیة التی تنعقد بمجرد اتفاق إرادات أطرافها، ولا یحتاج انعقادها إلى شکلیة معینة. خلافاً للعقود الشکلیة (Contract by Deed) أو ما یعرف بالعقد الرسمی:
(Specialty Contract) أو المصدق (Contract Under Seal) الذی یتطلب الشکلیة کرکن لانعقاده، والتی بمقتضاها یکتسب القوة الملزمة ویصیر نافذاً على الرغم من افتقاره أو خلوه من مقابل الالتزام، ویستمد قوته من الشکل الذی أفرغ فیه. وعلى الرغم من أن وضع عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری موضع التنفیذ لا یتم إلا عن طریق مجموعة من العقود التی تبرم لاحقاً تنفیذاً له. أما إذا تطلب هذا العقد والعقود التطبیقیة اللاحقة إبرام عقود أخرى مع الغیر الأجنبی عنها، کعقد المقاولة من الباطن (Sub-Contracting)، وکما سنتناول بالبحث ذلک لاحقاً. فإن مثل هذا العقد الأخیر یعد مستقلاً عن العقد الإطاری والعقود التطبیقیة أو التنفیذیة اللاحقة علیه، وذلک على أساس مبدأ خصوصیة العقد (The Principle of Privity of Contract)، أو ما یعرف بمبدأ نسبیة أثر العقد من حیث الأشخاص. ویرتبط هذا المبدأ ارتباطاً وثیقاً برکن مقابل الالتزام (Consideration)، الذی یشترط وجوده فی العقد الرضائی البسیط لتطبیق مبدأ خصوصیة العقد تطبیقاً سلیماً. ویترتب على هذا الارتباط عدم تأثر الغیر الأجنبی عن العقد بالحقوق والالتزامات الناشئة عنه کأصل عام، وذلک لعدم تقدیمه لمقابل الالتزام فی عقد لم یکن طرفاً فیه. مما یترتب علیه عدم إمکانیة قیامه بتنفیذ الوعود والالتزامات المترتبة على ذلک العقد. فقصور حکم العقد على عاقدیه یفید بأن أحد طرفی العقد قدم مقابلا لالتزام الطرف الآخر بإبداء الوعد له. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی من هذا العقد، فقد اشرنا سابقاً الى أنه لم ینظم عقدی الإطار والفندقة، إلا أنه یمکن القول بأن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل هو أقرب ما یکون إلى عقد المقاولة لعدة أسباب کنا قد ذکرناها أعلاه. کما أن عقد المقاولة ینصب على عمل أو صنع شیء معین، فیکون الالتزام الرئیس فیه القیام بالعمل أو بصنع الشیء. کما یمکن القول بأن هذا العقد هو عقد مرکب، تمتزج فیه وفی العقود التطبیقیة التی تبرم تنفیذاً له على الکثیر من خصائص عقد الفندقة، فیکون مزیجاً من عقود اختلطت جمیعاً فصارت عقداً مرکباً. فیتسم بخصائص عقود البیع والایجار والودیعة وغیرها.
المطلب الرابع
العقود التطبیقیة التی یتم إبرامها تنفیذاً لعقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری
جرت العادة فی القوانین الأنکلوسکسونیة عموماً، وفی القانون الانکلیزی على وجه الخصوص أن یتم وضع عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری موضع التنفیذ عن طریق أربعة عقود هی: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمر أو المحافل الأخرى (Group Lodging Contract)، وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى (Meeting and Space Contract)، وعقد الترخیص (Franchise Contract)، وعقود الإدارة (Management Contracts). وسوف نتناول بالدراسة هذه العقود وکما یأتی:
الفرع الأول
عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمر أو المحافل الأخرى
یعد عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمر أو المحافل الأخرى صورة من صور عقد الحجز (Booking Contracts) أو ما یعرف بعقود الفندقة، إلا أن هذا العقد یبرم عندما ترغب الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة فی حجز عدد کبیر من الغرف الفندقیة (Large Number of Hotel Rooms) لإیواء أو لإسکان مجموعة کبیرة من الضیوف أو أفواج من المشارکین فی المؤتمرات أو المحافل الأخرى. وهو المعیار الذی یمیز وبوضوح بین هذا العقد وبین عقد الفندقة العادی الذی یبرمه نزیل أو مجموعة محدودة من النزلاء مع صاحب الفندق. ویرى جانب من الفقه أن هذا العقد له تأثیر إیجابی على الاقتصاد الوطنی، فهو یزید کثیراً من دخل الفنادق، مما یساهم فی زیادة ورفع مستوى إیرادات الدولة. ولکی یتمکن الطرف الراعی للضیافة الذی یمتلک المنشآت الفندقیة أو یدیرها من الإفادة من هذا النوع من العقود، وتحقیق أقصى قدر من الأرباح. فإنه غالباً ما یلجأ إلى زیادة عدد الغرف الجماعیة (Group Rooms) فی فنادقه إلى الحد الأقصى. کما یمکن أیضاً للطرف الراعی للضیافة تحقیق الغایة المثلى لهذا العقد عن طریق التنسیق مع شرکات السفر والسیاحة والطیران، وذلک من أجل تیسیر نقل ضیوف المؤتمرات وأفواج المشارکین فی المحافل الأخرى. ویعد هذا العقد من العقود التجاریة (Business Contracts) بسبب سمة الحجز الجماعی:
(Group Reservation) الذی یمتاز به. لذا فإن هذا العقد یعرف أیضاً بعقد الغرف الجماعیة (Group Room Contract)، والذی یختلف أیضاً عن عقد الفندقة العادی الذی یعرف بعقد الغرف الفردیة (Individual Room Contract) من حیث أن الأول هو أکثر ملاءمة لمتطلبات المؤتمرات والمحافل على اختلاف أنواعها من الثانی. فقد جرت العادة أن یتم حجز الغرف بمقتضاها قبل انعقاد المؤتمر بفترة طویلة قد تصل إلى سنة أو سنتین. وهی السمة التی لا تتوفر فی عقود الفندقة العادیة المعروفة بعقود الغرف الفردیة. مما یتیح الفرصة والوقت الکافی للطرف الراعی للضیافة (Sponsoring Party) لتوفیر تلک الغرف عند بدایة أعمال المؤتمر. وهو ما یستوجب أیضاً أن یکون عقد الغرف الجماعیة مکتوباً، لکی یضمن الطرف الراعی للضیافة حقوقه. وقد جرى العرف أن یکون عقد الغرف الجماعیة مکتوباً (Written Contract)، وإن کان السند القانونی لهذه المسألة یرجع إلى العرف، إلا أن معظم الفنادق تلتزم بها لغرض الإثبات. إذ یرجع السبب فی ذلک إلى شیوع الخصم (Discount) فی أسعار الغرف إذا کانت جماعیة مقارنة بالغرف الفردیة. وعلى هذا الأساس فإنه یتم اللجوء إلى کتابة عقد الغرف الجماعیة، وذلک لإثبات الخصم فی الأسعار.
الفرع الثانی
عقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى
یعد عقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى نوعاً آخر من أنواع عقود التطبیق المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، ویبرم بین الطرف الراعی للضیافة وبین إحدى المنشآت التی تتوفر فیها مستلزمات إقامة المؤتمرات. وغالباً ما یقوم الطرف الراعی للضیافة بتهیئة أماکن الاجتماعات ضمن نطاق منشآته الفندقیة، وإذا لم یتکمن فإنه یقوم بالتعاقد مع إحدى المنشآت التی تتوفر فیها مستلزمات إقامة المؤتمرات، إذا کان تلک المنشآت تتمثل بالفنادق ذات الخدمة المتکاملة (Full-Service Hotels) التی توفر غرفاً جماعیة، فضلاً عن التسهیلات الأخرى المتمثلة بقاعات الاجتماعات وصالات العرض وغیرها. وهو ما تتمیز به المنشآت الفندقیة الضخمة التی تتوفر فیها الأماکن اللازمة لعقد المؤتمرات وإبرام الاتفاقیات (Meeting and Convention Spaces). إلا أن تسهیلات الضیافة (Hospitality Industry facilities) المتعلقة بإقامة المؤتمرات قد لا تتوفر فی الفنادق، ولا سیما إذا لم تکن من النوع ذی الخدمة المتکاملة، فینبغی على الطرف الراعی للضیافة فی هذه الحالة البحث عن أماکن أخرى کالأندیة الاجتماعیة والریاضیة، وتأجیر تلک الأماکن لتنفیذ عقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمؤتمرات.
الفرع الثالث
عقد الترخیص
کما یعد عقد الترخیص (Franchise Contract) نوعاً من أنواع عقود التطبیق المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری. ویعرف جانب من الفقه الانکلیزی هذا العقد بأنه اتفاق بین المرخص والمرخص له، یرخص بمقتضاه الطرف الأول المالک لعلامة تجاریة أو علامة الخدمة، أو غیرها من حقوق الملکیة الفکریة الطرف الثانی بإستعمالها، وفقاً لشروط محددة. ویتمثل المرخص (Franchisor) فی هذا العقد المتفرع عن عقد خدمات المؤتمرات أو المحافل الإطاری بالمجموعة المهنیة المتخصصة. أما المرخص له (Franchisee) فهو الطرف الراعی للضیافة. إذ یرخص الطرف الأول الثانی بالإفادة من حقوق الملکیة الفکریة (Intellectual Property) الناشئة عن وقائع المؤتمرات والمحافل الثقافیة والفنیة والمعارض التجاریة، وذلک بإصدار التراخیص (Licenses) اللازمة للمستفیدین باستعمال تلک الحقوق التی تتضمن شعارات المؤتمرات أو المحافل الأخرى (Logos)، والعلامات التجاریة (Trade Marks)، وعلامات الخدمة (service Marks) والرسوم (Models) والنماذج الصناعیة (Designs) وبرامجیات الحاسوب (Computer Software) وقواعد البیانات (Databases). وحقوق التصویر (Photography Rights)، وغیرها من حقوق المؤلف (Copyrights). وینظم هذا العقد حقوق والتزامات الطرفین. إذ یحق للمرخص له الإفادة من هذه الحقوق لقاء أجر یدفعه إلى المرخص. کما یحق للمرخص أن یشترط على المرخص له التمتع بتلک الحقوق واستعمالها ضمن نطاق جغرافی معین. ویتضمن هذا العقد بنوداً تنظم حمایة هذه الحقوق. ویحق للمرخص إنهاء عقد الترخیص إذا أخل المرخص له المتمثل بالطرف القائم بإدارة أعمال الضیافة (Hospitality Manager) ببنود عقد الترخیص.
الفرع الرابع
عقود الإدارة
کما تعد عقود الإدارة (Management Contracts) أحد أنواع العقود المنبثقة أو المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى الإطاری، ویبرم عقد الادارة عادة إما بین الطرف الراعی للضیافة أو ما یعرف بمقدم الخدمة أو الجهة المنظمة، والذی هو أحد شرکات تنظیم المؤتمرات، وبین الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة، وذلک لتحقیق الأهداف والغایات التنظیمیة والفنیة للمؤتمر، کالمدة التی یستغرقها المؤتمر، واللغة الرسمیة المستعملة فی المؤتمر، والاجراءات الواجب إتباعها لإطالة مدة المؤتمر، أو لإنهائه قبل الأوان، وإدارة جلسات المؤتمر، والسیطرة علیها، وتنظیم حفل الافتتاح والختام. أو قد یبرم بین الطرف الراعی للضیافة وبین الجهة المستضیفة للمؤتمر، والتی غالباً ما تتمثل بدولة معینة، وذلک لتحقیق الأهداف والغایات اللوجستیة (Logistic Ends) من أجل دیمومة خدمات المؤتمر. کتوفیر الایدی العاملة التی یعهد الیها تقدیم الخدمات للمؤتمر، فضلاً عن تهیئة المنشآت الفندقیة والإمداد بالمواد الغذائیة اللازمة. ویخضع کل عقد من هذین النوعین من عقود الادارة لمبدأ خصوصیة العقد (Privity of Contract) وعدم سریانه فی حق الغیر، والذی یعرف بمبدأ نسبیة أثر العقد من حیث الأشخاص.
المبحث الثانی
انعقاد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین
الانکلیزی والعراقی
ینعقد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل بتوفر الأرکان الثلاثة التی ینبغی توفرها لانعقاد أی عقد رضائی بسیط، وهذه الأرکان هی الإیجاب والقبول، والنیة التعاقدیة للالتزام القانونی، ومقابل الالتزام بالوعد. وسوف نبحث فی هذه الأرکان مع بیان موقف القانون المدنی العراقی ازاء کل واحد منها وکما یأتی:
الفرع الأول
الإیجاب والقبول
یصدر الایجاب (Offer) عادة فی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل عن المجموعة المهنیة المتخصصة بإقامة مؤتمر معین، أو محفل أو أی نشاط آخر، والتی تمثل الموجب (Offeror) فی هذا العقد. أما القبول (Acceptance) فیصدر عن الطرف الراعی للضیافة، والذی یمثل الموجب له (Offeree). وینبغی أن تتوفر فی الایجاب والقبول الصفة التبادلیة (Mutuality)، باتفاق الأطراف على کل بنود العقد وشروطه، لکی ینعقد العقد ویکون ملزماً قانوناً. وهو ما یعرف أیضاً بالاتفاق الذهنی:
(Meeting in Minds)، أو الاتفاق فی الارادات. وقد تسبق عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، ولا سیما إذا کان غیر مسبوق بمفاوضات ما قبل التعاقد:
(Pre-Contractual Negotiation)، إعلانات (Advertisements)، أو دعوات للمشارکة أو للتقدم بعروض، تعد فی مرتبة أقل من الایجاب. کما یمکن لهذه الاعلانات أن تسبق العقود التطبیقیة اللاحقة على هذا العقد الاطاری أیضاً. فعقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمرات أو المحافل الأخرى، والذی یعد من حیث طبیعته القانونیة کعقد حجز أو فندقة، لا بد أن تسبقه إعلانات تصدر عن الطرف الراعی للضیافة، أسوة بجمیع أنواع عقود الفندقة التی یعلن فیها صاحب الفندق (Hotel-keeper)، والمتمثل براعی الضیافة، فی هذا العقد عن المبیت أو السکن (Accommodation)والمأکل والمشرب (Refreshment)، والخدمات الفندقیة الأخرى فی الصحف والمجلات ومواقع الانترنت. وقد استقر اتجاه المحاکم الانکلیزیة على عدم تکییف مثل هذه الاعلانات کإیجاب، ولکن کدعوة إلى التعاقد:
(Invitation to Treat)، والتی یدعو عن طریقها أحد الأشخاص شخصاً آخر لتقدیم الإیجاب فحسب، ویتمتع الأول (أی موجه الدعوة) بالحریة فی قبول الإیجاب أو رفضه. إلا أنه وعلى الرغم من ذلک فإن جانباً من الفقه الإنکلیزی یرى بأن تلک الإعلانات یمکن تکییفها أیضاً کإیجاب من جانب واحد أو بالإرادة المنفردة (Unilateral Offer). ونحن نرجح بدورنا الرأی الأول الذی اعتنقته المحاکم الإنکلیزیة، والذی یذهب الى تکییف الإعلانات أو دعوات المشارکة أو التقدم بعروض کدعوة للتعاقد ولیس ایجاباً، وذلک لان المجموعة المتخصصة تمتلک حریة القبول أو الرفض. أما النشرات وقوائم الأسعار الجاری التعامل بها (Price-Lists) التی یوزعها التجار، فهی عادةً ما یجری تکییفها کدعوة إلى التعاقد. کما تنطبق نفس القاعدة على الاعلانات التی تسبق انعقاد عقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة والفنیة والتجاریة والریاضیة.
أما بالنسبة الى القبول فی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى، والذی یصدر عن الطرف الآخر الراعی للضیافة فینبغی أن تتوفر فیه جمیع الشروط التی یتطلبها قانون الأحکام العام (Common Law) وهی: ضرورة أن یکون القبول غیر مشروط، وذلک بأن یقبل الموجب له نفس البنود التی وضعها أو اقترحها الموجب دون قید أو شرط. وهذا یعنی عدم قیامه بإدراج أیة بنود جدیدة لم یضعها الموجب. وأن یصدر والایجاب لا یزال قائماً. وأن یتم توصیله الى الموجب مباشرة ، أی أنه ینبغی أن یتصل بعلم الموجب. فالعقد لا ینعقد بمقتضى هذا الشرط الأخیر، إلا من الوقت الذی یصل فیه القبول إلى الموجب، والذی یعد تجسیداً لنظریة وصول القبول. وذلک خلافاً لموقف القانون المدنی العراقی، والذی لم تکتف المادة (87) منه بوصول القبول بل تتطلب العلم به، إذ نصت على أنه (1.یعتبر التعاقد ما بین الغائبین قد تم فی المکان والزمان اللذین یعلم فیهما الموجب بالقبول، ما لم یوجد اتفاق صریح أو ضمنی أو نص قانونی یقضی بغیر ذلک. 2.ویکون مفروضا أن الموجب قد علم بالقبول فی المکان والزمان اللذین وصل إلیه فیهما). إذ تبنت هذه المادة نظریة العلم بالقبول التی یعد العقد بمقتضاها منعقداً فی الزمان والمکان اللذین یعلم فیهما الموجب بالقبول. وهی تنسجم مع القواعد العامة فی القانون المدنی التی تقضی بأن التعبیر عن الإرادة لا ینتج أثره إلا من الوقت الذی یتصل فیه بعلم من وجه إلیه وهو الموجب الذی ینبغی أن یعلم بالقبول. وقد أخذت المحکمة الانکلیزیة بنظریة وصول القبول فی حکمها الصادر فی قضیة:
(Entores V. Miles Far East Corp. CA 1955). ویعرف هذا الشرط بقاعدة الاتصال الفوری (Instantaneous Communication) التی یتم بمقتضاها نقل القبول بوسیلة فوریة من وسائل الاتصال کالتلکس أو الفاکس أو البرید الالکترونی:
(Acceptance Made By Such Instantaneous Mode Communication as Telex، Fax or E-Mail)
والتی تجد مجالاً واسعاً لتطبیقها، إذا ما انعقد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الاطاری، أو العقود التطبیقیة اللاحقة له عن طریق عقد البرید الالکترونی (E-Mail Contract). خلافاً للقاعدة البریدیة العادیة (Postal Rule) التی یترتب بمقتضاها الأثر القانونی للقبول بمجرد إرسال رسالة القبول عن طریق البرید، والتی تعد تجسیداً لنظریة تصدیر القبول. ویکون من الصعوبة تطبیقها على انعقاد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الاطاری، أو العقود التطبیقیة اللاحقة له. لذا فإنه ینبغی على الطرف الراعی للضیافة، وتطبیقاً لقاعدة الاتصال الفوری التی تشکل الأساس للتعاقد عن طریق البرید الالکترونی (Electronic Mail) أن یحتفظ بسجلات دقیقة تحتوی على المراسلات التی ترسل بالبرید الالکترونی (Accurate Records of Correspondence Sent By E-Mail). ویرى أحد الفقهاء بأن التطور الذی طرأ على نقل وتوصیل القبول واتصاله بعلم الموجب، نتیجة استعمال الحواسیب الالکترونیة (Computers) فی الاتصال الفوری بدلاً عن أجهزة الفاکس (Facsimile Machine) ساهم فی تزاید التعقیدات التی تکتنف تطبیق قاعدة الاتصال الفوری، وهجر القاعدة البریدیة القدیمة تماماً. أما إذا أرسلت الرسالة خارج ساعات العمل المکتبی (Out of Office Hours)، ففی هذه الحالة فإنها لا تعد رسالة فوریة، وهو ما أکد علیه القاضی اللورد (Wilberforce) فی حکم مجلس اللوردات الصادر فی قضیة:
(Brinkiban Ltd v. stahag Stahl Und Stahlwarenhandelsgesellschaft GmbH 1983.2AC34HL)
وذلک بخصوص التعاقد عن طریق التلکس، إلا أنه لا یزال ساریاً على التعاقد عن طریق البرید الالکترونی، فقد أشار الى أن الرسائل التی تصل خارج ساعات العمل المکتبی، فإنه یمکننا أن نفترض اتجاه نیة مرسلها الى قیام الطرف الآخر بقراءتها فی یوم العمل التالی. أما القانون المدنی العراقی فقد أقام العقد على ثلاثة أرکان هی التراضی والمحل والسبب. وذلک وفقاً للفقرة الأولى من المادة (133) منه التی نصت على أن (العقد الصحیح هو العقد المشروع ذاتاً ووصفاً بأن یکون صادراً من أهله مضافاً الى محل قابل لحکمه وله سبب مشروع وأوصافه سالمة من الخلل). والتراضی هو اتفاق أو اتحاد إرادتین على إحداث أثر قانونی. فالعقد هو إرادتان متحدتان ومرتبطتان لا إرادة واحدة، وهذا یعنی بأن الإرادة هی جوهر العقد وقوام التصرف القانونی على وجه العموم. فالعقد هو التراضی، وموضوع التراضی ینصب على التزام متکامل الأرکان، فهو یشمل المحل والسبب فضلاً عن التراضی نفسه، کما أن الإرادة هی التی تتجه إلى إحداث أثر قانونی، لأنها تنطوی على نیة الالتزام، أی إنشاء التزامات تعاقدیة.
الفرع الثانی
النیة التعاقدیة للالتزام القانونی
تعد النیة التعاقدیة للالتزام القانونی رکناً آخر من أرکان العقد الرضائی البسیط، فضلاً عن التراضی ومقابل الالتزام بالوعد. وتعنی القصد الذی یرمی إلیه الطرفان المتعاقدان لخلق التزامات تعاقدیة. ویرى غالبیة الفقه الإنکلیزی بأن النیة التعاقدیة لخلق العلاقات القانونیة وترتیب الالتزامات التعاقدیة تعد رکناً مستقلاً من أرکان العقد الرضائی البسیط، وأن مجرد وجود التراضی ومقابل الالتزام بالوعد لا یغنیان عن وجود النیة التعاقدیة لإبرام عقود ملزمة قانوناً. لذا فإن وجود النیة لإنشاء الالتزامات التعاقدیة یعد أمراً لا بد منه لإخراج عقد خدمات المؤتمرات والمحافل من مجال المجاملات الاجتماعیة، وإدخاله فی مجال العقد الرضائی البسیط الملزم قانوناً. وتبرز أهمیة رکن مقابل الالتزام فی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى، لأنه لا یمثل مجرد إتفاق على التفاوض لا یتمتع بقوة قانونیة ملزمة نتیجة ما یشوبه من عدم الیقین. ولکنه عقد صحیح مکتمل الأرکان، وإن کان لا یصل إلى مرتبة العقد النهائی للأسباب التی ذکرناها سابقاً. أما فی القانون المدنی العراقی فإن الأمر مختلف عن القانون الانکلیزی، فالنیة التعاقدیة المتمثلة بالإرادة التعاقدیة لا تعد رکناً مستقلاً من أرکان العقد، لأنها تدخل ضمن رکن التراضی، الذی هو اتفاق إرادتین على إحداث أثر قانونی. والإرادة التعاقدیة، وکما أشرنا سابقاً، هی جوهر العقد أو قوامه. ویتکون التراضی من اتحاد إرادتین، فالإرادة هی أحد رکنی التراضی، وهی الأساس الذی یقوم علیه التراضی، وبالتالی العقد الرضائی، إذا اتجهت إلى إحداث أثر قانونی. لأن العقد یقوم على اتفاق إرادتین أو أکثر، أما الإرادة الواحدة فلا تنشئ عقداً، بل یقتصر دورها على إنشاء التزام مصدره الإرادة المنفردة لا العقد. ویعرف جانب من فقه القانون المدنی العراقی الإرادة التعاقدیة بأنها (أمر نفسی ینعقد به العزم على أمر معین)، وتعرف أیضا بأنها (انعقاد العزم على إجراء العملیة القانونیة محل التعاقد). والإرادة التعاقدیة بهذا المعنى ینبغی أن تتجه إلى إحداث أثر قانونی، إلا أن الإرادة بحد ذاتها متمثلة بالأمر النفسی لا تکفی لحدوث التراضی وانعقاد العقد، وترتیب الأثر القانونی لذلک العقد، ما لم تظهر إلى العالم الخارجی وتتصل بعلم من وجهت إلیه. وبطبیعة الحال فإنها لا تتصل بعلم من وجهت إلیه، طالما بقیت کامنة فی أعمال النفس ولم یتم التعبیر عنها بإحدى وسائل التعبیر عن الإرادة. فالإرادة التعاقدیة التی ترتب أثراً قانونیاً هی الإرادة التی تصطبغ بمظهر اجتماعی ویحفل بها العالم الخارجی، ولا تبقى حبیسة النفس البشریة، فالقانون یعتد بالتعبیر عن الإرادة، ولیس الإرادة فی مظهرها النفسی، وهو ما یتفق مع نظریة الإرادة الظاهرة. وقد أخذ القانون المدنی العراقی بهذا الاتجاه عندما عرف العقد فی المادة (73) منه بأنه (ارتباط الإیجاب الصادر من أحد العاقدین بقبول الآخر على وجه یثبت أثره فی المعقود علیه). فبمقتضى المذهب الموضوعی فی العقد، فإن العبرة بالإرادة الظاهرة التی یعبر عنها المتعاقدان بالکتابة أو باللفظ، وما الإیجاب والقبول بمقتضى نص المادة (73) إلا تعبیران عن الإرادة الباطنة أو الکامنة فی أعماق النفس. کما أن محتوى الإرادة التعاقدیة یتکون من ثلاثة عناصر، إذ یتضمن المحل والسبب فضلاً عن التراضی والذی یتحلل إلى إرادتین متفقتین على إحداث أثر قانونی.
الفرع الثالث
مقابل الالتزام بالوعد
کما یعد مقابل الالتزام بالوعد الرکن الثالث من أرکان العقد الرضائی البسیط عموماً، وعقد خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى على وجه الخصوص. لأن الوعد الصادر عن أحد الطرفین المتعاقدین لا یصیر نافذاً ولا یصلح لانعقاد العقد الصحیح الملزم قانوناً، ما لم یتم إفراغه فی شکل معین، أو دعمه بمقابل الالتزام، فی حالة عدم إفراغه فی شکل معین. فمقابل الالتزام بالوعد هو حق أو مصلحة أو منفعة أو فائدة تؤول إلى أحد الطرفین المتعاقدین فی مقابل امتناع عن عمل أو خسارة أو مسؤولیة أو أذى یتحمله الطرف الآخر. وغالباً ما تؤول المنفعة إلى الواعد فی مقابل تحمل الموعود له الخسارة. أو هو الثمن الذی یشتری به أحد الطرفین المتعاقدین وهو الموعود له الوعد الصادر عن الطرف الآخر وهو الواعد. ویرى جانب من الفقه الانکلیزی بأن المنفعة (Benefit) والخسارة (Detriment) هما وجهان لعملة واحدة. وهذا یعنی أنه وفی العقود الملزمة للجانبین کعقد البیع، یکون کلا الطرفین واعداً وموعوداً له (أی دائناً ومدیناً) فی نفس الوقت، وأن کلیهما یحصل على المنفعة ویتحمل الخسارة فی نفس الوقت أیضاً. فقیام المشتری بدفع الثمن فی مقابل الوعد الصادر عن البائع بتسلیمه المبیع، یعد خسارة للمشتری ومنفعة للبائع. وبالمقابل فإن قیام البائع بتسلیم المبیع فی مقابل الوعد الصادر عن المشتری بدفع الثمن، یعد خسارة للبائع ومنفعة للمشتری. وتطبیقاً لذلک فإن مقابل الالتزام بالوعد کرکن مستقل من أرکان العقد یصدر فی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل عن طرفی العقد بوصفهما واعداً وموعوداً له (أی دائناً ومدیناً) فی نفس الوقت. فالمدین (Debtor) الذی هو المجموعة المهنیة المتخصصة بإقامة مؤتمر معین، أو محفل أو أی نشاط آخر، یکون موعوداً له (Promisee) ویلتزم بدفع الأجر النقدی، فی مقابل الوعد الصادر عن الواعد (promisor) وهو الدائن (Creditor)، والمتمثل بالطرف الراعی للضیافة بتضمین العقد الإطاری بالبنود التعاقدیة (Contractual Terms) التی تحدد الخدمات التی یقدمها للمجموعة المهنیة. فإن ذلک یعد خسارة للمدین ومنفعة للدائن الذی یستلم مبلغاً نقدیاً (Receipt of Money) فی مقابل الوعد الصادر عنه. وبالمقابل یکون الدائن (الطرف الراعی للضیافة) موعوداً له ویلتزم بتقدیم الخدمات المحددة فی بنود العقد الإطاری، فی مقابل الوعد الصادر عن المدین (المجموعة المهنیة) بدفع الأجر النقدی. فیعد ذلک خسارة للدائن ومنفعة للمدین الذی یحصل على الخدمات المقررة فی بنود العقد. ویشترط فی مقابل الالتزام، وفقاً لمبادئ قانون الأحکام العام (Common Law) أن یکون کافیاً (Sufficient Consideration) ولیس معادلاً. وعلى هذا الأساس فإن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل والعقود التطبیقیة اللاحقة علیه یمکن أن ینعقد، إذا قدم الموعود له مقابلاً یکفی لصدور الوعد عن الواعد أو المدین، والذی یتضمن القیام بعمل معین لمصلحة الموعود له. على الرغم من أن جانباً آخر من الفقه الإنکلیزی یرى بأن شرط کفایة المقابل یمکن أن یتحقق، حتى وإن کان المقابل تافها، مالم یکن وهمیا أو من دون أیة قیمة مالیة أو مجرد مشاعر إنسانیة (human feelings). وذلک وفقاً للمفهوم الواسع لکفایة المقابل الذی یرى بأن الأشیاء ذات القیمة التافهة:
(Trifling value) یمکن أن تعد مقابلاً صحیحاً فی نظر القانون، طالما أن المقابل الصادر عن الموعود له لا یشترط أن یکون معادلاً فی قیمته لما یقدمه الواعد عن طریق وعده. أما بالنسبة الى القانون المدنی العراقی فقد أخذ بفکرة سبب الالتزام کرکن من أرکان العقد، والذی یشبه، وإلى حد کبیر، مقابل الالتزام فی القانون الانکلیزی، من حیث أن کلیهما یعد شیئاً مادیاً یدخل فی تکوین العقد ورکناً من أرکانه. فضلاً عن کونهما شیئاً داخلیاً یوجد داخل نطاق العقد، ویرتبط ارتباطاً وثیقاً بمحل العقد. وأن کلیهما یشکل الغایة القریبة أو الغرض المباشر الذی یسعى الملتزم الوصول إلیه من وراء التزامه، والذی یختلف عن الباعث الدافع إلى التعاقد الذی یعد أمراً نفسیاً یستخلص من نیة المتعاقدین، ویمثل الغایة البعیدة التی یسعى کل متعاقد إلى الوصول إلیها من وراء التعاقد. فسبب التزام أحد الطرفین المتعاقدین فی العقود الملزمة للجانبین هو التزام الطرف الآخر. وقد أخذ القانون المدنی العراقی بفکرة سبب الالتزام فی الفقرة الأولى من المادة (132) منه، والتی نصت على أن (یکون العقد باطلاً إذا التزم المتعاقد دون سبب أو لسبب ممنوع قانوناً أو مخالفاً للنظام العام أو للآداب). ویرى غالبیة فقه القانون المدنی العراقی بأن المشرع العراقی أخذ بالنظریتین التقلیدیة والحدیثة وجمع بینهما فی المادة السالفة الذکر، إلا أنه کرس الفقرة الأولى منها، وعلى ما یبدو، للنظریة التقلیدیة للسبب، أی نظریة سبب الالتزام، ویستدل على ذلک من عبارة (إذا التزم المتعاقد دون سبب) الواردة فی الفقرة الأولى السالفة الذکر، فکلمة (السبب) لا یمکن تفسیرها على أنها تعنی (الباعث الدافع إلى التعاقد)، لأن الباعث مسألة نفسیة کامنة فی أعماق نفس المتعاقد، وهو أمر خارج عن نطاق العقد.
المبحث الثالث
الآثار المترتبة على عقد خدمات المؤتمرات والمحافل فی القانونین الانکلیزی والعراقی
تترتب علىعقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری والعقود التطبیقیة المتفرعة عنه مجموعة من الالتزامات على عاتق طرفیه، وهما الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة من جهة، وراعی الضیافة من جهة، أو ما یعرف بمقدم الخدمة (Service Provider) من جهة أخرى. وسوف نبحث فی التزامات هذین الطرفین وکما یأتی:
المطلب الأول
التزامات المجموعة المهنیة المتخصصة
إن من أبرز الالتزامات التی یرتبها عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری على عاتق المجموعة المهنیة المتخصصة هو الالتزام بصیاغة الوثیقة الرئیسة:
(Master Bill or Folio) التی تحدد العقود التطبیقیة اللاحقة التی تبرم بینها وبین الطرف المکلف بتنفیذ أعمال الضیافة أو راعی الضیافة، والالتزام بالترخیص، فضلاً عن الالتزام بدفع الأجر النقدی وتوفیر الموارد المالیة التی تتحدد فی ضوء تلک الوثیقة. ولأن الالتزام بصیاغة الوثیقة الرئیسة هو التزام مشترک بین طرفی عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، فإننا سوف نقتصر على دراسته ضمن التزامات المجموعة المهنیة المتخصصة، فضلاً عن الالتزام بدفع الأجر النقدی وکما یأتی:
أولاً: التزام المجموعة المهنیة المتخصصة بصیاغة الوثیقة الرئیسة لتنظیم العلاقة التعاقدیة بینها وبین الطرف الراعی للضیافة: وتتضمن هذه الوثیقة تتضمن مسألتین مهمتین: الأولى هی العقود الثانویة أو التطبیقیة المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری، ومن أبرزها عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة، والذی یعد فی حقیقته عقد حجز أو فندقة. وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى، واللذین تبرمها الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة مع الطرف الآخر الملتزم بتنفیذ أعمال الضیافة، أو الراعی للضیافة لتنفیذ العقد الإطاری العام، وعقد الترخیص. وکذلک وضع الخطوط العریضة (Guidelines) للالتزامات التی یرتبها العقد الإطاری العام على عاتق طرفیه، والالتزامات المترتبة على العقود التطبیقیة الناشئة عنه. والثانیة هو أنه یتم وبمقتضى هذه الوثیقة توحید جمیع الحسابات المتعلقة بالنفقات والمصروفات الخاصة بجمیع أعضاء المجموعة المهنیة، طیلة مدة المؤتمر أو أی نشاط آخر ثقافی أو فنی أو تجاری أو ریاضی. کنفقات الإقامة فی الفنادق. وأجرة قاعات وصالات الاجتماعات (Meeting Rooms) ومراکز المؤتمر (Conference Centers)، والملاعب والصالات الریاضیة، فضلاً عن صالات العرض (Exibit Halls) فی المعارض الفنیة والتجاریة، وذلک فیما یتعلق بتنفیذ عقد تنظیم وخدمات المحافل الریاضیة والفنیة والتجاریة.
ثانیاً: التزام المجموعة المهنیة بالترخیص: یعد الالتزام بالترخیص من الالتزامات البارزة التی تلتزم بها المجموعة أو الجهة المهنیة المتخصصة. وعلى الرغم من أن عقد الترخیص هو من العقود الثانویة أو التطبیقیة التی تنشأ عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، إلا أن الترخیص یمثل فی نفس الوقت التزاماً یقع على عاتق الجهة المهنیة المتخصصة. إذ تلتزم الجهة المتخصصة بالتعاون مع راعی الضیافة، للإفادة من حقوق الملکیة الفکریة المترتبة على وقائع وأعمال المؤتمر. والالتزام بالتعاون یمکن أن یتضمن العدید من الأوجه، ومنها التمکین من استعمال العلامات العائدة لها.
ثالثاً: التزام المجموعة المهنیة المتخصصة بدفع الأجر النقدی فی مقابل الإفادة من خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى: إن من أهم التزامات المجموعة المهنیة المتخصصة هو الالتزام بدفع الأجر النقدی للطرف الراعی للضیافة، فی مقابل قیام الأخیر بتنفیذ التزاماته بالقیام بعمل والمتمثلة بتوفیر جمیع المتطلبات التی تحددها الوثیقة الرئیسة:
(Master Bill or Folio) التی تتم صیاغتها فی ضوء العقد الاطاری العام. أما الطریقة المتبعة فی دفع المقابل فتتمثل بدفع الأجر نقداً (Cash Payment). أما اللجوء الى المقابل غیر النقدی فلیس شائع الاستعمال فی هذا النوع من العقود. أما بالنسبة الى موعد استحقاق دفع المقابل النقدی فإنه غالباً ما یکون بعد الانتهاء من تنفیذ عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری والعقود الفرعیة أو التطبیقیة المنبثقة عنه، وذلک لفسح المجال لراعی الضیافة لإدراج جمیع المفردات أو الفقرات (All Entries) المتعلقة بتنفیذ جمیع تلک العقود، والتی قد لا یکون بالإمکان تحدید ما یقابلها من أجر نقدی عند إبرام عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، ولا سیما فیما یتعلق بإیصالات أو فواتیر أجور استعمال قاعات الاجتماعات والتسهیلات الأخرى:
(Invoice for Meeting Halls and Spaces)، وفواتیر وجبات الطعام (Invoice for Meals)، والغرف الفندقیة (Hotel Rooms) . على الرغم من کثرة الالتزامات المالیة التی تقع على عاتق راعی الضیافة، والتی ینبغی علیه أن یسددها فی سبیل تنفیذه لالتزاماته المنبثقة عن العقد الاطاری. أو قد یصار الى تقلیل أو زیادة مدة المؤتمر أو المحفل، مما یؤدی الى تغییر مدة الحجز (Reservation Date) ، وبالتالی تغییر مقدار الأجور المستحقة.
المطلب الثانی
التزامات الطرف الراعی للضیافة
أما بالنسبة إلى الطرف الراعی للضیافة (Hospitality Business Sponsor) والذی یعرف أیضاً بمقدم الخدمة (service Provider)، والمکلف بتنفیذ الأعمال المتعلقة بالضیافة (Hospitality Business) لمصلحة المجموعة المهنیة المتخصصة، فإنه یلتزم بالالتزامات الآتیة المترتبة على عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری والعقود الفرعیة التی تبرم تنفیذاً له:
أولاً: التزام الطرف الراعی للضیافة بإبرام العقود التطبیقیة المنبثقة عن العقد الإطاری العام: یعد التزام الطرف الراعی للضیافة بإبرام العقود التطبیقیة المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل من أبرز الالتزامات المترتبة على هذا العقد الاطاری العام. کما ینبغی على الطرف الراعی للضیافة أیضاً أن یلتزم بالبنود الواردة فی تلک العقود الفرعیة وما یترتب علیها من التزامات لتنفیذ عقد خدمات المؤتمرات والمحافل.
ثانیاً: التزام الطرف الراعی للضیافة بتوفیر وتهیئة الموارد المالیة اللازمة لتلبیة المتطلبات التی تحددها الوثیقة الرئیسة المنبثقة عن العقد الاطاری: ویعد هذا الالتزام من الالتزامات المهمة التی تترتب على عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، إذ ینبغی على الطرف الراعی للضیافة تهیئة الموارد المالیة اللازمة لتلبیة متطلبات إقامة وتنظیم المؤتمرات والمحافل الأخرى، وذلک وفقاً للتقدیرات التی یتم تحدیدها فی الوثیقة الرئیسة السالفة الذکر. ویمکن القول بأن هذا الالتزام یرتبط بالتزام الجهة أو المجموعة المهنیة بدفع المقابل النقدی، وذلک لتمکین راعی الضیافة من الوفاء بالالتزامات الکثیرة التی تقع على عاتقه.
ثالثاً: التزام الطرف الراعی للضیافة بمبیت أو سکن الضیوف والمشارکین: وهو التزام ناشئ عن إبرام راعی الضیافة لعقد الحجز أو ما یعرف بعقد الفندقة مع فندق معین أو مجموعة من الفنادق. إذ تلتزم الجهة أو المجموعة المهنیة المتخصصة بإبرام هذا العقد لتأمین المبیت أو السکن (Accommodation) لضیوف المؤتمر أو المحافل الأخرى على اختلاف أنواعها. وتلتزم المجموعة المهنیة بدفع أجرة المبیت أو السکن فی أجنحة الفندق وغرفه مقدماً قبل استعمالها من الضیوف:
(In Advance of the Use of the Accommodation). ویتم تنفیذ هذا الالتزام بتوفیر الحجز (Booking) لجمیع المشارکین الذین تستضیفهم المجموعة المهنیة المتخصصة. أما بالنسبة إلى القانون المدنی العراقی فإنه یمکن القول بأن الطرف الراعی للضیافة فی العراق، والمتمثل بالمنشأة العامة لشؤون الضیافة، التی ترتبط بالمؤسسة العامة للسیاحة، بمقتضى القرار رقم (551) فی 28/4/ 1979 یلتزم وبمقتضى القواعد العامة فی عقد المقاولة التزاماً بتحقیق نتیجة بإبرام عقد الفندقة مع فندق معین أو مجموعة فنادق، لإعداد مکان المبیت الملائم لإسکان وإیواء المشارکین فی المؤتمر أو أی محفل آخر. فیلتزم بإنجاز هذا العمل کما هو مطلوب، فإذا أخل بالتزامه فإن مسؤولیته العقدیة سوف تنهض تبعاً لذلک. إذ لا یکون قد أوفى بالتزامه إلا إذا تحققت النتیجة من العمل المطلوب، وبخلاف ذلک فإن عدم تحقیق النتیجة أو الغایة المطلوبة یعد خطأً عقدیاً یؤدی إلى نهوض مسؤولیته، ولا یکون بإمکانه نفیها إلا بإثبات السبب الأجنبی. ویجد هذا الالتزام أساسه فی الفقرة الأولى من المادة (150) من القانون المدنی العراقی التی نصت على أنه (یجب تنفیذ العقد طبقاً لما اشتمل علیه وبطریقة تتفق مع ما یوجبه حسن النیة). فحسن النیة هو مبدأ عام یؤسس لتنفیذ جمیع أنواع العقود وفقاً لما اتفق علیه الطرفان.
رابعاً: التزام راعی الضیافة بمأکل ومشرب الضیوف والمشارکین: وینشأ الالتزام بتقدیم المأکل والمشرب (Refreshment) الذی تلتزم به الجهة أو المجموعة المهنیة عن عقد الفندقة المبرم بینها وبین فندق معین أو مجموعة من الفنادق، ویعد من الالتزامات التعاقدیة التی تتقرر أصلاً بمقتضى قانون الأحکام العام (Common Law)، وهو یخرج بذلک عن نطاق تشریع مالکی الفنادق الانکلیزی لعام 1956:
(Hotel Proprietors Act 1956). وعلى هذا الأساس فإن المسؤولیة المدنیة الناجمة عن الاخلال بهذا الالتزام هی مسؤولیة عقدیة ولیست تقصیریة ناشئة عن الخطأ المدنی (Tort). وتلتزم الجهة أو المجموعة المهنیة وبمقتضى عقد الفندقة المبرم بینها وبین أصحاب الفنادق بتقدیم قدر من المأکل والمشرب یعرف بالمأکل والمشرب المعقول (Reasonable Refreshment) خلال أوقات الطعام لیلاً أو نهاراً. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی من هذا الالتزام فإنه یمکن للجهة الراعیة للمؤتمر أو المحفل أن تقوم بتنفیذ هذا الالتزام على عاتقها، وفقاً للقواعد العامة فی عقد المقاولة ویکون التزامها التزاماً بتحقیق نتیجة، أو أن تعهد به إلى مقاولین من الباطن کأصحاب المطاعم والفنادق.
خامساً: التزام راعی الضیافة بضمان سلامة الضیوف والمشارکین: ولکی نتمکن من تسلیط الضوء على هذا الالتزام وتحدید نطاقه، فإنه ینبغی علینا أن نمیز بین التزام راعی الضیافة (Hospitality Business Sponsor) بضمان سلامة المشارکین فی المؤتمرات والمحافل، وبین التزام صاحب الفندق الذی یتعاقد معه راعی الضیافة، إذا لم یکن الأخیر یمتلک المنشآت الفندقیة، وذلک لاختلاف نطاق التزام کل منهما المکانی عن الاخر. فالأصل أن راعی الضیافة لا یلتزم بضمان سلامة ضیوف المؤتمر أو المشارکین فی المحافل عموماً، فهو لا یلتزم بضمان سلامتهم أثناء تواجدهم فی الفندق. لأن هذا الالتزام هو من أهم الالتزامات الملقاة على عاتق صاحب الفندق:
(Hotelier Innkeeper or Hotelkeeper) تجاه النزیل (Guest) على وجه العموم، وضیوف المؤتمر أو المشارکین فی المحافل على وجه الخصوص. فی حالة حدوث الحادث أثناء الإقامة الفندقیة أو فی ملحقات الفندق. کما لا یلتزم راعی الضیافة بضمان سلامة ضیوف المؤتمر أو المشارکین فی المحافل الأخرى، لو حدث الحادث خارج هذا النطاق کأصل عام. کأن یکون قد حصل أثناء تجوال الضیوف فی الاسواق. إلا أن التزامه بضمان سلامتهم ینهض فی مثل هذه الحالة استثناءً، إذا ما ثبت أن تعرضهم للحادث کان نتیجة إهماله (Negligence) أو تقصیر منه. فیبقى الالتزام الرئیس بضمان السلامة هو التزام صاحب الفندق الذی یتعاقد معه راعی الضیافة. إذ یلتزم صاحب الفندق بضمان سلامة ضیوف المؤتمر والمشارکین فی المحافل على اختلاف أنواعها. وینشأ التزامه هذا عن عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمرات أو المحافل الأخرى (Group Lodging Contract) التطبیقی المبرم بینه وبین راعی الضیافة، والذی یتسم بنفس خصائص عقد الحجز أو الفندقة (Booking Contracts). ویترتب على الاخلال بهذا الالتزام نهوض المسؤولیة العقدیة (Contractual Liability) لصاحب الفندق بمقتضى قانون الأحکام العام. وذلک على أساس إخلاله بالتزامه بضمان سلامة ضیوف المؤتمر تجاه الطرف الراعی للضیافة. ویکمن هذا الالتزام فی بند ضمنی تستخلصه المحکمة، أو تفترضه فی عقد الفندقة (Implied Term of Contract)، والمتمثل هنا بعقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة وضیوف المؤتمر، متى ما رأت ذلک ضروریاً. فترکن المحکمة الى معیاری الضرورة (Necessity) والمعقولیة (Reasonableness) عند افتراضها لمثل هذه البنود. لأن وظیفة المحکمة لا تتمثل بإنشاء العقد بین الطرفین، ولکنها تتمثل باستشفاف أو استخلاص بنود ضمنیة من العقد القائم بینهما وفقاً لظروف کل قضیة. ویلتزم بمقتضاه صاحب الفندق ببذل العنایة المعقولة فی المحافظة على سلامة (Reasonable care for Safety) الأشخاص الذین یدخلون الى المنشأة الفندقیة بمقتضى العقد. ویعد هذا الالتزام جزءاً من الالتزام بضمان سلامة الأشخاص الذین قد یتعرضون للإصابة أثناء تواجدهم فی المبانی عموماً: (Reasonable care for The Safety of People Who may be Injured in The Premises)
والذی هو من الواجبات التی فرضها قانون الاحکام العام (Duty at Common Law). وتقوم المحکمة أو باستخلاص هذا البند أو افتراضه ضمنیاً:
(Terms Implied by the Court) من وقائع القضیة المنظورة. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی من هذا الالتزام فإنه یعد التزاماً ببذل عنایة، ویجد أساسه القانونی فی الفقرة الأولى من المادة (150) من القانون المدنی العراقی بفقرتیها، والتی نصت على أنه (یجب تنفیذ العقد طبقاً لما اشتمل علیه وبطریقة تتفق مع ما یوجبه حسن النیة)، إذ ینبغی على المتعاقد أن یکون حسن النیة، وأن یتحلى بالیقظة والتبصر فی بذل العنایة المطلوبة منه قانوناً.
ویؤید جانب من فقه القانون المدنی العراقی هذا الاتجاه ویرى بأن التزام صاحب الفندق بضمان سلامة النزیل هو التزام بوسیلة ولیس التزاماً بنتیجة، فهو یلتزم ببذل العنایة المطلوبة لضمان سلامة النزیل فحسب، من دون أن یلتزم بضمان سلامته تماماً بعد تنفیذ العقد، وهو یبذل فی ذلک العنایة التی یبذلها الشخص المعتاد. فإذا ما أصاب النزیل ضرر فإنه یقع علیه عبء إثبات إهمال صاحب الفندق فی بذل العنایة اللازمة. فجوهر الالتزام بضمان السلامة هو بذل العنایة فی اتخاذ إجراءات السلامة فی الفندق. وهو ما اتجه الیه القضاء العراقی أیضاً، إذ جاء فی أحد أحکامه بأن (الثابت من وقائع التحقیق القضائی أن الوفاة کانت بسبب الغرق فی حوض السباحة الذی هو تحت رقابة وإشراف تابعی المدعى علیه، وقد أبان تقریر الخبراء أن إدارة المسبح لم تستکمل شروط الأمان للسابحین فیه، ومن ذلک وجود مراقب لإنقاذ من یکون بخطر الغرق. إلا أنه وجد أن الغریق کان بحالة سکر فکان على المحکمة أن تستکمل تحقیقاتها للاستیضاح من الخبیر عما إذا کانت حالة السکر قد شارکت فی إحداث النتیجة، ومدى مشارکتها قیاساً على خطأ المدعى علیه فی عدم وضع أسس الأمان للسابحین. وأخذ هذه النتیجة بنظر الاعتبار عند تقدیر قیمة الضرر المقدر من قبل الخبیر). وجدیر بالذکر فإن وقائع هذه القضیة تشیر إلى غرق النزیل فی مسبح الفندق الذی یقیم فیه، فأقام ورثته الدعوى على صاحب الفندق للمطالبة بحقهم فی التعویض. فأصدرت محکمة البداءة حکمها بإلزام المدعى علیه (صاحب الفندق) بدفع مبلغ التعویض إلى ورثة المتوفى. ولعدم قناعة المدعى علیه بالحکم الابتدائی، فقد طعن به أمام محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة. وجدیر بالذکر فإنه یشترط لقیام الالتزام بضمان السلامة فی العقود على وجه العموم توفر ثلاثة شروط یجب توافرها وهی: وجود خطر یهدد أحد أطراف العقد فی جسده وتسلیم أحد العاقدین نفسه للأخر، وأن یکون المدین بالالتزام بضمان السلامة هو فی أغلب الأحوال شخصاً محترفاً.
سادساً: التزام الطرف الراعی للضیافة بالمحافظة على أموال وأمتعة أفراد المجموعة المهنیة: وهنا أیضاً ینبغی علینا أن نمیز بین التزام راعی الضیافة:
(Hospitality Business Sponsor) بالمحافظة على أموال وأمتعة أفراد المجموعة المهنیة المشارکین فی المؤتمرات والمحافل، وبین التزام صاحب الفندق الذی یتعاقد معه راعی الضیافة بذلک. فبالنسبة إلى راعی الضیافة فإنه لا یقع على عاتقه أی التزام بالمحافظة على الأموال والأمتعة، ولا تنهض مسؤولیته فی حالة هلاکها أو فقدها (Liability for Loss or Damage of any Personal Property). إذ یقع هذا الالتزام على عاتق صاحب الفندق تماماً، وذلک لأن نطاقه ینحصر بالمنشآت الفندقیة فحسب. وبما أن هذا الالتزام یقع على عاتق صاحب الفندق الذی یتعاقد معه راعی الضیافة، فإنه یلتزم بالمحافظة على أأأموال وأمتعة أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی مؤتمر علمی أو محفل آخر من المحافل الثقافیة أو الفنیة أو التجاریة أو الریاضیة، ویکون التزاماً أو واجباً مشدداً (Strict Duty)، یترتب على الإخلال به مسؤولیته الموضوعیة (Strict Liability) التی لا تقوم على أساس إثبات رکن الخطأ المتمثل بالإهمال (Negligence) من جانبه، ولکن على أساس إثبات رکن الضرر وحده. وذلک لأن صاحب الفندق (Hotel Keeper) یلعب دور المؤمن على أموال أفراد المجموعة المهنیة (Hotelkeeper is the Insurer of the Property of the Guest) فی تنفیذ هذا الالتزام، وذلک فی حالة فقدها أو ضیاعها أو سرقتها من الحرز الأمین (Hospitium) الذی ینبغی على راعی الضیافة تهیئته. ولا یقتصر مفهوم الحرز الأمین على أماکن الإقامة، کالفندق نفسه، ولکنه یمتد لیشمل الأجزاء الأخرى الملحقة به کالمرائب (الأماکن المخصصة لوقوف السیارات)، وأحواض السباحة وحدائقه. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی فإن نفس هذا الالتزام یمکن أن ینهض على عاتق الطرف الراعی للضیافة بمقتضى المادة (972) منه التی نظمت أحکام الودیعة الفندقیة، والتی نصت على أن (أصحاب الفنادق والخانات والمئاوی (البنسیونات ) فیما یجب علیهم من عنایة بحفظ الأشیاء التی یأتی بها النزلاء مسؤولون عن فعل کل رائح أو غاد فی الفندق أو الخان أو المئوی، غیر أنهم لا یکونون مسؤولین فیما یتعلق بالنقود والأوراق المالیة والأشیاء الثمینة عن تعویض یجاوز الخمسین دیناراً، ما لم یکونوا قد أخذوا على عاتقهم حفظ هذه الأشیاء وهم یعرفون قیمتها أو یکونوا قد رفضوا دون مسوغ أن یستلموها عهدة فی ذمتهم أو یکونوا قد تسببوا فی وقوع الضرر بخطأ منهم أو من أحد تابعیهم). فقد عد المشرع العراقی التزام صاحب الفندق بحفظ أشیاء النزلاء التزاماً ببذل عنایة، وتوسع فی نطاق مسؤولیته وشددها، فعده مسؤولاً عن أفعال جمیع أولئک الذین یترددون على الفندق، فضلاً عن مسؤولیته عن الأخطاء الصادرة عن عماله ومستخدمیه. ففی جمیع هذه الأحوال تنهض مسؤولیته التعاقدیة عن الأضرار التی تلحق بالنزیل، فالودیعة الفندقیة فی هذه الحالة هی ودیعة بأجر، تضع تبعة الهلاک على المدین بالالتزام بالحفظ، لأنها عقد ملزم للجانبین. کما یظهر التشدید من مستوى المسؤولیة وجسامتها عن طریق التوسع فی معنى الودیعة أیضاً، فأی شیء یأتی به نزیل الفندق یعد مودعاً عن صاحب الفندق، حتى وإن لم یکن قد سلم إلیه شخصیاً.
سابعاً: التزام الطرف الراعی للضیافة بتهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل أو الأنشطة الأخرى: ویتمثل هذا الالتزام بتهیئة صالات وغرف الاجتماعات (Meeting Rooms) وصالات العرض (Exibit Halls)، وما تحتاجه من معدات وتسهیلات مختلفة، کأجهزة العرض (Data Show) والحواسیب وکافة التقنیات الأخرى. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی من هذا النوع من الالتزامات فإنه یمکن أن ینشأ أصلاً عن عقد المقاولة بمقتضى المادة (864) منه، والتی فرضت على المقاول التزاماً بالقیام بعمل. وفی حالة عدم تمکن راعی المؤتمر من تهیئة کافة متطلبات إقامة المؤتمر من صالات وقاعات وأجهزة تقنیة وتسهیلات أخرى، فإن بإمکانه توفیرها عن طریق عقد الایجار مع أطراف أخرى. لأن الایجار یرد على منفعة الشیء لقاء أجر معین. على الرغم من أن جانباً من الفقه یرى بأن قیام شخص ما بحجز مکان معین للإفادة من التسهیلات التی یقدمها، فإن ذلک العقد یکون أقرب إلى المقاولة منه إلى الایجار. وذلک لأن العنصر الغالب فیه هو ما یقدم من تسهیلات فی ذلک المکان، والتی تندرج ضمن نطاق القیام بعمل، ولیس إیجار المکان نفسه.
ثامناً: التزام الطرف الراعی للضیافة بإصدار التراخیص (Licenses) اللازمة للمستفیدین باستعمال حقوق الملکیة الفکریة (Intellectual Property) الناشئة عن وقائع المؤتمرات والأنشطة الثقافیة أو الفنیة الأخرى، والتی هی اصلاً من حق الجهة المهنیة المتخصصة التی تقترح تنظیم المؤتمر، ووضع محاوره، ودعوة الباحثین والمشارکین والضیوف الیه. ثم تقوم بإبرام عقد الترخیص مع الطرف الراعی للضیافة، بإعطائه الحق فی إصدار تراخیص أخرى للمستفیدین من هذه الحقوق. ویتمتع الطرف الراعی للضیافة بسلطة تقدیریة (Discretion) بالترخیص فی استعمال تلک الحقوق. وینشأ هذا الالتزام عن عقد الترخیص (Franchise Contract) المبرم بین الطرف الراعی للضیافة کمرخص له (Franchisee) وبین المرخص (Franchisor) المتمثل بالمجموعة المهنیة المتخصصة. کما یلتزم راعی الضیافة، فضلاً عن التزامه بإصدار التراخیص، باستحصال الموافقات الرسمیة لدخول ضیوف المؤتمر والمشارکین فی المحافل الأخرى الى البلد المستضیف.
تاسعاً: التزام الطرف الراعی للضیافة بإبرام عقود مقاولة من الباطن: کما یلتزم الطرف الراعی للضیافة بإبرام عقود مقاولة من الباطن (Sub-Contracting) مع الغیر لتنفیذ بعض الالتزامات المترتبة على العقود المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری، إذا ما اقتضت الضرورة لذلک. کأن تکون المنشآت الفندقیة التی یمتلکها أو یدیرها ملائمة لأغراض السکن أو المبیت فحسب، ولیس لأغراض إقامة المؤتمرات وعقد الاجتماعات، فیعمد إلى إبرام عقود مقاولة من الباطن مع الأغیار (Third Parties) لتهیئة صالات المؤتمرات وقاعات الاجتماعات فی أماکن أخرى. أو فی حالة عدم توفر المأکل والمشرب الکافی فی منشأته الفندقیة، فیبرم عقوداً (Contracts for the Sale of Food and Drink) مع أصحاب المطاعم (Restaurateurs) لتهیئة المأکل والمشرب. کما قد یبرم عقوداً للمقاولة من الباطن مع شرکات السفر والسیاحة والطیران لنقل ضیوف المؤتمر والمشارکین فی المحافل الأخرى. أما بالنسبة إلى موقف القانون المدنی العراقی من هذا النوع من الالتزامات، فإنه یمکن تنفیذ هذا الالتزام وفقاً للفقرة الأولى من المادة (882) منه المتعلقة بالمقاولة من الباطن، والتی نصت على أنه (یجوز للمقاول أن یوکل تنفیذ العمل فی جملته أو فی جزء منه إلى مقاول آخر إذا لم یمنعه من ذلک شرط فی العقد أو لم تکن طبیعة العمل مما یفترض معه قصد الرکون إلى کفایته الشخصیة). فالمقاولة عقد مالی لا یقوم من حیث الأصل على الاعتبار الشخصی، إلا إذا کانت طبیعة العمل الذی یعهد الى المقاول تنفیذه قد أقامت ذلک العقد على الاعتبار الشخصی. ویمکن اللجوء الى المقاولة من الباطن عندما یتطلب تنفیذ عقد المقاولة إمکانیات کبیرة لا تتوفر لدى مقاول واحد، فیجوز له أن یعهد بتنفیذ کل الأعمال المطلوبة منه أو بعضها على الأقل إلى مقاولین ثانویین من الباطن، إذا لم یمنعه عقد المقاولة من ذلک. إلا أن الفقرة الثانیة من المادة السالفة الذکر أبقته مسؤولاً تجاه رب العمل عن المقاول من الباطن. وتطبیقاً لذلک فإنه یمکن للجهات المنظمة للمؤتمرات أو الراعیة لها أن تعهد بتنفیذ بعض الأعمال إلى جهات مهنیة متخصصة کمتعهدی السفر والسیاحة لنقل ضیوف المؤتمر والمشارکین فیه، فضلاً عن أصحاب الفنادق والمطاعم الذین یعدون کمقاولین من الباطن. ولابد من الاشارة الى الدور الذی یلعبه متعهدو السفر والسیاحة فی خدمات المؤتمرات والمحافل الأخرى کمقاولین من الباطن، إذ یبرز دورهم فی الحجز فی المهرجانات والاحتفالات، بما فی ذلک المؤتمرات. والتنیسق مع المنشآت الفندقیة والمجمعات السیاحیة لتوفیر الغرف وأماکن الاقامة. لذا فإن تعاقد المقاول الأصلی المتمثل براعی المؤتمر (مقدم الخدمة) معهم کمقاولین من الباطن یعد أمراً ضروریاً، ولاسیما أن المشارکین فی المؤتمرات والمحافل الأخرى یشکلون أفواجاً من الأشخاص.
الخاتمـة
بعد الانتهاء من دراسة موضوع البحث فی متن هذه الدراسة فقد خصصنا الخاتمة لبیان أهم النتائج التی توصلنا إلیها فضلاً عن بعض التوصیات التی نراها ضروریة وکما یأتی:
أولاً: النتائج: وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتیة:
1- إن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل هو اتفاق یتم إبرامه بین جهة أو مجموعة مهنیة متخصصة وبین الطرف الراعی للضیافة، والذی یعرف بمقدم الخدمة لغرض تنفیذ الأعمال المتعلقة بالضیافة أو لممارسة مهنة الضیافة، وذلک فیما یتعلق بتقدیم الخدمات للمجموعات المهنیة المتخصصة من مبیتها وإیوائها وتهیئة الأماکن اللازمة لعقد الاجتماعات العلمیة، وإقامة المحافل الأخرى على اختلاف أنواعها، الثقافیة أو الفنیة أو الریاضیة.
2- یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل عقداً اطاریاً من عقود الضیافة، والذی یضع إطاراً عاماً لأربعة أنواع من العقود اللازم إبرامهما لتنفیذ الالتزامات المتعلقة بالضیافة وهی: عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمرات أو المحافل الأخرى، وعقد تهیئة أماکن الاجتماعات والمحافل الأخرى، وعقد الترخیص وعقود الادارة.
3- ینعقد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل بتوفر الأرکان الثلاثة التی ینبغی توفرها لانعقاد أی عقد رضائی بسیط، وهذه الأرکان هی الإیجاب والقبول، والنیة التعاقدیة للالتزام القانونی، ومقابل الالتزام بالوعد.
4- لا یعد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل اتفاقاً تفاوضیاً، لأن هذا الاتفاق یعد من الاتفاقات غیر المکتملة التی لا تتمتع بقوة قانونیة ملزمة، بسبب ما یشوبها من عدم الیقین. کما أنه لا یعد فی الوقت نفسه عقداً نهائیاً، لأنه یتوقف على مجموعة من العقود التطبیقیة اللاحقة. ولکنه عقد کامل یحتل مرتبة وسط بین اتفاق التفاوض والعقد النهائی.
5- على الرغم من أن عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة المشارکة فی المؤتمر أو المحافل الأخرى الذی هو أحد العقود التطبیقیة المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل یعد صورة من صور عقد الحجز أو الفندقة، إلا أنه یختلف عن عقد الفندقة العادی. ومعیار التمییز بین العقدین هو معیار الحجز الجماعی، وعلى هذا الأساس فإنه یطلق على عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة مصطلح عقد الغرف الجماعیة. فی الوقت الذی یطلق فیه على عقد الفندقة العادی عقد الغرف الفردیة.
6- ینبغی ان یکون عقد إسکان أو إیواء أفراد المجموعة المهنیة مکتوباً، والغایة من الکتابة هی للإثبات ولیست کرکن للانعقاد. وذلک بسبب شیوع الخصم فی أسعار الغرف إذا کانت جماعیة مقارنة بالغرف الفردیة.
7- تعد الوثیقة الرئیسة المنبثقة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری من أهم الوثائق المترتبة على هذا العقد، لأنها تتضمن جمیع العقود التطبیقیة المتفرعة عن العقد الإطاری. فضلاً وضع الخطوط العریضة للالتزامات التی یرتبها العقد الإطاری العام على عاتق طرفیه، والالتزامات المترتبة على العقود التطبیقیة الناشئة عنه. وتوحید جمیع الحسابات المتعلقة بالنفقات والمصروفات الخاصة بجمیع أعضاء المجموعة المهنیة طیلة مدة المؤتمر أو أی نشاط آخر ثقافی أو فنی أو تجاری أو ریاضی.
8- کما یعد عقد الترخیص نوعاً من أنواع عقود التطبیق المتفرعة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری فی القانون الانکلیزی. ویبرم هذا العقد بین المرخص المتمثل بالمجموعة المهنیة المتخصصة، وبین المرخص له وهو الطرف الراعی للضیافة، والذی بمقتضاه یرخص الطرف الأول للثانی الإفادة من حقوق الملکیة الفکریة الناشئة عن وقائع المؤتمرات والمحافل الثقافیة والفنیة والمعارض التجاریة، وذلک بإصدار التراخیص اللازمة للمستفیدین باستعمال تلک الحقوق.
9- یمکن إبرام مجموعة من عقود المقاولة من الباطن فی ضوء عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری، إذا لم یتمکن الطرف الراعی للضیافة من تنفیذ جمیع الالتزامات المترتبة على هذا العقد والعقود التطبیقیة المتفرعة عنه. أو توفیر جمیع متطلبات المؤتمرات والمحافل الأخرى.
10- لم ینظم القانون المدنی العراقی العقد الإطاری عموماً، فضلاً عن عقد الفندقة، إلا أنه یمکن تطبیق القواعد العامة فی هذا القانون، والمتعلقة بعقد المقاولة لسد النقص الناتج عن عدم تنظیم عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، والعقود التطبیقیة المتفرعة عنه. لأن عقد المقاولة هو الأقرب فی طبیعته إلى هذا العقد. کما أن الفقرة الثانیة عشرة من المادة الخامسة من قانون التجارة العراقی النافذ رقم (30) لسنة 1984 تضمنت بعض الأعمال القریبة من خدمات إقامة المؤتمرات والمحافل على اختلاف أنواعها، وهی أعمال تجاریة تدخل ضمن نطاق المقاولات.
ثانیاً: التوصیات: بعد الانتهاء من عرض النتائج التی توصلت إلیها الدراسة، فأننا نقترح التوصیات الآتیة:
1- نقترح على المشرع العراقی أن یولی اهتماماً بعقد خدمات المؤتمرات والمحافل لأهمیته، وصعوبة الاکتفاء بالقواعد العامة فی تنظیمه، وتعدد العقود التی ینطوی علیها هذا العقد الإطاری، حتى وإن لم یتطلب الأمر أن یحاط بتنظیم قانونی متکامل، لأهمیته فی تطویر ما یعرف بسیاحة المؤتمرات. بحیث یکون من الصعوبة على الجهة التی تسعى الى تنظیم مؤتمر أو إقامة محفل أو نشاط ثقافی أو فنی أو تجاری أو ریاضی أن تنجح فی التنظیم، من دون الاتفاق مع طرف آخر بوصفه راعٍ للضیافة، أو مقدم للخدمات والتسهیلات التی یعتمد علیها نجاح المؤتمرات أو المحافل، ولا سیما إذا کانت ذات سمة دولیة. ونوصی المشرع العراقی أن یورد نصوصاً تبین انعقاد هذا النوع من العقود وأطرافه، والعقود المنبثقة عنه والالتزامات المترتبة علیه أولاً، ثم على العقود التطبیقیة المتفرعة عنه. وعلیه فإننا نقترح النص الآتی لبیان انعقاده: (ینعقد عقد خدمات المؤتمرات والمحافل بین طرف مهنی متخصص بإقامة مؤتمر أو محفل آخر، وبین طرف آخر راعٍ للضیافة یلتزم بتنظیم المؤتمر أو المحفل، وبتقدیم جمیع الخدمات اللازمة، بإبرام عقود لاحقة لتنفیذ تلک الالتزامات).
2- ونقترح على المشرع العراقی تحدید الالتزامات المترتبة على عقد خدمات المؤتمرات أو المحافل الإطاری، والتی تنشأ على عاتق طرفیه. لذا فإننا نقترح النص الآتی: ( یلتزم الطرف الراعی للضیافة بإبرام جمیع العقود التطبیقیة اللاحقة مع الطرف المهنی المتخصص، لتقدیم جمیع الخدمات اللازمة لتنظیم المؤتمر أو المحفل، کما یلتزم بتهیئة الموارد المالیة اللازمة لتلبیة متطلبات التنظیم. فی مقابل التزام الطرف المهنی المتخصص بدفع الأجر الذی یتعهد به للطرف الآخر).
3- کما نقترح على المشرع العراقی أیضاً أن یضع تنظیماً قانونیاً لمجموعة من العقود التطبیقیة اللاحقة، لتنفیذ عقد خدمات المؤتمرات والمحافل الإطاری، ووضع الالتزامات المترتبة علیه موضع التنفیذ. وعلیه فإننا نقترح النص الآتی: (یلتزم الطرف الراعی للمؤتمر أو المحفل بإبرام مجموعة من العقود التطبیقیة اللاحقة على عقد خدمات المؤتمرات أو المحافل مع الطرف المهنی المتخصص، وذلک لإسکان ضیوف المؤتمر وإیواء أفواج المشارکین فی المحافل الأخرى، وتهیئة أماکن اللازمة لإقامة الاجتماعات وتنظیم المحافل الأخرى، وتجهیزها بجمیع المستلزمات المطلوبة).
4- ونظراً لأهمیة عقد الترخیص، بوصفه أحد العقود التطبیقیة المنبثقة عن عقد خدمات المؤتمرات والمحافل، فی تنظیم کیفیة استعمال حقوق الملکیة الفکریة الناشئة عن وقائع المؤتمرات أو المحافل الأخرى، والانتفاع بها من المستفیدین. لذا فإننا نقترح النص الآتی: ( یلتزم الطرف المهنی المتخصص بالاتفاق مع الطرف الآخر الراعی للضیافة، لترخیص الأخیر الإفادة من حقوق الملکیة الفکریة الناشئة عن وقائع المؤتمرات والمحافل الأخرى، وذلک بإصدار التراخیص اللازمة للمستفیدین باستعمال تلک الحقوق کشعارات المؤتمرات أو المحافل، والعلامات التجاریة، والرسوم والنماذج الصناعیة، وبرامجیات الحاسوب، وقواعد البیانات، وحقوق التصویر. فی مقابل أجر یتعهد بدفعه الى الأول).
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
First: Books.
1. Allan Farnsworth. Contracts. Fourth Edition. Aspen publishers. 2004.
2. Atiyah .P.S. and Stephen A. Smith.Atiyah's Introduction to the Law of Contract. Sixth Edition, Clarendon Press, Oxford, 2005.
3. Cathy J. Okrent . Torts and personal injury law, Fifth Edition, DELMAR, 2015.
4. Edwin Peel and .G. H. Treitel, Treitel on The law of contract, Twelfth Edition, Sweet & Maxwell, Thomson Reuters, 2010,
5. Ewan Mckendrick. Contract Law, Text, Cases, and Materials. Eighth Edition Oxford University Press. 2018.
6. Ewan McKendrick. Contract law. Eleventh Edition. Palgrave Macmillan, 2015.
7. Ewan Mckendrick, Contract law, Sixth Edition, Palgrave Macmillan, 2005.
8. Jack Beatson, Andrew Burrows, john cartwright. Anson's law of Contract, Thirtieth Edition, Oxford university press, 2016.
9. Janet O' Sullivan & Jonathan Hilliard. The Law Of Contract. Seventh Edition. Oxford University Press.2016.
10. Jill Poole,Casebook on Contract Law. Thirteenth Edition. Oxford University Press.2016.
11. Jill Poole, James Devenney & Adam Shaw-Mellors. Concentrate Contract Law. Third Edition. Oxford University Press.2017.
12. John Cartwright. Contract Law: An Introduction to the English Law Of Contract for the Civil Lawyer. Second Edition. Hart publishing Ltd .2013
13. John Wilman, Brown, GCSE Law, Ninth Edition, Thomson Sweet and Maxwell, 2005.
14. Michael Furmston, Cheshire, Fifoot and Furmston's law of contract, Fifteenth Edition. oxford university press, 2007.
15. Mindy-chen-wishart. Contract Law, Fourth Edition, Oxford University Press, 2012.
16. Neil Andrews, Contract Law, Second Edition, Cambridge University Press, 2015,
17. Nelson F. Migdal. Hotel law Transactions, Management and Franchising . First Edition. Routledge. 2015.
18. Norman G. Cournoyer, Anthony G. Marshall and Karen L. Morris. Hotel Restaurant and Travel Law: A preventive Approach, Fifth Edition. Delmar Publisher. 1999.
19. Pamela R. Tepper. The Law of Contracts and the Uniform Commercial Code. Second Edition. DELMAR CENGAGE learning. New York. 2012
20. Paul Richards, law of contract, fourth Edition, financial times, pitman publishing, 1999.
21. Richard stone. The modern law of contract. Ninth Edition.Routledge, Taylor&Francis group. 2011.
22. Robert Duxbury. Nutshell, Contract Law, Fifth Edition, sweet and Maxwell, London, 2001.
23. Stephen Barth, David K. Hayes.Hospitality Law. Managing Legal Issues in the Hospitality Industry. Third Edition.John Wiley & Sons, Inc. 2009.
Second: Laws
-Hotel Proprietors Act 1956.
Third : Internet websites
1- https://www.google.iq/search?source=hp&ei=agx4XLn0IZ-Gk74PtL2Z- A8&q=STANDARD+TERMS+AND+CONDITIONS+FOR+THE+PROVISION+OF+CONFERENCE+SERVICES&btnK
2- www.swarb.co.uk/entores-ltd-v-miles-far-east-corporation-ca-1955
3- https://generalcounsel.ncsu.edu/files/2015/06/HousingAgreement_001.pdf
4- https://www.hospitality-school.com/what-guest-folio-hotel/