Abstract
lawyers enjoy immunity to be protected from prosecution while defending their clients, and to allows lawyers to do their work freely and independently without the fear of investigation, interrogation or arrest. This immunity is not decided in the personal interest of advocates, rather it is in the public interest represented by the right of defense. Even though, lawyers are not exempt from liability , and if a lawyer commits a disciplinary error, they will be held liable for their mistakes. The disciplinary responsibility of advocates is assumed for professional negligence. This includes if they fail to meet their responsibilities or fulfil their duty of care towards a client deemed to be in breach of their duties.
Keywords
Main Subjects
Full Text
حصانة المحامی ومسؤولیته-(*)-
Lawyer’s immunity and their professional Liability
اجیاد ثامر نایف الدلیمی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi College of law / University of Mosul Correspondence: Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 10/2/2020 *** قبل للنشر فی 1/3/2020.
(*) Received on 10/2/2020 *** accepted for publishing on 1/3/2020.
Doi: 10.33899/alaw.2020.165261
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
حَصَانْـة المُحَامِی ضَمَانَة تَحْمیهِ مِن المُلاحَقةِ القَضَائیة بسبب الدفاع عن موکله، وتؤمن له ممارسة عمله بحریة واستقلال دون خَوفٍ أو وَجلْ مِن التعرض للتحقیق أو الاستجواب أو التوقیف. وهی حصانة لم تتقرر لمصلحة المحامی الشخصیة، وإنما تقررت للمصلحة العامة متمثلة بحق الدفاع. کما أن المحامی لیس معصوماً مِن الخطأ، فإذا ما ارتکب خطأً تأدیبیاً فإنه یسأل عن هذا الخطأ، وتنهض مسؤولیته التَأدیْبیة إذا ارتکب فعلاً یعد اخلالاً بواجب من الواجبات التی یتعین علیه أن یلتزم بها قِبَل القَضاء الواقف أو الجالس أو تجاه مِهنَتِهِ أو نقابته أو نحو موکله أو أرتکب محظوراً من المحظورات التی یتعین علیه أن یتجنبها أو خرج عن قواعد السلوک المهنی وتَصرفَ تَصرفاً یَحُطُ من کرامةِ المِهنة أو قدرها أو خَالفِ حُکماً من أحکام قانون المُحَامَاة.
الکلمات المفتاحیة: المحامی، الحصانة، المسؤولیة، قانون المحاماة، جرائم القذف
Abstract
lawyers enjoy immunity to be protected from prosecution while defending their clients, and to allows lawyers to do their work freely and independently without the fear of investigation, interrogation or arrest. This immunity is not decided in the personal interest of advocates, rather it is in the public interest represented by the right of defense. Even though, lawyers are not exempt from liability , and if a lawyer commits a disciplinary error, they will be held liable for their mistakes. The disciplinary responsibility of advocates is assumed for professional negligence. This includes if they fail to meet their responsibilities or fulfil their duty of care towards a client deemed to be in breach of their duties.
Keywords: lawyer’s professional liability- lawyer’s immunity – professional negligence, grounds for advocate’s liability.
المقدمـة
"الحمد لله رب العالمین ... والصلاة والسلام على سید المرسلین ... وعلى آله وأصحابه الغر المیامین ومن اهتدى بهدیه إلى یوم الدین، وبعد فسأقسم هذه المقدمة على الفقرات الآتیة":
أولاً: مَدْخَل تَعریفی بِموضوعِ البَحثْ:
حَصَانْـة المُحَامِی ضَمَانَة من أَهمِ الضَمَانَاتْ التی تحمیه من المُلاحَقةِ القَضَائیة بِسَبَبِ الدفاع عن موکلهِ، وتؤَمِنِ له مُمَارسةِ عمَلِهِ بَحًریةٍ واستِقلال دونَ خَوفٍ أو وَجلْ منْ التَعرضِ لأی تَفتیشٍ أو استجوابٍ أو توقیف.
ولکون المُحامی غیر مَعصومٍ مِن الخطأ، فإنهُ إذا ما ارتکبَ فِعلاً یُخِلُ بواجبٍ من واجباتهِ المِهَنیة أو خالفَ حُکماً من أحکامِ قانون المُحَامَاة، أو أخلَ بواجباتهِ تجاه موکلهِ، فإنه یُسأل عن خطئهِ، ومسؤولیته قد تکون مسؤولیة تأدیبیة أو مدنیة أو جنائیة تِبعاً لِلخطأ الذی ارتکبه، لذا سنعرض لحصانة المحامی ومسؤولیته ونبین موقف المشرع العراقی منها.
ثانیاً: مُشکلة البحثْ:
تَکْمُنْ مُشکِلة البَحثْ فیما یأتی:
ثالثاً: تَساؤلاتِ البَحثْ:
رابعاً: أسبَاب اختیار الموضوع:
إن موضوع حَصَانْـة المُحَامِی ومسؤولیته محل فراغ تشریعی فی العدید من الضَمَانَاتْ التی یتعین تمتع المحامی بها احتراماً لحق الدفاع فضلاً عن النقص التشریعی فی بعض النصوص التی أقرت بعض الضَمَانَاتْ لِلمُحَامی.
خامساً: مَنهجیة البَحثْ:
سوف نَعمَد فی دِراستِنا لموضوع حَصَانْة المُحَامِی ومَسؤولِیتـِـه على المنهجِ التحلیلی الذی یُعْنَى بِتَحلیلِ النُصوصِ وشَرحِ أحکامِها وتَعَقُبِ جُزئیَاتِها وتَحدِیدِ أثَارِها بِما یُتِیحُ لَنا مُراجعة وإعادةِ ضَبْطِ وصِیَاغَةِ العدِیدِ من النصوصِ القانونیةِ ویَسُد ما یحُتَمل أنْ یَقوم بَینها مِنَ فَجواتٍ وثَغَرات.
سادساً: هَیکلیَة البَحثْ:
لمعالجة المُشْکِلة البَحثیة والإجابة على التساؤلات المطروحةِ بِشأنها تعین أن تکون خطة البحث مقسمة على وفق الآتی:
المبحث الأَوَّل: حَصَانْـة المُحَامِی .
المطلب الأَوَّل: حَصَانْـة المُحَامِی داخل الجَلّسة.
الفرع الأَوَّل: حصانة المُرافعة.
الفرع الثانی: الحصانة من جرائم الجلسات.
المطلب الثانی: حَصَانْـة المُحَامِی خارج الجَلّسة.
الفرع الأَوَّل: حَصَانْـة المُحَامِی من الإخلال بحقوقه.
الفرع الثانی: حَصَانْة المُحَامِی من التحقیق.
المبحث الثانی: مسؤولیة المحامی.
المطلب الأول: الجهة المختصة بِتَأدیب المحامی.
الفرع الأَوَّل: مجلس التَأدیب والإجراءات التی تسبق الإحالة إلیه.
الفرع الثانی: الجهة التی تملک الإحالة إلى مجلس التَأدیبوإجراءات المحاکمة.
المطلب الثانی: العُقوبَات التَأدیْبیة التی تفرض على المحامی.
الفرع الأَوَّل: العُقوبَات التَأدیْبیة وضوابط فرضها.
الفرع الثانی: صور العُقوبَات التَأدیْبیة وضَمَانَاتْ فرضها.
الفرع الثالث: صدور الحکم بالعُقوبة التَأدیْبیة والطعن فیه.
الخاتمة.
المبحث الأَوَّل
حَصَانْـة المُحَامِی
تعتبر حَصَانْة المُحَامِی "ضَمَانَة من الضَمَانَاتْ التی تسمح له بممارسه عمله بحریة واستقلال، وتحمیه من التعرض لأی توقیف أو استجواب أو تفتیش بسبب الدفاع عن موکله حتى ولو بدرت منه بعض العبارات أو الوقائع التی تنال من اعتبار خصمه فی الدعوى".
ویقصد بِحَصَانْة المُحَامِی توفیر الحِمایة التی تُمَکِنهُ من مُمَارَسةِ أعمال مِهنَتِه بِحُریةٍ تامةٍ دونَ خَوفٍ من المُلاحقةِ القَضَائیة طالما أنَّ مُمَارسَتِها کانت محصورة فی الإطارِ المسموحِ بهِ قَانوناً، بعیداً عن الإساءةِ فی استعمالِ حقِ الدفاع.
والحَصانة التی یَتَمَتع بِها المُحامی تَجِد أساسها فی احترامِ حقِ الدفاعِ، ولکی یتولى المحامی الدفاع عن موکله دون خِشیَةٍ من توقیفٍ أو استجوابٍ أو تحقیقٍ أو تفتیشٍ أو اعتداءٍ کان لا بد من إحاطته بحصانة تؤمن له الحمایة فی مزاولة مهنته داخل الجَلّسة وخارجها، ولهذا فإن طبیعة هذا المبحث تقتضی تقسیمه إلى المطلبین الآتیین:
المطلب الأَوَّل: حَصَانْة المُحَامِی داخل الجَلّسة.
المطلب الثانی: حَصَانْة المُحَامِی خارج الجَلّسة.
المطلب الأَوَّل
حَصَانْة المُحَامِی داخــل الجَلّسة
قدسیة حق الدفاع وکفالته دفعت المُشرِّع إلى إحاطة المحامی بحصانة تؤمن له مزاولة أعمال مِهنَتِهِ أثناء المرافعة دون خَوفٍ أو وجل من التعرض للمسؤولیة أو محاسبتهِ محاسبةٍ عشوائیة طالما تمسک فی مزاولة تلک الأعمال بالحدود المقررة لها قانوناً "مراعیاً تقالید المهنة وأعرافها، فإن تجاوز تلک الحدود أو أساء استخدام حق الدفاع، وجب معاملته بما یلیق بِسمو رِسَالتِهِ وأن یؤاخذ بالحسنى فلا یجوز توقیفه بِسَبَبِ ما ینسب إلیه من جرائم القذف والسب والإهانة، ولا یجوز اشتراک القاضی الذی وقع علیه الاعتداء من المحامی فی نظر الدعوى التی تقام علیه"، ولهذا فإن حَصَانْة المُحَامِی تشمل حصانة المرافعة، والحصانة من جرائم الجلسات، ولهذا فإن طبیعة هذا المطلب تقتضی تقسیمه إلى فرعین على النحو الآتی:
الفرع الأَوَّل: حصانة المُرافعة.
الفرع الثانی: الحصانة من جرائم الجلسات.
الفرع الأَوَّل
حصانة المُرافعة
یقصد بحصانة المرافعة حِمایة المُحامی من الملاحقةِ القَضَائیة عما یورده فی عریضة الدعوى أو مرافعاته الشفویة أو التحریریة مما یستلزمه حق الدفاع، وهی حِمایة مُقررة للمصلحةِ العامة المتمثلة باحترام حق الدفاع. فضلاً عن أنها حِمایة مُقررة لِلمُحَامی بصفته المِهَنیة ولیس بصفتهِ الشخصیة، وبذلک تکون قاصرة على المحامی دون غیره من أفراد أسرته.
وانطلاقاً من حق الدفاع المقدس أضفى المُشرِّع على المحامی حصانة مهنیة من أجل مُمَارَسَةِ أعمِالِ مِهنَتِهِ بِحُرِیةٍ تامة دونَ أن یَخشى التعرض لأیةِ مَسؤولیةٍ بِسَبَبِها، طالما أن مُمَارَستِهِ لِحَقِ الدفاع کانت مَحصورة بِالحدودِ المسموحِ بِها قانوناً بَعیداً عن التعسُفِ فی استخدامِ هذا الحق. لذلک أعفى قانون العُقوبَات الخصومِ أو من ینوب عَنهم من الخضوعِ لِأحکامهِ بالنسبة لما یبدر مِنهم تَحریریاً أو شَفَویاً من أقوالٍ تُعتبر جرائم فی الأصلِ حمایة لِحقِ الدفاع الذی یتطلب إطلاق الحریة للمتقاضین بِالقدرِ الذی یَقتضیهِ الدفاع عن حقوقِهِم أمام المحاکم.
وحصانة المرافعة تؤمن لِلمُحَامی حریة الدفاع عن موکله، وتوفر له سبباً لإباحة ما یسنده لخصم موکله من قذفٍ أو سبٍ أو إهانة شِفاهاً أو کِتابةً شرط عدم تجاوزه حدود الدفاع عن موکله، وهذه الحصانة قررتها المادة (436/1) من قانون العُقوبَات العِراقی التی نصت على أنه: "لا جریمة فیما یسنده أحد الخصوم أو من ینوب عنهم إلى الآخر شفاهاً أو کتابةً من قذف وسب أثناء دفاعه عن حقوقه أمام المحاکم وسلطات التحقیق أو الهیئات الاخرى وذلک فی حدود ما یقتضیه الدفاع".
والحصانة التی قررها المُشرِّع لِلمُحَامی فی المادة (436/1) من قانون العُقوبَات سبق أن نص علیها فی المادة (24) من قانون المُحَامَاة التی جاء فیها: "لِلمُحَامی أن یسلک الطریقة المشروعة التی یراها مناسبة فی الدفاع عن موکله ولا یکون مسؤولاً عما یورده فی عریضة الدعوى أو مرافعاته الشفویة أو التحریریة مما یستلزمه حق الدفاع".
وحصانة المرافعة التی قررها المُشرِّع فی المادة (436/1) من قانون العُقوبَات تُعَّد سبباً لإباحة ما یسندهُ المُحامی فی مُرافعاته الشفویة أو الکِتابیة لِخصمِ مُوکلهِ مِن قذفٍ أو سبٍ، وترجع علة الإباحة إلى رغبة المُشرِّع فی تعبید الطریق أمام المحامی فی استعمال حق الدفاع عن موکله وهو أمن من توقیع العقاب علیه إذا اقتضى دفاعه إهانة خصم موکله أو نسبة واقعة شائنة إلیه. لذلک منعت المادة (28) من قانون المُحَامَاة توقیف المحامی عما ینسب الیه من جرائم القذف والسب والإهانة بِسَبَبِ اقوال أو کتابات صدرت منه اثناء ممارسته للمحاماة.
وحصانة المرافعة التی تعتبر سبباً لإباحة القذف والسب، وتحول دون مساءلة المحامی لیست مطلقة، وإنما مقیدة بعدة قیود ینبغی توافرها لکی یتمتع بالحصانة المقررة، وهذه القیود هی:
أولاً: أن یکون المحامی ممثلاً لأحد طرفی الدعوى:
یشترط لتمتع المحامی بحصانة المرافعة أن یکون ممثلاً لأحد طرفی الدعوى سواء أکان هذا الطرف هو المجنی علیه أو المتهم أو المدعی أو المدعى علیه، أصیلاً کان أو متدخلاً فی الدعوى منضماً لأحد الطرفین أو مختصماً لهما، وبصرف النظر عن موضوع الدعوى مدنیاً کان أو تجاریاً أو جزائیاً أو إداریاً أو کان متعلقاً بالأحوال الشخصیة أو غیرها.
ثانیاً: أن یکون القذف والسب موجهاً من المحامی لخصم موکله:
یشترط لتمتع المحامی بحصانة المرافعة أن یتناول القذف أو السب الخصم الآخر فی الدعوى، فإذا تناول شخصاً أخر لم یکن خصماً فی الدعوى کالشاهد أو الخبیر أو القاضی أو الادعاء العام أو المحامی أو أی موظف من موظفی المحکمة فإن الحصانة تکون منتفیة ویخضع المحامی فی هذه الحالة للمسؤولیة الجزائیة عن الجریمة التی ارتکبها.
ثانیاً: یجب أن یقع القذف أو السب فی الدعوى وهی ما تزال قائمه:
یشترط لتمتع المحامی بحصانة المرافعة أن "یقع الاعتداء منه أثناء المرافعة والدعوى لا تزال منظورة أمام القضاء العادی أو الإداری أو الجنائی أو السلطات التحقیقیة أو الهیئات الأخرى. أما إذا وقع الفعل قبل رفع الدعوى أو بعد الحکم فیها، فإن الجریمة تعتبر واقعة والحصانة منتفیة والإباحة ترتد عن فعل القذف والسب".
ثالثاً:- ینبغی أن یکون الجرم قذفاً أو سباً:
یشترط لتمتع المحامی بحصانة المرافعة أن یکون الجرم الواقع منه اثناء المرافعة قذفاً أو سباً، فلا تتناول الحصانة الجرائم الاخرى، لأَنَّ هذه الحصانة أتت خلافاً للأصل المتمثل بالمسؤولیة، لذا فإن تفسیرها یجب أن یکون بشکل ضیق لا واسع. والقذف هو "إسناد واقعه معینه إلى الغیر بإحدى طرق العلانیة من شأنها لو صحت أن توجب عقاب من اسندت الیه أو احتقاره عند أهل وطنه". أما السب فهو "رمی الغیر بما یخدش شرفه أو اعتباره أو یجرح شعوره، وأن لم یتضمن إسناد واقعه معینه".
رابعاً: یجب أن یکون القذف أو السب مما یقتضیه حق الدفاع:
یشترط لتمتع المحامی بحصانة المرافعة "أن یکون الجرم الواقع منه من متطلبات حق الدفاع فی الدعوى بأن تکون العبارات التی ذکرها ضروریة لتأیید دفاعه، فإن لم تکن کذلک فلا یباح له الفعل ولا یتمتع بحصانة المرافعة. والفصل فیما إذا کان القذف أو السب من مستلزمات حق الدفاع متروک لتقدیر قاضی الموضوع". ولهذا فإن المحامی إن استخدم أی تعبیر ینم عن ازدراء خصم موکله أو یمس کرامته أو اعتباره أو سمعته أو شرفه متجاوزاً حدود الدفاع عن موکله، فإنه یکون قد أساء استعمال الحصانة المقررة له وتحققت مسؤولیته عن الجریمة التی ارتکبها سواء کانت قذفاً أو سباً.
فإذا توافرت الشروط المتقدمة تمتع المحامی بحصانة المرافعة، وأُعفی من المسؤولیة المدنیة والجنائیة والتَأدیْبیة.
ویثار التساؤل عن الضَمَانَاتْ التی قررها المُشرِّع لِلمُحَامی فی حال ارتکابه جریمة قذف أو سب أو إهانة متجاوزاً حدود حقه فی الدفاع عن موکله؟
إن المحامی لا یتمتع بِحصانة المرافعة فی حال ارتکابه جریمة قذف أو سب أو إهانة متجاوزاً حدود حق الدفاع إلا أن قانون المُحَامَاة قد أوجب "معاملته بما یلیق بِسمو رِسَالتِهِ وأن یؤخذ بالحسنى إذا جاوز حدود الدفاع"، وقرر له ضمانتان؛ الأولى: تتجسد بعدم جواز توقیفه عما ینسب الیه من جرائم القذف والسب والإهانة بِسَبَبِ اقوال أو کتابات صدرت منه أثناء ممارسته للمحاماة. والثانیة: تتمثل بعدم جواز اشتراک القاضی أو قضاه المحکمة التی وقع علیها الاعتداء من المحامی فی نظر الدَّعوى التی تقام ضده. والحکمة من ذلک تکمن فی تأمین محاکمة عادلة لِلمُحَامی، إذ لا یعقل أن یجمع القاضی الذی وقع علیه الاعتداء بین صفتی الخصم والحکم فی الدَّعوى الجنائیة أو المدنیة المقامة ضد المحامی.
الفرع الثانی
الحصانة من جرائم الجلسات
خول المُشرِّع رئیس المحکمة صلاحیة ضبط الجَلّسة وإدارتها، واتخاذ الإجراءات المتعلقة بتحریک الشکوى عن الجرائم التی تقع أثناء انعقاد الجَلّسة، ووسع من هذه السلطة عندما أجاز للمحکمة فی أحوال خاصة فضلاً عن تحریک الشکوى الحکم فیها. وعلة تخویل المحکمة هذه السلطة التی قد تصل إلى حد الجمع بین سلطة الاتهام والتحقیق والمحاکمة هو تمکینها من المحافظة على هیبتها، وضمان الاحترام الواجب لها، فضلاً عن أن هذه الجرائم تعطل عمل المحکمة لإخلالها بالسکینة التی یتعین توافرها لحسن سیر الجَلّسة فی الاستماع إلى المتقاضین ومناقشتهم، وتوفیر الترکیز المطلوب لتأمل القاضی فیما یتخذه من قرارات.
ویقصد بالجَلّسة "الفترة الزمنیة التی تنعقد فیها المحکمة فی المکان المحدد لها قانوناً لنظر الدَّعوى. ولهذا لا تعتبر الجَلّسة منعقدة فی الفترة التی تسبق البدء بالمُرافعة والفترة التی تلی ختامها"، وهو الاتجاه الذی اخذ به قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی حیث قَصّرَ الجَلّسة على فترة انعقادها عندما أورد فی المادة "159" عبارة "أثناء نظر الدَّعوى". وبالتالی فإن کل ما یقع فی هذه الفترات یکون أثناء الجَلّسة، ولکنه لیس أثناء انعقادها. وفیما یلی نعرض لحَصَانْـة المُحَامِی فی جرائم جلسات المحاکم الجنائیة والمدنیة، وقد فرق القانون بصدد جرائم الجلسات بین حالات ثلاث:
أولاً: إخلال المحامی بنظام الجَلّسة:
"ضبط الجَلّسة وإدارتها منوطان برئیسها، وله فی سبیل ذلک أن یمنع من مغادرة قاعة المحاکمة کل من یخل بنظامها فإن لم یمتثل جاز للمحکمة أن تحکم فوراً بحبسه بسیطاً لمدة اربعة وعشرین ساعة أو بالغرامة".
وعلیه إذا أخل المُحَامی بنظام الجَلّسة بأن أتى إشارة أو فعل أو قول لا یتناسب مع الانضباط الذی ینبغی أن یسود أثناء الجَلّسة "کان لرئیس المحکمة إخراجه من قاعة المحکمة، فإن لم یمتثل فلیس بإمکان المحکمة أن تحکم بحبسه لمدة أربع وعشرین ساعة"، ذلک أن قانون المُحَامَاة منع القاضی أو قضاة المحکمة التی وقع علیها الاعتداء من المُحَامی من الاشتراک فی نظر الدَّعوى التی تقام علیه"، وعندئذٍ لا یکون أمام المحکمة إلا أن تنظم محضراً بذلک، وتقرر إحالة المُحَامی مخفوراً أو مکفلاً إلى قاضی التحقیق استناداً للمادة (159/أ) من قانون أصول المُحَاکَمات الجزائیة التی أجازت للمحکمة إحالة کل شخص ارتکب مخالفة أثناء نظر الدَّعوى إلى قاضی التحقیق مخفوراً. وهذا یعنی جواز القبض على المُحَامی وتوقیفه واستجوابه والتحقیق معه، لأَنَّ الحصانة التی تمنع توقیفه تقتصر على جرائم القذف والسب، والحصانة التی تمنع استجوابه والتحقیق معه تقتصر على الجرائم غیر المشهودة وجرائم الجلسات کلها جرائم مشهودة.
وموقف المُشرِّع هذا منتقد لتعارضه مع الأسباب الموجبة لقانون المُحَامَاة التی أوجبت "أن یعامل المُحَامی بما یلیق بِسمو رِسالتهِ وأن یؤاخذ بالحسنى"، لذا نَقْتَرِحُ على المُشرِّع العِراقی أن یقرر ضمانة لِلمُحَامی بصدد ما یصدر منه أثناء الجَلّسة لیتمکن من أداء واجبه دون أن یخشى توقیفه أو إحالته إلى قاضی التحقیق مخفوراً أو مکفلاً لمجرد أن یبدر منه إشارة أو قول أو فعل أو اعتراض یعتبره القاضی إخلالاً بنظام الجَلّسة. ونَقْتَرِحُ لتقریر حَصَانْـة المُحَامی بصدد نظام الجَلّسة إضافة فقرة للمادة "153" من قانون أصول المُحَاکَمات الجزائیة، وفقرة للمادة "63" من قانون المرافعات المدنیة بالصیغة الآتیة: "إذا وقع من المُحَامِی أثناء قیامه بواجبه أو بِسَبَبِه ما یعد إخلالاً بنظام الجَلّسة یحرر رئیس المحکمة محضراً بما حدث ویحیله إلى النقابة لمعاقبة المُحَامِی تأدیبیاً لسلوکه سلوکاً لا یتفق وکرامة القضاء".
ثانیاً: ارتکاب المُحَامِی مخالفة أو جنحة أثناء الجَلّسة:
تنص المادة (159) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة العِراقی على أنه: "أ- إذا ارتکب شخص فی قاعة المحکمة أثناء نظر الدَّعوى جنحه أو مخالفة جاز للمحکمة أن تقیم الدعوى علیه فی الحال ولو توقفت إقامتها على شکوى وتحکم فیها بعد سماع أقوال ممثل الادعاء العام أن کان موجوداً ودفاع الشخص المذکور، أو تحیله مخفوراً على قاضی التحقیق بعد تنظیم محضر بذلک".
وعلیه إذا ارتکب المُحَامِی فی قاعة المحکمة أثناء نظر الدَّعوى جنحه أو مخالفة وجب أن نفرق بین فرضین؛
الأَوَّل: إذا کانت الجریمة قد وقعت من المحامی على قاضی أو قضاة المحکمة، فلیس للمحکمة فی هذه الحالة أن تقیم الدعوى على المحامی أو تحکم علیه، لأَنَّ "المادة 28 من قانون المُحَامَاة لا تجیز للقاضی أو قضاة المحکمة التی وقع علیها اعتداء من المُحَامِی الاشتراک فی نظر الدَّعوى التی تقام علیه". وعندئذٍ لا یکون أمام المحکمة إلا أن تنظم محضراً بما وقع أمامها، وتقرر إحالة المحامی مخفوراً إلى قاضی التحقیق استناداً للمادة (159/أ) من قانون أصول المُحَاکَمات الجزائیة. وهذا یعنی جواز القبض على المحامی وتوقیفه واستجوابه والتحقیق معه، لأَنَّ الحصانة التی تمنع توقیفه تقتصر على جرائم القذف والسب، والحصانة التی تمنع استجوابه والتحقیق معه تقتصر على الجرائم غیر المشهودة، وجرائم الجلسات کلها جرائم مشهودة.
الثانی: إذا کانت الجریمة قد وقعت من المُحَامِی على شخص أخر غیر قاضی أو قضاة المحکمة، جاز للمحکمة أن تقیم الدعوى علیه فی الحال وتحکم فیها بعد سماع أقوال ممثل الادعاء العام أن کان موجوداً ودفاع المحامی، أو تحیله مخفوراً على قاضی التحقیق بعد تنظیم محضر بذلک. وهذا یعنی أن القانون أجاز للمحکمة القبض على المُحَامِی وتوقیفه واستجوابه والتحقیق معه والحکم علیه، لأَنَّ الحصانة التی لا تجیز للمحکمة الحکم على المحامی الذی یرتکب مخالفة أو جنحة أمامها تقتصر على حالة وقوع الاعتداء على المحکمة ذاتها، والحصانة التی لا تجیز توقیف المُحَامِی تقتصر على جرائم القذف والسب، والحصانة التی لا تجیز استجواب المحامی أو التحقیق معه تقتصر على الجرائم غیر المشهودة، وجرائم الجلسات کلها جرائم مشهودة. وموقف المُشرِّع هذا منتقد ویتعارض مع "الأسباب الموجبة لقانون المُحَامَاة التی أوجبت معاملة المحامی بما یلیق بِسمو رِسالتهِ وأن یؤاخذ بالحسنى"، لذا نَقْتَرِحُ على المُشرِّع العِراقی أن یقرر ضَمَانَة لِلمُحَامی بصدد ما یقع منه أثناء الجَلّسة ویستدعی مؤاخذته جنائیاً لیتمکن من أداء واجبه دون أن یخشى عقوبة فوریة یوقعها القاضی علیه، ونَقْتَرِحُ لتقریر حَصَانْة المُحَامِی بصدد جرائم الجلسات أضافة فقرة أخرى "للمادة 159 من قانون أصول المحاکمات الجزائیة" بالصیغة الآتیة: "ج. إذا وقع من المحامی فی الجَلّسة أثناء قیامه بواجبه أو بسببه جنحة أو مخالفة یحرر رئیس المحکمة محضراً بما حدث ویحیله إلى قاضی التحقیق ویخبر النقابة بذلک". وتعدیل "المادة 64 من قانون المرافعات المتعلقة بجرائم جلسات المحاکم المدنیة" على النحو ذاته. والنص المقترح یمنح المحامی الحمایة الازمة للقیام بواجبه دون أن یخشى فرض عقوبة فوریة بحقه من قبل قاضی یجمع بیده سلطة الاتهام والتحقیق والحکم.
ثالثاً: ارتکاب المُحَامِی جنایة أثناء الجَلّسة:
تنص المادة (159) من قانون اصول المُحَاکَمات الجزائیة العِراقی على أنه: "ب- إذا ارتکب شخص فی قاعة المحکمة أثناء نظر الدعوى جنایة فتنظم المحکمة محضراً بما حدث وتحیل الجانی مخفوراً على قاضی التحقیق لإجراء اللازم قانوناً".
وعلیه إذا ارتکب المحامی فی قاعة المحکمة أثناء نظر الدَّعوى جنایة تعین على المحکمة أن تنظم محضراً بما حدث وتحیل المحامی مخفوراً على قاضی التحقیق لإجراء اللازم قانوناً، وتخبر النقابة بالشکوى، ویجوز لقاضی التحقیق استجواب المحامی والتحقیق معه حتى دون النقابة.
المطلب الثانی
حَصَانْـة المُحَامِی خارج الجَلّسة
مدَّ المُشرِّع حَصَانْـة المُحَامِی إلى خارج الجَلّسة "لینال الرعایة اللائقة بکرامة المُحَامَاة، ویحظى بالاهتمام المطلوب لِسمو رِسَالتِهِ، ویلقى التسهیلات التی یقتضیها القیام بواجبه من قبل المحاکم والدوائر الرسمیة وشبه الرسمیة والمراجع الأخرى التی یمارس مهنته أمامها". ولهذا یتمتع المُحَامِی خارج الجَلّسة بحصاناتٍ عدة نتناولها فی فرعین على وفق الاتی:
الفرع الأَوَّل: حَصَانْـة المُحَامِی من الإخلال بحقوقه والاعتداء علیه.
الفرع الثانی: حَصَانْـة المُحَامِی من التحقیق والحجز على موجودات مکتبه.
الفرع الأَوَّل
حَصَانْـة المُحَامِی من الإخلال بحقوقه والاعتداء علیه
أولاً: حَصَانْـة المُحَامِی من الإخلال بحقوقه:
یسهم المحامی فی توفیر الحمایة اللازمة للمواطنین، لذلک ینبغی أن یشعر بالاطمئنان عند القیام بواجباته المعتادة، وأن یعامل بالاحترام الذی یلیق بمکانته وشرف مهنته، لذلک أعتبر القانون "المکلف بخدمة عامة مخالفاً واجبات وظیفته إذا أخل عمداً بحق من حقوق المحامی المنصوص علیها فی قانون المُحَامَاة أثناء ممارسته مهنة المُحَامَاة أو إذا منع المحامی من ممارستها وتطبق بحقه الأحکام الخاصة بمخالفة المکلف بخدمة عامه واجبات وظیفته. وأعطى القانون نقیب المحامین أو من یخوله حق تقدیم الشکوى ضد المکلف بخدمة عامة عن المخالفة المذکورة".
ثانیاً: حَصَانْـة المُحَامِی من الاعتداء علیه:
لِلمُحَامی حصانة من الاعتداء علیه فکل "من یعتدی على محامی أثناء تأدیته أعمال مِهنَتِهِ أو بِسَبَبِ تأدیتها یعاقب بالعُقوبة المقررة لمن یعتدی على موظف عام أثناء تأدیته وظیفته أو بِسَبَبِ تأدیتها".
والمقصود بالاعتداء الضرب والإیذاء والقذف والسب والإهانة وکل إشارة أو قول أو فعل أو تهدید من شأنه أن ینال من شرف المحامی أو اعتباره أو کرامته، ویستوى أن یقع الاعتداء على المحامی داخل الجَلّسة أو خارجها أو فی محل إقامته أو مکتبه أو أی مکان أخر طالما کان الاعتداء أثناء تأدیته أعمال مِهنَتِهِ أو بِسَبَبِ تأدیتها.
وقد ساوى المُشرِّع بین المحامی والموظف العام بشأن الاعتداء الذی یقع علیه أثناء ممارسته لمهنته أو بِسَبَبِ ممارستها، وبذلک یمکن تطبیق نصوص قانون العُقوبَات الخاصة بالاعتداء الذی یقع على الموظف على حالات الاعتداء التی تقع على المحامی أثناء ممارسته لعمله أو بِسَبَبِ ممارسته.
الفرع الثانی
حَصَانْـة المُحَامِی من التحقیق والحجز على موجودات مکتبه
أولاً: حَصَانْـة المُحَامِی من الاستجواب والتحقیق:
أحاط المُشرِّع المحامی بحصانة تکفل له أداء واجبه فی کثیرٍ من الثقة والرضا والاطمئنان، "فمنع فی غیر حالة الجرم المشهود استجواب المحامی أو التحقیق معه فی جریمة منسوبة إلیه تتعلق بِمُمَارَسَةِ مِهنَتِهِ إلا بعد النقابة بذلک، وخول النقیب أو من ینوب عنه حضور الاستجواب والتحقیق"، فاذا لم یحضر من یمثل النقابة فی الوقت المناسب جاز إجراء التحقیق والاستجواب دون حضوره حتى لا یتعطل سیر العدالة بغیر مبرر.
وبذلک یکون المُشرِّع قد منح المحامی حصانة تمنع استجوابه أو التحقیق معه بجریمة منسوبة الیه متعلقة بِمُمَارَسَةِ مِهنَتِهِ إلا بعد النقابة بذلک، ولنقیب المحامین أو من ینوب عنه حضور الاستجواب والتحقیق، إلا أن المُشرِّع أخضع هذه الحصانة إلى استثناءین؛ الأَوَّل: جسده بالجرم المشهود، والثانی: یتمثل بالجرم الذی لا یتعلق بِمُمَارَسَةِ المهنة، فهذین الاستثناءین یحولان دون إعمال الحصانة. وهذه الحصانة تقتصر على النقابة قبل مباشرة الاستجواب والتحقیق، ومع ذلک لا یترتب على عدم النقابة أی أثر فتکون الحصانة مفرغة من أی معنى على أرض الواقع، لذا نأمل من المُشرِّع تفعیل هذه الحصانة بمنع ملاحقة المحامی جزائیاً ومنع توقیفه أو استجوابه أو التحقیق معه بجریمة منسوبة إلیه تتعلق بممارسة مِهنَتِهِ أو بِسَبَبِها إلا بإذن من مجلس النقابة یجیز هذه الملاحقة، وحضور النقیب أو من یمثله إجراءات الاستجواب والتحقیق وإلا کانت باطلة، ویستثنی من هذا الاذن الجرائم المشهودة، ولا یعتد بتنازل المحامی عن هذه الحصانة. لذا نَقْتَرِحُ على المُشرِّع تعدیل "المادة 30 من قانون المُحَامَاة" لتکون بالصیغة الآتیة: "1. فی غیر حالة الجرم المشهود لا یجوز توقیف المحامی أو استجوابه أو التحقیق معه عن جریمة منسوبة إلیه تتعلق بِمُمَارَسَةِ اعمال مِهنَتِهِ أو بِسَبَبِها إلا بإذن من مجلس النَقَابة، ولا یعتد بتنازل المحامی عن هذه الحصانة. 2. یتعین على مجلس النَقَابة إصدار القَرار بالإذن أو رَفْضِهِ خلال شهر من تاریخ تبلیغ النقابة تحریریاً بمنح الاذن، وإذا انقضت هذه المدة دون إجابة عُدّ ذلک موافقةً على منح الاذن، وتعتبر کافة الإجراءات التی تتخذ قبل الحصول على الاذن أو انقضاء المدة دون اجابة باطلة.3. فی حالة منح الاذن یجب على النقیب أو من ینیبه حضور اجراءات الاستجواب أو التحقیق مع المحامی وإلا تعرض للمساءلة التَأدیْبیة لإخلاله بواجباته المهنیة"
ثانیاً: حَصَانْـة المُحَامِی من تفتیشه وتفتیش مکتبه:
لم یتضمن قانون المُحَامَاة العِراقی نصاً یمنع تفتیش المحامی أو تفتیش مکتبه فی غیر حالة الجرم المشهود، وهی حصانة نصت علیها العدید من التشریعات، واستناداً لهذه الحصانة لا یجوز تفتیش المحامی أثناء مزاولة عمله، ولا تفتیش مکتبه أو حجز الأموال الموجودة فی هذا المکتب أو بجرد موجوداته إلا بعد دعوة النقیب لیحضر بنفسه أو بواسطة من ینتدبه من أعضاء المَجْلِس لحضور الإجراءات. ولا یجوز تفتیش مکتب المحامی إلا فی حالة اتهامه بکونه فاعلاً أصلیاً أو شریکاً فی جریمة یجری التحقیق فیها وبموجب قرار قضائی، لأنه لا یجوز أن یکون مکتب المحامی ملاذاً للجریمة أو المجرمین. وفی غیر هذه الحالة یکون التفتیش باطلاً. "ولا ینبغی أن یتم هذا التفتیش إلا بعد أن یجری النقیب لیحضر شخصیاً أو ینیب عنه من یمثله لحضور إجراءات التفتیش، وکل تفتیش یجری خلافاً للأصول المبینة آنفاً یکون باطلاً"، إلا أنه یکون صحیحاً إذا تم النقیب أصولیاً بذلک ولم یحضر أو ینیب عنه أحد أعضاء المَجْلِس لحضور الاجراءات. ویقتصر دور النقیب فی حال حضوره على الرقابة على حمایة السر المهنی واحترام حقوق الدفاع.
ونظراً لکون الحَصَانة من التفتیش لم تتقرر لشخص المحامی، وإنما تقررت احتراماً لقدسیة حق الدفاع، والحفاظ على الأسرار المِهَنیة التی یمنع القانون إفشائها إلا فی الأحوال المصرح بها قانوناً، ولکون المُشَرِع العراقی قد سَهى عن النص على هذه الحصانة نرى وجوب تنظیمها فی قانون المُحَامَاة ونَقْتَرِحُ أن یکون النص بالصیغة الآتیة: "فی غیر حالة التلبس لا یجوز تفتیش المحامی أو تفتیش مکتبه أو تفتیش حقیبة الأوراق التی یحملها معه أثناء مزاولته للمهنة إلا بعد دعوة النقیب أو من ینیبه لحضور إجراءات التفتیش، على أن توجه هذه الدعوة قبل مدة لا تقل عن 48 ساعة من موعد اجراء التفتیش، وکل تفتیش یجری بدون هذه الدعوة یعد باطلاً وتبطل تبعاً له إجراءات التحقیق المستندة إلیه".
ثالثاً: حَصَانْـة المُحَامِی من الحجز على موجودات مکتبه:
منع قانون المُحَامَاة "حجز وبیع کتب المحامی وموجودات مکتبه الضروریة لممارسة مِهنَتِهِ، وتأکد هذا المنع فی قانون التنفیذ وقانون المرافعات حیث ورد النص فیهما على عدم جواز حجز أو بیع الکتب الخاصة بمهنه المدین لاقتضاء الدین سواء کان الحجز احتیاطیاً أو تنفیذیاً"، والغرض من منع حجز أو بیع کتب المحامی وموجودات مکتبه لاقتضاء الدین هو تمکین المحامی من مزوالة مِهنَتِهِ، ذلک أن نزعها من یده قد یؤثر على قدرته فی تحصیل موارد معیشته وعلى قدرته على تسدید دیونه. أما کتب المحامی وموجودات مکتبه التی لا علاقه لها بمِهنَتِهِ أو غیر الضروریة فی مماسة تلک المهنة، فیجوز حجزها وبیعها.
المبحث الثانی
مسؤولیة المحامی
إن المحامی لیس معصوماً من الخطأ، فإذا ما ارتکب فعلاً مخالفاً للقانون، فإنه یقع تحت طائلة المسؤولیة، وقد یسأل تأدیبیاً أو مدنیاً أو جنائیاً، وقد تجتمع بحقه أکثر من مسؤولیة عن الفعل الواحد فیسأل مسؤولیة تأدیبیة ومدنیة وجنائیة، ولمّا کانت المسؤولیة المدنیة تخضع للقانون المدنی والمسؤولیة الجنائیة تخضع للقانون الجنائی فإننا نحیل إلى احکامهما ونقتصر على دراسة المسؤولیة التَأدیْبیة التی نظمها قانون المُحَامَاة، والمسؤولیة التَأدیْبیة قوامها الخطأ التأدیبی، والخطأ التأدیبی ینهض إذا ارتکب المحامی فعلاً یعد اخلالاً بواجب من الواجبات التی یتعین علیه أن یلتزم بها قِبَل القَضاء الواقف أو الجَالِس أو تِجاه مِهنَتِهِ أو نقابته أو نحو موکله أو أرتکب محظوراً من المحظورات التی یتعین علیه أن یتجنبها أو خرج عن قواعد السلوک المهنی وتصرف تصرفاً یحط من کرامة المهنة أو قدرها أو خالف حکماً من أحکام قانون المُحَامَاة. ویثار التساؤل عن السلطة أو الجهة التی تملک حق تأدیب المحامی الذی یرتکب خطأً تأدیبیاً؟
منح المُشرِّع نقابة المحامین سلطة تأدیب المحامین فی حال إخلالهم بالواجبات التی یفرضها علیهم قانون المُحَامَاة أو عند خروجهم عن قواعد السلوک المهنی أو قیامهم بأی تصرف لا یأتلف وشرف المهنة وأعرافها وآدابها وتقالیدها.
وقد فَصَّلَ قانون المُحَامَاة کل ما یتعلق بالدعوى التَأدیْبیة من حیث الجهة المختصة بنظرها، والإجراءات المتبعة فیها، والعُقوبَات التی یمکن أن یحکم بها على المحامی، والمحکمة المختصة بنظر الطعن فی العُقوبة واجراءات الطعن، وعلیه فإن طبیعة هذا المبحث تقتضی تقسیمه إلى مطلبین على النحو الآتی:
المطلب الأَوَّل: الجهة المختصة بِتَأدیب المحامی.
المطلب الثانی: العُقوبَات التَأدیْبیة التی تفرض على المحامی.
المطلب الأول
الجهة المختصة بِتَأدیب المحامی
بما أن نقابة المحامین أعلم من غیرها بسلوک المحامین المهنی، ومدى والتزامهم بقواعد وآداب المهنة، وواجباتها وتقالیدها وأعرافها، حصر قانون المُحَامَاة سلطة تأدیب المحامین بنقابة المحامین، وأعطى مجلس النَقَابة صلاحیة تشکیل مجلس یسمى مجلس التأدیب یتولى النظر فی الدعاوى التَأدیْبیة، لذا سنعرض لکیفیة تشکیل المَجْلِس، والإجراءات التمهیدیة التی تسبق الإحالة إلیه، والجهة التی تملک إحالة المخالف إلیه، وإجراءات نظر الدعوى التَأدیْبیة، ورد أعضاء المَجْلِس، وهو ما سنبینه فی فرعین وفق الآتی:
الفرع الأَوَّل: مجلس التأدیب والإجراءات التی تسبق الإحالة إلیه.
الفرع الثانی: الجهة التی تملک الإحالة إلى مجلس التأدیب وإجراءات المحاکمة.
الفرع الأَوَّل
مجلس التأدیب والإجراءات التی تسبق الإحالة إلیه
أولاً: تألیف مجلس التأدیب:
یتألف "مجلس التأدیب من ثلاثة أعضاء، یرأسه أحد أعضاء مجلس النَقَابة وعضویة اثنین من المحامین من غیر أعضاء المَجْلِس ممن تتوفر فیهم شروط العضویة فیه یعینهم مجلس النقابة، حیث یعین مجلس النقابة فی بدء کل عام قضائی محامیین أصلیین وآخرین احتیاطیین لعضویة مجلس التأدیب وإن غابوا جمیعاً ندب مجلس النَقَابة غیرهم".
وتکوین مجلس التأدیب على هذا النحو منتقد، لأنه لم یشرک القضاء صاحب الولایة العامة فی مهمة المحاکمة التَأدیْبیة أو یجعل من رئیس مجلس التأدیب قاضی من الصنف الأَوَّل، إذ لا یجوز للنقابة أن تجمع بین صفتی الخصم والحکم. وقد کانت المادة (110/1) من قانون المُحَامَاة العِراقی تنص قبل تعدیلها على "تشکیل مجلس التأدیب فی کل محکمة استئنافیة برئاسة رئیسها أو نائبه وعضویة أثنین من المحامین یختارهما مجلس النقابة ممن تتوفر فیهم شروط العضویة فیه"، وهو موقف یحمد علیه المُشرِّع العِراقی، ذلک أنه اشرک نقابة المحامین فی المحاکمة التَأدیْبیة بوصفها الجهة المتضررة من مخالفة وإساءة المحامی للمهنة فضلاً عن أنها الجهة الأقدر على تحدید ما یعد مخالفاً لأصول المهنة وآدابها وتقالیدها وأعرافها، وفی الوقت ذاته حال دون تعسف النقابة عندما أسند مهمة رئاسة مجلس التأدیب للقضاء صاحب الولایة العامة بوصفه جهة محایدة فمنع النَقَابة من أن تجمع بین صفتی الخصم والحکم. وبدورنا ندعو المُشرِّع العِراقی إلى تعدیل النص الحالی لیکون بالصیغة الآتیة: "یکون تأدیب المحامی من اختصاص مجلس تأدیب یشکل من ثلاثة أعضاء یرأسه قاضی من الصنف الأَوَّل یعینه رئیس مجلس القضاء الأعلى وعضویة أثنین من المحامین من غیر أعضاء مجلس النقابة یختار أحدهما المحامی المرفوعة علیه الدَّعوى التَأدیْبیة، ویختار الأخر مجلس النقابة ممن تتوافر فیهم شروط العضویة فی المجلس، وتکون مدة العضویة فی المجلس ثلاث سنوات غیر قابلة للتجدید".
ویتعین على مجلس النَقَابة أن یراعی عند اختیار أعضاء مجلس التأدیب أن یختارهم من ذوی الخبرة بآداب المهنة وأعرافها وتقالیدها، وأن یکونوا من ذوی السمعة الحسنة والأخلاق الرفیعة ومن المشهود لهم بالاستقامة والنزاهة.
وقد أورد قانون المُحَامَاة استثناءً أعطى بموجبه "لمجلس النقابة اختصاصاً تأدیبیاً بفرض عقوبتی لفت النظر والمنع من ممارسة المهنة مدة لا تزید على ثلاثة اشهر بحق کل محامی أخل بتقالید المهنة وآدابها، وإذا وجد المَجْلِس أن المخالفة المرتکبة من قبل المحامی تستدعی عقوبة أشد، وجب علیه إحالة الدَّعوى إلى مجلس التأدیب للنظر فیها". وحسناً فعل المشرع ذلک لبساطة المخالفة التأدیبیة التی لا تستوجب عرضها على مجلس التأدیب اختصاراً للوقت والإجراءات التی تستغرقها المحاکمة التأدیبیة.
ثانیاً: الإجراءات التی تسبق الإحالة إلى مجلس التأدیب:
أعطى القانون مجلس النَقَابة صلاحیة تشکیل عدد من اللجان التی تتولى تسهیل عمل النقابة، وقد دأب المَجْلِس على تشکیل هذه اللجان بعد کل دوره انتخابیة ومن هذه اللجان لجنة الشکاوى ولجنة شؤون المهنة. حیث تتشکل هاتان اللجنتان من عدد من المحامین ممن لهم خلفیة واسعة بشؤون المهنة وأعرافها وتقالیدها لتتولى النظر فی الشکاوى المقدمة ضد المحامین، حیث تنظر لجنة الشکاوى فی الشکاوى المقدمة ضد المحامین من قبل المواطنین والدوائر الرسمیة فی حین تتولى لجنة شؤون المهنة النظر فی الشکاوى التی تقع بین المحامین أنفسهم.
وتعد لجنتا الشکاوى وشؤون المهنة من اللجان الفعالة فی النقابة، "حیث تتولى النظر فی الشکاوى المقدمة ضد المحامین والتحقیق فیها، ویکون لأیٍ من اللجنتین دعوة أطراف النزاع أمامها وسماع أقوالهما، وتدوینها، وسماع أقوال الشهود، والاطلاع على کل الأوراق أو المستندات التی ترى ضرورة الاطلاع علیها، وتطبق فی إجراءاتها قانون اصول المحاکمات الجزائیة لتحرر بعد ذلک محضراً تثبت فیه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من أقوال مع توصیاتها المسببة لترفعها إلى مجلس النقابة لاتخاذ القَرار المناسب بشأنها".
الفرع الثانی
الجهة التی تملک الإحالة إلى مجلس التأدیب وإجراءات المحاکمة
أولاً: الجهة التی تملک الإحالة إلى مجلس التأدیب:
حصر القانون "حق تحریک الدَّعوى التَأدیْبیة ضد المحامی بمجلس النقابة ورئیس الادعاء العام". وعلیه فإن مجلس النَقَابة وبناءً على التوصیات المرفوعة له من لجنة الشکاوى ولجنة شؤون المهنة إما أن یقرر غلق الشکوى إذا وجد أن المحامی لم یرتکب أیة مخالفة مهنیة تستدعی تحریک الدعوى التَأدیْبیة ضده وإما أن یقرر تحریک الدعوى التَأدیْبیة بحق المحامی إذا وجد أنه قد اخل بواجب من واجباته المِهَنیة أو ارتکب مخالفة تستدعی معاقبته تأدیبیاً، وعلى هذا لا مجال للإحالة إلى مجلس التأدیب إلا بقرار إحالة من مجلس النقابة أو رئیس الادعاء العام، لأَنَّ القانون حصر رفع الدَّعوى التَأدیْبیة بهما.
والحکمة من حصر الإحالة إلى مجلس التأدیب بمجلس النَقَابة تکمن فی أن المَجْلِس إذا رأى أن المخالفة المنسوبة إلى المحامی بسیطة اکتفى "بمعاقبة المحامی بعقوبة لفت النظر أو المنع من ممارسة المهنة لمدة لا تزید على ثلاثة أشهر" بمقتضى الصلاحیة الممنوحة له بمقتضى المادة "123 من قانون المحاماة".
ثانیاً: إجراءات المحاکمة فی الدَّعوى التَأدیْبیة:
تبدأ إجراءات المحاکمة بقیام مجلس التأدیب بالتحقق من شخصیة المحامی المحال أمامه، فیثبت اسمه الثلاثی ولقبه ومحل سکناه وسوابقه المِهَنیة، وقد أوضح قانون المُحَامَاة الاجراءات التی یتبعها مجلس التأدیب أثناء نظر الدَّعوى التَأدیْبیة حیث "ینظر المَجْلِس الدعوى بجلسه سریهبعد تبلیغ الخصوم بالحضور أمامه وفقاً للطرق المقررة قانوناً، وللمجلس إجراء التحقیقات التی یراها ضروریة لإظهار الحقیقةویتبع فی ذلک الأحکام المقررة فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة، کما أعطى القانون للخصوم الحق فی توکیل محام للدفاع عنهم أمام المَجْلِس، ویکون للمجلس ما للمحکمة من اختصاصات فیما یتعلق بنظام الجَلّسة وما یقع أمامه من جرائم وما یتعلق بدعوة الشهود وتخلفهم عن الحضور أو امتناعهم عن أداء الشهادة أو الشهادة زوراً".
وقد أوجب القانون على "المحاکم الجزائیة التی تصدر حکماً بالعُقوبة على محام أن ترسل نسخة من الحکم إلى نقابة المحامین"، والحکمة من ذلک تکمن فی معرفة ما إذا کان الجرم الواقع منه یستدعی ملاحقته تأدیبیاً، فضلاً عن تلافی التعارض الذی یمکن أن یحصل بین الحکم الجزائی والحکم التأدیبی.
ثالثاً: رد أعضاء مجلس التأدیب:
أجاز قانون المُحَامَاة للخصوم "رد أعضاء مجلس التأدیب إذا قام سبب من أسباب رد القضاة المنصوص علیها فی قانون المرافعات المدنیة"، "وأجاز للمجلس نفسه أن ینظر فی طلب الرد ویفصل فیه على وجه السرعة وفقاً لما هو مقرر فی قانون المرافعات". ویؤخذ على موقف المُشرِّع العِراقی فی هذا الصدد إعطاء مجلس التأدیب بمن فیهم العضو المطلوب رده حق الفصل فی طلب الرد، وکان المفروض إعطاء هذا الحق لمجلس النقابة. کما یؤخذ على المُشرِّع العِراقی أنه أغفل تنظیم حالات التنحی الوجوبی، لذا نقترح النص الآتی: فی حال توافرت حالة من حالات التنحی الوجوبی بحق أحد أعضاء مجلس التأدیب تعین علیه أن یمتنع عن نظر الدَّعوى التَأدیْبیة لیحل محله العضو الاحتیاط حتى ولو لم یتقدم المحامی بطلب منعه من نظر الدعوى.
المطلب الثانی
العُقوبَات التَأدیْبیة التی تفرض على المحامی
لا یمکن فرض أیة عقوبة تأدیبیة بحق المحامی إلا بقرار تأدیبی یصدر من مجلس التأدیب، فما المقصود بالعُقوبة التَأدیْبیة، وما خصائصها، وما ضوابط فرضها، وما صورها، وما ضَمَانَاتْ فرضها، وما طرق الطعن بقرار فرضها، وهو ما سنبینه فی الفروع الآتیة:
الفرع الأَوَّل: العُقوبَات التَأدیْبیة وضوابط فرضها.
الفرع الثانی: صور العُقوبَات التَأدیْبیة وضَمَانَاتْ فرضها.
الفرع الثالث: صدور الحکم بالعُقوبة التَأدیْبیة والطعن فیه.
الفرع الأَوَّل
العُقوبَات التَأدیْبیة وضوابط فرضها
أولاً: تَعریفْ العُقوبة التَأدیْبیة:
تعرف العُقوبة التَأدیْبیة: بأنها العُقوبة التی یفرضها مجلس التأدیب على المحامی الذی یخل بِواجباتهِ المِهَنیة أو یرتکب محظوراً من المحظورات التی یتعین علیه أن یتجنبها أو یتصرف تصرفاً یحط من کرامة المهنة. فهی وسیلة من وسائل النقابة تستخدمها فی مواجهة المحامی الذی یرتکب المخالفة التَأدیْبیة بهدف المحافظة على تقالید المهنة وآدابها وأعرافها وتقالیدها.
ثانیاً: خصائص العُقوبة التَأدیْبیة:
تمتاز العُقوبة التَأدیْبیة بخصائص منها الطائفیة، فهی لا تفرض إلا على شخص یتمتع بصفة محام، ولهذا فإن العُقوبة التَأدیْبیة ترتبط ارتباطاً وثیقاً بمهنة المحاماة وتدور معها وجوداً وعدماً. کما تمتاز العُقوبة التَأدیْبیة أنها لا تمس المحامی فی شخصه أو حریته أو أمواله الخاصة، لأَنَّها تقع على مزایا المهنة فتحرمه منها.
ثالثاً: ضوابط فرض العُقوبة التَأدیْبیة:
یتعین على مجلس التأدیب أن یلتزم بضوابط فرض العُقوبة التَأدیْبیة بحق المحامی، ویمکن إجمال هذه الضوابط بما یأتی:
1- مشروعیة العُقوبَات التَأدیْبیة:
إن المُشرِّع العِراقی لم یأخذ فی قانون المُحَامَاة بمبدأ (لا جریمة بغیر نص) لأنه لم یحدد الأفعال التی یرتکبها المحامی وتعتبر خطأً تأدیبیاً یستوجب العُقوبة التَأدیْبیة، وغایة ما فعله أن حدد أهم الواجبات التی یتعین على المحامی أن یلتزم بها، وأعقب هذه الواجبات بالنص على المحظورات التی یتعین على المحامی اجتنابها، وإلا عدّ مرتکباً خطأً تأدیبیاً یستوجب العقاب، ولهذا فإن المُشرِّع العِراقی لم یأخذ بمبدأ حصر الأخطاء التَأدیْبیة بنصوص محددة کما فعل المُشرِّع الجنائی، وحسناً فعل ذلک لصعوبة أو استحالة حصر الأخطاء التَأدیْبیة التی تقع من المحامی بِسَبَبِ طابعها الأخلاقی والمهنی وارتباطها بالسلوک العام لِلمُحَامی الأمر الذی یجعلها غیر قابلة للتحدید والحصر.
وإذا کان قانون المُحَامَاة لا یأخذ بمبدأ لا جریمة بغیر نص، فإنه قد أخذ بمبدأ لا عقوبة بغیر نص، وهذا یعنی أن قانون المُحَامَاة قد تولى تحدید العُقوبَات التی یجوز فرضها على المحامی على سبیل الحصر، ومن ثم لا یجوز لمجلس التأدیب فرض عقوبة إلا إذا کانت هذه العُقوبة من بین العُقوبَات التَأدیْبیة التی نص علیها القانون على سبیل الحصر، فلا یملک مجلس التأدیب توقیع عقوبة تأدیبیة لم یرد ذکرها فی نصوص القانون، وهذا یعنی أن قانون المُحَامَاة قد أخذ بمبدأ شرعیة العُقوبة التَأدیْبیة.
2- التناسب بین الخطأ التأدیبی والعُقوبة التَأدیْبیة:
یقصد بالتناسب بین الخطأ التأدیبی والعُقوبة التَأدیْبیة أن تکون أقل العُقوبَات قسوة لأقل الاخطاء جسامةً، وأن تکون أشد العُقوبَات لأکثر الأخطاء جسامة، وبناءً علیه یتعین على مجلس التأدیب أن یقدر خطورة الخطأ التأدیبی وما یناسبه من جزاء. ولهذا فإن مقتضى التناسب بین الخطأ والعُقوبة هو أن لا یغلو مجلس التأدیب فی توقیع العُقوبة من خلال الالتزام بمستوى معین من المعقولیة فی تقدیر العُقوبة وفقاً لعدد من الاعتبارات کمدى ما حققه المحامی من منفعة نتیجة لاقترافه الخطأ، ومدى خطورة وجسامة الخطأ التأدیبی على مصالح النَقَابة وأعرافها وتقالیدها، ومدة خدمة المحامی، وحسن سلوکه، وحرصه على المهنة، وعدم سبق تعرضه لعقوبة تأدیبیة، وحسن نیته من عدمها عند ارتکابه للخطأ کل هذه الامور وغیرها تدخل فی حساب المَجْلِس عندما یرید أن یفرض العُقوبة التَأدیْبیة، ومن جهة اخرى یجب أن لا تکون العُقوبة واهیة، فتکون مدعاة لتمادی الأخرین فی ارتکاب الخطأ، فسلطة مجلس التأدیب هنا لیست مطلقة فخطورة الخطأ التأدیبی هی التی تحدد العُقوبة التی من الممکن فرضها على المحامی المخطئ.
3- عدم تعدد العُقوبَات التَأدیْبیة:
ومعنى هذا أنه لا یجوز معاقبة المحامی عن ذات الفعل مرتین أو بعبارة أخرى لا یجوز معاقبة المحامی عن ذات الخطأ بجزاءین أصلیین لم ینص القانون على الجمع بینهما صراحة.
وبما أن المشرع العراقی لم ینظم ضوابط فرض العُقوبَات التَأدیْبیة فی قانون المحاماة نَقْتَرِحُ ایراد نص ینظمها على أن یکون بالصیغة الآتیة: "1. لا یجوز لمجلس التأدیب فرض عقوبة بحق المحامی لم یرد النص علیها فی قانون المحاماة على أن یراعی عند فرضها التناسب بین الخطأ الذی یرتکبه المحامی وما یناسبه من جزاء مراعیاً فی ذلک ما حققه المحامی من منفعة نتیجة لاقترافه الخطأ، ومدى خطورة وجسامة الخطأ التأدیبی على مصالح النَقَابة وأعرافها وتقالیدها، ومدة خدمة المحامی، وحسن سلوکه، وحرصه على المهنة، وعدم سبق تعرضه لعقوبة تأدیبیة، وحسن نیته من عدمها عند ارتکابه للخطأ. 2. لا یجوز معاقبة المحامی عن الخطأ التأدیبی الواحد بعقوبتین لم ینص القانون على جواز الجمع بینهما".
الفرع الثانی
صور العُقوبَات التَأدیْبیة وضَمَانَاتْ فرضها
أولاً: صور العُقوبَات التَأدیْبیة:
حدد قانون المُحَامَاة العُقوبَات التَأدیْبیة التی یجوز لمجلس التأدیب الحکم بها على المحامی وهی:
1- "التنبیه: ویکون بکتاب یوجه لِلمُحَامی یلفت فیه نظره إلى ما وقع منه ویطلب منه عدم تکراره مستقبلاً". وتعتبر عقوبة التنبیه أول عقوبة نص علیها قانون المُحَامَاة، وهی من أخف العُقوبَات التی یمکن فرضها على المحامی، ویجب أن یکون فرضها بقرار مکتوب ومسبب، یذکر فیه الخطأ الذی ارتکبه المحامی، ویطلب منه عدم تکراره مستقبلاً. والتنبیه لا یترتب علیه أی عقوبة تبعیة، وإذا کان التنبیه عقوبة تأدیبیة خفیفة، فإن القَرار الصادر فیه یدرج فی إضبارة المحامی الشخصیة لدى النَقَابة، بحیث یکون لمجلس التأدیب أن یستأنس بسوابق المحامی انطلاقاً من إضبارته الشخصیة، وبالتالی یکون بإمکانه تشدید العُقوبة فی حال ارتکاب المحامی مخالفة تأدیبیة أخرى. أما إذا کانت إضبارته خالیة من العُقوبَات التَأدیْبیة، وأحیل إلى مجلس التأدیب لمخالفةٍ ما، فإن المَجْلِس یأخذ بنظر الاعتبار عدم وجود سابقة لدیه عندما یقرر فرض العُقوبة بحقه.
2- "المنع من ممارسة المُحَامَاة لمدة لا تزید عن سنة واحدة اعتباراً من تاریخ تبلیغ المحامی بالحکم النهائی الصادر ضده". ویترتب على عقوبة المنع من ممارسة المُحَامَاة لمدة لا تزید عن سنة واحدة منع المحامی من فتح مکتبه طوال مدة المنع، وعدم دخول مدة المنع من ممارسة المُحَامَاة فی حساب مدة التمرین، ومدة التقاعد، ومدة الترشیح لمنصب النقیب أو عضویة مجلس النقابة، ولیس له استقبال الزبائن أو ارتداء ثوب المُحَامَاة فضلاً عن فقدانه الحصانات والضَمَانَاتْ المقررة له قانوناً، "واذا زاول المحامی المُحَامَاة فی فترة المنع فإنه یعاقب بالعقوبة الأشد وهی رفع أسمه من جدول المحامین". ولهذا یترتب على عقوبة المنع من ممارسة المُحَامَاة لمدة لا تزید عن سنة بوصفها عقوبة أصلیة عقوبات تبعیة تتمثل بحرمان المحامی المحکوم علیه من مزاولة أعمال المُحَامَاة طیلة مدة المنع، وحرمانه من حق انتخابه لمنصب النقیب أو عضویة مجلس النقابة مدة ثلاث سنوات من تاریخ اکتساب الحکم الصادر بحقه درجة البتات.
3- "رفع الاسم من جدول المحامین ویترتب علیها فصل المحامی من عضویة النقابة وحرمانه من ممارسة المُحَامَاة اعتباراً من تاریخ تبلیغه بالحکم النهائی الصادر ضده". وهذه العقوبة هی الأشد بین العُقوبَات التَأدیْبیة، لأنها تقصی المحامی من جدول المحامین فیترتب علیها آثار خطیرة جداً کونها تؤدی إلى فقدان المحامی لمِهنَتِهِ ومصدر رزقه، الأمر الذی دفع المُشرِّع إلى التخفیف من وطأتها، فأجاز "لمن حکم علیه بعقوبة رفع الاسم من الجدول أن یطلب إعادة تسجیل أسمه فیه بعد انقضاء ثلاث سنوات فی الأقل من التاریخ الذی یصبح فیه الحکم قطعیاً. ولمجلس النقابة قبول الطلب إذا رأى أن المدة التی انقضت بعد صدور هذا الحکم کافیة لإصلاح شأن المحامی المحکوم علیه، ویجوز لِلمُحَامی فی حالة رفض الطلب تجدیده بعد مضی سنتین".
ولهذا فإن عقوبة رفع الاسم من الجدول لیست أبدیة، ذلک أن المُشرِّع أجاز لمن حکم علیه بهذه العقوبة أن یطلب إعادة تسجیل أسمه فی الجدول بعد انقضاء ثلاث سنوات، وأعطى مجلس النَقَابة سلطة تقدیریة فی الموافقة على الطلب أو رفضه بعد دراسته بعنایة، فإذا وجد أن المدة التی مضت على رفع الاسم من الجدول کانت کافیة لإصلاح شأن المحامی قرر أعادة قید المحامی فی الجدول، أما إذا وجدها غیر کافیة قرر رفض الطلب، وفی هذه الحالة لا یجوز تجدید الطلب إلا بعد مرور سنتین على تاریخ رفض الطلب الأَوَّل، وإذا قدم الطلب مرة ثانیة بعد مرور سنتین، فإن المُشرِّع لم یبین ما إذا کان من حق مجلس النقابة رفض الطلب، ذلک أن رفض الطلب مرة ثانیة یجعل من عقوبة المنع أبدیة إذ لا یعود بالإمکان تجدید الطلب بعد ذلک. وکان الأحرى أن یخضع المُشرِّع هذا القَرار للطعن أمام محکمة التمییز خَوفاً من عسف المَجْلِس. لذا نَقْتَرِحُ على المشرع إضافة فقرة ثانیة لنص المادة "121" بالصیغة الآتیة: " ویکون قرار المَجْلِس برفض طلب المحامی إعادة تسجیل اسمه فی جدول المحامین للمرة الثانیة خاضعاً للطعن فیه بطریق التمییز خلال ثلاثین یوماً من تاریخ التبلیغ به"
ثانیاً: ضَمَانَاتْ فرض العقوبة التَأدیْبیة:
یقصد بضَمَانَاتْ فرض العُقوبة التَأدیْبیة مجموع القیود التی تفرض على مجلس التأدیب لمصلحة المحامی والتی یتعین مراعاتها من اللحظة التی یحال فیها المحامی إلى المَجْلِس إلى حین صدور الحکم بفرض العُقوبة وصیرورته باتاً. وهذه الضَمَانَاتْ تتمثل فیما یأتی:
1- حق الدفاع:
حق الدفاع ضَمَانَة من الضَمَانَاتْ المقررة لِلمُحَامی، ویقتضی هذا الحق تمکین المحامی من الدفاع عن نفسه، وإبداء اعتراضاته دون أیة عقبات لدحض ما هو منسوب إلیه، وتقدیم دلیل براءته. وهذا یعنی أنه لا یجوز الحکم على المحامی المحال إلى مجلس التأدیب إلا بعد تأمین حقوق الدفاع له، وتمکینه من الاطلاع على إضبارةِ الدعوى وعلى کل الأدلة المتوفرة ضده ومناقشة قرار الإحالة وأسانیده ومناقشة المستندات المقدمة ضده. ویبدوا واضحاً أن مجلس التأدیب یجمع فی الوقت ذاته بین التحقیق والمحاکمة بحیث لا یکتفی بالتحقیق الذی تجریه لجنة الشکاوى أو لجنة شؤون المهنة لضمان حقوق الدفاع وحسن سیر العدالة.
2- مبدأ المواجهة:
تعنی المواجهة إحاطة المحامی علماً بالمخالفات المنسوبة إلیه والادلة القائمة ضده، لکی یتمکن من إعداد دفاعه وتفنید ما هو منسوب إلیه، ولهذا فالمواجهة تؤمن لِلمُحَامی حریة الدفاع عن نفسه فهی مرحلة ممهدة لحق الدفاع، لأَنَّ المحامی لا یستطیع ممارسة حقه فی الدفاع دون أن یحاط علماً بالأخطاء المنسوبة إلیه، ولکی یکون الدفاع مجدیاً یتعین على المَجْلِس وقبل أن یشرع فی عمله أن یخطر المحامی بالمخالفة المسندة إلیه، ویمنحه الوقت الکافی لتقدیم دفاعه.
فالمَجْلِس ملزم بأن "لا یبنی حکمه على وقائع دون تمکین المحامی من مناقشتها، فضلاً عن أنه ملزم بأن یُمَکِنَ المحامی من مناقشة أوجه القانون التی یمکن أن یستند إلیها فی حکمه، ولهذا لا یجوز للمجلس إصدار حکمه ضد المحامی ما لم یجرِ سماعه أو یُمَکَن من إبداء دفاعه".
3- الفصل بین سلطة التحقیق والمحاکمة:
إن الفصل بین سلطة التحقیق والمحاکمة ضَمَانَة من ضَمَانَاتْ المحاکمة العادلة، لذلک منح مجلس النقابة سلطة التحقیق إلى لجنة الشکاوى ولجنة شؤون المهنة، وأعطى سلطة المحاکمة لمجلس التأدیب.
4- حضور المحامی إجراءات الدَّعوى التَأدیْبیة:
حضور المحامی الإجراءات التی تتخذ أثناء التحقیق أو المحاکمة شأنه شأن حق الدفاع ومبدأ المواجهة یعد ضَمَانَة من الضَمَانَاتْ التی تقررها المبادئ العامة للقانون. ومن ثم یتعین على المَجْلِس مراعاتها حتى وإن لم ینص علیها قانون المُحَامَاة. فلا یجوز للمجلس أن یمنع المحامی من حضور الإجراءات ما لم ینص القانون على ذلک أو یتنازل المحامی عن حقه فی الحضور، لما لحضور المحامی من أهمیة فی ممارسة حقه فی الدفاع، حیث یکون على إطلاع کامل بکل ما یتخذ ضده من إجراءات فیتمکن من مناقشتها وإبداء ملاحظاته بشأنها.
5- عدم جواز تحلیف المحامی الیمین:
لا یجیز القانون إجبار المحامی على قول ما لا یرید، ولهذا لا یجوز توجیه الیمین لِلمُحَامی أو تحلیفه الیمین قبل سماع أقواله، لأَنَّ ذلک یعنی إجباره على الإدلاء بأقوال لا یرید الإدلاء بها. لأنه سیکون تحت تأثیر الیمین الذی یضعه فی موقف حرج بین الإدلاء بالأقوال التی لا یرید الإدلاء بها وبین الحنث بالیمین.
6- استیفاء الشکل الکتابی للدعوى التَأدیْبیة:
تعد الکتابة ضَمَانَة مهمة لِلمُحَامی عند التحقیق معه فیما هو منسوب إلیه، فالکتابة تتیح لِلمُحَامی فرصة الرجوع إلى محاضر إجراءات التحقیق والمحاکمة المتخذة فی الدَّعوى التَأدیْبیة، والاطلاع على الأدلة المقدمة ضده لإعداد دفاعه بشأنها واثبات براءته. فضلاً عن ما للکتابة من أهمیة فی تمکین القضاء عند الطعن فی الحکم من ممارسة دوره فی الرقابة على مدى شرعیة العُقوبة التَأدیْبیة، وملاءمتها وتناسبها مع المخالفة التَأدیْبیة.
7- الطابع السری لنظر الدَّعوى التَأدیْبیة:
أوجب المُشرِّع أن تنظر الدعوى التَأدیْبیة فی جلسة سریة خلافاً للقاعدة العامة فی علانیة جلسات المُرافعة فی الدعاوى المدنیة والجنائیة، والحکمة من سریة المرافعة فی الدعاوى التَأدیْبیة تکمن فی کونها ضَمَانَة من ضَمَانَاتْ المحامی المحال إلى مجلس التأدیب، حیث حرص المُشرِّع على عدم المساس بسمعة المحامی واعتباره قبل إدانته حفاظاً على قرینة البراءة، فالمتهم بریء حتى تثبت إدانته.
الفرع الثالث
صدور الحکم بالعُقوبة التَأدیْبیة والطعن فیه
أولاً: صدور الحکم بالعُقوبة التَأدیْبیة:
بعد أن یستکمل مجلس التأدیب إجراءات الدعوى التَأدیْبیة، تبدأ مرحلة المداولة فی إصدار الحکم، حیث یتبادل أعضاء المَجْلِس الآراء فیما یراه کل منهم تطبیقاً سلیماً للقانون على وقائع الدعوى، ومناقشة هذه الآراء للوصول إلى الحکم العادل فی الدعوى. ثم "یصدر مجلس التأدیب حکمه فی الدَّعوى التَأدیْبیة بالأکثریة، وقد اشترط القانون أن یکون هذا الحکم مسبباً وأن تتلى أسبابه مع منطوقه فی جلسه سریه".
وقد أجاز القانون "لمجلس التأدیب أن ینظر الدعوى ویحکم فیها حتى لو غاب طرفاها أو أحدهما ولیس للمحکوم علیه غیابیاً حق الاعتراض على الحکم الغیابی".
"ویعلن الحکم الصادر بالمنع من ممارسة المُحَامَاة مؤقتاً أو برفع الاسم من جدول المحامین بعد أن یصبح قطعیاً فی مقر النَقَابة وغرف المحامین وترسل صورة منه إلى رئیس مجلس القضاء الأعلى ومحکمة التمییز والمحاکم والدوائر العدلیة والمراجع الأخرى، کما یجب نشره فی الصحف المحلیة".
"وتسجل فی سجل خاص الأحکام النهائیة الصادرة من مجلس التأدیب وتحفظ صورة منها فی إضبارة المحامی المحکوم علیه".
ثانیاً: الطعن بقرار فرض العُقوبة التَأدیْبیة:
منح قانون المُحَامَاة "رئیس الادعاء العام، ومجلس النقابة، والمحامی المحکوم علیه حق الطعن فی القَرارات الصادرة من مجلس التأدیب بطریق التمییز، وذلک خلال خمسة عشر یوماً من تاریخ صدورها بحق الحاضر ومن تاریخ التبلغ بها بحق الغائب ومن تاریخ وصولها إلى نقابة المحامین ورئیس الادعاء العام".
"ویقدم الطعن إلى محکمة التمییز الاتحادیة متضمناً الاسباب الموجبة لنقض القَرار المطعون فیه خلال المدة القانونیة، وإلا کان الطعن غیر مقبول شکلاً، وتفصل فی الطعن هیئة مؤلفة من رئیس محکمة التمییز الاتحادیة أو أحد نوابه وعضویة أربعة من حکامها ویکون قرارها قطعیاً".
أما بالنسبة للقرارات التَأدیْبیة الصادرة من "مجلس نقابة المحامین بعقوبة لفت النظر أو المنع من ممارسة المهنة مدة لا تزید على ثلاثة أشهر، فإنها تکون خاضعة للطعن تمییزاً من المحامی خلال (15) یوماً من تاریخ صدورها إذا کان القَرار وجاهیاً ومن تاریخ تبلیغه به إذا کان غیابیاً". أی أن حق الطعن فی قرار مجلس النَقَابة بشأن التأدیب قد اعطی إلى المحامی صاحب الشأن حصراً، ولم یُعطَ هذا الحق إلى رئیس الادعاء العام خلافاً لقرارات مجلس التأدیب حیث اعطی حق الطعن فیها فضلاً عن المحامی صاحب الشأن لرئیس الادعاء العام ومجلس النقابة.
أما الأحکام التَأدیْبیة الصادرة غیابیاً فلا یجوز الطعن فیها بطریق الاعتراض على الحکم الغیابی، وإنما یجوز الطعن فیها بطریق التمییز، وذلک خلال خمسة عشر یوماً من تاریخ التبلیغ بها. ونعتقد أن موقف المُشرِّع من حرمان المحامی المحکوم علیه غیابیاً من حق الاعتراض على الحکم الغیابی لیس له ما یبرره قانوناً، ویشکل خرقاً لأهم ضَمَانَة من ضَمَانَاتْ التقاضی، خصوصاً وأن العُقوبَات التی یصدرها مجلس التأدیب شدیدة قد تصل إلى رفع اسم المحامی من جدول المحامین، وحرمانه من ممارسة المُحَامَاة، وکان الأحرى بالمُشرِّع أن یحافظ على ضَمَانَة حق الدفاع ویعطی للمحکوم علیه غیابیاً حق الاعتراض على الحکم الغیابی خلال عشرة أیام من تاریخ تبلغه به أو اعتباره مبلغاً، ذلک أن حرمان المحامی من حق الاعتراض یمنعه من الدفاع عن نفسه أذ لا یستطیع إیراد دفع أو دلیل لم یسبق إیراده أثناء نظر الدَّعوى أمام مجلس التأدیب. فضلاً عن ان القانون لم یجز الطعن بقرار فرض العُقوبة سواء صدر من مجلس النقابة أو من مجلس التأدیب بطریق الاستئناف وهو موقف منتقد، لأنه یحرم المحامی المحکوم علیه من درجة من درجات التقاضی ویجرده من حق الدفاع عن نفسه، لأنه لا یستطیع ایراد دفوع جدیدة ولا ایراد ادلة جدیدة أمام محکمة التمییز.
الخاتمـة
نورد فی خاتمة هذا البحث أهم النتائج والتوصیات وهی:
أولاً: النتائج:
ثانیاً: التوصیات:
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) and References (French)
First: Legal books:
1. Ahmed Amin, Explanation of the Law of The Civil Punishments, Volume 3, I3, Arab House of Encyclopedias, Lebanon, 1982.
2. Dr. Ahmed Maher Zaghloul, Associate Defense, Studies on the Legal Profession, C2, Sayed Abdullah Wahba Office, Cairo, 1986.
3. Alias Abu Eid, The Origins of The Penal Arguments between Text, Jurisprudence and Jurisprudence, C4, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut-Lebanon, 2006.
4. Elias Abu Eid, Lawyer, Rights, Fees and Duties, C2, I1, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut-Lebanon, 2007.
5. Dr. Fawzia Abdel Sattar, Explaining the Law of Punishments Special Section, I3, Arab Renaissance House, Cairo, 2012.
6. Dr. Kamel Al-Saeed, Explanation of the Code of Criminal Procedure, I1, Culture Publishing and Distribution House, Amman, 2008.
7. Hisham Abdel Hamid, Explaining the Law of Punishments, Volume 4, without mentioning the destination, place and year of printing.
Second: Thesis:
1. Taghrid Mohammed Kaddouri, Legal Organization of the Law Profession in Iraq, Master's Letter to Baghdad University Law college, 2002.
Third: Research:
1. Dr. Ali Hussein Khalaf, Immunity in Criminal Law, Research published in The Journal of Justice, Issue 3, 1967.
2. Dr. Mohammed Zuhair Jarneh, Hasana Al-Muhammedi, Book of the Third Conference of the Arab Bar Association, Arab Art Printing Presses, Damascus, 1957.
3. Nasrat Manla Haidar, Immunity of Judge and Hasana Al-Mahmi, Research in advance of the 10th Conference of the Arab Bar Association held in Damascus, published in al-Haq magazine published by the Arab Bar Association, Damascus, 1968.
Fourth: Laws:
1. The Iraqi Law Of Law No. (173) of 1965 amended.
2. The Iraqi Penal Code No. (111) of 1969 amended.
3. The Iraqi Code of Criminal Procedure No. (23) of 1971 amended.
4. The Iraqi Implementation Law In Force No. (45) of 1980 amended.
5. The Iraqi Pleading Law No. (83) of 1969 amended.
Fifth: French References:
1.Cléo Leclercq: Devoirs et prérogatives de l'avocat. Editions Bruylant-Delta 1999.
2.Derains: Les normes d'application immédiate, in Mélanges Goldmann. Paris.
3.Gerard Cochez: Principe de La contradiction juris - classeur de Procédure civil, volume. 2, fascicule.
4.Hamelin ET Damien: Les règles de la profession D'avocat, paris, Editions Dalloz, 2000.
5.Henri et Leon: Traité théorique et pratique de la responsabilité civile délictuelle et contractuelle. Tome 1. 6eme edition par Ander Tunc. Editions Montchrestien, 1965.
6.Raymond Martin: déontologie de l'avocat. Editions Lites 2002.
7.Robert Vouin: Droit pénal spécial. Editions Dalloz 1971.
8.Yaves Avril: La responsabilité de l'avocat. Édition Dalloz. 1981.