Abstract
The case for the preparation of administrative evidence is an urgent case, initiated to prove the material facts that are feared to be too late، requires that it be subject to the officer of urgency, and not to prejudice the origin of the right, as well as the formal controls represented by the interest, characteristics, and eligibility, and ends this case by terminating the judge of Conducting the inspection himself, or submitting the report of the managed expert، and the judgment issued in it restricts the administrative judge in a hurry, and the parties to the dispute, but it remains to be considered before the judge of the matter, and the Iraqi legislator to organize this case is satisfied to refer to the general rules in the law of civil arguments، and this is considered A clear legislative lack of administrative justice
Keywords
Main Subjects
Full Text
دعوى تهیئة الدلیل الإداری-(*)-
حجی شفان خلف الشنکالی علی محمد رضا یونس کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Haji Shivan Khalaf Al-Shinkali Ali Muhammad Reda Younes College of law / University of Mosul Correspondence: Haji Shivan Khalaf Al-Shinkali E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 25/8/2019 *** قبل للنشر فی 2/10/2019.
(*) Received on 25/8/2019 *** accepted for publishing on 2/10/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2019.165260
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تُعد دعوى تهیئة الدلیل الإداریة من الدعاوى المستعجلة، شُرعت لإثبات الوقائع المادیة التی یخشى علیها من فوات الوقت، یستلزم خضوعها لضابط الاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق، فضلاً عن الضوابط الشکلیة ممثلةً بالمصلحة، والصفة، والأهلیة، وتنتهی هذه الدعوى بانتهاء القاضی من إجراء المعاینة بنفسه، أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب، والحکم الصادر فیها یقید القاضی الإداری المستعجل، وطرفی الخصومة، إلا أنه یبقى محل اعتبار أمام قاضی الموضوع، واکتفى المشرع العراقی لتنظیم هذه الدعوى بالإحالة إلى القواعد العامة فی قانون المرافعات المدنیة، ویعد ذلک نقصاً تشریعیاً واضحاً فی مجال القضاء الإداری.
الکلمات المفتاحیة:- دعوى – الاستعجال – إثبات الحالة.
Abstract
The case for the preparation of administrative evidence is an urgent case, initiated to prove the material facts that are feared to be too late، requires that it be subject to the officer of urgency, and not to prejudice the origin of the right, as well as the formal controls represented by the interest, characteristics, and eligibility, and ends this case by terminating the judge of Conducting the inspection himself, or submitting the report of the managed expert، and the judgment issued in it restricts the administrative judge in a hurry, and the parties to the dispute, but it remains to be considered before the judge of the matter, and the Iraqi legislator to organize this case is satisfied to refer to the general rules in the law of civil arguments، and this is considered A clear legislative lack of administrative justice.
Keywords: Suit- Urgency- Proof of status.
المقدمـة
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على خاتم الأنبیاء و المرسلین محمد(صلى الله علیه وسلم) وعلى آلة الطیبین الطاهرین أما بعد...نمهد لدراسة موضوع دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بمقدمة نوضح فیها النقاط الآتیة:
أولاً: مدخل تعریفی بموضوع البحث
تعد دعوى تهیئة الدلیل الإداریة من الدعاوى المستعجلة، هدفها إثبات حالة مادیة معینة باتخاذ تدابیر وقتیة، ومستعجلة، بحیث إذا لم تثبت على وجه الاستعجال یتعذر إثباتها مستقبلاً، تمهیداً لاستخدام ما تم إثباته دلیلاً لخدمة الدعوى الموضوعیة والفصل فیها عند رفعها.
ثانیاً: أهمیة البحث
کما هو معلوم بأن هناک حالات وأمور مستعجلة لا تحتمل التأخیر، بحیث اذا ترکت للإجراءات الطویلة، والمعقدة المتخذة سواء من قبل القضاء العادی، أو الإداری اللذین یتصفان بتمدید زمنهما الإجرائی قد یؤدی إلى فوات الوقت، وضیاع معالم وقائع معینة، مما یتطلب الأمر اتخاذ إجراءات سریعة، وتحفظیة، فمن هنا ظهرت الحاجة إلى تنظیم هذه الدعوى إقراراً للحقوق، ووصولها لأصحابها فی الحالات المستعجلة، ذلک توفیراً للاستقرار القانونی، وتحقیقا للسلام الاجتماعی.
ثالثا: إشکالیة البحث
إن غیاب التنظیم القانونی لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة فی قانون مجلس الدولة، کان الدافع الأساسی لاختیارنا لهذا البحث، ومما دفعنا إلى طرح التساؤلات الآتیة:
1- ما هو التنظیم القانونی لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة ؟.
2- ما هو مفهوم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة ؟.
3- ما هو معیار الاستعجال المبرر الذی یستند علیه القضاء الإداری لقبول دعوى تهیئة الدلیل الإداریة؟.
4- ما هو مدى الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل الإداریة والدعوى الموضوعیة ؟.
5- متى تنتهی دعوى تهیئة الدلیل الإداریة؟.
6- ما مدى حجیة ما تم إثباته أمام قاضی الموضوع؟.
فمن خلال هذه الدراسة سنحاول الإجابة على کل هذه التساؤلات.
رابعاً: أهداف البحث
یهدف البحث إلى لفت نظر المشرع العراقی إلى الأهمیة القانونیة لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة، وتنظیمها بنصوص قانونیة خاصة فی قانون مجلس الدولة، وعدم الاکتفاء بالقواعد العامة لقانون المرافعات المدنیة.
خامساً: فرضیة البحث
على الرغم من تنظیم قانون المرافعات المدنیة العراقی لدعوى تهیئة الدلیل، وإمکانیة الرجوع إلى أحکامه فی حالة وجود نقص فی الإجراءات المتبعة لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة مما لا یتعارض مع طبیعتها، إلا أن ذلک غیر کافٍ لمتطلبات هذه الدعوى، لاختلاف طبیعة المنازعات الإداریة عن المنازعات المدنیة.
ومن خلال المسلک الإجرائی لدعوى دعوى تهیئة الدلیل الإداریة، الذی ینتج عنه إثبات الوقائع المادیة التی یخشى علیها من فوات الوقت، ودورها المساعد للدعوى الموضوعیة، یستدعی إقامة تنظیم قانون خاص لها.
سادساً: منهجیة البحث
سنعتمد فی کتابة هذا البحث على المنهج التحلیلی المقارن، حیث اعتمدنا على المنهج التحلیلی ذلک لتحلیل النصوص القانونیة المتعلقة بموضوع دراستنا، وکذلک تحلیل الأحکام القضائیة، وآراء الفقهاء ذات الصلة بموضوع البحث لترجیح الآراء السدیدة.
أما اعتمادنا للمنهج المقارن ذلک لعدم وجود تنظیم قانونی لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة فی قانون مجلس الدولة العراقی، والاکتفاء بالقواعد العامة فی قانون المرافعات المدنیة، ومقارنة هذا القانون الأخیر مع النظام القانونی لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة فی فرنسا، ومصر للوقوف على مدى کفایة هذا القانون لتنظیم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة فی العراق، کذلک للوقوف على مدى أهمیة التطور الذی لحق بالنظام القانونی لدعوى تهیئة لدلیل الإداریة فی القانون المقارن، ومدى إمکانیة تطبیقه فی العراق.
سابعاً: هیکلیة البحث
للإلمام والإحاطة بموضوع البحث أردنا تقسیمه على ثلاثة مباحث على وفق الآتی:
المبحث الأول : مفهوم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة
المبحث الثانی : قیود دعوى تهیئة الدلیل فی القضاء الإداری
المبحث الثالث : إنهاء دعوى تهیئة الدلیل الإداریة
المبحث الأول
مفهوم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة
دعوى تهیئة الدلیل، أو إثبات الحالة هی تأکید لوضع قائم بأوصاف معینة، ومن ثم قد تکون إجراءً وقتیاً عادیاً متى ما کانت الواقعة المطلوب إثباتها لا یخشى علیها من فوات الوقت، وبهذا لا تعد من المسائل المستعجلة، وبالتالی لا یبقى لصاحب المصلحة إثبات تلک الواقعة إلا أمام قاضی الموضوع وبوسائل الإثبات المختلفة، وقد تکون إجراءً وقتیاً مستعجلاً متى ما کانت الواقعة المطلوب إثباتها یخشى علیها من فوات الوقت، وبهذا تعد من الدعاوى المستعجلة، لذا أردنا أن نسلط الضوء على تعریف دعوى تهیئة الدلیل فی(المطلب الأول) ثم بیان ذاتیة دعوى تهیئة الدلیلفی(المطلب الثانی) على وفق الآتی:
المطلب الأول
تعریف دعوى تهیئة الدلیل
عرّف الفکر القانونی دعوى تهیئة الدلیل کإجراء تحفظی، یتم اللجوء إلیه لحفظ، وصیانة، الدلیل المثبت للحق من خطر الضیاع، خدمةً للدعوى الموضوعیة، وتعددت تسمیاته إذ اطلق علیه البعض تسمیة دعوى تهیئة الدلیل، فی حین أطلق علیها البعض الآخر تسمیة إثبات الحالة، وأطلق علیها البعض الآخر تسمیة وصف الحالة الراهنة، وأطلق علیها البعض الآخر تسمیة تثبیت الحالة، لذا سنتناول التعریف التشریعی لدعوى تهیئة الدلیل فی(الفرع الأول)، ثم التعریف الفقهی والقضائی فی(الفرع الثانی) على وفق الآتی:
الفرع الأول
التعریف التشریعی لدعوى تهیئة الدلیل
نظم المشرع الفرنسی دعوى تهیئة الدلیل، منذ عام 1889، إذ کانت لرؤساء مجالس المحافظات، بموجب المادة(24) من القانون الصادر فی 1889، سلطة تعین الخبراء بالنسبة للدعاوى المهمة، والمعروضة على هذا المجلس، وبعد ذلک نظمها المشرع فی المادة(104) من تقنین المحاکم الإداریة الفرنسی لسنة 1973 الجدید التی نصت على أنه: "یکون لرئیس المحکمة الإداریة أو المستشار الذی یفوضه فی کل حالات الاستعجال الأمر، بندب خبیر للقیام بإثبات وقائع حدثت فی دائرة اختصاص المحکمة بدون میعاد، من شأنها أن تکون محلا للنزاع أمام المحکمة الإداریة، وذلک بناء على عریضة بسیطة تقدم، لا یشترط توقیعها من محامٍ، وتکون مقبولة حتى ولو لم یکن هناک قرار إداری سابق، ویتم أخطار المدعى علیه المحتمل على الفور".
وأخیراً جاءت هذه الدعوى فی المادة(531/ف1،ر) من قانون العدالة الإداری الفرنسی التی نصت على أنه: " إذا لم یطلب من قاضی الأمور المستعجلة سوى إثبات حالة الوقائع، فیجوز له بناءً على عریضة عادیة تقدّم له دون توقیع من محام، حتى وإن کان فی غیاب قرار إداری مسبق، أن یعین خبیراً لیثبت بسرعة الوقائع التی یکون من شأنها أن تؤدی إلى نزاع أمام القضاء ویعلن فی الحال المدعى علیهم المحتملین... ".
أما فی مصر فلم یعرّف المشرع دعوى تهیئة الدلیل فی قانون مجلس الدولة، إلا أنه أشار إلیه فی قانون الإثبات بموجب المادتین(133-134) بوصفه مرجعاً للقضاء الإداری، لذا نصت المادة(133) على أنه: "یجوز لمن یخشى ضیاع معالم واقعة، یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، أن یطلب فی مواجهة ذوی الشأن وبالطرق المعتادة من قاضی الأمور المستعجلة الانتقال للمعاینة، وتراعی فی هذه الحالة الأحکام المبینة فی المواد السابقة".
وعن موقف المشرع العراقی، فلم یختلف عن نظیره المصری، ولم یرد تعریف دعوى تثبیت الحالة فی قانون مجلس الدولة العراقی، إلا أنه أشار إلیه فی قانون المرافعات المدنیة فی المادة(144/ف1) بوصفه مرجعاً للقضاء الإداری الذی نص على أنه: "یجوز لمن یخشى ضیاع معالم واقعة، یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، أن یطلب من القضاء المستعجل قبل إقامة دعوى الموضوع، وبعد تبلیغ ذوی الشأن، الانتقال للکشف وتثبیت الحالة بمعرّفة الحاکم أو بواسطة خبیر، ویراعی فی هذا الشأن الأحکام المتعلقة بالخبرة والکشف".
یتضح مما تقدم أن المشرع العراقی، والمقارن لم یأتوا بتعریف ثابت ومحدد لدعوى تهیئة الدلیل بصورة صریحة، إلا أنه أشار إلیه بصورة ضمنیة، لذا ترک تعریفها للفقه.
الفرع الثانی
التعریف الفقهی والقضائی لدعوى تهیئة الدلیل
بینا سابقاً بأن المشرع العراقی والمقارن لم یعرّفوا دعوى تهیئة الدلیل، مما برز دور الفقه والقضاء فجاؤوا بتعاریف عدیدة، لذا سنتناول بیان بعض هذه التعاریف فی الفقه(أولاً) وفی القضاء (ثانیاً) على وفق الآتی:
أولاً: التعریف الفقهی لدعوى تهیئة الدلیل
عرّف الدکتور ضیاء شیت خطاب دعوى تهیئة الدلیل بأنها: "إجراء تحفظی یتم على نفقة المستدعی خشیة زوال معالمه المادیة"، وعرّفها الدکتور علی الدین زیدان بأنها: "دعوى یقصد منها تهیئة الدلیل فی الدعوى الموضوعیة المرفوعة فعلاً أو سترفع فی المستقبل، ذلک عندما تحدث واقعة یخشى من زوال معالمها، أو من تغیّر هذه المعالم بمرور الوقت"، فی حین عرّفها الدکتور مصطفى مجدی هرجة بأنها: "تصویر حالة یخشى من ضیاع معالمها"، إلا أنه أنتقد البعض هذا التعریف، وذهبوا إلى أن تعریف دعوى تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة بمجرد تصویر حالة یخشى من ضیاع معالمها، مما یعنی أنه لا یجوز للخصوم إبداء الدفوع، أو الطعون الموضوعیة على تقریر الخبیر، أی أنه یخرج عن اختصاص القضاء المستعجل، ویبقى لهم إبداء الدفوع والطعون فحسب أمام محکمة الموضوع، ومتى ما أنهى القاضی من سماع أقوال الخصوم وملاحظاتهم یقضی بإنهاء الدعوى.
من خلال ما تقدم نستنتج تعریف دعوى تهیئة الدلیل بأنها: لیست إلا إجراءً من الإجراءات التحفظیة، التی تتم على نفقة رافع الدعوى، لتصویر حالة معینة، یتعذر إثباتها مستقبلاً، صیانة للدلیل المثبت للحق من خطر الضیاع، وتمهیداً لاستخدام ما تم إثباته دلیلاً لخدمة الدعوى الموضوعیة.
ثانیاً: التعریف القضائی لدعوى تهیئة الدلیل
حاول القضاء سواء أکان القضاء العادی أم الإداری إیجاد تعریف لدعوى تهیئة الدلیل، لذا جاء فی قرار لأحدى المحاکم الفرنسیة بأنه" إذا کانت الحالة قابلة للزوال السریع، أو التغیر المستمر، بحیث یخشى إذا انتظر قضاء محکمة الموضوع بإثباتها أن تزول جمیع العناصر اللازمة لعمل الخبیر، اختص قاضی الأمور المستعجلة بإثباتها..."، أما فی مصر فقد عرّفتها المحکمة الإداریة العلیا بأنها:" الضرورة الملحة لوضع حل مؤقت لنزاع یخشى على الحق فیه من مضی الوقت لو ترک حتى یفصل فیه موضوعاً"، وعن موقف القضاء العراقی فقد عرفتها محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة بأنها "إجراء مستعجل لغرض تثبیت حالة راهنة".
یتضح من التعریفات القضائیة لدعوى تهیئة الدلیل وإن اختلفوا فی صیاغتها، بأنها لا تخرج عن أنها إثبات واقعة معینة یخشى علیها من ضیاع معالمها، إذا ترک معاینتها لمحکمة الموضوع.
المطلب الثانی
ذاتیة دعوى تهیئة الدلیل
شرّعت دعوى تهیئة الدلیل لإثبات الوقائع التی یخشى علیها من زوال آثارها، وضیاع معالمها، وبذلک تکون لها أهمیة کبیرة فی الحیاة العملیة، لذلک سنتناول الأهمیة القانونیة لدعوى تهیئة الدلیل فی(الفرع الأول) ثم خصائصها فی(الفرع الثانی) على وفق الآتی:
الفرع الأول
الأهمیة القانونیة لدعوى تهیئة الدلیل
تعد دعوى تهیئة الدلیل، أو إثبات الحالة وسیلة من وسائل إثبات المسؤولیة، کإثبات مسؤولیة الإدارة عن الأضرار التی تنشأ بسبب أخطائها، لذا یشمل طلب إثبات الحالة الإداریة على سبیل المثال، ندب خبیر لوصف وضعیة الطریق فی المکان الذی شهد وقوع الحادثة على وفق لما جاء فی القضاء الفرنسی، أو وصف وضعیة الأرض التی أقیمت علیها الأشغال، أو إثبات حالة التلف التی أصابت العقار بسبب الأعمال التی تجریها البلدیة فی الطریق العام.
لذا أصبح إثبات الحقوق والواقعات القانونیة من أهم المسائل القانونیة قاطبة، فأی حق بدون إثبات هو والعدم سواء، لذا جاءت بأن: "دعوى إثبات الحالة قد شرعت فقط لإثبات الوقائع المادیة البحتة، التی یخشى من زوال معالمها، أو تغیر آثارها بمرور الوقت، ولم تکن وسیلة لانتزاع الدلیل القانونی من ید الخصم جبراً منه، لاتخاذه کأداة للإثبات أمام محکمة الموضوع"، لذا تکون لهذه الدعوى مکانة مهمة من بین الطلبات المرفوعة أمام القضاء المستعجل، لأنها وسیلة للمتقاضین لحفظ الدلیل وصیانته، التی قد تکون موضوع نزاع مستقبلی أمام القاضی الموضوعی، وبذلک تعد هذه الدعوى وسیلة مساعدة للدعوى الإداریة(الدعوى الموضوعیة) التی سوف یتم رفعها مستقبلاً، بمعنى أن دعوى تهیئة الدلیل دعوى غیر مقصودة لذاتها، هدفها إثبات دلیل لتصبح سنداً لرافعها، یتقدم به أمام محکمة الموضوع عند الفصل فی أصل الحق، وتقوم دعوى تهیئة الدلیل بدورها هذا قبل إقامة الدعوى الموضوعیة، لحفظ، وصیانة الدلیل المثبت للحق لحمایته فی الحالات التی یخشى علیها من فوات الوقت، لذا تکون لهذه الدعوى دوراً أساس لإظهار الحق فی موضوع النزاع.
وأساس هذه الحمایة، هو رجحان وجود الحق المطلوب حمایته قانوناً، على وفق التشریع العراقی، والمقارن عندما أجازوا لذوی الشأن باللجوء إلى القضاء، بدعوى أصلیة لإثبات حالة محل النزاع، التی یحتمل أن ترفع عنه دعوى موضوعیة، وبعد إثبات الحالة، وتهیئة الدلیل، یستخدمها صاحب المصلحة الذی حسم الأمر لصالحه دلیلاً فی الدعوى الموضوعیة للمطالبة بالتعویض عما أصابه من ضرر، لذا قضت محکمة القضاء الإداری المصری فی القضیة رقم 2565ق، جلسة 4/3/1972 بأن:" اختصاص القضاء الإداری بالفصل فی دعوى إثبات حالة مبان یمتلکها المدعی، الذی أقام دعواه کإجراء تحفظی تمهیداً لرفع دعوى تعویض عن قرار إداری بهدم المبانی المقامة على ارض شملها مشروع تخطیط للمنطقة الکائنة بها"، وقضت محکمة استئناف بغداد فی قرار لها بأنه: "للمحکمة أن تستند على تقریر الخبیر فی الکشف المستعجل للحکم بالتعویض عن الأضرار التی أحدثها المدعى علیه بسبب الاستعمال غیر الاعتیادی للدار".
یتضح مما تقدم أن کل من دعوى تهیئة الدلیل، والدعوى الموضوعیة إحداهما مکملاً للآخر، من خلال قیام دعوى تهیئة الدلیل بالکشف عن الواقعة وإثبات الأدلة وقیام قاضی الموضوع بدراسة تلک الواقعة والأدلة التی کشفها دعوى تهیئة الدلیل بتأن، وصدور قراره الفاصل فی أصل الحق استناداً على تقریر الکشف، ولهذه الأهمیة نأمل من المشرع العراقی النظر فیها بنصوص خاصة فی قانون مجلس الدولة من دون الرجوع إلى قانون المرافعات.
الفرع الثانی
خصائص دعوى تهیئة الدلیل
تختص دعوى تهیئة الدلیل بنظر المسائل المستعجلة التی یخشى علیها من فوات الوقت بصورة مؤقتة بوصفه إجراء تحفظیاً من دون المساس بأصل الحق، وعلى هذا الأساس سنتناول أهم خصائصها على وفق الآتی:
أولاً: دعوى تهیئة الدلیل دعوى مجردة
تعد دعوى تهیئة الدلیل مجرد وسیلة للتحفظ أو الاحتیاط، وبذلک فهی ذا اثر مؤقت، ویترتب على هذه الخاصیة أی(خاصیة التجرید ) نتیجة مهمة وهی استقلال دعوى تهیئة الدلیل فی شروطها الخاصة عن شروط الدعوى الموضوعیة التی تفترض ثبوت وجود حق.
ثانیاً: یُقضى فی دعوى تهیئة الدلیل بصفة مؤقتة
من أهم خصائص دعوى تهیئة الدلیل، یقضى القاضی الإداری المستعجل فیها بصفة مؤقتة، من دون المساس بأصل الحق، متى ما کانت معالم الواقعة المطلوب إثباتها قابل للتغییر بمرور الزمن، إلا أنه إذا کانت معالم الواقعة المطلوب إثباتها، لا یخشى علیها من التغییر بمرور الزمن، فلا تدخل فی عداد دعوى تهیئة الدلیل، لأن هذه الدعوى کما ذکرنا سابقاً قد شرعت لإثبات الوقائع المادیة، التی یخشى علیها من تغییر معالمها أو زوال آثارها بمرور الزمن.
ثالثاً: دعوى تهیئة الدلیل إجراء تحفظی
من خصائص دعوى تهیئة الدلیل أنها إجراء تحفظی، تهدف إلى حمایة الدلیل المتثبت للحق عند الحاجة إلیه مستقبلاً ومن ثم حفظه، فمن شأنها تصور حالة مادیة یتعذر إثباتها مستقبلاً، حفاظا للدلیل المثبت للحق من خطر الضیاع، لذا قضت محکمة القضاء الإداری فی مصر بأن: "دعوى تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة لیست أکثر من إجراء من الإجراءات التحفظیة التی تتم على نفقة رافع الدعوى، وتوفر للطرفین المتنازعین حلاً سریعاً مؤقتاً یمهد للفصل فی موضوع الحق، وتهدف إلى إثبات حالات معینة إذا لم تثبت مباشرة استحال بعد ذلک استنباط الدلیل منها، فإذا رفعت الدعوى الموضوعیة بعد ذلک أمکن الاستناد إلى ما انتهت إلیه دعوى إثبات الحالة"، وجاءت فی قرار لمحکمة استئناف بغداد بأنه: "للمحکمة أن تستند على تقریر الخبیر فی الکشف المستعجل للحکم بالتعویض عن الأضرار التی أحدثها المدعى علیه بدار المدعی بسبب الاستعمال غیر الاعتیادی للدار"، یتضح من هذا الحکم الأخیر أن الکشف المستعجل الذی أجراه الخبیر المنتدب، لیس إلا إجراء تحفظی عن الأضرار التی أحدثها المدعى علیه بدار المدعی، ومن ثم یمکن للمحکمة أن تستند فی حکمها على هذا التقریر.
المبحث الثانی
قیود دعوى تهیئة الدلیل فی القضاء الإداری
لا تخرج دعوى تهیئة الدلیل عن أن تکون دعوى من الدعاوى المستعجلة، ومن ثم یتعین أن تخضع للضوابط العامة التی تخضع لها کافة الدعاوى المستعجلة، فضلاً عن ذلک أن هذه الدعوى لیست مقصودة لذاتها، إنما هدفها تهیئة الدلیل للدعوى الموضوعیة، ولذا أردنا بیان مدى تقید دعوى تهیئة الدلیل بالضوابط العامة فی(المطلب الأول) ثم بیان مدى تقیدها بالارتباط بالدعوى الموضوعیة فی(المطلب الثانی) على وفق الآتی:
المطلب الأول
تقید دعوى تهیئة الدلیل بالضوابط العامة
یستلزم خضوع دعوى تهیئة الدلیل بوصفها إجراءً تحفظیاً للضوابط التی تخضع لها غیرها من الدعاوى المستعجلة، لذا سنتناول بیان مدى تقیدها للضوابط الشکلیة فی(الفرع الأول) ثم بیان مدى تقیدها بالضوابط الموضوعیة فی(الفرع الثانی) على وفق الآتی:
الفرع الأول
تقید دعوى تهیئة الدلیل بالضوابط الشکلیة
یستلزم خضوع دعوى تهیئة الدلیل، للضوابط الشکلیة شأنها کشأن غیرها من الدعاوى المستعجلة، لذا سنتناول هذه الضوابط على النحو التالی:
أولا: ضابط المصلحة
ففیما یخص ضابط المصلحة الأصل أن یکون لرافع دعوى تهیئة الدلیل مصلحة قائمة وحالة، إلا أنه استثناءً أجیز قبول هذه الدعوى بناءً على المصلحة المحتملة، إذ یجوز قبول إثبات الحالة المستعجلة على الرغم من أن المنازعة الموضوعیة لم تنشب بالفعل إذا کان الغرض منها الاحتیاط لدفع ضرر محدق، أو الاستیثاق لحق یخشى زوال دلیله عند النزاع فیه، إذ إنه لا یتناسب مع طبیعة هذه الدعوى الانتظار لحین رفع الدعوى الموضوعیة، لأنه قد یؤدی انتظار رفع الدعوى الموضوعیة إلى ضیاع معالم الواقعة المراد إثباتها، ومن ثم تصبح عملیة الإثبات عسیرة أو غیر مجدیة على الوجه الأکمل، کما أن المصلحة فی دعوى تهیئة الدلیل لیس هدفها کسب الدعوى الموضوعیة أو خسارتها، أو فیما إذا کان منتجة أم غیر منتجة، وإنما هدفها تحفظی، ووقائی، تستهدف تفادی ضیاع دلیل الدعوى الموضوعة فی المنازعة الإداریة، ویتحقق قاضی الأمور المستعجلة من توفر المصلحة من ظاهر الأوراق دون التعمق فی صمیم الموضوع، والأوراق، والمستندات.
ثانیاً: ضابط الصفة
یستلزم لقبول دعوى تهیئة الدلیل أن یکون لکل من المدعی والمدعى علیه صفة فی الدعوى، بمعنى أن تنسب الدعوى إیجاباً لصاحب الحق، وسلباً لمن یوجد الحق فی مواجهته، ویتحقق قاضی الأمور المستعجلة من ضابط الصفة فی الدعوى من ظاهر الأوراق من دون التغلغل فی صمیم الموضوع، فإذا تبین لقاضی الأمور المستعجلة بعد فحصه لظاهر الأوراق انعدام صفة المدعی، أو کان بحثه الظاهری الذی أجراءه من دون المساس بأصل الحق، مما أدى إلى ثبوت انعدام الصفة فی دعوى تهیئة الدلیل فأنه یقضی بعدم قبولها لرفعها من غیر ذی صفة أو رفعها على غیر ذی صفة.
إلا أنه قد تستلزم ظروف الدعوى ودواعی الاستعجال الخروج عن الأصل المتقدم، وهناک أحکام قضائیة مصریة عدیدة تؤکد ذلک منها ما قضى "بقبول الدعوى المرفوعة من الزوج ضد الطبیب الذی قام بعملیة تولید زوجته والتی یطلب فیها إثبات حالة الإصابات بالزوجة نتیجة خطأ الطبیب، والتی رفعها بحسبانه القائم بالنفقة على زوجته وعلاجها".
ثالثاً: ضابط الأهلیة
لا یستلزم لقبول دعوى تهیئة الدلیل الإداریة الأهلیة الکاملة للتقاضی، نظراً للطبیعة المستعجلة لهذه الدعوى وإجراءاتها السریعة لدرء الخطر الطارئ، ومن ثم قد یکون ضرورة توفر الأهلیة الکاملة لدى رافع الدعوى عائق أمامه، هذا فیما یخص الوضع فی فرنسا ومصر، إلا أنه فیما یخص موقف القانون العراقی فأنه مشدد على وفق نص المادة(3) من قانون المرافعات المدنیة العراقی لأنه اشترط على طرفی الدعوى الأهلیة الکاملة للتقاضی، مما لا یتناسب مع طبیعة دعوى تهیئة الدلیل الإداریة.
ونأمل من المشرع العراقی تعدیل نص المادة(3) المشار إلیها فی أعلاه بوصفه مرجعاً للقضاء الإداری لتقرأ على وفق الآتی:"یشترط أن یکون کل من طرفی الدعوى متمتعاً بالأهلیة اللازمة لاستعمال الحقوق التی تتعلق بها الدعوى، وإلا وجب أن ینوب عنه من یقوم مقامه قانوناً فی استعمال هذه الحقوق، عدا الدعاوى المستعجلة فلا یشترط الأهلیة التامة للتقاضی لأن الحکم المطلوب فیها حکماً وقتیاً لا یمس الموضوع"، وبذلک یتم قبول دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بوصفها دعوى مستعجلة حتى وإن لم یتوفر الأهلیة الکاملة للتقاضی لطبیعتها المستعجلة.
الفرع الثانی
تقید دعوى تهیئة الدلیل بالضوابط الموضوعیة
فضلاً عن الضوابط الشکلیة یستلزم خضوع دعوى تهیئة الدلیل للضوابط الموضوعیة، والمتمثلة بالاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق، والتحضیر لنزاع مستقبلی، لذا سنتناول هذه الضوابط من خلال الفقرات الآتیة على التوالی على وفق الآتی:
أولا: ضابط الاستعجال
تتقید دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بضابط الاستعجال کالشأن فی غیرها من الدعاوى المستعجلة، والمراد بالاستعجال المسوغ لاختصاص القاضی الإداری المستعجل، بالحکم فی دعوى تهیئة الدلیل الإداریةهو الخشیة من ضیاع معالم الواقعة المراد إثباتها، التی تحتمل أن تصبح محل نزاع مستقبلی أمام القضاء، أیاً کانت أسباب الخشیة، سواء أکانت ترجع إلى فعل الغیر، أم الخصم نفسه، أم راجعة إلى عوامل الطبیعة، ویشترط القانون فی تلک الواقعة، أن تکون قابلة للتغیر زیادة أو نقصان، أو یخشى من زوال معالمها إذا انتظر المدعی معاینتها بواسطة محکمة الموضوع، کما یشترط أن تکون معالم تلک الواقعة المراد إثباتها قائمة من وقت رفع الدعوى إلى صدور الحکم فیها، بحیث إذا زالت ولم یعد لها أی کیان مادی، فلا ولایة للقضاء المستعجل بندب خبیر لتحقیق وجودها لانعدام وجه الاستعجال.
والقول بأن القضاء المستعجل یختص بالنظر فی دعوى تهیئة الدلیل حتى وإن کان فی غیاب صفة الاستعجال، بوصفها إجراءً مؤقتاً یتم على نفقة رافعها، قول غیر صحیح، لأنه یخالف القانون ومنافِ تماماً لطبیعة عمل القاضی المستعجل، وبالتالی ترفض القاضی الدعوى إذا تخلف الاستعجال، ومن ثم یرفض مجلس الدولة الفرنسی، الطلب المقدم إلیها لندب خبیر بصفة مستعجلة لإثبات الضوضاء الناجمة عن تشغیل أحد المطارات وتصاعدها بسبب تطویل الممر الرئیسی وذلک على أساس أن "المرکز الواقعی الذی یهدف المدعى إلى إثباته لیس من شأنه أن تتبدل بسرعة، وأن الأمر بالخبرة لا یعد ضروریاً للتدخل بأی إجراء یهدف إلى حمایة السکینة العامة".
وذهبت المحکمة الإداریة العلیا فی مصر إلى عدم قبول دعوى تهیئة الدلیل لعدم توافر ضابط الاستعجال، فی حکم لها بأنه: "...وذلک فیما قرره الحکم بأن ما تطلبه الشرکة المدعیة هو إثبات حالة مواقع العمل، وحصر ما أتمته الشرکة من أعمال، وما وردته من أدوات ومعدات وتحدید قیمة ما تم توریده، هی أمور ثابتة لا یخشى من تغیر معالمها، وأنه لا یتوافر وجه الاستعجال فی حصر هذه الأعمال وتحدید قیمة ما تم توریده...".
وعن موقف القضاء العراقی إذ جاء فی قرار لمحکمة استئناف البصرة بصفتها التمییزیة فی 17/1/2019، حیث بموجبها ادعى طالب الکشف، لدى محکمة بداءة البصرة بالدعوى المرقمة 26/کشف/2018، أنه المطلوب الکشف المستعجل ضده، قام بتهدیم البنایة المشیدة على جزء من العقار المرقم... علیه طلب دعوة المطلوب الکشف ضده للمرافعة وإجراء الکشف المستعجل على العقار المذکور، وتثبیت التجاوز الحاصل علیه وإیقافه وتحدید الأضرار التی لحقت بالعقار، قررت المحکمة المذکورة فی 31/12/2018 إفهام ختام الکشف، ولعدم قناعته بالقرار المذکور طعن به تمییزاً بعریضته المؤرخة فی 7/1/2019 طالباً نقضه للأسباب المبینة.
القرار: بعد التدقیق والمداولة تبین أن الطعن التمییزی واقع ضمن المدة القانونیة قرر قبوله شکلاً، ولدى عطف النظر على القرار الممیز وجد أنه غیر صحیح ومخالف للقانون، ذلک أن الممیز علیه طلب فی عریضته الکشف المستعجل تثبیت التجاوز الحاصل على العقار ...وتحدید مساحة التجاوز وإیقاف أعمال التجاوز وتثبیت الأضرار الحاصلة جراء التجاوز، وفی ذلک تصدی لأصل الحق وهو غیر جائز فی القضاء المستعجل، کما أن الطلب فی حد ذاته لا یعد من الأمور المستعجلة التی یخشى علیها من فوات الوقت لذلک تخلف فی الطلب الممیز علیه رکنا القضاء المستعجل وهما صفة الاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق الأمر الذی یوجب رده. علیه قرر نقض القرار الممیز وإعادة إضبارة الکشف المستعجل إلى محکمتها لاتباع ما تقدم على أن یبقى الرسم تابعاً إلى النتیجة وصدر القرار بالاتفاق فی 9/جمادی الأول/1440هـ الموافق 17/1/2019.
یتضح مما تقدم لنا بأنه لا یمکن حصر حالات الاستعجال التی تسبغ على القضاء المستعجل ولایة النظر فی دعوى تهیئة الدلیل، لأنها تختلف باختلاف الحالة المطروحة أمام القاضی.
ثانیاً: ضابط عدم المساس بأصل الحق
یشترط لقبول دعوى تهیئة الدلیل ألا یترتب على الحکم الصادر بهذا الإجراء أی مساس بأصل الحق، فلیس للقاضی الإداری المستعجل الحکم برفض دعوى تهیئة الدلیل بحجة أنه قدّر عدم إنتاجیة الدعوى لانعدام حق المدعی قبل المدعى علیه موضوعیاً، إذ لیس له سلطة الموازنة بین حقوق الخصوم عند الفصل فی دعوى تهیئة الدلیل، ولیس له أن یقوم بتفسیر الاتفاقیات والعقود المبرمة بین الطرفین للتأکد من جدیة الحق المدعى، وإنما تکون مهمته مقصورة بإثبات واقعة معینة فحسب یصح أن تکون محل نزاع أمام القضاء، بغض النظر عن احتمال، أو عدم احتمال کسب الدعوى موضوعاً لذا نصت الفقرة الأخیرة من المادة(27) من مرسوم رقم 84/819 فی 29/8/1984 الفرنسی على أنه: "یستطیع رئیس قسم المنازعات بمجلس الدولة فی حالات الاستعجال أن یأمر بکافة الإجراءات من أجل حل النزاع، وقراره یجب ألا یفصل فی الموضوع، وتطبیقاً لذلک جاء فی حکم لمجلس الدولة الفرنسی بأن: "مجلس الدولة الفرنسی یقضى برفض دعوى إثبات الحالة إذا طلب أحد الخصوم إجراءات تتعدى مجرد إثبات حالة الوقائع".
وفی مصر نصت المادة(45) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة على أنه: "یندب فی مقر المحکمة الابتدائیة قاضی من قضاتها لیحکم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق فی المسائل المستعجلة التی یخشى علیها من فوات الوقت" لذا جاء فی القضاء المصری بأنه "لیس للقاضی المستعجل عند الحکم فی دعاوى إثبات الحالة أن یبحث أصل الحق، إذ إن تفسیر الاتفاقیات المبرمة بین الطرفین لتحدید ما إذا کانت دعوى إثبات الحالة منتجة ومؤدیة لنتیجة حاسمة موضوعیاً أم لا، وهل هذه الاتفاقیات تؤدی إلى الحکم له موضوعیاً بالتعویض أم لا، إذ إن هذا جمیعه ینطوی على مساس بأصل الحق".
أما فی العراق فقد نصت المادة(141/ف1) من قانون المرافعات المدنیة على أنه: "1-تختص محکمة البداءة بنظر المسائل المستعجلة التی یخشى علیها من فوات الوقت بشرط عدم المساس بأصل الحق" لذا صدر قرار من محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة بأن: "مهمة القضاء المستعجل تثبیت الحالة ولا یتعدى لأصل الحق...".
ثالثاً: التحضیر لنزاع مستقبلی
یجب أن تکون الواقعة المراد إثباتها، من المحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، إذ أن تکون تلک الواقعة قابلة لإثارة نزاع مستقبلی أمام جهة قضائیة إداریة، لأنه لا یکفی لقبول دعوى تهیئة الدلیل وجود وقائع یخشى من ضیاع معالمها، إذا کان ضیاع معالم تلک الواقعة لا یؤثر فی حق أحد، لذلک یستلزم أن تکون ضیاع معالم تلک الواقعة المراد إثباتها یرتب القانون علیها أثراً قانونیاً، سواءً کان لصالح محدثها أو ضده، إذ یحتمل قیام نزاع بشأن هذا الأثر مستقبلاً، وکما ذکرنا سابقاً بأن المصلحة المحتملة تکفی لقبول الدعوى عندما تکون الغرض منها دفع ضرر محدق، أو الاستیثاق لحق یخشى زوال دلیله عند النزاع فیه، وفی حال زوال هذا الاحتمال تصبح الدعوى غیر مقبولة، ومن ثم تفقد صفتها کدعوى،لانعدام المصلحة فیها، کون المصلحة ضابطاً أساسیاً لقبول الدعاوى کافة.
ولا نجد ما یمنع القضاء الإداری العراقی بنظر دعوى تهیئة الدلیل فی الحالات المستعجلة ذلک استناداً على أساسین هما: الأساس الأول، بما أن القضاء الإداری یطبق أحکام قانون المرافعات المدنیة فی إجراءاتها على وفق نص المادة(7بند11) من قانون مجلس الدولة، بما لا یتعارض مع طبیعة الدعوى الإداریة، لا نرى ما یمنع من الأخذ بدعوى تهیئة الدلیل أیضاً، التی نصت علیها المادة(144) من قانون المرافعات المدنیة، أما الأساس الثانی هو أن قانون مجلس الدولة العراقی رقم 65 لسنة 1979 المعدل، أجاز رفع الدعوى الإداریة بناءً على المصلحة المحتملة، إذا کان هناک تخوف من الحاق ضرر بذوی الشأن، وفقاً للمادة(7/بند4)، وبناءً على ذلک نجد من یخشى من ضیاع معالم واقعة یحتمل أن تصبح محل نزاع عند المطالبة بأصل الحق فی الدعوى الموضوعیة، أن یطلب من القضاء الإداری بإثباتها، فضلاً عن تطبیق أحکام قانون المرافعات المدنیة علیها، بوصفه الشریعة العامة للإجراءات أمام القضاء الإداری.
المطلب الثانی
الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة
ذهب البعض إلى ضرورة الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة، فی حین ذهب البعض الأخر إلى إمکانیة رفعها استقلالاً من دون الارتباط بینها وبین الدعوى الموضوعیة، لذا سنتناول بیان موقف القانون الفرنسی، والمصری، والعراقی، من مدى الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة فی ثلاثة فروع على التوالی على وفق الآتی:
الفرع الأول
موقف القانون الفرنسی من مدى الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیلوالدعوى الموضوعیة
لم یشترط القانون الفرنسی ضرورة الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة، بموجب المادة(35) من القانون الصادر فی 6 /1/ 1978 التی نصت على أنه "...یمکن أن یطلب من القاضی المختص، الأمر بکل الإجراءات التی من طبیعتها تجنب کل زوال أو تلف للمعلومات إذا قامت الخشیة من ذلک، قبل مباشرة الدعوى القضائیة".
کذلک طلب مفوض الدولة الفرنسی(Lasry) من مجلس الدولة الفرنسی، بقبول الدعاوى المستعجلة التی تقدم إلیها استقلالاً، الذی وضح فیه بأن "فکرة النزاع القائم والحال کشرط من شروط قبول الطلب المستعجل مما لا یعنی بالضرورة وجود دعوى سبق إقامتها أمام قاضی الموضوع، إذ إنه یکفی أن توجد بعض الصعوبات الجدیة بین طالب الإجراء المستعجل والخصم، یمکن أن تبرر قیام دعوى قضائیة بینهما أمام قاضی الموضوع فیما بعد"،وبموجبها اکتفى مجلس الدولة بقبول دعوى تهیئة الدلیل، باحتمال رفع الدعوى الموضوعیة مستقبلاً.
ولحظنا من نص المادة(531/ف1،ر) من قانون العدالة الإداری الفرنسی عدم ضرورة الارتباط ذلک عندما نصت على أنه: "... لیقوم بدون تأخیر بإثبات حالة الوقائع التی من شأنها أن تؤدی إلى نزاع أمام الجهات القضائیة..."، ولا یشترط توقیع الدعوى، أو مباشرتها من قبل محام، ولا یشترط وجود قرار إداری مسبق، فوفقاً لذلک یجوز قبول طلب باتخاذ أی إجراء من الإجراءات التحفظیة التی تقدم استقلالاً، وقبل إقامة الدعوى الموضوعیة، إلا إذا کانت دعوى تهیئة الدلیل الإداریة لم تدخل بشکل واضح وصریح فی اختصاص محکمة الموضوع، کما یجوز لطالب الإجراء المستعجل أن یطلب من قاضی الأمور المستعجلة، باتخاذ أی إجراء من الإجراءات التحفظیة فی إثناء نظر الدعوى الموضوعیة، فقد تقع فی الفترة ما بین إقامه الدعوى الموضوعیة وقبل الفصل فیها، وقائع مهمة، والمفید جداً إثباتها، من دون الانتظار لحین الفصل فی الدعوى الموضوعیة، وبهذا الصدد لحظ الأستاذ(Debbasch) أن: "کثرة الطلبات الوقتیة المستعجلة التی تقدم أثناء نظر الدعوى وردها یؤدی إلى بطء القضاء الإداری فی نظر الدعوى والفصل فیها".
الفرع الثانی
موقف القانون المصری من مدى الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة
ثار فی مصر خلاف بین الفقه والقضاء، ولاسیما بین القضاء حول مدى ضرورة الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة، هذا ما سنبینه بالتفصیل الآتی:
أولاً: ضرورة الارتباط ما بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة
ذهبت أحکام المحکمة الإداریة العلیا، فی هذا الخصوص إلى رفض دعوى تهیئة الدلیل التی ترفع استقلالاً قبل إقامة الدعوى الموضوعیة، وکانت من أولیات هذه الأحکام فی قضیة تتعلق بانتداب خبیر مختص بالأمراض النفسیة، والعقلیة، لفحص مریض صدر قرار بحجزه، فقضت المحکمة الإداریة العلیا بأنه: "یجوز للقاضی الإداری من حیث المبدأ اتخاذ ما یلزم للتحقیق من ذلک إذا قدم طلب الإلغاء، ولیس قبل ذلک بدعوى إثبات الحالة استقلالاً".
وذهبت فی حکم آخر لها بأنه: "...ومن حیث إن قضاء مجلس الدولة قد جرى على أن اختصاص القضاء الإداری لا یمتد إلى دعوى تهیئة الدلیل المرفوع استقلالاً عن دعوى موضوعیة مما یدخل فی اختصاصه، وقد أجیزت هذه الدعوى استثناءً فی مجال القانون الخاص، ویجوز رفع هذه الدعوى فی مجال القضاء الإداری إذا رفعت مرتبطة بدعوى من دعاوى الإلغاء أو القضاء الکامل، أو بدعوى من دعاوى المنازعات الخاصة بالعقود الإداریة، واختصاص القضاء الإداری بنظر دعوى تهیئة الدلیل المرتبطة بدعوى موضوعیة مما تدخل فی اختصاصه تقوم على قاعدة التی تجعل قاضی الأصل هو قاضی الفرع...".
لذا استقرت أحکام المحکمة الإداریة العلیا على قبول دعوى تهیئة الدلیل إذا ارتبطت بالدعوى الموضوعیة، وعدم قبولها إذا رفعت استقلالاً عنها، واستندوا فی ذلک بحسب ما استقر علیه العمل أمام القضاء العادی، ذلک على أساس أن المادة(45) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصریة جاءت صریحة فی هذا الصدد عندما نصت "... على أن هذا لا یمنع من اختصاص محکمة الموضوع أیضاً بهذه المسائل إذا رفعت لها بطریقة تبعیة".
ویترتب على ذلک أن القضاء المصری لا یعترف بدعوى تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة کدعوى مستقلة قائمة بذاتها، بل یفحصها کطلب متفرع عن الدعوى الأصلیة المقامة أمامه، وعلى هذا الأساس یقوم قاضی الأمور المستعجلة، بالبحث عن مدى اختصاصه بالنظر فی الدعوى الموضوعیة المقامة أمامه أولاً، قبل التطرق بالنظر فی الطلب المتفرع عنها والمتمثل فی تهیئة الدلیل، فإذا انتهى بحثه إلى عدم اختصاصه بالنظر فی الدعوى الأصلیة المقامة أمامه، فلا یجوز له التطرق إلى النظر فی الطلب المتفرع عنها.
إلا أنه یجد الدکتور عبد العزیز عبد المنعم خلیفة أن ضرورة الارتباط بینهما، یؤدی إلى فوات الهدف من هذه الدعوى، والإفراغ عن مضمونها، وتفویت المصلحة التی قصد بها رافعها من تحقیقها ونؤیده فی ذلک، لأن الهدف من وراء رفع دعوى تهیئة الدلیل قبل إقامة الدعوى الموضوعیة، هو إثبات الوقائع المادیة وتهیئة الدلیل المثبت للحق، خدمة للفصل فی الدعوى الموضوعیة، وإذا کان اقتران طلب وقف تنفیذ القرار الإداری بطلب الإلغاء من الشروط الشکلیة المستوجبة لطلب وقف التنفیذ على وفق نص المادة(49) من قانون مجلس الدولة المصری، وضمانة لجدیته، والتأکد من أن القصد منه لیس لعرقلة التنفیذ أو کسباً للوقت، لذا ینتفی هذا القید والحکمة فیما تخص دعوى تهیئة الدلیل، ولا یجوز قیاسها بهذا الطلب لأن دعوى تهیئة الدلیل دعوى لیس مقصودة لذاتها، أنما تهدف إلى تثبیت الدلیل المثبت للحق وتهیئته، لذا ضرورة الارتباط یؤدی إلى الإفراغ من مضمونها، ویحمل دعوى تهیئة الدلیل اکثر مما یحتمل ویفقده الکثیر من فاعلیته، ولا یتفق مع طبیعته، ومن ثم تؤدی إلى حرمان الخصوم فی المنازعة الإداریة من الحمایة الوقائیة التی تکفلها هذه الدعوى لهم.
ثانیاً: رفع دعوى تهیئة الدلیل بصورة مستقلة بذاتها
بعد الانتقادات التی وجهت لأحکام المحکمة الإداریة العلیا المصریة، فیما یخص بضرورة الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل، والدعوى الموضوعیة، غیرت المحکمة عن مسارها السابق، وعدلت موقفها، واستقرت أحکامها، على أن دعوى تهیئة الدلیل دعوى مستقلة قائمة بذاتها، ویمکن رفعها بصورة مستقلة، من دون شرط الارتباط بینها وبین الدعاوى الموضوعیة، سواء أکان ذلک فی منازعات القضاء الکامل أم منازعات قضاء الإلغاء، لذا قضت المحکمة الإداریة العلیا فی حکم لها بأن: "... دعوى تهیئة الدلیل إثبات الحالة للمنازعة الإداریة تکون مقبولة أمام القضاء الإداری وإن أقیمت استقلالاً...".
وفی قضیة کانت تتعلق بمدى مشروعیة قرار صادر بالاستیلاء على "فلتین" لاستعمالها مقراً لکلیة الفنون الجمیلة، فقدمت بموجبها المدعیتان طلب إثبات الحالة بصورة مستقلة، فقبلته المحکمة على أساس أن" قانون المرافعات وتطبق أحکامه فیما لو یرد فیه نص فی قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 یقضی فی المادة الثالثة منه على أنه تکفی المصلحة المحتملة إذا کان الغرض من الطلب الاحتیاط لدفع ضرر محدق، أو الاستیثاق لحق یخشى زوال دلیله عند النزاع فیه، وبالتطبیق لذلک نظم المشرع فی المادتین(134،133) من قانون الإثبات دعوى إثبات الحالة أو دعوى تهیئة الدلیل... وأُجیز للقاضی فی هذه الحالة ندب أحد الخبراء للانتقال والمعاینة ولیس هناک ما یحول دون قبول هذه الدعوى على استقلال أمام القضاء الإداری...".
ولا یمنع القواعد والمبادئ الأساسیة فی قانون المرافعات، بالنظر فی دعوى تهیئة الدلیل إذا رفعت استقلالاً، ما دامت هذه الدعوى من الإجراءات التحفظیة، ومن قبیل حمایة دلیل الحق، ومن ثم لا یصح حرمان الخصوم من رفع هذه الدعوى استقلالا، رعایة لحقوقهم، وتمهیداً لرفع الدعوى الموضوعیة.
ویؤید الدکتور مصطفى کمال وصفی برفع دعوى تهیئة الدلیل بصورة مستقلة غیر مرتبطة بالدعوى الموضوعیة ذلک بقوله بأنه: "...قد یرفع طلب إثبات الحالة مستقلاً قائما بذاته غیر مرتبطة بدعوى موضوعیة خلافاً لما رأیناه فی طلب وقف التنفیذ الذی یشترط أن یرفع مقترنا بطلب الإلغاء"، ویترتب على ذلک، اطلاق وصف الدعوى علیها، بمعنى آخر تعتبر تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة وفقاً لهذا الاتجاه دعوى مستقلة ولیس طلب، وبالتالی یجوز رفعها استقلالاً، کمنازعة إداریة أمام القضاء الإداری، دون الارتباط بأی دعوى موضوعیة.
یتضح مما تقدم وعلى وفق الاتجاه الحدیث للمحکمة الإداریة العلیا المصریة، وآراء بعض الفقه المصری أنه یمکن رفع دعوى تهیئة الدلیل، قبل إقامة الدعوى الموضوعیة، وغیر مرتبط بها، لأن الهدف من دعوى تهیئة الدلیل هو إثبات الدلیل فی الحالات التی یخشى علیها من فوات الوقت، وضرورة الارتباط بینها وبین دعوى تهیئة الدلیل، یؤدی إلى عرقلة رفع هذه الدعوى وبالتالی لا یتناسب مع طبیعتها المستعجلة.
الفرع الثالث
موقف القانون العراقی من مدى الارتباط بین دعوى تهیئة الدلیل والدعوى الموضوعیة
تنص المادة(144) من قانون المرافعات المدنیة على أنه: "1-یجوز لمن یخشى ضیاع معالم واقعة یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن یطلب من القضاء المستعجل قبل إقامة دعوى الموضوع، وبعد تبلیغ ذوی الشأن، الانتقال للکشف وتثبیت الحالة بمعرّفة الحاکم أو بواسطة خبیر، ویراعى فی هذا الشأن الأحکام المتعلقة بالخبرة والکشف...4- یصح لمحکمة الموضوع أن تتخذ تقریر الکشف سبباً لحکمها".
فالملاحظ من هذا النص أن موقف المشرع العراقی واضح فی رفع دعوى تهیئة الدلیل أو تثبت الحالة بصورة مستقلة، إذ إنه أجاز لکل من یخشى ضیاع معالم واقعة معینة، یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، أن یتقدم بطلب إلى القضاء المستعجل، لتثبت معالم تلک الحالة، على أن یتقدم بهذا الطلب قبل إقامة الدعوى الموضوعیة فی موضوع النزاع، وفقاً لنص المادة(144) سالف الذکر، وبهذا قضت محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة فی قرار لها بأنه: "... وجد أن المادة(144) من قانون المرافعات المدنیة أجازت لمن یخشى ضیاع معالم واقعة یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، أن یطلب من القضاء المستعجل قبل إقامة دعوى الموضوع، تثبیت الحالة بمعرفة القاضی، أو بواسطة خبیر، وحیث إن الممیز علیه طالب الکشف المستعجل طلب إجراء الکشف موقعیاً لتقدیر المواد والعائدة له، من حدید، وسمنت، ورمل، التی استغلها المطلوب الکشف ضده فی بناء داره والتی کانت مطروحة فی موقع العمل، وکذلک تقدیر أجور الصب باستعمال القالب العائد له مما یکون معه القرار المتخذ بالاستجابة لطلب الکشف الصحیح ..." بمعنى یتم رفع دعوى تهیئة الدلیل بصورة مستقلة وقائمة بذاتها، من دون الارتباط بینها وبین الدعوى الموضوعیة، وهذا مسلک محمود سلکه المشرع والقضاء العراقی، لصیانة الدلیل من خطر الضیاع، إذ لیس من المعقول الانتظار لحین رفع الدعوى الموضوعیة، لتثبیت حالة وقائع من شأنها أن تتبدل أو تختفی سریعاً، لذا أجاز المشرع بصورة صریحة وواضحة لطالب الإجراء بتقدیم طلب إلى القضاء المستعجل لتثبیت الحالة، تمهیداً لرفع الدعوى الموضوعیة وخدمة لها.
یتضح من ما تقدم، أن دعوى تهیئة الدلیل هی إجراء مستقل قائم بذاته، على وفق القانون الفرنسی، والقضاء المصری بعد التعدیل عن موقفها، والقانون العراقی، وأجازوا رفعها بوصفها دعوى مستقلة قائمة بذاتها غیر مرتبطة بالدعوى الموضوعیة، من ما نؤیده، لطبیعتها المستعجلة وهدفها الذی یتمثل فی إثبات الدلیل وتهیئته فی الدعوى الموضوعیة المرفوعة فعلاً أو التی سترفع مستقبلاً، عند حدوث واقعة یخشى علیها من زوال آثارها أو تغیر معالمها بمرور الوقت.
المبحث الثالث
إنهاء دعوى تهیئة الدلیل الإداریة
تنتهی دعوى تهیئة الدلیل، بإنهاء القاضی من إجراء المعاینة بنفسه، أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب، لذلک سنتناول بیان إنهاء دعوى تهیئة الدلیل بواسطة القاضی، أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب فی(المطلب الأول)، ثم سنتناول بیان حجیة الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل فی( المطلب الثانی)، على وفق الآتی:
المطلب الأول
إنهاء دعوى تهیئة الدلیل بوساطة القاضی أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب
تحکم المحکمة بإنهاء دعوى تهیئة الدلیل، عند إفراغ القاضی من إجراء المعاینة، أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب، لذلک سنتناول بیان إنهاء دعوى تهیئة الدلیل بعد إجراء المعاینة من القاضی فی (الفرع الأول)، ثم سنتناول بیان إنهائها بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب فی (الفرع الثانی) على وفق الآتی:
الفرع الأول
إنهاء دعوى تهیئة الدلیل بعد إجراء المعاینة من القاضی
یجوز للقاضی الإداری المستعجل فی فرنسا، فی الحالات التی لا تحتاج إلى خبرة فنیة خاصة، الانتقال إلى محل النزاع لإجراء المعاینة، وتهیئة الدلیل وتثبیته بنفسه، إلا أن ذلک نادراً ما یحدث، ففی قضیة طلب والد أحد المجندین، إثبات حالة بعد أن تعرض ابنه لحادثة تصادم فی أثناء قیادته لسیارة عسکریة، وتناولت الصحف هذه الحادثة بهجوم شدید على السلطات العسکریة، وقد أمر رئیس المحکمة بموجبها بندب أحد القضاة، لإثبات تلک الحالة فی نفس یوم النطق بالحکم، ویحرر القاضی عند قیامه بإجراء المعاینة، محضراً لحالة الأشیاء المطلوب منه إثباتها فحسب، من دون القیام بأی إجراء إضافی آخر وبه تنتهی الدعوى.
أمّا فی مصر فقد استقرت محکمة القضاء الإداری، على أنه لیس ثمة ما یمنع من اتخاذ إجراءات المعاینة على وفق قانون المرافعات،ولا یختلف الوضع کثیراً عن ما هو فی فرنسا، حیث إنه یجوز للقاضی الإداری المستعجل، على وفق نص المادة(133) من قانون الإثبات، الانتقال إلى محل النزاع لمعاینة الوقائع بنفسه، فی الحالات التی لا تحتاج إلى خبرة الفنیة، وفی حالة انتقاله إلى محل النزاع، لإجراء المعاینة بنفسه، فعلیه أن یصدر حکماً یبین فی منطوقه إجراء المعاینة بمعرّفته، مع تحدید التاریخ، والساعة، التی حددها للانتقال إلى محل النزاع، ثم إعلان منطوق الحکم إلى من لم یحضر جلسة المرافعة من الخصوم، ذلک على وفق نص المادة(5) من قانون الإثبات، کونه من حق الخصوم حضور المعاینة، وعلى وفق نص المادة(131/ف2) من قانون الإثبات، إذا انتقل القاضی إلى مکان النزاع، علیه أن یحرر محضراً یبین فیه الأعمال جمیعها المتعلقة بالمعاینة، وإلا کان العمل باطلاً، ویجوز له إذا اقتضى الأمر بموجب المادة(132) من قانون الإثبات، الأمر باستدعاء الشهود لإداء الشهادة، فإذا کان الشاهد موجوداً فی محل النزاع جاز سماعه فوراً، أما إذا کان غائبا جاز استدعاؤه وإن کان بطلب شفوی بمعرفة کاتب المحکمة، ومتى ما أنهى القاضی (حذف) إجراء المعاینة وسماع أقوال الخصوم وملاحظاتهم، تنتهی مهمته ویقضی بإنهاء دعوى تهیئة الدلیل، لأن صحیفة دعوى تهیئة الدلیل بمثابة طلب لإجراء المعاینة، من دون أن یتناول فصلاً فی الخصومة.
ولا یختلف موقف المشرع العراقی، عن ما هو فی فرنسا، ومصر، إذ یجوز لقاضی الأمور المستعجلة، فی الحالات التی لا تحتاج إلى خبرة فنیة خاصة، الانتقال بنفسه إلى محل النزاع لإجراء المعاینة، على وفق المادة(144) من قانون المرافعات المدنیة التی نصت على "...وتثبیت الحالة بمعرفة القاضی أو بواسطة خبیر یراعی فی هذا الشأن الأحکام المتعلقة بالخبرة والکشف"، وتقضی القاضی بإنهاء الدعوى بعد الاستماع إلى أقوال الطرفین، وإجراء الکشف على محل النزاع، وتنظیم محضر بتثبیت الحالة بالشکل الذی کانت علیه، لذا قضت محکمة التمییز فی قرار لها بأنه " لا یجوز للمحکمة أن تتخذ الإجراءات وتنظر فی أصل النزاع الذی یکون بعد إقامة الدعوى وإجراء المرافعة، وإنما ینتهی واجبها عند حدود إجراء الکشف المستعجل وحفظ التقریر لمناقشته أثناء نظر الدعوى التی سترفع".
یتضح مما تقدم أنه متى ما أنهى القاضی الإداری المستعجل من إجراء المعاینة بنفسه، تنتهی مهمته ویقرر إنهاء دعوى تهیئة الدلیل، وفی حقیقة الأمر قیام القاضی بإجراء المعاینة، بنفسه، فی الحالات التی لا تحتاج إلى خبرة فنیة، تکون أسرع، وأقل تکلفة من انتداب الخبیر.
الفرع الثانی
إنهاء دعوى تهیئة الدلیل بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب
یقوم القاضی الإداری المستعجل فی الغالب، بانتداب خبیر لمعاینة إثبات حالة الموضوع، لأعداد تقریر عنها، لأن إثبات الحالة بمعناه البسیط هو "إثبات الخبیر المنتدب من القاضی الإداری المستعجل لوقائع مادیة معینة، قد تکون محل نزاع أمام الجهات القضائیة الإداریة".
فیقوم القاضی الإداری المستعجل فی فرنسا، بانتداب خبیر لإثبات الحالة فی المسائل التی تحتاج إلى الخبرة الفنیة، على وفق المادة(531/ف1،ر) من قانون العدالة الإداری الفرنسی عندما نصت على أنه إذا لم یطلب من قاضی الأمور المستعجلة سوى إثبات حالة الوقائع، فیجوز له بناءً على طلب بسیط تقدم له من دون توقیع من محام وحتى لو فی غیاب قرار إداری مسبق أن یعین خبیراً عملاً بالمادة(221/9) من القانون نفسه، لیقوم من دون تأخیر بإثبات حالة الوقائع التی من شأنها أن تؤدی إلى نزاع أمام الجهات القضائیة.
ولا یکلف الخبیر المنتدب إلا بإجراء عملیة الإثبات، وذلک بإعداد محضر لحالة الأشیاء، والأماکن المطلوب إثباتها، کالوقائع المادیة التی یخشى علیها من التغّیر بمرور الوقت، من دون المساس بالمراکز القانونیة، وبذلک قضت مجلس الدولة الفرنسی فی قضیة(Blancard) "بأن أی مهمة أخرى غیر التحقق المادی تخرج بطبیعتها عن مجال تطبیق إجراءات إثبات الحالة بصفة مستقلة"، و یکون الخبیر المنتدب عادة شخصاً واحداً، إلا أنه لا یمنع أن یعهد القاضی عملیة الإثبات إلى أکثر من خبیر إذا دعت الضرورة، ویجوز للقاضی الأمر بندب خبیر حتى من دون إخطار المدعى علیه المحتمل، هذا وتقریر الخبیر المنتدب یجب أن یکون مفصلاً للوقائع، والأشیاء التی یخشى من زوالها بمرور الوقت، (حذف) ویعد هذا التقریر المرجع الوحید للقاضی عند النظر فی الدعوى الموضوعیة، إذا اختفت أو تبدلت حالتها، و یتم بتقدیم هذا التقریر مفصلاً إنهاء دعوى تهیئة الدلیل.
أمّا فی مصر فیقوم قاضی الأمور المستعجلة بموجب المادة(134) من قانون الإثبات، بندب خبیر لإثبات الحالة، ویتبع بشأنها القواعد المنصوص علیها فی قانون الإثبات فی الباب الخاص بالخبرة، وتقتصر مهمة الخبیر المنتدب بإثبات الوقائع المادیة التی یخشى علیها من فوات الوقت، التی یحتمل أن تصبح محل نزاع فی المستقبل، وإعداد تقریر عنها إلا أنه ذهب فقهاء القانون الخاص فی مصر وبحق، إلى أن جعل مهمة الخبیر المنتدب بتصویر الواقعة المراد إثباتها تصویراً فوتوغرافیاً، على وفق ما ذهب إلیه الفقیه الفرنسی توردیس(Tourdias)، یؤدی إلى فوات الهدف من هذه الدعوى.
وجرى العمل فی مصر على أثرها، بتأکید دور الخبیر المنتدب، لیس تصویر الواقعة المطلوب إثباتها تصویراً فوتوغرافیاً فحسب، وإنما أصبح له بیان سبب الواقعة، وتحدید مداها، ومعاینة البضائع القابلة للتلف فیما إذا کانت تطابق الشروط المتفق علیها أم لم تکن، وبیان قیمة النقص فیها، وإثبات حالة الخلل أو التلف فی بعض المبانی، ومعرفة أسبابها، وتقدیر قیمة المبالغ اللازمة لإصلاحها، وبذلک سلک القضاء الإداری المصری، هذا المنهج الذی سلکه القضاء المستعجل المدنی، لتوسیع مهام الخبیر المنتدب، فی إعداد تقریر عن الوقائع المطلوب إثباتها، لذا قضت محکمة القضاء الإداری المصری فی حکم لها بأنه: "...ندب خبیر لإثبات حالة موجودات إحدى الشرکات التی وضعت تحت الحراسة وتقدیر قیمتها".
وبعد قیام الخبیر المنتدب بإعداد تقریر عن الواقعة المطلوب إثباتها، یحدد القاضی بموجب المادة(134) من قانون الإثبات، جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على هذا التقریر، وتعنی هذه الملاحظات الدفوع الخاصة ببطلان أعمال الخبیر المنتدب لعدم مراعاته للأوضاع الشکلیة التی یوجبها القانون، کما لو أجرى الخبیر المعاینة من دون إخطار الخصوم بموعد انتقاله إلى محل النزاع، أو من دون إخطار الخصوم للحضور أمامه لسماع أقوالهم، أو عدم قیامه بأداء المأموریة على وفق ما رسمه له الحکم القاضی بندبه.
فبعد سماع القاضی هذه الملاحظات إذا تبین له وجود نقص جسیم فی تقریر الخبیر المنتدب، جاز له أن یندب خبیراً آخر، أو یکلف الخبیر نفسه بإکمال الأعمال الناقصة إذا کان قد أغفل بحثها، أما إذا تبین للقاضی بعد سماعه لملاحظات الخصوم، أن تقریر الخبیر المنتدب کان على وفق الأوضاع الشکلیة، وعلى طبق ما رسمه له الحکم القاضی بندبه، وأن ملاحظات الخصوم التی أبدوها على تقریر الخبیر غیر جدیة، ولیس إلا لعرقلة الدعوى، یقضی القاضی بانتهاء الدعوى، لأنها تقتصر على تهیئة الدلیل، وبناءً على ذلک جاء الحکم الصادر فی جلسة 16/4/1986 بأنه: "...وحیث إن الخبیر المنتدب باشر المأموریة المنوطة به وفقاً لما رسمه الحکم القاضی بندبه، وکانت أعماله قد تمت صحیحة شکلاً ووفقاً للقانون ولم تقدم ثمة اعتراضات على هذا التقریر من طرفی التداعی، ومن ثم تقضی المحکمة بإنهاء الدعوى".
وعن موقف المشرع العراقی فقد نصت المادة(144) من قانون المرافعات العراقی، بوصفه الشریعة العامة للقضاء الإداری فی کل ما لم یرد فیه نص خاص فی قانون مجلس الدولةعلى "1- یجوز لمن یخشى ضیاع معالم واقعة، یحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء، أن یطلب من القضاء المستعجل قبل إقامه دعوى الموضوع، وبعد تبلیغ ذوی الشأن الانتقال للکشف، وتثبیت الحالة بمعرفة الحاکم أو بواسطة خبیر، ویراعی فی هذا الشأن الأحکام المتعلقة بالخبرة والکشف. 2- ینظم محضراً بالکشف ویجب أن یشمل تقریر الخبیر على جمیع المسائل التی اقتضاها إجراء الکشف، وتثبیت الحالة، وتحفظ صورة منه فی قلم المحکمة، ولکل من ذوی العلاقة أن یحصل على صورة مصدقة منه...".
فإذا کانت الواقعة المطلوب إثباتها، تستوجب الاستعانة برأی خبیر، وجب على المحکمة تکلیف الطرفین بانتخاب خبیر أو أکثر، بحسب مقتضیات الحالة المطلوب إثباتها، على أن یکون عددهم وتراً، وفی حالة عدم أتفاق الطرفین على تعیین الخبیر، یتولى المحکمة بتعینه قبل إجراء الکشف، لذا قضت محکمة استئناف بابل فی قرار لها "على المحکمة انتخاب الخبیر قبل موعد الکشف لتمکین الخصوم من بیان اعتراضاتهم حول شخص الخبیر".
ویباشر الخبیر المنتدب عمله وإن کان فی غیاب الخصوم، وتقتصر مهمته بإثبات الوقائع المادیة، المطلوب منه إثباتها، التی یخشى علیها من فوات الوقت، کما هی الحال بالنسبة لخبیر المنتدب من قبل القاضی الإداری المستعجل فی فرنسا، وعلى الخبیر المنتدب أن یعد تقریراً بالواقعة المطلوب منه إثباتها، ویصف فیه مشاهدته بموقع الکشف، مع الأمور التی توصل إلیها کافة، والأسباب التی بنى علیها رأیه، وتقدیمها إلى المحکمة وإعطاء صورة منها لمن یطلبها من الخصوم، وإذا وجدت المحکمة أن تقریر الخبیر المنتدب غیر وافٍ، أو إذا وجدت أن تستوضح منه عن أمور معینة لازمة للفصل فی الدعوى، تقرر المحکمة دعوة الخبیر المنتدب لحضور جلسة، سواء أکانت من تلقاء نفسها أم بناء على طلب الخصوم، فلها أن تکلف الخبیر المنتدب بتقدیم تقریر إضافی، لتلافی الخطأ أو النقص فی عمله، أو أن تعهد بذلک إلى خبیر آخر، لذا قضت محکمة التمییز بأنه: "إذا اعترض الخصم على خبرة الخبیر فعلى المحکمة استدعاءه لعرض تلک الاعتراضات علیه لیتولى الرد علیها ولها عند عدم الاقتناع برده أن تعرض الموضوع على ثلاثة خبراء بعد بیان أسیباب عدم اقتناعها بخبرة الخبیر".
أما إذا وجدت المحکمة أن تقریر الخبیر المنتدب، جاء على وفق الضوابط الشکلیة، وقد تضمنت مسائل الواقعة المطلوب إثباتها جمیعها، ولا محل للاعتراض علیه، أو أن ما وقع علیه من اعتراضات قد تم تلافیها، أو إذا تبین أن اعتراضات الخصوم على تقریر الخبیر المنتدب غیر جدیة، ولیست إلا لعرقلة الدعوى، تقرر المحکمة بإنهاء دعوى تثبیت الحالة، لأنها قد استوفت غایتها بإیداع الخبیر المنتدب تقریره، وللطرفین الحصول على صورة مصدقة من محضر الکشف وتثبیت الحالة وفقاً للمادة(144/ف2) من قانون المرافعات المدنیة العراقی.
یتضح من ما تقدم أن دعوى تهیئة الدلیل تنتهی متى ما قام القاضی بإجراء المعاینة بنفسه، أو بتقدم الخبیر المنتدب تقریره عن الواقعة المطلوب إثباتها خالیة من الاعتراضات.
المطلب الثانی
حجیة الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل
لا یختلف الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل، کثیراً عن غیره من الأحکام الصادرة فی الدعاوى المستعجلة، لذا سنتناول بیان حجیة الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل تجاه القاضی المستعجل والخصوم فی(الفرع الأول) ثم سنتناول بیان مدى حجیته تجاه محکمة الموضوع فی(الفرع الثانی) على وفق الآتی:
الفرع الأول
حجیة الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل تجاه القاضی المستعجل والخصوم
لم یمنح المشرع الفرنسی حجیة الشیء المقضی به، للأوامر الصادر عن قاضی الأمور المستعجلة، واعتبرها نافذة بصفة مؤقتة، واستقر علیه قضاء مجلس الدولة الفرنسی، وأیده الفقه، واضفى الصفة ذاتها على الأوامر الصادرة فی دعوى تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة.
وفی مصر فإن الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل کباقی الأحکام الصادر فی الدعاوى المستعجلة، یقید القاضی الإداری المستعجل، ویلزم طرفی الخصومة، إذ لیس للقاضی الإداری المستعجل أن یعدل بحکم ثان عن ما قضى به أولاً، ولیس للخصوم إعادة رفع دعوى تهیئة الدلیل إلیه، بقصد الحصول عل حکم مناقض، أو مغایر للحکم الصادر فی الدعوى الأولى، ما لم یحصل تغییر، أو تعدیل فی الظروف المادیة، أو المراکز القانونیة، فعلى سبیل المثال إذا صدر حکم فی دعوى تهیئة الدلیل، فلا یجوز النظر فیها إذا قدمها المدعی مرة ثانیة، واتحد فیها الخصوم، والموضوع، والسبب، هو أن الظروف المادیة أو المراکز القانونیة لم تتغیر، ویجب على قاضی الأمور المستعجلة، الذی قدم إلیه الطلب المستعجل الجدید، عدم قبوله لسبق الفصل فیه، ذلک من تلقاء نفسه حتى لو لم یدفع به الخصوم، لذا قضت محکمة النقض المصریة "إن کان الأصل فی الأحکام الصادرة فی الأمور المستعجلة أنها لا تحوز حجیة الأمر المقضی به باعتبارها وقتیة، ولا تؤثر فی أصل النزاع، إلا أن هذا لیس یعنی جواز إثارة النزاع الذی فصل فیه القاضی المستعجل من جدید، متى کان مرکز الخصوم هو والظروف التی انتهت بالحکم هی نفسها لم یطرأ علیها أی تغییر، إذ إن هذا یضع بالحکم المستعجل طرفی الخصومة فی وضع ثابت واجب الاحترام، بموجب الأمر المقضی به بالنسبة لنفس الظروف التی أوجبته، ولذات الموضوع الذی کان محل البحث فی الحکم السابق صدوره، وما دام لم یحصل أی تغیر مادی أو قانونی فی مرکز الطرفین یسوغ إجراءً مؤقتاً للحالة الطارئة".
وعن موقف المشرع العراقی نصت المادة(105) من قانون الإثبات على"...إذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغیر أطرافهم...". أی أن حجیة الحکم لا یلزم إلا الخصوم الممثلین فی الدعوى.
خلاصة القول فی ما تقدم، إن الأحکام الصادرة فی دعوى تهیئة الدلیل، أو أی طلب مستعجل، تحوز حجیة الشیء المقضی به کالحکم القطعی، فلا یکون للقاضی على الدعوى بعد الحکم فیها ولایة ما، ما لم تتغیر الظروف المادیة، أو المراکز القانونیة، بحیث إذا تغیرت تلک الظروف زالت هذه الحجیة المؤقتة، وتعاد للقاضی الإداری المستعجل ولایته للنظر فی الطلب من جدید، وبإمکانه إصدار حکم خلافاً للحکم السابق الذی أصدره بما یتناسب والتغیر الجدید.
الفرع الثانی
حجیة الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل تجاه محکمة الموضوع
من المقرر قانوناً أن الأحکام الصادرة فی الدعاوى المستعجلة لا تؤثر فی محکمة الموضوع، ولا حجیة لها أمامها، إذ لا تحوز هذه الأحکام حجیة الأمر المقضی فیه أمام محکمة الموضوع، فلها أن تغیرها أو تعدلها أو لا تأخذ بها، وتسوغ ذلک بأن قاضی الأمور المستعجلة لا یمس أصل الحق ولم یتعرض له، فمن الأکید لا تکون لحکمه حجیة أمام محکمة الموضوع ولا تتقید به، إلا أنه بالنسبة للأحلام الصادرة فی دعوى تهیئة الدلیل أو إثبات الحالة، فأنها تبقى هی وتقاریر الخبراء محل اعتبار أمام قاضی الموضوع، لذا قررت محکمة النقض بأن: "القضاء بإجراء أمر وقتی لا یحوز قوة الشیء المحکوم به فی موضوع النزاع أمام محکمة الموضوع، ویستثنى من ذلک القرارات التی تحصل فی دعاوى إثبات الحالة فهی باقیة مع تقاریر الخبراء محل اعتبار قاضی الموضوع عند الحکم فی أصل النزاع..." والقول بأنها محل نظر، أو محل اعتبار، فلا یلزم قاضی الموضوع بالأخذ بتقریر الخبیر المنتدب، فله أن یأخذ به أو ترکه، لأن رأی الخبیر فی دعوى تهیئة الدلیل لیس إلا عنصراً من عناصر الإثبات مما یدخل فی نطاق السلطة التقدیریة لقاضی الموضوع، ومن باب أولى یجوز له عدم الأخذ بتقریر الخبیر المنتدب من القضاء المستعجل إذا لاحظ على التقریر عدم صحته، أو تبین له أنه منافٍ للحقیقة، أو کان هناک نقص فی أداء المأموریة، أو غیر ذلک من العیوب، لذا قضت محکمة التمییز بأنه "لمحکمة الموضوع الحق فی أن لا ترکن إلى الکشف المستعجل وأن تجری کشفاً بمعرفة خبراء بإشرافها إذا کان الکشف غیر صالح للحکم".
إذن تکون الأحکام الصادرة فی دعوى تهیئة الدلیل مرعیة أمام محکمة الموضوع، إلا إذا استجد سبب أمام محکمة الموضوع یدعو إلى غیر ذلک، ویلاحظ من نص المادة(144/ف4) من قانون المرافعات المدنیة العراقی، والمادة(131) من قانون الإثبات أنه خیرت محکمة الموضوع فی الأخذ بتقریر الکشف أو المعاینة سبباً لحکمها، فلها الأخذ به فی حالة اقتناعها بصحة التقریر، وخلوه من کل اعتراض یخل بصحته.
إلا أن القضاء العراقی ذهب فی بعض أحکامه على خلاف ما ذهب إلیه المشرع، عندما قضت محکمة التمییز فی قرار لها بأن: "الکشف المستعجل لا یصلح وحده سنداً للحکم إذ لابد للمحکمة من إجراء الکشف أثناء المرافعة"، وقضت محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة فی قرارٍ لها بأنه " بإمکان الممیز الطعن بتقاریر الخبراء وإعادة الکشف بمعرفة خبراء آخرین عند إقامة الدعوى"، یتضح من هذه الأحکام أن الکشف المستعجل وحده لا یصلح أن یکون سبباً للحکم، ویمکن إعادته بمعرفة خبراء آخرین عند إقامة الدعوى، إلا أنه لا نؤید ما ذهب إلیه القضاء العراقی، لأن دعوى تهیئة الدلیل، تهدف إلى تثبیت حالة واقعة یخشى علیها من ضیاع معالمها، واندثار آثارها، ویؤدی إجراء کشف جدید للواقعة عند إقامة الدعوى الموضوعیة، إلى فوات الهدف من هذه الدعوى التی لا تحتمل التأجیل والتأخیر، لذا نؤید موقف المشرع عندما أجاز لمحکمة الموضوع أن تتخذ من تقریر الکشف سببا لحکمها.
الخاتمـة
بعد أن انتهینا من کتابة هذا البحث توصلنا إلى جملة من الاستنتاجات والتوصیات یمکن أجمالها على وفق الآتی:
أولاً: الاستنتاجات
1- لم یعرّف القانون العراقی والقوانین المقارنة دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بصورة صریحة، وواضحة ما أدى إلى تباین أراء الفقهاء فی تعریفهم لهذه الدعوى.
2- لم ینظم المشرع العراقی دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بنصوص خاصة فی قانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979المعدل، واکتفى بالإحالة الى القواعد العامة فی قانون المرافعات المدنیة رقم 83 لسنة 1969 المعدل، ویعد ذلک قصوراً للتنظیم القانونی لدعوى تهیئة الدلیل الإداریة یستلزم تلافیه.
3- لا یستلزم لقبول دعوى تهیئة الدلیل الإداریة الأهلیة الکاملة للتقاضی، نظراً لطبیعتها المستعجلة، ذلک وفقاً للقانون الفرنسی، والمصری، على خلاف القانون العراقی الذی یشترط على طرفی الدعوى الأهلیة الکاملة للتقاضی، وهذا لا یتناسب مع طبیعة دعوى تهیئة الدلیل الإداریة.
4- ذهب القضاء العراقی فی بعض أحکامه إلى أن الکشف المستعجل وحده لا یصلح أن یکون سبباً للحکم، وبالإمکان إعادته بمعرفة خبراء آخرین عند إقامة الدعوى، إلا أن هذا لا یتناسب مع طبیعة دعوى تهیئة الدلیل الإداریة، کون إجراء کشف جدید للواقعة عند إقامة الدعوى الموضوعیة قد تؤدی إلى فوات الهدف من هذه الدعوى التی لا تحتمل التأخیر، والتأجیل.
5- شُرعت دعوى تهیئة الدلیل الإداریة لإثبات الوقائع التی یخشى علیها من زوال آثارها أو ضیاع معالمها، من خلال تصویر تلک الآثار أو المعالم واستخدامه کدلیل لخدمة الدعوى الموضوعیة.
6- تتقید دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بضرورة توافر ضابط الاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق، فضلاً عن الضوابط الشکلیة ممثلةً بالمصلحة، والصفة، والأهلیة.
7- یعد ضابط الاستعجال المبرر لقبول دعوى تهیئة الدلیل الإداریة متوفراً فی کل حالة یقصد منها إثبات قیمة کل ضرر یخشى زیادته، بحیث لا یمکن إصلاحه مستقبلاً.
8- دعوى تهیئة الدلیل الإداریة هی إجراء مستقل قائم بذاته وفقاً لکل من القانون الفرنسی، والقضاء المصری بعد التعدیل عن موقفهما السابق، والقانون العراقی، ویجوز رفعها کدعوى مستقلة قائمة بذاتها غیر مرتبطة بالدعوى الموضوعیة.
9- تنتهی دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بانتهاء القاضی من إجراء المعاینة بنفسه، أو بتقدیم تقریر الخبیر المنتدب.
10- الحکم الصادر فی دعوى تهیئة الدلیل الإداریة، یقید القاضی الإداری المستعجل وطرفی الخصومة، إلا أنه یبقى هذا الحکم وتقاریر الخبراء محل اعتبار أمام قاضی الموضوع فله أن یأخذ به أو ترکه.
ثانیاً: التوصیات
1- نقترح على المشرع العراقی أن یحذو حذو المشرع الفرنسی بتنظیم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بنصوص قانونیة مستقلة، أو على الأقل وضع نصوص خاصة فی قانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل، وبیان کافة القواعد القانونیة المتعلقة بها، وعدم الاکتفاء بالقواعد العامة فی قانون المرافعات المدنیة رقم 83 لسنة 1969 المعدل.
2- نوصی المشرع العراقی بأن ینظم إجراءات التقاضی فی دعوى تهیئة الدلیل الإداریة بنصوص قانونیة خاصة، ومستقلة عن قانون المرافعات المدنیة، ذلک لاختلاف المنازعات الإداریة، عن المنازعات المدنیة.
3- نوصی المشرع العراقی بالسماح للخصوم بتقدیم دعوى تهیئة الدلیل الإداریة، حتى وإن لم تتوفر الأهلیة الکاملة للتقاضی، نظراً لطبیعتها المستعجلة، ذلک من خلال تعدیل نص المادة(3) من قانون المرافعات المدنیة العراقی بوصفه مرجعاً للقضاء الإداری لتقرأ کالآتی:
"یستلزم أن یکون کل من طرفی الدعوى متمتعاً بالأهلیة التامة، وإلا وجب أن ینوب عنه من یقوم مقامه قانوناً، عدا الدعاوى المستعجلة فلا تستلزم الأهلیة التامة للتقاضی لأن الحکم المطلوب فیها حکماً وقتیاً لا یمس أصل الحق ".
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books
1- Dr.Abdul Aziz Abdul Moneim Khalifa, Urgent Requests in the District of the State Council, Knowledge Facility, Alexandria, 2008.
2-Dr.Abdul Aziz Abdul Moneim Khalifa, Urgent Administrative Matters, E2011, House of al-Fikr and Law, Mansoura, 2011.
3-Dr. Abdul Rauf Hashim Bassiouni, Administrative Proceedings, First Edition, University Thought House, Alexandria, 2007.
4-Dr.Abdel Fattah Abu Al-Layl, The judiciary of legitimacy, Arab Renaissance House, Abdul Khaleq Tharwat Street, 1998.
5-Dr.Ali eddine Zidan, Mediator in The Urgent Judiciary, Second Edition , House of Shadi judicial encyclopedias, Cairo, 2018.
6-Dr.Ammar Saadoun Hamed Al Mashhadani, Urgent Judiciary, First Edition, Shatt Publishing and Software, Egypt,2011.
7- Dr.Abdul Rahman al-Allam, Iraqi Pleading Rules, Part II, House of al-Tadamon, Baghdad, 1962.
8-Dr.Burhan Zureik, Urgent Lawsuit in Administrative Justice, First Edition, Without Publishing, Without A Place of Publication, 2017.
9-Dr.Burhan Zureik, Principles and Rules of Administrative Justice Procedures, First Edition, Law Library, Damascus, 2011.
10- Dr.Hussein Abdel Salam Jaber, Urgent Requests in the District of the Council of State, Without Edition, Law Books, Egypt, 2005.
11-Dr.Hassan Akush, Urgent Judiciary in Jurisprudence and Justice, Modern Cairo Library, Cairo, under the year of publication.
12-Dr.Ibrahim Al-Manji, Summary Justice and Execution, First Edition, Knowledge Facility, Alexandria, 1999.
13-Dr.Kamal eddin Mounir, Administrative Urgent Matters, Part 1, Second Edition, Without Publishing, Without Place of Publication,1990. 14-Dr.Kamal eddin Mounir, Administrative Urgent Matters, Part II, Second Edition, Without Publishing, Without Place of Publication, 1990.
15-Dr.Khamis Mr. Ismail, cancellation and suspension of administrative decision, Volume II, House of Mahmoud, Cairo, without the year of publication.
16-Dr.Mohamed Sayed Ahmed Abdel Kader, towards a general idea of urgent justice in the law of pleadings, without the edition, Arab Renaissance House, Cairo, 1996.
17-Dr.Mohammed Ali Rabet, Mohammed Nasreddine Kamal, Mohammed Farouk Rabet, Urgent Matters, Part 1, Modern Printing House, Beirut-Lebanon, without a year of publication.
18-Dr.Muhammad Ali Rushdi, Judge of Urgent Matters, No Edition, Egyptian Book House, Without Place of Publication, 1939.
19-Dr.Mahmoud Adnan Mekkia, Guide to Urgent Matters, First Edition, Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut, 2009.
20-Dr.Mustafa Magdi Herja, Judgments and Opinions in Summary Justice and Temporal Execution, Dar al-D'Ta'ad, Cairo, 1986.
21-Dr. Mustafa Kamal Wasfi, Origins of Administrative Justice Proceedings in accordance with Law No. 47 of 1972, Section 1, Second Edition, Amana Press, Cairo, 1972.
22-Dr.Mustafa Magdi Herja, New Judicial Encyclopedia in Urgent Justice, House of Thought and Law, Mansoura, 2005.
23-Dr.Mohammed Ibrahim Al-Falahi, Urgent and State Justice, First Edition, Sabah Press, Baghdad, 2013.
24-Dr.Mohamed Maher Abu Al-Ain, Evolution of The Abolition Is, Without Edition House Abu Al-Muqal print, Cairo, 2009.
25-Dr.Nasrin Jaber Hadi, Urgent Administrative Judiciary, First Edition, Arab Center for Distribution and Publishing, Cairo, 2017.
26-Dr.Ramadan Jamal Kamel, Explaining the Case Proof Suit, Fourth Edition, National Center for Legal Publications and Al-Alfi House for the Distribution of Legal Books in Minya, Cairo, without the year of publication.
27-Dr.Safaa al-Aref, Urgent Proceedings, Salman Al-Azami Press, Baghdad, 1957.
28-Dr. Sayed Ahmed Mahmoud, Assets of Litigation in accordance with the Law of Pleadings, Without Edition, Without Publishing, Without Place of Publication, 2005
29- Dr.Saif al-Nasr Suleiman, Summary Justice and Execution, Volume, First Edition ,House of Mahmoud, Cairo, 2017.
30-Dr.Sherif Ahmed AL tibakh, Encyclopedia of Suits, First Edition, House of Thought and Law, Mansoura, 2016.
31-Dr.Wajdi Shafiq, Case Proof Suit, First Edition, Al Talal Publishing and Distribution Company, Mohammed Farid Street, First Floor, Egypt, 2015.
32-Dr.Yasin Ghanem, Urgent Judiciary and Its Practical Problems in the Arab World, First Edition, Without Publishing House, Tartus, 1999.
33-Dr.Zia Sheib AL khitab, Explanation of The Iraqi Civil and Commercial Pleadinglaw Law, Al-Ani Press, Baghdad, 1967.
Second: Thesis
1-Reza Barkiel, Administrative Emergency Action In Accordance with the Civil and Administrative ProcedureS Act, Master's Letter submitted to the Council of the Faculty of Law and Political Science, Mouloud Mamari University- Tizi Ouzou, 2014.
2-Ghani Amina, Urgency in Administrative Materials in Civil and Administrative Procedure Law, Master's Letter submitted to the Faculty of Law Council, University of Oran,2012.
3-Montazer Sabah Siwan Al Hassoun, The Limits of Administrative Jurisdiction in Disputes for Urgent Disputes, Master's Thesis, Introduction to the Council of the Faculty of Law and Politics, Basra University,2018.
4-Nada Hamza Sahib al-Rubaie, Urgent Judiciary and Its Applications in Iraqi Civil Litigation Law, Master's Letter to the Faculty of Law Council, Nahrein University, 2008.
Third: Unpublished decisions
1-Basra Court of Appeal's decision as discriminatory, No. 26/Disclosure/2018, on 17 January 2019, the decision is not published.
Fourth: Laws
1-Iraqi laws
(a) The Amended Iraqi Civil Pleading law No. 83 of 196
(b) The Amended Law of the Council of State of Iraq No65 of 1979.
Iraqi Proof Law No. 107 of 1979((c
2-Egyptian law
a- Egyptian Proof Law No. 25 of 1968
b- Egyptian State Council Law No. 47 of 1972.
c- Egyptian Civil and Commercial Litigation Law No. 13 of 1986
3-French laws
a- French Administrative Justice Act No. 597/2000 for 2000