الموضوعات
أصل المقالة
موقف الاتفاقیة العربیة لمکافحة جرائم تقنیة المعلومات* من جریمة اتلاف الهاتف النقال-(*)-
إسراء یونس هادی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Israa Younes Hadi College of law / University of Mosul Correspondence: Israa Younes Hadi E-mail: |
(*) مقال مراجعة.
Doi: 10.33899/alaw.2020.164129
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
ظهرت المعلوماتیة ووسائل الاتصال فی الحقبة الاخیرة فی صور عدد من التقنیات الحدیثة التی تغیر معها معالم الاتصال على وجه الارض، واصبحت جزء من الثقافة فی هذه الحقبة فی منهج النظام البصری والسمعی من خلال الملایین من البینات والصور والارقام التی یتم بثها واستقبالها فی کل العالم، حیث شکلت مادة ثقافیة مستهلکة فی مجتمعنا وترکت اثار واضحة على هویة المجتمع العربی من خلال وسائل الاتصال العلمیة الحدیثة المتمثلة بالإنترنیت والفضائیات وتقنیات الهواتف المحمولة([1])، ولا یغنی عن الذهن فی ان التطور التکنلوجی له من المزایا ما یجعله نعمة ینعم بها بنی البشر، ولکن فی الوقت نفسه فان هناک عیوب تجعل منه فی احیان اخرى نقمة اذا ما استخدم بصورة سیئة تجعل منه خطراً یهدد الحیاة او یتجاوز على خصوصیات الاخرین، وهذا هو حال جهاز الهاتف النقال او جهاز الموبایل، فانه فی الوقت الذی یوفر کثیراً من الاموال ویختصر کثیراً من الوقت والجهد الا انه وبنفس الوقت قد یستخدم استخدامات سیئة، الامر الذی یحتم ان یکون هناک تنظیم قانونی وتشریعی واضح لمواجهة الاستخدامات السیئة کإتلاف البیانات الموجودة فی انظمة الجهاز([2]).
والمعروف ان عالم الانترنیت هو عالم حر من کل قید، والحال نفسه بالنسبة للهاتف المحمول فلا یوجد قید على استخدامه، فیجد فیه اکثر وسیلة للتسلیة وملئ الفراغ، او ان یجد فیه بعض ضعاف النفوس وسیلة لإشباع الرغبات والاعتداء على الاشخاص، والاتلاف یتم من خلال برامج الفیروسات، والفیروس: هو عبارة عن برمجیات مشفرة للحاسب الالی یتم تصمیمها بهدف محدد وهو احداث اکبر ضرر ممکن بالأنظمة الالکترونیة([3])، وتتمیز الفیروسات بقدرتها على ربط نفسها بالبرامج الاخرى واعادة نفسها حتى تبدو وکأنها تتکاثر وتتولد ذاتیاً، بالإضافة الى قدرتها على الانتشار من نظام الى اخر بحیث یمکنها ان تنتقل عبر الحدود من أی مکان فی العالم، وینتقل الفیروس الى جهاز الضحیة اما عن طریق جهاز المحادثة او عند تنزیل احد البرامج التی یحتاجها المستخدم عن طریق احد مواقع الانترنیت غیر الامنة([4]).
والاتلاف فی مجال الهاتف النقال قد یقع على المکونات المادیة له او احد ملحقاته کالشریحة او الکارت میموری او غیرها مما لها علاقة بهذا المجال، وهذا یسمى اتلافاً مادیاً، وقد بقع الاتلاف على المکونات او الکیانات المنطقیة للهاتف النقال، والتی یقصد بها کل العناصر غیر المادیة التی یتکون منها نظام الهاتف، کالمعلومات والبیانات والبرامج على اختلاف انواعها ووظائفها([5]).
ونتیجة لخطورة هذه التقنیة اذا ما استخدمت بصورة سیئة من قبل مستخدمها، فقد حرصت الاتفاقیة العربیة لمکافحة جرائم تقنیة المعلومات على توفیر حمایة للبیانات المعالجة الکترونیاً من الاتلاف المعلوماتی، فجرمت الاتفاقیة العربیة المکافحة جرائم تقنیة المعلومات- الصادرة عن جامعة الدول العربیة بشان مکافحة جرائم تقنیة المعلومات فی 21/12/2010- افعال الاعتداء على سلامة البیانات، فتناولت احکام جریمة الاتلاف فی المادة (الثامنة) من الاتفاقیة والتی جاء نصها کالتالی: "تلتزم کل دولة طرف بتجریم الافعال التالیة – وذلک وفقاً لتشریعاتها وانظمتها الداخلیة:
ما ان الاتفاقیة العربیة جرمت ایضاً افعالاً اخرى تمس جریمة الاتلاف للبیانات والمعلومات من ذلک ما نصت علیه الفقرة (أ) من البند (1) من المادة (التاسعة) منها- انتاج، او بیع، او شراء، او استیراد، او توزیع، او توفیر أی ادوات او برامج مصممة او مکیفة لغایات ارتکاب الجرائم المبینة فی المادة الثامنة.
ونصت فی القفرة (ب) من البند (1) من المادة (التاسعة)، على تجریم انتاج، او بیع، او شراء، او استیراد، او توزیع، او توفیر کلمة سر نظام معلومات، او شفرة دخول، او معلومات مشابهة، یتم بواسطتها دخول نظام معلومات ما بقصد استخدامها لأی من الجرائم المبینة فی المادة الثامنة.
کما نصت فی البند (2) من المادة (التاسعة) على تجریم حیازة أی ادوات او برامج مذکورة فی الفقرتین (أ، ب) من البند (1) بقصد استخدامها لغایات ارتکاب أی من الجرائم المذکورة فی المادة الثامنة.
والمصطلحات التی اوردت تعریفها الاتفاقیة تتمثل بالاتی([6]): بتقنیة المعلومات هی: "أی وسیلة مادیة، او معنویة، او مجموعة وسائل مترابطة، او غیر مترابطة، تستعمل لتخزین المعلومات، وترتیبها، وتنظیمها، واسترجاعها، ومعالجتها، وتطویرها، وتبادلها، وفقاً للأوامر والتعلیمات المخزن بها، ویشمل ذلک جمیع المدخلات والمخرجات المرتبطة بها سلکیاً او لاسلکیاً فی نظام او شبکة"، اما النظام المعلوماتی فهو "مجموعة برامج وادوات معدة لمعالجة وادارة البیانات والمعلومات"، والشبکة المعلوماتیة تتمثل بـ "ارتباط بین اکثر من نظام معلوماتی للحصول على المعلومات وتبادلها".
اما البیانات فیقصد بها "کل ما یمکن تخزینه، ومعالجته، وتولیده، ونقله، بواسطة تقنیة المعلومات، کالأرقام، والحروف، والرموز، وما الیها...".
نلاحظ من النصوص التی اوردتها الاتفاقیة العربیة ان الهدف منها هو: اضفاء الحمایة الجنائیة على البیانات المعالجة الکترونیاً من الاتلاف او التعدیل او الاعاقة المعتمدة، بما فی ذلک تجریم التعامل بالبیع او الشراء او الاستیراد او الحیازة لأدوات او برامج او کلمات سر او شفرات دخول او معلومات تستخدم فی ارتکاب تلک الجرائم. کما انها ارجعت تجریم الافعال السالفة الذکر الى التشریعات والانظمة الداخلیة لکل دولة.
وفیما یتعلق بالتشریع العراقی فانه لم ینص على عقوبة جدیدة للإتلاف المرتکب عبر شبکة الانترنیت اذا ما وقعت على الهاتف النقال، حیث انه یدرج الجرائم الالکترونیة التی ترتکب عبر الوسائل الالکترونیة تحت نصوص القوانین القدیمة ویتم تطبیق قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
وبموجب المادة (477) من القانون اعلاه فقد نصت على تجریم فعل الاتلاف الذی یطال اموال المجنی علیه حیث نص على انه: (مع عدم الاخلال بأیة عقوبة ینص على هذا القانون: 1- یعاقب بالحبس مدة لا تزید على سنتین وبغرامة لا تزید على مائتی دینار او بإحدى هاتین العقوبتین من هدم او خرب او اتلف عقاراً ام منقولاً غیر مملوک له او جعله غیر صالح للاستعمال او اضر به او عطله بأیة کیفیة کانت). نلاحظ من خلال هذا النص انه لا یثیر أی مشکلة اذا ما وقع النشاط الاجرامی على الهاتف النقال او احدى مکوناته المادیة کبطاریة الشحن او شاشة الهاتف او شریحة الهاتف او شریحة الذاکرة، فإنها تدخل ضمن نطاق الاموال المادیة التقلیدیة التی تصح ان تکون محلاً لجریمة الاتلاف.
الا المشکلة تثور عندما تقع الجریمة على المکونات المعنویة من البرامج والمعلومات التی تحتویها ملفات الهاتف النقال، فیعمد الجانی الى اتلاف هذه البرامج او المعلومات او یعطلها او یتلفها بأیة طریقة کانت، فی هذه الحالة هل یصح ان تکون هذه الرامج والمعلومات للهاتف النقال محلاً لجریمة الاتلاف؟
نرى ان البرامج والمعلومات التی یحویها الهاتف النقال یمکن ان ینطبق علیها نص المادة (477) من قانون العقوبات العراقی على اعتبار ان هذه الاموال لها قیمة مالیة تفوق کثیر من الاشیاء المادیة، کما ان نص الماد (477) لم یشترط ان یتم الاتلاف بوسیلة معینة او ان المال الذی وقع علیه الاتلاف له صفة معینة، فالمال الذی تعرض للإتلاف ما دام له قیمة معینة، وکان الهاتف النفال مملوک لغیر الجانی، فیمکن ان تتحقق به الجریمة، لان الجانی لو کان مالکاً للهاتف وقام بإتلافه بنفسه فلا جریمة فی هذا الحال لان المالک له الحق فی ان یتصرف فی ماله بالکیفیة التی یرید ولو قام بإتلافه.
المصـادر
1- احمد حمد الله احمد، جریمة الاتلاف الواقعة على الهاتف النقال، بحث منشور على موقع الانترنیت:
https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=96308.
2- د. حسین بن سعید الغافری، السیاسة الجنائیة فی مواجهة جرائم الانترنیت، اطروحة دکتوراة، کلیة الحقوق، جامعة عین شمس، بدون سنة طبع.
3- د. محمد ابراهیم سعد النای، جرائم الانترنیت بین الشریعة الاسلامیة والقوانین الوضعیة، دراسة مقارنة، ط1، مکتبة الوفاء القانونیة، الاسکندریة، 2017.
4- محمد مصطفى الشقیری، السریة المعلوماتیة ضوابطها واحکامها الشرعیة للباحث، ط1، دار البشائر الاسلامیة، 2008.
5- محمود محمد محمود جابر، الجرائم الناشئة عن استخدام الهواتف النقالة (جرائم نظم الاتصالات والمعلومات)، دراسة مقارنه فی التشریع المصری والفرنسی والامریکی والاتفاقیات الدولیة والاقلیمیة، المکتب الجامعی الحدیث، 2017.
The Author declare That there is no conflict of interest