الملخص
تعد الاثار ومن بینها المواقع الاثریة السجل التاریخی للشعوب والأمم، فهی تمثل العمق التاریخی الذی یظهر ما مر به الانسان وما توصل الیه من إنجازات عبر مراحل زمنیة متعاقبة.
وفضلاً عن الأهمیة التاریخیة للمواقع الاثریة لکونها المعین للشعوب والأمم فإنها من اهم الوسائل لتنمیة القطاع السیاحی بعدها طریقة لجذب الزوار الذین یقصدون هذه المواقع للتعرف على ما تحمله من دلالات للأحداث والتجارب التی مر بها الانسان فی العصور والازمنة السالفة.
وإدراکاً لأهمیة المواقع الاثریة وضرورة حمایتها والمحافظة علیها سواء من تأثیرات الطبیعة المتمثلة بعوامل البیئة والمناخ ام من الاعتداءات التی یمکن أن تقع من الانسان ذاته کعملیات التخریب والسرقة، بادر الاتفاقیات الدولیة والتشریعات الوطنیة الى وضع الالیات اللازمة لحمایة المواقع الاثریة والمحافظة علیها.
ونتلمس على مستوى دولة الامارات العربیة اهتماماً واضحاً بحمایة الاثار عموماً والمواقع الاثریة على وجه الخصوص، فعلى مستوى الاتحاد نجد ان المشرع الاماراتی أصدر القانون الاتحادی رقم 6 لسنة 2008 وذلک بإنشاء مجلس وطنی للسیاحة والاثار ثم عززه بالقانون الاتحادی رقم 11 لسنة 2017 بشأن حمایة الاثار، وعلى المستوى المحلی، نجد أن المشرع المحلی فی امارة الشارقة قد بادر مبکراً الى توفیر الحمایة القانونیة للمواقع الاثریة فصدر القانون رقم 1 لسنة 1991 تحت مسمّى قانون الاثار، وصدر مؤخراً القانون رقم 2 لسنة 2017 والمسمى "قانون تنظیم هیئة الشارقة للآثار".
وتحاول هذه الدراسة الوقوف على صور الحمایة القانونیة التی قررتها التشریعات فی دولة الامارات العریة المتحدة للمواقع الاثریة للوقوف على مدى کفایتها وناجعتها بما یوفر حمایة حقیقیة وفعلیة لها متبعین فی ذلک المنهج التحلیلی والاستقرائی للنصوص التشریعیة التی صدرت بهذا الصدد.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
الجديد في البحث
تحاول هذه الدراسة الوقوف على صور الحمایة القانونیة التی قررتها التشریعات فی دولة الامارات العریة المتحدة للمواقع الاثریة للوقوف على مدى کفایتها وناجعتها بما یوفر حمایة حقیقة وفعلیة لها متبعین فی ذلک المنهج التحلیلی والاستقرائی للنصوص التشریعیة التی صدرت بهذا الصدد.
أصل المقالة
الحمایة القانونیة للمواقع الأثریة فی التشریع الإماراتی-(*)-
The protection of Archeological Sites in the United Arab Emirates Law
أبو بکر أحمد عثمان کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Abu Bakr Ahmad Othman College of law / University of Mosul Correspondence: Abu Bakr Ahmad Othman E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 24/11/2019 *** قبل للنشر فی 31/12/2019.
(*) Received on *** accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2020.163437
© Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تعد الاثار ومن بینها المواقع الاثریة السجل التاریخی للشعوب والأمم، فهی تمثل العمق التاریخی الذی یظهر ما مر به الانسان وما توصل الیه من إنجازات عبر مراحل زمنیة متعاقبة.
وفضلاً عن الأهمیة التاریخیة للمواقع الاثریة لکونها المعین للشعوب والأمم فإنها من اهم الوسائل لتنمیة القطاع السیاحی بعدها طریقة لجذب الزوار الذین یقصدون هذه المواقع للتعرف على ما تحمله من دلالات للأحداث والتجارب التی مر بها الانسان فی العصور والازمنة السالفة.
وإدراکاً لأهمیة المواقع الاثریة وضرورة حمایتها والمحافظة علیها سواء من تأثیرات الطبیعة المتمثلة بعوامل البیئة والمناخ ام من الاعتداءات التی یمکن أن تقع من الانسان ذاته کعملیات التخریب والسرقة، بادر الاتفاقیات الدولیة والتشریعات الوطنیة الى وضع الالیات اللازمة لحمایة المواقع الاثریة والمحافظة علیها.
ونتلمس على مستوى دولة الامارات العربیة اهتماماً واضحاً بحمایة الاثار عموماً والمواقع الاثریة على وجه الخصوص، فعلى مستوى الاتحاد نجد ان المشرع الاماراتی أصدر القانون الاتحادی رقم 6 لسنة 2008 وذلک بإنشاء مجلس وطنی للسیاحة والاثار ثم عززه بالقانون الاتحادی رقم 11 لسنة 2017 بشأن حمایة الاثار، وعلى المستوى المحلی، نجد أن المشرع المحلی فی امارة الشارقة قد بادر مبکراً الى توفیر الحمایة القانونیة للمواقع الاثریة فصدر القانون رقم 1 لسنة 1991 تحت مسمّى قانون الاثار، وصدر مؤخراً القانون رقم 2 لسنة 2017 والمسمى "قانون تنظیم هیئة الشارقة للآثار".
وتحاول هذه الدراسة الوقوف على صور الحمایة القانونیة التی قررتها التشریعات فی دولة الامارات العریة المتحدة للمواقع الاثریة للوقوف على مدى کفایتها وناجعتها بما یوفر حمایة حقیقیة وفعلیة لها متبعین فی ذلک المنهج التحلیلی والاستقرائی للنصوص التشریعیة التی صدرت بهذا الصدد.
الکلمات المفتاحیة: المواقع الاثریة، الحمایة القانونیة، الحمایة الإداریة.
Abstract
Ancient monuments and archaeological sites are global records of the world history. these sites present the historical depth of each country that demonstrates what man has gone through and the accomplishments has been attained over successive stages of time. In addition to its historic importance, these sites are of public interest by reasons of traditions, artistic, archeological interest. Thus, historical sites are considered an important source to develop tourism and to attract tourists to visit these historical places and learn about their history. Therefore, international treaties and national laws protect these sites as heritage assets and emphasising the importance of conserving and enhancing these sites . the UAE law protects ancient monuments and archaeological sites. The legislator issued Federal Law ( 6 /2008) which established the National Council for Tourism and Archeology. This Law is later reinforced by Federal Law ( 11/ 2017) on the Protection of Archaeological Sites. On the local level, the legislator of Sharjah took an early initiative to provide legal protection for archaeological sites. The Antiquities Law ( 1 )was passed in 1991, then followed by Law ( 2 /2017) regulating Sharjah Archeology Authority. This study aims at finding out the legislative protections provided to archeological sites under the emirate law following an analytical and inductive research method of relevant laws and regulations.
Keyword: administrative protection, legal protection, archeological sites.
المقدمـة
التعریف بالموضوع: تشکل المواقع الاثریة الصورة الأهم من الأموال الاثریة، فهی الشواخص الحیة التی تشیر إلى وجود الإنسان فی الفترات الزمنیة المتعاقبة وما خلفه من معالم فنیة وحضاریة وعلمیة، وهی بذلک تشکل ذاکرة للأمم والدلیل العلمی الذی یثبت وجود حضارة الإنسان ومن ثم فإن وجود هذه المواقع الاثریة هو توثیق حی لوجود حضارات الشعوب والأمم.
ولأهمیة الاثار فإنها أصبحت تشکل عاملاً مهما فی الجذب السیاحی ومن ثم(حذف) أضحت من مصادر الدخل القومی بالنسبة لعدید من الدول.
وإدراکاً لأهمیة الاثار عموماً والمواقع الاثریة خصوصاً اتجه المشرع الإماراتی سواء على مستوى الاتحاد أم على المستوى المحلی لإمارة الشارقة إلى سن تشریعات خاصة بالأموال الاثریة مستهدفاً تنظیم هذا النوع من الأموال وتوفیر الحمایة فعدها من أموال الدولة العامة ووفر لها الحمایة بصورها المدنیة والإداریة والجنائیة توقیاً لأیة مخاطر قد تحیق بها.
أهمیة الموضوع: نظراً للأهمیة التی تشکلها المواقع الاثریة سواء من الناحیة الاعتباریة بوصفها ذاکرة الامة وتجسیداً لوجودها الحضاری ام ناحیة کونها تشکل مصدراً للدخل القومی بوصفها وسیلة للجذب السیاحی فإنها أضحت محلاً للاستهداف سواء المقصود منه بقصد الربح المادی او بقصد النیل من حضارة الامة أم غیر المقصود نتیجة للأنشطة العامة للدولة أو للأنشطة الفردیة، لذا باتت دراسة وتقییم موضوع توفیر الحمایة للمواقع الاثریة ذات أهمیة کبیرة لاسیما فی الدول التی لیس لها تجربة طویلة فی هذا المجال.
مشکلة الدراسة: تتمثل مشکلة الدراسة فی النواحی الاتیة:
1. ما هو المعیار أو الضابط الذی اعتمده المشرع الإماراتی فی تحدید ما یعد مالاً اثریاً.
2. ما هو مرکز المواقع الاثریة من أموال الدولة العامة.
3. مدى کفایة الحمایة القانونیة التی قررها المشرع الإماراتی للمواقع الاثریة.
منهجیة الدراسة: اتبعنا فی دراستنا المنهج التحلیلی والاستقرائی للنصوص التشریعیة التی صدرت بهذا الصدد.
هیکلیة البحث: قسمنا خطة البحث على وفق ما یأتی:
المبحث الأول: ماهیة المواقع الاثریة.
المطلب الأول: مفهوم الأموال الاثریة.
المطلب الثانی: تعریف المواقع الاثریة.
المطلب الثالث: الطبیعة القانونیة للمواقع الاثریة.
المبحث الثانی: الحمایة المدنیة للمواقع الاثریة.
المطلب الأول: عدم جواز التصرف بالمواقع الاثریة.
المطلب الثانی: عدم جواز تملک المواقع الاثریة بالتقادم أو الحجز علیها.
المطلب الثالث: تقریر حقوق الارتفاق للمواقع الاثریة.
المبحث الثالث: الحمایة الإداریة للمواقع الاثریة.
المطلب الأول: الهیئات المختصة بتنظیم وضبط مجال الاثار فی دولة الإمارات العربیة المتحدة.
المطلب الثانی: إجراءات الضبط الإداری لحمایة المواقع الاثریة.
المبحث الرابع: الحمایة الجنایة للمواقع الاثریة.
المطلب الأول: ارکان الجریمة الواقعة على المواقع الاثریة
المطلب الثانی: أهم صور الجرائم الواقعة على المواقع الاثریة فی التشریع الإماراتی.
المبحث الأول
ماهیة المواقع الاثریة
لغرض الوقوف على ماهیة المواقع الاثریة سنستعرض مفهوم الأموال الأثریة فی التشریع الإماراتی فی المطلب أول، ثم نبین تعریف المواقع الاثریة وانواعها فی المطلب الثانی، ونخصص المطلب الثالث للبحث فی الطبیعة القانونیة للمواقع الاثریة.
المطلب الأول
مفهوم الأموال الاثریة
تظهر دراسة التشریعات المنظمة للأموال الاثریة تعدد المعاییر التی اعتمدت فی تحدید ما یعد مالاً اثریاً، ویمکن حصر هذه المعاییر بما یأتی:
أولاً- المعیار الزمنی: یقوم هذا المعیار على أساس الاعتداد بالزمن بوصفه ضابطاً لعد الشیء مالاً اثریاً، وبموجبه یلزم أن تمضی فترة محددة من الزمن على وجود الشیء لعده من الأموال الاثریة.
واخذت بهذا المعیار عدید من التشریعات ومن بینها المشرع الاتحادی لدولة الإمارات العربیة فنص على ان "الاثر هو الشیء الثابت أو غیر الثابت الذی انتجه او بناه أو صنعه أو نحته أو نقشه أو کتبه أو رسمه أو صوره الإنسان، أو تشکل طبیعیاً داخل اقلیم الدولة قبل مائة عام"، کما تبنى المشرع المحلی لإمارة الشارقة المعیار الزمنی فنص على أنه "یعتبر اثراً أی شیء خلفته الحضارات السابقة أو ترکته الأجیال السالفة منقولاً أو غیر منقول أنشأه أو صنعه أو نقشه أو صوره أو خطه الإنسان قبل سنة 1900...."
وأخذ المشرع المصری کذلک بالمعیار الزمنی فی تحدید ما یعد أثراً فنص على أنه "فی تطبیق أحکام هذا القانون یعد أثراً کل عقار أو منقول متى توفرت فیه الشروط الأتیة: 1. أن یکون نتاجاً للحضارة المصریة أو الحضارات المتعاقبة أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأدیان التی کانت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاریخ وحتى قبل مائة عام"
ویؤخذ على المعیار الزمنی قصوره عن توفیر الحمایة الکاملة للأموال الاثریة لأنه یشترط مرور مدة زمنیة معینة لإضفاء الصفة الاثریة على الشیء، فی حین أن بعض الاشیاء قد تتوفر فیها الصفة الاثریة من الناحیة الفنیة على الرغم من عدم توفر شرط مرور المدة الزمنیة التی حددها المشرع وهذا یعنی ان هذه الأشیاء ستکون خارج الحمایة المقررة للأموال الاثریة وبما یجعلها عرضةً للاعتداء.
ثانیاً- المعیار القیمی: ویقوم هذا المعیار على أساس أهمیة الاثار بصرف النظر عن مضی مدة زمنیة محددة لوجود الأثر، فبموجب هذا المعیار یتم التعویل على الأهمیة التاریخیة أو الفنیة أو الحضاریة للأثر فحسب.
ویلحظ تبنی بعض التشریعات المعیار القیمی بوصفه الضابط الأساس فی تحدید ما یعد من الأموال الاثریة وهذا ما ینطبق على موقف المشرع الفرنسی، إذ عرفت المادة الأولى من قانون التراث رقم (178) لسنة 2004 الاثار، التی أطلقت علیها تسمیة التراث بأنها "الأموال العقاریة أو المنقولة المملوکة ملکیة عامة أو خاصة والتی لها قیمة تاریخیة أو فنیة أو حضاریة...."
واخذ المشرع الاماراتی سواء على المستوى الاتحادی ام على المستوى المحلی بالمعیار القیمی بوصفه معیاراً مکملاً للمعیار الزمنی لسد القصور الذی یعانی منه هذا الأخیر، فعلى المستوى الاتحادی أورد المشرع فی المادة الأولى من قانون اتحادی رقم (11) لسنة 2017 بشأن الاثار أنه یعد من الاثار کل ما یتم الکشف عنه متى ما توفرت له قیمة نادرة أو فریدة من الناحیة التاریخیة أو الفنیة أو العلمیة أو الأدبیة أو الدینیة أو الطبیعیة أو المعماریة أو الإنشائیة أو ایة ناحیة أخرى ذات تأثیر على الإنسانیة أو یشکل مظهراً من مظاهر التطور التاریخی، وعلى المستوى المحلی نصت المادة (2/ج) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 "ویجوز للإدارة بموافقة الرئیس أن تعتبر أیضاً الممتلکات الثابتة أو المنقولة التی ترجع إلى عهد أحدث من سنة 1900 من الآثار، إذا رأت أن لها خصائص تاریخیة أو فنیة أو تمثل تراثاً وطنیاً لا یمکن التفریط به".
ویلحظ أن المشرع المحلی لإمارة الشارقة قد میز بین الاثار القدیمة والتی تعود لفترة ما قبل سنة 1900، وهی تعد اثاراً بطبیعتها إذ تثبت لها الصفة الاثریة بمجرد ثبوت عمرها الزمنی الذی استلزمه المشرع، وبین الاشیاء الاحدث وهی التی ترجع إلى عهد أحدث من سنة 1900، إذ أن الصفة الاثریة لا تثبت لهذه الأخیرة بصورة تلقائیة وإنما یکون الامر مرهوناً بالسلطة التقدیریة لإدارة الاثار والتراث فی تقریر الصفة الاثریة لهذا النوع من الأشیاء.
المطلب الثانی
تعریف المواقع الأثریة وبیان أنواعها
یعرف الموقع الأثری بأنه "مساحة تحتوی على شواهد مادیة لأعمال سابقة للإنسان". کما عُرف الموقع الأثری بأنه "المکان الذی یعثر فیه على مخلفات تدل على نشاطات قام بها الإنسان خلال العصور القدیمة، وهذه المواقع قد تکون مدفونة فی باطن الأرض أو مغمورة فی المیاه، وبهذا المعنى تصنف المواقع الاثریة إلى صنفین: مواقع اثریة بریة ومواقع اثریة بحریة.
وعرف المشرع الاتحادی لدولة الإمارات فی المادة الأولى من قانون اتحادی رقم (11) لسنة 2017 بشأن الاثار الموقع الاثری بأنه "المنطقة التی تحتوی على اثار بالإمارة، وتحددها السلطة المختصة بحسب تشریعاتها النافذة وظروف کل موقع على حدة". وعلى المستوى المحلی لدولة الإمارات عرفت المادة الأولى من القانون رقم (2) لسنة 2017، بشأن تنظیم أهداف وصلاحیات واختصاصات هیئة الشارقة للآثار المواقع الاثریة بأنها "المکان الذی یضم دلیلاً یشیر إلى ممارسة فعالیات بشریة فی الماضی أو تحتوی على بقایا حیوانیة أو نباتیة قدیمة، وقد یکون ظاهراً للعیان فوق سطح الأرض أو یحتوی على طبقات مخفیة تضم بقایا أثریة تم الکشف عنها نتیجة عملیات تنقیب أثریة أو عن طریق الصدفة".
وعرفت المادة (3/أ) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 "أ. الاثار الثابتة أو غیر المنقولة: هی الاثار المتصلة بالأرض سواء أکانت مشیدة علیها أو موجودة فی باطنها، کما فی ذلک ما تحت المیاه الداخلیة والإقلیمیة، وتشمل بقایا المدن والتلال الاثریة والمغاور والقلاع والاسوار والابنیة الدینیة والعسکریة والمدراس".
ویظهر مما تقدم أن المواقع الاثریة تنقسم إلى نوعین: مواقع اثریة بریة ومواقع اثریة بحریة.
أولاً- المواقع الاثریة البریة: لعل اکثر تحدید للمواقع الاثریة البریة ما ورد فی التوصیة الدولیة بشأن الممتلکات الثقافیة التی تهددها الاشغال العامة أو الخاصة فنصت فی المادة الأولى على أن "لأغراض هذه التوصیة تعنی الممتلکات الثقافیة : أ. الممتلکات غیر المنقولة أی الأماکن الاثریة التاریخیة أو العلمیة أو الفنیة أو المعماریة سواء أکانت دینیة أو علمانیة، وبخاصة مجمعات المبانی التقلیدیة والاحیاء التاریخیة القائمة فی المدن أو فی الریف، وبقایا الحضارات السالفة ذات القیمة الانثولوجیة. وتنطبق هذه العبارة على الممتلکات غیر المنقولة التی تتسم بالطابع ذاته والتی تشکل اطلالة قائمة على سطح الأرض، وعلى البقایا الاثریة أو التاریخیة المکتشفة فی باطن الأرض، وتشمل عبارة الممتلکات الثقافیة ایضاً الإطار المحیط بهذه الممتلکات"
ثانیاً- المواقع الاثریة البحریة: عرفت المادة الأولى من اتفاقیة الیونسکو بشأن حمایة التراث الثقافی المغمور بالمیاه الاثار الغارقة بأنها "جمیع اثار الوجود الإنسانی التی تتسم بطابع ثقافی أو تاریخی والتی ظلت مغمورة بالمیاه جزئیاً أو کلیاً، بصورة دوریة أو متأصلة لمدة مئة عام على الأقل".
وتنقسم الاثار الغارقة إلى نوعین:
1. اثار ثابتة کبقایا المدن التی غمرتها المیاه وذلک نتیجة للتغیرات الجیولوجیة مثل البراکین والزلال والمد والجزر.
2. اثار منقولة وهی بقایا السفن والمراکب وما تحمله من اثار غرقت لأسباب سوء الملاحة أو الأحوال الجویة أو بسبب الحروب.
المطلب الثالث
الطبیعة القانونیة للمواقع الاثریة
نصت المادة (5) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه تعتبر الآثار والمواقع الأثریة الموجودة فی کل إمارة من الأملاک العامة لها، ما لم تکن مملوکة لجهة أخرى وفقاً للضوابط التی یصدر بها قرار من وزیر الثقافة وتنمیة المعرفة.
کما نصت المادة (5/أ) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1991 على أن الاثار سواء أکانت منقولة أو غیر منقولة هی ملک الإمارة ویستثنى من ذلک الاثار التی یجوز للغیر اقتناءها طبقاً لأحکام القانون.
وبناء على ما تقدم فإن القاعدة أن الأموال الاثریة جمیعها تکون مملوکة للدولة، إلا ان هذه القاعدة یرد علیها استثناءان:
1. المواقع الاثریة التی یثبت أصحابها ملکیتهم لها.
ب. الأموال الاثریة المنقولة التی یجوز للأفراد اقتناءها طبقاً لأحکام القانون.
وسنبحث أولاً فی المواقع الاثریة المملوکة للدولة، ثم نناقش المواقع الاثریة المملوکة للأفراد.
أولا- المواقع الاثریة المملوکة للدولة:
وظهرت عدة معاییر فی أساس هذا التقسیم، فذهب البعض إلى أن اموال الدولة العامة هی التی تکون مخصصة لاستعمال الجمهور مباشرةً ومن ذلک الجسور والانهار والمیادین العامة. وقد انتقد هذا الاتجاه لأن من شأن الأخذ به أن یضیق بدرجة کبیرة من نطاق الأموال العامة.
أما الاتجاه الثانی فإنه یربط بین المال العام وفکرة المرفق العام، ویرى أصحابه أن المال العام یکتسب هذه الصفة إذا کان مخصصاً مباشرة لخدمة مرفق عام ووسیلة لإدارته. وانتقد هذا المعیار أیضاً لأنه اخرج الکثیر من الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور من نطاق الأموال العامة طالما هی غیر موجهة لخدمة المرفق العام، ومن جهة ثانیة وسع من نطاق المال العام عندما ادخل الأموال المخصصة للمرفق العام جمیعها ضمن أموال الدولة العامة.
وذهب اتجاه ثالث إلى أنه یعد مالاً عاماً کلما یخصص لتحقیق المنفعة العامة، سواء بالتخصیص المباشر لاستعمال الجمهور أم بالتخصیص لخدمة المرفق العام.
وقد أخذ المشرع الإماراتی بمعیار التخصیص للمنفعة العامة بوصفه ضابطاً لتحدید ما یعد من الأموال العامة للدولة فنص فی المادة (103) من قانون المعاملات المدنیة الإماراتی رقم (5) لسنة 1985 على أنه "تعتبر اموالاً عامة جمیع العقارات والمنقولات التی للدولة والأشخاص الاعتباریة العامة والتی تکون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بناءً على القانون....".
ویترتب على ثبوت صفة الأموال العامة خضوعها لنظام قانونی یختلف عن النظام المقرر سواء لأموال الدولة الخاصة أم لأموال الافراد والهیئات الخاصة.
اما بالنسبة لمکانة المواقع الاثریة المملوکة للدولة من تقسیم أموال الدولة إلى أموال عامة واموال خاصة فی التشریع الإماراتی، فیلحظ أن المشرع الاتحادی قد عدها وسائر الأموال الاثریة من أموال الدولة العامة فنصت المادة (5) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه تعتبر الآثار والمواقع الأثریة الموجودة فی کل إمارة من الأملاک العامة لها، بینما اکتفى قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 بالنص فی المادة (5/أ) على أن الاثار سواء أکانت منقولة أم غیر منقولة هی ملک الإمارة من دون أن یحدد طبیعة هذه الأموال.
وذهب القضاء المصری إلى أن إضفاء صفة المال العام على الأموال الاثریة لا یتم بصورة تلقائیة وإنما یستلزم الامر ضرورة صدور قرار وزاری صحیح من حیث الشکل والموضوع لإضفاء العمومیة على الأراضی الاثریة. إلا أن هذه المسألة لا تثار فی القانون الإماراتی لأن المشرع الاتحادی وکما بینا سابقاً قد حسم الامر بعده لأموال الدولة الاثریة اموالاً عامة.
2. التفرقة بین المواقع الاثریة المملوکة للدولة واموال الدولة العامة: على الرغم من أن المشرع الإماراتی قد عد الاموال الاثریة جمیعها من الاموال العامة إلا أن هناک ثمة خصائص تمیز الاموال الاثریة عما سواها من اموال الدولة العامة والتی یمکن تحدیدها بالنواحی الآتیة:
أ. إن الاموال العامة للدولة وکما بینا سابقاً تکتسب صفتها هذه بسبب تخصیصها للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون، وهذا التخصیص ینتهی بالفعل أو بمقتضى القانون.
أما الاموال الاثریة فهی تکتسب صفتها کمال اثری، والتی رتب علیها المشرع اکتسابها صفة الاموال العامة، أما لمضی المدة التی حددها القانون على وجودها او لصدور قرار من رئیس الدائرة بعدها من الاموال الاثریة نظراً لخصائصها التاریخیة أو الفنیة، ولا تزول عنها هذه الصفة حتى لو انتقلت ملکیتها للأفراد.
ب. لا یمیز قانون المعاملات المدنیة الإماراتی رقم (5) لسنة 1985 بین الأموال العامة المنقولة والاموال العامة غیر المنقولة فکلاهما یخضعان لنظام قانونی واحد.
فی حین میزت التشریعات المتعلقة بالآثار سواء على مستوى الاتحاد أم على المستوى المحلی لإمارة الشارقة بین الاموال الاثریة المنقولة والاموال الاثریة غیر المنقولة ووضعت لکل منهما نظام قانونی خاص.
ج. إن الانتفاع بالأموال العامة لا یتطلب اذن أو تصریح مسبق من الإدارة لأن هذا الانتفاع یدخل فی عداد الحریات العامة ومنها الحریة الشخصیة التی کفلها الدستور.
فی حین أن الانتفاع بالأموال الاثریة عموماً ومنها المواقع الاثریة یحتاج فی عدید من الدول إلى أذن وتصریح مسبق من الجهة الإداریة المختصة.
د. تسجل الاموال العامة باسم الدولة أو أحد الاشخاص الاعتباریة العامة.
أما الاموال الاثریة فهی تسجل باسم إدارة الاثار والتراث.
ثانیاً- المواقع الاثریة المملوکة للأفراد:
الأصل کما ذکرنا سابقاً أن الاموال الاثریة جمیعها ومنها المواقع الأثریة تکون مملوکة ملکیة عامة للدولة، باستثناء المواقع التی یثبت اصحابها بملکیتهم لها.
وعلى الرغم من إقرار المشرع إمکانیة تملک الأفراد للمواقع الأثریة إلا أنه فرض عدید من القیود على هذه الملکیة والتی یمکننا تحدیدها بما یأتی:
1. استعمال المواقع الأثریة: یعد الاستعمال عنصراً من عناصر الملکیة، وبموجبه یجوز للمالک استعمال الشیء الذی یملکه بحسب ما اعد له، إلا ان المشرع قید عنصر الاستعمال بالنسبة للمواقع الأثریة فنصت الماد (12) من قانون الاثار الاتحادی رقم 11 لسنة 2017 على أنه یحظر القیام بأی عمل ینطوی علیه إضرار أو تحویر بالآثار أو بمواقعها بأیة صورة، کما یحظر وضع اللافتات والإعلانات على الأثر إلا وفقاً للضوابط والاشتراطات التی تحددها السلطة المختصة فی هذا الشأن. کما نصت المادة (9/أ) من قانون الاثار لإمارة الشارقة على عدم القیام بأی تعدیلات إلا بعد الحصول على إذن رسمی من الإدارة.
2. ملکیة العلو والسفل: لا تقتصر ملکیة الأرض على سطحها بل تشمل کذلک ما فوقها من الفضاء وما تحتها من العمق (السفل) کما یسمیها الفقهاء المسلمون، وهذا الحکم قرره المشرع الإماراتی فنص فی المادة (1134/2) من قانون المعاملات المدنیة رقم (5) لسنة 1985 على أنه "وکل من ملک ارضاً ملک ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفید فی التمتع به علواً وعمقاً إلا إذا نص القانون أو قضى الاتفاق بغیر ذلک".
إلا أن الامر مختلف بالنسبة للمواقع الاثریة إذ نصت المادة (18) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه لا تمنح ملکیة الأرض صاحبها(حذف) ملکیة الاثار الموجودة فی باطنها ولا تخوله حق التنقیب عن الاثار فیها، ونفس الحکم قررته المادة (6/أ) من قانون الاثار لأمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 بقولها "ملکیة الأرض لا تکسب صاحبها تملک وتغییر الاثار الموجودة على سطحها أو فی باطنها ولا تخوله حق التنقیب فیها"
3. التصرف بالمواقع الاثریة: یعد التصرف من اهم عناصر حق الملکیة ویراد به سلطة المالک فی نقل ملکیة الشیء محل الحق للغیر أو إنشاء حق عینی، سواء اکان هذا الحق من الحقوق العینیة الاصلیة المتفرعة عن حق الملکیة أم من الحقوق العینیة التبعیة کالرهن التأمینی.
إلا أنه وحمایة للمواقع الاثریة قرر المشرع الإماراتی تقیید حق مالک الموقع الاثری فی التصرف فیه، فمنعت المادة (14) من قانون الاثار الاتحادی رقم11 لسنة 2017 التصرف بالأثر أو نقل ملکیته إلا بترخیص أو تصریح من الإدارة المختصة، وإذا أراد مالک الأثر المسجل التصرف فیه وجب عرضه على السلطة المختصة لامتلاکه وفق التشریعات النافذة بهذا الشأن، فإذا لم ترغب فی ذلک کان له الحق التصرف به إلى موطن أخر.
4. نزع ملکیة الموقع الاثری: أجازت المادة (18) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 والمادة (5) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 نزع ملکیة المواقع الاثریة بعد ذلک من مقتضیات المنافع العامة، إلا المادة (19) من قانون الاثار الاتحادی قررت أن تحدید التعویض لمال الموقع الاثری الذی تنتزع ملکیته یتم من دون ارتباط هذا التقدیر بقیمة الاثار الموجودة فی الموقع الاثری.
المبحث الثانی
الحمایة المدنیة للمواقع الاثریة
فضلاً عن الحمایة المدنیة المقررة للأموال العامة بوجه عام فإن للمواقع الاثریة حمایة مدنیة خاصة مقررة فی التشریعات المتعلقة بالآثار. وتتحدد أوجه الحمایة المدنیة المقررة للمواقع الاثریة بعدم جواز التصرف بالمواقع الاثریة، وعدم جواز تملکها بالتقادم او الحجز علیها، واخیراً تقریر حقوق الارتفاق للمواقع الاثریة.
المطلب الأول
عدم جواز التصرف بالمواقع الاثریة
لم ینص قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 بصورة صریحة على عدم جواز التصرف بالمواقع الاثریة وإنما اکتفى بالنص فی المادة (25) منه بحظر التصرف فی الأثر غیر الثابت المملوک للإمارة أو الدولة، إلا أن المشرع المحلی لإمارة الشارقة نص فی المادة (19) من قانون الاثار رقم (1) لسنة 1991 على أن "اثار الحکومة لا تهدى ولا تباع". ویلحظ على هذا النص ملاحظتین:
الملاحظة الأولى وتتعلق بصیاغة النص فقد وردت عبارة الاثار المملوکة للحکومة، وهذه الصیغة غیر دقیقة لأن الأموال العامة جمیعها بما فیها الأموال الاثریة هی ملک للدولة أو الامارة لاسیما أن المشرع نص فی المادة (5/أ) على أن الاثار سواء أکانت منقولة أو غیر منقولة هی ملک الإمارة.
الملاحظة الثانیة وهی موضوعیة إذ قصر المشرع المنع على البیع والاهداء فی حین أن المادة (103/2) من قانون المعاملات المدنیة رقم (5) لسنة 1985 منعت التصرف بالأموال العامة، ومعلوم أن التصرف أوسع من البیع لأنه یشمل التصرفات جمیعها المقررة للمالک مثل البیع والرهن والایجار.
المطلب الثانی
عدم جواز تملک المواقع الاثریة بالتقادم او الحجز علیها
أولاً- عدم جواز تملک المواقع الاثریة بالتقادم: على الرغم من عدم نص المشرع الإماراتی على هذا المنع إلا أنه یعد نتیجة منطقیة لعدم جواز التصرف بالبیع بالنسبة للأموال الأثریة، فقد اتفق القضاء و الفقه کلاهما على أن تقریر مبدأ بطلان التصرف بالبیع یبطل نقل ملکیة الأثر للأفراد، ومن باب أولى إقرار مبدأ عدم جواز تملک الأثر بالتقادم الذی یعد أهم من المبدأ الأول، لأنه إذا کان مبدأ منع التصرف یحمی الأثر فی مواجهة تصرف الإدارة، فإن مبدأ عدم جواز اکتساب الأثر بالتقادم اکثر أهمیة من الناحیة العملیة فی حمایة الأثر من تصرفات الافراد.
ثانیاً- عدم جواز الحجز على الموقع الاثری: وهذه القاعدة ایضاً من النتائج المترتبة على منع بیع الأموال الاثریة، إذ أن مأل الحجز هو بیعه وانتقال ملکیته لغیر الدولة وهذا ما حظره المشرع.
المطلب الثالث
تقریر حقوق الارتفاق للمواقع الاثریة
یقصد بحق الارتفاق کما عرفته المادة (1362/1) من قانون المعاملات المدنیة الإماراتی رقم (5) لسنة 1985 بأنه "الارتفاق حق یحد من منفعة عقار لفائدة عقار غیره یملکه شخص أخر". فحق الارتفاق حق عینی متفرع عن حق الملکیة من حیث أنه یسلب من مالک العقار المرتفق به سلطته فی استعمال واستغلال الجزء الذی وقع علیه ارتفاق بما یتعارض وحق الارتفاق المقرر على عقاره.
وعلى الرغم من أن حق الارتفاق هو حق عینی متفرع عن حق الملکیة وهو مقرر بالنسبة لعلاقات الافراد فیما بینهم، إلا أن المشرع وحمایةً للمواقع الاثریة خرج على هذه القاعدة وقرر فی المادة (24) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه على السلطة المختصة تحدید حقوق ارتفاق للأثار الثابتة المسجلة وتسجیل هذه الحقوق وتعویض المتضرر وفق التشریعات المحلیة النافذة.
المبحث الثالث
الحمایة الإداریة للمواقع الاثریة
یقصد بالحمایة الإداریة أو التنفیذیة تلک الحمایة التی تقوم بها الإدارات الحکومیة المرتبطة بالوزارات أو الجهات الحکومیة غیر المرتبطة بوزارة التی تتولى مسؤولیة تنفیذ التشریعات الخاصة بالآثار، لتحقیق الأهداف التی صدرت تلک التشریعات من أجلها، واتخاذ الإجراءات القانونیة بحق مخالفیها.
وتتحقق الحمایة الإداریة للمواقع الاثریة من خلال ما یعرف بالضبط الإداری الخاص، والذی یتمثل بصلاحیة الإدارة للقیام بالإجراءات التی تهدف لحمایة وضبط کل ما یتعلق بالآثار.
ولغرض قیام الإدارة باختصاصها بالضبط الإداری الخاص فی مجال الاثار تنص التشریعات المتعلقة بالآثار على إنشاء هیئة خاصة تتولى تنظیم وضبط کل ما یتعلق بالآثار من جهة، ومنح هذه الهیئات الاختصاصات والاصلاحیات اللازمة للمحافظة والحمایة لکل ما یتعلق بالآثار.
ولغرض الإحاطة بالحمایة الإداریة للآثار، سنستعرض أولاً الهیئات المختصة بتنظیم الاثار فی دولة الإمارات، ثم نبین إجراءات الضبط الإداری التی تتخذ لحمایة المواقع الاثریة.
المطلب الأول
الهیئات المختصة بتنظیم وضبط مجال الاثار فی دولة الإمارات العربیة المتحدة
تتعدد الهیئات المختصة بتنظیم الاثار فی دولة الإمارات العربیة المتحدة وعلى وفق ما یأتی:
1. الهیئات الاتحادیة المختصة بتنظیم الاثار: وتتمثل الهیئات الإداریة المختصة بتنظیم الاثار على المستوى الاتحادی بما یأتی:
أ. المجلس الوطنی للسیاحة والاثار: وقد أنشأ هذا المجلس بموجب القانون الاتحادی رقم (6) لسنة 2008 وتتحدد اختصاصاته فیما یتعلق بالآثار بحسب المادة (5/2) بالحفاظ على الاثار والتنقیب عنها واتخاذ التدابیر اللازمة لتعیینها وحمایتها، والمحافظة علیها وتسجیلها واحیائها وعرضها بالداخل والخارج.
ب. وزارة الثقافة وتنمیة المعرفة: وتعد بحسب المادة (4) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 السجل الوطنی، ویتم التسجیل فیه والشطب منه وتعدیل البیانات المدوّنة فیه بناءَ على اخطارات توافى بها من السلطة المختصة، ووفقاً للضوابط والإجراءات التی یصدر بها قرار من وزیر الثقافة وتنمیة المعرفة.
2. الهیئات المحلیة المختصة بتنظیم الاثار على مستوى إمارة الشارقة: وتتحدد هذه الهیئات بما یأتی:
أ. دائرة الثقافة والإعلام (إدارة الاثار والتراث): فعلى وفق المادة (7) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 تعد دائرة الثقافة والإعلام (إدارة الآثار والتراث) هی الجهة الرسمیة المناط بها مسؤولیة حفظ الآثار فی الإمارة. ومن أبرز اختصاصاتها فی مجال حمایة الاثار التی حددتها المادة المشار الیها ما یأتی:
- تقدیر أثریة الآثار والمواقع الأثریة وحدود المواقع واحرامها وتقدیر أهمیة کل أثر.
- الطلب من السلطة المختصة نزع ملکیة الآثار المنقولة وغیر المنقولة للمصلحة العامة وتعویض أصحابها، على ألا ینظر فی حال التعویض لا إلى کونها تحوی آثارا ولا إلى قیمة هذه الآثار.
- إدارة الآثار فی الإمارة والإشراف علیها وحمایتها وصیانتها والمحافظة علیها وتسجیلها وتجمیل ما حولها وتهیئتها للزوار.
- مراقبة الآثار ومتابعة حیازة الآثار والتصرف بها وفقا لأحکام هذا القانون.
ب. هیئة الشارقة للآثار: أنشئت هذه الهیئة بموجب القانون رقم (2) لسنة 2017، بشأن تنظیم أهداف وصلاحیات واختصاصات هیئة الشارقة للآثار، ونص القانون على أن تتمتع هیئة الشارقة للآثار بالشخصیة الاعتباریة والأهلیة الکاملة اللازمة لمباشرة جمیع الأعمال، والتصرفات التی تحقق أهدافها. ومن أبرز اختصاصاتها فی مجال حمایة الاثار ما یأتی:
- مراقبة الآثار ومتابعة صیانتها، والتصرف بها وفقاً لأحکام القانون.
- تقدیر أثریة المواقع الأثریة وحدودها وحرمها، وتقییم الصفة الأثریة والتاریخیة والمادیة للآثار المنقولة الموجودة فی الإمارة، وتسجیل وتوثیق حیازتها.
- التنسیق مع الجهات المعنیة بشأن نزع ملکیة الأراضی التی تحتوی آثار منقولة وغیر منقولة للمنفعة العامة، وتعویض مالکیها، وفقاً للتشریعات الساریة عند نزع الملکیة.
- إصدار شهادات عدم الممانعة للمنشآت الراغبة بالقیام بأعمال الحفر والإنشاءات فی المواقع الأثریة، أو التی یحتمل وجود آثار بها، بعد التأکد من خلوها من الطبقات والمواد الأثریة.
المطلب الثانی
إجراءات الضبط الإداری لحمایة المواقع الاثریة
نص التشریع الإماراتی على عدید من الإجراءات التی تمارسها الهیئات الإداریة المکلفة بتنظیم وضبط الاثار، ویمکن تحدید هذه الإجراءات بما یأتی:
1. تسجیل الاثار: ویعد هذا الإجراء من إجراءات الضبط الوقائیة، إذ یترتب على تسجیل الأثر شموله بالحمایة القانونیة التی قررها المشرع لهذا النوع من الأموال.
ونصت المادة (8) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992على أنه "على کل شخص یحوز آثار منقولة أو غیر منقولة أن یبادر إلى تسجیلها وتوثیقها فی الإدارة فی مدة لا تزید عن سنة من تاریخ صدور هذا القانون وتصدر له وثیقة رسمیة بتسجیل الأثر".
2. حمایة الاثار من اعمال الاشغال العامة: یشکل تنفیذ الأشغال العامة لا سیما المتعلقة بمشاریع البنیة التحتیة مثل الطرق والجسور ومشاریع الری والسدود ... الخ من اکثر المخاطر التی تهدد المواقع الاثریة، لذا حرص المشرع الإماراتی على توفیر حمایة لهذه المواقع ضد هذا النوع من النشاطات فنصت المادة (20) من قانون اتحادی للآثار رقم (11) لسنة 2017 على عدم جواز البدء بتنفیذ المشاریع التطویریة أو الإنشائیة الکبرى أو المتعلقة بأعمال البنیة التحتیة إلا بعد قیام السلطة المختصة بأعمال المسوحات الأثریة للمناطق التی تکون محلاً لتنفیذ هذه المشاریع وذلک وفقاً للإجراءات المعمول بها لدى السلطة المختصة.
کما نصت الماد (24/أ) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 على أنه " یتعین عند وضع مشروعات تخطیط المدن والقرى وتوسیعها، المحافظة على المناطق والمعالم الأثریة فیها، ولا یجوز إقرار مشروعات تخطیط الأماکن التی توجد بها آثار إلا بعد أخذ رأی الإدارة".
3. منع النشاطات الضارة بالمواقع الاثریة: تحوطاً لما تشکل بعض النشاطات من اخطار على الجوار اتجه المشرع على منع إقامة هذا النوع من النشاطات بالقرب من المواقع الاثریة، فنصت المادة (22) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه یحظر أن یکون الموقع الأثری مستودعاً للأنقاض أو النفایات أو أن یقام علیه بناء، أو مقبرة أو رسائل للری أو أن یشق فیه طریق أو قناة أو یحفر فیه أو یغرس أو یقطع منه شجرة أو یفتح فیه مقلع حجری أو غیر ذلک مما یترتب علیه تغییر أو إضرار بالموقع الأثری أو استعمال أنقاض هذه المواقع. کما نصت المادة (23) منه على انه یحظر إقامة صناعات ثقیلة أو خطیرة أو منشآت عسکریة أو حیویة فی المناطق المحیطة بالمواقع الأثریة أو تعریضها للخطر أو استخدامها کمأوى للحیوانات أو أی استخدام آخر من شأنه الإساءة أو الإضرار بالموقع الأثری. ویلحظ ان المشرع الاتحادی لم یحدد المسافة التی یحظر فیها قیام النشاطات التی تشکل خطراً على المواقع الاثریة وانما ترک تقدیر ذلک للسلطة المختصة بتنظیم الاثار وحمایتها.
أما بالنسبة لقانون الاثار لإمارة الشارقة فقد نصت المادة (24/ج) على أنه " یحظر أیضا إقامة صناعات ثقیلة أو خطرة أو مصانع أو أفران کلس أو محاجر على مسافة تقل 2/1 کم من مواقع الآثار".
4. إقامة الحرم الاثری: حرصاً من المشرع على حمایة المواقع الاثریة فإنه نص فی المادة (21) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه تتخذ دوائر تخطیط المدن والمساحة والبلدیات والجهات الأخرى ذات العلاقة بالتنسیق مع السلطة المختصة، الإجراءات الکفیلة بالمحافظة على الموقع الأثری، وعند وضع مشروعات التخطیط وبما یتضمن إیجاد حرم غیر مبنی حول الموقع الأثری.
5. حمایة المواقع الاثریة فی الظروف الطارئة: تشکل الحروب والکوارث الطبیعیة کالزلازل والبراکین والسیول والتلوث البیئی مخاطر طبیعیة على المواقع الاثریة، لذا حرص المشرع الإماراتی على حمایتها فی مواجهة هذا النوع من المخاطر فنص فی المادة (6) من قانون اتحادی الخاص بالآثار رقم (11) لسنة 2017 على أنه تعمل وزارة الثقافة وتنمیة المعرفة بالتنسیق مع الهیئة الوطنیة لإدارة الطوارئ والأزمات والکوارث والسلطة المختصة، على حمایة الآثار فی أوقات الأزمات والکوارث، بما یتضمن إعداد خطط طوارئ فی هذا الشأن.
المبحث الرابع
الحمایة الجنائیة للمواقع الاثریة
على الرغم من أن المواقع الاثریة شأنها شأن سائر الأموال الاثریة تتمتع بالحمایة الجنائیة بوصفها من أموال الدولة العامة، إلا ان المشرع الإماراتی وتأکیداً لأهمیة هذا النوع من الأموال احاطها بحمایة خاصة فی التشریعات المنظمة للأموال الاثریة. ولغرض الوقوف على الحمایة الجنائیة التی قررتها التشریعات الخاصة بالآثار سنبحث أولاً ارکان الجرائم التی تقع على المواقع الاثریة، ثم نبین أهم صور الجرائم التی تقع على المواقع الاثریة.
المطلب الأول
ارکان الجریمة الواقعة على المواقع الاثریة
تظهر التشریعات الجنائیة الخاصة بالآثار أن الجرائم الواقعة على الاثار تقوم على ثلاثة ارکان، وهی الرکن المفترض أو ما یسمى بالرکن الخاص والرکن المادی والرکن المعنوی.
أولاً- الرکن المفترض (الرکن الخاص): یعرف الرکن الخاص بأنه کل أمر یشترط القانون تقدمه على أرکانها_ الجرائم_، فلا یصح الحدیث عنها إلا أذا وجد ویترتب على انعدامه العدم وقد یتعلق الرکن المفترض بالجانی أو المجنی علیه أو محل الجریمة.
ویتمثل الرکن المفترض أو الخاص بالجرائم الواقعة على المواقع الاثریة فی إعلان العقار بوصفه من المواقع الاثریة، ومن ثم لا یمکن أن نکون أمام هذا النوع من الجرائم إلا إذا کان العقار الذی وقع علیه الاعتداء قد صنف على أنه عقار اثری وبخلاف ذلک یؤدی إلى عدم تمتعه بالحمایة من جراء أیه تجاوزات تقع علیه.
ویظهر استعراض نصوص التشریع الإماراتی شموله بالحمایة للآثار أیاً کانت عائدیتها سواء أکانت مملوکة للدولة أم کانت مملوکة للأفراد، وهذا اتجاه موفق للمشرع لأن الاثار تتساوى فی أهمیتها بصرف النظر عن الجهة التی تعود لها.
ثانیاً- الرکن المادی للجرائم الواقعة على المواقع الاثریة: عرفت المادة (31) من قانون قانون العقوبات الاتحادی رقم (3) لسنة 1978 الرکن المادی بأنه "یتکون الرکن المادی للجریمة من نشاط اجرامی بارتکاب فعل او الامتناع عن فعل متى کان هذا الارتکاب أو الامتناع مجرم قانوناً"
ولا جریمة بلا رکن مادی فهو یمثل مادیات الجریمة والتی تتمثل بمظهرها الخارجی الذی یکشف عن ارتکابها.
ویقوم الرکن المادی على ثلاثة عناصر وهی السلوک والنتیجة والعلاقة السببیة.
1. السلوک الاجرامی فی الجرائم الواقعة على المواقع الاجرامیة: یشترط فی بعض صور الجرائم التی تقع على الاثار أن ینتج السلوک المرتکب ضرراً بالأثر محل الجریمة أی تحقق نتیجة إجرامیة مثل جریمة تخریب المواقع الاثریة، فی حین یکتفی المشرع فی صور أخرى من الجرائم الواقعة على الاثار بمجرد ارتکاب السلوک حتى ولو لم یترتب علیه ضرراً بالأثر محل الجریمة وتسمى هذه الجرائم بالجرائم الشکلیة أو جرائم السلوک المحض مثل جریمة التنقیب عن الاثار، ففی هذا النوع الجرائم تتجه إرادة المشرع إلى تجریم الاعتداء على مصلحة جدیرة بحمایة القانون الجنائی.
2. النتیجة الاجرامیة فی الجرائم الواقعة على المواقع الاثریة: قد تتمثل النتیجة الاجرامیة بضرر یتمثل بحدوث تغییر فی العالم الخارجی مثل الهدم والاتلاف، وقد تقوم الجریمة بالنسبة للجرائم الشکلیة بمجرد ارتکاب السلوک بصرف النظر عن تسبب هذا السلوک او الفعل بضرر مباشر یلحق بالأثر.
3. العلاقة السببیة: تتحقق العلاقة السببیة فی الجرائم المادیة الواقعة على الأثر إذا کان الفعل المرتکب قد الحق ضرراً مادیاً ومباشراً بالموقع الاثری، اما بالنسبة للجرائم الشکلیة فلا محل للبحث عن العلاقة السببیة لأن البحث عن هذه العلاقة لا یثار إلا إذا أدى الفعل إلى نتیجة أذ ان علاقة السببیة أساساً هی رابطة الفعل بالنتیجة وعدم وجود نتیجة للفعل بطبیعته لا یترک محلاً لبحث علاقة السببیة فی الجرائم المتکونة من هذا الفعل.
ثالثاً- الرکن المعنوی للجرائم الواقعة على المواقع الاثریة: ینقسم الرکن المعنوی إلى صورتین: القصد الجنائی والخطأ غیر العمدی.
والأصل فی الجرائم أنها قصدیة أی تتطلب توفر القصد الجنائی والاستثناء أنها جرائم خطأ غیر عمدی، وقد استقرت القاعدة التی تقضی "إذا سکت المشرع الجنائی عن بیان صورة الرکن المعنوی فی جریمة ما، فمعنى ذلک أن المشرع یتطلب القصد الجنائی فی هذه الجرائم. أما إذا کانت الجریمة من جرائم الخطأ غیر العمدی فیلزم أن یبین المشرع ذلک مما یستتبع القول أن الأصل أن وجود الجریمة القصدیة لا یحتاج إلى نص صریح من المشرع، فی حین أن الخروج على هذا الأصل هو الذی یحتاج إلى تصریح بذلک.
وبالنسبة للجرائم الواقعة على المواقع الاثریة فأنها تعد جرائم عمدیة، وحقیقة القصد فیها مفترض، واثبات العکس یقع عبء اثباته على من وجهت الیه المسؤولیة عن الجریمة.
وقد یشیر المشرع صراحة إلى اشتراط توفر القصد فی الجرائم الواقعة على الاثار وهذا ما اخذ به المشرع الإماراتی فی قانون الاثار رقم (11) لسنة 2017 بالنص ان یکون ارتکاب الجریمة الواقعة على الاثار عمداً.
أما فی حالة عدم إشارة المشرع إلى عنصر القصد او العمد بالنسبة للجرائم الواقعة على الاثار فإن الفقه استقر على اعتبار القصد الجنائی هو القاعدة العامة وأنه لا عقوبة على الخطأ غیر العمدی إلا بنص صریح، ففی الجرائم الواقعة على الاثار یتطلب المشرع توفر القصد الجنائی لأن القصد مفترض فیها.
المطلب الثانی
أهم صور الجرائم الواقعة على المواقع الاثریة فی التشریع الإماراتی
تتحدد اهم صور الجرائم التی تقع على المواقع الاثریة فی التشریع الإماراتی بجریمة التعدی على المواقع الاثریة، وجریمة التنقیب من دون ترخیص.
أولاً- جریمة التعدی على المواقع الاثریة: نصت على هذه الجریمة المادة (34) من القانون الاتحادی بشأن الاثار رقم (11) لسنة 2017 بأنه یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتین وبالغرامة التی لا تقل عن خمسمائة ألف درهم ولا تزید على عشرة ملایین درهم أو بإحدى هاتین العقوبتین، کل من ارتکب عمداً فعلاً من الأفعال الآتیة: هدم أو أتلف أو شوّه أثراً، قام بتسویة موقع أثری، أو أقام علیه منشآت، أو زرع فیه أو اقتلع منه أو أجرى تغییراً فی شکله....
کما نصت المادة (41) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 على أنه "یعاقب بالحبس لمدة لا تزید عن شهر أو بغرامة لا تزید عن عشرة آلاف درهم أو بکلتا هاتین العقوبتین، کل من: 1. قام بإتلاف أو تخریب أو تشویه أیة آثار بما فی ذلک تغییر معالمها أو فصل جزء منها أو تحویرها.
ویظهر مما تقدم ان الأفعال المکونة للرکن المادی لجریمة التعدی على المواقع الاثریة تتحقق بإحدى الصور الآتیة:
1. هدم او اتلاف أو تشویه الموقع الاثری.
2. تسویة الموقع الاثری.
3. الزراعة بالموقع الاثری.
4. الاقتلاع من الموقع الاثری.
5. اجراء التغییر فی شکله.
6. فصل جزء من الموقع الاثری.
ویمتاز السلوک الاجرامی لجریمة التعدی على المواقع الاثریة بالاستمراریة فالجریمة من الجرائم المستمرة ولا تنتهی إلا بوقف التعدی.
وبالنسبة للنتیجة الاجرامیة لجریمة التعدی على المواقع الاثریة فتذهب معظم التشریعات العربیة إلى أن هذه الجریمة من الجرائم الشکلیة او ما یسمى بجرائم الخطر، فلا یشترط تحقق الضرر بالنسبة لمن قام بالتعدی على الموقع الاثری بل یکفی وجود الخطر من التجاوز، وقد تبنى المشرع الإماراتی هذا الاتجاه.
وجریمة التعدی على المواقع الاثریة من الجرائم العمدیة التی یشترط فیها توفر القصد الجنائی.
ثانیاً- جریمة التنقیب عن المواقع الاثریة من دون ترخیص:
تتفق تشریعات الدول جمیعها بخصوص الاثار على عدم جواز القیام بأعمال التنقیب من أی شخص إلا أذا حصل على ترخیص من السلطة المختصة بالآثار، ویمثل هذا الترخیص الرکن الشرعی لجریمة التنقیب من دون ترخیص.
وقد نصت المادة (34) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 على أنه یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتین وبالغرامة التی لا تقل عن خمسمائة ألف درهم ولا تزید على عشرة ملایین درهم کل من أجرى أعمال التنقیب عن الآثار دون ترخیص من السلطة المختصة.
کما نصت المادة (22) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 1992 على أنه یعاقب بالحبس مدة لا تزید عن سنة أو بغرامة مالیة لا تقل عن خمسة عشر ألف درهم أو بکلتا هاتین العقوبتین، کل من قام بالتنقیب عن الآثار دون الحصول على رخصة بذلک. ملاحظة وضع علامات التنصیص لطفاً
وبینت المادة (1) من قانون الاثار الاتحادی رقم (11) لسنة 2017 أ صور الفعل المکون لجریمة التنقیب بأنها اعمال التحری والسبر والحفر وغیرها من الاعمال التی تستهدف العثور على الاثار، وحددت المادة (4) من قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (4) لسنة 1992 صور الفعل المکون لجریمة التنقیب من دون ترخیص وهی القیام بأعمال الحفر والسبر والتحری التی تستهدف العثور على آثار منقولة أو غیر منقولة، وحسناً فعل المشرع الاتحادی بتبنیه لمفهوم واسع للتنقیب فشمل به ای عمل یستهدف العثور على الاثار من دون ترخیص.
وجریمة التنقیب عن الاثار جریمة شکلیة أو ما یسمى بجرائم الخطر فلا یشترط حدوث النتیجة وهی العثور على اثار لمن قام بعملیة التنقیب بل یکفی مجرد ارتکاب فعل التنقیب لقیام الجریمة
الخاتمـة
بعد أن انتهینا من بحثنا "الحمایة القانونیة للمواقع الاثریة فی التشریع الإماراتی" فقد توصلنا لمجموعة من النتائج والتوصیات نوردها على وفق ما یأتی:
أولاً- النتائج:
1. تبنى المشرع الإماراتی سواء على المستوى الاتحاد ام على المستوى المحلی لإمارة الشارقة المعیار الزمنی فی تحدید ما یعد من الأموال الاثریة، ودعمه بالمعیار القیمی بوصفه معیاراً احتیاطیاً وتکمیلیاً لإدخال أموال أخرى فی مفهوم الاثار بناءً على قرار السلطة المختصة بالآثار.
2. عد القانون الاتحادی بشأن الاثار المواقع الاثریة رقم (11) لسنة 2017 من أموال الدولة العامة، أما قانون الاثار لإمارة الشارقة رقم (1) لسنة 2017 فاکتفى بالإشارة إلى أن الاثار سواء أکانت منقولة أو غیر منقولة هی ملک الإمارة دون أن یحدد طبیعتها بکونها من أموال الدولة العامة.
3. على الرغم من ان الأموال الاثریة ومنها المواقع الاثریة العائدة للدولة تعد من الأموال العامة إلا أنه تنفرد بمجموعة من الخصائص تمیزها عما سواها من اموال الدولة العامة.
4. إن المشرع الإماراتی وإن کان قد اقر بالملکیة الخاصة للمواقع الاثریة إلا أنه فرض عدیداً من القیود على هذه الملکیة مدفوعاً بغایة حمایة هذه المواقع والمحافظة علیها.
5. تتمثل الحمایة المدنیة للمواقع الاثریة المملوکة للدولة بعدم جواز التصرف بها وعدم جواز تملکها بالتقادم وعدم جواز الحجز علیها وأخیراً شمولها بحقوق الارتفاق المقررة فی مجال أموال الافراد الخاصة.
6. تدخل الحمایة الإداریة للمواقع الاثریة فی نطاق اختصاص الإدارة العامة بالضبط الإداری الخاص، فتخول التشریعات المنظمة للآثار الإدارات المناطة بها تنظیم الاثار وحمایتها اتخاذ مجموعة من الإجراءات الضبطیة بهدف حمایة المواقع الاثریة والمحافظة علیها.
7. فضلاً عن الحمایة الجنائیة المقررة للأموال الاثریة بوصفها من أموال الدولة العامة، حرص المشرع الإماراتی سواء على مستوى الاتحاد ام على المستوى المحلی لإمارة الشارقة على إخضاع هذه المواقع لحمایة جنائیة خاصة.
8. تتحدد أهم صور الجرائم الواقعة على المواقع الاثریة فی التشریع الإماراتی بجریمة التعدی على المواقع الاثریة وجریمة التنقیب عن الاثار من دون ترخیص.
ثانیاً- المقترحات:
1. نوصی المشرع بتحدید مفهوم موحد لما یعد من الأموال الاثریة على مستوى الاتحاد وعلى المستوى المحلی للإمارات.
2. نوصی المشرع المحلی إلى تعدیل نص المادة (4) من قانون الاثار لإمارة الشارقة وذلک بالنص بصورة صریحة على ان الاثار سواء المنقولة منها أم غیر المنقولة تعد من أملاک الإمارة العامة.
3. نوصی المشرع الاتحادی إلى تعدیل نص المادة (25) من قانون الاثار رقم (11) لسنة 2017 وذلک بالنص على شمول حظر التصرف بالآثار الثابتة وغیر الثابتة.
4. نوصی المشرع المحلی لإمارة الشارقة بتعدیل نص المادة (19) من قانون الاثار رقم (1) لسنة 1992 وجعل النص یجری على وفق الآتی" اثار الإمارة لا یجوز التصرف بها".
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Firstly- Books:
1. Dr. Ibrahim Abdul-Aziz Shiha and Hussein Osman, the origins of administrative law, without place of publication, 1986.
2. DrHamoud al-Qaisi, Administrative Law, Dubai Police Academy, Dubai, 2007.
3. Dr. Ahmad Awad Sorour, Principles of the Egyptian Penal Code - General Section, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, undated.
4. Amin Al-Hudhaifi, Criminal Protection of Antiquities, Arab Renaissance House, Cairo, 2007.
5. Dr. Amin Mustafa Mohammed, Penal Code (General Section - Crime Theory), Halabi Publications, Beirut, 2010.
6. Dr. Abdel Azim Morsy Wazir, The Supposed Condition in Crime, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1983.
7. Dr. Adnan Sarhan et al., Introduction to the Study of Law, Ethraa for Publishing and Distribution, Amman, 2012.
8. Dr. Raouf Ebeid, Supplementary Penal Code, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1979.
9. Dr. Zaidan Abdul Kafi Kafafi, Introduction to Archeology, Hamada Foundation for Publishing and Distribution, Amman, 2004.
10. Dr. Magdi Medhat Al-Nahri, Principles of Administrative Law in the United Arab Emirates, University of Gezira, Dubai, 2011.
11. Dr. Mohamed Ali Ahmed Kotb, The Legal and Security Encyclopedia in the Protection of Public Money, ITrac Publishing and Distribution, Cairo, 2000.
12. Mohammed Taha al-Bashir and d. Ghani Hassoun Taha, In-kind Rights, Ministry of Higher Education and Scientific Research, Baghdad, without year printed.
13. Dr. Musa Mustafa Shehadeh, UAE Law in the United Arab Emirates, Ithraa Publishing and Distribution, Amman, 2012.
Second: Theses
1. Khalid M. Al-Harkan, Systematic Protection of Antiquities in Saudi Arabia and the Arab Republic of Egypt, Master Thesis, Faculty of Graduate Studies, Naif University for Security Sciences, 2010.
2. Mohamed Samir Mohamed Zaky Abou Taha, Criminal Protection of Antiquities, PhD Thesis, Faculty of Law, Cairo University, 2012.
Third: Research
1. Dr. Khadija Samiha Hanan, Protection of Archaeological Property under the Cultural Heritage Law, Journal of Politics and Law, Kassidi Merbah University of Bourguila, Issue XV, June (June), 2106.
2. Abdul Wahab Abdul Razzaq Abdul Majeed Al-Tahfi, Legal Protection of Arab Antiquities, House of Wisdom Publications, Baghdad, 2001.
3. Dr. Issam Mubarak, Legal Protection of Antiquities, National Defense Magazine, Issue No. 97, July 2016, available online at the following website:
https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content.
4. Dr. Ali Hamza Ali Al-Khafaji, Legal Protection of Antiquities and Heritage (A study in the light of the provisions of the Iraqi Antiquities and Heritage Law No. 55 of 2002, Journal of the investigator ornaments for legal and political sciences, College of Law, University of Baghdad, Volume 6, No. 2, 2014.
5.Dr. Ghazi Faisal Mahdi, Legal Protection of Archaeological Property in Iraq, House of Wisdom, Baghdad, 2000.
Fourthly- Laws:
1. Federal Penal Code No. (3) of 1978.
2. Federal Civil Transactions Law No. 5 of 1985.
3. Sharjah Antiquities Law No. (1) for the year 1992.
4. UAE Federal Antiquities Law No. (11) of 2017.
5. Egyptian Antiquities Protection Law No. (117) of 1983.
6. Federal Law No. (6) of 2008 on the National Council for Tourism and Antiquities.
7. Law No. (2) of 2017, regulating the objectives, powers and competencies of the Sharjah Archeology Authority.