الملخص
یُعد الخطر أهم عنصر من عناصر عقد التأمین، فهو المحل الرئیس لهذا العقد فإذا انعدم الخطر انعدم عقد التأمین لأنه رکن فیه فلا یتصور وجوده من دونه، وقد ازدادت اهمیة التامین کأحد الحلول لمواجهة الخطر بالنظر للتطور التکنولوجی والصناعی المتسارع، وما رافقه من ازدیاد فی عدد المخاطر التی یمکن التأمین علیها إلى حد یصعب معه حصرها، الا انه لا یمکن التامین على جمیع الاخطار سواء اکانت من فعل الاشخاص او فعل الطبیعة، کون الخطر لا یشترط أن یکون حدثاً ضاراً کارثیاً، او یکون خطراَ مستحیلاَ، بل قد یکون حدثاً سعیداَ، کالتأمین على الأولاد، والتأمین على الزواج والتأمین على الحیاة لحال البقاء. والأصل أن للمتعاقدین حریة تحدید الخطر المؤمن ضده وشروطه، وذلک تطبیقا لمبدأ (العقد شریعة المتعاقدین) الذی یسمح لأطراف العقد بتحدید محلة بشکل دقیق.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
خصائص عقد التأمین والشروط القانونیة للخطر التأمینی-(*)-
حاتم غائب سعید عمر علی نجم کلیة القانون/ جامعة الفلوجة کلیة القانون/ جامعة الفلوجة Hatem Ghaib Saeed Omar Ali Najm College of law / University of Fallujah College of law / University of Fallujah Correspondence: Hatem Ghaib Saeed E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 1/11/2018 *** قبل للنشر فی 31/12/2018.
(*) Received on 1/11/2018 *** accepted for publishing on 31/12/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2019.163133
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یُعد الخطر أهم عنصر من عناصر عقد التأمین، فهو المحل الرئیس لهذا العقد فإذا انعدم الخطر انعدم عقد التأمین لأنه رکن فیه فلا یتصور وجوده من دونه، وقد ازدادت اهمیة التامین کأحد الحلول لمواجهة الخطر بالنظر للتطور التکنولوجی والصناعی المتسارع، وما رافقه من ازدیاد فی عدد المخاطر التی یمکن التأمین علیها إلى حد یصعب معه حصرها، الا انه لا یمکن التامین على جمیع الاخطار سواء اکانت من فعل الاشخاص او فعل الطبیعة، کون الخطر لا یشترط أن یکون حدثاً ضاراً کارثیاً، او یکون خطراَ مستحیلاَ، بل قد یکون حدثاً سعیداَ، کالتأمین على الأولاد، والتأمین على الزواج والتأمین على الحیاة لحال البقاء. والأصل أن للمتعاقدین حریة تحدید الخطر المؤمن ضده وشروطه، وذلک تطبیقا لمبدأ (العقد شریعة المتعاقدین) الذی یسمح لأطراف العقد بتحدید محلة بشکل دقیق.
Abstract
The risk is the most important element of the insurance contract. It is the main thing of this contract. When subject matter disappears the insurance contract is no longer in existed, the importance of insurance has become a solutions to face the danger of technological and industrial development and the increase in the number of risks that are difficult to recover, because it can not be insured on all dangers, whether it was the people act or the act of nature, furthermore, the danger is not required to be a catastrophic event, or an impossible danger, but may be a happy event, such as insurance for children, and insurance from marriage and life insurance for the survival. In principle, the contractors have the freedom to determine the insured risk and its terms, in accordance with the principle of contract (contract of the law of contract), which allows the parties to the contract to determine the locality accurately..
المقدمـة
اولاً-اهمیة الموضوع
أصبح الإنسان معرضاً لعدد کبیر من المخاطر المحتملة وغیر المتوقعة والتی تختلف فی طبیعتها وخطورتها، بسبب التطور الصناعی والتکنولوجی وانتشار الآلات والمکائن، وکل شخص فی هذه الحیاة یسعى إلى جعل حیاته وامواله فی أمان واطمئنان. وهکذا سعى الإنسان منذ القدم إلى الاحتماء من المخاطر او التقلیل من خسائرها بعدة وسائل، بدأت بالادخار الفردی وبالتضامن العائلی أو العشائری وانتهت بابتداع عقد التأمین. الذی یستلزم قیامه بشکل قانونی توافر شروط العقد، ویأتی فی مقدمتها الخطر المؤمن ضده واقساط التامین والتعویض، وتبرز اهمیة الخطر من تعدد انواعه التی تهدد الانسان سواء التی تمس شخصه مباشرة او التی تمس ذمته المالیة. وادى انتشار التامین وتغلغله فی مختلف نواحی الحیاة الى تطور مفهوم الخطر المشمول بالتغطیة.
ثانیاً-اشکالیة البحث
بما ان الخطر هو محل عقد التامین، ونتیجة لوجوده فتبنى على العقد عدة التزامات بین الاطراف المتعاقدة تتمثل فی دفع اقساط التامین وتقدیم البیانات الدقیقة عن الخطر من قبل المؤمن له، والتی یقابلها التعویض من قبل المؤمن فی حالة تحقق الخطر المؤمن ضده، فتکمن اشکالیة البحث فی الاجابة على أسئلة عدیدة منها: ما هی سمات وشروط الخطر القابل للتأمین؟ وما هی سمات وشروط الخطر غیر القابل للتامین؟
ثالثاً- اهداف البحث.
یهدف البحث الى تحقیق الاهداف الاتیة:
1- التعریف القانونی بالتامین واهم خصائصه.
2- تسلیط الضوء على اهمیة الخطر فی عقد التامین وشروطه القانونیة.
3- بیان الاخطار التی یجوز التامین علیها والاخطار التی لا یجوز التامین علیها.
4- تسلیط الضوء على النصوص القانونیة المنظمة لعقد التأمین وتقییمها.
رابعاً- منهجیة البحث.
اعتمدنا فی الدراسة على المنهج التحلیلی، من خلال تحلیل البیانات المتوفرة عن الخطر وعقد التامین والقواعد القانونیة التی تحکمها، مستعینا بالنصوص القانونیة المتعلقة بالموضوع.
خامساً-خطة البحث.
لغرض جمع شُتات الموضوع بشقیه القانونی قمنا بتقسیم البحث الى ثلاثة مباحث وکما یأتی:
المبحث الاول: التعریف بالتأمین والخطر.
المطلب الاول: التعریف بالتامین وخصائصه.
المطلب الثانی: الخطر الرکن الجوهری فی عقد التامین.
المبحث الثانی: الشروط القانونیة للخطر فی عقد التامین.
المطلب الاول: احتمالیة الخطر.
المطلب الثانی: الخطر غیر ارادی.
المطلب الثالث: مشروعیة الخطر.
المبحث الثالث: السمات القانونیة للخطر فی عقد التامین.
المطلب الاول: الشروط القانونیة للخطر فی عقد التامین.
المطلب الثانی: سُبل التعویض عن الاخطار المؤمن ضدها
المبحث الاول
التعریف بالتأمین والخطر
یعُد التأمین ظاهرة اجتماعیة، یرجع سبب نشوئه الى حاجة الافراد لحمایة حیاتهم واموالهم ومسؤولیتهم المدنیة تجاه الآخرین من الاخطار العدیدة التی یمکن أن یتعرضوا الیها فی حیاتهم الیومیة، أما الخطر فی عقد التأمین فهو الرکن الجوهری فلا یتصور وجود تأمین دون خطر معین یهدد الفرد فی حیاته أو ماله أو مسؤولیته نحو الآخرین، وللإحاطة بموضوع هذا المبحث سوف یتم تناوله فی مطلبین، المطلب الأول التعریف بالتأمین وخصائصه، والمطلب الثانی الخطر الرکن الجوهری فی عقد التأمین وعلى النحو الآتی:-
المطلب الاول
التعریف بالتأمین وخصائصه
نال تعریف التأمین اهتماماً واسعاً من قبل المشرع وفقهاء القانون على حدِ سواء، وبما أن التأمین هو عقد فلا بد أن یمتاز بمجموعة من الخصائص، وهذه الخصائص منها ما هو عام یشترک بها عقد التأمین مع غیره من العقود، ومنها ما هو خاص بعقد التأمین، وهذا ما سوف نتناوله فی الفرعین الآتیین:-
الفرع الاول- التعریف بعقد التامین:
لغرض الاحاطة بتعریف عقد التأمین سوف نتناوله فی النقاط الآتیة:-
اولاً- تعریف عقد التامین:-
التأمین هو عقد بین طرفین، الطرف الاول هو المؤمن، والطرف الثانی هو المؤمن له، بموجبه یلتزم المؤمن بدفع مبلغ من المال أو ایراد مرتب مدى الحیاة أو ای عوض مالی آخر للمؤمن له فی حال تحقق الخطر أو الحادث المؤمن ضده، مقابل التزام المؤمن له بدفع قسط التأمین بدفعة واحدة او على شکل اقساط دوریة أو أی مبالغ مالیة أخرى یدفعها المؤمن له الى المؤمن. وفی الوقت الحاضر فأن التامین لا یقوم به فرد تجاه فرد آخر وانما یقوم به(شخص معنوی) یتمثل فی شرکات مساهمة کبیرة تتعامل معها اعداد هائلة من المؤمن لهم، فتتکون لدیها مبالغ مالیة کبیرة تدفع منها التعویضات المالیة الى المؤمن لهم عند تحقق الاخطار المؤمن ضدها، أما ربحها فیتکون من الفرق الحاصل بین الاقساط التی تأخذها من المؤمن لهم ومبالغ التعویضات التی تدفعها عند تحقق الاخطار المؤمنة، ((ویتم تأسیس شرکة التأمین وفق القواعد القانونیة المنصوص علیها فی قانون الشرکات العراقی النافذ رقم (21) لسنة 1997م المعدل، ولا تمارس اعمال التأمین إلا بعد الحصول على موافقة الدولة استناداً للفقرة أولاً من المادة (1) من تعلیمات منح اجازة ممارسة اعمال التأمین رقم (8) لسنة 2006م)).
وعرف الفقیه الفرنسی بلانیول التأمین بأنه" عقد یتعهد بمقتضاه شخص یسمى المؤمن أن یعوض شخص آخر یسمى المؤمن له عن خسارة احتمالیة یتعرض لها هذا الأخیر، مقابل مبلغ من النقود هو القسط الذی یقوم المؤمن له بدفعه إلى المؤمن".
ثانیاً-تعریف عقد التأمین فی بعض القوانین:-
تتفق معظم القوانین فی تعریفها لعقد التأمین من حیث المضمون وأن کان هنالک اختلاف فی الصیاغة، حیث عرفه المشرع العراقی على أنه "عقد به یلتزم المؤمن أن یؤدی للمؤمن له أو الى المستفید مبلغاً من المال أو ایراداً مرتباً أو أی عوض مالی آخر، فی حال وقوع الحادث المؤمن ضده، وذلک فی مقابل اقساط او ایة دفعة مالیة اخرى یؤدیها المؤمن له للمؤمن".
أما المشرع الأردنی فقد عرف التأمین على أنه "عقد یلتزم به المؤمن أن یؤدی الى المؤمن له أو الى المستفید الذی اشترط التأمین لصالحه مبلغاً من المال أو إیراداً مرتباً، أو أی عوض مالی آخر فی حالة وقوع الحادث المؤمن ضده، وتحقق الخطر المبین فی العقد وذلک مقابل مبلغ محدد أو أقساط دوریة یؤدیها المؤمن له للمؤمن".
فی حین عرف المشرع المدنی المصری التأمین بأنه "عقد یلتزم المؤمن بمقتضاه أن یؤدی الى المؤمن له أو المستفید الذی اشتراط التأمین لصالحة مبلغاً من المال أو إیراداً مرتباً أو أی عوض مالی آخر فی حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبین بالعقد وذلک فی نظیر قسط أو ایة دفعة مالیة أخرى یؤدیها المؤمن له للمؤمن".
ونرى بان التعریفات أعلاه رکزت جمیعها على أطراف عقد التأمین وهم المؤمن والمؤمن له وهو المستفید من عقد التأمین فضلاً على بیان أهم الالتزامات التی یلتزم بها أطراف العلاقة.
الفرع الثانی- خصائص عقد التامین:
یمتاز عقد التأمین بمجموعة من الخصائص، وهذه الخصائص منها ما هو عام یشترک فیها مع غیره من العقود، ومنها ما هو خاص بعقد التأمین، ولغرض الاحاطة بالموضوع سوف نتناول الخصائص بالنقاط الآتیة:-
اولاً- عقد رضائی: یُعد عقد التأمین من العقود الرضائیة التی یکفی لإبرامها تطابق الایجاب بالقبول دون حاجة الى افراغ هذا التطابق أو التوافق بشکلیة معینة، وان الصفة الرضائیة قائمة حتى بالنسبة لعقد التامین الاجباری، لان اجباریة العقد لا تنتزع صفته الرضائیة، کونها تسری قبل ابرام العقد، اما عند ابرام العقد فان التراضی بین الاطراف شرط للانعقاد.
وعلیه یمکن إبرام عقد التأمین بصورة شفویة، إلا أنه توجد صعوبة احیاناً فی إثبات العقد الشفوی لذا جرت العادة فی الغالب على إبرام عقد التأمین بصورة تحریریة أی بشکل مکتوب یوقع علیه طرفا العقد المؤمن والمؤمن له باعتبار أن عقد التأمین یتضمن الکثیر من الجزئیات والتفاصیل التی لا یمکن معرفتها إلا من خلال کتابتها.
فعقد التأمین من العقود الرضائیة ینعقد بمجرد توافق الایجاب والقبول، ولما کان المؤمن دائماً یکون شخص معنوی فلا حاجة للحدیث عن سلامة الرضا فیها کونها متمتعه بالأهلیة القانونیة، أما المؤمن له فیجب أن یکون رضاه صحیحاً وسالماً من جمیع عیوب الارادة، والکتابة فی عقد التأمین لیس للانعقاد وإنما شرطً لإثبات العقد.
ثانیاً- عقد ملزم للجانبین: یُعد عقد التأمین من العقود الملزمة للجانبین، حیث یولد التزامات متقابلة على طرفیه المؤمن والمؤمن له، حیث یلتزم المؤمن له بتقدیم کافة البیانات والمعلومات التی یطلبها المؤمن اثناء ابرام العقد، ودفع اقساط التأمین المتفق علیها، واشعار المؤمن لحظة تحقق الخطر المؤمن ضده، فضلاً عن اخطار المؤمن بدرجة تفاقم وازدیاد حجم الخطر، بالمقابل المؤمن یلتزم بدفع مبلغ التأمین (التعویض) الى المؤمن له حال حدوث أو تحقق الاخطار المؤمن ضدها. ویترتب على ذلک اعتبار عقد التأمین من العقود الملزمة للجانبین فعند عدم تنفیذ احد الطرفین التزامه یبیح للطرف الاخر الامتناع عن تنفیذ التزامه وفسخ العقد، فاذا امتنع المؤمن عن دفع قسط التأمین یحق للمؤمن فسخ عقد التأمین وعدم دفع مبلغ التأمین اذا ما حصل الخطر بین المدة التی توقف فیها المؤمن له عن دفع القسط وتحقق الخطر والعکس صحیح، ویُعد التزام المؤمن له التزام محقق حیث یلتزم بدفع القسط سواء کان کل شهر أو ثلاثة شهور أو ستة شهور، أما التزام المؤمن له فهو غیر محقق کون المؤمن لا یلتزم بدفع مبلغ التأمین إلا بعد تحقق الخطر المؤمن منه.
ثالثاً- عقد معاوضة: یوصف عقد التأمین بأنه عقد معاوضة وذلک لان کلاً من طرفیه یأخذ مقابل لما یعطی، فالمؤمن له یأخذ مبلغ التأمین أو التعویض من المؤمن بعد تحقق الخطر المؤمن ضده أو حلول الأجل المبین فی العقد کما فی حالة التأمین على الحیاة لحین البقاء، وفی المقابل فأنه یلتزم بدفع أقساط التأمین وحسب ما متفق علیه فی عقد التأمین، أما المؤمن فأنه یأخذ اقساط التأمین من المؤمن له وفی المقابل یلتزم بدفع مبلغ التأمین عند تحقق الخطر المؤمن ضده.
رابعاً-عقد احتمالی: یُعد عقد التأمین عقداً احتمالیاً لان العلاقة بین طرفیه تکون احتمالیة، فالمؤمن لا یعرف مقدار ما یحصل علیه من ارباح ولا مقدار ما یدفعه من تعویضات لأنه متوقف على تحقق الاخطار المؤمن ضدها من عدمها.
وکذلک الحال بالنسبة الى المؤمن له فهو لا یعرف مقدار ما یأخذ من تعویضات لأنه متوقف على مدى تحقق الخطر من عدمه، فالتأمین هو عقد من عقود الغرر وأشبه بعقود المقامرة والرهان، فهو عقد قائم على الاحتمالیة من حیث تحقق الاخطار محل العقد من عدمها.
خامساً- من عقود المدة (زمنی): یُعد الزمن فی عقد التأمین عنصراً جوهریاً، والاساس الذی یقوم علیه محل العقد فلا یمکن تصور وجود التأمین إلا بتوفر عنصر الزمن، کما إن منفعة التأمین لا تتحقق إلا بمرور فترة زمنیة معینة، وعنصر المدة من العناصر الرئیسة لعقد التأمین فلا یمکن تصور وجود عقد تأمین دون سریانه خلال مدة زمنیة، وهذه المدة هی الاطار القانونی لالتزامات طرفی العقد فالمؤمن یحصل على الاقساط المالیة خلال هذه الفترة، وبالمقابل فأن المؤمن له یحصل على الأمان ومبلغ التأمین إذا ما تحقق الخطر أثناء سریان عقد التأمین.
ویترتب على اعتبار عقد التأمین من العقود الزمنیة فإنه فی حال فسخ العقد فإن الفسخ لا ینصرف أثره بأثر رجعی الى لحظة ابرام العقد وانما یسری الفسخ من تاریخ الفسخ وتبقى الالتزامات قبل الفسخ قائمة ویجب تنفیذها من قبل الطرفین.
سادساً- عقد اذعان: الاذعان عقد ینحصر فیه قبول المتعاقد بالموافقة والتسلیم بکافة الشروط التی وضعها الطرف الآخر الموجب دون أن یکون له خیار مناقشة هذه الشروط، فهو أما أن یرفضها کلها أو یقبلها کلها، ویرد دائماً على سلعة أو مرفق ضروری کعقود الماء والکهرباء والنقل والتأمین وغیرها.
یُعد عقد التأمین من عقود الاذعان، لان المؤمن هو من یقوم بطباعة کافة الشروط فی العقد ولا یکون أمام المؤمن له سوى الموافقة والاذعان للمؤمن بوصفه الطرف الضعیف أو رفض العقد وبالتالی الحرمان من هذه الخدمة، وقد حاول البعض التخفیف من وصف الاذعان على عقد التأمین بالقول أن للمؤمن له الحق فی الرفض واللجوء الى مؤمن آخر، إلا أن هذا لا یلغی وصف الاذعان عن العقد طالما سوف یوافق على شروط أخرى وضعها مؤمن آخر، ومن ثم لیس أمام المؤمن له سوى الاختیار بین شرکات التأمین والاذعان لهم.
سابعاً- عقد مختلط (تجاری-مدنی): ان عقد التامین اذا اتخذه المؤمن کحرفة او نشاط یأخذ شکل الحرفة والاعتیاد والاستمرار اعتبر تجاریاً، واذا کان المؤمن له لیس تاجراً والتامین عُقد لأجل اعمال مدنیة اعتبر مختلطاً.
یُعد التأمین عملاً تجاریاً استناداً لقانون التجارة العراقی النافذ.، إلا أن المشرع العراقی نظم کثیراً من انواع التأمین فی القانون المدنی العراقی النافذ کالتأمین على الحیاة، والتأمین ضد الحریق والمسؤولیة المدنیة. وعقد التأمین ذو طبیعة مختلطة فهو بالنسبة للمؤمن له مدنی باعتبار الهدف من التأمین هو حمایة امواله وحیاته ومسؤولیته، أما بالنسبة للمؤمن فهو تجاری لان الغرض من التأمین تحقیق الربح.
ثامناً- من عقود حُسن النیة: حُسن النیة هو مبدأ عام بالنسبة لجمیع العقود، إلا أن عقد التأمین یتطلب درجة عالیة من الامانة والصدق وهو ما تفرضه ظروف صناعة التأمین، فالمؤمن له ملزم بالإفصاح عن جمیع البیانات التی یطلبها المؤمن وقت ابرام العقد، ولا یجوز له اخفاء أو تحریف هذه المعلومات ولو کان ذلک ناتجا عن نسیان أو توهم أو خطأ من جانب المؤمن له وإلا کان للمؤمن الحق فی فسخ عقد التأمین، وحسن النیة لا یقتصر فقط وقت التعاقد وانما یجب أن یستمر اثناء التنفیذ، فعلى المؤمن له الافصاح للمؤمن عن کافة المستجدات التی تطرأ على عقد التأمین کزیادة وتفاقم حجم الاخطار التی یمکن أن تهدد محل عقد التأمین.
ونرى بأن عقد التامین هو عقد ینظم علاقة قانونیة بین طرفین وهما المؤمن، والمؤمن له یتفقان على إن یؤدی المؤمن مبلغاً مالیاً للمؤمن له، یسمى مبلغ التامین عند تحقق الخطر المؤمن ضده نظیر مبلغ مالی یدفعه المؤمن له على شکل دفعة واحدة او اقساط دوریة، و یسمى القسط ، والمؤمن له قد یکون شخصاً طبیعیاً أو معنویاً، بینما المؤمن فهو دائما شخص معنوی ویکون عادة ما یعرف بشرکات التأمین.
المطلب الثانی
الخطر الرکن الجوهری فی عقد التامین
یُعد الخطر من المفاهیم الشائعة والکثیرة التداول، وتستخدم فی اغلب الاحیان للدلالة على افعال وسلوکیات معینة، فیقال هذه الانشطة محفوفة بالمخاطر، ونتیجة هذه الاخطار فأن الانسان یقف متحدیاً فی مواجهتها للمحافظة على حیاته اولاً وامواله ثانیاً، ولغرض تحقیق ذلک فانة یستعین بکافة الوسائل المتاحة لدرء الخطر وتجنب الخسارة، کون المؤمن یتوقع الخطر ویهتم بنتائجه، لان الخطر عنصر من عناصر التأمین، والضرر نتیجة له، والخطر فی هذا الصدد یعنی الحادث، أما الضرر فیکون نتیجة لهذا الحادث، لأن التأمین لیس فی الواقع سوى ضمان تعویض نتیجة خطر معین، فالتأمین یدور مع الخطر وجوداً وعدما ً،من خلاله یتم اللجوء الیه. ولغرض الاحاطة بالموضوع فسوف نتناوله بالفروع الآتیة:
الفرع الاول: الاخطار القابلة للتأمین:- تناولت المادة (985/1) من القانون المدنی العراقی النافذ والمادة (1) من تعلیمات فروع وانواع التأمین رقم (9) لسنة 2006م، الخطر باعتباره محل عقد التأمین ولم تحدد الاخطاء القابلة للتأمین على سبیل الحصر، وانما اعطت للمؤمن له الحریة فی تحدید أی اخطار یرى أنها تؤدی الى اضرار تصیبه فی حیاته أو ماله أو مسؤولیته تجاه الآخرین.
والاخطار القابلة للتأمین متعددة ومتنوعة ولا حصر لها کالتأمین على الحیاة، والتأمین على الاشیاء، والتأمین على الاضرار، والتأمین من المسؤولیة المدنیة، والتأمین البحری وحتى یکون الخطر محلاً لعقد التأمین فیجب أن یکون احتمالیاً أی غیر محقق الوقوع، وأن لا یتوقف على محض ارادة أحد الطرفین وخصوصاً المؤمن له، وأن یکون مشروعاً أی غیر مخالف للنظام العام والآداب.
وینبغی أن یُحدد الخطر القابل للتامین علیه بشکل دقیق، حتى یعرف کل طرف ما له من حقوق وما علیه من التزامات، والتحدید الدقیق للخطر یکون بتحدید سببه المطلق، کالتأمین على الحریق مثلاً، والتحدید یکون هنا أیاً کان سبب الحریق او تحدیده تحدیداً محدداً.
ویکون التحدید الدقیق للخطر من خلال تحدید طبیعته فیکون اما تحدیداً عاماً او خاصاً، فیکون التحدید خاصاً عندما ینص صراحة على خطر واحد، کالتامین من السرقة مثلاً، ویکون تحدیداً عاماً عندما یشمل عدة اخطار تنشأ مباشرة من عمل معین، وهذا ما یطلق علیه التامین الشامل کالتامین من المسؤولیة او حوادث السیر او کما فی التامین البحری حیث یتم تامین السفینة من اخطار متنوعة دون تخصیص، وبهذا تقع على عاتق المؤمن جمیع الاضرار والخسائر التی تلحق بالأشیاء المؤمنة فی السفینة مثل(غرق- تصادم- تأخیر- تغییر المسار بسبب خارج عن الارادة- القتال والحروب- الانفجار- القرصنة- خلل فی ادارة السفینة- السرقات داخل السفینة.
ویجوز لأطراف عقد التامین الاتفاق على استبعاد بعض الاخطار من نطاق التأمین، ویجب ان یکون الاستبعاد واضحاً ومحدداً بصورة دقیقة حتى یکون المؤمن على علم کاف بها. سواء فی وضع بند خاص فی وثیقة التامین او فی ملحق بها، ولا یمکن استنتاجه او الافتراض به، وانما یکون بصورة مباشرة باستثناء الخطر من الضمان اذا وقع بأسباب معینة، مثل استبعاد حوادث واسطة النقل اذا وقعت بسبب سائق هذه الواسطة کونه غیر حائز لرخصة القیادة، او استبعاد حوادث الصید والتی تقع بسبب سلاح ممنوع استعماله.
اما الاستبعاد غیر المباشر یتم من خلال وضع المؤمن شرط معین للخطر الذی یضمنه، ونتیجة لهذا الشرط یتم استبعاد کل خطر لا یستوفی هذا الشرط، مثل اشتراط عدم تحمیل السفینة اکثر من الحمولة المقررة لها من قبل الشرکة المصنعة.
ونرى بانه لا یجوز استبعاد الخطر على انه غیر مشمول بالتغطیة من ضمان التأمین نتیجة للاستنتاج من سکوت اطراف العقد، او على سبیل القیاس، ففی هذه الحالة یجب ان یفسر على شمول التأمین للخطر ولا یجوز استبعاده.
الفرع الثانی: الاخطار غیر القابلة للتامین:-
کثیراً ما تتضمن وثیقة التأمین ذکر حالات معینة یکون فیها المؤمن غیر ملزم بتعویض المؤمن له اذا تحقق الخطر المؤمن ضده نتیجة الحالات الآتیة:-
أولاً :- اذا کان الخطر المؤمن منه مستحیل الوقوع استحالة مطلقة أو نسبیة: على اعتبار أن هذا الخطر تحقق مخالف لقانون الطبیعة، فلا یجوز التأمین ضد الاخطار التی یمکن أن تتحقق من جراء تجمد نهر أو بحیرة لا یمکن أن تتجمد بحکم الطبیعة وبالتالی من المستحیل تحقق هذه الاخطار بشکل مطلق، أما الاستحالة النسبیة فأن کان تحققها ممکن إلا أنها تصطدم بظروف خاصة تجعل تحققها مستحیلاً کشخص یؤمن على بضاعته من خطر السرقة فتتلف بخطر الحریق.
ثانیاً:- الاخطار المستبعدة باتفاق المتعاقدین: فمن واجب المؤمن والمؤمن له تحدید الخطر المؤمن ضده بدقة ووضوح وقد یتفق الطرفان على استبعاد خطر معین من نطاق الـتأمین، فاذا حصل مثل هکذا اتفاق یجب تحدیده بوضوح تجنباً لحالات اللبس والغموض، ففی التأمین من المسؤولیة عن حوادث السیارات مثلاً، یجوز لأطراف العقد الاتفاق على استبعاد حوادث السیارات التی تنشأ عن مخالفة قانون المرور من نطاق التأمین.
ثالثاً:- أفعال واخطاء المؤمن له المتعمدة: فالمؤمن لا یضمن الاضرار الناشئة عن الخطأ المتعمد والجسیم الصادر عن المؤمن له أو من یمثله، باعتبار عقد التأمین عقد احتمالی أی احتمال تحقق أو عدم تحقق الخطر المؤمن منه، فاذا تحقق الخطر المؤمن ضده بتعمد المؤمن له أو بخطئه الجسیم فأن المؤمن لا یلتزم بدفع مبلغ التأمین للمؤمن له، ویقع باطلاً کل اتفاق یقضی بتحمل المؤمن الاضرار الناشئة بتعمد أو خطأ المؤمن له الجسیم باعتبار ذلک مخالفاً للنظام العام، ومثال الخطأ الجسیم عدم قیام المؤمن بتغلیف البضاعة بشکل جید مما أدى الى تلفها.
رابعاً:- اذا کان الخطر المؤمن ضده زال أو تحقق الخطر لحظة أبرام عقد التأمین: فاذا ما ابرم عقد على خطر معین وتبین الخطر أنه زال أو اصبح غیر موجود فیُعد العقد باطلاً اذا کان احد الطرفین عالماً به، وکذلک الحال اذا کان الخطر المؤمن منه قد تحقق لحظة ابرام العقد.
ونرى بأن الاخطار القابلة للتأمین لیس دائماً تتوفر فیها الشروط اللازمة للتأمین ضدها فتمتنع شرکات التأمین عن تأمین هذه الاخطار، فتضطر الدولة للممارسة دور المؤمن بعیداً عن عنصر الربح.
المبحث الثانی
السمات القانونیة للخطر فی عقد التامین
یُعد الخطر العنصر الرئیس والاساس لعقد التأمین، فبدون الخطر تنتفی الحاجة الى التأمین، والاخطار التی تحیط الفرد کثیرة ومتعددة لا حصر لها، وهذه الاخطار منها ما یصیب الفرد بجسمه أو ماله أو مسؤولیته تجاه الآخرین.
لم یتفق فقهاء القانون على وضع تعریف واحد للخطر بالرغم من وضوح فکرة الخطر، ولعل السبب یرجع الى أن کل فقیه یعطی تعریفاً للخطر على وفق منظوره له.
ویعرف الخطر بأنه واقعة مستقبلیة غیر معروف تاریخ وقوعها أو غیر محققة الوقوع، یترتب على تحققها الزام المؤمن بدفع مبلغ التأمین المتفق علیه فی العقد الى المؤمن له أو المستفید الذی اشترط التأمین لمصلحته بشرط أن لا یکون للمؤمن له أو المستفید أو من یمثلهما ید فی تحقق الخطر المؤمن ضده.
من خلال هذا التعریف یتبین لنا بأنه لا بد أن یتوفر فی الخطر مجموعة من السمات القانونیة والارکان حتى یکون محلاً لعقد التأمین، وهذه السمات سوف یتم تناولها فی المطالب الآتیة:-
المطلب الاول
احتمالیة الخطر
إن عقد التأمین قائم على فکرة الاحتمال، بمعنى أن الخطر المؤمن ضده یمکن أن یتحقق مستقبلاً أو لا یتحقق.
والخطر غیر المحقق یکون بصورتین، الصورة الاولى، یکون فیها الخطر غیر محقق بمعنى قد یتحقق وقد لا یتحقق، کالتأمین من السرقة والتأمین من المسؤولیة المدنیة أو التأمین من الحریق، أما الصورة الثانیة، فیکون فیها الخطر محققاً ولکن تحقق الخطر یکون مضافاً الى اجل غیر محقق کالتأمین على الحیاة لحین الوفاة، فالموت حق على کل انسان إلا أن امر تحققه غیر معلوم.
فالخطر فی عقد التأمین ینبغی أن لا یکون مستحیل الوقوع فی المستقبل وإلا اعتبر عقد التأمین باطلاً، لاستحالة المحل، کالشخص الذی یؤمن على سیارته من خطر السرقة فیظهر أنها سرقت بالفعل أو أن یؤمن على بضاعته من الغرق فیظهر أنها غرقة بالبحر قبل ابرام عقد التأمین أو التأمین من سقوط الشمس.
أما الاستحالة النسبیة فأنها تجد لها مجال فی عقد التأمین، وبالتالی لا تستبعد من نطاقة فیکون الامر مستحیل بالنسبة لشخص معین اذا وجد فی ظروف معینه، بینما یکون ممکناً لشخص آخر أو عند تغیر الظروف.
أما حالة الخطر الظنی الذی لا یعلم فیه المؤمن والمؤمن له أن الخطر المؤمن ضده قد تحقق بالفعل أو زال قبل ابرام عقد التأمین، فأن العقد یُعد باطلاً ویُعاد الطرفان الى وضعهما السابق ویجب على المؤمن أن یُعید کافة الاقساط وتبرأ ذمة المؤمن له من الاقساط الباقیة، کالتأمین على حیاة شخص آخر من مخاطر السفر فیظهر أنه وصل سالماً من رحلته.
المطلب الثانی
الخطر غیر ارادی
لا یکفی أن یکون عقد التأمین احتمالیاً، وانما یجب أن لا یکون الخطر المؤمن ضده متوقفاً على أرادة طرفی العقد، بمعنى آخر ینبغی أن یکون حدوث الخطر عرضیاً، لان تعلق حدوث الخطر بإرادة أحد المتعاقدین ینفی عنه صفة الاحتمالیة، وهذا لا ینسجم مع طبیعة عقد التأمین وسیکون تحقق الخطر مرهوناً بمشیئة المؤمن أو المؤمن له، فعند تعلق الخطر بإرادة المؤمن فمصلحته تقتضی بعدم تحقق الخطر المؤمن ضده حتى لا یلتزم بدفع مبلغ التأمین الى المؤمن له ویأخذ جمیع الاقساط التی یدفعها المؤمن له، أما اذا کان الخطر متعلقاً بإرادة المؤمن له فمصلحته تقتضی أن یتحقق الخطر حتى یحصل على مبلغ التأمین.
فتعلق الخطر المؤمن ضده بإرادة أحد العاقدین یجعل عقد التأمین باطلاً لانتفاء عنصر الاحتمال فی الخطر، فالخطر یجب أن یتحقق بصورة عرضیة أو طبیعیة أو بفعل الغیر، فالشخص یستطیع أن یؤمن نفسه من الاصابات التی تحصل له بفعل الغیر، أو الاصابات التی یحلقها بالغیر بدون تعمد منه ونتیجة حوادث السیر، ولکن لا یستطیع أن یؤمن نفسه من الاخطار التی تتحقق بفعله العمدی، کالفرد الذی یؤمن على حیاته لحین الوفاة فینتحر بعد إبرام العقد، أما اذا تحقق الخطر المؤمن ضده بفعل غیر عمدی ولم یکن ممثلاً لاحد طرفی العقد فأن هذا لا یؤثر على العقد ویلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمین للمؤمن له ویکون له حق الرجوع على محقق الخطر المؤمن ضده.
المطلب الثالث
مشروعیة الخطر
لا یکفی فی الخطر المؤمن ضده أن یکون احتمالیاً وأن یکون مستقلاً عن إرادة المؤمن والمؤمن له، وانما یجب أن یکون الخطر المؤمن ضده قابلاً للتأمین، ویکون الخطر قابلاً للتأمین إذا کان مشروعاً وغیر مخالف للنظام العام والآداب، ویدخل ضمن نشاطات المؤمن وفقاً لنصوص القانون، فلا یمکن تأمین الاخطار الناتجة عن عملیة التهریب، لان هذه العملیات تعد جریمة معاقب علیها قانوناً فضلاً عن مخالفتها للنظام العام والآداب، کما لا یجوز تأمین الاخطار الناتجة عن المسؤولیة الجزائیة وما یترتب علیها من آثار کالتعویض والغرامات المالیة، لان المسؤولیة الجزائیة مرتبطة بفکرة شخصیة العقوبة والتأمین علیها مخالف للنظام العام والقانون.
ولما کان الخطر هو محل عقد التأمین ورکنه الجوهری وبدونه ینتفی التأمین، فیجب أن یکون الخطر غیر ممنوع قانوناً أو مخالف للنظام العام ولآداب وإلا اعتبر العقد باطلاً.
المبحث الثالث
الشروط القانونیة للخطر وسُبل التعویض عن الاخطار المؤمن ضدها
إن اساس التأمین هو الاخطار التی یتعرض لها الفرد، فوجد التأمین لمعالجة الاخطار بسبل عدیدة ومتنوعة لتفادی الخسائر المادیة والمعنویة التی یمکن أن یتعرض لها الفرد فی حیاته أو امواله، والخطر فی عقد التأمین یمتاز بمجموعة من الشروط القانونیة التی تتمثل بتوزیع الخطر، وتجانس الخطر، فضلاً عن تواتر الخطر، وللإحاطة بهذا الموضوع سوف یتم تناوله فی المطلبین الآتیین:-
المطلب الاول
الشروط القانونیة للخطر فی عقد التأمین
للخطر المؤمن ضده فی عقد التأمین شروط قانونیة، وللإحاطة بها سوف نتناولها فی النقاط الآتیة:-
أولاً: توزیع الخطر: ای تکون المخاطر متفرقة، ای عدم تحققها فی وقت واحد، فغیر ممکن من الناحیة الفنیة التامین ضد الکوارث الطبیعیة کالزلازل والفیضانات والبراکین، لأنها تلحق عدداً کبیراً من المؤمن لهم فی وقت واحد فیصعب على شرکات التامین تغطیة ودفع کافة التعویضات ولا تستطیع الوفاء بالتزاماتها مما یعرضها للإفلاس.
ویقوم التأمین على فکرة التعاون من خلال تجمیع اکبر عدد من الاشخاص المعرضین لخطر معین کالحریق، الوفاة، السرقة وبهدف تفادی هذه الاخطار ودفع اثارها یلجأ هؤلاء الاشخاص الى التعاون فیما بینهم والمساهمة فی جمع مبلغ من المال بشکل دفعات ثابتة أو متغیرة لتعویض الخسائر التی تلحق أحدهم نتیجة تحقق هذه الاخطار، فالتأمین یعمل على تشتیت وتوزیع الخسائر التی یمکن أن تصیب بعض المؤمن لهم، ویعمل على تجزئة هذه الاخطار لتصبح آثارها ضئیلة بالنسبة لکل فرد وبالتالی یحقق الشعور بالأمان والراحة، فالمؤمن یقوم بدور الوسیط بین المؤمن لهم وإن کان غرضه من التأمین تحقیق الربح، من خلال قیامه بجمع الاقساط المدفوعة من المؤمن وتکوین مبلغ من المال یعوض به المؤمن لهم الذی یصیبهم الخطر المؤمن ضده.
ثانیاً: تجانس الخطر: یراد بالخطر المتجانس ذلک الخطر الذی یمتاز بطبیعة وصفة واحدة (سرقة-حریق-حوادث وسائط النقل) وظروف تحققه واحدة وموضوعها یجب ان یکون متشابهاً، وان تکون متقاربة من حیث القیمة، حرصاً على مبدأ المساواة بین المؤمن لهم والتوازن المالی لشرکات التامین، ولتجانس الخطر أهمیة فی تحدید قسط التأمین الذی یلتزم المؤمن لهم بدفعه للمؤمن، فالمؤمن لا یعرف مقدار قسط التأمین إلا بعد معرفة طبیعة الخطر الذی یطلب من تغطیته، فمن الطبیعی أن یکون قسط التأمین من الحریق یختلف عن قسط التأمین من السرقة لخضوع کل تأمین لمخاطر وظروف تختلف عن نوع التأمین الآخر.
ثالثاً: تواتر الخطر: یعنی التواتر أن الاخطار المؤمن ضدها ینبغی أن لا تکون نادرة فی الوقوع بل تتحقق بشکل منتظم مثل الاضطرابات الشعبیة والثورات المحلیة والحروب فهنا یظهر عنصر عدم التواتر وغیر متأکد فی هذه المخاطر وغیر متحقق ونتیجة لذلک لا یمکن تقدیر احتمالات حدوثه او اجراء الاحصاء علیه، لکی یتمکن المؤمن استنتاج نسب تحققها من عدم تحققها ویحتسب مقدار القسط المطلوب من المؤمن لهم.
فالخطر النادر لا یمکن التأمین ضده لأنه لا یُعد خطراً تأمینیاً باعتبار أن الندرة تتعارض مع قاعدة التکرار ومن ثم لا یمکن تقدیر قیمة قسط التأمین المطلوب، فالتأمین ضد خطر الطاقة الذریة غیر ممکن لندرة وقوع مثل هکذا أخطار.
المطلب الثانی
سُبل التعویض عن الاخطار المؤمن ضدها
یعتمد المؤمن سُبل مختلفة عند التعویض عن الخسائر التی تلحق بالمؤمن لهم جراء تحقق الاخطار المؤمن ضدها. وان مسؤولیة المؤمن بدفع التعویض هی مسؤولیة عقدیة تتحقق عند وقوع الحادث مباشرة، أی خلال فترة التأمین دون التحری عن المقصر فی الحادث وغالباً ما یلجأ إلى الطریق العملی الذی یناسب طبیعة الخسائر من جهة وامکانیاته الفنیة من جهة أخرى وهذا ما سوف نتناوله بالنقاط الاتیة:
1- المبلغ النقدی: وهو الأسلوب الأکثر انتشاراً وشیوعاً عند التعویض. فما ان یُقرر استحقاق التعویض، وتقدر قیمة الخسارة سواء من قبل شرکات التأمین أو خبراء التسویة المعتمدین، حتى یتم صرف مبلغ التعویض او أی ایراد مالی دوری.
2- التصلیح: وتستخدم هذه الطریقة بشکل واسع من قبل شرکات التأمین(المؤمن) کوسیلة للتعویض عن الأضرار التی لحقت بممتلکات المؤمن لهم، مثل إرسال السیارة أو السفینة المتضررة الى ورش التصلیح لإصلاح الأضرار التی أصابتها من جراء حوادث السیارات أو إصلاح السفینة فی ورش التصلیح فی المیناء من الأضرار التی لحقت بها من جراء تحقق الاخطار المؤمن ضدها.
3-الاستبدال: وهو من طرق التعویض التی یلجأ المؤمن الیها، اذ تستخدمها شرکات التامین عندما تکون تکلفة الاستبدال أقل بکثیر من دفع قیمة التعویض نقداً، مثل التامین على خطر تکسر الزجاج لأحدى المنشآت الکبیرة، فعند تحقق الخطر المؤمن ضده فباستطاعة المؤمن الحصول على تخفیض جید من الشرکات التی تقوم باستبدال الزجاج.
4- إعادة البناء: وهی من طرق التعویض التی قلما تلجأ الیها شرکات التامین (المؤمن) بسبب الصعوبات التی تواجهها عند اللجوء إلیها حیث ترافق عملیة اعادة البناء العدید من المشاکل من حیث نوعیة المواد الاولیة المستخدمة والخریطة المناسبة والموافقات الاداریة والموازنة بین مبلغ التعویض المحدد والتکلفة الفعلیة التی قد تفوق هذا المبلغ بسبب تقلب الاسعار والاجور المصاحبة لإعادة البناء...الخ، ویکون مسؤولاً عن جبر الضرر بغض النظر عن التکالیف.
5- توزیع المشارکة فی التعویض : تنشأ فی الحالات التی تکون فیها وثیقتان للتامین ساریتی المفعول ضد خطر واحد ومشترک أو أکثر تکون جمیعها مسؤولة عن نفس الخسارة من خلال تحقق الخطر المؤمن ضده لدى اکثر من مؤمن واحد، وهذه المشارکة هی حق للمؤمن فی مطالبة المؤمنین الآخرین بالمثل والمشارکة فی التعویض، ولا یشترط تحقق التساوی بین المؤمنین فی تکالیف التعویض. ویهدف الى منع المؤمن له من الاستفادة من خسارته من اکثر من طرف والإثراء بلا سبب بحصوله على اکثر من تعویض فی نفس الخسارة على حساب المؤمن.
6- حلول طرف ثالث: وهو حق المؤمن الذی یقوم بتعویض المؤمن له عن خسارة معینة استرداد کل أو جزء من قیمة التعویض من خلال حلول طرف ثالث محل المؤمن، وهذا یعنی أن الحق فی الحلول لن ینشأ الا إذا لحقت المؤمن له خسارة وکان له الحق فی الحصول على تعویض عن هذه الخسارة من طرف ثالث (المسبب فی تحقق الخطر) بالإضافة الى وجود وثیقة التأمین، فإذا اختار المؤمن له مطالبة مؤمنة بموجب وثیقة التأمین فإن علیه أن یحول حقه فی التعویض من الطرف الثالث الى المؤمن، وتأثیر ذلک أن یمنع المؤمن له من الحصول على أکثر من تعویض فی آن واحد، فمثال ذلک إذا تعرض منزل (أ) لحریق بسبب إهمال شرکة الصیانة التی کانت تقوم بإصلاح إحدى نوافذ المنزل ونتج عن ذلک أضرار نتیجة لتحقق خطر الحریق، ففی هذه الحالة یکون بإمکان هذا الشخص الحصول على تعویض من شرکة التأمین إذا کان لدیه وثیقة تأمین من الحریق على منزله والحصول على تعویض ثانٍ من شرکة الصیانة بسبب اهمال الشرکة بعملها، ولکن فی حالة حصوله على تعویض من مؤمنه فإنه سیفقد الحق فی الرجوع على شرکة الصیانة، اذ یتم تحویل هذا الحق الى المؤمن الذی یستطیع مقاضاة شرکة الصیانة باسم هذا الشخص لاسترداد ما دفعة من تعویض، أما إذا حصل (أ) على أی تعویض من شرکة الصیانة فیقع علیه رده الی شرکة التأمین.
ونرى بان العلاقة العقدیة بین الطرفین ینتج عنها علاقة دائن ومدین، تنطبق علیه الصفة التعویضیة، وهو من المبادئ المتعلقة بالنظام العام، الذی یقصد به تعویض المؤمن له من قبل المؤمن جراء تحقق الخطر المؤمن ضده، ولا یجوز للمؤمن له ان یحصل من شرکة التامین على تعویض یفوق المبلغ الذی دفعه عند تسدید اقساط التامین، والا اصبح التامین وسیلة للإثراء بلا سبب، وکذلک لا یجوز للمؤمن له ان یؤمن على الخطر ذاته لعدة شرکات تأمینیة، واذا حصل ذلک وتحقق الخطر المؤمن ضده فلا یجوز اخذ تعویض یضاهی ویفوق مبلغ اقساط التامین.
الخاتمـة
فی نهایة بحثنا الموسوم بـــ (السمات والشروط القانونیة للخطر فی عقد التأمین) ندرج فی ادناه أهم النتائج والتوصیات وعلى النحو الآتی:-
اولاً- الاستنتاجات:
1- توصلت هذه الدراسة الى أن الخطر هو اساس عقد التأمین وغایته، وبدونه لا یتصور وجود التأمین، فالتأمین یدور وجوداً وعدماً مع الخطر المؤمن ضده. أیاً کان مصدر الخطر حیث شملت المخاطر التی تهدد الانسان فی شخصه وسلامة جسده او فی الذمة المالیة، والذی یستند على الاسس القانونیة اللازمة لإبرام عقد التامین.
2- یُعد الخطر هو الرکن الجوهری والمحل الرئیس لعقد التأمین، ویشترط فی هذا المحل مجموعة من السمات، تتمثل بـ احتمالیة الخطر، ولا اردیة الخطر، ومشروعیته. ای یتوقف تحقیقه على عوامل خارجیة محتملة لا ارادة فیها للمؤمن والمؤمن له فی حدوثها، وامر تحقیق الخطر متروکاً لمحض الصدفة او لعوامل طبیعیة او لإرادة الغیر(طرف اجنبی) عن العقد. وبخلافها یصبح عقد التامین باطلاً.
3- ذکر المشرع العراقی الاخطار القابلة للتأمین على سبیل المثال ولیس على سبیل الحصر وبالمقابل لم یبین المشرع الاخطار غیر القابلة للتأمین.
ثانیاً- التوصیات:
1- نوصی المشرع العراقی بضرورة تعدیل النصوص القانونیة المنظمة لأحکام عقد التأمین على النحو الذی یلائم التطور الحاصل بمجال التأمین لتنظم کافة الجوانب القانونیة لعقد التأمین.
2- نوصی المشرع العراقی بضرورة بیان الاخطار المستثناة من التأمین.
3- نوصی المشرع بضرورة ایجاد طریقة مثلى تشجع الافراد والشرکات على حدِ سواء باللجوء الى التأمین، نظراً لما یحققه التأمین من أمن وامان من خلال إصلاحه للأخطار المؤمن ضدها والتخفیف من حجم الخسائر التی یمکن أن یتعرضوا لها.
4- انشاء صنادیق تأمینیة خاصة من طرف الدولة لتغطیة الاخطار التی یصعب اللجوء للتامین لعلاجها، نظراً لطبیعة الخطر او نقص المعلومات او الاخطار الکبیرة المفاجئة مثل الفیضانات التی تتلف المحاصیل الزراعیة او الجفاف او التقلبات الاقتصادیة المفاجئة او انتشار آفة توثر على الثروة الحیوانیة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)