الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
تعلیق على حکم المحکمة الدانمارکیة العلیا فی قضیة الصحراء الخضراء "مسؤولیة الجیش عن مساعدته للقوات المحلیة فی إساءة معاملة المحتجزین"
فتحی محمد فتحی الحیانی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Fathi Muhammad Fathi al-Hayani College of law / University of Mosul Correspondence: Fathi Muhammad Fathi al-Hayani E-mail: |
(*) مراجعة مقال
Doi: 10.33899/alaw.2019.161491
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
لقد أصدرت المحکمة العلیا الدانمارکیة (القسم الشرقی) بخصوص ما یعرف باسم قضیة العراق أو الصحراء الخضراء ذات التسلسل (B344808J - HBJ)حکماً ابتدائیاً فی حزیران 2018، استناداً إلى مسؤولیة الجیش الدانمارکی عن علمه المفترض بأن ثمة معاملة سیئة تنتظر المحتجزین من قبل القوات العراقیة رغم عدم مشارکتها فی عملیة الاعتقال ولا ممارستها لسوء المعاملة. وعلى الرغم من أهمیة هذا الحکم الذی بلغت عدد صفحاته818 صفحة متضمناً الکثیر من المبادئ والتحلیلات القانونیة إلا انه لم یحظى بأهمیة تذکر فی الأوساط الأکادیمیة العربیة وذلک کونه صدر باللغة الدانمارکیة ولم یتم ترجمته إلى اللغات الأخرى لاسیما العربیة والانکلیزیة. ونظراً لما نعتقده من ضرورة علمیة فی نقل مضمون هذا الحکم الى اللغة العربیة لتعم الفائدة ولیأخذ نصیبه من الدراسة والتحلیل من قبل المختصین بهذا الجانب، فقد ارتأینا أن نترجم عن الانکلیزیة تعلیق الاستاذین توماس أوبل هانسن و فیونا نیلسون:
(Thomas Obel Hansen and Fiona Nelson) ترجمة سیاقیة مع الاضافة والتعلیق کلما اقتضى الأمر . وقد تم نشر هذا التعلیق فی 24 من کانون الثانی عام 2019، على الموقع:
https://www.ejiltalk.org/liability-of-an-assisting-army-for-detainee-abuse-by-local-forces-the-danish-high-court-judgment-in-green-desert/
لقد تضمن القرار وما رافقه من دفوعات جملة من الامور القانونیة والسیاسیة فضلا عما أثاره من فضول علمی اقتضى المقارنة بینه وبین ما شابهه من قرارات صدرت عن محاکم دول أخرى لا سیما البریطانیة منها. فعلى المستوى السیاسی هل یمکن أن نتوقع وجود تداعیات بسبب الحکم فی الموقف الرسمی الدانمارکی بشأن تعاونها الدولی المستقبلی مع العملیات العسکریة المشترکة فی العراق أو فی أی مکان آخر من العالم. أما على المستوى القانونی فکانت مسألة القانون الواجب التطبیق من المسائل التی تقتضی التأمل والوقوف عندها فضلاً عن القصد الجنائی ( الرکن المعنوی) الذی کان للمحکمة تفسیراً مازجت فیه بین مقتضیات النص القانونی وحقائق الواقع المیدانی. وعلیه سیتم الترکیز على هذه المسائل الثلاث بقدر ما یساهم فی توضیح اهم جوانب القرار والتعلیق علیه من قبل الاستاذین المشار الیهما أعلاه.
أولاً : خلفیة القضیة :
کانت عملیة الصحراء الخضراء عملیة عسکریة تم التخطیط لها وتنفیذها بالاشتراک مع القوات البریطانیة والدانمارکیة والعراقیة فی نوفمبر 2004 بالقرب من البصرة فی جنوب العراق. اعتقلت القوات العراقیة خلال العملیة حوالی 30 عراقیاً تم نقلهم فیما بعد إلى قاعدة عسکریة تدیرها القوات البریطانیة (قاعدة الشعیبة الجویة) وبعد ذلک إلى مرافق الاحتجاز التی تدیرها السلطات العراقیة .شارک فی العملیة العسکریة حوالی 1000 من القوات العسکریة والأمنیة، بما فی ذلک حوالی 350 من الجنود الدانمارکیین. وقد تعرض المحتجزین العراقیین للتعذیب وسوء المعاملة من قبل القوات العراقیة مما دفع البعض منهم إلى تحریک دعاوى أمام القضاء الدانمارکی مطالبین بالتعویض عما أصابهم من ضرر مادی ومعنوی.
ثانیاً : طلبات المدعین :
لقد قام 23 شخصاً عراقیاً بتحریک دعوى أمام القضاء الدانمارکی ضد وزارة الدفاع وقیادة الجیش الدانمارکیة مطالبین بالتعویض عن الاضرار المادیة والمعنویة التی لحقت بهم جراء ما تعرضوا له من تعذیب وسوء معاملة على أیدی القوات العراقیة بعد أن تم اعتقالهم ومن ثم احتجازهم. مستندین فی دعواهم أن القوات الدانمارکیة کانت مساندة للقوات العراقیة التی نفذت العملیة . وقد استندوا فی دعواهم على المادة الثالثة من الاتفاقیة الأوروبیة لحقوق الإنسان التی تنص على ((لا یجوز إخضاع أی إنسان للتعذیب ولا للمعاملة أو العقوبة المهینة للکرامة)) مدعیین أن وزارة الدفاع کانت ملزمة بإجراء تحقیق مستقل جدید.
ثالثاً : رأی المحکمة :
لقد قررت المحکمة أن خمسة من المدعیین لا یستحقون التعویض فردت طلبهم، کما أنها لم ترى ضرروة بالرد بالإیجاب على طلب المدعیین بضرورة إلزام وزارة الدفاع الدانمارکیة إجراء تحقیق مستقل جدید، بحجة أن مثل هذا التحقیق لم یکن من المرجح أن یحقق معلومات جدیدة ذات صلة. وفی ذات الوقت فقد ذهبت المحکمة إلى إقامة مسؤولیة القوات الدانمارکیة عن سوء معاملة المحتجزین العراقیین على أیدی قوات الامن العراقیة، فی ظل الظروف تبین أن القوات الدانمارکیة لم تشارک فی عملیات الاعتقال وما تلاها من إساءة معاملة المحتجزین، ولم تمارس القیادة على القوات العراقیة. فقد أنحصر دور القوات الدانمارکیة على "سلطة تنسیقة" فقط لم تسمح لها بإصدار أوامر للقوات العراقیة. على الرغم من ذلک، تم تحدید المسؤولیة على أساس أنه فی وقت اتخاذ قرار المشارکة فی هذه العملیة العسکریة المشترکة ("عملیة الصحراء الخضراء") فی نوفمبر 2004، کان ینبغی على وزارة الدفاع أو قیادة الدفاع أو الکتیبة الدانمارکیة أن یعلموا أن ثمة خطر حقیقی من أن الأشخاص المحتجزین أثناء العملیة سیتعرضوا إلى معاملة لا إنسانیة أثناء التحقیق الذی ستجریه الجهات العراقیة. ومع الأخذ فی الاعتبار طبیعة الانتهاکات وحقیقة أن القوات الدانمارکیة لم ترتکبها بنفسها، فقد خلصت المحکمة إلى استحقاق 18 من أصل 23 مبلغ التعویض.
رابعاً : ملخص القرار :
على الرغم من وجود بعض الأدلة التی تشیر إلى دور أکثر نشاطًا للقوات الدانمارکیة فقد تابعت بعض القوات الدانمارکیة قوات الأمن العراقیة فی المنطقة المستهدفة وشارکت فی إخلاء بعض المنازل، إلا أن المحکمة وجدت أنه لا یوجد جنود دنمارکیون ساعدوا بشکل مباشر فی عملیات الاعتقال. فی حکمها الواسع المکون من 818 صفحة، قیمت المحکمة العلیا إیفادات المدعین العراقیین المحتجزین أثناء العملیة إلى جانب التقاریر الطبیة وسجلات الاحتجاز البریطانیة والأدلة المقدمة من ضباط وجنود دانمارکیین وغیرهم. وخلصت المحکمة إلى أن 18 من المدعیین تعرضوا للتعذیب على أیدی القوات العراقیة عن طریق الصدمات الکهربائیة والفلقة فضلاً عن المعاملة اللاإنسانیة والضرب أثناء احتجازهم فی السجن وأثناء نقلهم.
وبینما ادعى المدعون أنه یحق لهم الحصول على تعویض عن التعذیب والمعاملة اللاإنسانیة والمهینة، أقرت المحکمة مسؤولیة القوات الدانمارکیة عن المعاملة اللاإنسانیة فی شکل ضرب فقط دون جریمة التعذیب. من الجوانب الغریبة فی الحکم أن المحکمة اعتبرت وزارة الدفاع الدانمارکیة مسؤولة عن المعاملة اللاإنسانیة للمحتجزین لدى قوات الأمن العراقیة فی أعقاب العملیة رغم عدم تزامن تواجد القوات الدانمارکیة مع ارتکاب مثل هذه الافعال، ولم تعدها مسؤولة عن المعاملة اللاإنسانیة (الضرب والرکل) من قبل القوات العراقیة التی وقعت أثناء عملیة الصحراء الخضراء رغم تواجدها فی هذه الاثناء. حیث أثبتت الأدلة المقدمة إلى المحکمة - بما فی ذلک تسجیلات الفیدیو وشهادات أثناء العملیة وبعض التقاریر التی أشارت إلى أن تقاریر بذلک قدمت إلى سلسلة القیادة.
وبالاستناد إلى المادة 26 من قانون المسؤولیة عن الاضرار الدنمارکی مع الاخذ بنظر الاعتبار المادة 3 من الاتفاقیة الاوربیة لحقوق الانسان المشار الیها أعلاه، خلصت المحکمة إلى أنه کان یجب على وزارة الدفاع أو قیادة الدفاع أو الکتیبة الدانمارکیة أن تعلم أن هناک خطر حقیقی سوف یتعرض له المعتقلون أثناء العملیة المشترکة فیما بعد من معاملة لا إنسانیة فی الحجز العراقی وأن هناک علاقة سببیة بین القرار الدانمارکی بالمشارکة فی العملیة المشترکة والمعاملة اللاإنسانیة. وقد اقتصر قرار المحکمة على التعویض عن أفعال المعاملة اللاإنسانیة حیث تبین أن التعذیب الذی تعرض الـ 18( من أصل 23) محتجز ممن قدموا أدلة مقنعة لم یکن متوقعًا من قبل السلطات الدانمارکیة. کان هذا على الرغم من وجود بعض الأدلة التی تشیر إلى معرفة القوات الدانمارکیة باحتمال التعرض للتعذیب، بما فی ذلک أحد المحامیین العسکریین الذی شرح "بالتأکید، نحن، علمنا أن المعتقلین تعرضوا للتعذیب". أکدت المحکمة العلیا أن وزارة الدفاع وقیادة الدفاع وقیادة عملیات الجیش على درایة بالتقاریر التی تشیر إلى إساءة معاملة المحتجزین فی المنشآت العراقیة، بما فی ذلک تقریر واحد محدد یغطی تفتیش المحتجزین فی 23 حزیران 2004 والذی تضمن وصفًا لشکاوى (11) معتقلاً فی سجن المعقل وقد حظى هذا التقریر بمزید من الاهتمام من قبل وزارة الدفاع فی حینها. کما لاحظت المحکمة بأن "المعاملة القاسیة" للمحتجزین من قبل الشرطة العراقیة نوقشت فی مؤتمر قانونی قبل عملیة الصحراء الخضراء، وقد شارکت فی المؤتمر القوات الدانمارکیة والبریطانیة والإیطالیة، لوحظ خلاله أن إساءة معاملة المحتجزین فی مرافق الاحتجاز العراقیة کانت مسألة "اهتمام عام".
و استناداً إلى کل ما تقدم ذکره من قرائن تقتضی علم القوات الدانمارکیة بأن معاملة قاسیة و إنسانیة تنظر المحتجزین العراقیین فقد قضت بأن التعویض یجب أن یحدد بمبلغ 30000 کرونة دانمارکیة (حوالی 4000 یورو) لکل شخص بواقع (18) من أصل (23) من أصحاب الطلبات فی حین أن الخمسة الباقین لم یستحقوا التعویض على حد رأی المحکمة.
خامساً : وجهة نظر المحکمة فی القانون الواجب التطبیق:
لقد تم التطرق بشکل موجز للغایة فی حکم المحکمة العلیا لمسألة تطبیق قانون حقوق الإنسان خارج الحدود الإقلیمیة. فقد زعمت وزارة الدفاع الدانمارکیة أن الاختصاص الدنمارکی لا یسری على المدعیین أثناء عملیة الصحراء الخضراء، أو على أقل تقدیر فأن سریانه یقتصر على فترة العملیة نفسها، عندما کانت القوات الدانمارکیة متواجدة، ولا یمتد الى أی سوء معاملة لاحقة للمعتقلین من قبل القوات العراقیة. ومع ذلک، لم تجد المحکمة العلیا أسبابًا للنظر فی مدى استیفاء متطلبات الولایة القضائیة المنصوص علیها فی المادة1 من الاتفاقیة الأوروبیة لحقوق الإنسان، حیث رأت أن المطالبة بالتعویض یجب أن تبت وفقًا للأحکام العادیة فی القانون الدنمارکی فیما یتعلق بمسؤولیة السلطات الحکومیة، ولکن مع مراعاة المادة3 من الاتفاقیة الأوروبیة لحقوق الإنسان والقانون العام الدانمارکی للمسؤولیة. وربما سیکون لهذه المسألة نصیب أکبر من الاهتمام والتحلیل، فی ضوء فقه المحکمة الأوروبیة لحقوق الإنسان، عندما تُعرض القضیة على المحکمة العلیا الدانمارکیة عند الاستئناف.
من وجهة نظر المحکمة العلیا، بموجب القانون الدنمارکی، ینبغی تحدید مسألة المسؤولیة على أساس تقییم کلی فی سیاق تخطیط وتنفیذ عملیة الصحراء الخضراء فیما إذا کان یمکن اعتبار وزارة الدفاع أو السلطات التابعة أو الکتیبة یعلمون أو کان ینبغی لهم أن یعلموا أن تنفیذ العملیة ینطوی على خطر حقیقی من تعرض المعتقلین للتعذیب أو غیره من ضروب سوء المعاملة أثناء وجودهم فی الحجز العراقی بعد إتمام العملیة. وفی هذا الصدد فقد سلطت المحکمة الضوء على العلاقة السببیة بین قرار الدانمارک بالمشارکة فی عملیة الصحراء الخضراء ومشارکتها الفعلیة فیها والمعاملة اللاإنسانیة اللاحقة للأشخاص المحتجزین أثناء تلک العملیة أثناء احتجازهم لاحقًا من قبل السلطات العراقیة، لکنها لم تجد توافر هذه العلاقة السببیة فیما یتعلق بـ حوادث التعذیب.
أشارت المحکمة بشدة إلى أن عدم اهتمام السلطات الدانمارکیة ذات الصلة بخطر المعاملة اللاإنسانیة کان نتیجة لإطار قانونی أثبت أن عملیات الاحتجاز التی قامت بها قوات الأمن العراقیة کجزء من المهام التی نفذت بالتعاون مع القوات الدانمارکیة کان هو السبب فی نهوض المسؤولیة الدانمارکیة. یمثل هذا الانتقاد للترتیبات الخاصة بمعاملة المحتجزین ضربة کبیرة للسلطات الدانمارکیة التی یبدو أنها، بعد حوادث الإساءة السابقة فی سیاق الاعتقال بمشارکة القوات الدانمارکیة، تعمل على افتراض أن إنشاء هذا الإطار القانونی والسیاسی سوف یعفیها من المسؤولیة. وزارة الدفاع الدانمارکیة التی أعلنت أنها ستستأنف القرار، تقول إن هذا القرار "یضع الدانمارک فی موقف صعب للغایة عند إرسال جنود إلى الخارج". وقد ناقش الوزیر بأنه "عندما تنشر الدانمارک قوات مسلحة فی الخارج، فإن هذا یشمل دولًا تتمیز بالحرب والصراع، مثل العراق وأفغانستان ومالی. مثل هذه الدول لدیها دائمًا سجل سیء فی مجال حقوق الإنسان. وأن هذا الحکم یحدد فی بعض النواحی معاییر لا یمکن التقید بها عملیا. وهذا قد یعنی أن الدنمارک لا یمکنها المساهمة فی تحسین الأمن وحالة حقوق الإنسان - فی البلدان المتأثرة بالصراع، وهذا لن یعود بالنفع لأی جهة.
إذا أکدت المحکمة العلیا أن السلطات الدانمارکیة مسؤولة عن إساءة معاملة المعتقلین العراقیین فی الحجز العراقی، فإن هذا سیتطلب بالتأکید إعادة النظر فی کیفیة مساهمة القوات الدانمارکیة فی عملیات "البحث والاعتقال" المشترکة. فی العملیة المعنیة، سعت الدانمارک إلى تجنب المسؤولیة عن کیفیة معاملة المحتجزین من خلال ضمان عدم مشارکة القوات الدانمارکیة بشکل مباشر فی عملیات الاعتقال أو النقل أو الاحتجاز أو الاستجواب. إذا تم تبنی هذا الحکم، فستضطر السلطات الدانمارکیة إلى النظر بعنایة أکبر فی کیفیة معاملة القوات المتعاونة للمحتجزین، وفی حالة التخطیط للمساهمة فی العملیات العسکریة حیث تتم عملیات الاعتقال، تتخذ خطوات أکثر نشاطًا لضمان احترام القوات المتعاونة لمعاییر لحقوق الإنسان المطلوبة.
سادساً:
مقاربة مع الجهود الأخرى المستمرة لمعالجة سوء المعاملة والتعذیب فی العراق
المحکمة الدانمارکیة العلیا لیست الجهة الوحیدة التی تتناول قضایا تعذیب المعتقلین وإساءة معاملتهم أثناء حرب العراق وما بعدها. حیث یواصل مکتب المدعی العام بالمحکمة الجنائیة الدولیة بحثه الأولی فی سلوک القوات البریطانیة فی العراق، بعد أن أسس "أساسًا معقولًا للاعتقاد" بأن جرائم الحرب (بما فی ذلک القتل العمد والتعذیب والمعاملة اللاإنسانیة / القاسیة) قد ارتکبت. فی المملکة المتحدة، تم رفع المئات من الدعاوى المدنیة، بعضها تمت تسویتها خارج المحکمة، والبعض الآخر صدرت فیها قرارات، فیما مازال قسما منها قید المعالجة فیما یتعلق بسوء المعاملة وفی بعض الحالات القتل غیر القانونی للعراقیین على أیدی القوات البریطانیة. وبالفعل لاحظت المحکمة العلیا الدانمارکیة أن العدید من المطالبین العراقیین فی القضیة المعروضة أمامها قد رفعوا دعوى قضائیة ضد وزارة الدفاع البریطانیة للحصول على تعویض فیما یتعلق بعملیة الصحراء الخضراء.
کما یتضمن قرار المحکمة الدانمارکیة العلیا بعض أوجه التشابه المثیرة للاهتمام مع حکم المحکمة العلیا فی المملکة المتحدة الصادر فی دیسمبر 2017 فی قضیة:
Alseran v. MOD(القضیة المعروفة ب ارسلان ضد وزارة الدفاع البریطانیة) حیث تناول هذا الحکم أربع قضایا رئیسیة قُدمت من أکثر من 600 دعوى مدنیة قدمها عراقیون یطلبون تعویضًا بموجب قانون حقوق الإنسان عن سوء المعاملة والاحتجاز غیر القانونی على أیدی القوات المسلحة البریطانیة فی العراق بین عامی 2003 و 2009. منحت المحکمة تعویضات لجمیع المطالبین الأربعة بسبب الاحتجاز غیر القانونی وإساءة المعاملة التی شملت، بما فی ذلک تغطیة الرأس والضرب والاعتداء عن طریق الجنود الذین یرکضون على ظهر المحتجز.
فی کل من الإجراءات البریطانیة والدانمارکیة، واجه العراقیون صعوبات فی الحصول على تأشیرات للإدلاء بشهادتهم فی المحکمة. وفی نهایة المطاف، صدرت التأشیرات من قبل المملکة المتحدة، بینما فی الإجراءات الدانمارکیة، أدلى 11 من المطالبین بشهادتهم عبر الفیدیو لأن السلطات الدانمارکیة لن تمنحهم حق الدخول إلى الدانمارک. أصدرت المحکمتان فی نهایة المطاف أحکامًا مطولة تستعرض الأدلة المتاحة بتفصیل کبیر. فی کلتا الحالتین، أثارت وزارة الدفاع المعنیة أسئلة حول مصداقیة الشهود وقد تناول القضاة هذه المسألة بطریقة دقیقة، حیث قاموا بشکل منهجی بتقییم مصداقیة الأفراد المدعیین وکذلک مختلف الادعاءات التی قدمها کل مطالب مع أدلة خبراء من الأطباء وعلماء النفس. إلا أن الاختلاف الجوهری بین الحکمین کان یتعلق بمستوى تحلیل الأطر القانونیة الدولیة المعمول بها، والتی تم فحصها على نطاق واسع من قبل المحکمة العلیا فی المملکة المتحدة على خلاف ما کان علیه الأمر فی الحکم الدانمارکی حیث غاب هذا التحلیل فی الحکم البدائی تماماً وقد یتغیر هذا الوضع عند الاستئناف.
سابعاً:
الاجراءات التی تمنع نهوض المسؤولیة ضد القوات الدانمارکیة:
یؤکد قرار المحکمة الدانمارکیة العلیا على أن القوات الأجنبیة التی تساعد أو تعمل بالتعاون مع قوات الأمن المحلیة لا یمکنها بالضرورة أن تحمی نفسها من المسؤولیة عن إساءة معاملة المحتجزین والتی یمکن التنبؤ بها من خلال الإشارة إلى الترتیبات الرسمیة التی بموجبها لا تشارک القوات الأجنبیة مباشرة فی الاعتقالات، التحویلات أو الاستجوابات. من منظور منع سوء المعاملة للمحتجزین، یعد هذا تطوراً جدیراً بالثناء، لا سیما فی الوضع کما هو الحال فی الدانمارک حیث تم عرقلة الجهود المبذولة لتقییم معاملة المحتجزین وغیرها من جوانب حرب العراق من خلال التحقیقات العامة مرارًا وتکرارًا على المستوى السیاسی
The Author declare That there is no conflict of interest