الملخص
على الرغم من خلو القوانین المقارنة من تعریف لوثیقة البیع الدولی الالکترونی إلا أننا ونتیجة البحث تمکنا من صیاغة التعریف الآتی (وثیقة البیع الدولی الالکترونی : هی المحرر الإلکترونی لعقد البیع الذی یکون محله بضاعة منقولة أو معدة للنقل بین دولتین أو أکثر، وینشأ هذا المحرر أو یدمج أو یخزن أو یرسل أو یستقبل کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة). وإذا ما کان التنظیم القانونی لوثیقة البیع الدولی الإلکترونی یتوزع بین قوانین المعاملات الإلکترونیة من جهة وقوانین التجارة من جهة أخرى، فإن الملاحظ أن قوانین المعاملات الإلکترونیة –المقارنة- قد جاءت مستقاة من قوانین الأونیسترال النموذجیة للتواقیع الإلکترونیة وللتجارة الإلکترونیة، بدلیل تطابق نصوصها وأحکامها معها.
ومن خلال البحث تبین لنا أن الکتابة الإلکترونیة فی عقد البیع الدولی الإلکترونی لیست شرطاً لإثبات العقد فقط، وإنما هی قبل ذلک رکن شکلی لانعقاده، فبدون الکتابة الإلکترونیة لا یمکن الحدیث عن وجود وثیقة عقد إلکترونی، ذلک أن اتصاف عقد البیع الدولی بالصفة الإلکترونیة یعنی تحریره إلکترونیاً على دعامة إلکترونیة، وبالتالی فلا یمکن القول بوجود عقد إلکترونی ما لم یکن العقد محملاً بتلک الصیغة.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
وثیقة البیع الالکترونی -دراسة مقارنة-(*)-
محمد یونس محمد العبیدی مهند إبراهیم علی فندی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Muhammad Younis Muhammad Al-Obeidi Muhannad Ibrahim Ali Fendi College of law / University of Mosul Correspondence: Muhammad Younis Muhammad Al-Obeidi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 25/2/2018 *** قبل للنشر فی 7/5/2018.
(*) Received on 25/2/2018 *** accepted for publishing on 7/5/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2019.161489
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
على الرغم من خلو القوانین المقارنة من تعریف لوثیقة البیع الدولی الالکترونی إلا أننا ونتیجة البحث تمکنا من صیاغة التعریف الآتی (وثیقة البیع الدولی الالکترونی : هی المحرر الإلکترونی لعقد البیع الذی یکون محله بضاعة منقولة أو معدة للنقل بین دولتین أو أکثر، وینشأ هذا المحرر أو یدمج أو یخزن أو یرسل أو یستقبل کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة). وإذا ما کان التنظیم القانونی لوثیقة البیع الدولی الإلکترونی یتوزع بین قوانین المعاملات الإلکترونیة من جهة وقوانین التجارة من جهة أخرى، فإن الملاحظ أن قوانین المعاملات الإلکترونیة –المقارنة- قد جاءت مستقاة من قوانین الأونیسترال النموذجیة للتواقیع الإلکترونیة وللتجارة الإلکترونیة، بدلیل تطابق نصوصها وأحکامها معها.
ومن خلال البحث تبین لنا أن الکتابة الإلکترونیة فی عقد البیع الدولی الإلکترونی لیست شرطاً لإثبات العقد فقط، وإنما هی قبل ذلک رکن شکلی لانعقاده، فبدون الکتابة الإلکترونیة لا یمکن الحدیث عن وجود وثیقة عقد إلکترونی، ذلک أن اتصاف عقد البیع الدولی بالصفة الإلکترونیة یعنی تحریره إلکترونیاً على دعامة إلکترونیة، وبالتالی فلا یمکن القول بوجود عقد إلکترونی ما لم یکن العقد محملاً بتلک الصیغة.
الکلمات المفتاحیة: بیع إلکترونی، تجارة إلکترونیة، عقد البیع الدولی
Absract
Although comparative laws are devoid of a definition of an electronic international sale document،yet we،through investigation،have arrived at the following definition"It is an electronic written act of a sale contact whose object is movable goods or goods which are ready to be transferred between two states or more.
This written act is established،merged،stored ،sent or received totally or partially through electronic means".If the legal regulation of the electronic international sale document is distributed among the laws of electronic transactions on the one hand and the laws of business on the other hand،then the laws of comparative electronic transactions are derived from the laws of typical Onestrol of electronic signatures and electronic business and the proof is the identity of their provisions with them.
Through investigation it is evident that electronic writing in the electronic international sale contract is not a condition for proving contract only،but it is also،above all،a formal element for concluding it ،for without electronic writing we cannot speak about the existence of an electronic contract document،since that the international sale contract is characterised by an electronic attribute means that it is electronically written on an electronic prop .Consequently،it cannot be said that there is an electronic contract unless the contract is conveyed by this formula.
Keywords: electronic sale, e-commerce, international sales contract
المقدمـة
على الرغم من حداثة مصطلح البیع الدولی الإلکترونی إلا أنه استأثر بأهمیة بالغة فی عالم التجارة الدولیة وفی نطاق الدراسات الفقهیة على حد سواء، ذلک أن هذا العقد یتم بوسائل إلکترونیة لتداول الأموال عبر الحدود، ویحرر هذا العقد فی وثیقة إلکترونیة بدلاً من الورقیة، الأمر الذی یکفل تحقیق سرعة وسهولة وانخفاض تکالیف التواصل بین أطراف التجارة الدولیة.
ویستهدف البحث فی وثیقة البیع الدولی الإلکترونی إجراء الدراسة المقارنة لوثیقة هذا البیع فی منظور قانون المعاملات الإلکترونیة فی کل من العراق والإمارات العربیة المتحدة والأردن، وکذلک فی منظور الفقه، وفی منظور بعض الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بالبیوع الدولیة، کاتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة لسنة 2005، واتفاقیة روتردام 2008، فضلاً عن تناول وثیقة البیع الدولی الإلکترونی من منظور القوانین النموذجیة المعدة من قبل لجنة الأونیسترال بشأن التجارة الإلکترونیة والتوقیعات الإلکترونیة.
وبطبیعة الحال فإن البحث سیتناول التعریف بوثیقة البیع الدولی الإلکترونی، وجوانبها الفنیة المتمثلة بالضوابط المحددة قانوناً لتحریرها، ومن ثم البحث فی مدى قابلیة الوثیقة الإلکترونیة لإنتاج ذات الآثار القانونیة المترتبة على وثیقة البیع الدولی التقلیدیة، من حیث إلزامها لأطرافها، وحجیتها فی الإثبات. کما ویتطرق البحث إلى أهم النتائج والتوصیات التی تم التوصل إلیها.
علیه فسوف یتم تناول البحث عبر ثلاث مطالب :
المطلب الأول: ماهیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی.
المطلب الثانی: تحریر وثیقة البیع الدولی الإلکترونی.
المطلب الثالث: حجیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی فی الإثبات.
المطلب الأول
ماهیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی
یتطلب البحث فی ماهیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی أولاً التعریف بوثیقة البیع الدولی الإلکترونی فی القوانین المقارنة، والفقه، والاتفاقیات الدولیة، والقوانین النموذجیة ذات الصلة بالبیوع الدولیة، ثم یلی ذلک بیان معیار الصفة الدولیة فی عقد البیع الدولی الإلکترونی، ومن ثم البحث فی عناصر وثیقة البیع الدولی الإلکترونی.
الفرع الأول: التعریف بوثیقة البیع الدولی الإلکترونی
لم یورد المشرع العراقی ولا الإماراتی ولا الأردنی تعریفاً لوثیقة البیع الدولی الإلکترونی. لذا فإن التعریف بوثیقة البیع الدولی الإلکترونی یستلزم منا ابتداءً التعریف بالوثیقة الإلکترونیة، ومن ثم التعریف بعقد البیع الإلکترونی.
أولاً: تعریف الوثیقة الإلکترونیة: سیتم تناول تعریف الوثیقة الإلکترونیة فی القوانین المقارنة، ثم فی الفقه، ثم فی الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بالبیوع الدولیة.
1-تعریف الوثیقة الإلکترونیة فی القوانین المقارنة: عرف المشرع العراقی الوثیقة الإلکترونیة فی قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة: (المحررات والوثائق التی تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة بما فی ذلک تبادل البیانات إلکترونیاً أو البرید الإلکترونی أو البرق أو التلکس أو النسخ البرقی ویحمل توقیعاً إلکترونیاً). لکن یلحظ على هذا التعریف أن عبارة (بما فی ذلک تبادل البیانات إلکترونیاً أو البرید الإلکترونی أو البرق أو التلکس أو النسخ البرقی) والتی تضمنت أمثلة على الوسائل الإلکترونیة، قد وردت زائدة، إذ لیس من مهمة المشرع إیراد الأمثلة.
أما المشرع الإماراتی فقد عرف الوثیقة الإلکترونیة فی قانون الإثبات فی المعاملات المدنیة والتجاریة الإماراتی المعدل تحت مسمى : المحرر الإلکترونی. ثم عاد فعرفها فی قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة : (سجل أو مستند إلکترونی: سجل أو مستند یتم إنشاؤه أو تخزینه أو استخراجه أو نسخه أو إرساله أو إبلاغه أو استلامه بوسیلة إلکترونیة، على وسیط ملموس أو على أی وسیط إلکترونی آخر، ویکون قابلاً للاسترجاع بشکل یسهل فهمه). فی حین عرفها قانون المعاملات الإلکترونیة الأردنی تحت مسمى: السجل الإلکترونی.
2- تعریف الوثیقة الإلکترونیة فی الفقه : عرف بعض الفقهالوثیقة الإلکترونیة بأنها: سند یتم إنتاجه وحفظه من خلال الحاسب، مثل الرسالة أو العقد أو الصورة، وقد یتم إرساله عبر الإنترنت أو حفظه على اسطوانات ضوئیة أو محفوظة أو عن طریق التلکس أو الفاکس.
وعرفها البعض الآخربأنها وثیقة تنشأ وتستخدم فی المقام الأول لإثبات التصرفات التی تجری بوسائل إلکترونیة وعبر شبکة الإنترنت خصوصاً، فهی القید لهذه التصرفات.
3- تعریف الوثیقة الإلکترونیة فی الاتفاقیات الدولیة: عرفت اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة لسنة 2005 الوثیقة الإلکترونیة تحت مسمى : الخطاب الإلکترونی (یقصد بتعبیر الخطاب الإلکترونی أی خطاب توجهه الأطراف بواسطة رسائل بیانات ؛ ج : یقصد بتعبیر رسالة البیانات المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلکترونیة أو مغنطیسیة أو بصریة أو بوسائل مشابهة تشمل على سبیل المثال لا الحصر التبادل الإلکترونی للبیانات أو البرید الإلکترونی أو البرق أو التلکس والنسخ البرقی).
وعرفت اتفاقیة روتردام 2008 الوثیقة الإلکترونیة (الخطاب الإلکترونی یعنی المعلومات المعدة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسیلة إلکترونیة أو بصریة أو رقمیة أو بوسیلة مشابهة، بما یؤدی إلى جعل المعلومات الواردة فی الخطاب میسورة المنال بحیث یمکن الرجوع إلیها لاحقاً).
ثانیاً- تعریف عقد البیع الإلکترونی:
سیتم تناول تعریف عقد البیع الإلکترونی فی القوانین المقارنة، ثم فی الفقه، ثم فی الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بالبیوع الدولیة.
1- تعریف عقد البیع الإلکترونی فی القوانین المقارنة: یلحظ أن القوانین المقارنة لم تورد تعریفاً لعقد البیع الإلکترونی على وجه الخصوص، وهذا یمکن أن یفسر برغبة المشرع فی إخضاع عقد البیع الإلکترونی للقواعد العامة، وانتفاء الحاجة إلى إفراده بأحکام خاصة به. لکن قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی عرف العقد الإلکترونی: (ارتباط الإیجاب الصادر من أحد المتعاقدین بقبول الآخر على وجه یثبت أثره فی المعقود علیه والذی یتم بوسیلة إلکترونیة)، ثم عاد ونص: (یجوز أن یتم الإیجاب والقبول فی العقد بوسیلة إلکترونیة)، إلا أن من الواضح أن النص- الأخیر- قد جاء تکراراً فی غیر حاجة إلیه، ذلک أن تعریف العقد الإلکترونی قد وفر الغطاء القانونی لإجراء الإیجاب والقبول فی العقد بوسیلة إلکترونیة.
واکتفى قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة الإماراتی بتعریف المعاملة الإلکترونیة بنص عام شمل العقد الإلکترونی، وأجاز لأغراض التعاقد التعبیر عن الإیجاب والقبول جزئیاً أو کلیاً بواسطة المراسلة الإلکترونیة. أما قانون المعاملات الإلکترونیة الأردنی فقد عرف العقد الإلکترونی: (الاتفاق الذی یتم انعقاده بوسائل إلکترونیة کلیاً أو جزئیاً). لکن یلحظ على تعریف العقد الإلکترونی فی القوانین المقارنة ما یأتی:
1- من خلال مقارنة تعریف المشرع العراقی للعقد الإلکترونی مع تعریفه للعقد التقلیدی فی القانون المدنی یمکن القول أن المشرع العراقی قد عدّ الاختلاف بین العقد الإلکترونی والعقد التقلیدی هو من ناحیة إبرام العقد الإلکترونی بوسیلة إلکترونیة حصراً، أی بمعنى ارتباط الإیجاب بالقبول إلکترونیاً، وهذا الموقف قد جاء بخلاف موقف قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة الإماراتی: (لأغراض التعاقد یجوز التعبیر عن الإیجاب والقبول جزئیاً أو کلیاً بواسطة المراسلة الإلکترونیة)، وأیضاً بخلاف موقف قانون المعاملات الإلکترونیة الأردنی: (العقد الإلکترونی: الاتفاق الذی یتم انعقاده بوسائل إلکترونیة، کلیاً أو جزئیاً)،حیث عدّ کل من المشرع الإماراتی والأردنی العقد إلکترونیاً لمجرد التعبیر عن الإیجاب والقبول جزئیاً أو کلیاً بواسطة المراسلة الإلکترونیة، بمعنى أن أیاً منهما لم یشترط إتمام ارتباط الإیجاب بالقبول إلکترونیاً لإسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد، وإنما عد مجرد التعبیر الجزئی عن الإیجاب والقبول بواسطة المراسلة الإلکترونیة سبباً کافیاً لإسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد.
2- یلحظ من خلال تعریف قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی للعقد الإلکترونی،أن المشرع العراقی قد قرن الصفة الإلکترونیة للعقد بواقعة (إبرامه بوسیلة إلکترونیة) حصراً، فی حین أن کلاً من المشرع الإماراتی والأردنی قد ربطا إسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد بإحدى الواقعتین: أ-إبرام العقد إلکترونیاً کلیاً أو جزئیاً؛ ب-تنفیذ العقد إلکترونیاً کلیاً أو جزئیاً. وبطبیعة الحال فإن التباین فی الموقف بین المشرع العراقی من جهة والمشرع الإماراتی والأردنی من جهة ثانیة یرتب تبایناً من حیث نطاق مصطلح العقد الإلکترونی. ذلک أن اعتماد المعیار الأول یستند إلى اعتبار أن العقد قد تم إبرامه بشکل کلی أو جزئی بوسیلة إلکترونیة، وبالتالی فهو یعد عقداً إلکترونیاً وبحسب توافق تعریف القوانین المقارنة للعقد الإلکترونی.
لکن یمکن القول أن موقف المشرع الإماراتی یبدو لنا أکثر توفیقاً من موقف المشرع العراقی فی اعتماد معیار (تنفیذ العقد إلکترونیاً) إسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد، إذ أنه موقف له مسوغاته المنطقیة والمقبولة. ذلک أن إسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد نظراً لتنفیذه بوسیلة إلکترونیة یعد إعمالاً من المشرع للإرادة المشترکة لطرفی العقد، ذلک أن المشرع الإماراتی لم یشترط الاتفاق الصریح بین أطراف المعاملات على إجراء معاملاتهم باستخدام الاتصالات الإلکترونیة، وإنما أجاز استنتاج موافقة الشخص على ذلک من سلوکه الإیجابی. فی حین أن المشرع العراقی اشترط وجود اتفاق بین أطراف المعاملة على تنفیذها بوسائل إلکترونیة، بمعنى أن تعامل الشخص أو تراسله فی معاملة ما إلکترونیاً یمکن عده قبولاً ضمنیاً یمکن التعویل علیه فی عد المعاملة الکترونیة، وبالتالی فإن تنفیذ العقد – التقلیدی – بوسائل إلکترونیة من شأنه أن یسبغ علیه الصفة الإلکترونیة. هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى فان موقف المشرع الإماراتی من شأنه أن یجنب أطراف العقد الازدواج ومن ثم التعارض فی الإثبات بسبب التناقض بین حالة کون العقد تقلیدیاً قابلاً للإثبات بوسائل تقلیدیة من ناحیة، وبین المباشرة بتنفیذه بوسیلة إلکترونیة من ناحیة أخرى.
وعلیه فإن من الضروری جداً لاستقرار المعاملات أن یتجه قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی إلى سحب الصفة الإلکترونیة للإجراءات التنفیذیة على العقد التقلیدی فیغدو إلکترونیاً. وذلک عبر تعدیل (م/1- عاشراً) وإضافة عبارة: (وکذلک یعد العقد إلکترونیاً إذ نفذ کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة).
2- تعریف الفقه لعقد البیع الإلکترونی: عرف بعض الفقه العقد الإلکترونی بأنه: العقد الذی یتم انعقاده بوسیلة إلکترونیة، وعرفه آخر بأنه اتفاق بین طرفی العقد من خلال تلاقی الإیجاب والقبول باستخدام شبکة المعلومات on line سواءً فی المفاوضات العقدیة، أم فی ارتباط الإرادتین، أم فی توقیع وثیقة العقد الإلکترونی.
3- تعریف الاتفاقیات الدولیة لعقد البیع الإلکترونی : یلحظ على الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة باستخدام الوسائل الإلکترونیة فی البیوع الدولیة عدم إیرادها تعریفاً لعقد البیع الإلکترونی، حیث اکتفت اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة بأن قررت للعقد الإلکترونی –عموماً- حجیة مثیله التقلیدی، دون إیراد تعریف له.
علیه وتأسیساً على ما تقدم یمکننا تعریف وثیقة البیع الدولی الإلکترونی بأنها : المحرر الالکترونی لعقد البیع الذی یبرم کلیاً أو جزئیاً بوسیلة إلکترونیة، ویکون محله بضاعة منقولة أو معدة للنقل بین دولتین أو أکثر.
الفرع الثانی: معیار الصفة الدولیة فی البیع الدولی الإلکترونی
یمتاز البیع الدولی الإلکترونی عن البیع التقلیدی بسمات عدة، فالبیع الدولی الإلکترونی بحسب تعبیر بعض الفقه هو من العقود التی تبرم عن بعد، لذا فهو ینعقد فی غیاب مجلس العقد التقلیدی وحضور مجلس العقد الإلکترونی. ومن ناحیة أخرى فغالباً ما یتسم عقد البیع الإلکترونی بالسمة الدولیة، وذلک لتوزع أطرافه بین الدول.
والواقع أن لإسباغ الصفة الدولیة على عقد البیع أهمیة بالغة، إذ أن (صفة الدولیة) تخرج عقد البیع من فلک قواعد القانون الوطنی إلى فلک قانون الإرادة والذی یتحکم فی تحدید القانون الذی یحکم العقد. ومن ناحیة أخرى فإن عقد البیع الدولی یخضع لعادات وأعراف التجارة الدولیة والتی تتوافق مع طبیعته الدولیة. لکن یلحظ أن الفقه قد انقسم بین ثلاثة معاییر لإسباغ الصفة الدولیة على عقد البیع:
أولاً : المعیار المادی (أو الاقتصادی): یعرف أنصار هذا المعیار البیع الدولی بأنه (البیع الذی یشرک مصالح التجارة الدولیة)، أی هو البیع الذی یصحبه انتقال البضائع عبر حدود دولتین أو أکثر. ویعد هذا المعیار امتداداً لفکرة المد والجزر بین البضائع وقیمتها عبر الحدود الدولیة، والتی أخذ بها القضاء الفرنسی فی حکم له سنة 1927. لکن هذا المعیار منتقد، کونه یوسع من نطاق البیوع التی توصف بالدولیة، وبالتالی فهو یرتب سریان أحکام القانون على شریحة واسعة من البیوع لتغدو بیوعا دولیة.
ثانیاً: المعیار القانونی: عرف جانب الفقه المؤید لهذا المعیار البیع الدولی بأنه: (البیع المرتبط بأکثر من نظام قانونی واحد فیما یتعلق بإبرامه، أو بتنفیذه، أو بالنسبة لأطرافه من حیث الجنسیة أو الموطن، أو بالنسبة لتمرکز موضوع العقد). وبعبارة أخرى یرى هذا الفقه أن البیع یعد دولیاً عندما یشتمل على نقاط ارتباط مع أنظمة قانونیة مختلفة، بحیث یؤدی ذلک إلى قیام حالة التنازع بین القوانین. فی حین ذهب جانب آخر من الفقهمن مؤیدی المعیار القانونیإلى القول بأن عقد البیع یکون دولیاً عندما تقع المنشأتان التجاریتان لکل من البائع والمشتری فی أراضی دول مختلفة.
ثالثاً : المعیار المزدوج: انتقد المعیار القانونی من قبل بعض الفقه بالقول: إن موضوع القانون الدولی الخاص لا یجسد بمجرد التثبت من تبعثر عناصر موضوعیة لوضع ما فی تعددیة أنظمة قانونیة، بل یجب أن یؤخذ فی الحسبان ارتباط أی من تلک العناصر بمصالح التجارة الدولیة ومتطلباتها التی تتواجه حول موضوعه. وعلیه فإن هذا الفقه قد اتجه للجمع بین المعیارین الاقتصادی والقانونی.
وقد عرف قانون التجارة العراقی البیع الدولی: (البیع الدولی هو بیع یکون محله بضاعة منقولة أو معدة للنقل بین دولتین أو أکثر)، ومقتضى ذلک أنه قد أخذ بالمعیار المادی أو الاقتصادی. فی حین لم یورد قانون المعاملات التجاریة الإماراتی وقانون التجارة الأردنی تعریفاً للبیع الدولی.
الفرع الثالث: عناصر وثیقة البیع الدولی الإلکترونی
تعتمد قابلیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی للتداول على مدى تطابق تلک الوثیقة مع النموذج المحدد قانوناً، أی بمعنى توفر العناصر التی اشترطها القانون فی تلک الوثیقة والتی تتمثل بکل من : الکتابة الإلکترونیة، والتوقیع الإلکترونی.
أولاً : الکتابة الإلکترونیة :
أ- تعریف الکتابة الإلکترونیة :
1- تعریف القانون للکتابة الإلکترونیة: عرف المشرع العراقی الکتابة الإلکترونیة: (کل حرف أو رقم أو رمز أو أیة علامة أخرى تثبت على وسیلة إلکترونیة أو رقمیة أو ضوئیة أو أیة وسیلة أخرى مشابهة وتعطی دلالة قابلة للإدراک والفهم)، أما قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة الإماراتی وقانون المعاملات الإلکترونیة الأردنی فلم یوردا تعریفاً للکتابة الإلکترونیة.
2- تعریف الفقه للکتابة الإلکترونیة: عرف بعض الفقه الکتابة الإلکترونیة بأنها: مجموعة من الأحرف أو الأرقام أو حتى الکلمات أو حتى الرموز، تعبر عن معنى محدد دقیق، أیاً کانت رکیزتها، وأیاً کان شکلها، وأیاً کانت وسیلة نقلها، حتى ولو لم تظهر بصورة مادیة محسوسة أو مجردة للقارئ دون الاستعانة بوسائط أخرى.
3- تعریف الاتفاقیات الدولیة للکتابة الإلکترونیة : یلحظ أن معظم الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بالبیوع الدولیة قد توسع فی نطاق الشکل الذی ترد فیه الکتابة، بغیة إدماج بیانات بعض وسائل الاتصال – کالبرقیة والتلکس - ضمن وثائق البیوع الدولیة، دون التطرق إلى تعریف الکتابة الإلکترونیة، باستثناء اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة التی عرفت الکتابة الإلکترونیة تحت مسمى: رسالة البیانات (یقصد بتعبیر رسالة البیانات المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلکترونیة أو مغناطیسیة أو بصریة أو بوسائل مشابهة ..).
ب-ضوابط الکتابة الإلکترونیة:
حدد کل من المشرع العراقی والإماراتی والأردنی الضوابط الفنیة التی تخضع لها الکتابة الإلکترونیة، لکی تحوز ذات الحجیة المقررة للکتابة التقلیدیة، فی الوثیقة الورقیة، وبالرجوع إلى تلک النصوص یمکن القول أن ضوابط الکتابة الإلکترونیة هی:
1- قابلیة الوثیقة الإلکترونیة للقراءة والفهم والاسترجاع : فسر بعض الفقههذا الشرط بأن تکون الوثیقة ناطقة بما فیها من کتابة، من خلال کتابتها بحروف أو رموز أو أرقام أو أیة صیغة أخرى للبیانات، تکون قابلة للفهم والاستیعاب وإدراک محتواها، وأیضاً إمکانیة استرجاعها.
2- دیمومة الوثیقة الإلکترونیة : فسر بعض الفقه ذلک باستمرار وجود الوثیقة الإلکترونیة مدة من الزمن، وذلک عبر الاحتفاظ بالکتابة الإلکترونیة، بالشکل الذی تم إنشاؤها أو إرسالها أو تسلمها به أو بأی شکل، بحیث تبقى الوثیقة الإلکترونیة محتفظة ببیاناتها التی وردت فیها، عند إنشائها أو إرسالها أو تسلمها. وقد اعتمدت اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة هذا الشرط، إذ نصت : (حیثما یشترط القانون أن یکون الخطاب أو العقد کتابیاً، أو ینص على عواقب لعدم وجود کتابة، یعتبر ذلک الاشتراط قد استوفی بالخطاب الإلکترونی إذا کان الوصول إلى المعلومات الواردة فیه متیسراً على نحو یتیح استخدامها فی الرجوع إلیها لاحقاً). وقد أورد قانون الأونسیترال النموذجی بشأن التجارة الإلکترونیة ذات النص.
3- ثبات الوثیقة الإلکترونیة : ویقصد به أن تمتاز هذه الوثیقة بإحدى –أو کلا– میزتین:
المیزة الأولى : القدرة على حفظ المحرر الکتابی دون أدنى تعدیل أو تغییر لیتسنى الاعتداد بالمحرر المکتوب، ذلک أن قیمة المحرر فی الإثبات ترتبط بمدى سلامته من أی عیب قد یؤثر فی شکله الخارجی. وهذا الشرط معتمد مسبقاً من قبل اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة، وأیضاً من قبل قانون الأونسیترال النموذجی للتجارة الإلکترونیة.
المیزة الثانیة : القدرة على کشف أی تعدیل أو تبدیل فی بیانات الوثیقة الإلکترونیة، وهذا الشرط یتعلق بموثوقیة ومصداقیة الوثیقة الإلکترونیة، وبالتالی قیمتها القانونیة فی الإثبات. وقد اعتمد هذا الشرط من قبل اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة: (تکون معاییر تقییم سلامة المعلومات هی ما إذا کانت تلک المعلومات قد ظلت کاملة ودون تحویر).
4- دلالة الوثیقة الإلکترونیة : یقصد بهذا الشرط : الإجراءات التی تهدف إلى التحقق من أن الوثیقة الإلکترونیة قد صدرت عن شخص معین والکشف عن أی خطأ أو تعدیل فی محتویاتها أو نقلها أو تخزینها خلال فترة زمنیة محددة.وبعبارة أخرى فان إعمال هذا الشرط یتطلب اشتمال الوثیقة الإلکترونیة على نوعین من البیانات : أ- البیانات الکفیلة بالتحقق من البطاقة الشخصیة للوثیقة الإلکترونیة -إن صح التعبیر– بذاتها کتأریخ إنشائها، وجهة وتأریخ إرسالها، وجهة وتأریخ تسلمها، وهویة الشخص المصدر للوثیقة الإلکترونیة. ب- البیانات التی تفصح عما إذا کانت الوثیقة محتفظة بنفس الشکل والمضمون الذی أنشئت علیه أم أنها قد تعرضت للتعدیل فی مضمونها أو التغییر فی شکلها.
ثانیاً : التوقیع الإلکترونی :
أ- تعریف التوقیع الإلکترونی :
1- تعریف التوقیع الإلکترونی فی القانون: لم یرد فی قوانین الإثبات المقارنة تعریف للتوقیع التقلیدی، إذ اقتصر المشرع على بیان صیغ التوقیع (کتابة، إمضاء، بصمة إبهام، ختم). فی حین عرف بعض الفقهالتوقیع بأنه : العلامة الخطیة التی یضعها شخص على وثیقة مکتوبة یعبر بها عن وجوده المادی فی التصرف.
أما التوقیع الإلکترونی فقد عرفه قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی: (علامة شخصیة تتخذ شکل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أصوات أو غیرها وله طابع متفرد یدل على نسبته إلى الموقع ویکون معتمداً من جهة التصدیق)، کما عرفه قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة الإماراتی : (توقیع مکون من حروف أو أرقام أو رموز أو صوت أو نظام معالجة ذی شکل إلکترونی وملحق أو مرتبط منطقیاً برسالة إلکترونیة وممهرة بنیة توثیق أو اعتماد تلک الرسالة)، وعرفه قانون المعاملات الإلکترونیة الأردنی: (البیانات التی تتخذ هیئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غیرها، وتکون مدرجة بشکل الکترونی أو رقمی أو ضوئی أو أی وسیلة أخرى مماثلة، فی رسالة معلومات أو مضافة علیها أو مرتبطة بها، ولها طابع یسمح بتحدید هویة الشخص الذی وقعها ویمیزه عن غیره من أجل توقیعه وبغرض الموافقة على مضمونه).
لکن یلحظ أن المشرع العراقی فی تعریفه للتوقیع الإلکترونی کان غیر موفق، إذ لم یرد فی نص التعریف ما یشیر إلى الصفة الإلکترونیة للتوقیع، فی حین أن النص الإماراتی استخدم عبارة (ذی شکل إلکترونی)، واستخدم النص الأردنی عبارة (مدرجة بشکل الکترونی أو رقمی) لبیان الصلة بین التوقیع وبین صفته الإلکترونیة، ولربما سیکون من الأدق لو تمت صیاغة التعریف على النحو الآتی : (التوقیع الإلکترونی - علامة شخصیة ذات صیغة إلکترونیة تتخذ شکل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أصوات أو غیرها وله طابع متفرد یدل على نسبته إلى الموقع ویکون معتمداً من جهة التصدیق).
2- تعریف التوقیع الإلکترونی فی الفقه: عرف بعض الفقهالتوقیع الإلکترونی بأنه: مجموعة من الرموز أو الأرقام أو الحروف أو الإشارات أو الأصوات، مؤلفة على شکل بیانات إلکترونیة تتصل برسالة معلومات – محرر إلکترونی– هدفها تحدید هویة الموقع وإعطاء الیقین بموافقته على مضمون هذه الرسالة. فی حین عرفه آخر: مجموعة من الإجراءات التقنیة التی تسمح بتحدید شخصیة من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذی یصدر التوقیع بمناسبته.
3- تعریف التوقیع الإلکترونی فی الاتفاقیات الدولیة والقوانین النموذجیة: فیما یخص الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بالبیع الدولی، یلحظ أن اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة لم تورد تعریفاً للتوقیع الإلکترونی، لکنها وضعت ضوابط لتحدید ما یمکن عده توقیعاً إلکترونیاً من عدمه، إذ اشترطت فی التوقیع الإلکترونی أن یکون موثوقاً، وأن یکون مناسباً للغرض الذی أنشئ لأجله، وهو الدلالة على هویة الطرف المعنی بالخطاب الإلکترونی، وأیضاً نیة ذلک الطرف بخصوص ما تضمنه الخطاب من بیانات.
واکتفت اتفاقیة روتردام لسنة 2008 ببیان وظائف التوقیع الإلکترونی وحصرتها بتحدید هویة الموقع من حیث صلته بالوثیقة الإلکترونیة، وأیضاً من حیث قبوله بمضمونها.
أما فیما یتعلق بالقوانین النموذجیة المعدة من قبل لجنة الأونیسترال فی الأمم المتحدة، فیلحظ أن قانون الأونسیترال النموذجی بشأن التوقیعات الإلکترونیة لسنة 2001 قد عرف (توقیع إلکترونی یعنی بیانات فی شکل إلکترونی مدرجة فی رسالة بیانات، أو مضافة إلیها، أو مرتبطة بها منطقیاً، یجوز أن تستخدم لتعیین هویة الموقع بالنسبة إلى رسالة البیانات، ولبیان موافقة الموقع على المعلومات الواردة فی رسالة البیانات). فی حین أن قانون الأونسیترال النموذجی بشأن التجارة الإلکترونیة لسنة 1996 لم یورد تعریفاً للتوقیع الإلکترونی، مکتفیاً بتحدید ضوابطه.
واستناداً إلى ما تقدم یمکن القول أن التوقیع الإلکترونی یمتاز بالخصائص الآتیة :
1– إن التوقیع الإلکترونی یتشکل من رموز متفردة، تمیزه عن غیره، سواءً کانت حروفاً أم أرقاماً أم رموزاً أم إشارات أم أصوات أم شفرات خاصة.
2– إن التوقیع الإلکترونی یحدد شخصیة الموقع على الوثیقة الإلکترونیة، ویمیزه عن غیره.
3- أنه تعبیر عن رضاء الموقع بمضمون الوثیقة الإلکترونیة.
4– أنه یوضع على محرر إلکترونی عبر وسیلة إلکترونیة.
ب- صیغ التوقیع الالکترونی فی وثیقة البیع الدولی الإلکترونی : تتعدد الصیغ التی یتخذها التوقیع الالکترونی فی وثیقة البیع الدولی الإلکترونی، ولربما یعود السبب فی ذلک التعدد إلى تعدد واختلاف التقنیات المستخدمة فی تفعیل منظومة التوقیع الالکترونی، ولعل من أهم تلک الصیغ الآتی :
1- التوقیع بالقلم الالکترونی : تتطلب هذه التقنیة الاستعانة بقلم ضوئی خاص، بإمکانه الکتابة على شاشة الجهاز الالکترونی (دسکتوب، لابتوب، جهاز لوحی، موبایل، أو غیرها)، ویتم ذلک عبر تطبیق – برنامج - خاص بالکتابة الضوئیة، حیث یقوم الموقع بالتوقیع على الوثیقة الإلکترونیة الظاهرة على شاشة الجهاز، لیتم استلام ومطابقة وخزن التوقیع بواسطة التطبیق.
2- نسخ التوقیع الخطی بجهاز الماسح الضوئی : یقوم جهاز السکانر بالتقاط ونقل الصور الضوئیة للوثائق الاصلیة - کما هی – إلى الدعامات الإلکترونیة الموجودة فی جهاز الحاسوب، کما وینقل صورة التوقیع الخطی إلى الوثیقة المخزنة فی الجهاز، لکی یتم توقیعها، فیکون ذلک بمثابة إقرار بما اشتملت علیه تلک الوثیقة.
3- التوقیع الرقمی : تعتمد طریقة التوقیع الرقمی على نظام یعرف بنظام التشفیر، ویقصد به استخدام رموز خاصة تدعى (المفاتیح) لحفظ أمن وسلامة البیانات عبر تشفیر رسالة البیانات من قبل منشئها، فلا تستخدم إلا من قبل من وجهت إلیه. ویرى بعض الفقه أن التشفیر یعد من أهم وسائل حفظ سریة البیانات فی عالم التجارة الإلکترونیة. ویتم التشفیر عبر عملیة تحویل البیانات الإلکترونیة إلى رموز غیر مفهومة، باستخدام مفتاح التشفیر، بحیث لا یمکن فک الشفرة والاطلاع على محتوى الوثیقة الإلکترونیة المشفرة، الا باستخدام المفتاح المخصص لفک هذا التشفیر. ویتم تشفیر الوثیقة الإلکترونیة وفق نظامین: الأول هو نظام التشفیر المتماثل والذی یعتمد على مفتاح موحد لإغلاق بیانات الوثیقة الإلکترونیة وفتحها. والثانی هو نظام التشفیر الغیر متماثل والذی یعتمد على استعمال المرسل المفتاح العام للمرسل الیه، لإغلاق الوثیقة الإلکترونیة أی تشفیر بیاناتها، بعد اختزالها إلى سلسلة من الأرقام الثنائیة، ثم یقوم بتوثیق البیانات المختزلة بواسطة مفتاحه الخاص، والذی یعد بمثابة توقیعه الرقمی على الوثیقة الإلکترونیة، وعند استلام المرسل الیه الوثیقة الإلکترونیة فانه یستخدم مفتاحه الخاص به بغیة الاطلاع على مضمونها. ویرى بعض الفقه أن هذا النظام هو الأکثر تحقیقا لأمان وخصوصیة الوثیقة الإلکترونیة والبیانات.
4- التوقیع بالبصمة الإلکترونیة: البصمة الإلکترونیة هی بصمة رقمیة مشتقة وفق نظام خوارزمیات، تطبق على الوثیقة الإلکترونیة، مشکلة ملفاً کاملاً من البیانات الإلکترونیة، وتعرف هذه البیانات بالبصمة الإلکترونیة للوثیقة. وهذه البصمة لها القدرة على تمییز الوثیقة بدقة متناهیة، بحیث ان أی تغییر فی بیانات الوثیقة ولو حتى ب (bit) واحد سیغدو مکشوفاً، لأنه سیؤدی إلى بصمة أخرى مغایرة تماماً.
5- التوقیع المقترن بالبطاقة الممغنطة : تستخدم هذه البطاقات فی سحب المبالغ عبر أجهزة الصراف الآلی، عبر قیام حامل البطاقة بعملیتین متزامنتین: إدخال رقم الکود الخاص بحامل البطاقة (P.I.N.)، والذی یعد بمثابة التوقیع الالکترونی، ثم إدخال رقم المبلغ الذی یراد سحبه. کما تستخدم هذه البطاقات فی تسویة مدفوعات التسوق من التجار، وذلک بإمرار البطاقة عبر جهاز قارئ متصل بالمصرف المصدر للبطاقة عبر شبکة النت، وتثبیت الرقم المراد استقطاعه من حساب الزبون حامل البطاقة.
6- التوقیع باعتماد الخواص الفیزیائیة للأشخاص : یعتمد هذا التوقیع على الخواص الفیزیائیة للأشخاص، کبصمة الابهام، ومسح العین البشریة، ونبرة الصوت، والتعرف على الوجه البشری، کما یعتمد أیضاً على التوقیع الشخصی، ویتم تفعیل هذه الطریقة عبر أخذ صورة بالغة الدقة لرسمة البصمة أو العین أو الوجه البشری أو تسجیل نبرة الصوت، ویتم تخزینها فی ذاکرة الحاسوب الآلی، بغیة الرجوع الیها لاحقاً فی المطابقة.
المطلب الثانی
تحریر وثیقة البیع الدولی الإلکترونی
تمثل وثیقة البیع الدولی الإلکترونی الإرادة المشترکة لطرفی العقد، مجسدة فی مضمون الوثیقة، والمحررة على دعامة إلکترونیة، ویتطلب البحث فی تحریر وثیقة البیع الدولی الإلکترونیة تناول إبرام الوثیقة، والبیانات التی تشتمل علیها.
الفرع الأول: إبرام عقد البیع الدولی الإلکترونی
یتم إبرام عقد البیع الدولی بتراضی طرفیه عن بعد، عبر وسائل التواصل الإلکترونیة، وذلک بواسطة خطابات متبادلة -رسائل بیانات– بین الأطراف، یحمل کل منها إرادة أحد أطراف التفاوض، بشأن إبرام عقد البیع الدولی، إلى الطرف الآخر، سواءً کانت تلک الخطابات مقروءة أم مسموعة أم مرئیة. وقد أجاز قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی إتمام الإیجاب والقبول فی العقد بوسیلة إلکترونیة، کما أجاز المشرع الإماراتی والأردنی إتمام وثیقة العقد الإلکترونی کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة، أی بواسطة مراسلة إلکترونیة واحدة أو أکثر.
أما بالنسبة للاتفاقیات الدولیة فیلحظ أن اتفاقیة الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلکترونیة فی العقود الدولیة نصت: (یقصد بتعبیر "الخطاب" أی بیان أو إعلان أو مطلب أو إشعار أو طلب، بما فی ذلک أی عرض وقبول عرض، یتعین على الأطراف توجیهه أو تختار توجیهه فی سیاق تکوین العقد أو تنفیذه).
فی حین نص قانون الأونیسترال النموذجی بشأن التجارة الإلکترونیة: (فی سیاق تکوین العقود، ومالم یتفق الطرفان على غیر ذلک، یجوز استخدام رسائل البیانات للتعبیر عن العرضوقبول العرض، وعند استخدام رسالة بیانات فی تکوین العقد، لا یفقد ذلک العقد صحته أو قابلیته للتنفیذ لمجرد استخدام رسالة البیانات لذلک الغرض). کما نصت (م/12- 1) من ذات القانون: (فی العلاقة بین منشئ رسالة لبیانات والمرسل إلیه، لا یفقد التعبیر عن الإرادة أو غیره من أوجه التعبیر مفعوله القانونی أو صحته أو قابلیته للتنفیذ لمجرد أنه على شکل رسالة بیانات).
وبناءً على ما تقدم یمکن القول أن عقد البیع الدولی الإلکترونی ینعقد بإحدى طریقتین :
أ- إبرام عقد البیع الدولی بوثیقة إلکترونیة واحدة - مهیأة مسبقاً – مذیلة بالتوقیع الإلکترونی لمنشئها تحمل إیجاب الموجب یعرضها على الطرف الآخر لیطلع على مضمونها، ومتى ما حظیت بقبول الطرف الآخر فإنها تذیل بتوقیع إلکترونی یؤید موافقته هو الآخر على مضمونها.
ب- إبرام عقد البیع الدولی عبر خطابات إلکترونیة متعددة تحمل إحداها عرضاً للعامة أو الخاصة، ثم یتبعها خطاب آخر یحمل قبولاً ینعقد به عقد البیع الدولی الإلکترونی. والواقع أنه لیس ثمة نص یلزم أطراف التعاقد بإبرام عقد البیع الدولی ضمن وثیقة واحدة مذیلة بالتوقیع الإلکترونی لکلا الطرفین، وإنما یمکن أن یبرم العقد عبر صدور خطابات إلکترونیة متعددة، تختتم بالقبول فینعقد العقد إلکترونیاً، وقد أجاز المشرع الإماراتی ذلک فقرر : (1- لأغراض التعاقد یجوز التعبیر عن الإیجاب والقبول جزئیاً أو کلیاً بواسطة المراسلة الإلکترونیة، 2- لا یفقد العقد صحته أو قابلیته للتنفیذ لمجرد أنه تم بواسطة مراسلة إلکترونیة أو أکثر). وبعبارة أخرى فإن المشرع قد أخذ بنظر الاعتبار کافة الاحتمالات فی عملیة التفاوض والتعاقد فی البیع الدولی.
الفرع الثانی: بیانات وثیقة عقد البیع الدولی الإلکترونی
متى ما أبرم عقد البیع الدولی الإلکترونی وجب أن تتجسد فی مضمونه الإرادة المشترکة للعاقدین ، أی ما توافق علیه طرفا التعاقد، وبالتالی یجب أن تتضمن وثیقة عقد البیع الدولی الإلکترونی العدید من المعلومات والشروط یأتی فی مقدمتها:
1- مقدمة العقد : وتتضمن بیان أهداف العقد مشیرة إلى تخصص المورد– البائع- فی موضوع العقد وحاجة المستورد–المشتری- إلى ذلک، کما تشیر إلى مقاصد المتعاقدین من العقد المبرم بینهما. ولذا نجد أن بعض الفقهیعد المقدمة جزءً لا یتجزأ من العقد.
2- قائمة التعاریف المحددة للمصطلحات التجاریة الواردة فی متن العقد، لضمان الفهم المشترک لکل منها، ودرءً للالتباس لحظة التعاقد، أو الخلاف مستقبلاً حول تفسیر أی منها.
3- بیانات تتعلق بطرفی العقد، کأسمائهم، وعناوینهم المختارة، وصفاتهم التی تخولهم التوقیع.
4- بیانات ذاتیة العقد، وتتضمن تحدید وقت إبرام العقد، تحدید نوع التعاقد المختار بین الطرفین وفیما إذا کانC.I.F أم F.O.B أم C.& F. أم غیره، تحدید المبیع محل العقد باعتباره أحد أرکان العقد تحدیداً تفصیلیاً دقیقاً نافیاً للجهالة والشبهة.
5- شروط العقد: یمکن القول أن شروط عقد البیع الدولی لا حصر لها، ذلک أنها رهن بما تتوافق علیه إرادات الأطراف، ولا قید علیها إلا بما یفرضه النظام العام والآداب.
6- الملاحق المتصلة بموضوع العقد، والتی تعد جزءً لا یتجزأ منه، والتی غالباً ما تتضمن معلومات وبیانات ذات طابع فنی.
الفرع الثالث: الشکلیة فی عقد البیع الدولی الإلکترونی
لم یعرّف القانون المدنی -فی أی من التشریعات المقارنة- الشکلیة، لکن القانون المدنی العراقی نص: (إذا فرض القانون شکلاً معیناً للعقد فلا ینعقد إلا باستیفاء هذا الشکل مالم یوجد نص بخلاف ذلک). لکن یمکن تعریف الشکلیة فی العقود بأنها : وضع محدد قانوناً لتراضی المتعاقدین، فلا یتم العقد الشکلی إلا باستیفائه. أما ماهیة الشکل الذی قد یفرض للعقد فقد حددته نصوص عدة منفردة فی القانون المدنی وفی قوانین أخرى.
وقد یبدو للوهلة الأولى أن القواعد المنظمة لعقد البیع الدولی الإلکترونی لم تخصه بشکلیة معینة لانعقاده، الأمر الذی یعنی خضوعه للقاعدة العامة فی إبرام العقود وهی الرضائیة، لکننا وبالرجوع إلى تعریف المشرع العراقی للعقد الإلکترونی فی (م/1- عاشراً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی نلحظ أن عبارة (یتم بوسیلة إلکترونیة) تتناول إتمام العقد الإلکترونی أی إبرامه، بمعنى أن العقد الإلکترونی لا یتم إلا بوسیلة إلکترونیة، وبعبارة أخرى فإن الصیغة الإلکترونیة التی یتم بها العقد الإلکترونی هی رکن الشکل فی هذا العقد. وبذلک نتوصل إلى نتیجة مؤداها أن اتصاف العقد بالصفة الإلکترونیة یعنی تحمیله على دعامة إلکترونیة، أی ان یکون محرراً بصیغة کتابة إلکترونیة، وبالتالی فلا یمکن القول بوجود عقد إلکترونی ما لم یکن العقد محملاً بتلک الصیغة، وبعبارة أخرى فإن الکتابة الإلکترونیة فی عقد البیع الإلکترونی هی لیست شرطاً للإثبات وإنما هی رکن للانعقاد، وبدونها لا یمکن الحدیث عن وجود عقد البیع الإلکترونی.
وما یؤید وجهة النظر هذه أن قانون التوقیع الإلکترونی العراقی قد قرر للمستندات الإلکترونیة والکتابة الإلکترونیة والعقود الإلکترونیة ذوات الحجیة القانونیة لمثیلتها الورقیة إذا اتسمت بقابلیتها للقراءة والفهم والاسترجاع، واتسمت بالدیمومة والثبات ودلالتها على موقعها وعلى جهة وتأریخ إرسالها واستقبالها، وحیث ان کل هذه الشروط والضوابط لا یمکن القول بوجودها إلا بوجود الکتابة الإلکترونیة للعقد، فإن ذلک یصل بنا إلى نتیجة مؤداها أن عقد البیع الدولی الإلکترونی –بل وکل العقود الإلکترونیة– هو عقد شکلی.
لکن النتیجة هذه لا تعنی بطلان عقد البیع الدولی الإلکترونی إذا ما غابت عنه الشکلیة المشترطة قانوناً، وإنما فقط تحوله من عقد بیع دولی إلکترونی إلى عقد بیع دولی (تقلیدی)، وبالتالی فإن نتیجة هذا التحول یمکن إثباتها بکل طرق الإثبات المقررة قانوناً، باستثناء الطریق الإلکترونی طبعاً.
أما قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة الإماراتی فقد عدّ العقد الإلکترونی من صور المعاملات الإلکترونیة، ثم حدد متطلبات المعاملات الإلکترونیة ب: المراسلات الإلکترونیة، وحفظ السجلات الإلکترونیة، وقبول التعامل الإلکترونی، والکتابة الإلکترونیة، والتوقیع الإلکترونی. وعلیه فإن (الإلکترونیة) التی فرضها المشرع الإماراتی فی العملیات المتعلقة بتکوین العقد الإلکترونی تعد شکلاً لا بد منه لقیام عقد البیع الإلکترونی الدولی.
المطلب الثالث
حجیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی فی الإثبات
یتطلب البحث فی حجیة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی فی الإثبات الرجوع إلى تنظیم قانون التوقیع الالکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی – والقوانین المقارنة- للحجیة القانونیة للوثیقة الإلکترونیة، سواءً الأصلیة منها أم تلک المنسوخة عنها.
الفرع الأول: حجیة الوثیقة الإلکترونیة الأصلیة فی الإثبات
لدى الرجوع إلى قانون التوقیع الالکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی یلحظ أنه قد قرر للمستندات الإلکترونیة، والکتابة الإلکترونیة، والعقود الإلکترونیة، والتوقیع الإلکترونی ذات الحجیة القانونیة المقررة لمثیلتها الورقیة إذا توفرت فیها الشروط المنصوص علیها فی (م/13-أولاً) و (م/5) من القانون. وقد جاء موقف المشرع العراقی هذا متوافقاً مع موقف کل من المشرع الإماراتی والأردنی اللذین سبقاه فی منح الوثائق الإلکترونیة ذات الحجیة المقررة لمثیلتها التقلیدیة، متى ما استوفت الشروط والأحکام المقررة بشأنها فی قانون المعاملات والتجارة الإلکترونیة. ولذا یرى بعض الفقهأنه عندما توجد ازدواجیة فی أدلة الإثبات المعروضة أمام القضاء بین المحررات الإلکترونیة والتقلیدیة، فإن القاضی لیس له أن یعطی أولویة مطلقة لأی منهما على الآخر، فکل منهما له نفس المرتبة والحجیة.
وبغیة إسباغ المزید من الحجیة على المستندات الإلکترونیة فی الإثبات یلحظ أن المشرع العراقی قد أجاز إثبات صحة المستند الإلکترونی بجمیع طرق الإثبات المقررة قانوناً، وقد أقام قرینة قانونیة لصالح المستند الإلکترونی، إذ عده موثقاً منذ تأریخ إنشائه، ولم یتعرض إلى أی تعدیل، ما لم یثبت خلاف ذلک.
کما أقام المشرع الإماراتی قرینة قانونیة لصالح السجل الإلکترونی المحمی إذ افترض أنه لم یتغیر منذ أن أنشیء، کما افترض أنه معتد به، وبالتالی یکون قد رفع عن کاهل المتمسک بالسجل الالکترونی المحمی عبء الإثبات، إذ أقام قرینة قانونیة لصالحه، لکنها قرینة قانونیة عدها المشرع قابلة لإثبات العکس. أما المشرع الأردنی قرینة قانونیة لصالح السجل الإلکترونی الموثق، إذ افترض أنه لم یتغیر أو یعدل منذ تاریخ إجراءات توثیقه، کما افترض أن التوقیع الإلکترونی الموثق صادر عن الشخص المنسوب إلیه، وأنه قد وضع من قبله للتدلیل على موافقته على مضمون السند. أما السجل الإلکترونی والتوقیع الإلکترونی فقد نفى المشرع عنهما أیة حجیة.
والواقع أن موقف المشرع العراقی -من ناحیة اعتبار المستند الإلکترونی موثقاً منذ تأریخ إنشائه ولم یتعرض إلى أی تعدیل ما لم یثبت خلاف ذلک- قد یبدو لنا محل نظر، ذلک أنه لا ینبغی منح هذه القرینة للمستندات الإلکترونیة على إطلاقها، وإنما ینبغی قصرها حصراً على المستند الإلکترونی المقترن بتوقیع إلکترونی معتمد من جهة التصدیق، وهذا هو تماما الموقف الذی تبناه المشرع الإماراتی لصالح السجل الإلکترونی المحمی، والمشرع الأردنی لصالح السجل الإلکترونی الموثق. وعلیه ندعو المشرع المشرع العراقی لتغییر موقفه، وذلک من خلال تعدیل (م/17-ثانیاً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الالکترونیة العراقی، لتغدو بالصیغة التالیة (یعد المستند الإلکترونی المعتمد من جهة التصدیق موثقاً من تاریخ إنشائه).
الفرع الثانی : حجیة الصورة المنسوخة عن المستند الإلکترونی فی الإثبات
عد قانون التوقیع الالکترونی والمعاملات الإلکترونیة العراقی الصورة المنسوخة عن المستند الإلکترونی حائزة على صفة النسخة الأصلیة إذا توافرت فیها الشروط الآتیة : تطابق الصورة المنسوخة مع النسخة الأصلیة، وجود المستند الإلکترونی والتوقیع الإلکترونی على الوسیلة الإلکترونیة، إمکانیة حفظ وخزن معلومات وبیانات الصورة المنسوخة بحیث یمکن الرجوع إلیها ، إمکانیة حفظ وخزن الصورة المنسوخة فی الشکل الذی أنشئت أو أرسلت أو تسلمت به النسخة الأصلیة للمستند الإلکترونی، واحتواء الصورة المنسوخة على المعلومات الدالة على الموقع والمتسلم ووقت الإرسال والتسلم. وقد تبنى المشرع الإماراتی شروطاً مقاربة تماما.
الخاتمـة
فی ختام البحث یمکننا عرض النتائج التی تم التوصل الیها، مشفوعة بالتوصیات:
أولاً- النتائج: من خلال تناول موضوع البحث تم التوصل للنتائج الآتیة:
1- لم یورد المشرع فی القوانین المقارنة تعریفاً لوثیقة البیع الدولی الإلکترونی، لکن من خلال المواءمة بین تعریف الوثیقة الإلکترونیة وتعریف البیع الدولی یمکن الخروج بتعریف ملائم.
2- إن الکتابة الإلکترونیة فی عقد البیع الدولی الإلکترونی هی لیست شرطاً للإثبات وإنما هی رکن للانعقاد، وبدونها لا یمکن الحدیث عن وجود وثیقة عقد إلکترونی. ذلک أن اتصاف عقد البیع الدولی بالصفة الإلکترونیة یعنی تحریره بصیغة کتابة إلکترونیة على دعامة إلکترونیة، وبالتالی فلا یمکن القول بوجود عقد إلکترونی ما لم یکن العقد محملاً بتلک الصیغة.
3- إن بالإمکان إثبات صحة وثیقة البیع الدولی الإلکترونی بجمیع طرق الإثبات المقررة قانوناً، کما أن الأصل فی هذه الوثیقة أنها تعد موثقة منذ تأریخ إنشائها، ولم تتعرض لأی تعدیل، ما لم یثبت خلاف ذلک.
4- یلحظ من خلال تعریف المشرع العراقی للعقد الإلکترونی فی (م/1- عاشراً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة أنه قد قرن الصفة الإلکترونیة للعقد بواقعة (إبرامه بوسیلة إلکترونیة) حصراً، فی حین أن کلاً من المشرع الإماراتی والأردنی قد قرنا إسباغ الصفة الإلکترونیة على العقد بإحدى الواقعتین : إبرام العقد إلکترونیاً، تنفیذ العقد إلکترونیاً. وفیما یبدو فإن موقف المشرع الإماراتی والأردنی کان أکثر توفیقاً من موقف المشرع العراقی، لأسباب عدة، لکنه بالنتیجة یوسع من نطاق العقد الإلکترونی.
ثانیاً -التوصیات: بناءً على ما تم تناوله من خلال البحث یمکننا التقدم بالتوصیات الآتیة:
1- ندعو المشرع العراقی إلى تعدیل الفصل الأول من الباب الخامس من قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984وإضافة النص الآتی للمادة/294 : (وثیقة البیع الدولی الإلکترونی: وثیقة عقد البیع التی تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة، ویکون محلها بضاعة منقولة أو معدة للنقل بین دولتین أو أکثر) .
2- لاستقرار المعاملات ندعو المشرع العراقی إلى مد الصفة الإلکترونیة للإجراءات التنفیذیة على العقد التقلیدی لیغدو إلکترونیاً. وذلک عبر تعدیل (م/1- عاشراً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة، وإضافة عبارة : (وکذلک یعد العقد إلکترونیاً إذ نفذ کلیاً أو جزئیاً بوسائل إلکترونیة).
3- ندعو المشرع العراقی لتعدیل (م/1- رابعاً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الإلکترونیة، وذلک بإضافة عبارة (ذات صیغة إلکترونیة)، لیغدو نص المادة : (التوقیع الإلکترونی علامة شخصیة ذات صیغة إلکترونیة تتخذ شکل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أصوات أو غیرها وله طابع متفرد یدل على نسبته إلى الموقع ویکون معتمداً من جهة التصدیق).
4- ندعو المشرع المشرع العراقی لتغییر موقفه من ناحیة - اعتبار المستند الإلکترونی موثقاً منذ تأریخ إنشائه ولم یتعرض إلى أی تعدیل ما لم یثبت خلافه- ذلک أنه لا ینبغی منح هذه القرینة للمستندات الإلکترونیة على إطلاقها، وإنما ینبغی قصرها حصراً على المستند الإلکترونی المقترن بتوقیع إلکترونی معتمد من جهة التصدیق، وذلک من خلال تعدیل (م/17-ثانیاً) من قانون التوقیع الإلکترونی والمعاملات الالکترونیة العراقی لتغدو بالصیغة التالیة : (یعد المستند الإلکترونی المعتمد من جهة التصدیق موثقاً من تاریخ إنشائه).
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Legal books:
1- Dr. Iman Maamoon Ahmed Sulaiman, conclusion and proof of the electronic contract - legal aspects of the electronic commerce contract, New University Publishing House, 1, Alexandria 2008.
2-Bashar Mahmoud Doudin, The Legal Framework of the Contract concluded through the Internet, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, 1, Amman, 2006.
3- Dr. Thamer Mohammed Sulaiman Al - Dimayati, Proof of Online Contract - Comparative Study, Without Publishing House, Cairo 2009.
4- Dr. Khalid Mamdouh Ibrahim, conclusion of the electronic contract - a comparative study, Dar AL fikr al jamee, I 1, Alexandria-Egypt 2011.
5- Dadeer Hamid Suleiman, The Role of Internet-Based Bonds for Proof of Civil Affairs (No Name of Publishing House), Erbil, 2006.
6- Dr. Said Sayed Kandil, Electronic Signature, New University House, 1st Floor, Alexandria, 2006.
7- Issa Ghassan Rabdi, Rules for Electronic Signatures, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, 1/1, Amman 2009.
8. José José, Prolonged in Contracts - International Sale of Goods, University Foundation for Studies, Publishing and Distribution, 1 st, Beirut 2005.
9- Dr. Majid Mohammed Sulaiman Aba Al Khail, Electronic Contract, Al-Rashed Library, Publishers, 1, Riyadh 2009.
10- Dr. Mohamed Hussein Mansour, Traditional and Electronic Evidence, University Thought House, Alexandria 2006
11- Dr. Mohammed Fawaz Mohammed Al-Mutlaqah, Al-Wijeez in Electronic Commerce Contracts, Dar Al-Thaqafa, 1, Amman, 2006.
12- Dr. Mamdouh Mohamed Ali Mabrouk, The Authenticity of the Electronic Signature in Proof, Dar Al-Nahda Al Arabiya, 1 st, Cairo, 2008.
13- Dr. Hisham Ali Sadiq, Law Applicable to International Trade Contracts, Knowledge Establishment, Egypt 1995.
14- Dr. Wael Hamdy Ahmed, Goodwill in International Sales, Dar Al-Fikr wa al-Lawun, I 1, Egypt 2010.
15- Alaa Mohammed Nusairat, Authentic Electronic Signature in Proof, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, 1, Amman, 2005.
Second: Comparative Laws:
1- Electronic Signature Law and Electronic Transactions of Iraq No. (78) for the year 2012
2- Emirates Electronic Transactions and Commerce Law No. (1) of 2006
3- Jordanian Electronic Transactions Law No. 85 of 2001
4- Iraqi Evidence Law No. (107) for the year 1979
5- Law of Evidence in UAE Civil and Commercial Transactions No. (10) of 1992
6- Iraqi Trade Law No. 30 of 1984
7- UAE Commercial Transactions Law No. 18 of 1993
8- Jordanian Trade Law No. 12 of 1966
Third: International Conventions and UNCITRAL Model Laws:
1- United Nations Convention on the Use of Electronic Communications in International Contracts, 2005
2-United Nations Convention on Contracts for the International Carriage of Goods by Sea, in whole or in Part (Rotterdam, 2008).
3-UNCITRAL Model Law on Electronic Commerce for 1996.
4-UNCITRAL Model Law on Electronic Signatures of 2001.