Abstract
In our research entitled "Criminal liability for the cessation of industrial recovery devices", we refer to the nature and types of industrial rehabilitation devices, the importance of this type of treatment, and the criminal responsibility for stopping these devices. The responsibility of the doctor or medical team is included in each case. The doctor may not perform any work that violates the technical assets in the scope of his profession. The suspension of the industrial rehabilitation equipment violates a human right and dignity stipulated by the Islamic law and the positive laws, which require the doctor or medical team to do everything in his power to revive the MATH using these devices and continue to do so even recover his life.
Main Subjects
Full Text
المسؤولیة الجزائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی-(*)-
محمد حسین الحمدانی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Muhammad Hussein Al-Hamdani College of law / University of Mosul Correspondence: Muhammad Hussein Al-Hamdani E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 28/4/2019 *** قبل للنشر فی 7/5/2019.
(*) Received on 28/4/2019 *** accepted for publishing on 7/5/2019.
Doi: 10.33899/alaw.2019.161254
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
نسعى فی بحثنا الموسوم (المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی) إلى بیان ماهیة أجهزة الإنعاش الصناعی وأنواعها وبیان أهمیة هذا النوع من العلاجات، والمسؤولیة الجنائیة عن إیقاف هذه الأجهزة ذلک أن مسؤولیة الطبیب أو الفریق الطبی المسؤول تکون واردة فی کل حالة من الحالات التی یأتی بها الطبیب عملاً من الأعمال التی تخالف الأصول الفنیة المعمول بها فی نطاق مهنته، فإیقاف أجهزة الانعاش الصناعی یمس حقاً من حقوق الإنسان وکرامته التی نصت علیها الشریعة الإسلامیة والقوانین الوضعیة، والتی أوجبت على الطبیب أو الفریق الطبی أن یبذل ما فی وسعه لإنعاش المریض باستخدام هذه الأجهزة وأن یستمر فی ذلک حتى یسترد حیاته، ذلک أن استخدام هذه الأجهزة قد أدى إلى انقاذ الکثیر من الحالات، حیث تقوم هذه الأجهزة بتعویض الفشل الذی یحدث فی بعض الأعضاء الحیویة فی جسم الإنسان أو تساعد على إعادة نشاط تلک الأعضاء، أو تعویض ما نقص من مواد أساسیة ضروریة لحیاة الجسد، إلى غیر ذلک من الوظائف الحیویة التی تؤدیها تلک العلاجات وما یستعمل معها من أجهزة والتی تتطلب من الأطباء أو الفریق الطبی المعالج ملاحظة طبیة شاملة ودقیقة فی وحدات العنایة المرکزة وفی ضوء ذلک قسمنا البحث إلى ثلاثة مباحث رئیسیة، یتعلق الأول بماهیة أجهزة الإنعاش الصناعی ویتضمن المبحث الثانی تحدید معیار الوفاة، ویتناول المبحث الثالث أحکام المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش.
الکلمات المفتاحیة: المسؤولیة الجنائیة، أجهزة الإنعاش، حقوق الإنسان
Abstract
In our research entitled "Criminal liability for the cessation of industrial recovery devices", we refer to the nature and types of industrial rehabilitation devices, the importance of this type of treatment, and the criminal responsibility for stopping these devices. The responsibility of the doctor or medical team is included in each case. The doctor may not perform any work that violates the technical assets in the scope of his profession. The suspension of the industrial rehabilitation equipment violates a human right and dignity stipulated by the Islamic law and the positive laws, which require the doctor or medical team to do everything in his power to revive the MATH using these devices and continue to do so even recover his life.
Keywords: criminal liability, recovery mechanisms, human rights
المقدمـة
مع التطور الطبیعی والتقدم فی العلوم البیولوجیة ظهرت أجهزة الإنعاش الصناعی التی تهدف لمساعدة المریض بوسائل صناعیة لبحث امکانیة إعادة نشاط القلب والجهاز التنفسی وبالتالی إعادة وعی المریض إن أمکن ذلک وبعد اختراع هذه الأجهزة وما کان لها من أثر فی إطالة حیاة المریض مرض الموت أصبحت الحاجة ماسه إلى تحدید لحظة حدوث الموت ووضع حد لجهود الأطباء ومسؤولیتهم فی إنعاش شخص لا أمل فی عودته إلى الحیاة الطبیعیة العادیة وبالتالی فصل أجهزة الإنعاش الصناعی عنه دون أن تترتب علیهم أیة مسؤولیة ومن هنا ظهرت الحاجة إلى بیان ماهیة هذه الأجهزة وأنواعها وأحکام المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف هذه الأجهزة لذلک جاء بحثنا بعنوان (المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی) حیث تکمن مشکلة البحث فی حداثة الموضوع وقلة النصوص القانونیة التی تناولت هذا النوع من العلاجات.
وتتجلى أهمیة الموضوع فی أن أجهزة الإنعاش الصناعی وما تلعبه من دور فی إنعاش القلب والرئة تعد من الأمور الحیاتیة المهمة التی أدت إلى انقاذ کثیر من الحالات من الموت، وتعتبر هذه الأجهزة والعلاجات الیوم من أندر وأهم الوسائل الطبیة التی یستفاد منها فی انقاذ حیاة المرضى حیث أن وظیفة هذه الأجهزة هی مساندة أعضاء الجسم الحیویة.
وقد انتهجنا فی البحث منهجاً استقرائیاً معتمدین اسلوب البحث المقارن کلما کان ذلک ممکناً بما توفر لدینا من قوانین وتعلیمات ولوائح طبیة خاصة بالموضوع.
وجاء تقسیم البحث إلى ثلاثة مباحث وفق الهیکلة الآتیة:-
المبحث الأول: ماهیة أجهزة الإنعاش الصناعی
المطلب الأول: تعریف أجهزة الإنعاش الصناعی وأهمیتها
المطلب الثانی: أنواع أجهزة الإنعاش الصناعی
المطلب الثالث: وضع المریض تحت أجهزة الإنعاش
المبحث الثانی: تحدید معیار الوفاة
المطلب الأول: المعیار العلمی لحدوث الوفاة
المطلب الثانی: موقف القانون الوضعی من تحدید لحظة الوفاة
المبحث الثالث: أحکام المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش
المطلب الأول: المسؤولیة الناشئة عن إیقاف الأجهزة بفعل الطبیب
المطلب الثانی: المسؤولیة الناشئة عن إیقاف الأجهزة بفعل الغیر
المطلب الثالث: المسؤولیة الناشئة عن إیقاف الأجهزة برضاء المریض أو من یمثله.
المبحث الأول
ماهیة أجهزة الإنعاش الصناعی
سوف نتناول فی هذا المبحث تعریف اجهزة الانعاش الصناعی واهمیتها وذلک فی مطلب أول من هذا المبحث فیما سنخصص المطلب الثانی منه لبیان انواع اجهزة الانعاش الصناعی واخیراً سوف نوضح وضع المریض تحت اجهزة الانعاش الصناعی وذلک فی المطلب الاخیر من هذا المبحث وکما یأتی.
المطلب الأول
تعریف أجهزة الإنعاش الصناعی وأهمیتها
سوف نتناول فی هذا المطلب تعریف أجهزة الإنعاش الصناعی فی الفرع الأول وأهمیة أجهزة الإنعاش الصناعی فی الفرع الثانی.
الفرع الأول
تعریف اجهزة الانعاش الصناعی
أولاً- تعریف الإنعاش لغةً :
الإنعاش من نعَشَ ونعِش الإنسان ینعشه نعشاً : تدارکه هلکه، ونعشة الله وأنعشه: سد فقره، ونعشة الله ینعشه نعشاً وأنعشه : رفعه الله وجبره، یقال نعشک الله تعالى من هذه النکبة ومیت منعوش أی محمول على النعش، وانتعش ارتفع، والانعاش: رفع الرأس ، والنعَشْ: سریر المیت، وسمیَّ بذلک لارتفاعه.
ثانیاً- تعریف الإنعاش اصطلاحاً:
عرف بعض العلماء الإنعاش بأنه (عبارة عن مجموعة من الأسالیب الطبیة والعلاجیة المخصصة لحالات مرضیة جسمیة، وخطرة والتی لو ترکت وشأنها لأفضت فی فترة زمنیة متناهیة القصد إلى الوفاة للمریض أو التسبب فی إصابة عضویة غیر قابلة للشفاء. کما عرفه البعض الآخر بأنه (المعالجة المکثفة التی یقوم بها طبیب أو مجموعة من الأطباء ومساعدیهم لمن یفقد وعیه أو تتعطل عنده بعض وظائف الأعضاء الحیویة کالقلب والرئة إلى أن تعود إلى عملها الطبیعی وغالباً ما یتضمن ذلک استعمال أجهزة مستعاضة کالمنفاس الذی یعوض تحمل الرئة وجهاز منظم ضربات القلب، ناظم الخطى الذی ینظم الضربات القلبیة بشکل منتظم وجهاز مزیل رجفان القلب الذی یعید القلب للعمل من جدید فی حالة التوقف، بالإضافة إلى علاجات دوائیة مختلفة لا یمکن إعطاؤها إلا تحت مراقبة طبیة مکثفة.
وعرف أیضاً بأنه (عودة النشاط یعد الفتور، وإعادة الوظائف الحیویة فی الجسم المباشرة عملها من جدید بعد أن تکون قد توقفت أو على وشک التوقف أو تنشیط الدورة الدمویة والجهاز التنفسی بواسطة أجهزة بحیث یفارق المریض الحیاة إذا رفعت هذه الأجهزة).
یستنتج من هذه التعاریف أن الإنعاش هو نوع من أنواع العلاج یقوم الاختصاصی أو مجموعة المختصین لإنقاذ حیاة المصاب الذی یکون حالة ستفضی به حتماً إلى الموت، إذا لم یتلق العنایة التی تنشله من وضعیته الخطیرة التی هو علیها. فهو العنایة الطبیة المرکزة باستخدام أجهزة صناعیة ومعالجة دوائیة تحت مراقبة فائقة، التی یقدمها فریق طبی متخصص لمعالجة مرضى الحالات الحرجة التی تتوقف فیها وظائف أحد الأعضاء الحیویة إلى أن تعود هذه الأعضاء إلى وظائفها الطبیعیة وتتم هذه العنایة فی وحدات خاصة تسمى وحدات العنایة المرکزة.
أما أجهزة الإنعاش الصناعی فهی (مجموعة من الأجهزة الأوتوماتیکیة التی توضع على الصدر وتستخدم الصدمات الکهربائیة لإعادة القلب إلى النبض الطبیعی).
فأجهزة الإنعاش الصناعی وسیلة طبیة علاجیة من نوع خاص تهدف لإطالة حیاة مریض میؤوس من شفائه لفترة قد تطول أو تقصر حسب الحالة.
الفرع الثانی
أهمیة أجهزة الانعاش الصناعی
تتأتى أهمیة أجهزة الإنعاش الصناعی من الدور الذی تؤدیه للمریض حیث تقوم نیابة عن المریض بإتمام عملیة التنفس لفترة قد تستمر ثلاثة أسابیع إذا لزم الأمر بعدها یمکن عودة التنفس إلى حالته الطبیعیة لدى المریض حیث تؤدی أجهزة الإنعاش الصناعی وظائف القلب والرئتین لفترة مؤقتة ویستعان بهذه الأجهزة غالباً عند إجراء عملیات جراحة القلب المفتوح کتغییر صمامات القلب فتقوم هذه الأجهزة بوظیفة القلب خلال فترة توقفه، وبعدها یعود قلب المریض إلى الخفقان ویعاود ممارسة حیاته العادیة.
أو فی حالة الإصابة فی الدماغ فبهدف الإنعاش فی هذه الحالة بصورة أساسیة إلى الحفاظ على أکبر قدر من خلایا الدماغ فی حالة الموت السریری، أو عند الدخول فی غیبوبة بسبب، أو نحو ذلک، وقد یتمکن العلم الحدیث من توسیع دائرة استخدام الإنعاش الصناعی وتعدد فوائدها مع عدم إغفال أهمیتها فی الوقت الحاضر وضرورة استخدامها للمریض فی کثیر من الأحیان.
المطلب الثانی
أنواع أجهزة الإنعاش الصناعی
هناک عدة أجهزة تستخدم فی الإنعاش، ویتوقف استخدام بعضها أو کلها على حالة المریض وسنتناول هذه الأجهزة من خلال تقسیم المطلب إلى أربعة فروع وکالاتی :
الفرع الأول
أجهزة التنفس (المنفسة)
وهو جهاز کهربائی یقوم بإدخال الهواء إلى الرئتین وإخراجه منهما مع إمکانیة التحکم بنسبة الأوکسجین فی الهواء الداخل، بالإضافة إلى عدة أشیاء أخرى للمساعدة على إیصال الأوکسجین إلى الدم، وإخراج ثانی أکسید الکربون، فعندما یرى الطبیب أن التنفس قد توقف أو أوشک على التوقف فإنه یقوم بإدخال انبوبة إلى القصبة الهوائیة ویوصل ذلک الانبوب بالمتنفسة وهی على عدة أنواع، إلا أن ما یستخدم فی الإنعاش، هو ذلک النوع الذی تقوم فیه المنفسة بعمل الجهاز التنفسی فی بدن الإنسان، بحیث تحرک القفص الصدری بما یشبه الشهیق والزفیر الطبیعی، حیث یقوم الطبیب فی حال توقف التنفس الطبیعی أو إشرافه على التوقف أو عند إجراء العملیات الجراحیة، التی یحتاج فیها المریض إلى التخدیر الکلی، بإدخال أنبوبة إلى القصبة الهوائیة من رئتی المریض ثم یوصلها بالمنفسة.
الفرع الثانی
أجهزة انعاش وتنظیم ضربات القلب
أولاً- أجهزة انعاش القلب Defibrillator :
وهذا الجهاز یعطی صدمات کهربائیة لقلب اضطرب نبضه اضطراباً شدیداً وتحول إلى ذبذبات بطینیة تدفع الدم من البطین إلى الاورطی (الأبهر) ، وبحیث إذا لم یجر له ذلک توقف القلب عن العمل وذلک یعنی توقف تغذیة الدماغ، وإذا توقفت تغذیة الدماغ وخاصة جهاز الدماغ لمدة دقیقتین فذلک یعنی موت الدماغ الذی لا رجعة فیه، ویقوم الطبیب أو الممرضة أو الشخص المدرب بوضع جهاز مانع الذبذبات هذا على الصدر وإمرار تیار کهربائی یوقف الذبذبات ویعید القلب إلى نبضه أو إذا توقف القلب فإن إمرار صدمة کهربائیة قد یعید القلب إلى العمل.
ثانیاً- جهاز منظم ضربات القلب Pace maker :
هو جهاز یصدر موجات کهربائیة تعمل على تنشیط القلب ویستخدم إذا کانت ضربات بطیئة جداً، بحیث یترتب علیه هبوط فی ضغط الدم بحیث أن الدم لا یصل إلى الدماغ بکمیة کافیة، أو ینقطع لفترة ثوان أو لدقیقة ثم یعود وذلک بسبب (الإغماء) وفقدان الوعی المتکرر أو حدوث الغیبوبة الدماغیة، کما یستخدم فی حالة الاضطراب الشدید لضربات القلب، وعدم انتظام وصول الدم إلى أجزاء الجسم المختلفة، ما یحدث اضطراباً فی نشاط المریض بصورة عامة، وهذا المنظم عبارة عن جهاز صغیر، موصول بسلک یتم ادخاله فی تجویف القلب، حیث یقوم هذا الجهاز بتولید شرارات کهربائیة بشکل منتظم، لتحریض ضربات القلب على الانتظام.
الفرع الثالث
أجهزة الکلیة الصناعیة
وهو جهاز یقوم بوظیفة الکلى فی تخلیص الجسم من السموم والأملاح، والماء الزائد عن حاجته، ونفایات التمثیل الغذائی الضارة به، وذلک لتعویض الجسم عن الکلیة الطبیعیة فی حالة توقفها عن العمل، أو اختلال وظائفها، کما قد یکون المریض یعانی من الفشل الکلوی، وهو فی حالة إغماء، فیصعب فی هذه الحالة نقل المریض إلى قسم الکلیة الصناعیة، فلذلک کان لا بد من وجود احد هذه الأجهزة فی قسم العنایة المکثفة.
المطلب الثالث
وضع المریض تحت أجهزة الإنعاش الصناعی
إن حصر أحوال المریض تحت أجهزة الإنعاش یکون فی حالات أربع سنتناولها من خلال تقسیم هذا المطلب إلى أربعة فروع وکما یلی :
الفرع الأول
عودة أجهزة المصاب إلى حالتها الطبیعیة
یسعى القائمون على الاجهزة الطبیة الى أن تعود أجهزة المصاب إلى حالتها الطبیعیة عوداً یطمئن القائم على هذه الاجهزة والأطباء أن الخطر قد زال (بعد وضعه تحت أجهزة الانعاش الصناعی لفترة کافیة)، ولا یحتاج معها لأجهزة الإنعاش فهنا یقرر الطبیب رفع أجهزة الإنعاش لسلامة المریض وعدم حاجته إلیها لزوال الخطر وهنا یکون من رأی الاختصاصی واجب الاحترام حین یقرر ذلک وإذا قرر الطبیب ذلک فإنه لا خلاف فی الشرع والقانون حول إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی فی هذه الحالة.
الفرع الثانی
تحسن المریض مع حاجته لأجهزة الإنعاش
فی هذه الحالة یکون المریض فی طریقه إلى النقاهة والسلامة فهنا تبقى اجهزة الإنعاش علیه حتى یستغنی عنها ویشفى بشکل تام وحینئذٍ ترفع عنه أجهزة الإنعاش کما فی الحالة الأولى وقد اتفق على ذلک علماء الشرع والقانون فی جمیع دول العالم وذلک لعدم حاجته إلیها.
الفرع الثالث
حالة موت الدماغ
فی هذه الحالة تظهر علامات موت الدماغ من الإغماء وعدم الحرکة وغیرها من العلامات لکن بواسطة أجهزة الإنعاش لا یزال القلب ینبض، والنبض مستمر نبضاً وتنفساً صناعیین لا حقیقیین، وقد اختلف الرأی فی مدى جواز إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی فی هذه الحالة إلى اتجاهان :
الأول:- یرى أصحاب هذا الرأی أنه إذا توقف المخ وماتت خلایاه بما فی ذلک المراکز العصبیة الهامة التی تتحکم فی الوعی والحرکة والکلام والسمع والبصر والذاکرة والنفس والدورة الدمویة، والسیطرة على درجة الحرارة وتنظیم وظائف الأعضاء فإنه یجوز رفع أجهزة الإنعاش الصناعی فی هذه الحالة على اعتبار أن أصحاب هذا الاتجاه یعتبرون موت الدماغ موتاً حقیقیاً، وهذا ما ذهب إلیه قرار مجمع الفقه الإسلامی التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامی والمجمع الفقهی التابع لرابطة العالم الإسلامی، ذلک لأنه لا یوقف علاجاً یرجى منه شفاء المریض وإنما یوقف إجراء لا طائل من ورائه فی شخص محتضر وهذا أیضاً ما ذهبت إلیه اللجنة الدائمة للبحوث العلمیة والافتاء فی السعودیة.
الثانی:- یرى أصحابه عدم جواز رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض الذی مات جذع مخه لأنهم لا یعتبرون موت جذع المخ موتاً حقیقیاً ویعتبرون رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن مریض موت الدماغ قتلاً عمداً یستوجب عقاب الفاعل.
لأن هذه الأجهزة مساعدة له ومن وسائل علاجه وقیام الأطباء بحرمانه منها یعد محققاً لجریمة القتل العمد لأنه نزع هذه الأجهزة عن مرضى الغیبوبة الدماغیة وسیلة یقتل بها غالباً من کان فی مثل حالتهم، وذلک لأن العلم إذا قال الیوم أنه بموت خلایا الدماغ یموت الإنسان فقد یثبت العلم غداً خلاف ذلک وأن خلایا المخ قد تستعید قوتها وقدرتها على العمل بعد حین أو بعقاقیر قد تکتشف فی الغد القریب. ونرى أن مرضى الغیبوبة الدماغیة أو من تشخص حالتهم على أنها موت لجذع المخ أحیاء ما دامت فیهم مظاهر الحیاة فما دامت خلایا أجسام هؤلاء المرضى حیة متجددة ناحیة لاستمرار على هرمون النمو وحرارة هذه الأجسام تظل فی معدلات حرارة غیر المرضى بالغیبوبة، فذلک دلیل على استمرار حیاتهم على وجه الیقین فلا یسوغ الحکم بموت إنسان وبدنه فی إیصال الغذاء والدواء وتظهر علیه آثار تقبل ذلک من نمو وغیره. وبالتالی فإن نزع الأجهزة الطبیة منهم فی هذه الحالة یعد قتلاً عمداً لأن هذه الأجهزة المساعدة هی من وسائل علاجهم وقیام الأطباء بحرمانهم منها یعد محققاً لجریمة القتل وهذا ما أکدته الجمعیة الأمریکیة لطب الحالات الحرجة، وأعلنه الأطباء فی بوسطن، حیث أکدت بعض الأبحاث الطبیة التی أجریت على کثیر من المرضى الذین تم تشخیص حالاتهم کموتى جذع المخ أن الحیاة الطبیعیة قد عادت إلى نسبة غیر قلیلة منهم، ونظراً لإمکان عودة هؤلاء إلى الحیاة الطبیعیة فإن البروتوکولات المختلفة لتشخیص موت المخ اتفقت على عدم جواز تطبیق مفهومه على الأطفال لقدرة أبدانهم على استعادة وظائف المخ وإن طال زمن غیبوبتهم.
الفرع الرابع
مرضى میؤوس من شفائهم
أی مرضى لا أمل فی شفائهم طبیاً، لکن جذع الدماغ ما زال حیاً وفی هذه الحالة لا یجوز رفع أجهزة الإنعاش عن هؤلاء المرضى، وذلک للأسباب التالیة:
1- إن سحب الأجهزة عنهم کترک انقاذ غریق فی البحر وحریق یحترق فی النار.
2- لأن علامات الحیاة لا تزال موجودة فی هؤلاء المرضى فلا یجوز رفع أجهزة الإنعاش عنهم.
3- لأن فی رفع أجهزة الإنعاش عنهم قتل لهؤلاء المرضى أو زیادة فی مرضهم وکلاهما لا یجوز.
4- إن الرأی الطبی فی البلاد العربیة والإسلامیة بالنسبة لسحب أجهزة الإنعاش من مرضى میؤوس من حالتهم أی لا أمل فی شفائهم طبیاً یعتبر جریمة.
المبحث الثانی
تحدید معیار لحظة الوفاة
تحدید فترة الوفاة مسألة على جانب کبیر من الأهمیة، فموت الشخص لیس ظاهرة بیولوجیة فقط وإنما واقعة قانونیة لها أثارها القانونیة، فتحدید لحظة الوفاة یلعب دوراً کبیراً فی إمکانیة البت فی مدى مشروعیة رفع أجهزة الإنعاش الصناعی أو استمرارها على المریض الذی توقف قلبه أو رئتیه أو مخه عن العمل وبالتالی تحدید أحکام المسؤولیة الجنائیة عن رفع أجهزة الإنعاش الصناعی کما یمکن البت فی مدى مشروعیة استئصال الأعضاء البشریة من المیت ومدى جواز إجراء التجارب الطبیة علیها ولسوف نقتصر على استعراض ما یتعلق بموضوع بحثا حیث اختلفت وجهات النظر فی الأخذ بمعاییر التحدید الخاصة بلحظة الوفاة وسوف یتبین الاتجاهات الطبیة والقانونیة وذلک من خلال مطلبین وکما یأتی:
المطلب الأول
المعیار العلمی لحدوث الوفاة
یوجد معیاران علمیان لانتهاء الحیاة نتناول کلاً منهما فی فرعین وکما یلی :
الفرع الأول
المعیار التقلیدی للوفاة
یعتبر الشخص میتاً وفقاً لهذا المعیار بالتوقف النهائی للقلب (الدورة الدمویة) وتوقف الرئتین (الجهاز التنفسی) عن العمل توقفاً لا رجعة فیه.
ومعنى ذلک أنه لا یحکم بموت الشخص إلا إذا توقف قلبه وماتت خلایاه ، وتوقف جهازه التنفسی عن العمل، فالموت الحقیقی لا یتم إلا بمفارقة الروح للجسد وتوقف جمیع الأعضاء الحیویة عن أداء وظائفها بما فی ذلک القلب، وذلک لأن الروح هی التی تبعث الدفء والحرارة فی الجسد وتحفظه من التحلل والفساد والتعفن إن طالت مدة وجوده على جهاز التنفس الصناعی کما یستمر الکثیر من أعضاء الجسم فی أداء وظائفها الطبیعیة کالقلب والتمثیل الغذائی للکبد والهضم والامتصاص من الأمعاء وتستمر إفرازات جمیع غدد الجسم فی العمل، کما تنمو اظفاره وشعره ولا یمکن لأی طبیب فی هذه الحالة إعطاء شهادة وفاة للمریض وألا تعرض للمساءلة القانونیة، حیث یرى أصحاب هذا المذهب أن توقف القلب والنفس عن العمل مظهر لخروج الروح من الجسد ومفارقتها لکافة الأعضاء ومن ثم فإنه لا یجوز وفقاً لهذا المعیار استقطاع الأعضاء البشریة وعدم عودتهما للعمل مرة ثانیة أما قبل ذلک فلا.
إلا أن هذا المعیار لا یتحقق مع ما توصل إلیه التطور العلمی والفنی فی المجال الطبی لذلک وجه إلیه النقد على أساس أن توقف الوظائف المشار إلیها تعبیر عن الموت الظاهری ولیس الحقیقی فقد ثبت أنه یمکن من خلال وسائل الإنعاش المختلفة والصدمات الکهربائیة وغیرها من الوسائل الطبیة عودة القلب إلى العمل وما یعقبه من عودة مظاهر الحیاة الطبیعیة، فمع توقف القلب والتنفس تبقى خلایا المخ حیة لفترة ولو کانت وجیزة إلا أنه یمکن خلالها إمداد المخ بالأوکسجین اللازم، فإذا عاد الجهاز التنفسی إلى العمل من خلال تلک الوسائل الطبیة یبقى المخ حیاً، کذلک أثبتت الدراسات الطبیة أن الوفاة تحدث على مراحل فتبدأ بالوفاة الإکلینیکیة أی بتوقف القلب والرئتین، ثم یتوقف المخ بعد دقائق من توقف وصول الدم المحمل بالأوکسجین إلیه، ولذلک اتجهت الآراء إلى صعوبة الأخذ بالمعیار التقلیدی علمیاً لأنه لیس مؤشراً کافیاً على إنهاء الحیاة. ویؤدی إلى نتائج غیر مقبولة من حیث أنها تحرم الغیر من احتمالات العلاج والحیاة. فی الوقت الذی لا یکون هناک أی ضرر حقیقی على الشخص المتوفی کما فی حالات نقل وزرع القلب والکبد، فلا یجوز نقلها إلا إذا کانت الخلایا لا زالت حیة، فإذا ماتت أصبحت غیر صالحة للاستعمال وبالتالی یستحیل إجراء عملیات زرع القلب أو الکبد أو غیرهما من الأعضاء التی لا یمکن نقلها إلا من إنسان فارق الحیاة وبشرط أن یتم ذلک فی فترة تالیة مباشرة للوفاة بحیث تکون تلک الأعضاء لا زالت حیة وتتمتع بصلاحیتها لأداء دورها إذا تم نقلها إلى إنسان آخر، کما أنه قد یضل القلب والجهاز التنفسی حیین رغم موت خلایا المخ موتاً کلیاً ویدخل الشخص فی غیبوبة نهائیة یستحیل معها عودته للحیاة ویظل الجهاز التنفسی یعمل لعدة ساعات بل لعدة أیام ومع ذلک لا یمکن الحکم بوفاته وفقاً لهذا المعیار لذلک یتم البحث عن معیار أدق تحدد على أساسه لحظة الوفاة.
الفرع الثانی
المعیار الحدیث للوفاة (الموت الدماغی)
یعد الموت الدماغی من الناحیة الطبیة بمثابة التوقف الکامل الذی لا رجعة فیه لوظائف جذع المخ حیث اتجهت أغلب الآراء فی الوقت الحاضر إلى الربط بین حدوث الوفاة وموت خلایا المخ بما فی ذلک جذع المخ، حتى لو ظلت خلایا القلب والرئتان حیة، فمتى ماتت خلایا المخ بصفة نهائیة فإنه یستحیل عودتها إلى الحیاة وبالتالی عودة الإنسان إلى حیاته الطبیعیة، وتنفس الشخص أو نبض القلب فی حالة استخدام أجهزة الإنعاش الصناعی لیس إلا مظهراً للحیاة الصناعیة ولیس دلیلاً على حیاة الإنسان فأیً کانت الوسائل العلاجیة المستخدمة لإطالة فترة الحیاة الصناعیة فهذا لن یؤدی إلى عودة الحیاة مرة أخرى، فتوقف وظائف المخ نهائیاً ولا یمکن الرجوع فیه أو مواجهته بأی اسلوب علاجی حتى الآن، وموت المخ یعقبه الغیبوبة الکبرى أو النهائیة، وبناءً علیه أصبح ذلک معیاراً یحدد حدوث الوفاة، ومن المبررات التی استند إلیها أنصار هذا المعیار أن الوفاة عملیة ولیست حدثاً وقتیاً فتوقف الأعضاء مثل القلب والرئتین یحدث فی فترة زمنیة معینة أما موت المخ فالعملیة تتم تدریجیاً وهو ما قد یستغرق دقائق أو ساعات أو أیام حسب الأحوال فقد یبدأ فی الجزء الأمامی ثم ینقل إلى الخلفی أو جذع المخ، وفی هذه الحالة یتحقق الموت النهائی للمخ ولا خلاف أنه إذا حدثت وفاة المخ کاملاً عقب توقف وظائف القلب والرئتین فالوفاة محققة بإجماع الآراء وإذا حدث توقف للقلب والرئتین فقد فهذا لا یکفی لإثبات الوفاة إذا کان المخ لا زال حیاً بل أن استعمال وسائل الإنعاش الصناعی وغیرها من الوسائل العلاجیة قد تؤدی إلى عودة الحیاة الطبیعیة والخلاف الأساسی ینحصر فی حالة الأخذ بالمعیار الحدیث أی إذا توقفت وظائف المخ کلیة وکانت الرئتان والقلب لا زالا یعملان، فیذهب البعض إلى أنه لا یصح القول بموت الإنسان بمجرد توقف المخ عن العمل وموت خلایاه مع احتفاظ باقی أجهزة الجسم أو بعضها تؤدی وظیفتها، فقد تستمر الدورة الدمویة ویبقى القلب والنفس وأجهزة التبول، ویبدو الجسم دافئاً ویستهلک الأوکسجین وقد یحدث رد فعل إزاء المنبهات التی تسبب الألم فالقول بموت الإنسان فی هذه الحالة یعد من المتناقضات ولا یتفق مع المنطق وحقیقة الأشیاء ویستندون فی ذلک إلى أن بعض الحالات التی حدثت فیها غیبوبة أو توقف المخ عن العمل قد أفاقت من غیبوبتها بعد فترات تراوحت بین عدة ساعات أو بضعة أیام أو أسابیع، فقد عاد المریض إلى الحیاة ومارس أنشطته الحیویة، ولیس أدل على حیاة مرضى الغیبوبة العمیقة وتوقف المخ عن العمل من استمرار الحمل لدى بعض السیدات الحوامل قضین فی هذه الغیبوبة شهوراً طویلة واستمر نمو الجنین رغم غیبوبة الأم حتى تمت الولادة لأطفال بأوزان طبیعیة فی موعد الولادة الطبیعی وبالتالی فإن هذا الجنین استمد وجوده من جسد أمه الحی الذی ینبض بالحیاة ویمد بها، کما أن هناک آثاراً اجتماعیة ونفسیة وأمنیة قد تنجم عن الأخذ بهذا المعیار کمعیار رئیس للوفاة والذی قد یؤدی إلى نقل أعضاء من الشخص قبل التحقق من الموت الحقیقی ذلک أن بعض الأعضاء کالقلب والرئة والکبد لا یمکن أن تؤخذ من إنسان میت فعلاً أی موتاً وفقاً للمعیار التقلیدی وإنما تؤخذ من إنسان حی موضوع على جهاز الإنعاش الصناعی بسبب المرض أو الإصابة الجسیمة فی حادث وما زالت به دلالات وجود الروح کما إذا کان قلبه ینبض بالحیاة، واستئصال الأعضاء فی هذه الحالة قد یؤدی إلى الإضرار بمشاعر أهل الشخص وأقاربه وقد تحدث ردود فعل مختلفة وقد یؤدی هذا التصرف إلى إحجام المرضى وأقاربهم عن التوجه إلى المستشفیات ودور العلاج مما یؤثر فی صحة المواطنین ویضر بالمصلحة العامة، إذ یؤثر فی الثقة التی یجب أن تتوافر لدى الطبیب والتی تعتبر من مقومات تحقیق الشفاء فی کثیر من الحالات، کما أن الأخذ بهذا المعیار قد یضع المجال للإتجار فی الأعضاء البشریة، وتظهر سماسرة قطع الغیار الآدمیة وبطبیعة الحال یؤدی ذلک إلى استغلال القادرین مالیاً لغیر القادرین مما یساعد على تزاید مشاعر الحق والتفکک الاجتماعی. کما أن الأخذ بهذا الاتجاه یؤدی إلى غلق الباب أمام اجتهاد الأطباء فقد وإن أکد العلماء من أکثر من ثلاثین عاماً أن موت الإنسان یکون بتوقف قلبه ثم أمکن استعادته للحیاة فیما بعد رغم توقف القلب ولا مانع أن یحدث نفس الشیء بالنسبة للمخ ویتمکن الأطباء من إعادة نوى المخ للحیاة بعد فترة من توقف نشاطه إذ البحث العلمی والطبی یأتی کل یوم بما هو جدید.
وعلى هذا الأساس أجاز المجمع الفقهی لرابطة العالم الإسلامی فی دورته العاشرة المنعقدة فی مکة المکرمة سنة 1408هـ رفع أجهزة الإنعاش عند تشخیص موت الدماغ، إلا أنه لا بد من توقف قلب الشخص ودورته الدمویة لتسری علیه أحکام المیت وهو ما ذهبت إلیه اللجنة الدائمة للبحوث العلمیة والإفتاء بالمملکة العربیة السعودیة رقم (12762) بتاریخ 9/4/1410هـ والفتوى رقم (6619) بتاریخ 15/2/1404هـ والتی قررت أنه یجوز شرعاً إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض المحتضر الذی مات دماغه إذا قرر طبیبان فأکثر أنه فی حکم الموتى ولکن یجب أن ینتظر بعد نزع الأجهزة مدة مناسبة حتى یتم التأکد من موته بتوقف قلبه وتنفسه.
وإزاء هذه الانتقادات لموت الدماغ کمعیار لتحدید لحظة الوفاة، یلاحظ أنه لا یزال هناک جدل حول هذا المعیار ولا شک أن القول الفصل فی هذا الموضوع هو لأصحاب الخبرة فی هذا المجال وهم الأطباء الذین اعترض البعض منهم بأن أخذ الأعضاء من هؤلاء الموتى یعد جریمة قتل عمد أن ترتب على ذلک موتهم، کذلک اعتراف أحد أطباء القلب فی مرکز لنقل الأعضاء فی بریطانیا فی الفیلم العلمی الوثائقی لهیئة BBC بعنوان (هل من تؤخذ أعضاؤهم موتى حقیقی) بأن الأطباء یقتلون هؤلاء المرضى المسمون بموتى المخ، فعندما سأله مذیع ألـ (BBC) بعد المناقشة العلمیة فأجاب بالحرف الواحد : نعلم نحن نقتل المرضى، وکذلک توجد بعض الدراسات الأمریکیة والبریطانیة عن عودة بعض الحالات إلى الحیاة الطبیعیة بعد تشخیصها تشخیصاً کاملاً، کموتى مخ، حیث أجریت دراسة على (503) مریضاً تم تشخیصهم کموتى مخ فی أمریکا عادت بعض الحالات إلى الوعی الکامل والحیاة الطبیعیة رغم أنها انطبقت علیها کل معاییر تشخیص موت المخ ولفترات مختلفة.
وفی ضوء ما تقدم نؤید ما ذهبت إلیه اللجنة الدائمة للبحوث العلمیة والافتاء فی المملکة العربیة السعودیة فلا یجوز رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض الذی مات دماغه إلا بعد توقف قلبه ودورته الدمویة فتسری علیه أحکام المیت بعد أن تقرر لجنة طبیة مختصة ذلک الأمر وأن یکون هذا الإجراء داخل فی صمیم اختصاصها هی ومجازة من وزارة الصحة.
المطلب الثانی
موقف القانون الوضعی من تحدید لحظة الوفاة
سوف نتناول هذا الموقف من خلال بیان موقف القوانین الوضعیة المقارنة وموقف القانون العراقی، حیث انقسمت القوانین المقارنة إلى اتجاهین فی هذا الموضوع الأول أورد معیاراً قانونیاً للوفاة والثانی لم یقدم معیاراً محدداً للوفاة ویتبین ذلک فیم
الفرع الأول
القوانین التی حددت معیاراً للوفاة
اتجهت هذه القوانین إلى تحدد معیار للوفاة وتبنت المعیار الحدیث (موت المخ) ومنها:
1- القانون الأمریکی:
فی عام 1981 تم اقتراح تعریف موحد للموت فی الولایات المتحدة الأمریکیة هو (التوقف التام والنهائی لجمیع وظائف المخ وقد تبنت معظم الولایات الأمریکیة هذا المعیار).
2- القانون الإسبانی:
أخذ المرسوم الملکی رقم (426) الصادر فی عام 1980 والخاص بعملیات نقل الأعضاء بموت خلایا المخ کمعیار لتحدید لحظة الوفاة بشرط ملاحظة بعض العلامات الآتیة:-
أ- الانعدام التام لأی رد فعل تلقائی والاسترخاء التام للعضلات.
ب- انعدام الانعکاسات الحدقیة.
ج- انعدام التنفس التلقائی.
د- التوقف النهائی لأی أثر لنشاط المخ لعدم تلقی جهاز رسم المخ الکهربائی أی إشارة.
3- القانون الإیطالی:
تبنى المرسوم الإیطالی رقم (409) لسنة 1977، والخاص بتطبیق القانون رقم (644) الصادر فی دیسمبر عام 1975، بشأن استئصال الأعضاء من الجثة المعیار الحدیث للموت وهو موت المخ وأخذ بهذا الاتجاه أیضاً القانون الأرجنتین رقم (21541) الصادر فی عام 1977 والخاص بنقل الأعضاء (م21) وأکد علیه القانون النمساوی الصادر عام (1982) والخاص باستئصال الأعضاء من جثث الموتى والتشریع السویسری فی المادة (31) من القانون المدنی.
4- دلیل إجراءات زراعة الأعضاء بالسعودیة:
تبنى دلیل إجراءات زراعة الأعضاء الصادر عن المرکز السعودی لزراعة الأعضاء والمعتمد بموجب قرار وزیر الصحة رقم 1081/1/1999 المؤرخ فی 18/6/1414 المعیار الحدیث للوفاة، بل وألزم جمیع المستشفیات بالمملکة بتکوین لجان داخلیة تکون مسؤولة عن حالات موت الدماغ، وتتکون هذه اللجان من الطبیب الباطنی والمدیر الإداری أو من یقوم مقام أی منهما بالإضافة إلى منسق حالات موت الدماغ الذی یقوم بالإبلاغ عن حالات موت الدماغ فی المرکز السعودی لزراعة الأعضاء وتکون مهمة هذه اللجنة متابعة کل ما یتعلق بحالات موت الدماغ والتبلیغ عنها ویکون تشخیص موت الدماغ بواسطة أطباء آخرین وذلک حسب إجراءات المرکز السعودی لتشخیص موت الدماغ الصادر عن لجنة موت الدماغ بالمرکز.
5- موقف القانون العراقی:
اعتنق المشرع العراقی المعیار الحدیث للوفاة، حیث نص القانون رقم (85) لسنة (1986) بشأن زرع الأعضاء البشریة العراقی (م2) أنه (یتم الحصول على الأعضاء لأجل إجراء عملیات الزرع من ب- المصاب بموت الدماغ حسب الأدلة العلمیة الحدیثة المعمول بها التی تصدر تعلیمات فی حالة موافقة أحد أقاربه الکامل الأهلیة من الدرجة الأولى أو الدرجة الثانیة وموافقة لجنة مشکلة من ثلاثة أطباء اختصاصیین من ضمنهم طبیب مختص بالأمراض العصبیة على ألا یکون من بینهم الطبیب المعالج ولا الطبیب المختص المنفذ للعملیة)، وجاءت تعلیمات من وزیر الصحة لتفسیر هذا النص یفید ان الوفاة هی: "حالة الفقدان اللاعائد للوعی المصحوب بالفقدان اللاعائد لقابلیة التنفس التلقائی والانعدام التام للأفعال الانعکاسیة لعرق الدماغ". نلاحظ على هذا التعریف بانه اعتمد موت کل الدماغ لا کما قضت به المادة (2) من قانون نقل الاعضاء العراقی الذی اعتبر موت جذع الدماغ موتاً حقیقیاً.
الفرع الثانی
القوانین التی لم تقدم معیاراً محدداً للوفاة
حیث ترکت هذه القوانین للأطباء سلطة تحدید لحظة الوفاة باعتباره مسألة علمیة فنیة بحتة فی اختصاص الطب ومن هذه القوانین :
(1) القانون الفرنسی :
لا یوجد نص قانونی محدد لمعیار الوفاة کمعیار عام إلا أنه أشار المرسوم الذی أصدر المنشور رقم (67) لسنة (1968) من وزیر الصحة الفرنسی أوضح فیه – ضرورة تشخیص حدوث الوفاة بمعرفة طبیبین أحدها رئیس القسم بالمستشفى والثانی اخصائی رسم المخ على أن یکون الأساس فی إثبات الوفاة هو التوقف المضطرد والمتعارض مع الحیاة وذلک بالتثبت من خاصیة الهدم وعدم القابلیة لإصلاح فساد الجهاز العصبی المرکزی فی مجموعة فضلاً عن استخدام العلامات الآتیة:
1- قطع أحد الشرایین للتأکد من توقف الدورة الدمویة .
2- علامة الأثیر.
3- تجربة الفلورسین حیث تحقن تحت الجلد للتأکد من عدم انتشارها بالعین.
4- رسم المخ المستوی خلال مدة کافیة.
ثم بعد ذلک صدر قانون نقل الأعضاء رقم (1181) لسنة 1976 الذی أشار فی المادة (4) منه على إصدار قرار فی شأن الإجراءات الخاصة بإثبات الوفاة وقد صدر المرسوم رقم (501) لسنة (1978) الذی نصت المادة (20) منه على أن إثبات الوفاة یقوم على أدلة متفق علیها طبیاً والتی تسمح للطبیب أن یقتنع بموت الشخص على أن یکون ذلک المعیار مقبولاً من وزیر الصحة بعد أخذ رأی الأکادیمیة الطبیة الفرنسیة وإثبات ذلک فی محضر رسمی یبین الإجراءات التی اتبعت والنتائج التی حدثت وتاریخ وساعة حدوثها، (م21، 22/2) من مرسوم 1978 وقد أشار وزیر الصحة الفرنسی فی منشوره المؤرخ 3/4/1978 على اتباع وسائل إثبات الموت المنصوص علیها فی منشور 24/4/1968 وأخیراً صدر القانون الخاص باحترام الجسم البشری عام (1994) ولم یتضمن تعریفاً محدداً للوفاة.
(2) القانون الإنجلیزی:
حین اعتمد مفهوم الموت الدماغی (موت جذع الدماغ) کان ذلک اساساً لظهور الکود البریطانی وذلک فی اجتماع لجنة الکلیات الطبیة الملکیة عام 1976 وعام 1979 ثم اجتماعها فی عام 1995 حیث افادت ان تحقق موت جذع الدماغ کافٍ لاعتبار الموت واقع فعلاً، لا موت جمیع الدماغ کما هو معروف فی امریکا، إلا أنه ولحد الان لا یوجد قانون أو حتى شبه قانون یعترف بموت جذع الدماغ على انه موت حقیقی للإنسان، حیث انه فی اجتماع لجنة اللوردات المکونة من اطباء ومحامین فی عام 1993 خلصوا إلى نتیجة مفادها عدم الحاجة لإصدار قانون خاص بهذا الشأن لأنه أمر یتعلق بأخلاقیات الطب.
(3) القانون السوری:
لم یقدم القانون السوری أی تعریف للوفاة وإنما نص على أن التأکد من حدوث الوفاة یتم بموجب تقدیر أصولی من لجنة مؤلفة من ثلاثة أطباء وفقاً للتعلیمات التی تصدرها وزارة الصحة.
(4) القانون الأردنی:
لم یقدم القانون الأردنی أی تعریف للوفاة وکل ما فعله المشرع فی نص المادة (8) من القانون رقم (23) لسنة 1977 أنه منح فتح الجثة لأی غرض من الأغراض المنصوص علیها فی هذا القانون إلا بعد التأکد من الوفاة بتقریر طبی ونفهم من هذه المادة أن طبیباً اختصاصیاً هو الذی یقرر الوفاة ویتم التحقق من موت الدماغ من قبل لجنة طبیة من ثلاثة أطباء.
المبحث الثالث
أحکام المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی
المسؤولیة لغةً تعنی المطلوب الوفاء به، وتطلق أخلاقیاً على التزام الشخص بما یصدر عنه من قول أو عمل إما قانوناً فقد اختلف الفقهاء فی تعریف المسؤولیة الجنائیة فعرفها البعض بأنها أهلیة الشخص لتحمل الجزاء الذی یقرره قانون العقوبات، کما عرفها آخرون بأنها الالتزام القاضی بتحمل الطبیب الجزاء أو العقاب نتیجة إنیانه فعلاً أو امتناعه عن فعل یشکل خروجاً عن القواعد أو الأحکام التی قررتها التشریعات الجنائیة أو الطبیة، وبالنسبة لأحکام المسؤولیة الجنائیة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی فسنتناولها من خلال تقسیم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب وکما یأتی:
المطلب الأول:- المسؤولیة الجنائیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی بفعل الطبیب.
المطلب الثانی:- المسؤولیة الجنائیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی بفعل الغیر.
المطلب الثالث:- المسؤولیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی برضاء المریض أو من یمثله قانوناً.
المطلب الأول
المسؤولیة الجنائیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش
الصناعی بفعل الطبیب
یمکن بیان المسؤولیة الجنائیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی بفعل الطبیب من خلال حالتین الأولى قیام الطبیب برفع أجهزة الإنعاش الصناعی عمداً بعد ترکیبها للمریض أما الثانیة فهی الامتناع عن تقدیم المساعدة الطبیة للمریض وفقاً لما یقتضیه ویملیه علیه القانون أو ترک المریض ویترتب على هذا الترک موت المریض وسوف نتناول هاتین الحالتین من خلال تقسیم هذا المطلب إلى فرعین وکالاتی:
الفرع الأول
قیام الطبیب برفع (إیقاف) أجهزة الإنعاش الصناعی عمداً
إذا قام الطبیب برفع أجهزة الإنعاش عن المریض بعد ترکیبها له عمداً فإنه یعد مرتکب لجریمة القتل العمد لأن هذه الأجهزة المساعدة هی من وسائل علاج المریض وقیام الطبیب بحرمان المریض من هذه الوسائل یعد محققاً لجریمة القتل العمد لأنه وسیلة یقبل بها غالباً من کان فی مثل حالهم، فالقتل العمد هو اعتداء على حیاة إنسان بفعل یؤدی إلى وفاته وبالتالی فإنه لا یتصور تحققه إلا إذا کان المجنى علیه إنساناً حیاً وقت ارتکاب الجانی لفعله، وهنا تثور المشکلة فالبعض یفرق بین حالة ما إذا کان رفع الأجهزة عن المریض بعد موت المخ أم قبله فی الحالة الأولى أی رفع أجهزة الإنعاش الصناعی بعد موت المخ فإن الطبیب لا یعاقب على القتل العمد لأنه إنسان میت فلا یعاقب بعقوبة الاعتداء على حیاة المریض. فموت المخ (الدماغ) أحد معاییر تحدید الوفاة، فمن الناحیة الطبیة أن موت الدماغ یعنی موت خلایا جذع الدماغ ولیس موت خلایا قشرة الدماغ ومن هنا تبدأ مسؤولیة الطبیب عن التشخیص فی موت الدماغ.
فاحتمال الخطأ فی التشخیص هنا وارد بسبب التسرع من قبل الأطباء فی إقرار التشخیص، حیث أن التشخیص فی مثل تلک الحالات یتم فی فترة زمنیة قصیرة دون الانتظار فترة کافیة تؤکد ظهور العلامات الأکیدة للوفاة أیضاً، فتدخل الطبیب بإنهاء حیاة المریض الذی هو فی حالة موت القشرة المخیة ولیس موت جذع الدماغ إنما هو قتل لنفس حرم الله قتلها وذلک لاستمرار الحیاة الطبیعیة والحیویة فی جسده بشکل سلیم، وتحقق مسؤولیة الطبیب الجنائیة عنها عن جریمة قتل عمدیة.
علیه فإنه یمکن التمییز بین حالتین :
أولاً- تشخیص الطبیب للمریض بأنه توفی دون إجراء فحوصات للتأکد من ذلک ففی هذه الحالة لم یقم الطبیب بعمل مادی یستطیع من خلاله معرفة موت المریض من عدمه، حیث أن معیار وفاة الشخص هو المعیار الحدیث المتمثل فی موت جذع الدماغ، ولیس القلب أو الرئتین، وهذا لیس بالأمر الیسیر بل لا بد من قیام الطبیب بعمل فنی لمعرفة الموت الحقیقی من عدمه، وذلک من خلال جهاز رسم المخ الکهربائی الذی یؤکد توقف خلایا المخ عن طریق إرسال أمر استقبال أی ذبذبات کهربائیة فمتى توقف هذا الجهاز عن إعطاء أی إشارة لأکثر من (24) ساعة فإن ذلک یعنی بالدلیل القاطع موت خلایا المخ واستحالة عودتها للحیاة حتى ولو ظلت خلایا القلب حیة بفضل استخدام وسائل الإنعاش الصناعیة، وهذا الإجراء من أبسط الإجراءات التی تفرضها علیه أصول مهنته فهو لم یقم بأی عمل یشیر إلى أنه بذل العنایة المطلوبة منه.
ثانیاً- التشخیص الخاطئ رغم إجراء الفحوصات اللازمة لذلک. فمن الممکن أن یشخص الطبیب حالة المریض ویقرر خطأ أنه میت على الرغم من أنه ما زال حیاً وبالتالی یوقف أجهزة الإنعاش الصناعی عنه، فالطبیب هنا قام بفعل مادی (تشخیص المرض) ولکن بناءً على المعطیات الخطأ التی توصل إلیها وقرر أن المریض میت، فی هذه الحالة أخل الطبیب بواجبات الحیطة والحذر الملقاة على عاتقه بموجب القانون، لأنه عالم بأن طبیع سلوکه (وقف الأجهزة) یرتب أضراراً بالغة تؤدی إلى إنهاء حیاة المریض وعلى الرغم من ذلک یقرر أن المریض توفی وبالتالی یرفع الأجهزة عنه، فهنا الطبیب توقع النتیجة الضارة فی ذهنه، إلا أنه لم یقصد إحداثها ولم یقبل بها، وبذلک یکون الطبیب قد وقع فی إهمال فی مرحلة التشخیص الخطأ واتخذ القرار أن المریض میت فی حین أنه على العکس من ذلک، حیث کان من الواجب علیه وفق الأصول العلمیة المتبعة فی مهنة الطب استخدام جهاز رسم المخ الکهربائی، واستخدام الأجهزة الفوق صوتیة للمخ للتأکد من أن موته تحقق بشکل یقینی قاطع لا یدع مجالاً للشک فیه.
أما بالنسبة للمریض الذی یثبت للأطباء المختصین بصورة قاطعة موت جذع الدماغ عنده فیرى البعض أن ذلک جائز من الناحیة الطبیة والشرعیة ولکن یجب الانتظار مدة مناسبة بعد رفع الأجهزة عنه حتى تتحقق وفاته بتوقف قلبه وتنفسه قبل إعلان الوفاة.
حیث أن هذه الأجهزة تبقى على هذه الحیاة المتمثلة فی التنفس والدورة الدمویة والمریض میتاً بالفعل، فهو لا یعی ولا یمس ولا یشعر، نظراً لتلف مصدر ذلک کله وهو المخ. وبقاء المریض على هذه الحالة یتکلف نفقات کثیرة دون طائل ویحجز أجهزة یحتاج إلیها غیره ممن یجدی معه العلاج، وهو وإن کان لا یحس فإن أهله وذویه یبقون فی قلقل دائم ما دام على هذه الحالة التی قد تطول إلى عشر سنوات أو أکثر وقد لقی هذا الرأی قبول الحاضرین من أهل الفقه وأصل الطب فی أحد اجتماعات (المنظمة الإسلامیة للعلوم الطبیة فی الکویت) وذهب إلى هذا الرأی شیخ الأزهر السابق جاد الحق مستنداً فی ذلک إلى مقررات مجمع الفقه الإسلامی الثالث التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامی المنعقد فی عمان (الأردن) عام 1987 حول أجهزة الإنعاش والموت الأکلینیکی، وأقر هذا الرأی أیضاً مؤتمر جنیف الدولی المنعقد عام 1979 إذ عرف المؤتمر الموت بتوقف جذع المخ عن العمل بغض النظر عن نبض القلب بالأجهزة الصناعیة، ورفع تلک الأجهزة الصناعیة عن المریض هو ما سماه بالموت الرحیم السلبی ومال إلى جوازه من غیر تصریح علنی واضح.
الفرع الثانی
امتناع الطبیب عن المساعدة
تقوم المسؤولیة الجنائیة للطبیب فی حالة امتناعه عن استخدام أجهزة الإنعاش الصناعی لمریض معرض لخطر الموت فیکون قد ارتکب جریمة الامتناع عن القیام بواجب من الواجبات المفروضة علیه قانوناً وإذا ترتب على هذا الامتناع وفاة المریض یکون محلاً للمسؤولیة الجنائیة إذ أنه یترکه المریض دون تدخل لإنقاذه بوضعه تحت أجهزة الإنعاش الصناعی أمر نتجت عنه الوفاة، وهذا ما ینص علیه قانون العقوبات العراقی رقم 111 لسنة 1969.
ولتحقق هذه الجریمة وقیام المسؤولیة الجنائیة عنها ینبغی توافر الأرکان التالیة:
1- وجود إنسان حی فی خطر :
إن وجود إنسان حی فی خطر هو عنصر أساسی فی هذه الجریمة وبالتالی لا تتحقق النتیجة إلا إذا کان المجنى علیه (المریض) إنساناً حیاً وقت ارتکاب الجانی (الطبیب) لفعله فالإنسان الحی یعد موضوعاً صالحاً للاعتداء (القتل) دون اعتبار لسنه أو نوعه أو جنسه أو ظروفه الاجتماعیة. وبذلک فإن الجریمة تقوم حتى لو کان الشخص فی النزع الأخیر، أما بالنسبة للخطر فهو کل شیء مفزع یخشى منه، کما یعرف بأنه ضرر محتمل. ووجود الخطر ضروری لقیام تلک الجریمة بحیث یفقد الشخص حیاته أو یعرضه لآلام جسدیة جسیمة، وقد عرف القضاء الفرنسی الخطر بأنه (حالة جسیمة أو موقف حرج یخشى معه نتائج جسیمة بالنسبة للشخص الذی یتعرض له ویحتمل وفقاً للظروف أما أن یفقد حیاته أو أن یحدث له اعتداءات بدنیة جسیمة).
وفی حالتنا هذه یجب أن یکون المریض قد توقف قلبه وتنفسه وما زالت خلایا المخ حیة لا تؤدی وظائفها حیث فی هذه الحالة من حق المریض تقدیم المساعدة له حیث ثبت أن أجهزة الإنعاش الصناعی تستطیع القیام بوظیفة القلب والجهاز التنفسی خلال فترة توقفهما عن العمل حتى یستعیدا نشاطهما ووظیفتهما مرة أخرى ما دامت خلایا المخ حیة، ففی هذه الحالة فإن الفرصة ما زالت قائمة أمام المریض لاستعادة صحته وعودة أجهزته للعمل مرة أخرى، فالإنعاش الصناعی یحقق فرصة حقیقیة للبقاء على قید الحیاة فیجب على الطب استخدامها وعدم حرمان المریض من هذه الفرصة.
2- الامتناع عن تقدیم المساعدة :
لا ینسب إلى شخص هذه الجریمة إلا إذا کان فی إمکانه تقدیم المساعدة لمن هو فی خطر، سواء بفعل الشخص أو بطلب المساعدة له، على أن تکون تلک المساعدة بأسلوب یجدی لمواجهة هذا الخطر حسب ظروف کل حالة ویجب أن یکون فعل التدخل من جانب الجانی حالاً وفوریاً لأجل أن ینتج أثره فی اللحظة المطلوبة والمناسبة، وبالنسبة لامتناع قیام المسؤولیة الجنائیة للطبیب فی هذه الحالة فقد ذهب رأی فی الفقه، إلى أن جریمة الامتناع عن تقدیم المساعدة یقع لمجرد إخلال الطبیب بالالتزام بقواعد المهنة، أو بالواجب الإنسانی، فلا یشترط أن یکون من شأن تدخله فی إنقاذ حیاة المریض، وإن خطئه فی تقدیر مدة الفائدة من تقدیم المساعدة لا یعفیه من المسؤولیة الجنائیة، وبالتالی فإن امتناع الطبیب عن معالجة المریض مخالفة للالتزام القانونی المفروض علیه یعرضه للمسؤولیة الجنائیة عن جریمة قتل غیر عمدیة وفقاً للائحة آداب مهنة الطب فی مصر، وکذلک المبادئ العامة للقانون الواردة فی قانون مزاولة مهنة الطب فی مصر، حیث تتمثل صورة الخطأ فی امتناع الطبیب وعدم مراعاة القوانین واللوائح والأنظمة ، فی حین تکون المسؤولیة عمدیة متى توافرت للامتناع الصفة الإرادیة، بأن توافر القصد الجنائی لدى الطبیب بأن کان یقصد بامتناعه إزهاق روح المریض فعندها تنعقد المسؤولیة الجنائیة عن جریمة القتل العمد وهذا ما أشارت إلیه المادة (34) من قانون العقوبات العراقی حیث اشترط أن یکون الامتناع عمدی لقیام الجریمة وتحقق مسؤولیة الطبیب عنها واعتبار المریض وهو تحت أجهزة الإنعاش، مریض مهدد بموت أکید وحالة فی خطر، مما یتعین على الطبیب انقاذه ومد ید العون والمساعدة له بقدر الإمکان حتى وفاته طالما أن هناک فرصة حقیقیة لبقائه عن قید الحیاة بأن لا یکون فی حالة موت المخ وأن امتناعه عن ذلک یجعله مسؤولاً عن جریمة الامتناع عن المساعدة لشخص فی خطر حیث أن التزام الطبیب بالمساعدة یکون أکثر اتساعاً إذا کان الخطر الذی یتعرض له المریض فی نطاق تخصصه. فعلى الرغم من أن تخصص الطبیب یعتبر حداً لنطاق التزامه إلا أنه لا یستطیع أن یبرر اتساعه عن المساهمة بکل ما فی وسعه لحفظ حیاة المریض، أو منع تفاقم حالته بخروج الخطر عن دائرة تخصصه لأن مجرد صفته کطبیب تجعله أقدر من غیره على إسعافه. وهذا ما ذهبت إلیه تعلیمات السلوک المهنی فی العراق والتی أصدرها مجلس نقابة الأطباء استناداً لحکم الفقرة (أولاً) من المادة (22) من قانون رقم (81) لسنة 1984 بقراره المرقم (6) المتخذ بجلسته الثانیة فی 19/5/1985.
المطلب الثانی
إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی بناءً على طلب مسبق من المریض أو من یمثله
قد یتم رفع أجهزة الإنعاش الصناعی بناءً على طلب المریض، وهنا یثور تساؤل هل أن قیام الطبیب برفع أجهزة الإنعاش الصناعی بناءً على طلب المریض یرتب المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن جریمة قتل عمدی . وللإجابة على هذا التساؤل سوف نقوم ببیان مدى حق المریض فی إنهاء حیاته فی الفرع الأول ثم المسؤولیة الجنائیة للطبیب فی حالة استجابته لطلب المریض فی الفرع الثانی من خلال تقسیم المطلب إلى فرعین وکالاتی:
الفرع الأول
مدى حق المریض فی إنهاء حیاته
من الثابت أن حق الفرد فی الحیاة، وفی سلامة جسمه لیس حقاً مطلقاً للفرد وإنما یرد علیه حق الله تعالى، ومن ثم فإنه لا یملک التصرف فی حقه فی الحیاة بمفرده، فالحق فی الحیاة إذا نظرنا إلیه، بمعنى الحق فی الوجود فی هذا الکون ابتداءً والبقاء فیه للأجل الذی قدره له الله عز وجل انتهاءً، فلیس للإنسان فیه نصیب وهو عطیة الله عز وجل لمن شاءت إرادته له الحیاة والوجود فی هذا الکون، دون أن یملک الإنسان لنفسه حیاة أو وجوداً فی تلک الحیاة. وبناءً على ذلک لا یجوز للمریض أن یطلب من الطبیب عدم ترکیب أو إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی علیه لقوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَیْدِیکُمْ إِلَى التَّهْلُکَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ}، فالحق فی الحیاة بوصفه حقاً یحمل معنى التکلیف أو الواجب فی مواجهة کل الخلق باحترام حیاة الإنسان الذی أوجد الله فیه معنى الحیاة ووهبه الوجود فی هذه الحیاة إلى أن یحین أجله بالموت موتاً طبیعیاً، بحیث لا یسمح لأحد أن یعتدی علیه بأی مظهر من مظاهر الاعتداء کما نصت الدساتیر، والقوانین الوضعیة والوثائق الوطنیة والإقلیمیة والدولیة على حق الإنسان فی الحیاة وأسبغت علیه نمط من القدسیة وحرمت أی اعتداء على هذا الحق، وقررت أشد العقوبات للجرائم الماسة بحیاة الإنسان فقد جرم قانون العقوبات العراقی الاعتداء على الحق فی الحیاة ووضع له جزاءات مختلفة حسب شدتها والأثر المترتب علیها فی المواد من 405 إلى 411. کما أکد الإعلان العالمی لحقوق الإنسان على أن (لکل شخص الحق فی الحیاة) کما نصت علیه الاتفاقیات الدولیة کالاتفاقیة الدولیة بشأن الحقوق المدنیة والسیاسیة التی نصت على أن (لکل إنسان حق أصیل فی الحیاة). . وبالتالی فلیس للإنسان دخل فی حیاته أو فی مجیئه إلى الدنیا کما أنه لیس له دخل فی موته وخروجه منها ومن ثم لا یجوز له أن یتدخل فی حیاته لا نهائی من خلال إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی، لما فی هذا السلوک من مجاوزة لأمر الله تعالى الذی ینهی عن هذا السلوک الأثیم الذی یقول فیه {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَکُمْ إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِکُمْ رَحِیمًا}، کما أن یخالف نصوص الدساتیر والقوانین التی أکدت على الحق فی الحیاة.
الفرع الثانی
المسؤولیة الجنائیة للطبیب
لبحث المسؤولیة الجنائیة للطبیب فی حالة رفع أجهزة الإنعاش الصناعی بناءً على طلب المریض یجب التفرقة بین حالتین :
الأولى:- رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض بعد توقف قلبه وتنفسه ودون موت مخه حیث تعمل أجهزة الإنعاش الصناعی على تنشیط عمل بعض الأجهزة للإنسان مثل القلب والرئتین فتساعد بذلک على استمرار حیاة الإنسان ببعثها الحرکة فی تلک الأجهزة، ما دام المخ لم یمت، وذلک من خلال تزوید المخ بواسطة الأجهزة الصناعیة بالدم والأوکسجین اللازمین لعمل الجسم الإنسانی ففی هذه الحالة یسأل الطبیب عن جریمة قتل عمد، ذلک أن المرء مادام لم یمت مخه أو دماغه ینبغی أن یعامل معاملة الأحیاء فیبقى متمتعاً بالحمایة الشرعیة والقانونیة الثابتة لغیره من الأحیاء بحیث یتعرض من یعمل فی الإجهاز على حیاته أو یمرض أو یساعد على ذلک فی الفترة ما بین الموت (الاکلینیکی) أو الطبی (والذی یتحقق بثبوت توقف عمل القلب والرئتین والموت القانونی أو الشرعی) و(الذی لا یثبت إلا بموت المخ أو الدماغ للجزء الجنائی الذی یوقع على کل من یعتدی أو یسهم فی الاعتداء على حیاة أی إنسان حی ذاک أن فعل الشخص یترتب علیه قیام جریمة القتل العمد برکنها المادی المتمثل فی إزهاق روح إنسان حی والمعنوی المتمثل بالقصد الجنائی).
الثانیة:- قیام الطبیب برفع أجهزة الإنعاش الصناعی بعد موت خلایا مخه حیث تبقى بعض أعضائه دون تلف بفعل أجهزة الإنعاش الصناعی المرکبة فیه فإن إیقاف هذه الأجهزة لا یعد جریمة قتل کما ذهب إلى ذلک بعض فقهاء القانون، بل أن ترک هذه الأجهزة لتعمل فی جسم المریض بعد موت دماغه یعد ضرباً من العبث، بعد زوال مظاهر المصلحة فی وجودها، ویمکن استخدامها فی إسعاف غیره من المرضى الأحیاء الذین هم فی حاجة إلى مثل هذه الأجهزة. ذلک أن متى ماتت خلایا المخ انتهت الحیاة الإنسانیة ومن ثم یستحیل عودة الإنسان إلى وعیه وحالته الطبیعیة التلقائیة فهو شخص میت بالفعل کما أن الإنعاش الصناعی لا یعید للشخص الذی ماتت خلایا مخه حیاته الإنسانیة الطبیعیة أو وعیه وکل ما یفعل مجرد إطالة لحیاته العضویة بطریقة صناعیة. لأن الطبیب لم یتعامل على حیاة إنسانیة قائمة بالفعل، لأن المریض فقدها بموت خلایا مخه.
وهذا أیضاً ما وافق علیه المجمع الفقهی لرابطة العالم الإسلامی فی دورته العاشرة المنعقدة بمکة عام 1408 هـ، حیث جاء فی فتواه حول هذا الموضوع أنه إذا لم یکن هناک أمل فی عودة المریض إلى حالته الطبیعیة لموته دماغیاً، وإنما یعیش فقط بالأجهزة التی تعمل على بقاء أعضائه دون تلف فلا حرج فی نزع هذه الأجهزة منه لأنه بحکم المیت، لأن هذه الأجهزة التی لا تزال تعمل لدیه إنما تعمل بفعل الأجهزة المرکبة له، کما أنه هو نفس ما حکم به مجلس الدولة الفرنسی فی حکمه الصادر فی 2/7/1993م وهو نفس ما أقره مؤتمر جنیف الذی عقد فی عام 1979، الذی عرف الموت بتوقف جذع المخ بغض النظر عن نبض القلب بالأجهزة الصناعیة.
فیما ذهب آخرون إلى عدم جواز نزع الأجهزة الصناعیة عمن مات مخه، ما دامت فیه بعض مظاهر الحیاة فی بعض أعضائه، الأمر الذی یثبت له معها الجریمة، فلا یجوز من ثم المساس بهذه المظاهر بأی صورة من الصور ولو بنزع هذه الأجهزة الصناعیة المرکبة للإنسان بحیث یعد الإجهاز على ما بقی من مظاهر الحیاة فی هذا الإنسان، ولو کانت حیاته صناعیة فعلاً غیر جائز شرعاً وقانوناً ، ویصیر بهذا الفعل معتدیاً على حق إنسان حی، ولاسیما إذا یثبت أن المریض یمکن أن یظل له مظاهر الحیاة مع موت دماغه لفترة طویلة قد تصل إلى خمسة عشرة عاماً، وهذا أیضاً ما افتى به مفتی الدیار المصریة (الدکتور علی جمعة) حیث یقول (لا یجوز نزع الأنابیب التی تمد المریض بالغذاء إلا فی حالة التأکد من الوفاة، مشدداً على أن توقف خلایا المخ عن العمل لا یکفی لوقف هذه الأجهزة).
المطلب الثالث
المسؤولیة الجنائیة الناشئة عن إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی بفعل الغیر
تقتضی الحالة الصحیة للمریض تحت أجهزة الإنعاش الصناعی الاستعانة بأشخاص آخرین من الکادر الطبی لمتابعة الحالة الصحیة فهل یعتبر طبیب الإنعاش بصفته رئیساً للفریق الطبی، مسؤولاً عن أعمال من یقع تحت رقابته وإشرافه من المساعدین ؟
ففی الأصل لا یسأل المرء جنائیاً عما یمکن أن یصیب الغیر من فعل تابعة إلا إذا أمکن أن ینسب إلى شخصه نوع من أنواع الخطأ العمدی أم غیر العمدی ولذا فإن طبیب الإنعاش لا یسأل جنائیاً عن فعل یقوم به مساعدة أو ممرضة، إلا إذا أمکن أن ینسب إلى الطبیب نفسه خطأ عمدی أم غیر عمدی.
لذلک سوف نتناول مسؤولیة الطبیب الجنائیة عن فعل الغیر فی حالة قیامه برفع أجهزة الإنعاش الصناعی فی هذا المطلب من خلال تقسیمه إلى ثلاثة فروع، الأول: یتناول تحدید المقصود بالغیر والثانی : یتضمن تعریف المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن فعل الغیر، والثالث یتناول أساس المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن فعل الغیر وکما یلی :
الفرع الأول
المقصود بالغیر
یقصد بالغیر هنا أعضاء الفریق الطبی من الممرضین والمساعدین ومن فی حکمهم، ولقد نظم المشرع العراقی مهنة التمریض فی نظام ممارسة المهن الصحیة رقم 11 لسنة 1962 ولممارسة مهنة التمریض فی العراق یلزم فضلاً عن الشروط المنصوص علیها فی نظام ممارسة المهن الصحیة السابق ذکره توفر أحد الشروط الخاصة الآتیة :-
1- التخرج من معهد عال فی التمریض.
2- التخرج من مدرسة ممرضات.
3- التخرج من دورة التمریض.
4- مدربة فی مستشفى حکومی أو أهلی.
فمسؤولیة طبیب الإنعاش الجنائیة لا تقوم فقط إذا ارتکب خطأ ، بل نتناول مسؤولیته أیضاً فعل الغیر من أعضاء الفریق الطبی.
فإذا قام الطبیب بنزع أجهزة الإنعاش الصناعی عن شخص من غیبوبة عمیقة قبل التأکد من وفاته بشکل نهائی بالاستناد إلى أجهزة تخطیط المخ والقلب والتشخیص السریری وافضی إلى وفاة المریض فإنه یسأل عن جریمة قتل عمد إذا توافر لدیه نیة إزهاق روح، وقتل خطأ إذا نسب إلیه إهمال أو تقصیر.
وإنه إذا کان ما أصدره الطبیب من أوامر للمساعد صحیحاً فی ذاته، ونفذه ضد الأخیر بطریقة سیئة، فإنه یمکن نسبة الخطأ إلى الطبیب وذلک فی الأحوال التی توجب على الطبیب أن یکون حاضراً عند تنفیذ الأمر من قبل المساعد، وبطبیعة الحال إذا کان الممرض قد نفذ أوامر خاطئة للطبیب فإنه لا یرتکب خطأ یسأل عنه، بل الذی یسأل عن النتیجة هو الطبیب المخطئ. وتقوم مسؤولیة الطبیب الذی یهمل الرقابة والتوجیه والدرایة الذی یفرض علیه التحقق من سلامة الأعمال التی تقوم بها الفریق الطبی الموضوع بأمرته وتصرفه وإشرافه فإذا حصل خطأ من أحد أعضاء ضد الفریق اعتبر الطبیب مسؤولاً جنائیاً عن الإیذاء الحاصل لمریضته بفعل مساعدة إذا ثبت بحقه إهمال أو قلة احتراز وکان هذا مرتبطاً بعلاقة سببیة بالحادث. فإذا تم رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض بناءً على طلب الطبیب المسؤول عن المریض الموضوع تحت أجهزة الإنعاش الصناعی تحقق مسؤولیة الطبیب الجنائیة ولکن إذا تم رفع هذه الأجهزة من قبل المساعد وبدون صدور أوامر من الطبیب تحققت المسؤولیة الجنائیة للمساعد ومن الطبیب.
الفرع الثانی
تعریف المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن فعل الغیر
عرفت المسؤولیة الجنائیة عن فعل الغیر بأنها (المعاقبة على أعمال ترتکب من قبل شخص آخر)، کما عرفها البعض الآخر بأنها (مسلک شخصی مخالف لواجب یفرضه القانون على المخاطب بقاعدته یتمثل فی امتناع کان سبباً فی النتیجة الإجرامیة التی تترتب بفعل الغیر).
إذن مسؤولیة الطبیب الجنائیة عن فعل الغیر تنشأ عندما یعمل مع الطبیب شخص آخر تحت أمرته وإشرافه أو من عمل کما فی حالة الطبیب الجراح إذ أن هذا الطبیب عندما یباشر عمله فی غرفة العملیات یعاونه عدة أطباء وعدة ممرضات أو ممرضین بالفریق الطبی تتوزع الأدوار والمهام فیما بینهم إذ أن الطبیب الجراح لا یستطیع القیام بکل الأمور.
الفرع الثالث
أساس المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن فعل الغیر
اختلف الفقه والقضاء حول الأساس القانونی للمسؤولیة عن فعل الغیر إلى عدة أراء:
أولاً- آراء الفقهاء:
اختلف أراء الفقهاء فی تفسیر أساس المسؤولیة الجنائیة للطبیب عن فعل الغیر وبنیت على أشکال متعددة،نعرضها کما یلی :
1- التتابع والاشتراک فی المسؤولیة:
تقوم فکرة التتابع فی المسؤولیة، على ترتیب الأشخاص المسؤولین وفق نظام معین بحیث لا یسأل شخص مادام قد وجد غیره قدمه القانون علیه بالترتیب وغالباً ما تطبق فی جرائم النشر، وقد انتقدت ضده الفکرة لأنها تقوم على أساس المسؤولیة المفترضة التی وردت على خلاف الأصل فهی استثناء لا یجوز التوسع فیها، أما الاشتراک فی المسؤولیة فترى أن الشخص المسؤول عن فعل الغیر ما هو إلا شریک لهذا الغیر، یؤید هذا الاتجاه الفقهی جانب من القضاء.
2- الفاعل المعنوی وازدواج الجریمة:
یذهب أصحاب هذا الرأی إلى أن من ارتکب الفعل الإجرامی هو الفاعل المادی للجریمة أما من یقرر القانون مسؤولیته فهو الفاعل المعنوی، ولا یمکن قبول هذا الرأی لأن الفاعل المعنوی هو من ینفذ الجریمة بوساطة غیره، فیکون هذا الغیر بمثابة آلة فی یده یستخدمها فی تحقیق العناصر التی تتکون منها، أی الفاعل المعنوی یسخر شخص آخر مستفیداً من فقدان أهلیته أو مستغلاً حسن نیته، فی حین أن الغیر قد لا یکون فاقداً للأهلیة فی حالة المسؤولیة عن فعل الغیر، کما أنه یشترط أن یصدر نشاط أو سلوک من الفاعل المعنوی یحمل فیه الغیر على اتیان الفعل الإجرامی، وقد لا یصادف مثل هذا النشاط فی المسؤولیة الجنائیة عن فعل الغیر.
أما فکرة ازدواج الجریمة فتقوم على وجود جریمة سلبیة یعاقب علیها الشخص المسؤول إلى جانب الجریمة التی یقترفها الغیر ولا یمکن قبول هذه الفکرة لأن هناک حالات یسأل فیها الشخص المسؤول عن فعل الغیر على الرغم من أنه لا یشکل ذلک الفعل جریمة للغیر.
3- نظریة الإثم (السلوک الخاطئ) :
ذهب أغلب الفقه إلى تفسیر المسؤولیة الجنائیة عن فعل الغیر فی ضوء الأصل العام، إذ تصبح المسؤولیة على سلوک وخطأ شخص (الإثم) ووفقاً لمبدأ المسؤولیة الشخصیة ویتمثل هذا السلوک والخطأ الشخصی بأن ذلک المسؤول ملزم قانوناً بمراقبة نشاط شخص آخر والإشراف علیه، بحیث إذا أخل بهذا الالتزام قامت بامتناعه جریمة رکنها المادی الامتناع عن القیام بالواجب المکلف به قانوناً ورکنها المعنوی یتمثل أما بالقصد الجنائی إذا تعمد الإخلال بهذا الالتزام أو یتمثل بالخطأ غیر العمدی، إذا لم یتعمد الإخلال بهذا الالتزام، وإذا کان نشاط الغیر هو أیضاً نشاط خاطئاً فتقوم مسؤولیته أیضاً على خطئه الشخص.
ثانیاً- موقف القضاء:
ترکز موقف القضاء فی تفسیر أساس المسؤولیة الجزائیة عن فعل الغیر حول فکرتین أساسیتین هما :
1- فکرة النیابة القانونیة : وهو اتجاه القضاء الفرنسی على عد المباشر ممثلاً للمسؤول، ویعیب هذا الرأی بأنه إن کان یمکن قبول هذه الفکرة فی القانون المدنی فلا یمکن قبولها فی القانون الجنائی لأنه لا یوجد شخص یمثل شخصاً آخر فی ارتکاب الجریمة والمسؤولیة عنها.
2- فکرة الخضوع الإرادی: وتذهب هذه إلى أن کل من یتولى إدارة المشروع أو یباشر مهنة، إنما یرتضی سلفاً الخضوع لما تفرضه القوانین علیه من التزامات تتصل بنشاطه کما یقبل تبعاً لذلک تحمل کافة النتائج المترتبة على الإخلال بهذه الالتزامات أو عدم الوفاء بها، ومن بین هذه النتائج المسؤولیة الجنائیة التی تنشأ بهذا الإخلال، ویعیب هذا الرأی بأنه یخلط بین اتجاه الإرادة إلى الفعل واتجاهها إلى تحمل المسؤولیة، فالقانون یعترف بالأولى ویرتب علیها العقاب أما الثانیة فلا یعترف بها القانون، فأساس المسؤولیة الجنائیة عن فعل الغیر هو خطأ شخصی ارتکبه هذا الشخص أدى إلى وقوع الغیر بالخطأ.
ونحن بدورنا نرى أن المسؤولیة الجزائیة لا یمکن ان تنهض الا بخطأ شخصی یرتکبه الانسان سواء کان هذا الخطأ عمدیاً ام غیر عمدی (اهمال) وحسب نوع الجریمة المرتکبة ومن ثم لا یمکن بأی حال من الأحوال ان تکون هناک مسؤولیة جزائیة عن فعل الغیر بل هی فی حقیقتها مسؤولیة جزائیة شخصیة عبر الغیر.
الخاتمـة
بعد أن انهینا بحمد الله تعالى بحثنا توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصیات :
أولاً- النتائج :
1- الإنعاش الصناعی: هو نوع من أنواع العلاج یقوم به الاختصاص أو مجموعة المختصین لإنقاذ حیاة المصاب الذی یکون فی حالة ستفضی به حتماً إلى الموت، إذا لم یتلق العنایة التی تنشله من وضعیته الخطیرة التی هو علیها.
2- أجهزة الإنعاش الصناعی متعددة ویتوقف استخدام بعضها أو کلها على حالة المریض وتتضمن ثلاثة أنواع هی أجهزة النفس (المنفسه)، وأجهزة إنعاش وتنظیم ضربات القلب، وأجهزة الکلیة الصناعیة.
3- یمکن حصر أحوال المریض تحت أجهزة الإنعاش الصناعی فی أربع حالات فی الأولى تعود أجهزة المصاب إلى حالتها الطبیعیة، بحیث لا یحتاج معها لأجهزة الإنعاش، وفی الثانیة تتحسن حالة المریض مع حاجته لأجهزة الإنعاش فتبقى أجهزة الإنعاش علیه حتى یستغنی عنها ویشفى بشکل تام، وفی الثالثة حالة موت الدماغ لکن بواسطة أجهزة الإنعاش الصناعی ، یبقى القلب ینبض والتنفس مستمر نبضاً وتنفساً صناعیین لا حقیقیین، وفی الرابعة مرضى میؤوس من شفائهم طبیاً لا یجوز رفع أجهزة الإنعاش عن هؤلاء المرضى لأن جذع الدماغ ما زال حیاً فعلامات الحیاة لا تزال موجودة فی هؤلاء المرضى.
4- اعتمد الطب معیاران فی تحدید لحظة الوفاة، وبالتالی إمکانیة البت فی مشروعیة رفع أجهزة الإنعاش الصناعی عن المریض الذی توقف قلبه ورئتیه، الأول: المعیار التقلیدی والثانی المعیار الحدیث للوفاة (الموت الدماغی) وذهب الرأی الراجح والذی أیده وأجازه المجمع الفقهی لرابطة العالم الإسلامی فی دورته العاشرة سنة (1408) إلى الاعتماد على توقف قلب المریض ودورته الدمویة لتسری علیه أحکام المیت ولا یجوز رفع هذه الأجهزة إلا بعد أن تقر لجنة من أطباء اختصاصیین أن تعطیل القلب والدماغ لا رجعة فیه، وإن کان القلب والتنفس لا یزالان یعملان آلیاً بفعل الأجهزة المرکبة.
5- على الصعید القانونی، اختلفت القوانین فی تحدید معیار الوفاة، فذهب بعضها إلى اعتماد المعیار الحدیث (موت الدماغ) کالقانون العراقی والأمریکی والإسبانی فی حین اتجهت قوانین أخرى إلى عدم تقدیم معیار محدد للوفاة وترکت سلطة تحدید لحظة الوفاة للطبیب، باعتبارها مسألة علمیة فنیة بحتة کالقانون الفرنسی والإنکلیزی والأردنی.
6- تتحقق المسؤولیة الجنائیة للطبیب عند إیقافه أجهزة الإنعاش الصناعی فی حالتین، الأولى عند قیامه برفع وإیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی عمداً فیعتبر عندها مرتکباً لجریمة القتل العمد لأنه یحرمه من وسائل علاجه ولأنها وسیلة یقتل بها غالباً من کان یمثل حالتهم، الثانیة: عند امتناعه عن المساعدة، فیعتبر مرتکباً لجریمة الامتناع عن القیام بواجب من الواجبات المفروضة علیه قانوناً وتتحقق هذه المسؤولیة إذا ترتب على هذا الامتناع وفاة المریض.
7- تتحقق المسؤولیة الجنائیة للطبیب أیضاً فی حالة إیقافه أجهزة الإنعاش الصناعی بناءً على طلب المریض، فلا یجوز للمریض أن یطلب من الطبیب عدم ترکیب أو إیقاف أجهزة الإنعاش الصناعی علیه، ذلک أن الدساتیر والقوانین الوضعیة والوثائق الوطنیة والإقلیمیة والدولیة نصت على حق الإنسان فی الحیاة ومنعت أی اعتداء على هذا الحق، ولیس عندها الطبیب عن جریمة قتل عمد إذا قام بهذا الفعل بعد توقف القلب والتنفس ودون موت المخ أما إذا قام بالفعل بعد موت خلایا المخ فإن فعله لا یعد جریمة قتل، فالمریض فقد هذه الحیاة بعد موت خلایا مخه.
8- فی حالة علاج المریض من قبل أعضاء فریق طبی، فإن على الطبیب المشرف التحقق من سلامة الأعمال التی یقوم بها الفریق الطبی الموضوع بإمرته وإشرافه، فإذا حصل خطأ من أحد أعضاء هذا الفریق، تحققت المسؤولیة الجنائیة للطبیب المشرف عن الإیذاء الحاصل لمریضه بفعل مساعدة، إذا ثبت بحقه إهمال أو قلة احتراز وارتبط بعلاقة سببیة بالحادث، فإذا تم رفع هذه الأجهزة عن المریض بناءً على طلب الطبیب المسؤول قامت مسؤولیته الجنائیة، أما إذا تم رفع هذه الأجهزة من قبل المساعد وبدون إصدار أوامر من الطبیب المشرف تحققت المسؤولیة الجنائیة للمساعد دون الطبیب المشرف.
ثانیاً- التوصیات:
1- عدم رفع أجهزة الإنعاش الصناعی من قبل الطبیب أو الفریق الطبی المسؤول عن (مرضى الموت الدماغی) إلا بعد التأکد من توقف القلب والدورة الدمویة لتسری علیهم أحکام المیت، حیث أن رفع هذه الأجهزة عن مرضى (موت الدماغ) قبل ذلک یؤدی إلى فقدان الثقة فی الطبیب وإحجام المرضى عن التوجه إلى المستشفیات مما یضر بالتالی بالمصلحة العامة، کما أن الأخذ بمعیار (الموت الدماغی) یفتح المجال للإتجار بالأعضاء ویؤدی ذلک إلى استغلال القادرین مالیاً لغیر القادرین مما یساعد على تزاید التفکک الاجتماعی.
2- إقامة مؤتمرات وندوات وحلقات نقاشیة تعالج القضایا الطبیة وخاصة المستمدة منها، بالإضافة إلى تکثیف اللقاءات والمشاورات بین اللجان الطبیة والقانونیة من أجل مواکبة التطور فی القوانین فی المجال الطبی.
3- ضرورة تدخل المشرع من أجل وضع قانون خاص ینظم المسائل الطبیة الحدیثة لأنها فی تطور مستمر بالإضافة إلى التشدد فی مجال المسؤولیة الجنائیة للطبیب لعدم إتاحة المجال أمام ضعاف النفوس من الأطباء باستقلال حالات موت الدماغ والمرضى المیؤوس من شفائهم والإتجار بأعضائهم البشریة ذلک أن بعض هذه الحالات قد تعود إلى الحیاة الطبیعیة، فالبحث العلمی والطبی یأتی کل یوم بما هو جدید فی مجال الطب ومعالجة، المرضى کما نرجو من الطبیب.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
I. Linguistic References:
-1 Dr. Ibrahim Mustafa et al., The Medieval Lexicon, 1, Dar al-Dawa, Turkey, b. s.
2 - Ibn Manzoor, Abu al-Fadl Jamal al-Din Muhammad bin Manzoor, the lesan AL arab of the ocean, c 8, Dar al-Hadith, Cairo, 2003.
3 – AL allamma Nashwan bin Said Al-Humiri, the shams al oulom wa dawaa AL Arab min al kullom, C1, Contemporary Thought House, Beirut, b. s.
Legal books:
1- Dr. Ibrahim Sadeq Al-Jundi, Brain Death, Naif Arab Academy for Security Sciences, Riyadh, 2001.
2- Dr. Ihab Yousry, Civil and Penal Liability of the Physician, Contemporary Thought Publications, Beirut, 2009.
3- Dr. Ahmed Shawky Abo Stepa, Criminal Law and Modern Medicine, I 1, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1986.
4- Dr. Osama Abdulla Kayed, The Criminal Responsibility of Physicians, Comparative Study, I 2, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1990. 5- Dr. Ashraf 5-Abdel Qader Kandil Ahmed, Abolition Crimes, Comparative Study, New University Publishing House, Alexandria, 2010.
6- Dr. Hossam El-Din Kamel El-Ahwany, Legal Problems raised by Human Organ Transplantation, Comparative Study, Ain Shams University Press, Cairo, 1975.
7- Dr. Hassan Odeh, Illegal behavior of human organs in criminal law - comparative study, International Scientific House, Amman, 2001.
8- Dr. Hamdi Abdel-Rahman, Mas'oumiyat al-Jisd, Research on the Problems of Medical Responsibility and Transfer of Members, Ain Shams University Press, Cairo, 1987.
9- Dr. Ramses Behnam, The General Theory of Criminal Law, I 2, 1968.
10 - Samir Abdel Samie Ouden, responsibility of the surgeon and anesthetist and their assistants, civil, criminal and administrative, facility knowledge, Alexandria, 2004.
11- Dr. Samira Ali Aldiyat, The Process and Transplantation of Organ Transplantation between Sharia and Law, I 1, The Culture Library for Publishing and Distribution, Amman, 1999.
12- Dr. Safaa Hassan Al Ajili, Criminal Importance for Determining the Moment of Death, Dar Al Hamed Publishing and Distribution, Amman, 2010. 13- Dr. 13-Safwan Mohamed Shdeifat, Criminal Liability for Medical Works, Comparative Study, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, 1, Amman, 2011.
14- Dr. Safwat Hassan Lotfi, Reasons for the Criminalization of Transplantation and Transplantation of Human Organisms, Cairo, 1992.
15- Dr. Ali Hussein Najida, Obligations of Doctor in Medical Work, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1992.
16- Dr. Ali Essam Ghosn, The Criminal Responsibility of the Doctor, 1, Beirut, 2012.
17. Mahmoud Ibrahim Mohamed Morsi, Scope of Criminal Protection for Mentally Impaired and Morally Impaired Persons in Islamic Criminal Jurisprudence and Positive Criminal Law, Legal Books House, Egypt, 2009.
18- Mohamed Abdel Wahab El-Khouly, Criminal liability of physicians when using modern techniques in medicine and surgery, I, 1997.
19- Mahmood Othman Al-Hamshari, Criminal Responsibility for Others, 1, Dar Al-Fikr Al-Arabi, 1969.
20- Majd Ali Al-Barr, Death of the Heart or Death of the Brain, Saudi House for Publishing and Distribution, 1986.
21- Mahmoud Naguib Hosni, Explanation of the Penal Code - General Section, I4, House of Arab Renaissance, Cairo, 1977.
22- Dr. Mustafa Auji, Criminal Responsibility in the Economic Institution, 1, Beirut, 1982.
23- Nada Mohammed Naim, brain death between medicine and Islam, Dar al-Fikr, Cairo, 1997. III - Letters and University Thesis:
1 - Shaaban Metwally, Criminal Protection of the Human Right to Life, PhD thesis, Cairo, 1991.
2 - Mohamed Sami Shawa, Criminal Protection of the Right to Body Safety, PhD thesis, Faculty of Law, Ain Shams University, 1986.
3. Huda Salem Al-Atraqi, Responsibility of the Assistant Physician, Comparative Study, Master Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 1996.
Research published in periodicals:
1- Dr. Ahmed Sharafuddin, Legal and Human Limits of Industrial Recovery, National Criminal Code, vol. XIX, p. 3, 1976.
2- Dr. Khalid Jamal Ahmed, The Will of the Patient in Medical Work between Release and Restriction, Journal of Law, Bahrain, Volume 5, Issue 2, 2008.
3 - Belhadj Arab, the legal and medical rulings of the deceased in Islamic jurisprudence, Journal of Contemporary Jurisprudence Research, Riyadh, No. 42, 1999.
4- Abdul Fattah Mahmoud Idris, Al-Anas, Islamic Awareness Magazine, Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, Kuwait, p 32, 2010.
5- Mohammed Al-Salami, Al-Anas, Islamic Fiqh Academy Magazine, p1, first year, 2013.
6. Mahmoud Al-Salhi, The Concept of Criminal Responsibility in Criminal Law, Jordanian Judiciary Journal, Amman, p. 32, 1996.
7 - Muhammad Ali Al-Bar, Rehabilitation Devices, Journal of Islamic Jurisprudence Complex, p2, c1, 1985.
8 - Nadine Abdul Wahab Al - Morshed, responsibility of the doctor for the cessation of cardiac resuscitation devices in the scope of the study of health systems in Saudi Arabia, Riyadh, 1432.
V. Laws and Instructions:
1. Principles of the Universal Declaration of Human Rights, 1948.
2. The Iraqi Constitution of 2005.
3- Iraqi Professional Conduct Regulations of 1985.
4- Human Organ Transplants Law No. 85 of 1986 in Iraq.
5 - Iraqi Penal Code No. 111 of 1969 amending.
6. International Covenant on Civil and Political Rights, 1966.
7- The list of medical literature in Egypt issued by the Minister of Health and Housing Decree No. 238 of 2003.
Sixth: Websites:
1- Dr. Mohammed Jamal Tajan, Euthanasia and Problems of Fear and Pain, an article on the following link: www.arabworldBooks.com
2- Dr. Mahmoud Mohamed Awad Salama, Shibha Al-Majizin Response to Medical and Environmental Transplantation, p. 9, Research published at: www.arablaw.innfo.com
3- Fatwa of the Juristic Society of the Islamic World League No. 9005, 1422H, published in the Encyclopedia of the Fatwas of the Islamic Network, p. 1, published on the following website: Islamweb.net