الملخص
تعمد التشریعات الجنائیة على إیجاد اقصر الطرق وأکثرها نفعاً وتأثیراً على الأشخاص المتورطین بالجریمة، إذ یتم ذلک من خلال التفرید بنوعیه التشریعی والعقابی، لذلک سعى المشرع العراقی لإیجاد طرق بدیلة لتنفیذ العقوبة السالبة للحریة قصیرة المدة التی من الممکن أن یکون تطبیقها أکثر ضرراً على المجتمع من نفعها، لذلک نجد ان المشرع العراقی قد أتاح المجال لمحکمة الموضوع فی تطبیق النظام الأقرب إلى تحقیق الردع والعدالة فی آن واحد من خلال نظام إیقاف تنفیذ العقوبة، والذی اشترط لتطبیقه عدة شروط تعد ضمانة حقیقیة لتفعیل دور القضاء فی إصلاح المجتمع وبالتالی الحفاظ على امن المجتمع الجنائی.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
أحکام إیقاف تنفیذ العقوبة فی التشریع العراقی-(*)-
عدی طلفاح محمد الدوری وسام محمد خلیفة کلیة الحقوق/ جامعة تکریت کلیة الإمام الأعظم الجامعة Uday Talfah Muhammad al-Douri Wissam Muhammad Khalifa College of law / University of Tikrit Imam ALadham University College Correspondence: Uday Talfah Muhammad al-Douri E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 5/11/2018 *** قبل للنشر فی 9/12/2018.
(*) Received on 5/11/2018 *** accepted for publishing on 9/12/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2019.160811
© Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
تعمد التشریعات الجنائیة على إیجاد اقصر الطرق وأکثرها نفعاً وتأثیراً على الأشخاص المتورطین بالجریمة، إذ یتم ذلک من خلال التفرید بنوعیه التشریعی والعقابی، لذلک سعى المشرع العراقی لإیجاد طرق بدیلة لتنفیذ العقوبة السالبة للحریة قصیرة المدة التی من الممکن أن یکون تطبیقها أکثر ضرراً على المجتمع من نفعها، لذلک نجد ان المشرع العراقی قد أتاح المجال لمحکمة الموضوع فی تطبیق النظام الأقرب إلى تحقیق الردع والعدالة فی آن واحد من خلال نظام إیقاف تنفیذ العقوبة، والذی اشترط لتطبیقه عدة شروط تعد ضمانة حقیقیة لتفعیل دور القضاء فی إصلاح المجتمع وبالتالی الحفاظ على امن المجتمع الجنائی.
Abstract
The criminal legislation aims to find the shortest and most effective ways to affect the persons involved in the crime. This is done through the separation of the legislative and the punitive. Therefore، we find that the Iraqi legislator has sought to find alternative ways to implement the short term punishment which may be more harmful The Iraqi legislator has allowed the court to apply the system closest to achieving deterrence and justice at the same time through the system of stopping the implementation of the penalty، which stipulated the application of several conditions is a real guarantee to activate the role of the judiciary in the reform of society and To maintain the security of criminal society.
المقدمـة
لا شک أن فعالیة العقاب لا تعتمد على مدى قسوته بالدرجة الأساس، بل تعتمد على مدى تناسب العقاب مع حالة المجرم ومراعاتها لظروفه الشخصیة، فالغایة من الجزاء الجنائی فی نهایته هو إصلاح الجانی وتأهیله لإعادته أنساناً سویاً إلى المجتمع ویعد ذلک أنجع السبل لمکافحة الإجرام، وهذا ما یهدف إلیه علم العقاب منذ ان ظهر إلى حیز الوجود.
فالمجرم بحاجة لعلاج یعیده إلى المجتمع الذی عاش فیه بعد أن یحرر من العوامل السلبیة التی سیطرت علیه وجعلته ینحرف عن الطریق السوی الذی اختطه المجتمع لإفراده 0وعندما نما هذا الشعور الإنسانی فی المجتمع وأصبحت الشرائع تنظر إلى العقوبة کتدبیر لمنع المجرم من التمادی فی سلوکه المنحرف بعزله عن المجتمع مدة معینة من الزمن کی یهیئ لحیاة أفضل من حیاته السابقة، کان لابد من تنظیم استعمال العقوبة للغایة التی أعدت من أجلها فظهرت الحاجة الى علم العقاب.
ورغم تنوع الأسالیب العقابیة تبعاً لتطور المجتمع وحاجته إلا أن العقوبة السالبة للحریة بقت هی الخیار الأول للتعامل مع المجرم، ذلک لان هدف المجتمع هو تحقیق الحمایة القصوى من الجریمة والمجرمین0 وإذا کانت المؤسسات العقابیة تتدرج فی تحقیق مطلب هذه الحمایة بین انتهاج سیاسة قمعیة صارمة وشدیدة کما یحدث فی عقوبة السجن بأنواعه أو الحبس لفترات متفاوتة بحسب خطورة الجریمة ومرتکبها على المجتمع، وبما أن البرامج الإصلاحیة تستلزم فترة طویلة تعجز العقوبة السالبة للحریة (القصیرة المدة ) عن تحقیقها، لذلک ظهرت الحاجة إلى التخلی عن العقوبات القصیرة المدة والاستعاضة عنها بأسالیب ونظم حدیثة من أنظمة المعاملة العقابیة من بینها نظام إیقاف تنفیذ العقوبة، حیث یستبعد فی هذا النظام تنفیذ العقوبة وفق شروط محددة قانوناً.
والحقیقة أن الفضل فی ظهور نظام إیقاف تنفیذ العقوبة یعود إلى المدرسة الوضعیة الایطالیة التی اقترحته کبدیل للعقوبة فی إصلاح بعض المحکوم علیهم الأقل خطورة . والمتمثلین بمجرمین الصدفة.
أهمیة الدراسة:
تنبع أهمیة البحث من خلال بیان مدى فاعلیة هذا النظام ودوره الایجابی الذی من الممکن الوصول إلیه عن طریق تطبیقه بعیدا عن الأهواء والتصرفات والتفسیرات الغیر موافقة لروح القانون . لأنه یعالج صورة من صور التفرید العقابی ویعتبر تطبیقا لمبدأ شخصیة وفردیة العقوبة اللذین أکد علیها فقهاء القانون الجنائی الحدیث، إذ یعد نظام وقف تنفیذ العقوبة أهم بدائل العقوبات السالبة للحریة التی تشکل مضار الحبس قصیر المدة خطورة فائقة من خلال اختلاط المحکوم علیهم المبتدئین مع متمرسین الإجرام الذین یشکلون خطرا على المجتمع.
إشکالیة الدراسة:
تکمن إشکالیة دراسة موضوع إیقاف تنفیذ العقوبة فی التساؤلات الآتیة وهی: هل أن المشرع العراقی کان ملماً فی تنظیم نصوصه أم أنها تحتاج إلى تعدیل کی تکون ملائمة لطبیعة المجتمع، وهل یتحقق الردع سیما الردع الخاص بتطبیق هذا النظام، وما هی السلطات الممنوحة للمحکمة لتطبیق هذا النظام، وما الآثار الناجمة على تطبیق هذا النظام فهل هو خروج على الأمن القانون الجنائی أم هو معزز له.
منهجیة الدراسة:
سنتبع فی هذه الدراسة أسلوب التحلیل والمقارنة للنصوص القانونیة للوصول إلى معرفة ایجابیات وسلبیات هذا النظام بوصفه احد صور تفرید العقوبة.
ثانیا: خطة الدراسة:
لغرض الوقوف على المحاور الرئیسة لموضوع الدراسة نرى ضرورة ان نتناوله وفق الخطة الاتیة:
المبحث الأول: التعریف بنظام إیقاف تنفیذ العقوبة.
المطلب الأول - تعریف نظام إیقاف تنفیذ العقوبة.
المطلب الثانی-التکییف القانونی لإیقاف تنفیذ العقوبة.
المطلب الثالث- تمییز نظام إیقاف تنفیذ العقوبة مما یشتبه به.
المبحث الثانی : شروط إیقاف تنفیذ العقوبة.
المطلب الأول- الشروط المتعلقة بنوع الجریمة المرتکبة.
المطلب الثانی-الشروط المتعلقة بالعقوبة المحکوم بها.
المطلب الثالث- الشروط المتعلقة بالمجرم وحالته.
المبحث الثالث : سلطة المحکمة بإیقاف تنفیذ العقوبة والرقابة علیها.
المطلب الأول- سلطة المحکمة بإیقاف التنفیذ.
المطلب الثانی- الرقابة على الأمر بإیقاف التنفیذ.
المطلب الثالث- بطلان الأمر بإیقاف التنفیذ.
الخاتمة.
المبحث الأول
التعریف بنظام إیقاف تنفیذ العقوبة
لغرض التعریف بنظام إیقاف تنفیذ العقوبة والوقوف على حیثیاته، یتطلب منا تعریف هذا النظام ومن ثم بیان تکییفه القانونی ومن ثم تمییزه عن النظم القانونیة التی تقترب منه، وذلک فی ثلاث مطالب وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
تعریف نظام إیقاف تنفیذ العقوبة
من المعلوم أن العقوبات السالبة للحریة تنفذ فور صدور قرار الحکم بها، وفی الکثیر من الأحیان – وخاصة إذا کانت الجریمة من الجرائم التی لا یمکن إطلاق سراح المتهم بکفالة- یحتسب تنفیذ العقوبة من تاریخ التوقیف أو القبض، غیر أن غالبیة القوانین الجزائیة أجازت لمحکمة الموضوع الأمر بتوقیف تنفیذ العقوبة بتوافر شروط محددة. والحقیقة أن نظام إیقاف التنفیذ قد نظمته التشریعات القانونیة تحت مسمیات متعددة ومنها (الإیقاف القضائی لتنفیذ العقوبة، والحجب القضائی لتنفیذ العقوبة، و وقف تنفیذ العقوبة، وتعلیق تنفیذ العقوبة، والإیقاف الشرطی للعقوبة، ووقف التنفیذ البسیط) وکل هذه المسمیات تشیر إلى ذات النظام من حیث المضمون إلا أننا نفضل اللفظ الذی استخدمه المشرع العراقی لدقته وانسجامه مع الغرض المنشود منه.
وفی الواقع أن التشریعات لم تضع تعریفاً لهذا النظام تارکة هذه المهمة للفقه والذی عرف نظام إیقاف تنفیذ العقوبة بأنه: "نظام من شأنه إبعاد المحکوم علیه بعقوبة سالبة للحریة عن تنفیذها متى تبین للقاضی من فحص شخصیة المحکوم علیه وظروفه ما یبعث على الاعتقاد أنه لن یعود إلى ارتکاب الجریمة مرة أخرى" کما ویعرف بأنه: "تعلیق تنفیذ عقوبة على شرط موقف خلال مدة تجربة یحددها القانون" ویعرف کذلک بأنه: "تعلیق تنفیذ العقوبة فور صدور حکم بها على شرط موقف خلال فترة اختبار یحددها القانون". ومن خلال التعاریف السابقة یتضح أنها تعبر عن معنى واحد یتمثل بان نظام إیقاف التنفیذ یفترض إدانة المحکوم علیه لثبوت ارتکابه جریمة واستحقاقه للعقاب، غیر أن المشرع ولتحقیق المصلحة العامة فسح المجال للقاضی وفق سلطته التقدیریة وبشروط محددة أن یعفی المحکوم علیه من تنفیذ العقوبة خلال فترة محددة تکون بمثابة اختبار له. ولذلک من الممکن تعریف ایقاف تنفیذ العقوبة بأنه وضع حد لسریان تنفیذ العقوبة السالبة للحریة وفق الشروط التی ینظمها القانون.
وبما أن إیقاف تنفیذ العقوبة سلطة تختص بممارستها محکمة الموضوع، لذا فهی نظام خاص یتعلق بتقدیر العقوبة وفرضها، إذ لیس لقاضی التحقیق سلطة فی ذلک إلا عند الفصل فی المخالفات استناداً على نص المادة (134/د) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة والتی نصت على انه: "استثناء من أحکام الفقرتین (ب و ج ) من هذه المادة على قاضی التحقیق أن یفصل فورا فی جرائم المخالفات التی لم یقع فیها طلب بالتعویض، أو برد المال دون أن یتخذ قرارا بإحالتها على محکمة الجنح ولا ینفذ الحکم الصدر بالحبس إلا بعد اکتسابه الدرجة القطعیة"0 ومع صراحة النص السابق إلا أننا نرى بأن المشرع لم یکن موفقاً فی صیاغة النصوص المنظمة لإیقاف تنفیذ العقوبة، بسبب عدم ذکر المخالفات ضمن شروط الجرائم المشمولة بالنظام، وللأسباب الأخرى التی سنتناولها عند بحث شروط نظام إیقاف التنفیذ.
المطلب الثانی
التکییف القانونی لنظام إیقاف تنفیذ العقوبة
لم یتفق الفقه فی التکییف القانونی لنظام إیقاف تنفیذ العقوبة، إذ ذهب فی ذلک إلى أکثر من اتجاه وعلى النحو الآتی:
الاتجاه الأول: إیقاف تنفیذ العقوبة تدبیر احترازی.
عدّ الفقیه الفرنسی "مارک انسل" نظام إیقاف تنفیذ العقوبة أحد التدابیر التربویة أو العلاجیة غیر المقیدة للحریة، نافیاً بذلک عنه صفة العقوبة، إلا انه بالنظر إلى واقع هذا النظام نجد أنه وان کان یستبعد تطبیق العقوبة ویکتفی بالنطق بها، إلا أن هذا النطق فیه تهدید للمحکوم علیه بتنفیذ العقوبة فی حقه إذا صدر عنه ما یجعله غیر جدید بوقفها وهذا التهدید لا شک أنه سیحمل نسبة معتبرة من الألم النفسی للمحکوم علیه بحیث یصعب معه القول بأنه تدبیر احترازی بل هو أقرب ما یکون الى العقوبة فهو لا یخرج عن کونه عقوبة بمعناها الواسع فالمشرع فی نظام وقف التنفیذ لم یخرج عن القواعد التقلیدیة الخاصة بفکرة الجزاء، لأن الجزاء
موجود غیر انه مؤجل، إذ یتعلق تنفیذه على شرط، وتتوفر فکرة الجزاء فی الحکم بالعقوبة على المجرم، بینما تنفیذها أمر یتعلق بالغرض منها.
ولو اخذنا برأی الفقیه "مارک" بأنها تدابیر احترازیة فانه مع ذلک نجد أن الفقه اختلف حول طبیعة التدابیر الاحترازیة فالبعض یعدها نوعاً من أنواع الجزاء والبعض الآخر ینکر ذلک، إلا أن الرأی الراجح هو الذی یرى بأن التدبیر هو جزاء جنائی لأنه من جهة تتوافر فیه جمیع عناصر الجزاء فهو عمل قضائی ینص علیه القانون وتطبقه السلطات العامة ویحمل معنى تقیید حقوق الجانی ویسعى إلى مکافحة الإجرام، ولو انفرد ببعض الصفات التی تملیها وظیفته فی محاربة الإجرام.
الاتجاه الثانی: إیقاف التنفیذ سبب لسقوط الحکم.
اعتبر المشرع الأردنی وقف التنفیذ سببًا من أسباب سقوط الحکم، إذ نصت المادة (47) من قانون العقوبات الأردنی رقم (16) لسنة 1960 على انه "الأسباب التی تسقط الأحکام الجزائیة أو تمنع تنفیذها أو تؤجل صدورها هی0:..."، وقد انتقد جانب من الفقه ذلک لأن وقف التنفیذ فی حقیقته لا یعنی سقوط الحکم، وإنما یظل الحکم قائماً حتى تمضی مدة التجربة0 کما أن مضیها لا یعنی بالضرورة سقوط الحکم، فأمر إیقاف التنفیذ قد یتم نقضه من قبل محکمة التمییز 0فإذا ما تم نقض الحکم ینفذ کما لو کان صادراً ابتداء دون أن یشمل بوقف التنفیذ، ویذهب إلى أن: "التکییف الحقیقی لوقف التنفیذ إنه صورة لتطبیق العقوبة، وهو على هذا النحو نظام ملحق باستعمال القضاء سلطته التقدیریة فی تحدید العقوبة 0ذلک أن وطأة العقوبة على المحکوم علیه لا ترتهن فحسب بنوعها ومدتها بل ترتبط کذلک بما إذا کانت تنفذ فیه أم بوقف تنفیذها".
الاتجاه الثالث: إیقاف تنفیذ العقوبة جزاء جنائی.
یذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن وقف التنفیذ هو جزاء جنائی، سواء تم بوسیلته التقلیدیة کعقوبة أو تم بوسیلته الحدیثة کتدبیر، ذلک أن ما یتم بعد إصدار الحکم هو لیس إلا وصف یرد على الحکم الجنائی الصادر بالعقوبة یجرده من القوة التنفیذیة فی خلال فترة التجربة، او بمعنى آخر هو نوع من المعاملة التفریدیة ذات طبیعة مستقلة تحول دون تنفیذ العقوبة المقررة فی النص القانونی، فالإجراء یحقق أغراض العقوبة فی الإصلاح والمنع من العودة إلى الإجرام بسبب ما ینطوی علیه وقف التنفیذ من تهدید مستمر طیلة فترة التنفیذ.
والحقیقة أن التکییف القانونی الذی یتوافق مع مسلک المشرع العراقی هو أن إیقاف التنفیذ ذی طبیعة مزدوجة، فهو نوع من أنواع التفرید العقابی إذ یمنع تنفیذ الأحکام الجزائیة خلال مدة محددة، ومن جهة ثانیة هو سبب من الأسباب التی تسقط بها الأحکام الجزائیة إذا مضت مدة التجربة دون عارض یلغیها وهذا ما یتوافق مع ما أورده المشرع عند النص على انه: "إذا انقضت مدة التجربة دون أن یصدر حکم بإلغاء الإیقاف وفقا لأحکام المادة 147 اعتبر الحکم کأنه لم یکن وألغیت الکفالة المشار الیها فی المادة 145"0
وفی هذا السیاق نجد انه من المناسب ان نذکر بأن المشرع العراقی أطلق على الإجراء المتخذ من قبل المحکمة المختصة وصف (أمر) إذ نصت المادة 144 على أنه: "للمحکمة عند الحکم فی جنایة أو جنحة بالحبس مدة لا تزید على سنة أن تأمر فی الحکم نفسه بإیقاف تنفیذ العقوبة ..." وبالتالی فأن الأمر بوقف التنفیذ یخرج من إطار الفقرة الحکمیة بالإدانة، فهو مستقل عنها، غیر انه لابد من صدوره مع الحکم الذی تعلنه المحکمة وبناء علیه لا یجوز للمحکمة أن تقرر الأمر بوقف التنفیذ مستقلاً بعد ختام المحاکمة والنطق بالحکم، حیث تکون بنطقها للحکم قد رفعت یدها عن القضیة.
المطلب الثالث
تمییز نظام إیقاف تنفیذ العقوبة مما یشتبه به
تقترب بعض النظم من نظام إیقاف التنفیذ، وقد تشترک معه فی بعض الخصائص لذا نرى من الضروری أن نمیز بین أبرزها وبین نظام إیقاف التنفیذ بشیء من الإیجاز وعلى النحو الآتی:
أولاً: إیقاف تنفیذ العقوبة والإفراج الشرطی.
الإفراج الشرطی نظام قانونی یقضی بإطلاق سراح المحکوم علیه بعقوبة أو تدبیر سالب للحریة قبل انتهاء المدة المحددة فی الحکم، أی هی إعفاء جزئی من العقوبة بالشروط التی یحددها القانون وما یجمع بین النظامین أن کلیهما یتعلق بالعقوبة وبحسن سلوک المدان ویعرف الإفراج الشرطی بأنه: "إخلاء سبیل المحکوم علیه قبل انتهاء مدة عقوبته إذا تبین أن سلوکه أثناء وجوده داخل المؤسسة العقابیة یدعو الى الثقة فی إصلاح حاله شریطة أن یبقى المفرج عنه حسن السلوک إلى أن تنتهی المدة المتبقیة من الحکم الصادر علیه". وقد نصت المادة (331) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة رقم 23 لسنة 1971 المعدل على انه: ((یجوز الإفراج إفراجاُ شرطیاً وفق أحکام هذا القانون عن المحکوم علیه بعقوبة أصلیة سالبة للحریة إذا أمضى ثلاثة أرباع مدتها أو ثلثیها إذ کان حدثا وتبین للمحکمة انه استقام سیرة وحسن سلوکه على أن لا تقل المدة التی أمضاها عن ستة أشهر...))0 ومن النص الأخیر یتبین أن نظام الإفراج الشرطی یتعلق بتنفیذ العقوبة لا بفرضها وهو من اختصاص محکمة الجنح فی مکان تنفیذ العقوبة لا بالمحکمة التی أصدرت الحکم وبذلک یختلف عن نظام إیقاف التنفیذ، وکذلک فهو یتضمن إعفاء المحکوم علیه من جزء من العقوبة هو ثلثها بالنسبة للأحداث وربعها بالنسبة للبالغین وذلک مقابل حسن سلوکه داخل المؤسسة الإصلاحیة فی حین إن المحکوم علیه بالحبس مع إیقاف التنفیذ یطلق سراحه فور صدور القرار ما لم یکن مطلوباً عن قضیة أخرى0
ثانیاً: إیقاف تنفیذ العقوبة وتأجیل التنفیذ.
أورد المشرع العراقی على القاعدة العامة فی تنفیذ الإحکام الجزائیة استثناء تضمنته المادة (296) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة والتی نصت على انه: "إذا حکم على رجل وزوجته بعقوبة سالبة للحریة لمدة لا تزید على سنة ولو عن جرائم مختلفة ولم یکونا مسجونین من قبل جاز تأجیل التنفیذ على احدهما حتى یخلى سبیل الآخر إذا کانا یکفلان صغیراً لم یتم الثانیة عشر من عمره وکان لهما محل إقامة معین".
ویلاحظ على نص المادة أعلاه أن تأجیل التنفیذ هو جوازی ولیس وجوبی فضلاً عن أن المشرع العراقی اشترط فی نص المادة أعلاه جملة شروط للحکم بتأجیل تنفیذ العقوبة وهذه الشروط هی کما یأتی:
1- الحکم على الزوجین معاً بعقوبة سالبة للحریة فی آن واحد ولو عن جرائم مختلفة. 2-أن تکون مدة الحبس لا تزید على سنة واحدة فان زادت المدة عن سنة امتنع تأجیل التنفیذ.3-أن یکونا کافلین طفل صغیر لا یتجاوز الثانیة عشر من عمره .4-أن یکون لهما محل إقامة معین ومعروف .5-أن لا یکونا مسجونین من قبل.
من صیاغة نص السابق یتبین انه ینطوی على سبب إنسانی وتربوی من أسباب تأجیل تنفیذ العقوبة والغرض التربوی هو لکفالة الطفل وضمان الاستمرار على العنایة به حیث أن ترک الطفل ولیس له من یعتنی به بعد إدخال والدیه السجن معاً أمر سیؤدی إلى تدمیر حیاته وتشرده. والغرض الإنسانی هو مراعاة عوامل الرحمة ودواعی الرفق والإنسانیة نحو الصغیر حتى لا یحرم من رعایة والدیه ولا یبقى بلا عائل.
کما وان قرار مجلس قیادة الثورة (المنحل) رقم (133) لسنة 1985 کان یجیز بمرسوم جمهوری تأجیل تنفیذ العقوبات والتدابیر أیاً کان نوعها ومن أی محکمة صدرت، وسواء کانت العقوبة أصلیة أم بدلیة، إلا أن هذا القرار الغی بموجب القانون رقم (16) لسنة 2011. وحسناً فعل المشرع العراقی بهذا الإلغاء لضمان الفصل بین السلطات وعدم تسییس القضاء.
ثالثاً: إیقاف تنفیذ العقوبة والعفو القضائی المشروط.
أتاح المشرع فی بعض صور الجرائم التی قد تکون غامضة وخطیرة کما وقد لا تتوافر سوى قرائن بسیطة ضد بعض المتهمین المشتبه بارتکابهم لها، وبهدف الکشف عن الجناة الحقیقیین، سمح القانون لقاضی التحقیق أن یعرض العفو على المتهم بعد اخذ موافقة محکمة الجنایات، وفی مثل هذه الحالة تبقى صفة الشخص الذی عرض عیه العفو متهما حتى یصدر القرار فی الدعوى، وهذا ما تضمنته المادة (129) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی.
ومن خلال ما تقدم یتبین أن المشرع فی هذا النظام منح قاضی التحقیق صلاحیة عرض العفو على المتهم بموافقة محکمة الجنایات بقصد الحصول على شهادته ضد مرتکبیها الآخرین 0 فإذا وجدت محکمة الجنایات إن البیان الذی أدلى به المتهم الذی عرض العفو علیه صحیح وکامل، فتقرر إیقاف الإجراءات القانونیة بحقه نهائیا ویتوجب إخلاء سبیله، فهو إذا نظام یتعلق بإیقاف الإجراءات القانونیة وبالتالی تکون له ذات الآثار المترتبة على البراءة بینما إیقاف تنفیذ العقوبة یهدف إلى إبعاد المحکوم علیه بعقوبة سالبة للحریة قصیرة المدة وإعطائه الفرصة لتقویم نفسه وضبط سلوکه، فهو إذاً نظام یتضمن دعوة المحکوم علیه لإصلاح نفسه ذاتیاً عن طریق ضبط سلوکه، خاصة إذا ما علم بأنه إمکانیة بتنفیذ العقوبة فی حالة الإخلال متاحة طیلة مدة الإیقاف.
رابعاً: إیقاف تنفیذ العقوبة ونظام الاختبار القضائی.
یعرف نظام الاختبار القضائی بأنه: "أسلوب لمعاملة بعض المجرمین المنتقیین انتقاء خاصا ویتمثل بالإیقاف الشرطی للعقوبة، مع وضع المجرم تحت الرقابة الشخصیة والتوجیه والعلاج"، فهو بذلک إجراء تمتنع فیه المحکمة الجنائیة إما عن النطق بالحکم أو تمتنع عن تنفیذ العقوبة بعد النطق بها، وذلک بوضع المحکوم علیه تحت الاختبار القضائی وتحت شروط معینة أما لمدة محددة وأما بدون تحدید المدة وفقا لما تراه المحکمة مناسباً0 ویتم کل ذلک تحت إشراف هیئة قضائیة متخصصة، فإذا خالف المدان شرطاً من شروط الاختبار تحدد المحکمة عقوبته فی حالة عدم النطق بالحکم، أو تأمر بتنفیذ العقوبة المعلقة بحقه فی الحالة الأخرى، وبموجبه تمتنع المحکمة عن النطق بالعقوبة حین یتهم شخص بجریمة تستوجب الحبس، حیث للمحکمة فی هذه الحالة أن تقرر الامتناع عن النطق بالحکم مع تکلیف المتهم بتقدیم تعهد بکفالة شخصیة أو عینیة أو بغیر کفالة إذا وجدت ما یسوغ ذلک من خلال دراستها لأخلاق المتهم وسنه وظروف جریمته أو تفاهتها ومن أهم شروط الاختبار القضائی أن المدان فی ظل هذا النظام یظل تحت إشراف هیئة متخصصة تساعده على الالتزام بالسلوک القویم وإبعاده عن الظروف التی قد تغریه على ارتکاب الجریمةهذا بخلاف نظام وقف التنفیذ حیث لا یشترط فیه إشراف من هیئة اختبار بل کل ما یطلب منه هو أن لا یرتکب جریمة جدیدة وأن یحافظ على حسن السیرة والسلوک وهو یقترب مع ما تضمنه قانون رعایة الأحداث العراقی فی المادة (73) والتی نصت على انه: "إذا ارتکب الحدث جنحة فیحکم علیه بأحد التدابیر الآتیة بدلا من العقوبة السالبة للحریة المقررة لها قانونا :...ثانیا – وضعه تحت مراقبة السلوک وفق أحکام هذا القانون...".
ومن خلال ما سبق یمکن القول أن وقف التنفیذ یستوجب صدور حکم بإدانة المتهم والحکم علیه بالعقوبة المقررة قانوناً وفی الحدود المسموح بها ضمن نظام الوقف0
المبحث الثانی
شروط إیقاف تنفیذ العقوبة
من خلال استعراض النصوص القانونیة المنظمة لإیقاف تنفیذ العقوبة التی أوردها المشرع فی قانون العقوبات یتبین أن لغرض تفعیل القاضی لنظام إیقاف تنفیذ العقوبة لابد من توافر شروط معینة من الممکن إجمالها على ثلاث أنواع، فمنها ما یتعلق بنوع الجریمة ومنها ما یتعلق بالعقوبة المحکوم بها المدان ومنها ما هو متعلق بشخص المحکوم علیه، وهو ما سنبینه فی المطالب الآتیة:
المطلب الأول
الشروط المتعلقة بنوع الجریمة المرتکبة
یتبین من نص المادة (144) لقانون العقوبات أن الجریمة التی یجوز إیقاف تنفیذ عقوبتها الصادرة بحق المدان یجب أن تکون من نوع الجنایات أو الجنح، وهو بذلک یکون قد استبعد جرائم المخالفات من إمکانیة إیقاف العقوبة الصادرة فیها تجاه المحکوم علیه، وهذا أمر لا لبس فیه إذ نصت المادة أعلاه على انه: "للمحکمة عند الحکم فی جنایة أو جنحة بالحبس مدة لا تزید على سنة..".
وفی هذا الخصوص نود أن نشیر إلى أن المشرع العراقی قد اخذ بالتقسیم الثلاثی للجریمة وهذا ما تضمنته عندما نص فی قانون العقوبات على انه: "الجنایة هی الجریمة المعاقب علیها بإحدى العقوبات التالیة: 1 – الإعدام 2 – السجن المؤبد 3 – السجن أکثر من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة .الجنحة هی الجریمة المعاقب علیها بإحدى العقوبتین التالیتین: 1 – الحبس الشدید او البسیط أکثر من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات. 2 – الغرامة. المخالفة هی الجریمة المعاقب علیها بإحدى العقوبتین التالیتین: 1 – الحبس البسیط لمدة أربع وعشرین ساعة إلى ثلاثة أشهر.2 – الغرامة التی لا یزید مقدارها على ثلاثین دینارا". وهذا یدعو إلى تساؤل مفاده انه إذا کان الحد الأدنى للعقوبة فی جرائم الجنایات هو السجن أکثر من خمس سنوات، فکیف یمکننا تطبیق نظام إیقاف تنفیذ العقوبة؟.
والإجابة على التساؤل السابق من الممکن أن نجدها فی نص المادة (130) من قانون العقوبات والتی نصت على انه :"إذا توفر عذر مخفف فی جنایة عقوبتها الإعدام نزلت العقوبة إلى السجن المؤبد أو المؤقت أو إلى الحبس الذی لا تقل مدته عن سنة فإن کانت عقوبتها السجن المؤبد أو المؤقت نزلت إلى عقوبة الحبس الذی لا تقل مدته عن ستة أشهر. کل ذلک ما لم ینص القانون على خلافه".
وقد وجه الفقه لموقف المشرع العراقی فی هذا الخصوص انتقاداً مفاده کیف یکون من الممکن وقف التنفیذ فی الجنایات وهو غیر ممکن فی ابسط الجرائم وهی المخالفات، وهی أولى بالشمول فیه لان علته متحققة فیها، إذ أن عقوبة المخالفة إذ ما کانت سالبة للحریة هی بطبیعتها قصیرة المدة، کما انه إذا حکم على المتهم بالغرامة فی جریمة من نوع المخالفات فان عقوبة الغرامة قد تتحول إلى حبس إذ ما تعذر على المحکوم علیه دفعها، وبذلک تکون عقوبة المخالفة أجدر بالشمول فی هذا النظام، کما انه من التناقض إذا ما اتهم شخص بجریمتین فی أن واحد أحداهما من نوع الجنح والأخرى مخالفة، فیکون ضمن سلطة القاضی وقف تنفیذ العقوبة المخصصة للجنحة ولا یستطیع إیقاف عقوبة المخالفة. ویحاول جانب آخر من الفقه إیجاد مسوغ لمسلک المشرع العراقی، من خلال القول إن العقوبات المقررة للمخالفات بسیطة وأغلبها غرامات لا ترهق کاهل المحکوم علیه بها، وان إیقاف تنفیذها یفقدها قیمتها التهدیدیة. غیر أن هذا المبرر یصطدم بما هو معمول علیه فی الواقع العملی إذ أن اغلب جرائم المخالفات معاقب علیها بالحبس أو تتحول بالنتیجة إلى الحبس کما اشرنا، وهنا ستفرض بحق المحکوم علیه عقوبة سالبة للحریة قصیرة المدة وهی عقوبة تخلو من إمکانیة تطبیق نظم الإصلاح البدیلة.
ومن المناسب أن نذکر بأن قانون العقوبات البغدادی الملغی کان اقرب إلى الصواب من خلال إجازة القاضی بإیقاف تنفیذ العقوبة فی جمیع أنواع الجرائم، إذ نصت المادة (69) منه على انه :" کل حکم صادر بالحبس لمدة ...".
المطلب الثانی
الشروط المتعلقة بالعقوبة المحکوم بها
أشارت المادة (144) من قانون العقوبات العراقی صراحة على أن العقوبة یجب لإمکان الأمر بإیقاف تنفیذها هی عقوبة الحبس التی لا تزید مدتها على سنة واحدة، وبالتالی لا یجوز وقف تنفیذ عقوبة الحبس إذا زادت مدتها على ذلک.
کما وأجاز نص المادة (144) أن یشمل وقف التنفیذ بالإضافة إلى عقوبة الحبس، العقوبات التبعیة والتکمیلیة والتدابیر الاحترازیة إذ نصت المادة على انه: "وللمحکمة أن تقصر إیقاف التنفیذ على العقوبة الأصلیة أو تجعله شاملاً للعقوبات التبعیة والتکمیلیة والتدابیر الاحترازیة" وبناء على ما تقدم یجوز للمحکمة أن تکتفی بوقف تنفیذ عقوبة الحبس فقط أو أن تشمل بالأمر سائر العقوبات الجنائیة الأخرى، غیر انه إذا لم یتضمن قرار الحکم الأمر صراحة بالنص على شمول العقوبات الفرعیة والتبعیة والتکمیلیة والتدابیر الاحترازیة، فلا یتم شمولها. وبمفهوم المخالفة لا یمکن للقاضی إیقاف تنفیذ العقوبات التبعیة أو التکمیلیة والتدابیر الاحترازیة إلا تبعاً لإیقاف العقوبة الأصلیة والمتمثلة بالحبس إلا انه مع ذلک له أن یستبعدها من قرار الحکم أصلاً إذا تکونت لدیه القناعة بعدم جدواها.
وفیما یتعلق بمقدار العقوبة التی یجیزها المشرع لإیقاف تنفیذ العقوبة نجد أن قانون العقوبات الأردنی یتوافق مع قانون العقوبات العراقی من حیث إجازة إیقاف تنفیذ عقوبة الحبس التی لا تزید مدتها على السنة إذا صدرت فی جنایة أو جنحة إذ نصت الفقرة (1) من المادة (54) مکررة فی بدایتها على ما یلی: "یجوز للمحکمة عند الحکم فی جنایة أو جنحة بالسجن أو الحبس مدة لا تزید على سنة". وکذلک موقف المشرع المصری إذ نصت المادة (55) من قانون العقوبات على انه: "یجوز للمحکمة عند الحکم فی جنایة أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزید على سنة أن تأمر فی نفس الحکم بإیقاف تنفیذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحکوم علیه أو ماضیه أو سنه أو الظروف التی ارتکب فیها الجریمة ما یبعث على الاعتقاد بأنه لن یعود إلى مخالفة القانون، ویجب أن تبین فی الحکم أسباب إیقاف التنفیذ. ویجوز أن یجعل الإیقاف شاملاً لأیة عقوبة تبعیة ولجمیع الآثار الجنائیة المترتبة على الحکم"، إلا أن المشرع المصری أجاز کذلک الحکم بوقف تنفیذ عقوبة الغرامة وهو اتجاه سلیم لذات الأسباب التی ذکرناها آنفاً، لذلک ندعو المشرع العراقی بان یشمل عقوبة الغرامة لتجنب السلبیات التی من الممکن أن یتعرض لها المحکوم علیه ولعدم الوقوع فیما أراد المشرع تلافیه.
أما قانون العقوبات السوری رقم (148) لسنة 1949 فقد نص فی المادة (168) على انه: "1 ـ للقاضی عند القضاء بعقوبة جنحیة أو تکدیریة أن یأمر بوقف تنفیذها إذا لم یسبق أن قضی على المحکوم علیه بعقوبة من نوعها أو أشد. 2 ـ لا یمنح المحکوم علیه وقف التنفیذ إذا لم یکن له فی سوریة محل إقامة حقیقی أو إذا تقرر طرده قضائیاً أو إداریاً....". فمن خلال النص یتضح بأن المشرع السوری أجاز وقف تنفیذ عقوبة الحبس دون أن تحدید المدة، کما أن النص على إطلاقه یشمل وقف تنفیذ عقوبة الغرامة، دون أن تحدد مبلغ الغرامة غیر إن هذا الجواز قاصر على الجرائم الجنحیة والتکدیریة - أی المخالفات- غیر ان المشرع السوری لم یخول المحکمة المختصة إمکانیة وقف العقوبات التبعیة او التکمیلیة والتدابیر الاحترازیة وهو ما عبر عنه صراحة فی الفقرة رقم (3) من نفس المادة أعلاه بالنص على انه "3 ـ لا یعلق وقف التنفیذ تنفیذ العقوبات الإضافیة أو الفرعیة أو تدابیر الاحتراز".
المطلب الثالث
الشروط المتعلقة بالمجرم وحالته
المشرع العراقی عند معالجته لأحکام إیقاف التنفیذ وضع شروط دقیقة ومتعددة، لضمان تطبیق النظام على المحکوم علیه الذی یکون أهلا للإفادة من هذا النظام ، وهذه الشروط تساعد المحکمة فی الوصول إلى القناعة بأن المحکوم علیه لن یعود لمخالفة القانون، وأْن ارتکابه للجریمة المحکوم بها کان استثناء فی طبیعة سلوکه الحسن وأخلاقه. ومن خلال نص المادة (144) من قانون العقوبات العراقی من الممکن ان نستشف الشروط الواجب توافرها فی المحکوم علیه، وهی کما یأتی:
أولاً: انعدام السابقة القضائیة عن جریمة عمدیة.
لإمکانیة تطبیق إیقاف التنفیذ للعقوبة یجب أن لا یکون المحکوم علیه قد صدر بحقه حکم عن جریمة عمدیة، ویستوی أن یکون الحکم قد صدر عن جریمة من نوع جنایة أو جنحة أو حتى مخالفة، ذلک أن النص جاء مطلقا والمطلق یجری على إطلاقه حیث نص قانون العقوبات على انه "... إذا لم یکن قد سبق الحکم على المحکوم علیه عن جریمة عمدیة..." وهذا یعنی اشتماله لکافة أصناف الجرائم، کما وان المشرع لم یحدد نوع العقوبة التی سبق وان حکم بها ولا مدتها، وبالتالی فان أیة عقوبة مهما کانت مدتها إذا کانت سبق وان حکم بها عن جریمة عمدیة فأنه یحول دون تطبیق نظام إیقاف التنفیذ بحق الجانی. کما أن نص المادة أعلاه لم یشترط تنفیذ الحکم الذی سبق وان أدین به المجرم، وبذلک یستوی أن یکون المحکوم علیه قد تم تنفیذ العقوبة المحکوم بها عن الجریمة السابقة أو لم ینفذ لأی سبب.
کما أن الجریمة العمدیة تمنع من الحکم بإیقاف التنفیذ مهما مضى من مدة على ارتکاب الجریمة الأولى، ومهما مضت من مدة على تاریخ حسمها فالنص لم یحدد فترة زمنیة بین الحکم السابق والحکم اللاحق الذی یراد إیقاف تنفیذه وهذا ما تبنته محکمة التمییز بقرارها المرقم 3093/ جنایات / 971فی 2/3/1972 والذی جاء فیه: "لا یصح إصدار قرار بإیقاف تنفیذ العقوبة إذا سبق أن حکم على المتهم بالحبس لمده شهر".
ثانیاً: أن تکون أخلاق المحکوم وظروفه تدل بأنه لن یعود إلى ارتکاب جریمة جدیدة.
أشار القانون إلى دراسة المحکمة لأخلاق المحکوم علیه والنظر فی ماضیه للاطمئنان من عدم وجود سوابق جزائیة له أو بالنظر إلى سنه، کان یکون صغیرا قلیل التجربة وفی مرحلة دقیقة من عمره فیکون لحبسه أثر سلبی على أخلاقه وسلوکه فی المستقبل بسبب اختلاطه بالمجرمین وأصحاب السوابق، أو قد یکون کبیراً فی السن فیشینه حبسه واختلاطه بالمجرمین0
إذ أراد المشرع بهذا الشرط الوثوق من أن ماضی الجانی وسنه والظروف التی ارتکب فیها جریمته تدل على انه لن یشکل أیة خطورة على المجتمع وبذلک فان احتمال ارتکابه جریمة جدیدة أمر مستبعد، وهذا یطلب من المحکمة أن تقوم بدراسة دقیقة لجمیع ظروف الجانی السابقة واللاحقة لارتکاب الجریمة.
وبالإضافة إلى الشروط السابق ذکرها تشترط بعض القوانین الجزائیة شروط أخرى ومنها ما یأتی:
1- الالتزام بالتعویض.
نصت المادة (145) من قانون العقوبات العراقی على انه "...أو أن تلزمه بأداء التعویض المحکوم به کله أو بعضه خلال اْجل یحدد فی الحکم أو تلزمه بالأمرین معا". أی أن للمحکمة أن تلزم المحکوم بدفع التعویض الکلی خلال اْجل محدد أو أن تلزمه بدفع تعویض جزئی إذا لم یکن بالإمکان تقدیر التعویض الکلی وقت صدور الحکم، وفی هذا الخصوص إذا امتنع المحکوم علیه الذی صدر إیقاف التنفیذ لصالحه عن سداد مبلغ التعویض فانه یکون قد اخل بأحد شروط إیقاف التنفیذ ویؤدی ذلک إلى إلغاء إیقاف التنفیذ وهذا ما نصت علیه الماد (146) إذ نصت الفقرة (1) منها على انه: "1 – یجوز الحکم بإلغاء إیقاف التنفیذ فی أیة حالة من الحالات التالیة: أولا – إذا لم یقم المحکوم علیه بتنفیذ الشروط المفروضة علیه وفقا للمادة 145".
2- الالتزام بحسن السلوک.
هذا الشرط نصت علیه المادة (145) من قانون العقوبات العراقی صراحة، وهو أمر جوازی متروک تقدیره لمحکمة الموضوع.
وبعد أن بینا أهم الشروط الواجب توافرها لتطبیق نظام إیقاف تنفیذ العقوبة نود أن نذکر بأنه من الملفت للنظر أن یتم تنظیم أحکام وقف التنفیذ فی نصوص قانون العقوبات أی فی التشریع المخصص للأحکام الموضوعیة وهذا ما لاحظناه على اغلب التشریعات العربیة، إذ أننا وجدناها نظمته فی قوانینها العقابیة، وکان الأجدر بها أن تتناوله فی التشریعات المخصصة للأحکام الإجرائیة کمــا هو الحال بالنسبة للمشرع الفرنسی والذی نظم أحکام وقف التنفیذ فی المادة (734) من قانون الإجراءات الجنائیة، وهذا احد أنواع التداخل بین قانون العقوبات وبین قانون الإجراءات، والمتفحص لنصوص قانون العقوبات وقانون أصول المحاکمات الجزائیة یجد الکثیر من التداخل فیما بینهما فالکثیر من النصوص الموضوعیة منظمة ضمن قانون اصول المحاکمات کما وان الکثیر من الأحکام الإجرائیة منظمة فی قانون العقوبات.
المبحث الثالث
سلطة المحکمة بإیقاف تنفیذ العقوبة والرقابة علیها
یقتضی بحث سلطة المحکمة فی الأمر بإیقاف التنفیذ والرقابة علیها أن نبین أولاً سلطة محکمة الموضوع فی الأمر بإیقاف التنفیذ، ومن ثم بیان الجهة التی تتولى الرقابة على ممارسة المحکمة لتلک السلطة، ولأجل الإحاطة بالموضوع فلا بد من تناول ابرز حالات البطلان التی قد تصدر بحق أوامر إیقاف التنفیذ، ولبیان ذلک سنتناوله فی مطالب ثلاث وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
سلطة المحکمة بإیقاف التنفیذ
السلطة فی اللغة من سلط وتعنی الملک والقدرة فیقال له سلطة علیه أی بمعنى له الغلبة علیه أما من الناحیة القانونیة فتعنی "إمکانیة المساس بحقوق الأفراد وحریاتهم أو أموالهم عند الاقتضاء فی حدود القانون". وهی واحدة سواء تصدى القاضی لحل نزاع جنائی أو مدنی أو إداری، فمهما کانت طبیعة هذا النزاع فإنها لا تمس بجوهر سلطة القاضی التقدیریة.
أما السلطة التقدیریة للقاضی فتعرف بأنها "القـدرة علـى الملائمة بین الظروف الواقعیة للحالة المعروضة علیه وظروف مرتکبها بصدد اختیار الجزاء الجنائی، عقوبة کان أم تدبیرا وقائیا، نوعا أو مقدارا، ضمن الحدود المقررة قانونا بما یحقق الاتساق بـین المصالح الفردیة والاجتماعیة على حد سواء" فالسلطة التقدیریة إذن لها مجال ونطاق قانونی تمارس فی ظله، ذلک أن القاضی عند اختیاره للجزاء الملائم للتطبیق سیأخذ بعین الاعتبار التقدیر الکمی أو النوعی للعقوبة، کما له أن ینزل بالعقوبة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا إذا توفرت ظروف التخفیف، أو الاعـتلاء بها إلى أقصى حد إذا توفرت ظروف التشدید، وقد یحکم بوقف تنفیذها إذا اقتضى الأمر ذلک إذا أجاز القانون ذلک.
إذن فسلطة المحکمة تتقید بما حدده المشرع وفی نطاقه، ولذلک نلاحظ أن المادة (144) قد استهلت بعبارة: "للمحکمة عند الحکم فی جنایة أو جنحة بالحبس مدة لا تزید على سنة أن تأمر فی الحکم نفسه بإیقاف تنفیذ العقوبة ..."، فسلطة المحکمة مقیدة بقیدین وهما: أن تکون الجریمة المرتکبة جنایة أو جنحة . وأن تکون العقوبة المفروضة هی الحبس مدة لا تزید على سنة. وهذا یعنی أن سلطة المحکمة لیست مطلقة فی تطبیق نظام إیقاف تنفیذ العقوبة، وعلى سبیل المثال فان عقوبة المخالفة لا تزید على ثلاثة أشهر مع الغرامة أو بالغرامة فقط ومع ذلک هی لا تخضع لنظام إیقاف تنفیذ العقوبة، فإذا ما طبقت محکمة الموضوع أمر إیقاف التنفیذ على جریمة من نوع المخالفات فان أمرها یکون باطل لمخالفته الصریحة لنص القانون وبالتالی یکون مدعاة للنقض.
وبما أن المشرع قید محکمة الموضوع بان تکون الجریمة هی من نوع (الجنایة أو الجنحة) فان تطبیق أحکام إیقاف التنفیذ على الجنایة یتطلب منا الرجوع إلى أحکام نصوص قانون العقوبات الأخرى التی من خلالها یستطیع القاضی الوصول إلى تطبیق أحکام نصوص إیقاف التنفیذ، إذ لا بد من الاحتکام إلى نص المادة (128) من قانون العقوبات والتی نصت على انه: "– الأعذار إما أن تکون معفیة من العقوبة أو مخففة لها ولا عذر إلا فی الأحوال التی یعینها القانون. وفیما عدا هذه الأحوال یعتبر عذرا مخففا ارتکاب الجریمة لبواعث شریفة أو بناء على استفزاز خطیر من المجنى علیه بغیر حق...". وکذلک الاستدلال بنص المادة (132) من قانون العقوبات والتی نصت على انه: "إذا رأت المحکمة فی جنایة أن ظروف الجریمة أو المجرم تستدعی الرأفة جاز لها أن تبدل العقوبة المقررة للجریمة على الوجه الآتی: 1 – عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة. 2 – عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المؤقت. 3 – عقوبة السجن المؤقت بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر". فإذا ما نزلت محکمة الموضوع بالعقوبة المفروضة إلى الحبس مدة لا تزید على السنة وان کانت الجریمة مرتکبة جنایة، جاز للمحکمة أن تأمر فی الحکم نفسه بإیقاف تنفیذ عقوبة الحبس0
ومن الجدیر بالذکر أن المشرع لم یلزم محکمة الموضوع بان تأمر بوقف التنفیذ حتى لو توفرت شروطه کافة ذلک أن الأمر به بعد توافر الشروط أمر متروک لقناعة القاضی، فان رأى جدوى اخذ به وان لم یجد لم یأخذ به ولو کانت شروطه ثابتة ومتوافرة وهذا ما نلحظه على مسلک المشرع العراقی والذی ابتدأ المادة مدار البحث بالقول: ((للمحکمة...)) وهو لفظ یفید التخییر لمحکمة الموضوع أیاً کان نوعها، فهی غیر ملزمة بوقف تنفیذ العقوبة أو التدبیر حتى ولو لم تکن على المحکوم علیه أیة سوابق إجرامیة، ذلک أن المحکمة تراعی أموراً عدیدة، ومنها کما ذکرنا آنفا الظروف التی أحاطت بالمحکوم علیه عند ارتکابه للفعل الجرمی، وسنه إن کان صغیراً أو کبیراً، فإذا وصلت المحکمة إلى قناعة باْن المحکوم علیه سوف یعود إلى مخالفة القانون ثانیة فلها أن تمتنع عن الأمر بوقف تنفیذ العقوبة، ومع ذلک لا یعد امتناع المحکمة إخلالاً بأمن القانون الجنائی، ذلک أن المشرع اوجد جهة رقابیة تتمثل بمحکمة التمییز تستطیع من خلالها نقض الأحکام المخالفة للقانون.
واتساقاً مع استعمال المحکمة لسلطتها التقدیریة فان الأمر بوقف التنفیذ، لا یتوقف على طلب المحکوم علیه أو من یمثله، لان القانون لم یشترط ذلک، بل إن إصداره متروک لتقدیر المحکمة وقناعتها باستحقاق المحکوم علیه لهذا الإیقاف.
ویدخل فی نطاق سلطة المحکمة التقدیریة تحدید العقوبات التی یشملها الإیقاف، فإذا قضت المحکمة بالحبس والغرامة معاً، فللمحکمة أن تأمر بوقف تنفیذ عقوبة الحبس فقط دون الغرامة، ولها أن تشمل بالإیقاف سائر الآثار الجزائیة کالعقوبات التبعیة والتکمیلیة والتدابیر الاحترازیة غیر انه لیس للمحکمة أن تأمر بتجزئة عقوبة الحبس فتأمر بإیقاف جزء منها کما لو تقرر حبس المدان لمدة سنة، فلیس لها أن تقرر تنفیذ نصف العقوبة وتأمر بإیقاف النصف المتبقی، إذ لابد من الأمر بوقف تنفیذ العقوبة المحکوم بها کاملة أو تنفیذها.
المطلب الثانی
الرقابة على الأمر بإیقاف التنفیذ
بالرغم من السلطة التقدیریة الواسعة التی خولها المشرع للقاضی الجنائی بناء على مضمون حریة القاضی فی الاقتناع وتقدیر الأدلة، إلا انه یتوجب على القاضی أن یقدم إلى محکمة التمییز ما یساعدها على التأکد من سلامة التقدیر، فالقاضی حر فی التقدیر بشرط أن یثبت سلامته بما یتیح للمحکمة العلیا وسیلة مراقبته، وقد کشف التطبیق العملی على أن الرقابة التی تمارسها محکمة التمییز على السلطة التقدیریة للقاضی تمتد لتشمل مسائل الواقع بالإضافة إلى مسائل القانون وفی حدود معینة على الرغم من عدم وجود نص تشریعی صریح فی هذا الصدد.
وفی مجال رقابتها على اقتناع القاضی، فانه بالرغم من أن القاضی حر فی تکوین عقیدته فی الدعوى من أی دلیل یجده فی أوراقها، إلا أن هذه الحریة لا تعنی السلطة المطلقة غیر المحدودة بل هی مقیدة بضوابط . فالاقتناع القضائی یقوم على عنصرین هما المنهج والمضمون، فالمنهج یعنی کیفیة الاقتناع، والقاعدة أن القاضی لیست له سلطة مطلقة فی هذا المنهج فهو لیس حراً فی اختیاره على الدوام، فالاقتناع لابد أن یکون له سند فی أوراق الدعوى وتحقیقاتها، وان یکون ثمة مقدمات تؤدی إلیه، فضلاً عن التزام القاضی فی شأنه بالأصول والضوابط المنطقیة.
أما المضمون فیقصد به النتیجة التی خلص إلیها القاضی، أی الحکم بثبوت الواقعة أو عدم ثبوتها، فإن هذه المسألة تعد من مسائل الموضوع وتدخل ضمن سلطة القاضی التقدیریة إلا أن ذلک لا یعفی القاضی من التزامه بإفراغ اقتناعه فی صوره صحیحة سلیمة على نحو کامل ودقیق حتى تستطیع محکمة التمییز مراقبة مدى التزام محکمة الموضوع بصحیح أحکام القانون.
وقد اوجد المشرع العراقی رقابة متنوعة على الأعمال القضائیة منها ما تمارسها محکمة الجنایات بصفتها التمییزیة استناداً على نص المادة (265) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة، ومنها ما جعل اختصاص النظر فیها من اختصاص محکمة الاستئناف إذ حلت بموجب قرار مجلس قیادة الثورة المنحل رقم (104) لسنة 1988 محل محکمة التمییز للنظر فی الطعون الواقعة على الأحکام والقرارات الصادرة فی جرائم الجنح، کما واوجد المشرع محکمة التمییز الاتحادیة وهی الهیئة القضائیة العلیا التی تمارس الرقابة على جمیع المحاکم العراقیة وکل أنواعها – جزائیة ومدنیة وشرعیة –ما لم ینص القانون على خلاف ذلک.
وقد مارست محکمة التمییز رقابتها على أمر إیقاف التنفیذ فی العدید من الدعاوى ففی قضیة نظرتها محکمة أحداث النجف قررت فیها الآتی: "إدانة المتهمین (م) و (أ) وفق المادة 444 / ثانیا من قانون العقوبات وبدلالة المادة 77/ أولاً- ب من قانون رعایة الأحداث، وذلک لاشتراکهما بسرقة مواد إنشائیة من المخزن العائد للمشتکی (ط) وحکمت علیهما بالإیداع فی مدرسة تأهیل الفتیان لمدة سنة واحدة0ولکون الفتى (م) المعیل لعائلته کون والده متوفى حسب شهادة الوفاة المبرزة، وکذلک فان الفتى (أ) أیضاً هو المعیل الوحید لعائلته کون والده معوقا حسب الکتب المبرزة وأنهما غیر محکومین عن أی قضیة أخرى وان سنهما وظروف جریمتهما مما یبعث على الاعتقاد إنهما لن یعودا إلى ارتکاب جریمة جدیدة، وأن المشتکی تنازل عن شکواه، وأن المواد المسروقة قلیلة الکلفة، قررت المحکمة إیقاف تنفیذ التدبیر الوارد فی الفقرة أولاً بحق المتهمین لمدة سنتین تبدأ من تاریخ الحکم، على أن یتعهد ولیهما بحسن تربیتهما وتهذیب سلوکهما وإیداع ولی کل واحد منهما مبلغ مقداره خمسة ألاف دینار تأمینات فی صندوق المحکمة تعادلهما بعد انتهاء فترة التجربة استنادا للمادة 80 من قانون رعایة الأحداث..." ورغم الظروف الداعیة للرأفة التی بینتها محکمة الموضوع، ورغم کون المتهمین لا سوابق لهما مع تنازل المشتکی عن شکواه غیر إن محکمة التمییز الاتحادیة عند نظرها للقضیة قررت الآتی: "لدى التدقیق والمداولة وجد أن کافة القرارات التی أصدرتها محکمة أحداث النجف ...کانت المحکمة المذکورة قد راعت عند إصدارها تطبیق أحکام القانون تطبیقا صحیحا ...قرر تصدیقها لموافقتها للقانون باستثناء قرار وقف التنفیذ قرر نقضه لخطورة الجریمة والظرف الراهن وإعادتها إلى المحکمة للأمر بتنفیذ التدبیر...".
وقد خالفت محکمة استئناف نینوى أحکام القانون الصریحة بحصر سلطة إیقاف تنفیذ العقوبة لسلطة محکمة الموضوع فی قرارها المرقم 20/ت ج/ 2010 فی 16/1/ 2010، والذی نصه: "لدى التدقیق والمداولة وجد إن الطعن التمییزی وقع ضمن المدة القانونیة قرر قبوله شکلا ً ولدى عطف النظر إلى الحکم الممیز وجد انه صحیح وموافق للقانون لتوافر الأدلة ضد المتهم لغرض إدانته وفق المادة/ ٤٥٧ق .ع لذا قرر تصدیق قرار الإدانة أما بالنسبة إلى العقوبة لوحظ أن المدان لم یسبق الحکم علیه عن جریمة عمدیه وان أخلاقه وماضیه وسنه وظروف جریمته مما یبعث على الاعتقاد بأنه لن یعود إلى ارتکاب جریمة جدیدة ولتنازل المشتکی عن الشکوى بموجب عریضته المقدمة إلى هذه الهیئة بتاریخ ٢٠١٠/٢/١١واستنادا إلى أحکام المادة ١٤٤و ١٤٦ق .ع قرر إیقاف تنفیذ العقوبة بحقه لثلاث سنوات تبدأ اعتبارا ً من تاریخ صدور الحکم، وصدر القرار بالأکثریة فی/ محرم/ ١٤٣١هـ الموافق/ ١٦کانون الثانی/ 2010". فقرار وقف تنفیذ العقوبة یکون من اختصاص محکمة الموضوع التی تنظر الدعوى عند توفر شروط وقف التنفیذ، وبالرجوع إلى صلاحیات واختصاصات محکمة التمییز المنصوص علیها فی المادة (259) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة والتی تقوم محکمة الاستئناف بصفتها التمییزیة بالاختصاصات نفسها فان النص المذکور لم یعط لمحکمة التمییز أو محاکم الاستئناف بصفتها التمییزیة صلاحیة وسلطة بوقف تنفیذ العقوبة مباشرة. لذا فقد کان من المفترض قانونا ً على المحکمة المذکورة وعند إصدارها القرار الممیز أن تعید الدعوى إلى محکمة الموضوع/ الجنح لغرض تقدیر مدى توفر شروط وقف تنفیذ العقوبة بحق المدان وترک تقریر مصیره وفقا لهذا التدبیر لاختصاص محکمة الموضوع لا أن تبت به مباشرة.
ومع ذلک لا یعیب الأمر الصادر بإیقاف تنفیذ العقوبة إذا لم یشتمل على ما جاءت به المادة (145) من قانون العقوبات سابقة الذکر، لان الأمر بها بمثابة صلاحیة مضافة إلى نص السابقة لها، وکذلک الأمر فیما یتعلق بالأمر بالتعویض.
ومن خلال وجود الرقابة من قبل المحاکم التی خصها القانون بممارسة التدقیق على الامر الصادر من محکمة الموضوع نجد بأن نظام ایقاف تنفیذ العقوبة لا یعد اخلالاً بالأمن القانونی، ذلک ان السلطة التقدیریة للمحکمة محاطة بضمانات توفرها الشروط التی بینتها النصوص المنظمة لهذا النظام.
المطلب الثالث
بطلان الأمر بإیقاف التنفیذ
عُرّفَ البطلان بتعریفات متعددة منها انه: "تکییف قانونی لعمل یخالف نموذجه القانونی مخالفة تؤدی الى عدم انتاج الاثار التی یرتبها علیه القانون اذا کان کاملاً". کما ویعرف بانه: "جزاء إجرائی یلحق الإجراءات المتخذة خلاف أوامر ونواهی القانون یعدم آثارها القانونیة المترتبة علیها".
ومن خلال الاطلاع على نصوص قانون العقوبات العراقی المنظمة لأحکام إیقاف تنفیذ العقوبة من الممکن أن نخلص إلى أهم حالات البطلان التی من الممکن ان تنصب على أمر إیقاف تنفیذ العقوبة الصادر من المحکمة المختصة وهی کما یأتی:
عدم مراعاة المحکمة لأحد الشروط التی نص علیها القانون صراحة.
عدم ذکر الأسباب التی استندت إلیها المحکمة فی إصدار أمر إیقاف التنفیذ، ذلک ان المادة (144) من قانون العقوبات العراقی أوجبت على المحکمة ذکر ذلک من خلال النص على انه:" وعلى المحکمة أن تبین فی الحکم الأسباب التی تستند إلیها فی إیقاف التنفیذ".
الأمر بإیقاف التنفیذ الجزئی، ذلک أن سلطة المحکمة فی الأمر بالتنفیذ ینبغی ووفقا للنصوص القانونیة أن یکون على عموم العقوبة، ولا یجوز للمحکمة أن تقوم بتجزئة العقوبة، غیر أن ذلک لا یمنع من أن تقوم المحکمة بالإبقاء على العقوبات التبعیة أو التکمیلیة أو التدابیر الاحترازیة، إذ أن ما یعنینا فی هذا المجال هو العقوبة الأصلیة والمتمثلة بالحبس.
عدم استیعاب أمر إیقاف تنفیذ العقوبة لمشتملاته والمتمثلة بتحدید مدة إیقاف تنفیذ العقوبة، وهو ما أوجبته المادة (146) من قانون العقوبات العراقی والتی نصت على انه: "تکون مدة إیقاف التنفیذ ثلاث سنوات تبدأ من تاریخ الحکم". وبهذا الخصوص قررت محکمة التمییز بقرارها المرقم 24/أحداث/2015 فی 26/1/2015 الآتی:" قررت محکمة دیالى إدانة المتهم الحدث (هـ) وفق أحکام الأمر الثالث (القسم السادس / 2) الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) واستدلالاً بالمادة (77/أولاً- ب) من قانون رعایة الأحداث وحکمت بإیداعه مدرسة تأهیل الفتیان لمدة ستة أشهر مع احتساب موقوفیته، ولکونه لم یسبق ارتکابه جریمة وبغیة إعطائه فرصة لإصلاح نفسه، قررت المحکمة إیقاف تنفیذ العقوبة بحقه ثلاث سنوات ..."، وعند عرض القضیة على محکمة التمییز أصدرت القرار الآتی: "لدى التدقیق والمداولة وجد أن کافة القرارات التی أصدرتها محکمة أحداث دیالى بتاریخ 8/12/2004 فی الدعوى المرقمة 52/ح/2004 غیر صحیحة ومخالفة للقانون .... واقتضى التنویه إلى أن مدة إیقاف التنفیذ هی سنتین ولیس ثلاث سنوات عملاً بأحکام المادة 80/أولاً من قانون رعایة الأحداث رقم 76 لسنة 983، لذا قرر نقض کافة القرارات الصادرة فی الدعوى...".
خطأ محکمة الموضوع فی تقدیر أسباب الرأفة بالمحکوم علیه وهذا ما ذهبت ألیه محکمة تمییز إقلیم کردستان والذی جاء فیه: "إن استدلال المحکمة بالمادة 132 /3 عقوبات لفرض عقوبة مخففه على المتهم لا یجیز لها إیقاف تنفیذ تلک العقوبة لان إیقاف التنفیذ من قبیل تخفیف أخر للعقوبة، ولا یجیز القانون تخفیف العقوبة مرتین لصالح المتهم".
الخاتمـة
من خلال بحثنا فی موضوع إیقاف تنفیذ العقوبة تحت عنوان إیقاف التنفیذ احد بدائل العقوبة السالبة للحریة فی التشریع العراقی، توصلنا إلى العدید من النتائج والمقترحات من أبرزها ما یأتی:
أولاً: النتائج.
عالج المشرع العراقی أحکام إیقاف تنفیذ العقوبة - باعتبارها وسیلة للتفرید العقابی وهی صورة من صور البدائل التی أوجدها المشرع للتخلص من أضرار العقوبات السالبة للحریة قصیرة المدة تجاه المجرمین الأقل خطورة – فی قانون العقوبات، وکان الأجدر به أن ینظمها ضمن قانون أصول المحاکمات الجزائیة، وهذا ما یطلق علیه بالتداخل بین قانون العقوبات وقانون أصول المحاکمات الجزائیة.
استبعد المشرع العراقی صراحة إمکانیة تطبیق أحکام نصوص إیقاف تنفیذ العقوبة على جرائم المخالفات، رغم انها اقل خطورة من جرائم الجنح وجرائم الجنایات . کما واستبعد إمکانیة تطبیق أحکام إیقاف التنفیذ على عقوبة الغرامة، وهذا الأمر قد ینسف الغایة التی ابتغاها المشرع من تفعیل النظام.
إن إعمال نصوص إیقاف تنفیذ العقوبة جوازیة بالنسبة للمحکمة حتى وان توافرت کل شروطها التی حددها القانون، إذ أن ذلک یعود إلى قناعة المحکمة بذلک فهی مسألة تقدیریة.
میز المشرع فی المدة التی یبقى بها المحکوم علیه الذی صدر بحقه أمر إیقاف تنفیذ العقوبة، بین البالغ والحدث، إذ أن المدة هی ثلاث سنوات للشخص البالغ، وسنتان لغیر البالغ.
أن الأمر بإیقاف تنفیذ العقوبة یخرج عن إطار الفقرة الحکمیة الخاصة بالإدانة، وذا واضح من عبارة (...أن تأمر بالحکم نفسه بإیقاف تنفیذ...) إلا أنه لابد أن یصدر مع الحکم الذی تعلنه المحکمة، ولا یجوز ذلک بعد النطق بالحکم ذلک أن مجرد النطق بالحکم تکون المحکمة قد رفعت یدها عن الدعوى.
أن إیقاف التنفیذ یشمل العقوبات الأصلیة فقط دون العقوبات البدیلة التی یتم الحکم بها کبدیل لعقوبة الغرامة.
ثانیاً: المقترحات.
نرى ضرورة شمول جرائم المخالفات بنظام إیقاف تنفذ العقوبة، بالإضافة إلى شمول إیقاف التنفیذ لعقوبة الغرامة، ولذلک نقترح تعدیل نص المادة (144) من قانون العقوبات لتکون على النحو الآتی: "للمحکمة عند الحکم فی جریمة بالحبس مدة لا تزید على سنة أو الغرامة أو کلاهما أن تأمر فی الحکم نفسه بإیقاف تنفیذ...".
بما أن الغایة من وجود النظام هو المحافظة على المصلحة العامة والخاصة لذلک نقترح إطالة مدة إیقاف التنفیذ، وذلک بتعدیل نص المادة (146) من قانون العقوبات العراقی على النحو الآتی:" تکون مدة إیقاف التنفیذ خمس سنوات تبدأ من تاریخ الحکم".
نرى ضرورة أن یکون النص عاما بحیث یشمل العقوبات أیاً کان نوعها أصلیة أم بدیلة من خلال إعادة نص المادة (144) ورفع کلمة (أصلیة) لتکون على النحو الآتی:" ...وللمحکمة أن تقصر إیقاف التنفیذ على العقوبة أو تجعله شاملاً للعقوبات التبعیة والتکمیلیة والتدابیر الاحترازیة...".
بما أن لبعض الجرائم خطورتها البالغة على المجتمع مثل الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلی أو الخارجی وکذلک الجرائم المخلة بالشرف، لذلک نرى ضرورة أن یقید نص إیقاف تنفیذ العقوبة باستثناء الجرائم الماسة بالشرف والماسة بأمن الدولة الداخلی والخارجی.
لأهمیة تطبیق نظام إیقاف تنفیذ العقوبة بشکل سلیم وانسجاماً مع ما ذهبت إلیه الکثیر من التشریعات الجنائیة، نرى من الضروری أن ینص المشرع العراقی على أن یکون للمحکوم علیه محل إقامة معلوم إذا کان عراقی الجنسیة .
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
First: Books
1. Dr. Ibrahim Al-Sahmawi - Execution of Criminal Sentences and its Problems - Second Edition - Al-Safir Newspaper Press - No Year Printed.
2. Ibrahim Almashahdi, Legal Principles in the Judiciary of the Court of Cassation (Criminal Section), Al-Jahez Press, Baghdad, 1990
3. Dr. Bara Munther Kamal Abdul Latif, Explanation of the Code of Criminal Procedure - T5 - Yadkar - Sulaymaniyah - 2016.
4. Jawad Al-Rahimi - Rules of invalidity in the Code of Criminal Procedure - II - Legal Library - Baghdad -2006.
5. Dr. Mahmoud Naguib Husni, Explanation of the Penal Code General Section, Fifth Edition, Arabic Renaissance House, Cairo, Egypt, 1982.
6. Soliman Abdel-Moneim, Principles of Criminal Criminal Law, Legal House, Alexandria, 2002.
7. Abdul Amir al-Ukaili - The Foundations of Criminal Proceedings in the Code of Criminal Procedure Part II - Second Edition - Al-Ma'arif Press- Baghdad- 1974.
8. Dr. Adnan al-Duri, The Flag of Punishment and the Treatment of Offenders, i.
9. Dr. Ammar Abbas Al-Husseini, Principles of Criminology and Punishment, Halabi Publications 2016.
10. Dr. Ammar Abbas Husseini, Special Punitive Deterioration and Correctional Treatment Systems, Al-Halabi Rights Publications, 2017.
11. Dr. Omar Salem, New features of the system of suspension in criminal law, 1, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1998.
12. Dr. Fadhel Zidan Muhammad, Penalties Against Freedom - Comparative Study, Police Press, Baghdad, 1982.
13. Dr. Mahmoud Mahmoud Mustafa, Explanation of the Penal Code (General Section), I 10, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1983
14. Dr. Mohammed Maarouf Abdullah, Knowledge of Punishment, Legal Library, Baghdad. 1982.
15. Dr. Maher Abdul Shweish Aldra, General Provisions in the Penal Code, 2, University of Mosul, 2011.
16. Dr. Mrouk Nasreddine, Lectures in Criminal Evidence, C1, General Theory of Criminal Evidence, Arab Renaissance House, 1983.
17. Mohsen Naji, General Provisions of the Penal Code, I 1, Al-Ani Press, Baghdad, 1974.
18. Muhammad ibn Abi Bakr bin Abdul Razzaq al-Razi, Mukhtar al-Sahah, Dar al-Kitab al-Arabi, Beirut, 1981.
19. Dr. Mohammed Chalal Habib, Criminal Risk (Comparative Study), Dar al-Risala for Printing, Baghdad, 1980.
20. Dr. Mohamed Ali al-Kik, The Court of Cassation's Control of Causing Criminal Sentences, Radiation Press, Alexandria, 1989.
Second: Letters and university letters.
1. Obaid Zwash Rabia, precautionary measures, PhD thesis, Faculty of Law and Politics, University of Mentori-Constantine, 2007.
2. Hassouni Jassim, nullification of preliminary investigation procedures, Master's thesis, Faculty of Law and Politics, University of Baghdad, 1983.
3. Abdullah bin Ahmed Al-Diri, Termination of Punishment in the Saudi and Egyptian Law, Master Thesis, Naif Arab University, 2006.
4. Amadeed Elective, Parole System in Algerian Legislation Comparative Study, Master Thesis, Faculty of Law and Political Science, Eltaher Moulay - Saida, 2005.
5. Sara Qrayemes, The Criminal Judge's Power in Sentencing, Master Thesis, Faculty of Law, University of Algiers, 2012.
6. Maiza Reza, System of Punishment in the Light of Modern Penal Policy, Master Thesis, Faculty of Law, University of Algiers, 2007.
7. Nawal Ghorab, Suspension of Punishment in Algerian Penal Code, Master's Thesis, Faculty of Law and Political Science, Khidr University, Biskra, 2016.
8. Hani Yunis Ahmad Al-Jawadi, The Court of Cassation on the authority of the Criminal Judge in the Estimation of Evidence (Comparative Study), Master Thesis, Faculty of Law, Mosul University, 2015.
Third: Scientific Research.
1. Fahad al-Kasabah, Methods and Controls of the Judiciary's Discretionary Jurisdictional Jurisdiction, Dirasat Journal, Shari'a and Law Studies, Vol. 42, no. 20, 2015.
2. Saddam Khazal Yahya, Comments on Judgments and Judicial Decisions, Rafidain Journal of Rights, vol. 13, no. 49, year 16.
3. Mark Fahmi, The Object of Cassation Related to the Subject, Journal of Law, No. 3, Year 11, 1993.
Fourth: Laws
1. The Egyptian Penal Code No. (58) for the year 1937 amended.
2. The Syrian Penal Code No. 148 of 1949 amending.
3. The Libyan Penal Code No. (48) for the year 1956.
4. Kuwaiti Penal Code No. (16) for the year 1960 amending.
5. Jordanian Penal Code No. (16) for the year 1960
6. Iraqi Penal Code No. 111 of 1969 amending.
7. The Law of the Foundations of Iraqi Criminal Courts No. (23) of 1971 Amended.
8. Bahraini Penal Code No. (4) of 1976 amending.
9. Iraqi Judicial Organization Law No. (160) for the year 1979 amending.
10. Juvenile Welfare Act No. 76 of year 983, amended 0
11. Algerian Penal Code No. (23) for the year 2015 amended.
Fifth: Periodicals.
1. Iraqi Chronicle No. 4201.
2. Journal of Legislation and Judiciary No. 3.
Sixth: Sources of the International Internet Network.
1. Ali Fadel Jassim, The Estimate of the Court of the Topic in Stop the Execution of Punishment, p. 31, research published on the Internet at www.googl.com.
2. Mohammed Ahmed Al-Majali, The Execution of Punishment in the Jordanian Penal Code No. 16 of 1960, Comparative Study, p. 12, published research on the Internet, the Electronic Law Guide. The last review of the site 12/7/2018. on the link:
www.arablawinfo.com.
Seventh: Foreign sources.
1- Eric Carpano - Etat de droit et droits européens. Collection Logiques Juridiques،2005.
أولاً: الکتب
ثانیاً: الاطاریح والرسائل الجامعیة.
ثالثاً: البحوث العلمیة.
رابعاً: القوانین
خامساً: الدوریات.
سادساً: مصادر الشبکة الدولیة للانترنت.
سابعًا: المصادر الاجنبیة.
1- Eric Carpano - Etat de droit et droits européens. Collection Logiques Juridiques،2005.