الملخص
یسلط هذا البحث الضوء على واحدة من أکثر الموضوعات أهمیة والتی تتمثل بسفر احد الحاضنین بالمحضون وقد اجتذب هذا الموضوع کثیرا من الاهتمام فی الوقت الراهن للظروف التی یمر بها العراق، التی أجبرت العدید من الناس على السفر إلى الخارج ومن ذلک سفر احد أبوی المحضون المنفصلین بعضهما عن البعض الآخر.وماله من تأثیر على حق احدهما فی الحضانة ومنه حق الأم فی الاحتفاظ بالحضانة، وهو ماستوضحه هذه الدراسة بالتمییز بین أنواع السفر، و تأثیر کل نوع على قدرة الأم فی الاحتفاظ بحقها فی الحضانة من عدمه. اذ یختلف السفر الدائم للاستقرار فی أثاره عن السفر المؤقت لغرض الحج أو العمرة، او للسیاحة، وبیان ذلک هو ماسنوضحه من إجراء المقارنة فی الفقه والقانون کلیهما ولاسیما أن قانون الأحوال الشخصیة العراقی جاء خالیا من أی نص ینظم هذه المسالة، فی حین عالجت التشریعات العربیة الأخرى مثل الأحوال الشخصیة السوری والإماراتی اغلب ماتعلق بها من أحکام تدعوهذه الدراسة إلى الاعتداد بالمناسب منها للقضاء على التضارب فی الأحکام القضائیة الصادرة عن المحاکم العراقیة.بهذا الخصوص.
الموضوعات
أصل المقالة
أثر السفر بالمحضون على حق الأم فی الاحتفاظ بالحضانة دراسة فقهیة قانونیة مقارنة-(*)-
The impact of the mother's travel on the child on the mother's right to custody - a comparative jurisprudence study
نادیا خیر الدین عزیز کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Nadia Khair ElDin Aziz College of law / University of Mosul Correspondence: Nadia Khair ElDin Aziz E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 28/11/2013 *** قبل للنشر فی 13/1/2014.
(*) Received on 28/11/2013 *** accepted for publishing on 13/1/2014.
Doi: 10.33899/alaw.2018.160795
© Authors, 2018, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یسلط هذا البحث الضوء على واحدة من أکثر الموضوعات أهمیة والتی تتمثل بسفر احد الحاضنین بالمحضون وقد اجتذب هذا الموضوع کثیرا من الاهتمام فی الوقت الراهن للظروف التی یمر بها العراق، التی أجبرت العدید من الناس على السفر إلى الخارج ومن ذلک سفر احد أبوی المحضون المنفصلین بعضهما عن البعض الآخر.وماله من تأثیر على حق احدهما فی الحضانة ومنه حق الأم فی الاحتفاظ بالحضانة، وهو ماستوضحه هذه الدراسة بالتمییز بین أنواع السفر، و تأثیر کل نوع على قدرة الأم فی الاحتفاظ بحقها فی الحضانة من عدمه. اذ یختلف السفر الدائم للاستقرار فی أثاره عن السفر المؤقت لغرض الحج أو العمرة، او للسیاحة، وبیان ذلک هو ماسنوضحه من إجراء المقارنة فی الفقه والقانون کلیهما ولاسیما أن قانون الأحوال الشخصیة العراقی جاء خالیا من أی نص ینظم هذه المسالة، فی حین عالجت التشریعات العربیة الأخرى مثل الأحوال الشخصیة السوری والإماراتی اغلب ماتعلق بها من أحکام تدعوهذه الدراسة إلى الاعتداد بالمناسب منها للقضاء على التضارب فی الأحکام القضائیة الصادرة عن المحاکم العراقیة.بهذا الخصوص.
Abstract
This paper focuses on bringing to light one of the most important subject represented by traveling together with a child custody .This subject has attracted some attention in the present time due to the circumstances undergone by Iraq which forced many people to travel abroad whether the traveler is the father or the mother in custody who is separated from her husband . The paper expounds the impact of traveling on the mother's right to custody through distinguishing types of travel, and the impact of each type on the mother's capability of maintaining custody. The provision of traveling for the purpose of settlement differ from the provisional traveling for the purpose of pilgrimage to Mecca , or trip, which will be explained by the study through resorting to Islamic law compared with the legislative texts of which the Iraqi legislation in the personal status law is devoid . While other Arab legislation such as the Syrian and the Emirate personal status laws have tackled them thoroughly. The scope of this paper will highlight the provisions related to this subject through making a comparison between what is reliably enshrined in jurisprudence and law and what is mostly forwarded by some school having related provisions.
المقدمــة
تعد الحضانة واحدة من أهم الحقوق التی اقرها الشرع للطفل ونظم الفقه والقانون کلیهما عدیدا من أحکامها بوصفها نوعا من أنواع الولایة التی اقرها الشرع والقانون للحاضن السلطة التی یتولى بموجبها تربیة الطفل ورعایته والقیام بتدبیر شؤونه وتحقیق مصالحه التی تتکامل عادة بما یستلزمه تحقیق ذلک من أمور منها توفیر النفقة للمحضون متمثلا بالمأکل والملبس، والمکان الملائم لسکناه مع حاضنه بوصفه من سیقوم بتأدیة هذه المهمة التی تتمثل بالرعایة لهذا المحضون، رعایة یفترض استمرارها حتى بعد انفصام العلاقة بین أبوی المحضون لیکون بینهما تحت رعایة کلیهما على وفق مایمر به من مرحلة عمریة تفترض وجوده تحت رعایة النساء أولا، ثم الرجال عند توفر شروط انتقالها تحقیقا لمصلحة المحضون التی تقتضی الرعایة والاهتمام المتواصلین بغض النظر عن مکان وجود المحضون عند الأم أو الأب، وهذا مانص علیه المشرع العراقی فی المادة(57/4)، التی بین فیها طبیعة مهمة الأب المتمثلة بالنظر فی شؤون المحضون وتربیته وتعلیمه حتى إتمامه العاشرة من العمر، وهو مایتطلب التواجد والحضور لتحقیق هذه الرعایة، ولنقف أمام التساؤل الأتی الخاص بمدى تأثیر سفر الحاضن فی الحیلولة من تحقیق هذه الرعایة متى کانت الأم هی المسافرة من ناحیة؟ وعلى حق الأم فی الاحتفاظ بالحضانة من عدمه بسبب سفرها،أو سفر ولی المحضون من الناحیة الأخرى؟، وهل یختلف اثر هذا السفر على حق الأم بالحضانة باختلاف نوع السفر ؟ بیان ذلک هو، ماستعالجه وتوضحه الدراسة فی هذا البحث .
أهمیة اختیار الموضوع:
1. تأتی أهمیة الموضوع من حیث التعرف على موقف الفقه والقانون کلیهما فیما یتعلق بالأحکام الخاصة بأثر السفر بالمحضون.
2. عدم تطرق المشرع العراقی للأحکام التی تتعلق بمسالة السفر بالمحضون فی إطار نصوص قانون الأحوال الشخصیة العراقی، فعلى الرغم من بیانه للبعض من الأحکام الخاصة برؤیة المحضون من الطرف الذی لایثبت له الحق فی الحضانة، إلا انه لم ینظم مایتعلق بالسفر وأنواعه وأثره على الحضانة، فی حین ان بعض قوانین الأحوال الشخصیة للدول العربیة تناولت عدیدا من هذه الأحکام، مما دفعنا إلى البحث فیها وبیانها ولدعوة المشرع العراقی إلى الاعتداد بالملائم منها.
3. ماتثیره طبیعة الظروف التی مر ویمر بها العراق التی فرضت على عدید من الناس الهجرة إلى الدول الأخرى، إذ قد یکون المهاجر هو الأب فی الغالب والطفل فی حضانة الأم فهل تنتقل حضانة هذا الطفل إلیه أم تبقى للام ؟ وقد یکون المسافر الأم المطلقة التی إما أن تسافر مع أهلها الذین ترکوا البلد بسبب الظروف الأمنیة، أو لاسباب اخرى تتعلق بعملها او تتعلق بالخشیة على حیاتها وحیاة أطفالها، لذا یمکن أن تثار المشکلة إذا کان الأب فی العراق ولا یستطیع أو لایفضل مغادرة العراق .
4. مایثیره هذا الموضوع من تساؤلات تحتاج إلى إجابة تتوضح فی هذا البحث منها:
أ_ تشترط بعض القوانین فی حال أن سافرت الأم بالمحضون استحصال موافقة الأب، فهل تقتصر على الموافقة الشفهیة أم یجب أن تکون تحریریة؟
ب _هل یشترط القانون الحصول على الأذن فی الحالات کلها، أم فی بعضها؟
ج _هل ینحصر الأذن بالأب أم یمکن أن یشترط وفی حالات معینة وجوب استحصال الأذن من الأم؟
منهجیة البحث:
1 .نتبع فی هذا البحث المنهج التاصیلی والمقارن، فی التطرق إلى موقف الفقه الإسلامی وقوانین الأحوال الشخصیة، کقانونی الأحوال الشخصیة السوری والإماراتی، مع التطرق الى موقف القضاء من خلال بلوقوف على أهم القرارات القضائیة العراقیة والعربیة.
2. الاستعانة بالأحکام الشرعیة الموجودة لقدری باشا لما تمثله من خلاصة مقننة للوارد فی الراجح عن المذهب الحنفی، وهو مایعتد به المشرع السوری عند عدم النص، وهو احدى أهم المذاهب التی یعتد بها المشرع العراقی فضلا عن بقیة المذاهب.
هیکلیة البحث:
للإحاطة بهذا الموضوع والاحکام التی یتعلق بها،سنتناوله فی إطار المباحث الثلاثة الآتیة:
المبحث الأول: ماهیة السفر بالمحضون.
المبحث الثانی: السفر بالمحضون عند قیام الزوجیة وأثره على استمرار الحضانة.
المبحث الثالث: السفر بالمحضون عند انحلال الزوجیة وأثره على استمرار الحضانة.
المبحث الأول
ماهیة السفر بالمحضون
یقتضی تحدید ماهیة السفر بالمحضون، بیان تعریفه فی اللغة، والاصطلاح، لنقف بعد ذلک على أهم أنواعه على وفق مااعتمده الفقه من تقسیم یتعلق بمسالة السفر بالمحضون وأثره على الحضانة فی المطلبین الآتیین:
المطلب الأول
تعریف السفر وأنواعه
یتناول هذا المطلب بیان التعریف بالسفر فی کل من اللغة والاصطلاح فضلا عما یتعلق بأبرز انواعه على وفق مایتفق والسفر بالمحضون فی الفرعین الآتیین:
الفرع الأول
تعریف السفر
أولا: السّفَرَ لغة:" قطع المسافة، وجمعه أسفار وهو مشتق من السفیر، وهو الظهور والکشف؛ یقال: أسفرت المرأة عن وجهها إذا کشفته وأظهرته، وأسفر الصبح إذا أضاء وانکشف، وهو خلاف الحضر (أی الإقامة)، والجمع : أسفار، ورجل سفر، وقوم سفر: ذوو سفر، وسُمِّی السفر سفرا لأنه یُسفر عن وجوه المسافرین وأخلاقهم فیظهر ما کان خافیا منها.ویقال : سفرت أسفر سفورا خرجت إلى السفر فانا مسافر وقوم سفر،مثل صاحب وصحب وسفار مثل راکب ورکاب وسافرت إلى بلد کذا مسافرة وسفارا.
ثانیا: السفر اصطلاحا:
من ضمن ماعرف به السفر فی الاصطلاح، هو قول الجرجانی من انه: "الخروج على قصد مسیرة ثلاثة أیام ولیالیها فما فوقها بسیر الإبل ومشی الأقدام"، وهو هنا اعتد بما جاء عن الحنفیة من تحدید لزمن السفر أی الزمن الذی یعد فیه الشخص مسافرا فتتغیر على اثر اعتباره عدید من الأحکام الشرعیة، وعرف أیضا بأنه: "الخروج على قصد قطع مسافة القصر الشرعیة(أی ماتقصر به الصلاة) فما فوقها، أی" أن یخرج الإنسان من وطنه قاصدا مکانا یستغرق المسیر إلیه مسافة مقدرة عندهم، على اختلاف بینهم فی هذا التقدیر والمراد بالقصد: الإرادة المقارنة لما عزم علیه، فلو طاف الإنسان جمیع العالم بلا قصد الوصول إلى مکان معین فلا یصیر مسافرا، ولو أنه قصد السفر، ولم یقترن قصده بالخروج فعلا فلا یصیر مسافرا کذلک، لأن المعتبر فی حق تغییر الأحکام الشرعیة هو السفر الذی اجتمع فیه القصد والفعل، ویلحظ على ماتقدم من تعریف فقهی ولغوی للسفر، هو الاتفاق بینهما فی مسالة قطع المسافة التی اشترط لها الفقهاء اتجاه القصد فی قطع هذه المسافة نحو الارتحال من مکان لأخر، ویعدوا المعیار فی المسافة هی التی تقصر فیها الصلاة کمعیار لاعتبار الشخص مسافر أم غیر مسافر، ومن ثم رتبوا على ذلک جملة من الآثار _من ضمنها حق الحاضن فی اصطحاب المحضون فی السفر من عدمه وتعویلهم على المسافة إنما لما ترتبه من اثر على حق الأب فی رؤیة المحضون والإشراف علیه_ومع هذا الاتفاق بینهم فی أن السفر تترتب علیه عدید من الأحکام الشرعیة من ضمنها قصر الصلاة، إلا أنهم اختلفوا فی البعض من المسائل منها فی المعیار المعتد لا ان تعد الحاضنة أو الحاضن فی حالة سفر تفترض فی بعض حالاته انتقال الحضانة للطرف الآخر على اختلاف بینهم نستعرضه فی الآراء الآتیة:
الرأی الأول (للجمهور):
ذهب أصحابه إلى انه إن کانت المسافة مسافة القصر فما فوقها یعد مسافرا، وما دونها فی حکم الإقامة (هذا مذهب المالکیة والشافعیة والحنابلة)، وهی ما تفترض(أی ان تعد الحالة حالة إقامة)، بقاء حضانة الحاضنة للمحضون إذا ماتوفرت بقیة شروط الحضانة فیها.
الرأی الثانی (الحنفیة):
ذهب أصحابه إلى عدم تحدید مسافة بعینها فهم فعلى الرغم من اعتدادهم بالزمن فی تحدید ماتقصر به الصلاة وهو ثلاثة أیام، إلا أنهم لم یحددوا مسافة بعینها،اذ اعتدوا وفی نطاق السفر بالمحضون بمعیار بعد المکان وقربه عن بلد الأب، أی إذا کانت المسافة قصیرة أو طویلة، وان کان الأب بمقدوره العودة إلى مکانه فی ذات الیوم أم لا.
نجد مما تقدم من أراء أن الفقهاء، ومع هذا الاختلاف إلا أن الغالب منهم یتفق فی مسألة واحدة هی الحیلولة من دون إبعاد المحضون عن ولیه، وعلى إشرافه علیه ورعایته له قدر الإمکان، وان تباینت المعاییر المعتمدة.
وترجیح رأی الحنفیة فی ظل التطور فی وسائل النقل هو مایمکن الاعتداد به، إذ لم یحدد الحنفیة مسافة بعینها لقیاس القرب والبعد، لذا یمکن الاعتداد به وتقدیر ذلک یعود للقاضی، فمتى کان بمقدور الأب رؤیة المحضون ذهابا وإیابا والعودة فی الیوم ذاته اذ لایلحقه ضرر کبیر بالسفر لیس له أن یطلب نزع الحضانة من الأم وتبقى محتفظة بها مادامت محتفظة ببقیة الشروط، وهو مانرجحه من رأی نتمنى على المشرع العراقی أن یعتد به، کی لاتأتی قراراته مدرجة انتقال الحاضنة لمحافظة أخرى فی القطر سببا من أسباب سقوط الحضانة ومنعها من السفر بالمحضون، کما سنجد فی البعض من القرارات.
إن مایهمنا من استعراض ماتقدم من أراء حول المسافة التی تقصر فیها الصلاة واختلاف الفقهاء فی تحدیدها (کمسافة أو زمن)، هو بیان مااعتد به کل مذهب من معیار لتحدید المسافة التی تعد بعیدة أم قریبة عن بلد الأب کمعیار للحکم بقرب المکان أم بعده، لما له من اثر على أهم الأحکام الشرعیة التی رتبوها على ذلک، ومن ضمنها مسالة سقوط حضانة الحاضن للمحضون من عدمها، وهل یسمح له فی حالات معینة ووفق ماحدد من مسافة فی حال أن لم یتجاوزها السفر به أم لا؟ واثر ذلک على مدى احتفاظه بالحضانة من عدمها، وذلک بناءً على ماوضعه کل مذهب من شروط وأحکام لتحدید مااتفقوا علیه من معیار للسفر متمثلا بمسافة قصر الصلاة، وان تباینوا فی تحدید هذه المسافة أو الزمن المقرر بالانتقال خلاله یومین، یوم ولیلة وهکذا، وماله من اثر فی ترتب هذا الحکم أم ذاک ومن ضمنها مایتعلق بالسفر بالمحضون ومدى الاحتفاظ بالحضانة من عدمه.
الفرع الثانی
أنواع السفر بالمحضون
یختلف السفر الذی تتغیر به الأحکام الخاصة بالحضانة وبمدى بقاء المحضون فی حضانة الحاضن من عدمه، أو انتقالها إلى حاضن أخر بأنواعه وأشخاصه المختلفة ممن لهم علاقة بالمحضون وهم من نقصد بهم حاضنیه، بین السفر الذی یقصد منه الحاضن الاستقرار فی المکان الذی یرید أن یسافر إلیه (السفر للنقلة)، وبین السفر المؤقت لحاجة یقضیها من ورائه ثم یعود کالتجارة أو الحج أو النزهة أو العلاج.
أولا: السفر للنقلة (الاستیطان، الإقامة)
السفر نقلة :من تنقل أی تحول "(نقل لغة): یعنی تحویل الشئ من موضع إلى موضع، نقله ینقله نقلا، فانتقل،والنقلة :الاسم من انتقال القوم من موضع إلى موضع . والنقیل:ضرب من السیر وهو المداومة علیه، ویقال انتقل سار سیرا سریعا"، وعلیه یمکن القول أن السفر نقلة، هو الذی یقصد منه المسافر الاستقرار فی المکان الذی یسافر إلیه ویقصده والإقامة فیه بتحوله من مکانه مکان إقامته الأصلی بدلا من وطنه الأصلی،وسواء أکانت المسافة قصیرة أم طویلة على اختلاف بین المذاهب فی تحدیدها.(وهنا عودة لتعریف السفر فی الاصطلاح وانه اتجاه القصد نحو الانتقال)، ولهذا النوع من أنواع السفر أحکام فیما یتعلق بالحضانة تختلف عن تلک التی تترتب فی النوع الثانی التی نوضحها لاحقا.
ثانیا: السفر المؤقت (سفر الحاجة)
بعد الاطلاع على ماجاء فی کتب الفقه القدیمة والحدیثة فانه یمکن استخلاص المقصود بالسفر المؤقت أو سفر الحاجة (بغض النظر عما إن کانت هذه الحاجة هی الزیارة أم التجارة أم النزهة أو العلاج)، هو: السفر الذی یغدو فیه المسافر ویروح أی یسافر ویعود ویکون سفره لتحقیق حاجة له من دون أن تتوفر لدیه نیة الاستقرار فی ذلک المکان إنما العودة لمکانه بعد انجازها.
وفی هذا النوع من أنواع السفر فان اغلب المذاهب الفقهیة میزت بینه وبین النوع الأول من أنواع السفر، ورتبت علیه جملة من الأحکام أهمها عدم سقوط حضانة الحاضنة، غالبا من ناحیة، وإبقاء المحضون مع المقیم من الوالدین دفعا للضرر الذی یمکن أن یلحقه من السفر علیه من الناحیة الأخرى (عند بعض المذاهب)، وبیان هذا التباین بین المواقف الفقهیة والقانونیة، هو ماسنوضحه لاحقا.
المطلب الثانی
تعریف الحضانة وشروط استحقاقها
سنتناول فی هذا المطلب التعریف بالحضانة فی اللغة والاصطلاح مع شروط استحقاقها فی الفرعین الآتیین:
الفرع الأول
تعریف الحضانة
أولا:_تعریف الحضانة لغة:
الحضانة من "( الـحِضْنُ ) مادون الإبط إلى الکشح (الجنب)، و(حضن) الطائر بیضه إذا ضمه تحت جناحه, و(حضنت)المرأة ولدها (حَضِانَةً )، وحضنت المرأة صبیّها إذا جعلته فی حضنها أو ربّته، و(حاضنة ) الصبی التی تقوم علیه فی تربیته , واحتضن الشئ جعله فی حضنه"، والحاضن والحاضنة هما الموکلان بالصبی یحفظانه ویربیانه" فهی للنساء فی وقت وللرجال فی وقت والأصل فیها النساء لأنهن أشفق وأرفق وأهدى إلى تربیة الصغار ثم تصرف إلى الرجال لأنهم على الحمایة والصیانة وإقامة مصالح الصغار اقدر.
ثانیا: تعریف الحضانة شرعا
من ضمن ماعرفت به الحضانة من تعریفات هو ماجاء عن الحنفیة وأنها: "ضمها (الحاضنة) إیاه (الصغیر)، إلى جنبها و اعتزالها إیاه من أبیه لیکون عندها فتقوم بحفظه و إمساکه و غسل ثیابه"، وأیضا، تعریف الجرجانی لها بأنها "تربیة الولد.".
ومع تعدد التعاریف التی وردت عن الفقهاء فیها إلا أن الاتفاق بینهم متعلق بجوهرها المتمثل بالحفظ والرعایة والتربیة والقیام بمصالح المحضون، وان تباینوا فی بیان من یخضع لها هل هو الصغیر فقط؟ کما هو اتجاه الحنفیة، أم یتعداه إلى من هو فی حکم الصغیر الذی لایستطیع أن یستقل بأموره بما یصلحه لعجزه بسبب الصغر أو العته والجنون، أو کبر، وهو اتجاه کلا من المالکیة، الشافعیة، الحنابلة.، وفی نطاق مانحن بصدده من موضوع یتعلق بالسفر بالمحضون فان مانرجحه من تعریف هو ماذهب الیه الحنفیة من تعریف واقتصار الحضانة على الصغیر عاقلا کان ام مجنونا.
ثالثا: تعریف الحضانة قانونا:
انفرد المشرع الإماراتی فی نص المادة (142) من قانون الأحوال الشخصیة الإماراتی، بتعریفه للحضانة عن کل من المشرعین السوری والعراقی، إذ عرفها بأنها: (... حفظ الولد وتربیته ورعایته بما لایتعارض مع حق الولی فی الولایة على النفس)، وما یلحظ علیه واشتماله لعموم ماتتضمنه الحضانة من مهمة تتفق مع مقتضاها المتمثل بحفظ المحضون وتربیته ورعایته، من ناحیة، وعلى حق ولی النفس فی تعهده من الناحیة الأخرى ومع عدم تعریفها من المشرع السوری والعراقی إلا أنه بین کلاهما البعض من أحکامها لاسیما المشرع السوری الذی نظم اغلب مایتعلق بها من أحکام تناولتها نصوص المواد(137_151)، والمشرع العراقی فی المادة(57)، من دون أن یغفل شراح القانونین کلیهما بیان مایتعلق بها من أحکام ومنها تعریفها، ومن ذلک تعریف الأستاذ الکبیسی لها بانها: "القیام بتربیة الطفل والتزام شؤونه ممن له الحق فی ذلک شرعا" مقتصرا وکما جاء عن الحنفیة وبأنها للطفل بسبب الصغر،فی حین عرفها مصطفى البغا بأنها: "تربیة من لایستقل بالقیام بمصالحه"، لیشمل بذلک کل من لایستقل بأمره معتدا برأی الشافعیة وأنها کما تشمل الصغیر تشمل غیره أیضا لاتحاد فی العلة وهی العجز عن النظر فی شؤون أنفسهم وحاجتهم للرعایة.
الفرع الثانی
شروط استحقاق الحضانة
للحفاظ على تربیة المحضون و تنشئته و تکوین شخصیته الخلقیة والدینیة و النفسیة یجب أن یکون من یتولى حضانته _ذکرا کان أم أنثى_ قد توفرت فیه الشروط التی من شأنها أن تتضمن تکوین المحضون و تربیته على الوجه المطلوب ومنها :القدرة على القیام بشؤون المحضون و الأمانة و الصیانة و الشفقة، ویشترط فی الحاضن أیضا العقل و البلوغ و الرشد، والاتکون الحاضنة متزوجة من أجنبی عن المحضون، وما قام علیه الاتفاق فی الفقه والقانون، هو تقدیم الأم على من سواها لأنها أولى الناس بکفالته إذا کملت الشرائط فیها ذکرا کان المحضون أم أنثى، وهذا قول الزهری والثوری ومالک والشافعیاستدلالا بحدیثه صلى الله علیه وسلم والذی رواه عبد الله بن عمر (رضی الله عنهما)، أن امرأة قالت: ((یارسول الله إن ابنی هذا کان بطنی له وعاء وثدی له سقاء وحجری له حواء وان أباه طلقنی وأراد أن ینتزعه منی فقال رسول الله صلى الله علیه وسلم أنت أحق به مالم تنکحی))، یستدل منه على أحقیة الأم، بالحضانة متى تمتعت بشروط استحقاقها، التی قد تتفق فیها مع الحاضن الذکر، وقد تختلف تبعا لخصوصیة کل منهما، فمنها ماهو عام من الشروط، ومنها ماهو خاص بالحاضن والحاضنة وفیما یاتی استعراض لأهمها، لنصل إلى مایتعلق بموضوع البحث_ فضلا عن ماینبغی أن یتوفر أیضا من شروط_ألا وهو شرط الإقامة فی بلد الأب إن کانت الأم هی الحاضنة (وغیر الأم أیضا من النساء)، کشروط نصت علیها بعض المذاهب الفقهیة منها ماهو متفق علیه ومنها ماهو یختلف فیه نوجزها فیما یأتی:
أولا: الشروط المتفق علیها والعامة فی الحاضن والحاضنة:
1_العقل،2_البلوغ،3_عدم زواج الحاضنة من أجنبی عن المحضون،4_الخلو من المرض الذی یضر بالمحضون،5_القدرة على القیام بشؤون المحضون ورعایته،6_الأمانة أی مأمونا على المحضون ولایهمله،7_العفة .
ثانیا: الشروط التی اختلفوا فیها:
1_ الإسلام فلا حضانة لکافر على مسلم؛ (عند الحنابلة والشافعیة والإمام مالک)، لأنه لا ولایة له على المسلم، وللخشیة على المحضون من الفتنه فی دینه وإخراجه من الإسلام إلى الکفر.
2_ الحریة إذ ذهب رأی (الحنابلة وشافعیة وحنفیة) إلى انه لاحضانة لرقیق، فی حین ذهب الرأی الأخر(المالکیة)، إلى عدم اشتراط ذلک إذ لم یذکروا هذا الشرط فی الحاضن).
2_ وأیضا اشترط المالکیة فی الحاضن الذکر أن یکون عنده من یحضن المحضون من النساء وإلا فلاحق له فی الحضانة، کما اشترطوا الإقامة (للحاضن والحاضنة)، أی أن لا یسافر الولی عن المحضون ستة برد فأکثر، وإلا کان لولیه أخذه من حاضنته ولها إتباعه إن شاءت وإلا سقطت حضانتها،(وهذا مااشترطه المالکیة من شرط)، وکذا الاتسافر هی عن بلد إقامة الولی وإلا سقطت حضانتها للمحضون.".
وبیان هذا الشرط، وما سیترتب على تحققه من عدمه، هو المعول علیه بالدراسة، وفی إطار هذا البحث، لبیان مدى احتفاظ الحاضنة بالحضانة واستمرارها بها من عدمه، ومع اتفاق المشرع العراقی مع بقیة مشرعی التشریعات المقارنة فی التطرق والنص على اغلب ماورد من شروط لاستحقاق الحضانة، واختلف المشرع العراقی عنهما فی مسالتین:
الأولى: عدم بیانه للشرط الخاص بالإقامة وأن مایترتب على اختلاله من اثر هو سقوط الحق بالحضانة کما جاء ذلک فی نص المادة (152/2) من قانون الأحوال الإماراتی إذ انفرد المشرع الإماراتی عن کل من السوری والعراقی فی الأتی:
1_ بیانه لما اشترطه المالکیة من شرط جاء تعبیر المالکیة عنه واضحا ومباشرا، ألا وهو شرط الإقامة فی بلد ولی المحضون . وإلا سقط حقه فی الحضانة، وهو ماانفرد بالنص علیه المشرع الإماراتی من بین القوانین محل المقارنة فی النص علیه مباشرة فی إطار النصوص الخاصة بأسباب سقوط الحق فی الحضانة، فی نص المادة (152/2) إذ نصت على حالات سقوط حق الحاضن فی الحضانة ومن ضمنها:1...2 _ إذا استوطن الحاضن بلدا یعسر معه على ولی المحضون القیام بواجباته).وهذا مااکده القرار الآتی الصادر عن محکمة تمییز دبی بالقاعدة القانونیة الآتیة:(إن حق الحاضنة یسقط إذا استوطن الحاضن بلدا یعسر معه على ولی المحضون القیام بواجباته......).
2_ التمییز بین الحاضن إن کان رجلا أم امرأة بعد التطرق العام للشروط المشترکة ومن ذلک ماتضمنه نص المادة (144/1/2) أحوال إماراتی التی نصت على انه: أ_ یشترط فی الحاضن زیادة على الشروط المذکورة فی المادة السابقة:1_ إن کانت امرأة : أ.تکون خالیة من زوج أجنبی عن المحضون دخل بها، إلا إذا قدرت المحکمة خلاف ذلک لمصلحة المحضون. ب_ أن تتحد مع المحضون فی الدین، مع مراعاة حکم المادة 145 من هذا القانون.2_ إن کان رجلا: أ_ أن یکون عنده من یصلح من النساء.ب_ أن یکون ذا رحم محرم للمحضون إن کان أنثى.ج_ أن یتحد مع المحضون فی الدین).
الثانیة: اقتصاره وأثناء بیانه لمستحقی الحضانة على الأب وألام، أو من تختاره المحکمة على وفق مایحقق مصلحة المحضون (إذا مااختلت فی أبویه شروط استحقاق الحضانة)، وإلا تضعه المحکمة بید حاضن أمین اوحاضنة، ولها إیداعه دور الحضانة المعدة من قبل الدولة وهذا ماتضمنته المادة (57/1/7/8)، فی حین بین المشرعان السوری فی المادة (139/1) ترتیب مستحقی الحضانة، والإماراتی فی المادة (146،147)، لذا اعطى المشرع العراقی القاضی فی ذلک السلطة التقدیریة الواسعة لتحدید من یستحق الحضانة من غیر الأم والأب وفق مایحقق مصلحة المحضون أولا وأخرا.
المبحث الثانی
السفر بالمحضون عند قیام الزوجیة وأثره على استمرار الحضانة
تتعدد الأحکام التی تتعلق بالحضانة ومنها :مکان الحضانة :أی المکان الذی تکون فیه الحاضنة وتحضن فیه المحضون، وهو عند قیام الزوجیة عادة مایکون بیت الزوجیة، وکذا حق الوالدین بحضانة الصغیر بوصفه حکما أخر من أحکام الحضانة.وما یثار من تساؤل هنا هل یحول هذا الحق المشترک بین الأبوین، احدهما فی أن یسافر بالمحضون بعیدا عن الآخر سواء أکان ذلک السفر نقلة لغرض الاستیطان، أم سفر مؤقت لنزهة أو علاج أو حج؟ وما اثر هذا النوع من أنواع السفر على الحضانة ؟ هذا ماتوضحه المطالب الآتیة:
المطلب الأول
السفر للإقامة وأثره على الحضانة (فقها وقانونا)
سبق ان وضحنا المقصود بهذا النوع من أنواع السفر، لنوضح فی الفروع الآتیة مایمکن أن یترتب علیه من اثر ینصب على الحضانة واستمرارها بالتمییز بین إن کان المسافر بالمحضون هی الزوجة بعیدا عن أبیه (زوجها)، أم الزوج وسفره بالمحضون بعید عن أمه (زوجته), فی الفقه والقانون کلیهما فی إطار الحالات الآتیة:
الفرع الأول
حالة إذا کانت الزوجة هی المسافرة بالمحضون
أولا:فی الفقه:
لیس للزوجة فی أثناء قیام الزوجیة حقیقة أو حکما (معتدة رجعیا لم تنقض عدتها) السفر بالمحضون لتعلق حق الزوج بها وبالمحضون، ولان الزوجة تتبع الزوج عادة فی أثناء قیام الزوجیة أینما کان_وهو مااعتد به الفقهاء قدیما وحدیثا وأکدوا علیه،_ ولاتوجد الإشارة إلیه واضحة ومباشرة فی بقیة المذاهب، إلا أننا وجدناها واضحة بما جاء عن الحنفیة بقدر ماهی علیه عند فقهاء الحنفیة، ومن ذلک ماجاء عن الکاسانی فی البدائع: "....إن أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذی هی فیه إلى غیره فللزوج أن یمنعها من الخروج سواء کان معها ولد أو لم یکن، لأن علیها المقام فی بیت زوجها، و کذلک إذا کانت معتدةً لا یجوز لها الخروج مع الولد وبدونه، ولا یجوز للزوج إخراجها لقوله عز و جل: "لا تخرجوهن من بیوتهن و لا یخرجن إلا أن یأتین بفاحشة مبینة"، ((سورة الطلاق:1)).
ثانیا:فی القانون:
إن الحکم بمنع الزوجة من السفر فی أثناء قیام الزوجیة دون أذن من الزوج هو ما أکده المشرعان الإماراتی والسوری کلاهما، إذ نصت المادة ( 150) من قانون الأحوال الإماراتی على انه: ((لیس للام حال قیام الزوجیة، أو فی عدة الطلاق الرجعی أن تسافر بولدها أو تنقله من بیت الزوجیة إلا بإذن أبیه الخطی)، وعلیه" تناول هذا النص سفر الأم أو انتقالها بالمحضون خلال قیام الزوجیة حقیقة أو حکما فاشترط للسفر أو النقلة من بیت الزوجیة إذنا کتابیا من الأب)، والنص على ذلک أیضا، هو مااعتد به المشرع السوری فی المادة (148/1) من قانون الأحوال السوری التی نصت على انه: (لیس للام أن تسافر بولدها إثناء الزوجیة إلا بإذن أبیه)، وان اختلفا فی مسالتین:
الأولى: عدم إشارة المشرع السوری بالنص لمسالة استحصال الأذن خطیا فی حین نص المشرع الإماراتی على ذلک وهو الأضمن، وان اعتد قضائه ( السوری) بمسالة استحصال الأذن کما ستتم الإشارة لاحقا.
الثانیة: لم یتطرق النص السوری إلى بیان حالة الطلاق الرجعی إن کانت معتدة منه فجاءت عبارته عامة.
لم یتطرق المشرع العراقی فی قانون الأحوال الشخصیة العراقی إلى بیان مایتعلق بمسالة سفر الزوجة بالمحضون ووجوب استحصالها الأذن من الزوج، فی حین جاءت الإشارة مباشرة إلى مایتعلق بذلک أثناء استخراجها لجواز السفر فی الفقرة (4) من تعلیمات إصدار جواز السفر المقروء ألیا وانه: ((_یتوجب على المرأة العراقیة المتزوجة إستحصال موافقة زوجها على منحها جواز السفر بعد أن یقدم زوجها مستمسکاته الثبوتیة وحضوره شخصیا إلى دائرة الجوازات الفرعیة لغرض اخذ البصمة الحیة )، وفی حال وجوده خارج العراق أیضا اشترطت موافقة الزوج ووفق ماجاء فی الفقرة (10): نصت على انه: (یتوجب على ولی الأمر المتواجد خارج العراق بإرسال موافقته على إصدار جوازات سفر لزوجته وأولاده المتواجدین داخل العراق عن طریق السفارة العراقیة فی ذلک البلد لغرض إرسالها إلى مدیریة شؤون الجوازات بعد تصدیقها من قبل وزارة الخارجیة/ دائرة التصدیقات)، اما الفقرة (7) فقد نصت على: (تقدیم المستمسکات الثبوتیة المنوه عنها فی الفقرة أعلاه بالنسبة لولی الأمر للأطفال دون سن 16 ستة عشر سنة وحضوره شخصیا أمام ضابط الجوازات فی الدائرة الفرعیة لغرض اخذ البصمة الحیة )، وفی ضوابط منح المرأة العراقیة الجواز فقرة..(9) من الضوابط.:.((لایجوز صرف جواز السفر الجدید للزوجة إلا بموافقة زوجها وأخذ التعهد الخاص بالموافقة على السفر))، إذ اشترط کلیهما استحصال موافقة الزوج على منحها جواز سفر واخذ التعهد الخاص بالموافقة علیه، ونتساءل هل یمکن للزوجة أو المطلقة الاعتراض على قرار المنع من السفر، وهل إن لمدیر الأمن الصلاحیة بمنع الزوجة من السفر بدون أذن الزوج یدخل ضمن صلاحیاته أم لا؟ یقتضی ذلک کله اقتراح النصوص الخاصة بتنظیم مسالة أذن الزوج أو الأب عند سفر الحاضنة_والذی یستخلص منه انه أناط مسالة استخراجها للجواز بإذنه فسفرها من باب أولى، وأیضا مایتعلق بإخراج جواز لطفلها وانه لایتم إلا بموافقة الأب التحریریة والولی الشرعی . لان ماجاء فی استحصال موافقة الزوج لاستخراج الجواز وان کان یمثل قرینة على موافقته على سفرها، لکننا نقول أنها قرینة قابلة لإثبات العکس، إذ قد یکون قد أعطى الموافقة للزوجة والصغیر باستخراج الجواز وحصل مباشرة التفریق فلا ینبغی أن نعتبر ذلک دلیلا على الموافقة، والأحرى أن ینص المشرع العراقی فی قانون الأحوال الشخصیة العراقی على هذه المسالة، وینظمها أسوى بالمشرع الإماراتی والسوری وتنظیمهم لها، ومع عدم نص المشرع العراقی على مایتعلق بهذه الحالة من أحکام، ومنها منع الزوجة من السفر إلا بعد استحصال الأذن، وبین القضاء العراقی فی بعض قراراته مایدل على الاعتداد بهذا القید والإشارة إلیه ومن ذلک ماجاء فی المبدأ الذی اعتمدته محکمة التمییز الاتحادیة: (على المحکمة التثبت من تأیید الحضانة (الذی طلبت الأم استحصاله)، لغرض مراجعة الدوائر الرسمیة داخل العراق ...(للحیلولة) دون السفر خارج العراق إلا بموافقة الزوج لذا قرر نقضه)، وأیضا بالاستدلال علیه مما جاء فی القرار الآتی الصادر عن محکمة التمییز وان جاء الحکم فیه وعلى ما یبدو باستناده لنص المادة (57/4) انه خاص بمرحلة مابعد الطلاق، وعلیه ففی أثناء قیام الزوجیة من باب أولى إذ جاء فیه: (لیس للحاضنة ألسفر بالمحضون إلى بلد آخر لغرض الاستیطان بحیث یتعذر على أب المحضون النظر فی شؤونه وتربیته وتعلیمه طبقا للفقرة الرابعة من المادة ( 57 ) المعدلة)، و تناولت النقض السوریة فی عدید من قراراتها الإشارة إلى الاعتداد بهذه الحالة بصورة مباشرة فی المبدأ القضائی الذی تضمنه القرار الآتی: (فی حال قیام الزوجیة تمنع الزوجة من الانتقال بابنها من موطن أبیه إلا بإذنه (.، ومایلحظ على هذا القرار انه جاء بتأکید ماورد عن الحنفیة من بیان لحالة انتقال الزوجة وسفرها بالمحضون فی أثناء قیام الزوجیة وانه لیس لها ذلک إلا بإذنه.
الفرع الثانی
حالة إذا کان الزوج هو من یرید السفر بالمحضون
أولا: فی الفقه
کما انه لیس للزوجة السفر بالولد سفر نقلة (أو مؤقت) إلا بإذن الزوج، کذا لیس للزوج السفر بالولد وان وجدت الإشارة إلیه واضحة عند الحنفیة،سواء من عموم ماجاء فی الاختیار من عبارة: "ولیس للأب أن یخرج بولده من بلده حتى یبلغ حد الاستغناء لما فیه من إبطال حق الأم من الحضانة ولیس للام ذلک إلا أن تخرجه لوطنها وقد وقع العقد فیه" أم من خصوص ماجاء عن ابن نجیم من عبارة:. "إلا إذا أذنت له بالسفر بهم وطلقها، فله أن لایحضرهم ویقال لها اذهبی أنت فخذیهم،إلا إذا کانت لم تأذن له فلیس له إلا أن یعیدهم". یستخلص من ذلک انه لایستطیع السفر بالصغیر إلا بعد أذن الزوجة لأنها أمه ومن لها حضانته فی حال الزوجیة وبعد انحلالها،مادامت محتفظة بشروط الحضانة.
ثانیا: فی القانون
لم یتطرق المشرعان السوری والإماراتی کلاهما إلى مسالة سفر الأب بابنه فی أثناء قیام الزوجیة، وهل یشترط لذلک استحصال موافقة الزوجة بوصفها الحاضنة له فی أثناء قیام الزوجیة أم لا؟ وهو اتجاه المشرع العراقی ایضا، إذ لم یبین حکم هذه الحالة فضلا عن سواها من الحالات المتعلقة بسفر الحاضن بالمحضون، إلا أن مایمکن استخلاصه من إطلاق العبارة الواردة عن المشرع السوری والإماراتی فی المادتین (150) من قانون الأحوال الشخصیة السوری التی نصت على انه: "لیس للأب أن یسافر بالولد فی مدة حضانته إلا بإذن حاضنته" والمادة (151/2) أحوال إماراتی التی نصت على انه:(لیس للولی أبا کان أو غیره أن یسافر بالولد فی مدة الحضانة الاباذن من تحضنه)، ومایلحظ علیه انه کما یشمل الحالة اللاحقة لانحلال العلاقة الزوجیة التی تشمل أیضا السابقة لها لاتحاد العلة وهی مصلحة المحضون فی بقائه مع أمه مادامت تحتفظ بشروط الحضانة بصورة عامة، وان المنع فیها للأب _ ولغیره من الأولیاء ایضا _ إذ لیس له السفر بالمحضون إلا بإذنها خطیا.
المطلب الثانی
السفر المؤقت وأثره على الحضانة (فقها وقانونا)
هو السفر الذی لایقصد منه الإقامة فی تلک البلاد إنما العودة الى محل إقامته الأصلی وهو قد یکون لزیارة، أو تجارة أو علاج، والسؤال هل لأحد والدی المحضون السفر به أم لا؟ وهل یؤثر سفر الحاضنة على حضانتها فی هذا النوع من أنواع السفر؟
هو مانتناوله على وفق الآتی:
الفرع الأول
حالة اذا کانت الزوجة هی المسافرة
أولا: فی الفقه
اقتصرت إشارة الفقهاء لسفر الحاضنة بالمحضون فی هذا النوع من أنواع السفر على حالة انحلال العلاقة الزوجیة، کانت الإشارة عامة عند الحنفیة فی أنواع السفر ویبدو انه اشتمل على النوعین کلیهما، إذ لیس للزوجة وفی کل حال سواء فی إطار هذا المذهب أو سواه أن تخرج فی أثناء قیام الزوجیة حقیقة أو حکما من دون إذن الزوج إعمالا لحق الزوج على الزوجة فی طاعته،وعدم الخروج دون إذنه، ومن ثم فخروجها للسفر من باب أولى یحتاج إلى استحصال هذا الأذن.
ثانیا: فی القانون
على الرغم من اغفال المشرع العراقی النص فی قانون الأحوال الشخصیة على وجوب استحصال الزوجة لأذن من الزوج عند السفر وهو مایجب النص علیه _ إلا أن نظام السفر وتعلیماته جاءت تضمن ذلک کما اشرنا سابقا_، ولاسیماأن القضاء العراقی أشار إلى المنع من ذلک ودلیله ماجاء فی المبدأ الأتی: (لیس للحاضنة السفر بالمحضونة خارج القطر , إذ أن ذلک یتعارض وحکم المادة57/4 من قانون الأحوال الشخصیة العراقی التی تعطی للأب النظر فی شؤون المحضون وتربیته وتعلیمه)، وبخلافه لو أذن لها فی السفر، أما إن لم یأذن فلیس لها ذلک. وهو مایدفعنا إلى دعوة المشرع العراقی النص على ذلک فی قانون الأحوال الشخصیة، مع إعطاء القاضی السلطة التقدیریة لتقدیر کل حالة وظروفها، وعلى ضرورة استحصال موافقة الزوجة على سفر الأب بالمحضون سواء بنص فی قانون الأحوال أو بتعلیمات تصدر عن دائرة الجوازات. فی حین نص کلا من المشرعین السوری فی المادة (148/1) أحوال سوری، والتی جاءت عامة من دون تمییز بین إن کان السفر دائم أم مؤقت . وکذا نص المشرع الإماراتی فی المادة (150) أحوال إماراتی على المنع ذاته من دون بیان لحالة إن کان السفر نقلة أم مؤقت إذ جاء النص مطلق والمطلق یجری على إطلاقه_ واشترط النص فضلا عن ذلک وخلافا للنص السوری أن یکون الأذن من الأب للام أذنا خطیا فی حین جاءت عبارة النص السوری مطلقة من دون تحدید وان اعتد قضائه بذلک._ فمنع الزوجة من السفر فی أثناء قیام الزوجیة من دون التمییز وفی حال قیام الزوجیة بین أنواع السفر، إنما جاء لان المنع دال على حق الزوج، فی منع الزوجة من الخروج سواء أکان السفر لزیارة أم لعلاج إلا بإذنه تطبیقا لحقه علیها فی طاعته، ویلحظ أن النص الإماراتی کان أکثر تحدید لحالات الخروج من بیت الزوجیة من المشرع السوری، إذ لم یقتصر المشرع الإماراتی على بیان منع الزوجة من السفر إلا بإذن الزوج، بل تضمن الإشارة إلى مجرد النقلة من بیت الزوجیة من مکان لآخر،وان لم یکن سفرا إلا بإذن الزوج.
الفرع الثانی
حالة إذا کان الزوج هو من یرید السفر بالمحضون
أولا: فی الفقه
فی حدود مااطلعنا علیه فی الفقه لم نجد من إشارة صریحة تتعلق بمسالة سفر الزوج سفرا مؤقتا بالمحضون فی أثناء قیام الزوجیة باستثناء ماجاء عن الحنفیة ومن ذلک ماجاء عن ابن نجیم وانه لیس له السفر بهم "إلا إذا أذنت له بالسفر وطلقها، فله أن لایحضرهم ویقال لها اذهبی أنت فخدیهم، إلا إذا کانت لم تأذن له فلیس له إلا أن یعیدهم". (ومایفهم من قوله ومافیه من دلالة على وجوب توفر شرط استحصال الأذن من الزوجة وإلا فلیس له بعد أن أخرجهم بدون إذنها إلا أن یعیدهم إلیها تطبیقا للقاعدة العامة فی الحضانة أثناء الزوجیة وأنها حق مشترک للابوین کلیهما، وعدم حق الولی السفر بالمحضون حتى یستغنی عن حضانة الحاضنة. ومن القیاس للوارد عن بقیة المذاهب وانه لیس له السفر به للعلة ذاتها فی أعلاه، لما یحققه المنع من غایة فی الحفظ لحق الحاضنة فی الحضانة، وحمایة للمحضون من خطر السفر.
ثانیا: فی القانون
على الرغم من عدم تطرق المشرعین السوری والإماراتی کلیهما إلى مسالة سفر الأب بابنه فی أثناء قیام الزوجیة بنص صریح، وهل یشترط لذلک استحصال موافقة الزوجة بوصفها الحاضنة له أثناء قیام الزوجیة أم لا؟ وهو مااتفق فیه وإیاهم المشرع العراقی إذ لم یبین حکم هذه الحالة فضلا عن سواها من الحالات المتعلقة بسفر الحاضن بالمحضون. إلا أن عموم النص للمادتین کلتیهما (150) أحوال سوری والتی نصت على انه: "لیس للأب أن یسافر بالولد فی مدة حضانته إلا بإذن حاضنته، والمادة(151/2) أحوال إماراتی التی نصت على انه: (لیس للولی أبا کان أو غیره أن یسافر بالولد فی مدة الحضانة إلا بإذن من تحضنه) تدلان على شمول المنع لانواع السفر کله بصورة عامة، والذی کما هو حق للحاضنة الأم فهو حق لغیرها من الحاضنات.
المطلب الثالث
الأثر المترتب على سفر الزوجة بالمحضون
بینا فیما تقدم انه فی حال سفر الزوج بالمحضون لایسقط حق الأم فی الحضانة متى کانت تحتفظ بشروطها، أما فی حال سفرها هی، فقد اختلفت التشریعات فی بیانها لأهم اثر مترتب على سفر الحاضنة فی أثناء قیام الزوجیة من دون أذن الزوج سواء أکان سفر نقلة أم مؤقت، ومدى حقها فی الاحتفاظ بالحضانة من عدمه، والمستخلصة من الوارد فی التشریعات، ومن القرارات القضائیة للتشریعات محل المقارنة والقضاء العراقی.وهو مانوضحه ببیان الاتجاهات فی ذلک:
الاتجاه الأول: ذهب إلى عدم النص على ان یعد السفر بالمحضون من مسقطات الحضانة.
هو اتجاه المشرع العراقی والسوری، إذ اتفق کلیهما فی عدم إدراج نص یتناول ان یعد السفر بالمحضون من أسباب سقوط الحضانة، ویمکن تلخیص اتجاه المشرع العراقی فی إطار المسالتین الاتیتین:
الأولى: عدم النص على مسقطات الحضانة (وکذلک هو اتجاه المشرع السوری) ضمن نصوص قانون الأحوال الشخصیة، إذ اقتصر المشرع العراقی فی المادة (57/2) على بیان الشروط الواجب توفرها فی الحاضنة، من البلوغ والعقل والأمانة ..وغیرها..تقابلها المادة (137) أحوال سوری، ولم یتضمن قانون الأحوال العراقی النص على حالة استحصال الأذن فی حال السفر_أما السوری فقد تضمن ذلک فی المادة (148) من دون النص مباشرة على ان یعد السفر مسقطا للحضانة فی حال عدم استحصال الأذن من الزوج._، وان عدمه یعد سببا مسقطا للحضانة، وان جاءت إشارة المشرع العراقی عامة فی الفقرة السابعة من المادة والإشارة إلى انتقال الحق للأب حال فقدان الام احد شروط الحضانة، أو وفاتها ومن رجوعنا لهذه الشروط لم نجد من إشارة لما یتعلق بالسفر من أحکام.
ثانیا: لم یعد القانون العراقی النشوز بسبب خروج الزوجة _وفق مایتعلق بموضوع الخروج والسفر_ دون أذن الزوج سببا مسقط للحضانة،إنما اعتبر السفر بالمحضون من دون استحصال الأذن هو السبب فی سقوطها، والدلیل هو فی ماجاء عن المشرع من نص فی ان یعد النشوز بسبب خروج الزوجة دون أذن الزوج وبغیر وجه شرعی مسقطا لحقها فی النفقة لاغیر،ودلیله فی المادة (25/1/أ) التی نصت على انه یحکم بنشوز الزوجة : (إذا ترکت بیت الزوجیة بلا إذن وبغیر وجه شرعی)، وقد وجدنا ومن خلال اطلاعنا على أکثر من قرار خاص بالنشوز، ما جاء فیها من إشارات للحکم بالنفقة للأطفال الذین فی حضانة الأم على أبیهم، ومن ذلک استخلصنا أن النشوز لایعد سببا مسقطا للحضانة، وهو المفهوم من الوارد فی القرارین الآتیین: (...إن المحکمة قد ردت دعوى المدعیة بالنفقة لأنها ترکت بیت الزوجیة بلا أذن وبغیر وجه شرعی إعمالا لأحکام المادة 25/1 من قانون الأحوال الشخصیة وقضت بالنفقة لولدیها فیکون قراره صحیحا..)، وأیضا(...وان المطلقة تجب لها نفقة العدة على زوجها وان کانت ناشزا .وللدعوى الحادثة للمطالبة بمصاریف العملیة للصغیرة..وحیث أن نفقة الصغیر على أبیه مالم یکن عاجزا..)، ومنهما نستخلص أن المحکمة فصلت بین النشوز، وبین الحق فی الحضانة فلم تحکم بإسقاطها لنشوز الزوجة، إنما لسفرها بالمحضون من دون أذن الأب وعدم العودة به على الرغم من مطالبة الأب للام بذلک، فیحکم بسقوط الحضانة عنها لأنها عارضت حقین، حق الزوج کزوج علیها طاعته، وحقه کاب له الحق فی الإشراف على ابنه ورعایته والنظر فی شؤونه وحضانته لأن الحق فی الحضانة فی أثناء قیام الزوجیة ثابت لکلیهما، والحکم بسقوط حقها فی الحضانة إنما بسبب سفرها دون إذنه ورفضها للعودة، وهو مااکدته محکمة التمییز الاتحادیة فی القرار الآتی والذی جاء فی حیثیاته: (.....باعتبار أن سفر الحاضنة بالمحضون إلى خارج بلده الأصلی یسقط حضانتها لأنه یتعارض مع مااجمع علیه الفقهاء المسلمین فی أحقیة الأب النظر فی شؤون المحضون وتربیته وتعلیمه.وحیث أنها سافرت للأردن بالمحضون دون موافقة زوجها ولم تعد بالمحضونة للقطر مما یسقط حضانتها لهذا السبب قرر نقض القرار الحکم الممیز )، وهذا ماجاء عن محکمة النقض السوریة أیضا من مبدأ فی القرار الآتی: "(لیس لأم الأولاد غیر المطلقة أن تنتقل بالأولاد من موطن حضانتهم إلا بإذن الأب، لما کان الحکم الشرعی فی موضوع هذه الدعوى هو أن الحاضنة إذا کانت أم الأولاد وزوجة للأب غیر مطلقة فلیس لها أن تنتقل بالأولاد من موطن حضانتهم إلا بإذن الأب على أیة حال کان سفرها وذلک لأن قرارها فی منزل الزوجة حق لزوجها الذی هو أبو الأولاد فلا تضیعه إلا بإذنه وإن خالفت سقط حقها فی الحضانة)"، وفی قرار أخر لها لم تعتبر النشوز بسبب خروج الزوجة سببا مسقطا للحضانة _أیضا بصورة عامة کاتجاه القضاء العراقی._إنما سببا للحکم بالنشوز لالسقوط الحق فی الحضانة بصورة عامة، ویبدو ذلک من إعمال للمادة (145) أحوال سوری، التی نصت على انه: (إذا نشزت المرأة وکان الأولاد فوق الخامسة کان للقاضی وضعهم عند أی الزوجین شاء على أن یلاحظ فی ذلک مصلحة الأولاد بالاستناد إلى سبب موجب.( إذ من مفهوم المخالفة لها لایحکم وبموجب هذا النص بسقوط حق الأم فی الحضانة، وان کانت ناشزا مادام الأطفال دون سن الخامسة،أما فوق هذا السن فقد أعطى المشرع السوری للقاضی السلطة التقدیریة فی إبقائها من عدمه، لذا جاءت قرارات المحکمة متباینة فی الإبقاء على حق الأم بالحضانة،أم الحکم بسقوطها بناء على النشوز فی حال أن کان لمجرد خروجها من منزل الزوجیة من دون اذن،ام بسبب خروجها مع السفر بدون أذن الزوج.،وفیما یلی عرض لبعض المبادئ التی اعتدت بها هذه المحکمة فی هذا الخصوص:
1_ الحکم بنشوز الزوجة، مع نزع المحضون من یدها ویسلم للأب، إذا خرجت وسافرت به من دون إذنه، إلا إذا أثبتت استحصالها الأذن من الأب. أو بإذن من القاضی بصفته الولائیة فی حال غیاب أبیه لم تسقط حضانته..، فالسفر هنا من دون أذن الزوج، هو السبب فی إسقاط الحضانة عن الأم.
2_ یسقط سفر الحاضنة بالصغیر حقها بالحضانة إذا أصرت على السفر به، وإن الإصرار لا یتحقق إلا بسبق المنع من الولی للحاضنة بعد السفر ومخالفتها للمنع ثم السفر به،اذ یشیر القضاء فی هذا القرار إلى أن إصرار الزوجة على السفر بعد المنع هو السبب فی الحکم بإسقاط الحضانة لان فیه إصرار على النشوز.
3_ على القاضی ما دامت العلاقة الزوجیة قائمة أن یتحرى عمَّا هو أصلح للأولاد الذین تجاوزوا الخامسة من العمر سواء بضمهم لأبیهم أو لأمهم بعد ثبوت النشوز أما من دون ثبوت نشوز الأم فإن بقاء الأولاد بحجرها هو الصحیح.
4_ للصغیر الذی لم یتجاوز الخامسة من العمر واجب البقاء فی حجر حاضنته بقوة القانون حتى وإن کانت ناشزاً.
منه نستدل أن الحکم بالنشوز لایمنع من حضانة الزوجة للأطفال ماداموا لم یتجاوزوا الخامسة من العمر.إذ میز المشرع السوری بین إن کان الطفل فوق سن الخامسة أم من دونه، وکأنه یقول أن النشوز بصورة عامة سبب لسقوط الحضانة إلا أن تغلیب مصلحة المحضون من دون سن الخامسة هو المرجح تحقیقا لمصلحته.
الاتجاه الثانی: النص على ان یعد السفر للاستیطان بعیدأ عن بلد ولی المحضون سببا لسقوط الحضانة.بصورة عامة.
هو اتجاه المشرع الإماراتی فی المادة (152/2) إذ نص على ان یعد استیطان الحاضن بلدا یعسر معه على ولی المحضون القیام بواجباته مسقطا للحضانة.من ناحیة، ومن الناحیة الثانیة لم یدرج أیضا ان یعد النشوز سببا مسقط للحضانة، فی إطار مابینه فی نص المادة(152)، وبیانه لمسقطات الحضانة،ولم یدرج اعتبار خروج الحاضنة بالمحضون من أسباب الحکم بالنشوز،إلا انه ومن القاعدة العامة فی خروج الزوجة من دون إذن الزوج تعد ناشزا وفق الوارد فی المادة (71/2) التی جاء فیها :(إذا ترکت بیت الزوجیة دون عذر شرعی)،کسبب من أسباب الحکم بنشوز الزوجة.
المبحث الثالث
السفر بالمحضون عند انحلال الزوجیة وأثره على استمرار الحضانة
یختلف السفر نقلة عن السفر المؤقت فیما یترتب على کل منهما من اثر على الحضانة ومدى احتفاظ الام بها من عدمه، وهو ماسنوضحه من خلال التمییز بین أنواع السفر فی المطالب الآتیة:
المطلب الأول
السفر بالمحضون سفر نقلة
یقتضی بیان ذلک منا التمییز بین شخص المسافر إن کانت الحاضنة أم الحاضن فی الفرعیین الآتیین:
الفرع الأول
حالة سفر الحاضنة بالمحضون سفر نقلة
ماقام علیه الاتفاق فی الفقه، هو عدم السماح للحاضنة السفر بالمحضون، سفر نقلة بعد انحلال العلاقة الزوجیة، بعیدا عن بلد أبیه وأولیائه لإخلال ذلک بحقهم فی رؤیته ورعایته والإشراف علیه، إلا عند توفر شروط معینة، وفی إطار حالات معینة اختلف الفقهاء فی بیان مایتعلق بکل حالة منها،على تفصیل عند المذاهب، نوضحه على وفق الآتی:
مذهب الحنفیة.
القاعدة العامة عند المذهب انه لیس للأم الانتقال بالمحضون بعیدا عن بلد الأب، لإخلال ذلک بحقه فی رؤیة المحضون ورعایته، حتى وان کان ذلک البلد هو الذی وقع فیه عقد زواجها، ولم یکن بلدها ولابلد أبو المحضون على الرأی الغالب عندهم ،"لأنه إذا لم یقع عقد الزواج فی بلدها لم توجد دلالة الرضا بالمقام فی بلدها فلم یکن راضیاً بحضانة الولد فیه ولم یکن راضیاً بضرر التفریق"،ومع هذا فقد أعطى الحنفیة الحق للام بالانتقال بالمحضون والاحتفاظ بالحضانة فی حالتین:
الحالة الأولى: حالة الانتقال دون الحاجة لأذن من الأب.
بیان ذلک نجده واضحا فی البدائع للکاسانی إذ جاء فیه: "إن أرادت أن تخرج إلى بلدها و قد وقع النکاح فیه فلها ذلک مثل أن تزوج کوفیة بالکوفة ثم نقلها إلى الشام فولدت أولاداً ثم وقعت الفرقة بینهما و انقضت العدة فأرادت أن تنقل أولادها إلى الکوفة فلها ذلک، لأن المانع هو ضرر التفریق بینه و بین ولده و قد رضی به لوجود دلیل الرضا و هو التزوج بها فی بلدها، لأن من تزوج امرأة فی بلدها فالظاهر أنه یقیم فیه، و الولد من ثمرات النکاح فکان راضیاً بحضانة الولد فی ذلک البلد فکان راضیاً بالتفریق إلا أن النکاح ما دام قائماً یلزمها إتباع الزوج، فإذا زال فقد زال المانع"، وعلیه فان للام وبموجب ماجاء عن الحنفیة الانتقال من بلد لآخر، حتى وان کان من دون أذن الأب فی الحالات الآتیة:
1_ أن یکون البلد الذی ترید أن تنقل إلیه الولد بلدها، وقد وقع عقد الزواج فیه، ولو کان بعید إلا إذا کانت البلد دار حرب وهو مسلم أو ذمی، فتمنع للضرر الذی یلحق الولد نتیجة تخلقه بأخلاقهم..
2 _ إن کانت المسافة قریبة بحیث یقدر الأب أن یزور ولده ویعود إلى منزله قبل اللیل فلها ذلک، لأنه لا یلحق الأب ضرر کبیر بالتنقل اذ یکون بمنزلة التنقل إلى أطراف البلد.
والاعتداد برأی الحنفیة فی ذلک هو ماأخذ به المشرع السوری فی المادة (148/2) التی نصت على انه: (2_للام الحاضنة أن تسافر بالمحضون بعد انقضاء عدتها دون أذن الولی إلى بلدتها التی جرى فیها عقد نکاحها). وأضاف فی الفقرة التالیة: (ولها أن تسافر به داخل القطر إلى البلدة التی تقیم فیها أو البلدة التی تعمل فیها لدى أی جهة من الجهات العامة شریطة أن یکون احد أقاربها المحارم مقیما فی تلک البلدة)، وما یلحظ على المشرع السوری، هو اعتداده بما جاء عن الحنفیة فی مسالة السفر لمحل إقامتها إن کان قد عقد فیه زواجها، وأضاف والانتقال أیضا إلى محل إقامتها وان لم یعقد فیه زواجها، وکذا محل عملها متى کان ذلک داخل حدود الدولة، ومایلحظ علیه مراعاته للحاضنة، وان لاتبعد عن محل إقامة أهلها ولا عن محل عملها لکونه مصدر رزقها بشرط إقامة احد محارمها فی ذات المحل.والى ذلک ذهب المشرع الإماراتی أیضا فی مسالة إعطاء الأم الحق فی الانتقال داخل الدولة من بلد لأخر(إمارة لأخرى)، دون استحصال الأذن لکن بشروط تضمنتها المادة(150/2) وهی: (...إذا لم یکن فی هذا النقل إخلال بتربیة الصغیر ولم یکن مضارة للأب وکان لایکلفه فی النقلة لمطالعة أحوال المحضون مشقة أو نفقة غیر عادیتین)، وهو بذلک جاء بقیود أوسع من تلک التی أتى بها المشرع السوری جامعا بین رأی الجمهور فی عدم المضارة، ورأی الحنفیة فی عدم تکلفة الأب أو تعرضه للمشقة غیر العادیة، رغبة منه فی تحقیق مصلحة الحاضنة فی الانتقال، ومصلحة المحضون فی إبعاد کل مامن شانه أن یخل بتربیته، ومصلحة الأب فی عدم تکبد المشقة.
الحالة الثانیة: حالة الانتقال المشروط بإذن الأب.
1_ للام وبناءً على الإذن المستحصل من الأب، الانتقال بالمحضون متى أذن لها الأب بالانتقال بغض النظر عن قرب المسافة أو بعدها لأنه بالإذن یسقط حقه ،لذا یمکن لها أن تنتقل داخل الدولة، أو خارجها على وفق مااعطاها الأب من أذن فی السفر بالمحضون لغرض النقلة.
2_ الحالة الأخرى هی حالة" الانتقال بالولد من مصر إلى قریة فلا تمکن منه الأم بغیر أذن الزوج ولو کانت القریة قریبة مالم تکن وطنها وقد عقد علیها فیه، أی من المدینة إلى القریة. وأیضا من قریة إلى المدینة، أو من قریة لقریة بعیدة..
والاعتداد بالحالة الأولى هی ماوجدنا إشارة المشرع الإماراتی إلیها واضحة فی نص المادة (149) التی نصت على انه: (لایجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة إلا بموافقة ولی النفس خطیا وإذا امتنع الولی عن ذلک یرفع الأمر إلى القاضی)، وهی بذلک تمثل تطبیقا لما جاء عن الحنفیة من شرط فی ضرورة استحصال الحاضنة للإذن من الأب، ونظمه المشرع الإماراتی فاشترط الأذن الخطی لأنه الأضمن، وما یحول من دون حصول النزاع حول صدوره من عدمه _خلافا للسوری الذی اکتفى بإیراد الشرط دون اشتراط أن یکون الأذن خطیا، وان کانت طبیعة المسالة تفترض أن تکون الموافقة خطیة، إلا انه ینبغی النص علیه کی لایکون عدم النص ذریعة للتلاعب فی مسالة صدور الموافقة من عدمها ومایتبعه من مسالة فی وجوب الإثبات_ فضلا عن إعطائه للقاضی وفی حال اعتراض الحاضنة على منعها من السفر السلطة التقدیریة، لیقدر الحکم على وفق طبیعة الحالة المعروضة، وعلى وفق مایحقق ویتفق مع مصلحة المحضون أولا وأخرا. وهو ماتبنته محکمة تمییز دبی من قاعدة: (إذ،أعطى المشرع المحکمة السلطة فی تقدیر مبررات الحاضنة فی السفر نقلة أو مؤقت، والأسباب التی یستند إلیها ولی النفس فی ا لامتناع عن ذلک، والحکم بان سفر الحاضنة بالمحضون لایسقط حقها فی حضانة الصغیر، متى کان المحضون غیر ضائع عندها ومفاده أن سقوط حق الحاضن لیس هو السفر بحد ذاته، وإنما المناط فیه هو تعارض ذلک مع مصلحة المحضون) ، واذا رأت المحکمة أن مصلحة المحضون تقتضی سفره مع أمه لاتسقط حقها بالحضانة،بغض النظر عن نوع السفر، وهو اتجاه جدیر بالاعتبار .
ثانیا: الشافعیة
القاعدة العامة عند الشافعیة والمالکیة والحنابلة)،هی انتقال الحق فی الحضانة للأب، حفظا للنسب ورعایة لمصلحة التأدیب والتعلیم وسهولة الإنفاق، وان کانت الأم هی الحاضنة _ والتی لیس لها على وفق هذا المذهب _الحق فی الاستمرار بالحضانة حال السفر نقلة سواء أکان المسافر هو الأب أم أن المسافرة هی الأم،إلا أن لها ذلک فی الحالات الآتیة:
1_ إذا کانت المسافة لأقل من المسافة التی تقصر فیها الصلاة، إذ یعد کالانتقال من محلة لأخرى من البلد المتسع فی احد الآراء عنهم.
2_ إذا انتقلت مع أولیاء المحضون(أب أو سواه)،إلى البلد الذی انتقلوا إلیه بالمحضون.
3_ عند رجوع الأب بالمحضون (أو الأولیاء) إلى بلد الأم .
4_ إذا کان سفر الأب إلى بلد حرب، وکذا إن کان الطریق غیر امن، وهناک من أضاف الحر والبرد الشدیدین وقیده الاذرعی :إذا کان الولد یتضرر أما إذا حمله فیما یقیه فلا،وکذا لو کان انتقاله بالبحر.لذا یلحظ على ماجاء عن الشافعیة انهم:
1_ أشاروا إلى عودة حق الأم متى رجع أولیاء المحضون من السفر، وکذا لو انتقلت هی إلى المکان نفسه وکانت صاحبة الحق بالحضانة.
2_ میزوا بین أنواع السفر،وعلیه ففی سفر النقلة الأب هو الأولى سواء الأب هو من انتقل أم الأم،أم کلیهما،.حفظا للنسب.بشروط:امن الطریق،وامن البلد، وإلا یقر عند أمه(من مفهوم المخالفة یکون عند الأم إن کان الأب مسافر سفر نقلة لبلد غیر مأمون وطریق غیر مأمون)، وهو مایدل على أنهم قدموا مصلحة المحضون ومصلحة حفظه على انتقال الحق بالاستحقاق للحضانة بالسفر إن کان الطریق غیر مأمون.
ثالثا: المالکیة
میز المالکیة بین أنواع السفر ورتبوا الأثر المختلف على کل نوع الحاضنة سفر النقلة أثره هو فی انتقال الحضانة للأب وکذا الأولیاء وسقوط حق الأم بالحضانة_وهو یتفق والشافعیة فی ذلک_ کقاعدة عامة سواء أکان من ینتقل هوا لأب أم الأولیاء أم الأم، إلا فی حالات معینة تبقى الأم محتفظة بحقها فی الحضانة منها:
1_ إذا کان انتقال الأم إلى بلد قریب مسافته البرید ونحوه اذ یستطیع أباه وأولیائه استقصاء أخباره.
2_ إذا لم تکن للأب أو الأولیاء القدرة المالیة على رعایته، وبخلافه تنتقل الحضانة من الأم إلى الأب أو الأولیاء فی حال سفر الأم سفر نقلة تزوجت الأم أم لم تتزوج.
رابعا: الحنابلة
للسفر نقلة فی إطار المذهب الحنبلی جملة أثار من ضمنها انتقال الحضانة من عدمها، والحکم ببقاء الحضانة للام متى کانت هی الحاضنة فی فترة حضانتها للولد، وان سافرت سفر نقلة من بلد الأب لبلد أخر شرطه هو:
_ امن الطریق، وأن تکون مسافته لأقل من مسافة القصر، وان لایکون القصد مضارة الطرف الأخر،وکذا تحتفظ بالحضانة فی الحالات الآتیة:
1_ إن کانت هی منتقلة والأب أیضا منتقل إلى بلد واحد.
2_ وکذلک إن أخذه الأب لافتراق البلدین ثم اجتمعا عادت إلى الأم حضانتها وغیر الأم ممن له الحضانة من النساء یقوم مقامها وغیر الأب من عصبات الولد یقوم مقامه عند عدمهما أو کونهما من غیر أهل الحضانة.، لذا فالقاعدة العامة عند الحنابلة وما تمثل محل الاتفاق بینهم وبین الشافعیة والمالکیة هی فی انتقال الحق فی الحضانة للأب أو الأولیاء، إلا فی حالات معینة اشرنا إلیها، وما یلاحظ علیه هو:
1_ اتفاقه مع ماجاء عن الحنفیة فی انه إن کانت المسافة قریبة ویستطیع الأب رؤیة ولده کل یوم تبقى الحضانة للحاضنة.
2_ اتفاقه مع ماجاء عن الشافعیة فی ان تعد المسافة القریبة لأقل من مسافة القصر کالإقامة ومن ثم تأخذ حکمها فی عدم إسقاط حضانة الأم متى کانت هی الحاضنة، وهو قول بعض أصحاب الشافعی لان ذلک فی حکم الإقامة فی غیر هذا الحکم فکذلک فی هذا ولان مراعاة الأب له ممکنة.
ونخلص من کل ماتقدم أن الأثر المترتب على سفر الحاضنة وکقاعدة عامة فی ظل ماورد فی الفقه هو سقوط حقها فی الحضانة بسبب السفر نقلة، إلا فی حالات معینة مشروطة بشروط معینة اعتدت بعض التشریعات بها من دون البعض الأخر، وهو ماوضحناه سابقا.
الفرع الثانی
حالة سفر الحاضن بالمحضون سفر نقلة
الفقهاء فی مسالة سفر الحاضن باتجاهین:
الأول: احتفاظ الأم بحقها فی الحضانة (للحنفیة).
القاعدة العامة عند الحنفیة هی انه لیس للأب أن یسافر بالولد سفر نقلة من دون أذن حاضنته مادامت تحتفظ بشروط الحضانة "إذ یمنع الأب من إخراج الولد من بلد أمه بلا رضاها مادامت حضانتها، فان اخذ المطلق ولده منها لتزوجها بأجنبی وعدم وجود من ینتقل إلیه حق الحضانة جاز له أن یسافر به إلى أن یعود حق أمه، أو من یقوم مقامها فی الحضانة".
لذا فان للأب أن یسافر بالولد سفر نقلة فی حالة سقوط حق الحاضنة بالحضانة لزواجها من أجنبی وعدم وجود من یقوم مقامها من النساء وبخلافه تبقى الأم محتفظة بحقها بالحضانة أو من یقوم مقامها أی إذا بقیت تحتفظ بشروطها، ولیس له أن ینقل الولد معه لتعارض ذلک مع حقها.
واتجاه الحنفیة فی ضرورة استحصال الأذن من الحاضنة فی حال سفر الأب لغرض الاستیطان،هو مااعتد به المشرعان السوری فی المادة (150) من قانون الأحوال الشخصیة السوری والمادة (151/2) من قانون الأحوال الشخصیة الإماراتی.
الاتجاه الثانی : هو اتجاه (المالکیة والحنابلة والشافعیة) الذی یذهب إلى سقوط حق الحاضنة بالحضانة بغض النظر عن شخص المسافر أن کانت الأم أم الأب. ، وتفصیله ماجاء عنهم فی الآتی:
أولا: الشافعیة
أن القاعدة العامة عند الشافعیة فی حال السفر نقلة سواء أکان المسافر هو الأب أو الأم انتقال الحضانة للأب، وهذا هو أهم اثر رتبه المذهب على هذا الانتقال وشروطه:
1_ ألایکون انتقال الأب إلى بلد حرب، وان یکون الطریق والبلد امنین ولا فی الحر والبرد الشدیدین وکان یتضرر منهما، إلا إذا حمله فی شی یقیه ذلک، وکذلک لیس له نقله بالبحر.
2_ أن تکون المسافة الخاصة بالانتقال للبلد الأخر، مسافة القصر فأکثر وإلا بقیت الحضانة للام فی بعض الأقوال عنهم (الأصح انه لافرق).
ودلیل مااعتد به المذهب فضلا عن ماتقدم هو ماجاء عن الإمام الشافعی فی کتابه (الأم) عندما سأل عن أی الأبوین أحق بالولد إذا أرادا احدهما السفر" قال: وإذا أراد الرجل أن ینتقل عن بلد الذی نکح به المرأة کانت بلده وبلدها أو بلد أحدهما دون الآخر، أو لم تکن فسواء، والأب أحق بالولد مرضعاً کان أو کبیراً_فی حین وجدنا إشارة الشر بینی إلى شرط التمییز وعلیه فان کان رضیعا أو قبل التمییز لاینقله الأب معه_أو کیف ما کان. وکذلک قرابة الأب وإن بعدت، والعصبة إذا افترقت الدار أولى، فإن صارت الأم أو الجدات معهم فی الدار التی یتحول بهم إلیها، أو رجع هو بهم إلى بلدها، کانت على حقها فیهم".
ومایلحظ عماجاء عنهم :
1_ لم یقصر الشافعیة هذا الحق على الأب فقط إنما تعداه إلى قرابته وان بعدت، وذلک أبو الأب. قال: وکذلک العم وابن العم وابن عم الأب، والعصبة یقومون مقام الأب إذا لم یکن أحد أقرب منهم مع الأم وغیرها من أمهاتها (وهنا اتفقوا کما سنرى مع المالکیة).
2_ فی السفر نقلة وان کان الأب هو المسافر، لیس له أن یأخذ الصغیر إذا انتفت شروط الأمان فی البلد الذی یرید أن ینتقل إلیه.
ثانیا: المالکیة والحنابلة
رتب المالکیة على السفر نقلة الأثر فی انتقال الحضانة للأب بوصفه قاعدة عامة سواء أکان سفر النقلة من قبله أم من قبلها إذ جاء عن شهاب الدین فی إرشاد السالک "..ولولیه الرحلة به فی سفر النقلة لاغیره لا لها .."، متى کان الطریق مأمونا والبلد المسافر إلیه مأمونا ایضا، وبخلافه یبقى المحضون مع المقیم من الأبوین فی السفر نقلة، إن کان الطریق مخوفا والبلد غیر امن، وهو مااعتد به الحنابلة أیضا، إذ أعطى المالکیة الحق للأب بالسفر بالمحضون وکذا الأولیاء _وهو یتفق والشافعیة فی إعطاء الحق لهم_ حتى وان کانت الأم موجودة ولم تتزوج بشرط أن تکون للأب أو الأولیاء القدرة المالیة على رعایته وللام إن شاءت إتباع المسافر (أبا کان أم ولیا)، إن أرادت أن تبقى لها الحضانة. واتجاه الجمهور فی إسقاط حضانة الأم المبانة هو مااعتد به المشرع الإماراتی من مفهوم المخالفة لنص المادة (151/2) متى تحققت شروط إعمالها المستخلصة من النص الذی جاء فیه:(لایجوز إسقاط حضانة الأم المبانة لمجرد انتقال الأب إلى غیر البلد المقیمة فیه الحاضنة إلا إذا کانت النقلة بقصد الاستقرار ولم تکن مضارة للام وکانت المسافة بین البلدین تحول دون رؤیة المحضون والعودة فی الیوم نفسه بوسائل النقل العادیة)، ومایلحظ علیه هو انه اعتد بکل من رأی المالکیة والحنفیة فی النص على هذه الشروط. وعلیه ومع اعتداده برأی الجمهور کقاعدة عامة إلا انه لم یحکم بسقوط حضانة الحاضنة الأم (فقط) لمجرد انتقال الأب إلى غیر البلد المقیمة فیه الحاضنة،إنما إذا کانت النقلة بقصد الاستقرارولم تکن مضارة للام، وکانت المسافة بین البلدین تحول من دون رؤیة المحضون والعودة فی الیوم نفسه بوسائل النقل العصریة، وهذا مااکده قضاء التمییز فی دبی بموجز القاعدة الآتیة:(إسقاط حضانة الأم المبانة فی حال انتقال الأب إلى غیر البلد المقیمة فیه وامتناعها عن الانتقال إلیه،شروطه. م (151) احوال شخصیة، وقد تحققت فی الدعوى المقامة ماتقدم من شروط فی أعلاه، إذ انتقل الأب إلى السعودیة لغرض العمل والإقامة والمسافة بین دبی المقیمة فیها المستأنفة والعربیة السعودیة تحول من دون رؤیة المحضونة والعودة فی الیوم نفسه بوسائل النقل العادیة المتاحة لکافة الناس،علیه قررت المحکمة تأیید الحکم المستأنف بإسقاط حضانة الطاعنة لابنتها الصغیرة......)، وعلیه جاء الحکم بإسقاط الحق بالحضانة بعد التأکد من تحقق مانصت علیه المادة (151)، فی حین حکمت فی دعوى أخرى ونتیجة لاختلال احد هذه الشروط بعدم سقوط حضانة الأم (انتقال الأب إلى غیر البلد المقیمة فیه الأم المبانة .إسقاطه لحضانة الأم.شرطه.م 151/3.ثبوت أن نقله الأب لم تکن بغرض الاستقرار.أثره رفض طلب إسقاط الحضانة)، وهو اتجاه القضاء فی سوریا أیضا، وتطبیقا لما ورد فی المادة(148) أحوال سوری، والحکم بسقوط حضانتها إن أصرت على السفر بالمحضون دون أذن أبیه کما جاء فی القرار الاتی: (على القاضی أن یأمر الحاضنة بحضانة البنت فی بلد الأب فان أصرت على السفر من بلده اسقط الحضانة عنها وأسندها إلى من یلیها فی الحضانة ولیس له أن یقیس سفر الأب على سفرها للفارق بین الأمرین)، أما قانون الأحوال الشخصیة العراقی فمع انه لم ینظم مایتعلق بسفر المحضون من أحکام، إنما أحال ذلک لاحکام الشریعة وقضاء الدول المجاورة فیما لانص فیه بموجب المادة (الأولى) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی والمتضمنة لأحکام الإحالة للشریعة الإسلامیة ومبادئها، وقضاء الدول المجاورة فیما لانص فیه، إلا اننا وجدنا إلاشارة من القضاء العراقی بمنع الحاضنة من السفر بالمحضون _(معتدا برأی الجمهور فی ذلک)_ داخل البلد وخارجه وذلک فی العدید من القرارات التی جاءت متباینة فی بعض الأحیان، إذ لم یمیز القضاء بین إن کان السفر فی نطاق محافظات القطر، اوخارجه فی بعض الاحیان، إذ منعت عدید من قراراته ، لأسباب عدیدة منها:
1_ مراعاة مصلحة المحضون، کما فی القرار الآتی"رفضت المحکمة انتقال الأم بالأولاد إلى مدینة أخرى مراعاة لمصلحتهم کی لایبعدوا عن أشقائهم ).
2_ مراعاة حق الأب فی رؤیة المحضون ومشاهدته للإشراف علیه، وهو ماتضمنه القرار الأتی:(لیس للام إخراج المحضون إلى مکان بعید عن والده ابعد من مسافة القصر لکی یتمکن الأب من مشاهدته)، وفی قرار أخر: (لیس للوالدة أخذ ولدها الذی فی حضانتها إلى المدینة التی یسکنها أهلها بعیدا عن مدینة والد الطفل الذی طلقها)، والذی یفهم منه انه یشیر إلى مدینة داخل القطر لاخارجه _ وان کان إلى خارجه فهو یعتد برأی الجمهور فی الانتقال _ وان کان إلى بلد أهلها اذ یبدو مراعاة لحق الأب فی مشاهدة المحضون متى شاء، ودلیله ان یعد القضاء لهذا الحق للأب هو فی القرار الأتی:( لیس للحاضنة ألسفر بالمحضون إلى بلد آخر لغرض الاستیطان بحیث یتعذر على أب المحضون النظر فی شؤونه وتربیته وتعلیمه طبقا للفقرة الرابعة من المادة (57) المعدلة).
وعدم تمییز القضاء العراقی بین السفر داخل القطر وخارجه، هو ماجاء مخالفا لاتجاه التشریع والقضاء السوری والإماراتی فی التمییز، وفیما یتعلق بالسفر خارج العراق وجدنا وفی البعض من القرارات بوصفه مبدأ عاما انه یعتد برأی الجمهور ویتفق واتجاه المشرع الإماراتی فی ضرورة الحصول على إذن من الأب بالسفر إلى الخارج، من ذلک ماجاء عن محکمة التمییز الاتحادیة من اتجاه أصبح کمبدأ قضائی تضمنته العدید من القرارات فی دعاوى تثبیت الحضانة إذ بدأت تورد العبارة الآتیة :(على انه لایحق لها السفر بالمحضونین خارج العراق الابموافقة والدهم المدعى علیه)، وأیضا الحکم بإسقاط الحضانة عن الأم بسبب السفر من دون أذن الأب، ومن ذلک ماجاء فی هذا القرار :(..الحکم بإسقاط حضانة الحاضنة للمحضونة من والدتها بسبب سفرها خارج العراق إلى احد الدول الأوربیة بعد عام 2003 لکونها طبیبة....دون استحصال الأذن والموافقة من والد المحضون عند رغبتها بالسفر خارج العراق).، وکان الأولى بالقضاء العراقی أن یتجه اتجاه المشرع السوری والإماراتی فی التمییز بین إن کان انتقال الحاضنة الأم إلى خارج العراق أم بین المحافظات وعدم الحکم بإسقاط الحضانة عنها فی حال انتقالها فی داخل المحافظات_ حتى وان کان ذلک هو اتجاهها فی بعض القرارات _ أسوة بالمشرعین السوری والإماراتی، لذا ندعو المشرع العراقی والقضاء فی العراق إلى الاعتداد بالوارد عن ماجاء عن المشرع السوری فی نص المادة (....148/2،3..)، التی أعطت الأم،وألام العاملة حق الانتقال بالمحضون إلى محل إقامتها، وهو عادة مکان أهلها بعد طلاقها أو مکان عملها لأنه لایتناقض مع مصلحة المحضون ولامصلحة الحاضنة ولا الأب الذی یستطیع أن یتابع المحضون ویراه، وما ذهب إلیه الحنفیة من بقاء حق الأم بالحضانة وعدم السماح للأب السفر بالمحضون بعیدا عن أمه، وهو لایزال فی فترة حضانتها، لاسیما فی حال عدم زواجها هو مانرجحه من رأی یتفق ومصلحة الصغیر کقاعدة عامة والحاضنة أیضا، وعلیه نقترح الأخذ برأی الحنفیة فی الاحتفاظ بالحق بالحضانة عند توفر شروط ماتقدم من حالات (فی المذهب)، والأخذ بمعیار بعد المسافة وقربها على وفق وسائل النقل المتاحة العادیة، والافضل مراعاة حالة الأب أیضا فان کان لدیه الإمکانیة فی الانتقال من مکان لأخر والمسالة بالنسبة له أمر معتاد، من ناحیة وللقاضی السلطة التقدیریة فی تقدیر تحقق هذا الشرط من عدمه، من ناحیة ثانیة إعطاء الحق للام فی الاحتفاظ بالحق بالحضانة فی حال انتقالها إلى أیة محافظة من محافظات القطر إن کان محل إقامة أهلها ومحل عملها الذی قد یکون قد انتقلت إلیه بعد انحلال الزواج.
المطلب الثانی
السفر بالمحضون سفرا مؤقتا (لحاجة)
یتناول هذا المطلب بیان مایتعلق بالسفر المؤقت للاب او الام کلیهما، واثر ذلک على مدى احتفاظ الام بالحضانة من عدمه،وهل یستوجب هذا النوع من السفر استحصال أحد الابوین المسافر بالمحضون اذن الاخر ام لا؟ هذا ماسنوضحه فی الفرعین الآتیین:
الفرع الأول
حالة سفر الأم لحاجة
الفقهاء فی هذا النوع من أنواع السفر، وحق الأم بالاحتفاظ بالحضانة باتجاهین:
الاتجاه الأول: احتفاظ الأم بالحضانة، (حنفیة،مالکیة )، بغض النظر عن إن کان الأب أم الأم هم المسافرین، وان اختلفوا فی مسالة التمییز بین أنواع السفر من عدمه، إذ لم نجد من تمییز عند الحنفیة بین أنواع السفر اذ یشیر ماورد فی أکثر مؤلفاتهم إلى سفر النقلة سواء أکان للام أم للأب، أما مااتفقوا فیه فهو فی القاعدة العامة، وانه متى کانت الحاضنة تحتفظ بشروط الحضانة والصغیر فی حضانتها لیس للأب أن یأخذه منها سواء لسفره أو سفرها قاعدة عامة إلا فی حالات معینة تمت الإشارة إلیها سابق، ودلیل ماجاء عن المالکیة من تمییز بین أنواع السفر والحکم وکقاعدة عامة فی حال السفر لحاجة کنزهة أو تجارة أو زیارة باحتفاظ الحاضنة بحقها فی الحضانة سواء کانت هی المسافرة أم الولی، وهو ماورد عن الخرشی: "..إن کان السفر تجارة ونزهة فلا تسقط حضانة الحاضن بسفر بل تأخذه إن قرب الموضع ولایاخذه الولی من حاضنته"، ومع اختلاف فقهاء المالکیة فی المسافة المعتدة للسفر إلا أنهم اتفقوا فی بقاء حق الحاضنة متى کان السفر لحاجة فضلا عن توافر بقیة الشروط من امن البلد والطریق.وهذا التمییز بین السفر نقلة والسفر لحاجة فی الأثر،هو مااعتد به قضاء محکمة تمییز دبی فی دولة الإمارات العربیة المتحدة، على الرغم من أن إشارة المشرع للمنع من السفر جاءت مطلقة ودون التمییز بین أنواعه فی مسالة استحصال الأذن، وذلک فی المادة (149) التی اشترطت لسفر الحاضن خارج الدولة موافقة ولی النفس خطیا، وفی حال امتناعه (أی الولی) عن ذلک یرفع الأمر إلى القاضی، إذ أعطت هذه المادة القاضی السلطة التقدیریة تبعا لکل حالة، ودلیل هذا فی المبدأ الوارد فی القرار الأتی: (حریة السفر .کفالتها لکل شخص بموجب الدستور.سفر الحاضنة لایمنعها من الحضانة إلا أن یکون سفر نقلة وانقطاع....)، وهو مبدأ اعتمد فی الدعوى المتضمنة لسفر الأم خارج البلد عدة أیام وعادت ومادام سفرها لیس نقلة وکانت أهل للحضانة لاتسقط حضانتها...)، وأیضا مااعتمدته محکمة تمییز دبی من قاعدة قانونیة : (1_"جواز سفر الحاضنة بالمحضون إلى بلد یبعد عن مکان الولی ستة برد فأکثر ـ شرطه ـ السفر بقصد التجارة أو الزیارة أو النزهة أو لقضاء حاجة ـ جائز متى کان لا خوف على المحضون 2_محکمة موضوع "سلطتها فی مسائل الواقع ـ فی الأحوال الشخصیةـ مصلحة المحضون"تقدیر مصلحة المحضون من سلطة محکمة الموضوع )"، ومافیه من إشارة واضحة إلى اعتداد القضاء بمسالة التمییز بین السفر لغرض النقلة والسفر لحاجة ثم العودة، وأثره فی احتفاظ الأم بالحضانة _یستخلص أیضا من مفهوم المخالفة لنص المادة(151/3)_من ناحیة باعتداده بما جاء عن المالکیة من رأی (فی احد الآراء عنهم)، وانه وان بعد السفر فللام السفر بالمحضون مادام انه سفر لحاجة، وانه لاضرر على المحضون منه، ومن الناحیة الثانیة أعطى المبدا المحکمة السلطة التقدیریة للحکم باستمرار حق الحاضنة بالحضانة من عدمه، والسماح لها بالسفر فی حال امتنع الولی عن إعطاء الأذن إذا مااقتنعت المحکمة بالأسباب والمبررات ، مع ملاحظة أن ماورد من قید خاص باستحصال أذن الولی خطیا هو عام لکل أنواع السفر سواء نقلة أم مؤقت، وهو مااوضحه القرار.
الاتجاه الثانی: المقیم من الأبوین أحق بالحضانة کقاعدة عامة (شافعیة وحنابلة).
میز أصحاب هذا الاتجاه بین أنواع السفر_محل اتفاق المالکیة معهم فی ذلک_ ورتبوا على کل نوع أثرا مغایرا عن الأخر فی مسالة احتفاظ الحاضنة بحقها فی الحضانة، إذ اتفق الحنابلة والشافعیة کلاهما إلى انه إذا أراد احد الأبوین السفر لحاجة کتجارة وحج طویلا کان السفر أم لا ،فالمقیم أولى بالحضانة، لأن فی السفر إضراراً به ومن ذلک ماجاء فی المغنی ":إذا أراد احد الأبوین السفر لحاجة ثم یعود والأخر مقیم فالمقیم أولى بالحضانة لان فی المسافرة بالولد إضرارا به ..."، وفی سفر کلیهما عند الشافعیة ومتى تحققت مصلحة المحضون وکذا فی حال سفر الأب یبقى المحضون لدى أمه، إلا إذا کان مقامه مع الأم فیه مضرة وکانت هی المقیمة یمکن الأب من السفر به.
ونجد بعد استعراض ماتقدم من أراء أن ماذهب إلیه الحنفیة والمالکیة من رأی هو الراجح متى تحققت شروط احتفاظ الحاضنة بالحضانة وکون لامضارة من سفر المحضون معها وتقدیر ذلک یترک للقاضی یقدره من حیث امن المکان والطریق، على وفق ظروف القضیة المعروضة، وإلا فیترک مؤقتا عند الجدة أو الأب حتى عودة الأم، والأفضل ترکه عند النساء.
الفرع الثانی
حالة سفر الأب مؤقتا (لحاجة)
الفقهاء فی احتفاظ الأم بالحضانة فی هذه الحالة من السفر باتجاهین:
الاتجاه الأول: احتفاظ الحاضنة بالحضانة، وعدم اخذ الولی له (للحنفیة والمالکیة واحد الآراء عن الشافعیة إن کان کلیهما مسافر).
على وفق ماجاء عن الحنفیة لاتسقط حضانة الأم بمجرد سفر الولی، وان لم یمیزوا بین أنواع السفر واصطحاب الحاضن للمحضون إنما بناءً على موافقة الحاضنة، وإلا فلا یأخذه هو أو (الأولیاء)، متى کانت تحتفظ بشروطها کما انه لیس له أخذه منها مادام أن الصغیر لایزال فی حضانتها.، وهو اتجاه المالکیة فی السفر لحاجة وقاعدة عامة إلى انه فی حال سفر الولی، سفر حاجة لتجارة أو حج أو نزهة ".
ولذا لو أراد الأب السفر بابنه سفرا مؤقت لیس له ذلک، إلا بإذن الحاضنة _وان لم یشر المالکیة صراحة إلى ذلک _وهو مااعتد به المشرع الإماراتی بصورة عامة فی نص المادة (151/2) ووجوب استحصال الأذن من الحاضنة متى کان الصغیر فی حضانتها، وهذا مااکده قضاء محکمة تمییز دبی الذی جعل من استحصال إذن الحاضنة الأساس فی هذا الانتقال استنادا لنص المادة فی أعلاه، وضحته المحکمة _فی دعوى متعلقة بطلب الأب السفر بأولاده خارج الدولة فی إجازة نهایة العام الدراسی ورفض الأم لذلک، وهو ما کان مانعا من سفره بهم _بنص القاعدة الآتیة: "من المقرر على وفق نص المادة (151/2) من ذات القانون وعلى ماقررته المذکرة الإیضاحیة للنص انه لیس للولی أبا کان أو غیره أن یسافر بالولد فی مدة حضانته إلا بإذن من تحضنه کتابة، وان استخلاص ذلک کله من أمور الواقع التی تستقل محکمة الموضوع بتقدیرها على وفق مصلحة الصغیر المحضون، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت فی الأوراق"، واعتداد المحکمة بمبدأ جعل المسالة من سلطة المحکمة التقدیریة هو اتجاه جدیر بالاعتبار، إذ قد تکون هناک ظروف تستوجب هذا السفر کالعلاج للطفل وتعنت الأم مثلا.
الاتجاه الثانی: بقاء المحضون مع المقیم کقاعدة عامة (الحنابلة والشافعیة).
سبق أن بینا ماذهب إلیه الشافعیة والحنابلة من رأی فی حال أن أراد احد الأبوین السفر مؤقتا، والرأی ببقاء الصغیر مع المقیم منهما حتى یعود المسافر، سواء أکان السفر قریبا أم بعیدا لضرره على الصغیر عند الشافعیة، إلا أن الشافعیة أعطوا الحق للأب فی السفر به فی االحالات الآتیة:
1_ حالة أن کان الابوان کلاهما مسافرا واختلف مقصد کل منهما، إذ یعطى للأب فی حال أن کان سفره اقرب ومدته اقل فی احد الآراء عنهم وفی الثانی یبقى مع الأم.
2_ لو کانت الأم هی المقیمة وکان فی مقام الصغیر معها ضرر، أو ضیاع مصلحة کتعلیم (الأب له القران وحرفة لایعلمه إیاها سواه)، اذ یمکن الأب من السفر به لاسیما إن اختاره الولد(وهذا فی الممیز)، أما الحنابلة فاثر السفر لحاجة عندهم هو انه متى کانت الأم هی المسافرة فان الصغیر یبقى مع الأب لأنه المقیم خشیة على الصغیر من ضرر السفر متى کان ذلک السفر بعیدا لاقریبا، إذ اختلفوا عن الشافعیة الذین لم یمیزوا بین قریب وبعید والحکم ببقائه مع المقیم.
نخلص مما تقدم الى اختلاف الأثر بین أنواع السفر وأثره على الحضانة واستمرارها من عدمه، إذ القاعدة العامة عند الجمهور من مالکیة وشافعیة وحنابلة انه فی السفر نقلة وعند توافر شروط معینة تنتقل الحضانة للأب وتسقط حضانة الأم، فی حین أن السفر لحاجة تبقى الحضانة عند الحنفیة والمالکیة، سواء أکان المسافر الأم أم الأب، وللمقیم عند الحنابلة والشافعیة، وتعود للام بعودتها عند من ذهب إلى ذلک، ویلحظ أن الحق فی الحضانة من الحقوق المتجددة فإذا سقطت حضانة حاضنة لسبب ما وزال هذا السبب ومنها السفر، فإن حق الحضانة یعود بزواله کالتحاق الحاضنة ببلد الأب أو عودتها إلیه ، استنادا إلى القاعدة الفقهیة "إذا زال المانع عاد الممنوع وهذا مااکدته محکمة النقض السوریة أیضا فی العدید من قرارتها.
نخلص مما تقدم انه، وعلى الرغم من التباین فی الفقه حول هذه المسالة وفی القانون تشریعا وقضاء، إلا أن الأساس فی ذلک کله وحتى مع من نص على بیان أحکام مسالة السفر ومن لم ینص الأساس هو مصلحة المحضون، وهو المستخلص من إعطاء بعض التشریعات للقاضی السلطة التقدیریة الواسعة عند النص على أحکام مسالة السفر من ناحیة ومن الناحیة الثانیة ماجاء فی القضاء مرجحا مصلحة المحضون أولا وأخرا والدلیل فی القرار الآتی الصادر عن محکمة النقض السوریة: (إلغاء القرار الخاص بمنع سفر الحاضنة بالمحضون مراعاة لمصلحة المحضون وجعلها هی الأولى).
الخاتمــة
یمکن تلخیص النتائج والتوصیات الخاصة بالبحث فیما یاتی:
أولا: النتائج
ثانیا: التوصیات
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Language books and definitions
1. Imam al-'Alamah Ibn Manzoor, San'a al-'Arab, revised edition and corrected, c. 4, Dar al-Hadith, Cairo, 2003.
2. Muhammad ibn Abi Bakr al-Razi, Mukhtar al-Sahah, Dar al-Kitab al-Arabiya, Beirut. Without a year printed.
3. Ali bin Mohammed bin Ali al-Jarjani, The Book of Definitions, Adel Anwar Khadr, 1, Dar al-Maarefah, Beirut, 2007.
Secondly: Hadith books:
4. Sulaiman ibn al-Ash'ath Abu Dawood al-Sijistani al-Azadi, Sunan Abi Dawood, investigation: Muhammad Muhi al-Din Abdul Hamid, c 2, Dar al-Fikr, Beirut. Without a year printed.
Third: Jurisprudence and Legal Books
5. Ahmed Al-Kubaisi: Al-Wajeez in explaining the personal status law and its amendments, c1, marriage and divorce and their effects, Higher Education Press, Mosul, 1990.
6. Ahmed Mohamed Ali Dawood, Personal Status, C3, I1, Dar Al-Thaqafa, Amman, Jordan, 2009.
7. Ahmed Nasr El-Gendy, Expenses, Custody and State on Money in Al-Maliki, Law Library, Cairo, 2006.
8. Ahmed Nasr El-Gendy, Encyclopedia of Personal Status, The Effects of Distinction between the Couple, C3, Legal Books House, Cairo, 2006.
9. Ahmed Nasr Al-Jundi, Personal Status in the United Arab Emirates Law, Legal Books House, Cairo, 2010.
10. Shahabuddeen Abdul Rahman al-Maliki al-Baghdadi, guidance to the path of Ashraf in the jurisprudence of Imam Malik, Cultural Library, Beirut, without a year printed.
11. Ramadhan Ali Al-Sayyid Al-Sharab Al-Fassi, Jaber Abdul Hadi Salem Al-Shafei, Family Rulings, I, Halabi Rights Publications, 2006.
12. Alaa al-Din Abu Bakr bin Masoud Al-Kasani Hanafi, Bada'id al-Sanayeh in the order of the laws, C4, I 2, Dar al-Kitab al-Arabi, Beirut, 1982.
13. Abdullah bin Mahmoud bin Mudoud Al-Musali Hanafi, the book of choice for the explanation of the chosen, tuned and commented on it: Sheikh Khalid Abdul-Rahman Al-Ake, 3, 3, Dar al-Maarefa, Beirut, 2004.
14. Abdel-Karim Zeidan, detailed in the provisions of women and the Muslim home in Islamic law, C 10, I 3, the Foundation letter, Beirut, Lebanon, 2000.
15. Abdul Rahman Al-Sabouni, Explanation of the Syrian Personal Status Law, C2 (divorce and its effects), New Printing Press, Damascus, 1985.
16. Mohamed Mohieddin Abdel Hamid, Personal Status in Islamic Law, The Scientific Library, Beirut, 2007.
17. Mohamed Mohamed Saad, a guide to the doctrine of Imam Malik (in all acts of worship and inheritance), Dar al-Nadwa, without a year printed.
18. Muwaffaq al-Din Abu Abdullah bin Ahmed bin Mahmoud bin Qadamah, singer on the authority of the Imam Abu al-Qasim Omar ibn al-Hussein bin Abdullah bin Ahmed al-Kharaki, followed by the great explanation on board the mask: Shams al-Din Abi al-Faraj Abderrahman Abi Omar Muhammad ibn Ahmad Ibn Qudamah Al-Maqdisi, supervised by Mr. Mohamed Rashid Rida, J 9, I 1, Al-Manar, Egypt, 1348 AH.
19. Imam Abu Bakr Muhammad ibn Ibrahim Ibn al-Mundhir al-Nisabouri, consensus, i 3, Dar al-Kuttab al-Sulti, Beirut, 2008.
20. Imam Abu Abdullah Muhammad Bin Idris Al-Shafei Al-Qurashi Al-Mutlabi, Mother, House of Ideas International, Amman, without a year printed.
21. Aboabdullah Muhammad ibn Ali al-Kharashi, al-Kharshi on the master of Sidi Khalil, and his footnote by Sheikh Ali al-Adawi, c. 3, Dar al-Fikr.
22. Musa bin Ahmed bin Salem Al-Naja, Zad al-Mandaqah, c 1, Modern Renaissance Library, Makkah, without a year printed.
23. Muhammad Zeid Al-Abayani, Explanation of Shari'a Rulings in Personal Status, C2, Nahda Library Publications, Beirut, Baghdad, unpublished year.
24. Muhammad al-Bashar, the easiest perception in the doctrine of Imam Malik (explained by Sheikh Abdul Rahman Al-Barqouqi), I 1, Cultural Library, Beirut, 1992.
Fourth: for electronic sites
25. Encyclopedia of Jurisprudence, C 25, p. 27 quoting the site of Islam:
http://www.al islam.com/Page.aspx?pageid=695&BookID=80&PID=498&SubjectID=17744-
26. Emirates Forum http://theuaelaw.com/vb/showthread.php?t=821.
27. Syrian Lawyers Forum, on the following website: http: //www.damascusbar.org/AlMuntada/showthread.php? t = 23378
28. Explanation of the provisions of personal status, to the lawyer Mr. Mohamed Fahr Shkafa, citing: Syria Lawyers Forum.
Fifth: Legal legislation and explanatory notes.
29. The Syrian Personal Status Law promulgated by Legislative Decree No. 59 of 1953 and amended by Law No. 34 of 1975. Law No. 18 of 25/10/2003, with its explanatory memorandum.
30. Iraqi Personal Status Law No. (188) for the year 1959 and its amendments.
31. UAE Personal Status Law (Federal Law), No. 28 of 2005.
32. Explanatory Note to the Federal Law No. 28 of 2005, Association of Federalist Jurists, Sharjah, United Arab Emirates.
33. Iraqi Passports Law No. 32 of 1999.
Sixth: University Letters:
34. Aida Sulaiman Abu Salem, Nursery in Islamic Jurisprudence and the Palestinian Personal Status Law, Master Thesis Presented to the Faculty of Sharia, Islamic University of Gaza, 2003, at www.al_eman.cm:
Seventh: Research on the Internet:
35. Hamid Sultan Ali, Abbas Hussein, Legal Notes on the Legislative Drafting of the Iraqi Personal Status Law No. 188 of 1959, amended at the following address: http://www.uobabylon.edu.iq/publications/law_edition4/article_ed4_6.doc
36. Mohamed Elhassan Mostafa El-Baga, Research entitled: Married the mother without the father and traveling with the prostitutes, published in the Journal of Damascus University, Volume XVIII, No. 2, 2002 on:
http://www.damascusuniversity.edu.sy/mag/law/old/economics/2002/18-2/bugha.pdf
Eighth: Set of legal provisions and rules:
37. Adeeb Istanbouli, Saadi Abu Habib, Guide to the Personal Status Law (Syrian), 1, 3, Damascus, 1997.
38. Rabee Mohammed Al-Zahawi, The World of Personal Lawsuits, Al-Sanhoury Library, Baghdad 2012.
39. Rabi Muhammad al-Zahawi, rare and important in the decisions of the judges of the personal status court in Bayaa, 1, 1, Al-Sanhuri Library, Baghdad, 2011.
40. Fatihah Mahmood Qora, Rules and Rulings of the Dubai Court of Cassation in Personal Cases, C2, 2010.
Ninth: The set of instructions and controls
Instructions for the issuance of a passport read on the website of the Ministry of Interior Directorate of Public Citizenship http://www.iraqinationality.gov.iq/passport_en.htm
- Rules of granting the passport to Iraqi women issued in July 2004 from the Department of Passport Affairs in the Ministry of Interior addressed to the Director of Public Passports, Al-Muttazin News, Issue 1847 on 27/3/2013, and the subject on 3/11/2011 at: http://www.almowatennews.com/news.php?action=view&id=29618