مکافحة الاغراق التجاری
تیماء محمود فوزی الصراف
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل
Taima Mahmoud Fawzi Al-Sarraf
College of law / University of Mosul
Correspondence:
Taima Mahmoud Fawzi Al-Sarraf
E-mail:
|
Doi: 10.33899/alaw.2018.160793
© Authors, 2018, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
یعد الاغراق التجاری ظاهرة عالمیة اذ توجد الاف الحالات المسجلة حول العالم فی هذا المجال یقابلها نقص تشریعی کبیر فی غالبیة القوانین لإیجاد الالیات القانونیة اللازمة لمعالجتها.
وقبل ان نبین وسائل مکافحة الاغراق لابد ان نحدد معناه اولا والاضرار النجمة عنه ثانیا واثره على الصناعة العراقیة ثالثا.
فما هو الاغراق؟
یطلق مصطلح الاغراق التجاری على الحالات التی تقوم بها دولة مصدرة بدعم منتج یتم تصدیره الى دول اخرى بحیث یتم بیع المنتج فی الدول المصدر الیها بأسعار اقل من اسعار بیع ذلک المنتج فی دولة المنشأ.
ویسبب الاغراق اضرارا فی الصناعة المحلیة خاصة فی حالة وضع منتج مماثل للمنتج المغرق نظرا للجوء المستوردین لاستیراد المنتج الذی یتم بیعه بأسعار منخفضة عن اسعار بیعه فی دولة المنشأ مما یضر بالمنتج المحلی(1).
والسؤال الذی یطرح نفسه کیف یمکن اثبات وقوع حالات الاغراق؟
تحدد القواعد الدولیة ان عملیة اثبات حالات الاغراق تمر بعدة مراحل هی:-
1. تقدیم شکوى الى الجهاز المختص بمکافحة الاغراق فی الدولة المتضررة من الاغراق.
2. استیفاء الشکوى لمجموعة من الشروط اهمها ان یکون مقدم الشکوى احدى الجهات العاملة فی الصناعة المتضررة من الاغراق وان یؤیده فیها ما لا یقل عن نصف عدد المنتجین العاملین فی الصناعة بدولته.
3. التأکد من ان سبب الضرر الواقع على هذه الصناعة هو الاغراق.
4. اخطار حکومة الدولة القائمة بالإغراق للدفاع عن نفسها.
5. اتخاذ قرار بفرض رسوم کمرکیة اضافیة على السلعة المستوردة المغرقة للسوق.
6. ابلاغ منظمة التجارة العالمیة بهذا القرار.
ویثور التساؤل عن اثر الاغراق على الصناعة العراقیة واسالیب معالجته؟
تواجه الصناعة العراقیة منافسة شدیدة فی الداخل والخارج مع السلع الأجنبیة المثیلة المستوردة والتی تتمتع بدعم مباشر من قبل دولها مما جعل کلف إنتاجها اقل بکثیر مقارنة بالصناعة العراقیة التی أثقلت کاهلها الضرائب وارتفاع أسعار الوقود الصناعی والمواد الأولیة فضلا عن ارتفاع الإیجارات وأجور الأیدی العاملة. ویمکن ایجاز الاثار السلبیة للإغراق على الصناعة العراقیة على وفق الآتی:-
- قاد الإغراق التجاری إلى تفاقم الصعوبات التی یواجهها القطاع الصناعی الخاص والعام، لهذا نلاحظ التوقف شبه التام لمصنع إنتاج الأدویة فی سامراء الذی کان یغطی 40%من حاجة العراق الدوائیة وینتج 220 مادة طبیة مستحضرة من مناشئ عالمیة ذات سمعة دولیة رفیعة المستوى، وتراجعت الصناعات الغذائیة فی العراق التی کانت تحتل المرتبة الثالثة على مستوى الوطن العربی وتستوعب أکثر من 51 ألف عامل بسبب سیاسات الإغراق، وعلى سبیل المثال تواجه صناعة الألبان العراقیة منافسة شرسة بسبب وجود کمیات کبیرة مستوردة من إیران وترکیا وسوریا تباع بأسعار اقل من التی تصنع محلیا . کذلک تدهور الوضع التنافسی التسویقی لصناعة الدواجن وبیض المائدة لأن دواجن البرازیل والسعودیة والکویت وسوریا اقل تکلفة بفضل سیاسات الدعم الإنتاجی والسعری.
- لقد ألحقت سیاسات الإغراق التجاری ضررا فادحا بالقطاع الصناعی فی العراق من خلال تقلیل القدرة التنافسیة للسلع الصناعیة المنتجة محلیا بالقیاس إلى السلع الأجنبیة المستوردة مما أدى إلى تراجع عدد المنشآت الصناعیة الکبیرة من 418 منشأة عام 2002 إلى 411 منشأة عام 2006 وانخفض عدد المنشآت المتوسطة من 80 منشأة عام 2002 إلى 52 منشأة عام 2006. أما بالنسبة لعدد المشاریع الصناعیة المنظمة إلى اتحاد الصناعات العراقی ومعظمها من المشاریع الصناعیة الصغیرة فقد بلغ عددها 40 ألف مشروع صناعی توقف 70% منها بسبب الحروب والحصار و 30%تعمل بطاقة متدنیة بین 10-50% (22). لقد أدى إغلاق العدید من المشاریع الصناعیة وتدنی الإنتاج الصناعی فی مشاریع صناعیة أخرى إلى هیمنة واضحة للسلع الصناعیة الأجنبیة على السوق العراقیة. وهذا ما یوضح النسبة الضئیلة جدا لمساهمة الصناعة التحویلیة فی الناتج المحلی الإجمالی فی العراق إذ لم تبلغ سوى 1.7% عام 2007.
- إن تراجع الإنتاج الصناعی نتیجة لفتح الحدود على مصراعیها أمام سیل عارم من السلع الأجنبیة المدعوم معظمها حکومیا اضطر العدید من المصانع إلى إغلاق أبوابها أو تخفیض إنتاجها، وفی کلتا الحالتین تأثر الطلب على العمالة العراقیة سلبا وفاقم البطالة التی ارتفعت من نحو 19,% عام 2002 إلى نحو 28% عام 2006.
- تفکیک منظومة القطاع الخاص العراقی التی کانت من أرقى المنظومات فی منطقة الخلیج العربی تاریخیا وفنیا، ومن ازدیاد عدد العاطلین عن العمل وزیادة مؤشرات الفقر.
- التخلی تدریجیا عن مؤشرات الجودة والنوعیة وانتشار ظاهرة الغش الصناعی واستیراد سلع زراعیة معدلة وراثیا ومضرة بالصحة العامة.
- تخریب الذوق العام وتدمیر البنیان الوطنی العام للوطن والشعب العراقی.
کما یؤدی الإغراق إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد العراقی نظرا لقصر الفترة الاستهلاکیة للسلع المستوردة ومعظمها من السلع الردیئة، کما أنها تقضی على التنافس بین السلع المحلیة والأجنبیة مما أدى إلى تراجع الإنتاج الوطنی وهیمنة السلع الأجنبیة وهو ما حول العدید من المصانع الخاصة إلى مجرد مخازن لتخزین السلع المستوردة.
کیفیة مواجهة سیاسات الإغراق
- تفعیل القوانین الخاصة بمنع عملیة الإغراق مثل الضرائب الکمرکیة المعمول بها سابقا والتی ینظمها القانون رقم 23 لسنة 1984 وتعدیلاته لغرض حمایة الإنتاج الوطنی من المنافسة غیر العادلة مع السلع الأجنبیة المستوردة .وتفعیل قانون حمایة المنتجات العراقیة الذی أصدره مجلس النواب العراقی فی نهایة عام 2009 وصادق علیه مجلس الرئاسة فی 12کانون الثانی 2010 الذی یستهدف بناء صناعة وطنیة من خلال تفادی الضرر الذی یلحق بها من الممارسات الضارة من سیاسات إغراق الأسواق العراقیة بالمنتجات المستوردة او الزیادة غیر المبررة فی الواردات التی تدعمها الدول المصدرة إلى العراق بما یؤدی إلى فقدان شروط المنافسة العادلة بین المنتجات الوطنیة والمستوردة.
- التشدید على ضرورة تأمین التشریعات والقوانین التی تنظم عملیة الاستیرادات ومنع دخول السلع التی لا تتطابق ومواصفات الجهاز المرکزی للتقییس والسیطرة النوعیة من خلال انشاء مخازن نظامیة او ما یطلق علیها (الحرم الکمرکی) للتأکد من هویة الإرسالیة وفحصها.
- إعفاء مستلزمات الإنتاج أو المواد الأولیة التی تستخدم فی الإنتاج المحلی من الرسوم الجمرکیة أو تقلیل نسبتها لدعم الإنتاج الوطنی فی منافسة السلع المستوردة وإلزام المستوردین بإدخال المواد الأولیة ذات النوعیة المطابقة للمواصفات القیاسیة ودعم أسعار استیرادها لخفض تکالیف الإنتاج.
- یستطیع العراق بوصفه مراقباً فی منظمة التجارة العالمیة تطبیق بعض النصوص القانونیة فی المنظمة التی تتعلق بسیاسات الإغراق إذ أعطت المنظمة حقا للحکومة فی الدولة المستوردة باتخاذ إجراءات علاجیة لمواجهة حالات الإغراق تتمثل بالسماح لها بفرض رسوم تعویضیة على المنتجات المغرقة تسمى (رسوم الإغراق) إذ تم عد منتجاً ما مغرقاً اذا کان سعر تصدیره یقل عن سعر المنتج المماثل حین یوجه للاستهلاک فی البلد المصدر مما یلحق ضرراً بالصناعة المحلیة الخاصة للمنتج المماثل فی الدولة المستوردة.
- قیام الحکومة بدعم التجار الذین یتعرضون للغش التجاری فی الملاحقة القانونیة لاسترداد قیمة تلک البضائع المستوردة وتسهیل عملیة إرجاعها وإصدار قوائم بأسماء الشرکات والمصدرین الذین یمارسون الغش التجاری ومنع التعامل معهم.
- التشدید على إلزام کل الموردین بضرورة الحصول على إجازات الاستیراد الرسمیة التی تصدرها الغرف التجاریة فی العراق.
- قیام الحکومة العراقیة بفتح مکاتب للتمثیل التجاری لتفعیل الاتفاقیات التجاریة التی تم توقیعها بهدف تشجیع الصادرات العراقیة وتوفیر المعلومات التفصیلیة عن أسواق التصدیر والمتطلبات والشهادات المطلوبة من جهة وحمایة الأسواق العراقیة من جهة أخرى.
- إن منع سیاسة الإغراق هو قرار سیاسی قبل ان یکون قرارا اقتصادیا، ولذلک ینبغی على الحکومة أن تکون مؤمنة بجدوى التلاحم بین القطاعین العام والخاص فی تحویل الاقتصاد العراقی من اقتصاد ریعی متخلف إلى اقتصاد متنوع فی هیکله ومتنوع فی موارد الدخل القومی.
- إعادة العمل بقوانین وإجراءات مؤسسة التنمیة الصناعیة وتفعیل قوانین وإجراءات وزارة الزراعة والمصرف الزراعی بما ینسجم وإعادة تأهیل الاقتصاد العراقی.
10. تشکیل لجان رقابیة متخصصة فی المنافذ الحدودیة من وزارات المالیة والتخطیط والداخلیة والسلطات المحلیة ومجلس النواب لمراقبة دخول السلع المستوردة إلى العراق والسلع المصدرة أیضا.
11.عقد مؤتمرات محلیة لدراسة هذه الظاهرة الخطیرة وتحدید آثارها الضارة على الاقتصاد والموطنین والصحة العامة ..
12.إنشاء وتفعیل جمعیات واتحادات لحمایة المستهلک من اجل نشر وعی وثقافة المستهلک لدى المواطن العراقی ونشر ثقافة الحمایة فی ظل الاعتماد على اقتصاد السوق وفتح أبواب البلد أمام تدفق الآلاف من السلع الردیئة(2).
The Author declare That there is no conflict of interest