الملخص
یعد التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة المدنیة، نوعاً من أنواع التنفیذ الجبری الذی یباشره المدین (سابقاًُ) الذی أصبح محکوم له بعد صدور حکم الإلغاء لمصلحته من محکمة الطعن المختصة، ضد الدائن (سابقاً) الذی أمسى المحکوم علیه بعد ذلک الحکم. مما یترتب على ذلک إلغاء الإجراءات التنفیذیة السابقة وإعادة الحالة للطرفین إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ الأصلی ومطالبة (المحکوم علیه) بعد الإلغاء، أی الدائن (سابقاً) برد ما قبضه من المدین (سابقاً) أی الدائن بعد الإلغاء تبعاً لذلک الحکم.
الموضوعات
أصل المقالة
التنفیذ الجبری العکسی – دراسة مقارنة-(*)-
یاسر باسم ذنون صدام خزعل یحیى کلیة الحقوق/ جامعة الموصل کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Yasser Basem Thanon Saddam Khazal Yahya College of law / University of Mosul College of law / University of Mosul Correspondence: Yasser Basem Thanon E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 3/10/2013 *** قبل للنشر فی 3/3/2014.
(*) Received on 3/10/2013 *** accepted for publishing on 3/3/2014.
Doi: 10.33899/alaw.2018.160773
© Authors, 2018, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلصـ
یعد التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة المدنیة، نوعاً من أنواع التنفیذ الجبری الذی یباشره المدین (سابقاًُ) الذی أصبح محکوم له بعد صدور حکم الإلغاء لمصلحته من محکمة الطعن المختصة، ضد الدائن (سابقاً) الذی أمسى المحکوم علیه بعد ذلک الحکم. مما یترتب على ذلک إلغاء الإجراءات التنفیذیة السابقة وإعادة الحالة للطرفین إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ الأصلی ومطالبة (المحکوم علیه) بعد الإلغاء، أی الدائن (سابقاً) برد ما قبضه من المدین (سابقاً) أی الدائن بعد الإلغاء تبعاً لذلک الحکم.
Abstract
The counter execution in the civil judicial judgments is a kind of obligation execution commenced by the previous debtor who turns out to be a creditor after the judgment of cancelation has been issued for his interest from the court of cassation against the previous creditor who has become a debtor after that , a case which requires reinstatement between the two parties before the original execution , and the cancelation of the previous executive procedures , in addition to the requirement on the part of the debtor after the cancelation , the creditor previously , to pay in ram what has already been received by the previous debtor after the cancelation.
المقدمـة
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا محمد (r) وعلى صحبه الطیبین الطاهرین وبعد، ویقتضی البحث العلمی أن نتناول الأمور الاتیة:
أولاً :- مدخل تعریفی بالموضوع.
یعد الحکم القضائی المدنی ثمرة وخاتمة مطاف رحلة الخصومة القضائیة، ونقطة النهایة فی سباق تصارع الخصوم بأسالیب وأدوات حجج قانونیة من لاستقرار المراکز القانونیة لهم.
ویؤدی الحکم القضائی دوره الواضح فی إزالة حالة التجهیل القانونی الذی یلابس الحقوق والمراکز القانونیة، وذلک عندما یتصدى الحکم الموضوعی لها. ولا تتجسد آثار الحکم القضائی مادیاً، إلا فی قابلیته للتنفیذ الجبری لاستیفاء ما تضمنه ذلک الحکم من طلبات وفقرات ملزمة. ویعد الحکم المذکور من أقوى السندات التنفیذیة، الذی یتیح بموجبه للمحکوم له، ومتى کان ذلک الحکم من أحکام الإلزام فی الموضوع، أن یباشر إجراءات التنفیذ فی مواجهة المحکوم علیه.
والقاعدة فی قانون التنفیذ العراقی رقم 45 لسنة 1980، ان الأحکام القضائیة جمیعها تقبل التنفیذ الجبری، حتى ان لم تکتسب الدرجة القطعیة، باستثناء الأحکام المشار إلیها فی المادة (309) من قانون المرافعات المدنیة رقم 83 لسنة 1969 والقاعدة المذکورة وردت فی التشریع العراقی خلافاً للتشریعات المقارنة التی لا تجیز تنفیذ الأحکام، إلا بعد استنفاذها لقوة الشیء المقضی فیه، (اعتراضاً واستئنافاً).
وعلى وفق هذا التنفیذ الجبری، فإذا قام المدین بتنفیذ حکم الإلزام الصادر ضده، بناءً على طلب الدائن، تنفیذاً مباشراً وسلم الشیء المحکوم به للأخیر، أو تحول التنفیذ إلى غیر مباشر بالحجز ونزع ملکیة الأموال لصالح الدائن. ویرجع المدین لإحدى طرائق الطعن على الحکم المنفذ، والغاه بحکم من محکمة الطعن المختصة، إذ یؤدی هذا الالغاء إلى زوال آثار الحکم المنفذ کاملاً وإلغاء الإجراءات التنفیذیة السابقة، وإعادة الحالة لأطراف المعاملة التنفیذیة، إلى ما قبل التنفیذ، وإلزام الدائن (سابقاً) برد المال الذی قبضه للمدین الطاعن بالحکم.
ثانیاً: تساؤلات البحث
للبحث محل الدراسة فرضیات وتساؤلات فضلاً عن أهمیته التی تتمثل بالآتی :-
1- لبیان ماهیة التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة، والتعریف به لغةً واصطلاحاً ومفهومه فی إطار الفقه الإسلامی والتشریعات الوضعیة.
2- لتوضیح ما یمیز هذا النوع من التنفیذ عما یشتبه به من نظم قانونیة کمنازعات التنفیذ، وتناقض الأحکام وتفسیرها، وإبراز أوجه التشابه والاختلاف ما بین تلک النظم.
ثالثاً:- منهجیة البحث.
سنعتمد الأسلوب التحلیلی للنصوص القانونیة، التی أشارت فی هذا النوع من التنفیذ ومدلولاته، فضلاًَ عن اتباع الأسلوب المقارن ما بین تلک النصوص اعلاه والواردة فی إطار قانون التنفیذ العراقی رقم 45 لسنة 1980، والتشریعات المقارنة وفی مقدمتها قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری رقم 13 لسنة 1968 وقانون أصول المحاکمات المدنیة اللبنانی رقم 90 لسنة 1983 المعدل، وقانونی التنفیذ الفرنسی لعام 1991 ومرسومه الصادر فی عام 1992، فضلاً عن قانون المرافعات المنیة رقم 1123 لسنة 1975. مع الإشارة بالتحلیل إلى موقف الفقه والقضاء بالموضوع.
رابعاً: هیکلیة البحث
سیتم تناول البحث ضمن إطار الهیکلیة الاتیة :
المطلب الأول :- التعریف بالتنفیذ العکسی.
الفرع الأول :- تعریف التنفیذ العکسی لغةً.
الفرع الثانی :- موقف الفقه الإسلامی من التنفیذ العکسی.
المطلب الثانی :- المدلول التشریعی والفقهی للتنفیذ العکسی.
الفرع الأول :- المدلول التشریعی للتنفیذ العکسی.
الفرع الثانی :- المدلول الفقهی للتنفیذ العکسی.
المطلب الثالث :- تمییز التنفیذ العکسی مما یشتبه به.
الفرع الأول :- تمییز التنفیذ العکسی من منازعات التنفیذ.
الفرع الثانی :- تمییز التنفیذ العکسی من تناقض الأحکام وتفسیرها.
الخاتمة :
النتائج :
التوصیات :
المطلب الأول
التعریف بالتنفیذ العکسی
ینشأ عن التنفیذ الجبری للأحکام القضائیة المدنیة، رابطة تنفیذیة بین ثلاثة أطراف هما التی تتمثل، الأول هو طالب التنفیذ الدائن (المحکوم له)، والثانی هو المطلوب التنفیذ ضده المدین (المحکوم علیه)، والثالث هی السلطة العامة التی تتمثل بدائرة التنفیذ، وهذا ما یعرف بالتنفیذ الاعتیادی أو الأصلی والذی یمارسه الدائن ابتداءً ضد مدینه، إلا أنه قد ینهض بمقابل هذا النوع من التنفیذ، تنفیذاً عکسیاً مضاداً یقوم به ویباشره، المدین سابقاً، الذی أصبح دائناً لممارسته ذلک الحق بالطعن على الحکم المنفذ ضده، وصدور حکم الإلغاء لصالحه من محکمة الطعن المختصة أیاً کان نوع الإلغاء (إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً أو تعدیلاً کلیاً أو جزئیاً وحسب نوع الطعن) مما یترتب على ذلک إعادة الحالة إلى ما کانت علیه سابقاً، وإلغاء الإجراءات التنفیذیة، ولا تُفعل هذه القاعدة إلا بالتنفیذ العکسی من المدین ولبیان تعریف التنفیذ العکسی، فأننا سنتناول ذلک بفرعین أثنین على وفق ما یأتی:
الفرع الأول : تعریف التنفیذ العکسی لغةً.
الفرع الثانی: موقف الفقه الإسلامی من التنفیذ العکسی.
الفرع الأول
تعریف التنفیذ العکسی لغةً
للتنفیذ العکسی تعریف ومعنى لغوی، فضلاً عن مفهوم له وتعریف فی الفقه الإسلامی فمصطلح التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة المدنیة، فهو مصطلح یتکون من أکثر من مقطع، مما یقتضی تعریف الألفاظ الواردة فیه کلاً على انفراد، لیستقیم المعنى لغویاً، فضلاً عن اختیار أکثر المعانی اللغویة انطباقاً على الدراسة موضوع البحث.
فالتنفیذ لغةً له معانی ومفاهیم لغویة عدیدة. فهو مصدر للفعل الماضی نَفَذَ، فیقال نَفَذَ السَهمُ من الرمیة، ونفذ الکتاب إلى فلان، وبابیهما دخـل ونفـاذ أیضاً. وأنفـذه هـو ونفـذه بالتشدید معنــاه الامضاء، وأمر نافـذ أی مطاع والتنفیذ فی الحکم هو الإجراء العملـی لما قضى به کمـا للتنفیذ معنى لغـوی آخــر فیأتـی کمصـدر للـقوة التنفیذیة (الحکومة). ویرد أیضاً بمعنى الاختراق، کأن یقال تنافس القوم إلى الحاکم أی خلصوا إلیه وترافعوا. وأخیراً یأتی بمعنى جواز الشیء والخلوص منه. وتأکیداً على المعنى الأخیر فقد ورد فی کتاب الله العزیز ما یؤید هذا المعنى بقوله تعالى((یَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ)).
وفی ضوء المعانی اللغویة المتعددة جمیعها للفظ التنفیذ، فأن المعنى الأکثر ملائمة وانطباقاً هنا هو الإمضاء لأمر مطاع.
أما لفظ العکسی فأصله عَکسَ الشیء یعکسه عکساً فأنعکسَ، أی رد أخره على أوله. وعُکسَ : العین والکاف والسین أصل صحیح واحد یدل على مثل ما تقدم ذکره من التجمع والجمع.
قال الخلیل : العکس من اللبن، الحلیب تًصبً علیه الإهالة. قال فلما سقیناها العکس تملأت مذاخرها وارفض رشحاً وریدُها. وقال أیضاً فی باب العکس هو ردک آخر الشیء على أوله. وهو کالعطف ویقال تعکس فی مشیئته. ویقال العکس عقل ید البعیر والجمع بینهما وبین عنقه، فلا یقدر أن یرفع رأسه، ویقال من دون ذلک الأمر عِکاس أی ترادد وتراجع.
وللإحاطة بالمعنى اللغوی لمصطلح التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة المدنیة بشکل کامل، فلابد أیضاً من إیراد المعنى اللغوی لبقیة مفردات هذا المصطلح، لکی یتضح المعنى بشکل کامل وتام، فالذی نقصده هنا هو مصطلح الأحکام القضائیة المدنیة.
وفی ضوء کل ما تقدم من معانی لغویة للألفاظ المکونة للمصطلح محل البحث، فأننا نستطیع أن نحدد المعنى اللغوی لمصطلح التنفیذ العکسی ونجمله فی الأحکام القضائیة المدنیة بأنه الامضاء لأمر مطاع برد آخر الشیء بعد القضاء والفصل فیه.
الفرع الثانی
موقف الفقه الإسلامی من التنفیذ العکسی
على الرغم من أن للتنفیذ العکسی وإعادة الحالة إلى ما کانت علیه سابقاً أصلاً تاریخیاً سابقاً على الفقه الإسلامی. إلا أن ذلک لا ینکر ولا یقلل من شأن عدم معرفة الفقه الإسلامی لهذا التنفیذ، فالأخیر وان لم یعرف هذا النوع من التنفیذ بصیغته الفنیة للمصطلح المذکور التی کان فقهاء القانون الوضعی قد استخدموها له، إلا أنه بالرغم من ذلک فقد أدرک مضمون هذا التنفیذ وجسده فی معرفة الأحکام القضائیة المدنیة وتنفیذها، والآثار المترتبة علیها ولاسیما عندما یتم إلغاؤها أو إبطالها، مما یترتب على ذلک ضرورة إعادة الحالة وثبوت الحق بالرد تبعاً لذلک الإلغاء، فضلاً عن تحقق المسؤولیة عن التنفیذ الملغی والتعویض عنه. لذا نتناول هذا الفرع فیما یأتی :
أولاً:- مفهوم الحکم القضائی فی الفقه الإسلامی.
للحکم القضائی معنى اصطلاحی واحد لدى الفقهاء المسلمین، فقد عرفه الحنفیة بأنه الإلزام بالظاهر على صفة مختصة بأمر ضن لزومه شرعاً. وعرفه الشافعیة بأنه ما یصدر من متولٍ عموماً وخصوصاً راجعاً إلى عام الإلزامات السابقة له فی القضاء على وجه الخصوص. فی حین عرفه المالکیة، هو الإعلام على وجه الإلزام. وأخیراً قال الحنابلة فیه بأنه تبین الحکم الشرعی والإلزام به وفصل الخصومات. أما فقهاء الشریعة المحدثونفقد عرفوه تعریفاً یجمع ما تشترک به التعریفات السابقة کلها، وهی التی لا تخرج عن إطار لأنه الفصل فی الخصومات وقطع المنازعات. ولعل التعریف الذی تکاد تجمع علیه معظم المذاهب الإسلامیة الفقهیة من حنفیة وشافعیة ومالکیة وحنابلة بأنه "الفصل بین الناس من الخصومات حسماً للتداعی وقطع النزاع بالأحکام الشرعیة".
وقد ورد ما یؤید هذا المعنى بقوله تعالى((فَلاَ وَرَبِّکَ لَا یُؤْمِنُونَ حَتَّى یُحَکِّمُوکَ فِیمَا شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لَا یَجِدُوا فِی أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَیْتَ وَیُسَلِّمُوا تَسْلِیمًا)).
وتصنف الأحکام القضائیة فی الفقه الإسلامی إلى أنواع مختلفة، بحسب تقسیمات الفقهاء المسلمین لها، وبحسب أهمیة کل نوع ورؤى کل فقیه.
إلا أن التقسیم الرئیس لها هو بثلاثة أنواع. الأول ما یصدر عن قاضی مشهور بالجور، فهذه الأحکام کلها مردودة ولو علم ان بها ما هو موافق للحق. أما النوع الثانی فهو ما یصدر عن قاضی جاهل، فهذا ان شاور العلماء ینفذ من أحکامه ما یوافق الحق ویرد ما لم یوافقه، وان لم یشاور یرد ما صدر عنه من أحکام ولو وافقت الحق، أما النوع الثالث والأخیر فهو ما یصدر عن قاضی عادل، فهذا أن تظلم أحد من أحکامه أعید النظر فیها. فما کان موافقاً للکتاب والسنة والاجماع والقیاس الجلی تُصدق ویبرم، وما کان مخالفاً لها یرد وینقض، وما کان مبنیاً على الاجتهاد الفردی للقضاء یُصدق اعمالاً بالقاعدة المعروفة الاجتهاد لا ینقضی بالاجتهاد).
والمصادر التی یستند علیها القضاء فی الإسلام، هی القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة وسائر مصادر التشریع الأخرى، ومبادئ العدل والإنصاف، وما یحقق مفهومها، وإلا فأن حکمه معرض للإبطال والإلغاء. فضلاً عن استقلاله عن السلطات عن سائر المؤثرات الأخرى، ولا یصدر الحکم إلا عن مشورة وتثبت، وان کان رأی أهل الشورى لا یلزم القاضی، ولیس لأهل الشورى إجباره على رأی وان خالف حکم اجتهادهم. وحکم القاضی المسلم کاشف عن الحکم الشرعی لیس منشئاً له، فلا یحل حرماً، أو یحرم حلالاً، فضلاً عن أن حکمه یلزم للطرفین، فوری التنفیذ وهذا ما یعرف بالتنفیذ المعجل فی القانون الوضعی، وأخیراً فإن القاضی إذا أخطأ بالرغم من أنه مأجور على اجتهاده إلا أن خطئه بغیر الاجتهاد والذی یمکن أن یرتب علیه ضرراً للمحکوم علیه أو لغیره، لا یعفیه من المسؤولیة والمحاسبة والمؤاخذة، إذ یمکن ان تترتب علیه عقوبة دنیویة وأخرویة.
ثانیاً :- تنفیذ الحکم القضائی فی الفقه الإسلامی.
تتمثل العملیة التنفیذیة فی الفقه الإسلامی، بعد صدور حکم الإلزام ضد المدین، بثلاثة عناصر هم الدائن والذی أطلق علیه مصطلح (المحکوم له). والمدین الذی یصطلح علیه (بالمحکوم علیه). وأخیراً (المحکوم به) وهو لفظ یطلق على الشیء الذی الزمه الحاکم على المحکوم علیه، وهو إیفاء المحکوم علیه حق المدعی فی قضاء الإلزام، وترک المدعی المنازعة فی قضاء الترک.
فالمعنى العام للتنفیذ فی الفقه الإسلامی هو إمضاء الحکم. ویختلف معناه الخاص باختلاف القاضی الذی یقوم بتنفیذ الحکم، فإذا کان القاضی القائم بالتنفیذ هو ذات القاضی الذی أصدر الحکم، فیعنی التنفیذ الالزام بالحبس وأخذ المال بید القوة وإیقاع الطلاق على من یجوز إیقاعه. أما إذا کان قاضی التنفیذ هو لیس ذات القاضی الصادر منه الحکم المنفذ وکان مذهبهما واحداً، فأن الحالة لا تخلو من أحد الاحتمالین الآتیین.
الأول لا یعد فیها التنفیذ حکماً، ولاسیما إذا ثبت لدى القاضی المنفذ للحکم، ان الحکم الصادر من القاضی الأول فیه تصرف فاسد وحرام، ویعنی التنفیذ على وفق ذلک إحاطة القاضی الثانی علماً بحکم القاضی الأول، لیقوم الثانی بإمضاء الحکم من عدمه.
أما الثانی فیعد التنفیذ فیه حکماً، وذلک إذا أید القاضی المنفذ الحکم الثانی، أی حکم بما حکم به الحکم الأول، وهذا یکون فی خصومه صحیحة من خصم على خصم.
أمـا إذا کـان هنـاک اختلاف فـی مذهـب قاضی الحکـم عـن قاضی تنفیذه، فـأن الأمـر فیـه خـلاف مــن حیث مـدى التنفیذ مـن عدمـه، حیث یـرى الفقیـه ابـن فرحون. أنه على قاضی التنفیذ أن یتوقف عن تنفیذ الحکم، ویعمل على إبطاله وإعادة الحالة لأنه إذا استمر بإلزام المحکوم علیه بالتنفیذ وإلزامه بحیثیات الحکم، فیکون قد ألزمه بما لیس حقاً. بینما یرى الفقیه الطرابلسی. إذ ینفذ الحکم ویلزم المحکوم علیه بتنفیذ ما تضمنه الحکم، لان إبطاله وعدم تنفیذه لا یجوز، لان القاضی المنفذ ممنوع من نقض الأحکام المجتهد فیها.
والتنفیذ فی الفقه الإسلامی نوعان، الأول تنفیذ بأداء والذی یسمى قانوناً بالتنفیذ العینی المباشر، والمتمثل بإرجاع عین المدعى به فی حالة وجوده بوصفه الأول، کما فی دعوى استحقاق عقار مثلاً، وکما فی الدعوى المتعلقة بمنقول لم یستهلک.
أما التنفیذ الثانی فهو تنفیذ ببدل أو بمقابل ویحدث ذلک إذا ما استهلک الشیء المدعى به، وتعذر رده، فأن التنفیذ یتحول إلى البدل، والأخیر نوعان أیضاً، أما مثلی فیما له مثل، ککتاب من طبعة معینة، أو ثوب من نسیج جدید، أو قیمی فیما لیس له مثل، کفاکهة انتهى موسمها. وإذا قام المحکوم علیه بتنفیذ الحکم طواعیة، توصل المدعی إلى حقه وانتهى النزاع، أما إذا امتنع المحکوم علیه من التنفیذ، فینظر لحالة المدین، هل هو معسر فإذا کان کذلک یمهل نظره میسره أما إذا کان ملیء ومماطل وقامت أدلة على ذلک جاز إجباره على التنفیذ حبساً أو ضرباً.
ثالثاً:- نقض الحکم والجهة المختصة بنقضه فی الفقه الإسلامی.
الأصل ان القضاء فی الشریعة الإسلامیة على درجة واحدة، وانه مجرد صدور الحکم القضائی الحائز على شروط التولیة أن یکون حکمه مصاناً، ویلحق الحجیة به بمجرد صدوره، وأنه یمنع إعادة طرح النزاع مرة أخرى فی نفس الموضوع ومع الخصوم أنفسهم، ویحضر على القاضی أن یعید نقض حکمه والحکم من جدید، لان یده قد رفعت عن الدعوى. ومع ذلک فقد أجاز الفقهاء المسلمون نقض الأحکام سواء من القضاة الذین أصدروها أو غیرهم، فعلى الرغم من هذه الحجیة فان هذه الأحکام لا تعد مقدسة إلى درجة لا یمکن معه نقضها، فهی معرضة للنقض والتغییر، إذا قامت أدلة قویة على مجانبته للصواب والحق. لان روح الإسلام وقواعده تأبى أن تفترق بأی وضع یتبین بأدلة کافیة أنه باطل، لان الباطل منکر، ویجب تغییر المنکر.
وتحدد الجهة المختصة بنقض وإبطال الحکم فی الفقه الإسلامی بما یأتی :
1. ینقض الحکم من القاضی الذی أصدره.
إذا تبین للقاضی الذی أصدر الحکم فیما بعد أن هذا الحکم کان خطئاً، وأنه یتعین نقضه وإزالة آثاره، قام هو بنقضه ولاسیما إذا کان قد حکم باجتهاده ثم بان له، بان ما حکم به کان خلافاً لنص فی الکتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع أو خلاف قیاس جلی، وأن نقضه هنا وجوباً، ومن ثم إبطاله وان لم یترافع إلیه هو وغیره بطلب نقضه أو فسخه أو إبطاله.
2. ینقض الحکم من قاض آخر غیر من أصدره.
یمکن نقض الحکم الذی أصدره القاضی لأول مرة، من قاضِ آخر نظر الدعوى مرة ثانیة وهذا ما یعرف النظر فیها عن طریق (الدفع). إذ مما لا شک فیه أن العدل المطلق هدف من أهداف القضاء فی الإسلام، ویقتضی ذلک أن یبحث القاضی عن الحق فأینما وجده قضى به، ولکن إذا ما کان الحکم الصادر مخالفاً لما ذکر وجب نقضه.
لیس النقض فی الفقه الإسلامی هو النقض فی القانون الوضعی، أو أنه إحدى طرائق الطعن غیر العادیة التی یقصد فیها تقویم الاعوجاج القانونی فی الحکم المطعون فیه، بل ان نقضه هو حق لکل من یعلم به، فضلاً عن أنه واجب سواء فی هذا القاضی الذی أصدره ثم تبین له مخالفة النصوص الشرعیة، أو من قبل أحد أطراف الخصومة، وعرف الفقهاء القدامى الاستئناف للأحکام ومارسوها ولکن لیس بهذا المصطلح، بما یعرف بالدفع، وما قالوه فی دفع الدعوى بعد الحکم من القاضی ینطبق على الاستئناف لأنه لیس إلا نظر فی الدعوى مرة ثانیة.
ومن أدلة مشروعیة الاستئناف فی الأحکام القضائیة، أحادیث رسولنا الکریم محمد (صلى الله علیه وسلم)، التی یستدل فیها على وجوب إعادة النظر فی الحکم الأول، وتمشیة الحکم الثانی کونه الأرجح ومن تلک الأحادیث :
ولاشک ان ما یستدل من هذا الحدیث، ان القضیة عرضت على داؤود (u), اصدر حکمه فیها، ولعدم قناعة المرأة التی لم یصدر الحکم لصالحها، فقد طلبت من النبی سلیمان (u)، أن ینظر فیها مرة ثانیة، فنظرها فکان حکمه مخالفاً لحکم داؤود (u) وفسخه، بل ألزم المرأة التی تدعی الولد أنه ابنها برده إلى البنت الصغرى ویمکن ان ینقض الحکم الصادر من القاضی لاحقاً من قاضی اخر رفعت الیه المسألة مرة ثانیة.
ولعل من أبرز ما قاله الفقهاء المسلمون بهذا الصدد هو قول الفقیه (الرملی). إذ قال "ینقض الحکم من أصدره وغیره"، فضلاً عن قول (القرافی) إذ قال "للقاضی أن ینقض حکم غیره، فإذا قضى قاضی بنقض الحکم الأول وهو مما لا ینقض، نقض القاضی الثالث حکم الثانی، لان نقضه خطأ ویقر الأول، وکذلک لو فسخ الثانی الحکم بالشاهد والیمین رده الثالث لان النقض فی مواطن الاجتهاد خطأ ونقض الخطأ متعین".
رابعاً : مضمون التنفیذ العکسی وإعادة الحال فی الفقه الإسلامی.
إذا تم نقض الحکم لمخالفته للأصول الشرعیة، فأن الحکم بالنقض یعد سنداً تنفیذیاً لإعادة الحال إلى ما کانت علیه، شأنه شأن نقض الحکم المنفذ فی القانون الوضعی، لذا یجب على القاضی المسلم إعلام الخصمین بنقص الحکم، وان یسجل هذا النقض کما سجل الحکم أولاً، إذ یکون التسجیل الثانی مبطلاً للأول، فضلاً عن أن الحکم الثانی أصبح ناقضاً للأول فی دیوان الحکم حتى یراه کل قاض، فیتعمد الحق ویتجنب الباطل.
ویلحظ على نقض الحکم فی الفقه الإسلامی وان کان هذا الحکم یعد سنداً تنفیذیاً لإعادة الحال ورد الشیء المسلم، مما لا یعنی حکم لصالح المحکوم علیه أولاً. وإنما تعود القضیة من جدید إذا حرکت الدعوى، لإصدار حکم جدید موضوعی تبعاً لحکم النقض، أی بمعنى آخر لا یجوز للقاضی أن ینص فی حکمه الجدید على القضاء السابق وتحویل الحکم لصالح الخصم الآخر مرة ثانیة والإصرار علیه له.
یقول أحد کبار فقهاء المالکیة (ابن حبیب) بهذا الصدد. "ولو کان مع الرجوع والفسخ للحکم، قال : قد قضیت لآخر (یعنی المقضى علیه أولاً) لم یجز قضاؤه هکذا، وعاد جمیعاً إلى رأس امرهما، یعنی ذلک أن الفسخ یمضی دون الحکم للمقضى علیه أولاً، وانما اختلفت حکم القضاء والفسخ، فجاز الفسخ ولم یجز القضاء، لأنه لا یقضی على أحد الخصمین حتى یضرب للمقضى علیه الأجل فی الجرح والحجج".
خامساً :- المسؤولیة المترتبة عن التنفیذ الملغی فی الفقه الإسلامی.
من أسباب نقض الأحکام فی النظام القضائی الإسلامی، هو الخطأ الذی یرتکبه القاضی عند إصداره للحکم الذی من شأنه أن یلحق ضرراً بالغیر أو بالمحکوم علیه. لذا لما کان القاضی مأموراً بالتثبت عند إصدار الأحکام، فما ورد فیها نص أمضاه على وفق ذلک النص، فأن لم یرد نص، بحث فی سائر المصادر الشرعیة وأجتهد، فأن أصاب بحکمه فهو مأجور أجرین، أجراً على اجتهاده، وأجراً على أصابته عملاً بحدیث رسولنا الکریم (r) إذ ورد فیه (إذا حکم الحاکم فأجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حکم الحاکم فأجتهد فأخطأ فله أجر). ولا شیء على القاضی هنا ولو أدى حکمه إلى إزهاق روح، أو قطع طرف، أو انهار من الدم، أو إزالة ملک، أو تحریم بضع أو تحلیله، مادام حکمه جاء وفقاً لأحکام الشریعة السمحاء. ولکن إذ أدى اجتهاده إلى خطأ وکان ذلک عن جهل أو تعمد الجور فلا أجر له بل هو یستحق الوصف الذی أورده النبی محمد (r) عنه إذ ورد فی الحدیث الشریف (أو قاضی قضى بجهل فهو فی النار وقاض عرف الحق فهو فی النار). فقضاء هذا القاضی هو الذی سیرد ینقض سواء کان الحق متعمداً، أم غیر متعمداً.
ولکن إذا کان قضاءه خاطئاً، إلا أنه لم یکن متعمداً، فهل سیکون مسؤولاً عن نتائج ما وقع فیه من خطأ، وعن الضرر الذی أصاب الغیر؟
إن البحث عن الإجابة لهذا التساؤل هو من الأمور المهمة جداً، لأنه فی ضوء تحقق هذه المسؤولیة من عدمها، سیترتب الالزام بالرد وإعادة الحالة للخصوم من عدمه. لذا أختلف الفقهاء المسلمون بصدد ذلک وذهبوا إلى رأیین على وفق ما یأتی:
الأول :- یجد بضمان الخطأ الذی یصدر من القاضی سواء متعمداً، أو إهمالاً کما لو اصدر الحکم بناءً على شهادة شهود، لم یتحقق من تزکیتهم وعدلهم، فظهر وبعد الحکم أنهم فاسقین، فهذا خطأ موجب للمسؤولیة والتعویض فی حین ذهب الرأی الثانی وهو الغالب فی الفقه الإسلامی. إلى عدم مسؤولیة القاضی عن الأحکام والأوامر التی تصدر منه أثناء ممارسته للقضاء، فلا یسأل ولا یضمن لأنه لا یعمل لنفسه بل لغیره، فضلاً عن ذلک أن المصلحة العامة تقتضی عدم تضمین القضاة لأخطاء وقعوا فیها بسبب وظیفتهم.
سادساً :- الآثار التی تترتب على نقض الحکم لخطأ القاضی فی الفقه الإسلامی.
یترتب على نقض الحکم الصادر من القاضی بسبب وقوعه فی الخطأ، نتیجة مهمة وهی رد المحکوم فیه، فإذا کان الأخیر حقاً من حقوق العباد وهو مال معین، فأن کان قائماً رد إلى صاحبه، أما ان هلک أو أستهلک فالضمان على المقضى له، سواء کان الخطأ ناشئاً عن تدلیس المدعی فی ما أثبت به الدعوى، أم من الشاهدین، أم من اجتهاد القاضی وأبطل قضاءه لاحقاً , ولا شیء على القاضی إذا کان المحکوم فیه حق لیس بمال، کالطلاق والزواج والنسب، فأن الحکم الباطل یلغى وتعود الأمور إلى ما کانت علیه قبل الحکم. أما إذا کان للمحکوم حق من حقوق الله تعالى الخالصة، کرجم الزانی، أو من الأمور التی یجمع فیها الحقان معاً کالقصاص والجروح وقطع الأطراف، فإذا کان الحکم لم ینفذ بعد، ألغى القاضی ذلک الحکم، أما إذا کان قد نفذ، فینظر ان کان اساس الخطأ ناشئاً عن غیر القاضی، کأن یکون بسبب المدعی أو الشهود، فیغرم الشخص الذی تسبب بذلک قیمة ما أتلف إذا کان مخطئاً، ویقاد منه إذا کان عامداً. وفی حالة إذا ما تعذر إعادة الحال إلى ما کانت علیه لاستحالة ذلک، وکان القاضی قد أخطأ فی ذلک الحکم، نجد أن الشریعة الإسلامیة الغراء أجازت فرض تعویض عن الأضرار التی لحقت بالمحکوم علیه، کما لو تم حبسه حبساً احتیاطیاً، وثبت عدم ارتکابه للمحکوم علیه لما نسب إلیه من اتهام أو جریمة، فهنا تحققت مسؤولیة بیت المال بتعویض المضرور. ولم نجد الحکم ذاته فی الفقه الإسلامی، فیما یتعلق بتعویض المحبوس عن دین مدنی، ظهر لاحقاً أن حبسه تعسفاً أو براءة ذمته لاحقاً.
ومن الحالات الموجبة لنقض الحکم، ومن ثم إعادة ونشوء الالتزام بالرد لما قبض، إذا ما صدر الحکم بناءً على دلیل من أدلة الإثبات الشرعیة، کالبینة أو الإقرار أو الیمین، وظهر لاحقاً ما یبطل هذا الدلیل، فالحکم هنا غیر صحیح مستحق للنقض، ویکون غیر قابل للتنفیذ، وإذا ما نفذ رُدَ. ویستطرد الفقه. فی ضرب الأمثلة التی تنطبق على الحالة المعروضة آنفاً إذ یذکر إذ یبنى الحکم على الإقرار، ثم أدعى المقر أن إقراره کان بدافع الإکراه، وأثبت دفعه ببینة، کأن یثبت أنه کان محبوساً وحلف یمیناً على ذلک، أو أدعى أنه کان فاقد العقل عند الإقرار، وأثبت ذلک بدلیل، مما یؤدی بدوره إلى فقدان وانتفاء الإقرار لأحد شروط صحته مما یبطله، فضلاً عن ذلک إذا کان الحکم قد صدر بناءً على شهادة شاهدین فظهر لاحقاً عدم صدقهم وعدلهم، أو کانا کافران أو فاسقین، فالحکم ینقض ولا ینفذ، وإذا ما نفذ وأخذ المحکوم له المحکوم فیه، فأنه یلتزم برد ما أخذه عیناً أن کان قائماً للمحکوم علیه، أو عوضه إن کان تالفاً. فهو ملتزم بالرد العینی إن أمکن وعند نقض الحکم، قد یکون المقضى له (المحکوم له) فی الحکم الملغی، أو قد یکون بیت مال المسلمین، أو القاضی نفسه حال تعمده الجور والظلم. ولاسیما إذا کان موسراً، أما إذا کان معسراً، کان الضمان على بیت مال المسلمین، ویرجع الأخیر على القاضی فی تقاضی ما قضى به.
سابعاً :- أدلة مشروعیة التنفیذ العکسی وإعادة الحال فی الفقه الإسلامی.
بعد أن تناولنا مفهوم الحکم القضائی وتنفیذه وإلغائه والآثار المترتبة على ذلک، من وجوب الالتزام بالرد العینی إن أمکن وإعادة الحال للطرفین إلى ما کانت قبل التنفیذ، فضلاً عن المسؤولیة عن التنفیذ الملغی، فأن تناولنا لهذه الأمور لم یأت من دون سند شرعی، واقوال الفقهاء کثیرة بهذا المجال إلا أن ذلک کان لم یتم لولا وجود أدلة لمشروعیة هذا التنفیذ والتی سأتناولها کما یلی :
1- مشروعیة التنفیذ العکسی وإعادة الحال من القرآن الکریم.
ورد فی القرآن الکریم ما یدل على مشروعیة هکذا نوع من التنفیذ، إذ ورد بقوله عز وجل ((وَدَاوُودَ وَسُلَیْمَانَ إِذْ یَحْکُمَانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَکُنَّا لِحُکْمِهِمْ شَاهِدِینَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَیْمَانَ وَکُلًّا آتَیْنَا حُکْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ یُسَبِّحْنَ وَالطَّیْرَ وَکُنَّا فَاعِلِینَ))ویستدل من نص الآیات الکریمة، کان الحرث المذکور کرماً قد انبتت عناقیده، فأفسدته الغنم بانفلاتها لیلاً، فقضى داؤود (u) لصاحب الکرم أو الحرث، برقاب الغنم وتملیکه إیاها تعویضاً عما أتلفته له، فقال سلیمان (u)، غیر هذا یا نبی الله تعالى، فقال داؤود (u) وما ذاک؟ قال یدفع الکرم إلى صاحب الغنم فیقوم علیه حتى یعود کما کان، وتدفع الغنم إلى صاحب الکرم فیصب منها. أی أن نبی الله سلیمان (u) قصد بحکمه، أن ینتفع صاحب الکرم، والحرث بالغنم ببدرها ونسلها وصوفها، إلى أن یعود الحرث کما کان بإصلاح صاحبها فیردها إلیه، فکان حکم سلیمان (u) فاسخاً لحکم داؤود (u).
2- مشروعیة التنفیذ العکسی فی السنة النبویة.
تبرز عدید من الأحادیث النبویة الشریفة یستدل منها على مشروعیة التنفیذ العکسی وإعادة الحال للطرفین إلى ما کانت علیه سابقاً، ومن ذلک ما یلی:
فقد روی عن أبی هریرة وزید بن خالد الجهنی رضى الله عنهما ان رجلاً من الأعراب أتى رسول الله (r) فقال : یا رسول أنشدک بالله ألا قضیت لی بکتاب الله تعالى، فقال الآخر – وهو افقه منه – نعم، فأقضى بیننا بکتاب الله وأذن لی فقال : " قل " قال : إن ابنی کان عسیفاً على هذا فزنى بامرأته وانی اخبرت ان على ابنی الرجم، فافتدیت منه بمئة شاه وولیده، فسألت أهل العلم، فأخبرونی ان على ابنی جلد مئة وتغریب عام، وان على امرأة هذا الرجل الرجم، فقال رسول الله (r) والذی نفسی بیده لأقضین بینکما بکتاب الله، الولیدة والغنم رد علیک وعلى أبنک جلد مائة وتغریب عام، واغُد یا أنیس إلى امرأة هذا الرجل، فأن اعترفت فأرجمها، فغدا علیها فاعترفت، فأمر بها رسول الله فرجمت)).
ویستدل من الحدیث الشریف بأن حکم الرسول (r)، کان تطبیقاً لقاعدة إعادة الحال إلى ما کانت علیه والالزام بالرد للشیء المقبوض، حیث نقض رسولنا الکریم اتفاق الطرفین على التعویض فی هذه الواقعة، لأنه مخالف للشرع الحنیف، وأمر برد الولیدة والغنم إلى أب الابن الزانی، بمقابل جلد الأخیر مائة جلد، وتغریب عام، فضلاً عن إنزال عقوبة الرجم بالمرأة الزانیة تطبیقاً لشرع الله.
المطلب الثانی
المدلول التشریعی والفقهی للتنفیذ العکسی
للتنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة المدنیة الناشئ نتیجة لإلغاء الحکم المنفذ، بسبب الطعن فیه بإحدى طرق الطعن، مدلولان احدهما تشریعی، والآخر فقهی اصطلاحی، ولبیان هذین المدلولین وما المقصود منهما، فأننا سنتناول ذلک فی فرعین أثنین على وفق ما یأتی:
الفرع الأول :- المدلول التشریعی للتنفیذ العکسی.
الفرع الثانی :- المدلول الفقهی للتنفیذ العکسی.
الفرع الأول
المدلول التشریعی للتنفیذ العکسی
لم تتضمن قوانین المرافعات المدنیة المنظمة لمسائل التنفیذ فی إطارها، ولا حتى تلک الخاصة بالتنفیذ للمحررات التنفیذیة والأحکام القضائیة، مصطلح التنفیذ العکسی وتعریفه، إدراکاً منها ان إیراد التعاریف للمصطلحات والمفاهیم القانونیة من مهام الفقه المعززة بأحکام القضاء، إلا أنها ومع ذلک فقد اهتمت ببیان مدلوله ومفهومه بالإشارة إلى الأساس القانونی له، والمتمثل بتطبیق قاعدة إعادة الحالة. إلى ما کانت علیه وبنص القانون، لممارسة المدین المنفذ ضده الحکم، الطعن بالأخیر بإحدى طرق الطعن، ومن ثم حصوله على حکم الإلغاء من محکمة الطعن المختصة، إذ أشار فیها المشرع العراقی فی قانون التنفیذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل، إلى هذا المدلول صراحة تضمنته المادة (51) منه من فحوى والتی نصت على أنه (أولاً – إذا أبُطل الحکم المنفذ أو فسخ أو نقض کله فتعاد الحالة إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ دون حاجة إلى استحصال حکم بذلک. ثانیاً – إذا عدل أو فسخ أو نقض قسم من الحکم المنفذ فیقتصر التنفیذ على الجزء المکتسب درجة البتات وتعاد الحالة بالنسبة للقسم الآخر إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ)، ویشیر النص المذکور وبشکل واضح على امکانیة اعادة الحالة لأطراف الاضبارة التنفیذیة الى ما کانوا علیه سابقاً، قبل التنفیذ، إذا ما الغی الحکم المنفذ بإحدى طرق الطعن وترتب على ذلک الإلغاء، إبطال أو فسخ أو نقض أو تعدیل الحکم الملغی، وبالرغم من ان المشرع العراقی أشار إلى مدلول التنفیذ العکسی بإعادة الحالة إلى ما کانت علیه تشریعیاً، إلا اننا نجد ان النص المذکور لا یکفی لتحدید هذا المفهوم بدقة، إذ یتضح الارتباک على النص بصیاغته اللغویة والتشریعیة، ولان المشرع العراقی فی قانون التنفیذ أجاز الطعن فی الأحکام المنفذة بکافة طرق الطعن والمتاحة قانوناً بصدده، لذا اقترح إعادة صیاغة النص باستخدام بعض الالفاظ وإدخالها علیه، إذ یتطابق ذلک مع موقف المشرع العراقی فی قانون التنفیذ حالیاً والذی یشیر إلى إمکانیة تنفیذ الأحکام فی مدة الطعن القانونیة، من الالفاظ والمصطلحات التی نرى بإدخالها على نص المادة (51) من قانون التنفیذ وإجراء التحویر والتعدیل علیه هی (الالغاء، کلیاً، مالم یکن ذلک الجزء الملغی هو الاساس فی الحکم المنفذ)، إذ سیتم استخدام هذه الالفاظ بناء النص بشکل متماسک لغویاً وتشریعیاً، فضلاً عن تحدیده لمفهوم التنفیذ العکسی وإعادة الحالة بدقة أکثر. والنص المقترح ابتداءً فی هذا الإطار الذی نأمل أن یأتی منسجماً مع موقف المشرع العراقی، الذی یتبنى إمکانیة تنفیذ الأحکام وان لم تکن مکتسبة الدرجة القطعیـة (الاعتراض والاستئناف) وهـو على وفق ما یأتی:
(أولاً– إذا الغی الحکم المنفذ إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً کلیاً فتعاد الحالة إلى ما کانت علیه دون حاجة إلى استحصال حکم بذلک. ثانیاً– إذا الغی الحکم المنفذ جزئیاً تعدیلاً أو فسخاً أو نقضاً فیقتصر التنفیذ على الجزء المکتسب درجة البتات وتعاد الحالة إلى ما کانت علیه بالنسبة للجزء الملغی الآخر ما لم یکن ذلک الجزء هو الاساس فی الحکم المنفذ).
أما على صعید القوانین المقارنة بهذا الصدد، فنجد ان المشرع المصری فی قانون المرافعات المدنیة والتجاریة رقم 13 لسنة 1968، أشار إلى هذا المدلول أیضاً، فیما نصت علیه المادة (271) منه التی جاء فیها، (یترتب على نقض الحکم الغاء جمیع الاحکام أیاً کانت الجهة التی أصدرتها والاعمال اللاحقة للحکم المنقوض متى کان ذلک الحکم اساساً لها، وإذا کان الحکم لم ینقض إلا فی جزء منه بقى نافذاً فیما یتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تکن مترتبة على الجزء المنقوض).
ویلحظ على النص المصری فی اعلاه أنه لم یتضمن مصطلح إعادة الحالة إلى ما کانت علیه، خلافاً لما نص علیه المشرع العراقی فی قانون التنفیذ، فضلاً على أنه حصر الالغاء بالنسبة للحکم المطعون فیه بطریق النقض أی التمییز، ولم یرد صور الإلغاء الاخرى التی کان المشرع العراقی قد أشار إلیها من خلال ما تضمنته الفقرتین أولاً وثانیاً من المادة (51) من قانون التنفیذ، فضلاً عن أنه لم یشیر إلى أن إعادة الحالة تتم من دون حاجة لحکم جدید، مما ترک باب الاجتهاد والاختلاف مفتوحاً وقائماً لدى الفقه المصری بهذا المجال.
لذا فأننا نجد إن النص العراقی فی أعلاه، إذا ما تم تعدیله وفق الصیغة المقترحة آنفاً، سیکون بحالة أفضل من النص المصری، لاسیما وان المشرع العراقی یجیز تنفیذ الأحکام حتى ولم لم یطعن بها طرق الطعن العادیة.
ویتشابه موقف القانون المصری المذکورة سالفاً الذکر، نظیره قانون أصول المحاکمات المدنیة السوری رقم 84 لسنة 1953، عندما تضمن ذات النص. ورتب على نقض الحکم وکأثر له زوال الأخیر، وإلغاء الإجراءات التی اتخذت قبل التنفیذ جمیعها.
إلا اننا نجد إن موقف المشرع اللبنانی فی قانون أصول المحاکمات المدنیة رقم 90 لسنة 1983 هو أکثر القوانین والتشریعات التی أشارت بشکل دقیق وصریح لمفهوم التنفیذ العکسی، وذلک عندما أوجب على المطعون ضده بأن یرد الأموال التی أداها له طالب التمییز بسبب تنفیذ الحکم الملغی حیث نصت المادة (733) من القانون المذکور على أنه (یرجع الخصوم فیما یتعلق بالنقاط التی تناولها التمییز، إلى الحالة التی کانوا علیها قبل صدور القرار المنقوض. ویترتب على النقض، بدون حاجة إلى قرار جدید، إبطال جمیع الأحکام والإجراءات اللاحقة للقرار المنقوض، إذا کانت صادرة بالاستناد إلیه أو کتطبیق أو تنفیذ له أو کانت مرتبطة به برابطة حتمیة. ویحق لطالب التمییز، بمجرد صدور قرار التمییز ان یطلب استرداد الأموال التی أداها تنفیذاً للقرار المنقوض ودون أن ینسب إلى المطعون ضده خطأ ما من جراء التنفیذ، وإذا أقتصر التمییز على جزء من القرار فیبقى نافذاً فی الأجزاء الأخرى ما لم تکن مترتبة على الجزء المنقوض).
وبیّن المشرع الفرنسی فی قانون المرافعات المدنیة رقم 1123 لعام 1975، هو الآخر مفهوم هذا التنفیذ، وتطبیق قاعدة إعادة الحالة بالنسبة للخصوم إلى ما کانوا علیه سابقاً، بشکل واضح وجلی، فیما نصت علیه المادة (625) منه، التی جاء فیها (یترتب على نقض الحکم زوال الحکم المطعون فیه بجمیع آثاره وعودة الخصوم إلى الحالة التی کانوا علیها قبل صدور الحکم، ویؤدی أیضاً إلى إلغاء کل حکم یکون نتیجة لتطبیق أو تنفیذ الحکم المنقوض أو یرتبط به برابطة تبعیة حتمیة)ولم یکتف المشرع الفرنسی بما تضمنته المادة المذکورة فقط، بل عززها وأکدها فی المادة (31/2) من المرسوم الخاص بقانون التنفیذ الملحق بقانون المرافعات آنف الذکر ذی الرقم 91 – 650 الصادر فی 9 یولیو 1991 والتی نصت على أنه (وعلى الدائن أن یعید إلى المدین حقوقه کما کانت إلى طبیعتها أو ما یعادلها).
یؤکد موقف المشرع الفرنسی أربعة أمور هی، الأول هو الرد العینی فی التنفیذ العکسی کلما أمکن ذلک، والثانی التعویض بمقابل إن تعذر ذلک الرد. والأمر الثالث هو إن إعادة الحالة والرد تکون من دون حاجة إلى حکم جدید، أما الأمر الرابع فإن حکم النقض یؤدی إلى إلغاء الأحکام اللاحقة على التنفیذ متى کانت مرتبطة برابطة تبعیة حتمیة، إذن یتضح وفی ضوء موقف التشریعات السالفة الذکر، ان التنفیذ العکسی واسترداد الأموال تطبیقاً لقاعدة إعادة الحالة، لحکم الإلغاء، له مدلوله التشریعی فی قانون التنفیذ العراقی فضلاً عن القوانین المقارنة، التی اسهمت آراء الفقه وأحکام القضاء فی إبرازه واستخدامه عند إلغاء الحکم المطعون فیه.
الفرع الثانی
المدلول الفقهی للتنفیذ العکسی
إن المیدان الرحب لمصطلح التنفیذ العکسی فی الأحکام القضائیة، هو الفقه الإجرائی والأعمال التی تتعلق بالتنفیذ فی کل من مصر وفرنسا، حیث نجد أن الفقه فی العراق لم یُعرف هذا المصطلح بصیغته الفنیة الفقهیة، التی کان الفقه المقارن قد تناولها بهذا المجال، بقدر ما اقتصر دور الفقهاء العراقیین على بیان مفهوم هذا التنفیذ فی تعلیقاتهم وشرحهم على متون ونصوص القوانین التی أشارت إلیه فقط، والتی انحصرت بمعالجة الآثار المترتبة على إلغاء الحکم المنفذ إبطالاً، أو فسخاً أو نقضاً، التی تتمثل بإعادة الحالة للخصوم دون إصدار حکم جدید بذلک فقد ذهب بعض من الفقه العراقی. فضلاً عن أحد الباحثین القانونین المتخصصین بهذا المجال. والمدعومین بأحکام القضاء. إلى القول بهذا الصدد، أنه إذا ما نفذ الحکم وراجع المدین أی الطرف الثانی من الحکم، إحدى طرائق الطعن القانونیة المتاحة له للطعن فیه، فأستحصل على حکم بإلغاء ذلک الحکم، سواء کان ذلک إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً، فأن الإجراءات التنفیذیة جمیعها التی اتخذت قبل الإلغاء، تعد ملغاة وکأنها لم تکن، وتزول الآثار کافة التی رتبها الحکم المنفذ الملغی، ومن ثم یتم إعادة أطراف المعاملة التنفیذیة إلى الوضع السابق لها على التنفیذ، ویحدث تغیراً فی المراکز القانونیة لطرفی المعاملة التنفیذیة فیصبح الدائن مدیناً، والمدین دائناً استناداً لحکم الإلغاء، وتتم إعادة الحالة لهؤلاء دون حاجة لاستحصال حکم جدید.
ولا تستمر الإجراءات التنفیذیة لصالح الدائن سابقاً – المحکوم علیه بعد الإلغاء، من جدید إلا إذا أبرز حکماً جدیداً لصالحه بعد الإلغاء، عندما تعاد الدعوى من جدید لمحکمة الموضوع، وتقوم الأخیرة وبعد إجراء تحقیقاتها فی ضوء القرار الصادر من محکمة الطعن المختصة، وتقرر الإصرار على حکمها السابق الصادر لصالح المحکوم له الدائن. أما إذا کان حکم الإلغاء قد صدر لصالح المدین الطاعن بالحکم المنفذ ضده ابتداءً، وکان قاطعاً بدلالته على حسم الدعوى لصالحه، فحین ذلک یباشر فی التنفیذ العکسی لصالحه.
أما إذا أبطل الحکم المنفذ سواء کان صادراً من محکمة البداءة أو الأحوال الشخصیة أو المواد الشخصیة، نتیجة للطعن فیه بطریق الاعتراض على الحکم الغیابی، وتم قبول الاعتراض شکلاً وموضوعاً، ومن ثم تقرر إبطاله، ویتطلب الامر عندئذ إعادة الحالة لطرفی التنفیذ إلى حالتهم السابقة على التنفیذ، وینسحب ذات الحکم أیضاً، عند قیام المدین أیضاً بمراجعة إحدى طرائق الطعن الأخرى، ولاسیما إذا ما تقرر بموجب إحداها إلغاء الحکم المنفذ کلیاً أو جزئیاً، إذ سیقتصر التنفیذ العکسی وفی حالة الإلغاء الجزئی، على أجزاء الحکم التی تقرر إلغائها باستثناء الجزء المکتسب درجة البتات، إذ یتقرر إعادة الحالة بالنسبة للأجزاء الملغیة أو المنقوضة فقط.
وتقوم مدیریة التنفیذ عند إلغاء الحکم المنفذ بتکلیف الدائن سابقاً بإعادة ما استلمه من المدین، بختام الاضبارة التنفیذیة. ما لم یرد إلیها إشعار بوقوع طعن بإحدى الطرائق القانونیة الأخرى على الحکم المنفذ.
ویتضح مما تقدم، ان ما أورده الفقه فی هذا المجال، ما هو إلا بمثابة شرح عام ومقتضب للنصوص القانونیة النافذة بهذا الصدد، دون التوسع فی بیان ماهیة الآثار التی یمکن أن تترتب من جراء حکم الالغاء الصادر من محکمة الطعن المختصة، إذ لم یشیروا إلى ثبوت الحق فی طلب الرد للمدین سابقاً (المحکوم له بحکم الالغاء)، تجاه الدائن سابقاً (المحکوم علیه بحکم الإلغاء) فضلاً عن عدم بیان مدى صلاحیة حکم الإلغاء بوصفه سنداً تنفیذیاً، لمباشرة إجراءات التنفیذ العکسی وطلب إعادة الحالة والرد، ولاسیما عندما یتعذر الرد العینی، بموجب حکم الالغاء.
أما على صعید الفقه المقارن، ولاسیما فی مصر، فقد أورد الفقه هناک، تعریفات عدیدة ومفاهیم للتنفیذ العکسی للأحکام، حیث ذهب بعض من الفقه. إلى تعریفه بأنه الاعتراف للمحکوم له فی حکم النقض بالحق فی استرداد ما سبق ان استوفى منه نتیجة لتنفیذ الحکم الملغی، إذ ان الحق فی الرد هو الأثر المباشر لأعمال قاعدة إعادة الحالة، فیلتزم المحکوم علیه فی الحکم المنقوض برد ما تلقاه إلى خصمه المدین سابقاً نتیجة للنقض. وباعتقادنا المتواضع ان التعریف المذکور منتقد، ولا یغطی المفهوم الکامل للتنفیذ العکسی، إذ یلحظ علیه، انه قصر هذا التعریف على حالة واحدة فی إطاره، وهی تحقق وثبوت الرد العینی للمدین بعد الإلغاء تجاه الدائن سابقاً المحکوم علیه بعد الإلغاء، لحکم الإلغاء نتیجة للطعن فی الحکم المنفذ بطریق النقض فقط، دون ان یشیر أو یذکر عن مدى ثبوت هذا الحق فی حالة فسخ الحکم المنفذ من محکمة الاستئناف، ولاسیما إذا تم تنفیذ الحکم بطریق النفاذ المعجل. فی حین اتجه البعض الآخر أیضاً من الفقه. إلى تعریفه بالقول بانه ذلک التنفیذ الذی یؤدی إلى زوال التنفیذ الذی تم ابتداءً، وإعادة الحالة إلى ما کانت علیه. ولا یسلم التعریف المذکور من النقد أیضاً، أسوة بالسابق، حیث انه لم یکن شاملاًَ لجمیع عناصر ومکونات التنفیذ العکسی فهو لم یبین کیفیة زوال التنفیذ الملغی، وما هی الأسباب التی أدت إلى ذلک فضلاً عن أنه لم یبین من هو الطاعن على الحکم المنفذ، وما هو وصف الطعن الناشئ عن حکم الإلغاء الصادر من محکمة الطعن، إبطالاً أو فسخاً أم نقضاً. بینما نجد ان هناک جانب آخر من الفقه. إذ عرف هذا التنفیذ بانه ذلک التنفیذ الذی یرد على کل تنفیذ مؤقت غیر مستقر، إذ ان الأخیر قابل للرجوع فیه، طالما ان احتمالات الغاء سنده أو إلغاء إجراءاته لا تزال قائمة، ولا یعد التنفیذ مؤبداً إلا بعد أن یصبح ذلک السند غیر قابل للإلغاء وتصبح المنازعة فی إجراءاته غیر مقبولة.
ونجد ان هذا التعریف هو الآخر لا یقل انتقاداً عن التعریف السابق، إذ اقتصر فی تعریف التنفیذ العکسی على ذلک النوع فی التنفیذ الذی یلغى لاحقاً ألا وهو التنفیذ المؤقت، والذی یقصد به تنفیذ الحکم المشمول بالنفاذ المعجل، لان تنفیذ هکذا نوع من الاحکام تکون قلقة والمراکز القانونیة غیر مستقرة، مما یعرضها للإلغاء من محکمة الطعن، لعدم اکتساب هذه الاحکام المنفذة الدرجة القطعیة، ولم یشر إلى الأحکام الانتهائیة التی تقبل التنفیذ قبل الطعن بها تمییزاً.
وأخیراً نجد ما أورده جانباً من الفقه. من تعریف للتنفیذ العکسی هو الأفضل فی التعریفات کلها التی تم استعراضها بهذا الصدد، إذ تم تعریفه بأنه ذلک التنفیذ الذی یقصد به رد الأموال التی تم التنفیذ علیها بذات الحالة التی کانت علیها عند التنفیذ الملغی وملحقاتها من ثمار وما نتج عنها من زوائد، فضلاً عن مصاریف التنفیذ، فهو تنفیذ یهدف إلى إلغاء آثار تنفیذ الحکم الملغی، مما یترتب علیه زواله وان یعد کأن لم یکن، وعودة الخصوم لحالتهم السابقة التی کانوا علیها قبل صدور حکم الإلغاء، فیصح استرداد ما کان الخصم قد قبضه من خصمه من دون حاجة لتقاضی جدید.
ولعل التعریف الأخیر هو الأرجح والأدق من التعریفات السابقة بتحدید مفهوم التنفیذ العکسی، لاسیما وانه جاء شاملاً لعناصر هذا التنفیذ، فضلاً عن تأکیده للأساس القانونی الذی یستند إلیه، المتمثل بقاعدة إعادة الحالة إلى ما کانت علیه، فضلاًَ عن إقراره بثبوت الحق بالرد للأموال التی تم قبضها من المدین عیناً.
للفقه الإجرائی فی مصر دور واضح، فی بیان ماهیة التنفیذ العکسی، فان للقضاء دوراً لا یقل أهمیة عنه، حیث لعبت أحکام القضاء المصری، والمتمثلة بقرارات محکمة النقض المصریة دوراً بارزاً ومهماً بترسیخ هذا النوع من التنفیذ وتأکید مضامینه وعناصره. حیث جاء بأحد قراراتها (ان الحکم الاستئنافی الصادر بإلغاء الحکم الابتدائی المشمول بالنفاذ المعجل ورفض الدعوى یکون بدوره قابلاً للتنفیذ الجبری لإزالة آثار تنفیذ الحکم الابتدائی، فیکون للمحکوم علیه أن یسترد من المحکوم له ما یکون قد استوفاه بذلک الحکم وإعادة الحال إلى ما کانت علیه قبل إجراء التنفیذ المعجل. وان الاحکام الحائزة لقوة الأمر المقضی فیه تقبل التنفیذ، ولا یمنع من تنفیذها قابلیتها للطعن بها بالنقض).
ولمحکمة النقض المصریة قراراً بهذا المأل بإلغاء الإجراءات اللاحقة جمیعها على الحکم المنفذ والملغی، حیث ورد بهذا القرار (إن إلغاء الحکم الصادر بإخلاء العین المؤجرة یترتب علیه بطلان عقود الإیجار اللاحقة، واعتبار ان عقد إیجار شقة النزاع مازال قائماً وفق المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977، وان الإخلاء الموضوعی للعین المأجورة وفقاً لقواعد التنفیذ المعجل تکون باطلة وتستلزم إعادة الحال إلى ما کانت علیه).
أما بخصوص موقف الفقه فی فرنسا تجاه تعریف التنفیذ العکسی، وماهیة مفهومه له، فنجد أن بعض من الفقه. عرف هذا التنفیذ بانه الذی لا یترتب علیه إعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل صدور حکم النقض فحسب، بل تلغى أیضاً وبالتبعیة أعمال التنفیذ کلها التی اتخذت، ویتم إعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل صدور حکم النقض، ویتم الرد الکامل والمطلق لکل ما تم تنفیذه، بحیث یعود الخصوم إلى الحالة السابقة التی کانوا علیها.
ویؤید القضاء الفرنسی قاعدة إعادة الحالة إلى ما کانت علیه، لصدور حکم النقض ضد الحکم المنفذ بقوة، وفی عدید من أحکامه، إذ جاء بأحدها (ان نقض الحکم یبطل کل عمل تم تنفیذاً له وهذا الأثر یترتب بسبب نقض الحکم وبقوة القانون).
وفی ضوء کل ما ذکرناه من التعریفات ومفاهیم للتنفیذ العکسی سواء على صعید التشریعات أو الفقه الإجرائی اصطلاحاً، أو القضاء، کان لابد علینا أن نقترح تعریفاً للتنفیذ العکسی فی الأحکام، إذ یعطی هذا التعریف تصوراً شاملاً مانعاً جامعاً له، من دون أن یفتقر إلى عنصر من عناصره. لذا فالتعریف المقترح طبقاً لقانون التنفیذ العراقی (هو ذلک النوع من التنفیذ الجبری، الذی یباشره المدین – سابقاً- المحکوم له بعد الإلغاء، استناداً إلى حکم الإلغاء الصریح أو الضمنی، والصادر من محکمة الطعن المختصة، إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً أو تعدیلاً للحکم المنفذ کلاً أو جزءاً، مما یترتب علیه إلغاء الإجراءات التنفیذیة السابقة وإعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ، وإلزام الدائن سابقاً (المحکوم علیه بحکم الإلغاء) بالرد العینی لما قبضه من المدین ودون حاجة لإصدار حکم جدید).
نستطیع فی ضوء التعریف فی أعلاه أن نحدد عناصر التنفیذ العکسی وتعریفه وخصائصه على وفق ما یأتی:
1- أنه نوع من أنواع التنفیذ الجبری، وغالباً ما یکون مباشراً، یقوم به ویباشره المدین الطاعن بالحکم المنفذ ضده حصراً.
2- یستند هذا التنفیذ إلى حکم محکمة الطعن المختصة بالإلغاء للحکم المنفذ وسواء کان ذلک بمراجعة طرائق الطعن العادیة أو غیر العادیة فی الأحکام .
3- یصلح حکم الإلغاء سنداً تنفیذیاً لمباشرة التنفیذ العکسی متى کان ذلک الحکم صریح فی منطوقه وشروطه، أو کان ضمنیاً من خلال الاستعانة بأوراق الحکم الملغی.
4- زوال الإجراءات التنفیذیة السابقة وإعادة الحالة لطرفی التنفیذ إلى ما کانوا علیه سابقاً.
5- ثبوت الحق بالرد العینی للمدین ضد الدائن.
6- لا یتم اللجوء للقضاء لإصدار حکم جدید لمباشرة التنفیذ العکسی وطلب الرد إلا إذ تعذر الرد العینی لموانع وعوارض معینة سنتولى بیانها تباعاً فی مواضع قادمة من الأطروحة.
المطلب الثالث
تمییز التنفیذ العکسی مما یشتبه به
یثیر التنفیذ العکسی للأحکام القضائیة الملغیة، وما یترتب على ذلک من وجوب إعادة الحالة إلى ما کانت علیه، ورد المال محل التنفیذ عیناً، تداخلاً مع بعض النظم القانونیة، سواء کان ذلک من حیث التشابه معها، أو الاختلاف عنها، مما یؤدی إلى أن یّدقُ التمییز بینهما، مما یقتضی إجراء نوع من المقارنة بینهما من حیث أوجه التشابه والاختلاف، وللتنفیذ العکسی (الالتزام بالرد) أساس فنی وقانونی یسوغ الالتزام المذکور، ولبیان ذلک، فقد تناولت هذا المطلب فی الفرعیین الآتیین:
الفرع الأول : تمییز التنفیذ العکسی من منازعات التنفیذ .
الفرع الثانی: تمییز التنفیذ العکسی من تناقض الأحکام وتفسیرها.
الفرع الأول
تمییز التنفیذ العکسی من منازعات التنفیذ
قد یواجه التنفیذ العکسی الذی یمثل بطلب رد المال الفعلی لمحل التنفیذ، وإعادة الحالة بسبب حکم الإلغاء للحکم المنفذ الملغی، صعوبات وعراقیل تجعل من الصعوبة تحقیق الهدف المنشود من هذا التنفیذ فهل تعد هذه الصعوبات من قبیل ما یسمى بمنازعات أو اشکالات أو عقبات التنفیذ، والتی تؤدی بالتالی إلى عرقلة سیر المعاملة التنفیذیة، أم انها تتمیز بطبیعة خاصة تختلف عن هکذا نوع من التنفیذ؟
تقتضی الإجابة على هذا التساؤل، ابتداءً أن نحدد ماهیة منازعات التنفیذ وهل تتداخل مع التنفیذ العکسی من عدمه؟ فمنازعات التنفیذ هی مشاکل قانونیة یمکن أن تثار فی أثناء عملیة التنفیذ وتؤثر فیه، بحیث یکون التنفیذ هو السبب المنشئ لها، وتنقسم هذه المنازعات من حیث مضمونها إلى منازعات تنفیذیة وقتیة، وأخرى موضوعیة، وتتعلق الأولى بالتنفیذ الجبری أیاً کان نوعه، مباشراً کان أو غیر مباشر، هدفها الحصول على الحمایة القضائیة الوقتیة دون المساس بأصل الحق المنفذ، أما المنازعات الموضوعیة، فهی اشکالات توجه إلى رکن من أحد أرکان التنفیذ الجبری، الهدف منها إثبات مدى صلاحیته لکی یکون التنفیذ جبریاً صحیحاً خالیاً من العیوب ولاسیما تلک التی تتعلق بصحة الإجراءات أو بطلانها، من دون أن تتطرق هذه المنازعات للمسائل التی حسمها القضاء الموضوعی التی تضمنها الحکم المنفذ بوصفها سنداً تنفیذیاً. وإذا کانت هذه المنازعات کما بینا تهدف إلى بیان صحة أو بطلان الإجراءات التی تتعلق بالعملیة التنفیذیة، فأن المنازعات الوقتیة لا تمس المستندات التی تقدم بخصوصها فیما یتعلق بصحتها أو بطلانها، وهذا ما قضت به محکمة النقض المصریة بقرار لها جاء فیه (ان اختصاص قاضی التنفیذ هو إما الفصل بمنازعات التنفیذ الوقتیة، وذلک یقتصر ذلک على الإجراءات الوقتیة التی یخشى علیها من فوات الوقت لدرء خطر محدق أو للمحافظة على حالة فعلیة مشروعة أو صیانة مرکز قانونی قائم دون المساس بأصل الحق والفصل فی النزاع أو البت بصحة أو بطلان المستندات التی تقدم بخصوصها).
ویجد بعض آخر من الفقه. ان هذه المنازعات بنوعیها ما هی إلا عقبات مادیة لعملیة التنفیذ یثیرها المحکوم علیه أو الغیر، لعرقلة التنفیذ، من دون أن یستند إلى أسباب قانونیة، فهی لیست منازعة بالمعنى الاصطلاحی لهذا اللفظ، بقدر ما هی مشاغبة وتعد مادی من دون وجه حق بغیة عرقلة إجراءات التنفیذ، فهی تخلو بالأساس من سمة الادعاء.
ونستطیع أن نعرف هذه المنازعات او الاشکالات، بانها ما یعترض المنفذ العدل من صعوبات وعوائق مادیة حال المباشرة بتنفیذ سند تنفیذی قابل للتنفیذ الجبری التی یتم عرضها على المنفذ العدل، لیتولى تذلیلها والتصرف بشأنها، بإصداره لقرارات للقائمین بالتنفیذ، استناداً لقانون التنفیذ لضمان الاستمرار بالتنفیذ.
ویطلق بعض من الفقه. عندنا فی العراق على هذه المنازعات، بمصطلح عراقیل التنفیذ التی کان قانون التنفیذ رقم 45 لسنة 1980، قد أشار إلیها فی العدید من صورها وحالاتها.
فی حین یطلق علیها الفقه، فی الدول المقارنة ومنها لبنان مصطلح مشاکل التنفیذ، والتی کانوا قد عرفوها، بأنها کل مانع قانونی یمنع التنفیذ أو یعیقه، فهی تتعلق بالخلافات جمیعها التی تنجم عن المعاملات التنفیذیة نفسها، کمعاملة وضع الید والإعلان والطرح بالمزاد، وتنظیم قائمة المزایدات ولا تتناول الدعاوى الجدیدة التی أقیمت أو ستقام أمام محکمة الموضوع، والتی تؤثر بالنتیجة على التنفیذ الجاری.
وتسمى المنازعات المذکورة فی فرنسا بإشکالات التنفیذ: (Less difficultes execution)
فهی منازعات تتضمن ادعاءات لو صحت لأثرت فی التنفیذ ومن ثم یصبح التنفیذ جائزاً أو غیر جائز صحیحاً أو باطلاً. ویعد من هذه المنازعات، دعوى عدم الاعتداد بالحجز، التی یرفعها المحجوز علیه فی مواجهة الحاجز بعد وضع الحجز، ویطلب فیها الحکم مؤقتاً بعدم الاعتداد بالحجز، والاذن له بقبض الدین من المحجوز لدیه.
ونجد أن مصطلح عراقیل التنفیذ هو المصطلح الأدق من بین المصطلحات التی أوردها الفقه آنفاً على منازعات التنفیذ واشکالاته. لان المصطلح المذکور یجمع ما بین المنازعات الوقتیة والموضوعیة. وبعد أن بینا ماهیة المنازعات وأشکال التنفیذ، نستطیع أن نحدد أوجه التشابه، والاختلاف ما بین النظامین بالآتی :
أولاً :- أوجه التشابه (من حیث الأثر السلبی لکلا النظامین).
قد یتشابه التنفیذ العکسی للأحکام القضائیة مع منازعات التنفیذ ولاسیما الموضوعیة منها، عندما یتعذر إعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ، ولاسیما الرد العینی للمال محل التنفیذ الفعلی، أما للتصرف به للغیر واکتساب الأخیر حقاً علیه، أو لهلاکه حقیقة أو حکماً، أو عندما لا یصلح حکم الإلغاء کسند تنفیذی لمباشرة التنفیذ العکسی وإعادة الحالة، فیصبح أمام الدائن بالرد (المدین سابقاً) مشکلة تنفیذیة، تتمثل باستحالة استرداد ما کان قد دفعه للدائن ابتداءً، مما یؤدی إلى أن تتداخل هذه المشکلة مع منازعات التنفیذ التی تعیق عملیة التنفیذ برمتها، أی بعبارة أخرى إذ یؤدی التنفیذ العکسی المستعصی ومنازعة التنفیذ إلى نتیجة وأثر سلبی واحد، وهی عرقلة عملیة التنفیذ وتعذر استحصال الحقوق لأصحابها، وما ینتج من ذلک عدم استقرار المراکز القانونیة وإضعاف الثقة لدى أطراف المعاملة التنفیذیة بإجراءات دائرة التنفیذ.
ثانیاً :- أوجه الاختلاف.
فیما یتعلق بأوجه التباین فی النظامین کلیهما فنحددها بما یأتی:-
1- من حیث وقت التمسک بالتنفیذ العکسی ومباشرته، ومنازعة التنفیذ وإثارتها.
ان منازعة التنفیذ بنوعیها الوقتیة والموضوعیة، ما هی إلا معرقلات تمس إجراءات التنفیذ الجبری، وهی تکون لاحقة علیه، لا سابقة له ولاسیما بعد تنفیذ الحکم، وان الغرض منها التوصل إلى عدم الاستمرار بالإجراءات التنفیذیة أو وقفها مؤقتاً، من دون ان تمس حجیة الحکم القضائی المنفذ، على الرغم من ان الاعتراض علیها یتم بتقدیمها امام القضاء الذی یقع من أحد أطراف المعاملة التنفیذیة، أمام قاضی التنفیذ. أو محکمة التنفیذ فی مصر، أو أمام المنفذ العدل فی مدیریات التنفیذ عندنا فی العراق، وما یؤید صحة استنتاجنا لهذا الاختلاف هو عثورنا لاحقاً على قرار صادر من محکمة النقض المصریة بهذا الصدد إذ تضمن القرار المذکور (الأشکال فی تنفیذ أی حکم لا یمکن رفعه من المحکوم علیه إلا إذا کان سببه حاصلاً بعد صدور هذا الحکم أما إذا کان سببه حاصلاً قبل صدوره، فأنه یکون قد أندرج ضمن الدفوع فی الدعوى وأصبح فی غیر استطاعة هذا المحکوم علیه التحدی به على من صدر الحکم له، سواء أکان قد دفع به فعلاً فی الدعوى أم لم یدفع به).
2- عدم ارتباط محکمة الطعن بمدى صحة أعمال وإجراءات دائرة التنفیذ.
لا ترتبط محکمة الطعن المختصة للنظر بالحکم الملغی بإجراءات دائرة التنفیذ وأعمالها صحةً أو بطلاناً، فإذا کانت محکمة الطعن قد قضت فی الحکم الذی تم التنفیذ بموجبه، بإلغائه کلیاً، أو جزءاً منه، فأن حکم الإلغاء، یعد سنداً تنفیذیاً لإعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل التنفیذ ولو صدر من المنفذ العدل نتیجة للتظلم من الإجراءات التنفیذیة تأییداً بصحتها قبل صدور حکم الإلغاء، أو طعن بها أمام محکمة الاستئناف بصفتها التمییزیة فأیدتها قبل صدور ذلک الحکم. لان القاعدة هی ان الغاء الحکم أو الإجراءات المنفذة یستتبع إلغاء الأحکام والإجراءات التی کان هو الأساس لها وترتبت هی علیه، وان القرار الصادر بصحة الاجراءات أو بطلانها من قبل المنفذ العدل أو محکمة الطعن التی تدقق القرارات التی یصدرها المنفذ العدل إذا ما طُعن بها أمام المحکمة المذکورة لا یقید محکمة الطعن المختصة للنظر بالحکم المنفذ، ولا قیمة للقرار المذکور إذ ینتهی بصدور الحکم الموضوعی من هذه الأخیرة، لأن الأحکام الوقتیة تسقط هی ومراکزها بصدور الحکم الموضوعی فی أصل الحق أوفی الإجراءات.
3- من حیث وقف التنفیذ فی کلا النظامین.
یذهب بعض الفقه. إلى القول بأنه لا یجوز للمدین بالرد، او الملتزم به، أی الدائن (سابقاً)، (المدین بعد حکم الإلغاء)، بان ینازع ویعارض فی تنفیذ حکم الإلغاء، وان یطلب من الجهة المختصة بالتنفیذ، وقف تنفیذ ذلک الحکم، إذ یجب على القائم بالتنفیذ أن یرفض طلب التنفیذ، والاستمرار فی تنفیذ حکم الإلغاء. لزوال الحکم المنفذ المنقوض وقوته التنفیذیة، فیصبح التنفیذ الذی قد تم سابقاً کأن لم یکن، مما یترتب على ذلک ان یعود الخصوم إلى مراکزهم القانونیة التی کانوا علیها قبل صدور حکم الإلغاء. فی حین یمکن لقاضی التنفیذ فی القوانین المقارنة. وللمحکمة المختصة تأخیر تنفیذ الإجراء أو إیقافه محل المنازعة لنتیجة البت به.
4- من حیث الطعن فی مدى صحة الحکم المنفذ.
لا تجوز المنازعة التنفیذیة، وحتى الطعن فی تنفیذ الحکم المنفذ، على أساس ما یشوبه من عیوب سواء کان ذلک من حیث القانون أو الوقائع، أی لا تقبل خصومة التنفیذ التی تتعلق بمخالفة الحکم المنفذ للقانون، أو على أساس بطلان إجراءات إصداره، أو خطأ القاضی فی تقدیر الوقائع، أو على أساس واقعة تتعارض مع ما قضى به کادعاء الوفاء بالدین الذی قضى الحکم المنفذ الالزام به لأن فی ذلک مساس بحجیة الحکم القضائی التی لا یجوز النیل منها إلا بطرائق الطعن بها، إلا ان قبول الحکم من المحکوم علیه، وان کان یؤدی إلى اسقاط حقه فی الطعن، إلا أن ذلک لا یمنع من منازعته فی تنفیذ الحکم. والسبب بعدم جواز قبول المنازعة بالحالات السابقة، لان الأخیرة تخرج عن اختصاص القائم بالتنفیذ بالنظر فیها، ولا یعد الاخیر محکمة طعن علیا بالنسبة للحکم القضائی المنفذ کما أنه لیس درجة من درجات الطعن فی الأحکام فهو لا یملک نقض أو تعدیل هذه الأحکام إلا إذا کان الحکم المنفذ معدوماً أصلاًولا یتدخل بمدى صحة أو عدم صحة الحکم المنفذ من حیث مطابقته للقانون أو الوقائع، لان ذلک من اختصاص محکمة الطعن المختصة للنظر بالطعن فی الحکم المنفذ. فی حین نجد فی التنفیذ العکسی، أن أساسه هو صدور حکم الإلغاء للطعن على الحکم المنفذ لمخالفته للقانون، بأیٍ من طرق الطعن المتاحة، مما تجعله قابلاً للأبطال أو الفسخ أو النقض، لوجود ما یستدعی هذا الالغاء واجد بأنه یعد من منازعات أو اشکالات التنفیذ فی إطار التنفیذ العراقی، حالة قیام دائرة التنفیذ باستیفاء مبالغ زائدة من المدین وتسلیمها للدائن، فتتم مطالبة الأخیر بإعادتها فیمتنع عن ذلک، لذا فالتساؤل الذی یمکن إثارته هنا ! هل یمکن الاستعانة بقواعد التنفیذ العکسی لمطالبة هذا الدائن بالرد؟.
تتم الإجابة على هذا التساؤل بان التنفیذ العکسی لا یمکن الاستعانة به لإلزام الدائن برد ما قبضه من أموال زائدة من المدین، على الرغم من انه یتطابق مع ما تضمنته المادة (36) من قانون التنفیذ، باسترداد هذه المبالغ من دون حاجة لحکم، فضلاً عن ان الاسترداد یرد على مال استوفی دون وجه حق فی الحالتین کلتیهما، إلا ان سبب مباشرة التنفیذ العکسی وطلب الرد یختلف عن سبب وطلب الرد فی الحالة المذکورة بالمادة فی اعلاه. إذ ان التنفیذ العکسی ینشأ نتیجة للطعن بالحکم المنفذ وإلغائه، فیثبت حق الرد، بینما تکون مطالبة الدائن بالرد على وفق التفصیل الوارد فی الحالة فی اعلاه، یکون من دون مباشرة لخصومه الطعن من قبل المدین، بل تتم المطالبة بموجب قرار تنفیذی صادر من المنفذ العدل، وقد ذهبت محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة إلى ذلک الاتجاه بقرار لها جاء فیه. (ان القرار الممیز وجد أنه غیر صحیح ومخالف للقانون لأن البیع إذا کان غیر نافذ بحق القاصرین فهذا لا یعنی ان الدائن یخسر العربون الذی دفعه عن حصة القاصرین، وانما بإمکانه متابعة من استلم هذه الحصة، فإذا کانت قد أودعت فی مدیریة رعایة القاصرین، فأن على المنفذ العدل متابعة استرجاعها وتسلیمها للدائن، أما إذا کانت لازالت لدى الورثة الکبار، فأنه یستمر الحجز على سهامهم من العقار ویلزمون بتسدیدها، وفی حالة امتناعهم یصار إلى بیع تلک الحصص).
وفی ضوء ما تقدم، لتلافی المعوقات التی تصادف عملیة التنفیذ، وما یترتب علیها من تأخیر فی تحصیل حقوق أطراف المعاملة التنفیذیة، وما یتطلب ذلک من مراجعة المحاکم المختصة لحسمها، أجد من الضرورة أن یسند حل عراقیل التنفیذ وکل ما یتعلق بإجراءاته وتقدیر مدى صحتها أو بطلانها، ومدى أثرها على الإجراءات التنفیذیة إلى قاضی مختص بأمور التنفیذ ویسمى بقاضی التنفیذ، یکون من الصنف الثالث من صنوف القضاة على أقل تقدیر یختص للنظر فیما یتعلق بحالات واشکالات التنفیذ لابل حتى النظر بمسألة حبس المدین من عدمه لذا نقترح على المشرع العراقی فی قانون التنفیذ تعدیل الفقرة (رابعاً) من المادة (6) من قانون التنفیذ لیحل محلها ما یأتی:
رابعاً : - یتولى إدارة مدیریة التنفیذ وممارسات الاختصاصات المحددة له فی هذا القانون فضلاً عن سلطته بحبس المدین قاضی من قضاة الصنف الثالث یقوم رئیس مجلس القضاء الاعلى بالتنسیق مع وزیر العدل بتعیینه أو بانتدابه للعمل بوصفه قاضیاً للتنفیذ.
الفرع الثانی
تمییز التنفیذ العکسی من تناقض الأحکام وتفسیرها
قلنا سابقاً، ان التنفیذ العکسی یستند إلى حکم الإلغاء الذی صدر من محکمة الطعن والذی یترتب علیه إزالة آثار تنفیذ الحکم المنفذ بأثر رجعی، وقد یتشابه هذا النظام مع بعض النظم الأخرى، ومن ذلک ما یعرف بتناقض الأحکام وتفسیرها فی هذا الإطار، لوجود حکمین قضائیین صادرین من محکمة الموضوع، لابد من ترجیح احدهما على الآخر تنفیذه، وان الجهة المختصة بالترجیح هی أیضاً محکمة الطعن المختصة، ولاسیما محکمة التمییز. ولبیان أوجه التشابه والاختلاف ما بین هذه المفاهیم جمیعها لابد علینا ابتداءً، ان نبین ماهیة تناقض الأحکام، فضلاً عن تفسیرها، مع بیان الوسائل القانونیة لتلافیها، ثم نعرج إلى التمییز ما ینهما وکما یلی :
اولاً:- ماهیة تناقض الأحکام والوسائل القانونیة لمعالجتها.
1- ماهیة التناقض فی الأحکام.
التناقض لغةً "یرجع مصدرها إلى الفعل الماضی نقض، وهو بمعنى افسد وهدم وهو ضد الابرام.
وتناقض الکلامان تدافعاً کأن کل واحد نقض الآخر، مما یقتضی إبطال بعضه. ولا یجتمع المتناقضان هکذا یقول المنطق، وإذا کان اتهام فکر معین یعد أمراً سیئاً بغیر جدال، ویسعى صاحبه جاهداً إلى التبرؤ منه، فأن الأسوأ أن یوجه هذا الاتهام لفکر القضاء، والحکم ما هو إعلان لفکر القاضی فی استعماله لسلطته القضائیة، وهو الفکر الذی یفترض المشرع تطابقه مع الحقیقة.
وتتناقض الأحکام، ما هی إلا مخالفة لقاعدة الحجیة، لابل هی من مشاکل القانون الإجرائی. ویعرف تناقض الأحکام اصطلاحاً، هو الحکم المناقض لآخر، الذی یصدر فی المسألة المتنازع علیها نفسها، ویکون منطوقه مناقضاً لمنطوق حکم آخر صادر بإجراءات ودعوى مستقلة. فلا یتصور وجود تناقض بین الأحکام، إلا إذا کان هناک حکمان مع وحدة الخصوم فی کل منهما، وان تکون المسألة المحکوم فیها واحدة، وتکون هی کذلک إذا اتحدت الدعوتان فی الموضوع والسبب، کما لو صدر حکم بالملکیة بموجب عقد بیع، وآخر ینفی البیع.
والتناقض أو ما یسمى بتعارض الأحکام یمکن تصورهما، ما بین حکمیین موضوعیین، فضلاً عن إذا کان بین حکمیین مستعجلین، ولاسیما عندما یقضی الحکم اللاحق خلافاً لما قضى به السابق، رغم اتحاد الصفة والخصوم والوقائع التی صدرا فیها.
2- الوسائل القانونیة لتلافی تناقض الأحکام.
تناقض الأحکام من المسائل التی تؤرق قاعدة حجیة الأحکام، فضلاً عن أنها تؤدی إلى عدم استقرار المراکز القانونیة والحقوق التی تحمیها، لذا فقد وجدت التشریعات الإجرائیة المدنیة، معالجات تشریعیة وقانونیة لها، بتحدیدها الجهة المختصة بترجیح ایٍ من الحکمین المتناقضین، بحیث یکون هو القابل للتنفیذ الجبری. فقانون المرافعات المدنیة العراقی رقم 83 لسنة 1969 أشار إلى ذلک بنص المادة (271) منه التی نصت على أنه (یجوز للخصوم ولرؤساء دوائر التنفیذ أن یطلبوا من محکمة التمییز النظر فی النزاع الناشئ عن تنفیذ حکمین نهائیین متناقضین صادرین فی موضوع واحد بین الخصوم أنفسهم، وتفصل الهیئة العامة لمحکمة التمییز فی هذا الطلب وترجح أحد الحکمین وتأمر بتنفیذه دون الحکم الآخر وذلک بقرار مسبب.).
فی حین عالج المشرع المصری فی قانون المرافعات المدنیة والتجاریة رقم 13 لسنة 1968 ذلک فیما تضمنته المادة (222) منه فضلاً عن المادة (249) من القانون المذکور. إذ نصت المادة (222) على أنه (یجوز أیضاً استئناف جمیع الاحکام الصادرة فی حدود النصاب الانتهائی إذا کان الحکم صادراً على خلاف الحکم سابقاً لم یحز قوة الأمر المقضی..). بینما نصت المادة (249) على أنه (للخصوم أن یطعنوا أمام محکمة النقض فی أی حکم انتهائی – أیا کانت المحکمة التی أصدرته فصل فی نزاع خلافاً لحکم آخر سبق أن صدر بین الخصوم نفسهم وحاز قوة الأمر المقضی).
فی حین اتجه المشرع الفرنسی فی قانون مرافعاته المدنیة لسنة 1975، إلى اللجوء إلى الطعن بالنقض لإزالة التناقض بین الأحکام، وذلک حسب منطوق المادة (617) منه التی نصت على أنه (ان الطعن بالنقض هو السلوک المتعین اتباعه، إذا ما صدر الحکم الثانی بالمخالفة للحکم الأول الذی حاز حجیة الأمر المقضى فیه، شرط أن یکون هناک تناقض بین الحکمین وان یتمسک صاحب المصلحة بالدفع بعدم القبول المستند إلى حجیة الشیء المقضى فیه، وإلا فأن الطعن لا یکون مقبولاً.) فضلاً عن ذلک نجد ان المادة (618) من القانون المذکور أجازت الطعن للتنافر والتناقض بین الأحکام ولو بعد انقضاء مدة الطعن المقررة للأحکام.
ولکل ما تقدم، فان هناک ثمة شروط لابد من توفرها، لکی یصار إلى ترجیح أحد الحکمین المتناقضین على الآخر، والأمر بتنفیذه من دون سواه، على وفق ما یأتی:
1- وجود تعارض فی الحکمین المنفذین.
2- وحدة عناصر الدعوى موضوعاً وسبباً وخصومة.
3- اکتساب الحکمین المتناقضین لحجیة الأحکام التی حازت درجة البتات .
4- أن یکون الحکمین المتناقضین فی أحکام الالزام القطعیة الحاسمة للدعوى.
یتضح لما تقدم أن المشرع أعتمد على الطعن بالنقض کطریق من الطرق العلاجیة لإزالة تناقض الأحکام وتعارضها
ثانیاً : المدلول التشریعی والفقهی لتفسیر الأحکام.
فیما أشار المشرع العراقی فی قانون التنفیذ رقم 45 لسنة 1980 إلى مفهوم تفسیر الأحکام، ولاسیما تلک المنفذة، فیما نصت علیه المادة (10) منه والتی جاء فیها (للمنفذ العدل أن یستوضح من المحکمة التی أصدرت الحکم عما ورد فیه من غموض، وإذا اقتضى الأمر صدور قرار منها أفهم ذوو العلاقة بمراجعتها من دون الإخلال بتنفیذ ما هو واضح فی الحکم الواجب التنفیذ).
وأشار المشرع المصری فی قانون المرافعات المدنیة والتجاریة لذلک المدلول، فی نص المادة (192) منه على أنه (یجوز للخصوم أن یطلبوا من المحکمة التی أصدرت الحکم تفسیر ما وقع فی منطوقه من غموض وإبهام ویقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى ویعد الحکم الصادر بالتفسیر متمماً من الوجوه للحکم الذی یفسره ویسری علیه ما یسری على هذا الحکم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادیة وغیر العادیة.) وسلک المشرع الفرنسی فی قانون المرافعات لسنة 1975 المسلک ذاته، عندما أعطى صلاحیة تفسیر الأحکام للمحاکم، وفی حدود معینة تجنباً لإصدار أحکام قضائیة متناقضة بسبب التفسیر اللاحق للحکم الصادر أولاً، وهذا ما أشارت إلیه المادة (461) من القانون المذکور. وسایرت هذا الاتجاه عدیداً من التشریعات والقوانین فی هذا الإطار، ومن ذلک قانون أصول المحاکمات المدنیة اللبنانی. وقانون التنفیذ الاردنی الحالی. فضلاً عن ما کان قد تضمنه قانون الإجراء الاردنی الملغی).
2- المدلول الفقهی لتفسیر الأحکام.
یجد الفقه. فی العراق، ان المقصود بمفهوم تفسیر الأحکام القضائیة المنفذة، هو إزالة الغموض والإبهام الذی یکتنف الحکم المودع للتنفیذ، الذی یجعل من وجوده عارضاً من تنفیذ الحکم بوضوح. ویکاد یتفق الفقه المذکور على وجوب توفر شروط قانونیة عدیدة، کی یقوم المنفذ العدل بالطلب من المحکمة التی أصدرت الحکم بإزالة الغموض، فی تفسیرها له، والتی یمکن أن نحددها بما یأتی:
1- أن یکون منطوق الحکم مبهماً أو غامضاً، أما إذا کان المنطوق واضحاً وصریحاً وقاطعاً بدلالته، فلا یوجد مسوغ لطلب تفسیره، حتى لا یصار إلى جعل الحکم المفسر وسیلة لتعدیل الأحکام الباتة، ویعد من قبیل حالات الغموض فی الحکم المنفذ، کأن تحکم المحکمة بالتعویض دون تحدید مقداره، أو تخلیة أحد مشتملات عقار ما، من دون تحدید رقم تسلسله من العقار برمته، أو أن تکون مقدار أتعاب المحاماة غیر محددة بشکل دقیق وواضح.
2- أن یطلب المنفذ العدل من المحکمة التی أصدرت الحکم إیضاحاً وتفسیراً عما ورد فیه من غموض، بموجب کتاب رسمی موجه لتلک المحکمة، محدداً لها ما هو مطلوب تفسیره.
3- أن یصدر التفسیر من محکمة الموضوع التی أصدرت الحکم حصراً، سواء کانت من محکمة الدرجة الأولى أو الثانیة، ویعد القرار الصادر بالتفسیر متمماً للحکم الذی یفسره، حیث یعد کأنه قد صدر من تاریخ الحکم المطلوب الاستفسار عنه.
4- یجب أن یکون الحکم المستوضح عنه، باتاً، وإلا فأنه یمکن الطعن به بطرائق الطعن التی أجازها القانون. ولا نؤید ما ذهب إلیه الفقه بخصوص هذا الشرط، إذ نعتقد بإمکانیة طلب الاستفسار حتى بالنسبة للأحکام غیر القطعیة وذلک للسببین الآتیین :
أ- جاء نص المادة (10) من قانون التنفیذ سالفة الذکر مطلقاً، ولم یبین نوع الحکم المطلوب الاستفسار عنه أو یحدده، وعما أن کان قطعیاً من عدمه، مکتسباً لدرجة البتات أم لا.
ب- أجاز قانون التنفیذ تنفیذ الأحکام، حتى ولم تکتسب درجة البتات، وهذا ما أشارت إلیه المواد (9 و 53 / أولاً) من القانون المذکور، لذا فلیس من المعقول والمنطق القانونی، أن یؤخر المنفذ العدل عملیة استیضاح للحکم المنفذ إذا ما شابه غموض، حتى یکتسب هذا الحکم درجة البتات.
ویترتب على طلب إزالة الغموض لمنطوق الحکم، إیقاف تنفیذ الحکم لنتیجة ورود الجواب، إلا ان ذلک لا یمنع المنفذ العدل من الاستمرار بالإجراءات التنفیذیة لبقیة إجزاء الحکم إن کانت واضحة لا علاقة لها بموضوع الاستفسار.
وطالما تناولنا موضوع تفسیر الأحکام المنفذة، والجهة التی طلبت التفسیر للحکم المشوب بغموض منطوقه. ان نقترح على المشرع العراقی فی قانون التنفیذ، أن یمنح الحق بطلب التفسیر للخصوم أیضاً فضلاً عن المنفذ العدل، لذا نقترح تعدیل المادة (10) من هذا القانون، إذ تقرأ على الوجه الآتی :
(للمنفذ العدل من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب الخصوم أن یستوضح من المحکمة التی أصدرت الحکم مما ورد فیه من غموض وإذا اقتضى الأمر صدور قرار منها أفهم ذو العلاقة بمراجعتها من دون الإخلال بتنفیذ ما هو واضح فی الحکم الواجب التنفیذ).
بعد العرض المتقدم فأنه یمکننا أن نبین أوجه التشابه والاختلاف ما بینهما وبین التنفیذ العکسی على وفق الآتی :
أولاً : وجه التشابه ولاسیما من حیث (النطاق).
إن النظم المشار إلیها یکاد یجمعها قاسم مشترک واحد، وهو ان مدار نطاقها هو قانون التنفیذ والعملیة التنفیذیة التی تتعلق بتنفیذ هذه الأحکام فی الاضبارة التنفیذیة. سواء تلک المتعلقة بالحکم الصادر من محکمة الطعن المختصة، الذی الغى الحکم المنفذ، أو تلک التی یشوبها التناقض فی منطوقها، فکل هذه النظم مع التنفیذ العکسی، إذا لم یتم معالجتها ستکون من عوارض تنفیذ الأحکام، ولاسیما إذا تعذر إعادة الحالة بموجب التنفیذ العکسی، فضلاً عن إمکانیة اشتراک التنفیذ العکسی مع تفسیر الأحکام، بصفة مشترکة، وهی عندما یکون الإلغاء للحکم المنفذ جزئیاً، إذ تعاد الحالة للقسم المنقوض، والاستمرار بالتنفیذ للقسم الآخر، وهذا ما یتشابه مع حالة تفسیر الحکم، عندما یکون الغموض یشوب جزءاً منه دون الآخر، فیصار إلى تنفیذ ذلک الجزء غیر المستوضح عنه.
ثانیاً أوجه الاختلاف.
یمکن تلمس اختلاف المفاهیم القانونیة فی أعلاه مع التنفیذ العکسی للأحکام بشکل واضح وجلی بما یأتی:
1- لا یعد طلب الترجیح لأحد الحکمین المتناقضین من محکمة التمییز، وطلب تفسیر لحکم من محکمة الموضوع، من طرائق الطعن فی الأحکام، بالرغم من أنه فی الحالة الأولى یتم عرض الأمر على محکمة التمییز، وفی الثانیة على محکمة الموضوع، لإصدار حکم مکمل ومفسر للأول، بل ان کلیهما وسائل لتحقیق ما قصده المشرع من إزالة للتناقض، أو الغموض الذی یتعلق بمنطوق الأحکام، من دون إلغائهما على خلاف ما یستند إلیه التنفیذ العکسی، بمراجعة المدین لإحدى طرق الطعن على المنفذ واستحصاله على حکم الإلغاء من محکمة الطعن المختصة إبطالاً أو فسخاً أم نقضاً.
2- یرد الحکم المطعون فیه من المدین على الحکم المنفذ، فی إطار عملیة التنفیذ العکسی، لان ذلک الحکم غیر نهائی أو بات حائزاً لحجیة الشیء المقضی فیه، فی حین نجد ان الطلب المتعلق بترجیح أحد الحکمیین للتناقض فی منطوقهما، یشترط أن یکونان نهائیین. فضلاً عما تقدم نجد أن الطعن بالحکم المنفذ الذی الغی لاحقاً یقتصر على المدین الطاعن حصراً، کونه الخاسر للدعوى. فی حین نجد ان فی طلبی إزالة التناقض أو تفسیرها، تتم ممارستها من رؤساء دوائر التنفیذ ومن دون أن یترتب علیها إلغاء الحکم المنفذ، بل ترجیح احدهما على الآخر، فضلاً عن إزالة غموضها.
الخاتمـة
یمکن أن نحدد أبرز النتائج والتوصیات فی نهایة هذا البحث بما یأتی:-
أولاً :- النتائج.
للفقه الإسلامی فضل السبق، على القوانین الوضعیة فی معرفة هذا النوع من التنفیذ، إذ عرف الفقه المذکور، ماهیة الأحکام القضائیة وتنفیذها، والطعن فیها، والآثار المترتبة علیها، فضلاً عن ترتب المسؤولیة من جراء التنفیذ الملغی، ویعد سند النقض الصادر من القاضی المسلم سنداً تنفیذیاً لإعادة الحال، وإن الذی یلزم بإعادة الحال ورد الشیء المسلم له هو المحکوم له أن کان موسراً، وان بیت المال یتحمل المسؤولیة والتعویض إن کان معسراً، أو إذا کان القاضی قد أخطأ فی حکمه عمداً.
1- لهذا التنفیذ أساسه التشریعی والذی یمثل بموقف القوانین المقارنة فضلاً عن موقف القانون العراقی بذلک، إذ ترتب هذه القوانین جمیعها على إلغاء الحکم المنفذ إعادة الحالة إلى ما کانت علیه ورد المقبوض من قبل الدائن والقابض للشیء محل التنفیذ مع الدور الفعال من قبل الفقه والقضاء فی تأکیده وارساء مفهومه.
2- تقتصر مباشرة التنفیذ الجبری العکسی، من المدین ضد الدائن، لصدور حکم الإلغاء من محکمة الطعن المختصة (إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً)، بسبب ممارسة المدین لحق الطعن بالحکم المنفذ وإلغائه، إذ یترتب على هذا الحکم، إلغاء الإجراءات التنفیذیة السابقة على التنفیذ کافة، فضلاً عن تغیر فی المراکز القانونیة لأطراف الاضبارة التنفیذیة.
3- لا یحوز الحکم القضائی القوة التنفیذیة فی إطار القوانین المقارنة إلا بعد اکتسابه لقوة الشیء المقضی فیه (الاعتراض والاستئناف) فی حین لا یشترط ذلک فی إطار قانون التنفیذ العراقی.
4- یتشابه التنفیذ العکسی ویختلف فی أوجه متعددة مع نظم قانونیة أخرى، مما یعطى له خصوصیة معینة تکاد تمیزه من تلک النظم، إذ أن إعادة الحالة والإلزام برد المال الفعلی لمحل التنفیذ یتم من دون حاجة لحکم قضائی جدید إذ یصلح حکم الإلغاء لمباشرة طلب الرد العینی للمال المذکور.
التوصیات :-
ازاء النتائج التی تم التوصل إلیها، فلا بد من وجود بعض التوصیات التی نجدها ضروریة للبحث محل الدراسة ونبین ذلک بما یأتی:-
1- نوصی المشرع العراقی فی قانون التنفیذ وطالما أنه یجیز تنفیذ الأحکام، فی مدة الطعن فیها بطرائق الطعن القائمة بصددها، أن یعید صیاغة نص المادة (51) من قانون التنفیذ بفقرتیها لغویاً واصطلاحیاً، إذ تعطی مفهوماً واضحاً وصریحاً لما یترتب على إلغاء الحکم المنفذ، بحیث تقرأ على الوجه الآتی : (أولاً – إذا ألغی الحکم المنفذ إبطالاً أو فسخاً أو نقضاً کلیاً فتعاد الحالة إلى ما کانت علیه سابقاً من دون حاجة إلى استحصال حکم بذلک. ثانیاً – إذا الغی الحکم المنفذ جزئیاً تعدیلاً أو فسخاً أو نقضاً فیقتصر التنفیذ على الجزء المکتسب درجة البتات وتعاد الحالة إلى ما کانت علیه بالنسبة للجزء الأخیر ما لم یکن ذلک الجزء هو الأساس فی الحکم المنفذ.).
2- نوصی المشرع العراقی أیضاً، باستحداث ما یسمى بنظام قاضی التنفیذ أسوة بالتشریعات المقارنة، لما ذلک من أهمیة فی منح القائم بالتنفیذ صلاحیات وسلطات أوسع، تجعله قادراً على حل المنازعات والاشکالات التی تثار فی أثناء التنفیذ، من دون اللجوء إلى القضاء الموضوعی لحسمها. ونقترح تعدیل الفقرة (رابعاً) من المادة (6) من قانون التنفیذ النافذ، على وفق النص المقترح الآتی :
رابعاً : یتولى إدارة مدیریة التنفیذ وممارسة الاختصاصات المحددة له فی هذا القانون فضلاً عن سلطته بحبس المدین قاضی من قضاة الصنف الثالث یقوم رئیس مجلس القضاء الأعلى بالتنسیق مع وزیر العدل بتعیینه.
3- لتلافی عدم تحقق إعادة الحالة، لإلغاء الحکم المنفذ، نقترح على المشرع العراقی أیضاً أن ینص فی قانون التنفیذ على عدم جواز تنفیذ الأحکام القضائیة إلا بعد اکتسابها للدرجة القطعیة اعتراضاً واستئنافاً باستثناء الأحکام المشمولة بالنفاذ المعجل.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (France)
First: - Books interpretation of the Koran.
1- Sheikh Mohammed Ali Al-Sabounji, Safwa Al-Tafseer, C3, Modern Library, Sidon, Beirut, 1431H - 2010.
2 - Sheikh Jalal al-Din Muhammad ibn Ahmad local and Jalal al-Din Abdul Rahman bin Abi Bakr al-Suyuti, Tafsir al-Jalalin imams, I 12, Dar Ibn Katheer, Damascus, Beirut, 1426 e.
3 - Imam al-Hafiz Imad al-Din Abu al-Fidaa Ismail bin Katheer al-Quraishi, interpretation of the great Quran, C 5, the achievement of the mark Mohammed Nasser al-Din al-Albani, Safa Library, Cairo, 1425 AH / 2005.
Second: Books of Hadith and interpretation.
1 - Abu Zakaria Muhyiddin bin Sharaf al-Nawawi, Sharh Saheeh Muslim, 1, Dar al-Fajr Heritage, Cairo, 1999.
2- Imam Ali bin Omar al-Dar al-Qutni, Sunan al-Dar al-Qutni, c 4, 2, vol. II, World Book House, Beirut, Lebanon, without a year printed.
3 - Mohammed bin Habban bin Ahmad al-Tamimi, Saheeh Ibn Habban, arranged by Ibn Bilban, the investigation of Shu'ayb al-Arnaout, C 11, I 2, the Foundation letter, Beirut, 1414 AH / 1993.
4 - Imam Muhammad bin Issa, Sunan al-Tirmidhi, Press Fagala, Cairo, 1350 e.
5 - Muslim bin Hajjaj bin Muslim Qusairi Nisaburi in his right, 2, Dar al-Fayhaa, Damascus, Dar al-Salam, Riyadh, 2000.
Third: - Language books and dictionaries.
1 - Imam Abu al-Fadl Jamal al-Din Muhammad ibn Makram (son of the perspective) of the tongue of the Arabs, Volume 9, 4, Dar Sader for printing, Beirut, Lebanon, 2005.
2 - Abu Al-Hussein Ahmed bin Fares bin Zakaria, dictionary of the standards of language, the investigation of Abdul Salam Mohammed Harun, C 4, scientific bookstore, Qom, Iran, 395 e.
3 - Abdul Rahman Al-Khalil bin Ahmed Al-Farahidi, book of the eye, 2, the House of Revival of Arab heritage, Beirut, 2005.
4 - Louis Maalouf, Mounjid students, the investigation of Fouad Afram Bustani, I 21, Orient House, Beirut, Lebanon, 1956.
5. Imam Muhammad ibn Abi Bakr al-Razi, Mukhtar al-Sahah, Dar al-Radwan, Aleppo, 2005.
6- Mustafa Ibrahim et al., The Intermediate Dictionary, Islamic Library, Istanbul, Turkey, without a year printed.
Fourth: - Islamic jurisprudence books.
1 - Abu Barakat Ahmed bin Mohammed bin Ahmed, small commentary on the closest path to the doctrine of Imam Malik, Press Issa Albabi Halabi, Egypt.
2 - Abu Bakr Omar al-Khasaf, literature judge, C 1, investigation d. Muhi Hilal Al-Sarhan, Al-Ershad Press, Baghdad, 1977-1978.
3 - Abu Abbas Ahmad ibn Hajar al-Hitmi, the Grand Jurisprudence Fatwas, Dar al-Kuttab al-Alamiya, Beirut, 1983.
4- Abu al-Hasan Ali ibn Muhammad Habib, Maraudi al-Basri al-Shafi'i, The Literature of the Judge, 1, Muhi Hilal Al-Sarhan, Al-Arhad Press, Baghdad.
5- Abu Abdullah Muhammad Al-Ansari Al-Rasaa, Explanation of the limits of Ibn Arafah Guidance sufficient enough to clarify the facts of Imam Ibn Arafa Al-Waafiyyah, 1, Investigation of Muhammad Abu Al-Ahqaq, Dar Al-Arab Al-Islami, Beirut, Lebanon, 1993.
6 - Ahmed Ibrahim, legal proceedings, without place and year printed.
7- Prof. Muhy Hilal Al-Sarhan, General Theory of the Judiciary in Islam, Center for Research and Islamic Studies, Baghdad, 2007.
8- Dr. Ahmed Ali Yousef Jaradat, The Theory of Implementing Civil Judgments in Islamic Jurisprudence, Comparative Study, I, Dar Al Nafais Publishing and Distribution, Amman, 2006.
9- Dr. Ahmed Qutb, Abuse of the Right to Litigation between the Islamic System and Legal Systems, New University Publishing House, Alexandria, 2006.
10- Dr. Al-Saeed Mohammed Al-Azmazi Abdullah, the executive authority in the law of pleadings, a thorough study compared to Islamic jurisprudence, the Modern University Office, Cairo, 2008.
11- Dr. Hassan Mohamed Boudi, Collateral Guarantees before the Judiciary in Islamic Law, Comparative Study, Shatat Press, Cairo, Egypt, 2011.
12- Dr. Abdul Karim Zaidan, The Judicial System in the Islamic Shari'a, I 13, Al-Ani Press, Baghdad, 1404-1984.
13- Dr. Mohammed Reza Al-Nimr, State Responsibility for Judicial Mistakes, Comparative Analytical Study in the Egyptian and Islamic Judicial System, 1, National Center for Legal Publications, Cairo, Egypt, 2010.
14- Dr. Mahmoud Al-Amir Al-Sadiq, Implementation of Judgments in Islamic Jurisprudence, Comparative Study of the Law of Proceedings, Dar al-Kitab al-Din, Dar Shatat, Egypt, 2011.
15- Dr. Wissam Ahmed Al-Samarout, Shari'a Jurisdiction, Comparative Juristic Jurisprudence, Al-Halabiya Publications, Beirut, Lebanon, 2009.
16- Shams al-Din Abu Abdullah Muhammad ibn Abqir Qayyim al-Jawziyya, informing the signatories of the Lord of the Worlds, Dar al-Jalil, Beirut, 1973.
17 - Judge Burhan Ibrahim bin Ali Abi Qasim Mohammed bin Farhoun, the insight of the rulers in the assets of the districts and methods of judgments, Mustafa Al-Babi Halabi Press, Egypt, 1958.
18 - Mohammed Habib Tijkani, general theory of the judiciary and evidence of Islamic law, comparisons of positive law, the Arab Horizons, Baghdad and the Arabic publishing house, Fez, without a year printed.
19 - Mohamed Amin known as Ibn Abdeen, a footnote to the response of the chosen Ali Durr Mukhtar, Al-Babi Halabi Press, Cairo, 1966.
20 - Mohammed bin Abdul Rahman Al-Khattab, talents of the Galilee to explain Khalil Khalil, c 6, Library of Libya, without a year printed.
21- Muhammad ibn Muhammad ibn Khalil al-Masri Abi al-Faras, Badriya fruits in the ruling qadiyas, Nile Press, Egypt, without a year printed.
22 - Mansour bin Younis bin Idris al-Bahouti, Scouts of the mask on the board of persuasion, Dar Al-Fikr for printing and publishing, Beirut, 1982.
Fifth: Books and legal works.
1. Dr. Ajyad Thamer Nayef al-Dulaimi, Procedural Protection of Civil Governance of Contradiction, Dar Al-Jaleel Al Arabi, Mosul, 2014.
2. Ahmed Hendi, Judgments of the Court of Cassation and its effects, New University House, Alexandria, 2006.
3. Dr. Ahmed Khalil, Conflicts between Judicial Rulings, University Publications House, Alexandria, 1989.
4. Dr. Ahmed Khalil, Forced Execution, Halabi Publications, Beirut, Lebanon, 2006.
5. Advisor Ahmed Al-Taher, Al-Bititi, judge of the obstacles to material implementation, without place to print, 2010.
6. Dr. Ahmed Maher Zaghloul, The Effects of Repeal of Judgments after Execution, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1992.
7. Dr. Ahmed M. Hashish, The Principle of Non-contradiction of Provisions, No Place to Print, 1997.
8. Dr. Ahmed Meliji, The Comprehensive Encyclopedia of Implementation, Publisher National Center for Legal Publications, Cairo, 2009-2010.
9. Dr. Adam Wahib al-Nadawi d. Hashem Al-Hafez, History of Law, Higher Education Press, Baghdad, 1989.
10. Dr. Said Mubarak, Provisions of the Implementation Law No. 45 of 1980, House of Wisdom, University of Baghdad, 1980.
11. Dr. Sayed Ahmed Mahmoud, Principles of forced execution in accordance with the Code of Civil and Commercial Proceedings, Mahalla, Egypt, 2008.
12. Dr. Abbas al-Aboudi, Hamorabi Law, Comparative Study with Old and Modern Iraqi Legislation, Dar al-Kitab for Printing and Publishing, Mosul University, 1999.
13. Abdel Wahab Arfa, Forced Enforcement, i., Publisher, National Center for Legal Publications, Cairo, 2009.
14. Judge Abboud Saleh Mahdi, Explanation of the Execution Law, No. 45 of 1980, Al-Khairat Press, Baghdad, 2005.
15. Ali Muzaffar Hafez, Explanation of the Execution Law, Al-Ani Press, 1957-1958.
16. Dr. Akasha Mohamed Abdel Aal, Roman Law, University House, 1988.
17. Dr. Okasha Mohamed Abdel Aal and Dr. Tareq Al-Majzoub, History of Legal and Social Systems, Faculty of Law, Beirut University, 1988.
18. Dr. Fawzi Rashid, The Ancient Iraqi Laws, Publications of the Ministry of Culture and Information, Dar Al-Rasheed Publishing, 1979.
19. Dr. Kamal Abdel Wahed El Gohary, Origins and Interpretation of the Rules of Forced Enforcement in the Civil and Commercial Procedure Law, Dar Mahmoud Publishing and Distribution, Cairo, without a year of printing.
20. Medhat Al-Mahmoud, Explanation of the Implementation Law No. 45 of 1980 and its practical applications, Publisher, Legal Department of the Ministry of Justice, Baghdad, 1992.
21. Dr. Nabil Ismail, Origins of Forced Execution in Lebanese Law, No Place to Print, 1997.
22. Dr. Nabil Ismail Omar, Problems of forced and temporal implementation of objectivity, New University House, Alexandria, 2011.
Sixth: Judicial decisions (unpublished).
1 - The decision of the Federal Court of Cassation No. 1050 / Movable, 2008 on 15/12/2008.
2 - The decision of the Federal Court of Cassation, No. 2350 / Appeal / Movable Body, 2011 on 23/1/2012.
3 - The decision of the Court of Appeal Baghdad Federal Rusafa as discriminatory by number 56 / T / 2010 on 11/3/2010.
4 - The decision of the Court of Appeal of the Federal Nineveh as discriminatory by the number 174 / T / 2011 on 22/8/2011.
Seventh: Laws.
1. Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.
2. The Syrian Civil Procedure Code No. 84 of 1953.
3- Egyptian Civil and Commercial Procedures Law No. 13 of 1968.
4. Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969.
5 - French Civil Procedure Code 1123 of 1975.
6. Iraqi Execution Law No. 45 of 1980.
7. Lebanese Civil Procedure Law No. 90 of 1983 amended.
8. The Egyptian Civil Code No. 31 of 1984.
9. The French Implementation Act of 1991 and its accompanying decree in 1992.
Eighth: Sources in French:
1. Garsonnet, CezarBru: Traite theorique prattique depprocedure civile et commerciale. T.6. 1915,
2. Jean cincentet Serge Guinchard, procedure civile, Dalloz, Paris, 1999.
3. J Normand, juris - Glassenr, procedure civile, Fasc, no 67.