الملخص
أشار عهد عصبة الأمم، فی المادة 21 منه، إلى صلاحیة التفاهمات الإقلیمیة لکفالة صون السلم؛ اذ کرس میثاق الأمم المتحدة الفصل الثامن لما یعرف بالترتیبات أو الوکالات الإقلیمیة التی تعالج من الأمور التی تتعلق بصون السلم والأمن الدولیین ما یکون العمل الإقلیمی مناسبا فیها ومتلائما مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها؛ وقد فوتت الحرب الباردة فرصة الاستفادة الصحیحة من الفصل الثامن؛ بل إنه فی تلک الحقبة کان من شأن الترتیبات الإقلیمیة فی الواقع أن عرقلت أحیانا حل المنازعات بالوسیلة السلمیة المنصوص علیها فی المیثاق ویغفل عمدا إیراد أی تعریف دقیق للترتیبات والمنظمات الإقلیمیة، ولذا یسمح بالمرونة المفیدة لمحاولات تضطلع بها الدول لمعالجة أمر یکون العمل الإقلیمی مناسبا فیه ویمکن أیضا أن یسهم فی صون السلم والأمن الدولیین؛ وفی الماضی، کانت تقام الترتیبات الإقلیمیة فی کثیر من الأحیان لعدم وجود نظام عالمی للأمن الجماعی؛ ومن ثم یمکن لأنشطتها أن تتعارض أحیانا فی أهدافها مع الإحساس بالتضامن المطلوب لکفالة فعالیة المنظمة العالمیة؛ ولکن تستطیع الترتیبات أو الوکالات الإقلیمیة، فی هذا العصر الجدید الذی تتوفر فیه الفرص، لخدمة جلیلة إذا تم الاضطلاع بأنشطتها بما یتسق مع مقاصد ومبادئ المیثاق.
الموضوعات
أصل المقالة
دور المنظمات الاقلیمیة فی عملیات حفظ السلام-(*)-
حلا أحمد محمد الدوری کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Hala Ahmed Mohamed Al-Douri College of law / University of Mosul Correspondence: Hala Ahmed Mohamed Al-Douri E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 22/1/2018 *** قبل للنشر فی 27/3/2018.
(*) Received on 22/1/2018 *** accepted for publishing on 27/3/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2018.160772
© Authors, 2018, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
أشار عهد عصبة الأمم، فی المادة 21 منه، إلى صلاحیة التفاهمات الإقلیمیة لکفالة صون السلم؛ اذ کرس میثاق الأمم المتحدة الفصل الثامن لما یعرف بالترتیبات أو الوکالات الإقلیمیة التی تعالج من الأمور التی تتعلق بصون السلم والأمن الدولیین ما یکون العمل الإقلیمی مناسبا فیها ومتلائما مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها؛ وقد فوتت الحرب الباردة فرصة الاستفادة الصحیحة من الفصل الثامن؛ بل إنه فی تلک الحقبة کان من شأن الترتیبات الإقلیمیة فی الواقع أن عرقلت أحیانا حل المنازعات بالوسیلة السلمیة المنصوص علیها فی المیثاق ویغفل عمدا إیراد أی تعریف دقیق للترتیبات والمنظمات الإقلیمیة، ولذا یسمح بالمرونة المفیدة لمحاولات تضطلع بها الدول لمعالجة أمر یکون العمل الإقلیمی مناسبا فیه ویمکن أیضا أن یسهم فی صون السلم والأمن الدولیین؛ وفی الماضی، کانت تقام الترتیبات الإقلیمیة فی کثیر من الأحیان لعدم وجود نظام عالمی للأمن الجماعی؛ ومن ثم یمکن لأنشطتها أن تتعارض أحیانا فی أهدافها مع الإحساس بالتضامن المطلوب لکفالة فعالیة المنظمة العالمیة؛ ولکن تستطیع الترتیبات أو الوکالات الإقلیمیة، فی هذا العصر الجدید الذی تتوفر فیه الفرص، لخدمة جلیلة إذا تم الاضطلاع بأنشطتها بما یتسق مع مقاصد ومبادئ المیثاق.
Abstract
The Charter of the United enshrines Chapter VIII of regional arrangements or agencies dealing with matters relating to the maintenance of international peace and security where regional action is appropriate and in conformity with the purposes and principles of the United Nations ; The Cold War missed the opportunity to make the right use of Chapter VIII; at that time, regional arrangements were in fact sometimes impeding the resolution of disputes by the peaceful means provided for in the Charter and the Charter deliberately omitting any precise definition of arrangements And regional organizations, thus allowing for the useful flexibility of attempts by States to deal with something in which regional action is appropriate and can also contribute to the maintenance of international peace and security. In the past, regional arrangements have often been made because of the absence of a global system of collective security; their activities can sometimes conflict with their objectives with the sense of solidarity required to ensure the effectiveness of the world Organization; To provide a great service if its activities are carried out in conformity with the purposes and principles of the Charter.
المقدمـة
أولاً :_مدخل تعریفی بموضوع البحث :_
کرس الفصل الثامن من المیثاق الاممی للمنظمات والاتفاقات الاقلیمیة فی هیکلیة منظمة الامم المتحدة للمحافظة على السلام والامن العالمیین ونشاطاتها وقد خص المیثاق فی الفصل الثامن المادتین (52و53)لتوضح العلاقة العضویة والوظیفیة بین الامم المتحدة والمنظمات الإقلیمیة. وقد اکتسبت قضایا المحافظة على السلام الدولی أهمیة خاصة وأصبحت من أولى المهام التی تقوم بها المنظمات الدولیة والاقلیمیة على حد سواء ،ومن المنظمات الاقلیمیة التی تتولى تسویة المنازعات الناشئة بین الدول الأعضاء هی الاتحاد الاوربی ومنظمة حلف الشمال الاطلسی ومنظمة حلف وارشو السابق والاتحاد الافریقی ومنظمة المؤتمر الاسلامی ،وقد توافق اقرار قیام المنظمات الإقلیمیة فی میثاق الأمم المتحدة مع نظام الأمن الجماعی ووجوب التسویة السلیمة للمنازعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی والتی تعرف بانها تلک المنازعات التی تنشأ بین دول داخلة فی تنظیمات او تکتلات اقلیمیة ترتبط بروابط سیاسیة او اقتصادیة او اجتماعیة او ثقافیة.
ثانیاً: إشکالیة البحث:
تتمثل إشکالیة البحث فیما یأتی :_
ثالثاً: فرضیة البحث:
هناک علاقة طردیة بین اتساع نطاق النزاعات ذات الطابع غیر الدولی وبین آلیات القانون الدولی التی تتمثل بنشاطات المنظمات الاقلیمیة ونتاجها القانونی لاستتباب الأمن وتحقیق السلام فی أرجاء العالم ؛إذ یتطلب من التنظیم الاقلیمی سد الثغرات التی تنجم عن خرق هدف حفظ الأمن والسلم الدولیین ومن ثم حفظ الأمن والسلم الاقلیمی خاصة بعد تفشی ظاهرة النزاعات الداخلیة المؤسسة على الأثنیة أو الهویات المحلیة.
وتقوم فرضیة الدراسة على ما یأتی :_
رابعاً: أهمیة البحث:
خامساً:_ نطاق البحث:_
سادساً: منهجیة البحث:
اعتمد البحث على المنهجین الآتیین:_
سابعا: هیکلیة البحث:
تقتضی معالجة موضوع البحث تقسیمه إلى ثلاثة مباحث، فضلاً عن المقدمة والخاتمة على وفق ما یأتی:_
المبحث الاول
علاقة المنظمات الإقلیمیة بمجلس الأمن الدولی
ودورها فی حفظ السلام
کانت الحرب الباردة السبب فی عدم تطبیق الفصل الثامن من المیثاق حتى أن بعض الدول تعارض حل المنازعات حسب مواد المیثاق بوصفها لا تخدم المصلحة العامة وغیر مطبقة بصفة فعلیة؛ وقد نظم المیثاق علاقة المنظمات الإقلیمیة بالأمم المتحدة بشکل یضمن للأمم المتحدة الرقابة على تلک المنظمات ولاسیما فی الامور التی تهم الأمن والسلم الدولیین ؛ولکی لا یکون وجود تلک المنظمات مؤثرا او مضعفا لدور الأمم المتحدة وبالاستناد إلى أن اعضاء المنظمات الإقلیمیة هم اعضاء فی الأمم المتحدة وعلیهم أن یغلبوا المصلحة العامة على المصالح الاقلیمیة ولاسیما فیما یتعلق بالأمن والسلم الدولیین.
ولعرض علاقة المنظمات الاقلیمیة بمجلس الأمن الدولی ودورها فی حفظ السلام سوف نقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نتناول فی المطلب الاول الشراکة بین مجلس الأمن والمنظمات الاقلیمیة فی حفظ السلام ویتناول المطلب الثانی عدم احترام الاقتسام الوظیفی بین مجلس الأمن والمنظمات الاقلیمیة ویتناول المطلب الثالث تطبیق اجراءات القسر الجماعی بالمنظمات الاقلیمیة.
المطلب الاول
الشراکة بین مجلس الأمن والمنظمات الاقلیمیة فی حفظ السلام
من اکثر الامور التی توضح الشراکة بین الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة هو شروع منظمتین فی عملیات خارج حدودهما مثال ذلک قیام الاتحاد الاوربی فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة (عملیة ارتمیس) والناتو فی افغانستان بالأضلاع بعملیة (ISAF) وکان هذا امرا جدیدا وملفتاً للنظر لعدد من الاسباب اولها کان کثیرون فی الامم المتحدة فی اشد القلق من التطور الاخیر لقدرات المنظمات الاوربیة على ادارة ازمات ،ولیس هذا ناجما عن الخوف مما یمکن لفاعلین اوربیین أن یفعلوا وانما مما لن تفعله الدول الاوربیة أی المساهمة فی عملیات حفظ سلام فی اطار الامم المتحدة وقد خشی مسؤولو الامم المتحدة بعد أن وجدوا النقص الحالی فی مساهمات دول متطورة بعناصر بشریة فی عملیات سلام خاصة بالأمم المتحدة من أن یؤدی الترکیز على بناء قدرة الاتحاد الاوربی والناتو على ادارة الازمات إلى ابداء الدول الغربیة اهتماما اقل ومساعدة اقل لعملیات الامم المتحدة فی افریقیا واسیا ونشر عملیة الاتحاد الاوربی (عملیة ارتمیس) على نحو واضح لمساعدة عملیة للأمم المتحدة لإدارة وضع امنی خطر قطع مسافة باتجاه معالجة هذا القلق والاهم من ذلک هو أن ادخال صراعات افریقیة إلى اجندة الاتحاد الاوربی ذهب بعض الشیء باتجاه سد الفجوة بین اقوال الدول الاوربیة وافعالها بشأن ضرورة تقویة عملیات الامم المتحدة الخاصة بحفظ السلام وقد تعهد الاتحاد الاوربی بزیادة المساعدة التنمویة لجمهوریة الکونغو الدیمقراطیة وکان ذلک بحلول نهایة 2003 ویستطلع الاتحاد الاوربی ارسال بعثة تدریبیة إلى کینشاسا للمساعدة فی تأسیس وحدات شرطة متکاملة هناک. وعلى المستوى المؤسسی ساعدت تجربة جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة فی الحث على تعمیق التنسیق الرسمی بین الامم المتحدة والاتحاد الاوربی کما تجلى ذلک فی ایلول 2003 فی الاعلان المشترک بشأن تعاون الاتحاد الاوربی والامم المتحدة على ادارة الازمات؛ ولکن یبقى أن یرى ما اذا کانت مهمة الاتحاد الاوربی فی افریقیا هی محاولة لمرة واحدة ام لا ؛ والاتحاد الاوربی لایزال یفتقر إلى القدرات اللوجستیة وقدرات القیادة والسیطرة اللازمة لإعداد وادارة عملیة عسکریة ضخمة اذ کانت عملیة ارتمیس بقیادة فرنسا قد تم اعدادها وادارتها فی مقر قیادة اریس واستقلالها عن سیطرة الامم المتحدة ومدتها الزمنیة المحدودة وتدل على تردد الدول الاعضاء فی الاتحاد الاوربی للقیام بعملیات خطرة خارج الحدود ،ویزید هذا التردد انضمام عشرة اعضاء جدد إلى الاتحاد الاوربی اذ لیس لهؤلاء الاعضاء مصالح فعلیة فی افریقیا ومع هذا کله اثبت تلک العملیة قدرة وان کانت قصیرة الامد من قبل الاتحاد الاوربی فی ادارة ازمات اقلیمیة وشراکة دولیة مع منظمة الامم المتحدة ویمکن ادارج الازمة الیوغسلافیة لتوضیح اکثر لعلاقة الشراکة الوظیفیة بین مجلس الأمن وبین المنظمات الاقلیمیة حیث حاولت منظمة الامم المتحدة اللجوء إلى الاتحاد الاوربی لحفظ الأمن والسلم الدولیین وقد اتضح ذلک الامر فی قرار مجلس الأمن المرقم 749 المؤرخ فی 7 نیسان 1992 اذ طلب مجلس الأمن بموجب هذا القرار جمیع الاطراف المعنیة فی یوغسلافیا بالتعاون مع الاتحاد الاوربی للوصول إلى وقف اطلاق النار والتفاوض من اجل الوصول إلى حل سلمی وسیاسی ینهی الصراع. وقد حاول الاتحاد الأوربی أن یحل الصراع الیوغسلافی وتمخضت جهوده عن إبرام اتفاقیة وقف إطلاق النار وإرسال مراقبین أوربیین یتراوح عددهم من 30_50 مراقب مکلفین بالإشراف على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بین الطرفین، وبعد العجز الذی أصاب الاتحاد الأوربی فی وقف إطلاق النار بدأت الأمم المتحدة فی التحرک ،و تظهر تلک الحالة التعاون بین الأمم المتحدة وبین المنظمات الإقلیمیة؛ وکانت هناک شراکة إقلیمیة دولیة عندما تولى الناتو قیادة (ISAF) بمشارکة اورو _ أطلسیة خارج الحدود وبالنظر إلى بعد أفغانستان نسبیا عن أوربا وعدم وجود ارث من علاقة استعماریة مع أی دولة أوربیة وقد عکست أولى عملیات الناتو خارج الحدود التزامات سبق للدول الأعضاء فیه أن القتها على عاتقها وقد تم تداول قیادة(ISAF) مناورة بین أعضاء الناتو (المملکة المتحدة وترکیا وألمانیا وهولندا وکان هذا أسلوبا مکلفا وغیر فعال فی تقاسم أعباء العملیة وسبق لألمانیا وهولندا أن استغلتا قدرة الناتو التخطیطیة واستعانتا بها فی الإعداد لقیادتهما المشترکة لـ (ISAF) عام 2003 وهکذا کانت أهمیة تولی الناتو بصورة رئیسیة أهمیة ذاتیة وسیاسیة بالنسبة إلى المنظمة إذا أومأت إلى موافقة بین الدول الأعضاء فی الناتو على ما تدعو الولایات المتحدة إلیه من إضفاء دور جدید وهویة جدیدة على حلف ذی جذور ضاربة فی نموذج دفاع جماعی فی حرب باردة ؛ولاسیما بعد تجربة العراق التی أحدثت شقاقا وکان سبب دخول الناتو إلى أفغانستان بالضبط استحالة تنفیذ عملیة له فی العراق فی إعقاب الحرب فی العراق ولذا من غیر المرجح أن تؤدی هذه التجربة فی الأمد القصیر إلى أی إعادة فحص جوهریة للعلاقة بین الأمم المتحدة والناتو ولا یزال التعاون بین المنظمات على الأرض قائما على تجاربها المشترکة فی البلقان التی کان حضور الأمم المتحدة والناتو الکبیر والمنفصل واستقلال الناتو فی عمله مبادئ أساسیة فیها؛ وهناک عاملین متمیزین یجعلان الصورة اعقد فی أفغانستان مما کانت علیه فی حالات سابقة من حالات انتشار الأمم المتحدة والناتو فی مواقع مشترکة أولها (اول تلک العوامل) یقبع حضور (ISAF) المقتصر حالیا على کابول وکندوز فی محاذاة قوات التحالف التی تقودها الولایات المتحدة بصورة رئیسة فی الأنحاء الجنوبیة والشرقیة من أفغانستان ورغم أن المهمة الرئیسة لقوات التحالف هی مقاتلة ومطاردة مقاتلی طالبان واعتقالهم فان وجود هکذا قوات یمثل حضورا امنیا مهما فی البلد المضطرب، وقد شکلت فرق الأعمار الإقلیمیة تحت قیادة التحالف وعهدت إلیها مسؤولیة دعم قوات الحکومة المحلیة وتوفیر أمن محلی ومد ید المساعدة فی عملیات نزع السلاح والتسریح وإعادة الدمج والعامل الثانی أن حضور الأمم المتحدة فی أفغانستان محدود ویتبع على حد تعبیرها مقاربة اثار اقدام خفیفة وبسبب الاضطراب المستمر فی افغانستان فان الامم المتحدة تعتمد کثیرا على الحمایة والدعم من قوات امنیة دولیة لتنفیذ مهماتها وتعدد الفاعلین وحضورهم الموقع فی ارض واسعة والبیئة الامنیة العسیرة التی یعملون بها کل ذلک یعتبر ویجعل التنسیق الدولی مثار تحد بقدر ما هو ضروری؛ وفی 13 تشرین الاول عام 2010 ناقش مجلس الأمن سبل تعزیز التعاون بین الأمم المتحدة والمنظمات الإقلیمیة فی معالجة الأزمات العالمیة، مع دعوة الأمین العام السابق بان کی مون إلى مزید من المرونة فی مواجهة المشاکل المعقدة؛ وقال الأمین العام فی أیة أزمة تواجهنا نحتاج إلى لاعبین للتعاون فی الأوجه المتعددة للأزمة للبحث عن حلول لها؛ وجاءت تصریحات الأمین العام بعد یومین من المشاورات مع قیادات أکثر من 12 منظمة إقلیمیة من الاتحاد الأفریقی وجامعة الدول العربیة وحلف شمال الأطلسی (الناتو) ومنظمات الدول الأمریکیة ومنظمة المؤتمر الإسلامی وغیرها؛ وقال بان کی مون " الامین العام السابق للأمم المتحدة انه یجب أن نمضی أکثر فی التعاون بین مجلس الأمن والمنظمات الاقلیمیة، فالأمم المتحدة تعزز من قدراتها لمنع نشوب النزاعات والتوسط فی حلها ونواصل تحسین قدراتنا لنشر مزید من قوات حفظ السلام وبناء السلام وجعلتنا هذه الاستثمارات فی وضع نکون فیه شرکاء أفضل مع شرکائنا الإقلیمیین؛ وفی بیان رئاسی، تعهد المجلس باتخاذ المزید من الخطوات لتحسین التعاون مع المنظمات الإقلیمیة وشبه الإقلیمیة فی مجال التحذیر من النزاعات ومنعها وصنع وبناء السلام؛ کما أکد أعضاء المجلس دور المنظمات الإقلیمیة فی أوضاع ما بعد النزاعات مثل بناء السلام والإنعاش وإعادة الإعمار والتنمیة.
المطلب الثانی
عدم احترام العلاقة الوظیفیة بین مجلس الأمن وبین المنظمات الاقلیمیة
برزت عدید من الامثلة على الازمات الاقلیمیة التی تمت معالجتها بالمنظمة الاممیة اذ اکد الفقیه فیرالی أن هناک مجموعة من الحالات لا یتم اللجوء إلى المنظمة الاقلیمیة لحلها بل یتم اللجوء مباشرة إلى مجلس الأمن لحلها ومن تلک الحالات:
اولا:_ اعتداء افریقیا الجنوبیة على انغولا عام 1979 ،اذ لجأت انغولا إلى تقدیم الاعتداء امام مجلس الأمن ولیس امام منظمة الوحدة الافریقیة بسبب عضویة جنوب افریقیا فی منظمة الوحدة الافریقیة.
ثانیا:_ اعتداء جنوب افریقیا على زامبیا عام 1980 اذ لجأت زامبیا إلى مجلس الأمن وذلک لتعثر اللجوء إلى منظمة الوحدة الافریقیة مما دعا مجلس الأمن إلى اصدار قرار ادان فیه العدوان الافریقی على زامبیا وقد اشار الدکتور بطرس غالی فی اجندة للسلام على ضرورة التعاون بین المنظمات الاقلیمیة ومنظمة الامم المتحدة ورأى فیها نوعا من المسحة الدیمقراطیة فی العلاقات الدولیة.
على العکس من ذلک نجد قیام بعض المنظمات الاقلیمیة بحفظ السلام من دون تدخل من مجلس الأمن منها حالة کوسوفو الذی بدأ بمطالبة استقلال الالبان وبدأت حملة قاتلة من الصرب لطرد الالبان، وقد حاول المجتمع الدولی التدخل الا أن روسیا والصین عارضتا الامر بشدة مؤکدتا أن النزاع هو نزاع داخلی وان أی تدخل عسکری فی کوسوفو امر مرفوض من قبل الامم المتحدة، ذلک الامر ادى إلى قیام قوات الناتو بتشکیل قوة عسکریة لتوجیه ضربات إلى کوسوفو وبدأت الحملة العسکریة ضد یوغسلافیا فی 24/اذار/1999 بقیادة الولایات المتحدة الأمریکیة وباجتیاح جوی عسکری لإقلیم یوغسلافیا.
المطلب الثالث
تطبیق إجراءات القسر الجماعی عن طریق المنظمات الإقلیمیة
بالرجوع لنص الفقرة الأولى من المادة 53 من میثاق الأمم المتحدة نجد ثلاث تطبیقات لنص الفقرة الاولى من المادة 53 من میثاق الامم المتحدة ونشیر الیها باختصار.
اولا:_ ارسال قوات حفظ السلام بقیادة هندیة إلى سیرلانکا اذ کانت سیرلانکا مسرحا لحروب اهلیة بین الاغلبیة الینهالیة والاقلیة التامیلیة منذ عام 1983 ،لمواجهة حرب الاخوة _ الاعداء اتفقت الهند وسیرلانکا على ارسال قوة سلام هندیة إلى سیرلانکا کان الهدف منها نزع سلاح التأمیل وحمایة الاقلیة التامیلیة فی مقطعات الشمال والشرق؛ ولم تنقضی ساعات معدودة على سریان مفعول وقف اطلاق النار بین الجیش السیوال والمتمردین التأمیل حتى استدعى الرئیس السیرلانکی قوات حفظ السلام الهندیة المکونة من ستة الأف جندی لجمع سلاح المتمردین الا أن القوات الهندیة تورطت فی نزاع مسلح مع متمردی التأمیل فی آب وایلول 1987 واضطرت الهند إلى رفع مستوى تدخلها العسکری لیصل إلى 60 الف جندی.
ثانیا:_ طبقت الفقرة الاولى من المادة 53 أیضاً فی البوسنة فی أعقاب فشل محاولة تسویة الصراع البوسنی سلیما وعجز القوات الدولیة لحفظ السلام عن وقف الاعتداءات الصربیة على المناطق الامنة ورفض الولایات المتحدة المشارکة بقوات بریة فی البوسنة، لم یکن الحل امام هذا الموقف الخطیر سوى اللجوء إلى حلف شمال الاطلسی للقیام بمهمة حفظ السلام الدولیة.
ثالثا:_ تعد ازمة تیمور الشرقیة الحالة الثالثة التی تم فیها تطبیق الفقرة الاولى من المادة 53، وکان اصل المشکلة هو قیام اندونسیا بعد انسحاب البرتغال منه باحتلال الاقلیم وضمتها الیها فی عام 1976 وبالرغم من أن اصوات عارضت بقوة الاجراء الاندونسی الا أن محکمة العدل الدولیة فی حکمها الصادر فی کانون الاول 1996 فی قضیة تیمور الشرقیة وجدت أن اندونسیا ابرمت 73 معاهدة ثنائیة ومتعددة الاطراف وتعد هذه المعاهدة اقلیم تیمور الشرقی تابعا للسیادة الاندونسیة، وقد وفرت القوة الدولیة بقیادة استرالیة لتیمور الشرقیة التدخل السریع المطلوب لتثبیت وضع صراع مشتد قبل أن یستیر نشر مهمة اکبر خاصة بالأمم المتحدة. واستمرت تیمور وازمتها فی نفق مظلم ومن ثم تم التوصل إلى اتفاق بین اندونسیا والبرتغال تعتبر بموجبه الاسرة الدولیة المسؤولة اداریا عن تیمور الشرقیة.
وبعد الضغط الشدید على الرئیس الاندونسی تم نشر قوات حفظ سلام دولیة لحمایة السکان المدنیین من الملیشیات الاندونسیة الموالیة لخیار البقاء مع اندونسیا لنشر تلک القوات (قوات حفظ السلام الدولیة) فقد تبنى مجلس الأمن قرار بریطانی من اجل نشر قوة متعددة الجنسیات لإعادة السلام والامن إلى تیمور الشرقی؛ ویجد الاستاذ الدکتور غسان الجندی بان اصابع الاتهام فی مشکلة تیمور الشرقیة توجه إلى منظمة الامم المتحدة لأنها تعمدت الضغط وبشدة إلى اجراء استفتاء الاستقلال بتعجل متهور وجاء الاستفتاء فی وقت لم تکن فیه اندونسیا او حتى سکان تیمور الشرقیة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لمثل هذا الاستفتاء، بل اسوء من هذا کله عدم وجود خطة طوارئ لدى منظمة الامم المتحدة اذ اعتقدت المنظمة الاممیة أن من شأن الاستفتاء أن یمسح ربع قرن من النزاع الذی ادى إلى طرد حوالی ثلث سکان تیمور إلى المنفى ،وتغاضت خطط الامم المتحدة عن حقیقة أن اندونسیا استثمرت حوالی 30 بلیون دولار فی تیمور الشرقی.وفی خطة للسلام أوصى الأمین العام السابق للأمم المتحدة الدکتور بطرس غالی بإعطاء دورا أکبر للمنظمات الإقلیمیة ذات الصلة فی انشطة حفظ السلام واضاف لکن هناک اکثر من فرصة فی هذا العصر الجدید، یمکن أن تعطى للمنظمات الاقلیمیة دور فی عملیة حفظ السلام؛ وأوجز ملحق لخطة السلام، الصادر فی 3 کانون الثانی 1995، أشکال التعاون بین الأمم المتحدة والمنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام على وفق ما یأتی:-
وتستطیع بموجب الدعم الدبلوماسی المنظمة الاقلیمیة أن تشارک فی أنشطة الامم المتحدة لصنع السلام جهودها الدبلوماسیة الخاصة التی تبذلها فمثلا توفر منظمة الأمن والتعاون فی أوربا المدخلات التقنیة بشأن المسائل الدستوریة المتعلقة بأبخازیا تستطیع الامم المتحدة بالمقابل أن تقدم الدعم لمنظمة اقلیمیة فی جهودها المبذولة کما فعلت بالنسبة لمنظمة الأمن والتعاون فی أوربا بشأن ناغورنی کارباخ.
(على الرغم من أن منظمة حلف شمال الأطلسی لا یعد ترتیبا إقلیمیا بموجب الفصل الثامن) وبعد انتهاء الحرب الباردة شجعت الامم المتحدة المنظمات الاقلیمیة فی أن تقوم بجهود تکمیلیة لحفظ السلام ،ولذا فان على المنظمة الاقلیمیة فی حالة تدخلها فی نزاعات داخل الدول أن تحصل على اذن من مجلس الأمن لاتخاذ قرار باستخدام القوة داخل الدول المتصارعة؛ ویعد اشراک المنظمات الاقلیمیة المتزاید فی السلام والامن الدولیین واحد من ابرز معالم القطب الواحد اذ ظهرت بوادره بعد انتهاء الحرب الباردة، وقد اضافت المنظمات الاقلیمیة فوائد جمة على انشطة حفظ السلام، ویعترف المیثاق صراحة بشرعیة النشاط الاقلیمی فی تسویة الخلافات وحل الصراعات والفوائد المحتملة التی تضیفها المنظمات الاقلیمیة على انشطة حفظ السلام معروفة جیدا فقد یکون فی استطاعة المنظمات الاقلیمیة اتخاذ قرارات وتنفیذها بتماسک اشد، والانتشار بصورة اسرع إلى منطقة الصراع وتولی حفظ السلام وفرض السلام بمهارة وفاعلیة اکثر مما تستطیع فعله قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة ، ویتوقف هکذا امر على طبیعة هذه المنظمة وحجمها وقدرتها وموقعها، وقد ترکز الاهتمام خصوصا على النجاح النسبی الذی حققته قوات حفظ سلام اقلیمیة فی التعامل مع مشکلة المفسدین فی بیئات ما بعد الصراع وقد تشارک فی تحالفات مستقلة عن سلطة او سیطرة الامم المتحدة مثل القوات المتعددة الجنسیات التی تشکلت فی العراق بعد احتلاله فی عام 2003. تکشف مسالة امن الموظفین العاملین فی عملیات السلام عن اهمیة وفاعلیة قضیة التعاون والتفاعل بکاملها بین الامم المتحدة والفاعلیین الاقلیمیین ،وتضع الامم المتحدة بناء السلام نصب اعینها.لقد اثبت الواقع الدولی خروج المنظمات الدولیة والاقلیمیة عن مبدأ عدم التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول وخاصة فی ظل النزاعات الدولیة المسلحة غیر ذات الطابع الدولی مما یعنی المساس بسیادة الدولة او اختصاصاتها الداخلیة والخارجیة من دون وجود أی مسوغ قانونی؛ وندعو الى ضرورة تفعیل ملحق خطة السلام التی اقرها الدکتور بطرس غالی لتأکید التفاعل والتعاون بین المنظمات الاقلیمیة والمنظمات العالمیة من اجل الاکثار من نجاحات عملیات حفظ السلام وخاصة فی الدول المتجاورة جغرافیا فقد تکون نجاح قوات المنظمات الاقلیمیة اکثر من نجاح قوات المنظمة الاممیة خاصة اذا ارسلت إلى دول متجاورة جغرافیا او لها مصالح سیاسیة واقتصادیة او عسکریة معینة، ومن ثم نقضی على المعوقات التی سوف تواجه القوات فی الاختلاف الثقافی والحضاری واللغة والتعایش والترکیبة الدینیة ونقضی أیضا على مشکلة أخرى قد تواجه عملیات حفظ السلام الدولیة وهی ازمة التمویل التی تعانی منها المنظمة الأممیة.
المبحث الثانی
موقف الفقه من دور المنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام
نظراً لأهمیة الدور الإقلیمی فی مجال حفظ السلم والأمن الدولیین فقد ذهب اتجاه من الفقه إلى أن هذه المنظمات حاولت إنشاء آلیات مستقلة خاصة بها للعمل على حفظ السلم والأمن الدولیین منذ فترة طویلة. ومنها محاولات منظمة الدول الأمریکیة لإنشاء قوة دائمة لحفظ السلم والأمن الدولیین لاسیما فی أعقاب الصراع الداخلی المسلح بدولة الدومنیکان سنة 1965 حتى تکون هذه القوة على درجة استعداد مناسبة وتتمتع بتدریب خاص مع تلقیها عقائد قتالیة تتماشى مع المهام الموکولة إلیها بحفظ السلم والأمن على المستوى الإقلیمی اذ یعملون تحت شعار (جنود بلا عدو) وان تبقى هذه القوات تحت القیادة المشترکة لمنظمة الدول الأمریکیة ولقد لقیت هذه المحاولة تأییدا من جانب عدید من الدول الأمریکیة بعد مناقشات مطولة فی مجلس وزراء خارجیة المنظمة فی الدورة العاشرة ولکن هذه المحاولة لم تر النور لمعارضة بعض الدول لقیام هذه القوة وتعالج المنظمات الإقلیمیة الأمور المتعلقة بحفظ الأمن والسلم الاقلیمی؛ ویرى الدکتور محمد حافظ غانم بان میثاق الامم المتحدة قد شجع على التعاون بین المنظمات الاقلیمیة والمنظمات العالمیة وخاصة فیما یتعلق بالأمن والسلم الدولی وفی انشاء عملیات تابعة للمنظمة الإقلیمیة ونحن مع رأی الدکتور محمد حافظ غانم فی ان میثاق الامم المتحدة اکد على اهمیة دور المنظمات الاقلیمیة فی مجال حفظ الامن والسلم الدولیین. ونحن مع الرأی الذی یقول أن دور المنظمات الاقلیمیة فی عملیة حفظ السلام سیکون دور بدیلی لمنظمة الامم المتحدة اذا ما تم تکوین افراد قوات حفظ سلام اقلیمیة وتم تمویلها بالمنظمات الاقلیمیة او نبقی على الدور التعاونی بین المنظمة الاقلیمیة والمنظمة الاممیة فی عملیات حفظ السلام الدولیة من حیث التمویل والتکوین والاشراف والرقابة والتعاون؛ بینما حاول الفقیه فلاس تمریر الحیلة القانونیة على الاتفاقیات والاجهزة الاقلیمیة اذ اشار الفقیه فالاس إلى تعریف الاتفاقیات والاجهزة الاقلیمیة من خلال مجموعة من العناصر وتلک العناصر هی:-
اما الفقیه فیرالی فقد اشار إلى أن الفصل الثامن لا یطبق على کافة المنظمات الاقلیمیة وانما فقط على تلک التی تهتم بالمحافظة على السلام والامن الدولیین، واستبعد فیرالی الاحلاف العسکریة والتی تعتمد على نظریة الدفاع الشرعی (الجماعی) کما استبعد عددا من المنظمات الاقلیمیة التی یمکن أن یطبق علیها الفصل الثامن مثل مجلس أوربا الذی لم یهتم یوما من الایام فی حل خلافات الدول الاعضاء وانتهى فیرالی إلى أن ثلاث منظمات اقلیمیة یمکن أن تتذرع بنص المادة 52 وهی جامعة الدول العربیة ومنظمة الوحدة الافریقیة ومنظمة الدول الامریکیة على الرغم من اعتراض بعض الفقهاء على أن تکون جامعة الدول العربیة من المنظمات الاقلیمیة التی ینطبق علیها نص المادة 52 من المیثاق ونشیر إلى أن الفضل فی تطبیق الفقرة 2 من المادة 52 من میثاق الامم المتحدة یرجع إلى دولة الاکوادور. ویجد الدکتور بطرس غالی فی خطته اجندة للسلام أن المیثاق لم یضع تعریف للاتفاقیات والاجهزة الاقلیمیة ذلک یعنی ترک الحریة للفقه الدولی فی اعتبار أی جهاز او اتفاقیة ینطبق علیها وصف الاقلیمیة یمکن أن تشکل لظروف معینة او لحالة استثنائیة سیاسیة او اقتصادیة او عسکریة بین دول معینة یمکن أن نقول عنها انها اتفاقات اقلیمیة. ونؤید توجه الدکتور بطرس غالی فی هذا الاتجاه حیث یمکن الاجهزة والاتفاقیات الاقلیمیة فی المساعدة على حفظ السلام الدولی وخاصة فی حالة النزاعات الدولیة ذات الطبیعة الاقلیمیة وبین الدول المتجاورة جغرافیا. وتتضمن انشطة المنظمات الاقلیمیة البقاء على الارض مؤقتا ریثما تأخذ عملیات سلام خاصة بالأمم المتحدة مجراها کما هو الحال فی الانتقال من عملیات (ECOMIL) إلى (UNMIL) ومن عملیة ارتمیس إلى (UNMILII)؛ وعملیات ناتجة من عملیات الامم المتحدة مثل (EUPM)، المشارکة فی مهمات الامم المتحدة ککل مثلا انشطة منظمة الأمن والتعاون فی أوربا (UNMIK) حضور ثنائی مع احتفاظ الامم المتحدة ببعض السیطرة کما فی عملیات سابقة للناتو فی البوسنة والهرسک والمشارکة فی تحالفات دولیة تصادق علیها الامم المتحدة وقد تصبح او لا تصبح عملیات سلام للأمم المتحدة وکذلک المشارکة فی تحالفات تعمل بصورة مستقلة عن سلطة او سیطرة الامم المتحدة مثلا التحالف المتعدد الجنسیات فی العراق قبل أن یتم تبنی القرار 1511 ولأجل تناول موقف الفقه من دور المنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام نقسم المبحث إلى اربعة مطالب یتناول المطلب الاول الدور الرئیس للمنظمات الاقلیمیة ویبحث المطلب الثانی فی الدور المقارب للمنظمات الإقلیمیة مع منظمة الأمم المتحدة فی حین یکرس المطلب الثالث فی الدور التکمیلی للمنظمات الإقلیمیة، ویخص المطلب الرابع للحدیث عن الدور البدیلی.
المطلب الاول
الدور الرئیس للمنظمات الاقلیمیة
انقسم الفقه فی صدد طبیعة عمل المنظمات الاقلیمیة وخاصة فی میدان حفظ السلام إلى قسمین متعارضین یذهب الاول إلى اعطاء المنظمات الإقلیمیة الاهمیة الکبرى فی عملیة حفظ السلام ویعترض على دور المنظمات الدولیة على اساس أن المنظمات الإقلیمیة هی الاساس وهی التی کانت سائدة ویضربون مثلا فی فشل عصبة الامم فی حفظ الأمن والسلم الدولیین ویجدون بان المنظمات الإقلیمیة هی الاقدر على حمایة الأمن والسلم الدولیین والتعاون الدولی ویبررون ذلک فی فشل عصبة الأمم فی حفظ الأمن والسلم الدولیین ویجدون أن المنظمات الإقلیمیة هی الاقدر على حمایة الأمن والسلم الدولیین لمحدودیة عدد الاعضاء فیها ولتقارب الدول المنضویة فی المنظمات الإقلیمیة فی الخصائص والروابط الاجتماعیة والثقافیة والمصالح وهو ما تفتقر الیه المنظمات الدولیة؛ فی حین یذهب الرأی الاخر إلى القول بان المنظمات الدولیة هی الاقدر على تحقیق الأمن والسلم الدولی باعتبارها أنها نظام عالمی شامل لکل الدول وفضلا عن أن مسالة الأمن والسلم الدولی هو مسالة عالمیة تهم الدول کلها ولیست خاصة بأمن وسلامة اقلیم معین او دولة معینة ویسوغون رأیهم بان صیغة المنظمات الإقلیمیة قد یکون سببا فی ایجاد تکتلات وتحالفات متناحرة تقود إلى المنازعات بین الأمم والشعوب وللاتجاهین کلیهما حججه الا اننا نجد أن وجود المنظمات الإقلیمیة لا یتعارض مع وجود المنظمات الدولیة ویقوم أن یقوم التعاون والتنسیق بین عمل المنظمات الإقلیمیة والدولیة لاسیما فیما یتعلق بعملیات حفظ السلام الدولی؛ ولذا نستند إلى نص المادة 52 الفقرة الاولى من میثاق الأمم المتحدة التی نصت على ((لیس فی هذا المیثاق ما یحول دون قیام تنظیمات او وکلات اقلیمیة تعالج الامور المتعلقة بحفظ السلم والامن الدولی ما یکون العمل الاقلیمی صالحا فیها ما دامت هذه التنظیمات والوکالات الإقلیمیة ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها)).
بینما ذهب قسم اخر من الفقه الدولی إلى القول بان علاقة المنظمات الإقلیمیة بمنظمة الامم المتحدة فی حفظ السلام هو دور السیطرة البدیلة وفیه ترى بعض الدول أن الامم المتحدة عاجزة عن حل مشکلة ما وتلجا الدول الاعضاء إلى المنظمة الاقلیمیة للعمل على حل المشکلة ونظرا لنجاح القوات الدولیة التابعة للأمم المتحدة فی عملیات حفظ السلام فقد شکلت بعض المنظمات الإقلیمیة قوات دولیة اقلیمیة لحفظ السلام ومنها منظمة الوحدة الافریقیة التی شکلت قوات سلام دولیة داخل القارة الافریقیة فی حین لم تتمکن جامعة الدول العربیة من انشاء قوات سلام عربیة عدا قوات الردع العربیة التی ارسلت إلى الحدود العراقیة الکویتیة عام 1962 بعد انسحاب بریطانیا منها ؛اما بالنسبة لإعلان دمشق عام 1991 فهو مبادرة بعض الدول العربیة ولاسیما الخلیجیة وسوریا ومصر وقد فشل الاعلان فی تشکیل مثل هذه القوات.لذا فقد اکد الدکتور بطرس غالی فی مذکرة السلام فی حدیثه عن دور المنظمات الإقلیمیة أن یعاد النظر فی الفصل الثامن من المیثاق باعتبار أن الامم المتحدة وبتعاملها مع المنظمات الإقلیمیة فی تسویة المنازعات الدولیة تصبح اکثر فاعلیة فقد دعت الامم المتحدة لتدعیم هذه المنظمات مهما کان نوعها بالاستناد على شرط واحد وهو أن تکون مدعمة لمواد المیثاق لاسیما الفصل الثامن منه. وقد ابدت منظمة الوحدة الافریقیة وجامعة الدول العربیة ومنظمة المؤتمر الاسلامی تدعیم مجهوداتها للتعاون مع الامم المتحدة ومجلس الأمن فی الصومال ومناطق نزاع اخرى الامین العام للأمم المتحدة یعتمد فی تقریره على هذه المنظمات الإقلیمیة فی الحرص على تدعیم السلم والدبلوماسیة الوقائیة وتدعیم الأمن.
المطلب الثانی
الدور المقارب للمنظمات الإقلیمیة مع منظمة الأمم المتحدة
یجد جانب من الفقه أن المنظمات الاقلیمیة تعمل إلى جوار المنظمة العالمیة للمساعدة على تقدیم الحلول للمشکلات المعروضة على المنظمة العالمیة؛ کما حدث عندما تعاملت منظمة الدول الأمریکیة عسکریاً فی النزاع الداخلی بجواتیمالا عام 1954 وفی الدومنیکان عام 1965 على الرغم من بقاء هذه المشاکل معروضة أمام الأمم المتحدة. وتؤدی عملیة اللامرکزیة تحقیق السلم الدولی لا لتسهیل عمل مجلس الأمن فحسب بل حتى فی تحقیق الدیمقراطیة فیما یخص المسائل الامنیة فالمنظمات الإقلیمیة لم تکن تتمتع بکل الصلاحیات التی کانت مخولة لها عند دراسة وتدوین المیثاق اذا انها کانت تعد وسیلة امنیة الا انه وبعد ظهور نظرة جدیدة للعلاقات الدولیة فان عمل ومرتبة المنظمات الإقلیمیة اصبحت اکثر فاعلیة فی مساندة مجلس الأمن لتحقیق مهامه الاساسیة مع احترام بقاء سلطة مجلس الأمن دائما هی العلیا.
المطلب الثالث
دور تکمیلی
حیث تقوم المنظمات الاقلیمیة بدور تکمیلی لدور المنظمة العالمیة فی الحالات التی ینشأ فیها نزاع اقلیمی وتعهد الامم المتحدة للمنظمات الاقلیمیة بحل هذا النزاع بوصفها الاقدر على حله ؛کما حدث من تعامل الجامعة العربیة مع الحرب الأهلیة فی لبنان عام 1955 ؛وتعلق الامم المتحدة امال کبیرة على المنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام ومنها مارکز علیه مجلس الأمن حول فقرات خطة السلام التی تقدم بها الامین العام الاسبق الدکتور بطرس بطرس غالی ولاسیما الفقرات 63و64و65 وهو یعلق اماله الکبیرة على تلک المنظمات الإقلیمیة لدعم الأمن والسلم الدولیین، ویعطی مجلس الأمن الدعم للمنظمات الإقلیمیة لتحقیق الأمن الدولی ویطلب منها أن تنظر فی:-
أ- التبادل الاعلامی.
ب- التعامل مع الامین العام او ممثلوه الخاص ولاسیما فی تدعیم الامم المتحدة فی المراقبة الدولیة او فی اتخاذ التدابیر العاجلة.
ت- باستطاعة هذه المنظمات أن تشارک بصفة رسمیة فی الجلسات العادیة للأمم المتحدة.
ث- تمثیل المنظمات بموظفین ملحقین یمثلونها فی الامم المتحدة.
هـ- وقد تشارک هذه المنظمات فی المساهمة المالیة للأمم المتحدة وفی ظل الظروف الجدیدة فان مجلس الأمن یعقد اهتمام کبیر لوجهة نظر المنظمات الإقلیمیة واقتراحاتهم.
المطلب الرابع
دور بدیلی
قد تعمل المنظمات الاقلیمیة کبدیل عن دور المنظمة العالمیة فی الحالة التی لا ترغب فیها الامم المتحدة التدخل فی نزاع ما ابتداء. وهذا ما حدث فی الصراع الصومالی الأثیوبی عام 1964 وأعلن الأمین العامإن منظمة الوحدة الأفریقیة هی المعنیة بحله وفی أعقاب انتهاء الحرب الباردة وبعد انتشار النزاعات المسلحة غیر الدولیة فی القارة الأفریقیة بصورة لم تعد تحتمل مزیداً من الانتظار فقد اعتمدت الهیئة المرکزیة لمنظمة الوحدة الأفریقیة إلیه خاصة بها حیث قامت بتشکیل بعثة للحمایة والمراقبة الأفریقیة فی بوروندی سنة 1993 تضم 180 عسکریاً و20 مدنیاً فی وقت رفض مجلس الأمن إرسال قوة حفظ سلام قوامها مائة رجل إلى هذا البلد الأفریقی لأسباب غیر مقنعة ولقد أعلنت الوحدة الأفریقیة عن إنشاء صندوق السلام فی 18 تشرین الثانی عام 1993ولقیت هذه الخطوة استجابة مشجعة من جانب العدید من الدول الأفریقیة لتقدیم التمویل اللازم لنجاح هذه الآلیة الأفریقیة.ویجب اعمام هذهالآلیة الإقلیمیة فی مجال حفظ السلم والأمن الإقلیمیین من قبل المنظمات الإقلیمیة جمیعها وبصورة أکثر فاعلیة حتى یمکن لهذه المنظمات التصدی لحلمشاکلها والقضاء على النزاعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی فی إطارهاالإقلیمی؛ لان ذلک سیکون له مردوداً جیداً على شعوب هذه المنظمات ولأنها ستتفرغ لعملیات التنمیة الاقتصادیة والقضاء على الفقر الذی یشکل أهم المشاکل التی تواجه شعوبها وقد قام مجلس الأمن بإقامة علاقات مع المنظمات الاوربیة وجامعة الدول العربیة وطالب من المنظمات الإقلیمیة التی لم تقدم عضویتها لان تصبح عضوا مراقبا فی الجمعیة العامة والهدف من هذا هو تحقیق نظام جماعی بین المنظمات الإقلیمیة والامم المتحدة بصفة عامة ومجلس الأمن لاسیما؛ لأنها قد تکون یوما من الایام البدیل عن الامم المتحدة فی عملیات حفظ السلام الإقلیمیة بین دول اعضاء المنظمة الاقلیمیة.
المبحث الثالث
تطبیقات لدور المنظمات الاقلیمیة فی عملیات حفظ السلام
سبق میثاق جامعة الدول العربیة میثاق الامم المتحدة فی النص على اهمیة دور المنظمات الاقلیمیة فی حفظ السلام، اذ نصت المادة 3 منه على ".... ویدخل فی مهمة مجلس جامعة الدول العربیة تقریر وسائل التعاون مع الهیئات الدولیة التی قد تنشأ فی المستقبل لکفالة الامن والسلام وتنظیم العلاقات الاقتصادیة والاجتماعیة" ولعرض التطبیقات لدور المنظمات الاقلیمیة فی عملیة حفظ السلام نقسم المبحث إلى مطلبین یتناول المطلب الأول لتطبیقات دور المنظمات الإقلیمیة فی عملیة حفظ السلام قبل الحرب الباردة ویبحث المطلب الثانی عن تطبیقات لدور المنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام بعد انتهاء الحرب الباردة.
المطلب الأول
تطبیقات دور المنظمات الإقلیمیة فی عملیة حفظ السلام قبل الحرب الباردة
لعرض دور المنظمات الإقلیمیة فی عملیات حفظ السلام قبل الحرب الباردة نقسم المطلب إلى ثلاثة فروع یتناول الأول عملیات منظمة الدول الأمریکیة ویبحث الثانی عن عملیات حفظ السلام فی إطار منظمة جامعة الدول العربیة ویخص الفرع الثالث للحدیث عن عملیات الاتحاد الأفریقی.
الفرع الاول
عملیات منظمة الدول الأمریکیة
تعد منظمة الدول الأمریکیة من المنظمات الإقلیمیة فی القارة الأمریکیة تأسست فی30 ابریل 1948فی بوغاتا یقع مقرها الرئیس فی واشنطن دی سی ویبلغ اعضائها 35 عضوا من البلدان المستقلة فی امریکا الشمالیة والجنوبیة .ونص میثاق منظمة الدول الامریکیة فی دیباجته على ان منظمة الدول الامریکیة من اهم اهدافها العمل على حفظ السلم والامن فی اطار دول المنظمة على اساس من الاخلاق والعدالة. وذهبت منظمة الدول الامریکیة وعلى راسها الولایات المتحدة الامریکیة إلى أن الاجراءات القمعیة التی یجب أن یخضع القیام بها إلى موافقة مجلس الأمن هی الاجراءات التی لا تنطوی على استخدام القوة، وکانت تهدف بذلک تسویغ العقوبات الاقتصادیة الجزئیة ضد جمهوریة الدومینکان عام 1960 والعقوبات الکاملة ضد کوبا عام 1964 التی فرضتها من دون تخویل من مجلس الأمن واستندت ایضا إلى المادة 51 التی تقر حق الدفاع الشرعی الجماعی فی اباحة الإجراءات القمعیة ولم تقتصر على الدفاع عن النفس فی حالة وقوع (الهجوم المسلح) بل شملت ما أسمته العدوان غیر المباشر والتخریب ؛وقد ارادت ایضا الافادة من ادماج الإجراءات القمعیة فی حق الدفاع عن النفس الذی لا یتطلب تخویلا من مجلس الأمن وهدفت من توسیع حالات الدفاع عن النفس للهجوم على ایة حرکة داخل دولة امریکیة مضادة للولایات المتحدة بوصفها عدوانا غیر مباشر او تخریب وقامت الولایات المتحدة الامریکیة بإجراءات تنطوی على استخدام القوة من دون أن تحصل على اذن مسبق حتى من منظمة الدول الامریکیة عندما انزلت قواتها فی جمهوریة الدومنیکان فی 28 نیسان عام 1965 وبعد الثورة على السلطة العسکریة الحاکمة هناک وکان تسویغ ذلک هو حمایة الرعایا الأمریکیین هناک وانقاذ جمهوریة الدومنیکان من خطر التسلل الکوبی وعندما عرضت القضیة على مجلس الأمن استخدمت الولایات المتحدة الامریکیة الفیتو ضد مشروع قرار یدین تصرفها.
الفرع الثانی
عملیات حفظ السلام فی اطار منظمة جامعة الدول العربیة
تعد منظمة الدول العربیة منظمة اقلیمیة عربیة وتتشابه مع منظمة الدول الأمریکیة ومجلس أوربا ومنظمة الدول الافریقیة ولکنها تختلف عنها فی أن الانتماء یکون على أساس التقارب الجغرافی بدل الثقافة؛ وجامعة الدور العربیة دورا فیما یتعلق بأزمة لبنان عام 1958 التی تؤدی نشب فیها نزاع بین لبنان وبین الجمهوریة العربیة المتحدة الا أن جامعة الدول العربیة لم تجتمع الا بعد مرور عشرة ایام فی حین ابلغ مجلس الأمن بالأزمة خلال اربع وعشرون ساعة وعلى الرغم من محاولة الحکومة اللبنانیة عرض الأزمة على الامم المتحدة الا أن الامم المتحدة استجابت لرغبة بعض الدول العربیة فی ضرورة مواجهة الازمة العربیة بجامعة الدول العربیة وهو ما تم فعلا ومن هنا فسحت الامم المتحدة لجامعة الدول العربیة وهی منظمة اقلیمیة لحل الازمة وهذا ما تم فعلا، اما الحالة الثانیة فهی تتعلق بالنزاع العراقی _الکویتی فی الفترة من عام 1961_1963 وهی الازمة التی ثارت على اثر اعلان قیام دولة الکویت فی 19 حزیران 1961 ورفض الحکومة العراقیة بزعامة عبد الکریم قاسم الاعتراف بهذا الاستقلال والمطالبة بضم الکویت إلى العراق وعلى الرغم من أن استجابة جامعة الدول العربیة للازمة کان متأخراً الا أن الامانة العامة والامین العام للجامعة کانت لهما جهود کبیرة اثمرت فی النهایة إلى التوصل على ارسال قوات عربیة لحفظ السلام على الحدود العراقیة _ الکویتیة تحل محل القوات البریطانیة التی کانت حکومة الکویت قد احظرتها فی تلک الفترة وعلقت جامعة الدول العربیة اعترافها بالکویت وحتى قبول العضویة فی الجامعة إلى أن تعمل على قبول تواجد قوات عربیة لحفظ السلام على جانبی الحدود. اما التطبیق الثالث لدور جامعة الدول العربیة فی عملیات حفظ السلام فیظهر فی الحرب الاهلیة اللبنانیة (1975_1976) اذ قامت الجامعة العربیة بأمینها العام الذی ادى دورا مهما فی الدبلوماسیة المرنة فی احتواء الموقف والوساطة بین الاطراف اللبنانیة والفلسطینیة المتصارعة منذ اللحظة الاولى لوقوع الازمة وقد تمثلت التجربة الجدیدة التی جاءت بها جامعة الدول العربیة فی ما یتصل بالأزمة فی قوات حفظ السلام او ما سمی بقوات الردع العربیة التی کانت استمرارا للتجربة التی بدأتها ازمة الکویت عام 1961 ،على الرغم من استمرار الحرب ستة عشر عام الا أن ذلک لا یقلل من اهمیة الدور الذی مارسته الجامعة لان الازمة لم تکن لبنانیة فحسب وانما کانت ازمة لبنانیة _ عربیة _ دولیة فی أن واحد. فجامعة الدول العربیة وفرت الاطار المؤسسی لتباحث الدول العربیة والاطراف اللبنانیة حول انتهاء الحرب أی انعقاد مؤتمر قمة القاهرة فی تشرین الاول/ اکتوبر عام 1976 ونؤید الرأی الذی یذهب إلى ضرورة قیام جامعة الدول العربیة بتشکیل قوات حفظ السلام العربیة فی المنازعات التی تنشأ بین الدول العربیة او فی حالة الحروب الاهلیة بدلا من الاستعانة بقوات الأمم المتحدة، ونلاحظ أن الاردن من اکثر الدول العربیة التی تساهم فی قوات السلام الدولیة وضرورة مساهمتها الفعالة فی قوات سلام عربیة.
الفرع الثالث
عملیات الاتحاد الافریقی
منظمة الدول الافریقیة هی منظمة اقلیمیة تم انشائها على اثر مؤتمر ادیس ابابا فی25 ایار 1963 وکان الهدف من انشائها هو القضاء على الاستعمار بصوره جمیعها فی القارة وتسعى إلى الدفاع عن سیادة الدول الاطراف وسلامتها الاقلیمیة وتحریر اراضی الدول الاعضاء فی المنظمة ودعت منظمة الدول الافریقیة إلى السلم والاستقرار ونشر المبادئ الدیمقراطیة واشاعة حقوق الانسان؛ وجاء دور منظمة الوحدة الافریقیة فی عملیات حفظ السلام اذ نص میثاقها على عدة وسائل للتسویة السلیمة وکانت اکثر نشاطا من جامعة الدول العربیة ومن منظمة الدول الامریکیة فی محاولتها للتدخل وتسویة المنازعات التی نشبت بین اعضائها وحالت دون تدویل الکثیر من تلک المنازعات؛ ویظهر دور منظمة الوحدة الافریقیة فی تسویة عدة منازعات منها محاولاتها المتکررة للوساطة فی النزاع بین الجزائر والمغرب بشأن الحدود (1963_1972)،والنزاع على الحدود بین الصومال من جانب وکل من اثیوبیا وکینا من جانب اخر ولم تترد المنظمة فی بذل مساعیها الحمیدة ووساطتها فی العدید من المنازعات الداخلیة التی نشبت بین القوى السیاسیة المتصارعة فی بعض الدول وقد اسفرت التسویة التی قامت بها منظمة الوحدة الافریقیة على انشاء قوات سلام افریقیة کما فی احداث تشاد ونتیجة تردی الاوضاع الداخلیة ادى إلى نشوب حرب اهلیة وعلى اثر تلک الحرب الاهلیة تم تشکیل هذه القوات بقرار من الدورة الثامنة عشرة العادیة لرؤساء الدول والحکومات التی عقدت فی المدة من 14_17 حزیران 1981 وکانت تلک القوات تضم وحدات عسکریة من جیوش کل من بنین والغابون وزائیر ونیجریا والسنغال وتم توقیع اتفاقیة بین الحکومة الوطنیة الانتقالیة لتشاد ومنظمة الوحدة الافریقیة لإحلال القوات الافریقیة محل القوات اللیبیة وعدت هذه القوات بموجب هذه الاتفاقیة فرعا من فروع المنظمة الافریقیة تتمتع بالحصانات وعدت قوات ذات طابع دولی.
المطلب الثانی
تطبیقات لدور المنظمات الاقلیمیة فی عملیات حفظ السلام بعد الحرب الباردة
لأجل عرض تطبیقات لدور المنظمات الاقلیمیة فی عملیات حفظ السلام بعد الحرب الباردة نقسم المطلب إلى ثلاثة فروع یتناول الاول عملیات جامعة الدول العربیة ویبحث الثانی عن عملیات منظمة الدول الافریقیة ویکرس الثالث للحدیث عن عملیات حلف الناتو والاتحاد الاوربی.
الفرع الاول
عملیات جامعة الدول العربیة
نجد بعد قراءة نص المادة 3 من میثاق جامعة الدول العربیة انها لم تقف فحسب عند حفظ السلم والامن بمعناه السیاسی بل عملت على وضع اسس لتنظیم العلاقات الاقتصادیة والاجتماعیة بین الدول العربیة، وذلک لتکریس مبدأ السلم والامن فی المجال الاقلیمی ؛وعندما ثار النزاع فی الیمن عام 1994 اکد مجلس الامن على ان المسألة تعد صراعا داخلیا یخص الیمنیین انفسهم واضاف انه یجب اعطاء الدور الکامل للمنظمات الاقلیمیة لاسیما جامعة الدول العربیة ومنظمة المؤتمر الاسلامی (OIC) للعمل معا على وقف اطلاق النار بما یعنی اعترافا واضحا وصریحا بأهمیة المنظمات الاقلیمیة بالنسبة للصراعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی ولذا لم یسع مجلس الأمن إلى استخدام احکام الفصل السادس او السابع ضد الیمن.
وتضمن میثاق جامعة الدول العربیة فی المادة الثانیة منه على ضرورة التعاون الاقتصادی وابرام معاهدة الدفاع المشترک واخبار مجلس الأمن بوقوع أی اعتداء على أی دولة او اکثر او على قواتها واتخاذ تدابیر مشترکة. وأکد الدکتور بطرس بطرس غالی فی تقریره خطة للسلام على انه حان الوقت لتضافر الجهود بین المنظمات الإقلیمیة والأمم المتحدة إلى جانب ذلک فانه من الممکن ضم الدول الأخرى غیر المنتمیة. ویبقى رغم کل ذلک لمجلس الأمن الصلاحیة فی عملیة المراقبة الدولیة للأوضاع السیاسیة والاتصالات الجذریة مع هیئات الرقابة الدولیة للبحث فی أی قضیة تخص وضعیتها الدولیة؛ هذا وقد أکدت منظمة الأمم المتحدة أهمیة تضافر الجهود بینها وبین المنظمات الإقلیمیة وتشجیعها على ممارستها ودورها فی حفظ السلام الدولی، ففی الاجتماع الذی عقد على مستوى القمة لمجلس الأمن فی 31/ کانون الثانی 1992، اصدر المجلس بیانا الى الامین العام للأمم المتحدة دعا فیه إلى تقدیم توصیاته حول الاسهامات التی تقدمها المنظمات الاقلیمیة لمجلس الأمن حول تطبیق الفصل السابع من المیثاق وفی بیان رئاسی لمجلس الأمن عام 1993 دعا فیه المنظمات الاقلیمیة إلى الاهتمام بالمسائل الاتیة:-
ویلحظ على مذکرة او خطة للسلام التی طرحها الامین العام السابق للأمم المتحدة الدکتور بطرس غالی حیث شکل فی تحقیق السلام بواسطة الاتفاقات والمنظمات الاقلیمیة وهو یعلم أن هذه المنظمات لها دورها غیر المستهان به؛ وقد اشار مجلس الأمن فی وثیقته المشار الیها فی اعلاه انه ((ننوه بالجهود المبذولة من طرف الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة العدیدة الاخرى فی حل النزاعات الدولیة المستعجلة ومواجهة بصفة شجاعة التقلبات السیاسیة الحالیة ،وقد طلب من الامین العام الدراسة المتزایدة فی هذا الموضوع حتى تؤدی المجهودات الرامیة إلى السلم فعالیتها))، وقد اقترح الامین العام ومجلس الأمن و الدول جمیعها فی السنوات الاخیرة اللجوء إلى حل المنازعات التی تقوم بین الدول داخل المنظمات الاقلیمیة قبل وصولها إلى مجلس الأمن وهذه لإعادة الثقة بالنسبة للمنظمات الاقلیمیة وتخفیف العبء على مجلس الأمن، وقد اصبحت الامم المتحدة ومن ورائها مجلس الأمن تحبذ اللجوء إلى المنظمات الاقلیمیة لتفادی السیطرة المفروضة من طرف دولة واحدة على الساحة الدولیة ،واصبحت الدول الصغیرة تعمل لتحقیق هذا الهدف، لذا عمدت مساهمة الدول جمیعها وبصفة متساویة فی خدمة المجموعة الدولیة. وتم بالفعل انشاء الیة لمنع الصراعات وادارتها وتسویتها فی منظمة الوحدة الافریقیة فی عام 1993، التی کانت خطوة مهمة فی تعزیز القدرة الافریقیة فی مجال الدبلوماسیة الوقائیة وصنع السلام وحفظ السلام وقد تم تأکید الدور الذی تقوم به المنظمات الاقلیمیة فی مجال عملیات حفظ السلام، وفی تقریر صادر عن منظمة الامم المتحدة المؤرخ فی 22 حزیران بالوثیقة المرقمة (230/50/A) شجعت من خلاله منظمة الامم المتحدة على تعزیز التعاون بین الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة ووفقا للفصل الثامن من المیثاق، على وفق ولایة کل منها ونطاقها وتکوینها، ومن اجل تحسین قدرة المجتمع الدولی على الاستجابة بسرعة للمنازعات والصراعات.
وبعد ظهور عدید من المنظمات الاقلیمیة دعا بعض الفقهاء إلى القول بان المنظمات الاقلیمیة قد تکون فی المستقبل البدیل عن الامم المتحدة فی عملیات حفظ السلام ،وان کانت فی الوقت الحاضر لاتعد بدیلا کافیا عنها فی هذا المجال لعدم شمول عضویتها لجمیع الدول وباعتبار أن القوات التی قد تنشئها تلک المنظمات قد تکون موجهة ضد اعدائها الإقلیمیین من الدول المتجاورة جغرافیا او سیاسیا او اداریا او ثقافیا ... الخ. ومن الموضوعات التی کانت موطن اهتمام فی الاجتماع المنعقد فی اب 1994 بین الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة، هو تدریب افراد قوات حفظ السلام المنتمین إلى المنظمات الاقلیمیة وتنسیق عملیات حفظ السلام المشترکة وتوجیهها وتنسیق تنفیذ الجزاءات المفروضة بموجب الفصل السابع من المیثاق وتنسیق التحقق من تنفیذها.
الفرع الثانی
عملیات منظمة الدول الافریقیة
نصت دیباجة میثاق منظمة الدول الافریقیة على ((ان المنظمة تؤکد التزامها بالمبادئ الواردة بمیثاق الامم المتحدة، والتی من شأنها تهیئة الظروف للتعاون السلمی المثمر بین الدول الافریقیة، ومنها بالطبع مبدأ حفظ السلم والامن الدولیین)). بعد سقوط نظام الرئیس اللیبیری (دو) فی 27 تموز 1990 بعد أن حکم البلاد منذ 12 نیسان 1980 نشبت معارک ضاربة بین فصلین من المتمردین الاول بقیادة شارل تایلور اما الثانی فکان بقیادة جونسون ومنذ بدایة هذه الازمة لم یتعاط مجلس الأمن معها والقى عاتق العملیة على کاهل المجموعة الاقتصادیة لدول افریقیا الغربیة والتی قررت فی 7 اب 1990 ارسال قوة سلام افریقیة مکونة من 6000 جندی من خمس دول افریقیة هی (نیجریا ، غانا، غینا، غامبیا، سیرالیون) وانتشرت القوات الافریقیة ابتداء من 21 اب 1990؛ وقامت منظمة الوحدة الافریقیة برعایة مفاوضات السلام بین الفصیلین المتناحرین واسفرت هذه الرعایة عن التوقیع على اتفاق للسلام بین الفصیلین فی 25 تموز 1993 اعطى الاتفاق المذکور وحدات حفظ السلام الافریقیة التابعة للمجموعة الاقتصادیة لدول افریقیا الغربیة دورا فی تعزیز السلام؛ وتبعا لذلک عززت قوات السلام الافریقیة بوحدات من تانزانیا، زامبوی واوغندا وانتشر حوالی 17,500 جندی فی لیبریا لحفظ السلام. وقد بقیت اهلیة افریقیا لحفظ سلام اقلیمی موضوعا بارزا فی سنة 2003 واعطیت تعبیرا عملیاتها مع بدء عملیات جدیدة فی افریقیا الغربیة والوسطى وعادت (ECOWAS) کعامل حفظ السلام فاعل فی منطقتها المضطربة مع اطلاق (ECOMICI) فی ساحل العاج فی شباط و(ECOMIL) فی لیبریا فی تموز وهی اولى العملیات التی اخذتها على عاتقها منذ عملیات تدخلها المثیرة للجدل فی سیرالیون عام 1997_2000 ولیبریا من 1990_1999 وقد اثرت دروس تلک العملیات فی شکل ECOMICI و ECOMILوسلوکمهما لم تنشر قوات ECOWAS فی الحالتین کلیتهما قبل تلقی تفویض من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من میثاق الامم المتحدة وعندها فقط تنسیق وثیق مع الامم المتحدة ECOWAS تعد اللاعب الثانوی فی الموقفین کلیهما فی ساحل العاج کانت فرنسا الدولة الاستعماریة السابقة هی التی قادت الوساطة بشأن اتفاق لیناس _ مارکوسیس بین حکومة ساحل العاج والمتمردین المتمرکزین فی الشمال. کذلک کان لمجلس الامن دور فی التأکید على اهمیة دور المنظمات الاقلیمیة فی حفظ السلم والامن الدولیین عندما اکد على ان الدور الاقلیمی لا یمکن تجاهله ودعا الى اهمیة التعاون بین الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة حتى یمکن اعمال احکام الفصل السابع من المیثاق؛ لتأکید دور المنظمات الاقلیمیة فی عملیات حفظ السلام ولاسیما منظمة الدول الافریقیة فقد قدمت سیرالیون اقتراحا حول انشاء دائرة لمنع المنازعات وتسویتها مبکرا بدلا من دائرة تسویة المنازعات وستکون مهمة الالیة المقترحة هی تنسیق نشاطات الامم المتحدة ونشاطات المنظمات الاقلیمیة ذات الصلة فی مرحلة ما قبل النزاع وهنا تکون الحالة بحاجة إلى الرصد منعا من تدهورها وتتولى الالیة عن طریق خبراء التسویة لمعالجة المشکلة قبل طرحها على مجلس الأمن او الجمعیة العامة ولقد اکدت الامم المتحدة اهمیة تضافر الجهود بینها وبین المنظمات الاقلیمیة وتشجیع المنظمات الاقلیمیة على القیام بدور هام لحفظ الأمن والسلم الدولی وتمثل التعاون بین المنظمتین فی انغولا وبورندی ولیستو ولیبریا وموزنبیق ورواندا وسیرالیون والصومال والصحراء الغربیة وفی جنوب افریقیا تعاونت بعثتا المراقبین الموفدتان تعاونا وثیقا فی اطار الجهود الرامیة إلى تسییر عملیة الحد من العنف السیاسی واحلال الدیمقراطیة فی البلد بما فی ذلک الانتخابات التی اجریت فی الفترة من 26_29 نیسان 1994، وفی عام 1993 اعارت منظمة الامم المتحدة إلى الامانة العامة لمنظمة الوحدة الافریقیة خدمات عدد من کبار موظفی الامم المتحدة على اساس قصیر الاجل وقد قام هؤلاء الموظفون فی اعداد وثائق عن المتطلبات المالیة والسوقیة والاداریة لعملیات حفظ السلام التی تضطلع بها المنظمة وانشاء امانة تدعم وتخدم جهاز تلک المنظمة المرکزی لاتقاء الصراعات وفضها؛ ولا تمتلک المنظمات الاقلیمیة الافریقیة والدول الاعضاء فیها الاهلیة والموارد کی تعد وتواصل عملیات سلام متعددة الابعاد وهناک عدد من الدول الافریقیة الا وهی قوى اقلیمیة مثل نیجریا وجنوب افریقیا ومن المحتمل اثیوبیا وانغولا قادرة على نشر قوات حفظ سلام عسکریة بغیر حاجة إلى مهلة طویلة ولکن فقط مع دعم مالی ولوجستی دولیین؛ وبکل بساطة لیست أیة عملیة متواصلة وکبیرة ومستقلة خیارا للدول الافریقیة لذلک فان المساعدة الغربیة فی هیئة دعم مالی مباشر لمبادرات اقلیمیة افریقیة او مشارکة ثنائیة فی ادارة ازمات کما حدث فی مشارکة المملکة المتحدة فی سیرالیون وفرنسا فی ساحل العاج والولایات المتحدة فی لیبریا او فی تمویل من الامم المتحدة امر ضروری بالنسبة إلى جهود السلام والامن فی افریقیا والادارة السیاسیة المتزایدة بین الدول الافریقیة لتطویر قدرات مؤسسة افریقیة لإدارة الازمات وبالتحدید فی اطار الاتحاد الافریقی امر مرحب به وهناک مؤشرات ایجابیة على توجیه الاهتمام بحفظ السلام إلى دول ومناطق افریقیة وبناء مؤسسة اقلیمیة فی ادارة ازمات حفظ السلام على ایدی الدول الاقلیمیة منها مجموعة الدول الصناعیة الثمانی والاتحاد الاوربی. وفی مجال الانتخابات وحمایة الدیمقراطیة نجد أن منظمة الوحدة الافریقیة انضمت إلى عضویة شبکة معلومات المساعدة الانتخابیة التی تم انشاءها فی تشرین الاول عام 1992 والتی تتولى الامم المتحدة تنسیقها وتعاونت المنظمتان تعاونا فعلا فی مراقبة الانتخابات واخرها فی أریتیریا وملاوی وجنوب افریقیا وتوفر الامم المتحدة لمنظمة الوحدة الافریقیة المساعدة التقنیة تتمثل بالتمویل ومراقبة الانتخابات وتتعاون معها فی مجال الانذار المبکر والدبلوماسیة الوقائیة؛ ولزیادة نشاط منظمة الوحدة الافریقیة قررت قمة منظمة الوحدة الافریقیة المنعقدة عام 1993 انشاء الیة لمنع الصراعات وادارتها وتسویتها وبالفعل تم انشاء هذه الالیة والتی کانت خطوة مهمة فی تعزیز القدرة الافریقیة فی مجالات الدبلوماسیة الوقائیة وصنع السلام وفی مجال حفظ السلام ؛وقد دعت الجمعیة العامة للأمم المتحدة إلى تقدیم المساعدة لمنظمة الوحدة الافریقیة ودعم قدراتها المؤسسیة والتنفیذیة فی مجال المنازعات وادارتها وتسویتها وخاصة فی المجالات الاتیة:_
ومع تزاید النزاعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی فی القارة الافریقیة بوجه خاص اکد مجلس الأمن اهمیة الدور الاقلیمی الافریقی لمواجهة هذه النزاعات التی من شأن استمراها أن تعرض الأمن والسلم الدولی للانهیار او التهدید، واکد ذلک فی القرار 1170 الصادر فی 28 ایار 1998 کما شجع على إنشاء آلیات افریقیة جدیدة للعمل على فض المنازعات الافریقیة لاسیما تلک الداخلیة کما ورد فی اعلان القاهرة عام 1993، بوصفها احدى الالیات اللازمة لحفظ الأمن والسلم الدولیین فی اطار المنظمة الافریقیة وبدأ تحالف دول عملیة سلام من خلال منظمة الدول الافریقیة فی منطقة جبال النوبة السودانیة کجزء من اتفاق وقف اطلاق النار فی جبال النوبة عام 2002 وفی اتشیه ارسلت مجموعة من مراقبی السلام الدولیین فی نهایة 2002 لمراقبة وقف اطلاق النار بین حرکة اتشیه الحرة والحکومة الإندونیسیة وفی الفلبین ارسلت مالیزیا فریقا من المراقبین لمراقبة وقف اطلاق النار بین الحکومة والجمهوریة الاسلامیة لتحریر مورو، وفی سریلانکا أنشئت بعثة المراقبة تحت رعایة ایلام.
الفرع الثالث
عملیات الاتحاد الاوربی وحلف الناتو
تعد ایساف اکبر عملیات الناتو على الاطلاق وأول عملیة لها خارج أوربا وتکمن قوتها فی القوة والخبرة العسکریتین المقرونتین بتحالف الناتو القدیم العهد وعلى الاخص تشارک ممارسات العمل والمبدأ العسکری یتولى الجهد الذی یقوده الناتو الکثیر من المهمات الانسانیة وخاصة من خلال فرق اعادة البناء المحلیة وهذه فی کثیرة مهمات یتعین على منظمات غیر حکومیة القیام بها مثل توزیع مواد غذائیة واعانات طبیة ولکنها لا تستطیع بسبب الوضع الامنی الخطر فی تلک المناطق؛ من ناحیة ثانیة على الرغم من هذه القوة الظاهرة فان بنیة قیادة الناتو تواجه صعوبات جمة اذ تضم ایساف قوات 41 دولة مستقلة بذاتها وتخضع کل من هذه القوات لسیطرة حکومتها طوال فترة انتشارها؛ وهناک فی اغلب الاحیان اختلافات جوهریة بین الدول بشأن ما یجب أن تنجزه فی افغانستان وکیف ینبغی أن ینجز وتتجلى هذه الاختلافات فی الشروط الوطنیة المحدودة والمتعلقة بما یکون بلد معین مستعدا للقیام به وعلى الاخص فی ما یتعلق بالعملیات القتالیة وقد انتقدت هذه الشروط کثیرا داخل الناتو وخارجه ففی 2008 تشرین الاول ادلى الجنرال جون کرادوک القائد الاعلى للناتو فی أوربا بمجموعة من الملاحظات حول عملیات حلف الناتو اذ قال بانه تظهر فی حلفنا بالبعثة فی افغانستان بعض العیوب الحقیقیة فبالنظر إلى قیود العملیات الوطنیة التی تزید على السبعین ونسمیها تنبیهات والى عجزنا المستمر عن ملء متطلباتنا فی المیدان وهو بیان متفق علیه فإننا نبدی ارادة سیاسیة مترددة فی بعض الاحیان وهذا التردد السیاسی بالذات هو الذی یعوق تقدم العملیات ویؤدی إلى الشک بقدرة الحلف فی عملیات حفظ السلام. وینشط الناتو من خلال ایساف کثیرا فی عمل فرق اعادة البناء المحلیة وترمی هذه المجموعات العسکریة والمدنیة الصغیرة والمتعددة الجنسیات إلى حد بعید وهی فی الاصل مبادرة عسکریة امریکیة محلیة إلى مساعدة جمهوریة افغانستان الاسلامیة على بسط سلطاتها بغیة تسهیل تطویر بیئة امنیة مستقرة وامنة فی المنطقة المحددة للعملیات وجهود اصلاح القطاع الامنی واعادة البناء وتشکل هذه الفرق التی تعمل بإمرة ایساف العسکریة جزءا مهما من جهد المجتمع الدولی العسکری والمالی لمساعدة افغانستان واسس اولها فی عام 2002_2003 لیصبح عددها 26 فریقا عام 2008 وتدیرها 15 دولة مختلفة ولا تزال لحد الان فرق عسکریة تعمل فی افغانستان ولذا تتردد المنظمات غیر الحکومیة من العمل معها؛ اما بالنسبة لعملیات الاتحاد الاوربی فمهمته الرئیسة تقدیم المساعدات الانسانیة ولیس للاتحاد الاوربی أی مشارکة عسکریة او تفویض عسکری رسمی فی افغانستان غیر أن بعثة شرطة الاتحاد الاوربی فی افغانستان (یوبول افغانستان) انشئت فی حزیران عام 2007 وکان الهدف من انشائها هو المساهمة فی وضع ترتیبات مدنیة مستدامة وفعالة لضبط الأمن تحت السیادة الافغانیة ؛وقد وجهت إلى (یوبول افغانستان) انتقادات جدیة ووصف احد ممثلی الاتحاد الاوربی فی افغانستان البعثة بکاملها بانها ضئیلة للغایة ومتأخرة وان البعثة غیر مخطط لها بشکل کافی ومزودة بعدد قلیل من الموظفین وتفتقر إلى المسؤولیة واوضح اخرون أن هدف (یوبول افغانستان) هو رغبة المانیا بان تبدل التزامها من التزام عسکری إلى بعثة مدنیة. وفی الازمة الیوغسلافیة حاولت منظمة الامم المتحدة دفع الاتحاد الاوربی للقیام بمهامه فی حفظ الأمن داخل البلقان وهو الامر الذی تبلور بقرار مجلس الأمن المرقم 749 فی 7 نیسان 1992 الذی ناشد جمیع الاطراف المعنیة فی یوغسلافیا التعاون مع الاتحاد الاوربی من اجل التوصل إلى حل سیاسی للصراع، وقد حاول الاتحاد الاوربی أن یدلو بدلوه فی المراحل الاولى لحرب یوغسلافیا ورعى الجهود الرامیة إلى ایقاف اطلاق النار بین جمهوریة صربیا وجمهوریة سلوفانیا وتمخضت هذه الجهود عن ابرام اتفاقیة وقف اطلاق النار فی تموز 1992 ونصت هذه الاتفاقیة على ارسال مراقبین اوربیین یتراوح عددهم بین 30_50 مراقبا کلفوا بالإشراف على وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى بین الطرفین کما اشرف المراقبون فی 26 تشرین الاول عام 1992 على انسحاب اخر جندی یوغسلافی من جمهوریة سلوفانیا؛ وبعد عجز الاتحاد الاوربی عن وقف القتال الدائر على اراضی الاتحاد الیوغسلافی السابق بدأت الامم المتحدة فی التحرک وأوفدت مبعوثها (فانس) الذی نجح فی توقیع اتفاق لوقف اطلاق النار بین جمهوریتی صربیا وکرواتیا.
الخاتمـة
لیست الجهات الفاعلة الاقلیمیة سواء کانت منظمات دائمة ام دول بارزة بدیلا عن الامم المتحدة غیر انها تعزیز مهم للأمم المتحدة والنظام المتعدد الاطراف الذی تمثله وبالذات فی افریقیا أن فی وسع الجهات الفاعلة الاقلیمیة توفیر الامکانات المطلوبة من اجل فرض السلام بسرعة وفاعلیة وهی توفر معرفة وفهما للعوامل التاریخیة والدینیة والاثنیة والاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والتی تنطوی علیها حالات طارئة ومعقدة وهی توفر الیات لتأمین مساعدات طارئة وتنفیذ تنمیة دائمة والمسالة کیف یمکن تطبیق ذلک بطریقة تتسق مع مبادئ المتحدة وبتنسیق مع الامم المتحدة ومانحین دولیین أن الاسس التوجیهیة والمبادئ المطلوبة بإلحاح على المستوى الاستراتیجی والعملیاتی اذا کان المراد أن تنجح الشراکات الدولیة الاقلیمیة فی عملیات السلام فی مواجهة تحدیات الادارة المشترکة للسلام والامن وتتضمن هذه مبادئ القیادة والتنسیق والشفافیة والابلاغ على المستوى المیدانی وکذا على مستوى القیادة ومثل هذه الاجراءات ضروریة على نحو خاص لتحالفات غیر دائمة بین دول نظرا لافتقارها إلى اطر مؤسسیة وعلاقات رسمیة مع الامم المتحدة؛ واصبح التعاون وثیق بین الامم المتحدة والمنظمات الاقلیمیة فی ادارة الازمات وظهر ذلک من خلال التعاون والتنسیق المشترک بین المنظمات الافریقیة الاقلیمیة والاتحاد الاوربی.
نخلص مما تقدم إلى ما یأتی:_
مما تقدم نوصی بضرورة تفعیل عمل المنظمات الاقلیمیة لحل مشاکل الدول الاعضاء فیها اذ اثبتت التجارب الدولیة خبرة المنظمات الاقلیمیة فی حل المشاکل التی تهدد الأمن والسلم الاقلیمی الذی یحدث بین دول الاعضاء فی المنظمات الاقلیمیة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: _ Arabic books and translated books: -
1. Dr. Ahmed Rashidi, Regional International Organizations and the New Role of the United Nations in the International System "in the United Nations, The Needs of Reform after Half a Century: Arab Perspective, Center for Arab Unity Studies, Beirut, September 1996.
2. Dr. Boutros Boutros-Ghali, Peacebuilding and Development, 994, Annual Report on the Work of the United Nations, New York, 1994.
3. T. Foxley, Security and Politics in Afghanistan Progress, Problems and Prospects, Arms, Disarmament and International Security, Annual Book, 2009.
4. Dr. Jamal Ali Mohiuddin, Role of the Security Council in Achieving International Peace and Security, Wael Publishing House, First Edition, Algiers, 2013.
5. Dr. Rosemary Hollis, The Greater Middle East, Arms Control, Disarmament and International Security, 2005.
2004, translated by Hassan A. Hassan, Omar Al Ayoubi, Laila Maglani and Samia Bitar, Stockholm Institute for International Peace Research, Center for Arab Unity Studies, 2004.
7. Dr. Suhail Hussein Al-Fatlawi, United Nations Achievements and Failures, Part III, First Edition, Amman Jordan, Dar Al-Hamed Publishing and Distribution, 2011.
8. Saleh Jawad Kazem, Study in International Organizations, University of Baghdad, Faculty of Law and Politics, Department of Politics, Baghdad University Press, 1987_1988.
9. Dr. Salahuddin Amer, Introduction to the Study of Public International Law, 1, 1984.
10. Imad Jad, The United Nations in the Balkans, International Politics, No. 122, October, 1995.
11. Dr. Ghassan Al-Jundi, International Peacekeeping Operations, First Edition, Dar Wael Publishing, Amman, 2000.
12. Dr. Tariq Badi Al-Tarawanah, The Role of NATO in the Stability of the Balkan State, (Kosovo Case Study) (1989_2011), Middle East University, 2012.
13. Dr. Farouk Sadek Haidar; international jurisprudence and the importance of the regional role in the field of maintaining international peace and security.
14. Dr. Fakhri Rashid Al-Muhanna Salah Yassin Daoud, International Organizations, Ministry of Higher Education and Scientific Research, Mosul University, Ibn al-Atheer Publishing House, Mosul University.
15. Dr. The New World Order, A Critical Perspective in Light of the Purposes of Sharia and Law, University Thought House, First Edition, 2009.
16. Dr. Mohamed Hafez Ghanem, Principles of Public International Law, Cairo, Dar Nahdet Misr, 3, 1963.
17. Dr. Mohamed Abdel Wahab Saket, A Study in the Contemporary International System, Arab Thought House, Cairo, 1985.
18. Dr. Hans Belkis, Disarming Iraq Invasion rather than Inspection, Center for Arab Unity Studies, First Edition Beirut, 2005.
19. Dr. Walid Mahmoud Abdel Nasser, New Role of the United Nations in Third World Countries, International Political Journal, No. 122, October, 1995.
Second: International conventions and laws:
1. Charter of the League of Arab States.
2. Charter of the Organization of American States.
3. Charter of the Organization of African States.
4. Charter of the United Nations.
Third: _ Letters and University Notes: _
1. Shaima Abdul Mohsen Hamid Abdullah Al-Bakr, Role of Regional Organizations in the Maintenance of International Peace and Security; Master Thesis, Faculty of Law, Mosul University, 2001.
Fourth: _ Sources of the Internet: _
1. The Security Council urges the regional organizations to play a growing role in the crises of the world, published on the following link:
http://www.un.org/arabic/news/story.asp?NewsID=12343 Last visited 31/12/2017.
2. The Convention on the Safety and Security of United Nations and Associated Personnel, published by United Nations General Assembly Resolution No. 59/49 of 9 December 1994 and entered into force on 15 January, is published in United Nations document A / 49 / 49.1999 and an online publication: http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/Convention_UN_Safety.htm
3. See UN Security Council Resolution 1170 of May 28, 1998. Document No. 1170/28 May 1998.