الملخص
یعد الاستجواب من الاجراءات المهمة فی الدعوى الجزائیة سواء قبل المحاکمة أثناء التحقیق الابتدائی أو أثناء المحاکمة کونه یمس حقوق الافراد وحریاتهم الاساسیة لذلک اوجب المشرع احاطته بضمانات لابد من توافرها اثناء اجرائه وان القانون کفل لأطراف الدعوى الجزائیة ابداء دفوعهم عند مخالفة تلک الضمانات باستناده إلى مصلحة مشروعة ومجدیة والا عد ذلک عبثاً ولهواً یعرقل سیر عمل القضاء.
الموضوعات
أصل المقالة
الاستجواب والمصلحة فی الطعن ببطلانه-(*)-
طلال عبد حسین البدرانی سبهان أحمد اسماعیل کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Talal Abdul Hussein Al Badrani Sabhan Ahmed Ismail College of law / University of Mosul Correspondence: Talal Abdul Hussein Al Badrani E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 28/11/2018 *** قبل للنشر فی 16/12/2018.
(*) Received on 28/11/2018 *** accepted for publishing on 16/12/2018.
Doi: 10.33899/alaw.2018.160762
© Authors, 2018, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
یعد الاستجواب من الاجراءات المهمة فی الدعوى الجزائیة سواء قبل المحاکمة أثناء التحقیق الابتدائی أو أثناء المحاکمة کونه یمس حقوق الافراد وحریاتهم الاساسیة لذلک اوجب المشرع احاطته بضمانات لابد من توافرها اثناء اجرائه وان القانون کفل لأطراف الدعوى الجزائیة ابداء دفوعهم عند مخالفة تلک الضمانات باستناده إلى مصلحة مشروعة ومجدیة والا عد ذلک عبثاً ولهواً یعرقل سیر عمل القضاء.
Abstract
The interrogation is one of the important procedures in the criminal case, whether before the trial during the preliminary investigation or during the trial, because it infringes on the rights of the individuals and their basic freedoms. Therefore, the legislator has to provide him with guarantees that must be made available during the course of his investigation. The law guarantees the parties of the criminal case to defend them Otherwise, they will be in vain and will obstruct the functioning of the judiciary.
المقدمـة
اهمیة الموضوع:
یعد الاستجواب من الاجراءات المهمة فی الدعوى الجزائیة سواء قبل المحاکمة أثناء التحقیق الابتدائی أو أثناء المحاکمة کونه یمس حقوق الافراد وحریاتهم الاساسیة لذلک اوجب المشرع احاطته بضمانات لابد من توافرها اثناء اجرائه وان القانون کفل لأطراف الدعوى الجزائیة ابداء دفوعهم عند مخالفة تلک الضمانات باستناده إلى مصلحة مشروعة ومجدیة والا عد ذلک عبثاً ولهواً یعرقل سیر عمل القضاء.
اسباب اختیار الموضوع:
ان المشرع العراقی لم ینص صراحة على بطلان الاستجواب فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة، وبالتالی تبرز اسباب اختیار الموضوع فی تسلیط الضوء على الدفع ببطلان الاستجواب والمستند إلى مصلحة جدیرة بالرعایة والاهتمام لما لهذا الدفع من تأثیر کبیر على الدعوى الجزائیة وتغییر وجه الرأی فیها فقد یؤدی إلى تبرأة المتهم بدلاً من ادانته أو تخفیف العقوبة المفروضة بحقه وعند عدم توافر تلک المصلحة یترتب على ابداء هذا الدفع عرقلة الدعوى الجزائیة والتأخیر فی حسمها وخاصة ان تلک الدعاوى محدد حسمها بسقف زمنی.
اشکالیة البحث:
تتحدد اشکالیة البحث فی الامور التالیة:
1- بیان ماهیة الدفع الجنائی ببطلان الاستجواب والمستند إلى مصلحة مجدیة.
2- بیان الجهة التی تقوم بتقدیم هذا الدفع تبعاً لتوافر المصلحة هل الخصوم ام القاضی.
3- بیان مدى التزام المحکمة بالرد على هذا الدفع.
4- الاثر المترتب من وراء ابداء هذا النوع من الدفع.
منهجیة البحث:
سنعتمد فی موضوع بحثنا اسلوباً ومنهجاً تحلیلیاً استنباطیاً للنصوص القانونیة وللقرارات والاحکام القضائیة.
نطاق البحث:
سیقتصر نطاق البحث ضمن التشریع العراقی کأساس والمقارنة مع التشریع المصری والنظم الاخرى کلما دعت الحاجة لذلک وکان هناک جدوى وفائدة من ذلک.
الدراسات المقارنة:
ان الفقه الجنائی تطرق إلى الدفع الجنائی ببطلان الاستجواب ولم یتطرق إلى المصلحة المعتبرة والمجدیة والمشروعة فی تقدیم هذا الدفع وسنبین فی موضوع بحثنا هذه المصلحة لما لها من تأثیر على الدعوى الجزائیة واستقرار القضاء الجنائی وتعزیز حقوق الانسان.
خطة البحث:
سیتم تقسیم موضوع بحثنا إلى مطلبین نخصص فی المطلب الأول بیان مفهوم الاستجواب وضماناته وفی المطلب الثانی المصلحة فی الدفع ببطلان الاستجواب
المطلب الأول
مفهوم الاستجواب وضماناته
ان البحث فی مفهوم الاستجواب ضروری لمعرفة معناه الاصطلاحی تمهیدا للدخول بدقة فی بیان ضماناته الواجب توافرها لأجرائه بصورة صحیحة وصولا الى افضل النتائج وتحقیقا للغایة المثلى فی تحقیق العدالة وظهور الحقیقة علیه فانه سیتم تقسیم هذا المطلب الى فرعین نخصص الفرع الأول لبیان مفهوم الاستجواب والفرع الثانی لضمانات الاستجواب.
الفرع الأول
مفهوم الاستجواب
سنوضح فی هذا الفرع عن تعریف الاستجواب وأرکانه وشکله وسنفرد فقرة مستقلة لکل واحد منها .
أولاً: تعریف الاستجواب
یعد الاستجواب إجراءً من إجراءات الدعوى الجنائیة فهو الذی یربط بین جمیع وقائع الدعوى ویبحث فی مدى جدیتها لتحقیق هدفها الأول فی الوصول الى الحقیقة وتوقیع العقاب على مرتکب الجریمة.
وان بعض التشریعات کالتشریع العراقی والمصری لم تعرف الاستجواب الا ان هناک من التشریعات من عرفته کقانون الاجراءات الجزائیة الیمنی رقم (13) لسنة 1994 فی المادة (177) بأنه (یقصد بالاستجواب علاوة على توجیه التهمة الى المتهم بالدلائل والأدلة القائمة على نسبة التهمة إلیه ومناقشته فیها تفصیلاً).
الا ان فقهاء وشُرَّاح القانون عرفوا الاستجواب بتعاریف ومفاهیم عدیدة فقد عرف بأنه (مناقشة المتهم تفصیلاً فی الأدلة والشبهات القائمة ضده ومطالبته بالرد علیها إما بإنکارها واثبات فسادها وإما بالتسلیم بها وما یستتبعه ذلک من اعتراف بالجریمة). کما عرف الاستجواب بأنه (طریق من طرق تحقیق الدعوى تقوم بواسطته المحکمة او الخصم الى سؤال الخصم الآخر ، عن وقائع معینة ، لغرض الحصول على إقرار منه لتتمکن المحکمة من تلمس الحقیقة الموصلة لإثبات الحق فی الدعوى).
کما ان هناک من عرف الاستجواب بأنه (مساءلة المتهم ومناقشته عن وقائع القضیة المنسوب إلیه ارتکابها ومجابهته بالأدلة المختلفة وسماع ما لدیه من دفوع لتلک التهمة)، فالاستجواب هو إجراء جوهری یحوی على شقین الأول جمع أدلة الإثبات ضد المتهم والثانی جمع ما یثبت دفع التهمة عن المتهم. ونؤید هذا التعریف کونه تضمن العناصر الآتیة:
1- ان تکون هناک تهمة منسوبة الى شخص ما یتم مساءلته عنها ومناقشته بها.
2- مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة إما لإثبات التهمة أو لنفیها عنه.
3- سماع دفوع المتهم للتهمة المنسوبة إلیه ، فاستناد هذا التعریف على الدفوع مما یجعله ممیزاً عن باقی التعاریف سالفة الذکر کون الدفوع تعد أهم ضمانة من ضمانات التحقیق العادل والتی تبدى عند مخالفة قواعد وضمانات الاستجواب عند بطلان هذا الإجراء.
اما عن تعریف الاستجواب فی القضاء فمن خلال البحث والتقصی لم نجد للقضاء العراقی تعریفا واضحا له , بینما عرفه القضاء المصری بأنه (مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصیلیة کی یفندها ان کان منکراً للتهمة او معترفاً بها إذا شاء الاعتراف).
کما عرفه بقرار آخر بأنه (هو الذی یواجه فیه المتهم بأدلة الاتهام المساقة علیه لیسلم بها او یدحضها).
وإن الاستجواب یختلف عن سؤال المتهم فی محضر جمع الاستدلالات بمعرفة مأمور الضبط، فالإجراء الذی یقوم به مأمور الضبط مجرد سماع لأقوال المتهم للتهمة المنسوبة إلیه دون الدخول بالتفصیلات ودون تحقیق دفاع المتهم کما أن سؤال المتهم لا یرتب نفس الآثار القانونیة بالنسبة للاستجواب ، فالحبس الاحتیاطی مثلاً لا یجوز تنفیذه بمجرد سؤال المتهم ویجب ان یکون هذا الحبس بعد عملیة الاستجواب، کما ان وصف التهمة وتحدید عناصرها یتوقف على ما یتم توجیهه من تهمة للمتهم من قبل سلطات التحقیق وتحقیق دفاعه بالنسبة لها على عکس الحال بالنسبة لسؤال المتهم فی محضر الاستدلالات الذی یقتصر على مجرد سماع الأقوال من قبل مأمور الضبط.
ثانیاً: أرکان الاستجواب
إن الاستجواب له أهمیة کبیرة وبالغة أثناء إجراءات التحقیق لأن من خلاله یتمکن القائم بالتحقیق من معرفة المتهم فیما إذا کان مذنبا ام بریئا، وکذلک یعد ضمانة لکفالة حق الدفاع التی خولها القانون للمتهم وعلیه فإن لهذا المفهوم أرکان یتمیز بها وهی:
الرکن الأول: الاستجواب إجراء تحقیقی
لقد اهتم المشرع بإجراء الاستجواب وأقر له عنایة خاصة لتحقیق ضماناته نظراً لما یترتب علیه من نتائج خطیرة وکرد فعل لما کان عالقا فی الأذهان بکونه وسیلة إکراه یتخذ ضد المتهم لاستخلاص الحقیقة التی یحرص المتهم على کتمانها او استدراجه إلى ذکر أقوال لیس لصالحه فی حالة تعذر الحصول على اعتراف منه بالجریمة او التهمة المسندة إلیه.
وقد بینّا أن المشرع العراقی ألزم القاضی والمحقق باستجواب المتهم من خلال أربعة وعشرین ساعة وذلک بنص المادة (123) الأصولیة.
وإن علة ذلک احتمال تضرر التحقیق فی حالة تأخره لأکثر من هذه المدة، وکذلک فالمتهم قد یکون بریئا ویعتبر ضحیة بجریمة التوقیف غیر المشروع، لذلک یلزم ان یعرض المتهم على القاضی خلال المدة المذکورة أعلاه.
وبالنسبة لتولی التحقیق فقد نص المشرع العراقی فی المادة (51/الفقرة أ) الأصولیة على انه (یتولى التحقیق الابتدائی قاضی التحقیق وکذلک المحققون تحت إشراف قضاة التحقیق).
ان قانون الادعاء العام الجدید رقم 49 لسنة 2017 نص فی الفقرة ثالثا من المادة الخامسة منه على ان یتولى الادعاء العام ( الحضور عند اجراء التحقیق فی جنایة او جنحة وأبداء ملاحظاته وطلباته القانونیة والحضور فی جلسات المحاکم الجزائیة عدا محکمة التمییز الاتحادیة وتقدیم الطعون والطلبات الى محکمة الجنایات والى محکمة الاستئناف بصفتها الاصلیة عند نظرها الاحکام والقرارات الصادرة فی دعاوى الجنح والى محکمة الاستئناف بصفتها التمییزیة او محکمة التمییز الاتحادیة حسب الاختصاص ).
کما أناط بعضو الادعاء العام صلاحیة قاضی التحقیق عند غیابه فی مکان الحادث فی الفقرة الرابعة من المادة نفسها.
یُلحظ ان المشرع العراقی لم یعط الادعاء العام حق استجواب المتهم فی مرحلة التحقیق الا استثناءً عندما یتولى التحقیق عند غیاب القاضی فی مکان الجریمة وان کان قد جعل حضوره فی المحاکمة شرطا لصحة الجلسات.
کما ان المشرع العراقی نص فی المادة (50) الأصولیة على انه
(أ- استثناءً من الفقرة الاولى من المادة 49 یقوم المسؤول فی مرکز الشرطة بالتحقیق فی ای جریمة اذا صدر الیه امر من قاضی التحقیق او المحقق او اذا اعتقد ان احالة المخبر على القاضی او المحقق تؤخر به الاجراءات مما یؤدی الى ضیاع معالم الجریمة او الاضرار بسیر التحقیق وهرب المتهم على ان یعرض الاوراق التحقیقیة على القاضی او المحقق حال فراغه منها.
ب- یکون للمسؤول فی مرکز الشرطة فی الاحوال المبینة فی هذه المادة والمادة 49 سلطة محقق).
فالمادة اعلاه تشیر الى ان الاستجواب یمکن ان یجریه المسؤول فی مرکز الشرطة ویکون له سلطة محقق فی احوال معینة.
ولا نؤید المشرع العراقی بإناطة الاستجواب للمسؤول فی مرکز الشرطة وذلک لخطورة هذا الإجراء وأهمیته الکبیرة على سیر الدعوى الجزائیة وکونه یحتاج الى خبرة وکفاءة عالیة ونرى ضرورة حصر إجراء الاستجواب بقاضی التحقیق والمحققون تحت إشراف القاضی.
الرکن الثانی: الاستجواب یجری مع متهم
أن الاستجواب یوجه إلى الشخص المتهم لإثبات التهمة ضده او لنفیها عنه وإن بعض التشریعات الجنائیة کالتشریع العراقی والمصری لم تعرف المتهم الا ان الفقه أورد عدة تعاریف له فقد عرف بأنه (من أقیمت الدعوى العمومیة او من اتخذت ضده إجراءات ترمی إلى إسناد فعل او امتناع إلیه اذا ترتب علیها تقیید حریته او کانت تهدف الى إثبات إدانته بجریمة جزائیة).
کما عرف المتهم ایضا بأنه (ویعتبر الشخص متهماً کل من تصل الیه ید السلطة على سبیل الاشتباه فی مساهمته فی جریمة ، توجه الیه اتهام من أی سلطة کانت).
کما انه یجب التمییز بین المتهم والمشتبه به والفرق بینهما یکمن فی قیمة الشبهات او الادلة المسندة الیه فاذا وصل الاشتباه الى حد الشک فی اسناد التهمة کان متهماً، اما اذا کان من الضعف والبساطة بحیث لا یدمج معها الاتهام کان الشخص موضوع الاشتباه ولیس متهماً.
الرکن الثالث: مضمون الاستجواب
ان القانون لم یعین قواعد معینة للاستجواب وترک ذلک الى الفقه والقضاء فإجراء الاستجواب یتضمن المناقشة التفصیلیة مع المتهم ومواجهته بالأدلة المسندة ضده.
فالمناقشة التفصیلیة تعتبر العنصر الجوهری والأساس لإجراء الاستجواب فضلاً عن باقی اجراءات جمع الادلة على اعتبار انه یقصد بها تحریض المتهم على ان یدلی بإجاباته وتقیید اقواله ، کما یکون فی حکم الاستجواب مواجهة المتهم غیره من المتهمین الشرکاء او الشهود اذا ما تطلب الامر المناقشة فیما بینهم لأمور تتعلق بوقائع الاتهام فتسری علیها جمیع القواعد الخاصة به.
وبذلک قررت محکمة جنایات نینوى/ الهیئة الاولى بصفتها التمییزیة انه ( لدى التدقیق والمداولة .... مع التوجیه بوجوب تدوین اقوال المتهم (ع) من قبل قاضی التحقیق وبشکل مفصل ومناقشته فی ضوء ما جاء بأقوال المشتکی والشهود ولیس بالکیفیة التی دونت فیها اقواله وصدر القرار بالاتفاق استنادا لأحکام المادة 265/الاصولیة فی 10/12/2012) .
من خلال ما تقدم نرى بأن مضمون الاستجواب یجب ان یحتوی على عنصرین رئیسین (المناقشة التفصیلیة والمواجهة بالأدلة).
ثالثاً: شکل الاستجواب
ان القانون لم یحدد شکلاً معیناً للاستجواب وترک ذلک الى الفقه والقضاء وللکلام عن شکل الاستجواب یتطلب الامر تناوله من خلال بیان شفویة الاستجواب ومحضر استجواب المتهم ووقت الاستجواب وسنفرد فقرة مستقلة لکل واحد منها .
1- شفویة الاستجواب:
ان الاستجواب یجری شفاهاً بالنسبة للأسئلة التی یطرحها المحقق وکذلک بالنسبة للإجابات التی یدلی بها المتهم، فلا یجوز للمحقق ان یوجه الأسئلة بصیغة مکتوبة او یعرض علیه شیئاً دون ان یطلب منه التوضیحات شفاهاً، فلیس للمتهم الحق فی الاطلاع على مستندات ومستمسکات وأوراق والإجابة علیها الا انه یجب ان تکون الاجابة من ذاکرة المتهم.
وإن المشرع العراقی لم ینص على اجراء الاستجواب شفاهه بخلاف الشهادة حیث نص فی المادة (61/الفقرة أ) الاصولیة على ان تؤدی الشهادة شفاهه.
کما ان الاستجواب یجب ان یکون بلغة الدولة الرسمیة المعترف بها وإن المشرع المصری نص على ذلک فی المادة (93) من مشروع قانون الاجراءات الجنائیة على انه (یجری التحقیق باللغة العربیة فاذا کان الخصم او الشاهد یجهل اللغة العربیة جاز لعضو النیابة ان یستعین بمترجم بعد ان یحلفه یمیناً بأن یؤدی مهنته بالصدق والامانة). یلاحظ من النص المذکور بأن الاستجواب بالنسبة للمتهم والشاهد یجب ان یکون بلغة الدولة الرسمیة المعترف بها فاذا کان احدهم یجهل لغة الدولة ففی هذه الحالة یستعان بمترجم ویجب ان یحلف الیمین امام السلطات المختصة.
وإن ادراک التهمة لمعانی إشارات الأصم والأبکم أمر موضوعی یرجع تقدیر ذلک الى المحکمة وحدها فلا تعقیب علیها فی ذاک ولا یترتب علیها شیء ان رفضت تعیین خبیر ینقل الیها معانی الإشارات التی وجهها المتهم طالما کان باستطاعة المحکمة ان تتبین بنفسها معنى الإشارات.
2- محضر استجواب المتهم:
ان المحضر یعتبر الدلیل على ان الاستجواب قد تم على الوجه القانونی المطلوب لأنه یحتوی على کافة المعلومات والتفاصیل الخاصة بالدعوى.
وإن هذه المحاضر تعد مخطوطات رسمیة یحررها القضاء والمحققون وکتاب الضبط وموظفو الشرطة المختصون وغیرهم من الموظفین الذین نص المشرع الجنائی علیهم.
کما ان المشرع العراقی نص فی المادة (128) الاصولیة على تدوین اقوال المتهم من قبل القائم بالتحقیق بصورة تفصیلیة عن التهمة المسندة ضده ویثبت ذلک فی محضر التحقیق ویوقع علیه من قبل القائم بالتحقیق والمتهم واذا امتنع المتهم عن التوقیع فعلى القائم بالتحقیق ان یثبت ذلک فی المحضر ویذکر أسباب الامتناع ان علم بها کما إذا تضمنت الإفادة إقراراً من المتهم فإن القانون الزم قاضی التحقیق تدوین هذه الإفادة بنفسه. والسبب فی ذلک تعزیز الثقة بها وعدم قبول دفع المتهم بعد ذلک بأنها أخذت رغماً عنه.
وعلى القائم بالتحقیق اثناء تدوین الاقوال ان یتجنب کل ابهام او غموض وان تکون بلغة الدولة الرسمیة وأن یشتمل محضر الاستجواب على البیانات التالیة:
التاریخ: فهو یعد عنصراً هاماً للاستجواب وبموجبه یثبت بأن الافادة اخذت فی المیعاد ویذکر فیه الساعة والیوم والشهر والسنة.
الدیباجة: وتتضمن اسم المحقق وصفته واختصاصه.
مضمون المحضر: یدون فیه جمیع الملاحظات الخاصة بالمتهم وصفته وملابسه وإصاباته والآثار المثبتة وکذلک اسم المتهم الثلاثی.
التوقیعات: یجب ان یشتمل المحضر على توقیع القائم بالتحقیق والکاتب والمتهم.
یتضح مما جاء أعلاه ان محضر الاستجواب له أهمیة کبیرة فی الدعوى الجزائیة لذلک یجب على القائم بالتحقیق سواء القاضی أم المحقق أم أی شخص منوط له سلطة التحقیق ان یدون اقوال المتهم بصورة واضحة لا لبس فیها ولا غموض وان تکون الإفادة مسترسلة فی الأحداث حسب التواریخ وان یتجنب المسائل الاستفهامیة غیر الواضحة کما نرى ضرورة ذکر اسم المتهم الرباعی واللقب وعنوان السکن بالإضافة الى اقرب نقطة دالة واسم المختار لمنطقته ورقم الهاتف ان وجد وذلک لسهولة الرجوع الى المتهم عند طلبه او استقدامه او إصدار امر قبض بحقه للمثول أمام سلطات التحقیق او المحاکمة.
3- وقت الاستجواب:
لم یقید المشرع سلطة التحقیق بإجراء الاستجواب فی وقت کقاعدة عامة فیجوز لسلطات التحقیق مباشرته فی أی لحظة من مراحل التحقیق على ان یکون اجراء الاستجواب من إجراءات التحقیق وعن طریقه تحرک الدعوى الجزائیة او قد یکون بعد سماع اقوال الشهود او المعاینة او التفتیش کما انه عند اعتراف المتهم شفویاً بالتهمة المنسوبة الیه یستحسن تدوینها مباشرة وقبل أی اجراء اخر ، اما فی حالة الانکار فمن الافضل استجواب المتهم بعد جمع الادلة لمواجهته بها کما یجوز إعادة استجواب المتهم لأکثر من مرة.
وإن کانت القاعدة العامة بأن یجری الاستجواب بدون میعاد محدد الا ان هناک قید على سلطة التحقیق فی استجواب المقبوض علیهم حیث یجب استجوابهم خلال اربع وعشرین ساعة من وقت القبض علیهم.
الفرع الثانی
ضمانات الاستجواب
لکی یبقى الغرض من استجواب المتهم هو الوقوف على حقیقة التهمة أما للوصول إلى اعتراف من هذا المتهم بارتکابه الجریمة المنسوبة إلیه او إلى دفاع منه بنفیها عنه، ولکی لا یستغل الاستجواب للحصول على اعترافات غیر صحیحة لابد أن یحاط بجملة من الضمانات أثناء إجرائه. وسنتکلم فی هذا الفرع عن أهم هذه الضمانات من خلال الفقرات التالیة:
أولاً: ان یتم اجراء الاستجواب من قبل السلطة المختصة بالتحقیق
نظراً لأهمیة الاستجواب فقد اشترط القانون ان تباشره جهة قضائیة مختصة بالتحقیق قاضی التحقیق أو المحقق, اما بالنسبة لعضو الضبط القضائی فلا یحق له اجراء الاستجواب وکل ماله هو سؤال المتهم بدون مناقشة تفصیلیة عن التهمة المنسوبة ضده او مواجهته بالأدلة.
ولخطورة الاستجواب یجب ان یقوم به شخص اهل للثقة وسبق وأن بیّنا بأن المشرع العراقی فی المادة (51/الفقرة أ) حصر اجرائه من قبل قضاة التحقیق والمحققون، اما أعضاء الضبط القضائی فلهم حق سؤال المتهم شفویاً واتخاذ بعض الإجراءات التحقیقیة فی الجریمة المشهودة وهذا ما أشارت إلیه المادة (43) الأصولیة، اما بالنسبة للمسؤول فی مرکز الشرطة فله الحق فی ممارسة إجراءات التحقیق حسب الأحوال التی نصت علیها المواد (49 و 50) الأصولیة.
واذا ما أبدى المتهم رغبته بالاعتراف امام المسؤول فی مرکز الشرطة او اعضاء الضبط القضائی فعلیهم تسییره امام قاضی التحقیق المختص لتصدیق الاعتراف.
کما ان المشرع المصری خول مأمور الضبط القضائی المندوب للتحقیق بأن یستجوب المتهم فی الأحوال التی یخشى فیها فوات الوقت بشرط ان یکون الاستجواب متصلاً بعمله ویکون لازماً فی کشف الحقیقة .
ثانیاً: حق المتهم فی الصمت
هناک مبدأ رئیس ومهم أثناء إجراءات الدعوى الجزائیة وهو النظر الى المتهم على انه بریء حتى یثبت العکس أی تثبت ادانته بحکم قضائی بات، واستناداً لذلک فإن المتهم له الحریة فی عدم الاجابة على الاسئلة الموجهة الیه، وغیر ملزم بالکلام.
وإن هذا الصمت لا یفسر قرینة ضد المتهم وأنه مستمد من مبدأ الاصل فی الانسان البراءة، وإن حق المتهم فی الصمت یعد مبدأ دستوری هام.
فالدستور العراقی لسنة 2005 نص فی المادة (19/خامساً) على ان (المتهم بریء حتى تثبت ادانته فی محاکمة قانونیة عادلة ..).
کما ان المشرع العراقی نص فی المادة (126/ب) الأصولیة على انه (لا یجبر المتهم على الاجابة على الأسئلة التی توجه الیه، وکذلک نص فی المادة (123/ب/ أولاً) المعدلة الاصولیة على حق المتهم فی الصمت التی نصت على بأنه (ان له الحق فی السکوت ولا یستنتج من ممارسته هذا الحق أی قرینة ضده).
یُلحظ من النصوص المذکورة أنه على المحقق تنبیه المتهم بأن له الحق فی الصمت قبل اجراء استجوابه کما نرى بأن النص على هذا المبدأ فی الدساتیر والقوانین یعطی له ضمانة جوهریة واهمیة بالغة عند استجواب المتهم.
فإن حق المتهم فی الصمت یکون اعمالا لقرینة البراءة ونتیجة لذلک لا یطلب من المتهم تقدیم أی دلیل لینفی التهمة ضده فهو غیر مطالب بإثبات براءته القائمة اصلا بمقتضى هذه القرینة (البراءة) فالغالب فی الفقه یمنح المتهم الحریة الکاملة فی ابداء اقواله وله الحق ان یلزم الصمت.
ولا یجوز اعتبار سکون المتهم دلیلاً ضده طالما ان من حقه عدم الإجابة على الأسئلة الموجهة إلیه کما ان المشرع العراقی فی المادة (124) الأصولیة منع إجبار المتهم على الکلام فأعطاه الحق بأن یبدی أقواله فی أی وقت یراه مناسباً بعد سماع أی شاهد یناقشه.
کما انه لا یصح فی جمیع الاحوال ان یؤول صمت المتهم على وجه یضر بمصلحته او ان یستغل هذا الصمت ضده فی الإثبات ومن ثم من حقه الإجابة عن الاسئلة الموجه إلیه کما من حقه الإجابة عن بعضها ورفض الإجابة عن البعض الأخر.
ثالثاً: دعوة محامی المتهم للحضور
یجب حضور المحامی مع المتهم أثناء إجراءات التحقیق الابتدائی. وهی بذلک تحقق فائدة تتمثل فی مراقبة هذه الاجراءات التی یقوم بها المحقق وبالتالی یمنعه من اتخاذ وسائل غیر المشروعة ضد المتهم کما ان حضور المحامی مع المتهم یساهم فی رفع روحه المعنویة الذی غالباً ما یکون مضطرباً نفسیاً بسبب الاتهام الموجه ضده ، فحضور المحامی یساعده على الاتزان والهدوء والتروی فی الإجابة على التهمة.
وإن المحامی یقوم بالاطلاع على اوراق الدعوى الجزائیة قبل اجراء الاستجواب لکی یکون على علم تام بالتهمة المنسوبة ضد موکله وکما یمکنه من ابداء بعض الملاحظات للقائم بالتحقیق وإن الاطلاع على اوراق الدعوى یکون فی الیوم السابق من اجراء الاستجواب.
ولأهمیة هذا الحق اصبح مبدأ دستوری، فالدستور العراقی لسنة 2005 نص فی المادة (19/حادی عشر) على انه (تنتدب المحکمة محامیاً للدفاع عن المتهم بجنایة او جنحة لمن لیس له محامٍ یدافع عنه وعلى نفقة الدولة).
یُلحظ ان النص المذکور یعد ضمانة اساسیة ومهمة فالمتهم الذی لا یستطیع توکیل محامی على حسابه الخاص تنتدب الدولة محامیاً له وعلى نفقتها وهی ملزمة بذلک.
اما بالنسبة للتشریعات فالمشرع العراقی اشار فی المادة (123/ب/ثانیاً( الاصولیة المعدلة على حق المتهم فی ان یتم تمثیله من قبل محامی قبل استجوابه وإن لم تکن له القدرة على ذلک تقوم المحکمة بتعیین محامی منتدب للدفاع عنه وعلى نفقة الدولة دون تحمیل المتهم أتعاب هذا المحامی.
أما المشرع المصری فإنه اوجب حضور محامی المتهم فی احوال معینة فی المادة (124) الإجرائیة والتی نصت على انه (فی غیر حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضیاع الادلة لا یجوز للمحقق فی الجنایات ان یستجوب المتهم ، او یواجهه بغیره من المتهمین او الشهود الا بعد دعوة محامیه للحضور ان وجد).
کما انه لم نلحظ بنصوص القانون أعلاه ما یمنع حضور محامی المتهم فی الجنح والمخالفات.
اما بالنسبة لحضور محامی المتهم أثناء المحاکمة فالمشرع العراقی اشارة فی المادة (144) الأصولیة على انتداب محامی للدفاع عن المتهم من قبل محکمة الجنایات ان لم یکن له محامی وتتحمل خزینة الدولة الأتعاب.
فالمحاکمة تعد من أهم المراحل التی تمر بها الدعوى الجزائیة کون هذه المرحلة هی التی تحدد إدانة المتهم او براءته من التهمة المنسوبة إلیه، فالأصل فی هذه المرحلة حضور المتهم مع محامیه.
یتضح مما ذکر انفا ان دعوة محامی المتهم للحضور أثناء إجراء الاستجواب فی مرحلة التحقیق الابتدائی وکذلک حضوره فی مرحلة المحاکمة یعد ضمانة مهمة للمتهم کونها تفعل دور الرقابة، فالمحامی یکون رقیباً على کافة الاجراءات المتخذة من قبل السلطات القائمة بالتحقیق والمحاکمة.
رابعاً: عدم جواز تحلیف المتهم الیمین
ان المشرع العراقی نص فی المادة (126/الفقرة أ) الاصولیة على انه (لا یحلف المتهم الیمین الا اذا کان فی مقام الشهادة على غیره من المتهمین).
یُلحظ ان نص المادة أعلاه أوجبت عدم تحلیف المتهم الیمین أثناء إجراء استجوابه ویعد ذلک ضمانة من ضمانات کفالة حق الدفاع واستثناء على ذلک جواز تحلیف المتهم الیمین اذا کان شاهداً ، وفی هذه الحالة یتم فرد الدعوى وتدون أقوال المتهم بصفة شاهد فی الدعوى الثانیة (المفرقة) ویحلف الیمین أی تصبح الدعوى الثانیة مستقلة عن الاولى فالمتهم فی الدعوى الثانیة یکون شاهداً ویبقى موقوفاً فی الاولى.
وبذلک قررت محکمة جنایات نینوى/ الهیئة الاولى بصفتها التمییزیة انه (لدى التدقیق والمداولة .... وذلک لعدم اکتمال التحقیق اذ ان الامر یقتضی تدوین اقوال المتهم المفرقة اوراقه (س) بصفة شاهد فی هذه الدعوى بعد تحلیفه الیمین القانونیة وذلک لکون افادته المدونة من قبل قاضی التحقیق بتاریخ 25/11/2008 قد تمت من دون تحلیفه الیمین...).
وإن سبب عدم جواز تحلیف المتهم الیمین إن ذلک سوف یوضعه فی موقف حرج یدفعه الى الکذب وإنکار الحقیقة ومن ثم یؤدی ذلک الى مخالفة معتقداته الدینیة والأخلاقیة کما قد یدفعه الى ارتکاب جریمة شهادة الزور لإنقاذ نفسه. کما ان الیمین لا تعد من ادلة الاثبات الجنائی التی نص علیها المشرع العراقی فی المادة (213) الاصولیة.
اما المشرع المصری فإنه لم یورد نصاً مشابهاً کالنص المشار الیه فی التشریع العراقی الا ان عدم جواز تحلیف المتهم الیمین تعتبر قاعدة مستقرة فقهاً وقضاءً وفی حالة توجیه الیمین للمتهم أثناء استجوابه یعد هذا الاستجواب باطلاً کما تبطل جمیع الادلة المستمدة منه.
یُلحظ ان الضمانات سالفة الذکر والخاصة بإجراء الاستجواب تعد ضمانات اساسیة وجوهریة ولم یقتصر النص علیها فی الدساتیر والقوانین الداخلیة فحسب، بل امتد ذلک لیشمل المجتمع الدولی حیث نصت علیها المواثیق والاعلانات والاتفاقیات الدولیة کالإعلان العالمی لحقوق الانسان والعهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة الصادر عام 1966 ، وکذلک الاتفاقیة الاوربیة لحقوق الانسان لعام 1950 ، وان هذه الضمانات ذات صلة کبیرة بحقوق الانسان وحریاته الأساسیة وجاءت للتأکید على حمایة الحریة الشخصیة.
المطلب الثانی
المصلحة فی الدفع ببطلان الاستجواب
بینّا فی المطلب الاول من هذا المبحث مفهوم الاستجواب من خلال بیان تعریفه وارکانه وشکله وکذلک اهم ضمانات هذا الاجراء وهی (ان یتم اجراء الاستجواب من قبل السلطة المختصة بالتحقیق وحق المتهم فی الصمت ودعوة محامی المتهم للحضور اثناء اجراء الاستجواب، وکذلک عدم جواز تحلیف المتهم الیمین) وإن هذه الضمانات الخاصة بهذا الاجراء یجب مراعاتها من قبل السلطة المختصة بالتحقیق، وان مخالفتها وعدم مراعاتها یترتب بطلان اجراء الاستجواب سواء تعلق البطلان بالنظام العام الذی تنظر به المحکمة من تلقاء نفسها او بمصلحة الخصوم الذی یدفع به الخصم صاحب المصلحة المستفید منه کما ان بطلان هذا الاجراء یؤثر على سلامة التحقیق، علیه سیتم تقسیم هذا المطلب الى فرعین نتناول فی الفرع الاول بطلان الاستجواب وفی الفرع الثانی المصلحة ببطلان الاستجواب.
الفرع الاول
بطلان الاستجواب
یعرف بطلان الإجراء الجنائی بأنه "جزاء یتقرر إذا اتخذ هذا الإجراء بالمخالفة لما تستوجبه القاعدة الإجرائیة من مقومات أو عناصر، أو لما تتطلبه شروط صحة هذا الإجراء.
وهناک شروط یجب توافرها فی البطلان وإلا سقط الحق فی التمسک به وسنفرد فقرة مستقلة لکل شرط:
أولاً: المصلحة
المصلحة: هی ما یترتب على الفعل ویبعث على الصلاح، فنقول فی الأمر مصلحة، ونظر الوالی فی مصالح الناس، ومن ذلک سمی ما یتعاطاه الإنسان من الأفعال الباعثة على نفعه (مصلحة)
والمصلحة اصطلاحا هی (الاعتقاد بصلاحیة الشیء لإشباع حاجةٍ ما أی هو الحکم التقییمی المجرد ابتداءً بصلاحیة الشیء لإشباع حاجةٍ ما).
فالأصل أن السلطة العامة أو الحق فیها لا ینشأ إلا لمن له مصلحة فی تقریر البطلان والقاعدة انه لا یقبل الدفع أو الطلب بدون توفر المصلحة.
فیجب أن یکون لمبدی الدفع مصلحة مباشرة فی مراعاة القواعد المنصوص علیها بمعنى أن تکون القواعد الإجرائیة التی خولفت قد قررت لمصلحة مبدی الدفع.
فالخصومة لیست مسرحاً للمناظرات وتبادل الآراء ووجهات النظر بل هی نشاط یهدف من ورائه إلى تحقیق أغراض عملیة ولذلک لابد ان یکون لهذا الخصم الذی یدفع ویتمسک بالبطلان مصلحة مباشرة حتى لا تتحول هذه الخصومة إلى میدان للمماطلة والابتعاد عن تحقیق الغرض المرجو منها. کما أن المصلحة تتکون من عنصرین:
1- أن یکون البطلان قد ترتب على مخالفة قاعدة إجرائیة مقررة لمصلحة من یتمسک به.
2- أن یترتب على تقریر البطلان فائدة شخصیة.
کما ان المقصود بشرط المصلحة لا یقصد به المصلحة فی الحکم ببطلان الإجراء وإنما المصلحة فی مراعاة القواعد التی خولفت فعدم مراعاة أحکام التفتیش یترتب علیه بطلان هذا التفتیش ولاشک ان من مصلحة المتهمین الآخرین مع المتهم التقریر ببطلان الإجراء إلا ان هذه المصلحة لیست هی المقصودة وان المصلحة المقصودة هی فی مراعاة قواعد التفتیش ولا تتوفر إلا فی المتهم الذی کان منزله محلاً للتفتیش ولذلک لا یقبل الدفع إلا من قبله فقط دون ان یکون لباقی المتهمین الحق فی التمسک به.
کما أن المصلحة یجب ان تتوفر لدى الادعاء العام الذی یمثل حق المجتمع، فالادعاء العام صحیح انه خصم الا انه یعد خصماً شکلیاً فلا یسعى دائماً إلى إدانة المتهم بل قد یسعى إلى تبرئة المتهم انطلاقاً من الواجب الذی یقع على عاتقه فی تطبیق القانون بالشکل الصحیح وانطلاقاً من ذلک فیکون من واجبه ان یدفع ببطلان أی عمل مخالف للقانون حتى لو کان بطلان هذا الإجراء مقرر لمصلحة خصم اخر.
یُلحظ أن المصلحة تعد أساس التمسک بالبطلان وشرطاً رئیسیاً له سواء من جانب الخصم الذی یسعى إلى تغییر وجه الرأی فی الدعوى أم الادعاء العام الذی یمثل المجتمع، فالبطلان لا یتقرر إلا لمن کان له مصلحة مشروعة من وراء تمسکه به.
ثانیاً: أن لا یکون المتمسک بالبطلان سبباً فی حصوله
فإذا کان المتمسک بالبطلان له مساهمة فی حصول هذا البطلان فلا یجوز له التمسک به سواء کانت هذه المساهمة عن قصد أم بإهمال، فالمتهم الذی یحلف الیمین قبل استجوابه لا یجوز ان یدفع ببطلان الاستجواب طالما انه لم یطلب منه حلف الیمین ویکفی أن یکون الشخص قد ساهم فی البطلان سواء فی التسبب فی وقوعه مباشرة ام الإتیان بسلوک کوّن ظروف السببیة.
فلا یحق للمتهم ان یدفع ببطلان ورقة التکلیف بالحضور إذا کان هو قد اعطى عنوانه بصورة خاطئة وکذلک الحال بالنسبة لأی کشف تنفذه المحکمة على محل الحادث دون حضور ذوی العلاقة على الرغم من تبلیغهم بذلک.
ثالثاً: أن لا تکون الغایة من الإجراء قد تحققت
إن الإجراء یعتبر باطلاً فی حالة عدم تحقق الغایة منه أما إذا تحققت الغایة من الإجراء بإجراء لاحق أو تصرف معین فإن ذلک یعدم آثار البطلان.
ومثال ذلک إذا أحیلت دعوى من محکمة التحقیق إلى محکمة الجنایات لإجراء المحاکمة وکان هناک بطلان فی إجراءات التحقیق الابتدائی أمام قاضی التحقیق إلا أن محکمة الجنایات قامت بإجراء تحقیق من قبلها من دون تعویل لإجراءات التحقیق الأولی وبناءً على ذلک صدر الحکم، ففی هذه الحالة لا یجوز التمسک ببطلان التحقیق الابتدائی طالما ان الغایة قد تحققت.
کما سنبین التقسیم الأکثر أهمیة للبطلان، وبذلک یقسم البطلان إلى بطلان متعلق بالنظام العام ویطلق علیه (البطلان المطلق) وبطلان متعلق بمصلحة الخصوم ویطلق علیه (البطلان النسبی) ولهذا التقسیم أهمیة کبیرة لما له من نتائج قانونیة تتأثر بها الدعوى الجزائیة فی جمیع مراحلها. وسنفرد فقرة مستقلة للنوعین کلاهما المطلق والنسبی:
أولاً: البطلان المطلق
البطلان المطلق هو (الذی یترتب على مخالفة القواعد الخاصة بالإجراءات الجوهریة المتعلقة بالنظام العام).
کما یطلق على (کل ما ینبثق من عدم مراعاة إجراء جوهری یحمی مصلحة عامة).
وان البطلان المطلق لا یصححه الرضا بالإجراء المشوب به من جانب من یتعارض هذا الإجراء مع مصلحته ولا یلزم ان یتمسک به هذا الأخیر فی سبیل هدم ذلک الإجراء وإنما تراعیه المحکمة من تلقاء نفسها فی أی حالة من الحالات التی کانت علیها الدعوى حین اکتشافه.
وإن المشرع یشیر إلى الأحوال التی تعتبر القواعد متعلقة بالنظام العام، أما إذا لم یشیر على ذلک فالمصلحة هی المعیار التی أراد المشرع تحقیقها بالقاعدة الجزائیة، لأن کل قاعدة جزائیة ینص علیها المشرع هی حمایة لمصلحة معینة، لذلک فالضابط السلیم فی هذا المجال هو الاعتداد بالمصلحة المبتغاة من القاعدة فاذا کانت المصلحة متعلقة بحسن سیر الجهاز القضائی وعدالته کانت متعلقة بالنظام العام.
یتضح مما جاء فی أعلاه أن المصلحة تعد معیار الإجراء الجوهری والنظر فیما إذا کانت القاعدة تستهدف حمایة مصلحة إذ یترتب على مخالفتها إهدار لهذه المصلحة ام کانت تستهدف مجرد الترتیب والتوجیه والإرشاد وإن مخالفتها لا یترتب علیه ضیاع مصلحة ما.
ومن أمثلة البطلان المطلق:
1- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بتشکیل المحکمة.
2- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بولایة المحکمة بالحکم فی الدعوى.
3- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بالاختصاص النوعی للمحکمة.
4- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بعلانیة الجلسات.
5- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بتسبیب الأحکام.
6- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بحضور مدافع عن المتهم فی الدعوى.
7- مخالفة أحکام القانون المتعلقة بإجراءات الطعن فی الأحکام.
ومثال للحالة الأولى ان یحاکم المتهم مثلاً أمام محکمة عدد قضاتها ثلاثة فی حین یتطلب القانون ان یکون خمسة قضاة فهذا إهدار للقاعدة الإجرائیة الخاصة بتشکیل المحکمة، ومثال الحالة الثانیة ان یحاکم صغیر أمام محکمة عادیة لا أمام محکمة الأحداث فهذا یخالف القاعدة الإجرائیة الخاصة بولایة المحکمة، ومثال الحالة الثالثة فی أعلاه أن یحاکم المتهم عن جنایة أمام محکمة الجنح لا أمام محکمة الجنایات فهذا إهدار للقاعدة الإجرائیة المحددة للاختصاص بنوع الجریمة وهکذا.
ویتمیز البطلان المطلق بالأحکام التالیة:
1- جواز التمسک به فی أی حالة کانت علیها الدعوى ولو لأول مرة امام محکمة النقض او (التمییز) بشرط عدم الاحتجاج لتحقیق موضوعی.
2- لکل ذی مصلحة ان یتمسک بهذا النوع من البطلان.
3- ان هذا النوع من البطلان لا یقبل التصحیح.
4- لا یجوز الدفع بالبطلان المطلق إذا کان سبب البطلان راجعاً للخصم أو ساهم فیه، فلا یجوز للمدعی ان یدفع بعدم اختصاص القاضی الجنائی بالفصل فی الدعوى المدنیة التی رفعها، کما لا یجوز للمتهم ان یدفع بالإخلال بحقه فی الدفاع لعدم استجوابه قبل حبسه إذا کان هو الذی امتنع عن الإجابة عن الأسئلة التی وجهت إلیه من المحقق فی الاستجواب.
5- یجوز الاحتجاج به حتى لو سبق وان تم التنازل عنه.
ثانیاً: البطلان النسبی
ان البطلان النسبی هو (عدم مراعاة أحکام الإجراءات غیر المتعلقة بالنظام العام وإنما متعلقة بمصلحة الخصوم وهو من اجل ذلک یتمیز بأحکام خاصة تختلف عن تلک المتعلقة بالبطلان المطلق).
کما عرف بأنه (البطلان الذی ینال الإجراء المخالف لقاعدة تحمی مصلحة یقدر القضاء انها اقل أهمیة من ان تبرر البطلان المطلق).
والبطلان النسبی یصححه الرضاء بالإجراء المشوب به وذلک من جانب من کان مفترضاً تعارض هذا الإجراء مع مصلحته، وهذا الرضاء یکون إما صراحة أو ضمنیاً مستفاداً من تفویت اللحظة التی حددها القانون للتمسک فیها بذلک البطلان ولذلک لابد لإعمال هذا البطلان إن یتم تقدیم دفع من قبل صاحب الشأن وبدون هذا الدفع لا یتعین للمحکمة الاعتداد بالبطلان من تلقاء نفسها وإن کان یجوز للقاضی أن یصحح ولو من تلقاء نفسه کل إجراء یتبین له بطلانه.
ومن أمثلة البطلان النسبی مخالفة القواعد التی تنظم حق الخصوم فی حضور إجراءات التحقیق واستصحاب المدافعین عنهم والقواعد التی تنص على وجوب إخطار الخصوم بمواعید الإجراءات ومکانها وکذلک القواعد التی تخص ضمانات حق المتهم فی الدفاع کتلک المتعلقة بالاستجواب أو القبض أو التفتیش وغیرها من القواعد التی تستهدف مصلحة الخصوم فی الدعوى الجزائیة.
وإن البطلان النسبی یتمیز بأحکام تختلف عن تلک الأحکام التی تتعلق بالبطلان المطلق ویرجع ذلک إلى اختلاف طبیعة المصلحة المحمیة فی کل منهما فإذا کانت حمایة المصلحة العامة والنظام العام هی هدف فکرة البطلان المطلق فإن مصلحة الخصوم تعد غایة البطلان النسبی الأمر الذی جعل هذا الأخیر (البطلان النسبی) یتمیز بالأحکام التالیة:
1- یجوز النزول الضمنی عن البطلان النسبی فی أی مرحلة من مراحل الدعوى.
2- لا یجوز إثارته لأول مرة أمام محکمة التمییز بل لابد من إثارته أمام محکمة الموضوع قبل اختتام باب المرافعة فإذا أثیر فعلاً أمام محکمة الموضوع على الوجه المطلوب فإن محکمة التمییز تکون سلطتها مقصورة على مراقبة خطة محکمة الموضوع بالقبول أو الرفض ویکون ذلک بأسباب صحیحة لها سند من اوراق الدعوى وظروفها الثابتة، إلا إذا لم یکن ما جاء فی الحکم من بیانات دالة بذاته على وقوع البطلان فیجوز عندئذ فقط التمسک به امام محکمة التمییز ولو لأول مرة.
3- البطلان النسبی یجوز تصحیحه.ویصحح هذا البطلان بطریقتین:
الأولى: القبول الصریح أو الضمنی للإجراء الباطل من قبل من تقرر البطلان لصالحه.
الثانیة: تحقیق الغرض من الإجراء الباطل.
4- لا یتمسک به إلا من تقرر لمصلحته.
أی أن هناک شرطان أساسیان لابد من توافرهما حتى یمکن التمسک بالبطلان النسبی:
الأول: ضرورة توفر المصلحة المباشرة للخصم الذی یدفع به عند عدم مراعاة القواعد المنصوص علیها بالنسبة للإجراء الباطل وبمعنى آخر تکون القواعد التی تم مخالفتها تقررت لصالحه فالمصلحة المقصودة لیست مصلحة الخصم فی الحکم ببطلان الإجراء وإنما مصلحته فی ضرورة مراعاة القواعد التی تمت مخالفتها.
الثانی: یجب أن لا یکون الخصم قد تسبب فی وقوع البطلان فی الإجراء فلا یجوز التمسک بالبطلان إذا کان الشخص قد ساهم فیه.
5- لا تقضی به المحکمة من تلقاء نفسها بل یجب أن یطالب به ذو مصلحة.
وإن هناک ضمانات خاصة بإجراء الاستجواب وتُعد قواعد اساسیة وجوهریة یجب مراعاتها وبخلاف ذلک یبطل الاستجواب بطلاناً یتحدد نوعه حسب طبیعة الحقوق والمصالح التی تحمیها هذه الضمانات.
وإن ببطلان الاستجواب تبطل الاجراءات التی ترتبت علیه وکانت اثرا مباشراً لها من دون الاجراءات الاخرى التی لم تکن من اثاره المباشرة وإن الاعتراف یعد اهم الاجراءات التی تبطل کونه یعقب الاستجواب الباطل ویکون نتیجة مباشرة له، کما تصح ادانة المتهم على الرغم من بطلان استجوابه اذا توفرت فی الدعوى أدلة إدانة اخرى لم تکن لها اثر مباشر للاستجواب فإن البطلان لا یمتد الیها.
کما ان بطلان الاستجواب یختلف عن اثر بطلان أی إجراء آخر من إجراءات جمع الأدلة فبطلان اجراء من إجراءات جمع الأدلة کالتفتیش والقبض وغیرها یترتب علیه اثر واحد محدد هو بطلان الدلیل المستمد منه، اما بطلان الاستجواب، فلا یقتصر على سقوط الدلیل المستمد منه اذا وجد وهو الاعتراف بل ان بطلانه یمتد لیؤثر فی سلامة التحقیق لأن وظیفة الاستجواب الرئیسة هی تمکین المتهم من ابداء دفاعه وإن تعطیل هذه الوظیفة یؤثر على کیان التحقیق وحیادیته ویعتبر من جوهره وطبیعته لأن إجراء الاستجواب یعد حقاً للمتهم بخلاف الإجراءات الأخرى المذکورة فی أعلاه والخاصة بجمع الأدلة فهی سلطات ممنوحة للمحقق وله الرأی فی اتخاذها، اما الاستجواب فهو واجب على المحقق القیام به، فالاستجواب الصحیح لا یعد اجراء من اجراءات التحقیق فقط بل یعد شرطاً من شروط صحته.
وسنبین موقف التشریع والفقه والقضاء من بطلان الاستجواب من خلال النقاط الاتیة:
أولاً: موقف التشریع من بطلان الاستجواب
ان المشرع العراقی اعطى الحق فی المادة (249) الاصولیة للادعاء العام والمتهم والمشتکی والمدعی المدنی والمسؤول مدنیاً الطعن لدى محکمة التمییز فی الاحکام والقرارات والتدابیر، اذا وقع خطأ جوهری فی الاجراءات الاصولیة.
وإن الاستجواب یعد من اهم هذه الاجراءات ومن ثم فإن مخالفة الضمانات والقواعد لهذا الاجراء یترتب علیه بطلان الاستجواب.
اما المشرع المصری فإنه اشار فی المادة (332) الاجرائیة على احوال البطلان المطلق التی تتعلق بالنظام العام وفیما عدا ذلک یعد بطلاناً نسبیاً یتعلق بمصلحة الخصوم حسب نص المادة (333) الاجرائیة، علیه فإن مخالفة الضمانات والقواعد الخاصة بإجراء الاستجواب یرتب علیها القانون بطلاناً نسبیاً یتعلق بمصلحة الخصوم.
ثانیاً: موقف الفقه الجنائی من بطلان الاستجواب
ان الفقه الجنائی العراقی أکد على توفر جمیع الضمانات التی تتعلق بالاستجواب والابتعاد عن کل الوسائل غیر المشروعة التی تتعارض مع حقوق المتهم وحریاته، کما ینبغی إیقاع جزاء البطلان عند الإخلال بالقواعد الأساسیة التی تتعلق باستجواب المتهم وکذلک إهدار القیمة القانونیة لکل ما یترتب على ذلک من نتائج.
أما الفقه الجنائی المصری فإنه تناول بطلان إجراء الاستجواب فهناک من یجد ان بطلان الاستجواب یکون متعلقاً بالنظام العام فی حالة انعدام الولایة بإجرائه کما لو باشره مأمور الضبط القضائی وکذلک اذا کان هناک تأثیر على إرادة المتهم ویکون هذا الأخیر فی حالتین الاولى اذا بوشر الاستجواب تحت تأثیر إکراه او تهدید او إرهاق متعمد للمتهم او کانت إرادته معیبة والثانیة اذا عمد القائم بالتحقیق على خداع المتهم او کانت الأسئلة الموجهة إلیه من النوع الإیحائی. ویجد آخر بأنه یکون البطلان نسبیاً اذا تعلق بمصلحة الخصوم فی حالة إغفال دعوة محامی المتهم للحضور او عدم السماح له بالاطلاع على التحقیق.
ثالثاً: موقف القضاء من بطلان الاستجواب
ان القضاء العراقی اوجب مراعاة الضمانات والقواعد الخاصة بإجراء الاستجواب فعلى المحکمة ان تندب محامیاً للدفاع عن المتهم وإلا اعتبر القرار باطلاً یستوجب النقض.
أما عن موقف القضاء المصری من بطلان الاستجواب، فالدفع ببطلان استجواب المتهم فی جنایة وما استمد منه لعدم دعوة محامیه هو دفع جوهری لتعلقه بحریة الدفاع وبالضمانات الأصلیة التی کفلها القانون صیانة لحقوق المتهم مما یقتضی من المحکمة الرد علیه بما یفنده فإن أغفلت ذلک فیکون حکمها معیباً بالقصور فی التسبیب.
الفرع الثانی
المصلحة ببطلان الاستجواب
ان الحمایة القانونیة للحیاة الخاصة حق لکل إنسان فی کافة نواحی حیاته ولا یمکن التجاوز على هذه الحمایة الا استهدافاً لمصلحة عامة ضمن الحدود والقیود اللازمة للمحافظة علیها، فإن کل استجواب تجریه السلطة لأی إنسان یجب ان یکون لصیقاً بالمصلحة العامة المحمیة قانوناً واذا کان الاستجواب وسیلة سعی الى الحقیقة فهو اجراء خطیر وعلى الرغم من کونه وسیلة دفاعیة یمارسه المتهم فی أثناء اجرائه فهو ینطوی على الإشارة بأصابع الاتهام الى هذا الشخص المستجوب فیقوم بتفنید ما یوجه الیه ویدافع عن نفسه او یعجز عن ذلک فتقوى التهمة ضده لیواجه بقیة الإجراءات.
فالبطلان یتقرر کلما ثبت ان مخالفة اجراء الاستجواب قد الحق ضرراً لمن شرع الإجراء لصالحه وإلى نفیه اذا لم تلحق المخالفة ضرراً به ومن ثم احتمال تصحیح البطلان عند انتفاء المصلحة من مخالفة الإجراء.
کما ان عدم استجواب المتهم لم یقرر الا رعایة لمصلحته فاذا کان المتهم بمحض اختیاره وارادته رد ما وجهت الیه المحکمة من اسئلة ولم یعترض المدافع عنه فذلک یدل على ان مصلحة هذا المتهم لم تضار بالاستجواب ولا یجوز له فیما بعد ان یدعی البطلان او یتمسک به.
کما ان المشرع حظر على المحکمة ان تلجأ الى الاستجواب فی تحقیقاتها الا اذا قبل المتهم ذلک باعتبار ان الاستجواب وما ینطوی علیه من مناقشة تفصیلیة بالتهمة المنسوبة الى المتهم قد یؤدی الى ان یدلی المتهم بأقوال لیست لصالحه وان هذا یتنافى مع حیدة المحکمة فی الموازنة بین ادلة الثبوت وادلة البراءة، غیر ان هذا الحظر یجد حدوداً له فی قبول المتهم لذلک فمتى قبل المتهم هذا الاجراء جاز للمحکمة مباشرته، وتستخلص منه ادلة تفیدها فی تکوین عقیدتها وقناعتها.
وإن المصلحة ببطلان الاستجواب تبرز عند مخالفة الضمانات والقواعد الأساسیة لهذا الإجراء وبالتالی یقوم صاحب المصلحة بالدفع ببطلان اجراء الاستجواب . ویعد هذا الدفع جوهریاً لتعلقه بحریة الدفاع وبالضمانات الاصلیة التی کفلها القانون للمتهم أثناء إجرائه.
کما انه یلقی التزاماً على عاتق المحکمة بالرد علیه بأسباب سائغة وکافیة سواء بالقبول أم الرفض فاذا غفلت المحکمة عن ذلک کان حکمها قاصراً یستوجب النقض کما ان عدم الرد على الدفع ببطلان الاستجواب یجعل الحکم معیباً بالقصور فی التسبیب.
یتضح ان اساس الدفع ببطلان الاستجواب هو المصلحة سواء تعلق البطلان بالنظام العام او بمصلحة الخصوم الجوهریة وتظهر المصلحة عند عدم مراعاة ضمانات الاستجواب عند القیام بهذا الاجراء وسبق ان بیّنا فی المطلب الاول من هذا المبحث اهم تلک الضمانات.
ومن القرارات القضائیة الخاصة ببطلان الاستجواب:
فقد قررت محکمة تمییز العراق انه (.... وجد ان محکمة جنایات نینوى/ هـ 1 وإن اتبعت القرار التمییزی المرقم 4608/الهیئة الجزائیة الاولى/ 2012 واصدرت قرار فی الدعوى المرقمة 1174/ج1/2012 فی 17/10/2012 وشددت العقوبة بحق المتهم (س) الا انها اخطأت فی تطبیق القانون تطبیقاً صحیحاً کونها لم تحضر محامی للدفاع عن المتهم مما اخل بالضمانات القانونیة للمحکمة علیه قرر نقض کافة القرارات الصادرة فی الدعوى واعادتها الى محکمتها بغیة اعادة المحاکمة مجدداً وفق المنوال المشار له فی اعلاه وصدر القرار بالاتفاق استناداً لنص المادة 259/أ ب من قانون اصول المحاکمات الجزائیة رقم 23 لسنة 1971 المعدل فی 30/ ربیع الاول/ 1434هـ الموافق 11/2/2013م).
کما قضی بأنه ( وجد ان قرار محکمة جنایات نینوى الصادر بتاریخ 9/9/2012 وبالدعوى المرقمة 200/ج1/2012 صدر خلافاً للقانون لعدم اتباعها قرار هذه المحکمة الصادر بتاریخ 28/5/2012 وبالعدد 7461/هـ ج2/ 2012 حیث انها اصدرت نفس حکمها السابق دون ان تبین الظرف الذی استدعى الرأفة بالمتهم خلافاً لأحکام المادة (134) عقوبات ، کما ان المحکمة لم تنتدب محامیا للدفاع عن المتهم حیث لم یرد الاشارة الى ذلک فی محضر جلسة یوم 9/9/2012 ، لذا قرر نقض القرار الصادر بالدعوى واعادة الدعوى الى محکمتها لمراعاة ما تقدم وصدر القرار بالاتفاق استناداً للمادة 259/ أ-ع من قانون اصول المحاکمات الجزائیة رقم 23 لسنة 1971 المعدل فی 19/ذو الحجة/ 1433هـ الموافق 4/11/2012م).
یُلحظ من القرارین فی أعلاه ان عدم حضور محام عن المتهم یعد اخلالاً بالضمانات والقواعد الأساسیة التی اقرها القانون للمتهم مما یترتب علیه بطلان القرار ونقضه.
قرار محکمة جنایات نینوى/ الهیئة الاولى بصفتها التمییزیة الذی جاء فیه أنه (.... فالإفادة المدونة لا تکون لها ای قیمة قانونیة لعدم اجرائها من قبل الجهة المختصة قانوناً علیه قرر نقض القرار والافراج عن المتهم (س) وغلق التحقیق بحقه مؤقتاً استناداً لأحکام المادة 130/ب الاصولیة وصدر القرار بالاتفاق استناداً لأحکام المادة 265/ الاصولیة فی 10/7/2012 ).
یُلحظ من حیثیات القرار المشار الیه أعلاه انه یجب ان یتم اجراء استجواب المتهم من قبل السلطة المختصة بذلک والا عد القرار باطلاً یستوجب النقض.
ومن القرارات القضائیة لمحکمة النقض المصریة بهذا الصدد انه (من المقرر قانوناً ان المتهم اذا شاء ان یمتنع عن الاجابة او عن الاستمرار بها، ولا یعد هذا الامتناع قرینة ضده، واذا تکلم فإنما لیبدی دفاعه ومن حقه من دون غیره ان یختار الوقت والطریقة التی یبدی هذا الدفاع، فلا یصح ان یتخذ الحکم من امتناع المتهم عن الاجابة فی التحقیق الذی باشرته النیابة العامة بعد إحالة الدعوى الى محکمة الجنایات وفقد الملف لاعتقاده بطلان هذا التحقیق قرینة على ثبوت التهمة ضده). یُلحظ من القرار المذکور ان امتناع المتهم عن الاجابة فی التحقیق لا یجوز اتخاذه قرینة على ثبوت التهمة ضده.
کما قضی بأنه (إذا کان المحامی الذی ندبته محکمة الجنایات للدفاع عن المتهم بجنایة لم یتتبع إجراءات المحاکمة ولم یحضر سماع الشهود اذ کان ندبه بعد ذلک، فإن إجراءات المحاکمة تکون باطلة ، ذلک بأن الغرض من إیجاب القانون حضور مدافع عن کل متهم بجنایة لا یتحقق الا اذا کان هذا المدافع قد حضر قبل المرافعة ، اما بنفسه او بواسطة ممثل له یختاره هو من هیئة الدفاع). یُلحظ من القرار المذکور ان ندب محکمة الجنایات محامٍ للدفاع عن المتهم بعد سماع الشهود یعد ذلک إخلالاً بحق الدفاع المقرر لمصلحته.
الخاتمـة
بعد ان بینّا المصلحة فی الدفع الجنائی ببطلان الاستجواب فی موضوع بحثنا ننتهی بخاتمة موجزة لأهم الاستنتاجات والتوصیات التی توصلنا الیها:
الاستنتاجات
1- الاستجواب هو (مساءلة المتهم ومناقشته عن وقائع القضیة المنسوب الیه ارتکابها ومجابهته بالأدلة المختلفة وسماع ما لدیه من دفوع لتلک التهمة).
2- المشرع العراقی اوجب فی المادة (123) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة على ان یتم استجواب المقبوض علیهم خلال اربع وعشرون ساعة من وقت القبض علیهم.
3- ان للاستجواب ضمانات لابد من توفرها اهمها ان یتم اجراءه من قبل السلطة المختصة وان یکون للمتهم حق الصمت وان یمثله محام المتهم یحضر معه اجراءات الاستجواب کما لا یجوز تحلیف المتهم الیمین وان مخالفة هذه الضمانات وعدم مراعاتها یترتب علیه بطلان الاستجواب وبطلان الادلة المستمدة منه.
3- یعد البطلان جزاءً اجرائیاً ینال العمل الاجرائی المخالف لبعض القواعد الاجرائیة فیهدر اثاره القانونیة، ولنظریة البطلان اهمیة کبیرة وبالغة فی نطاق الاجراءات الجنائیة وقد اخذ المشرع العراقی بالبطلان الذاتی بنص المادة (249/ الفقرة أ) الاصولیة من خلال عبارة (الخطأ الجوهری فی الاجراءات الاصولیة).
4- ان هناک شروطاً لابد من توفرها للمتمسک ببطلان الاستجواب وأول هذه الشروط هو (المصلحة) فلا یقبل أی دفع من دون توفرها فالخصومة الجنائیة لیست مسرحاً للمناظرات وتبادل الآراء بل هی نشاط یهدف إلى تحقیق اغراض عملیة ولذلک لابد ان یکون لهذا الخصم الذی یتمسک بالبطلان مصلحة مباشرة والا عد ذلک مماطلة وعرقلة لسیر الدعوى الجزائیة واضافة لذلک لابد ان لا یکون للمتمسک بالبطلان سبباً فی حصوله کما یجب ان لا تکون الغایة من الاجراء قد تحققت.
5- ان هناک نوعین للبطلان وهما المطلق الذی یترتب على مخالفة القواعد الخاصة بالإجراءات الجوهریة والنسبی الذی یترتب على عدم مراعاة احکام الاجراءات غیر المتعلقة بالنظام العام وانما متعلقة بمصلحة الخصوم.
6- یلزم توفر المصلحة للخصم من وراء ابدائه الدفع ببطلان الاستجواب کون المصلحة تعد شرطاً اساسیاً ورئیساً لذلک کما اشرنا فی الفقرة (4) انفا.
7- ان معظم القرارات التمییزیة العراقیة التی تضمنت بطلان الاستجواب تقرر بطلان هذا الاجراء والافراج عن المتهم أو اعادة الدعوى إلى محکمتها لمراعاة الضمانات والقواعد الخاصة بإجراء الاستجواب ولم نلحظ قیام تلک المحاکم بالالتفات الى تضمین قراراتها الاشارة الى مساءلة الجهة أو الشخص الذی خالف ضمانات الاستجواب .
التوصیات
1- نوصی المشرع العراقی ان یعرف الاستجواب فی قانون أصول المحاکمات الجزائیة اسوة بالمشرع الیمنی الذی عرفه فی المادة (177) الاجرائیة.
3- نجد ضرورة ان ینص المشرع العراقی على ان یتم الاستجواب بلغة الدولة الرسمیة المعترف بها لعدم النص علیه فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة، وکذلک أن ینص على الاستجواب الشفوی مقارنة بالشهادة التی نص على اجرائها شفاهه فی المادة (61/ الفقرة أ) الاصولیة وان یرتب على مخالفة هذا الشرط بطلان الاستجواب.
45- نجد ضرورة ان ینص المشرع العراقی صراحة على البطلان فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة اسوة بالمشرع المصری الذی خصص للبطلان نظریة مستقلة فی قانون الاجراءات الجنائیة رقم (150) لسنة 1959 المعدل فی المواد من (331 - 337) وذلک لأهمیة وخطورة هذا الاجراء بعنصریه (العیب المخالف للقانون وعدم ترتب الاثار القانونیة لهذه الاجراءات) وان کان المشرع العراقی اخذ بالبطلان الذاتی فی المادة (249/ الفقرة أ) الاصولیة ضمنا کما بیّنا فی موضوع بحثنا.
8- یعد الدفع ببطلان الاستجواب من الدفوع الجوهریة وبذلک نرى ضرورة التزام المحاکم کافة بالرد علیه بأسباب سائغة وکافیة سواء بالقبول أم الرفض والا عد الحکم مستوجباً للنقض کما ان عدم الرد علیه کلیاً یجعل الحکم معیباً بالقصور فی التسبیب ونقترح النص على ذلک فی صلب التشریع.
9- ونجد ضرورة ان یتم توجیه المحاکم کافة عند الحکم ببطلان الاستجواب بمساءلة المحکمة او الجهة او الشخص الذی خرق ضمانات الاستجواب وسبب بطلانه کفالة لحسن سیر العدالة القضائیة وللحد من حالات بطلان الاستجواب قدر الامکان.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
Sources in Arabic
First: Books
1 - Ibn Manzoor, the tongue of the Arab ocean, was rebuilt by Yusuf Al Khayat. Presented to him by Sheikh Abdullah Al-Alayli. Beirut, Dar Sader, 2003.
2- Professor Abdul Amir Al-Akeili and Dr. Salim Ibrahim Harba, Explanation of the Code of Criminal Procedure, Part I, Legal Library, Baghdad, 1988.
3 - Jalal Tharwat and d. Suleiman Abdel Moneim, Proceedings of Criminal Procedures, New University House, Alexandria, 2006.
4- Dr. Ahmed Fathi Sorour, Theory of invalidity in the Code of Criminal Procedure, Arab Renaissance Library, Cairo, 1954.
5- Dr. Tawfiq Mohammed Al-Shawi, nullity of primary investigation due to torture against the accused, Dar Al-Israa Distribution and Publishing, Amman, 1988.
6- Dr. Hamid Al-Sharif, Theory of defenses before the Criminal Court, Legal Books House, Cairo, 2003.
7- Dr. Calender Abdullah Hussein, The Guarantees of the Accused at the Preliminary Investigation Stage of the Criminal Procedure Law, First Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2002.
8- Dr. Ramses Behnam, Criminal Proceedings, Foundations and Analyzes, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1977.
9- Dr. Abdulhamid Al-Shawarbi, Criminal Impunity, Knowledge Establishment, Alexandria, 1990.
10- Dr. Abdulhamid Al-Shawarbi, The Guarantees of the Accused at the Criminal Investigation Stage, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1988.
11- Dr. Louay Jameel Haddadin, Theory of invalidity in the Code of Criminal Procedure, without publishing house, Amman, 2000.
12- Dr. Mamoun Mohamed Salameh, The Code of Criminal Procedure Commenting on the Jurisprudence and the Judgments of the Cassation, Second Edition, Part II, without Publishing House, Cairo, 2005.
13- Dr. Mohamed Khamis, Violation of Defendant's Right to Defense, Second Edition, Al-Ma'aref, Alexandria, 2006.
14- Dr. Mohamed Zaki Abu Amer, Criminal Proceedings, First Edition, Halabi Human Rights Publications, Beirut, 2010.
15- Dr. Mahmoud Naguib Hosni, Explanation of Criminal Procedure Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1988.
16- Dr. Medhat Mohamed Saad El-Din, Theory of Defenses in the Code of Criminal Procedure, Second Edition, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 2003.
17. d. Uday Sulaiman Ali Al-Mazouri, The Guarantees of the Defendant in the Criminal Case, First Edition, Dar Al-Hamed Publishing and Distribution, Amman, 2009.
18 - Said Hasabullah Abdullah, Explanation of the Code of Criminal Procedure, Dar al-Atheer for Printing and Publishing, Mosul, 2005.
19- Adel Mashmoushi, Guarantees of the Rights of Entities during the Pre-Trial Phase, First Edition, Zain Law Publications, Beirut, 2006.
20. Ali Zaki Al-'Arabi, Basic Principles of Criminal Investigation and Procedure, Part II, Press of the Committee of Authoring and Translation, 1939.
21 - Mahmoud Abdel Aziz Mohamed, Procedural Problems in Criminal Matters, Legal Books House, Cairo, 2009.
22- Moawad Abdel Tawab, Criminal Defenses, Third Edition, University Press House, Alexandria, 1996.
23. Elias Abu Eid, Procedural Defenses in the Civil and Criminal Procedure Law, No Publishing House, 2004.
Second: Theses and theses
24 - Abdul Majid Abdul Hadi Al-Saadoun, interrogation of the accused, Master, Faculty of Law, University of Baghdad, 1992.
25- Hawzan Abdul-Hassan Mohammed Al-Artouchi, Constitutional Procedural Guarantees for the Defendant at the Preliminary Investigation Stage, Master Thesis, Faculty of Law and Politics, Duhok University, 2008
Third: Research and Studies
26- Dr. Awan Abdullah Al-Faydi, Interrogation between Islamic Law and Modern Laws, Research published in the Journal of Islamic Sciences, University of Mosul, Volume IV, Issue Eight, Fourth Year, June, 2010.
27- Dr. Hussein Abdul - Saheb Abdul Karim, Guarantees of the accused in the stage of preliminary investigation, research published in the Journal of Comparative Law, University of Baghdad, issue no.
28. d. Abbas Fadel Saeed, The Right of the Accused to Silence, Research published in the Rafidain Journal of Rights, Volume XI, No. 39, the fourteenth year, March, 2009.
29. d. Fakhri Abdul Razzaq Al-Hadithi, Preliminary Investigation, Research published in the Journal of Comparative Law, University of Baghdad, No. 25, 1999.
30 - Muhammad al-Jabour, The Use of the Accused by a Lawyer in Jordanian Law, Research published in Al-Balqa Research and Studies, Volume IX, No. 1, Amman, April 2002.
31. Dr. Mohammed Abbas Hamoudi Zubaidi, interrogation of the accused, research published in the magazine Rafidain of rights, volume X, number 36, the thirteenth year, 2008.
32. d. Huda Salem Al-Atraqi, The Compulsion to Hold the Accused on Approval, Research published in Al-Rafidain Journal of Law, Volume IX, Issue Thirty-One, Twelfth Year, University of Mosul, 2007.
33. d. Hassanein Ibrahim Saleh Obaid: The idea of interest in the Penal Code. Research published in the Journal of Criminal Sciences Volume II / Volume VII July 1974.
Fourth: Judicial Groups
34. Hassan Al-Fakahani, Encyclopedia of the Judiciary and Fiqh of the Arab States, Part XVI, Cairo, 1976-1977.
35- Abdel Moneim Hosny, The Diamond Encyclopedia of the Legal Rules of the Arab Court of Cassation, Criminal Edition, Husni Center for Legal Studies and Investments, Beirut, No year printed.
36. Collection of decisions of the Federal Court of Cassation (unpublished decisions).
37- A set of decisions of the Ninewa Criminal Court in its discriminatory capacity (unpublished decisions).
Fifth: Laws
38- Egyptian Criminal Procedure Law No. 150 of 1959
39. Iraqi Criminal Procedure Code No. 23 of 1971, as amended.
40. Yemeni Penal Code of Law No. 13 of 1994
41. The Iraqi Constitution in force for the year 2005
42 - Iraqi Public Prosecution Law No. 49 of 2017
- Foreign sources
1- Roscoe Pound, legal interrogation of persons accused or suspected of crime, north western university school of law scholarly commons, volume 24, issue6, march- April, spring, 1934.
2- Wilson Blvd, a guide to mental illness and the criminal justice system, national alliance on mental illness department of policy and legal affairs, Arlington.
3- Mark a.godsey, shying the bright light on police interrogation in America, Harvard university press, 2008.
4- The criminal law reform committee, report on the question of whether be an accused person under arrest should be required to attend an identification parade, presented to minister of justice September, 1972.
5- Jeremy mcbride, human rights and criminal procedure, the case law of the European court of human rights, council of Europe publishing, 2009.