الملخص
التعسف فی أستعمال الحق أصبحت من النظریات العامة التی تسود جمیع فروع القانون ومؤدى هذه النظریة أن تقریر القانون للحقوق ووسائل حمایتها لم یکن کافیاً لتحقیق الأمن والأستقرار للمعاملات والمراکز القانونیة بین الأفراد، بل لابد من وجود وسائل تکفل أستعمال هذه الحقوق وفق نطاق وحدود الأستعمال.
لذلک فقد یستعمل صاحب الحق حقه على نحوٍ یلحق ضرراً بالغیر فهو استعمال لحق لکن على نحوٍ مغایر للغایة التی رسمها القانون لهذا الحق وهنا یسمى صاحب الحق متعسفاً فی استعمال حقه.
ان التعسف فی أستعمال التأجیل یکون اشد خطراً على الحقوق بما یؤدی من زیادة للنفقات وهدرٍ للوقت نتیجة بطء الإجراءات بسبب تکرار التأجیل لمجرد المماطلة والتسویف تعسفاً فی استعماله على نحوٍ یلحق ضررٍ بالخصوم.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
التعسف فی تأجیل المرافعة -(*)-
Arbitrariness to postpone the hearing
فارس علی عمر ثائر رجب أحمد کلیة الحقوق/ جامعة الموصل کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Faris Ali Omar Thaer Rajab Ahmed College of law / University of Mosul College of law / University of Mosul Correspondence: Faris Ali Omar E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 22/5/2012*** قبل للنشر فی 22/5/2012.
(*) Received on 22/5/2012 *** accepted for publishing on 22/5/2012.
Doi: 10.33899/alaw.2013.160742
© Authors, 2013, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
التعسف فی أستعمال الحق أصبحت من النظریات العامة التی تسود جمیع فروع القانون ومؤدى هذه النظریة أن تقریر القانون للحقوق ووسائل حمایتها لم یکن کافیاً لتحقیق الأمن والأستقرار للمعاملات والمراکز القانونیة بین الأفراد، بل لابد من وجود وسائل تکفل أستعمال هذه الحقوق وفق نطاق وحدود الأستعمال.
لذلک فقد یستعمل صاحب الحق حقه على نحوٍ یلحق ضرراً بالغیر فهو استعمال لحق لکن على نحوٍ مغایر للغایة التی رسمها القانون لهذا الحق وهنا یسمى صاحب الحق متعسفاً فی استعمال حقه.
ان التعسف فی أستعمال التأجیل یکون اشد خطراً على الحقوق بما یؤدی من زیادة للنفقات وهدرٍ للوقت نتیجة بطء الإجراءات بسبب تکرار التأجیل لمجرد المماطلة والتسویف تعسفاً فی استعماله على نحوٍ یلحق ضررٍ بالخصوم.
ABSTRACT
Abuse of right becomes one of the general theories predominating all braches of law.This theory argues that the legal determination of rights and the means for protecting them have not been sufficient for achieving security and stability for legal formalities and centres among individuals. Indeed، there must be means ensuring the use of these rights according to the scope and limits of use .Therefore، one may use his right in away that causes harm to others ; it is considered abuse of right but in away that contradicts the end drawn by law for such right. Hence،the one using this right is called as abusing the right.
Abuse in pleading is deemed to be amore serious danger on rights، in that it causes an increase in expenses and waste in time as a result of slow procedures due to the repetition of postponement resulting from mere procrastination deemed to be its abuse causing harm to the parties.
المقدمــة
الحمد لله رب العالمین... والصلاة والسلام على سید المرسلین... واله واصحابه ومن اهتدى بهدیه إلى یوم الدین...
1- مدخل تعریفی للبحث:
إذا کانت الدعوى وسیلة لحمایة الحقوق أو الدفاع عنها فأن أی معوقات أو عوارض تقف أمام هذه الوسیلة یعنی المساس بتلک الحقوق الموضوعیة ولیس مجرد اعتراض أجراءات الدعوى. لأن الدعوى ما هی الأ الوسیلة أو الأداة القانونیة التی وضعت للوصول الى الحمایة القضائیة لتلک الحقوق. وطبیعة إجراءات هذه الوسیلة تحتاج لبعض الوقت لتحقیق أهدافها، ویأتی التأجیل باعتباره الوسیلة المحددة لهذا الغرض.
إذا کان التأجیل فی هذه الحالة أداة أعمال مبدأ حق الدفاع بما یوفر للخصوم وقتٍ لتحضیر أوجه دفوعهم أو تقدیم مالدیهم من أدلة الأثبات، لکن من جهة اخرى فأن مقتضیات المحافظة على الوقت فی الدعوى هی الأخرى تتطلب ألا تتحول هذه الوسیلة (التأجیل) إلى اداة لعرقلة حسم الدعوى کالتعسف مثلاً وما قد یشکله هذا الأسلوب من وسیلة للتسویف والمماطلة وأ طالة عمر الدعوى على نحو غیر مبرر وما قد یترکه التعسف من اثار وخیمة على مجمل سیر الدعوى.
2- مشکلة البحث وأسباب أختیاره:
یعد التعسف فی تأجیل المرافعة بحد ذاته مشکلة والبحث فی هذه المشکلة ومحاولة إیجاد الحلول لها من أهم الأسباب التی دعتنا لأختیاره کبحث فی نطاق القانون الأجرائی.
وحتى لا یسى ا لخصوم استخدام التأجیل کحق إجرائی منحه المشرع کان لزاماً تحدید معنى التعسف فی تأجیل المرافعة، وأهم الوسائل اللازمة للحد من التعسف والوقوف عند مظاهره وسبل معالجته.
3- منهجیة البحث:
سوف نعتمد فی هذا البحث على المناهج الأتیة:
آ- المنهج المقارن: من خلال مقارنة النصوص القانونیة التی تتعلق بالتأجیل فی قانون المرافعات المدنیة العراقی مع القواعد القانونیة الواردة فی قانون المرافعات المصری وقانون أصول المحاکمات المدنیة الأردنی وقانون الأجراءات المدنیة الفرنسی.
ب- المنهج التحلیلی: حیث نتناول النصوص القانونیة والأراء الفقهیة بالتحلیل والنقد للخروج بأفضل مقترحات والنتائج التی تغنی الموضوع.
ج – المنهج التطبیقی: إذ یتم تعزیز المواقف التشریعیة والأراء الفقهیة بالأحکام القضائیة الصادرة عن القضاء العراقی والمصری کلما أمکن ذلک.
4- هیکلة البحث:
تقتضی الدراسة تقسیم البحث إلى مایأتی:
المبحث الأول: ماهیة التأجیل التعسفی.
المطلب الأول: تعریف التعسف وشروطه.
المطلب الثانی: مدلول التأجیل التعسفی وحالاتهِ.
المبحث الثانی: مظاهر التأجیل التعسفی.
المطلب الأول: مظاهر تعسف الخصوم فی تأجیل المرافعة.
المطلب الثانی: مظاهر تعسف القاضی فی تأجیل المرافعة.
المطلب الثالث: مظاهر تعسف الغیر فی تأجیل المرافعة.
المبحث الأول
ماهیة التأجیل التعسفی
أن التعسف فی التأجیل أو التأجیل التعسفی لا بد من الولوج أولاً فی ماهیته لمعرفة متى یکون الطرف فی الرابطة الإجرائیة متعسفاً فی استعمال حقه بالتأجیل ،حیث أن الوقوف على مضمون التأجیل التعسفی وحالاته والمعاییر التی یمکن الاستناد ألیها أمر یجب الإلمام به أولاً لکی نستطیع القول بأن طلب الخصم من المحکمة تأجیل المرافعة کان استعمالاً تعسفیا بناءاً تلک المعاییر،ولکن یجب أن یسبق هذا أعطاء نبذه مختصره عن معنى التعسف ذاته وشروطه حتى یمکن تطبیق هذا المفهوم فی الحالة التی نحن بصددها وهی التعسف فی التأجیل ،إذ أن تحدید مفهوم التأجیل التعسفی وحالاته والمعاییر التی یرتکز علیها لا بد أن یسبقه بیان مفهوم التعسف ذاته وشروطه لکی یمکن تطبیقها فی مجال التأجیل کلما توافر ذلک المعنى وتلک الشروط فی طلب التأجیل .
لذلک سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبین ،نتناول فی المطلب الأول بیان تعریف التعسف وشروطه ونفرد المطلب الثانی لبیان مدلول التأجیل التعسفی وحالاته وکالاتی:-
المطلب الأول : تعریف التعسف وشروطه
المطلب الثانی : مدلول التأجیل التعسفی وحالاته
المطلب الأول
تعریف التعسف وشروطه
فی هذا المطلب سنحاول أعطاء فکرة موجزة عن مفهوم التعسف وشروطه متجاوزین النظریات التی ظهرت بشأن تحدید مفهوم التعسف وکذلک لن نتطرق إلى المعاییر التی وضعها الفقه للقول بتعسف الخصوم عند استعمالهم حقوقه الإجرائیة من عدمه ،کذلک سنتجاوز صور التعسف فهذه کلها تجد مکانها فی المؤلفات الخاصة بالنظریة العامة للتعسف.
حیث أذا تطرقنا هنا إلى التعسف وشروطه فسیکون بشکل مختصر لإعطاء فکرة عنه قبل الدخول فی بیان مفهوم التأجیل التعسفی ، لذلک سنوزع هذا المطلب إلى فرعین وکالاتی:
الفرع الأول : تعریف التعسف
الفرع الثانی : شروط التعسف
((الفرع الأول))
تعریف التعسف
لم تتضمن التشریعات نصوصاً قانونیة بشأن تعریف التعسف سواء على نطاق القانون المدنی أو على نطاق قانون المرافعات بالرغم من اهتمامها ببیان الحقوق وتنظیم الوسائل والإجراءات التی تکفل توفیر الحمایة لتلک الحقوق وعدم الاعتداء علیها أو تهدیدها،ورغم عدم ورود تعریف للتعسف فی القانون المدنی وقانون المرافعات فهذا لا یعنی خلو هذه التشریعات من نصوص قانونیة تعالج مسألة التعسف فی استعمال الحقوق سواء أکانت موضوعیة أم إجرائیة ،فقد نصت المادة (6) من القانون المدنی العراقی على أنه ( الجواز الشرعی ینافی الضمان فمن استعمل حقه استعمالاً جائزاً لم یضمن ما ینشأ عن ذلک من ضرر) فهذا یعنی عدم جواز استعمال الحق على نحو یخالف الغایة منه فاستعمال الحق بشکل غیر جائز لا یمکن عده ألا تعسفاً فی هذا الاستعمال وهذا ما تؤکده الفقرة الأولى من المادة السابعة من ذات القانون التی تنص على أنه ( من استعمل حقه استعمالاً غیر جائز وجب علیة الضمان) وتوضح الفقرة الثانیة من نفس المادة متى یکون الاستعمال غیر جائز،وقد وضع المشرع العراقی شرط المصلحة کقاعدة لقبول أی طلب قضائی مما یعنی عدم قبول أی طلب أو دفع لا تتوافر فیه مصلحة لصاحبه ، حیث نصت المادة (6) من قانون المرافعات على إن ( یشترط فی الدعوى إن یکون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممکنة ومحققه ومع ذلک فالمصلحة المحتملة تکفی إن کان هناک ما یدعو إلى التخوف من ألحاق الضرر بذوی الشأن....) .
أما موقف القوانین المقارنة ،فان المشرع المصری قد وضع قاعدة عامة للتعسف فی التقاضی حیث لم یجز أی دعوى أو طلب أو دفع یقدمه الخصوم أو احدهم لا یکون لمقدمه مصلحة شخصیة ومباشرة وقائمة یقرها القانون ،فقد سد المشرع المصری الباب أمام تعسف الخصوم فی استعمال حقوقهم الإجرائیة لا لمصلحة وإنما بقصد الأضرار بالخصم الأخر.
أما قانون أصول المحاکمات المدنیة الأردنی فقد نص على عدم قبول أی طلب أو دفع لا یکون لصاحبه فی تقدیمه مصلحة قائمة یقرها القانون مما یعنی أن المشرع الأردنی قد أورد هو الأخر قاعدة عامة للتعسف فی استعمال الحق الإجرائی، وهذا هو اتجاه المشرع الفرنسی.
وإزاء خلو التشریعات من نص قانونی یحدد مفهوم التعسف، فقد تولى الفقه مهمة بیان تعریف للتعسف وقد اختلف الفقه فی وضع تعریف متفق علیة للتعسف بسبب اختلافهم حول الأساس القانونی له.
فقد عرف البعض من الفقه التعسف بأنه تطبیق من تطبیقات الخطأ ألتقصیری حیث یرى هذا الاتجاه بأن الأساس القانونی للتعسف هو المسؤولیة التقصیریه فالتعسف فی استعمال الحق خطأ یوجب التعویض، وعرفه البعض الأخر بأنه خطأ تقصیری من نوع خاص فهذا الاتجاه یبقی التعسف داخل نطاق المسؤولیة التقصیریة ولکن عد التعسف خطأً خاصاً یرتبط بغایة الحق ووظیفته الاجتماعیة ،فکلما حاد صاحب الحق عن غایة الحق ووظیفته الاجتماعیة التی رسمها القانون اعتبر صاحب الحق مرتکباً لخطأ من نوع خاص یوجب المسؤولیة التقصیریة.
بینما یذهب اتجاه أخر إلى أن التعسف فی استعمال الحق یرتبط أساساً بفکرة الحق وما یمثله من قیمة معینة یعترف بها القانون ویحمیها لغایة معینة وترتبط هذه الحمایة بتحقق هذه الغایة أو الوظیفة وعدم الانحراف عنها حیث أن الحمایة القانونیة تبقى مظلة على هذه الغایة وتزول عنها بحسب مدى مطابقة الاستعمال لهذه الغایة من عدمها ،حیث أن أصحاب هذا الاتجاه قد أخرجوا التعسف من دائرة المسؤولیة التقصیریة.
أما موقف الفقه الإسلامی من تحدید مفهوم التعسف فقد وجد لهذا المصطلح القانونی اهتماماً من قبل الفقهاء المسلمین لتحدید مفهومه ونطاقه ،فقد عرف التعسف فی استعمال الحق بأنه استعمال الفعل المأذون فیه شرعاً فی غیر ما شرع له أو مخالفة قصد الشارع فی تصرف مسموح به شرعاً، وعرفه البعض بأنه الإسراف فی استعمال الحقوأساس ذلک قوله تعالى ( وَکُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ ) ، فالإسراف فی استعمال الحق بالشکل الذی یقربه من الحرام یعتبر أساس التعسف فی استعمال الحق فی الفقه الإسلامی.
وأخیراً یمکن إن نعرف التعسف بأنه استعمال الحق على نحو یلحق ضرراً بالغیر لا تبرر المصلحة التی تعود لصاحب الحق من جراء هذا الاستعمال .
((الفرع الثانی))
شروط التعسف
أن التعسف فی استعمال الحقوق حسب المفهوم الذی ذکرناه فی الفرع الأول لا یعنی مجرد انحراف صاحب الحق عند استعمال حقه عن الغایة أو الوظیفة الاجتماعیة التی حددها القانون لذلک الحق ،بل لا بد من توافر عدة شروط للقول بأن شخصاً ما قد تعسف فی استمال حقه وهذه الشروط هی:
(1)- وجود حق أو مرکز قانونی :یعنی هذا الشرط أن یکون هناک حق أو مرکز قانونی یتمتع بالحمایة القانونیة سواء أکان حقاً عینیاً أم شخصیاً أصلیاً أو تبعیاً وسواء أکان حقاً مادیاً أو معنویاً وسواء أکان حقاً موضوعیاً أو إجرائیاً ،فأی حق یقره القانون یصلح أن یکون محلاً للتعسف ،حیث أن التعسف یدور وجوداً وعدما مع الحق وهذا یعنی أن التعسف یعتبر مبدأ عام ینبسط على جمیع الحقوق وأیاً کان مصدرها.
(2)- انحراف صاحب الحق عن الغایة أو الوظیفة الاجتماعیة التی رسمها القانون لهذا الحق: حیث أن انحراف الخصم فی استعمال حقه الإجرائی عن غایته الإجرائیة التی من أجلها أوجد المشرع هذا الحق یعتبر مقتضىً ضروریاً لقیام سلوک التعسف عند هذا الخصم،وهذا ما أکدته محکمة النقض المصریة حیث قضت بأن ( مسألة الخصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضی یقتضی وجوب إیراد الحکم للعناصر الواقعیة والظروف التی یصح استخلاص نیة الانحراف والکید منها استخلاصا سائغاً ).
(3)- عدم التناسب بین مصلحة صاحب الحق وبین الضرر الذی أصاب الغیر:حیث یعتبر الشخص متعسفاً فی استعمال حقه أذا کانت المصلحة التی یرمی إلى تحقیقها من استعمال حقه لا تتناسب أطلاقاً مع ما یعود على الغیر من ضرر أی رجحان الضرر الذی أصاب الغیر نتیجة استعمال صاحب الحق لحقه بشکل لا یقبل المقارنة والموازنة مع المنفعة التی عادت لصاحب الحق کأن تکون المصلحة التی یسعى ألیها صاحب الحق تافهة قلیلة الأهمیة أذا ما قورنت بالضرر الذی أصاب الغیر.
والمعیار هنا معیار موضوعی یقوم على المقارنة بین ما یعود على صاحب الحق من منافع ومزایا نتیجة استعمال حقه وبین الضرر الذی لحق بالغیر ،فإذا کان الفرق بینهما کبیراً بحیث أن المصالح والمنافع التی سعى إلى تحقیقها صاحب الحق قلیلة الأهمیة لا تتناسب البتة مع ما یصیب الغیر من ضرر بسببها کان صاحب الحق متعسفاً فی استعماله لحقه ،أی أن وجود مصلحة مشروعة لصاحب الحق لا تکفی لعدم نسبة التعسف ألیه حیث أن تفاهة وقلة هذه المصلحة مع ضرر کبیر أصاب الغیر یدل على أن صاحب الحق قد انتهج سلوکاً تعسفیاً عند استعماله لحقه.
(4)- أن یکون الاستعمال ضمن النطاق الداخلی للحق من الناحیة الموضوعیة والغائـیة ( النفسیة) :حیث لا بد لقیام التعسف عند استعمال الشخص لحقه أن یلتزم صاحب الحق النطاق الموضوعی لحقه الذی حدده القانون وهذا یعنی أن یکون استعمال الحق وفقاً للشروط التی تطلبها القانون والتی قد ترجع إلى الشخص صاحب الحق فلا یجوز لغیر صاحب الحق استعمال هذا الحق ألا بتفویض من صاحب الحقأو قد تکون الشروط التی یستلزمها القانون متعلقة بالوسیلة التی یباشر بها الحق کعریضة الدعوى لطلب الحمایة القضائیة.
وعدم مجاوزة الحق لفکرة الغایة تمثل الحدود النفسیة للحق أی یجب أن یستعمل الشخص حقه بحسن نیة ،وهذا یمثل الحدود الغائیة للحق وألا وجب التعویض عن التعسف الناتج عن سوء النیة فی استعمال الحق.
وخلاصة القول أن التعسف فی استعمال الحق یتحقق متى ما توافرت الشروط أو المستلزمات الأربعة السابقة الذکر وبالتالی قیام مسؤولیة صاحب الحق عن سلوکه التعسفی.
المطلب الثانی
مدلول التأجیل التعسفی وحالاته
سنتناول فی هذا المطلب بیان مفهوم التعسف فی طلب التأجیل وما یؤدی ذلک إلى تأخیر الفصل فی الدعوى ،وهذا الأمر یتطلب تقسیم هذا المطلب إلى فرعین نبحث فی الأول مدلول التأجیل التعسفی فیما نتکلم فی الفرع الثانی عن حالات التأجیل التعسفی
الفرع الأول : مدلول التأجیل التعسفی
الفرع الثانی : حالات التأجیل التعسفی
((الفرع الأول))
مدلول التأجیل التعسفی
لم یورد الفقه الإجرائی تعریفاً للتأجیل التعسفی باعتبار أن التأجیل حق إجرائی وضعه المشرع کأداة فنیة قانونیة أعمالاً لحق الخصوم فی الدفاع وعلى أساس أن التعسف سلوک نفسی یصدر من الخصم بقصد الأضرار بخصمه الأخر .
وإذا رجعنا إلى النصوص القانونیة الإجرائیة التی جعلت التعسف فی استعمال الحق الإجرائی مبدأً عاماً کالمادة (6) من قانون المرافعات العراقی التی نصت على إنَ ( یشترط فی الدعوى إن یکون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممکنة ومحققه ومع ذلک فالمصلحة المحتملة تکفی إن کان هناک ما یدعو إلى التخوف من ألحاق الضرر بذوی الشأن ....) والمادة (3) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری والتی نصت على أنه ( لا تقبل أی دعوى کما لا یقبل أی طلب أو دفع استناداً لأحکام هذا القانون أو أی قانون أخر لا تکون لصاحبه مصلحة شخصیة ومباشرة وقائمة یقرها القانون ...) وأورده المشرع المصری تطبیقاً لمبدأ التعسف فی استعمال الحق الإجرائی الذی قننه فی المادة السابقة حیث تنص المادة (122) من ذات القانون على أنه ( أذا رأت المحکمة أن طلب الضمان لا أساس له جاز لها الحکم على مدعی الضمان بالتعویضات الناشئة عن تأخیر الفصل فی الدعوى الأصلیة ).
وتنص الفقرة الأولى من المادة (3) من قانون أصول المحاکمات المدنیة الأردنی على أنه (لا یقبل أی طلب أو دفع لا یکون لصاحبه فیه مصلحة قائمة یقرها القانون ).
یتضح من النصوص القانونیة السابقة أنها قد اعتمدت على فکرة "انعدام المصلحة " کمعیار على وجود التعسف فی استعمال الحق الإجرائی من قبل الخصوم ،فکل طلب أو دفع یقدمه الخصوم دون أن یستند مقدمه إلى مصلحه یرمی إلى تحقیقها من وراء هذا الطلب أو الدفع یعتبر الخصم متعسفا فی استعمال حقه الإجرائی.
فوفقاً للمبدأ السابق ما هو المعیار المتبع للقول بوجود التأجیل التعسفی ؟ أن ألإجابة على هذا السؤال تستلزم طرح المعاییر التالیة لبیان مدى صلاحیتها کمعیار للاستدلال به على وجود التأجیل التعسفی عند استعمال الخصوم حقهم الإجرائی فی تأجیل المرافعة أو تم التأجیل من جانب المحکمة بناءاً على سلطتها التقدیریة .
(1)- انعدام المصلحة فی طلب التأجیل :أن هذا المعیار یستند على أساس مبدأ عدم وجود مصلحة فی طلب التأجیل ،فمتى ما کان طلب تأجیل المرافعة المقدم من الخصوم لا یستند على أی مصلحة ولو کانت قلیلة یعتبر التأجیل فی هذه الحالة تعسفیاً وینم عن کید وتسویف لإطالة أمد إجراءات التقاضی من جانب الخصم طالب التأجیل ،وإذا کان هذا المعیار ینسجم مع التنظیم القانونی الإجرائی لنظریة التعسف فی استعمال الحق الإجرائی التی تستند على انعدام المصلحة للقول بأن الخصم قد تعسف فی استعمال حقه الإجرائی ألا أنه معیار قاصر عن استیعاب حالات التأجیل التعسفیة التی یکون للخصم فیها مصلحة ومع هذا یکون متعسفاً فی استعماله لحق التأجیل عندما یقصد تأخیر الفصل فی الدعوى أکثر من تحقیق المصلحة التی تذرع بها لطلب التأجیل.
کما أن هذا المعیار یصطدم مع مفهوم التعسف ذاته الذی یعنی بقاء الاستعمال ضمن النطاق الموضوعی والنفسی (الغرضی) للحق ألا أن صاحب الحق قد انحرف عن الغایة التی قصدها المشرع للحق ذاته أی أن التعسف یعتبر قائماً حتى وأن کانت هناک مصلحة للشخص عند استعمال حقه ألا أنها مصلحة قلیلة الأهمیة بالمقارنة مع الضرر الذی أصاب الغیر بسبب هذا الاستعمال التعسفی.
کما أن طبیعة حق الدفاع دائماً تتطلب الاستجابة لأی طلب من الخصم للرد على ادعاءات خصمه وهذا یتطلب منحه بعضاً من الوقت فهنا تدخل فکرة "الاعتقاد المعقول" التی تبرر طلب الخصم بتأجیل المرافعة وأن لم تکن هناک مصلحة فی الواقع أذا کان طلب الخصم للتأجیل قد بنی على اعتقاد معقول وبحسن نیة کما لو طلب تأجیل المرافعة لإحضار المستندات والوثائق التی اعتقد بحسن نیة وبناءاً على أسباب معقولة أنها فی حوزة شخص ثالث وتبین عدم وجودها لدى ذلک الشخص ،ففی هذا الفرض لا یمکن اعتبار الوقت الذی انقضى من قبیل المماطلة والتسویف مما یدخل التأجیل فی هذا الفرض فی نطاق التعسف فی استعمال الحق .
لذلک فمعیار انعدام المصلحة لا یصلح کمعیار عام للاستدلال به عن وجود التعسف فی استعمال حق التأجیل من قبل الخصوم أو المحکمة فی جمیع حالات التأجیل .
(2)- معیار تکرار التأجیل للسبب ذاته : یذهب هذا المعیار فی استخلاص التعسف فی تأجیل المرافعة من قرینة مفادها أن طلبات الخصم المتکررة لتأجیل المرافعة لنفس السبب یدل على سوء نیته للمماطلة والتسویف لکسب أکثر وقت وبالتالی أطالة أمد إجراءات التقاضی للأضرار بخصمه ،مما یستدعی أدراج سلوکه فی استعمال حقه بالتأجیل فی نطاق التعسف فی استعمال الحق ،وهذا ما قضت به محکمة التمییز العراقیة حیث جاء فی قرارها ( لدى التدقیق والمداولة تبین أن الحکم الممیز غیر صحیح لأن المحکمة عللت حکمها الممیز عندما ردت الاعتراض على أساس أن الفقرة (2) من المادة (65) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة قضت بعدم جواز تأجیل المرافعة أکثر من مرة لعین السبب وحیث أن الممیز سبق له أن أرسل برقیة یطلب تأجیل المرافعة فی الجلسة المؤرخة فی3/5/1967 بسبب مرضه وأنه سیرسل التقریر الطبی بالبرید فلا یجوز له طلب تأجیل المرافعة لنفس السبب ...)، کما قضت أیضاً بأنه ( لدى التدقیق والمداولة وجد أن الحکم الممیز بما قضى به قد استند إلى أقرار الممیز بانشغال ذمته بمبلغ ثلاثمائة دینار أقام الممیز علیة الدعوى بمبلغ مائتی دینار منه فلا حاجة لتوجیه الیمین عن المبلغ الذی لم تقم به الدعوى هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فأن الممیز طلب تأجیل المرافعة وأن التقریر الطبی بالبرید ولم یقدم هذا التقریر رغم تأجیل المرافعة لهذا السبب مرتین لذا یکون الحکم الممیز موافقاً للقانون والاعتراضات التمییزیة غیر واردة فقرر ردها وتصدیق الحکم الممیز ...).
کما أن المشرع العراقی اعتبر طلبات التأجیل المتکررة قرینة على ضعف حجة الخصم طالب التأجیل یمکن للمحکمة أن تعتمدها عند إصدارها الحکم مما یعنی أن المشرع العراقی قد اعتبر أن طلبات التأجیل المتکررة تدل على تعسف الخصم فی استعمال حقه بتأجیل المرافعة .
ویلاحظ أن المشرع العراقی قد أخذ بمعیار "تکرار طلبات التأجیل" ولکن بنطاق أوسع فقد أقام قرینة على وجود نیة التسویف والمماطلة لتأخیر الفصل فی الدعوى من جانب الخصم الذی تکررت طلباته للتأجیل حتى ولو تعددت الأسباب فی کل طلب أی أن التأجیل فی کل مرة یختلف سببه عن المرة الأخرى ،فقد یطلب الخصم تأجیل المرافعة مرة لمرضه وأخرى لإحضار شاهد أو سندات ویطلب التأجیل مرة ثالثة لسفره ،فالتأجیل هنا یعتبر تعسفیا کلما تعددت طلبات اتخاذ هذا الإجراء بصرف النظر عن اختلاف أسباب التأجیل فی کل مرة .
وقد أخذت بهذا المفهوم الواسع لمعیار تکرار طلبات التأجیل محکمة التمییز العراقیة قبل أن یقننه المشرع العراقی حیث قضت بأن ( للمحکمة عدم الاستجابة لطلب الخصم بتأجیل المرافعة بداعی السفر أذا تکررت طلباته بالتأجیل وکان تبلیغه بیوم المرافعة قد جرى قبل مدة کافیة لتوکیل محامٍ ).
ویمکن أن یلاحظ أن المعیار الذی اعتمده المشرع العراقی کأساس لتحدید التأجیل التعسفی له وجهان ،الوجه الأول ایجابی وذلک عندما تجد المحکمة بناءاً على سلطتها التقدیریة ودورها الایجابی فی إدارة الدعوى المدنیة أن تکرار طلبات التأجیل من قبل الخصم کانت تحمل فی مضمونها أسالیب الکید والمماطلة وذلک لإطالة إجراءات الدعوى وتأخیر حسمها أطول وقت ممکن ،کطلب الخصم تأجیل المرافعة لإحضار المستندات التی فی حیازة شخص ثالث أو لدى خصمه ثم عند إحضارها یطعن فیها بالتزویر وما تتطلبه إجراءات الطعن بالتزویر من وقت للفصل فی صحة الادعاء من عدمه ففی هذا الفرض یعتبر طلب التأجیل تعسفیاً وللمحکمة رفض مثل هذه الطلبات .
والوجه الثانی سلبی وهذا ینطبق لیس فقط على المعیار الذی أخذ به المشرع العراقی وإنما أیضاً على معیار ( تکرار طلبات التأجیل لذات السبب ) وتتمثل هذه السمة السلبیة بأنه فی بعض الحالات تکون طلبات التأجیل المتکررة - سواء لذات السبب أو لأسباب مختلفة- جدیة وحقیقیة مما تبرر الاستجابة لطلب التأجیل فی کل مرة ونفی صفة التعسف عنه ،وبالتالی فالرکون إلى هذا المعیار على أطلاقه فی هذا الفرض یعد إخلالاً بحق الخصوم فی الدفاع الذی تکون المحکمة قد حرمتهم منه لرفضها طلب التأجیل رغم مشروعیة السبب کما لو طلب الخصم تأجیل المرافعة لإحضار شاهد کان مسافراً أثناء نظر الدعوى فی الجلسات السابقة وطلبه مرة أخرى التأجیل لمرضه .
لذلک فأن هذا الفرض السلبی یفصح عن أن معیار تکرار طلبات التأجیل سواء لذات السبب أو لأسباب مختلفة لیس کافیاً لتحدید مدلول التأجیل التعسفی حیث أنه معیار غیر منضبط ویفتقر إلى التحدید فهو تارة یخدم القضاء العادل العاجل فی الفرض الأول عندما یسد الباب أمام طلبات التأجیل الکیدیة ،وتارة أخرى یخل بمبدأ حق الدفاع کما فی الفرض الثانی عندما تکون طلبات التأجیل المتکررة مستندة إلى أسباب حقیقیة ومشروعة .
(3)-معیار إطالة وقت إجراءات التقاضی :وفقاً لهذا المعیار یعتبر طلب التأجیل المقدم من قبل احد الخصوم أو أذا کان قرار التأجیل قد اتخذته المحکمة من تلقاء نفسها من قبیل التعسف أذا ترتب علیة إطالة أمد إجراءات التقاضی حتى لو کان تأجیل المرافعة فی کل حالة مبنیاً على أسباب مشروعة ،حیث أن مجرد أطالة الوقت الذی تستهلکه إجراءات التقاضی یکفی لاعتبار التأجیل تعسفیاً حتى وأن کانت هناک مصلحة معتبرة تبرر هذا التأجیل ،ویمکن أن نلتمس لهذا المعیار تطبیقاً تشریعیاً یتمثل بنص المادة (97) من قانون المرافعات المصری التی جاء فیها ( تجری المرافعة فی أول جلسة وإذا قدم المدعی أو المدعى علیة فی هذه الجلسة مستنداً کان فی إمکانه تقدیمه فی المیعاد المقرر فی المادة (65) من هذا القانون قبلته المحکمة أذا لم یترتب على ذلک تأجیل نظر الدعوى أما أذا ترتب على تقدیمه تأجیل نظرها ورأت المحکمة قبوله تحقیقاً للعدالة حکمت علیة بغرامة لا تقل عن مائة جنیه ولا تجاوز خمسمائة جنیه ومع ذلک یجوز لکل من المدعی والمدعى علیة أن یقدم مستنداً رداً على دفاع خصمه أو طلباته العارضة ).
فالنص المتقدم یعطی صورة عن سلوک الخصوم التعسفیة فی تأجیل المرافعة وذلک عندما یطلب المدعی أو المدعى علیة تأجیل المرافعة لتقدیم مستندا منتج فی الدعوى کان فی أمکانه أن یقدمه قبل المرافعة الأولى ألا أنه تعمد ذلک لکی یطلب تأجیل المرافعة عند حلولها لتقدیم ذلک المستند وذلک کیداً منه لإطالة أمد التقاضی ،فالمشرع هنا اعتبر طلب التأجیل فی هذه الحالة تعسفیاً یستحق الخصم عنه جزاءاً إجرائیاً یتمثل بالغرامة کلما ترتب على تقدیم المستند تأجیل المرافعة طالما کان بإمکان الخصم تقدیمه قبل المرافعة الأولى ،حیث أن المشرع اعتمد فکرة " أطالة أمد إجراءات التقاضی" للاستدلال على تعسف الخصم فی طلب تأجیل المرافعة وأن کانت هناک مصلحة تبرر هذا التأجیل تتمثل بأن المستند الذی تطلب تقدیمه التأجیل مفید للمحکمة فی کشف الحقیقة ومع ذلک یعتبر تأجیلاً تعسفیاً یبرر فرض جزاء الغرامة على ذلک الخصم مقدم المستند.
وقبل بیان مدى صلاحیة هذا المعیار لیکون أساساً لتحدید مفهوم التأجیل التعسفی ،لا بد من الإشارة إلى أن المشرع العراقی قد أجاز للمحکمة رفض قبول المستمسکات واللوائح أذا لم یقدمها الخصوم قبل الجلسة الأولى من المرافعة أو فی المواعید التی حددتها بدون عذر مشروع،ومن وجهة نظرنا لا نتفق مع موقف المشرع العراقی هذا رغم ما فی النص من أهمیة للمحافظة على قیمة الوقت فی الدعوى وسد الباب أمام مماطلة الخصوم وتعسفهم فی تقدیم المستندات واللوائح وذلک لتأخیر الفصل فی الدعوى عن طریق ما یتطلبه تقدیم هذه المستندات بعد میعادها من تأجیل للمرافعة ،ألا أن أجازة المشرع للمحکمة رفض قبول تلک اللوائح والمستمسکات یضعف من قوة النص فی مواجهة مماطلة الخصوم وتسویفهم إذ قد تکون تلک اللوائح والمستمسکات التی رفضت المحکمة قبولها منتجة فی الدعوى ولا تستطیع المحکمة -التی تکون قد قطعت شوطاً طویلاً فی نظر الدعوى- من الفصل فی الدعوى بدون تلک اللوائح والمستمسکات التی سبق لها أن رفضتها مما قد یدفعها إلى تکلیف الخصوم بتقدیمها مجدداً وهذا یتطلب من المحکمة أن تؤجل المرافعة وهذا ما یضع الکرة فی ملعب الخصم فقد یطلب التأجیل لعدة مرات لإحضار تلک اللوائح والمستمسکات وبذلک یکون هذا الخصم قد حقق ما یصبو ألیه وهو إطالة أمد إجراءات التقاضی أضراراً بخصمه وذلک نظراً لما یترتب على بطء إجراءات التقاضی من زیادة النفقات وضیاع الوقت والجهد ویکون بالتالی تأثیرها على قیمة الحق الموضوعی محل الحمایة القضائیة ،لذلک نأمل من المشرع العراقی لتفادی هذه الآثار تعدیل نص الفقرة (1) من المادة (59) من قانون المرافعات وجعلها وفق الصیغة الآتیة ( على الخصوم أن یقدموا لوائحهم ومستمسکاتهم قبل الجلسة الأولى من المرافعة أو فی المواعید التی تحددها المحکمة وإذا قدمت بعد ذلک بدون عذر مشروع تثبت أسبابه فی محضر الجلسة وجب على المحکمة أن تفرض غرامة لا تقل عن ثلاثة أضعاف الرسم المدفوع عن الدعوى ولا تزید على خمسة أضعافه کما لها أن تستوضح من الطرفین عن الأمور التی تراها مبهمة أو أن فی إیضاحها فائدة لحسم الدعوى) .
حیث أن النص المقترح یتضمن غرامة کجزاء إجرائی على مماطلة الخصوم وتسویفهم فی تقدیم اللوائح والمستمسکات الضروریة لتأخیر حسم الدعوى .
وأخیراً لا بد من القول أن معیار "أطالة وقت إجراءات التقاضی" أذا کان من جانب یحرص على قیمة الوقت فی الدعوى عندما تجد المحکمة أن طلب الخصم لتأجیل المرافعة ینطوی على المماطلة والتسویف فلها أن ترفض ذلک وهذا ما قضت به محکمة التمییز العراقیة حیث قررت بأنه ( من حق المحکمة أن ترفض طلب التأجیل أذا تحسست من المدعى علیة المماطلة والتسویف ).
ألا أنه من جانب أخر لا یمکن الاستناد إلى هذا المعیار للقول باعتبار التأجیل تعسفیاً حیث أن بعض الدعاوى تستمر لوقت طویل بسبب حالات التأجیل المتعددة والتی تبررها أسباب حقیقیة ومشروعة ولو رفضت طلبات التأجیل التی استندت على هذه الأسباب لاعتبر ذلک من قبیل الإخلال بمبدأ مقدس فی إجراءات التقاضی وهو مبدأ حق الخصوم فی الدفاع.
لذلک لا یمکن الاکتفاء بمعیار " أطالة وقت إجراءات التقاضی" لاعتبار أن ذلک راجع إلى تعسف الخصوم فی تأجیل المرافعة فی کل حالة فهو کالمعیار السابق غیر منضبط ویفتقر إلى الدقة والتحدید .
(4)- معیار الضرر :یعتمد هذا المعیار فی تحدید التعسف فی تأجیل المرافعة على ما أصاب الخصم من ضرر بسبب حالات التأجیل المتکررة من قبل الخصم الأخر ،أی أن مجرد تأخیر إجراءات التقاضی حتى لو کان ناجماً عن سلوک الخصم طالب التأجیل بالمماطلة والتسویف لا یمکن اعتبار التأجیل فی هذه الحالة تعسفیاً ألا أذا لحق الخصم الأخر ضرر من جراء هذا التأجیل.
ووفق هذا المعیار یمکن أن نسأل: ما هی طبیعة الضرر الذی یصیب الخصم لاعتبار التأجیل فی هذه الحالة تعسفیاً ؟
للإجابة على السؤال المتقدم یتطلب الأمر طرح الفروض الآتیة:
(أ)- اعتماد فکرة ( الکید والتسویف) کمبدأ یدل على ضرر الخصم من التأجیل ؛فوفقاً لهذا المبدأ متى ما کان طلب التأجیل لمجرد الکید والمماطلة لإطالة أمد إجراءات التقاضی یعتبر الخصم الأخر قد تضرر من طلب خصمه الکیدی بتأجیل المرافعة مما یؤدی فی المحصلة النهائیة إلى أن الخصم طالب التأجیل کان متعسفاً فی استعمال حقه فی طلب التأجیل ،وقد أخذ بهذا المبدأ قانون المرافعات المصری حیث نصت المادة (188) منه على أنه ( یجوز للمحکمة أن تحکم بالتعویضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الکید...) کما نصت المادة (270) من القانون نفسه على أنه ( أذا قضت محکمة النقض بعدم قبول الطعن أو برفضه...وإذا رأت أن الطعن أرید به الکید فلها أن تحکم بالتعویض للمدعى علیة بالطعن).
وتطبیقاً لذلک قضت محکمة النقض المصریة بـ ( جواز الحکم بالتعویض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بها الکید حسب المادة 188 من قانون المرافعات لا یحول بین الخصم المضرور ورفع دعوى بالتعویض وفقاً للقانون المدنی ).
کما أن قانون الإجراءات المدنیة الفرنسی قد أخذ بمبدأ "الکید والتسویف" کمعیار لتحدید الضرر الذی أصاب الخصم من التأجیل الذی طلبه خصمه لإضفاء صفة التعسف على الخصم طالب التأجیل وذلک عندما نص على فرض غرامه لا تقل عن مائة فرنک ولا تزید على عشرة ألاف فرنک مع عدم الإخلال بالحق فی التعویضات على من أبدى طلباً أو دفعاً تسویفیاً.
ولا بد من الإشارة إلى أن مشروع قانون الإجراءات المدنیة العراقی لسنة (1986) قد قنن هذا المبدأ فی الماد (292) منه حیث نصت على أنه ( أذا قصد من الدعوى أو الدفع فیها لمجرد الکید وجب الحکم على الطرف الذی قصد من ذلک بغرامة وبتعویض مناسب تقدره المحکمة من تلقاء نفسها دون حاجة للاستعانة بخبیر لصالح الطرف الأخر أذا طلب ذلک وذلک فی الدعوى نفسها ).
ونرى أن مبدأ "الکید والتسویف" لا یصلح کمعیار یجسد فکرة الضرر حیث أنه قاصر على تعویض الخصم عن النفقات التی تعتبر من قبیل مصاریف الدعوى وهذا یعنی أن تعویض الخصم عن نفقات ومصاریف الدعوى وإجراءاتها لا یعتبر تعویضاً عن ضرر أصاب الخصم الذی تکبد هذه النفقات والمصاریف.
(ب)- مبدأ تأخیر الفصل فی الدعوى ؛ أی أن التأخیر فی حسم الدعوى المدنیة یعتبر ضرراً یلحق بالخصم مما یؤدی إلى اعتبار طلب التأجیل الذی کان سبباً فی تأخیر الفصل فی الدعوى تعسفیاً أی أن التأخیر بحد ذاته یعتبر ضرراً یدل على تعسف الخصم فی استعمال حقه فی التأجیل وهذا ما قضت به محکمة النقض المصریة بأنه ( متى کان الحکم الابتدائی المؤید لأسبابه بالحکم المطعون فیه إذ قضى للمطعون علیة بالتعویض عن الضرر الذی أصابه بسبب الدعاوى الکیدیة التی رفعها الطاعن قرر أن مسلک هذا الأخیر استنفد من وقت المطعون علیة ومجهوده الشیء الکثیر لیجابه نشاط خصمه...).
ونرى أن مجرد التأخیر فی حسم الدعوى لا یعتبر ضرراً یبرر القول بأن الخصم قد تعسفه فی استعمال حقه بتأجیل المرافعة ،حیث أن التعویض کعلاج للضرر یتطلب وقوع الضرر فعلاً أی أن الضرر یجب أن یکون واقعاً ومتحققا کشرط للتعویض، وهذا ما أکدته محکمة النقض المصریة حیث قضت بأنه ( یجب بمقتضى القانون لصحة طلب المدعی المدنی الحکم له من المحکمة الجنائیة بتعویضات مدنیة أن یکون الضرر المدعى به ثابتاً على وجه الیقین والتأکید...).
کما أن مجرد التأخیر لا یعتبر ضرراً یستلزم التعویض لأن هذا یتنافى مع مقاصد الشریعة الإسلامیة الغراء التی تشترط وجوب تحقق الضرر فعلاً لکی یحکم بالتعویض وبالتالی لا یجد التعسف محله وفقاً لهذا المبدأ وهو الضرر لکی یعتبر التأجیل أذا ترتب علیه تأخیر حسم الدعوى تعسفیاً.
وهکذا نجد أن جمیع المعاییر السابقة لا تصلح منفردة لتفسیر أو تحدید مفهوم التأجیل التعسفی فهی أما أن تکون قاصرة عن شمول حالات یکون فیها التأجیل تعسفیا ومع هذا لا یعتبر الخصم متعسفاً فی استعمال حقه الإجرائی فی طلب التأجیل کما فی المعیار الأول أو قد تکون معاییر واسعة تخل بمبدأ حق الخصوم فی الدفاع والتی لا یمکن أعمالها ألا من خلال الوسیلة الفنیة التی أوجدها المشرع لهذا الغرض وتتمثل بحق الخصوم بالتأجیل لأعداد الدفوع ویتمثل وجه الإخلال بحق الدفاع هذا بدخول التأجیل وأن کان ضروریاً لأعداد الدفوع فی نطاق التأجیل التعسفی وفقا للمعاییر ذات المفهوم الواسع للتأجیل التعسفی.
وبعد أن عرضنا المعاییر التی طرحت لتحدید مدلول التأجیل التعسفی ،یمکن أن نضع تعریفاً للتأجیل التعسفی –نعتقد- أنه قد یحیط بمفهوم هذا المصطلح قدر الإمکان ولذلک یمکن أن نُعرف التأجیل التعسفی بأنه ( التأجیل الذی تقرره المحکمة من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب بدون أسباب جدیة تبین فی محضر الجلسة بقصد تأخیر الفصل فی الدعوى سواء أکان قرار أم طلب التأجیل لأول مرة أو لعدة مرات وسواء لذات السبب أو لأسباب مختلفة فی کل مرة ) .
أن التعریف المقترح یمکن أن یشمل جمیع حالات التأجیل التعسفی ،حیث أنه یشمل :
1- التعسف من قبل الخصوم أو المحکمة أو الغیر.
2- صورة التعسف فی التأجیل المبنیة على انعدام المصلحة أو تفاهة هذه المصلحة .
3- التأجیل التعسفی القائم على أساس مجرد الکید والمماطلة حتى ولو کان طلب التأجیل لأول مرة وکذلک حالة التعسف الناشئة عن تکرار طلبات التأجیل .
((الفرع الثانی))
حالات التأجیل التعسفی
أن الکلام عن حالات التأجیل التعسفی لا یعنی وضع المعاییر التی طرحت لتحدید مفهوم التأجیل التعسفی – کما تم توضیحها فی الفرع الأول من هذا المبحث – فی معیار واحد لکی یتم على أساسه تحدید مضمون التأجیل التعسفی ،وإنما استخلاص هذه الحالات جاءَ من النصوص القانونیة الإجرائیة التی نظمت أحکام التأجیل وبطریق مفهوم المخالفةلهذه النصوص وهذه الحالات هی:
(1)- عدم وجود سبب مشروع یقتضی التأجیل
أی أن تأجیل المرافعة قد یتم بدون وجود سبب مشروع یبرر هذا التأجیل سواء أکان التأجیل قد قررته المحکمة من تلقاء نفسها أم بناءاً على طلب من احد الخصوم ،حیث أن عدم وجود سبب یبرر تأجیل المرافعة یدل على المماطلة والتسویف والتی یمکن أن تدرج استعمال التأجیل فی هذه الحالة تحت مظلة الاستعمال التعسفی للحق الإجرائی.
وعدم مشروعیة سبب التأجیل قد تتمثل کما ذکرنا بعدم وجود سبب أصلاً للتأجیل وهذا ما قضت به محکمة التمییز العراقیة حیث جاءَ فی قرارها ( أن المحکمة غیر ملزمة بتلبیة طلب التأجیل ألا أذا وجدت عذراً یبرر ذلک ...) أی أن عدم وجود عذر أو سبب یبرر طلب تأجیل المرافعة المقدم من الخصوم یخول بل یوجب على المحکمة أن ترفض طلب التأجیل فی هذه الحالة لأن فیه من المماطلة والتسویف ما یدل على تعسف الخصم فی طلبه فی اتخاذ أجراء التأجیل .
کما أن عدم مشروعیة السبب تأخذ حالة طلب التأجیل لأسباب واهیة أی لا تصلح کأسباب جدیة وحقیقیة تبرر فعلاً تأجیل المرافعة ،أی أن السبب موجود ولکنه لا یصلح کسبب حقیقی ومشروع لتأجیل المرافعة ،وهذا ما أکدته محکمة التمییز العراقیة حیث قضت بأنه ( أذا تبلغ المعترض على الحضور فی المرافعة فأن إرسال برقیة لغرض حضور محامیه لا یعتبر معذرة شرعیة تستوجب التأجیل ) حیث أن طلب الخصم وفقاً للقرار المتقدم بتأجیل المرافعة لکی یحضر محامیه لا یعتبر سبباً مشروعاً یبرر طلب التأجیل .
ویکون سبب التأجیل أیضاً غیر مشروع أذا کان السبب فی ذاته غیر مشروع کما لو طلب الخصم تأجیل المرافعة لتحقیق مصلحة غیر مشروعة فالمصلحة غیر المشروعة فی هذه الحالة هی السبب الذی استند ألیه الخصم لطلب التأجیل مما یوجب رفضه تطبیقاً للمبدأ العام ( لا دعوى حیث لا مصلحة ) فلا حق فی التأجیل بلا مصلحة مشروعة تکون سبباً مشروعاً للتأجیل مما یضفی على طلب التأجیل الذی یخلو من هذه المصلحة بالتعسفی لعدم وجود سبب مشروع یبرر هذا التأجیل.
وخلاصة هذا الشرط یعتبر سبباً غیر مشروع یوجب رفض طلب التأجیل الذی قدم بناءاً علیه کل طلب لا یتضمن سبباً أو کان السبب غیر مقنع بما یکفی لتبریر التأجیل أو کانت المصلحة التی تقتضی التأجیل غیر مشروعة .
(2)- التأجیل لذات السبب أکثر من مرة دون أن تقتضی العدالة ذلک .
لقد تضمنت الفقرة (2) من المادة (62) من قانون المرافعات العراقی ما یأتی (...ولا یجوز التأجیل أکثر من مرة للسبب ذاته ألا أذا رأت المحکمة ما یقتضی ذلک لحسن سیر العدالة ) یتضح من مفهوم المخالفة للنص المتقدم عدم جواز تأجیل المرافعة لأکثر من مرة ولذات السبب دون أن یتطلب حسن سیر العدالة هذا التکرار للتأجیل ،وعدم تکرار التأجیل لذات السبب قید عام یشمل حالات التأجیل المتکررة سواء من قبل المحکمة من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلبات الخصوم المتعددة للتأجیل.
لذلک فان طلبات التأجیل المتعددة من قبل الخصوم الواردة على ذات السبب دون أن تقتضی ضرورة الفصل فی الدعوى هذا التکرار للتأجیل تدخل استعمال الخصم لحقه فی التأجیل فی نطاق الاستعمال التعسفی للحق الإجرائی مما یستوجب رفض طلبات التأجیل هذه ، کما أن المشرع العراقی اعتبر تأخیر المحکمة الفصل فی الدعوى دون مبرر مشروع من أسباب الشکوى من القضاة کما لو أجلت المحکمة المرافعة عدة مرات بداعی التدقیق مما یعنی أنها تعسفت فی استخدام سلطتها التقدیریة وفق المادة (62/2) من قانون المرافعات .
کما قضت محکمة النقض المصریة برفض طلبات التأجیل المتکررة الواردة للسبب نفسه أمعاناً منها بتعسف الخصم طالب التأجیل فی استعمال هذا الحق حیث قررت ( متى کانت الدعوى قد حُجزت للحکم مع التصریح بتقدیم مذکرات لمن یرید فی میعاد محدد ولم یقدم احد الخصوم مذکرة فی المیعاد المضروب له وطلب مد أجل الحکم لتقدیم المذکرة فان المحکمة لا تکون ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب بعد انتهاء الأجل الذی حددته لتقدیم المذکرة فیه وإنما إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته وتقدیر العذر الذی منع تقدیم المذکرة فی المیعاد کل ذلک من أطلاقات محکمة الموضوع ).
حیث أن محکمة النقض قد رفضت طلب التأجیل لتقدیم الخصم مذکراته أو مستنداته لأنها سبق أن منحت التأجیل لذات السبب دون أن یقدم الخصم مذکراته إدراکاً منها لَما یمثله تکرار طلب التأجیل لذات السبب من تعسف الخصم فی استعمال حقه بتأجیل المرافعة ألا أذا کان تکرار الطلب لعذر مشروع یخضع لسلطة المحکمة التقدیریة .
ألا أن حسن سیر العدالة قد یقتضی إجابة المحکمة لطلبات التأجیل المتعددة لذات السبب مما ینفی الصفة التعسفیة عن التأجیل فی هذه الحالة وهذا ما أکدته محکمة التمییز فی قرارها بأنه ( لدى التدقیق والمداولة تبین أن الحکم الممیز غیر صحیح لأن الفقرة (2) من المادة (65) من قانون أصول المرافعات المدنیة والتجاریة وأن لم تجز تأجیل الدعوى أکثر من مرة لذات السبب ولکن للمحکمة قبول التأجیل مرة أخرى أذا رأت أن ذلک من مصلحة العدالة وحیث أن السبب الذی طلب الممیز التأجیل من أجله خارج عن إرادة وطاقة المذکور وهو المرض المؤید بالتقریر الطبی فکان على المحکمة قبوله لمعذرة شرعیة لعدم الحضور وتأجیل الدعوى لهذا السبب وعلیة قرر نقض الحکم الممیز...).
ولا بد من الإشارة إلى أن تکرار التأجیل قد یکون تعسفیاً حتى لو کانت طلبات التأجیل لأسباب مختلفة أذا کان الخصم یقصد الأضرار بخصمه الأخر عن طریق أطالة أمد إجراءات التقاضی بإثارة الدفوع التی یترتب على قبولها تأجیل المرافعة فی کل مرة.
(3)- تجاوز التأجیل المیعاد القانونی دون أن تقتضی الضرورة ذلک .
أن مدة التأجیل لیست مطلقة من حیث مداها الزمنی فهی مقیدة بسقف أو حد أقصى لا یجوز تجاوزه ،أی لا یجوز أن یمتد تأجیل المرافعة لأبعد من الحد الزمنی للتأجیل الذی حدده النص القانونی ألا أذا اقتضت حالة الضرورة تمدید مدة التأجیل فترة أخرى.
واقتضاء الضرورة یستعمل الآن بکثرة فی تأجیل المرافعة بحیث یمتد التأجیل لشهرین أو أکثر مما یعنی أن التأجیل یعد السبب الرئیسی فی تراکم الدعاوى أمام القضاء تلک المشکلة التی لا یزال القضاء یعانی منها وفکرة الضرورة التی تعتبر مبرراً لتمدید مدة التأجیل تعتبر بمثابة النافذة القانونیة التی یدخل منها الخصوم إلى دائرة التعسف فی اللجوء إلى تأجیل المرافعة تحت مبررات حالة الضرورة وذلک لإطالة أمد النزاع وإرهاق کل خصم خصمه بالنفقات والجهد وضیاع وقته فی متابعة إجراءات الدعوى.
أی أن تجاوز مدة التأجیل نطاقها القانونی وهو عشرون یوماً بدون سبب شرعی وحقیقی یبرر هذا التجاوز یضفی على التأجیل فی هذه الحالة الطابع التعسفی سواء قررت المحکمة تأجیل المرافعة من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب من احد الخصوم .
ویدخل فی نطاق تجاوز التأجیل لمیعاده القانونی بدون عذر مشروع عدم تحدید مدة للتأجیل ،أی أن المحکمة تقرر تأجیل المرافعة دون أن تحدد میعاد هذا التأجیل إذ تبقی التأجیل مفتوحاً مما یسهل للخصوم تحقیق نوایاهم بإطالة أمد إجراءات التقاضی ،وهذا ما أکدته محکمة التمییز العراقیة حیث قضت بأنه ( لا یجوز للمحکمة تأجیل الدعوى إلى یوم غیر معین من شهر غیر معین من سنة 1970 لأن ذلک تاریخ مجـهول لا یمکن تأسیس حکم علیة...).
کما أنه لیس للمحکمة أن تنظر الدعوى فی یوم معین دون أن تؤجل المرافعة إلى ذلک الیوم وتطبیقاً لذلک قضت محکمة التمییز العراقیة بأنه ( لا یجوز للمحکمة رؤیة الدعوى فی یوم معین دون أن یسبق لها تأجیل المرافعة إلى ذلک الیوم ) ذلک أن قیام المحکمة بنظر الدعوى فی یوم لم تحدد تأجیل المرافعة ألیه یعتبر تعسفاً من جانبها فی استعمال قواعد التأجیل للأضرار بأحد الخصوم أو محاباة احد الخصوم أو لتحقیق منفعة.
(4)- یجب أن یصدر قرار التأجیل من المحکمة
یعتبر هذا الشرط عام حیث أن التأجیل باعتباره وسیله فنیة قانونیة لأعمال حق الدفاع لا یکون کذلک ألا أذا کان قرار تأجیل المرافعة قد صدر من المحکمة سواء اتخذت قرار التأجیل من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب من احد الخصوم.
أی أن قرار التأجیل یجب أن یصدر من المحکمة فی جمیع الأحوال سواء أکان التأجیل مشروعاً أو تعسفیاً .
فلا یجوز للخصوم الاتفاق فیما بینهم على تأجیل المرافعة دون أن توافق المحکمة على هذا التأجیل ،حیث أن مثل هذا الاتفاق لا یعتد به فإذا لم یحضر الطرفان للمرافعة فی الموعد الذی حددته المحکمة تقرر ترک الدعوى للمراجعة عشرة أیام فإذا لم یطلب المدعی أو المدعى علیة السیر فی الدعوى تعتبر عریضة الدعوى مبطلة بحکم القانون أو تسقط دعوى الاعتراض وتترک الدعوى الاستئنافیة للمراجعة لمدة ثلاثون یوم فإذا لم یراجع الطرفان أو احدهما للسیر فی الدعوى تبطل بحکم القانون.
لذلک فان التأجیل الذی لا یستند على سبب مشروع سواء لمرة واحده أو لعدة مرات لا یمکن وصفه بالتعسفی لأنه أصلاً لا وجود للتأجیل ألا أذا قررت المحکمة اتخاذ قرار بتأجیل المرافعة وهذا ما قضت به محکمة التمییز فی قرارها الذی جاءَ فیه ( لا یعتد قانوناً بمحضر تأجیل الدعوى الذی أصدره المعاون القضائی ).
المبحث الثانی
مظاهر التأجیل التعسفی
أن التأجیل التعسفی ( التعسف فی استعمال الحق فی التأجیل ) کما بیناه فی المبحث الأول لا بد من أکمال جمیع زوایاه لتکون الإحاطة بمضمونه شامله على نحو تکتمل صورته بشکل واضح ،وهذا الأمر یتطلب بیان مظاهر التأجیل التعسفی وما یترتب على هذه المظاهر التی تجسد معنى التعسف فی استعمال حق التأجیل من مسؤولیة کأثر على هذا السلوک التعسفی فی التأجیل .
لذلک سنتناول فی هذا المبحث مظاهر التأجیل التعسفی فی المطالب الأتیة:
المطلب الأول : مظاهر تعسف الخصوم فی تأجیل المرافعة.
المطلب الثانی : مظاهر تعسف القاضی فی تأجیل المرافعة.
المطلب الثالث : مظاهر تعسف الغیر فی تأجیل المرافعة.
المطلب الأول
مظاهر تعسف الخصوم فی تأجیل المرافعة.
أن تعسف الخصوم فی طلب تأجیل المرافعة یتخذ مظاهراً وأشکالاً متعددة ،حیث غالباً ما یلجأ الخصوم إلى استعمال وسلوک الطرق الأکثر استهلاکاً للوقت عند أظهار النیة التعسفیة فی استعمال حق التأجیل وکل ما یؤدی ألیه .
لذلک فأنَ من أهم مظاهر تعسف الخصوم فی التأجیل ما یأتی :
أولاً :عرقله أتمام التبلیغ القضائی لطلب التأجیل
أن التبلیغ القضائی یحتل مکاناً مهماً فی حسم الدعوى المدنیة بوصفه من الإجراءات الضروریة التی تتعلق بالنظام العام وضمان حسن سیر إجراءات التقاضی بشکل صحیح فالدعوى أذا أقُیمت دون تبلیغ الخصوم بعریضتها تبلیغاً صحیحاً فأنَ ذلک سوف یؤدی إلى تعذر قیام المحکمة بنظر الدعوى والوصول إلى إصدار حکم فی موضوعها بشکل عادل ،حیث أن من أهم الأسباب التی تؤخر حسم الدعوى بطلان عملیة التبلیغ القضائی.
فإذا کانت التبلیغات القضائیة المعیبة لها دور فی تأخیر حسم الدعوى عن طریق تأجیل المرافعة نظراً لما تتطلبه عملیة أعادة إجراءات التبلیغ من تأجیل المرافعة ،فکیف یصبح حجم هذا الدور فی تعطیل وعرقلة الفصل فی الدعوى إذا کان عدم وقوع التبلیغ القضائی بصورة صحیحة راجعاً إلى تعمد الخصوم فی عرقلة تحقیق التبلیغ لغایته وذلک باعتماد أسالیب تؤدی إلى عدم أعلامهم بمضمون الورقة القضائیة المراد تبلیغهم بها ،حیث أنَ الخصوم لیسوا هم المکلفون بإجراء التبلیغ وإنما المحکمة عن طریق المکلفین للقیام بإجراءات التبلیغات القضائیة وهذا ما أکدته محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة حیث قضت بأنه ( لدى التدقیق والمداولة وجد أن الطعن التمییزی مقدم ضمن المدة القانونیة فقرره قبوله شکلاً ولدى عطف النظر على القرار الممیز وجد أنه مخالف للقانون ذلک أن مهمة تبلیغ الخصوم تتولاها المحکمة بعدما یعطی المدعی عناوینهم وحیث أن المدعی قد أعطى عناوین المدعى علیهما فقد أصبح متابعة التبلیغ من واجب المحکمة ولیس من واجب المدعی ... ).
أن عدم التزام الخصوم قانوناً على القیام بدور ایجابی لمساعدة القائم بالتبلیغ على أتمام إجراءات التبلیغ بشکل صحیح یفسح المجال أمامهم للمماطلة والتسویف لإطالة أمد إجراءات التقاضی عن طریق حرصهم على عدم تحقیق التبلیغ لغایته وهی أعلامهم بمضمون ورقة التبلیغ وما یتطلبه ذلک من أعادة إجراء التبلیغ بشکل صحیح وهذا لا یمکن أن یتم ألا بتأجیل المرافعة لکی یتم هذا التبلیغ مجدداً، ذلک أن عدم وجود نص قانونی یلزم الخصوم بتسهیل عملیة التبلیغ القضائی وذلک بعدم اللجوء إلى أسالیب الکید کذکر عنوان وهمی أو غیرها من أسالیب الخداع التی یلجأ ألیها الخصوم لعرقلة أتمام التبلیغ بشکل صحیح، لذلک من أجل تقلیل حالات تأجیل المرافعة الراجعة لعیب إجراءات التبلیغ القضائی وسد باب المماطلة والکید أمام الخصوم للحد من تعسفهم فی عدم أتمام التبلیغات بصورة صحیحة نأمل من المشرع العراقی تعدیل نص المادة (28) من قانون المرافعات بحیث تکون وفق الصیغة الآتیة ( 1- یقوم بالتبلیغ من تکلفه المحکمة لذلک وعلى الخصوم أو ممثلیهم ووکلائهم القیام بما یساعد على تسهیل إجراءات التبلیغ بصورة صحیحة 2- أذا کان بطلان التبلیغ بسبب تقصیر القائم بالتبلیغ أو عدم تعاون الخصوم أو ممثلیهم أو وکلائهم وفق ما اقتضته الفقرة السابقة تفرض المحکمة على المتسبب بهذا البطلان غرامة لا تقل عن ضعف الرسم المدفوع عن الدعوى ولا یزید على ثلاثة أضعافه ) .
حیث أن النص المقترح یفرض واجباً قانونیاً على الخصوم على أظهار دور ایجابی لتسهیل عملیة إجراء التبلیغ القضائی بشکل صحیح وألا تعرضوا إلى جزاء الغرامة مما یشکل رادعاً لحث الخصوم على تقدیم المساعدة والمعاونة للقائم بالتبلیغ على نحو یبعد الخصوم عن أسالیب المراوغة والخداع التی تهدف إلى عرقلة أتمام التبلیغ وما یتطلبه أعادة إجرائه من تأجیلات للمرافعة تکون محصلتها النهائیة تعطیل الفصل فی الدعوى وإطالة أمد إجراءات التقاضی.
أما دور المدعى علیة فی استغلال قواعد وإجراءات التبلیغ لتأجیل المرافعة فقد یحرص دائماً على عدم علمه بالإجراءات التی ستتخذ ضده عن طریق عرقلة إجراءات تبلیغه ألا أن المشرع قد وضع من القواعد ما یواجه به هذا التعسف والتسویف لتأخیر الفصل فی الدعوى حیث أجاز المشرع العراقی تسلیم ورقة التبلیغ إلى زوجه المطلوب تبلیغه أو من یکون مقیماً معه من أقاربه أو أصهاره أو ممن یعملون فی خدمته من الممیزین أو مستخدمیه فی محل عمله ویعتبر امتناع المطلوب تبلیغه أو من یصح تسلیم ورقة التبلیغ ألیهم تبلیغاً بعد القیام بالإجراءات التی حددها القانون فی حالة الامتناع.
لذلک فان المشرع العراقی واجه تعسف المطلوب تبلیغه وهو غالباً ما یکون المدعى علیة فی عدم صحة التبلیغ لکی یطلب تأجیل المرافعة لبطلان تبلیغه وذلک قصداً منه ونکایة بالمدعی لعرقلة السیر فی الدعوى وتعطیل الفصل فی موضوعها، کما أن النص المقترح لإلزام الخصوم –وخاصة المدعى علیة – بتسهیل عملیة التبلیغ قد یقضی على کل تعسف ومماطلة من جانب المدعى علیة لعرقلة إجراءات تبلیغه لکی یطلب تأجیل المرافعة .
ثانیاً : تعمد الخصم تجزئة المستمسکات والسندات للتأجیل
الأصل أن على الخصوم أن یقدموا لوائحهم ومستمسکاتهم قبل الجلسة الأولى من المرافعة أو فی الموعد المحدد من قبل المحکمة لتقدیم تلک اللوائح والمستمسکات وأجاز المشرع للمحکمة رفضها فی حالة تقدیمها بعد الموعد المحدد بدون عذر مشروع.
ألا أن الخصم فی الواقع العملی سواء أکان مدعیاً أو مدعىً علیة قد یتعمد إلى تجزئة المستندات والمستمسکات المطلوب منه تقدیمها ،حیث أن الخصم یقدم قِسماً من المستندات واللوائح ثم یطلب تأجیل المرافعة لتقدیم القسم الأخر وقد یقسمها على عدة مراحل وذلک لإطالة أمد إجراءات الدعوى من خلال کثرة التأجیلات التی سیحصل علیها بناءاً على أسباب واهیة یضلل بها المحکمة لکی تستجیب لطلبه فی کل مرة بتأجیل المرافعة لتقدیم ما
بقى لدیة من مستندات و لوائح مما یدل على أن الخصم قد تعسف فی استعمال حقه بالتأجیل.
والمثال الآتی یوضح تعسف الخصم فی تقدیم مستنداته ومستمسکاته للتأجیل ،حیث یقدم الخصم بعض مستنداته ثم تنظر المحکمة فی الدعوى عدة جلسات ثم یطلب التأجیل لتقدیم مستندات أخرى کانت فی حیازة شخص مسافر عند أقامة الدعوى وأسلوب المماطلة والتسویف مستمر لاستهلاک الوقت عندما یطلب تأجیل المرافعة مرة أخرى بحجة أن ذلک الشخص أودعها لدى شخص ثالث أو أنها اُحترقت وقدم طلباً إلى الدائرة الرسمیة ذات العلاقة لتزویده بصورة منها وهکذا یستمر الخصم بتلاعبه بتقدیم مستنداته على عدة مراحل تعسفاً فی تأجیل المرافعة وذلک بقصد الأضرار بخصمه عن طریق تکبیده بالنفقات والجهد وإضاعة وقته فی متابعة إجراءات الدعوى التی أصبحت صراعاً مائعاً لنهایة له لکثرة التأجیلات التعسفیة من قبل خصمه للنکایة به .
وبذلک نجد أن المادة (59) من قانون المرافعات العراقی لا تسعف فی سد هذا الباب أمام تعسف الخصوم فی تجزئة مستنداتهم أو لوائحهم لإطالة أمد التقاضی من خلال طلباتهم بتأجیل المرافعة لتقدیم بعض هذه المستندات ،لذلک ولمواجهة مثل هذا السلوک التعسفی للخصوم فی طلب التأجیل والذی ینم عن روح الکید والأضرار لدى الخصوم ، نأمل من المشرع العراقی إضافة فقرة جدیدة إلى المادة (59) من قانون المرافعات لتکون الفقرة (2) بحیث تکون وفق الصیغة الآتیة ( 2- یجب على الخصوم عدم تجزئة المستمسکات واللوائح المطلوب تقدیمها وفق الفقرة (1) من هذه المادة ألا لعذر مشروع تبین أسبابه فی محضر الجلسة وألا تعرضـوا لجزاء الغرامة المنصوص علیة فـی تلک الفقـرة .3-... 4- .... ) .
حیث أن النص المقترح یتضمن جزاءً مالیاً یحد من تعسف الخصوم وکیدهم فی تجزئة لوائحهم ومستنداتهم للوصول إلى التأجیل لعرقلة حسم الدعوى ،فوفقاً للنص المقترح لا یجوز للخصوم تجزئة تقدیم المستندات ألا لعذر مشروع تقتنع به المحکمة وتثبت أسبابه فی محضر الجلسة کما لو أُحرقت أو أُتلفت بعض هذه المستندات أو اللوائح بفعل خارجی عن أرادة الخصم وهنا یقدم ما تبقى منها ویطلب تأجیل المرافعة لتقدیم صور عن تلک التی أُتلفت من الدائرة الرسمیة ذات الصلة .
أما موقف القوانین المقارنة من حالة تعسف الخصوم فی تجزئة المستندات للتأجیل ،فقد نصت المادة (97) من قانون المرافعات المصری على أنه ( تجری المرافعة فی أول جلسة وإذا قدم المدعی أو المدعى علیة فی هذه الجلسة مستنداً کان فی أمکانه تقدیمه فی المیعاد المقرر فی المادة (65) من هذا القانون قبلته المحکمة أذا لم یترتب على ذلک تأجیل نظر الدعوى ،أما أذا ترتب على تقدیمه تأجیل نظرها ورأت المحکمة قبوله تحقیقاً للعدالة حکمت المحکمة علیة بغرامة لا تقل عن مائة جنیه ولا تجاوز خمسمائة جنیه على أن یکون التأجیل لمرة واحدة ولا تتجاوز مدته أسبوعین...) کما نصت المادة (99) من ذات القانون على أنه ( تحکم المحکمة على من یتخلف من العاملین بها أو من الخصوم عن إیداع المستندات أو عن القیام بأی أجراء من إجراءات المرافعات فی المیعاد الذی حددته له المحکمة بغرامة لا تقل عن عشرین جنیهاً ولا تجاوز مائتی جنیه ویکون ذلک بقرار یثبت فی محضر الجلسة له ما للأحکام من قوة تنفیذیه ولا یقبل الطعن فیه بأی طریق ولکن للمحکمة أن تقیل المحکوم علیة من الغرامة کلها أو بعضها أذا أبدى عذراً مقبولاً ویجوز للمحکمة بدلاً من الحکم على المدعی بالغرامة أن تحکم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهراً بعد سماع أقوال المدعى علیة...) .
أما قانون أصول المحاکمات المدنیة الأردنی فقد أقتفى مسلک المشرع المصری فی معالجة تعسف الخصوم فی تقدیم مستنداتهم للحصول على أکبر وقت ممکن عن طریق التأجیل.
أما موقف قانون الإجراءات المدنیة الفرنسی فقد أخضع مسألة تعسف الخصوم فی تجزئة سنداتهم للقاعدة العامة بشأن التعسف فی استعمال الحق الإجرائی حیث لا یوجد نص یعالج مسألة تعسف الخصوم فی تجزئة مستنداتهم ومذکراتهم للتأجیل مما یعنی خضوعها للقاعدة العامة بشأن التعسف فی استعمال الحق الإجرائی.
وهنا نأمل من المشرع العراقی أن یحذو حذو المشرع المصری والأردنی فی فرض جزاء الغرامة على الخصوم وموظفی المحکمة أذا کان تأخیر إیداع وتقدیم السندات أو المستمسکات راجعاً إلى مماطلة أو تقصیر الخصوم أو موظفی المحکمة لعرقلة حسم الدعوى وذلک بتأخیر تقدیم تلک المستندات فی مواعیدها التی حددتها المحکمة وذلک بإضافة فقرة تکون (3) إلى المادة (59) من قانون المرافعات بحیث تکون وفق الصیغة الآتیة ( 3- تفرض المحکمة على من یتخلف من موظفیها أو الخصوم عن إیداع أو تقدیم اللوائح والمستمسکات أو عن القیام بأی إجراء من إجراءات المرافعة فی المیعاد الذی حددته المحکمة بالغرامة المنصوص علیها فی الفقرة (1) من هذه المادة ) .
ثالثاً : أثارة الدفوع التی تتطلب التأجیل
قد یلجأ الخصوم إلى وسیله أخرى تجسد معنى التأجیل التعسفی وذلک لمجرد عرقلة حسم الدعوى ،حیث قد یلجأ الخصم إلى التمسک ببعض الدفوع التی تتطلب تأجیل المرافعة بقصد التسویف والمماطلة محاولاً الحصول على أکبر قدر ممکن من الوقت ،وذلک عن طریق أثارته بوقت متأخر لبعض الدفوع التی تؤدی حتماً إلى تأجیل المرافعة، أی أن دفع الخصم مشروع من الناحیة القانونیة ألا أنه انحرفَ عن الغایة التی وجد ذلک الدفع من أجل تحقیقها إلى غایة أخرى غیر مشروعة تتنافى وقصد المشرع من تنظیمه لذلک الدفع ،حیث أن الخصم کان تمسکه بتلک الدفوع وفی وقت متأخر –أی أن الدعوى تکون قد تهیأت للفصل فی موضوعها – یدل على تعسفه فی استعمال تلک الدفوع لما تتطلبه من تأجیل للمرافعة وهذا هو غایة التعسف فی استعمال تلک الدفوع.
فالمادة (77) من قانون المرافعات العراقی تجیز إبداء الدفع بعدم الاختصاص النوعی أو الولائی فی أی حالة تکون علیها الدعوى وللمحکمة أثارة هذا الدفع من تلقاء نفسها ،لذلک قد ینتظر الخصم –خاصة عندما یجد نفسه خاسراً للدعوى- إلى قرب نهایة إجراءات الدعوى أی أن المحکمة قد قطعت شوطاً طویلاً فی نظر الدعوى وما صاحب ذلک من إجراءات ونفقات فضلاً عن الجهد والوقت ،ثم یستعمل حقه بسوء نیة بالدفع بعدم اختصاص المحکمة نوعیاً وعندما تجد بناءاً على هذا الدفع عدم اختصاصها نوعیاً بنظر الدعوى فأنها تقرر تأجیل المرافعة لکی تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة وبذلک یکون الاستعمال التعسفی لهذا الدفع قد حقق هدف صاحبه وهو تعطیل الفصل فی الدعوى فضلاً عن هدر الإجراءات والوقت ولکی لا یستعمل الخصم الدفع بعدم الاختصاص النوعی کوسیلة للتعسف فی التأجیل وما یترتب على ذلک من تأخیر حسم الدعوى وهدر الإجراءات والنفقات والوقت ،نأمل من المشرع العراقی تعدیل نص المادة (77) من قانون المرافعات وجعلها وفق الصیغة الآتیة ( الدفع بعدم اختصاص المحکمة بسبب عدم ولایتها أو بسبب نوع الدعوى أو قیمتها یجوز إبداؤه فی أی حالة تکون علیها الدعوى وللمحکمة أثارته من تلقاء نفسها ألا أذا کانت الدعوى قد تهیأت للفصل فی موضوعها).
وقد عالج المشرع الفرنسی مسألة أثارة الدفوع التی تتعلق بالنظام العام کالدفع بإحالة الدعوى لارتباطها أو لعدم الاختصاص النوعی فی وقت متأخر من نظر الدعوى بقصد عرقلة حسم الدعوى نظراً لما یترتب على هذه الدفوع من تأجیل للمرافعة ،حیث أجاز إبداء الدفع بإحالة الدعوى للارتباط فی أی حالة تکون علیها الدعوى ألا أذا کان هذا الدفع قد قدم فی وقت متأخر بقصد التسویف حیث أن للمحکمة رفض هذا الدفع کذلک أجاز المشرع الفرنسی أثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعی أو الوظیفی فی أی حالة تکون علیها الدعوى مع الحکم بالتعویض على الخصم الذی امتنع عن إبداء هذه الدفوع فی وقت مبکر بقصد تعطیل الفصل فی الدعوى وتأخیر حسمها وهذا ینطبق على الدفع بعدم القبول عند أثارته فی وقت متأخر بقصد تعطیل الفصل فی الدعوى، وهنا نأمل من المشرع العراقی أن یحذو حذو المشرع الفرنسی فی رفض الدفع بإحالة الدعوى لارتباطها بدعوى مقامه أمام محکمة أخرى أذا کانت الدعوى المحالة جاهزة للفصل فیها وذلک للحد من تعسف الخصوم فی اللجوء إلى هذا الطریق لتأخیر الفصل فی الدعوى نظراً لما تتطلبه الإحالة للارتباط من تأجیل للمرافعة لذلک نقترح إضافة فقرة ثانیة للمادة (75) من قانون المرافعات تکون وفق الصیغة الآتیة ( للمحکمة أن ترفض طلب الخصم بإحالة الدعوى للارتباط وفق الفقرة (1) من هذه المادة أذا کانت الدعوى قد تهیأت للفصل فیها ) .
ومن الدفوع الأخرى والتی غالباً ما یلجأ ألیها الخصوم لتعطیل الفصل فی الدعوى عن طریق التأجیلات التی تستلزمها أثارة مثل هذه الدفوع ومنها دفع الخصم بتزویر السند الرسمی المقدم من قبل الخصم الأخر مما یفرض على المحکمة تأجیل المرافعة عند توافر شروط الادعاء بالتزویر لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزویر وقد تأخذ هذه الإجراءات وقتاً طویلاً ثم تأتی النتیجة أن السند الذی طعن بصحته بالتزویر سلیم ولم یکن الدفع بهذا الطعن ألا لمجرد تعطیل حسم الدعوى وإطالة أمد إجراءاتها أضراراً بالخصم الأخر لأن الخصم المتعسف فی هذا الدفع والذی قصد الکید لخصمه وعرقلة الفصل فی الدعوى لا یتعرض إلى جزاء رادع ألا للغرامة التی قضت بها المادة (37) من قانون الإثبات والتی لا تقل عن ثلاثة ألاف دینار ،وهنا نأمل من المشرع العراقی رفع هذه الغرامة إلى المبلغ الذی یوفر الفاعلیة للنص فی عدم تعسف الخصوم وسلوک الادعاء بالتزویر على أساس الکید والمماطلة.
المطلب الثانی
مظاهر تعسف القاضی فی تأجیل المرافعة
قد یکون التأجیل الذی تسبب فی تأخیر الفصل فی الدعوى دون أن یستند إلى سبب مشروع یبرره صادراً من القاضی بناءاً على سلطته التقدیریة دون أن یطلب احد من الخصوم تأجیل المرافعة مما یضفی صفة التعسف على قرار القاضی بتأجیل المرافعة .
وأهم مظاهر تعسف القاضی فی تأجیل المرافعة ما یأتی :
أولاً : تأجیل المرافعة بدون عذر مشروع
یتمثل تعسف القاضی فی هذه الحالة باتخاذه قرار تأجیل المرافعة من تلقاء نفسه دون وجود أسباب حقیقیة تبرر هذا التأجیل ،أی أن قرار القاضی بتأجیل المرافعة یکون بقصد تأخیر حسم الدعوى أضراراً بأحد الخصوم أو محاباة أحدهم أو لتحقیق منفعة شخصیة ،وقد إشارت قوانین المرافعات إلى هذه الحالة باعتبارها من الأسباب التی تبرر الشکوى من القضاة.
فقد نصت المادة (30) من قانون المرافعات العراقی على أنه (... ویعد التأخیر غیر المشروع عن إصدار الحکم امتناعاً عن إحقاق الحق ) وتأخیر القاضی للفصل فی الدعوى وفقَ النص المتقدم لا یأتی ألا من خلال تأجیل المرافعة عدة مرات بدون أسباب تبرر ذلک،کما لو کانت الدعوى قد اکتملت جمیع إجراءاتها وقدم الخصوم کل ما لدیهم من دفوع وأسانید وتهیأت للفصل فی موضوعها ورغم ذلک فان المحکمة مستمرة فی تأجیل المرافعة لأسباب واهیة کالتأجیل للتدقیق وغیرها من الأسباب وذلک لمجرد أطالة أمد إجراءات الدعوى وتأخیر إصدار حکم فی موضوعها مما یدل على تعسف القاضی فی استخدام سلطته فی التأجیل.
کذلک نصت الفقرة الثالثة من المادة (286) على أنه ( أذا امتنع القاضی عن إحقاق الحق ویعتبر من هذا القبیل أن ....یؤخر ما یقتضیه بشأنها بدون مبرر ...) وکما هو الحال فان أسلوب القاضی فی تأخیر حسم الدعوى یکون من خلال تکرار تأجیل المرافعة لعدت مرات بدون أسباب مشروعة وهذا لا یمکن اعتباره ألا سلوکاً تعسفیاً من قبل القاضی فی تأجیل المرافعة ویلجأ القاضی إلى التعسف فی استعمال التأجیل من خلال وسائل عدیدة من بینها التأجیل بحجة تراکم الدعاوى وکثرتها أو لدراسة ملف الدعوى أو اللجوء إلى اتخاذ إجراءات تؤدی إلى تأجیل المرافعة کاتخاذ إجراء المعاینة أو الخبرة فمثل هذه الإجراءات تتطلب تأجیلاً للمرافعة وقصد القاضی من ذلک مجرد تأخیر الفصل فی الدعوى حیث أن المحکمة تتوسع فی تأجیل المرافعة لعدة مرات بحجة ضغط کثرة الدعاوى وتراکمها لمجرد تأخیر الفصل فی الدعوى.
أما موقف القوانین المقارنة ،فالمشرع المصری لم ینص على حالة تأخیر القاضی الفصل فی الدعوى بدون مبرر مشروع من بین الحالات التی أوردها کأسباب تبرر مخاصمة القضاة فی حالة قیام أی سبب من هذه الأسباب فی القاضی.
ثانیاً : طلب التنحی بقصد تأخیر الفصل فی الدعوى
حیث نصت المادة(94) من قانون المرافعات العراقی على أنه ( یجوز للقاضی أذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأی سبب أن یعرض أمر تنحیه على رئیس المحکمة للنظر فی قراره على التنحی ) یتضح من النص أن للقاضی سلطة تقدیریة فی طلب تنحیه عن نظر الدعوى إذا ما استشعر الحرج فی نظرها لأی سبب من الأسباب التی یرى نفسه غیر قادر معها على نظر الدعوى.
ولکن قد یکون قصد القاضی من طلب تنحیه تأخیر حسم الدعوى نظراً لما تؤدی ألیه إجراءات هذا الطلب من تأجیل المرافعة ،ویتمثل تعسف القاضی فی هذه الحالة عندما یمضی فی نظر الدعوى على جلسات عدیدة وبعد أن تکون الدعوى قد تهیأت للفصل فی موضوعها یطلب تنحیه عن الاستمرار بنظر الدعوى لاستشعاره بالحرج کون احد الخصوم صدیقاً قدیماً له ولم یعلم بذلک ألا فی هذه المرحلة التی وصلت ألیها الدعوى ،حیث قد یتعمد القاضی بعدم تقدیم الطلب مبکراً ألا فی وقت تکون الدعوى قد قطعت شوطاً طویلاً لتعطیل الفصل فیها إضراراً بالخصوم أو احدهم أو لتحقیق مصلحة شخصیة ،حیث یترتب على طلب التنحی تأخیر حسم الدعوى بتأجیل المرافعة إلى ما بعد الفصل فی طلب التنحی من قبل رئیس محکمة الاستئناف أو التمییز حسب الأحوال.
لذلک نأمل من المشرع العراقی لتفادی تعسف القاضی فی استعمال حقه بالتنحی بقصد تأجیل المرافعة وتأخیر الفصل فی الدعوى إضافة فقرة ثانیة إلى المادة (94) من قانون المرافعات تکون وفق الصیغة الآتیة ( 2- أذا کان طلب التنحی بقصد تأخیر الفصل فی الدعوى تطبق أحکام الفقرة (3) من المادة (291) من هذا القانون ) .
المطلب الثالث
مظاهر تعسف الغیر فی تأجیل المرافعة
بما أن الواجبات والحقوق الإجرائیة تتمیز بخصوصیة عدم اقتصار مباشرتها على من تقرر الحق الإجرائی لحمایة حقوقه ومراکزه القانونیة أو من فرض علیة الواجب الإجرائی بل قد تمارس من قبل أشخاص یعتبرون من الغیر بالنسبة للدعوى ألا أنهم أطراف فی الخصومة التی تولدت عنها تلک الحقوق والواجبات الإجرائیة مما یعنی قد یکون التعسف فی التأجیل کحق إجرائی ناتج عن استعمال الغیر لهذا الحق فی التأجیل .
لذلک سنعرض مظاهر تعسف الأشخاص الذین یعتبرون من الغیر فی استعمال الحق الإجرائی فی تأجیل المرافعة وکالاتی :
أولاً : تعسف المحامی فی تأجیل المرافعة
أذا کان نظام التقاضی ضرورة لا غنى عنها لأفراد المجتمع فأنَ العلم بأصول القانون لیس متاحاً لکل المتقاضین ،فضلاً عن ذلک أن مقدرة الخصوم فی عرض وجهات نظرهم أمر متفاوت فیما بینهم إلى حد کبیر ،لذلک اقتضى تیسیر التقاضی على إباحة الاستعانة بمختصین فی شؤون القانون من المحامین حیث یعدون من أعوان القضاء وتربطهم وحدة الثقافة القانونیة إذ اشترط القانون فی المحامی ما اشترط فی القاضی بأن یکون حاصلاً على شهادة القانون وقد نظمت تشریعات المرافعات والقوانین الخاصة إجراءات اختیار المحامی وصلاحیاته فی الدفاع عن موکله.
حیث أن المحامی یتولى مهمة الدفاع عن موکله من الخصوم باعتباره مختصاً بالشؤون القانونیة ،لذلک فأنَ ممارسته لمهمة الدفاع عن موکله تفرض علیه الالتزام على تولی هذه المهمة بکل شرعیة ،بمعنى أن لا یستعمل وسائل الدفاع وإجراءاته وجمیع الأدوات الإجرائیة التی وفرها له المشرع على نحو تعسفی بقصد المماطلة والتسویف للأضرار بخصم موکله ، فکل ما یقدمه المحامی فی الدعوى یجب أن یکون له الحق فی تقدیمه وأن لا یکون قد قصد من ذلک مجرد التعسف والکید لتأخیر حسم الدعوى والأضرار بخصم موکله ،کما لو کان طلبه بتأجیل المرافعة تعسفیاً یهدف منه إلى المماطلة والتسویف لإطالة أمد إجراءات التقاضی وتطبیقاً لذلک قضت محکمة التمییز العراقیة بأن (على المحکمة بعد أن تلاحظ مماطلة الوکیل فی حسم الدعوى أن لا تقبل التأجیل ) کما قضت أیضاً بأن طلب المحامی بتأجیل المرافعة لذات السبب یعتبر تعسفیاً یبرر رفض طلب التأجیل حیث جاء فی قرارها (تقرر المحکمة أبطال عریضة الدعوى بطلب المدعى علیة مع تحمیل المدعی ثلث أجور محاماة وکیل المدعى علیة أذا کان وکیل المدعی قد طلب تأجیل الدعوى مرتین لسبب واحد هو انشغاله فی دعاوى بمحکمة أخرى ).
وقد رفضت المحکمة العلیا المصریة تأجیل المرافعة لانشغال المحامی بدعوى أمام محکمة أخرى حیث قررت ( أذا کانت المحکمة قد رفضت طلب التأجیل المقدم من احد الخصوم لانشغال محامیه بعمل أخر فأنها لا تکون قد جاوزت سلطتها ولا تکون قد أخلت بحق هذا الخصم فی الدفاع متى کانت قد أذنت له فی تقدیم مذکرة بدفاعه قبل النطق بالحکم ...).
حیث أن المحکمة اعتبرت طلب الخصم تأجیل المرافعة لتعذر حضور وکیله بالخصومة على الرغم من منحة مهله لتقدیم مذکرة بدفاعه من قبیل التعسف فی استعمال حق التأجیل وما غیاب المحامی ألا وسیلة لتحقیق ذلک لعرقلة حسم الدعوى.
لذلک فأن التعسف فی تأجیل المرافعة قد ینتج من سلوک المحامی الأمر الذی یعرض حقوق موکله لخطر الجزاءات الإجرائیة عندما تقرر المحکمة رفض التأجیل والفصل فی الدعوى حسب ما تجد من وقائع وأدله.
ثانیاً : مظاهر تعسف الخبیر فی تأجیل المرافعة
بما أن الخبیر یقتصر دوره على تقدیم المشورة فی الأمور العلمیة والفنیة التی تقتضیها طبیعة النزاع وتکون لازمه للفصل فی الدعوى لذلک فان بیان الخبیر لرأیه فی هذه المسائل یحتاج إلى وقت کافی لأعداد تقریره بشأن المسائل المراد إبداء رأیهُ فیهاالأمر الذی یعنی أن التأخیر والمماطلة لعرقلة الفصل فی الدعوى متصور وقوعه من قبل الخبیر وذلک بقصد تحقیق مصلحة شخصیة بتواطئه مع احد الخصوم للأضرار بالخصم الأخر ،فعلى الرغم من أن المشرع أوجب على المحکمة أن تحدد الوقت الذی یجب أن ینهی الخبیر مهمته خلاله ألا أن الخبیر قد یتعمد – تحقیقاً لمصلحة شخصیه له من احد الخصوم- إلى طلب تمدید المدة الممنوحة له وهذا یکون عن طریق تأجیل المرافعة فی کل حالة تمدید للمهلة الممنوحة للخبیر وقد یلجأ فی سبیل تأجیل المرافعة لمجرد الکید والتسویف إلى تقدیم تقریره بشکل غیر وافی ففی هذه الحالة تقرر المحکمة تأجیل المرافعة لدعوة الخبیر عندما تجد أن تقریره غیر کامل وقد تقرر التأجیل مرة أخرى لتکلیف الخبیر بإکمال النقص فی تقریره وتوضیح ما غمض منه وهکذا یتوصل الخبیر إلى عدة تأجیلات لمجرد المماطلة والتسویف لتأخیر الفصل فی الدعوى ،لذلک نأمل من المشرع العراقی لتفادی هذه الآثار إضافة فقره ثالثة إلى المادة (145) من قانون الإثـبات تکـون وفق الصیـغة الآتیة ( ثالثاً :- إذا تبین للمحکمة إن الخبیر قد تسبب فی تأخیر الفصل فی الدعوى بسبب إهماله أو تقصیره تفرض علیة غرامة مناسبة ) .
ثالثاً : مظاهر تعسف الشهود لتأجیل المرافعة
أجاز المشرع اللجوء إلى شهادة الشهود للإثبات فی النطاق الذی حدده القانون حیث أجاز المشرع إثبات العناصر المادیة فی التصرفات القانونیة التی لا تزید قیمتها على خمسة ألاف دینار ألا فی الحالات الاستثنائیة التی نصت علیها المادة (18) من قانون الإثبات والتی تتمثل بفقدان السند الکتابی بسبب لا دخل لإرادة صاحبه فیه أو وجود مانع مادی أو أدبی حال دون الحصول على دلیل کتابی أو وجود اتفاق بین الخصوم على جواز الإثبات بالشهادة أو وجود نص قانونی یجوز الإثبات بالشهادة.
لذلک فاستعانة الخصوم أو احدهم لإثبات ما یدعیه أو نفی ادعاءات خصمه بشهادة الشهود یتطلب تقدیم الشاهد للإدلاء بشهادته أمام المحکمة مما یتطلب تأجیل المرافعة إلى جلسة أخرى لإحضار ذلک الشاهد ،وقد یسلک هذا الأخیر أسالیب المماطلة والتسویف خاصة أذا کان هناک تواطؤ بینه وبین احد الخصوم للأضرار بالخصم الأخر ،وعلى الرغم من أن المشرع قد واجه الموقف التسویفی والکیدی للشهود وبکل حزم حیث فرض على تخلف الشاهد عن الحضور للإدلاء بشهادته أمام المحکمة بدون عذر مشروع جزاء الغرامة والإحضار الجبری بواسطة الشرطة وهذا ما أکدته محکمة التمییز العراقیة فی قرارها الذی جاء فیه بأنه ( لیس للمحکمة صرف النظر عن الاستماع إلى شهادات الشهود بحجة عدم رغبتهم بأداء الشهادة ،بدلیل فرض الغرامة علیهم واتخاذ القرار بإحضارهم جبراً بواسطة الشرطة حیث یلزم تنفیذ قرار إحضارهم بواسطة الشرطة لتدوین شهادتهم طبقاً للمادة 93 من قانون الإثبات ) وذلک سعیاً من المشرع فی المحافظة على قیمة الوقت فی الدعوى والرغبة فی حسمها خلال وقت مناسب بتفادی مماطلة الشهود ،ألا أن هذا لا یمنع الشهود من اللجوء إلى أسالیب المماطلة والتسویف لتعطیل الفصل فی الدعوى عن طریق التأجیل المتکرر للمرافعة بسبب عدم حضورهم کما لو سافر الشاهد أثناء علمه باستدعائه من قبل المحکمة للإدلاء بشهادته أو ادعى بالمرض الذی یؤثر على ذاکرته وغیرها من الأسالیب التی یلجأ ألیها لتأجیل المرافعة.
الخاتمــــة
بعد الانتهاء من کتابة موضوع البحث لابد أن نختم هذه الدراسة بخاتمة نوجز فیها أهم ما توصلنا ألیه من نتائج وما قدمناه من مقترحات وکالاتی :-
أولاً : النتائج
من النتائج التی توصلنا ألیها فی هذا الدراسة ما یأتی :
1- أن تأجیل المرافعة قرار قضائی تتخذه المحکمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من الخصوم أو احدهم لأسباب مشروعة وحقیقیة تثبت فی محضر جلسة المرافعة ذاتها بموجبه ینقل نظر الدعوى من الجلسة الحاضر إلى جلسة تالیة محددة بیوم معین .
2- أن تأجیل المرافعة باعتباره أجراء قضائی قد یتخذ صورة قرار تتخذه المحکمة من تلقاء نفسها عندما تجد أن حسن سیر العدالة یتطلب ذلک ،وقد یکون بصورة طلب من جانب احد الخصوم وموافقة المحکمة على هذا الطلب متى اقتنعت بالأسباب التی أوردها طالب التأجیل فی طلبه .
3- لقد توصلنا إلى أن التأجیل التعسفی هو الذی تقرره المحکمة من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب بدون وجود أسباب جدیة تبین فی محضر الجلسة بقصد تأخیر الفصل فی الدعوى سواء أکان قرار أم طلب التأجیل لأول مرة أو لعدة مرات وسواء لذات السبب أو لأسباب مختلفة فی کل مرة .
4- إن التأجیل التعسفی یتخذ حالات عدیدة فقد یکون بدون سبب مشروع أو تکرار التأجیل دون إن تقتضی العدالة ذلک أو قد یتخذ التأجیل التعسفی حالة تجاوز المیعاد القانونی دون إن تقتضی حالة الضرورة ذلک .
5- أن التعسف فی استعمال الحق فی التأجیل قد یأتی من جانب الخصوم أو من القاضی أو قد یأتی من قبل أشخاص یعتبرون من الغیر بالنسبة لأطراف الدعوى ألا أنهم أطرافاً فی الخصومة ،وصدور السلوک التعسفی من أیاً من هؤلاء یتخذ مظاهر متنوعة .
6- قیام المسؤولیة عن التأجیل التعسفی وما یترتب علیها من آثار کجزاء الغرامة والتعویض ،کما قد أتضح لنا أن الجزاء الإجرائی المناسب لمواجهة التعسف فی طلب التأجیل هو جزاء عدم القبول لما فیه من دور وقائی من الآثار السلبیة التی تنشأ نتیجة التعسف فی استعمال حق طلب التأجیل .
ثانیاً : التوصیات
لقد خلصنا من خلال البحث إلى أهم التوصیات الآتیة :
1- أن أجازة المشرع للمحکمة رفض اللوائح والمستمسکات المقدمة من قبل الخصوم بعد الموعد المحدد لها بدون عذر مشروع یساعد الخصوم على المماطلة والتسویف إذ قد تکون تلک اللوائح والمستمسکات منتجة فی الدعوى ولا تستطیع المحکمة – التی تکون قد قطعت شوطاً طویلاً فی نظر الدعوى – من الفصل فی الدعوى بدونها التی سبق لها أن رفضتها مما قد یدفعها إلى تکلیف الخصوم بتقدیمها مجدداً وهذا یتطلب من المحکمة أن تؤجل المرافعة وهذا ما یضع الکرة فی ملعب الخصم فقد یطلب التأجیل لعدة مرات لإحضار تلک اللوائح والمستمسکات وبذلک یکون هذا الخصم قد حقق ما یصبوا ألیه وهو أطالة أمد إجراءات التقاضی أضراراً بخصمه وذلک نظراً لما یترتب على بطء إجراءات التقاضی من زیادة النفقات وضیاع الوقت والجهد تکون بالتالی تأثیرها على قیمة الحق الموضوعی محل الحمایة القضائیة ،لذلک نأمل من المشرع العراقی لتفادی هذه الآثار تعدیل نص الفقرة (1) من المادة (59) من قانون المرافعات وجعلها وفق الصیغة الآتیة ( على الخصوم أن یقدموا لوائحهم ومستمسکاتهم قبل الجلسة الأولى من المرافعة أو فی المواعید التی تحددها المحکمة وإذا قدمت بعد ذلک بدون عذر مشروع تثبت أسبابه فی محضر الجلسة وجب على المحکمة أن تفرض غرامة لا تقل عن ثلاثة أضعاف الرسم المدفوع عن الدعوى ولا تزید على خمسة أضعافه کما لها أن تستوضح من الطرفین عن الأمور التی تراها مبهمة أو أن فی إیضاحها فائدة لحسم الدعوى ) .
2- من أجل عدم تعسف الخصوم فی تجزئة مستنداتهم أو لوائحهم لإطالة أمد التقاضی من خلال طلباتهم بتأجیل المرافعة لتقدیم بعض هذه المستندات ،لذلک ولمواجهة مثل هذا السلوک التعسفی للخصوم فی طلب التأجیل نأمل من المشرع العراقی إضافة فقرة جدیدة إلى المادة (59) من قانون المرافعات تکون فقرة ثانیة وفق الصیغة الآتیة ( 2- یجب على الخصوم عدم تجزئة المستمسکات واللوائح المطلوب تقدیمها وفق الفقرة (1) من هذه المادة ألا لعذر مشروع تبین أسبابه فی محضر الجلسة وألا تعرضوا لجزاء الغرامة المنصوص علیة فی تلک الفقرة 3-... 4-.... ) .
3- من أجل تقلیل حالات تأجیل المرافعة الراجعة لعیب إجراءات التبلیغ القضائی وسد باب المماطلة والکید أمام الخصوم للحد من تعسفهم فی عدم أتمام التبلیغات بصورة صحیحة نأمل من المشرع العراقی تعدیل نص المادة (28) من قانون المرافعات بحیث یکون وفق الصیغة الآتیة ( 1- یقوم بالتبلیغ من تُکلفه المحکمة لذلک وعلى الخصوم أو ممثلیهم ووکلائهم القیام بما یساعد على تسهیل إجراءات التبلیغ بصورة صحیحة .2- أذا کان بطلان التبلیغ بسبب تقصیر القائم بالتبلیغ أو عدم تعاون الخصوم أو ممثلیهم أو وکلائهم وفق ما اقتضته الفقرة السابقة تفرض المحکمة على المتسبب بهذا البطلان غرامة لا تقل عن ضعف الرسم المدفوع عن الدعوى ولا یزید على ثلاثة أضعافه ) حیث أن النص المقترح یفرض واجباً قانونیاً على الخصوم على أظهار دور ایجابی لتسهیل عملیة أجراء التبلیغ القضائی بشکل صحیح وألا تعرضوا إلى جزاء الغرامة مما یشکل رادع لحث الخصوم على تقدیم المساعدة والمعاونة للقائم بالتبلیغ على نحو یبعد الخصوم عن أسالیب المراوغة والخداع التی تهدف إلى عرقلة أتمام التبلیغ وما یتطلبه أعادة إجرائه من تأجیلات للمرافعة تکون محصلتها النهائیة تعطیل الفصل فی الدعوى وإطالة أمد إجراءات التقاضی .
4- ولکی لا یستعمل الخصم الدفع بعدم الاختصاص النوعی کوسیلة للتعسف فی تأجیل المرافعة وما یترتب على ذلک من تأخیر حسم الدعوى وهدر الإجراءات والنفقات والوقت ،نأمل من المشرع العراقی تعدیل نص المادة (77) من قانون المرافعات وجعلها وفق الصیغة الآتیة ( الدفع بعدم اختصاص المحکمة بسبب عدم ولایتها أو بسبب نوع الدعوى أو قیمتها یجوز إبداؤه فی أی حالة تکون علیها الدعوى وللمحکمة أثارته من تلقاء نفسها ألا أذا کانت الدعوى قد تهیأت للفصل فی موضوعها ) .
5- نأمل من المشرع العراقی أن یحذو حذو المشرع الفرنسی فی رفض الدفع بإحالة الدعوى لارتباطها بدعوى مقامه أمام محکمة أخرى أذا کانت الدعوى المحالة جاهزة للفصل فیها وذلک للحد من تعسف الخصوم من اللجوء إلى هذا الطریق لتأخیر الفصل فی الدعوى نظراً لما تتطلبه الإحالة للارتباط من تأجیل المرافعة ،لذلک نقترح إضافة فقرة تکون (2) للمادة (75) من قانون المرافعات تکون وفق الصیغة الآتیة ( 2- للمحکمة أن ترفض طلب الخصم بإحالة الدعوى للارتباط وفق الفقرة (1) من هذه المادة أذا کانت الدعوى قد تهیأت للفصل فیها ) .
6- نأمل من المشرع العراقی لتفادی تعسف القاضی فی استعمال حقه بالتنحی بقصد تأجیل المرافعة وتأخیر الفصل فی الدعوى إضافة فقرة ثانیة إلى المادة (94) من قانون المرافعات تکون وفق الصیغة الآتیة ( 2- أذا کان طلب التنحی بقصد تأخیر الفصل فی الدعوى تطبق أحکام الفقرة (3) من المادة (291) من هذا القانون ) .
7- نأمل من المشرع العراقی أن ینقل نص المادة (292) من مشروع قانون الإجراءات المدنیة إلى قانون المرافعات الحالی حیث تنص هذه المادة على أنه ( أذا قصد من الدعوى أو الطلب أو الدفع فیها لمجرد الکید وجب الحکم على الطرف الذی قصد من ذلک بغرامة وتعویض مناسب تقدر المحکمة من تلقاء نفسها دون الحاجة للاستعانة بخبیر لصالح الطرف الأخر أذا طلب ذلک وذلک فی الدعوى نفسها ) حیث أن هذا النص یمنح القاضی سلطة فرض جزاء الغرامة على الخصم عن جمیع الدعاوى والطلبات والدفوع الکیدیة التی یقصد منها تعطیل حسم الدعوى وذلک بتأخیر إجراءاتها أطول وقت ممکن حیث النص لم یقتصر على حالة التعسف فی التأجیل بل جاء لیشمل کل طلب أخر أو دفع یقصد به مقدمه مجرد أطالة إجراءات التقاضی .
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Firstly: legal books
1. Ibrahim Al-Mashahadi, General Principles in the Court of Cassation Court of Civil Procedure, Al-Jahiz Press, Baghdad, 1990.
2. Dr. Ibrahim Amin El-Nafiaoui, Arbitrariness in Litigation, 1, Dar al-Nahda al-Arabi, Cairo, 2006.
3. Dr. Ibrahim Amin Al-Nafiaoui, The Responsibility of the Opponent for the Proceedings, Comparative Study of the Law of Pleadings, I, No Place of Publication, 1991.
4. Dr. Ahmed Ibrahim Abdel-Tawab, General Theory of Abuse in the Use of the Right of Jurisprudence, I, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 2005.
5. Dr. Ahmed Abu Al-Wafa, Theory of Judgments in the Law of Pleadings, I 2, Knowledge Establishment, Alexandria, 1964.
6. Dr. Ahmed Sadqi Mahmoud defendant and the phenomenon of slow litigation, Dar al-Nahda Arab, Cairo, 1994.
7. Ahmed Nashat, Letter of Evidence, C2, I 7, No Place published, 1972.
8. Ahmed Heba, The Encyclopedia of the Principles of Cassation in Pleadings in 40 Years, I, World Books Publishing, Cairo, 1979.
9. Dr. Adam Wahib al-Nadawi, Civil Proceedings, Baghdad University Press, 1988.
10. Dr. Osama Ahmed Shawki El Meligy, Board of Discipline and Jurisdiction of the Judiciary, Dar Al-Nahda Al Arabiya, Cairo, 2005.
11. Imam Hafiz Ahmad bin Ali Ibn Hajar al-Askalani, Fath al-Bari in Sharh Sahih al-Bukhari, 4, 3, Dar es Salaam Library, Riyadh, 2000.
12. Dr. Jamil Cherkaoui, The General Theory of Commitment, 1, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1995.
13. Dr. Hassan Kira, Origins of Law, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1957.
14. Dr. Said Abdel-Karim Mubarak, d. Adam Wahib al-Nadawi, Civil Proceedings, Baghdad University Press, 1984.
15. Dr. Ramadan Abu Al-Saud, Foundations of Evidence in Civil and Commercial Materials, University House, Cairo, 1985.
16. Dr. Saadoun Al Ameri, Compensation for Damage in Tort Liability, Publications of the Legal Research Center, Baghdad, 1981.
17. Dr. Saadoun Naji Al-Qashtini, Judgments, C1, Al-Ma'aref Press, Baghdad, 1976.
18. Sadeq Mehdi Haider, The Lawsuits and the Cursing and the Status of the Civil Procedure Bill, published in the Journal of Adala, No. 4, 2001.
19. Dr. Talat Dweidar, Deferral of the Case, Knowledge Establishment, Alexandria, 2003.
20. Dr. Abbas Aboudi, Explanation of the provisions of the Iraqi Evidence Law, I 2, University of Mosul, 1997.
21. Dr. Abbas Aboudi, Explanation of the provisions of the law of pleadings, Dar al-Kitb for printing and publishing, University of Mosul, 2000.
22. Dr. Abdel Basset Ghali, Principles of Pleadings in the New Procedural Law, Arab Thought House, Cairo, 1980.
23. Dr. Abdul Baqi al-Bakri, Zuhair al-Bashir, Introduction to the study of law, printed University of Baghdad, 1980.
24. Abdul Rahman Al-Alam, Explanation of the Civil Procedure Code, C2, Al-Ani Press, Baghdad, 1972.
25. Abdul Rahman Al-Alam, Explanation of Civil Procedure Law, C4, Al-Zahraa Press, Baghdad, 1990.
26. Dr. Abdul Razzaq Al-Sanhoury, Al-Waseet in Explaining Civil Law, C2, Sources of Compliance, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1964.
27. Dr. Abdul Majid al-Hakim, d. Abd al-Baqi al-Bakri, Muhammad Taha al-Bashir, Al-Wakiz in the Theory of Compliance in Iraqi Civil Law, Sources of Compliance, C1, Dar al-Kutab for Printing and Publishing, University of Mosul, 1980.
28. Izz al-Din al-Dinasuri, d. Abdulhamid Al-Shuaribi, Civil Responsibility in the Light of Jurisprudence and Judiciary, Cairo Modern Printing Press, Cairo, 1988.
29. Dr. Azmi Abdel Fattah, Towards a General Theory of the Case of the Civil Court, No Place of Publication, 1986.
30. Dr. Ali Awad Hassan, Adultery Procedures and Methods of Confrontation, University Publications House, Alexandria, 1996.
31. Dr. Fares Ali Omar Al-Jarjari, Judicial Notices and their Role in the Resolution of the Civil Case, i., Knowledge Establishment, Alexandria, 2007.
32. Dr. Fathi al-Duraibi, The Theory of Abuse in the Right, Damascus, 1977.
33. Dr. Fathi Wali, Mediator in the Civil Judiciary Law, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1987.
34. Judge Rahim al-Ukaili, Objection to the Absentee Judgment and the Objection of Others in Civil Procedure Law, Sabah Library, Baghdad, No Year Printed.
35. Dr. Mohammed Sakhal al-Mughabi, The provisions of the contract of sale in Islamic jurisprudence, al-Maliki, I, Dar Ibn Hazm, Beirut, 2001.
36. Dr. Mahmoud Jamal Al-Din Zaki, Al-Wijeez in the General Theory of Pledges, 3, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1978.
37. Medhat Al-Mahmoud, Explanation of Civil Procedure Law and its practical applications, C1, Baghdad, 1994.
38. Dr. Nabil Ibrahim Saad, Introduction to the Study of Law, Theory of Right, Knowledge Establishment, Alexandria, 2001.
39. Dr. Nabil Ismail Omar, Judicial Papers Declaration, I, Alexandria Knowledge Establishment, 1981.
40. Dr. Nabil Ismail Omar, Waste disposal, and the economics of wage earners, study in the law of civil and commercial proceedings, New University House, Alexandria, 2008.
41. Dr. Naguib Ahmad Abdullah Al-Jabali, Abuse of the Right to Work, Modern University Office, Sana'a, 2006.
42. Dr. Wagdy Ragheb, The General Theory of Judicial Work, Vol. 1, Al Ma'aref Establishment, Alexandria, 1974.
Secondly: Legal Research
1. Dr. Anwar Sultan, Theory of Abuse of Property Rights, Research published in the Journal of Law and Economics, (no mention), 1947.
2. Dr. Jayyed al-Dulaimi, Response of Objection in Form, Research published in Al-Rafidain Journal of Law, No. 33, 2007.
3. Dr. Salah al-Din Abdel Wahab, the malicious lawsuit, research published in the Egyptian Law Journal, No. 6, 1954.
4. Dr. Abbas Al-Aboudi, Civil Liability resulting from Judges' Work, Research published in Al-Rafidain Journal of Law, No. 7, 1999.
5. Dr. Abbas Al-Abboudi, Simplification of Civil Proceedings, Research published in Al-Rafidain Law Journal, No. 2, 1997.
6. Dr. Abdul Basset Ghali, Abuse in the Field of Law, Research published in the Journal of Law and Economics, Special Issue 1983.
7. Dr. Ammar Saadoun Al-Mashhadani, Legal Proceedings and Legal Basis, Research published in Al-Rafidain Law Journal, Faculty of Law, University of Mosul, Issue 30, 2006.
8. Dr. Mohamed Zaki Abdel Bar, no harm or harm, and the theory of abuse in the use of the right, research published in the Journal of Law and Economics, no., 1986.
9. Dr. Nawaf Hazem Khaled, Ali Obaid Awaid, Civil Liability for Arbitrariness in the Use of Procedural Rights, Research published in Rafidain, Law, Faculty of Law, University of Mosul, No. 44, 2010.
10. Dr. Wagdy Ragheb, Studies in the Center of the Opposition before the Civil Judiciary, Research in the Journal of Legal and Economic Sciences, No. 1, 1976
Thirdly: Theses
1. Jalil Al-Saadi, Ensuring the Right of Defense during the Proceedings of a Civil Case, Comparative Study, Master Thesis Presented to the Faculty of Law, Baghdad University, 1970.
2. Ali Obaid Awaid Al-Hadidi, Abuse of the Procedural Right in a Civil Case, Comparative Study of Master Thesis Submitted to the Faculty of Law, University of Mosul, 2007.
Fourthly: Laws:
1) Iraqi Civil Code No. (40) for the year 1951 amended.
2) Iraqi Civil Procedure Law No. (83) of 1969 Amended.
3) Iraqi Law No. (173) for the year 1965.
4) Iraqi Evidence Law No. (107) for the year 1979 amended.
5) Iraqi Transport Law No. (80) for the year 1983 amended.
6) Egyptian Civil Code No. (131) for the year 1948 amended.
7) Egyptian Civil and Commercial Procedural Law No. (13) for the year 1968 amended.
8) Egyptian Evidence Law No. 25 of 1968.
9) Egyptian Law No. (17) for the year 1983.
10) Jordanian Civil Procedure Law No. (24) for the year 1988 amended.
11) Jordanian Evidence Law No. (30) of 1952 amending.
12) French Civil Procedure Code No. (1123) for the year 1975 amending.
أولاً: الکتب القانونیة
ثانیاً: البحوث القانونیة
ثالثاً: الرسائل الجامعیة
رابعاً: القوانین:
1) القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 المعدل.
2) قانون المرافعات المدنیة العراقی رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
3) قانون المحاماة العراقی رقم (173) لسنة 1965.
4) قانون الإثبات العراقی رقم (107) لسنة 1979 المعدل.
5) قانون النقل العراقی رقم (80) لسنة 1983 المعدل.
6) القانون المدنی المصری رقم (131) لسنة 1948 المعدل.
7) قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری رقم (13) لسنة 1968 المعدل.
8) قانون الإثبات المصری رقم (25) لسنة 1968.
9) قانون المحاماة المصری رقم (17) لسنة 1983.
10) قانون أصول المحاکمات المدنیة الأردنی رقم (24) لسنة 1988 المعدل.
11) قانون البینات الأردنی رقم (30) لسنة 1952 المعدل.
12) قانون الأجراءات المدنیة الفرنسی رقم (1123) لسنة 1975 المعدل.