الملخص
ان التصرفات القانونیة هی السبب الاوسع لانشاء حق الملکیة العقاریة وانتقالها، ولکنها غیر قادرة على ذلک الا من وقت مراعاة الشکلیة المفروضة فی القانون، إذ ان للشکلیة اثر منشیء فی هذه الحالة.
بید ان الشکلیة قد تجرد من هذا الدور، فیقتصر اثرها على الکشف عن هذه الحقوق، وهذا ما نجده فی الوقائع القانونیة، فالالتصاق والشفعة هما سببان من اسباب کسب الملکیة العقاریة، إذ تنشأ الملکیة عنهما وقت تحقق شروطهما من دون الحاجة الى مراعاة الشکلیة، لان القانون أوجب مراعاتها الشکلیة فی التصرفات من دون الوقائع.
فضلاً عن ذلک فقد تنشأ حق الملکیة العقاریة من اسباب أخرى غیر التی ذکرته التشریعات المدنیة : (العقد ، الالتصاق، الشفعة، الحیازة)، فانه قد ینشأ عبر التشریعات والقرارات الاداریة وقرار القضاء، وقد تکون هذه الاسباب منشئاً لحق الملکیة لا مقرراً له. إذ ان التشریع أو القرار الاداری قد یحدد ارکان وشروط نشوء الحق، فان تحققت تنشأ الحق مباشرة من دون الحاجة الى أی اجراء آخر، وبالنسبة الى قرار القضاء، فاذا أصدر القاضی قراراً بناء على سلطته التقدیریة لانشاء حق لمصلحة شخص معین، فمتى حاز القرار درجة البتات انشأ الحق، وعلى الجهة المختصة تسجیل الحق منذ ذلک الوقت، ویدل هذا على ان اثر التسجیل یقتصر على ثبوت الحق لیس إلا.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
الأثر الکاشف للتسجیل فی نقل ملکیة العقار -دراسة تحلیلیة مقارنة -(*)-
The detector effect of recording the transfer of ownership of the property - A Comparative Analysis Study -
بَمو برویز خان الدلوی کلیة القانون والسیاسة-جامعة السلیمانیة Bemo Pervez Khan Al-Dalwi College of Law and Politics-University of Sulaymaniyah Correspondence: Bemo Pervez Khan Al-Dalwi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 2/10/2012*** قبل للنشر فی 1/11/2012.
(*) Received on 2/10/2012 *** accepted for publishing on 1/11/2012.
Doi: 10.33899/alaw.2013.160739
© Authors, 2013, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
ان التصرفات القانونیة هی السبب الاوسع لانشاء حق الملکیة العقاریة وانتقالها، ولکنها غیر قادرة على ذلک الا من وقت مراعاة الشکلیة المفروضة فی القانون، إذ ان للشکلیة اثر منشیء فی هذه الحالة.
بید ان الشکلیة قد تجرد من هذا الدور، فیقتصر اثرها على الکشف عن هذه الحقوق، وهذا ما نجده فی الوقائع القانونیة، فالالتصاق والشفعة هما سببان من اسباب کسب الملکیة العقاریة، إذ تنشأ الملکیة عنهما وقت تحقق شروطهما من دون الحاجة الى مراعاة الشکلیة، لان القانون أوجب مراعاتها الشکلیة فی التصرفات من دون الوقائع.
فضلاً عن ذلک فقد تنشأ حق الملکیة العقاریة من اسباب أخرى غیر التی ذکرته التشریعات المدنیة : (العقد ، الالتصاق، الشفعة، الحیازة)، فانه قد ینشأ عبر التشریعات والقرارات الاداریة وقرار القضاء، وقد تکون هذه الاسباب منشئاً لحق الملکیة لا مقرراً له. إذ ان التشریع أو القرار الاداری قد یحدد ارکان وشروط نشوء الحق، فان تحققت تنشأ الحق مباشرة من دون الحاجة الى أی اجراء آخر، وبالنسبة الى قرار القضاء، فاذا أصدر القاضی قراراً بناء على سلطته التقدیریة لانشاء حق لمصلحة شخص معین، فمتى حاز القرار درجة البتات انشأ الحق، وعلى الجهة المختصة تسجیل الحق منذ ذلک الوقت، ویدل هذا على ان اثر التسجیل یقتصر على ثبوت الحق لیس إلا.
Abstracts
The legal actions are the widest causes of the establishment and transfer of the right of ownership of a property, but they are not able to do so until from the time of taking into account the formalities imposed by law, as the formality has a creative impact in this case.
However, the formalism may be stripped of this role, its impact is limited to the detection on these rights, and this is what we find in the legal facts. Adhesion and preemption are two reasons on the reasons for winning property of ownership, so that the ownership arises there from the time that the conditions have been met without the need to take into account the formality, because the law ruled that the formalities have to be taken into account in actions not in facts.
In addition, the right of ownerships that may arise from other causes other than those mentioned in civil legislations: (contract, adhesion, pre-emption, tenure), it may be established through the legislation, administrative decisions and the decision of judiciary, these reasons may establish the right of property not simply revealing it.
The legislation or the administrative decision may determine the pillars and conditions for establishing the right, if achieved the right is established directly without need for any further action, as well as in relation to the decision of judiciary, if the judge issued a decision based on his discretion to establish a right for the benefit of a particular person, when the decision becomes final it establishes the right, and the concerned authority has to register the right in that time, and this indicates that the impact of registration is detection of the right and nothing else.
المقدمــة
سنوضح مقدمة هذا البحث عبر الفقرات الآتیة :
أولاً / مدخل تعریفی بموضوع البحث :
یعد حق الملکیة العقاریة من اهم انواع الحقوق العینیة العقاریة، فانه یمثل الثروة الاقتصادیة الهائلة، وان تکاثر الانسان والتطور الحاصل فی المجتمع بسبب انشاء المشاریع والمصانع الضخمة ادى الى زیادة الحاجة الى ملکیة العقارات، الأمر الذی دعا إلى زیادة توجه الناس الیها.
لا یصبح الشخص مالکاً للعقار من دون أن یکون هناک سبب من أسباب کسب الملکیة، فقد تُکتسب الملکیة بالعقد کما وقد تُکتسب بالمیراث و الوصیة وقد تکتسب بالشفعة وبالحیازة وبالإلتصاق أو بأی سبب آخر.
ونظراً لاهمیة العقارات فإن المشرع وضع قیوداً للحقوق والتصرفات التی تتعلق بها فی السجل العقاری، ولحمایة ذوی الشأن والغیر على حد سواء، وجعل للشکلیة دور منشىء للحقوق العینیة العقاریة، الا ان أسباب لکسب الملکیة تجرد الشکلیة من هذا الدور، فیصبح لها دوراً کاشفاً، وهذا ما سنعنی به فی هذا البحث.
ثانیاً / مشکلة البحث :
تکمن مشکلة البحث فی الاجابة على التساؤلات الآتیة :
1-ذهب بعض الفقهاء الى أن الآثار التی تترتب على الشکلیة فی نقل ملکیة العقار هی الاثر المنشىء ، فهل أن آثارها دائماً تکون منشئة؟ وهل أن ملکیة العقار دائماً تنشأ من الاجراءات الشکلیة فی دائرة التسجیل العقاری؟.
2- تناول الفقهاء أغلبهم بحثوا فی الآثار المنشئة للشکلیة فی نقل حق ملکیة العقار، وعند بحثهم فی دورها فی دائرة التصرفات القانونیة، إذاً فما هی دورها بالنسبة للوقائع المنشئة لحق الملکیة ؟
3-إن المشرع العراقی أشار الى الشکلیة فی دائرة التسجیل العقاری بأنها رکن من ارکان التصرفات القانونیة، الا ان هناک اسباباً لاکتساب حق التسجیل، فما هی هذه الاسباب؟
4-ذکر المشرع العراقی اسباب کسب الملکیة بین الاحیاء، وهی الالتصاق والعقد والشفعة والحیازة، فهل هذه الاسباب جاءت على سبیل الحصر، أم لکسب ملکیة العقار؟
ثالثاً / نطاق البحث:
ینحصر موضوع البحث فی بیان دور الشکلیة فی اسباب کسب الملکیة ما بین الاحیاء التی تشمل الالتصاق والشفعة مع بیان کل من التشریع، والاحکام القضائیة، والقرار الاداری أسباب مباشرة لنشوء حق الملکیة، علیه فالتصرف القانونی لایدخل فی نطاق البحث لأن التسجیل رکن من ارکانها، وهکذا بالنسبة لاسباب کسب الملکیة بسبب الوفاة (المیراث والوصیة)، ونظراً لسعة الموضوع نتجنب البحث عن تفاصیل القواعد العامة إلا بقدر تعلقه بموضوع هذا البحث.
رابعاً / منهجیة البحث:
سوف نعتمد فی کتابة هذه الدراسة على أسلوب المنهج التحلیلی المقارن إذ ستتم المقارنة بین القانون المدنی العراقی وکل من القانون المدنی المصری والقانون المدنی الأردنی کلما دعا ذلک.
خامساً / خطة البحث :
سنبحث فی موضوع الأثر الکاشف للتسجیل فی ثلاثة مباحث، نبدأ فی هذا الموضع بالإشارة العابرة الى معنى الشکلیة وأثرها الاصلی والاحتیاطی، استکمالاً وامتثالاً لمستلزمات الترابط الموضوعی وذلک فی المبحث الاول، وبعدها نتطرق فی المبحث الثانی الى اثر الواقعة فی نقل ملکیة العقار ، وکذلک نعالج فی المبحث الثالث اثر التشریع والقرار فی نقل ملکیة العقار، واخیراَ نختم هذا البحث باهم الاستنتاجات والتوصیات.
المبحث الاول
الشکلیة وأثرها الاصلی والاحتیاطی فی نقل ملکیة العقار
إن التشریعات التی أخذت بنظام السجل الشخصی، یقتصر اثر التسجیل فیها على کشف الحقوق العینیة العقاریة، الا ان الذی نرید بیانه هو موقف التشریعات التی اخذت بنظام السجل العینی، فیکون للتسجیل یوصف أصلاً منشئا للحقوق العینیة العقاریة، الا ان التسجیل قد لا یؤدی هذا الدور بل یقتصر اثره على کشف الحقوق العینیة العقاریة ومن ضمنها حق الملکیة، ونعالج هذین الأمرین فی هذا المبحث، ولکن قبل بیان هذین الاثرین یستلزم علینا بیان معنى الشکلیة فی نقل ملکیة العقار، علیه سنوزع هذا المبحث على مطلبین: نبین فی الاول معنى الشکلیة فی نقل ملکیة العقار، وفی الثانی الاثر الاصلی والاحتیاطی للاجراءات الشکلیة.
المطلب الاول
معنى الشکلیة فی نقل ملکیة العقار
ان الشکل بمعناه الدقیق هو ما فرضه المشرع، وهو ماسماه بعض الکتاب الشکل غیر الحر، لذا یخرج من نطاقه الشکل الحر أو الشکلیة غیر التامة التی تعد تطبیقاً لمبدأ الرضائیة، فهی قد تبدو فی صورة لفظ أو کتابة أو إشارة متداولة عرفاً، أو تتخذ أی مسلک لا یثیر لبساً فی دلالته علیها، فالشکلیة التی نقصدها، تعد صورة خاصة للتعبیر عن الإرادة، ومن هنا فإن المشرع لا یعتد بالإرادة إلا إذا ظهرت إلى العالم الخارجی فی الشکل المفروض من المشرع، وتعد الشکلیة المفروضة فی التصرفات العقاریة نوعاً من انواع الشکلیة المفروضة فی القانون، إذ ان التصرفات الواردة على عقار مثلاً کإنشاء الحقوق العینیة، أو نقلها، أو تغییرها، أو زوالها لا یترتب علیها هذا الأثر إلا بعد مراعاة الشکلیة المقررة فی القانون.
فالملکیة فی العقار لا تنتقل بمجرد التراضی أو بتوافر الشروط القانونیة التی تقتضیها القواعد العامة فی العقد ، وإنما لابد من تسجیل العقد فی دائرة التسجیل العقاری ، وهذا ما نص علیه بعض التشریعات من أن بیع العقار لا ینعقد إلا إذا سجل فی الدائرة المختصة واستوفى الشکل الذی نص علیه القانون.
یتبین من ذلک أن الشکلیة رکن جوهری فی عقد بیع العقار ، وبناءً على ذلک فإن العقد لا یتم إلا فی لحظة اتمام الشکلیة فی دائرة التسجیل العقاری ولا تنشأ الملکیة ولا تنتقل إلا بعد مراعاة هذه الشکلیة. إذ تتم إجراءات التصرفات العقاریة فی دائرة التسجیل العقاری. بید أن القانون العراقی لم یتسم بالوضوح فی مسألة تحدید الشکلیة المفروضة فی التصرفات العقاریة.
وعلى الرغم من أن الفقهاء قد اتفقوا على ان الشکلیة رکن من ارکان التصرفات العقاریة، الا انهم اختلفوا حول معنى الشکلیة، فذهب الفقهاء أغلبهم الى ان الشکلیة فی التصرفات العقاریة تتمثل فی التسجیل فی دائرة التسجیل العقاری، فاذا لم یتم التسجیل فی هذه الدائرة فلاینتج عنها اثارها القانونیة. یساند هذا الرأی قرار محکمة التمییز العراقی فیما یتعلق بالرهن التأمینی.
وهناک رأی آخر، ونحن نؤیده، یرى الى انه بعد ان یتم التسجیل یعد العقد منعقداً من تاریخ الإقرار، إذ ان الشکلیة تتمثل فی الإقرار أمام الموظف الذی یعد شکلاً للتعبیر عن الإرادة توجد التصرفات به حصراً ولا توجد بأی وسیلة أخرى من وسائل التعبیر. أما فیما یتعلق بالتسجیل فی السجل العقاری فهو مجرد إجراء لإشهار العقد لا علاقه له بتکوینه. إذ ان المادة (109) من قانون التسجیل العقاری اشارت الى التصرف القانونی بمجلس عقد واحد بإیجاب وقبول طرفی العقد أومن ینوب عنهما أمام الموظف المختص. وعلى الرغم من ان القول الاخیر یتعارض مع نصوص قانونیة کثیرة، قد صرحت بأن التصرفات العقاریة لا تنعقد إلا بالتسجیل فی دائرة التسجیل العقاری ، الا ان المادة (109) تعد نصا خاصا مقارنة بالنصوص القانونیة الاخرى. لذا لا یمکن تطبیق هذه النصوص مع وجود نص خاص فی قانون التسجیل العقاری یتعارض معها.هذا من جهة ومن جهة ثانیة، فان المادة (3/ ف2) من قانون التسجیل العقاری، تتعارض معها، الا ان هذه المادة جاءت ضمن الاحکام التمهیدیة، إذ انها وردت قبل المادة (109)، لذا یستلزم تطبیق النص اللاحق ولیس النص السابق.
اذن ان مصدر الحقوق العقاریة فی التشریع العراقی هو الاتفاق الذی تم فی دائرة التسجیل العقاری نفسها وبحضور الموظف المختص، وتوقیع الطرفین علیه ومصادقة الموظف المختص على ذلک کله، وقد تبنى المشرع المصری مسلکاً مشابهاً فی قانون السجل العینی الصادر سنة 1964، إذ نصت المادة (26) منه على ان (جمیع التصرفات التی من شأنها إنشاء حق من الحقوق العینیة الأصلیة... یجب قیدها فی السجل العینی). أما بالنسبة لموقف المشرع الاماراتی، فقد نصت المادة (9) التسجیل العقاری بانه (یجب ان تسجل فی السجل العقاری جمیع التصرفات التی من شأنها انشاء حق عقاری...ولایعتد بهذه التصرفات إلا بتسجیلها فی السجل العقاری)، ونصت المادة (3) من قانون تنظیم السجل العقاری المبدئی على انه (تسجل فی السجل العقاری المبدئی جمیع التصرفات...ویقع باطلا البیع وغیره من التصرفات القانونیة... إذا لم یتم تسجیل هذه التصرفات فی ذلک السجل). ویثور تساؤل هل الشکلیة تتمثل فی التسجیل فی السجل العقاری المبدئی أم السجل العقاری؟ نرى بأن التصرفات القانونیة قد تتم بتسجیلها فی السجل العقاری المبدئی قبل تسجیلها فی السجل العقاری الذی هو، یمثل الإشهار، لان القانون الذی ینظم السجل العقاری المبدئی لاحق للقانون الاخر، واللاحق یلغی السابق لانهما یتسمان بنفس الصفة.
وعلى الرغم من أننا نؤید الرأی القائل بان الشکلیة التی تعد سبباً منشئاً لحق الملکیة، فی القانون العراقی، تتمثل فی الاقرار أمام الموظف المختص فی دائرة التسجیل العقاری، إلا أن هذا المعنى للشکلیة یقتصر على دائرة التصرفات القانونیة استناداً الى التسویفات التی وضحناه فی اعلاه، أما معنى الشکلیة فی نطاق الوقائع القانونیة فتتمثل فی التسجیل العقاری، لان انتقال الملکیة بسبب الوقائع القانونیة لا عن طریق الاقرار أمام هذا الموظف، طالما لایعتد بارادة اطراف الرابطة المدنیة، مثلا انتقال الملکیة بسبب الالتصاق أو الشفعة أو أی سبب آخر من هذا القبیل، یتحقق بحکم القانون ومن وقت تحقق الواقعة، ولکن لایستطیع المالک التمسک به الا بعد تسجیله فی هذه الدائرة.
المطلب الثانی
الأثر الاصلی والاحتیاطی للاجراءات الشکلیة فی نقل ملکیة العقار
لتوضیح موضوع هذا المطلب نقوم بتقسیمه الى فرعین نعالج فی الفرع الأول الأثر الاصلی للاجراءات الشکلیة، وفی الفرع الثانی الأثر الاحتیاطی للاجراءات الشکلیة.
الفرع الأول
الاثر الاصلی للاجراءات الشکلیة
تعد التشریعات التی أخذت بنظام السجل العینی التصرفات العقاریة من التصرفات الشکلیة التی لاتنعقد إلا إذا روعیت فیها الطریقة المقررة قانوناً من المشرع وبتوقیع المتعاقدین بالسجل العقاری وتصدیق الموظف المختص بعد استیفاء الاجراءات الشکلیة، ویعد بیع العقار غیر المقر أمام الموظف المختص فی دائرة التسجیل العقاری باطلاً وکأن لم یکن ، ولذا لاتنتقل الملکیة الى المشتری بالنسبة الى الغیر وفیما بین ذوی الشأن ، إلا بعد مراعاة هذه الشکلیة.
قضت محکمة التمییز فی قرار (لمشتری العقار خارج دائرة التسجیل العقاری أن یطلب استرداد الثمن ولا یعتبر العربون تعویضا عن النکول إذ العربون لا یکون إلا فی العقود الصحیحة وعقد البیع المذکور باطل لعدم تسجیله فی الدائرة المختصة، وللطرفین رفع دعوى مستقلة بالتعویض وفق المادة 1127 مدنی وهو ما ذهبت إلیه الهیئة العامة لمحکمة التمییز بقرارها المرقم 59/هیئة عامة أولى971) ، ویتضح من هذا القرار انه اعطى الدور المنشىء للحقوق العینیة العقاریة الى التسجیل ولیس الاقرار أمام الموظف المختص.
ان الحقوق العینیة العقاریة التی تقرّ بها اطراف الرابطة المدنیة أمام الموظف المختص فی دائرة التسجیل العقاری تتمتع بقوة إثبات، ولکن هذه الحقوق لایمکن الاحتجاج بها إلا بتسجیلها فی هذا السجل، وإن تم القید فی السجلیعد حجة على الغیر، وهذا یعنی أن هذه الحقوق لایکون لها وجود ولا یعتد بالتصرف الواقع علیها فیما بین ذوی الشأن إلا إذا اقرّها الطرفان أمام موظف التسجیل ولکن لایحق لصاحبها أن یتمسک بها فی مواجهة الغیر إلا بعد إتمام القید فی السجل العقاری، تطبیقاً لمبدأ الثقة فی بیانات السجل العینی، وتهدف هذه الحجیة الى اعطاء الامان التام لکل من یتعامل على المال العقاری وفق البیانات الثابتة فی السجل.
فقد یحصل التعارض بین مصلحة الاغیار فیما یتعلق بحجیة السجل العینی وحجیة الاقرار أمام الموظف المختص، إذ یتمسک البعض منهم بحجیة السجل العینی ویتمسک الآخر بحجیة الاقرار أمام الموظف المختص فنرى بان الافضلیة تکون لمن تمسک بالسجل العینی، فمثلاً لو اقتطع مالک عقار معین جزءً من عقاره وانشأ له صحیفة عقاریة ولکنه لم یؤشر لذلک التغییر فی الصحیفة العقاریة للعقار الاصلی، ثم باع الجزء المتقطع الى مشتری أول، واقرّ به أمام موظف مختص، وباع العقار الاصلی الى مشتر ثان، فیفضل مشتری العقار الاصلی للسبب المذکور أعلاه.
ولو تأملنا فی الفقرات السابقة للاستنتجنا، ان المصدر هو تراضی طرفی التصرف العقاری مع اتمام الشکلیة، ویتمثل هذا الاتفاق فی اقتران إرادة احد الطرفین بإرادة الطرف الآخر بحضور الموظف المختص، وتوقیع الطرفین علیه ومصادقة الموظف المختص على ذلک کله، ویعنی هذا أن الحقوق العینیة العقاریة تنشأ وقت اتمام الشکلیة المقررة فی القانون، وتستند هذه الشکلیة الى توافق الارادتین.
ان الذی سبقناه فی معنى الشکلیة (الاقرار امام موظف مختص)، یصح بالنسبة للتصرفات القانونیة، إذ تنعقد أن هذه التصرفات وقت اقرار اطراف التصرف أمام موظف مختص فی دائرة التسجیل العقاری، أما بالنسبة للوقائع القانونیة، فلما کان الاقرار منعدماً أمام الموظف، لأن الشکلیة هی التسجیل فی هذه الدائرة.
وأخیراً نقول إن الاثر الاصلی للشکلیة الذی بیناه فی اعلاه یتعلق بالتصرفات القانونیة، الا انه یقف هذا الاثر أمام الوقائع القانونیة والتشریعات والقرارات المنشئة للحقوق العینیة العقاریة.
المطلب الثالث
الاثر الاحتیاطی للاجراءات الشکلیة
الى جانب الاثر الاصلی للشکلیة فی نقل ملکیة العقار، یکون لها اثر احتیاطی، وفی حالات استثنائیة محددة، إذ لایکون للشکلیة فیها اثر منشیء للحقوق العینیة العقاریة، بل یقتصر اثرها على الکشف عن هذه الحقوق. على ان الشکلیة فی هذا المجال تهدف الى الکشف عن الحقوق العینیة العقاریة (ملکیة العقار) التی تنشأ عن مصادر أخرى غیر التصرفات القانونیة، بل واکثر من ذلک لایبقى دور لارادة المالک فی نقل ملکیة العقار أو انشائه، ولایبقى أی دور للشکلیة بوصفها سنداً لاکتساب الحقوق.
لا تعد الشکلیة فی هذه الحالات الاستثنائیة-التی سنأتی الیها- سبباً لنقل ملکیة الحقوق العینیة، فضلاً عن أسباب أخرى تعد اسباباً حقیقیة لانتقال الملکیة ، الأمر الذی یؤدی الى ان یکون السبب سببا صحیحاً وسالماً من العیوب. إذ یکون هذا السبب حجة على الناس کافة بما فیها المالک. نظراً لما یسوده الاثر الکاشف للشکلیة، بأنه لایترک أی دور للشکلیة بوصفها سندا لاکتساب الحقوق لذا لاتحقق غرضها فی حمایة المالک والغیر لأنها ماهی الا وسیلة للکشف عن الحقوق التی ترد على العقار، من دون الاعتداد بالحقوق العقاریة المقیدة فی السجل العقاری.
بید القول بالاثر الکاشف للشکلیة العقاریة، لایعنی انه لایبقى أی دور لها ، إذ الحقوق التی تتعلق بالعقار لایتسم بالثبات والاستقرار الا بعد مراعاة الشکلیة المقررة فی القانون، وتطبیقاً لقاعدة (القید المطلق) التی تتمثل فی ان الحقوق الواردة فی السجل العقاری لایمکن الاحتجاج بها إلا بتسجیلها فی هذا السجل، التی تستلزم قید جمیع الحقوق العینیة العقاریة جمیعها فی السجل ، إذ یکون القید فی السجل وجوبی بشأن کافة التصرفات والوقائع القانونیة کافة بشأن الحقوق العینیة العقاریة ، والحقوق التی تم تسجیلها هی وحدها التی یمکن الاحتجاج بها.
إذن اذا کان الفرع السابق یدل على الاثر المنشیء للتسجیل وهذا هو الاصل، بید انه قد لایکون للشکلیة الا اثرا کاشفا، کما اذا نشأ حق الملکیة العقاریة من وقائع قانونیة. لان الشکلیة التی اشترطها القانون إنما تعلق بالتصرفات القانونیة من دون الوقائع، کما هی الحال بالنسبة لاکتساب حق الملکیة بالمیراث، إذ أن الوارث یکتسب حق الملکیة وما فی حکمه من تاریخ وفاة المورث، الا أنه لایحق لهم التصرف فیه الا بعد تسجیله فی السجل العقاری، ولذا إذا قام الورثة باجراء معاملة التسجیل بعد وفاة المورث، فان التسجیل یتم باثر رجعی ینسحب الى تاریخ الوفاة، ولکن لایحق لهم التصرف فی العقار إلا بعد اجراء معاملات التسجیل، ویعنی هذا ان اکتساب الملکیة عبر الوقائع القانونیة لایتسم بالثبات والاستقرار الا بعد تسجیله، وهکذا بالنسبة لحق الملکیة الذی أنشأ عبر التشریع، والاحکام القضائیة، فان اکتساب حق الملکیة یستند الى وقت صدور التشریع وصدور الاحکام الحائزة على درجة البتات.
المبحث الثانی
أثر الواقعة القانونیة فی نقل ملکیة العقار
تنشأ ملکیة العقار عبر روابط مدنیة ، وترجع هذه الروابط إما الى إرادة الإنسان ، فیسمى بـ(التصرفات القانونیة)، أو لا ترجع الى هذه الارادة، فیسمى بـ(الواقعة القانونیة)، فأما الاول فلایعد سببا مباشرا للملکیة، لأن الشکلیة رکنا من ارکانه.
أما الواقعة القانونیة فقد تتم بسبب الوفاة (کالمیراث والوصیة)، او تحصل بین الاحیاء، فتشمل الحیازة والالتصاق والشفعة، ولا تعد الحیازة سببا لکسب ملکیة العقار فی القانون العراقی لانها لاتمنح الحائز حق رفع دعوى الملک، وانما مجرد دفع یستفید منها الحائز، لذا تخرج من نطاق دراستنا.
أما الالتصاق بوصفه واقعة مادیة مکسبة للملکیة فهو على نوعین : أولهما، التصاق طبیعی وهو ما یحدث بفعل الطبیعة ولا دخل لإرادة الإنسان بحدوثه. ثانیهما، التصاق صناعی، الذی یتمثل فی الالتصاق الذی یحدث بفعل الإنسان ، فالالتصاق الطبیعی، فی القانون العراقی، لایؤدی الى کسب ملکیة عقار جدید، وإن تسبب فی انشاء ارض جدیدة بسبب الفیضانات، فانها تعد ملکا للدولة، الامر الذی یخرج هذا النوع من الالتصاق من نطاق هذه الدراسة ایضاً. لذا سنبحث عن اثر کل من الالتصاق الصناعی والشفعة بوصفها سببین منشئین لکسب ملکیة العقار، وفی مطلبین منفصلین.
المطلب الاول
الالتصاق الصناعی سببا منشأ لکسب ملکیة العقار
یکون الالتصاق الصناعی على ثلاث صور، الصورة الاولى، المحدثات المقامة من مالک الأرض بمواد الغیر، الصورة الثانیة، المحدثات المقامة من مالک المواد على ارض الغیر، الصورة الثالثة، المحدثات القامة من الغیر على ارض الغیر. ولا تعد الصورة الاولى سببا لکسب ملکیة العقار. أما بالنسبة للصورتین الاخریین فعالجهما المشرع بالأحکام نفسها، ولم یمیز بین ما اذا کانت المواد اقامت من قبل مالک المواد او من قبل الغیر، ففی هاتین الصورتین قد یصبح الالتصاق سبباً لکسب ملکیة العقار. فالتشریعات المدنیة قد فرقت فی أحکامها بین المحدث سیئ النیّة وبین آخر لدیه الزعم بسبب شرعی فی الإلتصاق الصناعی، فاذا کان المحدث سیىء النیة، فلایکون له کسب ملکیة العقار مطلقاً، لذا تخرج هذه الحالة من نطاق هذا البحث ایضا.
بناءً على ما سبق تبقى امامنا صورة واحدة وهی المحدثات المقامة من شخص على ارض الغیر، سواءً أکان هذا الشخص مالکاً للمحدثات أم شخصاً اجنبیاً عن کل من مالک الارض ومالک المواد، ولمعالجة هذا الموضوع نقوم بتقسیمه الى الفروع الآتیة:
الفرع الاول
أحکام المحدثات المقامة على أرض الغیر بزعم سبب شرعی
هناک افتراضات عدیدة لحدوث حالات الالتصاق فی فروض عدة، الا ان الفرض الذی یثیر التساؤل بشأن دور التسجیل فی انشاء ملکیة العقار یتمثل فی الحالة التی یقیم فیها شخص بزعم سبب شرعی ، محدثات على أرض مملوک للغیر. وتتحقق هذه الحالة بإتحاد منقول بعقار من دون اتفاق بینهما على هذا الاندماج، إذ یتعذر معه الفصل بینهما دون تلف ، فیترتب علیه ان یتملک مالک احد الشیئین الشیء الآخر بقوة القانون. وهذه المواد الذی اندمج بالارض یجب أن تکون من البناء أو الغراس، أو منشآت اخرى. ویشترط لتطبیق أحکام الالتصاق ان لایکون هناک نص قانونی خاص او اتفاق لتنظیم الواقعة، لان احکام الالتصاق بمثابة القواعد العامة لتنظیم هذه الواقعة.
ان المادة (1120) من المدنی العراقی نصت على حکم الحالة السابقة بقولها (إذا احدث شخص بناءً أو غراساً أو منشآت آخرى بمواد من عنده على أرض مملوکة لغیره بزعم سبب شرعی ، فان کانت قیمة المحدثات قائمة اکبر من قیمة الأرض کان للمحدث ان یتملّک الأرض بثمَّن مثلها ، وان کانت قیمة الأرض لا تقل عن قیمة المحدثات کان لصاحب الأرض ان یتملّکها بقیمتها قائمة).
ویلحظ على النص فی اعلاه بان المشرّع قد مدّ حمایة مدنیة للمحدث الذی یعتقد بأن المحدثات التی أقامها کانت بزعم سبب شرعی ، وذلک عبر منحه ان یتملک الارض ببدل مثلها جبرا على صاحبها اذا کانت قیمة محدثاته تزید على قیمة الأرض، استنادا الى قاعدة الاقل یتبع الاکثر. وتعد هذه الحمایة استثناءً على قاعدة صیانة حق الملکیّة التی راعتها کثیر من الدساتیر والقوانین فی العالم.
الفرع الثانی
الاثر المنشیء للالتصاق فی کسب ملکیة العقار
على الرغم من اختلاف آراء الفقهاء حول تکییف الالتصاق الا ان الفقهاء أغلبها ذهبوا الى ان الالتصاق یعد سبباً حقیقیا من اسباب کسب الملکیة، وعالجت التشریعات أغلبها عالجت موضوع الإلتصاق ضمن أسباب کسب الملکیّة ولم تعالجه فی الفصل الخاص بنطاق حق الملکیّة کما فعل المشرّع الفرنسی الذی بسببه أثیرت مشکلة تکییف الملکیّة الناشئة عن الإلتصاق. وللالتصاق دوران هما:
أولهما : یعد الالتصاق قرینة بسیطة على الملکیة، وتقوم هذه القرینة لمصلحة مالک الارض، فیعد انه مالک على ما وجد فی الارض.
ثانیهما : ان الالتصاق سبب من اسباب کسب ملکیة الارض (أو المحدثات)، ویتحقق اذا کان القائم بالمحدثات ذا زعم بسبب شرعی، وکانت المحدثات المتصّلة بأرض الغیر قیمتها أکثر من قیمة الأرض.
وأشارت بعض التشریعات الى ان الالتصاق سبب من اسباب کسب ملکیة العقار، من دون الاشارة الى شرط التسجیل لنقل الملکیة بسبب الالتصاق، أی انها لم یمیز بین العقار المسجل وغیر المسجل، علیه فان الالتصاق یشمل العقار سواءً أکان مسجلا او غیر مسجل، (والمطلق یجری على اطلاقه)، هذا من جهة ومن جهة ثانیة فان القانون اشترط التسجیل شرطاً لنقل ملکیة العقار انما تعلق الامر بالتصرفات دون الوقائع، اذ ان الالتصاق یعد واقعة من دون التصرف، ومعنى ذلک ان النصوص التشریعیة التی اشارت الى الشکلیة (التسجیل) یوصف رکناً مستقلاً لنقل ملکیة العقار، انما قید نطاقها فی التصرفات القانونیة، فجعلت الشکلیة رکناً رابعاً الى فضلاً عن التراضی والمحل والسبب.
والواقعة هی کل عمل مادی بفعل الانسان او بفعل الطبیعة، ویترتب علیها الاثر القانونی الذی یتمثل فی انشاء حق الملکیة.فی حین ان التصرف القانونی هو عمل ارادی محض یتوجه نحو احداث اثر قانونی.
بناء على ماسبق یمکن القول بان سبب نشوء ملکیة العقار یتمثل فی واقعة الالتصاق، فان القانون یقرر حق الملکیة نتیجة واقعة قانونیة اختیاریة، إذ تنشأ الملکیة منذ توفر شروط هذه الواقعة، علیه اذا اقام شخص بناء على ارض مملوک للغیر بحسن نیة، فانه یتملک الارض بالالتصاق، من دون الحاجة الى أی اجراء آخر کرفع الدعوى والتسجیل. فرفع الدعوى یستلزم فی حالة النزاع بشأن الملکیة ، فاذا عرض النزاع أمام المحکمة، فلایکون للقاضی سلطة تقدیریة الا تأکید توفر شروط الالتصاق من عدمه، فاذا تبین للمحکمة ان المواد اندمج بالارض اندماجاً لایقبل الفصل، وان قیمة المواد اکبر من قیمة الارض، علیها ان تصدر حکماً بتملیک صاحب المواد العقار منذ الاندماج.
ویقتصر دور الالتصاق فی انشاء الحقوق العینیة العقاریة على حق الملکیة من دون الحقوق العینیة المتفرعة عن حق الملکیة، فانه غیر قادر على انشاء حق المنفعة وحقوق الارتفاق وما شاکل ذلک.
أما دور الشکلیة فی دائرة التسجیل العقاری فینحصر فی کشف حق الملکیة الذی انشأ وقت اندماج المواد بالارض، إلا أن هذا الحق لایتسم بالثبات الا بالتسجیل، إذ ان الالتصاق هو الذی انشأ الحق، إذ أن صاحب المواد یعد مالکاً من وقت الالتصاق، ولکن لایحق له ان یتصرف فی ملکه الا بعد تسجیله، فاذا تم تسجیله یصبح صاحب المواد مالکا للعقار باثر رجعی، ینسحب الى وقت الالتصاق، إذ یمکن القول بان اثر التسجیل، هنا، یعد استثناء على القاعدة العامة القاضیة بان للتسجیل دورا منشئا للملکیة. وبعد بیان دور الالتصاق فی انشاء حق الملکیة بقی علینا ان نوضح نموذجاً تطبیقیاً للالتصاق بوصفه سبباً منشأ لحق الملکیة.
الفرع الثالث
نموذج تطبیقی للالتصاق بوصفه سبباً منشأ لحق الملکیة (التجاوز على جزء من أرض الجار بحسن نیّة)
للالتصاق تطبیقات کثیرة، الا ان من اهم هذه التطبیقات هی التجاوز على جزء من ارض الغیر، یتحقق هذا الفرض بوصفه تطبیقاً من تطبیقات الالتصاق فیما لو بنى شخص على أرض مملوک له وتعدى ببنائه على جزء یسیر من ارض جاره الملاصق سواءً بسبب خطئه أو خطأ غیره.
على الرغم من ان المشرع العراقی ترک حکم هذا الفرض للقاعدة العامة للالتصاق فی المادة (1120)، الا ان القضاء العراقی یطبق فی بعض أحکامها نص المادة 1119 من القانون المدنی العراقی على تجاوز الجار بالبناء على جزء من أرض جاره إذا ما ثبت ذلک التجاوز على أساس ان المحدث سیئ النیّة دائماً ، إذ کان علیه ان یطلع على التصامیم والخرائط المثبتة فی دائرة التسجیل العقاری ، فهو حجة على الکافة بما هو مثبت فیها ولا یجوز الاحتجاج بما یخالفها. الا ان حکم القضاء العراقی مخالف للمادة (1148) التی تنص على ان (...وحسن مفترض دائما مالم یقم الدلیل على خلاف ذلک)، ویتضح من هذه المادة، انه اشار الى ان حسن النیة مفترض دائما، فی حین ان الحکم السابق جعل الاصل سوء النیة فی التصرفات العقاریة المسجلة، هذا من جهة، ومن جهة ثانیة، ان هذا التجاوز قد لایتجاوز سنتمترات عدیدة بفعل موظفی دائرة التسجیل العقاری، أو عمل المقاول أو العمال، لذلک نرى بان حکم القضاء مخالف للقانون ویجانب العدالة أیضاً. ومن جهة ثالثة، فان حکم القضاء العراقی یجعل صاحب الارض فی مرکز اقوى من صاحب المواد، بل یسمح له ان یستغل صاحب المواد، ویطالبه بتعویض فاحش. کما اذا اقام صاحب المواد عمارة وتجاوز على جزء قلیل فی ارض جاره، وصرف نفقات باهضة، فان حکم القضاء یقف مع صاحب الارض، الامر الذی یؤدی بصاحب المواد الى دفع التعویض المبالغ لیتنازل صاحب الارض عن دعواه.
أما اذا حصل التجاوز بسبب خطأ الموظف فی تعیین الحدود فان القضاء العراقی یطبق حکم المادة (1120) من القانون المدنی، بقوله : (اذا تجاوز اصحاب القطع السکنیة بعضهم بالبناء بسبب خطأ الموظف المختص فی تعیین الحدود بین القطع...لصاحب المنشآت المقامة تملک الارض المتجاوزة علیها اذا کانت قیمة محدثاته اکثر من قیمة هذا الجزء المتجاوز علیه).
أما المشرع المصری فقد نص فی المادة (928) من القانون المدنی على حکم هذه الحالة، التی تنص على انه (إذا کان مالک الأرض وهو یقیم علیها بناء قد جارَ بحسن نیّة على جزء من الأرض الملاصقة ، جاز للمحکمة إذا رأت محلاً لذلک ان تجبر صاحب هذه الأرض على ان ینزل لجاره عن ملکیّة الجزء المشغول بالبناء وذلک نظیر تعویض عادل)، ویشترط لتطبیق هذا النص شرطان : اولهما، البانی یقیم البناء على ارضه ولکنه یتعدى ببنائه على جزء صغیر من ارض الجار الملاصق. وثانیهما، ان یکون البانی حسن النیة، وان یستند الى اسباب مقبولة. وتقدیر توافر هذین الشرطین یخضع لسلطة قاضی الموضوع، والقضاء المصری، یقضی بتملیک الجزء المعتدى علیه للبانی فی نظیر تعویض عادل اذا توفر هذان شرطان، وإلا فیقضی بالإزالة. واشار البعض الى أن القضاء المصری یمیل إلى عدم اخضاع هذه الحالة لقواعد الإلتصاق ، الا أننا نخالف هذا الرأی، إذ أن هذا القضاء صدر احکامه عادة لمصلحة صاحب المواد، لیس سبب میله الى عدم اخضاعه لقواعد الالتصاق وانما لکون قیمة المحدثات فی هذه الحالة اکبر من قیمة الارض.
المطلب الثانی
الشفعة کسبب لکسب ملکیة العقار
ان الشفعة فی التشریعات الوضعیة، قد عرفت بتعاریف، فبعضها عرفها بانها رخصة، بقولها (الشفعة رخصة تجیز فی بیع العقار الحلول محل المشتری فی الاحوال وبالشوط المنصوص علیها فی المواد الاتیة). وعرفها بعضها بانها حق بقولها (الشفعة هی حق تملک العقار المبیع ولو جبراً على المشتری بما قام علیه من الثمن والنفقات المعتادة). إذن فالشفعة هی رخصة یجیز لصاحبها ان یحل محل المشتری فی الاحوال وبالشروط المنصوص علیها فی القانون.
وعلى الرغم من ان بعض التشریعات، اقرت نظام الشفعة ولکن عملت على تضییق نطاقها، لانها استثناء على حریة التصرف، أی أنها تعد وسیلة شاذة من وسائل کسب الملکیة، وهذا ما عمله مشرع القانون المدنی العراقی بعد تعدیل المادة (1129) بقرار مجلس قیادة الثورة المنحل بتاریخ 24/2/1978، اذ اشار الى ان حق الشفعة ینحصر بالشریک فی دار السکن الشائعة او الشقة السکنیة.
للشریک فی العقار الشائع له الحق فی اخذ الحصة الشائعة بید المشتری، وباتخاذ الاجراءات التی حددها القانون للمحافظة على حقه فی الشفعة وتملک المشفوع، وهذه الاجراءات هی :
1-الاعلان عن الرغبة : اوجب القانون على من یرید الاخذ بالشفعة ان یعلن عن رغبته للبائع والمشتری کلیهما أو دائرة التسجیل العقاری عبر خمسة عشر یوما من تاریخ انذاره بالبیع انذارا رسمیا من البائع أو المشتری.
2-ایداع نصف الثمن الحقیقی : یجب على الشفیع عند رفعه الدعوى ان یودع فعلا فی صندوق المحکمة التی یوجد العقار المشفوع فی دائرتها مبلغا یساوی نصف الثمن الذی حصل الاتفاق علیه حقیقة بین البائع والمشتری. والعلة فی اشتراط الایداع نصف الثمن الحقیقی فعلا حتى لو کان الثمن مؤجلا فیما بین البائع والمشتری، هی ضمان جدیة طلب الشفعة من جهة والمحافظة على حقوق ذوی المصلحة من جهة اخرى.
3-رفع دعوى الشفعة : فاذا اعلن الشفیع رغبته فی الاخذ بالشفعة ، یجب على المشتری ان یسلم بحق الشفیع فی الشفعة، والا فعلى الشفیع ان یرفع الدعوى على کل من البائع والمشتری والا سقط حقه، أی أنه یشترط لقبول الدعوى ان یختصم البائع والمشتری کلیهما.
وبعد هذه الکلمة التمهیدیة حول الشفعة تبین بان الشریک یتملک الحصة المباعة بالشفعة، بعد اتخاذ الاجراءات القانونیة ولکن قد یثور التساؤل، هل سند ملکیة الشفیع یتمثل فی العقد المبرم بین المشتری والبائع أم یتمثل فی واقعة الشفعة؟ فالاجابة على هذا التساؤل یؤدی الى تحدید دور الشفعة فی انشاء حق الملکیة ، ولتوضیح ذلک لابد من الضروری توزیع هذا المطلب على فرعین، نبین فی الفرع الاول التکییف القانونی للشفعة، ومن ثم نتطرق فی الفرع الثانی الى آثار الشفعة.
الفرع الأول
تکییف الشفعة
على الرغم من ان التشریعات عالجت موضوع الشفعة ضمن اسباب کسب الملکیة، بید ان آراء الفقهاء بل والاحکام القضائیة اختلفت فی تحدید الوقت الذی یتملک فیه الشفیع العقار المشفوع لذا نجد بان الوصول الى التکییف الدقیق للشفعة یساعدنا على تحدید الوقت الذی ینتقل فیه الملکیة، وان البحث فی تکییف الشفعة یقتضی تحدید وصف الشفعة من کونها سببا حقیقیا لکسب الملکیة أم لا؟.
ذهب بعض الشراح الى ان الشفعة لاتعد سببا جدیداً للتملک لان الشفیع انما یملک العقار بسبب عقد جدید، وکل ما یحدث ان الشفیع یبعد المشتری لیحل محله فی ملکیة العقار، ولذا وجب الحدیث عنها عند موضوع العقد او القیود التی ترد على حق الملکیة.
ورد البعض على هذا القول بان فکرة العقد الجدید یمکن قبولها عندما تتم الشفعة بالتراضی مع المشتری، أما اذا تمت الشفعة بحکم المحکمة وهو الغالب، فلایمکن قبولها لان الشفیع یتملک المشفوع جبرا على المشفوع منه (المشتری) فی حین ان العقود تبنى على مبدأ التراضی، الا اننا نجد بان هذه الفکرة لایمکن قبولها حتى فی الحالة الاولى بدلیل ان الشفیع یرجع على البائع ولیس المشفوع منه، بضمان الاستحقاق اذا استحق العقار المشفوع.
وذهب بعض آخر من الفقهاء –نحن نؤیدهم- الى ان الشفعة واقعة قانونیة، تدخل فی اسباب کسب الملکیة، اذ انها لیست بحقوق، بل هی مصدر للحقوق. والشفعة لاترتب اثرها فی کسب الملکیة الا بعد ابداء الشفیع رغبته فی الاخذ بها، وابداء الرغبة یعد من قبیل المکنات القانونیة، أی منزلة وسطى بین الحریة العامة والحق بالمعنى القانونی الدقیق.
وعلى الرغم من ان بعض التشریعات التی اخذت بنظام الشفعة –کالقانون العراقی- عرف الشفعة بانها حق الا انه عالجها ضمن اسباب کسب الملکیة.
الفرع الثانی
آثـــــــار الشفعــــة
إن الشفعة واقعة مرکبة، اقترن فیها ارتباط بین العقار المشفوع فیه والعقار المشفوع به وهذه هی واقعة مادیة، وبیع العقار المشفوع فیه باعلان الشفیع عن رغبته فی الاخذ بالشفعة وهذا تصرف قانونی، وتشمل هذه الواقعة على ثلاثة عناصر، الارتباط بین العقارین، وبیع العقار المشفوع فیه، واعلان الشفیع عن ارادته، ومتى تکاملت هذه العناصر، تصبح الشفعة سبباً قانونیا یحدث اثره. فبعد صدور الحکم بالشفعة تقوم دائرة التسجیل العقاری بتسجیل العقار باسم الشفیع استناداً الى اشعار دائرة التنفیذ المعطوف على قرار الحکم من دون حاجة الى موافقة أو اعتراف ذوی العلاقة أو تقدیم بیان التملک.
وتتفق الاراء على ما یترتب على الشفعة من تملک الشفیع العقار المشفوع، الا انهم اختلفوا فی تحدید الوقت الذی تنتقل فیه ملکیة العقار الى الشفیع، فاختلف الشراح فی تفسیر المادة (944 مدنی مصری) والتی تقضی بأن (الحکم الذی یصدر نهائیاً بثبوت الشفعة یعتبر سندا للملکیة).
الرأی الاول : وهو ما استقر علیه قضاء محکمة النقض المصری وتابعه جمهور الفقهاء الى ان الملکیة تنتقل وقت تسجیل الحکم بالشفعة او تسلیم المشتری بها، ویعنی هذا ان الحکم الصادر فی الشفعة منشیء لحق الشفیع، ولیس کاشفاً له. وان محکمة النقض المصری قد استقرت على ان تفسیر کلمة (السند) فی نص (944) مدنی، انما تأتی معنى السبب القانونی المنشیء لحق الملکیة ولم تجىء على معنى دلیل الملکیة او حجیتها، ویترتب على ذلک ان الشفیع لایملک المشفوع فیه الا بعد الحکم، أما قبله فلا، لان المسبب لایوجد قبل سببه، ولان ماجعله الشارع من الاحکام منشئا للحقوق لاینسحب على الماضی.
الرأی الثانی : ذهب جانب من الفقهاء الى ان ملکیة المشفوع تنتقل وقت البیع، لان الشفیع یحل محل المشتری، فالشفعة تنشأ بتکامل العناصر اللازمة لنشوئها، وهی الارتباط الذی حدده القانون بین العقار المشفوع فیه والعقار المشفوع به، وبیع العقار المشفوع فیه واعلان الشفیع رغبته فی الاخذ بالشفعة، ویترتب على قیام الشفعة اثرها فی انتقال الملکیة، أی حلول الشفیع محل المشفوع منه، ویقتضی المنطق ان یکون هذا الحلول باثر رجعی ینسحب الى وقت تمام بیع المشفوع فیه، وهذا المنطق تسانده الحلول العملیة التی اوردها المشرع، واهم هذه الحلول تدل على هذا المعنى، ففی حالة ما اذا استحق العقار للغیر بعد اخذه بالشفعة فلیس للشفیع ان یرجع الا على البائع. وان مقتضى حلول الشفیع محل المشتری انه اذا تضمن عقد البیع أی اتفاق على تعدیل احکام الضمان فان هذا الاتفاق یسری فی حق الشفیع ایضا. ورد محکمة النقض على هذا الدلیل بقولها ان الشفیع فی رجوعه بالضمان على البائع انما یستعمل حقا من حقوق المشتری-کما بینا- الا ان هذا القول یتناقض مع صریح النص، ولو اراد المشرع ذلک لما منع ذلک من ان الشفیع یرجع رجوعاً مباشراً على المشتری فضلاً رجوعه رجوعاً غیر مباشر على البائع، ولکن منع المشرع بنص صریح رجوع الشفیع بضمان الاستحقاق على المشتری.
الرأی الثالث : وذهب آخرون، الى ان الملکیة تنتقل وقت اعلان الشفیع الرغبة فی الاخذ بالشفعة. الا أننا نجد بان الشفعة تعد سبباً من اسباب کسب الملکیة سواءً اکانت الشفعة قد تمت بالتراضی أم بالتقاضی، فاذا کانت الشفعة تمت بالتراضی، فینتقل من دون بتسجیل لان التراضی لاینصب على نقل ملکیة العقار وانما التراضی یحصل بشأن الشفعة والقانون جعل التسجیل رکناً فی التراضی اذا کان محله حقاً من الحقوق العینیة العقاریة، أما اذا تمت الشفعة بالتقاضی، فان الملکیة تنتقل وقت اعلان الشفیع عن رغبته، لان اعلان الشفیع عن رغبته فی الاخذ بالشفعة هی العنصر الرئیس من عناصر الشفعة، فاذا استمکلت عناصرها یحل الشفیع محل المشتری بحکم القانون. اذ ان الحکم هو وسیلة لحسم النزاع، ولایکون له الا دورا کاشفا لحق الملکیة، فان هذا الحق ینشأ مباشرة من الشفعة، لانه إذا نشأ حق الملکیة من الحکم فلایبقى دور للشفعة کسبب من اسباب کسب الملکیة، والقول بان حق الملکیة ینشأ وقت التسجیل، یجعل التسجیل رکناً فی الوقائع القانونیة (الشفعة)، فهذا یتعارض صراحة مع النصوص القانونیة التی تؤکد بان الشکلیة تعد رکنا من ارکان التصرفات القانونیة فحسب، وإن المشرع إذا اراد من النص اعلاه ان تنتقل الملکیة وقت التسجیل لما انحصر الدور المنشیء للتسجیل فی التصرفات القانونیة. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، فان المشرع عالج موضوع الشفعة-کما بینا-ضمن اسباب کسب الملکیة، فلو جعلنا لتسجیل حکم المحکمة دورا منشئاً لحق الملکیة لاصبحت الشفعة دلیلا على انشاء الملکیة ولیس سبباً لذلک وهذا یخالف ما اراده المشرع .
بید انه کیف یمکن التسویة بین القول بان انتقال الملکیة یتم وقت الاعلان عن الرغبة والمادة (1141 مدنی عراقی) التی اشارت الى انه (یثبت ملک الشفیع للمشفوع عند تنفیذ الحکم القاضی بالشفعة بالتسجیل فی دائرة التسجیل العقاری او عند التسجیل فی دائرة التسجیل العقاری فی حالة التراضی على الشفعة)، وللاجابة على ذلک نقول بأن هذه المادة لم تحدد وقت انتقال الملکیة، بل حددت الوقت الذی یجوز للشفیع الاحتجاج بالحصة التی اخذها بالشفعة، فانه لایحق له ان یتمسک بها الابعد تسجیلها فی الدائرة المختصة، علیه ان انتقال الملکیة بسبب الشفعة یستند الى وقت اعلان الشفیع عن ارادته فی الاخذ بالشفعة ولکن الملکیة لاتثبت ولاتستقر فی ملک الشفیع الا بعد صدور الحکم وتسجیله فی دائرة التسجیل العقاری، وهذا یؤدی بنا الى القول بان دور التسجیل لیس الا دورا کاشفا. وان الاعلان عن الرغبة بمثابة القبول، ففی هذه اللحظة تکاملت عناصر الشفعة، ودلینا هو ان التصرفات التی قام بها المشفوع منه بعد الاعلان عن الرغبة تخضع لاحکام التصرفات التی اجریت فی ملک الغیر، فان أی تصرف ناقل للملکیة أو أی حق عینی آخر یرتبه المشتری على العقار المشفوع بعد اعلان الشفیع عن رغبته فی الاخذ بالشفعة لایسری فی حق الشفیع اذا حکم له بالشفعة، فهو یأخذ العقار المشفوع خالیاً من أی حق عینی اثقله به المشتری. وکذلک بالنسبة للتصرفات المادیة، کالبناء أو الغراس الذی یقیمه أو یغرسه المشتری، فقد عامل القانون المشتری معاملة الحائز سیىء النیة، إذ کان علیه ان یتریث حتى یفصل فی دعوى الشفعة، لذا یجوز للشفیع ان یلزمه بقلع البناء أو الغراس اذا لم یکن ذلک مضراً بالعقار فیکون له ان یستبقى البناء أو الغراس بقیمته مستحقة للقلع، أما اذا کانت التصرفات المادیة قد تمت قبل الاعلان عن الرغبة، فان القانون اعتبر المشتری انه تصرف فی ملکه، لذلک على الشفیع ان یدفع له مقدار مازاد فی قیمة الارض بسبب هذه التصرفات.
لذا یقتصر ان دور القاضی على التأکد من توفر شروط الشفعة وصحة اجراءاتها، من دون ان تکون له سلطة تقدیریة فی تلبیة طلب الشفیع من رفضه، وانما علیه ان یصدر حکماً بتملیک العقار المشفوع، ودور التسجیل هنا یکمن فی تثبیت الملکیة، إذ لیس لدائرة التسجیل العقاری ان یرفض طلب التسجیل بعدما اکتسب الحکم بالتملیک درجة البتات.
ان ما سبقنا یؤدی بنا الى القول بان الشفعة تعد سبباً حقیقیاً لکسب ملکیة العقار المشفوع، ودور التسجیل انما ینحصر فی تثبیت حق الملکیة باسم الشفیع وبأثر رجعی ینسحب الى وقت ابداء الشفیع رغبته فی الاخذ بالشفعة.
المبحث الثانی
اثر التشریع والقرار فی نشوء ملکیة العقار
أورد المشرع قد فی القانون المدنی اسباب کسب الملکیة، وقسمها الى، کسب الملکیة بسبب الوفاة (وتشمل المیراث والوصیة)، وکسب الملکیة مابین الاحیاء وتشمل العقد والالتصاق والشفعة والحیازة، الا ان هذه الاسباب جاءت على سبیل المثال، وقد ینشأ حق الملکیة العقاریة بسبب آخر غیر هذه الاسباب، إذ ان بعض التشریعات المدنیة اعطت دوراً منشئاً لحق الملکیة الى کل من قرار القضاء والقرار الاداری، مثلما اعطت هذا الدور للتسجیل والوقائع القانونیة، ولکن قد یحتفظ التشریع بهذا الدور الانشائی لنفسه، فهذه الاسباب الثلاثة تعد اسباباً مباشرة لنشوء حق الملکیة، واستناداً الى نصوص قانونیة مبعثرة فی القانون، ولتوضیح هذه الاسباب الجدیدة والمنشئة لحق الملکیة سنقسم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب، نعالج فی الأول دور التشریع فی انشاء حق الملکیة العقاریة . وفی الثانی دور قرار القضاء فی انشاء حق الملکیة العقاریة، ونوضح فی الطلب الأخیر دور القرار الاداری فی انشاء حق الملکیة العقاریة.
المطلب الأول
دور التشریع فی انشاء حق الملکیة العقاریة
لبیان موضوع هذا المطلب نجد من الضروری ان نحدد دور التشریع فی دائرة حق الملکیة ، ثم نفصل فی الاثر المنشىء للتشریع فی انشاء حق الملکیة العقاریة.
الفرع الاول
دور التشریع فی دائرة حق الملکیة
ان التشریع أهم مصدر للقاعدة القانونیة فی القوانین الحدیثة أغلبها، فهو المصدر الرسمی الاول للقانون، ویقصد به مجموعة القواعد العامة الملزمة المجردة التی تضعها السلطة المختصة لتنظیم العلاقات وسلوک الأفراد فی المجتمع.
وهناک ثلاثة انواع من التشریع تتدرج فی القوة، فاعلاها الدستور، ثم یلیه التشریع العادی (التشریع الرئیس)، ثم یلیه التشریع الفرعی، وهو یشمل القرارات الاداریة التنظیمیة، أو التعلیمات والانظمة. ولتجنب التفصیل نکتفی بتعریف مختصر لکل منها.
یعرف الستور بانه التشریع التأسیسی للدولة، الذی یتمیز بالسمو والثبات، ویصدر عن سلطة علیا (السلطة التأسیسیة)، ویتضمن مجموعة القواعد التی تتضمنها الوثیقة الأساسیة، الذی یحدد شکل الدولة، ونظام الحکم فیها، والسلطات العامة والعلاقات بینها، وتحدد الحقوق والحریات الأساسیة للأفراد وواجباتهم، و منه تستمد القوانین الأخرى کافة مستوحیة مبادئه و أحکامه التی لا یجوز لأی قانون مخالفتها.
والتشریع العادی هو مجموعة القواعد القانونیة التی تضعها السلطة التشریعیة (البرلمان)، على وفق الإجراءات التی نص علیها الدستور بهدف تنظیم العلاقات بین الأفراد أو بینهم وبین الدولة فی جمیع المجالات الاجتماعیة جمیعها. أما التشریع الفرعی فیعنی التعلیمات والقرارات الاداریة التنظیمیة التی تصدر عن الادارة، ویقصد بها تلک القرارات التی تحتوی على قواعد عامة مجردة تنطبق على عدد غیر محدد من الحالات او الافراد.
یمارس التشریع دورین فى دائرة حق الملکیة ، أولهما، انه المصدر غیر المباشر لحق الملکیة الناشئة عن التصرفات القانونیة، فهو الذی یضفی القوة الملزمة لهذه التصرفات، ویمنح تسجیل التصرفات القانونیة دوراً منشئاً لحق الملکیة، وذلک بقوله ان التصرفات القانونیة لاتنعقد إلا من وقت استیفاء الشکل المقرر فی القانون. ثانیهما، انه المصدر المباشر لحق الملکیة التی لا یمکن ان تنشا عن مصادر أخرى (التصرفات القانونیة والشفعة والالتصاق وما شاکل ذلک)، ویتقرر هذا الحق بنص القانون الذی یبین ارکانها واحکامها، فالتشریع، هنا، هو واقعة قانونیة ولیس تصرفاً قانونیاً، لذا فهو حق ینشأ مباشرة عن التشریع دون اعتداد بارادة اطراف العلاقة المدنیة، لذلک یمکن ان یتثبت هذه الحقوق لاشخاص من دون ان یقتضی توفر الاهلیة القانونیة فیهم.
ان مصدر الحق لایعد مصدراً حقیقیاً إلا اذا کان وحده کافیاً ولازماً للحق، والمصدر بوصفه السبب المنشیء للحق، قد یکون هو نفسه ناشئاً لمصدر آخر ابعد منه، فالتشریع هو المصدر غیر المباشر للحقوق جمیعها، فهو المصدر الذی أنشأ المصادر المختلفة للحقوق واعترف بها، مع احتفاظه لنفسه بصفة المصدر المباشر بالنسبة لبعض الحقوق.
الفرع الثانی
الاثر المنشىء للتشریع فی انشاء حق الملکیة العقاریة
یکون دور التشریع الاساس فی انشاء حق الملکیة معدوماً، وبخلاف التشریع العادی والتشریع الفرعی، وسنحاول هنا ان نذکر بعض الامثلة على دور کل منهما فی انشاء حق الملکیة.
فقد نص القرار 1198 فی الفقرة / ب منه " اذا کان المتعهد له قد سکن العقار محل التعهد او احدث فیه ابنیّة او منشآت اخرى بدون معارضة تحریریة من المتعهد فان ذلک یعتبر سبباً صحیحاً یبیح للمتعهد له تملک العقار بقیمته المثبتة فی التعهد او المطالبة بالتعویض على الوجه المذکور فی الفقرة / أ من هذا البند مضافاً الیه قیمة المحدثات قائمة وقت النکول" .
فقد جعل المشرّع فی نص أعلاه واقعة السکن فی العقار واقامة المحدثات أو المنشآت من المشتری قبل تسجیل العقد سبباً صحیحاً یبیح له تملک العقار بقیمته المعینه فی التعهد ، فیستطیع المشتری المطالبة القضائیة بتملک العقار جبراً على البائع اذا ما سکن العقار أو احدث علیه بناءً او منشآت اخرى ، واستناداً الى رفع دعوى تملیک بموجبه .وقد قضت محکمة استئناف بابل بصفتها التمییزیة بتأیید قرار محکمة بداءة کربلاء بتملیک حدیقة دار المدعى علیه التی کان قد باعها ، وجاء فی اسباب القرار بان المدعی قد اقام بناء على الأرض المباعة، لذا قررت المحکمة تملیکه الأرض التی اشتراها، الا ان المحکمة نفسها قررت انتداب خبیر لاحتساب نسبة البناء الذی احدثه المشتری إلى نسبة الأرض ، لاستصدار قرار التملیک من عدمه وهذا ما یخالف الاطلاق الذی جاءت به الفقرة / ب من القرار 1198 .
وعلى الرغم من ان طلب تملک العقار یستند إلى واقعة الإلتصاق ، الا ان حق الملکیة لا ینشأ واقعة الالتصاق، بل ینشأ مباشرة من التشریع وان واقعة الالتصاق ماهی الا شرطاً لتطبیق النص اعلاه، لان المشرّع لم یرد ان یخضعه الى احکام الالتصاق –التی بیناها- لان القائم بالمحدثات لایکتسب ملکیة العقار الا اذا کان حسن النیة وکانت قیمة المواد اکثر من قیمة الارض، الا ان هذا النص لم یشر شیءٍ من هذا القبیل هذا من جهة ومن جهة ثانیة، ولا یقتصر النص فی أعلاه کسب الملکیة على الالتصاق بل اشار الى واقعة السکن فی العقار أیضاً . إذن فان المشتری یعتبر مالکاً للعقار اذا سکنه أو احدث علیه محدثات، وذلک باثر رجعی ینسحب الى وقت التعهد بنقل الملکیة، وفی حالة عرض القضیة أمام المحکمة اذا وقع النزاع بین الطرفین فان المحکمة تصدر حکماً بتملیک المشتری العقار وقت التعهد، وعلى دائرة التسجیل العقاری ان یسجل العقار باسم المشتری بناءً على اشعار من دائرة التنفیذ.
ویعد ان التشریع الخاص بالتأمیم یعد مصدراً من مصادر الحقوق العینیة، وسماه البعض بـ(اسباب انتقال الملکیة جبراً على صاحبها)، فالتأمیم عمل من اعمال السیادة، تنقل به ملکیة المشروعات الخاصة بجمیع عناصرها العقاریة والمنقولة، من الاشخاص العادیین، الى الشعب ممثلاً بالدولة مقابل تعویض عادل، فاذا صدر تشریع لتأمیم مشروع معین، یجب على دائرة التسجیل العقاری ان تنقل ملکیة المشروع من مالکها الى الدولة بأثر رجعی ینسحب الى وقت صدور التشریع، کالتشریع الصادر لتأمیم شرکة نفط البصرة رقم 70 لسنة 1973.
فکثیراً ما یحصل الیوم ان تقوم الوزارات باصدار تعلیمات لمنح حق ملکیة اراض سکنیة لاشخاص معینین بصفاتهم وتحدد شروط منحها، وان مستحق هذا الحق یکتسبه من وقت تنفیذ التعلیمات بقرار إداری ولا یکون للتسجیل أثر لنقل حق الملکیة بل له دور کاشف لیس إلا. ومثال على ذلک منح قطعة ارض أو وحدة سکنیة لذوی الشهداء والمؤنفلین.
یتبین مما سبق، ان التشریع یعد سبباً آخر من اسباب کسب الملکیة، ویحدد هذا السبب شروط الواقعة التی تطبق علیها، فاذا توفرت الشروط ینشأ حق الملکیة مباشرة بقوة القانون، ولکن المالک لایستطیع ان یتصرف فیه سواءً أکان تصرفاً مادیاً أو قانونیاً الا بعد تسجیله فی دائرة التسجیل العقاری، طالما أنه لایتسم بالاستقرار الا بالتسجیل، فاذا تم التسجیل فانه یتم باثر رجعی یستند الى وقت تحقق شروط الواقعة.
المطلب الثانی
دور قرار القضاء فی انشاء حق الملکیة العقاریة
تکمن وظیفة القاضی فی الأصل تکمن فی حمایة الحقوق ولیس اقرارها، لان القانون یجعل لکل حق مصدراً، فاذا توفر هذا المصدر فانه ینشأ صحیحاً على وفق القانون، ولکل حق حمایة قانونیة.
بید أنه هناک حالات استثنائیة لایکون للقاضی مجرد دور حمائی، بل یقوم بانشاء حق لم یکن موجوداً من قبل، ولم ینشأ عبر المصادر الاخرى للحق، فاذا نشأ الحق من حکم القضاء مباشرة، عندئذ تلزم دائرة التسجیل العقاری بتسجیل هذا الحق باسم من صدر لمصلحته الحکم، فهذا هو الاثر الکاشف للتسجیل، ویقتضی التعرف على دور قرار القضاء فی انشاء حق ملکیة العقار، تحدید موضوعین، الاول، الحکم القضائی الذی یجعل للتسجیل دوراً کاشفاً فی نقل حق الملکیة العقار. الثانی، بیان الاثر المنشیء لقرار القضاء فی نشوء حق الملکیة العقاریة وسنتناولهما فی الفرعین الآتیین:.
الفرع الاول
مفهوم قرار القضاء الذی یجعل للتسجیل دوراً کاشفاً فی نقل حق الملکیة
أن للقرار القضائی حجیة مطلقة فی مواجهة الناس کافة سواءً کانوا أفراداً أم أشخاصاً معنویة عامة أم خاصة، ویستلزم هذا احترام القاضی والخصوم لمضمون الحکم الصادر فی الدعوى، ویحق للمحکوم له ان یتمسک بالحقوق التی یتضمنها هذا القرار.
تعد القرارات (الاحکام) القضائیة، أصلاً کاشفة للحقوق ولیس منشئة لها، ففی دعوى الاستحقاق إذا صدر القرار لمصلحة طالب الاستحقاق، یعد کاشفا لحق موضوع الدعوى لأنه لم یفعل إلا انه اظهر حقوق طرفی الدعوى، فالقرار لم ینقل أی حق.
ویترتب على القرار القضائی نوعین من الالتزام، الالتزام القضائی الصادر عن القرار والالتزام القضائی الناشىء عن القضاء، ینشأ الأول عن القرار الفردی، وینشأ الثانی عن القضاء بوصفه مصدراً من مصادر القانون، والواقع ان ان هذا الالتزام هو التزام قانونی، على أساس انه نشأ مباشرة من التشریع، فان القرار القضائی فی الحالة الاولى یعد مصدراً رسمیاً للقانون، أما قرار القضاء فی الحالة الثانیة فتعد مصدراً تفسیریاً للقانون.
یعد مرکز القضاء مصدراً رسمیاً فی القوانین الانجلوسکسونیة کالقانون البریطانی والقانون الهندی، ولما کان القرار الذی أصدره القاضی یلتزم به القاضی لاحقاً، لذا لا یعد هذا القرار قراراً فردیاً، الا انه اصبح مصدراً تفسیریاً فی اغلب القوانین الحدیثة کالقانون العراقی والقانون المصری، ولما کان القاضی لایلتزم بالقرار الذی سبق وان صدره، لذلک هذا القرار یعد قراراً فردیاً.
یقتصر دور القضاء بوصفه مصدراً تفسیریاً للقانون على حالتین: أولاهما، الحالة التی لم یجد فیها القاضی قاعدة من المصادر الاخرى، إذ تضطر المحاکم حتى لاتنکل عن أداء العدالة الى الاجتهاد للوصول الى حل یطبق على النزاع. ثانیهما، اذا منح القانون سلطة تقدیریة للقضاء فی تطبیق القانون. وقد اخذ بعض التشریعات بفکرة النقص فی التشریع، واوجب على القاضی اذا لم یجد حلا فی المصادر الرسمیة ان یرجع الى مبادیء الشریعة الاسلامیة ومبادىء العدالة لایجاد حل عادل، إذ یجب على القاضی ان یصدر الحکم فی النزاع المطروح أمامه سواءً وجد حکما فی التشریع أم لم یجد.
لایستطیع القاضی ان یمارس سلطته التقدیریة الا بناء على نص فی القانون، فاذا کان التشریع اعطی سلطة تقدیریة للقاضی فی تطبیق القانون، فان الالتزامات الناشئة عن القرار یعد حکماً فردیاً طالما لایستلزم تکرار تطبیقه، اذ ان للقاضی ان یصدر قراراً مغایراً للقرار الذی سبقه، ویسمى هذا الالقرار بقرار القاضی لذا تنشأ الحقوق العقاریة والالتزامات الناشئة عنها مباشرةً من القرار، أما اذا کان دور القاضی یقتصر على تطبیق القانون، من دون ان تکون له سلطة تقدیریة، فان الحقوق والالتزامات الناشئة عنه تنشأ من مباشرة من القانون.
وتتحلل کل قاعدة قانونیة الى عنصرین فرض وحکم، وکل تطبیق للقانون یتحلل الى معاینة وقرار، فاذا کانت المعاینة تتم بطریقة ارادیة فکان القرار لایترتب على المعاینة بل یتوقف على ارادة القاضی لکونه یقوم بتطبیق القانون، والتطبیق فی هذه الحالة یکون تقدیریاً. والسلطة التقدیریة تستمد من القاعدة ذاتها، وما اذا کانت مرنة أم جامدة، ویتم تطبیق القاعدة المرنة المطاطیة تقدیریاً، کما فی حالة تعدیل العقد اذا تحققت ظروف استثنائیة عامة
وهناک تساؤل وجیه وهو؛ هل للقاضی دور خلاق للقاعدة القانونیة ؟ ففی حالة النزاع فی أمر معین فان القاضی الذی یصدر الحکم یخلق علاجاً أو حلاً لفض النزاع من دون ان یخلق قاعدة قانونیة، ولکن القاضی فی خلق هذا الحل لابد ان یستوحیه من قاعدة قانونیة، علیه فلایکون للقاضی ان یصدر حکماً لانشاء حق عینی عقاری الا فی الحالات التی یسلم فیها المشرع هذه السلطة الى عدالة القاضی، إذ یجب ان تکون للقاضی سلطة تقدیریة حتى یکون تدخله خالقاً ومنشئاً لحق عینی عقاری. ویعنی هذا ان القاضی لایستطیع ان یمارس سلطته التقدیریة فی انشاء الحقوق بدون استناد الى نص صریح او روح القانون، إذن ان الحکم القضائی لاینشیء قاعدة قانونیة، بل یطرح حلاً فی قضیة معینة بالاستناد الى القاعدة القانونیة، ویترتب على هذا الحل انشاء حق عینی عقاری.
فضلاً عن ذلک فان الفسخ بوصفه قاعدة هو الفسخ القضائی، الذی یتمثل فی الفسخ الذی یخضع الى السلطة التقدیریة للقاضی، إذ ان کل شرط من الشروط الواجب توفرها لاعمال الفسخ یخضع لسلطة التقدیریة للقاضی، ومعنى ذلک ان رفع الدعوى للمطالبة بالفسخ لاتعنی تلبیة الطلب، وکذلک اذا کان العقد معلقاً على شرط فاسخ، فان مدى تحقق الشرط من عدمه یخضع لتقدیر القاضی، ویترتب على الحکم الذی یصدره القاضی من حقوق والتزامات ینشأ مباشرة من حکم القاضی.
الفرع الثانی
الاثر المنشیء لقرار القضاء فی نشوء حق الملکیة العقاریة
یعد التصرف القانونی السبب الاوسع لکسب الملکیة، الا ان التشریعات قد اشارت الى القرار القضائی بوصفه سبباً لنشوء هذا الحق، فیکون للتسجیل فی الحالة الاولى اثرا منشئا لحق الملکیة، فی حین انه اذا نشأ عن القرار القضائی فیقتصر اثر التسجیل على الکشف، والاحکام القضائیة المنشئة لحق الملکیة واجبة التسجیل فی دائرة التسجیل العقاری.
اذا ادعى شخص أمام القضاء بحق من الحقوق العینیة العقاریة، وحصل على حکم لتلبیة طلبه، فان هذا الحکم متى اکتسب الدرجة القطعیة، یعد سببا لکسب ملکیة الحق العینی، ویسجل هذا الحق باسمه فی دائرة التسجیل العقاری، ولهذا التسجیل اثراً کاشفاً لامنشئ للحق العینی.
ان من یکتسب حقاً عینیاً عقاریاً یعد مالکاً قبل تسجیله فی دائرة التسجیل العقاری، لان الاحکام القضائیة تعد عنواناً للحقیقة. وذهب بعض الفقهاء الى ان هناک بعض الاحکام تعد احکاماً منشئة لا احکاماً مقررة ومن هذه الاحکام أحکام مرسی المزاد، فاحکام مرسی المزاد تصدر عقب انتهاء المزایدة على وفق قانون التنفیذ، إذ أن القانون أوجب على مدیریة التنفیذ بعد الاحالة واستلام الثمن ان تطلب من دائرة التسجیل العقاری المختصة تسجیل العقار المبیع باسم من احیل علیه نهائیاً .
اذا کان قرار القضاء یعد سببا لکسب الحق العینی، فان هذا الحق لایتسم بالثبات والاستقرار الا بعد تسجیله فی دائرة التسجیل العقاری، وهذا یؤدی بنا الى القول بان القرار القضائی یعد سببا لکسب حق التسجیل جبرا على المالک.
ویعد نزع ملکیة العقار فی القانون العراقی مثالاً بارزاً للدور الخلاق للقاضی فی انشاء الملکیة العقاریة، فالمشرع العراقی لم یعط سلطة نزع الملکیة للادارة، بل أوجب على دوائر الدولة ان تقدم طلباً الى القضاء للحصول على حکم استملاک أی عقار أو جزء منه أو الحقوق العینیة الاصلیة المتعلقة به لتنفیذ مشاریعها وتحقیق اغراضها. ویثار التساؤل حول مصدر الحقوق الناشئة عن نزع الملکیة، هل ان هذه الحقوق تنشأ من القانون مباشرة أم من حکم القضاء؟ فاذا لم یکن للقاضی فی الاذن الممنوح له بنزع الملکیة أیة سلطة تقدیریة ، عندئذ تنشأ الحقوق من القانون، وبعکسه اذا کان للقاضی سلطة تقدیریة فی تطبیق القانون فعندئذ تنشأ هذه الحقوق من حکم القضاء ویعتبر القانون مصدراً غیر مباشر لانشاء هذه الحقوق.
وذهب البعض الى ان القاضی لایملک أیة سلطة تقدیریة فی نزع الملکیة وکل ما یملک هو التأکد من مراعاة الادارة للاجراءات الشکلیة الواردة فی القانون من دون ان یکون له الا ان یبحث حقیقة المنفعة العامة، إلا أننا نخالف هذا الرأی، بدلیل ان القانون اشار الى ان المحکمة تعین موعداً للنظر فی طلب الاستملاک وتدعو الطرفین للحضور فی موعد معین وتتحقق فی أول جلسة من توفر الشروط الواردة فی قانون الاستملاک بطلب الاستملاک، وتقرر تکلیف المستملک إکمال النقص إن وجد أو رد الطلب حسب مقتضى الحال، ویعنی هذا ان للقاضی سلطة تقدیریة فی البت فی طلب الاستملاک، فان القاضی یتأکد من الشروط الشکلیة فی الطلب، إذ أنه یراقب مدى مراعاة الادارة للاجراءات الشکلیة التی رسمها القانون، کما ویحق له ان یبحث مدى توفر الشرط المتعلقة بالمصلحة العامة، فاذا تعسفت الادارة فی طلبها للاستملاک، فان القاضی یحق له ان یرد طلبها، وبعکسه –أی إذا لم یملک القاضی هذه السلطة- فما هی علة نزع ثقة نزع الملکیة من الادارة واعطائها للقضاء، لذا یمکن القول بان الحکم الصادر من المحکمة بنزع ملکیة العقار منشىء لحقوق شخصیة وعینیة، ویحسم هذا الحکم التعارض الحاصل بین المصلحتین العامة الخاصة، وبترجیح الاولى على الثانیة، ویترتب على الحکم الحائز درجة البتات الخاص بنزع الملکیة، حرمان المالک من ملکه جبراً علیه وتسجیل الملک باسم المستملک، وعلى دائرة التسجیل العقاری تنفیذ الحکم.
قد یقوم الحکم القضائی قد یقوم مقام العقد ، عند توفر الارکان والشروط الاخرى ، خاصة فیما یتعلق منها بالشکل المقرر قانوناً ، وتحدید المدة اللازمة لابرام العقد النهائی ، وتحدید الثمن وتعیین العقار وغیرها من الشروط المتعلقة بالرضا والمحل والسبب. إذ نصت بعض التشریعات على أنه (إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نکل ، وقاضاه العاقد الآخر طالباً تنفیذ الوعد ، وکانت الشروط اللازمة لتمام العقد ، وخاصة مایتعلق منها بالشکل متوافرة ، قام الحکم، متى حاز قوة الشیء المقضی به مقام العقد).
ولابد ان نشیر هنا الى ان التصرفات الواردة على العقارات لاتتم الا بالتسجیل ولایحق للقاضی فی التشریعات المقارنة ان یحکم بتصدیق التصرفات المبرمة خارج دائرة التسجیل العقاری، ومن الاجدر بالمشرعین ان یأتوا بنص لمنح هذه السلطة للقاضی، لان وظیفة القاضی هی اعطاء کل ذی حق حقه، فلیس من العدل ان یتمتع القاضی بسلطة ادانة المتهم وفرض العقوبة علیه استناداً الى الشهود والقرائن القضائیة، ولایتمتع بتصدیق التصرفات العقاریة استنادا الى براهین وقرائن کوجود عقد بین البائع والمشتری خارج دائرة التسجیل العقاری. لذا نعتقد أنه لابد من التقلیل من الاجراءات الشکلیة المعقدة فی العراق وذلک لضمان استحصال الحقوق.
وان لحکم القضاء دور فی انهاء الحقوق العینیة العقاریة، وما لدائرة التسجیل العقاری الا تنفیذ الحکم. إذ أن الملکیة فی الحالات التی تنتقل بالتسجیل، ینبغی ان تکون مقرونة بتصرف صالح من الوجوه جمیعها، لأن التسجیل لیس إلا وسیلة لاعلان التصرفات المقصود بها نقل الحقوق العینیة، ویستلزم ذلک خلو الإرادة من العیوب ، علیه ان التسجیل لایمنع من المطالبة بنقض التصرفات العقاریة إذا ما تبین أن الإرادة مشوبة بعیب. فقد نصت المادة (139) من قانون التسجیل العقاری على انه (یتم إبطال التسجیل العقاری استنادا إلى قرار من الوزیر قبل اکتساب التسجیل شکله النهائی وفقاً لاحکام هذا القانون، أما إذا کان التسجیل قد اکتسب الشکل النهائی فلا یجوز إبطاله إلا بحکم قضائی حائز درجة البتات). ویتضح من هذه المادة انه یمکن إبطال التسجیل بناء على حکم قضائی حائز درجة البتات، إذ یحق للشخص الذی شاب رضاءه أحد العیوب، کاکراه مثلا، أن یلجا إلى المحکمة المختصة للمطالبة بإبطال التسجیل بناء على رغبته فی نقض العقد ، وبعد إثبات ما یدعیه ، فان القاضی یتمتع بسلطة تقدیریة فی التحقق فی وجود عیب الاکراه من عدمه، فإذا ابطل التسجیل ترتب على ذلک عودة الحقوق العینیة الأصلیة فی العقار إلى الحالة التی کانت علیها قبل التسجیل وبطلان الحقوق العینیة التبعیة جمیعها وإشارات الحجز الواقعة بعد التسجیل، وهذا یعنی ان التسجیل لیس له الا دوراً بالنسبة للحقوق العینیة التی انهاها الحکم.
المطلب الثالث
دور القرار الاداری فی انشاء حق ملکیة العقار
للقرارات الاداریة انواع عدة ، فمن حیث المضمون تقسم الى قرارات فردیة وتنظیمیة، ومن حیث مدى سلطة الادارة فی اصدارها تقسم الى قرارات مطلقة ومقیدة، ومن حیث رقابة القضاء تقسم الى قرارات خاضعة لرقابة القضاء واخرى غیر خاضعة، واخیرا من حیث تکوینها تقسم الى قرارات بسیطة ومرکبة. ویتمثل القرارات التی تتعلق بموضوع هذا المطلب فی القرارات الاداریة المنشئة لحق الملکیة، لذا یستلزم علینا ان نحدد نطاق القرارات التی تعد مصدراً مباشراً لحق الملکیة، ومن ثم نبحث فی حق الملکیة بوصفها أثراً لهذه القرارات، فهذان الموضوعان نعالجهما عبر فرعین مستقلین :
الفرع الاول
تحدید نطاق القرارات المنشئة لحق الملکیة
تنقسم القرارات الإداریة إلى تقسیمات عدیدة من اهمها : القرارات التنظیمیة والفردیة. فاما الاولى: فهی قرارات تتضمن قواعد موضوعیة ذات صفة عامة مجردة تتعلق بعدد غیر محدد من الأفراد تخاطبهم بأوصافهم لا بذواتهم، فان هذه القرارات تطبق على عدد غیر محدد من الحالات ، لذا تعد نوعاً من أنواع التشریع بوصفها مصدر للقانون وتسمى بتشریع ثانوی . وقد بینا ذلک فی المطلب الاول. أما الثانیة وهی القرارات التی تتعلق بفرد أو أفراد معینین بذواتهم، بحالة أو بحالات معینة. ویصدر هذا القرار فی مواجهة فرد معین، أو فی حالة معینة، أو فی مواجهة اشخاص معینین، أو حالات معینة کالقرار الصادر بتعیین عدة اشخاص محددین باسمائهم فی وظیفة معینة.
ویجب أن یتقید القرار الاداری الفردی بالتشریع العادی والتشریع الفرعی (القرار الاداری التنظیمی) على حد سواء من الناحیتین الشکلیة والموضوعیة.
وقد عرفت المحکمة الاداریة العلیا فی مصر القرار الاداری بانه (افصاح الادارة المختصة، فی الشکل الذی یتطلبه القانون، عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانین واللوائح، وذلک بقصد احداث مرکز قانونی معین یکون ممکناً وجائزاً قانوناً، ابتغاء مصلحة عامة).
وقیل فی تعریف القرار الاداری بانه تصرف قانونی. ولکن القرار الاداری –کما ذهب الیه البعض- لایمکن عدّه تصرفاً قانونیاً بل هو عمل قانونی، لان الاول یتطلب الوقوع والارادیة والنیة، أما الثانی فینعقد بوجود الوقوع والارادیة.
والفکرة التقلیدیة عن نشاط الادارة هی انها تقوم بوظیفتها فی حدود القانون على وفق مبدأ المشروعیة، وتطبیق القانون قد یتم بطریقة غیر مرنة لامجال للتقدیر فیها، ففی هذه الحالة یسمى اختصاص الادارة بالاختصاص المقید، وقد یتم بطریقة مرنة یخضع فیها نشاط الادارة لمقتضیات الملاءمة، وعندئذ یسمى اختصاص الادارة بالاختصاص التقدیری.
یوجد الاختصاص المقید فی الحالات التی تتوفر فیها وقائع معینة ولایحق لرجل الادارة الا ان یتخذ قراراً معیناً، أما الاختصاص التقدیری فیوجد عندما یملک رجل الادارة سلطة تقدیریة فی اتخاذ القرار او عدم اتخاذه، ویتمتع بسلطة فی تحدید نوع القرار على وفق مقتضیات ملاءمة.
وذهب البعض الى ان مصدر الحق هو الذی یکون به الحق وبغیره لایکون، لذا یشترط فی القرار الاداری المنشیء للحق ان یکون قد صدر عن السلطة التقدیریة لرجل الادارة، وتجعل هذه السلطة القرار الاداری مصدراً کافیاً ولازماً لانشاء الحق، أما اذا لم یباشر رجل الادارة هذه السلطة بل یعد قام بتطبیق القانون فی حدود اختصاصه المقید، فان الحق الناتج عنه لایرتب على القرار وانما یعتبر ناتجاً عن التشریع مباشرة.
والسلطة التقدیریة –بناءً على الرأی السابق- هی التی تجعل القرار الاداری مصدراً کافیاً مباشراً لانشاء الحق، وما القانون الا مصدر غیر مباشر له، کما هو الشأن بالنسبة للمصادر الاخرى، أما إذا لم یباشر رجل الادارة هذه السلطة فی اصدار القرار، فان الاثر الذی یترتب على قراره لایعد ناشئاً عن القرار ذاته بل یعد ناشئاً عن القانون مباشرة.
الا أننا نؤید الرأی القائل بأن الاثر الذی یرتبه القرار الاداری، سواءً صدر القرار ضمن الاختصاص المقید أو التقدیری، ینشأ مباشرة عن القرار، لان القرار الاداری التقدیری کالقرار الاداری المقید یخضع لمبدأ المشروعیة، کما ویخضع هذا القرار لرقابة القضاء، وان الخضوع لرقابة القضاء -کما بینا- لایؤثر فی الطبیعة المنشئة للقرار. وان مجرد تقید الادارة بالقواعد القانونیة لایمنعها من ان یکون مصدراً مباشراً للحقوق، لان المشرع قد یتدخل لتنظیم مصادر الحقوق العینیة الاخرى بقواعد قانونیة آمرة کما هی الحال فی عقد ایجار العقار، فان المتعاقدان یتقیدان بالقانون من حیث الاهلیة والشکلیة والاجر وماشاکل ذلک، فلا تختلف هذه القیود عن القیود المفروضة على رجل الادارة.
بناءً علیه، ان الحق العینی العقاری الذی یترتب على القرار الاداری المقید أو التقدیری فانه ینشأ مباشرة عن القرار، ولیس للتسجیل الا دور کاشف لهذا الحق بما یجعله ثابتاً ومستقراً.
الفرع الثانی
القرار الاداری الفردی مصدراً منشأ لحق ملکیة العقار
یجب ان تکون القرارات الفردیة فی الأصل مولدة للحقوق ، إذ انها متى صدرت سلیمة یتولد عنها حق بالمعنى الواسع مما یتعذر على الادارة المساس بها الا بسلوک سبیل القرار المضاد.
ویقصد بالقرار المنشئ للحق، القرارات التی تترتب علیها اثار قانونیة معینة تتمثل بانشاء مرکز قانونی اوتعدیله او الغائه.
ولایمکننا ان نتلمس سبباً مباشراً لکسب الملکیة الا اذا کان هذا المصدر وحده کافیاً لانشاء الحق، من دون ان یشترک معه التسجیل، أما إذا کان لایغنى عن التسجیل، فلا یعد المصدر کافیاً لانشاء الحق بل یعد لازماً لانشائه، کما فی التصرفات القانونیة، إذ ان الاخیر لاینشیء الحق من بدون تسجیل طالما یعد لازماً له ولیس کافیاً.
ویشترط فی القرار الاداری لکی یکون منشئاً للحق العینی العقاری ان یستند فی هذه السلطة الى القانون ، ولکن یثار التساؤل لماذا لاننسب مصدر الحق الى القانون؟ فی الحقیقة ان القانون یعد مصدراً غیر مباشر للحقوق العینیة جمیعها، فمثلاً ان العقد یعد سبباً لازماً لانشاء الحقوق العینیة العقاریة، الا ان هذا السبب لایعد کافیاً لانشاء هذا الحق بل لابد ان یسجل فی دائرة التسجیل العقاری، لان التسجیل یعد سبباً منشئاً للحقوق، ولکن ماالذی جعل للتسجیل اثراً منشئاً؟ فالقانون هو الذی منح هذا الدور للتسجیل، وهکذا بالنسبة للقرار الاداری، فان القرار الاداری قد یکون له اثر منشیء استناداً الى ما منحه القانون من هذا الدور.
والمثال على الحالة السابقة هو ما ذکره بعض التشریعات من انه یعد مالکاً مَن أحیا أو عمّر أرضاً من الاراضی الموات باذن من السلطة المختصة، فقرار الاذن الصادر من الادارة (الوزارة المالیة) یعد منشئاً لحق الملکیة، أما احیاء الارض أو التعمیر فهو شرط للتملک.
واذا ترتب على القرار الإداری آثار قانونیة، کإنشاء أو تعدیلها أو إلغائها المراکز القانونیة، فیکتسب المخاطبون فیها حقوقاً أو یلتزمون بواجبات کقرار منح قطعة ارض أو وحدة سکنیة لشخص أو اشخاص معینین لذواتهم.
الخــــاتمة
بعد الانتهاء من بحث موضوع الاثر الکاشف للتسجیل، نورد أهم ما توصلنا الیه من استنتاجات ومقترحات وعلى وفق الآتی :
أولاً / الاستنتاجات :
1- تتمثل الشکلیة فی دائرة التصرفات القانونیة فی الإقرار أمام الموظف الذی یعد شکلاً للتعبیر عن الإرادة. أما فیما یتعلق بالتسجیل فی السجل العقاری فهو مجرد إجراء لإشهار العقد لا علاقه له بتکوینه، فی حین تتمثل الشکلیة فی التسجیل فی دائرة التسجیل العقاری فی دائرة الوقائع القانونیة.
2-جعلت التشریعات التی أخذت بنظام السجل العینی، کالقانون العراقی التصرفات العقاریة من التصرفات الشکلیة التی لاتنعقد إلا إذا روعیت فیها الطریقة المقررة قانوناً ، إذ تنشأ الحقوق العقاریة التی تترتب على هذه التصرفات من الشکلیة المفروضة من قبل المشرع، وهذا هو الاثر الاصلی للشکلیة.
3- للشکلیة اثر فی نقل حقوق الملکیة العقاریة فضلاً عن دورها الانشائی، تؤدی دورا کاشفاً لها، بحیث یقتصر اثرها على الکشف عن هذه الحقوق التی تنشأ عن مصادر أخرى غیر التصرفات القانونیة، فیجعلها حقاً ثابتاً ومستقراً .
4- یصبح الالتصاق یصبح سبباً منشئاً من اسباب کسب الملکیة، إذا ما کانت المحدثات التی اقامها الغیر ناتجاً عن حسن النیة، واتصلت بأرض غیره وکانت قیمة المحدثات أکثر من قیمة الأرض. أما دور التسجیل فهو الکشف عن حق الملکیة الذی انشأ وقت اندماج المواد بالارض.
5- تعد الشفعة سبباً من اسباب کسب الملکیة سواءً اکانت الشفعة قد تمت بالتراضی أم بالتقاضی، ولکن اذا کانت الشفعة تمت بالتراضی، فلاتنتقل إلا بتسجیل الاتفاق لان القانون جعل التسجیل رکناً فی التراضی اذا کان محله حقاً من الحقوق العینیة العقاریة، أما اذا تمت الشفعة بالتقاضی، فان الملکیة تنتقل وقت اعلان الشفیع عن رغبته.
6- تعد الأحکام القضائیة، فی بعض الاحیان سببا لکسب حق العینی العقاری، وإذا تمتع القاضی بسلطة تقدیریة فی تطبیق القانون، ولکن لا یستقر هذا الحق فی الذمة الا بعد تسجیله فی دائرة التسجیل العقاری، أما اذا تقید بتطبیق القانون، فان الحق الذی ینجم عنه ینشأ من القانون.
7-یشترط فی القرار الاداری الفردی المنشیء للحق ان یکون قد صدر فی حدود اختصاصه المقید، فان الحق الناتج عنه لایترتب على القرار وانما یعد ناتجاً عن التشریع مباشرة.
ثانیاً / نقترح تعدیل المواد
1-حذف عبارة (سجل فی الدائرة المختصة) فی المادة (508) لتصبح المادة (بیع العقار لا ینعقد الا اذا استوفى الشکل الذی نص علیه القانون). ونقترح على المشرع العراقی رفع عبارة (تسجل أو التسجیل أو سجل فی دائرة التسجیل العقاری) المذکورة فی المواد (602) فی شأن الهبة، و(1071/2) فی شأن القسمة و(1203) فی شأن الإفراغ، (1286/1) فی شأن الرهن التأمینی، و(1324) فی شأن، الرهن الحیازی الواقع على عقار، والاکتفاء بعبارة (مراعاة الشکلیة المقررة فی القانون) فیها، لان الشکلیة فی التصرفات القانونیة تتمثل فی الإقرار أمام الموظف المختص.
2-تعدیل المادة (3/2) من قانون التسجیل العقاری، لتصبح الفقرة على وفق الآتی : (لاینعقد التصرف العقاری الا باقرار أطراف التصرف أمام موظف مختص فی دارة التسجیل العقاری، غیر انه لایکون حجة على الغیر إلا بتسجیله فی هذه الدائرة) ولکی تتلائم مع المادة (109) من هذا القانون ولحسم الخلاف الذی حصل فی الفقه والقضاء بشأن هاتین المادتین.
3-إضافة فقرة أولاً الى المادة (1141) من القانون المدنی العراقی ونصها (یکتسب الشفیع حق الملکیة العقاریة وما فی حکمه من تاریخ ابداء رغبة الشفیع فی الأخذ بالشفعة، غیر انه لایثبت ملک الشفیع للمشفوع الا عند تنفیذ الحکم القاضی بالشفعة بالتسجیل فی دائرة التسجیل العقاری فی حالة التراضی).
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
1. Dr. Hamoud Al-Qaisi, Al-Wajiz in Administrative Law, reprinted by Dar Al-Awael for Printing and Publishing, 1/1, Amman 1998.
2. Anwar Al-Amroussi, Ownership and Reasons for Winning Civil Law, Nass Company for Printing, Cairo, 2003-2004.
3. Aaram Mohamed Saleh, The Legal Machine, Between Theory and Practice in Civil Law, Legal Books House, Egypt, 2009.
4. Dr. Taysir Abdullah Al-Makaid Al-Assaf, Land Registry, Comparative Legal Study, Halabi Publishers, I, Lebanon, 2009.
5. Dr. Tharwat Badawi, Administrative Decisions and the Principle of Legitimacy, c 110, Arab Dar al-Musawiat, Cairo, 1982.
6. Dr. Jamal Khalil Al - Nashar, Adhesion as a Reason for Acquiring Property in Islamic Jurisprudence and Civil Law, New University Publishing House, Alexandria,
7. Dr. Hossam El-Din El-Ahwani, original in-kind rights, reasons for winning property, Dar Abou El-Magd, Cairo, 1993.
8. Dr. Hassan Abdel Basset Ghali, The System of Real Estate Month in Egypt Transformed to the Registry System in Kind, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1999.
9. Dr. Sulaiman M. Al-Tamawi, Principles of Administrative and Comparative Administrative Law, Dar Al-Fikr Al-Arabi, II, Cairo, 1956.
10. Dr. Sulaiman M. Al-Tamawi, General Theory of Administrative Decisions (Comparative Study), Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1966.
11. Dr. Samir Abdel-Sayed Tanago, Sources of Commitment, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 2005.
12. Dr. Sobhi Mahmassani, General Theory of Obligations and Contracts in Islamic Law, 2, Al-Kashaf Library and Printing, Beirut, 1948.
13. Dr. Abbas Al-Sarraf, Explanation of the Contract of Sale in the Kuwaiti Civil Law, Scientific Research House, 1, Kuwait, 1975.
14. Dr. Abdul Hai Hijazi, Sources of Obligation in Accordance with Kuwaiti Law, Vol. 1, Volume I, Kuwait University Publications, 1983.
15. Dr. Abdul Razzaq Ahmad Al-Sanhoury, Al-Waseet in Explaining the New Civil Law, Reasons for Acquiring Ownership, Volume I, Halabi Rights Publications, vol. 2, Beirut, 2000.
16. Abd al-Salam al-mentali, in money and movables on various types of property, c. 2, Al-Amad Printing Press, Cairo, 1926.
17. Dr. Abdul Majid al-Hakim, The Month of Real Estate Practices in Iraqi Law, The Journal of Justice, UAE, Issue (23), Year (7), 1980.
18. Dr. Abdel Moneim Farag al-Sada, Original Rights in Original, Original Rights in Original Study in Lebanese Law and the Egyptian Law, Dar al-Nahda al-Arabiya, Beirut, no year of publication.
19. Dr. Abdel Nasser Tawfiq al-Attar, Explanation of the provisions of the right of ownership, al-Bustani Foundation for Printing, Cairo, 1992.
20. Dr. AbdulRazaq Ahmed Al-Sanhoury, Mediator in Explaining Civil Law, C 9, Reasons for Acquiring Property, Knowledge Establishment, Alexandria, Revised Edition, 2004.
21. Dr. Abdul Ghani Bassiouni, Administrative Law, Comparative Study, Al-Ma'aref Establishment, Cairo, No Year Printed.
22. Dr. Abdel Moneim Farag Sada, Origins of Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Beirut, no year of publication.
23. Dr. Ali Hadi Al-Obeidi, Al-Wajeez in explaining the Civil Law, in-kind rights-comparative study, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, 1, Jordan, 3rd edition, 2000.
24. Dr. Maher Saleh Allawi, Administrative Decision, Dar al-Hikma, Baghdad, 1991.
25. Dr. Mohsen Khalil, The Constitutional System in Egypt and the United Arab Republic, Al Ma'arif Establishment, 1, 1959.
26. Dr. Mohammed Sulaiman Al-Ahmad, Civil Thoughts, Ideas and Views in Civil Law, Hamdy Foundation for Printing and Publishing, Sulaymaniyah, 2009.
27. Dr. Muhammad Sulaiman Al - Ahmad, The difference between possession and security in the acquisition of property, Legal Library, I 1, Jordan, first issue, 2001.
28. Mohamed Taha Al-Bashir and Dr. Ghani Hassoun Taha, Rights in Kind, C1, Legal Library, I3, Baghdad, 2009.
29. Mohamed Labib Shanab, Explanation of the provisions of the contract of sale, Cairo, without mentioning the name of the printing press, 1966, p.
30. Dr. (2) The reasons for the acquisition of property and the rights derived from the right of ownership, the study of the balance of Arab blogs, Dar al-Thaqafa library for publication and distribution, Amman-Jordan, first edition / third edition, 1999.
31. Dr. Mahmoud El Sayed El Tahawy, The General Theory of Judgments according to the Jurisprudence and the Rulings of the Courts, University Thought House, 1, 2002.
32. Dr. Mahmoud Mohamed Hafez, Administrative Control Decisions, C1, Administrative Decisions in General, Without Place of Publication, I, 1964.
33. Dr. Mustafa Abdel-Sieder Al-Khorai, The Rulings of Al-Zaher in the History of Al-Aini, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, 2, Cairo, (revised), 1988.
34. Mustafa Majid, The Rules of Real Estate Registration in the Tabu, Al-Ani Press, Baghdad, 1968, p.
35. Advisor Moawad Abdul Tawab, the register in kind and in action, the Arab Thought House, Cairo, 1989.
36. Dr. Nabil Ismail Omar, The Power of Appreciation Judge, in Civil and Commercial Materials, Analytical and Applied Study, Al-Ma'aref Establishment, 1, Alexandria, 1984.
37. Abdalla (Fathi Abdel- Rahim): Aspects nouveaux du formalisme dans les contrats civils, le Caire, 1974, p. 534
38. Asaad Abdul Aziz Al Jumaili, Sale of Property in Iraqi Civil Law, Master Thesis, Faculty of Law, University of Baghdad, 1984.
39. Bhamo Parvez Aziz, The General Theory of Civil Protection, Comparative Analytical Study, PhD thesis submitted to the Faculty of Law and Politics, 2010.
40. Gamal Abdel-Kadhim Al-Haj Yassin, Ruling on claiming a legal reason for industrial adhesion - comparative study, Master thesis submitted to the Faculty of Law, University of Babylon, 2005.
41. Hussein Abdul Qader Mahmoud, The Idea of Formality and its Applications in Contracts, PhD thesis submitted to the Faculty of Law, University of Baghdad, 2004.
42. Ali Mohamed Bedair, Types of Administrative Decisions, Journal of Law and Economics, issued by the Law and Economics Department at the University of Basra, No. (3-4) second year, 1970.
43. Iraqi Civil Code No. (40) for the year 1951 amending
44. Egyptian Civil Law No. 131 of 1948.
45. Instructions (1) for the year 2007, issued by the Ministry of Martyrs and Anfal.
[46] Iraqi Real Estate Registration Law No. (43) of 1971 Amended
47. Civil Transactions Law of the United Arab Emirates No. (5) for the year 1985, as amended by Federal Law No. (1) of 1987 and Article (9) of Law No (7) of 2008
48. Law No. (13) for the year 2008 regarding the regulation of the initial land register in the Emirate of Dubai.
49. Decision No. 688 / H / 959 of 3/5/1959, published in the Journal of Judiciary, Journal of Human Rights issued by the Bar Association of Iraq (4), year (17), 1959.
50. Decision No. 543 / Civil, third, 1974, on 22/2/1975, published in the set of judicial judgments, p. 1, year 6, 1975.
51 / Decision of the Iraqi Court of Cassation No. 744 / M 2 transferred / 1973 on 28/3/1974, published by Ibrahim Mashahadi, Legal Principles in the Court of Cassation, Civil Law Department, Central Workers' Press, Baghdad, 1988.
52. Appeal No. 2334 years 62 BC, 30 March 1994, 45, p. 618. Referred to Said Ahmed Shala, the district of civil cassation in the property, the knowledge facility in Alexandria, 2000, p. 314.