الملخص
لا یملک الطفل بحکم تکوینه العضوی القدرة على حمایة نفسه من المخاطر التی تعرض حیاته وسلامته البدنیة أو العقلیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر، ولا یملک القدرة على إدراک ماهیة الأخطار التی تحیق به أو التی قد یتعرض لها، ولاسیما فی السنوات الأولى من عمره، لذا تتجه القوانین إلى إضفاء الحمایة الجزائیة للطفل من حالات تعریضه للخطر بتجریم الأفعال أو السلوکیات التی من شأنها أن تعرض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو العقلیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر ولو لم یتحقق عنها ضرر فعلی ، ویأتی ضمن هذا الاتجاه مشروع قانون حمایة الطفل العراقی الذی تضمن النصوص الجزائیة الخاصة بحمایة الطفل من حالات التعریض للخطر.
ویهدف البحث فی موضوع الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر الوقوف على السیاسة الجنائیة الوقائیة للمشرع العراقی لفئة الأطفال المعرضین للخطر فی ضوء مشروع قانون حمایة الطفل، ومدى اختلافها عن تلک السیاسة التی اتبعها المشرع فی قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل أو اتفاقها معه، على الرغم من مرور أربعة عقود ونصف على صدور القانون الأخیر، فضلا عن الوقوف على مدى فعالیة هذه الحمایة أو قصورها، ولاسیما مع انتشار ظاهرتی الأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع اللتین أصبحتا من الظواهر الخطیرة والمنتشرة على نطاق واسع فی العقود الأخیرة ، وما تشکله هاتان الظاهرتان من خطر بلیغ على الطفل بحکم تکوینه العضوی والعقلی
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر -دراسة مقارنة فی ضوء مشروع قانون حمایة الطفل العراقی-(*)-
Penal protection of the child at risk - A comparative study in the light of the Iraqi child protection bill
أسامة أحمد محمد النعیمی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Osama Ahmed Mohammed Al Nuaimi College of law / University of Mosul Correspondence: Osama Ahmed Mohammed Al Nuaimi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 26/6/2013 *** قبل للنشر فی 5/9/2013.
(*) Received on 26/6/2013 *** accepted for publishing on 5/9/2013.
Doi: 10.33899/alaw.2013.160724
© Authors, 2013, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
لا یملک الطفل بحکم تکوینه العضوی القدرة على حمایة نفسه من المخاطر التی تعرض حیاته وسلامته البدنیة أو العقلیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر، ولا یملک القدرة على إدراک ماهیة الأخطار التی تحیق به أو التی قد یتعرض لها، ولاسیما فی السنوات الأولى من عمره، لذا تتجه القوانین إلى إضفاء الحمایة الجزائیة للطفل من حالات تعریضه للخطر بتجریم الأفعال أو السلوکیات التی من شأنها أن تعرض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو العقلیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر ولو لم یتحقق عنها ضرر فعلی ، ویأتی ضمن هذا الاتجاه مشروع قانون حمایة الطفل العراقی الذی تضمن النصوص الجزائیة الخاصة بحمایة الطفل من حالات التعریض للخطر.
ویهدف البحث فی موضوع الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر الوقوف على السیاسة الجنائیة الوقائیة للمشرع العراقی لفئة الأطفال المعرضین للخطر فی ضوء مشروع قانون حمایة الطفل، ومدى اختلافها عن تلک السیاسة التی اتبعها المشرع فی قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل أو اتفاقها معه، على الرغم من مرور أربعة عقود ونصف على صدور القانون الأخیر، فضلا عن الوقوف على مدى فعالیة هذه الحمایة أو قصورها، ولاسیما مع انتشار ظاهرتی الأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع اللتین أصبحتا من الظواهر الخطیرة والمنتشرة على نطاق واسع فی العقود الأخیرة ، وما تشکله هاتان الظاهرتان من خطر بلیغ على الطفل بحکم تکوینه العضوی والعقلی.
Abstract
It is known that the child by virtue of its composition and organic mental does not have the ability to protect itself from the risk that displays his life and physical integrity, mental or moral or educational risk, and does not have the ability to perceive what the dangers that beset him or that might be exposed, especially in the early years of age, but these considerations tend laws to give the penal protection of the child from the cases exposed to risk by criminalizing acts or behaviors that would endanger the lives of the child or his physical or mental, moral or educational risk if not achieved by actual harm, and within this trend will come Project Child Protection Act, which included Iraqi penal provisions for the protection of children from exposure to risk situations .The aim of research on the subject of the penal protection of the child at risk to stand on the criminal policy of preventive lawmaker Iraq for a class of children at risk in the light of the draft Law on the Protection of the Child, and how they differ from the policy pursued by the legislator in the Penal Code No. 111 of 1969 amended or agreed with him, although the passage of four and a half decades on the promulgation of the law the latter, as well as stand on the effectiveness of such protection or limitations, especially with the spread of the phenomena of abandoned children, street children, which have become of dangerous phenomena and deployed widely in recent decades, and posed by these phenomena risk of pithy the organic virtue composition baby and mental development.
المقدمـة
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمین سیدنا محمد بن عبد الله إمام العلماء، قدوة کل عالم وأسوة کل متعلم، وعلى آله الطیبین الطاهرین وصحبه أجمعین.
وبعد فان مقدمة بحثنا یمکن أن توضح فی النقاط الآتیة :
أولاً : التعریف بموضوع البحث وأهمیته
لا مراء فی القول بأن الاهتمام بالطفل ورعایته وحمایة حقوقه منذ ولادته، مروراً بمراحل نموه واستنهاض ملکاته الفکریة والإبداعیة، وصولا إلى استکمال بنیته الجسمیة والعقلیة، هو الطریق الأمثل لنهضة الأمم ورقیها واستمرار حضارتها . فالأطفال هم شباب الغد ورجال المستقبل، وثروة الأمة، وأملها المنشود لتحقیق ما تصبوا إلیه من الأهداف العظام.
وانطلاقا من هذه الأهمیة الکبرى للطفل والطفولة بوصفها مرحلة أساسیة فی حیاة الإنسان، فقد تعالت الأصوات التی تدعو إلى الاهتمام بحقوق الطفل وضرورة توفیر الحمایة القانونیة الفعالة لها، على الصعیدیین الدولی والوطنی. أما على الصعید الدولی فقد تبلورت الجهود الدولیة -ولاسیما تلک التی بذلت فی القرن الماضی - بإقرار عدید من الوثائق والاتفاقیات الدولیة ، ولعل أهمها اتفاقیة حقوق الطفل التی اعتمدتها الجمعیة العامة للأمم المتحدة عام 1989، التی حظیت بترحیب کبیر من المجتمع الدولی إذ صادقت علیها دول العالم معظمها، ومنها العراق.
أما على الصعید الوطنی على تضمین دساتیرها النصوص التی تؤکد قد حرصت الدول التزام الدولة بحمایة حقوق الطفل ومنع أشکال الاعتداء کلها علیها((، فضلا عن سن القوانین الخاصة التی تشتمل على کل ما یتعلق برعایة الطفل وحمایة حقوقه المدنیة والسیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة، وتضمینها النصوص الجزائیة اللازمة لمنع الاعتداء على هذه الحقوق أو المساس بها، إذ ان الطفل مخلوق ضعیف لا یستطیع حمایة نفسه من الأخطار التی تحدق به، الأمر الذی یسهل على ضعاف النفوس ارتکاب جرائمهم ضده أو استغلاله من دون خوف من فشل أو عقاب، ویأتی ضمن هذا الاتجاه مشروع قانون حمایة الطفل العراقی الذی تضمن النصوص الجزائیة الخاصة بحمایة الطفل من حالات التعرض للخطر.
ثانیاً : أسباب اختیار الموضوع
ویمکن إجمال الأسباب التی دعتنی إلى اختیار البحث فی موضوع الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر فی ضوء مشروع قانون حمایة الطفل العراقی على وفق ما یأتی:
ثالثاً : تساؤلات البحث
نحاول فی هذا البحث إیجاد إجابات لمجموعة من التساؤلات من أهمها:
رابعاً : نطاق البحث
یتحدد نطاق البحث بدراسة الحمایة الجزائیة الموضوعیة للطفل من حالات تعرضه للخطر المنصوص علیها فی قانون العقوبات العراقی رقم 111 لسنة 1969 المعدل ومشروع قانون حمایة الطفل العراقی من دون الحمایة الجزائیة الإجرائیة له، ولا سیما أن جرائم تعریض الطفل للخطر هی تلک الطائفة من الجرائم التی یکتفی فیها المشرع بترتیب الجزاء الجنائی على السلوک الإجرامی لمجرد تعریض الحق أو المصلحة محل الحمایة الجزائیة للخطر من دون استلزام إلحاق الضرر الفعلی بها.
خامسا : منهجیة البحث
سوف نتبع فی هذه الدراسة منهجا تحلیلاً مقارناً یعتمد على تحلیل النصوص القانونیة والآراء الفقهیة ومناقشتها واستخراج الأحکام المناسبة منها، فضلا عن المقارنة بین القانون العراقی والقوانین ذات الصلة بموضوع البحث ، ولاسیما العربیة منها.
سادسا : هیکلیة البحث
فی ضوء ما تقدم ارتأینا تناول موضوع البحث على وفق الخطة الآتیة:
المبحث الأول : مفهوم الطفل المعرض للخطر
المطلب الأول : تعریف الطفل المعرض للخطر
المطلب الثانی : تمییز الطفل المعرض للخطر عن غیره
المطلب الثالث : حالات تعرض الطفل للخطر
المبحث الثانی : تطبیقات الحمایة الجزائیة الطفل المعرض للخطر
المطلب الأول : جریمة ترک الطفل أو التخلی عنه
المطلب الثانی : جریمة الامتناع عن رعایة الطفل
المبحث الأول
مفهوم الطفل المعرض للخطر
لا یملک الطفل بحکم تکوینه العضوی والعقلی القدرة على حمایة نفسه من المخاطر التی تعرض حیاته وسلامته البدنیة أو النفسیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر، ولا یملک القدرة على إدراک ماهیة الأخطار التی تحیق به أو التی قد یتعرض لها ، ولاسیما فی السنوات الأولى من عمره. فضلا عن ذلک فان الطفل لا یملک القدرة على العیش بمفرده، وإنما یعیش عالة على غیره - وان کان له مال یتعیش منه - فهو دائما فی حاجة إلى رعایة والدیه وتوجیهها أو الذین یکونون مسؤولین عنه من غیر الوالدین، لذا تتجه القوانین إلى إضفاء الحمایة الجزائیة للطفل من حالات تعریضه للخطر بتجریم الأفعال أو السلوکیات التی من شانها أن تعرض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر ولو لم یتحقق عنها ضرراً فعلیاً.
وتقتضی دراسة الحمایة الجزائیة للطفل من حالات تعریضه للخطر بدایة تحدید مفهوم الطفل المعرض للخطر، وهو ما سنتناوله فی هذا المبحث من خلال تقسیمه إلى مطالب ثلاث نخصص الأول لتعریف الطفل المعرض للخطر، فیما نبین فی الثانی تمییز الطفل المعرض للخطر عن غیره، أما الثالث فنتناول فیه حالات تعریض الطفل للخطر .
المطلب الأول
تعریف الطفل المعرض للخطر
یتطلب تعریف الطفل المعرض للخطر تحدید المقصود بکل من الطفل والتعرض للخطر على انفراد، وهو ما سنتناوله فی الفرعیین الآتیین على وفق ما یأتی :
الفرع الأول
تعریف الطفل
یکتسب تعریف الطفل – أی تحدید الفترة الزمنیة من عمر الإنسان المسماة بالطفولة – أهمیة کبیرة، لارتباطه بمجموعة کبیرة ومتنوعة من الحقوق التی یتمتع بها من یصدق علیه هذا الوصف، فضلا عن الالتزامات التی تقع على عاتق والدی الطفل أو الأشخاص الذین یتولون رعایته وحفظه والعنایة به، فضلاً عن سلطات الدولة المختصة.
والطفل بکسر الطاء لغة : هو الصغیر من کل شیء عینا کان أو حدثا ، فالصغیر من أولاد الناس والدواب طفل، والصغیر من السحاب طفل.
والمصدر: الطفل بفتح الطاء والفاء، ومنه الطفولة والطفالة والطفولیة. والطفولة هی المرحلة من المیلاد إلى البلوغ، قال أبو الهیثم الصبی یدعى طفلا حین یسقط من بطن أمه إلى أن یحتلم،
لقوله تعالى ((ثُمَّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلاً)).
والطفل أیضا : المولود ، وقیل هو الولید مادام رخصا أی ناعما ، وهو للمفرد المذکر ، والجمع أطفال، وفی التنزیل (({وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنکُمُ الْحُلُمَ فَلْیَسْتَأْذِنُوا)).
قد یستوی لفظ الطفل عند إطلاقه المفرد والجمع ، الذکر والأنثى ، لقوله جل شأنه ((أَوِ الطِّفْلِ الَّذِینَ لَمْ یَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء)).
وعرف الاصطلاح الفقهی، الطفل بأنه : ( الشخص الذی لم تکتمل له ملکة الإدراک والاختیار لقصور عقله عن إدراک خصائص الأشیاء واختیار النافع منها والنأی عن الضار منها ، ولا یرجع هذا القصور فی الإدراک والاختیار إلى علة أصابت عقله ، وإنما مرد ذلک لعدم اکتمال نموه وضعف فی قدرته الذهنیة والبدنیة لوجوده فی سن مبکرة ، ولیس فی استطاعته بعد وزن الأشیاء بمیزانها الصحیح وتقدیرها حق التقدیر ).
وعرف أیضا بأنه: ( الصغیر منذ ولادته حتى یتم نضوجه الاجتماعی والنفسی، وتتکامل لدیه عناصر الرشد التی تتمثل فی الإدراک، أی القدرة على فهم ماهیة فعله وطبیعته وتقدیر نتائجه مع توفر الإرادة لدیه ، أی القدرة على توجیه نفسه إلى فعل معین أو الامتناع عنه )،
أو هو الصغیر الذی لم یبلغ سن الرشد الجنائی. أما فی الاصطلاح القانونی، فقد ورد تعریف الطفل فی قانون الطفل المصری رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، إذ نصت المادة (2) منه على انه : (یقصد بالطفل فی مجال الرعایة المنصوص علیها فی هذا القانون کل من لم یتجاوز سنه الثامنة عشر سنة میلادیة کاملة). وورد تعریف الطفل فی المادة (4) الخاصة بالتعریفات من قانون الطفل السودانی لسنة 2010، إذ عرفته بأنه: ( کل شخص لم یتجاوز سن الثامنة عشر)، وفی مجلة ( قانون ) الطفل التونسی رقم 92 لسنة 1995، إذ نص الفصل الثالث منه على أن الطفل هو: ( کل إنسان عمره اقل من ثمانی عشر عاما، مالم یبلغ سن الرشد بمقتضى أحکام خاصة).
فی حین لم یتضمن قانونی العقوبات ورعایة الأحداث العراقیین تعریفا للطفل، فی حین ورد تعریف الطفل فی مشروع قانون حمایة الطفل العراقی ، إذ نصت المادة (5) منه على أن الطفل هو : (کل شخص ولد حیا ولم یتم ثمانی عشرة سنة میلادیة کاملة من عمره).
فضلا عن ذلک ، فقد تضمنت اتفاقیة حقوق الطفل لسنة 1989 تعریفا للطفل، إذ نصت المادة (1) منها على انه : (لأغراض هذه الاتفاقیة یعنی الطفل کل إنسان لم یتجاوز الثامنة عشر، مالم یبلغ سن الرشد قبل ذلک بموجب القانون المنطبق علیه).
ویتضح مما تقدم إن القوانین الحدیثة تتجه إلى استخدام لفظ الطفل للدلالة على صغار السن بدلا من لفظ الحدث،
وهو ما یعود بحسب رأی فی الفقه – نؤیده – إلى مسألتین أساسیین:
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون حمایة الطفل العراقی یتمیز بأنه قد جمع الأحکام کلها التی تتعلق بالطفل، سواء ما تعلق منها بمیلاد الطفل وصحته وتعلیمه وعمله وثقافته، فضلا عن النصوص الجزائیة التی تکفل الحمایة الجزائیة لحقوق الطفل المختلفة ، إلا انه لم یتضمن الأحکام التی تتعلق بالمسؤولیة الجزائیة للطفل، إذ أحال هذه الأحکام إلى قانون رعایة الأحداث رقم 76 لسنة 1983 النافذ أو أی قانون أخر یقدم حقوقاً وضمانات أفضل للطفل الجانح.
نقترح بدورنا على المشرع العراقی فی حال إصدار قانون حمایة الطفل إلغاء قانون رعایة الأحداث وتضمین قانون حمایة الطفل الأحکام جمیعها التی تتعلق بالمسؤولیة الجزائیة للطفل، إذ من شأن الأخذ بهذا الاقتراح جعل قانون حمایة الطفل المرجع الوحید للأحکام جمیعها التی تتعلق بالطفل الاجتماعیة منها والجزائیة ، وهذا ما انتهجه المشرع فی مصر وتونس والسودان عند إصداره لقانون الطفل.
ویتضح أیضا أن القوانین الحدیثة الخاصة بالطفل تتفق على تحدید المرحلة الزمنیة من عمر الإنسان التی یطلق علیها بالطفولة، إذ حددت ابتداء هذه المرحلة بولادة الطفل حیاً، وحددت انتهائها بتمام عمر الثامنة عشر من عمره، ومن ثم فان الحمایةالجزائیة للطفل على وفقها تمتد لکل صغیر منذ لحظة میلاده إلى بلوغه سن الرشد بإتمامه الثامنة عشر من عمره التی بانتهائها تنتهی الحمایة المقررة له کطفل لزوال العلة من إقرارها، إذ یفترض إتمام هذه السن فیه أن الطفل قد تطور جسدیا وعقلیا وعاطفیا وبلغ درجة الرشد والاکتمال.
الفرع الثانی
تعریف التعرض للخطر
إن ما یهمنا فی نطاق بحثنا هو تحدید مفهوم التعریض للخطر بوصفه صورة من صور جرائم الخطر التی تعنی أنماط السلوک المجرمة لحد ذاتها، إذ یمد هذا النوع من التجریم المشرع نطاق الحمایة الجزائیة للطفل إلى أبعد من مجرد تجریم السلوکیات الضارة مباشرة بحقوق الطفل لیصل إلى تجریم تعریض هذه الحقوق للخطر وحتى قبل حدوث أی ضرر فعلی بها، إلى لمنع تحقق الضرر.
وقد عرف التعرض للخطر بأنه : ( السلوک الإنسانی المنشئ لحالة الخطر الذی یعنی احتمال حدوث ضرر بالمصلحة التی یحمیها القانون ).
وعرف أیضا بأنه : ( السلوک الایجابی أو السلبی الذی یعنی خشیة حدوث ضرر لقیمة اجتماعیة محل الحمایة القانونیة.
لذا فالتعریض للخطر هو ذلک السلوک – الایجابی أو السلبی – الذی یحمل فی طیاته احتمال حدوث نتیجة ضارة بالحق أو المصلحة التی یحمیها القانون بنص التجریم، وهو بهذا المعنى الخطوة السابقة مباشرة على الضرر أو هو مقدمة لتحقیق الضرر. وبعبارة أخرى، فالتعریض للخطر هو السلوک الذی لم یصل بعد إلى حد الإضرار الفعلی بالمصلحة محل الحمایة الجزائیة ، وهی بقدر تعلق الأمر بموضوع بحثنا تتمثل بحق الطفل فی التنشئة فی بیئة ملائمة تساعده على النمو السلیم من دون تعرض حیاته أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
وبناء على ما تقدم یمکن أن نعرف الطفل المعرض للخطر بأنه : (کل شخص ولد حیا ولم یتم الثامنة عشرة من عمره وضع أو وجد فی ظروف تهدد حیاته أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر).
المطلب الثانی
تمییز الطفل المعرض للخطر عن غیره
یقتضی توضیح مفهوم الطفل المعرض للخطر تمییزه عن غیره من المفاهیم التی ترتبط بالطفل، کالطفل الجانح، والطفل المعرض للجنوح، والطفل ضحیة سوء المعاملة.
لذا فإننا خصینا هذا المطلب لتمییز الطفل المعرض للخطر عن غیره فی تقسیمه إلى ثلاثة فروع، نبین فی الأول تمییزه عن الطفل الجانح، وفی الثانی تمییزه عن الطفل المعرض للجنوح، والثالث لتمییزه عن الطفل ضحیة سوء المعاملة.
الفرع الأول
تمییزه عن الطفل الجانح
یتمثل انحراف الطفل– بشکل عام – فی مظاهر السلوک الإنسانی غیر المتوافق مع السلوک الاجتماعی السوی، وتظهر الصورة البارزة لهذا الانحراف فی ارتکاب الطفل فعلا یعد جریمة على وفق قانون العقوبات أو القوانین المکملة له، مما یعد انحرافا جنائیا، یصطلح على تسمیته بالجنوح ، ویطلق على الطفل الذی یرتکبه مصطلح الطفل الجانح.
وتذهب بعض القوانین إلى تعریف الطفل الجانح، ومنها قانون الطفل السودانی لسنة 2010 ، إذ جاء فی المادة (4) منه أن الطفل الجانح هو : (کل طفل أتم الثانیة عشر ولم یبلغ الثامنة عشر عند ارتکابه فعلا مخالفا للقانون )، وقانون الأحداث الجانحین والمشردین الإماراتی رقم 9 لسنة 1979 ، إذ نصت المادة (6) منه على انه : ( یعد الحدث جانحا إذا ارتکب جریمة من الجرائم المعاقب علیها بموجب قانون العقوبات أو أی قانون آخر ).
وهناک قوانین أخرى تفضل استخدام مصطلح ( الطفل أو الحدث المنحرف ) للدلالة على الطفل الجانح، کقانون الأحداث الکویتی رقم 3 لسنة 1983، إذ نصت الفقرة (2) من المادة (1) منه على أن : ( الحدث المنحرف : کل حدث أکمل السابعة من عمره ولم یبلغ تمام الثامنة عشر وارتکب فعلا یعاقب علیه القانون ). وأیضا قانون الأحداث القطری رقم 1 لسنة 1994، إذ نصت الفقرة (3) من المادة (1) منه على أن : ( الحدث المنحرف : کل حدث ارتکب جنایة أو جنحة ). بینما لم تتضمن قوانین أخرى تعریفا للطفل الجانح، کقانون الطفل التونسی وقانون الطفل المصری.
أما بالنسبة للقانون العراقی، فیلحظ أن المشرع لم یفرد فی مشروع قانون حمایة الطفل نصا یضمنه تعریف الطفل الجانح- على غرار نهجه فی قانون رعایة الأحداث النافذ - وإنما أشار إلیه فی الفرع الثانی من الفصل الثالث من الباب الثالث الذی جاء تحت عنوان (الطفل الجانح )، إذ حدد المشرع الحد الأدنى لسن المسؤولیة الجزائیة، إذ نصت الفقرة (1) من المادة (129) على انه : (لا یسأل جزائیا من کان وقت ارتکاب الجریمة طفلا لم یتم التاسعة من عمره، ولا تقام الدعوى ضده، ولا یعرض أمام أی جهة قضائیة أو تنفیذیة).
لقد حدد المشرع العراقی نهایة مرحلة الطفولة فی حیاة الإنسان بتمام الثامنة عشرة من عمره، فأن الطفل الجانح على وفقها هو کل طفل أتم التاسعة من عمره ولم یتم الثامنة عشرة من عمره وثبت ارتکابه فعلا یعد جریمة على وفق القانون العقوبات أو القوانین المکملة له.
بعد هذا العرض الموجز لمفهوم الطفل الجانح أن نبین أهم أوجه التمییز بینه وبین الطفل المعرض للخطر، إذ یمکن القول بان أساس المفهومین کلیهما مختلف، مفهوم الطفل المعرض للخطر ویکمن أساس فی أن الطفل لم یرتکب فعلا یعد جریمة على وفق قانون العقوبات أو أی قانون آخر، وإنما وجد أو وضع فی ظروف تنذر بخطر یتهدد حیاته أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة، الذی یخشى منها وقوع الضرر الفعلی بها، فی حین یکمن أساس مفهوم جنوح الطفل فی إن الطفل قد ارتکب فعلا یعاقب علیه القانون، ویعاقب القانون الجانی لان فعله الحق ضررا بالمجنى علیه أو المجتمع.
إذن فالفعل الذی یعد جنوحاً هو فی حقیقته جریمة یعاقب علیها القانون، ولا یختلف وصف الجریمة باختلاف شخص مرتکبها طفلا کان أم بالغاً، ولکن الذی یختلف هو رد الفعل الاجتماعی إزاء هذه الجریمة، فإذا ما وقعت من طفل کان عقابه بفرض عقوبات جزائیة مخففة إذا وجد القاضی أن إصلاح الطفل الجانح لا یکفیه مجرد توقیع تدابیر علیه، أما إذا کان بالغاً فیعاقب بالعقوبات الأصلیة المقررة للجریمة.
ویختلفان من حیث أن الطفل یمکن أن یکون معرضاً للخطر فی ایة مرحلة من مراحل طفولته، سواء أکان ممیزا أم غیر ممیز وحتى بلوغه سن الرشد، إذ لا یرتبط تعرض الطفل للخطر بسن معینة للطفل، فی حین لا یمکن أن یعد الطفل جانحا إلا إذا بلغ سن المسؤولیة الجزائیة، وهی سن معینة تنعدم قبلها مسؤولیته الجزائیة، ومن ثم لا یمکن أن یعد الطفل جانحا إذا ارتکب جریمة قبل بلوغه هذه السن.
الفرع الثانی
تمییزه عن الطفل المعرض للجنوح
لانحراف الطفل صورة أوسع نطاقا وأکثر شیوعا من الجنوح، إلا أنها أقل خطورة منه تبدو فی مظاهر السلوک السیء للطفل الذی لا یعد جریمة، کالمروق من سلطة الوالدین أو الاعتیاد على الهروب من المدرسة أو مخالطة ذوی السیرة السیئة ، وهو ما یعد مقدمة لجنوح الطفل ، ویعبر عنه بالتعرض للجنوح.
ویعرف الطفل المعرض للجنوح بأنه الصغیر الذی لم یرتکب جریمة یعاقب علیها القانون ولکنه یوجد فی حالة من البؤس والشقاء یحتمل معها أن ینزلق إلى ارتکاب الجریمة، أو هو الطفل الذی یوجد فی ظروف تنذر بأن یتهدده خطر یحیق به هو نفسه أو بأن یکون هذا الطفل مصدر الخطورة على الغیر.
فضلا عن ذلک ، فقد تضمن تقریر معهد دراسات الإجرام فی لندن تعریفا للطفل المعرض للجنوح، إذ عرفه بأنه : ( شخص بسن معینة لا یتجاوز الحد الأقصى لسن الحداثة، وهو وان لم یرتکب جریمة على وفق النص القانون، إلا انه یعد - لأسباب معقولة – ذا سلوک مضاد للمجتمع تبدو مظاهره فی أفعاله وتصرفاته لدرجة یحتمل معها أن یصبح جانحاً إذا لم یتخذ معه الإجراء الوقائی المناسب ).
وتتجه القوانین إلى تحدید الحالات التی إذا وجد فیها الطفل عد معرضا للجنوح، حرصا من المشرع على عدم ترک تحدید هذه الحالات لتقدیر القضاء، وسار بهذا الاتجاه المشرع العراقی فی قانون رعایة الأحداث النافذ، إذ یطلق على الطفل المعرض للجنوح مصطلح ( الحدث المشرد أو منحرف السلوک )، فی حین لم یضمن مشروع قانون حمایة الطفل الحالات التی إذا وجد فیها الطفل عد معرضا للجنوح.
وعند العودة إلى قانون رعایة الأحداث أن حالات التعرض للجنوح قد حددتها المادة (24) التی نصت على انه : ( أولا : یعد الصغیر أو الحدث مشردا إذا :
أ. وجد متسولا فی الأماکن العامة أو تصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمل الغش کوسیلة لکسب عطف الجمهور بقصد التسول .
ب. مارس متجولا صبغ الأحذیة أو بیع السکایر أو ای مهنة أخرى تعرضه للجنوح وکان عمره اقل من خمسة عشرة سنة .
ج. لم یکن له محل إقامة معین أو اتخذ الأماکن العامة مأوى له .
د. لم تکن له وسیلة مشروعة للتعیش ولیس له ولی أو مرب .
هـ. ترک منزل ولیه أو المکان الذی وضع فیه بدون عذر مشروع .
ثانیا : یعد الصغیر مشردا إذا مارس ای مهنة أو عمل مع غیر ذویه).
والمادة (25) التی نصت على انه : ( یعتبر الصغیر أو الحدث منحرف السلوک إذا:
أولا : قام بأعمال فی أماکن الدعارة أو القمار أو شرب الخمور .
ثانیا: خالط المشردین أو الذین اشتهر عنهم سوء السلوک .
ثالثا: کان مارقا عن سلطة ولیه).
فالطفل المعرض للجنوح - على وفق ما تقدم - هو الطفل الذی یوجد فی ظروف تنذر بخطر ارتکابه لجریمة، إذ افترض المشرع توافر الخطورة الإجرامیة لدیه بما یحتمل معه ارتکاب الطفل لجریمة فی المستقبل إذا وجد فی إحدى الحالات السابقة ، بمعنى أن هناک علاقة سببیة بین وجود الطفل فی إحدى حالات التعرض للجنوح وبین نتیجة لم تتحقق بعد لکن من شأنها فی الغالب أن تتحقق ، ومن ثم یجب مواجهة هذه الخطورة عن بفرض تدابیر وقائیة علیه، کتسلیمه إلى ولیه أو قریب صالح له أو إیداعه فی احد دور الدولة المخصصة لهذا الغرض حتى لا یقع فی الجریمة أو یعاود الرجوع الیها.
على وفق العرض المتقدم لمفهوم الطفل المعرض للجنوح، ویمکن القول ما یمیز الطفل المعرض للخطر عن الطفل المعرض للجنوح یکمن فی اعتداد المشرع فی حالة الطفل المعرض للخطر بالظروف التی یوجد أو یوضع فیه الطفل التی من شانها أن تعرض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر ، واعتداده فی حالة الطفل المعرض للجنوح بالخطورة الإجرامیة المفترضة لدى الطفل عند وجوده فی إحدى حالات التعرض للجنوح، إلا أننا نجد انه لیس هناک ما یسوغ الفرق بینهما، فالطفل المعرض للجنوح هو ذاته الطفل المعرض للخطر للأسباب الآتیة:
الفرع الثالث
تمییزه عن الطفل ضحیة سوء المعاملة
یعد مفهوم سوء معاملة الطفل أو اساءتها من المفاهیم الحدیثة نسبیا، إذ ولد هذا المفهوم فی مطلع الستینیات من القرن الماضی کنتیجة لأعمال طبیب العظام الانجلیزی "Kemp"، الذی عرضه على وفق متلازمة الطفل المنسحق أو المنهک ضربا، وتصف هذه المتلازمة الطفل ضحیة سوء المعاملة بأنه الطفل الذی یتعرض لإیذاء خطیر بوساطة الوالدین أو مقدمی الرعایة، والتی ینتج عنها غالبا إصابة الطفل بالکسور أو التجمعات الدمویة الدماغیة أو إصابات متعددة فی الأنسجة الرخوة أو العجز المستدیم أو وفاته.
ویرى ستیل وبولوک "Steel and Pollock " إن الطفل ضحیة سوء المعاملة هو الطفل الذی یتعرض لانتهاکات مستمرة وشاملة من الآباء. ویتوسع المرکز القومی الأمریکی بواشنطن فی تحدیده لمفهوم الطفل ضحیة سوء المعاملة لیشمل کل طفل تحت سن الثامنة عشرة یتعرض لإیذاء جسدی أو عقلی أو إساءة جنسیة أو إهمال یقوم به الشخص المسؤول عن رعایة الطفل تحت ظروف تهدد أو تضر بصحة الطفل أو سعادته.
والطفل ضحیة سوء المعاملة – کما یستفاد من مشروع قانون حمایة الطفل العراقی – هو : کل طفل تعرض لضرر بدنی أو نفسی أو اجبر على تنفیذ أفعال تنطوی على مخاطر صحیة أو بدنیة أو معنویة تحول من دون تمتعه بحقوقه أو حرمه الأشخاص الذین یتولون تربیته أو رعایته أو حفظه أو المسؤولون عنه أو المحیطون به من حاجاته الأساسیة.
ومن ثم فأن الطفل یکون ضحیة سوء أو إساءة المعاملة - على وفق ما حدده المشرع العراقی – إذا ما تحققت إحدى الحالات الآتیة:
ویبدو أن المشرع العراقی لم یکن موفقاً فی استخدامه لمصطلح الطفل ضحیة سوء المعاملة، إذ انه لم یستخدم هذا المصطلح سابقا لا فی قانون العقوبات ولا فی قانون رعایة الأحداث النافذین، وإنما جاء استخدامه لهذا المصطلح على ما جاء فی المادة (19) من اتفاقیة حقوق الطفل لعام 1989 التی نصت على التزام الدول الأطراف باتخاذ التدابیر التشریعیة والإداریة والاجتماعیة جمیعها الملائمة لحمایة الطفل من أشکال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنیة والعقلیة أو الإهمال أو المعاملة المنطویة على الإهمال أو الاستغلال - بما فی ذلک الإساءة الجنسیة - کافة، وهو فی رعایة والدیه أو ای شخص یتعهد الطفل بالحمایة أو الرعایة، لان الحالات التی تضمنتها هذه المادة اخذ بها المشرع فی مشروع قانون حمایة الطفل، إذ نص على تجریم إیذاء الطفل (المواد65-68)، وإهماله (المواد 69-70)، واستغلاله جنسیا (المواد 74-81).
ویندرج ما بینه المشرع عند تحدیده لمفهوم الطفل ضحیة سوء المعاملة (تعرض الطفل لضرر بدنی أو نفسی) ضمن حالات إیذاء الطفل بمفهومه العام ، سواء وقع فعل الإیذاء من والدی الطفل أو احدهما أو من الأشخاص الذین یتولون رعایته أو حفظه أو من الغیر، والأمر ذاته ینطبق على (إجبار الطفل على القیام بتنفیذ أفعال تنطوی على مخاطر صحیة أو بدنیة أو معنویة)، إذ أنها تندرج ضمن حالات تعریض الطفل للخطر، ولا سیما ان المشرع لم یتطلب أن ینطبق وصف الطفل ضحیة سوء المعاملة فی هذه الحالة إصابة الطفل بضرر فعلی، وهو الأمر الذی ینطبق على حالات تعریض الطفل للخطر.
فضلا عن ذلک ، فان النص على تحقق وصف الطفل ضحیة سوء المعاملة بالنسبة للطفل الذی یحرم من حاجاته الأساسیة، هو ذاته ما نص علیه المشرع فی نهایة الفقرة (2) من المادة (69) من المشروع التی تتعلق بحالات تعریض الطفل للخطر، ای الطفل المعرض للخطر.
ونجد بناء على ما تقدم إن ما نص علیه المشرع فی قانون حمایة الطفل تحت عنوان (سوء معاملة الطفل)، وحدد له المواد (71-73) هو تزید لا مسوغ له، إذ بالإمکان الاکتفاء بالنصوص الخاصة بإیذاء الطفل وإهماله واستغلاله بما فی ذلک الاستغلال الجنسی، مع التنویه إلى إمکانیة إضافة حالة إجبار الطفل على القیام بتنفیذ أفعال تنطوی على مخاطر تهدد حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة ضمن حالات تعریض الطفل للخطر.
وعلى ایة حال، فإننا إذا ما أخذنا باتجاه المشرع بتحدیده لمفهوم الطفل ضحیة سوء المعاملة، فانه یمکن القول بأن ما یمیز هذا الأخیر عن الطفل المعرض للخطر هو أن الطفل ضحیة سوء المعاملة هو الطفل الذی یتعرض لأشکال العنف أو الإساءة بصورها کافة التی من شانها الإضرار بالطفل بدنیا أو معنویا، سواء ارتکبت من والدی الطفل أو احدهما أو من ای شخص یتولى رعایته أو حفظه أو من الغیر، فضلا عن حرمانه من حاجاته الأساسیة التی تؤثر عکسیا صحة الطفل ونموه البدنی أو النفسی أو الاجتماعی. فی حین یوضع الطفل المعرض للخطر هو الطفل الذی یوجد أو فی ظروف من شانها أن تنذر بخطر یتهدد الطفل فی حیاته أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة من دون الحاجة إلى إصابته بضرر فعلی.
المطلب الثالث
حالات تعریض الطفل للخطر
تتجه القوانین الحدیثة الخاصة بالطفل إلى اعتماد سیاسة جدیدة فی التجریم، إذ تقرر العقاب على الفعل أو السلوک الخطر ولو لم ینتج عنه ضرر فعلی فی محاولة منها لتحقیق الردع المسبق لضمان الحمایة الجزائیة الفعالة لحقوق الطفل، ومن ثم إرساء سیاسة جنائیة منعیة وقائیة رادعة لکل من تسول له نفسه تعریض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
ومع ذلک فان هذه القوانین قد تباینت فیما بینها من حیث تحدید حالات تعریض الطفل للخطر، ویمکن لنا أن نمیز فی هذا الصدد بین ثلاث اتجاهات، على وفق ما یأتی:
الاتجاه الأول : حصر حالات تعریض الطفل للخطر
تذهب بعض القوانین بموجب هذا الاتجاه إلى تحدید حالات تعریض الطفل للخطر على سبیل الحصر، ومنها قانون الطفل المصری الذی نص فی المادة (96) على حالات محددة إذا توفر احدها کان الطفل معرضا للخطر، وهذه الحالات هی :
وحدد قانون ( مجلة ) حمایة الطفل التونسی، حالات تعریض الطفل للخطر فی الفصل (20)، فی معرض بیانه للحمایة المقررة للطفل المهدد أو المعرض لخطر فی حیاته أو سلامته البدنیة أو المعنویة للوسط الذی یعیش فیه الطفل أو للأعمال أو الأنشطة التی یقوم بها أو لأنواع الإساءة المختلفة التی ترتکب بحقه ، ولاسیما فی الحالات الصعبة الآتیة:
وسار قانون حمایة الأحداث المخالفین للقانون أو المعرضین للخطر اللبنانی فی الاتجاه نفسه رقم 422 لسنة 2002، إذ نص على حالات تعریض الطفل للخطر فی المادة (25) وحددها بالحالات الآتیة:
ویلحظ أن المشرع فی هذه القوانین وان کان قد حدد حالات تعریض الطفل للخطر إلا أنه اعتمدت مفاهیم واسعة للتعبیر عنها لکی تأتی أکثر شمولا لأنواع الخطر الذی یمکن أن یتعرض له الطفل، وشمل بحالات التعریض للخطر الحالات التی تعد من ضمن حالات تعریض الطفل للجنوح ( التشرد أو انحراف السلوک ).
وهذا الاتجاه - ولاسیما الذی یتعلق بشمول حالات التشرد وانحراف السلوک بحالات تعریض الطفل للخطر - یسایر السیاسة الجنائیة الحدیثة الخاصة بتحدید مفهوم الطفل المعرض للخطر، فلا یکون الطفل فی هذه الحالات فی وضع یخالف القانون أو ینتهکه، وهو لیس جانحا بل یکون فی الأحیان أغلبها محروما من بعض - أو کل - حقوقه الأساسیة لأسباب أو لظروف غیر ملائمة تعرضه للحرمان وللخطر، إذ ینتج الخطر الذی یوجب التدخل لحمایة الطفل عن وضع او عوامل یتعرض لها الطفل او یحتمل تعرضه لها من شانها أن تسفر عن إلحاق الأذى او الضرر الجسیم بالطفل او تؤدی إلى حرمانه من احتیاجاته الأساسیة.
ویتفق مع المبادئ التی تضمنتها اتفاقیة حقوق الطفل لعام 1989 التی وضعت الأطر العامة لکفالة الحمایة القانونیة للأطفال مما یواجههم من مخاطر وأضرار ، ومنها :
الاتجاه الثانی : التحدید المعیاری لحالات تعریض الطفل للخطر
تذهب بعض القوانین بمقتضى هذا الاتجاه إلى عدم تحدید حالات تعریض الطفل للخطر، والاکتفاء بدلا عن ذلک بوضع معیار محدد یتم الرجوع الیه فی تحدید الحالات التی یعد الطفل بموجبها معرضا للخطر.
ومن القوانین التی سارت بهذا الاتجاه ، قانون الطفل السودانی الذی اعتمدت فی المادة (4) معیار (وجود الطفل بصورة غیر طبیعیة فی الشارع للدرجة التی من شانها أن تعرض سلامته الأخلاقیة أو النفسیة أو الجسدیة أو التربویة للخطر)، بوصفه معیاراً أساساً یستند الیه فی تحدید ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر.
الاتجاه الثالث : عدم تحدید حالات تعریض الطفل للخطر
على وفق هذا الاتجاه تذهب بعض القوانین إلى عدم تحدید حالات تعرض الطفل للخطر، سواء بالنص علیها على سبیل التعداد أو الحصر أم بوضع معیار محدد یتم الرجوع الیه لتحدید ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر، والاقتصار على تجریم تعریض الطفل للخطر بنص عام ومطلق مع الإشارة إلى بعض حالات التعریض للخطر بوصفها من الظروف المشددة للعقوبة.
ومن القوانین التی سارت بهذا الاتجاه مشروع قانون حمایة الطفل العراقی، إذ لم یرد فیه نص یحدد ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر، ولم یضع معیارا یمکن الاستناد الیه فی تحدید ما یعد من ضمن هذه الحالات، وإنما جاء بنص عام ومطلق عاقب بموجبه کل شخص عرض طفلا للخطر سواء بنفسه أم بوساطة غیره، ومن ثم أعقبه بالنص على حالات التعریض للخطر التی من شأنها تشدید العقوبة بحق مرتکب الجریمة وهی :
وهنا تجدر الإشارة إلى أن اتجاه المشرع العراقی فی مشروع قانون حمایة الطفل من یحدد حالات تعریض الطفل للخطر ، وهو الاتجاه ذاته الذی سار علیه فی قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والنافذ، إذ لم یطرأ علیه ای تغییر على الرغم من مرور ما یزید عن أربعة عقود على صدور القانون الأخیر، واختلاف السیاسة الجنائیة بصدد تحدید حالات تعریض الطفل للخطر على النحو الذی بیناه أنفا.
وبعد هذا العرض لموقف القوانین المختلفة من حالات تعریض الطفل للخطر، فان القول بتأیید ای منها نعتقد انه یجب أن یسبقه بیان الصعوبات التی تقع على عاتق المشرع عند تدخله لتقریر السیاسة الجنائیة المنعیة أو الوقائیة التی تؤثر حمایة الطفل وحقوقه تجاه السلوکیات التی تهددها بالخطر، ومن ثم تقریر العقاب علیها لمجرد ارتکابها حتى ان لم یترتب علیها ای ضرر فعلی به.
فمن المعلوم أن المشرع الجنائی عند تدخله لتحدید حالات تعریض الطفل للخطر وتجریمها یقع على عاتقه خلق نوع من التوازن بین طرفی معادلة یتمثل حدها الأول : برغبته فی علاج الآثار السیئة التی تترتب على لامبالاة والدی الطفل أو احدهما أو الأشخاص الذین یتولون رعایته وحفظه أو الغیر واستخفافهم بحیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة. فیما یتمثل حدها الثانی : بضرورة مراعاته لمقتضیات مبدأ الشرعیة الجزائیة التی تحظر وجود تجریم مفتوح یمنح للقضاء سلطة تقدیریة واسعة فی تقدیر توفر حالة من حالات تعریض الطفل للخطر من عدمها، وهو ما یمثل خرقاً لمقتضیات مبدأ الشرعیة الجزائیة الذی یستلزم أن یکون الأفراد على علم مسبق بمکونات الجریمة وظروف تحققها على نحو واضح ومحدد.
إذا کانت سیاسة التجریم المنعی أو الوقائی تملی على المشرع التدخل بالتجریم والعقاب لحمایة حقوق الطفل ، فأن مقتضیات مبدأ الشرعیة الجزائیة تستلزم أن یکون تدخله بنص واضح ومحدد لحمایة الحریات الفردیة من السلطة التحکمیة لبعض القضاة.
ونجد تأسیسا على ما تقدم إن حصر حالات تعریض الطفل للخطر ان کان یتفق مع مقتضیات مبدأ الشرعیة الجزائیة ، إلا أن الواقع قد یفرز حالات أخرى من شأنها تعریض الطفل للخطر من دون أن یتضمنها النص القانونی، ومن ثم لا یمکن مساءلة مرتکبیها وهو الأمر الذی سیؤدی إلى أن تکون الحمایة الجزائیة المقررة للطفل من حالات تعریضه للخطر غیر فعالة أو کاملة.
ومن جانب أخر فان عدم تحدید حالات تعریض الطفل للخطر ، سواء بوضع معیار محدد یتم الرجوع الیه لتحدید ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر أم بالنص العام على تجریم ما من شانه تعریض الطفل للخطر، وان کان من شانه أن یشمل الحالات الواقعیة کلها التی تعرض الطفل للخطر إلا أن من شأن ذلک منح القضاء سلطة تقدیریة واسعة فی تحدید ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر من عدمه، وما من شک إن تقییم القاضی فی هذه الحالة سیعتمد على عقیدته المستمدة من الظروف التی یوجد فیها الطفل، وهو أمر محفوف بالمخاطر خشیة التعسف من بعض القضاة، فضلا عن انه قد یؤدی إلى عدم الاستقرار فی الأحکام أو تضاربها، فما قد یعده احد القضاة من حالات تعریض الطفل للخطر قد لا یعده قاض آخر کذلک.
لذا نجد – بقدر تعلق الأمر بموقف المشرع العراقی – إن تحقیق التوازن بین مبدأ الشرعیة الجزائیة وکفالة الحمایة الجزائیة الفعالة للطفل من حالات تعریضه للخطر، فضلاً عن تجاوز الانتقادات التی توجه إلى القوانین التی تحدد حالات تعریض الطفل على سبیل الحصر، والتی تضع معیارا لها فحسب من دون ان تحدد ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر من عدمه ما یلی :
أولا : أن ینص المشرع فی قانون حمایة الطفل على معیار محدد لتحدید ما یعد من حالات تعریض الطفل للخطر بشکل عام، وان یأخذ بنظر الاعتبار أن حالات تعریض الطفل للخطر لا تقتصر على تلک الحالات التی تعرض حق الطفل فی الحیاة أو فی السلامة البدنیة للخطر فحسب، وإنما تشتمل أیضا على تلک الحالات التی من شأنها أن تعرض أخلاق الطفل وتربیته للخطر، لان حسن تربیة الطفل وضبط سلوکیاته فی المسار الصحیح وتأمین نموه البدنی والعاطفی المتوازن وتطویر قدراته الذهنیة وتعلیمه وبناء شخصیته المتجذرة فیها أسمى معانی الثقة بالنفس والثقافة والأخلاق الرصینة لا یتم إلا فی إزالة أسباب تعریضه للخطر أیا کان شکلها أو مصدرها، بما فی ذلک تلک التی تعرض نموه الأخلاقی والتربوی للخطر، إذ نکفل بذلک للطفل التنشئة السلیمة لیکون شخصا صالحا ومتحملا لمسؤولیاته کافة فی المجتمع، لذا نقترح المعیار الآتی : (یعد الطفل معرضا للخطر إذا وجد فی حالة تهدد حیاته أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر ).
ثانیا : أن یتضمن النص أیضا بیان لحالات تعریض الطفل للخطر الواضحة جدا والأکثر شیوعا التی تتضمن تهدیدا فعلیا لحق الطفل فی الحیاة أو فی السلامة البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة ، وان یشمل بالنص حالات التشرد وانحراف السلوک الواردة فی المادتان (24 - 25 ) من قانون رعایة الأحداث رقم 76 لسنة 1983، لان وجود الطفل فی ایة حالة من حالات التشرد وانحراف السلوک ( التعریض للجنوح ) تشکل فی الوقت ذاته تعریضا لحیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
المبحث الثانی
تطبیقات الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر
تقدم القول بأن المشرع فی القوانین الحدیثة الخاصة بالطفل قد انتهج سیاسة جدیدة فی التجریم، إذ قرر العقاب على الفعل أو السلوک الخطر ولو لم ینتج عنه ضرر فعلی فی محاولة منه لتحقیق الردع المسبق بهدف ضمان الحمایة الجزائیة الفعالة لحقوق الطفل، ومن ثم إرساء سیاسة جنائیة منعیة وقائیة رادعة لکل من تسول له نفسه تعریض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
وفی هذا السیاق یأتی تجریم ترک الطفل أو التخلی عنه وتجریم الامتناع عن رعایة الطفل بوصفه من أهم صور الحمایة الجزائیة التی تتفق القوانین لأغلبها على کفالتها للطفل من حالات تعریضه للخطر، وهو ما سنتناوله فی هذا المبحث بتقسیمه إلى مطلبین، نخص الأول لجریمة ترک الطفل أو التخلی عنه، والثانی لجریمة الامتناع عن رعایة الطفل.
المطلب الأول
جریمة ترک الطفل أو التخلی عنه
تتجه القوانین أغلبها إلى النص على جریمة ترک الطفل أو التخلی عنه بوصفها أحدى حالات تعریض الطفل للخطر.
وقد نص المشرع العراقی على هذه الجریمة فی قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل فی الفصل الخامس من الباب الثامن الذی جاء تحت عنوان (الجرائم المتعلقة بالبنوة ورعایة القاصر وتعریض الصغار والعجزة للخطر وهجر العائلة ) ، إذ نصت المادة (383) على انه: ((1- یعاقب بالحبس مدة لا تزید على ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزید عن ثلاثمائة دینار من عرض للخطر سواء بنفسه أو بواسطة غیره شخصا لم یبلغ الخامسة عشرة من عمره أو شخصا عاجزا عن حمایة نفسه بسبب حالته الصحیة أو النفسیة أو العقلیة .
2 - وتکون العقوبة الحبس إذا وقعت الجریمة بطریق ترک الطفل أو العاجز فی مکان خال من الناس أو وقعت من قبل احد من أصول المحنى علیه أو ممن هو مکلف بحفظه أو رعایته. فإذا نشأ عن ذلک عاهة بالمجنى علیه أو موته دون أن یکون الجانی قاصدا ذلک عوقب بالعقوبة المقررة لجریمة الضرب المفضی إلى العاهة أو الموت بحسب الأحوال ..........)).
وورد النص على هذه الجریمة فی مشروع قانون حمایة الطفل فی الفرع الأول من الفصل الثانی من الباب الثالث الذی جاء تحت عنوان ( إهمال الطفل )، إذ نصت المادة (69) على انه : (( 1- یعاقب بالسجن مدة لا تزید على عشر سنوات من عرض طفلا للخطر سواء بنفسه أو بواسطة غیره .
2 - تکون العقوبة السجن إذا وقعت الجریمة بطریق ترک الطفل فی مکان خال من الناس أو أوقعها واحد من أصول المجنى علیه أو ممن هو مکلف بحفظه أو رعایته . فإذا نشأ عن التعریض للخطر عاهة بالمجنى علیه أو إیذاء نفسی أو بدنی مؤقت أو اعتلال بصحته أو موته من دون أن یکون الجانی قاصدا ذلک عوقب بالعقوبة المقررة لجریمة ضرب الطفل المفضی إلى موته أو إیذاءه بحسب الأحوال .........)).
ویتبین بالمقارنة بین النصین المتقدمین ما یأتی:
ویحمد للمشرع فی مشروع قانون حمایة الطفل رفع سن الطفل المشمول بالحمایة الجزائیة، لان الطفل حتى إتمامه سن الثامنة عشرة یکون فی حاجة إلى رعایة والدیه وتوجیهما أو من یملکون سلطة علیه من غیرهما حتى ینشأ التنشئة السلیمة من الناحیة البدنیة والأخلاقیة والتربویة، ومع ذلک ولإضفاء مزید من الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر من حالات الترک أو التخلی عنه نقترح على المشرع النص على جعل صغر سن الطفل عن التاسعة من العمر- بدایة سن المسؤولیة الجزائیة - بوصفه ظرفاً مشدداً للعقوبة، لان الطفل اضعف ما یکون فی هذه السن، کما إن حاجته إلى الرعایة والعنایة تکون اکبر.
ونجد بهذا الخصوص - بقدر تعلق الأمر بمشروع قانون حمایة الطفل - أن یشمل ظرف التشدید الأشخاص کلهم الذین یقع على عاتقهم قانونیا أو واقعیا مسؤولیة حفظ الطفل ورعایته، سواء کان مرتکب الجریمة والدی الطفل أو احدهما أو ای شخص یقع على عاتقه قانونا أو عرفا أو اتفاقا مسؤولیة حفظ الطفل أو العنایة به، ونقترح على المشرع تحقیقا لهذا الغرض فی حال إصدار القانون تعدیل نص الفقرة (2) من المادة (69) وجعلها على وفق الآتی : (2- وتکون العقوبة السجن إذا وقعت الجریمة بترک الطفل فی مکان خال من الناس أو أوقعها احد أصول المجنى علیه أو المتولین رعایته وحفظه أو المسؤولین عنه)، علما إن هذا التعدیل یجعل من الظروف المشددة التی نص علیها المشرع فی مشروع قانون حمایة الطفل ذات صیاغة واحدة للجرائم المرتبطة جمیعها ضده.
وعلى أیة حال، فانه یلزم لقیام جریمة ترک الطفل أو التخلی عنه تحقق الأرکان الآتیة:
أولا : الرکن المفترض ( محل الجریمة )
تفترض جریمة ترک الطفل أن یکون محل الجریمة - محل الاعتداء - طفلا. ویلزم أن تقع الجریمة على طفل لم یتم الخامسة عشرة من عمره على وفق القانون العقوبات العراقی والأردنی، فی حین لا یشترط ذلک على وفق مشروع قانون حمایة الطفل، وبالتالی یمکن أن تقع الجریمة على الطفل من لحظة ولادته حیا ولحین إتمامه سن الثامنة عشرة من عمره.
فی حین یلزم لقیام الجریمة أن تقع على طفل لم یتم السابعة من عمره، على وفق قانون العقوبات المصری وقانون العقوبات اللبنانی.
على وفق قانون العقوبات الإماراتی فیلزم التمییز بین جریمة ترک الطفل فی مکان خال من الناس وجریمة ترک الطفل فی مکان غیر خال من الناس ، إذ یتطلب لقیام الأولى أن تقع على طفل لم یتم السابعة من عمره، أما الثانیة فیتطلب لقیامها أن تقع على طفل لم یتم الخامسة عشرة من عمره.
ثانیا : الرکن المادی ( فعل الترک أو التخلی )
ویتمثل فی السلوک الذی یأتیه الجانی، وهو فعل الترک أو التخلی, ویراد به وضع الطفل فی مکان غیر المکان الذی یتواجد فیه الأشخاص الملزمین بالاعتناء به أو المحافظة علیه، أو بعبارة أخرى نقل الطفل من مکانه الطبیعی والذهاب به إلى مکان آخر خالٍ من الناس أو غیر خال من الناس ومن ثم ترکه هناک عرضة للخطر. فالترک بهذه الصورة من شأنه أن تعرض الطفل للخطر، لما ینطوی علیه هذا الفعل من تهدید خطیر لحق الطفل فی الحیاة أو السلامة البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة.
ویستوی لقیام الجریمة أن یکون ترک الطفل فی مکان غیر خال من الناس أو ترکه فی مکان خالٍ من الناس، والأول یراد به المکان الذی یتواجد فیه الناس أو یتوقع وجودهم فیه، أما الثانی فیراد به المکان الذی لا یتواجد فیه الناس ولا یتوقع وجودهم فیه إلا نادرا، وهی الحالة التی یصح فیها وجود الطفل فی مکان ما من دون أن یعثر علیه من یسعفه أو یقدم له ید المساعدة من الخطر الذی یتعرض له أو الضرر الجسیم الذی یمکن أن یلحق به.
مع التنویه بان المکان الخالی من الناس لیس المقصود به إن یکون المکان خالیاً من الناس فی جمیع الأوقات ، فالطریق العام مثلا من الجائز أن یعد خالیا من الناس فی ساعة متقدمة من اللیل ولو کان السیر به لا ینقطع مطلقا فی أثناء النهار، ولنا فان الجریمة تقوم بحق من ترک طفلا أمام مسجد أو ملجأ أو جمعیة خیریة أو منطقة نائیة ومهجورة.
ویکفی لقیام الجریمة مجرد ترک الطفل ووضعه فی مکان یبعد عن محل إقامته أو العنایة به ومن دون استلزام تحقق الضرر الفعلی بالطفل، والمعنى أن الجریمة تتحقق بمجرد الانتهاء من عملیة نقل الطفل والترک ومن دون الحاجة إلى إثبات ای فعل آخر أو البحث عن حالة الطفل المجنى علیه أو الوسیلة التی تم نقله بوساطتها، وتبعا لذلک قضی بتوفر الجریمة بحق الأم التی ترکت طفلها لدى الغیر معلنة إیاه بأنها ستعود الیه من دون أن تعود الیه.
وتعد جریمة ترک الطفل بوصفها احد حالات تعریض الطفل للخطر هی من الجرائم الایجابیة التی تتحقق بفعل ایجابی، إلا أن ذلک لا یمنع من تصور وقوع الجریمة من دون فعل ایجابی، ای بالترک أو الامتناع، فإذا وجد شخص طفلاً فی مکان خال من الناس وترکه مع علمه بما یتعرض له من خطر، ولم یتخذ ای إجراء لإنقاذه أو التبلیغ عنه، وتوفر لدیه القصد الجنائی یعد مرتکبا لجریمة تعریض الطفل للخطر بطریق الترک أو الامتناع.
ثالثا : الرکن المعنوی
جریمة ترک الطفل من الجرائم العمدیة ، لذا یلزم لقیامها توفر القصد الجنائی العام بعنصریه العلم والإرادة ، إذ یتعین أن یعلم الجانی بأرکان الجریمة جمیعها کما یتطلبها القانون، وان تتجه إرادته إلى ترک الطفل أو التخلی عنه، وان تکون هذه الإرادة سلیمة وخالیة من العیوب، کالإکراه المادی أو المعنوی.
ویذهب رأی فی الفقه، إلى أن توفر القصد العام لا یکفی لقیام الرکن المعنوی لجریمة ترک الطفل، بل یلزم أیضا توافر القصد الخاص المتمثل بنیة عدم القیام بالعنایة التی تفترضها حراسة الطفل والعنایة به، وان فعل الترک إذا ما ارتکب بنیة جعل الطفل یختفی نکون بصدد جریمة اختفاء الطفل، أما إذا ارتکب بنیة قتله بحرمانه من العنایة، لذا الفعل عندئذ سیمثل قتلا عمدا أو شروعا بالقتل، أما إذا حصل بنیة غیر محددة - نیة إیذاء الطفل - فان الفعل آنذاک سیخضع لأحکام إیذاء الطفل.
ونجد بدورنا إن جریمة ترک الطفل أو التخلی عنه لا یکفی لقیام الرکن المعنوی فیها توفر القصد العام، بل یلزم أیضا توافر القصد الخاص المتمثل بنیة الجانی فی التخلص من مسؤولیة الطفل والعنایة به أو رعایته عن طریق نقله من مکانه الطبیعی إلى مکان آخر وترکه هناک مع توفر نیة عدم الرجوع الیه أو بقائه فی عهدة أو مسؤولیة الأشخاص الملزمین قانونا أو عرفا أو اتفاقا بحفظه أو العنایة به ورعایته.
وتبعا لذلک فقد قضی بان إهمال الأم لرضیعها وترکه وحیدا فی منزلها من دون تعهده بالتغذیة والرعایة فی الأوقات المناسبة مما نتج عنه هزاله ووفاته لا ینطبق علیه الوصف القانونی لجریمة تعریض الطفل للخطر وترکه فی مکان خال من الناس من دون نیة الرجوع الیه أو بقائه تحت عهدة أو مسؤولیة مرتکب الجریمة، وقضی أیضا بأن جریمة ترک الطفل فی مکان خالٍ من الناس یشترط لتطبیقها ترک الطفل بقصد التخلص منه نهائیا، ومن ثم لا تتحقق الجریمة بحق الجدة التی سلمت حفیدها الصغیر إلى أبیه بطلب من أمه التی أصبحت غیر قادرة على الاعتناء به.
المطلب الثانی
جریمة الامتناع عن رعایة الطفل
تمثل حاجة الطفل إلى من یحتضنه ویقوم برعایته والعنایة به حاجة دائمة، ولا سیما من الأشخاص الذین تقع على عاتقهم مسؤولیة حمایة الطفل ورعایته وتوفیر احتیاجاته الأساسیة من مأکل وملبس ومسکن وغیرها من متطلبات الحیاة الأخرى اللازمة لتنشئة الطفل ونموه بدنیا ونفسیا واجتماعیا بشکل صحیح وسلیم ینبئ بمستقبل أفضل له وللمجتمع بأسره.
وتتجه من هذا المنطلق إلى النص على جریمة الامتناع عن رعایة الطفل ضمن جرائم إهمال الواجبات الأسریة بوصفها من اخطر الجرائم التی ترتکب بحق الطفل بحکم صغر سنه وطبیعة جسمه التی لا تمکنه من توفیر احتیاجاته الأساسیة لنفسه بمفرده.
فیما ورد النص على جریمة الامتناع عن رعایة الطفل فی القانون العراقی ضمن الظروف المشددة لجریمة تعریض الطفل للخطر، إذ ورد النص علیها فی نهایة الفقرة (2) من المادة (383) من قانون العقوبات النافذ التی نصت على انه : (( 2- تکون العقوبة الحبس ......... ویعاقب بالعقوبة ذاتها إذا کان التعریض للخطر بحرمان الصغیر أو العاجز عمدا عن التغذیة أو العنایة التی تقتضیها حالته مع التزام الجانی قانونا أو اتفاقا أو عرفا بتقدیمها)).
وورد النص ذاته فی مشروع قانون حمایة الطفل ، إذ جاء فی نهایة الفقرة (2) من المادة (69) ما یأتی : (( 2- تکون العقوبة السجن ......... ویعاقب بالعقوبة نفسها إذا کان التعریض للخطر بحرمان الطفل عمدا من التغذیة أو العنایة التی تقتضیها حالته مع التزام الجانی قانونا أو اتفاقا أو عرفا بتقدیمها)).
یتضح من النصیین المتقدمین إن المشرع فی مشروع قانون حمایة الطفل قد کفل الحمایة الجزائیة للطفل من حالات الامتناع عن تقدیم الرعایة والعنایة اللازمة له بشکل أکثر فعالیة مما هو علیه فی قانون العقوبات بتشدیده للعقوبة وجعلها السجن بدلا من عقوبة الحبس المنصوص علیها فی قانون العقوبات.
والامتناع عن رعایة الطفل هو تعبیر عن عدم رغبة الوالدین أو تعمدها أو من یتولون تنشئة الطفل على تقدیم ما یحتاجه الطفل من مأکل وملبس ومسکن وغیرها من متطلبات الحیاة الضروریة، بما فیها الرعایة الصحیة والنفسیة والاجتماعیة.
ویدخل ضمن هذا التحدید الوالدان والمربون غیر القائمین بوجباتهم تجاه أبنائهم لعدم رغبتهم أو تعمدهم ذلک تحت تأثیر ضغوطات الحیاة والأزمات النفسیة أو تحت تأثیر الکحول والمخدرات والتفکک الأسری ..... الخ ، إذ تظهر أعراض الامتناع عن تقدیم العنایة والرعایة اللازمة للطفل بصورة واضحة وجلیة على الطفل فی ضعفه الجسدی وعدم نظافته ووجوده خارج البیت بصفة متکررة وغیرها من الأعراض التی یسهل على الإنسان العادی ملاحظتها.
ویلزم لقیام هذه الجریمة توفر الأرکان الآتیة :
أولا : الرکن المفترض ( محل الجریمة )
یتعین لقیام جریمة الامتناع عن رعایة الطفل على وفق القانون العراقی والقوانین المقارنة، أن یکون محل الجریمة - محل الاعتداء - طفلا على التفصیل والوفاق والاختلاف الذی بیناه عند تناولنا لجریمة ترک الطفل أو التخلی عنه.
ثانیا : الرکن المادی ( فعل الامتناع )
یتحقق الرکن المادی فی جریمة الامتناع عن رعایة الطفل بسلوک الجانی الذی یتمثل بالامتناع أو التخلی عن واجب رعایة الطفل المکلف قانونا أو اتفاقا أو عرفا برعایته من دون عذر مشروع یبرر ذلک، ومن ثم تقع الجریمة بحق الأم التی تمتنع عن إرضاع طفلها من دون عذر مشروع یبرر تصرفها، وتقع الجریمة بامتناع الوالدین أو احدهما أو من یتولى مسؤولیة رعایة الطفل والعنایة به کالأوصیاء عن تقدیم الاحتیاجات الأساسیة للطفل وتوفیرها من مأکل وملبس ومسکن وغیرها من متطلبات الحیاة الضروریة التی لا یمکن العیش من دونها مع قدرته على القیام بذلک ، فالأب الذی یمتنع عن توفیر المأکل والملبس والمسکن والدواء لطفله مع قدرته ومن دون ای مسوغ لذلک یعد مرتکبا للجریمة.
ویلزم لقیام الرکن المادی وجود واجب قانونی یلزم شخصا ما برعایة الطفل والعنایة به، ویستوی ان یکون مصدر هذا الواجب نصا قانونیا أو عرفا أو اتفاقا یتم بمقتضاه اختیار شخص ما وتکلیفه برعایة الطفل والعنایة به، کمشرفی الرحلات والمربیات والممرضات وغیرهم ممن یکلفون برعایة الطفل اتفاقا، ومن ثم تقع الجریمة بامتناع الأم عن مداواة طفلها والسهر على علاجه، وکذلک الممرضة التی تمتنع عن إعطاء الدواء للطفل المریض.
فضلا عن ذلک، یلزم لقیام الجریمة أن یکون الامتناع عن فعل یمکن القیام به، ومن ثم لا تقع الجریمة إذا کان من یتولى رعایة الطفل والعنایة به عاجزا أو غیر قادر على رعایة الطفل لکبر سنه مثلا أو مرضه، تطبیقا للقاعدة القائلة ( لا التزام إلا بمستطاع ).
وتجدر الإشارة إلى انه یکفی لتحقق الرکن المادی مجرد امتناع الشخص المسؤول عن رعایة الطفل عن تقدیم الرعایة والعنایة اللازمة للطفل مع التزامه قانونا أو عرفا أو اتفاقا بتقدیمها من دون الحاجة إلى حصول نتیجة أخرى وفقا للقانون العراقی واللبنانی، على وفق القانون الأردنی فیشترط لقیام الجریمة أن یترتب على الامتناع الإضرار بصحة الطفل الصغیر، فضلا عن توفر العلاقة السببیة بین فعل الامتناع والنتیجة المترتبة علیه.
وینص المشرع الأردنی على صورة من صور هذه الجریمة، وهی حالة قیام والد الطفل أو الولی أو الوصی أو إی شخص عهد الیه رعایة الطفل والعنایة به بترک الطفل الذی لم یتجاوز الثانیة عشرة من عمره - مع قدرته على إعالته - من دون أی وسیلة أو مصدر یتمکن من خلاله من إعالة نفسه بنفسه.
ثالثا : الرکن المعنوی
جریمة الامتناع عن رعایة الطفل من الجرائم العمدیة، ومن ثم یتطلب لقیامها توفر القصد الجنائی العام لدى مرتکبها بعنصریه العلم والإرادة، إذ یتعین أن یعلم الجانی بماهیة فعله وهو الامتناع عن تقدیم الغذاء والعنایة التی تقتضیها حالة الطفل المکلف قانونا أو عرفا أو اتفاقا برعایته وتوفیر متطلبات الحیاة الضروریة اللازمة کافة لتنشئة الطفل التنشئة الصحیحة والسلیمة مع قدرته على توفیر هذه المتطلبات لهذا الطفل، ویجب أن یعلم بان من شان فعله تعریض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر . فضلا عن ذلک یجب أن تتجه إرادة الجانی إلى فعل الامتناع عن تقدیم الرعایة والعنایة اللازمة للطفل لتعریضه للخطر ، وبهذا العلم والإرادة یقوم القصد الجنائی العام.
الخاتمـة
بعد أن انتهینا من بحثنا الموسوم بـ(الحمایة الجزائیة للطفل المعرض للخطر دراسة مقارنة فی ضوء مشروع قانون حمایة الطفل العراقی)، توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصیات نلخصها بما یأتی :
أولا : النتائج
وهذا الاتجاه هو الاتجاه ذاته الذی کان المشرع قد سار علیه فی قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، إذ لم یطرأ علیه ای تغییر على الرغم من مرور ما یزید عن أربعة عقود على صدور القانون الأخیر واختلاف السیاسة الجنائیة الوقائیة أو المنعیة بصدد تحدید حالات تعریض الطفل للخطر، ولا سیما تلک التی تتمثل بتحدید حالات تعریض الطفل للخطر والتوسع فیها لتشمل الحالات کلها التی من شأنها أن تعرض حیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
أ. رفع سن الطفل المشمول بالحمایة الجزائیة ، إذ تشمل الحمایة کل طفل من لحظة ولادته حیا لحین إتمامه سن الثامنة عشرة من عمره، فی حین إن هذه الحمایة مقررة للطفل (الصغیر) لحین إتمامه سن الخامسة عشر من عمره على وفق النص المادة (383) الواردة فی قانون العقوبات .
ب. رفع عقوبة جریمة تعریض الطفل للخطر - بشکل عام - إلى السجن مدة لا تزید على عشر سنوات وجعلها العقوبة الوحیدة للجریمة بدلا من عقوبة الحبس مدة لا تزید على ثلاث سنوات أو الغرامة التی لا تزید على ثلاثمائة دینار الواردة فی قانون العقوبات.
ت. رفع عقوبة جریمة تعریض الطفل للخطر إذا ارتکبت بطریق ترک الطفل فی مکان خالٍ من الناس أو الامتناع عن تقدیم الرعایة والعنایة اللازمة له وجعلها السجن بدلا من عقوبة الحبس المنصوص علیها فی قانون العقوبات.
ثانیا : التوصیات
نقترح على المشرع العراقی فی حال إصدار قانون حمایة الطفل ما یأتی:
فضلا عن ذلک، أن یتضمن النص أیضا بیان لحالات تعریض الطفل للخطر الواضحة جدا والأکثر شیوعا التی تتضمن تهدیدا فعلیا لحق الطفل فی الحیاة أو فی السلامة البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة، وان یشمل بالنص حالات التشرد وانحراف السلوک الواردة فی المادتان (24 - 25) من قانون رعایة الأحداث رقم 76 لسنة 1983، لان وجود الطفل فی ایة حالة من حالات التشرد وانحراف السلوک (التعریض للجنوح) تشکل فی الوقت ذاته تعریضا لحیاة الطفل أو سلامته البدنیة أو الأخلاقیة أو التربویة للخطر.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books Language:
1. Ibn Manzoor, Jamal al-Din Muhammad ibn Makram - San'a al-Arab - I 1 - Dar Sader - Beirut - no year printed.
2. Ibrahim Moustafa et al. - The Dictionary of the Mediator - Egypt Press - Cairo - 1960.
3. Al-Razi, Muhammad ibn Abi Bakr bin Abdul Qader - Mukhtar al-Sahah - Dar al-Resala - Kuwait - 1983.
Second: Legal books:
4. Dr. Hatem Abdel - Rahman Mansour Al - Shahat - Criminalization of endangering others - I 1 - House of Arab Renaissance - Cairo - 2003.
5. Hanan Shaaban Motawe 'Abd al-Ati - criminal responsibility of the boy in Islamic jurisprudence - comparative study of positive criminal law - Dar al-Nahda al-Arabiya - Cairo - 2004.
6. Dr. Hamdi Ragab Attia - The criminal responsibility of the child in the legislation of Arab countries and Islamic law - I 2 - Almnofia University Press - Menoufia - 2010.
7. Renee Garrow - Encyclopedia of the Public and Private Penal Code (translated by Lin Salah Matar) - 7 - Halabi Human Rights Publications - Beirut - 2003.
8. Dr. Zainab Ahmed Owen - Juvenile Justice - Comparative Study - 1 - Dar Al Thaqafa for Publishing and Distribution - Amman - Jordan - 2009.
9. Dr. Adel Azar - The General Theory in the Circumstances of Crime - International Press - Cairo - 1967.
10. Dr. Abdul Baset Mohammed Saif Al - Hakimi - General theory of crimes of public danger - Dissertation Dissertation published - House of scientific publishing and distribution House of Culture for publication and distribution - Amman - Jordan - 2002.
11. Fatima Bahri - Objective Criminal Protection for Children in Use - University Thought House - Alexandria - 2007.
12. Dr. Fawzia Abdel Sattar - Explanation of the Penal Code - Special section - I 2 - House of Arab Renaissance - Cairo - 2000.
13. Dr. Mahmoud Ahmed Taha - Criminal Protection of Child Victims - 1 - Naif Arab Academy for Security Sciences - Riyadh - 1999.
14. Dr. Mahmoud Suleiman Musa - The law of childhood delinquent and criminal treatment of children - Knowledge facility - Alexandria - 2006.
15. Dr. Mahmoud Naguib Hosni - Explanation of the Penal Code - General Section - I3 - 1 - Halabi Rights Publications - Beirut - No year printed.
16. Medhat al-Debisi - Child Court and Criminal Treatment for Children - Modern University Office - Cairo - 2008.
17. Dr. Mamdouh Khalil El Bahr - Violence Against Women and Children - A Study in Criminal Law and International Humanitarian Law with a Statement of the Position of UAE Legislation - Dar Al-Nahda Al Arabiya - Cairo - 2011.
Third: Legal Research:
18. Dr. Akram Ibrahim Ibrahim - juvenile delinquency factors and preventive and curative care to address it - Research published in the research group of the seminar on the prevention of juvenile delinquency, which was established by the Research and Studies Center in the Directorate of Public Police for the period from 17-19 November 1981 - 4 - Baghdad - 1983 .
19. Dr. A Study in the City of Riyadh - Research published in the Journal of Childhood and Development - A9 - 3 - The Arab Council for Childhood and Development - Cairo - 2003.
20. Dr. Adil Azar - Protection of Children at Risk - Research published in the Journal of Childhood and Development - P9 - 3 - Arab Council for Childhood and Development - Cairo - 2003.
21. Ola Raheem Kareem - Penal Protection of the Child's Right to Life - Comparative Objective Study - Research published in the Journal of Legal Studies and Research - P2 - Faculty of Law - Dhi Qar University - 2010.
Fourth: Letters and university papers:
22. Belkacem Suweqat - Penal Protection of the Child in Algerian Law - Master Thesis (unpublished) Introduction to the Faculty of Law and Political Science - Department of Law - University of Kasbah Marbah - Ouargla - 2010-2011.
23. Mohammad Azzouzi - Criminal Protection of the child victim of ill-treatment - Research submitted to the postgraduate diploma (unpublished) in the special law submitted to the University of Sidi Mohamed Ben Abdallah - Fez - 2006.
24. Waseem Majed Ismail - Crimes against the Family - Master Thesis (unpublished) Introduction to Graduate School - An - Najah National University - Nablus - Palestine - 2011.
Fifth: Web sites:
25. Dr. Ali Ismail Abdel Rahman - Family Violence - Research published on the website:
www.arabicdocs.popcouncil.org
26. Rida Vadhel - Crime of endangering others - research published on the website:
www.Redafodhil.blogspot.com
Sixth: Constitutions, international conventions and laws:
27. Constitution of the Republic of Iraq for 2005.
28. Convention on the Rights of the Child of 1989.
29. Egyptian Penal Code No. 58 of 1937.
30. Lebanese Penal Code No. 340 of 1943.
31. Jordanian Penal Code No. 16 of 1960.
32. Iraqi Penal Code No. 111 of 1969.
33. UAE Juveniles and Displaced Persons Law No. 9 of 1979.
34. Iraqi Minors Welfare Act No. 78 of 1980.
35. Iraqi Juvenile Welfare Act No. 76 of 1983.
36. Kuwaiti Juveniles Act No. 3 of 1983.
37. Qatar Youth Law No. 1 of 1994.
38. Tunisian Child Act No. 92 of 1995.
39. Egyptian Child Act No. 12 of 1996.
40. Law on juveniles in conflict with the law and those at risk in Lebanon No. 422 of 2002.
41. Sudanese Child Act 2010.