الملخص
إن أرباح الأعمال غیر المشروعة هی الأرباح التی تکون مخالفة للقانون والأنظمة والآداب العامة، أی مخالفة للنظام العام والآداب العامة ، وهی کثیرة ومتنوعة فی الوقت الحاضر وما یزید من أهمیتها عدم النص علیها سواءً فی قانون ضریبة الدخل العراقی أم فی القوانین محل المقارنة لذا فتح باب الاجتهاد على مصراعیه أمام الفقه والقضاء لیدلو کل بدلوه، فمنهم من أید خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة ومنهم من أنکر ذلک.
الموضوعات
أصل المقالة
أرباح الأعمال غیر المشروعة فی قانون ضریبة الدخل العراقی-(*)-
عبد الباسط علی جاسم الزبیدی کلیة الحقوق / جامعة الموصل Abdul Basit Ali Jassim Al-Zubaidi College of law / University of Mosul Correspondence: Abdul Basit Ali Jassim Al-Zubaidi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 19/6/2013 *** قبل للنشر فی 1/10/2013.
(*) Received on 19/6/2013*** accepted for publishing on 1/10/2013.
Doi: 10.33899/alaw.2013.160712
© Authors, 2013, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
إن أرباح الأعمال غیر المشروعة هی الأرباح التی تکون مخالفة للقانون والأنظمة والآداب العامة، أی مخالفة للنظام العام والآداب العامة ، وهی کثیرة ومتنوعة فی الوقت الحاضر وما یزید من أهمیتها عدم النص علیها سواءً فی قانون ضریبة الدخل العراقی أم فی القوانین محل المقارنة لذا فتح باب الاجتهاد على مصراعیه أمام الفقه والقضاء لیدلو کل بدلوه، فمنهم من أید خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة ومنهم من أنکر ذلک.
Abstract
The profits of unlawful businesses are those which are in violation of law and public regulations and morals, that is, violating public order and morals. Presently they are numerous and various .
What increases its importance is that they have not been enacted by law whether in the Iraqi law of income tax or in the laws in comparison . Therefore, the door is wide open before jurisprudence and judgment to have their own say. Some of them have supported the subjection of unlawful income to tax and some others have denied that.
المقدمـة
یعنی مبدأ المشروعیة خضوع جمیع ما فی الدولة أفراداً وسلطات عامة لمجموع ما فیها من قواعد قانونیة أیاً کان مصدرها أو شکلها، ویمثل قانون ضریبة الدخل مجموعة من القواعد القانونیة التی تحکم العلاقة بین المکلف والإدارة الضریبیة إذ یخضع بدوره إلى هذا المبدأ لان الهرم القانونی فی الدولة یتألف من الدستور ثم القوانین ثم القرارات واللوائح الإداریة، والقانون کما هو معلوم یصدر عن السلطة التشریعیة (البرلمان) فی البلد، لذا فان الضریبة لا تفرض ولا تلغى ولا یعفى منها إلا بقانون، ونصت على هذا المبدأ الدستوری الدساتیر المعاصرة أغلبها ومنها الدستور العراقی لعام 2005، وأثارت مسألة خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة أراء عدید من الفقهاء وأحکام القضاء ، لذا یتطلب الأمر الوقوف علیها ومدى ملاءمتها مع مبدأ المشروعیة.
أولاً : مشکلة البحث
تکمن مشکلة البحث فی وجود مصادر متنوعة للدخل غیر المشروع لم ینص علیها القانون بصراحة فهل تخضع للضریبة أسوة بالدخل المشروع أم لا تخضع للضریبة وأمام هذه المشکلة فتح باب الاجتهاد واسعاً على مصراعیه أمام أراء الفقه والقضاء لیدلو کل بدلوه فمنهم من أید خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة ومنهم من أنکره.
ثانیاً : فرضیة البحث
نحاول فی هذا البحث الإجابة عن التساؤلات الآتیة :
ثالثاً : منهجیة البحث
لقد اعتمدنا فی بحثنا على المناهج الآتیة :
رابعاً : هیکلیة البحث :
سیتم تقسیم البحث إلى ثلاثة مباحث على وفق ما یأتی :
المبحث الأول : ماهیة مبدأ المشروعیة.
المبحث الثانی : مشروعیة الدخل الذی یخضع للضریبة.
المبحث الثالث : الاتجاهات الفقهیة والقضائیة حول مسألة إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة.
وتتناول الخاتمة أهم الاستنتاجات والتوصیات التی توصل البحث إلیها.
المبحث الأول
ماهیة مبدأ المشروعیة
یعد مبدأ المشروعیة من أهم المبادئ القانونیة التی تحکم الدولة الحدیثة فیما تجریه من تصرفات حمایة لحقوق الأفراد وحریاتهم، إذ یکمن الضمان الأساسی الذی تصون حقوق الأفراد وحریاتهم فی خضوع السلطات العامة للقانون والعمل على وفق أحکامه، وسنبحث هنا فی تعریف مبدأ المشروعیة وتحدید العلاقة بین المشروعیة والشرعیة والقیود الواردة على هذا المبدأ فی المطلب الأول ثم ننتقل إلى بیان مصادره فی المطلب الثانی وسنحاول تسلیط الضوء على القیود الواردة علیه فی المطلب الثالث على وفق الآتی:
المطلب الأول
تعریف مبدأ المشروعیة وعلاقته بالشرعیة
عرف مبدأ المشروعیة بعبارات شتى ، إذ عرفه الفقیه الفرنسی اندریه دولوبادیر
(Andre Delubaderd) بقوله تتکون المشروعیة من الکتلة الشرعیة للقوانین واللوائح ومن القواعد القضائیة ولاسیما المبادئ العامة للقانون.
وعرفه د. سلیمان محمد الطماوی بأنه ، لا یعنی أکثر من سیادة حکم القانون بمعنى أن تکون تصرفات الإدارة فی حدود القانون وقد بیّن الطماوی أنه یقصد بالقانون هنا المعنى الواسع أی القواعد الملزمة جمیعها فی الدولة سواء کانت مکتوبة أم غیر مکتوبة وأیاً کان مصدرها مع مراعاة التدرج فی قوتها ، وأیاً کان نوع تصرف الإدارة سواء کان عملها قانونیاً أم مادیاً.
ویرى د. صالح إبراهیم أحمد المتیوتی أنّ مبدأ المشروعیة یعنی خضوع الإدارة واحترامها للقواعد القانونیة جمیعها وأیاً کان مصدرها وموقعها فی سلم القواعد القانونیة .
ومما تقدم کله یمکننا تعریف مبدأ المشروعیة بأنه خضوع جمیع ما فی الدولة أفراداً وسلطات عامة لمجموع ما فیها من قواعد قانونیة أیاً کان مصدرها أو شکلها.
ولما کان المقصود بمبدأ المشروعیة الخضوع للقانون، یُثار التساؤل فی الفقه حول مدلول القانون، وهل یقصد به المعنى العام الذی ینصرف إلى کل قاعدة قانونیة فی الدولة أیاً کانت مرتبتها أو مصدرها أم یقصد به ما یصدر من السلطة التشریعیة من قوانین؟
وللإجابة عن السؤال المتقدم، یمکننا القول، انقسم الفقه إلى رأیین یأخذ الأول بالمدلول الواسع للقانون ویأخذ الثانی بالمدلول الضیق على وفق الآتی:
الرأی الأول:
هذا الرأی وهو الراجح عندنا یفسر القانون تفسیراً موسعاً إذ یشمل القواعد القانونیة جمیعها فی الدولة، أیاً کان مصدرها أو شکلها مکتوبة أم غیر مکتوبة. وینطوی هذا المدلول على مفهومین موسعین لمبدأ المشروعیة ومضیقین لحریة الإدارة فی التصرف هما:
1- تأسیس العمل الإداری على وفق القانون: ومؤدى هذا المفهوم ، أنه لا یجوز للإدارة أن تباشر فی أی عمل من تلقاء نفسها أو تتدخل إلا إذا خولها المشرع ذلک، لأنّ الاختصاصات التی تملکها الإدارة محددة ومنصوص علیها بشکل مسبق فی القانون، ویضفی هذا المدلول حمایة اکبر لحقوق الأفراد وحریاتهم.
2- تأمین حکم القانون، تلتزم الإدارة على وفق هذه الدلالة بالقیام بالإجراءات التی من شأنها تطبیق النصوص القانونیة بطریقة ملموسة .
الرأی الثانی:
ومؤدى هذا الرأی أنه ینبغی تفسیر القانون الذی تخضع له الدولة على وفق مبدأ المشروعیة، تفسیراً طبیعیاً إذ ینصرف إلى القواعد القانونیة التی تصدر عن السلطة التشریعیة، ویشترط هذا المدلول مطابقة العمل الإداری لحکم القانون، والمطابقة هی علاقة قانونیة تقوم بین عملین یعلو أحدهما على الآخر، وبحسب مفهوم هذه المطابقة فإن العمل الإداری یکون مشروعاً إذا لم یتعارض مع أحکام القانون.
بعد أن عرفنا مبدأ المشروعیة ینبغی معرفة علاقته بالشرعیة؟
من المتفق علیه أنّ هنالک رابطة قویة بین الشرعیة والمشروعیة لأنهما تمثلان دعامة کل بناء سیاسی.
إذ یرى د. ماجد راغب الحلو ، أنّ الشرعیة والمشروعیة لفظان مشتقان من أصل واحد هو الشرع أو الشریعة أو الشرعة وهی العادة أو السنّة أو المنهاج ، إذ یقصد بالشریعة الطریقة المثلى التی یجب على أساسها السلوک الإنسانی فیقول جل شأنه: (ثُمَّ جَعَلْنَاکَ عَلَى شَرِیعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا).
إلاّ أنّ لفظی الشرعیة والمشروعیة یختلفان من حیث المفهوم الدقیق لکل منهما، إذ تشتق الشرعیة من الشرع بصیغة المفعولیة وتفید محاولة موافقة الشرع والمحاولة قد تصیب وقد تخیب، فالفرق بین الشرعیة والمشروعیة یماثل الفرق بین الصورة الفعلیة على وزن الشرعیة والصورة المفعولة على وزن المشروعیة للشیء نفسه، وتصور الصورة الفعلیة الشیء تصویراً حقیقیاً فی حین تصوره الصورة المفعولة من وجهة نظر فاعلها وتختلف عن الأصل فی حدود معینة عادة.
فالمشروعیة معناها احترام قواعد القانون القائمة فعلاً فی المجتمع وهی مشروعیة وصفیة، والشرعیة فکرة مثالیة تحمل فی طیاتها معنى العدالة وما یجب أن یکون علیه القانون، لأنّ مفهوم الشرعیة أوسع من مجرد احترام قواعد القانون الوضعی العادلة وتتضمن الشرعیة قواعد أخرى یستطیع عقل الإنسان المستقیم أن یکشفها ویجب أن یکون المثل الأعلى الذی یتوخاه المشرع فی الدولة ویعمل على تحقیقه إذا أراد الارتقاء بمستوى ما یصدر من تشریعات.
ویذهب الدکتور محمد رفعت عبد الوهاب والدکتور أحمد عبد الرحمن شرف الدین إلى أنّ "المشروعیة" بمعناها الوضعی هی الخضوع لقواعد القانون القائمة بالفعل فی المجتمع خضوعاً تصاعدیاً إذ تخضع القاعدة الدنیا للقاعدة العلیا التی تسود کل القواعد وتعد هذه المشروعیة مشروعیة شکلیة لا تخضع لأی ضابط سوى تقدیر واضعی هذه القواعد وأنّ هذا المبدأ إن کان من الجائز أن یسود فی بلدان لا تخضع دولها وسلطاتها لشریعة سماویة وقواعد إلهیة فلیس من الجائز أن یسود هذا المفهوم فی البلاد الإسلامیة، إذ تقتصر المشروعیة على وفق مدلولها الوضعی قاصرة على معنى الشرعیة فی الإسلام لأنّ کل قاعدة مشروعیة لیست بالضرورة قاعدة شرعیة ولکن کل قاعدة شرعیة فی الوقت نفسه قاعدة مشروعیة.
وفی مقابل ذلک یؤکد الدکتور رمزی طه الشاعر إن الشرعیة والمشروعیة لفظان مترادفان لأنّ هذا المبدأ یعد قیداً على تصرفات السلطة العامة ویتطلب الالتزام بالقواعد القانونیة المکتوبة وغیر المکتوبة کلها ومن هذه القواعد المبادئ العامة التی یسیطر علیها المجتمع وتعد قواعد أساسیة لتحقیق العدل والصالح العام فضلاً عن الالتزام بقواعد المشروعیة الوضعیة وطالما أنّ هذا المبدأ یعنی احترام الأفکار المثالیة التی تحمل فی أثنائها معنى العدالة ویعنی احترام قواعد المشروعیة الوضعیة فلا یکون ثمة مجال للتفریق بین المصطلحین.
ونحن نرى بأن مبدأ المشروعیة یخالف مبدأ الشرعیة لأن الأول مصطلح قانونی یعنی خضوع القواعد الدنیا للقواعد العلیا أو کما یسمیه البعض بمبدأ سیادة القانون أو تدرج القوانین.
أما الشرعیة فهو مصطلح سیاسی یعنی هناک سلطة شرعیة تحصل على رضا الشعب وسلطة غیر شرعیة لا تستمد السلطة من الشعب کالثورة والانقلاب وتسمى فی هذه الحالة (والسلطة غیر الشرعیة).
المطلب الثانی
مصادر المشروعیة
مصدر الشیء هو منبعه فیقال أن منبع النهر هو مصدر میاهه ویقصد بمصادر القانون القنوات التی تتکون منها وتنبثق فیها قواعده سواء أکانت هذه القواعد إجرائیة أم موضوعیة. وإذا کانت الإدارة تلتزم بتصرفاتها باحترام القانون، فإنّ المقصود بالقانون فی مجال المشروعیة هو کل القواعد القانونیة أیاً کان شکلها أو منبعها ومصادر المشروعیة هی نفسها مصادر القانون وجریاً مع المدلول الواسع للقانون، فإنّ قواعده التی هی قواعد المشروعیة قد تنبثق عن مصادر مدونة أو غیر مدونة وسنبحث کل منها فی فرع مستقل على وفق الآتی:
الفرع الأول
المصادر المدونة للمشروعیة
تأتی المصادر المدونة فی مقدمة المشروعیة وهی تنحصر فی الدستور والتشریع العادی والتشریع الفرعی الذی یصدر عن الإدارة بموجب السلطات الممنوحة لها وسوف نوضح هذه المصادر تباعاً بحسب أهمیتها على وفق الآتی:
أولاً: الدستور:
یعد الدستور القانون الأعلى فی الدولة الذی یسمو على ما عداه من تشریعات أخرى لذا فإنّ سلطات الدولة وهیئاتها وأفرادها تلتزم باحترام ما نص علیه الدستور وإلا فإنّ تصرفاتها غیر مشروعة.
وقد توجد فضلاً عن النصوص الدستوریة مبادئ عامة ترد فی وثیقة تعلنها الدولة وتبین فیها فلسفة المجتمع والأسس التی یجب أن یقوم علیها تنظیمه. وهی إعلان الحقوق ومقدمة الدستور فإعلانات الحقوق الدولیة التی تصدر عن المنظمات الدولیة على شکل توصیات وإرشادات لیس لها أیة قوة إلزامیة وإنما لها قیمة أدبیة فحسب وتختلف الحال فیما یخص إعلانات الحقوق الدولیة التی تصدر على شکل معاهدات دولیة إذ أنّ لها ما للمعاهدات الدولیة من قوة إلزامیة فی داخل الدولة بعد التصدیق علیها وإقرارها على وفق ما یقره قانون کل دولة، وتختلف القیمة القانونیة لهذه الإعلانات باختلاف الدول ففی فرنسا فإنّ للمعاهدات الدولیة قیمة تعلو التشریعات العادیة بعد التصدیق أو الموافقة علیها على وفق الأوضاع المقررة شرط أن یطبق الطرف الآخر هذا الاتفاق أو المعاهدة. وللمعاهدات الدولیة قوة تساوی التشریع العادی فی مصر.
أما فی العراق فإنّ للمعاهدات الدولیة بعد المصادقة علیها قیمة قانونیة تساوی قیمة التشریعات العادیة لأنّ المصادقة تتم من الجهة نفسها التی تصدر القانون العادی التی تتمثل بمجلس النواب.
هذا ما یتعلق بإعلانات الحقوق الدولیة أما عن إعلانات الحقوق الصادرة عن القانون العام الداخلی، فإنّ القیمة القانونیة للمبادئ والقواعد التی تحتویها ومرتبتها رهن إرادة المشرع الدستوری فله أن یعطیها قیمة قانونیة ملزمة أو أن یعدها مجرد توصیات وله أن یحدد مرتبتها من بین مصادر المشروعیة، أما إذا لم ینص المشرع على ذلک، فإنه سیفتح باب الاجتهاد الفقهی الذی یختلف فی کثیر من المسائل، وبالفعل فإن له آراء متباینة فی هذا الشأن، ففی حین یذهب رأی إلى إنکار أیة قیمة إلزامیة لهذه الإعلانات ویرى أنّ لها قیمة أدبیة ومن ثم لا تمثل مصدراً من مصادر المشروعیة.
فإن هناک من یقرر أن لهذه الإعلانات قوة إلزامیة ومن ثم تمثل مصدراً من مصادر المشروعیة وهذا هو رأی الفقه الفرنسی أغلبه وإن اختلفوا فی مرتبة هذه الإعلانات من بین مصادر المشروعیة، إذ إنّ البعض یرى أنّ لها مرتبة تعلو الدستور ذاته على أساس أنّ للدولة ثلاث درجات من القوانین أولهما إعلانات الحقوق وثانیهما الدستور وثالثها القوانین العادیة، وینتقد هذا الرأی لأنّ القوانین فی الدولة على درجتین هما الدستور والقانون العادی. ویذهب رأی ثانٍ إلى أنّ لإعلانات الحقوق مرتبة تساوی الدستور ومن هذا فإنها تعلو على القوانین العادیة وعلى الأخیرة أن لا تخرج عنها.
أما الرأی الثالث فإنه یقسم إعلانات الحقوق إلى قسمین الأول، أحکام وضعیة أی أنها قواعد ونصوص قابلة لأن تطبق على أرض الواقع من دون تعدیل شأنها شأن القواعد القانونیة الوضعیة لذا تمثل مصدراً من مصادر المشروعیة.
ویتمثل القسم الثانی بالقواعد التوجیهیة التی لا تعدو أن تکون مجموعة من المبادئ والمثل العلیا والقواعد الفلسفیة التی لا یمکن تطبیقها مباشرةً على أرض الواقع من دون تعدیل وإنما لابد من إعادة صیاغتها ولا یکون لهذه القواعد إلاّ قیمة أدبیة ولا تمثل مصدراً من مصادر المشروعیة لانتفاء الصفة الإلزامیة فیها.
ونحن نؤید الرأی الأخیر لأنه یتماشى مع الواقع فإعلانات الحقوق فی الواقع تأتی بنصوص یمکن تطبیقها مباشرةً وأخرى توجیهیة أو منهجیة تحتاج إلى صیاغة قانونیة لتطبق على أرض الواقع. أما ما یتعلق بالقوة الإلزامیة لمقدمة الدستور ، فإنه یمکن الرجوع إلى الرأی الثالث المذکور آنفاً لبیانها.
ثانیا: التشریع العادی:
وهو ما یطلق علیه القانون ویأتی فی المرتبة الثانیة بعد الدستور فی هرم التدرج التشریعی وهو "الوثیقة المدونة التی تقررها السلطة التشریعیة صاحبة الاختصاص الأصیل فی میدان التشریع".
وتتولى السلطة التشریعیة بحکم تخصصها الدستوری وضع القوانین العامة التی توضح سیاسة الدولة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة. ویأتی تخصص السلطة التشریعیة بوضع القانون تجسیداً لمبدأ السیادة الشعبیة فی الدولة الدیمقراطیة بوصفها تضم ممثلی الإرادة الشعبیة وإعمالاً لمبدأ المشروعیة فإنه یتعین على السلطة التنفیذیة فی الدولة أن تمارس أعمالها على وفق ما تقضی به القوانین وإلا تعرض تصرفها للإلغاء لعدم مشروعیته، وتبقى التشریعات العادیة ملزمة للإدارة مالم تلغى أو تعدل على وفق ما لما یحدده الدستور.
ثالثاً: التشریع الفرعی:
إذا کانت السلطة التشریعیة هی صاحبة الاختصاص الأصیل فی مجال التشریع على وفق مبدأ الفصل بین السلطات ، فإن الواقع العملی قد حتم التخفیف من حدة هذا المبدأ وتولت السلطة التنفیذیة هی الأخرى وضع نوع من القواعد العامة المجردة تعرف باسم التشریع الفرعی، إذ تضع التشریعات الفرعیة قواعد عامة موضوعیة تسری على الأفراد جمیعهم الذین تنطبق علیهم الشروط الواردة فی القاعدة والتشریع الفرعی من حیث طبیعته وموضوعه یعد عملاً تشریعیاً لأنه یتضمن قواعد قانونیة عامة مجردة کالقوانین إلا أنه یعد من الناحیة الشکلیة قرارات إداریة لصدورها عن السلطة التنفیذیة، فالطبیعة التشریعیة للتشریع الفرعی تجعله أحد عناصر البناء القانونی للدولة ومن ثم مصدراً من مصادر المشروعیة، ویأتی التشریع الفرعی فی المرتبة الثالثة بعد الدستور والقانون العادی فی تسلسل مصادر المشروعیة لذا یتحتم على الهیئات کافة فی الدولة متابعة أحکامها فی التطبیق على المجالات التی تنظمها ومن ثم لیس للسلطة التنفیذیة إصدار قرارات فردیة مخالفة من حیث الموضوع للتشریع الفرعی.
الفرع الثانی
المصادر غیر المدونة للمشروعیة
تشمل المصادر غیر المدونة للمشروعیة العرف والمبادئ العامة للقانون وأحکام القضاء وسنوضح کلاً منها على وفق الآتی:
أولاً: العرف:
یأتی العرف فی مرتبة تلی التشریع المکتوب من حیث تدرج هرم المشروعیة فتکمل ما نقص من الأخیر وتفسر ما غمض فیه ، وقد کان العرف المصدر الأول للقانون فی المجتمعات القدیمة إلى أن ظهر التشریع بمزایاه المعروفة وکانت له الغلبة. والعرف الإداری "مجموعة من القواعد التی درجت الإدارة على إتباعها فیما یتعلق بمجال معین من نشاطاتها بحیث تصبح هذه القواعد بمثابة القواعد القانونیة المکتوبة من حیث الزامیتها ووجوب الخضوع لها".
ویمکننا القول من التعریف المتقدم أنه یشترط لنشوء العرف الإداری توافر عنصرین هما:
1- العنصر المادی الذی یتمثل فی تکرار سلوک معین عام وثابت سلبیاً کان أم ایجابیاً، فالسلوک المتباعد غیر المستقر والمتقطع أو المنفرد ولا ینهض السلوک دلیلاً على قیام العرف.
2- العنصر النفسی الذی یتمثل فی وجود الاعتقاد بالصفة الملزمة لذلک السلوک ونزوله فی ضمیر الجماعة (أفراداً وسلطات) منزلة القاعدة القانونیة الملزمة إذ یعد الخروج علیها ومخالفتها إهداراً لمبدأ المشروعیة یستحق الجزاء الذی یترتب على مخالفة قاعدة قانونیة ملزمة.
ویشترط نفاذه ألا یکون مخالفاً لنص تشریعی قائم إذ یعلو التشریع على العرف فی تدرج القواعد القانونیة، ویعد العرف الإداری ملزماً للإدارة مادام قائماً ولا یجوز الخروج عنه إلا إذا کان خروجها یقوم على نیة العدول نهائیاً عن القاعدة العرفیة المستقرة.
ثانیاً: المبادئ العامة للقانون:
إنّ المبادئ العامة للقانون هی قواعد یستخلصها القاضی بوصفها تجسیداً لروح المشرع فی حالة سکوت النص أو العرف عن تقدیم القاعدة التی تحکم النزاع.
فعندما لا یجد القاضی نصاً أو عرفاً یحکم القضیة المعروضة علیه ، فإنه یبحث عن نیة المشرع المفترضة أی التی کان من المفروض أن یتضمنها التشریع لو أنه تعرض لتنظیم مثل هذه الحالة ، ویستهدی القاضی الإداری للوصول إلى هذه النیة بإعلانات الحقوق ومقدمات الدساتیر التی تمثل أحد المیادین الخصبة للکشف عنها لإرساء المبدأ القانونی العام، فدور القاضی دور کاشف لا منشئ لأنّ هذه المبادئ إن لم تکن موجودة فی نصوص القانون، فإنها توجد فی ضمیر الجماعة وإرادة المشرع وبإمکان القاضی الإداری أن یبحث عنها ویکتشفها.
فالمبادئ العامة للقانون هی استنباط قضائی لمبادئ العدالة التی تعبر عن تطور معین للحضارة القانونیة، لذا فهی تتطور مع تطور المجتمع الذی تنشأ فیه. ویعود الفضل فی ظهور المبادئ العامة للقانون إلى مجلس الدولة الفرنسی الذی عمل على استنباط هذه المبادئ فی أحکامه الکثیرة.
ویرى جانب من الفقه أنّ للمبادئ العامة للقانون قوة تعادل التشریع لذا فإنه یجوز للمشرع فحسب الخروج عنها وتبقى السلطة التنفیذیة ملتزمة بها مادام المشرع لم یقرر ما یخالفها.
ویرى جانب آخر من الفقه، إن هذه المبادئ تقع بین التشریع العادی والتشریعین الفرعی فلها قیمة أدنى من التشریع ومن ثم یجوز للمشرع مخالفتها ولکن قوتها تعلو على التشریع الفرعی، لذا تلتزم السلطة التنفیذیة باحترامها فی أثناء ممارستها لاختصاصها.
ویذهب رأی ثالث إلى أنّ المبادئ العامة للقانون تعلو مرتبة عن التشریع، لذا فهی تلزم المشرع والسلطة التنفیذیة على السواء وهذا هو الرأی السائد فی فرنسا.
أما فی مصر، فإن للمبادئ العامة للقانون ، مرتبة التشریع العادی نفسها.
أما فی العراق، فلم نجد بحسب ما توفر من مصادر من الکتاب من أشار إلى هذه المرتبة، ونجد أنّ للمبادئ العامة للقانون مرتبة أدنى من التشریع العادی لأنّ للقانون تعدیلاً وإلغاءً إلا أنه لا یسوغ لهذه المبادئ أن تخالف نصوص التشریع وإلا فإنها تکون مشوبة بالبطلان.
ثالثاً: أحکام القضاء:
من الخصائص المهمة التی تمتلکها الأحکام القضائیة "حجیة الشیء المقضی به" ومعناه قیام قرینة قانونیة قاطعة مؤداها افتراض أنّ الإجراءات التی أدت إلى الحکم وانتهت به صحیحة قانوناً وأنّ هذا الحکم عنوان الحقیقة القانونیة".
فالإدارة وهی تمارس نشاطها ملزمة باحترام حجیة الأحکام القضائیة وتعد مخالفتها لتلک الأحکام مخالفة القانون، وتکون حجیة الأحکام القضائیة نسبیة تقتصر على طرفی الدعوى أو أطرافها التی صدر فیها الحکم، وقد تکون مطلقة أی یحتج بها على الکافة کما هو بالنسبة إلى أحکام إلغاء القرارات الإداریة.
وبناءً على ما تقدم، إذ ألغى القضاء الإداری قراراً إداریاً ثم أقام طاعن آخر دعوى أخرى أمام القضاء بإلغاء ذات القرار کانت الدعوى الثانیة غیر ذات موضوع على أساس أنّ ذلک أحد نتائج الحجیة المطلقة للشیء المقضی به من حکم الإلغاء ولمن لم یختصم بالدعوى إذ تصیب آثار الحکم بوصفه من الکافة.
وبما أنّ الأحکام القضائیة لا تنشئ قواعد قانونیة عامة، فإنه لا یمکن أن تعد بذاتها عنصراً من عناصر المشروعیة، وإنما الذی یعد عنصراً من عناصر المشروعیة فی هذا المجال هو مبدأ احترام حجیة الشیء المقضی به.
المطلب الثالث
القیود الواردة على مبدأ المشروعیة
یستوجب مبدأ المشروعیة الخضوع للقانون ، لکن هذا القول لا ینطبق على إطلاقه، إذ یسمح المشرع أحیاناً بالخروج على هذا المبدأ ، فقد یمنح بعض الامتیازات التی تسمح للإدارة بالتحرر منه وأهم هذه القیود أعمال السیادة والظروف الاستثنائیة التی تعد حالة الطوارئ ابرز صورها ، والسلطة التقدیریة للإدارة وهذا ما سنبحثه فی ثلاثة فروع على وفق الآتی:
الفرع الأول
أعمال السیادة
عرف الفقیه الفرنسی (Hourio) أعمال السیادة بأنها الأعمال السیاسیة الصادرة من السلطة التنفیذیة ، وعرفها د. سلیمان محمد الطماوی بقوله: الأعمال التی تصدر عن السلطة التنفیذیة وتحیط بها اعتبارات خاصة کسلامة الدولة من الخارج أو الداخل وتخرج عن رقابة المحاکم متى قرر لها القضاء هذه الصدفة .
ویرى د. عصام عبد الوهاب البرزنجی أنها "الأعمال أو التصرفات التی تصدر من السلطة التنفیذیة ولکنها مستبعدة من الرقابة القضائیة لأنها تتمیز بصفات معینة تتمثل بأنها تتناول موضوعات مهمة وحیویة تتعلق بمصالح وطنیة علیا یکون لها فی الغالب صفة سیاسیة.
مما تقدم، یمکننا تعریفها بأنها التصرفات القانونیة الصادرة عن السلطة التنفیذیة بوصفها سلطة حکم ولیس سلطة إدارة التی لا تخضع لرقابة القضاء الإداری لأنها تنظم موضوعات مهمة جداً تتصل بمصالح وطنیة علیا. هذا على صعید الفقه أما ما یتعلق بالقضاء الإداری، فقد عرف مجلس الدولة الفرنسی فی حکمه الصادر فی 29/11/1968 أعمال السیادة بقوله: إنّ قرارات إیداع مشروع قانون أو سحبه یعد من أعمال السیادة ولا یدخل فی وظیفته بحثها والتعرض لها .
وبهذا الصدد أیضاً، عرفتها المحکمة الإداریة العلیا فی مصر فی حکمها الصادر فی 12/12/1987 بأنها "قد استقر الفقه والقضاء على أنّ الأعمال التی تباشرها الحکومة باعتبار سلطة إدارة تخضع للرقابة القضائیة ، أما أعمال السیادة التی تباشرها الحکومة باعتبارها سلطة حکم وفی نطاق وظیفتها السیاسیة ، لا تمتد إلیها الرقابة القضائیة".
أما فی العراق، فقد عرفتها محکمة التمییز فی حکمها المرقم 622/ حقوقیة/ 967 هیئة عامة الصادر فی 11/11/1967 بأنها "... ذلک أنّ أعمال السیادة حسبما جرى به الفقه والقضاء هی تلک الأعمال التی تصدرها الحکومة بوصفها سلطة حکم لا سلطة إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العلیا لتنظیم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلیة کانت أم خارجیة أو یتخذها اضطراراً للمحافظة على کیان الدولة فی الداخل أو الذود عن سیادتها فی الخارج".
وقد اختلف الفقه الإداری حول وجود أعمال السیادة أو عدمه وانقسم القضاء الإداری إلى موسع لنطاق تطبیقها ومضیق على وفق الآتی:
أولاً: موقف الفقه الإداری:
انقسم الفقه الإداری بصدد أعمال السیادة إلى رأیین ، الأول یعترف بوجودها والثانی ینکرها، إذ یقر أنصار الرأی الأول بأعمال السیادة بوصفه حقیقة قانونیة لا یمکن إنکارها، فالمشرع نص علیها فی القوانین التی تتعلق بتنظیم مرفق القضاء وأنّ أیة محاولة لإنکارها تمثل خلطاً بین الأمانی والحقائق القانونیة، إلاّ أنه یمکن التخفیف من آثارها أو التضییق من نطاقها لتنسجم مع الظروف والأحوال التی تستلزم العمل بها فعلاً من دون توسع.
فی حین یرفض أنصار الرأی الثانی، وجود أعمال السیادة تماماً لأنّ الاعتراف بها امتهان لمبدأ المشروعیة وإطلاق لید السلطة التنفیذیة من دون رقابة، ویثیر السخط لدى الشعب إزاء السلطة الحاکمة التی یکون تصرفها غیر متفق مع القانون، إذ یفترض أصحاب هذا الرأی أنّ السلطة لا تلجأ إلى العمل بفکرة أعمال السیادة إلاّ لتحمی أعمالها غیر المشروعة وإنّ فی إنکارها توافقاً وانسجاماً مع المبادئ القانونیة، وتفرض الحقائق القانونیة الاستناد إلى القواعد القانونیة لمعرفة النظام القانونی لکل عمل تقوم به سلطة من السلطات العامة فی الدولة ولیس فی التنظیم القانونی ما یشیر وجود أو مشروعیة أو یبرزها ما یطلق علیه أعمال السیادة کاستثناء على المشروعیة واختصاص القضاء بالرقابة القضائیة على مشروعیتها.
ونحن نعترف بأعمال السیادة بوصفها واقعاً قانونیاً لا یمکن تجاهله نظمته القوانین التی تتعلق بتنظیم مرفق القضاء إلاّ أننا ننادی بتضییق نطاق تطبیقها لتتلاءم مع الظروف والأحوال التی تستوجب العمل بها فعلاً.
ثانیاً: موقف القضاء الإداری:
اقر القضاء الإداری الفرنسی أعمال السیادة بوصفها حقیقة قانونیة إلا انه ضیق من نطاق تطبیقها وقصرها على مجموعتین هما:
أ- القرارات التی تتضمن العلاقة بین الحکومة والبرلمان وبهذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسی فی حکمه الصادر فی 6/6/1991 بأن القرارات الخاصة بالانتخابات العامة وتسجیل المرشحین ودعوة الناخبین إلى التصویت تعد من إعمال السیادة.
ویعد المجلس قرار رئیس الجمهوریة بالالتجاء إلى نص المادة (16) من الدستور الفرنسی الحالی الصادر فی 4/10/1958 من أعمال السیادة. أما الإجراءات المتخذة تنفیذاً لنص المادة (16) فقد میز المجلس بین حالة ما إذا کانت الإجراءات المتخذة ذات طبیعة دستوریة أو تشریعیة وبین ما إذا کانت ذات طبیعة إداریة، فبالنسبة إلى الأولى، یکون لها صفة القانون وهی على وفق القواعد العامة تخرج من نطاق رقابته ، أما بالنسبة إلى الإجراءات ذات الطبیعة الإداریة، فهی تخضع لرقابته لأنّ رئیس الجمهوریة بمقتضاها یباشر وظیفته التنفیذیة.
ب- القرارات التی تتعلق بالعلاقات بین فرنسا وأشخاص القانون الدولی العام الأخرى، وبهذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسی فی حکمه الصادر فی 11/11/1957 بأن القرارات الصادرة بإدارة الحرب کحجز بواخر الأعداء فی الموانئ الفرنسیة من أعمال السیادة . وحکمه الصادر فی 13/9/1995 بعد قرار الرئیس الفرنسی جاک شیراک بإعادة التجارب النوویة فی بولونیزی من أعمال السیادة.
وفی مصر، سلک القضاء الإداری المصری مسلک زمیله القضاء الإداری الفرنسی، إذ اعترف بأعمال السیادة إلا أنه حرص على وضع الحدود اللازمة لنطاق تطبیقها وقد استقر على بعض المبادئ من أهمها:
إلا أن القضاء الإداری المصری اخضع قرار رئیس الجمهوریة بإعلان اللجوء إلى نص المادة (74) من الدستور المصری الصادر فی 11/11/1974 ، والإجراءات المستندة إلیها لرقابته لأنّ الاختصاصات الواردة فی المادة المذکورة هی اختصاصات إداریة ومن ثم فإن رئیس الجمهوریة عند ممارستها لوحده على وفق الدستور یعد سلطة إدارة تخضع لرقابة القضاء الإداری لا سلطة حکم.
أما فی العراق، فقد اقر القضاء الإداری العراقی أعمال السیادة بوصفه حقیقة قانونیة لا یمکن إنکارها إلا أنه وسع من نطاق تطبیقها إذا اخرج المراسیم جمیعها والقرارات الصادرة عن رئیس الجمهوریة من نطاق رقابته حتى تلک التی یصدرها بوصفه رئیساً للسلطة التنفیذیة أی بوصفه سلطة إدارة لا سلطة حکم، ونحن ننتقد هذا الموقف القضائی وندعو قضاءنا الإداری العراقی إلى بسط رقابته على القرارات والمراسیم التی یصدرها رئیس الجمهوریة بوصفه رئیساً للسلطة التنفیذیة أی بوصفه ولیست سلطة إدارة سلطة حکم لأنها قرارات إداریة تخضع لها سائر القرارات الإداریة من أحکام فالاعتراف للقضاء العراقی بالرقابة على هذه القرارات ولاسیما عن طریق دعوى الإلغاء التی یشکل ضماناً مهماً وأساسیاً لحقوق الأفراد وحریاتهم وأداة فعالة لحمل الإدارة على احترام القانون.
بقی أن نشیر إلى موقف المشرع من أعمال السیادة فی کل من فرنسا ومصر والعراق، إذ بدأت فکرة أعمال السیادة فی الظهور لأول مرة فی ظل ملکیة تموز ، إذ کان أول حکم طبق هذه الفکرة هو حکم مجلس الدولة الفرنسی فی 1/5/1822 فی قضیة (laffitte).
وقد استقرت فکرة اعملا السیادة وتعددت تطبیقاتها فی ظل الإمبراطوریة الثانیة ویعود سبب ذلک إلى الظروف التی أحاطت بمجلس الدولة الفرنسی وما طرأ على مرکزه القانونی من تطور.
وأخیراً وابتداءً من عام 1872 وفی ظل الجمهوریة الثالثة کانت الأوضاع القانونیة قد استقرت ورسمت دعائم مبدأ مشروعیة أعمال الإدارة وکان المشرع یتدخل لیسجل تشریعیاً کل ما أحرزه المجلس من تطور وختم کل ذلک بأن جعل المجلس سلطة القضاء النهائی أو المفوض، إذ نصت المادة (26) من القانون الفرنسی الصادر فی 24/5/1872 المتعلق بمحکمة التنازع ومجلس الدولة على أنه للوزراء الحق فی أن یرفعوا إلى محکمة تنازل الاختصاص القضایا المقدمة لمجلس الدولة التی لا یختص بنظرها القضاء الإداری، ومع ذلک لیس لهؤلاء الالتجاء إلى المحکمة المذکورة إلا بعد رفض مجلس الدولة التماسهم الذی یرسل إلیه أولاً بقصد التخلی عن نظرها.
أما فی مصر، فإنه عند إنشاء المحاکم المختلطة عام 1875 صدر المرسوم القاضی بإنشاء هذه المحاکم من دون الإشارة إلى أعمال السیادة إلا أنّ التعدیل الذی اجری على هذا المرسوم عام 1900 أشار إلى استبعاد أعمال السیادة من اختصاص المحاکم المختلطة، أما المحاکم الأهلیة الوطنیة التی أنشئت عام 1883، فلم تتضمن النظام الداخلی لها النص على استبعاد أعمال من رقابة القضاء، وبقیت الحال هکذا حتى عام 1937، إلا أن المحاکم الأهلیة والمختلطة کانت تقبل الدعاوى المقامة على الإدارة بمناسبة أعمال السیادة، إذ کانت المحاکم المختلطة لمرات متتالیة تقرر التعویض للأفراد الذین یتعرضون للأضرار نتیجة أعمال السیادة.
وبعد إنشاء مجلس الدولة المصری بالقانون المرقم 112 لسنة 1946 تضمن ما یشیر إلى منع القضاء من النظر بأعمال السیادة لم تکرر هذا الأمر فی القانون المرقم 9 لسنة 1949 والقانون المرقم 65 لسنة 1955، والقانون المرقم 55 لسنة 1959، والقانون المرقم 31 لسنة 1963.
وجاء قانون السلطة القضائیة المصری المرقم 43 لسنة 1965 بالنص على أنه لیس للمحاکم أن تنظر بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة فی أعمال السیادة.
وفضلاً عما تقدم، نصت المادة (68) من الدستور المصری الحالی الصادر فی 11/11/1971 على انه "التقاضی حق مصون ومکفول للناس کافة ولکل مواطن حق الالتجاء إلى قاضیه الطبیعی وتکفل الدولة تقریب جهات القضاء من المتقاضین وسرعة الفصل فی القضایا ویحظى النص فی القوانین على تحصین أی عمل أو قرار إداری من رقابة القضاء.
وأخیراً نصت المادة (11) من قانون مجلس الدولة المرقم 47 لسنة 1972 النافذ حالیاً على أنه لا تختص محاکم مجلس الدولة بالنظر فی الطلبات التی تتعلق بأعمال السیادة.
أما فی العراق، فقد خلت القوانین التی صدرت فیه والسابقة على صدور قانون السلطة القضائیة الملغی المرقم (26) لسنة 1963 من الإشارة إلى أعمال السیادة من غیرها استناداً إلى آراء الفقهاء وقرارات المحاکم وقد وضعت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائیة الملغی المرقم (26) لسنة 1962 المبدأ العام بقولها "لیس للمحاکم أن تنظر فی کل ما یعتبر من أعمال سیادة الدولة" .. وتأکد هذا المبدأ فی قانون التنظیم القضائی المرقم (160) لسنة 1979 ، إذ نصت المادة (10) منه على أنه (لا ینظر القضاء فی کل ما یعد من قبیل أعمال السیادة ...الخ).
إلاّ أنّ المشرع العراقی لم یستمر بهذا النهج طویلاً، لذا نجده ینص فی المادة (7) البند /خامساً/أ من قانون مجلس شورى الدولة المرقم (65) لسنة 1979 المعدل بالقانون المرقم (106) لسنة 1979 على أنه "لا تختص محکمة القضاء الإداری بالنظر إلى الطعون التی تتعلق بما یأتی:
أ- أعمال السیادة: وتعد من أعمال السیادة المراسیم والقرارات التی صدرها رئیس الجمهوریة.
فالنص هنا بعد أن استبعد أعمال السیادة من الرقابة القضائیة أورد مثلین لها هما المراسیم والقرارات الصادرة کلها عن رئیس الجمهوریة ونحن ننتقد هذا المسلک التشریعی لأنّ ضرب الأمثلة هی مهمة الفقه لا المشرع ، ولأنه أدى إلى تقیید حریة القاضی فی إعمال النص وتطبیقه ، فضلاً عن ذلک ، فإنه أتاح للسلطة التنفیذیة فرصة التوسع فی أعمال السیادة وکثرة اللجوء إلیها.
ونجد عدم مشروعیة الحصانة التی تسبغها المادة (7) البند ثانیاً/أ: من قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون المرقم 106 لسنة 1989 على جمیع المراسیم والقرارات الصادرة عن رئیس لجمهوریة بوصفه رئیساً للسلطة التنفیذیة أی بوصفه سلطة أدارة لا سلطة حکم ومن ثم یجب إخضاعها لرقابة القضاء الإداری.
وحسناً فعل المشرع العراقی حینما نص فی المادة (100) من الدستور العراقی الدائم لعام 2005 على أنه "یحضر النص فی القوانین على تحصین أی عمل أو قرار إداری من الطعن"، وهذا ینسجم مع حق التقاضی المنصوص علیه فی المادة (19) الفقرة ثالثاً من الدستور ذاته التی نصت على "أن التقاضی حق مصون ومکفول للجمیع".
وبناءً على ما تقدم، نقترح تعدیل نص المادة (7) البند خامساً/ أ: من قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون المرقم (106) لسنة 1989 على وفق الآتی: لا تنظر محکمة القضاء الإداری فی کل ما یعد من أعمال سیادة الدولة"
وندعو قضاءنا الإداری إلى صیاغة تعریف مانع جامع لأعمال السیادة وتحدیدها على وفق الطوائف الآتیة:
1- الأعمال التی تتعلق بالسلطة التشریعیة.
2- الأعمال التی تتعلق بالعلاقات الخارجیة.
3- الأعمال التی تتعلق بالحرب.
4- الأعمال التی تتعلق بسلامة الدولة وأمنها الداخلی.
5- الأعمال التی تتعلق بالسیادة الإقلیمیة.
لتضییق نطاق أعمال السیادة والتخفیف من آثارها والارتقاء بقضائنا الإداری إلى مستوى الطموح فی تحقیق الربط المتوازن بین القانون والقضاء الإداری الفرنسی والمصری والقانون الإداری العراقی.
الفرع الثانی
الظروف الاستثنائیة
تعد حالة الطوارئ ابرز صور الظروف الاستثنائیة وهی خطر حال وجسیم یهدد الناظم العام فی البلاد کلها أو جزءاً منها بسبب حرب داخلیة أو خارجیة أو کوارث طبیعیة أو انتشار وباء مما یستدعی الخروج على قواعد المشروعیة المقررة للظروف العادیة.
الفرع الثالث
السلطة التقدیری للإدارة
نعنی بالسلطة التقدیریة، إن تتمتع الإدارة بقسط من حریة التصرف وهی تمارس اختصاصاتها القانونیة معظمها، إذ یکون لها تقدیر اتخاذ التصرف أو الامتناع عنه أو اتخاذه على نحو معین أو اختبار الوقت الذی تجده مناسباً للتصرف أو السبب الملائم له أو فی تحدید محله. والسؤال الذی یثار بهذا الصدد هو، ما مصدر حریة التصرف الذی تتمتع به الإدارة؟
إن السلطة التقدیریة للإدارة لا یمکن أن توجد أو یعترف بها إلا إذا اقتنع المشرع من ناحیة والقاضی من ناحیة أخرى من التدخل فی تقیید النشاط الإداری ، إن عدم تدخل المشرع أو القاضی لا یمکن أن یفسر إلا على إنهما وجدا أن تدخلهما لن یکون ناجحاً بأکثر مما تقوم به الإدارة وهی تمارس حریة فی التصرف والتقدیر بموجب خبراتها الخاصة.
إلا أن السلطة التقدیریة قد تتحقق على الرغم من تدخل المشرع لتحدید اختصاص الإدارة أو نشاطها، فی حالة ما إذا استخدم المشرع عبارات عامة غیر محددة تحدیداً دقیقاً إذ تتسع لتشمل وقائع معینة أو تضیق فلا تنطبق هذه الوقائع، أی أنّ المشرع وضع قواعد عامة بطریقة مرنة تتیح للإدارة قدراً کبیراً فی حریة التقدیر فی تطبیقها.
وقد قیلت نظریات عدیدة لتحدید أساس السلطة التقدیریة للإدارة منها نظریة تدرج القواعد القانونیة، إذ تتسم القاعدة الأعلى غالباً بالعمومیة والتجرید وتتطلب نوعاً من التحدید والتقدیر من رجل الإدارة، وهذا لا یأتی إلا إذا کان لرجل الإدارة سلطة التقدیر.
وتتحقق نظریة الحقوق المکتسبة التی تذهب إلى أن السلطة التقدیریة للإدارة عند غیاب الحقوق الشخصیة للأفراد.
أما النظریة الثالثة، فهی نظریة المشروع، وتقوم على أساس أن النشاط الإداری نوع من المشروعات وتتطلب إدارة هذا المشروع التمتع بقدر کبیر من السلطة التنفیذیة.
ونجد أن أساس السلطة التقدیریة یکمن فی بعض المبادئ الأساسیة التی تحکم المرفق العام ولاسیما مبدأ دوام وانتظام سیر المرفق العام وقابلیة المرفق العام للتطور. وهما من المبادئ القانونیة العامة المقررة من دون الحاجة إلى نص.
وأکثر ما تبرز ممارسة الإدارة لسلطاتها التقدیریة، إنما یکمن فی تقدیرها لرکنی السبب والمحل، فبالنسبة إلى رکن السبب، وهو حالة واقعیة أو قانونیة تعرض على الإدارة فتتدخل على أساسها وتتخذ قرارها، وتتمثل سلطات الإدارة بخصوص هذا الرکن فی الحالات الثلاث الآتیة:
1- التحقق من صحة الوقائع التی تدخلت الإدارة على أساسها.
2- التکییف القانونی للوقائع التی یفترض ثبوتها.
3- تقدیر الخطورة المحتمل تولدها من الوقائع الثابت صورها.
ویمکن اجمال موقف الإدارة تجاه هذه الحالات بما یأتی:
أ- لا تتمتع الإدارة بسلطة تقدیریة فیما یتعلق بقیام الوقائع التی تدخلت على أساسها ولا فیما یتعلق بالتکییف القانونی.
ب- تتمتع الإدارة بحریة تقدیر ما یحتمل أن یترتب على هذه الوقائع من تهدید للنظام العام على شرط أن تضع نفسها فی الظروف والأحوال وأن تجری تقدیرها بروح موضوعیة.
أما فیما یتعلق برکن المحل ، وهو التغیر الذی یحدثه القرار فی الوضع القانونی الذی یقوم لحظة صدوره فینشئ مرکزاً قانونیاً جدیداً أو یعدل أو یلغی مرکزاً قائماً. فیعود للإدارة وحدها عند اختیار وقت تدخلها، وتقدیر ما تضمنه من اثر على شرط أن یکون ممکناً وجائزاً قانوناً إذا لم یکن المشرع قد حدد مسبقاً هذا الأثر.
المبحث الثانی
مشروعیة الدخل الخاضع للضریبة
للبحث فی مشروعیة الدخل الذی یخضع للضریبة لا بد من تحدید مفهوم الدخل بشکل دقیق وتمییزه عما یشتبه به من أوضاع، أی تمییز الدخل من الناحیة القانونیة عنه من الناحیة المحاسبیة والاقتصادیة، ثم الوصول إلى الدخل الذی یخضع للضریبة ومعرفة موقف التشریعات الضریبیة منه، أی هل أخذت بالمفهوم الواسع أم الضیق للدخل فی مطلبین على وفق ما یأتی: -
المطلب الأول: مفهوم الدخل
المطلب الثانی: موقف التشریعات الضریبیة من مفهوم الدخل الذی یخضع للضریبة
المطلب الأول
مفهـوم الدخل
على الرغم من شیوع استعمال هذا الاصطلاح، فإنه کغیره من الاصطلاحات الاقتصادیة والمالیة لیس من الیسیر تحدیده على أساس معیار دقیق یؤدی إلى استخدامه فی المجال الضریبی بمدلول دقیق ومحدد.لأنه ینطوی على معانٍ مختلفة ، فهو فی الاقتصاد غیره فی المحاسبة وغیره فی التشریعات الضریبیة لذا سوف نقسم المبحث إلى ثلاثة مطالب هی:-
المطلب الأول :- مفهوم الدخل من الناحیة الاقتصادیة
المطلب الثانی :- مفهوم الدخل من الناحیة المحاسبیة
المطلب الثالث :- مفهوم الدخل من الناحیة الضریبیة
الفرع الأول
مفهوم الدخل من الناحیة الاقتصادیة
ذکر کثیر من الکتاب الاقتصادیین تعریفات عدیدة للدخل، إذ عرفه الأستاذ (Hicks) بأنه (أقصى ما یحصل علیه الشخص من قیمة السلع والخدمات الاستهلاکیة فی فترة معینة بحیث یکون هذا الشخص فی نهایة هذه الفترة بنفس الیسار الذی کان علیه فی بدایتها )، و عرفه آخرون بأنه (مجموع ما یکسبه الفرد من الخدمات الإنتاجیة الجاریة التی یؤدیها هو بنفسه أو بواسطة ما یمتلکه من عناصر الإنتاج الأخرى خلال فترة زمنیة معینة) ومن الاقتصادیین الذین تناولوا تعریف الدخل أیضاً (Marshal) فهو عنده (ذلک النهر المتدفق من السلع الاقتصادیة خلال فترة زمنیة محددة) فیشمل الدخل عنده الاستهلاک مضافاً إلیه الادخار فهو یتضمن العناصر الجدیدة للثروة مضافاً إلیها المنافع المتحققة من استخدام تلک الثروة فضلاً عن المنافع الأخرى التی لها قیمة سوقیة ولکن تستمد من مصادر قد لاتعد ثروة.
ویعتقد بعض الاقتصادیین أن المال یعد دخلاً أو رأس مالٍ بحسب نیة صاحبه فتکون الثروة رأس مالٍ إذا استعملها صاحبها رأسمال، وتکون دخلاً إذا استعملها دخلاً، فقد اتجه هؤلاء إلى تحدید الدخل على أسس شخصیة بحتة على وفق الإرادة الإنسانیة التی لا تتفق مع القواعد العلمیة للضریبة وعلى رأس هؤلاء الاقتصادیین (Caston Jeze).
وعرف الاقتصادی الأمریکی (I.Fisher) رأس المال بأنه (مجموعة الثروة الموجودة فی لحظة معینة) ، وعرف الدخل بأنه (تیار من الإشباعات تستهلک خلال فترة زمنیة معینة).
وتوضیحاً لذلک فان الرغیف تُعد رأس مال والتغذیة التی یعطیها لصاحبه هی الدخل، والصورة المعلقة على الحائط تعتبر رأس مال، والبهجة والسرور اللذان تعطیهما لصاحبها کلما نظر إلیها تعد دخلاً وبناء على ذلک فإن الدخل الذی یخضع للضریبة بحسب نظریة (Fisher). یتألف من قیمة ما استهلکهُ المکلف من السلع والخدمات سواء أکانت معمرة أم غیر معمرة والأعمال التی یقوم بها المکلف أو أحد أفراد أسرته وتزید من راحته ورفاهیته ویحصل علیها مجاناً.
ویقاس هذا الدخل عند (Fisher) بالنقود لأن القیم تقاس بالنقود فی الاقتصاد الحدیث ، ومع ذلک فإن الدخل لیس هو النقود نفسها، وهی سلعة مادیة، بل هو المنفعة المجردة التی یمکن أن یحصل علیها عن طریق النقود.
وقد انتقد تعریف (Fisher) للدخل من جوانب عدیدة:
أولاً – ان هذا التعریف قاصر، لأنه یؤدی إلى خروج أجزاء کبیرة من أصحاب الدخول المرتفعة من الخضوع للضریبة ، لأنها تدخر ولا تستهلک، مع أنها تزید مقدرتهم على الدفع.
ثانیاً – یعنی تطبیق هذا التعریف فرض الضریبة على الإنفاق الاستهلاکی ولیس على الدخل.
ثالثاً – یؤدی اعتماد التعریف على المنفعة الشخصیة إلى وجود بعض الصعوبات لأن هذه المنفعة الشخصیة تختلف من شخص لآخر، ولأنه یصعب معرفة القیمة النقدیة السنویة لکثیر من هذه المنافع.
وعرف الاقتصادی (Carl Plehn) الدخل بأنه (الإیرادات المحتملة التکرار والقابلة للاستهلاک) وبناء على هذا التعریف فإنه یدخل فی دائرة الدخل الأجور والرواتب والفوائد والإیجارات والمعاشات التقاعدیة کلها. وتستبعد من دائرة الدخل الإیرادات غیر المحتملة التکرار کأرباح العملیات الرأسمالیة والمواریث والوصایا والهبات، لأنه فی رأیه لیس من الحکمة إنفاق هذه العائدات.
وقد انتقد أیضاً تعریف (Plehn) بأنه غیر جامع ولا مانع ، لأنه قد استبعد من الدخـل الإیرادات غیر محتملة التکرار – لم یخضع للدخل إیرادات تؤدی إلى الزیادة الإیجابیة فی ثروة المکلف ، ومن ثم فإنها تزید من المقدرة الضریبیة لدى المکلف.
ولا نتفق بدورنا لاعتقادنا مع تعریف (Plehn) بسبب اعتقادنا بصحة الانتقادات الموجهة إلیه التی تهدف إلى تحقیق العدالة. ونجد أن تعریف (Fisher) على الرغم من أنه أفضل من تعریف (Plehn) للدخل، فإن الانتقادات الموجهة إلیه تعد صحیحة ویجب الأخذ بها فضلاً عن أن الأمثلة التی ضربها لتوضیح مفهوم الدخل لم تکن دقیقة لأن بعضها لا یمکن تقویمه بالنقود أو یصعب هذا التقویم کالبهجة والسرور.
یتضح مما تقدم اتساع مجال الدراسة عند الاقتصادیین مما یفسر تعدد مفاهیم الدخل إذ یعنى الاقتصادی بدخل الأشخاص والمشاریع والمجتمع و یعنى بمشکلة توزیع الدخل بین عوامل الإنتاج (الأجور، والربح، والفائدة، والریع) .
الدخل النقدی والدخل الحقیقی:-
یفرق الاقتصادیون بین الدخلین النقدی والحقیقی، فالدخل النقدی هو کمیة المبالغ النقدیة الصافیة التی یحصل علیها الشخص بعد استبعاد التکالیف جمیعها التی أنفقت فی سبیل الحصول علیه، ویشمل الدخل الحقیقی الدخلین النقدی والعینی الذی یمکن أن یحصل علیه أیضاً.
وتأسیاً على ما تقدم فان قیمة الدخلین النقدی والحقیقی تتعادل إذا لم یکن هناک دخل عینی لدى المکلف، ویترتب على ذلک أن الدخل الحقیقی أکثر شمولاً من الدخل النقدی وأکثر تعبیراً عن المقدرة الضریبیة للمکلف فضلاً عن أنه یقرر الصفة الحقیقیة للنقود بوصفها أداة للتبادل والتقویم.
لا تولی المحاسبة أهمیة کبیرة للدخل الشخصی للفرد إنما ینصب الاهتمام فیها على دخل المشروع بوصفه وحدة محاسبیة ولو کان هذا المشروع منشأة فردیة انطلاقاً من فرض الشخصیة المعنویة. والإیراد لدى المحاسبین هو إنتاج المنشأة، والجانب الموجب فی تحدید نتیجة أعمال المشروع من ربح أو خسارة.
وعرف (Finney) الدخل بأنه (الزیادة فی الأصول التی تنتج عن مبیعات أو تأدیة خدمات لعملائها) ویتشابه هذا التعریف مع تعریف جمعیة المحاسبین الأمریکیة إذ أنها عرفت الدخل بأنه (التغیر النقدی لمجموع المنتجات أو الخدمات التی انتقلت من المشروع إلى عملائه فی فترة زمنیة محددة).
ونجد أن التعریف الأخیر أکثر دقة وتحدیداً، إذ أن الإیراد هو المفهوم الإجمالی، إذ یعنینا إجمالی الإیراد فحسب.
ویمکن تحدید مفهوم الإیراد فی الفکر المحاسبی فی نظریتین هما:-
أولاً – نظریة الإستغلال :-
یتحدد الربح على وفق هذه النظریة بالفرق بین عملیات المتاجرة والإستغلال العادی من جهة، وبین تکالیف استغلال المشروع من جهة أخرى.
إذ تشمل الإیرادات المبیعات وأجور الخدمات التی أدیت، وتشمل المصروفات ثمن المبیعات وسائر التکالیف التی تتعلق بمزاولة النشاط.
ثانیاً – نظریة المیزانیة :-
یتحدد الربح على وفق هذه النظریة بزیادة قیمة موجودات المنشأة عن مطلوباتها فی أول المدة التجاریة ونهایتها فنطاق الأرباح التجاریة على وفق هذه النظریة أوسع مدى من نطاق الربح على وفق نظریة حساب الاستغلال، ویشمل الربح الإیرادات الإیرادیة والرأسمالیة کلتیهما.
الفرع الثالث
مفهوم الدخل من الناحیة الضریبیة
وإن تحدید مفهوم الدخل مسألة ضروریة بالنسبة إلى الدراسات الضریبیة لسببین:
أ. حتى لا تشمل الضریبة بعض الأموال التی لا تعد من قبیل الدخول .
ب. عدم تهرب بعض العناصر التی تعد من قبیل الدخول.
ویسود الفکر المالی وهو بصدد تحدید مفهوم الدخل من الناحیة الضریبیة نظریتین هما:-
- نظریة المصدر – المنبع – النظریة التقلیدیة
- نظریة الإثراء – الزیادة فی القیمة الإیجابیة – الحدیثة
أولاً – نظریة المصدر :-
وتعرف هذه النظریة الدخل الضریبی بأنه القیمة النقدیة أو القابلة للتقدیر بالنقود التی تحقق بصفة دوریة من مصدر یتمتع بدرجة معینة من الثبات والاستقرار النسبی فی مدة معینة من الزمن سنة على الأغلب لذا اجتمعت النظریة التقلیدیة على ان الإیراد یتصف بمیزات هی الدوریة – وجود مصدر قابل للبقاء – استغلال المصدر – القابلیة للتقییم نقداً وعنصر المدة.
1- الدوریة :-
الدوریة خاصیة ظاهرة من کلمة REVENY نفسها وهو ما یقابل العودة والمجیء مرة بعد أخرى مثال ذلک ثمار الأشجار إذ تتضمن الکلمة عودة الإیراد أو على الأقل احتمال عودته وتکراره.
ویترتب على هذا الشرط أن الأرباح والمکاسب التی یحصل علیها المکلف بصورة عارضة لا تعد دخلاً ومن ثم فلا تخضع للضریبة.
وقد تعرض شرط الدوریة للنقد من کتاب علم المالیة نذکر منهم (Seligman) إذ ذهب إلى أن فکرة دوریة الدخل وانتظامه على وشک الزوال وإن کانت آثارها لا تزال باقیة لا یستغرب الناس فی الولایات المتحدة إخضاع الدخول المتأتیة من أرباح عرضیة لضریبة الدخل لذا فإن کل دخل نقدی أو یمکن تقدیره بالنقود ولو کان الحصول علیه بصورة عرضیة ، لابد من أن یخضع للضریبة.
وفی الاتجاه نفسه یقول (Fisher) إنه من الحماقة أن نقول إن الدخل یتصف بالدوریة والانتظام ونحن نعلم أنه لا یتصف بذلک.
ونجد أن الدوریة بوصفها شرطاً من شروط خضوع الدخل للضریبة لا وجود لها ولا یمکن الاحتجاج بأن التشریعات الضریبیة تفرض الضریبة على الأرباح التجاریة والصناعیة بشکل دوری کل سنة. إذ أن ذلک لا یتعلق بخضوع الدخل للضریبة أو عدمه وإنما ترى التشریعات أن مرور السنة هو أنسب مدة زمنیة لتحصیل ضریبة الأرباح التجاریة والصناعیة والدلیل على صحة ما نقوله هو لیس هناک تشریع ضریبی واحد یعفی الدخل لمجرد عدم مرور سنة علیه.
2- وجود مصدر قابل للبقاء :-
تتطلب الدوریة أن یکون المصدر باقیاً إذ یقول د. عادل الحیاری أنه یترتب على شرط الدوریة نتیجة رئیسة وهی أن یکون مصدر الدخل على درجة من الثبات تکون له القدرة على إمداد دخل دوری منظم، ولا یعنی الثبات هنا الدوام المطلق إذ لیس من شیء ثابت ثباتاً مطلقاً فی حیاتنا البشریة، بل المراد هنا الثبات النسبی أی قابلیة الدخل على البقاء مدة محدودة.
وتختلف صفة الثبات والدوام تبعاً لاختلاف مصادر الدخل وهی (العمل ، ورأس المال، ومختلط) ویسوغ هذا الاختلاف اختلاف المعاملة الضریبیة لها ولا سیما فی اختیار سعر الضریبة (تخفیض الضریبة على الدخل المتولد من مصدر العمل لأن عمره أقل وتشدیدها على الدخل المتولد من رأس المال بسبب أن عمره أطول).
3- استغلال المصدر :-
للحصول على الإیراد یجب العمل على صیانة المصدر واستغلاله استغلالاً ملائماً له حتى نضمن له دوریة الإنتاج إذ أن تحقق الإیراد یحتاج إلى إنفاق مصاریف معینة مقدماً وتختلط هذه المصاریف بالإیراد، لذا یجب استبعاد هذه التکالیف عند تحدید الإیراد.
4- القابلیة للتقییم نقداً :-
إن إمکانیة تقییم المنفعة التی یتم الحصول علیها بالنقود شرط أساس لأن هذه المنفعة دخلاً، أما المنافع التی لا تقدر بالنقود فإنها لا تعد من قبیل الدخل، ومن ثم فلا تخضع للضریبة، فعنایة ربات البیوت ببیوتهن لا تعد دخلاً.
5- عنصر المدة :-
لکی یعد الإیراد دخلاً لابد أن یحصل علیه المکلف فی مدة زمنیة معینة وتحدد عادةً بسنة کاملة وعنصر (الزمن) یعد من أهم خصائص الدخل لأنه هو الذی یمیز الدخل من رأس المال فالدخل یمثل تدفقاً من المنافع فی مدة زمنیة معینة فی حین یکون رأس المال ثروة متجمعة ینظر إلیها فی لحظة معینة.
نخلص من هذا کله إلى أن نظریة المصدر أو المنبع تحدد الدخل الخاضع للضریبة فی أضیق الحدود، لأنها تُخرج المکاسب والخسائر الرأسمالیة من الخضوع للضریبة ومن ثم فان هذه النظریة تلقى ترحیباً کبیراً من المکلفین. وقد استند أصحاب نظریة المصدر أو المنبع فی عدم إخضاع المکاسب والخسائر الرأسمالیة للضریبة إلى الاعتبارات الآتیة:.
ثانیاً – نظریة الإثراء :-
وتقابل هذه النظریة نظریة المیزانیة فی علم المحاسبة . وتتوسع هذه النظریة فی مفهوم الدخل فتعده الزیادة الایجابیة فی ذمة الشخص (المعنوی أو الطبیعی) فی مدة زمنیة معینة. یستوی فی ذلک حصول الشخص على الدخل بصورة دوریة أو غیر منتظمة بصرف النظر عن أن یتأتى الدخل من أی مصدر، إذ المهم أن یکون الشخص فی نهایة السنة المالیة بمرکز مالی أفضل مما کان علیه فی بدایتها. وبمعنى آخر یشمل الربح. على وفق نظریة الإثراء– کل ثروة حققتها المنشأة مهما کان مصدرها حتى لو تحققت مصادفة بلا مجهود أو سعی بصرف النظر عن مداها أی لو تحققت مرة واحدة .
یتضح أن منطلق هذه النظریة یؤدی إلى إطلاق صفة الدخل على أیة زیادة ایجابیة تطرأ على ذمة الشخص من مدة زمنیة لأخرى وهو ما یؤدی إلى الخلط من الناحیة الفنیة بین فکرتی الدخل فی ذاتها ورأس المال فی ذاته، فإذا ما طرأت زیادة ایجابیة فی ذمة الشخص لها طبیعة رأس المال لا یمکن أن تعد هذه الزیادة من الدخل.
وینتج عن ذلک أن هذه النظریة توسعت فی مفهوم الذی یخضع الخاضع للضریبة بحیث شملت فضلاً عن الدخول التی تتوفر فیها عناصر الدوریة وقابلیة التقویم بالنقود المکاسب الرأسمالیة.
وقد استند أصحاب هذه النظریة فی إخضاع المکاسب الرأسمالیة للضریبة إلى الاعتبارات الآتیة:-
1- نتج ارتباط الدخل بفکرة الدوریة والانتظام عن الأخذ بالأساس العینی وکان هذا الأساس یناسب المجتمعات الزراعیة إذ کانت الملکیة العقاریة تمثل الجانب الأهم من ثروة الإنسان ، أما فی الزمن الحدیث فقد ازدادت أهمیة رؤوس الأموال المنقولة ، مما یستدعی تطبیق الأساس النقدی، أی أن تقدر قیمة الأموال لقیمتها النقدیة، لأن قیمة هذه الأموال هی التی تؤثر القوة الاقتصادیة للإنسان وتحددها.
2- نظراً لأن المکاسب الرأسمالیة، تعمل على زیادة قدرة الشخص على الادخار فإنه یجب أن تعامل مثل الدخول الدوریة، لأن کلیهما یزید الطاقة الضریبیة للشخص، ومن ثم لیس من العدالة عدم خضوع المکاسب الرأسمالیة للضریبة.
3- یؤدی إخضاع المکاسب الرأسمالیة للضریبة إلى تقلیل فرص التهرب الضریبی، لأن بعض الشرکات قد تعمد إلى عدم توزیع الأرباح على حملة الأسهم عن بترحیلها إلى الاحتیاطات، للتهرب من الضریبة التی تفرض على توزیعاتها الدوریة . ویؤدی تراکم الاحتیاطیات لدى هذه الشرکات إلى ارتفاع القیمة السوقیة لأسهم هذه الشرکات فی سوق الأوراق المالیة (البورصة) ، ومن ثم فإن أصحاب الأسهم إذا ما عمدوا إلى بیعها فإنهم سوف یحصلون على قیمة مرتفعة للأسهم ترتفع کثیراً عن سعر الإصدار ویحصلون على قیمة ما یوزع من الأرباح فی سنوات عدیدة من دون أن تخضع هذه المکاسب الرأسمالیة للضریبة.
4- إن کثیراً من المکاسب الرأسمالیة ینتج عن نجاح الشرکة فی نشاطها ، ولیس نتیجة تدهور القوة الشرائیة للنقود أو التضخم وارتفاع الأسعار …لذا فإن هذه المکاسب الرأسمالیة یجب أن تعامل معاملة الأرباح الدوریة المنتظمة ویخضع کلاهما للضریبة.
5- لا یصح القول بأن إخضاع المکاسب الرأسمالیة للضریبة یؤدی إلى الحد من تداول الأموال فی الأسواق، لأن المکلف یتصرف فی أمواله عندما یتأکد أن هذا التصرف یحقق له مکاسب، بغض النظر عن خضوع هذه المکاسب للضریبة أو عدمه.
6- لا یصح القول أیضاً بأن إخضاع المکاسب الرأسمالیة للضریبة یعمل على الحد من تشجیع تمویل المشروعات الجدیدة. والسبب فی ذلک هو ضعف حساسیة المستثمر تجاه هذه الضریبة نظراً لعدم سریانها فی المدى القصیر، ولأن ما یهم المستثمر فی هذه المدة هو خضوع دخوله الدوریة للضریبة.
7- ولا یصح القول أن المکاسب والخسائر الرأسمالیة کلتیهما یلغی أثر کل منهما الآخر بالنسبة إلى کل مکلف على حده.
المطلب الثانی
موقف التشریعات الضریبیة من مفهوم الدخل
سنتناول فی هذا المبحث موقف التشریع الضریبی العراقی من مفهوم الدخل أی هل أخذ بالمفهوم الواسع أم الضیق، ومن ثم تحدید موقف التشریعات الضریبیة المقارنة على وفق ما یأتی:-
الفرع الأول
موقف التشریع الضریبی العراقی
بالعودة إلى قانون ضریبة الدخل المرقم 113 لسنة 1982 المعدل یلحظ أن المشرع العراقی لم یعط تعریفاَ دقیقاً وواضحاً لمعنى الدخل، غیر أنهُ أورد فی المادة الأولى الفقرة الثانیة من القانون المذکور مفهوم الدخل بأنه "الإیراد الصافی للمکلف الذی حصل علیه من المصادر الآتیة : (أرباح الأعمال التجاریة أو الفوائد والعمولة أو من بدلات إیجار الأراضی الزراعیة أو من الأرباح الناجمة عن ملکیة العقار أو حصل علیه من الرواتب ورواتب التقاعد والمکافآت والأجور والمخصصات لغیر العاملین فی دوائر الدولة والقطاع الاشتراکی والمختلط وأی مصدر غیر خاضع لأی ضریبة فی العراق).
یتضح فی الفصل السابق أن المشرع العراقی أخذ بنظریة الإثراء فی تحدید مفهوم الدخل الخاضع للضریبة وان لم یقطع صلته أحیاناً بنظریة المصدر فی بعض الحالات القلیلة کما هی الحال فی عدم إخضاعه الأرباح الرأسمالیة لضریبة الدخل وتطلب الاحتراف لإخضاع بعض الأرباح للضریبة.
ومما تجدر الإشارة إلیه أن المشرع العراقی أستمر على أخذه بالمفهوم الواسع حتى بعد التعدیل الأخیر. وحسناً فعل المشرع العراقی فی عدم صیاغة تعریف للدخل لاختلاف مفهوم الدخل وتشعبه ومن ثم فإنه یؤدی إلى اختلاف بالتفسیر وسارت على هذا الموقف الدول المتقدمةمعظمها.
الفرع الثانی
موقف التشریعات الضریبیة المقارنة
أولاً – موقف التشریع الضریبی الأردنی
لو تصفحنا قانون ضریبة الدخل الأردنی رقم 57 لسنة 1985 المعدل، لم نجد تعریفاً واضحاً للدخل بل أن المشرع الضریبی الأردنی أورد فی المادة (3) من القانون فی أعلاه تعداداً للدخول التی تخضع للضریبة إذ یتضح فی النص أن المشرع الأردنی لم یلتزم بأیة من النظریتین فی تحدید مفهوم الدخل الخاضع للضریبة، فی حین اخضع دخولاً غیر متکررة ولا تتصف بالدوریة وتأتی بصفة عارضة، ولم تکن من ضمن نشاط المنشأة العادی ، ومن هذه الدخول بدل الإخلاء والعوض المقبول من بیع العلامة التجاریة،لذا أغفل التقید بالنظریة التقلیدیة، ولکنه من ناحیة أخرى لم یتقید بالنظریة الحدیثة فی تحدید الدخل، إذ حرص على عدم إخضاع الأرباح الرأسمالیة، وإنما أعفى المشرع الأردنی الأرباح الرأسمالیة من الخضوع للضریبة ومن ثم أخرج النفقات الرأسمالیة جمیعها من التکالیف التی تخصم من الوعاء الضریبی، إلا أنه أضاف فقرة إلى هذه المادة نصت على إخضاع الدخول کافة أیاً کان مصدرها، ما لم یرد بشأنها إعفاء فی هذا القانون أو أی قانون آخر.
لذا یکون المشرع الضریبی الأردنی قد سلک مسلک التشریعات الضریبیة الأخرى فی عدم تحدید الدخل الخاضع للضریبة على وجه الدقة ، وإنما ترک تحدید مدى خضوع کل حالة على حده، بفحصها لمعرفة هل هناک نص یعفیها أم لا.
ثانیاً :- موقف التشریع الضریبی المصری :-
لم یضع المشرع الضریبی المصری تعریفاً محدداً للإیرادات التی تخضع لضریبة الأرباح التجاریة والصناعیة، ولم یتقید بأیة من النظریتین فی تحدید مفهوم الدخل ومن استعراض التشریعات الضریبیة المختلفة، ونجد أن المشرع الضریبی المصری، قد توسع فی مفهوم الدخل الذی یخضع لضریبة الأرباح التجاریة والصناعیة، إذ اخضع الإیرادات الإیرادیة العادیة وغیر العادیة، واخضع الأرباح الرأسمالیة فحسب، لیس الأرباح التی تنتج عن بیع أی أصل من الأصول الرأسمالیة، وإنما أیضاً الأرباح المحققة من التعویضات نتیجة الهلاک أو الاستیلاء على أی أصل من هذه الأصول ، سواء فی أثناء حیاة المنشأة أو عند انقضائها. أما بالنسبة إلى إیرادات رؤوس الأموال المنقولة فنجد أن المشرع المصری قد توسع فأخضع عنصر رأس المال فی بعض الحالات ، مثل سریان الضریبة الموحدة على سداد رأس المال فی أثناء قیام الشرکة وقبل انقضائها .
ثالثاً – موقف التشریع الضریبی السوری :-
لدى إطلاعنا على قانون ضریبة الدخل السوری نلحظ أن المشرع السوری هو الآخر لم یعط تعریفاً للدخل وإنما حدد الدخول الخاضعة للضریبة وإنه وقف موقفاً وسطاً بین النظریتین (المصدر والإثراء).
إذ قام بإخضاع (الأرباح التی تنشأ عن ممارسة المهن والحرف الصناعیة وغیر التجاریة وسائر الأعمال …الخ) لضریبة الدخل أی أنه أخذ بنظریة الإثراء کون الأرباح لا تتصف بالدوریة والانتظام وکذلک یخضع للضریبة (کل من یمارس حرفة أو مهنة صناعیة أو تجاریة أو غیر تجاریة ولا یدخل ضمن فئة مکلفی الأرباح الحقیقیة المحددین فی المادة الثانیة من هذا القانون) هذا من ناحیة ، ومن ناحیة أخرى نجد أنه اخضع بعض الدخول التی تتصف بالدوریة والانتظام لضریبة الدخل ( کالرواتب وما فی حکمها) مما یعنی ذلک أنه أخذ بنظریة المصدر.
لدى إطلاعنا على الأنظمة الضریبیة فی الدول المختلفة نلحظ أن المبادئ التی تبنتها وهی بصدد تحدید طبیعة الدخل الخاضع للضریبة، معظمها تتجنب النص على تعریف للدخل فی نظامها الضریبی، وتکتفی بتعداد ما یعد دخلاً یخضع للضریبة. ومع ذلک فإن النزاع بین نظریتی المصدر والإثراء کلتیهما هو الذی یحدد التطورات الحدیثة فی الأنظمة الضریبیة فی کثیر من الدول، وتسعى الأنظمة المالیة دائماً إلى تحقیق أهداف الدولة (السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والمالیة)، فأنها قد تأخذ بنظریة المصدر أو بنظریة الإثراء أو تتخذ موقفاً وسطاً بینهما، وقد تفرض الحاجات العامة نفسها على الدولة وتکون بأشد الحاجة إلى الإیرادات العامة لذا تأخذ الدولة بنظریة الإثراء لأنها توسع مفهوم الدخل الخاضع للضریبة، أما إذا کانت الحالة معکوسة أی أن الإیرادات العامة فی الدولة کثیرة والحاجات العامة ضعیفة فإن الدولة تأخذ بنظریة المصدر، بل انها تذهب إلى أکثر من ذلک إذ تقوم بإضافة إعفاءات من ضریبة الدخل لأسباب سیاسیة أو اجتماعیة أو اقتصادیة أو علمیة.
ومما تجدر الإشارة إلیه هو أن الاتجاه الحدیث للأنظمة الضریبیة فی الدول المختلفة یمیل إلى الأخذ بنظریة الإثراء ونؤید نحن بدورنا هذا الاتجاه للأسباب الآتیة:-
1- إن نظریة الإثراء أکثر عدالة من نظریة المصدر، فتطبیق نظریة المصدر مثلاً ، یعنی أن أجر العامل ولو کان بسیطاً یخضع للضریبة لأنه تتوفر فیه صفة الدوریة فی حین أن الذی یحصل على دخل کبیر عارض لا یخضع للضریبة مما لا یحقق العدالة الضریبیة.
2- کما هو معروف هناک ظاهرة تزاید النفقات العامة فی الدولة، وهی تستدعی وجود ظاهرة أخرى تقابلها وهی ظاهرة تزاید الإیرادات العامة ویتوافق تطبیق نظریة الإثراء مع هذه الظاهرة بصورة أکبر من نظریة المصدر .
3- یغنی تطبیق نظریة الإثراء الدولة عن تطبیق ضریبة مستقلة على رأس المال، مع تحقیق أهدافها لأنها تصل إلى العناصر الرأسمالیة کالدخول العارضة.
المبحث الثالث
الاتجاهات الفقهیة والقضائیة حول مسألة إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة
عند العودة إلى نص المادة الثانیة من قانون ضریبة الدخل العراقی النافذ نجد ان المشرع الضریبی العراقی لم یتناول مدى خضوع الأرباح التی تنتج عن نشاط غیر مشروع للضریبة کممارسة الشخص لمهنة الطب أو المحاماة أو الهندسة من دون ان یکون مؤهلاً لذلک، وتهریب البضائع من الکمارک، والقمار والملاهی والمخدرات وغیرها، وعموماً فان التشریعات الضریبیة أغلبها لم تنص على مشروعیة الأرباح من عدمها لذا توجب علینا العودة إلى أراء الفقهاء وأحکام القضاء على وفق ما یأتی:
المطلب الأول
الاتجاه الفقهی من إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة
لا تخلو مسالة إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة من جدل فقهی لعدم وضوح موقف المشرع من حسم هذه المسالة، ومن البدیهی القول إن الفقه انقسم بین مؤید ومعارض فی هذا الشأن وکل منهما یعرض حججه لتعضید ما یذهب إلیه، وهو ما سوف نبحثه على وفق التفصیل الآتی:
الفرع الأول
الاتجاه الفقهی المؤید لإخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة
ینطلق هذا الاتجاه من مسالة جدا مهمة سبق إثارتها وهی إن القوانین الضریبیة لم تحدد موقفها من الدخول التی یحصل علیها الأشخاص جراء مخالفتهم للقوانین أو الأنظمة والتعلیمات، لذا فان هذا الجانب یذهب نحو القول بأن القاعدة العامة هی الخضوع للضریبة، ویرد الاستثناء على هذه القاعدة الذی یتمثل بالإعفاء على سبیل الحصر، ولیس من الإعفاء الوارد فی القانون عدم إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة، وبالعکس فان عمومیة النص فی تحدید الدخل تقتضی خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة.
ویذهب هذا الاتجاه فی قوله إلى إن القانون یسمح بسریان الضریبة على الدخل غیر المشروع طالما لم ینص على أن الضریبة مقصورة على الأرباح المشروعة، ولا سیما أن الدخل غیر المشروع یکون فی الأحیان أغلبها دخلا بالمعنى التقلیدی.
ویبدو أن هذا الاتجاه یلتمس فی عموم النص وسکوته ما یشید علیه رأیه، ومثل ذلک نص الفقرة (6) من المادة الثانیة من قانون ضریبة الدخل العراقی النافذ التی نصت على خضوع دخل أی مصدر لم یرد ذکره فی القانون وغیر معفى بمقتضى أی قانون لضریبة الدخل، وبما أن القاعدة تقضی جریان المطلق على إطلاقه فلیس ثمة مانع من خضوع الدخل غیر المشروع للضریبة طالما لم تفصح رغبة المشرع بتقیید هذا المطلق فی النص صراحة على عدم خضوع هذا الدخل للضریبة.
ثم أن الدولة عندما تستعمل سلطتها فی جمع إیراداتها فإنها تهتم بالنتائج التی تترتب على هذا النشاط أکثر من الاهتمام فیما لو کان النشاط ذاته مشروعاً أم غیر مشروع، ویکون إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة اقرب إلى الواقع، لان التمسک بمبدأ المشروعیة سوف یؤدی إلى إفلات بعض الدخول بحجة عدم المشروعیة وهذا لیس من العدل والمنطق فی التشریع الضریبی، ولان العدالة التی ینص علیها الدستور لن تتحقق فیما لو دفع الضریبة من یلتزم حدود القانون ویفلت منها من خالف مبدأ المشروعیة وحصل على مکاسب غیر مشروعة، فلیس من المقبول أن یخضع من یمارس العمل الشریف ویتقید بحکم التشریعات ویفلت منها من یمارس مهنا یأباها الضمیر الإنسانی، وکأننا نبارک ضمنا تلک الأعمال المهنیة غیر المشروعة بما یساعد على زیادتها والتوسع فیها.
وینظر المشرع إلى حقائق الأشیاء وهو حتما لا یرتضی أن یدع دخلا ما یفلت من الضریبة بحجة عدم المشروعیة، إذ ان القانون الضریبی لا شان له بما یلابس الحصول على الدخل من مخالفة لإحکام القانون، لان الالتزام بالضریبة یستمد من حصول المکلف على الدخل أیا کان مصدره فحسب.
ویعرض هذا الاتجاه رأیه بان وجود نصوص جزائیة تفرض العقوبات على ممارسة تلک الأعمال بعدها أفعال مجرمة لیس بمانع لإخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة مع ما یقرره القانون لمن یخالف أحکامه، إذ لا تحول مخالفة القانون من دون نشوء الأعمال التجاریة غیر القانونیة التی تحققت فعلا.
وینتهی هذا الرأی إلى انه لا یوجد مانع من أن یسهم الشخص الذی یحصل على الدخل غیر المشروع جراء مخالفته لمبدأ المشروعیة فی تمویل خزینة الدولة إذ ان مبلغ الضریبة کما یقال لا لون له ولا رائحة.
الفرع الثانی
الاتجاه الفقهی المعارض لإخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة
على الرغم مما عرضه الاتجاه الفقهی المؤید لإخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة من حجج تبدو مقنعة، إلا أن هذا لم یمنع من وجود اتجاه مخالف، ویبدی مناصرو هذا الاتجاه مجموعة من الحجج لعل من أبرزها إن الشریعة الإسلامیة الغراء هی المصدر الوحید للتشریعات فی الدول العربیة أغلبها ولا بد من التقید بقواعدها، وکذلک فانه یتعذر تطبیق القواعد الموضوعیة للضریبة على الأنشطة غیر المشروعة إذ لا یوجد تماثل بین من یمارس عملا مشروعا تکون له تراخیص وتکالیف وإیرادات واضحة وبین من یمارس عملا غیر مشروع لیس له ثمة مرکز قانونی أصلا، على الرغم من أن بعض الفقهاء فی هذا الجانب یذهب إلى فرض الضریبة على المال المسروق إذا قام صاحب المال بالصفح عن الجانی وعدم المطالبة بهذا المال.
وان القول بعدم خضوع الأرباح المتولدة عن ممارسة الأعمال غیر المشروعة یجعل من الضریبة عقوبة على الأعمال المشروعة قول مردود لان الضریبة على الدخل الناتج عن الأعمال غیر المشروعة لا یمکن أن تعد عقوبة حتى یمکن فرضها لاختلاف مفهوم الضریبة عن مفهوم العقوبة، وسیتعرض الدخل غیر المشروع لعقوبة اشد وقعا وأثرا من الضریبة آلا وهو العقاب الجزائی وما یستلزمه من مصادرة للأموال جمیعها أو جزء منها، ویجد هذا الاتجاه صداه فی بعض الأحکام القضائیة الحدیثة، وهو ما سنتناوله من موقف القضاء من هذه المسالة.
المطلب الثانی
الاتجاه القضائی حول مسالة إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة
ویتضح موقف القضاء عند البحث فی مواقف القضاء للدول الآتیة:
أولاً : اتجاه القضاء الأمریکی:
تبدو أحکام هذا القضاء أکثر وقعا وما یعزز هذا هو التشریع الضریبی الفیدرالی فی الولایات المتحدة الأمریکیة کما بیناه سابقا، فقد قضت المحکمة العلیا هناک فی قضیة (Rutkin) بأن الدخل المتأتی من الابتزاز هو دخل خاضع للضریبة بالنسبة لمرتکب الابتزاز، والدخل غیر المشروع کالدخل المشروع من حیث أن یعد دخلا خاضعا للضریبة إذا یتمتع متلقیه بسیطرة فعلیة ویأتی له منفعة اقتصادیة منه، لأنه یتسلم المال الناتج عن الابتزاز من مالکه الأصلی بطریقة تسمح له بحریة التصرف فیه وحتى لو تم الحصول علیه بطریقة الغش فلیس هناک مسوغ لعدم خضوعه للضریبة.
أما ما قد نجده من محاولة القضاء فی تقیید إخضاع الدخل للضریبة إنما تعد من قبیل الحالات الاستثنائیة من الأصل العام، ذلک أن هذا القضاء قد اعتمد مبدأ عدم إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة إلا عند توفر شرطین هما وجود الادعاء بالحق فی ذلک الدخل، أی یکون لحائزه ادعاء علیه بحق، فضلا عن غیاب الالتزام المحدد غیر المشروط لإعادة المبلغ، بمعنى انه من یحوز المال یدعى بملکیته له أولا ثم لا یوجد التزام علیه برد هذا المال إلى صاحبه الشرعی ثانیا، لذا استقر أن القضاء الأمریکی على عدم إخضاع بعض الدخول إلا بتحقق هذین الشرطین ومثل ذلک مبلغ الاختلاس فی قضیة (Wilcox) رأت المحکمة العلیا أن المال المختلس ینتمی بشکل شرعی وتام إلى مالکه الأصلی ومن ثم فان المُختلِس ملتزم برد المال المُختلِس إلى مالکه الشرعی لذا لا یجوز فرض ضریبة علیه.
ثانیاً : اتجاه القضاء الانکلیزی:
یلتزم القضاء الانکلیزی وجهة النظر التی تقضی بوجوب إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة، فقد وردت أحکام عدة تؤکد هذا الاتجاه إذ قضت إحدى المحاکم الانکلیزیة بأن الأرباح التی تنشأ من تصدیر الخمر ( الویسکی) إلى الولایات المتحدة خلافا للقانون تخضع للضریبة، لان هذه الأعمال ذات طابع تجاری، وقضت إحدى المحاکم فی قضیة أخرى بان الأرباح الناتجة لأحد الأشخاص من تعاطی المراهنات غیر المشروعة تخضع للضریبة شانها فی ذلک شان الأرباح التی تنشأ عن المعاملات التجاریة.
ثالثاً : اتجاه القضاء المصری :
یبدو أن هذا القضاء قد استقرت أحکامه فی بادئ الأمر على إخضاع هذا الدخل للضریبة مثلما جاء بحکم لمحکمة استئناف الإسکندریة والذی قضت فیه (ومن الناحیة الموضوعیة فمصلحة الضرائب تنعی على الخبیر المحاسب عدم احتسابه أرباح المکلف من أعمال التهریب رغم ثبوت تلک الأعمال وما تدره من أرباح طائلة ...)، ویشیر الاتجاه الحدیث للقضاء المصری على عدم خضوع أرباح الأعمال غیر المشروعة للضریبة وأکدت هذا الحکم محکمة النقض المصریة فی الحکم ( إن الأصل فی التعامل المشروعیة فالشیء یکون غیر قابل للتعامل إذا کان غیر مشروع، ویرجع عدم المشروعیة إلى نص القانون أو مخالفة النظام العام أو الآداب العامة ... والاتجار بالمخدرات عمل غیر مشروع ورد بشأنه قانون یحرمه وعدم جواز أن یکون محلا للالتزام الضریبی ولم ینص قانون الضرائب على الدخل صراحة على فرض ضریبة على تجارة المخدرات فلا ضریبة على عمل غیر مشروع کفله المشرع بقوانین جزائیة تعاقب ممارسیه ومصادرة أموالهم الملوثة بالإثم والجریمة). ومحکمة جنایات المنصورة فی القضیة رقم 536/92 کلی جلسة بتاریخ 25/5/1996 التی قررت بأنه لا ضریبة على عمل غیر مشروع.
رابعاً : اتجاه القضاء الأردنی
استقر قضاء محکمة التمییز الأردنیة على إخضاع الدخل غیر المشروع لضریبة الدخل من دون أی قید أو شرط، ومن أحکام هذا القضاء القرار رقم (413 / 77)والذی قضت فیه (أن من المتفق علیه فقهاً وقضاءً إن الدخل المتأتی من مصدر غیر مشروع کالإتجار بالمخدرات خاضع لضریبة الدخل)، وأیدته محکمة استئناف ضریبة الدخل فی قرارها المرقم (67/85) الصادر بتاریخ 30/5/1985 قضت أیضا (أما بالنسبة للدخل القائم من الرشوة ولما لم تقدم لدینا أیة بینة مقنعة تثبت عکس ما توصل ألیه المقرر بهذا الخصوص تقرر الإبقاء علیه ومحاسبة المکلف عن هذا الدخل).
خامساً : اتجاه جهات الطعن الضریبی فی العراق:
على الرغم من تأرجح موقف القانون الضریبی بالنسبة لإناطة الفصل فی المنازعات الضریبیة بین القضاء وبین جهات إداریة ذات اختصاص قضائی، إلا أن القضاء على ما یبدو قد اختط لنفسه أیضاً طریقا فی هذا الشأن، ونجد ذلک واضحا فی قرار الهیئة التمییزیة الخاصة بالضرائب على الدخل والذی قضت فیه برفض الاعتراض بخصوص تقدیر الضریبة على دخل إحدى محلات بیع الخمور (المشروبات الکحولیة)، إذ یبدو فی ذلک مخالفة لتعلیمات رقم(4) لسنة 1994 الخاصة بمحلات بیع الخمور الصادرة عن وزارة الداخلیة بالاستناد إلى قرار مجلس قیادة الثورة المنحل رقم(82) لسنة 1994، و یعنی هذا بدوره إخضاع الدخل غیر المشروع للضریبة.
والسؤال الذی یطرح نفسه ما هو الحکم بالنسبة إلى النفقة التی تم إنفاقها للحصول على أرباح غیر مشروعة، أی أیتم تنزیلها أسوة ببقیة النفقات أم لا تنزل بوصفها تنفق على إیراد غیر مشروع؟ للإجابة عن هذا التساؤل لابد من الرجوع إلى أراء الفقه وأحکام القضاء للبت فی هذا الموضوع.
لقد اجمع الفقه المالی والضریبی بأنه لا یشترط فی تکالیف الدخل ان تنفق دائماً فی غرض غیر مشروع، بل قد یعد مبلغاً ما عبئاً على أرباح المنشأ’ حتى إذا انفق فی غرض غیر مشروع، إذا لا معنى للتمسک بمشروعیة التکالیف ما دمنا لا نتمسک بمشروعیة الأرباح الخاضعة للضریبة. وقد ذهب بعض الکتابفی مجال تسویغه للنفقات غیر المشروعة إلى القول (الواقع إننا لو تمسکنا بمشروعیة تکالیف الدخل من دون ان نتمسک بمشروعیة الدخل الخاضع للضریبة، فإننا لا نسایر المنطق ونناقض أنفسنا، إذا قررنا ان الدخول من المصادر غیر المشروعة یجب ان تعتبر من قبیل الدخول الخاضعة للضریبة، بصرف النظر عن مشروعیة المصدر، وإذا کان الأمر کذلک فلابد من ان یکون هذا الدخل غیر المشروع صافیاً، لصیرورته کذلک یستلزم الأمر خصم النفقات التی صرفت لإنتاجه، بغض النظر عن مشروعیتها، أما إذا اشترطنا المشروعیة بالنفقة الایرادیة، فلابد ان تدخل فی دائرة الدخل الخاضع للضریبة، تلک الدخول المشروعة دون غیرها وهذا أمر لا نرتضیه).
وإذا کان الفقه قد استقر على وجوب خصم النفقات غیر المشروعة فان القضاء اختلف فی ذلک .
إذ استقر القضاء المصری على وجوب خصم النفقات غیر المشروعة ولو ان محکمة الإسکندریة المختلطة رفضت فی البدایة السماح بخصم مبلغ العمولة المستترة واستندت فی ذلک إلى ان العمولة المتنازع علیها لم تؤید بالمستندات المثبتة لها، وإنها عمولة غیر مشروعة لم یکن للضباط قبولها، وعلى القاضی ان یقضی بما یتفق وأحکام القوانین، من دون ما جرى علیه العرف أو العادة على خلافها.
ورفضت محکمة الاستئناف المختلطة الأخذ بهذا الرأی وقضت على العکس بأنه یکفی استقرار العرف المتبع فی النشاط البحری على دفع العمولة لتسویغها من دون الحاجة إلى البحث فیما إذا کان للضباط المنتفعین الحق فی الحصول علیها أم لا. أو ما إذا کان هذا العرف متفقاً مع الآداب أو انه ینافیها.
وأخذت محکمة النقض بهذا الرأی حین قضت بما یأتی: (متى کان نشاط الممول الخاضع للضریبة على الأرباح التجاریة والصناعیة هو الذی هیأ لاتهامه وساعد علیه، فان ما ینفقه فی سبیل دفع هذا الاتهام یعد تکلیفاً على الربح ویخصم من وعاء الضریبة، وإذا کان الحکم المطعون فیه، قد جرى فی قضائه على ان المصروفات التی تخصم من وعاء الضریبة هی المصروفات التی تعد تکلیفاً على الربح وتساهم فی إنتاجه ولیست أتعاب المحاماة، التی ینفقها المتهم فی مخالفة التسعیرة تکلیفاً على الربح فانه یکون قد خالف القانون واخطأ فی تطبیقه).
واستقر القضاء الأردنی على عدم تنزیل النفقات غیر المشروعة، لذا یتخذ موقفاً مخالفاً لموقف القضاء المصری، فقد قضت محکمة التمییز فی أحکامها معظمها برفض النفقات غیر مشروعة إذ قررت محکمة استئناف قضایا ضریبة الدخل فی القضیة رقم 793/77 بتاریخ 29/11/1977 على أساس ان الخسارة التی تعرض لها المستأنف لمصادرة المخدرات والسیارات المضبوطة من التکالیف التی تنزل من الدخل، مستندة إلى ان الضریبة تفرض على الدخل الصافی بعد خصم جمیع المصاریف والنفقات.
إلا ان محکمة التمییز رفضت هذا الحکم بقرارها رقم 413/77 بتاریخ 4/5/1983 وقضت (بأنه وان کان من المتفق علیه فقهاً وقضاءً ان الدخل المتأتی للمکلف من مصدر غیر مشروع کالإتجار بالمخدرات خاضع لضریبة الدخل، إلا انه من المتفق علیه أیضاً انه لا یجوز تنزیل الخسائر التی نشأت عن ذلک المصدر کالغرامة ومصادرة المخدرات ووسائط النقل من الدخل الذی یخضع للضریبة سواء أکان المکلف قد قدم حسابات دقیقة لأرباحه وخسائره أم لم یقدم، وعلى ذلک ان الخسائر التی تنجم عن عمل یعتبره القانون جرماً یجب ان یتحملها نفس المکلف الذی اقترف الجریمة على أساس ان العقوبة شخصیة لا یتحملها احد سوى المجرم والقول بخلاف ذلک یؤدی إلى نتیجة غیر منطقیة وغیر معقولة: وهی تحمیل الخزینة العامة الخسائر المترتبة على المکلف من جراء معاقبته على ارتکاب الفعل الممنوع بموجب القانون ومکافأة المجرم على ما اقترفه من جریمة). وهذا اتجاه التشریعات الضریبیة المقارنة أغلبها.
الخاتمـة
بعد دراستنا لموضوع أرباح الأعمال غیر المشروعة فی قانون ضریبة الدخل العراقی/ دراسة مقارنة توصلنا إلى استنتاجات وتوصیات من أهمها:
أولاً : الاستنتاجات
ثانیاً : التوصیات
ندعو من المشرع الضریبی العراقی عدم خضوع أرباح الأعمال غیر المشروعة للضریبة استناداً للحجج الآتیة :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
First: Arabic books
1. Dr. Ahmed Hafez Al-Jawaini (Economics of Public Finance) 1, New Testament House, Cairo, 1967.
2. Dr. Ahmed Zuhair Shamia and Dr. Khaled Al-Khatib (Public Finance), Dar Zahran Publishing and Distribution, Amman, 1997.
3. Dr. Hamoud Al-Qaisi (Public Finance and Tax Legislation), 3, Dar Al-Thaqafa Publishing House, Amman, 2000.
4. Dr. Baher Mohamed Attlem (Public Finance - Technical Tools and their Economic Implications) Fifth Edition, Library of Arts, Cairo, 1998.
5. Dr. Tharwat Badawi, (administrative decisions and the principle of legality), Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1968.
6. Jihad Saeed Al-Khasawneh, Public Finance and Tax Legislation, Dar Wael, Amman, 1999.
7. Dr. Hafez Haridi, (Acts of Sovereignty in Comparative Egyptian Law), I 1, Press of the Committee of Authoring and Translation, Cairo, 1952.
8. Hassan Adai Al-Dujaili, Explanation of the Income Tax Law No. (113) of 1982 Amended, I, Essam Press, Baghdad, 1988.
9. Dr. Ramzi Saif, (Mediator in explaining the Code of Civil and Commercial Procedures), I 9, 1969.
10. Dr. Ramzi Taha Al-Sha'er (Supervision of the Work of the Department), Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1982.
11. Dr. Zine El Abidine Ben Nasser (Public Finance and Tax Legislation) Ain Shams University Library, 1974.
12. Dr. Sami Gamal El Din, (Supervision of the work of the administration), Alexandria, 1982.
13. Dr. Sami Jamal al-Din, (Necessity and Judicial Supervision Regulations), Knowledge Establishment, Alexandria, 1982.
14. Dr. Saad Asfour, and Dr. Mohsen Khalil, (administrative judiciary), the Egyptian writer printing and publishing.
15. Dr. Said Abdulaziz Othman (Tax Systems), University House, Alexandria, 2000.
16. Dr. Sulaiman Mohamed El-Tamawy, (Administrative Judiciary), The First Book, Elimination of Abolition, Arab Thought House, Cairo, 1986.
17. Dr. Sulaiman M. Al-Tamawi, (General Theory of Administrative Decisions), Comparative Study, I 5, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1984.
18. Dr. Sulaiman Mohamed El-Tamawy, Political Systems and Constitutional Law, Comparative Study, Arab Thought House, Cairo.
19. Dr. Taima Al-Jarf (Judicial Control of Public Administration), Dar Al-Hamamah, 1970.
20. Dr. Adel Falih Al-Ali and Dr. Talal Kaddawi (Economics of Public Finance) Book II, Public Revenues and the State Budget Book House for Printing and Publishing, University of Mosul, 1989.
21. Dr. (Introduction to Finance and Public Finance in Iraq), C1, I2, Dar Al Kutab for Printing and Publishing, University of Mosul, 1976.
22. Dr. Abdel Fattah Hassan, (memoirs of the principles of administrative law), Faculty of Law, Mansoura University, 1978.
23. Dr. Abdel Moneim Fawzi (Public Finance and Financial Policy) Dar Al-Nahda Arab Printing and Publishing, Beirut, 1972.
24. Dr. Abdel Moneim Fawzi et al. (Tax Systems), I 1, The Egyptian Modern Office for Printing and Publishing, Alexandria, 1968.
25. Dr. Othman Khalil Othman, State Council Comparative Study, I 4, 1956.
26. Dr. Essam Abdel Wahab Al-Barzanji, (Judicial Power and Judicial Supervision), Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1971.
27. Dr. Essam Youssef Ashour (Income and Economic Development in the Arab Countries), Institute of High Arab Studies, Cairo, 1962.
28. Dr. Ali Mohammed Badair, and Dr. Essam Abdel Wahab Al-Barzanji, and Dr. Mahdi Yassin Al-Salami (Principles and Provisions of Administrative Law), Faculty of Law, University of Baghdad, 1993.
29. Dr. Fouad Al-Attar (Administrative Justice), Cairo, 1962.
30. Dr. Fouad Al-Attar (Administrative Judiciary), International Press, Cairo, 1968.
31. Dr. Fouad Tawfiq Yassin and Ahmed Abdullah Darwish (Tax Accounting) Dar Al Yazouri Scientific Publishing and Distribution, 1996.
32. Dr. Kamal Al-Jarf (General Income Tax), Ain Shams Bookshop, 1951.
33. Dr. Majed Ragheb El Helou, (Administrative Judiciary), University Press House, Alexandria, 1999.
34. Dr. Maher Saleh Allawi Jubouri, (Principles of Administrative Law, Comparative Study), Dar Al Kutab for Printing and Publishing, University of Mosul, 1996.
35. Dr. Mohsen Khalil, (Lebanese Administrative Judiciary), Comparative Study, Dar al-Nahda Arab Printing and Publishing, Cairo, 1982.
36. Dr. Mohammed Hassan Al Jaziri (Income Tax) Ain Shams Library, Cairo, 1972.
37. Dr. Mohamed Refaat Abdel Wahab and Dr. Ahmed Abdel Rahman Sharaf El Din, (Administrative Judiciary), Arab Bureau of Printing, 1988.
38. Dr. Mohammed Said Farhoud d. Kamal Hussein Ibrahim (Zakat and Income Tax), Institute of Public Administration, Research Department, Kingdom of Saudi Arabia, 1986.
39. Dr. Mohammed Taha Badawi and Dr. Mohamed Hamdi El-Nashar (Origins of Egyptian Tax Legislation), 1, Dar Al Ma'aref, Cairo, 1959.
40. Dr. Mohamed Abdul Hamid Abu Zaid, (obedience to the presidents and the principle of legality, comparative study), House of Arab Renaissance, Cairo, 1988.
41. Dr. Mohamed Labib Choucair (Public Finance), Egyptian Renaissance Library, Cairo, 1975.
42. Dr. Mahmoud Helmi, The Constitution of the Arab Republic of Egypt and the Arab Contemporary Constitutions, Arab Thought House, 1981.
43. Dr. Mahmoud Riad Attia (the mediator in the tax legislation), Press of feelings, no place published, 1965.
44. Dr. Mahmoud Atef El Banna, (the mediator in the administrative judiciary), Dar al-Fikr al-Arabi, Cairo, 1988.
45. Dr. Mustafa or Zaid Fahmi, The Egyptian Constitutional System, Knowledge Establishment, Alexandria, 1984.
46. Dr. Mustafa Rushdi Shiha (Direct Income Tax), New University Publishing House, Alexandria, 1998.
47. Dr. Mustafa Kira, The Theory of Physical Assault in Administrative Law, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1964.
48. Dr. Hisham Safwat al-Amri, Income Tax, Al-Jahez Printing Press, Baghdad, 1989.
49. Dr. Wael Ibrahim Al-Rashed (Introduction to Taxes and Zakat in Kuwait) First Edition, Scientific Publishing Council, Kuwait University, Kuwait, 2000.
50. Dr. Younes Ahmed Al-Batig (Origins of Tax Systems), Modern Egyptian Bureau, Alexandria, 1966.
51. Dr. Younis Ahmed Al-Batig (Origins of Tax Regulations), Modern Egyptian Office, Alexandria, 1966.
52. Dr. Hamdi Yassin Okasha, (Administrative Decision in the District of the State Council), Knowledge Establishment, Alexandria, 1987.
53. Dr. Kamel Mohammed Badawi, reference in tax legislation, jurisprudence and jurisprudence, Dar al-Fikr, Egypt, with no publication year.
Second: Letters and scientific papers
1. Azhar Abdel-Karim Abdel Wahab, (nature of introductions of national constitutions and charters), a doctoral thesis submitted to the Faculty of Law, University of Baghdad, 1998.
2. Jihad Sa'id Al-Khasawneh, Income Tax Deduction in Jordanian Tax Legislation, Master Thesis, University of Jordan, Faculty of Graduate Studies, 1994.
3. Saleh Ibrahim Ahmad Al-Mutawti, (Supervision of the Elimination of Violation of Law in Administrative Decision - Comparative Study), PhD thesis submitted to the Faculty of Law, University of Mosul, 2000.
4. Adel Al-Hayari (Tax on Public Income), PhD thesis, Faculty of Law, Cairo University, 1986.
5. Abdullah Rahma Allah Al-Bayati, (The Right of Litigation, Comparative Constitutional Study), PhD thesis submitted to the Faculty of Law, University of Baghdad, 1998.
6. Sambar Saber Abdul Rahman, (Legislative Jurisdiction of the Department in Ordinary Circumstances), PhD thesis submitted to the Faculty of Law, University of Baghdad, 1994.
Third: Scientific Research
1. Dr. Salem Al-Shawabkeh, Income in Jordanian Legislation, Mu'tah Magazine for Research and Studies, (11), p. 6, 1996.
2. Dr. Sulaiman M. Al-Tamawi, (The Discretion and Restricted Authority), Journal of Law, Fourth Year, First and Second Issues.
3. Dr. Shams Marghani Ali (Administrative Tradition as a Source of Administrative Work in the United Arab Emirates), Journal of Sharia and Law, No. 1, 1987.
4. Diaa Shit Khattab, Iraqi Judicial Supervision of the Administrative Judiciary, Journal of Judiciary, No. 4, 1955.
5. Dr. Taima Al-Jarf, (Judiciary as a Constituent Source of the Law), Government Issues Management Journal, 6th Year, No. 4, 1962.
6. Dr. Abdul Baqi Ne'ma Abdullah, (The Theory of the Work of Sovereignty in Comparative Law), Journal of Comparative Law, Volumes VI and VII, 1977.
7. Dr. Abdul Hamid Metwally, (The Principle of Legitimacy and the Problem of Unregistered Principles), Journal of Rights, 3rd and 4th Editions, 1958.
8. Aziz Al-Hafiz (Measuring Individual Income), Economic Journal, Second Issue, Fourth Year, Al-Ma'arif Press, Baghdad, 1963.
9. Dr. Essam Abdel Wahab Al-Barzanji, (State Consultative Council and the Birth of the Iraqi Administrative Judiciary), Journal of Legal Sciences, First and Second Issues, 1990.
10. Dr. Kamal Abu Al-Abd, "Legitimacy and Legitimacy in the Rule of Law", Journal of Law, Fifty-ninth Year, Volumes V and VI, 1979.
Fourth: Constitutions, laws and decisions
1. The French Constitution of 1958.
2. The Egyptian Constitution of 1971.
3. The Iraqi Constitution of 2005.
4. Iraqi Income Tax Law No. 113 of 1982 as amended.
5. Egyptian Income Tax Law No. (157) for the year 1981, as amended by Law No. (187) for the year 1993, which is repealed.
6. Egyptian Income Tax Law No. 91 of 2005.
7. Jordanian Income Tax Law No. (57) for the year 1985, as amended by Law No. (4) of 1992 and Law No. (14) for the year 1995.
8. Jordanian Income Tax Law No. 28 of 2009.
9. Syrian Income Tax Law No. 24 of 2003.
10. Ruling of the Supreme Administrative Court in Egypt on 12/12/1987 in the appeal No. 1939, Modern Administrative Encyclopedia, I 1, The Arab House of Encyclopedias, Cairo, 1995.
11. Ruling of the Court of Cassation No. 622 / Human Rights / 1967 / Public Authority / 11/11/1967.
12. Decision of the Revolutionary Command Council dissolved No. (120) for the year 2002.
13. The decision of the Mansoura Criminal Court in Al-Qutba No. 536/92, on 25 May 1996.
Fifth: Foreign books
1. Andre DE Laubadere trait de droit admins tratift -G-D-J16, Sixteen Edition, 1973.
2. C.T.S and ford "Ecnomic of Public finance" pergamon press, NewYORK, 1976.
3. Carre DeMalberg, contributionala theoire general de I'Etat t, 11.
4. Finny, E, miller Herbort principals of Accounting - N, owjerse Hall - 1962.
5. Fisher "The Nature of capital and Income" N.Y. 1930.
6. H. Kelsen Justiceet, droitna anmalesde philoso phic pokitigue, 1959.
7. Jacqoues Godechot, Les Consitution Dela France Paris, 1995.
8. James Kirkbride and Abimbola A.olowo foyeku "The Law and Theory of In Come Tax" Liverpool Academic Press, 2002.
9. Jean Rivero et Jean Walinc, Droit adminstratif Dalloz, Paris, 1996.
10. Jean-Yves Mercieret Bernard plagnet: Les impotsen france Traitede fiscalite 1997-1998, francis Lefbvre, paris 1997.
11. Marcel Hourio Precis de driot administrative 1903.
12. R. Chapus Dela Valurjurigiguedes pricipos generauxdroiet des autres reyles jurisprudntielles dudroit ADMINIS ttratique DALLOZ. 1966.
13. R. Odent, conttieux administraitf, Lescoursdcdriot. Paris, 1970.
14. Seligman (E) Studies in public finance N.Y, 1927.
Sixth: Websites
1. Research entitled Legitimacy and Rule of Law, Afaq Magazine, 2005, at www.yahoo.com.