الملخص
تناولت هذه الأطروحة التزام البائع بالتسلیم فی عقد البیع الدولی للبضائع وفقاً لاتفاقیة فیینا 1980 ، وکانت دراسة تحلیلیة للالتزام بالتسلیم فی الاتفاقیة مع المقارنة باتفاقیة لاهای 1964 کلما دعت الحاجة إلى ذلک .
وقد اهتمت اتفاقیة فیینا بتنظیم هذا الالتزام بوصفه العنصر المادی المهم فی التزامات البائع ، فالذی یهم الأطراف المتعاقدة فی عقد البیع الدولی لیس انتقال ملکیة المبیع ، وإنما قیام البائع بالوفاء بالتزامه بتسلیم المبیع ، لذلک نجد أن التسلیم فی إطار عقد البیع الدولی هو وضع البضاعة تحت تصرف المشتری وتمکینه من السیطرة والانتفاع بها الانتفاع المقصود من غیر أن یحول حائل دون ذلک .
ویقع على البائع التزام بتسلیم البضاعة والمستندات الخاصة بها ، ویجب أن یتم التسلیم حسب الاتفاق فی الزمان والمکان المحددین لذلک ، ما لم یتفق الأطراف على غیر ذلک. ویجب على البائع أن یسلم بضاعة مطابقة لما هو متفق علیه سواء من حیث الکمیة أو النوعیة ، وکذلک من حیث تغلیفها وتعبئتها . وقد حددت الاتفاقیة وقت توافر المطابقة بوقت انتقال تبعة الهلاک . وإن محل التسلیم فی البیوع الدولیة هو البضاعة المتفق علیها فی العقد ، فتعدّ البضاعة المبیعة محل التسلیم الهدف الأساسی الذی یرد علیه عقد البیع ، وتوجب الاتفاقیات الدولیة تعیین محل التسلیم تعییناً کافیاً للدلالة على أنها البضاعة محل العقد ، ولکی یعدّ البائع منفذاً لالتزامه بالتسلیم على الوجه الکامل علیه أن یقوم بتسلیم ذات الکمیة المتفق علیها فی العقد دون نقصان أو زیادة .
والالتزام بالمطابقة تعهد محله عمل یلتزم به البائع بتقدیم البضاعة والمستندات الخاصة بها وفقاً لما یفرضه العقد والقانون الواجب التطبیق . واتفاقیة فیینا بشأن البیع الدولی للبضائع لا تنطبق إلاّ على بیع البضائع ، أی بیع المنقولات المادیة دون العقارات ، کما هو واضح من عنوانها ، ویقع على البائع التزام إضافی تقتضیه طبیعة المبیع وهو التزام البائع بتعیین المبیع ، ویسمى فی الفقه التجاری الدولی التخصیص . ویعدّ التخصیص أول مراحل تسلیم البضاعة أکثر تداولاً من کلمة الإفراز فی میدان القانون التجاری الدولی ، ویعنی الإفراز فی میدان القانون المدنی .
وقد نظمت اتفاقیة فیینا بالنسبة للالتزام بالمطابقة کیفیة اعتبار البضاعة مطابقة وحق البائع بإصلاح عیب المطابقة وفق شروط معینة ، وواجب المشتری فحص المبیع سواء قبل نقله أم بعده ، ویجب على البائع أن یخطر المشتری بعدم المطابقة خلال مدة معقولة من اکتشاف العیب أو من الوقت الذی کان یجب علیه اکتشافه فیه ، ویجب على البائع أن یسلم بضاعة خالصة من أی حق أو ادعاء للغیر ، وإلاّ کان مخلاً بالتزامه بالتسلیم وضمن للمشتری استحقاق هذه البضائع للغیر إلاّ إذا وافق المشتری على أخذ البضاعة مع وجود مثل هذا الحق أو الادعاء ، وبالتالی یکون قد تنازل عن حقه فی الضمان .
وقد فرضت الاتفاقیة جزاءات معینة على البائع المخل بالتزامه بالتسلیم ، وهذه الجزاءات إما أن تکون أصلیة کالتنفیذ العینی والفسخ وتخفیض الثمن ، وقد تکون تکمیلیة کالتعویض والفائدة ، إذا توافرت شروط أی من هذه الجزاءات ، فضلاً عن أنه لا یمکن الجمع بین أی من الجزاءات الأصلیة إلاّ أنه یمکن الجمع بینها وبین التعویض . وإذا استعمل المشتری أی جزاء من الجزاءات الأصلیة للرجوع على البائع فإنه لا یفقد حقه فی طلب التعویضات المقررة بموجب الاتفاقیة ، ویجوز للمشتری أن یحدد للبائع مهلة إضافیة تکون مدتها معقولة لتنفیذ التزامه ، ولا یجوز له قبل انقضاء هذه المهلة أن یستعمل أی جزاء من الجزاءات التی تمنحها له الاتفاقیة إلاّ إذا کان البائع قد تلقى إخطاراً من المشتری بعدم التنفیذ فی هذه الفترة . ویحق للمشتری استعمال جزاء الفسخ کلما کان عدم تنفیذ البائع للالتزام بالتسلیم یشکل مخالفة جوهریة ، فتسمح الاتفاقیة بالفسخ خاصة إذا لم یقم البائع بتسلیم البضائع فی الفترة الإضافیة المعقولة التی حددها له المشتری أو أعلن البائع أنه سوف لن یسلمها خلال تلک الفترة .
ولما کانت اتفاقیة فیینا قد وضعت جزاءات عند إخلال البائع بالتزامه بالتسلیم ، إلاّ أنها حددت فی أحکامها حالات معینة یعفى بموجبها البائع من المسؤولیة العقدیة وذلک إذا ما اثبت أن هناک أسباباً معینة أدت إلى هذا الإخلال ، وهذه الأسباب إما أن تکون لوجود عائق یمنعه من التنفیذ أو بسبب فعل المضرور (الدائن) أو فعل الغیر وکذلک بموجب الاتفاق الصریح بین الطرفین على الإعفاء .
کما نظمت الاتفاقیة مسألة من المسائل التی تحتل أهمیة بالغة فی عقود البیع الدولی للبضائع وهی مسألة انتقال المخاطر أو (تبعة الهلاک) من البائع إلى المشتری وقد ینظم الطرفان هذه المسألة فی عقدهما إما بنص صریح أو باستخدام مصطلح تجاری ، وقد لا ینظمانها فتورد الاتفاقیة قواعد متعلقة بهذا الخصوص ، وقد ربطت الاتفاقیة تبعة هلاک البضاعة بتسلیمها ، فیعتبر التسلیم أساساً لانتقال المخاطر ، وفی البیوع الدولیة یجب أن یبنى أساس تبعة المخاطر أو الهلاک على التسلیم ولیس على انتقال الملکیة وحده وذلک نتیجة لاختلاف أحکام القوانین الوطنیة بالنسبة لانتقال الملکیة ولأن الاتفاقیات الدولیة لم تنظم مسألة انتقال الملکیة
الكلمات الرئيسة
الموضوعات