الملخص
یقصد بمبدأ قابلیة قواعد المرافق العامة للتغییر والتطویر منح الإدارة حق تعدیل القواعد القانونیة التی تنظم سیر العمل بالمرفق العام ، وکذلک تطویر أسالیب إدارته حتى تکون متجاوبة باستمرار مع تطورات الحاجات ، وبما یمکنها القیام بخدماتها للمنتفعین بأقل کلفة وبأسالیب افضل .
وعلى ذلک یکون لهذا المبدأ مظهرین ، الأول : سلطة الإدارة فی تعدیل وانهاء العقود الإداریة التی تبرمها المرافق العامة الاقتصادیة ، والمظهر الثانی : سلطة الإدارة فی تطویر طرائق إدارة المرافق العامة الاقتصادیة .
وقد ظفر المظهر الأول جل الرعایة والاهتمام من خلال الدراسات والبحوث والرسائل الأکادیمیة ، أما المظهر الثانی فلم یظفر بهذا القدر من الاهتمام على الرغم من التطورات الهائلة الحادثة فی طرائق إدارة المرافق العامة الاقتصادیة والتی لا زالت مستمرة لحد الآن .
ویمکننا تلخیص هذه التطورات فی أمرین ، الأول : الإدارة الخاصة للمرافق العامة الاقتصادیة ، والثانی : تطبیق القانون الخاص على هذه المرافق ، ویضیف الاقتصادیون امرا ثالثا وهو خصخصة المرافق العامة الاقتصادیة ، ویعدون الإدارة الخاصة أسلوبا من أسالیب الخصخصة ، إلا ان القانونیین یقصرون مصطلح الخصخصة على حالات نقل ملکیة المشروعات من القطاع العام إلى القطاع الخاص ، وبالتالی تکون الإدارة الخاصة للمرافق الاقتصادیة خارج نطاق أسالیب الخصخصة فهی لیست إلا تطورا فی إدارة المرافق العامة الاقتصادیة من ضمن التطورات الحادثة فی إدارة هذا النوع من المرافق .
وتتعدد طرائق الإدارة الخاصة للمرافق العامة الاقتصادیة ، فمنها طریقة الاقتصاد المختلط إذ لجئت العدید من الدول إلیها بعد عزوفها عن طریقتی الاستغلال المباشر (الریجی) ، والمؤسسات والهیئات العامة ، فضلا عن الأسلوب التعاقدی فی إدارة المرافق الاقتصادیة إذ ظهرت عقود جدیدة لم تکن معروفة من قبل مثل عقود الإیجار ، والإدارة ، ومشاطرة الاستغلال ، إلا ان العقد الأکثر حداثة خرج من رحم اقدم العقود الإداریة وهو عقد الالتزام إذ لجئت العدید من الدول إلى التطور الحدیث لهذا العقد وهو عقد البوت .
وقد عرفت الأنظمة القانونیة حدیثا أسلوب التراخیص وهو أسلوب غیر تعاقدی لجئت الدول إلیه فی مجالات متعددة من أهمها الهواتف الجوالة .
ونتیجة للجوء الإدارة المتزاید إلى الإدارة الخاصة لادارة المرافق العامة الاقتصادیة اتسع نطاق تطبیق قواعد القانون الخاص وتجلى ذلک فی اللجوء إلى نظام التحکیم فی فض منازعات العقود الإداریة ، ذلک النظام الذی نشأ فی کنف قواعد القانون الخاص . ومن مظاهر تطبیق قواعد القانون الخاص أیضا تطبیق قواعد القانون التجاری على المرافق العامة الاقتصادیة ، ومرکز العاملین فیها ، وکذلک مرکز المنتفعین وغیر المنتفعین فی مواجهة المرافق العامة الاقتصادیة .
ان جوهر ما توصلنا إلیه ان طرائق إدارة المرافق العامة الاقتصادیة فی العراق لم تکن لتلبی الحد الأدنى من طموح المنتفعین من خدمات هذه المرافق وخصوصا خدمات مرافق البنیة الأساسیة من ماء وکهرباء وصرف صحی وهواتف ، وکلنا یعلم مدى انحدار مستوى هذه الخدمات ، الأمر الذی دفعنا إلى ان نطالب وبإلحاح الأخذ بالطرق الحدیثة فی إدارة هذه المرافق والتی عرضنا لها موضحین سلبیاتها قبل إیجابیاتها .
ان طرائق إدارة المرافق العامة الاقتصادیة متعددة ومتطورة ، فیمکن ان نلجأ إلى طریقة الالتزام بشکلها المتطور وهو عقد البوت فی مجال الخدمات الأساسیة ، کما یمکن اللجوء إلى تفویض إدارة المرافق العامة الاقتصادیة للقطاع الخاص ، إذ یمکن التعاقد مع الأخیر لإدارة المرافق الاقتصادیة التی تحتاج إلى خبرات فنیة وإمکانیات غیر متوافرة فی القطاع العام .
کما یحمد للإدارة فی العراق لجوئها إلى أسلوب الترخیص فی مجال الهاتف الجوال ونتمنى على الإدارة التوسع فی اللجوء إلیه فی مجالات أخرى مثل نقل النفط بالأنابیب ، ومجال النقل الداخلی .
وطالبنا المشرع العراقی أیضا بان یجیز للإدارة اللجوء إلى نظام التحکیم فی مجال فض منازعات العقود الإداریة للمرافق العامة الاقتصادیة تشجیعا للقطاع الخاص للولوج فی مجالات التنمیة الاقتصادیة .
لقد عرضنا لطرائق إدارة المرافق العامة الاقتصادیة وما استجد علیها من تطورات متبعین للمنهج المقارن مع النظامین القانونیین الفرنسی والمصری آملین الاستفادة من تجاربهما فی مجال إدارة المرافق العامة الاقتصادیة
الكلمات الرئيسة
الموضوعات