الملخص
من الصعب ان تجتمع المخاطر المالیة فی منشاة معینة مثلما تجتمع فی المصارف فکلما تطور العمل المصرفی وزادت الخدمات التی تقدمها المصارف واتسعت فان المخاطر التی تواجهها المصارف تأخذ بالازدیاد أیضاً . وقد تعددت المخاطر المالیة فی المصارف إلا أن المخاطر الائتمانیة تأتى فی مقدمتها لان عملیة منح الائتمان من قبل المصرف تعد من أهم واخطر ما یقوم به أی مصرف تجاری من أعمال ، حیث انها تکون دائماً مصحوبة بالمخاطر، فالمصرف یتوقع فی کل عملیة ائتمانیة عدم وفاء العملاء بالتزاماتهم أو على الاقل فی مواعیدها المحددة ، ففی بعض الاحیان یعجز العمیل عن سداد دیونه نهائیاً ، أو قد یتأخر فی السداد وتتکرر هذه العملیة نتیجة لظروف غیر متوقعة ، ویحتمل أن تخلق ذلک صعوبات کثیرة للمصرف ، وقد أثبتت التجارب العدیدة انه لیس هناک ائتمان خال کلیاً من المخاطر مهما کانت الضمانات ، وحتى لو توخى المصرف الدقة فی جمیع قواعد منح الائتمان فقد یستجد من الظروف ماهو خارج عن ارادة کل من المصرف والعمیل ، لان العملیات الائتمانیة تستغرق تنفیذها مدة من الزمن ، وتعتمد نشاطها على نشاط الغیر ، وهی عملیة تنطوی على درجة کبیرة من المخاطر ، ولذا فلا یمکن القول بصفة قاطعة أن هناک عملیة ائتمانیة معینة خالیة من المخاطر کلیا
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
انقضاء الحق فی الحبس للضمان بطریق أصلی (دراسة تحلیلیة مقارنة)-(*)-
Termination of the right to hold the debtor to ensure the implementation of their obligation
- A Comparative analytical study-
نسیبة إبراهیم حمو بختیار صابر بایز کلیة الحقوق/ جامعة الموصل کلیة القانون /جامعة صلاح الدین Nosayba Ibraheem Hamo Bakhtiyar Sabir Bayez College of law / University of Mosul College of Law/University of Salah al-Din Correspondence: Nosayba Ibraheem Hamo E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 8/9/2008*** قبل للنشر فی 21/10/2008.
(*) Received on 8/9/2008 *** accepted for publishing on 21/10/2008.
Doi: 10.33899/alaw.2011.160627
© Authors, 2011, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
من الصعب ان تجتمع المخاطر المالیة فی منشاة معینة مثلما تجتمع فی المصارف فکلما تطور العمل المصرفی وزادت الخدمات التی تقدمها المصارف واتسعت فان المخاطر التی تواجهها المصارف تأخذ بالازدیاد أیضاً . وقد تعددت المخاطر المالیة فی المصارف إلا أن المخاطر الائتمانیة تأتى فی مقدمتها لان عملیة منح الائتمان من قبل المصرف تعد من أهم واخطر ما یقوم به أی مصرف تجاری من أعمال ، حیث انها تکون دائماً مصحوبة بالمخاطر، فالمصرف یتوقع فی کل عملیة ائتمانیة عدم وفاء العملاء بالتزاماتهم أو على الاقل فی مواعیدها المحددة ، ففی بعض الاحیان یعجز العمیل عن سداد دیونه نهائیاً ، أو قد یتأخر فی السداد وتتکرر هذه العملیة نتیجة لظروف غیر متوقعة ، ویحتمل أن تخلق ذلک صعوبات کثیرة للمصرف ، وقد أثبتت التجارب العدیدة انه لیس هناک ائتمان خال کلیاً من المخاطر مهما کانت الضمانات ، وحتى لو توخى المصرف الدقة فی جمیع قواعد منح الائتمان فقد یستجد من الظروف ماهو خارج عن ارادة کل من المصرف والعمیل ، لان العملیات الائتمانیة تستغرق تنفیذها مدة من الزمن ، وتعتمد نشاطها على نشاط الغیر ، وهی عملیة تنطوی على درجة کبیرة من المخاطر ، ولذا فلا یمکن القول بصفة قاطعة أن هناک عملیة ائتمانیة معینة خالیة من المخاطر کلیا
الکلمات الرئیسة: الاعتماد المستندی المخاطر المالیة
الموضوعات: القانون التجاری
Abstract
It is difficult to meet the financial risks in a particular institution, as it is in banks. As the banking system develops and the services provided by banks expand and the risks are increasing, the risks facing banks are also increasing. There are many financial risks in banks, but the credit risk comes first because the process of granting credit by the bank is one of the most important and more dangerous of what a commercial bank does, since it is always accompanied by risks, the Bank expects in every credit transaction that customers will not meet their obligations or at least on their specified dates. In some cases, the customer is unable to pay off his debt or maybe late in payment. This process is repeated due to unforeseen circumstances and this may create many difficulties for the bank. Many experiences have shown that there is no risk-free credit whatever the guarantees. Even if the bank is careful in all credit-granting rules, the circumstances may be beyond the will of both the bank and the client, as the credit operations take a period of time to On non-activity, a process with a high degree of risk, and therefore it can not be categorically stated that a particular credit operation is completely risk-free.
Keywords: Documentary Credit Financial Risk
Main Subjects: commercial law
المقدمة
من الصعب ان تجتمع المخاطر المالیة فی منشاة معینة مثلما تجتمع فی المصارف فکلما تطور العمل المصرفی وزادت الخدمات التی تقدمها المصارف واتسعت فان المخاطر التی تواجهها المصارف تأخذ بالازدیاد أیضاً . وقد تعددت المخاطر المالیة فی المصارف إلا أن المخاطر الائتمانیة تأتى فی مقدمتها لان عملیة منح الائتمان من قبل المصرف تعد من أهم واخطر ما یقوم به أی مصرف تجاری من أعمال ، حیث انها تکون دائماً مصحوبة بالمخاطر، فالمصرف یتوقع فی کل عملیة ائتمانیة عدم وفاء العملاء بالتزاماتهم أو على الاقل فی مواعیدها المحددة ، ففی بعض الاحیان یعجز العمیل عن سداد دیونه نهائیاً ، أو قد یتأخر فی السداد وتتکرر هذه العملیة نتیجة لظروف غیر متوقعة ، ویحتمل أن تخلق ذلک صعوبات کثیرة للمصرف ، وقد أثبتت التجارب العدیدة انه لیس هناک ائتمان خال کلیاً من المخاطر مهما کانت الضمانات ، وحتى لو توخى المصرف الدقة فی جمیع قواعد منح الائتمان فقد یستجد من الظروف ماهو خارج عن ارادة کل من المصرف والعمیل ، لان العملیات الائتمانیة تستغرق تنفیذها مدة من الزمن ، وتعتمد نشاطها على نشاط الغیر ، وهی عملیة تنطوی على درجة کبیرة من المخاطر ، ولذا فلا یمکن القول بصفة قاطعة أن هناک عملیة ائتمانیة معینة خالیة من المخاطر کلیاً .
ومن بین العملیات الائتمانیة التی تجریها المصارف ، فإن الاعتماد المستندی یعد من أهمها وأکثرها ذیوعاً وانتشاراً ، ویقصد بالاعتماد المستندی تلک الوسیلة المهمة فی تمویل التجارة الدولیة وخصوصاً فی البیوع الدولیة التی یکون موضوعـها بیع بضاعة بین دولتیـن فهذه البیوع تستلزم توفیر ضمانات کافیة لکل من البائع والمشتری ، وذلک عن طریق المصرف الذی یضمن للبائع استیفاء ثمن البضائع التی سیقوم بإرسالها إلى المشتری ، وهذا الثمن لا یحصل علیه البائع إلا مقابل تسلیم المستندات التی تمثل البضاعة للمصرف وإن المصرف لیس له أی علاقة بالبضاعة وإنما یقوم بدفع مبلغ الاعتماد بعدما یتأکد من مطابقة المستندات للشروط والمواصفات المذکورة فی خطاب الاعتماد ، وأن العمیل الآمربعد وصول البضاعة لایمکن له أن یذهب لاستلامها إلا بعد أن یسترد المستندات من عند المصرف ، وقد عرفت المادة (273/1) من قانون التجارة العراقی رقم 30 لسنة 1984 ، الاعتماد المستندی کالأتی ( الاعتماد المستندی عقد یتعهد المصرف بمقتضاه بفتح اعتماد لصالح المستفید بناء على طلب الآمر بفتح الاعتماد ، بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة للنقل ) . وعندما تقوم المصارف بعملیة الاعتماد المستندی فإنها تتعرض إلى العدید من المخاطر وعندها تفقد الکثیر من أموالها وقد تتعرض إلى الافلاس أیضاً ، وعلیه فمن خلال هذا البحث نحاول ان نبین أبرز المخاطر التی تتعرض لها المصارف وذلک فی المبحث الاول منه ، اما فی المبحث الثانی سنتناول وسائل الحد من تلک المخاطر وکالآتی :
المبحث الأول : مخاطر الاعتماد المستندی.
المبحث الثانی : وسائل الحد من مخاطر الاعتماد المستندی .
المبحث الأول
مخاطر الاعتماد المستندی
تتعرض عملیة الاعتماد المستندی شأنها فی ذلک شأن العملیات المصرفیة الأخرى للعدید من المخاطر ، إلا أن المخاطر التی یتعرض لها الاعتماد المستندی تختلف عن المخاطر التی تتعرض لها العملیات المصرفیة الأخرى وأکثر تعقیداً منها، وذلک لکون الاعتماد المستندی غالباً ما یستخدم لتمویل صفقات التجارة الدولیة ، وعندما یدفع المصرف قیمة الاعتماد إلى المستفید یستلم منه بعض المستندات وهناک العدید من المخاطر تنتج عن هذه المستندات سنوضحها من خلال هذا المبحث، وبما أن للاعتماد المستندی صوراً عدیدة أوجدها التعامل المصرفی فهناک مخاطر معینة یتعرض لها المصرف من استخدامه لإحدى هذه الصور. وکذلک ان العمیل الذی یطلب من المصرف أن یفتح الاعتماد لمصلحة مستفید معین والمفروض منه أن یرجع للمصرف قیمة الاعتماد بعد أن یقوم هذا الأخیر بدفعه للمستفید ، فإنه قد یمتنع عن ذلک إما بسبب عدم قدرته على الدفع أو بسبب عدم رغبته فی ذلک لأنه کان سیء النیة من حیث الاساس ولم یکن المصرف یعلم به ، وأیضاً هناک العدید من المخاطر یتعرض لها المصرف نتیجة التقلبات التی تحدث فی الظروف العامة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والتشریعیة . ولذا سوف نحاول من خلال هذا المبحث أن نبین کل هذه المخاطر وذلک من خلال ثلاثة مطالب.
المطلب الأول
المخاطر الناتجة عن المستندات وعن بعض صور الاعتماد المستندی
مما لاشک فیه أن حیازة المصرف للمستندات الممثلة للبضاعة لها نفس الآثار القانونیة للحیازة المباشرة أی حیازة البضاعة ذاتها ، إلا انه على الرغم من هذا ، نجد أن حیازة المستندات من الناحیة العملیة لاتقدم للمصرف الحائز نفس الضمانات التی تقدمها الحیازة المباشرة ، وکذلک هنالک بعض الصور للاعتماد المستندی قد یعرض المصرف إلى العدید من المخاطر إذا ما استخدمها المصرف بناءً على طلب العمیل الآمر لتمویل صفقته التجاریة . ولذا سوف نقسم هذا المطلب إلى مقصدین ، ففی المقصد الأول نتکلم عن المخاطر الناتجة عن المستندات المقدمة وفی المقصد الثانی نتناول المخاطر الناتجة عن بعض صور الاعتماد المستندی .
المقصد الأول
المخاطر الناتجة عن المستندات المقدمة
هناک العدید من الحالات یتعرض فیها المصرف للمخاطر بسبب المستندات المقدمة الیه بمناسبة الاعتماد المستندی ، ومنها :
أولاً : سند الشحن الاسمی .
سند الشحن فی الاعتماد المستندی قد یکون اسمیاً ، أی إن تسلیم البضاعة المذکورة فی السند یتم إلى الشخص أو الجهة المذکورة بالاسم فی السند ولیس إلى شخص آخر .
فإذا کان سند الشحن اسمیاً وکان باسم العمیل الآمر ، ففی هذه الحالة یتعذرعلى المصرف أن یمارس حق الرهن على البضاعة بحیازته للمستندات ، وحتى لو استخدم المصرف حق الحبس على هذه المستندات ، یستطیع العمیل أن یحصل على نسخة ثانیة من سند الشحن وأن یستلم البضاعة .
وبهذا یتضح لنا أن الاعتمادات التی تکون فیها سندات الشحن باسم العمیل الآمر تکون اعتمادات غیر مضمونة بالبضاعة . وأن هذا الأمر لایخلو من المخاطر بالنسبة للمصرف ، لان إمکانیة المصرف فی حجز البضاعة وبالتالی بیعها یعد ضمانة للمصرف إذا امتنع العمیل عن الدفع ، فإذا کان سند الشحن باسم العمیل الآمر سیؤدی إلى التقلیل من ضمانات المصرف عند امتناع العمیل عن استرجاع قیمة الاعتماد إلى المصرف .
ثانیاً : إصدار سند الشحن من عدة نسخ .
إصدار سند الشحن من عدة نسخ ایضاً هو من إحدى الحالات التی تسبب المخاطر بالنسبة للمصرف ، لأن وجود عدة نسخ من سند الشحن یجعل السند ألا یقوم بوظیفته کاداة ممثلة للبضاعة بشکل یؤمن المصرف کحائز للسند فی ضمان حقوقه على البضاعة ولایزاحمه فیها حملة آخرین لنفس السند .
فعندما تکون نسخ السند محررة لأمر البائع أو لحامله ، یستطیع الحامل إذا کان سیء النیة أن یبیع البضاعة مرة ثانیة عن طریق تظهیر إحدى نسخ السند إلى مشترٍ ثانٍ حسن النیة ، أو قد یرهن البضاعة بعد بیعها وینقل سند الشحن إلى الدائن المرتهن ضماناً للدین الذی اقترضه منه ، وبهذا سیفاجأ کل دائن مرتهن بمزاحمة دائن آخر یدعی أحقیته على البضاعة المرهونة .
وبهذا یتضح لنا ان البائع یستطیع عن طریق نسخ سند الشحن أن یبیع البضاعة أو یرهنها عدة مرات للحصول على أکثر من قیمتها حیث تسهل له هذه الطریقة الحصول على الأموال التی یحتاجها . هذا فضلاً عن أن تعدد النسخ تتیح للمشتری أیضاً ، أن یتصرف بالبضاعة إلى شخص حسن النیة سواء بالبیع أو الرهن وأن یسلم له البضاعة وذلک یؤدی إلى فقدان المصرف حقه على البضاعة ، لأن هذا الشخص یستطیع أن یتمسک فی مواجهة المصرف بقاعدة الحیازة فی المنقول سند الملکیة . وأن هذا الموقف بالنسبة للمصرف یعد فی غایة الخطورة والحرج ، حیث انه یهدد قدرة المصرف على استرداد أمواله ألتی سددها للمستفید من الاعتماد تطبیقاً لنصوص الاعتماد المستندی المفتوح لمصلحته ، وعندها یفقد المصرف ضمانة مهمة فی الاعتماد والمتمثلة فی الحجز المنصب على البضاعة عن طریق حیازة سند الشحن ، ومن هنا تأتی أهمیة النص فی الاعتماد المستندی على ضرورة تقدیم جمیع نسخ سند الشحن للمصرف إذا کانت هناک عدة نسخ ، وخصوصاً إذا کانت النسخ مرقمة عندها یعرف عدد النسخ الموجودة وینبغی علیه ان یحرص على مطالبة المستفید بتقدیم جمیعها ، وذلک من اجل التقلیل من حجم المخاطر التی یتعرض لها المصرف فی هذا الصدد.
ثالثاً : سند الشحن القدیم .
لتاریخ اصدار سند الشحن الکثیر من الاهمیة وقد یتعرض المصرف لمخاطر کثیرة لو کان هناک تأخیر فی تاریخ السند وقدم إلى المصرف وقام المصرف بقبوله دون أن یأخذ موافقة العمیل على ذلک ، إذ إن التأخیر فی تقدیم سند الشحن سیتسبب عنه حتماً التأخیر فی استلام البضاعة بعد وصولها ، وهذا یعنی أن العمیل سیتحمل مصاریف إضافیة کمصاریف تخزین البضاعة والمحافظة علیها وغیرها من المصاریف ، وقد ینتج عن هذا التأخیر تلف للبضاعة أو انتهاء مدة التأمین علیها أو انخفاض اسعارها فی الاسواق أو تغیرالأذواق علیها قرب انتهاء موسم استعمالها أو وصول بضائع منافسة إلى غیر ذلک . وهنا یتعین على المصرف أن یرفض مثل هذا المستند الذی لایلحق الضرر بعملائه فقط ، وإنما یلحق الضرر بالمصرف أیضاً بشکل غیر مباشر ، ذلک أن تلف البضاعة أو فوات موسم تصریفها یضعف من قدرة العملاء على الوفاء بالائتمان الممنوح لهم لاستیراد هذه البضاعة ومن ثم یؤثر فی قدرتهم فی استرجاع مبلغ الاعتماد إلى المصرف فی الموعد المتفق علیه ، وفی هذه الحالة لایبقى أمام المصرف سوى الحجز على البضاعة التی فات موسم تصریفها .
رابعاً : عدم مطابقة بیانات سند الشحن مع البضاعة .
ومن المخاطر الاخرى التی تضعف ضمانات المصرف أو تؤدی إلى فقدانها کحائز لسند الشحن هی حالة عدم مطابقة البضاعة المشحونة للبیانات المدرجة فی سند الشحن من حیث النوعیة أوالکمیة أو عدم شحن البضاعة أصلاً أو سرقتها .
وأن هذا الفرض لیس شیئاً نظریاً وإنما یحدث ذلک عملاً فی کثیرمن الاحیان ، وهذا بسبب اتساع نطاق العملیات التجاریة التی تتم بواسطة البحر ، وکثرة الارسالیات التی تشحن على نفس السفینة ، فکل هذه الظروف قد تؤدی إلى عدم اتمام عملیة الشحن بشکل سلیم ، أو أن لایکون هناک شحن للبضاعة المدرجة فی السند أصلاً ، أو قد یحصل أن یوقع الربان أو الناقل سند الشحن عن طریق الخطأ ویعترف فیه بشحن البضاعة على السفینة ، فی حین إن الشحن کان جزئیاً أو لم یحصل الشحن نهائیاً ، وقد یحصل ذلک عن طریق الغش والاحتیال باتفاق بین الشاحن والناقل . وبما أن البضاعة تمثل ضمانة مهمة بالنسبة للمصرف ، فإذا کان الغش فی المستندات وارداً على وجود البضاعة أو کمیتها أو نوعیتها أو قیمتها فإنه یؤثر
بلاشک فی محل الرهن الذی تخوله هذه المستندات للمصرف ، لأنه فی حالة عدم قیام العمیل الآمر بسداد قیمة الاعتماد ، فإن المصرف سیتمکن من أن ینفذ على البضاعة على أساس المستندات التی یحوزها ، إلا أنه فی هذه الحالة قد یفاجأ المصرف عندما یرى أن ضمانه غیر موجود أصلاً أو أقل قیمة مما هو مذکور فی المستندات التی تمثلها .
ویتضح لنا من کل ما تقدم أنه على الرغم من ان القانون قد ساوى بین حیازة مستندات الشحن وبین الحیازة المادیة للبضاعة ، إلا أننا نجد من الناحیة العملیة أن حیازة مستندات الشحن أضعف أو أقل مرتبة من حیث الضمانات من حیازة البضاعة ذاتها .
خامساً : عدم کفایة التأمین .
إذا کان یوجد فی شروط التعاقد بین العمیل الآمر والمستفید على أن العمیل الآمر هو الذی یجب أن یتولى إجراء التأمین على البضاعة بمعرفته وتحت مسؤولیته ، فمن المحتمل أن یؤدی هذا التعاقد إلى وقوع بعض المخاطر التی تضر بمصالح المصرف ومنها :
المقصد الثانی
المخاطر الناتجة عن بعض صور الاعتماد المستندی
تتفاوت مخاطر الاعتماد المستندی بالنسبة للمصرف طبقاً لنوع الاعتماد ، فعلى سبیل المثال فی ظل الاعتماد غیر القابل للالغاء تزید مخاطر المصارف إذا ما قورنت بالاعتماد القابل للالغاء ، لأن المصرف إذا ما أحس بالخطر وکان الاعتماد قابلاً للالغاء یمکن له أن ینهیه متى یشاء وغیر ملزم بتقدیم أی مبرر لذلک الالغاء ، أما إذا کان الاعتماد غیر قابل للالغاء فلا یمکن للمصرف القیام بذلک دون موافقة جمیع الاطراف . علماً بأن المخاطر فی هذین الاعتمادین تتساوى عندما تقدم المستندات للمصرف وبشکل مطابق لشروط الاعتماد ، حیث إن المصرف یکون ملتزماً بالسداد فی هذه الحالة حتى لوکان الاعتماد قابلاً للالغاء . ونبین فیما یلی بعض صور الاعتماد المستندی التی تکثر فیها المخاطر بالنسبة للمصرف عند استخدامه لأی منها .
أولاً : الاعتماد القابل للتحویل .
الاعتماد المستندی من حیث الأصل غیر قابل للتحویل ، أی إن الاعتماد إذا صدر لمصلحة مستفید معین ولم یذکر فیه أنه قابل للتحویل ففی هذه الحالة یعد غیر قابل للتحویل ، غیر أنه یمکن للمستفید أن یطلب من المصرف تحویل الاعتماد إلى مستفید آخر إذا اتفق على ذلک عند فتح الاعتماد ، ولا یمکن أن یکون التحویل إلا لمرة واحدة وأن ینص على ذلک صراحة فی الاعتماد ، وهذا النوع من الاعتماد یطلب فی الحالة التی یکون فیها المستفید الأول لیس هو المنتج الحقیقی للبضاعة بل مجرد وسیط . وعادة ًتکون قیمة الاعتماد المحول أقل من قیمة الاعتماد الأصلی، ویکون الفرق بین السعرین ربحاً للمستفید .
وبما أن الاعتماد القابل للتحویل ستخفض قیمته عند تحویله إلى مستفید آخر ، أی إن قیمة المستندات التی سیتم سدادها إلى المستفید الأول تزید عن القیمة الفعلیة للبضاعة ، ولما کان المصرف مصدر الاعتماد یعتمد على البضاعة التی یحوزها کضمان تحت یده ، فإنه هنا یتعرض إلى المخاطر نظراً لانخفاض قیمة البضاعة عن قیمة الاعتماد الاصلی ، فضلاً عن ان قیمة البضاعة تکون قد انخفضت فی الاسواق، ومما یزید من مخاطر المصرف لو تدهور المرکز المالی للعمیل فی هذه الاثناء وتعرض للافلاس .
ثانیاً : اعتماد الدفع المقدم .
اعتماد الدفع المقدم ، هو الاعتماد الذی یتعهد بموجبه المصرف بدفع مبلغ معین إلى المستفید قبل تداول المستندات لکی یتمکن المستفید من تجهیز البضاعة ، ویتم خصم الدفعة من قیمة الاعتماد عند تقدیم المستفید المستندات اللازمة .
ففی بعض الصفقات التجاریة ذات القیمة المالیة الکبیرة ، قد یحتاج المستفید إلى مبلغ من المال یمکنه من إعداد البضاعة أو شراء بعض المواد من منتجین آخرین ، فمؤدی الأمر إذاً أن المستفید من الاعتماد یحتاج إلى قدر من السیولة النقدیة حتى یتمکن من تجهیز البضاعة وشحنها ، أی بموجب هذا النوع من الاعتماد یقوم المصرف بتقدیم دفعات مقدمة من مبلغ الاعتماد إلى المستفید قبل أن یقوم هذا الأخیر بتقدیم المستندات المطلوبة .
ویسمى هذا النوع من الاعتماد أیضاً ، بتسمیة ( اعتماد الشرط الاحمر ) ، وذلک لان شرط السماح بالدفع المقدم یکتب باللون الاحمرعادةً للفت الانتباه إلى طبیعته الخاصة ، ان هذا النوع من الاعتماد یستخدم کثیراً فی استرالیا والصین.
وبما ان المصرف فی اعتماد الدفع المقدم سیقوم بتقدیم دفعات مقدمة إلى المستفید قبل أن یحصل على المستندات ، فإن هذا یعرضه لخطر ضیاع أمواله فی کثیر من الاحیان ، ولذا یجب على المصرف أن یکون حریصاً جداً فی التعامل مع هذا النوع من الاعتماد وان لایوافق على منحه إلا بعد أن یتأکد من شخصیة المستفید وأن یأخذ الضمانات الکافیة علیه ، إذ من الممکن أن یکون هذا المستفید محتالاً ولایقوم بشحن البضاعة أصلاً .
ثالثاًً : اعتماد القبول .
یقصد باعتماد القبول حصول المستفید على قیمة البضاعة التی أرسلها إلى العمیل الآمر بعد فترة من الارسال ، ولیس بمجرد تسلیم مستندات مطابقة للمصرف. ففی هذا النوع من الاعتماد المستندی یشترط على المستفید أن یسحب على المصرف حوالة مستندیة بقیمة الاعتماد یستحق الاداء بعد مدة من الاطلاع ویتعهد المصرف بقبولها مقابل تسلم مستندات مطابقة لشروط الاعتماد ، ویقوم المصرف بدفع قیمة الحوالة عند الاستحقاق وخلال هذه الفترة تکون البضاعة قد وصلت إلى العمیل وقام ببیعه ووضع قیمته فی حسابه لدى المصرف لکی یتسنى للمصرف أن یدفع منه قیمة الاعتماد .
ویعد هذا النوع من الاعتماد وسیلة من وسائل الائتمان یمنحها المصرف لعمیله إذا لم یکن هذا الاخیر قادراً على دفع قیمة البضاعة مقدماً ، فیمنحه المصرف هذا الائتمان حتى یتمکن من إعادة بیع البضاعة التی اشتراها ومن ثم یقوم بالوفاء للمصرف .
وتتمثل مخاطر المصرف فی هذا النوع من الاعتماد ، فی حالة لو سلم المصرف المستندات إلى العمیل لکی یتمکن من استلام البضاعة وإعادة بیعها قبل حلول تاریخ استحقاق الحوالة ، فمن الجائز فی هذه الفترة تعرض العمیل للافلاس مما یتعذر معه قیامه بالوفاء بقیمة الاعتماد الذی تعهد المصرف بدفعه إلى المستفید بموجب الحوالة المستندیة التی سحبها علیه فی الوقت الذی یکون فیه حساب العمیل لدى المصرف مدیناً ولیس دائناً ، ولذا لا یستطیع المصرف أن یخصم من هذا الحساب ما یستوفی حقه ، وقد یدخل دین المصرف فی تفلیسة العمیل وینازعه فیها دائنین آخرین . هذا فضلاً عن انه بمجرد قیام المصرف بتسلیم المستندات إلى العمیل فإن البضاعة تخرج من حیازته ویفقد ضمانه علیها .
المطلب الثانی
المخاطر الناتجة عن عملاء المصرف
من المؤکد أن أهم وظیفة للمصارف التجاریة هی منح الائتمان ، والائتمان معناه الثقة وهنا یعنی ثقة المصرف بعمیله المدین ، فالمصرف یمنح عمیله الائتمان اللازم معتمداً على أمانته وسمعته الطیبة ونزاهته فی معاملاته وعلى وضعه المالی الجید . إلا أن التجارب أثبتت أن اعتماد المصرف على سمعة ومکانة عملائه لاتؤمن له الحمایة اللازمة . فقد یتعرض العمیل الذی ابرم معه المصرف عقد الاعتماد المستندی إلى أزمة مالیة یجعله غیر قادر على الوفاء بما علیه لمصلحة المصرف ، أو تکون له القدرة على الدفع ولکنه لایرغب بذلک ، وینتج عن ذلک ضیاع أموال المصرف وعدم تمکنه من الحصول على المبلغ الذی دفعه للمستفید من الاعتماد . وهذا ما یمثل الهم الأکبر لأی مصرف عندما یقوم بفتح الاعتماد المستندی . إذاً إن المخاطر التی تواجه المصرف بسبب العملاء عادةً ترجع إما إلى حالة عدم قدرة العمیل على الدفع أو إلى عدم رغبته فی ذلک ، ونتکلم عن کل منهما فی مقصد مستقل .
المقصد الاول
عدم قدرة العمیل على الدفع
قد یکون العمیل الذی یطلب من المصرف فتح الاعتماد المستندی هو من التجار ذوی السمعة الحسنة إلا أنه یتعرض بعد ذلک لأزمة مالیة تجعله عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته تجاه المصرف مانح الاعتماد . وهنا تصبح الضمانة الوحیدة للمصرف هی البضاعة التی بإمکانه التصرف بها بالبیع باعتباره دائناً مرتهناً لها بحیازته للمستندات التی تمثلها ، وقد تکون هذه الضمانة غیر کافیة فی حالة انخفاض سعرها أو إذا لم تکن من البضائع الرائجة فی الاسواق وعندها تکون حصیلة البیع أقل من مبلغ الاعتماد الذی دفعه المصرف للمستفید فیتضرر المصرف بالجزء الباقی .
وان عدم قدرة العمیل على الدفع یمثل خطورة کبیرة بالنسبة لأی مصرف یقوم بمنح الائتمان ، ففی هذه الحالة توجد لدى العمیل الرغبة بالدفع والرغبة فی ارجاع ما علیه لمصلحة المصرف ولکن تنقصه السیولة النقدیة وهوغیر قادر على ذلک ، کما لوکان العمیل لدیه شرکة واستورد الکثیر من المواد الأولیة ثم هبطت قیمتها بشکل مفاجیء ، أو إذا أکثرت من الانتاج وتوقف الطلب علیها ، أو إذا قام العمیل باستیراد مواد معینة وقبل أن تصل الیه ظهرت فی الاسواق مواد أفضل منها، فمثلاً إذا کانت المواد التی اشتراها العمیل هی أجهزة الکومبیوتر فإن الخطر الکبیر فی هذه الحالة یکمن فی عملیة التقادم وظهور أجیال جدیدة من أجهزة الکومبیوتر أکثر تطوراً . کل هذه الاسباب التی تعرض وضع العمیل المالی للخطر تؤثر فی المصرف أیضاً وتکون نتیجته عدم مقدرة العمیل على سداد ما علیه من دیون لمصلحة المصرف مانح الاعتماد .
وبهذا الخصوص فقد اثیرت أمام القضاء العراقی قضیة تتعلق بفتح ثلاث اعتمادات من قبل أحد المصارف العراقیة لحساب احد التجار العراقیین المعروفین لاستیراد اخشاب وحدید من شرکة نمساویة اتصلت بالتاجر العراقی وقدمت له أسعار وتسهیلات مغریة ، على أن یقوم التاجر العراقی بدفع المبلغ المطلوب عن طریق فتح اعتمادات مستندیة لمصلحة المجهز الاجنبی ، وبعد أن فتح المصرف الاعتماد ودفع 25% من مبالغ هذه الاعتمادات على أن یدفع الباقی بسحوبات آجلة بحسب الاتفاق الذی تم بینهم ، اکتشف أن المجهز الاجنبی هو من المحتالین والمتمرسین فی عملیات التزویر والاحتیال ، وأنه لم یقم بتصدیر أیة بضاعة وان کافة المستندات المقدمة کانت مزورة . وکانت نتیجة الحکم فی هذه الدعوى هی عدم مسؤولیة المصرف عن هذا التزویر ، على اساس ان المصرف غیر مسؤول سوى عن التأکد من التطابق الظاهری للمستندات وانه غیر ملزم بفحص البضاعة أو التاکد من سلامة المستندات من الغش والتزویر . إلا ان الذی حصل أن المصرف بعد ان قرر القضاء عدم مسؤولیته عن هذا التزویر، فإنه رجع على العمیل الآمر لیطالبه بالمبلغ الذی دفعه للمستفید من قیمة الاعتماد ، حیث انه کان قد دفع 25% من هذا المبلغ على اساس ان الباقی کان مؤجلا وکان من المقرر ان یستلمه المستفید بسحوبات اجلة بحسب الاتفاق ، ففی الوقت الذی رجع المصرف على العمیل لیطالبه بما علیه وجد أن عمیله فی وضع مالی سئ جدا ولم یکن لدیه ای شئ لیقدمه للمصرف ، مما تعذر على المصرف استیفاء المبالغ التی کان قد دفعها للمصدرین المحتالین وکانت نتیجته ضیاع اموا ل المصرف وتحمله الخسارة.
المقصد الثانی
عدم رغبة العمیل بالدفع
بحثنا فی المقصد السابق عن حالة عدم قدرة العمیل على الدفع ، أی عندما یرغب العمیل بالدفع ولکن تنقصه السیولة اللازمة للقیام بذلک ، أما فی هذه الحالة فیکون العمیل قادراً على سداد ماعلیه لمصلحة المصرف ولکن لیس لدیه الرغبة فی ذلک، وان هذا یعتبر من أهم المخاطر التی تواجه المصارف المانحة للاعتماد . لأن المصرف فی هذه الحالة یکون قد أخطأ فی اختیار العمیل الذی أبرم معه عقد الاعتماد ، ذلک لان عدم رغبة العمیل بالدفع تتأثر إلى حد کبیر بسمعته ومدى التزامه المالی ، وان دراسة السمعة الأدبیة للعمیل جیدا تعطی المؤشرات للمصرف على حجم المخاطرة المقبل علیها ، فقد یقدم بعض العملاء میزانیات عن مراکزهم المالیة لا تعبرعن الحقیقة والواقع ، للتتماشى مع ما تطلبه هیئة الاستثمار وغیرها للموافقة على إقامة المشروعات ، وأحیانا اخرى تتجاوز الأرقام الحقیقیة لیضمن العمیل ثقة المصرف به وبمرکزه المالی ، الامر الذی یؤدی بالضرورة إلى صدور قرارات ائتمانیة غیر معبرة عن واقع حقیقی ملموس . وقد یعتمد بعض العملاء على اسلوب الدعایة والاعلان لیظهروا بمظهر الثراء غیر الحقیقی ، فیذکرون بیانات ومعلومات عن أنشطتهم لا تمثل الحقیقة ، فیظهرون بمظهر الثراء عن طریق ترکیزهم على وسائل الدعایة من خلال الحملات الاعلانیة واسعة الانتشار وذلک لاخفاء أوضاعهم الحقیقیة . وقد استطاع عدد کبیر من هؤلاء العملاء الحصول على تسهیلات ائتمانیة بمبالغ کبیرة مستغلین فی ذلک محاولة المصارف فی الحصول على أکبر قدرمن الأرباح دون الاهتمام بسمعة العملاء ، فضلا عن ضعف کفاءات بعض الموظفین القائمین على شؤون الائتمان والاستعلام فی المصارف .
ولذا یجب على کل مصرف قبل أن یوافق على طلب العمیل بفتح الاعتماد ویبرم معه عقد الاعتماد المستندی ، ان یهتم بمعرفة طریقة تعامل العمیل فی معاملاته السابقــةوطریقة تعامله تحت أسوأ الظروف ومعرفة أثر سوء الأحوال على رغبته فی الوفاء ومدى استعداده للتضحیة لتنفیذ تعهداته ، ویطلق البعض على هذا النوع من المخاطراسم(المخاطر الأخلاقیة). لأن المدین ذا القیم الأخلاقیة العالیة سیبذل کل ما فی جهده لرد الدین بصرف النظر عن حالته فی محیط العمل ، وتعتبر السمعة الطیبة للعمیل وجدیته فی عمله دلیلاً على محافظته على وعده بسداد ما علیه من الدیون ومحافظته على اسمه کشخص موثوق به من
قبل الجمیع ، أما الشخص الذی یحاول إیجاد الثغرات حتى لا یقوم بدفع ما علیه لمصلحة المصرف ، فیعتبر إبرام عقد الاعتماد معه مخاطرة بصرف النظر عن حالته المادیة طالما هو سیء النیة ، إذ لا یمکن حصر مخاطر التعامل مع عمیل تحیط به الشبهات وتطعن فی مصداقیته مهما قدمت من ضمانات للمصرف من أجل التعامل معه.
المخاطر الناتجة عن الظروف العامة
تمتع عمیل المصرف بسمعة حسنة ومقدرة على الدفع ومرکز مالی جید ، لا یعتبر کافیاً لتخلص المصرف مانح الاعتماد من المخاطر ، فالظروف العامة فی المدینة أو الدولة التی یعمل فیها المصرف لها تأثیر کبیر من هذه الناحیة ، فمثلا الظروف السیاسیة التی لا یتحکم فیها الفرد ربما تغیر من مقدرة العمیل فی مواجهة التزاماته وکذلک الحالة بالنسبة للظروف الاجتماعیة والاقتصادیة ، فالتقلبات الاقتصادیة یجب أن یؤخذ بنظر الاعتبار فی الأعمال التجاریة ، وبعض هذه التقلبات قد تکون خاصة بنشاط معین أو بمنطقة معینة أو قد تشمل الدولة بأکملها ، وهنا نوضح کل هذه المخاطر ونخصص لکل واحد منها مقصداً مستقلاً حسب الترتیب الآتی :
1- المخاطر السیـاسیـة .
2- المخاطر الإجتماعیة .
3- المخاطر الاقتصادیة .
المقصد الأول
المخاطر السیاسیة
یقصد بالخطر السیاسی کل فعل أو امتناع عن فعل أو واقعة أو حدث یمثل عدوانا على احد عناصر الدولة ( الشعب ، السلطة ، الإقلیم ) ومن شأنه التأثیر فی حصول مانح الاعتماد على حقه فی أجل الاستحقاق ، سواء بتأخیر حصوله علیه تأخیراً یضر بمصالح مانح الاعتماد أو بحرمانه تماماً منه .
والخطر السیاسی قد یکون داخلیاً أو خارجیاً ، کالثورات الشعبیة والانقلابات العسکریة ، والحروب الاهلیة والاضطرابات الداخلیة ، کحروب الابادة العنصریة والحروب الدولیة وقطع العلاقات الدبلوماسیة .
وترتب هذه المخاطر أثاراً ضارة ومدمرة لمختلف مناحی الحیاة فی البلد الذی یحدث فیها وفی مقدمتها الانشطة التجاریة ویؤدی إلى عدم حصول مانح الاعتماد على حقه بدرجة تأثر مدینه من الحوادث التی تقع ، والتی قد تدمر تماما قدرته على الوفاء أو قد یقتصر أثرها فی مجرد التأخیر فی السداد .
وإن هذه المخاطر فی کثیر من الاحیان لا یمکن تقدیر احتمال وقوعها ، وهذا یزید من خطورتها .
وإن المصارف العراقیة کان لها النصیب الأکبر فی التعرض لهذا النوع من المخاطر وذلک بسبب عدم استقرار الوضع السیاسی فی العراق منذ مدة طویلة وإذ أثر سلباً فی ممارسة المصارف لنشاطها وتعرضها للکثیر من المخاطر . حیث إن العراق کما هو معلوم للجمیع قد تعرض للعدید من الازمات السیاسیة وکان آخرها الغزو الامریکی فی عام (2003) والذی ما زالت آثارها السلبیة مستمرة لحد الآن .
وان المخاطر السیاسیة قد تصیب عملاء المصارف بصورة مباشرة أو غیر مباشرة ، ومن أمثلة النوع الأول وقوع حرب أو ثورة أو حوداث عنف تؤدی إلى عدم وصول البضاعة المرسلة إلى العمیل عن طریق المستفید من الاعتماد ، أو قد تدمر منشئآت ومصانع ومخازن العمیل بسب هذه الحوادث وذلک یؤدی إلى عجزه عن الوفاء بما علیه لمصلحة المصرف من قیمة الاعتماد . ومن أمثلة النوع الثانی اعلان الحرب فجأة فی بلد العمیل أو فرض حظر دولى علیها ، الامر الذی یؤدی إلى حصول حالة کساد فی بلد العمیل الذی یعجز عن تصریف بضاعتة ، ولذا قد یحاول التهرب من المصرف وعدم الوفاء بما علیه لمصلحته.
المخاطر الاجتماعیة
کما أن تغیر الظروف الاجتماعیة قد تسبب المخاطر للمصارف المانحة للاعتماد ، إذ نلاحظ فی الآونة الاخیرة توجه الدول نحو سیاسة الانفتاح الاقتصادی , وان هذه بدورها ادت إلى تغیر التوازن فی توزیع الدخل بین طبقات المجتمع ، ومن ثم ادت إلى سیطرة القیم المادیة على سلوک بعض الافراد واتجاهاتهم . وان کل هذا نتج عنه الکثیر من السلبیات متمثلة فی ارتفاع مخاطر الائتمان سواء من جانب المسؤولین عنه أو من جانب المستفیدین منه . فالرغبة فی تحقیق کسب سریع کانت وراء دخول نوعیات سیئة لیس لها معرفة أو درایة أو تجربة فی مجال النشاط التجاری والاقتصادی مما أدى إلى حصول المنافسة غیر الشریفة بینهم ، وازدات حالآت الافلاس والرشوة والاختلاس وفساد الذمم وجرائم الصکوک المزورة والاضرار بالمال العام .
ولهذا انه قد یکون السبب وراء تعرض المصرف للمخاطر هو شراء ذمم بعض الموظفین والعاملین فیه وتواطئهم مع العملاء وحدوث التهاون أو الاهمال فی التحقق من صحة المستندات المقدمة وقبولها رغم ما فیها من نواقص وخلافات مع شروط الاعتماد . أو عدم قیامهم بالاستعلامات اللازمة عن شخصیة العمیل وعن مرکزه المالی ، ومن ثم یذکرون فی تقریرهم عن العمیل بان امکانیته المالیة کبیرة إلى درجة یصعب تقدیرها ویتمتع بسمعة حسنة ولا یوجد ما یسیء الیها ، رغم علمهم بانه شخص سیء السمعة أو هو متوقف عن الدفع وفی ذمته الکثیر من الدیون ، وذلک مقابل حصولهم على منافع شخصیة أو رشاوى فی صورة هدایا ثمینة.
أو قد یحدث الخطر بسبب المنافسة غیر الطبیعیة بین المصارف وافراطهم الشدید فی منح الائتمان لجذب المزید من العملاء لتحقیق ارباح ضخمة وسریعة ، الأمر الذی یؤدی إلى التهاون والاهمال فی اجراء الدراسات الائتمانیة والاستعلام الکافی عن العملاء . فضلاً عن ان هذا قد یؤدی فی بعض الاحیان إلى خروجهم عن الحد المسموح به لمنح الائتمان ، وان هذا قد یعرضهم للمساءلة .
المقصد الثالث
المخاطر الاقتصادیة
ان العوامل الاقتصادیة لها تأثیر کبیر على العملیات الائتمانیة التى تمارسها المصارف وفی مقدمتها الاعتماد المستندی ، وان أی تغیرات أو تقلبات تحصل فیها قد تشکل خطراً بالنسبة للمصرف مانح الاعتماد ، وتؤدی إلى خسارته ولعل أبرز العوامل الاقتصادیة التی لها تأثیر کبیر فی هذا المجال هی :
أولاً : تغییر اسعار العملات :
تتعرض المصارف فی عملیات تمویل الصفقات الخارجیة لمخاطر تغیر اسعارالعملات وذلک فی حالة انخفاض وارتفاع عملتها المحلیة تجاة العملات الأخرى ، ولذا على المصارف أن تضع فی حسبانها إمکانیة حدوث هذا الأمر فی کافة الحالات التی تتم فیها فتح الاعتماد بالعملات الاجنبیة ، لأن تغیر سعرها فی هذه الحالة قد یعرضها لمخاطر کبیرة . فمثلاً إذا فتح الاعتماد بالدولار الامریکی وبعد ان قام المصرف بدفع قیمة الاعتماد إلى المستفید وقبل ان یسترجعه من العمیل تبین أن سعر الدولار قد انخفض کثیراً ، فان ذلک لابد ان یعنی خسارة اکیدة للمصرف مانح الاعتماد ، لان القیمة الشرائیة للاموال التی یحصل علیها سوف تکون أقل ، وإذا حصل العکس أی إذ إرتفع سعر الدولار فی هذه الفترة ، فإن هذا یعنی خسارة عمیل المصرف وخسارة العمیل أیضاً تسبب المتاعب للمصرف ، لان العمیل فی هذا الحالة قد لا یتمکن من القیام بالوفاء للمصرف ، إذ یجب علیه أن یدفع أموالا أکثر من عملة بلده حتى یتمکن من سداد مبلغ الاعتماد بالدولار الامریکی .
وبما ان المصارف العراقیة فی الوقت الحالی تعتمد أساسا على الدولار الامریکی عند فتحها للاعتمادات المستندیة . فیجب علیها أن تکون حذرة جداً کی لا تتعرض إلى هذا النوع من المخاطر .
ولمعالجة هذا المسألة اقترح البعض ادراج شرط فی العقد المبرم بین المصرف والعمیل ، ینص على تحمل المدین ایة خسارة تلحق بالمصرف مانح الاعتماد نتیجة انخفاض سعر العملة التی فتح بها الاعتماد . ونحن نؤید هذا الاقتراح وخصوصاً أن محکمة تمییز العراق قد أشاد بصحة وجود مثل هذا الشرط فی عقد الاعتماد فی احدى قراراته والزم العمیل بدفع الفرق بین سعری الصرف ، حیث جاء فی القرار انه ( إذا کان عقد الاعتماد المستندی المعقود بین الطرفین ینص على عدم مسؤولیة المصرف عن أیة فروقات فی اسعار الصرف فیکون الآمر بالصرف ملزماً بدفع الفرق بالسعر الذی یقرره المصرف ) .
وکذلک نرى انه یتعین على المصرف ان یتجنب فتح الاعتماد المستندی على أساس عملة ضعیفة تتذبذب سعرها باستمرار لکی یبتعد عن التعرض لهذا النوع من المخاطر فیما بعد .
ثانیاً : تغییر أسعار الفوائد .
یتعرض المصرف لمخاطر أسعار الفائدة عادة ً، نتیجة لعدم تطابق اعادة تسعیر نسبة الفائدة للموجودات والمطلوبات ، ویجد المصرف نفسه یدفع فوائد على الودائع أکثر مما یحصله من منح الاعتمادات. فکما هو معلوم ان المصارف عندما تقوم بمنح الاعتمادات لا تعتمد على أموالها الخاصة فقط ، وانما تعتمد بشکل اساسی على الاموال المودعة لدیها ، فالودائع تعتبر الشریان الرئیسی الذی یغذی المصارف بالاموال اللازمة للقیام بعموم العملیات المصرفیة الائتمانیة. وعندما تحصل المصارف على هذه الودائع من جمهور المودعین سیقدم لهم نسبة معینة من الفائدة وعندما تستخدم الاموال المودعة لدیها فی منح الاعتمادات ستأخذ من عملائها نسبة أعلى من الفائدة ، وهکذا یکون الفرق بین سعری الفائدة ربحاً للمصرف. أما إذا حصل تغیر فی سعر الفائدة بشکل انخفضت فیها نسبة الفائدة التی یتقاضاها المصرف عند منح الاعتماد ، فإن ذلک یؤدی إلى التقلیل من ارباح المصرف ، وقد یؤدی إلى خسارته أیضاً.
بعد ان بینا فی المبحث السابق المخاطر التی تتعرض لها المصارف عند تعاملها بالاعتماد المستندی ، وکما رأینا ان مخاطر الاعتماد کثیرة ومتعددة لتعدد اسبابها ، فبعضها یرجع إلى طبیعة المستندات المقدمة من قبل المستفید من الاعتماد وبعضها الآخر یرجع إلى بعض صور الاعتماد المستندی ، وقد یکون الخطر ناتجا عن عمیل المصرف أو قد یرجع إلى الظروف العامة ، ولکثره هذه المخاطر لایکاد یخلو أی اعتماد من الاعتمادات التی یمنحها أی مصرف من نسبة معینة من المخاطر مهما کانت بسیطة . لذا یجب ان یحاول المصرف ان یحد من هذه المخاطر باتخاذ الاجراءات التی یراها ضروریة فی مواجهة تلک المخاطر ، فعلى الرغم من ان القاعدة العامة هی عدم امکانیة المصرف فی التخلص والاستبعاد من هذه المخاطر نهائیاً مهما حاول ، فتبقى غایة المصرف هی التخفیف منها قدر الامکان .
ومن أهم الوسائل التی یجب على کل مصرف ان یتبعها ویهتم بها کثیرا قبل الموافقة على طلب فتح الاعتماد ، هی الاستعلام عن الشخص مقدم الطلب ، وذلک تطبیقا للمبدأ الشهیر المعروف جداً فی العمل المصرفی ، مبدأ (إعرف عمیلک) الذی یسهم فی تکوین عقیدة المصرف واثراء معلوماته وهو بصدد دراسة الطلب المقدم الیه ، فإذا اهتم المصرف بهذا الامر وقام بالاستعلام عن العمیل عن طریق اشخاص کفوئین یتمتعون بصفات الذکاء والقدرة على التوقع والتحلیل ، من الممکن ان یتجنب الکثیر من المخاطر . ومن الوسائل الاخرى التی تلجأ الیها المصارف للتحقیق والتقلیل من حدة المخاطر التی قد تواجهها هی التوجه إلى اخذ الضمانات من العمیل طالب الاعتماد من أجل الموافقة على طلبه . وان المصرف یأخذ هذه الضمانات من العمیل تجنبا لحدوث مخاطر غیر متوقعة وحالات طارئة أو تصرفات غیر متوقعة من هذا العمیل ولیس لعدم الثقة به . وعلیه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبین ، ففی المطلب الأول نتکلم عما یجب ان یقوم به المصرف من التحری والبحث للاستعلام عن العمیل وجمع المعلومات عنه ، ونخصص المطلب الثانی لضمانات الاعتماد المستندی ، وکالآتی :
المطلب الأول : الاستعلام عن العمیل طالب الاعتماد .
المطلب الثانی : ضمانات الاعتماد المستندی .
المطلب الأول
الاستعلام عن العمیل طالب الاعتماد
من الطبیعی ان أی شخص سواء کان شخصاً طبیعیاً أو معنویاً ویرغب فی فتح اعتماد مستندی لمصلحة مستفید معین ، سوف یتوجه بدایة إلى المصرف للحصول على موافقته بفتح الاعتماد المطلوب ، ویصاحب ذلک عادة تقدیم طلب إلى المصرف ویعتبر هذا الطلب هو بدایة العلاقة بین المصرف وعمیله .
وهنا یجب على المصرف ان یهتم بدراسة هذا الطلب ، وتعتبر مرحلة دراسة طلب فتح الاعتماد المستندی من قبل المصرف من ادق المراحل التی تمر بها عملیة الاعتماد ، لانه بناء على نتیجة هذه الدراسة یتخذ المصرف قراره ، سواء بفتح الاعتماد أو رفضه ، ومن الطبیعی ان الدراسة السلیمة تؤدی إلى القرار السلیم ، مما یجنب المصرف المخاطر التی قد تنتج عن هذه العملیة ، خاصة إذا کان العمیل سیء السمعة وسیء النیة وکان یرغب بالتحایل على المصرف . ولذا سنقسم هذا المطلب إلى مقصدین ، ففی المقصد الأول نتکلم عن أهم المعلومات التی یحرص المصرف فی الاستعلام عنها والتأکد من حقیقتها عندما یقوم بجمع المعلومات عن العمیل ، أما فی المقصد الثانی فسنبین أهم المصادر التی من الممکن ان یستعین بها المصرف لجمع المعلومات عن العمیل طالب الاعتماد .
المقصد الأول
المعلومات التی یحرص المصرف فی الاستعلام عنها
الاستعلام المصرفی فن یحتاج إلى الخبرة فی العمل والسیاسة فی المعاملة وبعد النظر لمحاولة استکشاف ما وراء المعلومات التی تصل إلى المصرف ، والتعرف على ما تعنیه هذه المعلومات بحیث تساعد المصرف على اتخاذ قراره وهو على علم بحالة العمیل طالب الاعتماد بصورة حقیقیة. ولذا تعد مرحلة جمع المعلومات عن العمیل من المراحل المهمة جداً فی عملیة الاعتماد المستندی ، فینبغی أن یتبعها ویهتم بها مسؤول الاعتماد فی المصرف ، ولعل أهم المعلومات التی یحرص المصرف فی الاستعلام عنها هی :
أولاً: هویة العمیل وعنوانه واهلیته .
یجب على المصرف عندما یقوم بالاستعلام عن العمیل طالب الاعتماد أن یوجه اهتمامه ابتداء إلى التحقق من شخصیة العمیل طالب الاعتماد وعن حالته المدنیة عن طریق التعرف على اسمه وعنوانه وأهلیته لطلب الاعتماد .
تعد الهویة الشخصیة لطالب الاعتماد من المعلومات المهمة التی یتعین على المصرف التثبت منها قبل الموافقة على فتح الاعتماد ، ومبرر هذا الاجراء یکمن فی ان الاعتماد المستندی عبارة عن تصرف قانونی من شأنه ایجاد روابط قانونیة مباشرة بین المصرف والعمیل ، ولذا یکون لکل طرف الحق فی التعرف بصورة جدیة وتفصیلیة على حقیقة الطرف المقابل الذی یرتبط معه برباط عقد الاعتماد لان عقد الاعتماد المستندی هو عقد یقوم على الاعتبار الشخصی .
وتجدرالاشارة إلى أن تعلیمات مصرفی الرافدین والرشید فی العراق ، توجبان اسلوب التدقیق فی التحقق من الهویة الشخصیة لطالب الاعتماد من قبل المصرف.
اما بالنسبة إلى عنوان العمیل طالب الاعتماد ، فإن عنوان العمیل معلومة اخرى یتعین على المصرف التحقق منها ، وان لهذا الاجراء الکثیر من الاهمیة ، إذ هو إجراء ضروری لاغراض المخاطبات والتبلیغات بشأن الحقوق والالتزامات التی تترتب على التعامل ، ویستطیع المصرف التأکد من عنوان العمیل عن طریق ارسال مندوب إلى المقر الذی یذکره العمیل عنواناً له ، أو أن یطلب المصرف من العمیل ایصالا بأجور الماء والکهرباء على ان یکون حدیثا . وهناک اسلوب آخر للتأکد من صحة العنوان یتمیز بزهد التکالیف من حیث النفقات وبحسن التدبیر من حیث الاثبات ، وهو ارسال رسالة بریدیة عن طریق البرید المسجل إلى العنوان المقدم من قبل العمیل فی صورة رسالة ترحیب له من قبل المصرف کعمیل جدید، فإذا ما ارتجعت أو اعیدت الرسالة إلى المصرف فإن ذلک دلیل على عدم صحة العنوان ، أما إذا کان العکس ، فإن المصرف یعد ذلک دلیلا على صحة العنوان.
وکذلک یجب على المصرف ان یتأکد من أهلیة الشخص المتقدم الیه والتأکد من قدرته على طلب فتح الاعتماد المستندی ، لکی یضمن صحة التعامل مع هذا الشخص ویتجنب المخاطرة والمساءلة فیما بعد. فیجب ان یتوافر فی طالب الاعتماد شرط الاهلیة القانونیة حیث التصرف اصالة والسلطة أو الصلاحیة حالة التصرف نیابة . ونعنی بالاهلیة هنا أهلیة الاداء وهی صلاحیة الشخص لأن یباشر بنفسه التصرفات القانونیة المتعلقة بحقوقه.
ثانیا: سمعة العمیل .
سمعة العمیل معلومة أخرى ، تحرص المصارف على التثبت منها والوقوف علیها بدقة قبل منح الاعتماد ، وتستعمل کلمة السمعة فی مجال تحدید المخاطرالائتمانیة بمعنى یختلف عن استعمالها المالوف فی الحیاة العادیة .
فتعرف السمعة من وجهة النظر الائتمانیة بأنها مجموعة الصفات التی إذا اتحدت تکون لدى الشخص الشعور بالمسؤولیة قبل دیونه، وان التعلیمات المصرفیة صریحة بشأن الترکیز على سمعة العمیل ، حیث اشترطت لفتح الاعتماد الا یکون طالب الاعتماد من ذوی السمعة السیئة. فالمصرف لیس مقامرا أو مضاربا عندما یفتح الاعتماد ولا یسعى للربح دون النظر لشرعیة الغایة التی یشارک بامواله فی تحقیقها ، حتى لا یقع تحت طائلة المسؤولیة الجنائیة أو المدنیة ، حیث ان انتفاء عنصرالمضاربة شیء اساسی فی عقد الاعتماد المستندی، فالمصرف یحصل على مقابل ما یقدمه فی شکل فائدة أو عمولة تتناسب مع ما یقدمه وفقا للاعراف والعادات المصرفیة وتعلیمات البنوک المرکزیة.
وهناک بعض المؤشرات توضح للمصرف سمعة العمیل طالب الاعتماد وهی انتظام العمیل فی سداد دیونه مع المصارف التی تعامل معها سابقا ، وسمعة العمیل لدى الموردین الذین یتعاملون معه ، أو الاطلاع على نشرة الغرفة التجاریة التی تتضمن اسماء التجار الذین توقفوا عن الدفع أو تم اشهار افلاسهم أو اجراء صلح واق للافلاس بسبب معاملاته السابقة . وکذلک یستطیع مسؤول الاعتماد فی المصرف التعرف على سمعة العمیل من مؤشرات اخرى مثل ثقافته وتعلیمه وتصرفاته الشخصیة ومکانته الاجتماعیة.
ثالثا : المرکز المالی للعمیل .
من المعلوم ان اکبر هموم المصرف وهو بصدد دراسة طلب فتح الاعتماد المستندی تتمثل فی توقی خطر ضیاع امواله ، ولا شک فی ان المصرف یسعى قبل کل شیء إلى التأکد من یسار العمیل ، حتى لا یضطر فیما بعد إلى الوقوف داخل جماعة الدائنین لهذا العمیل إذا ما تعرض هذا الاخیر إلى الافلاس بعد ذلک ، ومن ثم یتلقى نصیبا فی قسمة غالبا ما تسفر عن انتقاص حقوق الدائنین من قبل المدین المفلس ، وذلک بعد ان یخسر الکثیرمن الوقت والجهد فی قیامه باجراءات المطالبة بدینه وتصفیة اموال المدین المفلس . لذلک یکون لملاءة العمیل دور اساسی فی حمایة المصرف من التعرض لخطر ضیاع امواله ، فهو یعتبر العنصر الواقی من وصول الخسائر إلى حقوق المصرف .
وإذا کان تقدیر الملاءة أمراً یسیراً فی علاقة فوریة تبدأ وتنتهی فی نفس الوقت أو فی فترة زمنیة وجیزة ، فإنه أمر یتسم بالصعوبة ویحتاج إلى الکثیر من الخبرة لوزن ما تؤول الیه الامور فی المستقبل فی حالة فتح الاعتماد المستندی من قبل المصرف ، لان التقدیر ینصب على عناصر قائمة فی الحاضر والمخاطر التی یتوخى المصرف تفادیها هی مخاطر مستقبلیة ، حیث ان عملیة الاعتماد المستندی بطبیعتها تستغرق مدة من الزمن ، ولذا تکون العناصر والمقومات التی یعتمد علیها المصرف فی تکوین رأیه حول ملاءة العمیل ومرکزه المالی ، عناصر متذبذبة وغیر مستقرة. وعلیه یجب على المصرف عندما یکون بصدد دراسة المرکز المالی للعمیل ، ان لا یکتفی بالتحقیق فقط عن مجرد زیادة امواله عن خصومه ، بل یتعین علیه ان یولی اهتماماً کبیراً لمکونات هذه الخصوم وتلک الاصول ، ومدى ما یتمتع به العمیل من سیولة مباشرة أو قیم منقولة یسهل تحویلها إلى النقود. وکذلک یجب ان یعلم هل ان البضاعة التی اشتراها العمیل والتی هی موضوع الصفقة الممولة عن طریق الاعتماد المستندی ستجد سوقاً کافیاً لتصریفها، ویهتم أیضاً بجمیع انواع دیون العمیل ومواعید استحقاقها ، وما إذا کانت دیونا عادیة أو مضمونة وانواع الضمانات المقدمة حتى یتسنى له وهو بصدد دراسة طلب الاعتماد تحدید موقفه ویقرر هل انه یطلب من العمیل ضمانات مقابل الموافقة على طلبه بفتح الاعتماد أو عدم طلبها ، أو هل إن من الاحسن ان یطب منه ضمانات شخصیة أو ضمانات عینیة.
رابعاً: غرض العمیل من طلب الاعتماد ومشروعیة نشاطه .
من المعلومات المهمة الاخرى التی یجب على المصرف ان یستعلم عنها هی التحقق من غرض العمیل ومشروعیة النشاط الذی یمارسه للتأکد من عدم مخالفة هذا النشاط للقانون ، کأن یکون موضوعه غیر مشروع أو یمارسه العمیل بطریقة غیر مشروعة ، فإذا وجد المصرف أن الشخص طالب الاعتماد هو فی وضع غیر قانونی کأن یکون محظورا علیه مزاولة اعمال التجارة أو هو معتاد على استخدام طرق غیر مشروعة للتزود بالاموال مثل المتاجرة بالمخدرات أو غیرها من الاعمال غیر المشروعة ، یجب على المصرف ان یرفض الطلب فی هذه الحالة . أی یجب على المصرف ان یقف على مدى امانة العمیل ومشروعیة نشاطه ، وان لا یکتفی فی ذلک بالثقة الظاهریة للعمیل ، حیث ان تقدیم الاعتماد لتاجر سیء السمعة استناداً إلى مظهره الزائف قد یکون مصدرا لمساءلته فیما بعد ، هذا فضلاً عن المخاطر التی یتعرض لها .
ومن بین العملیات غیر المشروعة التی قد یحاول عملاء المصرف اخفاءها عن طریق الاعتماد المستندی ، فإن عملیة غسل الاموال الملوثة تعتبر من اهمها واخطرها واکثرها انتشاراً فی الوقت الحالی ویتم التستر عنها فی کثیر من الاحیان باللجوء إلى فتح اعتماد مستندی مع المصرف بطریقة قانونیة. وتندرج عملیة غسل الاموال ضمن الظواهر التی اقلقت العالم فی الآونة الأخیرة لکونها جریمة دولیة تفشت بشکل کبیر وهی من أخطر الجرائم التی تهدد الأمن العالمی فضلاً عن انعکاساتها الاقتصادیة المدمرة .
ولعل من اهم الاسباب التی ادت إلى تزاید عملیات غسل الاموال عن طریق الاعتماد المستندی هی حصول التوسع السریع فی حرکة التجارة الدولیة وما صاحب ذلک من تقلیل الحواجز الجمرکیة والاقتصادیة بین دول العالم ومن تحریر لروؤس الاموال ، وبما ان الاعتماد المستندی هو أقدرالوسائل المعروفة فی العصر الحدیث لتمویل صفقات التجارة الدولیة ، فقد تم استغلاله من قبل مجموعة من التنظیمات الاجرامیة التی احترفت غسل الاموال غیر المشروعة ، وذلک لما یتمیز به الاعتماد المستندی بسهولة إجرائه وبطبیعته الدولیة وإمکانیة إضافة اطراف اخرى فی عملیة تنفیذه ، فإن کل هذا المزایا للاعتماد المستندی والتی یتمیز به عن بقیة الوسائل المصرفیة الاخرى هی فی الواقع تمثل لاصحاب الجریمة المنظمة وخاصة غاسلی الاموال ، فرصة کبیرة وناجحة لتمریر صفقاتهم المشبوهة ونقلها من دولة إلى اخرى ، وهذا ما حدا باحد خبراء مکافحة الجریمة التجاریة إلى القول ، بأن عملیات غسل الاموال عن طریق الاعتمادات المستندیة منتشرة حالیا کالوباء على مستوى العالم.
ویجدر بالذکر مع انه قد صدر قانون جدید فی العراق وهی قانون المصارف العراقی لسنة 2004 ، فلا نجد فیه أی نص یلزم المصارف بالتحری والاستعلام عن عملائها قبل القیام بایة عملیة مصرفیة معهم رغم أهمیة وضرورة هذا الامر لحمایة المصرف وحمایة الغیر ایضا ، ولا یوجد فی هذا القانون سوى اشارة بسیطة لهذا الامر وبشکل غیر مباشر، وذلک انه عندما تکلم عن السریة المصرفیة فی المادة (49) والمادة (50) منه ، ونص على الزامیة الحفاظ على السریة فیما یتعلق بجمیع حسابات العملاء وودائعهم واماناتهم وعدم جواز اعطاء ای بیانات عنها سواء بطریقة مباشرة ام غیر مباشرة إلا بموافقة خطیة من العمیل ، فإنه فی المادة (51) منه عاد واستثنى من حکم هاتین المادتین بعض الحالات ومنها
حالة الاجراءات التی تتخذ لمکافحة غسل الاموال ، وحالة تزوید المعلومات حول مدیونیة العملاء لتوفیر البیانات اللازمة للبت فی سلامة منح الائتمان.
ولذلک نرى انه من الضروری ان یکون هناک نص صریح یلزم المصارف بالاستعلام عن کل عمیل یتقدم الیه بطلب لفتح الاعتماد المستندی ، وذلک للتحقق من شخصیته وسمعته ومرکزه المالی وغرضه من طلب الاعتماد ، حتى یضمن المصرف السلامة له وللغیر ایضاً .
المقصد الثانی
مصادر الاستعلام عن العمیل طالب الاعتماد
یمکن حصر المصادر التی یستقی منها المصرف معلوماته عن العمیل طالب الاعتماد إلى مجموعتین ، هما أولاً : المعلومات المستقاة من الغیر ای من غیر العمیل طالب الاعتماد وثانیاً: المعلومات المستقاة من العمیل نفسه ، وسنتکلم عن کل منها بشکل منفرد .
أولاً: المعلومات المستقاة من غیر العمیل .
بالنسبة للمعلومات المستقاة من غیرالعمیل طالب الاعتماد ، بإمکان المصرف ان یلجأ إلى عدة مصادر لجمع تلک المعلومات من اجل تقدیر المرکز المالی للعمیل طالب الاعتماد ، عند دراسة الطلب المقدم منه لفتح الاعتماد ، فیستطیع المصرف ان یرجع إلى التجار والصناعیین الذین لهم صلات ومعاملات مباشرة مع العمیل فیحصل منهم على معلومات حول کیفیة تعامل العمیل معهم. کما یمکن للمصرف ان یتوجه إلى الجهات الاداریة المختلفه للتأکد من صحة ما یقدمه الیه العمیل من معلومات عند طلب فتح الاعتماد وذلک کالتوجه إلى الغرف التجاریة ، حیث ان الغرف التجاریة تقوم بتصنیف التجار بحسب امکانیاتهم المالیة وطبیعة تعاملهم وتتابع التغیر فیها ، وستزود المصارف بتلک المعلومات إذا طلبت ذلک ، وکذلک یمکن للمصرف ان یتوجه إلى الاتحادات المهنیة للحصول على تلک المعلومات عن العمیل، فمثلا یقوم اتحاد الصناعات فی العراق بجمع المعلومات عن المنشآت الصناعیة الذین هم اعضاء فیه وینشرها فی تقاریر دوریة تساعد المصرف فی جمع المعلومات عن العمیل طالب الاعتماد العضو فی الاتحاد ، وتوجد فی الدول المتقدمة اتحادات کثیرة لجمع مثل هذه المعلومات على اسس دقیقة . وبإمکان المصرف ایضاً ان یطلب المعلومات عن العمیل من ادارة الضرائب أو التأمینات الاجتماعیة أو اقلام کتاب المحاکم أو الجمارک ومن خلالها یتمکن من معرفة مسلک العمیل طالب الاعتماد تجاه هذه الهیئات.
ویجدر بالذکر انه کثیراً ما تتبادل المصارف فیما بینها المعلومات عن عمیلها المشترک ، لیکون کل منها على بینة من حالته المالیة ، إذ ترى المصارف المانحة للائتمان ان من مصالحها التعاون فیما بینها للاستفادة من التجارب التی خاضتها مع العملاء ولا سیما إذا نقل العمیل معاملاته المصرفیة من مصرف إلى مصرف آخر ، أو کان یتعامل مع أکثر من مصرف فی آن واحد ، وذلک تلافیا لتکرار ما قد تعرض له مصرف ما من مخاطر بسبب سوء حالة العمیل وامتناعه عن السداد.
ولکی تتم عملیة تبادل المعلومات بین المصارف بشکل منتظم وتحترم فیها الاسرار المصرفیة لعملاء المصارف ، فقد انشأ البنک المرکزی فی العدید من الدول نظام مرکزیة المخاطر ومن بینها الاردن ومصر ، وهی خدمة مهمة جدا یقدمها البنک المرکزی إلى المصارف التجاریة ، فیتم بموجبها تبادل المعلومات الائتمانیة عن العملاء عن طریق جهاز تتدفق الیه البیانات الخاصة ، بالائتمان على مستوى الدولة بأکملها ، فهو قسم خاص داخل البنک المرکزی یحصل على تلک المعلومات عن طریق طلبه من المصارف العاملة داخل الدولة والشرکات المالیة المرخصة ومؤسسات الاقراض الاخرى اعلامه شهریاً عن التسهیلات المقدمة إلى عملائهم ، وبموجبه ترسل کل تلک الجهات جدولا بأسماء عملائهم ، وعندها تقوم الادارة المرکزیة لتجمیع المخاطر داخل البنک بتزوید المصارف الاخرى بکشف مماثل یظهر فیه مجموع التزامات العمیل لدى المصارف والمؤسسات الاخرى ، وانواع التسهیلات الائتمانیة الممنوحة له ومدى المستخدم منها ، حتى یکون کل مصرف على علم حقیقی بمرکز عملیه الائتمانی ومتابعة الممنوح له فی کل قطاع . وعلیه نرى ضرورة وجود نظام مرکزیة المخاطر فی البنک المرکزی العراقی ایضاً ، فبوجود مثل هذا النظام یتمکن البنک المرکزی من مساعدة المصارف على تقویم المراکز المالیة للاشخاص الذین یتقدمون الیها بطلبات لفتح الاعتماد المستندی وغیره من العملیات المصرفیة الائتمانیة ، ولو ان المادة ( 49) من قانون البنک المرکزی العراقی المعدل رقم (64) لسنة 1976 قد اعطت الحق للبنک المرکزی العراقی فی ان یطلب من المصارف العراقیة المعلومات المتعلقة بالائتمان وان یزود المصارف الاخرى بهذه المعلومات ، وکذلک المادة (51/هـ) من قانون المصارف العراقی الجدید قد سمحت للمصارف بتبادل تلک المعلومات لتوفیر البیانات اللازمة لسلامة منح الائتمان ، ولکن ذلک لا یکفی لتجمیع کم هائل من المعلومات کی یکون البنک المرکزی مصدرا رئیسیا للمعلومات یتزود بها المصارف الاخرى ، وذلک اسوة بما هو علیه الحال فی البنک المرکزی المصری والاردنی ، لذلک نرى أن من الضروری الاسراع فی انشاء قسم خاص داخل البنک المرکزی العراقی تکون مهمته تجمیع المعلومات المتعلقة بمخاطر الائتمان ، ولیس فقط عندما تطلب منه المصارف الاخرى القیام بذلک کما هو علیه الحال الآن ، بل یجب ان یکون ذلک بشکل الزامی ویکون قسما مختصا بهذا الشأن حیث ان وجود هذا القسم فی البنک المرکزی العراقی یساعد المصارف فی اتخاذ القرارات السلیمة بشأن الطلبات التی تقدم الیها لفتح الاعتماد ، ومن ثم التقلیل من نسبة المخاطر التی قد تتعرض لها هذه المصارف .
ثانیاً : المعلومات المستقاة من العمیل نفسه .
یمکن للمصرف الحصول على معلومات غایة فی الأهمیة من العمیل نفسه ، فإذا کانت المعلومات السابقة تنیر السبیل امام المصرف لتقدیرالامر بصورة عامة، فإن المعلومات التی تعطی فکرة واضحة مجسمة بالارقام ، هی تلک المعلومات التی یحصل علیها المصرف من العمیل طالب الاعتماد نفسه والتی تعد مصدرا مهما من مصادر معلوماته .
فإن مسؤول الاستعلامات فی المصرف یستطیع ان یستدرج العمیل من خلال مقابلته إلى الاحاطة بکل ما یفکر فیه العمیل ومشاریعه المستقبلیة ووضعه السابق والغرض من الاعتماد وسبب التعامل مع المصرف المعنی دون مصرف آخر وعن برنامجه للسداد . وان هذه المعلومات تعتبر معلومات مهمة جداً بالنسبة للمصرف ولا یمکن له الحصول علیها من أی مصدر آخر غیر العمیل نفسه. ولکی یتمکن مسؤول الاستعلامات من الاحاطة بکل هذه المعلومات وبکل ما یرغب ان یعرفه عن العمیل طالب الاعتماد وبشکل دقیق ، یجب علیه ان یبدأ الحدیث معه فی المواضیع العامة حتى تزول رهبة العمیل أو تحفظه ، وکذلک ان لا یلجأ إلى کتابة أجوبة العمیل عن الاسئلة التی توجهه الیه مباشرة . وان هذه المقابلة تعتبر مهمة جداً لانها تعطی الانطباع الأول عن العمیل کما انه من الممکن ان یتبین لمسؤول الاستعلامات لاحقا مدى صحة المعلومات المقدمة من قبل العمیل عند لجوئه إلى المصادرالاخرى للمعلومات ، فإذا وجد أن العمیل قام باعطائه أی معلومات غیر صحیحة فإن ذلک یعتبر مؤشراً مهماً لرفض التعامل معه.
وإذا کان صحیحا القول بأنه على قدر جدیة وعمق التحری وجمع المعلومات تتزاید فرص السلامة بالنسبة لقرار المصرف بصدد طلب فتح الاعتماد ، فإن هذا رهن بحسن تحلیل هذه المعلومات ودراستها على نحو یمکن فی النهایة من الخروج بحکم عام یتسق مع مقدماته ، ویجب أن نشیر هنا إلى أن الحکم بخصوص أی نشاط أو مشروع یستغله العمیل لایتم بمعزل عن الظروف العامة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة التی تدخل فی رسم السیاسة العامة للمصرف فی مجال توزیع الائتمان ، وان من واجبات المصرف الاساسیة ان یکون متابعاً یقظاً ومحللا ًواعیاً للمحیط السیاسی والاقتصادی والاجتماعی الذی یباشر فیه نشاطه . ولایخفى ان هذه الإحاطة بالظروف العامة وحسن تحلیلها هی التی تفرق بین مصرف وآخر ، بین موظف کفوء وآخر غیر کفوء ، لان تجمیع المعلومات الخاصة بعمیل معین یطلب فتح الاعتماد المستندی لیس بالأمر الصعب بالنسبة لجمیع المصارف ، أما الاستفادة من هذه المعلومات وحسن تحلیلها هی التی تحتاج إلى الخبرة والحکمة وحسن الدرایة . ولهذا یجب على جمیع المصارف المانحة للاعتمادات العمل وبشکل جدی على رفع مستوى الموظفین الذین یقومون بشؤون الاعتماد والاستعلام عن العملاء لکی یاتی قرارهم فی شأن الموافقة على طلب الاعتماد أو رفضه سلیماً ، وذلک من خلال اخضاعهم للعدید من الدورات التدریبیة فی مختلف المواضیع المصرفیة سواء داخل المصارف أو خارجها ، وداخل البلد أو خارجه . وبهذا الخصوص نرى أن المشرع العراقی حسنا فعل عندما صدر قانون مرکز الدراسات المصرفیة رقم (36) لسنة 1999، والذی من ابرز اهدافه کما جاء فی المادة (2) منه هی( اولاً: تدریب موظفی الجهاز المصرفی وتأهیلهم لتولی المسؤولیة المصرفیة . ثانیاً : تطویر خبرات وکفاءات الموظفین فی الجهاز المصرفی وتزویدهم بالعلوم المصرفیة الحدیثة وتطبیقاتها القانونیة واطلاعهم على القواعد والاعراف المصرفیة الدولیة) . حیث ان قلة خبرة موظفی الاعتماد وعدم تدریبهم وتوجیههم التوجیه الصحیح قد یؤدی إلى فتح اعتمادات بدون اجراء دراسة کاملة وصحیحة لأوضاع العملاء ، مما ینتج عنه الارتفاع فی نسبة المخاطر التی تتعرض لها المصارف . أما إذا کان الموظف یتمتع بدرجة عالیة من الخبرة والثقافة العامة والثقافة المصرفیة والقانونیة ، وکانت لدیه القابلیة على التحلیل والکفاءة فی فحص المستندات التی تقدم الیه من قبل المستفید والقدرة على کشف ما کان مزوراً منها ، فإن ذلک سیؤدی حتماً إلى التقلیل من نسبة المخاطر فی المصارف .
المطلب الثانی
ضمانات الاعتماد المستندی
الاصل فی کل عقود التمویل المصرفی ومنها عقد الاعتماد المستندی ، انها عقود مبنیة ومؤسسة على الاعتبارالشخصی ، بمعنى انها تقوم على اساس الثقة ، أی ثقة المصرف فی عمیله الذی یموله ، إلا ان مقدار هذه الثقة یختلف من عملیة إلى اخرى تبعا لظروفها وطبیعتها ، وعلى هذا الاساس فإن المصرف فی اغلب الاحیان یطلب من الشخص طالب الاعتماد ان یقدم له ضمانات للموافقة على طلبه بفتح الاعتماد لمصلحة مستفید معین، وذلک لکی یتمکن المصرف بالتنفیذ علیها حالة امتناع العمیل عن السداد أو تاخره عنه ، وهذا سواء أکان لعدم قدرته على الدفع أم لعدم رغبته فی ذلک . ولو أن القانون قد قرر بأن جمیع اموال المدین ضامنة للوفاء بدیونه ، ومن ثم یکون للمصرف مانح الاعتماد الحق فی أن یتخیر ما یشاء من أموال المدین للتنفیذ علیها بحقه ، ولکن من المؤکد أن هذا لا یجعل المصرف مانح الاعتماد مطمئنا ، لان أموال المدین تکون الضمان العام لجمیع دائنیه ومن ضمنهم المصرف ، ویتساوون جمیعاً فی هذا الضمان عدا من کان له حق التقدم طبقا للقانون وذلک بموجب ضمانات خاصة قد أخذها من المدین .
وان المصرف سیطلب هذه الضمانات من العمیل تجنبا لحدوث ظروف طارئة أو مخاطر غیر متوقعة ولیس لعدم الثقة به ، لأن المصرف عندما لا یکون واثقا من العمیل فلایبرم معه العقد اصلاً . لذلک فإن هذه الضمانات تاتی فی المرتبة الثانیة فی نظر المصرف فاتح الاعتماد بعد الاستعلام الجید عن السمعة المالیة والاخلاقیة للعمیل طالب الاعتماد . وعلیه سنقسم هذا المطلب إلى مقصدین ففی المقصد الأول نتکلم عن الضمان الذی تقدمه المستندات للمصرف ، وفی المقصد الثانی نتناول غطاء الاعتماد المستندی .
المقصد الأول
الضمان الذی تقدمه المستندات للمصرف
تمر حیازة البضاعة المرسلة من البائع المستفید من الاعتماد إلى المشتری العمیل الآمر بالمصرف المکلف بتنفیذ الاعتماد ، فهو یتلقى المستندات التی تمثلها من المستفید إذا کانت مطابقة لشروط الاعتماد ، ثم ینقلها إلى العمیل إذا ما قام هذا الاخیر بسداد کل ماعلیه لمصلحة المصرف والمتمثلة فی مبلغ الاعتماد الذی دفعه المصرف إلى المستفید مع الفوائد المترتبة علیه والمصاریف التی انفقها . وطبیعی أن لا یتخلى المصرف عن هذه المستندات إلا باسترداد جمیع حقوقه ، فإن لم تدفع الیه فهو ینظر إلى أن یکون له ضمان على البضاعة یخوله بالتنفیذ علیها واستیفاء حقه من ثمنها بالأولویة على الدائنین الآخرین ، مع بقائه دائنا بما لا یغطیه ثمن بیع البضاعة . ولا یکتفی المصرف بان تکون المستندات فی یده بحیث یتمکن من حبسها عن العمیل الآمر ، ومن ثم منعه من تسلم البضاعة فقط ، أی لا یکتفی المصرف بمجرد حق الحبس ، لأن هذا الحبس لا یمکنه من تسلم البضاعة من الناقل ولا التنفیذ علیها ولا الأولویة على ثمن بیعها عندما یتم هذا البیع ، بل ان المصرف یحرص على ان تکون له هذه السلطات کلها وذلک بحصوله على حق الرهن على البضاعة عن طریق المستندات التی تمثلها وإلا کان الضمان الناشیء من حیازتها فقط ، ضمانا ضعیفا. والسبیل إلى تحقق هذا الرهن یتطلب توافر شرطین جوهریین ، الأول : الاتفاق على الرهن بین المصرف والعمیل ، والثانی: حیازة المصرف مستندا یمثل حیازة البضاعة ویعطیه صفة الحائز الشرعی . ونتکلم عن کل منهما على انفراد .
الشرط الأول : الاتفاق على الرهن بین المصرف والعمیل .
فالغالب ان یتفق صراحة المصرف والعمیل فی عقد فتح الاعتماد المستندی على ان یکون للمصرف حق رهن على البضاعة المرسلة . کما قد یستنتج ذلک ضمناً من ظروف التعاقد أو مما جرت به العادة ، إلا ان مجرد حیازة المستندات لا یفید بذاته على وجـود الرهن .
ففی العراق اعتادت المصارف على ان تدرج فی عقد فتح الاعتماد المستندی ما یلی (ان المستندات التی سلمت لکم بموجب هذا الاعتماد والبضائع موضوعة البحث تکون مرهونة لدیکم لحین دفع المبالغ المستحقة لکم بموجبه وعند عجزنا عن تخلیص المستندات المذکورة عند وصولها فیحق لکم ان تقوموا بنقلها وتخزینها فی مستودعاتکم الخاصة أو أی مستودع عام أو خاص ببیع البضائع المذکورة حسب القوانین المرعیة باعتبارها مرهونة واستعمال الصافی لقاء تسدید أی مبلغ یستحق لکم بموجب هذا العقد ، کما وانکم مخولون بموجب هذا العقد باستیفاء الباقی من قیمة المستندات من أی حساب یعود لنا فی مصرفکم ). وبموجب هذا النص فی عقد فتح الاعتماد المستندی ، یستطیع المصرف ان یمارس حق الرهن على البضاعة المرسلة.
وفی فرنسا لا یرد شرط صریح بالرهن فی العقد وإنما یستفاد وجوده ضمنا من عدة قرائن ، اهمها ان یرد فی عقد الاعتماد ان سند الشحن الممثل للبضاعة یظهره المستفید لأمر المصرف ولیس لأمر العمیل مباشرة ، ویفهم من هذا ان هذا التظهیر هوعلى سبیل الرهن ولیس على سبیل التملیک أو التوکیل ، لأن تملک البضاعة لیس هو غایة المصرف من توسطه فی الاعتماد ، کما انه لیس من وظیفة المصرف ان ینوب عن عمیله فی استلام البضاعة . أما فی انجلترا فیرد الاتفاق على الرهن صریحاً فی عقد فتح الاعتماد المستندی على شکل بند یوضع فی النموذج الذی یقدمه المصرف إلى عمیله فی بدایة التعامل کی یوقعه ، کما هو علیه الحال هنا فی العراق .
الشرط الثانی : ان یتلقى المصرف سنداً یمثل البضاعة .
وهذا یعنی ان یحصل المصرف على سند یمثل حیازة البضاعة ویعطیه وصف الحائز الشرعی لها ، ویعد هذا الشرط ضروریا لنفاذ الرهن فی حق الغیر، ولکی یتمکن المصرف من ممارسة الحقوق التی یخولها له هذا الرهن فی مواجهة الجمیع . کما ان انتقال حیازة البضاعة بواسطة المستندات الممثلة لها إلى البنک فیه ضمان له ، إذ یحمیه من المخاطر التی من شانها ان تفقده حقه على البضاعة باعتباره دائنا مرتهنا إذا استمرت حیازة المدین الراهن للمستندات ، لان العمیل إذا کان فی یده المستندات الممثلة للبضاعة ، فإنه یتمکن بسهولة ان یتصرف بالبضاعة وأن یسلمها إلى شخص آخر حسن النیة یستطیع ان یتمسک فی مواجهة المصرف بقاعدة ( الحیازة فی المنقول سند الملکیة ) ، وبذلک یتعرض المصرف لضیاع حقه على البضاعة .
والمستند الذی یقوم بهذا الدور هو سند الشحن باعتباره السند الممثل للبضاعة المشحونة والذی یخول حامله من الحقوق ما یضمن له حقوقه على البضاعة ، ولذلک سیتم نقل حیازة البضاعة المشحونة إلى المصرف کدائن مرتهن عن طریق نقل سند الشحن الیه على سبیل الرهن .
المقصد الثانی
غطاء الاعتماد المستندی
رأینا فی المقصد السابق أن الضمان الذی تقدمه المستندات للمصرف قد لا یوفر له اقتضاء حقوقه کلها أو بعضها لانه ضمان مرتبط باسعار البضاعة وحالتها، وقد تهبط هذه الاسعار أو تتلف البضاعة أو تهلک لسبب لاتغطیه وثیقة التامین ، کذلک قد تکون قیمة البضاعة اقل بکثیر من قیمة الاعتماد التی دفعها المصرف ، فهو اصلا لا یتعامل بالبضاعة لیعرف قیمتها ولیس مکلفا بالتحری عن حالتها لیتبین له مطابقتها للأوصاف الواردة بشانها فی المستندات ، لذلک کثیرا ما یتحوط المصرف لنفسه من هذه الاخطار ویطلب من العمیل ان یقدم غطاءً للاعتماد لمواجهة مثل هذه الظروف. وغطاء الاعتماد المستندی له عدة انواع أبرزها :
أولا ً : الغطاء النقدی .
فی کثیر من الاحیان یکون غطاء الاعتماد المستندی هو مبلغ من النقود یقدمه العمیل إلى المصرف لضمان الدین الذی ینشأ من عقد الاعتماد لمصلحة المصرف ضد العمیل ، وقد لایقدم المبلغ إلى المصرف بل قد یکون فی حیازته من قبل ، کأن یکون للعمیل حساب جارٍ مع المصرف فاتح الاعتماد . فیتفق على ان یستخرج المصرف من رصید العمیل الدائن وقتئذ ویجمده على سبیل الضمان ، ولا یعود للعمیل ای حق علیه فلا یملک التصرف فیه اثناء صلاحیة الغطاء .
أما بخصوص کیفیة التنفیذ على الغطاء النقدی ، فإنه إذا قام المصرف بدفع قیمة الاعتماد إلى المستفید وامتنع العمیل عن ارجاع تلک القیمة إلى المصرف ، کان للمصرف ان ینفذ على المبلغ المرهون ولکن لا یتخذ الاجراءات القضائیة المقررة للتنفیذ على المال المرهون عموما لان المقاصة القانونیة تقع تلقائیا وبقوة القانون، وذلک بمجرد عدم وفاء العمیل بدینه لمصلحة المصرف ، فیتم المقاصة بین الغطاء النقدی وبین مبلغ الاعتماد الذی دفعه المصرف للمستفید فی الحدود الاقل منهما مقدارا لتوافر شروط المقاصة القانونیة فی الدینین ، فهما دینان متقابلان جنسا ووصفا وحلولا ، حیث ان کلاهما یتعلق بمبلغ من النقود معلوم المقدار ومستحق الاداء صالح للمطالبة به قضاءاً . وإذا بقی شیء من المبلغ المرهون بعد استیفاء الدائن المرتهن ( المصرف ) لحقه ، یجب على هذا الاخیر ان یرجعه إلى المدین الراهن ( العمیل الآمر ) .
ثانیاً : الغطاء العینی .
یتخذ الغطاء العینی الذی یقدمه العمیل کضمان للاعتماد المستندی صورا متعددة ، فقد یکون أوراقاً مالیة کالاسهم والسندات ، تقبلها المصارف کغطاء للاعتماد على اساس تقدیر قیمتها التسلیفیة ، ویتم ذلک عن طریق اتفاق یلتزم بمقتضاه العمیل بتسلیم تلک الأوراق إلى المصرف أو من ینوب عنه على ان یحوزها لحسابه ، ویخضع للقواعد العامة للرهن التجاری. فیکون من واجب المصرف المحافظة على الشیء المرهون ، وتطبیقاً لذلک یجب علیه ان یستعمل لحساب المدین جمیع الحقوق والاجراءات المتعلقة بالمرهون ، وذلک کتحصیل الارباح والفوائد المستحقة عن السند المرهون والتی تحل بعد الرهن ، وغیر ذلک من المبالغ الناتجة منه ، على ان یخصم ما یقبضه من الدین الموثق بالرهن ، أی الدین المستحق له فی ذمة العمیل .
کما یمکن ان یکون الغطاء العینی أوراقاً تجاریة یقوم برهنها العمیل لمصلحة المصرف، ویتم ذلک الرهن عن طریق تظهیر للورقة التجاریة على ان یذکر فیه ما یفید ان القیمة للضمان أو الرهـن أو التامین . وإذا کانت الورقة للحامل فیتم رهنها بالاتفاق وتسلیم الورقة للمرتهن ، لانها تعد عندئذ کالمنقول المادی .
ویقوم العمیل برهن الورقة التجاریة فی الحالات التی یقدر فیها ان خصم الورقة لن یحقق له ذات النفع الذی سیحصل علیه من رهنها ، وذلک مثلا عندما یکون فی حاجة إلى مبلغ بسیط لقیمة الورقة ولمدة اقل بکثیر من اجلها فیفضل الاحتفاظ بملکیتها ورهنها على الا یتحمل تکالیف الخصم .
وقد یکون الغطاء المقدم للمصرف بضائع یملکها العمیل أو أی منقول مادی آخر، یتم رهنها عن طریق نقلها إلى حیازة المصرف وذلک بوضعها فی مخازنه أو ابقائها فی مخازن یملکها العمیل الراهن مع وضع لافتة على المخزن باسم المصرف لاعلام الغیر بسیطرة المصرف على هذه المخازن وما فیها ، ولا یتحقق هذا الهدف بکیفیة أو بطریقة واحدة ، ولکن المهم فی الامر ان تکون علانیة تستبعد وقوع الغیر فی غلط حول صاحب السلطة على المخازن ، وإذا لم یتوافر مخزن لدى المصرف أو العمیل یمکن الاحتفاظ بالبضاعة فی مخزن عام ، على ان تحرر سندات ایداعها لمصلحة المصرف وتسلم الیه بحیث یصبح هو حائزها القانونی وصاحب الحق فی تسلمها .
وقد یکون الغطاء العینی الذی یقدمه العمیل کضمان للمصرف هوعقار ، کالاراضی والابنیة ودورالسکن والعمارات واراضی المعامل وابنیتها وغیرها من الاموال العقاریة القابلة للرهن ، وفی هذه الحالة أی عندما یکون الغطاء المقدم هو عقار ، یتعین على المصرف ان یقوم بارسال ( لجنة کشف ) إلى موقع تلک العقارات لغرض تقدیر قیمتها السوقیة ( قیمة الارض وقیمة البناء أو الاثنین معاً ) بعد دراسة موقعها واسعار العقارات المجاورة ودرجة صیانتها وتخصصها وغیر ذلک من خواص ، کما تراجع اللجنة المستندات الثبوتیة لملکیة العقار، فإذا ما أوصت اللجنة بصلاحیة العقار للتوثیق ، یشرع العمیل بعملیة رهنها لدى دائرة التسجیل العقاری لمصلحة المصرف .
ویلاحظ على رهن العقارات کغطاء للاعتماد المستندی أن المصارف فی کثیر من الاحیان لا یقبلها ویفضل الضمانات الاخرى علیه وذلک بسبب الاجراءات العقاریة المعقدة وصعوبات التنفیذ بمقتضاه ، وتجافیها مع مقتضیات السرعة التی تقوم علیها المعاملات التجاریة .
ثالثا : تغطیة الاعتماد المستندی بکفالة شخصیة .
تعد التأمینات الشخصیة أحد النظم التی تلجأ الیها المصارف لضمان حقوقها فی مواجهة عملائها وذلک من خلال صورتها النموذجیة المعروفة باسم (الکفالة الشخصیة) حیث یستحصل المصرف على کفالة شخص یضمن وفاء التزام العمیل إذا لم یفِ به هذا الاخیر بنفسه ، وقد عرف القانون المدنی العراقی الکفالة بانه (ضم ذمة إلى ذمة فی المطالبة بتنفیذ الالتزام) . وهکذا یصبح دین العمیل فی مواجهة المصرف مضمونا بالذمة المالیة للکفیل ، طبقا لاحکام عقد الکفالة ، ومن اهم احکام هذا العقد المناسبة لمصلحة المصرف ، هی انه من الممکن ابرام الکفالة قبل ان یصبح العمیل مدینا للمصرف أی قبل تنفیذ الاعتماد وذلک باعطاء المصرف مبلغ الاعتماد إلى المستفید ویأخذ منه المستندات المطلوبة ثم یطالب العمیل بالسداد ، لانه من الممکن ألا ینفذ الاعتماد ولا یقدم المستفید المستندات المطلوبة . وبما ان القانون یجیز ان تکون الکفالة منجزة أو معلقة على شرط أو مضافة إلى زمن مستقبل ، یمکن ان یتفق الاطراف على جعل عقد الکفالة معلقا على شرط تنفیذ الاعتماد .
وان المصرف عندما یقبل تغطیة الاعتماد المستندی بکفالة الغیر للعمیل طالب الاعتماد ، فإنه یفترض فی هذا الکفیل ان یکون موسراً وصاحب مرکز مالی مستقر، ولذا یجب القیام باجراء التحریات اللازمة من قبل ادارة الاستعلامات فی المصرف عن الکفیل ایضاً حتى یتأکد المصرف من ملاءة وقوة مرکزه المالی . وفی هذا الخصوص نرى أن من الضروری ان یکون هناک نص قانونی یلزم العمیل بتقدیم کفیل موسر ومن الافضل ان یکون هذا الکفیل مقیماً فی العراق ، وذلک کما فعل المشرع المصری حیث نص على انه ( إذا التزم المدین بتقدیم کفیل وجب ان یقدم شخصاً موسراً ومقیما فی مصر) . فیتبین لنا من خلال هذا النص أن المشرع المصری عند اشتراطه على المدین تقدیم کفیل موسر وان یکون مقیما فی مصر ، قد أصاب صحیح موضوع الکفالة وخاصة الکفالات التی تقدم للمصارف ، لان اساس مبدأ الکفالة هو ضمان الدائن فی استرداد امواله والدائن فی حالتنا هو المصرف ، فلو افترضنا ان المصرف الذی منح الاعتماد وطلب من العمیل تقدیم کفالة هو مصرف عراقی ولم یکن للکفیل محل اقامة ثابت فی العراق، ففی هذه الحالة قد یصعب التنفیذ على امواله واسترداد المدیونیة منه ، لذلک نرى أن من الافضل ان تأخذ المصارف العراقیة بهذا الشرط ایضا وان ینص علیه المشرع العراقی .
واخیرا نقول ولو ان الکفالة الشخصیة تعد ضمانة جیدة للمصرف مانح الاعتماد، الا انها لا ترفع عن المصرف کل خطر ، لان المصرف یبقى مهددا بافلاس العمیل والکفیل معاً ، ومن ثم یصعب على المصرف الحصول على کامل حقه ، حیث ان کثیراً من رجال الاعمال قد اعتادوا على کفالة بعضهم بعضا ، وذلک مما یؤدی إلى حدوث ازمة متفاقمة فیما لو تدهورت احوال احدهم أو مجموعة منهم فی نفس الوقت ، نتیجة تعرض النشاط الذی یمارسونه لهزة اقتصادیة جماعیة ، ولهذا یجب على المصارف ان تحاول قدر الامکان ان لا یکون العمیل والکفیل ممارسین لنفس النشاط.
الخاتمة
اثر وصولنا إلى ختام بحثنا فی موضوع مخاطر الاعتماد المستندی ووسائل الحد منها، یجدر بنا أن نخرج بجملة من الاستنتاجات والتوصیات :
أولاً :- الاستنتاجات .
1- لیس هناک اعتماد مستندی خال کلیاً من المخاطر بالنسبة للمصرف مهما قدم العمیل من الضمانات ، وحتى لو توخى المصرف الدقة فی جمیع قواعد منح الائتمان فقد یستجد من الظروف ماهو خارج عن ارادة کل من المصرف والعمیل ویؤدی إلى خلق المخاطر .
2- على الرغم من ان القانون قد سوى بین حیازة مستندات الشحن وبین الحیازة المادیة للبضاعة ، إلا أنه من الناحیة العملیة أن حیازة مستندات الشحن أضعف أو أقل مرتبة بکثیر من حیث الضمانات التی تقدمها للمصرف من حیازة البضاعة ذاتها ، کما فی حالة عدم مطابقة البضاعة المشحونة للبیانات المدرجة فی سند الشحن من حیث النوعیة أو الکمیة ، أو فی حالة عدم شحن البضاعة أصلا ً أو سرقتها أو هلاکها فی الطریق .
3- ان سند الشحن الاسمی عادة یکون غیر مرغوب لدى المصارف کمستند نقل فی تنفیذ الاعتماد ، وذلک لعدم قابلیته للتداول بالطرق التجاریة ، ولکن الوضع یختلف فی حالة صدور سند الشحن ابتداء باسم المصرف ، لانه عندئذ یعتبر اداة صالحة لتمکین المصرف من حیازة البضاعة وتسلمها من الناقل عند الوصول متى ثبت انه الشخص المعین فی السند بصرف النظرعن حیازته للسند ذاته .
4- ان المصارف عادة ًلاترغب بقیام العمیل بتقدیم العقارات کغطاء للاعتماد المستندی وانما تفضل الضمانات الاخرى علیها ، وذلک بسبب الاجراءات العقاریة المعقدة وصعوبات التنفیذ بمقتضاها ، وتجافیها مع مقتضیات السرعة التی تقوم علیها المعاملات التجاریة .
5- ان الکفالة الشخصیة ولو انها تعتبر ضمانة جیدة للمصرف مانح الاعتماد وتعتمد علیها المصارف کثیراً کغطاء للاعتماد المستندی ، الا انها لا ترفع عن المصرف مانح الاعتماد کل خطر ، لان المصرف یبقى مهددا بافلاس العمیل والکفیل معاً ، ومن ثم یصعب علیه الحصول على حقه کاملاً .
ثانیاً :- التوصیات .
1- من الافضل للمصرف عند فحصه لسند الشحن أن یتأکد من أن جمیع نسخ سند الشحن مع اصولها قد قدمت بالفعل إذا کان صادراً من عدة نسخ ، فلا یکفی أن تقدم بعض النسخ مع ضمان أو تعهد المستفید بتقدیم الباقی ، وذلک لکی لایتمکن المستفید أو العمیل إذا حصل على إحدى هذه النسخ من إعادة بیع البضاعة إلى شخص آخر حسن النیة ، ومن ثم ضیاع حق المصرف علیها .
2- من اجل تمکین المصارف فی اتخاذ القرارات السلیمة والتسهیل علیها فی التعامل مع طلبات فتح الاعتماد ومساعدتها فی التعرف على جمیع التعاملات السابقة للعمیل طالب الاعتماد مع المصارف الاخرى ، من الضروری الاخذ بنظام مرکزیة المخاطر ، وذلک من خلال انشاء قسم خاص داخل البنک المرکزی العراقی تکون مهمته تجمیع المعلومات المتعلقة بمخاطر الائتمان ، ومن ثم تزوید المصارف الاخرى بهذه المعلومات التی تجمعت لدیه وذلک اسوة بما هوعلیه الحال فی البنک المرکزی المصری والاردنی .
3- یتعین على المصارف المانحة للاعتمادات العمل وبشکل جدی على رفع مستوى الموظفین الذین یقومون بشؤون الاعتماد والاستعلام عن العملاء ، وذلک من خلال اخضاعهم للعدید من الدورات التدریبة فی مختلف المواضیع المصرفیة سواء داخل المصارف أو خارجها وفی داخل البلد أو خارجه ، لتزویدهم بالعلوم المصرفیة الحدیثة وتطبیقاتها القانونیة . لکی یاتی قرارهم فی شأن الموافقة على طلب الاعتماد أو رفضه سلیماً ، لان قلة خبرة وثقافة هولاء الموظفین وعدم تدریبهم وتوجیههم التوجیه الصحیح یسبب الکثیر من المشاکل والمخاطر للمصارف المانحة للاعتماد .
4- ان المصرف عندما یقبل تغطیة الاعتماد المستندی بکفالة الغیر للعمیل طالب الاعتماد ، فإنه یفترض فی هذا الکفیل ان یکون موسراً وصاحب مرکز مالی مستقر، وبالإمکان التنفیذ على امواله إذا لم یفِ به العمیل بنفسه ، ولذا یجب على العمیل ان یقدم کفیلا ً موسرا ً قادراً على الدفع . ومن الافضل ان یکون هناک نص قانونی یلزم العمیل بتقدیم کفیل موسر ، ومن المستحسن ان یکون هذا الکفیل مقیما فی العراق لیتمکن المصرف من التنفیذ على امواله ، وذلک اسوة بما فعل المشرع المصری فی هذا المجال .
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
I. Books:
1. Ibrahim Al-Mashahdi, Mukhtar of the Court of Cassation, Department of Civil Law and Private Law, Part II, Al-Zaman Press, Baghdad, 1999.
2. Ibrahim Mamdouh Zaki, Legal Aspects of Banking Finance Contracts, Cairo, 1998.
3. Dr. Ahmed Ziadat and Ibrahim Al - Amoush, Al - Wajiz in Jordanian Commercial Legislation, Amman, 1996.
4. Dr. Ahmed Safar, Banks and Money Laundering - Arab and Foreign Experiences, Union of Arab Banks, Beirut, 2001.
5. Ahmed Ghoneim, Maritime Bills of Credit within the Documentary, Banking, Legal and Practical Credits, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2003.
6. Ahmed Ghoneim, Documentary Credit and Documentary Collection, An Analytical, Theory and Practical Study of Documentary Credit and Documentary Collection, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2003.
7. Dr. Ahmed Nabil Nimri, Principles in Banking Sciences, Applied and Practical Study, Second Edition, Amman, 1998.
8. Islam Abdul-Jawad et al., Introduction to Finance Science, An-Najah National University, Nablus, 2001.
9. Mr. Ibrahim Turki, Role of Export Credit Guarantee in the Face of Credit Risk in International Trade Contracts, Second Edition, Arab Renaissance House, Cairo, 2003.
10. Dr. Ayman Al-Shanti and Amer Shaker, Principles of Commercial Law, First Edition, Dar Al-Baytah, Amman, 2005.
11. Husni Khalil Mohammed, Credit Management Department with emphasis on credit in Arab banks, Union of Arab Banks, Beirut, no year printed.
12. Hassan Al-Najafi, New Applications for Documentary Credits, Local Administration Press, Baghdad, 1976.
13. Dr. Hosny Al Masri, Banking Operations in Commercial Law, First Edition, Dar Al Kutub for Printing, Publishing and Distribution, Al Sharq, 1994.
14.D. Hamza Mahmoud Al-Zubaidi, Credit and Credit Analysis Department, First Edition, Al-Warraq Publishing and Distribution, Amman, 2002.
15. Khalid Ibrahim Al-Talahmeh, Financial and Banking Legislation, from both the theoretical and practical aspects, First Edition, Dar Al-Israa Publishing and Distribution, Amman, 2004.
16. Dr. Khalil Mohammed Hassan Al-Shamma, Banking Management, with Applied Studies in Iraqi Banking and Comparative Studies, Third Edition, Baghdad University Press, Baghdad, 1979.
17. Rashad Al-Assar and Hisham Shaheen, Banking and Financial Legislation, First Edition, Dar Al-Baraka Publishing and Distribution, Amman, 2001.
18. Salem Al-Qudah et al., Principles of Commercial Law, First Edition, Dar Al-Safa Publishing and Distribution, Amman, 2000.
19. Sarhan Mohammed Sarhan, Documentary Credits in Light of International Standard Rules and Customs, First Edition, Dar Al-Jaleel Al Arabi, Amman, 2006.
20. Saadi Abdulkarim Al-Barzanji, Lectures in Commercial Law for Third-Year Students, Business Administration, Faculty of Management, Sulaymaniyah University, 1979.
21. Samir Al-Khatib, Risk Measurement and Management in Banks: A Scientific Approach and Practical Application, Alexandria, 2005.
22. Abbas Al-Halabi, Doubtful Debts, Union of Arab Banks, Beirut, 1986.
23. Dr. Abdul Hakim Fouda, Finance and Commercial Contracts, University Thought House, Royal Press, Alexandria, 1988.
24. Dr. Abdul Razzaq Ahmed Al-Sanhouri, Al-Waseet in explaining the new civil law, the theory of commitment in general, sources of commitment, publishing house of the Egyptian universities, Cairo, 1952.
25. Dr. Abdulmutallab Abdulhameed, Comprehensive Banks Operations and Management, Dar Al-Jamaa'iya, Alexandria, 2000.
26. Dr. Abdel Moneim Husni, Banking Contracts, Holding and Conditions of their Health, Without Place to Print, 1989.
27. Dr. Azzedine Aldnasouri and Dr. Abdul Hamid Al-Shawaribi, Civil Liability in the Light of Jurisprudence and Judiciary, Modern Cairo, Cairo, 1988.
28. Dr. Aziz al-Ukaili, The Role of Charges of Shipping in the Implementation of the Contract of Sale Kaf or Saif, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1971, p 235.
29. Dr. Ali Ibrahim, how to examine the documents in the documentary credit and the stages of the examination process in accordance with the provisions of the Egyptian Trade Law No. (17) of 1999 and the International Standard Rules and Customs of 1993, Dar Al-Nahda Al Arabiya, Cairo, 2005.
30. Dr. Ali Baroudi, Commercial Law, Al Halabi Publications, Beirut, 2001.
31. Dr. Ali Jamal Aldin Awad, Banking Operations in the Legal Direction of the New Trade Law and the Legislation of the Arab Countries, Third Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2000.
32. Prof. Emad Al-Sherbini, New Commercial Law No. 17 of 1999, Banking, Commercial Papers and Bankruptcy, Legal Books House, Cairo, 2002.
33. Prof. Fayek Mahmood Al-Shamma, Banking Account, Legal Study, International International Publishers and Publishers, Dar Al-Kharafeya Publishing and Distribution, Amman, 2003.
34. Dr. Fawzi Atwi et al., Modern Methods of Deceiving Employees in Banks, Union of Arab Banks, Beirut, 1993.
35. Dr. Kamel Al Wadi, Documentary Credits, Letters of Guarantee and the Laws Governing Them, First Edition, Part II, Beirut, 2001.
36. Mohamed Taha Al-Bashir, Al-Waqiz in Law, Comparative Analytical Study, Third Edition, Revised and Further, Freedom House for Printing, Baghdad, 1974.
37. Dr. Mahmoud Mokhtar Ahmed Barbari, the discretionary responsibility of the bank when opening the doors of appropriations, Arab Thought House, Cairo, 1986
38. Dr. Mohieddin Ismail Alamuddin, Encyclopedia of Banking Business, Part II, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 2001.
39. Mufid Nayef Turki Al-Rashed Al-Dulaimi, Money Laundering in Criminal Law - Comparative Study, First Edition, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, Amman, 2006.
40. Munir Mohammed Al-Janabihi and Mamdouh Mohammed Al-Janabihi, Banking Operations, University Thought House, Alexandria, 2000.
41. Nabil Abdul Aziz Farid Al-Hamlawi, Credit Risk from Theory and Practice, Lectures of the Institute of Banking Studies, Lecture Series, Third Year, Cairo, 1977.
42. Dr. Najwa Mohammed Kamal Abu Al-Khair, The Bank and the Contradictory Interests in Documentary Credit, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1993
43. Prof. The grace of God Najib and d. Mahmoud Younis and Dr. Abdel-Naim Mubarak, Economics of Money, Banking and Monetary Policy, University House, Alexandria, 2001.
Research and articles:
1. Dr. Mr. Mohammed Al Yamani, The Bank's Responsibility to Others for Wrongness in Account Opening and Operation, Research published in the Journal of Legal Studies, No. 9, Assiut University Press, 1987.
2. Hassib Kadhim Joweed, Evaluation of Methods of Credit Granting and Supervision, a research presented to the Board of the College of Management and Economics, University of Baghdad, as part of the requirements for obtaining a higher diploma degree in auditing the accounts, 1976.
3. Khalid Burhan Al-Dajani, Saba and Tosh Ross, Customer Assessment and Risks Related to Their Performance, Research published in the Journal of Arab Banks, Specialized Monthly Magazine, Vol. X, No. 118, 1990, October 1990.
4. Salah Sajid Al-Janabi, Bank Credit, Research presented to the Board of the College of Management and Economics, University of Baghdad as part of the requirements for obtaining the degree of Higher Diploma in Banking, 1997-1998.
5. Dr. Mohammed Abdul Hamid, The Doubtful Debts Still Impeding Arab Banks' Progress, Research published in the Journal of Banks, Journal of Finance and Economics in the Middle East, 33rd Year, Issue 322, 1997.
6. Muntaha Ahmed Saeed Al-Bazaz, The Foundations of Investment Decisions in Commercial Banks, Research Presented to the Board of the College of Management and Economics, University of Baghdad for the Degree of Higher Diploma in Banking Administration, 1986.
7. Nusseibeh Ibrahim Hamo, Hypocrisy in Sharia and Law: Comparative Research, published in the Journal of Legal and Political Sciences, issued by the Faculty of Law and Politics, University of Baghdad, Vol. IV, Volumes I and II, 1985.
8.D. Hamam Radha Al-Shamma, Bank Credit in the State, Reality and Requirements, Research published in Al-Rasheed Bank, No. 5, Second Year, 2002.
III.
1. Jadai and Hattan Al-Jarwi Al-Qahtani, The Use of Documentary Credits in Money Laundering, Master Thesis, Faculty of Law, Cairo University, 2005.
2. Hamza Faik and Heib Al-Zubaidi, Deposit of Money, Study in Iraqi Law, Master's Thesis, Faculty of Law, University of Baghdad, 1984.
3. Shehata Soliman, Credit Risk in Commercial Banks, PhD, Faculty of Law, Cairo University, 1989.
4. Abbas Issa Hilal, Responsibility of Banks in Credit Contracts, PhD thesis, Faculty of Law, Cairo University, 1993.
5. Firas Yawaz Abdul Qadir Auji, the crime of violating the duties of banking supervision comparative study, doctoral thesis, Faculty of Law, University of Baghdad, 2002.
6. Marai Hassan Hamad Beni Khalid, The Role of Credit Analysis in Reducing Bank Loan Impairment, Field Study of Foreign Banks in Jordan, PhD Thesis, Faculty of Management and Economics, University of Mosul, 2003.
7. Muayed Hasan Mohammed Tawalbeh, Account of Checks, PhD thesis, Faculty of Law, University of Baghdad, 2000.
IV. LAWS:
1. The Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.
2. The Central Bank of Iraq Law No. 64 of 1976 amending.
3. Iraqi Trade Law No. 30 of 1984.
4. The Iraqi Banks Law of 2004.
5. The Egyptian Civil Code No. 131 of 1948.
6. Egyptian Banking Law No. 88 of 2003.
7. The Jordanian Banking Law No. 24 of 1971 as amended.
8. Jordanian Civil Law No. (43) for the year 1976.
V. Instructions, reports and bulletins:
Instructions of Rafidain Bank No. (2595) for the year 1991.
2. Instructions of the Rasheed Bank No. (93) for the year 1993.
3. The Iraqi Trade Bank, Annual Report 2005.
4. Decision of the Central Bank of Lebanon Decision No. (5913) for the year 1995.
5. Circular No. (267) for the year 1994 issued by the Central Bank of Jordan.
6. The Central Bank of Jordan, Thirty-fifth Annual Report, 1999.
7. International Standard Rules and Customs for Documentary Credits issued by the International Chamber of Commerce, Bulletin No. (600) for the year 2007.
8. The French decree issued on 30/10/1975.
VI. Electronic resources:
1. Commercial Bank of Syria, documentary credits, research published on the Internet at the following location:
http://www.cbs-bank.com> last visited 24 9 2006
2. Riyad Bank, Letter of Credit Letters, article published on the Internet at the following website:
http://www.riyadbank.com> last visited 28 8 2006.
3. Sharafawi Idir, Loan Guarantees, article published on the Internet at the following location:
http://www.elkhabar.com> last visited 27 9 2006.
4. Abdul Hamid Abu Musa, Treatment of Troubled Debt, article published on the Internet at the following site:
http: // www. lk .ahram. org. > last visited 22/2/2003
5. Arabization Institute for Distance Learning, Documentary Credit and its role in the financing of foreign trade, an article published on the Internet at:
http://www.arabtranslators.net> last visited 21 7 2006
References (English)
Foreign sources:
1. Ch.Gavalda et j.stoufflet, droit bancaire institution _ comptes _operation_ services, litec, troisieme edition, paris, 1997.
2. H. C.Gutteridge and Maurice Megrah, The law of bankers commercial credit, Sixth edition, Europa publications limited, London, 1979.
3-Fabia et P. Safa, Code de commerce Annote, Universite saint Joseph, Tome I, 1965
4. Dr.Kameran AL-Salihi, commercial papers and banking transaction in the Bahrain Law of Commerce, Bahrain University, 2003.
5. Klaus peter follaks, Inter national Harmonisation of Bankin Supervision and Regulation, Inter national trade and business, Great Britain, 1997.
6. J. Deveze, A. Couret et G. Hirigoyen, Lamy Droit du Financement, Lamy, S.A, paris, 1999.
7. J.Milnes Holden, The Law and Practice of Banking, pitman 150 years, 1979.
8-J.Stoufflet, credit documentaire, Banque, ed 11, paris, 1976.
9. Robert L.Jordan, William D.Warren and Steven D.Walt, Commercial law, fifth edition, foundation press, New York, 2000.