المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض
الرافدین للحقوق,
2010, السنة 15, العدد 43, الصفحة 237-282
10.33899/alaw.2010.160613
الملخص
لاشک ان الاجهاض ظاهرة اجتماعیة بالغة الخطورة والتعقید تتداخل بشأن اسبابها عوامل اجتماعیة واقتصادیة واخرى قانونیة واخلاقیة وطبیة ، فضلا عن آثارها السلبیة على الفرد والمجتمع على حد سواء کما تصارعت بشأن تجریم الاجهاض واباحته والحالات التی تجوز فیها ممارسته قدیما وحدیثا قیم وعقائد شرعیة واخلاقیة ، واخرى فکریة وفلسفیة ، ومهما تضاربت الآراء بشأن هذا الموضوع ، فان الاجهاض یؤلف خطورة على المجتمعات الانسانیة واخلاقیاتها ، الأمر الذی أدى الى أن تتناوله أقلام المفکرین والأطباء ورجال الدین کموضوع حیوی وهام ، ولما کان للمسألة خطورتها فقد حق للرجال القانون البحث فی هذا موضوع ، لذا فقد حفلت التشریعات القدیمة فی وادی الرافدین ممثلة بقانون حمورابی الشهیر الذی اولى عنایة فائقة بالمرأة الحامل وعاقب کل من سبب بفعله اجهاضها ، وکانت العقوبات مختلفة حسب المنزلة الاجتماعیة للمرأة ، کما ینص على وجوب قتل من یسبب الاسقاط اذا ادى الاسقاط الى وفاتها( ) اما اللوح الاول من القانون الاشوری فقد عاقب کل امرأة ترید اجهاض نفسها او من ساعدها على الاجهاض( ) ولقد نص فی التوراة على أن الجنین لا یتکون إلا فی الیوم الحادی والأربعین من حصول التلقیح إذا کان ذکراً وفی الیوم الحادی والثمانین إذا کانت أنثى ، وکانت عقوبة الأجهاض لدى العبرانیین شدیدة ، فیقضى بغرامة تحکمیة یقررها الزوج أو المحکمون ، فإذا أدى الأمر الى الوفاة کانت العقوبة الأعدامالمصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض -(*)-
The protective interest in the crime of abortion
محمد عباس حمودی الزبیدی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Mohammad Abbas Hamodi AlZobaidy College of law / University of Mosul Correspondence: Mohammad Abbas Hamodi AlZobaidy E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 31/5/2009 *** قبل للنشر فی 23/12/2009.
(*) Received on 31/5/2009 *** accepted for publishing on 23/12/2009 .
Doi: 10.33899/alaw.2010.160613
© Authors, 2010, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
لاشک ان الاجهاض ظاهرة اجتماعیة بالغة الخطورة والتعقید تتداخل بشأن اسبابها عوامل اجتماعیة واقتصادیة واخرى قانونیة واخلاقیة وطبیة ، فضلا عن آثارها السلبیة على الفرد والمجتمع على حد سواء کما تصارعت بشأن تجریم الاجهاض واباحته والحالات التی تجوز فیها ممارسته قدیما وحدیثا قیم وعقائد شرعیة واخلاقیة ، واخرى فکریة وفلسفیة ، ومهما تضاربت الآراء بشأن هذا الموضوع ، فان الاجهاض یؤلف خطورة على المجتمعات الانسانیة واخلاقیاتها ، الأمر الذی أدى الى أن تتناوله أقلام المفکرین والأطباء ورجال الدین کموضوع حیوی وهام ، ولما کان للمسألة خطورتها فقد حق للرجال القانون البحث فی هذا موضوع ، لذا فقد حفلت التشریعات القدیمة فی وادی الرافدین ممثلة بقانون حمورابی الشهیر الذی اولى عنایة فائقة بالمرأة الحامل وعاقب کل من سبب بفعله اجهاضها ، وکانت العقوبات مختلفة حسب المنزلة الاجتماعیة للمرأة ، کما ینص على وجوب قتل من یسبب الاسقاط اذا ادى الاسقاط الى وفاتها( ) اما اللوح الاول من القانون الاشوری فقد عاقب کل امرأة ترید اجهاض نفسها او من ساعدها على الاجهاض( ) ولقد نص فی التوراة على أن الجنین لا یتکون إلا فی الیوم الحادی والأربعین من حصول التلقیح إذا کان ذکراً وفی الیوم الحادی والثمانین إذا کانت أنثى ، وکانت عقوبة الأجهاض لدى العبرانیین شدیدة ، فیقضى بغرامة تحکمیة یقررها الزوج أو المحکمون ، فإذا أدى الأمر الى الوفاة کانت العقوبة الأعدام
الکلمات الرئیسة: جریمة الاجهاض التشریعات القدیمة
الموضوعات: القانون الجنائی
Abstract
There is no doubt that abortions are a very serious and complex social phenomenon, with social, economic, legal, moral and medical factors, as well as their negative effects on both the individual and the society. The criminalization of abortion and its permissibility and the cases in which it is permissible to exercise it in the past and present are the values and beliefs of the legal and moral, and other intellectual and philosophical, and no matter how conflicting views on this subject, abortion constitutes a danger to human societies and ethics, which led to the writing of thinkers, doctors and clerics as a vital and important issue, because of the seriousness of the matter. It is the right of law's men to research this subject, so the old legislation in Mesopotamia was represented by the famous Hammurabi law, which paid great attention to pregnant women and punished every reason for aborting them. The penalties were different according to the social status of women, and it states that the person who causes the projection should be killed if the projection leads to her death. As for the first board of Assyrian law punishes every woman who wants to abort herself or who help her to abortion. The Torah states that the fetus is not formed until the 41st day of inoculation if it is male and on the 81st day if it is female. The Hebrews are severely punished by a fine determined by the husband or the arbitrators. If the matter leads to death, the penalty is the death
Keywords: The crime of abortion ancient legislation
Main Subjects: Criminal Law
المقدمة :
لاشک ان الاجهاض ظاهرة اجتماعیة بالغة الخطورة والتعقید تتداخل بشأن اسبابها عوامل اجتماعیة واقتصادیة واخرى قانونیة واخلاقیة وطبیة ، فضلا عن آثارها السلبیة على الفرد والمجتمع على حد سواء کما تصارعت بشأن تجریم الاجهاض واباحته والحالات التی تجوز فیها ممارسته قدیما وحدیثا قیم وعقائد شرعیة واخلاقیة ، واخرى فکریة وفلسفیة ، ومهما تضاربت الآراء بشأن هذا الموضوع ، فان الاجهاض یؤلف خطورة على المجتمعات الانسانیة واخلاقیاتها ، الأمر الذی أدى الى أن تتناوله أقلام المفکرین والأطباء ورجال الدین کموضوع حیوی وهام ، ولما کان للمسألة خطورتها فقد حق للرجال القانون البحث فی هذا موضوع ، لذا فقد حفلت التشریعات القدیمة فی وادی الرافدین ممثلة بقانون حمورابی الشهیر الذی اولى عنایة فائقة بالمرأة الحامل وعاقب کل من سبب بفعله اجهاضها ، وکانت العقوبات مختلفة حسب المنزلة الاجتماعیة للمرأة ، کما ینص على وجوب قتل من یسبب الاسقاط اذا ادى الاسقاط الى وفاتها اما اللوح الاول من القانون الاشوری فقد عاقب کل امرأة ترید اجهاض نفسها او من ساعدها على الاجهاض ولقد نص فی التوراة على أن الجنین لا یتکون إلا فی الیوم الحادی والأربعین من حصول التلقیح إذا کان ذکراً وفی الیوم الحادی والثمانین إذا کانت أنثى ، وکانت عقوبة الأجهاض لدى العبرانیین شدیدة ، فیقضى بغرامة تحکمیة یقررها الزوج أو المحکمون ، فإذا أدى الأمر الى الوفاة کانت العقوبة الأعدام.
ولما جاءت المسیحیة ساعدت بتعالیمها على الحد من اجراء الاجهاض فی القرون الاولى ، أذا ذهب البروفسور (جون فورد) أستاذ اللاهوت بجامعة واشنطن الکاثولیکیة الى أن أستخدام الوسائل الصناعیة لمنع الحمل أعتداء على القانون الطبیعی.
وان ماجاء فی قسم ابقراط الطبی المشهور الذی یؤدیه الاطباء منذ اکثر من الفی عام ((وان لا اسقی امرأة دواء یسبب الاجهاض ، او لبوسا یقتل جنینها)) یدلل على مدى حرص المشرع آنذاک على حمایة مصلحة الجنین فی حیاته المستقبلیة والولادة الطبیعیة ، بحیث الزم الجهات الطبیة بالامتناع عن ذلک . اما المجتمع العربی الجاهلی فقد کان متوغلا فیما هو اشد من الاجهاض ، اذ کان الانسان الجاهلی یقوم بوأد ابنته او ابنه بعد ان یرى النور خوفا من شبح الفقر او غیرة على العرض.
ولما جاء الاسلام حرم علیهم قتل النفس الا بالحق وحرم الاجهاض لانه یعد قتلا لنفس بریئة. اذ اتفقت جمیع الفرق والمذاهب الاسلامیة على منع الاجهاض منعا باتا ولو کان الجنین مشوها تشویها شدیدا بعد نفخ الروح (أی بعد120 یوما من التلقیح) الا اذا کان استمرار الحمل سیؤدی الى قتل الام الحامل، ثم یختلف الفقهاء بعد ذلک فمنهم من لایسمح بالاجهاض مطلقا ، الا اذا کان الحمل سیؤدی الى وفاة الحامل ، ومنهم من یسمح به فی حدود الاربعین یوما عند وجود مرض ومنهم من یسمح بالاجهاض مادام قبل 120یوما عند وجود سبب قوی لذلک ، وان لم یبلغ حد الخطر على حیاة الام.
اما التشریعات الجنائیة الحدیثة فقد تفاوتت مواقفها کثیرا بشأن تجریم الاجهاض او اباحته ، فهناک دول تجرم الاجهاض سواء تم برضا الام الحامل ام بدون رضاها وسواء کان الحمل ناجما عن علاقة شرعیة ام زنا واغتصاب او ایة علاقة غیر مشروعة ، کما تباینت بشأن تجریم الشروع فی هذه الجریمة والظروف القضائیة المخففة والمشددة . فیما اباحت بعض دول العالم مؤخرا الاجهاض ، مثل الولایات المتحدة الامریکیة (حسب قانون کل ولایة) وبریطانیا وفرنسا وکندا ودول اخرى واشترطت بعض الدول موافقة طبیبین على ضرورة الاجهاض ، غیر ان الامر قد اضحى مرعبا ومخیفا اذا علمنا ان احصائیات منظمة الصحة العالمیة تشیر الى ان عدد حالات الاجهاض المفتعل التی تجری سنویا على مستوى العالم قد قدرت بین (36-53) ملیون حالة اجهاض ، وان (32-46) حالة اجهاض تجری لکل الف سیدة فی سن الانجاب سنویا کما یقدر عدد الاجنة المجهضة سنویا ، بما فیها حالات الاجهاض التی تجری فی السر بمئة ملیون سقط فی العالم ، ناهیک عن ان الالاف من النساء یلاقین حتفهن سنویا بسبب مخاطر ومضاعفات الاجهاض الامر الذی یکشف لنا بوضوح عن التحدی الجدی لهذه الجریمة وعدم دقة المشرع احیانا فی تحدید المصلحة محل الحمایة فی تجریم الاجهاض فی الصور المختلفة لهذه الجریمة ، وان ما سنقف عنده فی مفاصل هذا الموضوع سیمیط لنا اللثام عن اهمیة هذا البحث ، لاننا وجدنا انه من الضرورة بمکان ان یراجع المشرع سیاسته فی التجریم کلما تغیرت اوجه الحیاة والمظاهر والمصالح السائدة فی المجتمع ، بوصف تلک السیاسة تمثل شکلا من اشکال الوعی الاجتماعی(1) ، لذا فان الوقوف على المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض یعد من المسائل الحیویة للبحث فیها ، وذلک لتغییر المصالح بتغیر الاسباب وهو ما عبر عنه العلامة الالمانی ایهرنک بالقول (ان تاریخ العقاب الغاء مستمر)(2) .
اشکالیة البحث :
وتتمثل بان السیاسة الجنائیة التی ینتهجها المشرع الجنائی فی هذه الدولة او تلک ، تخضع لاعتبارات اجتماعیة واقتصادیة واخلاقیة مختلفة عن بعضها وتملی على المشرع تحدید المصلحة فی تجریم الاجهاض او اباحته ، وبغیت مقارنة السیاسة الجنائیة للمشرع العراقی فی هذا الصدد مع بعض التشریعات الجنائیة العربیة کالتشریع المصری والأردنی والسوری ، ولما کانت سیاسة المشرع العراقی بصدد هذا الموضوع فیها شیء من القصور والتناقض فی بعض الاحیان وان المصلحة فی التجریم تستلزم تدخله لیقلل من السقف العقابی بین جریمة الاجهاض عمدا بدون رضا الام ، وتلک التی تحصل عمدا باجهاض نفسها او من غیرها برضاها ، اذ انه جعل الحد الاعلى للعقوبة فی الحالة الاولى السجن مدة لاتزید على عشر سنین ، فی حین جعله فی الحالة الثانیة الحبس مدة لاتزید على سنة ، وآیة ذلک ان المصلحة محل الحمایة فی الحالتین المشار الیهما هی ذات المصلحة .لذا فقد وجدنا من الضروری التصدی لهذا الموضوع.
هدف البحث :
اعطاء فکرة عامة عن موضوع الاجهاض ، ومبرراته واسبابه فی الدول التی اعتمدنا تشریعاتها للمقارنة ، فضلا عن استعراض سریع لموقف الشریعة الاسلامیة الغراء من ذلک لیصل القارئ من خلال ذلک الى جملة من التوصیات التی نرى انها جدیرة بوضع معالجات قانونیة لجریمة الاجهاض .
منهجیة البحث :
لقد اعتمدنا اسلوب البحث الموضوعی فضلا عن الدراسة المقارنة للآراء الفقهیة والتشریعات الجنائیة فی الدول التی اعتمدت فی هذه الدراسة وهی کل من العراق وسوریا ومصر ، وتجاوزنا ذلک الى التحلیل والتعلیق والنقد والتقییم .
خطة البحث :
لقد وجدنا من مقتضیات البحث فی هذا الموضوع والالمام به ، ان نتعرض له على النحو الاتی:
المبحث الاول : ماهیة المصلحة محل الحمایة
المبحث الثانی : مفهوم جریمة الاجهاض
المبحث الثالث : النظام القانونی لجریمة الاجهاض
وسننهی بحثنا هذا بخاتمة نوجز فیها اهم النتائج والتوصیات التی سنتوصل الیها .
المبحث الاول
ماهیة المصلحة محل الحمایة
لعل من مقتضیات البحث فی ماهیة المصلحة فی جریمة الإجهاض، الوقوف على التعریف بالمصلحة وبیان عناصرها وشروطها من جهة ، ثم بیان علاقة المصلحة بالحق والحمایة من جهة أخرى ، وهو ما ستتناوله فی مطلبین وکما یأتی :
المطلب الأول: التعریف بالمصلحة محل الحمایة.
الفرع الأول
تعریف المصلحة
أن الجذر اللغوی لـ (المصلحة) هو الفعل (صَلُحَ) وتعنی الصلاح وهو ضد الفساد. وهو السبب المؤدی الى النفع، ومنه سمی ما یتعاطاه الإنسان من الأعمال الباعثة على نفعة (مصلحة) تسمیة للسبب باسم المسبب مجازا مرسلا ولقد ورد الإصلاح فی القران الکریم فی مواضع عدة بما یقابل الإفساد منها قوله تعالى: (وَکَانَ فِی الْمَدِینَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ وَلَا یُصْلِحُونَ).
اما تعریف المصلحة اصطلاحا ، ففی المیدان الفلسفی والفقه القانونی الغربی فقد عرفها فلاسفة الیونان الاقدمین ومنهم ابیقور بانها: ((اساس السعادة الشخصیة)). فیما عرفها الفیلسوف (اهرنج) بأنها کل مایشبع حاجة مادیة او معنویة.
اما الفیلسوف الایطالی بیکاریا (1738-1794) فیرى بان المصلحة یجب ان تستند الى فکرة المنفعة العامة کاساس للتشریع الجنائی فانه یقول فی هذا الصدد: (ان فکرة المنفعة تکون مزیفة حینما تأخذ فی الاعتبار المحاذیر الخاصة قبل المحاذیر العامة) .
غیر ان المحطة الاکثر تطورا فی الاتجاه النفعی هی نظریة (روسکوباوند) فی المصالح الذی یرى بان (الظروف الاجتماعیة التی یتکفل القانون بحمایتها لاتقتصر على القیم المادیة ، بل تشمل القیم المعنویة کحریة الاعتقاد والکرامة....) .
اما الفقه القانونی العربی فقد اورد عدة تعریفات للمصلحة أشارت الکثیر منها الى مدى مشروعیة المصلحة ، ومدى اسباغ المشرع حمایته علیها لکی تکون مصلحة قانونیة ، اذ عرفت بانها (الحکم ألتقییمی الذی یسبغه صاحب الحاجة على الوسیلة التی تکفل اشباعها بصورة مشروعة ).
کما عرفت بانها (حالة الموافقة بین المنفعة والهدف). وهناک من عرفها بانها (الفائدة العملیة المشروعة التی یحصل علیها المدعی من التجائه الى القضاء).
کما عرفت (بانها الحاجة الى حمایة القانون للحق المعتدى علیه، والمهدد بالاعتداء علیه والمنفعة التی یحصل علیها المدعی بتحقیق هذه الحمایة). وهذا یعنی ان فکرة المصلحة فی قانون العقوبات هی محل حمایته ,کما انها المعیار للوقوف على فلسفتة والأساس الذی یستند علیة لحسم بعض المشاکل القانونیة المهمة. فیما ذهب جانب آخر من الفقه الى التفرقة بین المصلحة بمعنى الباعث والمصلحة بمعنى الغایة ، إذا تعنی بالمفهوم الأول بأنها الحاجة الى حمایة القانون ، فیما تعنی بالمفهوم الثانی ما ینشده المدعی من رفع الدعوى الى القضاء على اساس ما تقدم وإذا ما أخذنا بنظر الأعتبار مشروعیة المصلحة وحاجتها الى حمایة المشرع کما أشارت الى ذلک التعاریف التی أوردها الفقه العربی فأن المصلحة القانونیة یجب ان تتوفر فیها ثلاثة اعتبارت مهمة: اولها وجود علاقة تربط الشیء بالمنفعة، وثانیها ان توجد حالة تقییم تربط بین الاموال والاشخاص لان الاموال تنقلب الى مصالح فی علاقتها بالانسان بقدر تمکنها من اشباع حاجاته، وثالثها ان یحظى هذا التقییم او الاعتقاد بحمایة المشرع بوصفها مصلحة قانونیة تمثل مصلحة اجتماعیة عامة.
وعلى هدى ما تقدم یمکننا تعریف المصلحة القانونیة بانها ((المنفعة محل الحمایة القانونیة التی یضفیها المشرع على الحق المعتدى علیه او المهدد بالاعتداء)).
الفرع الثانی
عناصر المصلحة
ان المصلحة تقوم على ثلاثة عناصر اساسیة هی:-
1-عنصر المنفعة:-
یستند مبدأ المنفعة على حقیقتین الاولى ذاتیة وهی القول ان تقدیر سعادة الفرد یرجع الى نفسه، والثانیة موضوعیة وهی القول ان الناس یشعرون فی الشروط نفسها بلذة واحدة.
غیر ان فکر ة المنفعة فی الفکر القانونی المعاصر ذات طبیعة موضوعیة ثابتة قوامها صلاحیة الشیء لاشباع الحاجة بالفعل وان المصلحة هی فکرة ذات طبیعة شخصیة قوامها الاعتقاد بصلاحیة الشیء لاشباع حاجة. غیر ان مقیاس المنفعة عند اصحاب المدرسة الفردیة هو مقدار اللذة التی یحصل علیها الفرد ,فی حین أقام اصحاب المنفعة العامة مذهبهم على اعتبار ان اللذة العامة هی اساس السعادة.
2-عنصر الهدف:-
أن حیاة الإنسان أنما تقوم على أشباع حاجات معینة تملیها علیه غرائزه ، لان کل غریزة یتولد عنها بحکم الفطرة شعور بحاجة أو أکثر ، وأن الشعور بهذه الحاجة هو الذی یحرک الرغبة أو الأرادة صوب النزوع الى أشباعها وان الهدف یتمثل باشباع الحاجة التی یسعى الانسان الیها سواء أکانت مادیة ام أدبیة وان هذا الاشباع یتأتى من اللذة التی هی شعور یقترن باشباع او تحسین ماترغب فیه او ماتهدف الیه وهو الذی یمثل فی اصول الشریعة الاسلامیة مایطلق علیه ((مقصود الشرع)) ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو ان یحفظ علیهم دینهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم(1).
کما نالت فکرة الهدف کعنصر فی المصلحة حضها فی الفکر الفلسفی ، اذ اتهم بعض الفلاسفة الانسانیة بالقصور والضلالة اذا کانت تسیر بلا غایة او هدف!!(2).
ومما تجدر الاشارة الیه ان احکام عنصر الهدف فی الشریعة الاسلامیة الغراء کعنصر من عناصر المصلحة تختلف عن احکامه فی القوانین الوضعیة من حیث کونه یمثل اللذة من حاجتی الجسم والروح معا فی الانسان فی حیاتی الدنیا والاخرة (3).
3-عنصر المشروعیة:-
أن الإنسان الذی یفعل یحرکه هدف بغیة الحصول على شیء ، ففی الماء منفعة (وهی القدرة على أشباع حاجة) ولدى العطشان حاجة وهی (الهدف) أی شرب الماء ، فمتى تحققت الموافقة بین المنفعة الموجودة فی الماء مع حالة العطش (الحاجة الى الماء) عند ذلک فمن مصلحة العطشان شرب الماء لیتحقق عند ذلک الشعور باللذة(4) على ان انتقاء المشرع لما یعد مصلحة جدیرة بالحمایة یتعلق بمدى استجابة تلک المصلحة لاشباع الحاجات الانسانیة الضروریة، فمتى استحوذت تلک المصلحة على قناعة المشرع بما یحقق هذا الهدف فانه یسدل ستار الحمایة علیها لتکون قانونیة وجدیرة بتلک الحمایة (5). غیر ان المشرع فی الوقت الذی یحمی فیه مصلحة معینة بالتجریم والعقاب کما فی حالة ارتکاب جریمة الاجهاض ، فانه یسعى الى تشدید العقوبة عندما تتعرض مصلحة قانونیة اخرى للعدوان الى جانب المصلحة الاساسیة محل الحمایة والمتمثلة بحق الطفل فی الحیاة المستقبلیة، مثل حق الام فی الحیاة، او فی سلامة جسدها او عندما یستغل احد العاملین فی المیدان الطبی صفته فی ارتکاب مثل هذه الجریمة، وفی الاحوال التی یکون فیها النموذج القانونی لتجریم الاجهاض منصرفا الى جانب حمایة حق الجنین فی الحیاة وحمایة حق المجتمع فی التکاثر ضمانا للبقاء والتطور، فان مفهوم وطبیعة هذه المصلحة التی تنصب علیها الحمایة قد تختلف من مشرع الى اخر. ففی الوقت التی تکون فیه قاعدة التجریم والعقاب التی تحمی الاجهاض فی حالة عدم رضا الام بالاجهاض هی القاعده ذاتها التی تنطبق على واقعة الاجهاض فی حالة رضا الام بذلک فقد یذهب مشرع اخر الى خلاف ذلک تماما حیث تکون قاعدة التجریم والعقاب مشددة للعقوبه فی حالة عدم رضا الام بالاجهاض عنها فی حالة رضاها، ممایعنی اختلاف المصلحه محل الحمایه فی الاوضاع المختلفة التی اشرنا الیها.
الفرع الثالث
شروط المصلحة وانوعها
اولا: شروط المصلحة
ان الرای السائد فی الفقه یذهب الى تحدید شروط للمصلحة وهی:
1-الاستناد الى الحق:
ان الحقوق الاساسیة التی یکتسبها الانسان بالولادة، کتلک التی تتعلق بالجانب العائلی والمالی والسیاسی لابد لها من تنظیم، والمشرع الدستوری والجنائی یتکفلان عادة هذا التنظیم من خلال اضفاء الحمایة على تلک الحقوق کحق الانسان فی الملکیة والسکن، والتنقل، والحیاة فیجرم السلوک الذی ینتهک هذه القواعد التی اضفت الحمایة على تلک المصالح المعتبرة والجدیرة بالتنظیم فالمصلحة فی تجریم السرقة هی حمایة حق التملک والمصلحة فی تجریم قتل الانسان هو الحق فی الحیاة والمصلحة فی تجریم الاجهاض هی حق الطفل فی الحیاة المستقبلیة او حق الام فی سلامة جسمها او حق المجتمع فی النماء والتطور.
2-اقترانها بالحمایة:
ان الحق الذی تستند الیه المصلحة ، لابد ان یقترن بالحمایة التی هی مناط فلسفة المشرع وعقیدته. فالمشرع الجنائی عندما یحمی فی قانون العقوبات حق الانسان فی سلامة جسمه او حق الطفل فی الحیاة المستقبلة فانه فی الوقت الذی یحمی فیه مصلحة الفرد، فانه یهدف من خلال ذلک حمایة الصالح العام.
3-مشروعیة المصلحة:-
أن الحکمة من أشتراط قانونیة المصلحة أمر یتعلق بوظیفة القضاء فی المجتمع ، وهی حمایة النظام القانونی فی الدولة ، وهذا النظام لا یتحقق إلا بحمایة الحقوق والمراکز التی یحمیها القانون ، ولذا لا تقبل الدعوى إلا إذا کانت ترمی الى حمایة حق أو مرکز قانونی، ای ان المصلحة تکون مشروعة عندما لا تتعارض مع القواعد القانونیة او الاخلاق العامة او الصحة العامة ، واذا تعارضت فانها تمثل تعسفا فی استعمال الحق، الذی یتجسد فی غیبة المصلحة او تفاهاتها او عدم مشروعیتها، وفی احوال معینة تکون المصلحة غیر مشروعة کجریمة الاجهاض، الا انها قد تحظى بحمایة المشرع عندما یکون الهدف من الاجهاض انقاذ حیاة المراة الحامل من خطر الحمل والولادة ، او عندما یکون الاجهاض استجابة لرضا الحامل وذلک فی التشریعات التی تبیح الاجهاض بناءا على رضا الحامل.
4-اقتران المصلحة بالذاتیة:-
ان المصلحة بوصفها تؤدی الى اشباع حاجات انسانیة معینة، انما ینفرد بها شخص دون غیره ، فهی حق یستاثر به على قیم واشیاء معینة تکفل له التسلط والاقتضاء، والمصلحة التی تقترن بذات الشخص هی تلک الحقوق التی تعبر عن المقومات المادیة کمصلحة الحق فی الحیاة المستقبلیة والولادة الطبیعیة للجنین، او تعبر عن مقومات معنویة کمصلحة الحق فی الشرف والکرامة.
5-ان تکون المصلحة قادرة على اشباع حاجات معینة:-
من شروط المصلحة ان تکون قادرة على اشباع حاجات مادیة او معنویة الا ان اشباعها یجب ان لایتعارض مع الاداب او الصحة العامة، ففی تعاطی المخدرات مصلحة للمدمن علیها، تشبع حاجته الا انها تتعارض مع القانون لانها تشکل خطرا على المجتمعوکذلک الامر بالنسبة لجریمة الاجهاض فقد تحقق مأرب الام الحامل او من یسعی الى اخفاء حملها، غیر ان مصلحة الجنین وسلامة الام والمجتمع تمثل مصالح لایجوز انتهاکها قانونا.
6-وقوع اعتداء:-
وهذا یعنی ان یکون هناک خطرا حالا یؤدی الى اهدار کلی للمصلحة محل الحمایة کما فی حالة تحقق الاجهاض، ا والى اهدار جزئی لها کجریمة الشروع فی الاجهاض، وذلک على الاقل فی القوانین التی تعاقب على الشروع فی الاجهاض.
ثانیا: انواع المصلحة
1-المصلحة الفردیة:-
وهی المصلحة التی یرى فیها اصحاب المذهب الفردی، ان مصلحة الفرد هی الغایة والهدف، وان مهمة القانون هی تنظیم حمایة الفرد وحقوقه لان تحصین مصلحة الفرد یؤدی فی المحصلة النهائیة الى تحقیق مصالح الجماعة التی تتکون من مجموع مصالح الافراد.
2-المصلحة الجماعیة:-
یستند المذهب الاشتراکی الى فکرة ان الجماعة هی التی تمثل الغایة، وهذا الاساس یختلف عن الاسس التی تقوم علیها فلسفة المذهب الفردی، إذ ان مصلحة الجماعة هی الراجحة عند ظهور تعارض بین المصلحة الجماعیة والمصلحة الفردیة ای ان الصالح العام هو الذی یحقق المصلحة الفردیة باعتبار الفرد جزء من الجماعة.
3-المذهب التوفیقی:-
وهو المذهب الذی یقیم التوازن بین المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ویرى دعاة هذا المذهب انه هو الذی یحقق التوازن والانسجام، ومن الذین نادوا بهذا الاتجاه، ارسطو وهربرت سبنسر واهرنج وجون ستیوارت مل وعمانوئیل کانت.
المطلب الثانی
علاقة المصلحة بالحق والحمایة:
الفرع الاول
علاقة المصلحة بالحق
لعل من المفید الاشارة الى ان مفهوم الحق قد نال حظه من البحث والتأصیل من لدن الفقهاء قدیما وحدیثا، وتأرجح بین من انکره وعلى راسهم الفقیه (لیون وکی). وبین من اقره واسس فکرة الحق مرة على اساس ان الحق یرتبط بارادة صاحبة وهو المذهب الشخصی الذی تزعمه الفقیه الفرنسی (سافینی) الذی یرى أن جوهر الحق یکمن فی السلطة الأرادیة المخولة لصاحبه، ومرة على اساس ان الحق یمثل سلطة الأرادة الإنسانیة الموجهة الى مال أو مصلحة یعترف بها القانون ویحمیها ولکن یبدو أن عنصر المصلحة یأتی فی مرتبة ثانیة وهو المذهب الموضوعی الذی نادى به الفقیه الالمانی (اهرنج)، وهناک من یرى ان الحق هو ارادة ومصلحة معا، وهو المذهب المختلط الذی سعى الى الموازنة بین المذهب الشخصی والارادی وهو المذهب الذی نادى به الفقیه میشو.
اما المذهب الحدیث الذی نادى به الفقیه البلجیکی (جان دابان) فانه یرى ان الحق یمثل استئثار شخص یقیمه معینة تحقق له مصلحة تکون جدیرة بحمایة القانون ، مما یعنی بالتالی ان المصلحة لیست هی جوهر الحق، وانما مجرد محل یرد علیه هذا الحق. الامر الذی یجعل علاقة المصلحة بالحق من خلال التعریف الاخیر وهو الارجح کما نرى، تتجسد بضرورة وجود استئثار الشخص باشیاء وقیم معینة دون غیره، وان یکون هدفه من هذا الاستئثار هو تحقیق المنفعة التی یروم تحقیقها من ممارسة هذا الحق، فضلا عن ضرورة توفر الحمایة القانونیة لکی یکون هذا الاستئثار حقا جوهریا مرتبطا بهذه الحمایة، وعلى اساس ما تقدم وعلى قدر تعلق الأمر بموضوع بحثنا (المصلحة محل الحمایة فی جریمة الأجهاض) فان لکل مجتمع أو أم حامل أن تستأثر استئثار المجتمع بقیم واعراف ذات اساس شرعی واجتماعی وقانونی تتمثل فی ضرورة محافظة المجتمع على وجوده من خلال التناسل والتکاثر ، وان الاستئثار بهذه القیم یخص کل شخص فی المجتمع وکل جنین فی بطن امه او کل امراة حامل على اقل تقدیر إذا الهدف من الاستئثار بهذه القیم هو تحقیق مصلحة ذات قیمة اجتماعیة ، قد تتجسد هذه المصلحة فی حق الجنین فی الحیاة المستقبلیة والولادة الطبیعیة، او حق الام فی سلامة جسدها او حق المجتمع فی المحافظة على کیانه وحمایة النسل .
الفرع الثانی
علاقة المصلحة بالحمایة
أن المصلحة هی محل الحمایة القانونیة ، لان جوهر المصلحة یتمثل فی صلاحیة الشیء أو المال فی أشباع حاجة معینة ، بالتالی فإن الحمایة القانونیة تنصرف الى المصلحة دون المال لتجعل منها مصلحةً قانونیة کما ان الحمایة شرط لابد منه للحیلولة دون وقوع اعتداء على المصلحة المشروعة، فالحمایة الجنائیة تستوجب وجود نص صریح ینص على التجریم والعقاب عملا بقاعدة (لاجریمة ولاعقوبة الا بناءا على قانون). غیر ان المصلحة محل الحمایة تختلف من مجتمع لاخر، طبقا للایدیولوجیة التی یسیر علیها النظام، وعلى اساس اهمیة هذه المصلحة او تلک یتولى المشرع تجریم الفعل الذی یهدر هذه المصالح او یهددها بالخطر. ولذلک یمکن القول ان القانون عندما یقرر حمایة مصلحة معینة من الاعتداء فانه یتولى الحیلولة دون المساس بتلک المصلحة او اهدارها او تعریضها للخطر کلیا او جزئیا ، حتى لو کان الاعتداء واقعا برضا صاحب الحق کما هو الامر فی جریمة الاجهاض. ولا تقتصر الحمایة الجنائیة على مرکز قانونی دون اخر ، بل تشمل المراکز القانونیة الموضوعیة ، مثل تجریم تعدد الزوجات فی التشریعات التی تحرم هذا التعدد، کما تشمل المراکز القانونیة الشخصیة، إذ ان المشرع یجرم الاجهاض ویفرض علیه عقابا بوصفه عدوانا على حق الجنین فی الحیاة، فضلا عن کونه یمثل عدوانا على حق الام فی سلامة جسدها.
المبحث الثانی
مفهوم جریمة الاجهاض
لغرض تناول مفهوم جریمة الاجهاض بالدراسة والتحلیل فانه یقتضی التعریف بها وبیان ارکانها وانواعها، وأثر توفر الظروف والعناصر الخاصة فی جریمة الأجهاض على المصلحة محل الحمایة وهو ما سنتناوله فی أربعة مطالب کما یاتی:-
المطلب الاول
التعریف بجریمة الاجهاض
الاجهاض:(*) هو فصل الجنین عن الرحم فی غیر موعده الطبیعی وبغیر ضرورة، او هو اخراج الحمل من الرحم فی غیر موعده الطبیعی عمدا وبلا ضرورة، بایة وسیلة من الوسائل، کما عرف بانه اخراج متحصل الحمل قبل اوان الوضع ویکون ذلک فی الاغلب قبل تمام الشهر السادس اما بعد ذلک فیعتبره الاطباء ولادة مبکرة ، اما المقصود بالاجهاض طبیا فهو (انزال الجنین قبل الاسبوع الثامن والعشرین من الحمل ، اما بعد ذلک فان نزوله یعد ولادة مبکرة) والمقصود به من ناحیة الطب الشرعی هو انهاء حالة الحمل فی ای دور کان قبل اکتمال اشهر الحمل الطبیعی او انه ((افراغ الرحم لحصیلة التلقیح قبل اوان الوضع)). ومن مرادفات کلمة الاجهاض فی المصطلح الطبی والشرعی سقط او الاسقاط والطرح والاسلاب، اما الاملاص فانه یستعمل الیوم للدلالة على الطفل المیت (Still birth). وقد اختلفت الاراء بشأن الاجهاض بین علماء الطب والاجتماع والقانون. فذهب رای الى عده خطر اجتماعی یؤثر على المجتمع لما یسببه من نقص فی السکان ومن تاثیر على صحة وحیاة الام، کما یعده جریمة ترتکب بحق جنین له الحق فی الحیاة، ورأی یخالف سابقه ویرى فی الاجهاض فعل مباح وان للام الحق فی رفض الجنین الذی یعد جزءا منها وان من حقها التصرف باجزاء جسدها. هذا فیما ذهب رای ثالث الى تخفیف العقاب على الاجهاض واباحته فی بعض الدول .
هذا ولقد حضی الجنین وعلى مختلف مراحل حمله فی رحم الام باهتمام المشرع الجنائی على مر العصور بوصفه المصلحة محل الحمایة، فقد اولى قانون حمورابی واللوح الأول من قانون الأشوری عنایة بالنساء الحوامل کما أشرنا من قبل .
اما القانون الرومانی فقد عد الاجهاض جریمة ضد والدی الجنین لاضد الجنین نفسه ، وغیر معاقب علیه من الاب عملا بنظام السلطة الابویة. واما القانون الکنسی فقد عده صورة خاصة من صور القتل العمد، وکان بعض رجال اللاهوت یقول (ان الروح لاتدب فی الجنین حتى یستحق الحمایة ، قبل مضی فترة معینة من الحمل هی أربعون یوما (وحرمت الکنیسة فعل الاجهاض حتى لو کان القیام به انقاذا لحیاة الام).
اما القانون الفرنسی لسنة 1810 فقد عد الاجهاض جریمة قائمة بذاتها مستقلة فی احکامها وعقوبتها عن القتل.
والحقیقة ان اغلب القوانین الحدیثة اتجهت الى المعاقبة عن الاجهاض سواء تم ذلک برضا الحامل او بدون رضاها، غیر ان تلک الاحکام العقابیة تفاوتت حسب السیاسة الجنائیة للمشرع ورؤیته للمصلحة محل الحمایة فی التجریم والعقاب، ففی احیان معینة تکون المصلحة محل الحمایة هی الام والمجتمع، ومرة تکون الجنین والام، واخرى تکون الجنین لوحده، کما ذهب بعض المشرعین الى تجریم الاجهاض کجریمة تامة دون الشروع فیها، فیما ذهب البعض الاخر الى تجریم الاجهاض والشروع فیه ومنهم من ساوى فی العقاب بین حالة العلم بالحمل او عدم العلم به، فیما ذهب البعض الاخر خلاف ذلک کما ذهبت بعض التشریعات الى فرض العقوبة نفسها عن جریمة الاجهاض سواء تم ذلک برضا الحامل ام بدون رضاها هذا فیما فرقت تشریعات اخرى فی العقوبة بین الحالتین المشار الیهما، وهذا ما ستتعرض له فی ثنایا هذا البحث.
المطلب الثانی
ارکان جریمة الاجهاض
ان الاجهاض بوجه عام اما ان یکون طبیعیا لاید لاحد فی وقوعه، او ان یکون عمدیا والذی ینقسم بدوره الى اجهاض قانونی (شرعی) واجهاض غیر قانونی (جنائی او غیر شرعی)، وعلیه فان ارکان جریمة الاجهاض هی:-
1- حمل المرأة (الرکن الخاص).
2- فعل الاجهاض باستعمال وسیلة ما (الرکن المادی).
3- القصد الجنائی (الرکن المعنوی).
1-حمل المرأة (الرکن الخاص):
المرأة الحبلى هی التی تحمل فی احشائها جنینا تکونّ من تلقیح البویضة واخصابها، سواء أکان التلقیح طبیعیا ام اصطناعیا، ولا یفرق القانون بین ان تکون الوسیلة المجهضة قد استعملت فی هذا الطور من الحمل او ذلک . کما لایفرق بین حمل ناتج عن علاقة شرعیة او غیر شرعیة لان المرأة ملزمة ان تحتفظ فی احشائها بالجنین حتى تمام شهور الحمل.
اذ ان المصلحة محل الحمایة فی هذه الجریمة هی حق الجنین فی الحیاة المستقبلیة وحمایة النسل وهذا الحق هو المقصود فی الحمایة فی الاصل، اما حق الحامل فی سلامة جسمها فلیس هو محل الحمایة فی هذه الجریمة وانما تتکفل بذلک النصوص الخاصة بالقتل والضرب والجرح . وعلى الرغم من کون المصلحة محل الحمایة فی هذه الجریمة مقررة للجنین الا اننا نجد ان المشرع الجنائی فی اغلب الدول یقر عقوبة لجریمة الاجهاض عمدا برضا الحامل بسیطة جدا ، وهی لا تزید على سنة کما فی القانون العراقی (م 417/1) من قانون العقوبات فی حین یقرر (عقوبة السجن مدة لاتزید على عشر سنین (م 418/1) ق ع) لذات الجریمة التی تحصل عمدا ایضا ولکن بدون رضا الحامل مما یعنی ان هناک فرقا کبیراً بین العقوبتین اساسه عدم رضا الحامل على الرغم من ان محل الحمایة الجنائیة فی الحالتین هو الجنین مما یقتضی تقلیل سقف هذا التباین الواسع اسوة بما ذهب الیه المشرع السوری الذی جعل عقوبة الاجهاض برضا الحامل الى حد ثلاث سنوات بالمادة 528 من قانون العقوبات. فی حین جعل عقوبتها بدون رضا الحامل بما لایقل عن خمس سنوات بالمادة 529 من القانون نفسه. أما المشرع المصری فقد ساوى فی العقاب بین مرتکب جریمة الاجهاض برضا الحامل وبغیر رضاها فی المادة 261 من قانون العقوبات. وکذلک فعل المشرع الأردنی إذ لم یتعرض الى التفریق فی فرض العقوبة بین حالة الإجهاض برضا الحامل أم بدون رضاها ، وأنما أکتفى بمعاقبة کل من تسبب بأحدى وسائل العنف أو الاعتداء بإجهاض حامل وهو على علم بحملها ، بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزید على عشر سنوات بموجب المادة 336 من قانون العقوبات .
اما اذا لم تکن المرأة حاملا واعتقد من باشر علیها وسیلة الاجهاض العکس من ذلک فان الفعل یعد شروعا فی جریمة اجهاض طبقا للمذهب الشخصی فی الجریمة وذلک فی الدول التی تأخذ بمبدأ (افتراض الحمل) کقانون العقوبات التونسی فی المادة (214) وقانون العقوبات الجزائری فی المادة (304) وقانون العقوبات السوری الذی ساوى فی العقوبة سواء تمکن الفاعل من اجهاض المرأة او شرع فی ذلک . اما القوانین العربیة الاخرى ومنها قانون العقوبات العراقی فقد اشترطت وجود الحمل فعلا مما یعنی ان الحمل رکن اساس فی الجریمة الامر الذی لایمکن معه ازاء صراحة النص، المعاقبة عن الجریمة المستحیلة استحالة مطلقة لانعدام الحمل، فی حین یمکن المعاقبة عن الشروع فی جریمة الاجهاض اذا کانت الاستحالة راجعة الى کیفیة او وسیلة ارتکابها واخیرا فلقد اختط المشرع المصری موقفا مغایرا بهذا الصدد اذ نص على ان لاعقوبة على الشروع فی الاسقاط .
2-فعل الاجهاض باستعمال وسیلة ما (الرکن المادی):-
الاجهاض او الاسقاط هو کل نشاط من شأنه ان یؤدی الى ان یموت الجنین فی رحم امه ا والى خروجه من الرحم قبل موعد الولادة الطبیعی ووسائل الاجهاض تتعدد فی غیر حصر فقد تکون باستعمال الجانی وسائل صناعیة او کیمیایئة متى ادى الفعل الى اخراج الجنین او قتله فی رحم امه، غیر ان هذه الجریمة لاتنهض اذا کان سبب الاجهاض یرجع الى مرض او ولادة قبل الاوان مهما کان الاهمال او الخطأ الصادر من الام. وکذلک یمکن ان ترتکب جریمة الاجهاض باستخدام الوسائل النفسیة کترویع الحامل او تخویفها او تهدیدها بالقتل والضرب او الصراخ فی وجهها فجأة او تفجیر قنبلة صوتیة شدیدة الانفجار على مقربة منها، (على الرغم من کون الوسائل المادیة ذات الأثر النفسی هی محل خلاف بشکل عام) کما یمکن ان یقع الاجهاض بالسلوک السلبی، متى کان ذلک السلوک مؤدیا الى النتیجة الجرمیة التی لاتکتمل الجریمة بدونها.
3-القصد الجنائی (الرکن المعنوی) :-
ان جریمة الاجهاض من الجرائم العمدیة التی یلزم لقیامها توفر القصد الجنائی العام الذی یتطلب علم الجانی بان المراة حامل، وان الوسیلة التی یستعملها من شانها احداث الاجهاض. کما یلزم فوق ذلک توافر القصد الخاص المتمثل بانصراف ارادة الجانی الى تحقیق النتیجة الجرمیة فی حصول الإجهاض بالذات ، أی رغبته فی تحقق النتیجة التی توصل إلیها وهی اخراج الجنین من الرحم قبل میعاده، فاذا استبدل الصیدلانی احد الأدویة الموصوفة لامرأة حامل بقصد إیذائها مع علمه بأنها حامل ودون ان یقصد إجهاضها، وتسبب بإجهاضها فعلا فانه لا یسأل عن جریمة إجهاض عمدا بل یسأل عما اسماه بعض الباحثین بجریمة الضرب المفضی الى اجهاض وفق المادة 419 من قانون العقوبات.. کما لا تقوم الجریمة اذا لم یکن الجانی عالما بحمل المراة، او اذا لم یکن یعلم بصلاحیة الوسیلة للاجهاض حتى وان حصل الاجهاض فعلا فی الحالتین، اذ یعاقب عن جریمة الایذاء او الاصابة خطأ حسب الاحوال، وازاء ذلک فقد ذهبت بعض التشریعات کما ذهب بعض الفقهاء وبحق الى أن جریمة الایذاء عمدا بارتکاب ای فعل مخالف للقانون التی ینجم عنها حالة اجهاض للمراة الحامل حتى فی حالة عدم توفر القصد الجرمی للفاعل بالاجهاض، یمکن تحمیل الجانی فیها المسؤولیة عن جریمة إجهاض بوصفها أثر محتملاً للأیذاء العمدی ، وذلک لکفایة القصد الأحتمالی فی قیام الرکن المعنوی کما أن هذه الجریمة تعد صورة من صور التعدد المعنوی عندما ینتهک الفعل الواحد اکثر من نص قانونی فی مرة واحدة والتی عبر عنها البعض کما اشرنا من قبل بجریمة الضرب المفضی الى اجهاض، ولما کان الاجهاض الذی یمکن أن یسأل عنه الفاعل مأخوذاً بقصده الأحتمالی کما أشرنا یمکن ان یحصل بسبب الخطأ او الاهمال او الرعونة او عدم الانتباه او عدم مراعاة القوانین والانظمة والاوامر. ولما کانت المصلحة محل الحمایة فی الفرضیتین المشار الیهما مقررة للجنین وحیاته المستقبلیة فکان الاجدر بالمشرع العراقی ان یعید صیاغة المادة المذکورة لتکون على شقین لیتضمن الاول تجریم ای فعل عمدی ینجم عنه الإجهاض، ولو لم تنصرف ارادة الفاعل الى الاجهاض وعلى أساس مؤاخذته بالقصد الاحتمالی ، وان ینص الشق الثانی على تجریم أی صورة من صور الخطأ ینجم عنه الاجهاض. وان یقرر المقدار المناسب للعقوبة حسب کل حالة لکون المصلحة الاساسیة محل الحمایة فی کلا الحالتین هی الجنین ولیس حق الام فی سلامة جسدها فحسب ولما تسبب الفعل الواحد (عمدا کان ام اهمالا) الى إجهاض الام وایذائها ، فاننا نکون بصدد حالة تعدد صوری للجرائم التی تستلزم فرض العقوبة الاشد وهی بلا شک ستکون جریمة الاجهاض.مع الاخذ بنظر الاعتبار تمییز حالة الاعتداء عمدا عن حالة الاهمال عند تقدیر العقوبة.
المطلب الثالث
صور جریمة الاجهاض
الاجهاض اما ان یکون طبیعیا او عارضا لاید لاحد فیه، وهو غیر معاقب علیه قانونا واما ان یکون اجهاضا جنائیا ویکون على ثلاثة صور وهو الاجهاض الاختیاری والاجهاض الاجباری والاجهاض العلاجی.
الفرع الاول
الاجهاض الاختیاری (رضا الحامل)
لهذا النوع من الاجهاض صورتان اولهما الذی تباشره المرأة على نفسها ویسمى بالاجهاض الایجابی، وثانیهما الذی تمکن المرأة الغیر من ایقاعه ویسمى السلبی.
اولا: الاجهاض الایجابی:
تتلخص حالة الاجهاض الایجابی على وفق نص المادة (417) من قانون العقوبات العراقی التی تنص على ان ((یعاقب بالحبس مدة لاتزید على سنة ...... کل امرأة اجهضت نفسها عمدا.....)) ای ان المراة الحامل هی التی تباشر النشاط المادی دون تدخل من الخارج وذلک باستعمال ایة وسیلة من الوسائل التی تراها مؤدیة لبلوغ الهدف فی اسقاط الحمل قبل المیعاد الطبیعی دون الاعتداد بنوع الوسیلة المستعملة.
وبهذا الصدد لابد من الاشارة الى ان القوانین الجنائیة لبعض الدول لاتجرم الاجهاض وتلجأ الیه المرأة دون بیان الاسباب وسواء تم ذلک من قبلها او من ای شخص اخر ، ومن هذه الدول على سبیل المثال الاتحاد السوفیتی السابق والسوید ودول اخرى.
ثانیا: الاجهاض السلبی:
لاتختلف هذه الصورة عن سابقتها الا فی قبول الحامل بالافعال المؤدیة الى الاجهاض، بان تلجأ الى شخص اخر لاجل اجهاضها، او ان تترک نفسها بکامل وعیها وادراکها الى هذا الشخص لاجراء عملیة الاسقاط، او ان تبدی على الاقل استعدادها للاجهاض الذی یجریه هذا الشخص ولا فرق فی ان تکون فکرة الاجهاض قد صدرت منها او من ای شخص اخر. انما العبرة فی ان یکون رضاؤها حرا لایشوبه ای اکراه مادی او ادبی او خداع والا عد اتیان الفعل بغیر موافقة منها. وقد نصت على هذه الصورة من الاجهاض الفقرة (2) من المادة 417 من قانون العقوبات العراقی بقولها: ((یعاقب بالعقوبة ذاتها من اجهضها عمدا برضاها.....))
ومما تجدر الاشارة الیه ان الوصف القانونی لحالة اجهاض المراة من قبل الغیر برضاها ینطبق واحکام المادة 417 المشار الیها بوصف المرأة فاعلا اصلیا ولیس محرضة او شریکة لجریمة ارتکبها الغیر، کما یسأل مرتکب هذه الجریمة بوصفه فاعلا اصلیا ایضا.
الفرع الثانی
الاجهاض الاجباری
وهو الاجهاض الذی یتحقق کما یدل علیه اسمه دون رضا الحامل وارادتها بغض النظر عن الوسائل المستخدمة لتحقیقه، وهو ما اشارت الیه المادة (418/1) من قانون العقوبات العراقی التی تنص على انه ((یعاقب بالسجن مدة لاتزید على عشر سنین من اجهض عمدا امرأة بدون رضاها)) کما شددت الفقرة الثالثة منها العقاب اذا کان من قام بالاجهاض طبیبا او صیدلانیا او کیمیاویا او قابلة او احد معاونیهم وعدته ظرفاً مشدداً ، کما الزمت المحکمة بان تحکم بحرمان هؤلاء من ممارسة المهنة لمدة لاتزید على ثلاث سنوات ، فضلاً عن ان المشرع قد شدد عقوبة جریمة الاجهاض التی تقع عمدا بدون رضا الام الحامل، فی حالة وفاة المراة الحامل، بان جعل العقوبة فی الفقرة الثانیة من المادة 418 والمشار الیها اعلاه بالسجن مدة لاتزید على خمس عشرة سنة.
ومما تجدر الاشارة الیه فی هذا السیاق ومن خلال جعل العقوبة السجن مدة لاتزید على عشرة سنوات عن الاجهاض عمدا بدون رضا الحامل وجعلها مدة لاتزید على خمس عشرة سنة فی حالة اذا افضى الاجهاض الى وفاة الام الحامل، فان ارادة المشرع کانت متجهة فعلا الى جعل الجنین فی بطن امه هو المصلحة محل الحمایة فی حالات التجریم التی تناولتها المادة 418 المشار الیها .
هذا فی حین فرق المشرع المصری بین عقوبة جریمة الإجهاض عمداً بالضرب الواردة بالمادة 260 من قانون العقوبات التی تنص على أنه (کل من أسقط امرأة حبلى بضرب أو نحوه من أنواع الایذاء یعاقب بالسجن المؤبد) وبین عقوبة الإجهاض عمداً عن طریق أعطاء أدویة أو وسائل تؤدی الى ذلک المنصوص علیها بالمادة 261 من قانون العقوبات التی تنص على أنه (کل من أسقط عمداً امرأة حبلى وأعطاها أدویة أو باستعمال وسائل مؤدیة الى ذلک أو بدلالتها علیها سواء کان برضاها أم لا ، یعاقب بالحبس) وکذلک شدد المشرع المصری من عقوبة الجریمة وجعلها السجن المشدد إذا کان المسقط طبیباً أو جراحاً أو صیدلیاً أو قابلة.
ومن جهة أخرى فإن المشرع المصری لم یعالج الحالة التی یفضی فیها الإجهاض أو الوسیلة التی استعملت فی احداثه ولو لم یتم الإجهاض الى موت المجنی علیها ، کما فعل المشرع العراقی .
أما المشرع السوری فقد ذهب أکثر من ذلک ، إذ فضلاً عن معاقبته عن جریمة الإجهاض عمداً دون رضا الحامل بالإشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل ، ومعاقبته عن الإجهاض الذی یفضی الى موت المرأة الحامل، فأنه نص على تطبیق احکام جریمة الإجهاض عمداً ، أو عقوبة جریمة الإجهاض الذی یفضی الى موت وحسب الأحوال حتى لو کانت المرأة التی أجریت علیها وسائل الإجهاض غیر الحامل . وهو الموقف یتعارض تماماً مع الموقف المشرع المصری الذی لم یعاقب حتى عن الشروع فی جریمة الإجهاض.
الفرع الثالث
الاجهاض العلاجی
وهو الاجهاض الذی تلجأ الیه المرأة الحامل لان بقاء الجنین فی بطنها قد یؤدی بحیاتها او قد یولد الجنین مشوها ، فیلجأ الاطباء الى التضحیة بحیاة الجنین مقابل حیاة الام. ویتم ذلک عادة قبل تمام الشهر السادس بمعرفة طبیب بسبب حالات النزف الرحمی او تخلصا من حالة مرضیة تهدد حیاة الام.
ولقد تعارضت الاراء بصدد الاجهاض العلاجی ، فرأی یعده قتل نفس انسانیة دونما مبرر، وان انقاذ حیاة الام لایبرر ذلک ، ورای یذهب الى انه ضروری اذا کان انقاذا للام، عملا بالقاعدة الفقهیة التی تقضی بانه اذا اجتمع الضرران ارتکب اخفهما، ولاسیما وان منعه قد یؤدی الى التفریط بحیاة الام الحامل والجنین، إذ یکاد الاجماع الفقهی والتشریعی والطبی والدینی ینعقد على اجازة الاجهاض الذی تقضی به حالة الضرورةالاان النص صراحة على اباحة الاجهاض انقاذا للام الحامل او تخلیصها من متاعبها الصحیة لم یرد فی اغلب القوانین الجنائیة، الا ان الضمیر الطبی والمسؤولیة الطبیة للعاملین فی هذا المیدان قد اجاز هذا النوع من الاجهاض فی کل حالة تتعرض فیها حیاة المرأة الحامل للخطر، الذی لیس من سبیل لازالته وهو مقترن بالحمل سوى الاجهاض، وان الاساس القانونی الذی یستند الیه فی اباحة الاجهاض هو نظریة الضرورة.
اما عن موقف المشرع العراقی فان النصوص العقابیة لم تتضمن مایجیز الاجهاض العلاجی، الا انه یمکن من خلال المادة (63) من قانون العقوبات استجلاء موقفه، اذ اجاز بصورة غیر مباشرة بامکانیة اجراء الاجهاض العلاجی من خلال منطوق المادة المذکورة الذی یقرر عدم مسؤولیة من ارتکب جریمة الجألته الیها ضرورة وقایة نفسه او غیره، الا ان الضرورة یجب ان تقدر بقدرها وان تفسر فی اضیق نطاق حتى لایتم اللجوء الى حالات الاجهاض الا فی الاحوال التی تخضع لحالة الضرورة، هذا فی حین تعرض المشرع المغربی للحالات التی یبیح فیها الاجهاض اذ نص الفصل 453 من قانون العقوبات على انه ((.... لاعقاب على الاجهاض اذا استوجبته ضرورة انقاذ حیاة الام من الخطر...)).
مما یعنی ان المصلحة محل الحمایة وهی الجنین بدأت تتضاءل قیمتها امام مصلحة اخرى قد تکون اجدر بالحمایة وهی الام وسلامتها ، وتأسیسا على ذلک وحیث ان القاعدة الفقهیة تقول ((الضرورات تبیح المحظورات)) او ((اذا اجتمع الضرران ارتکب اخفهما)) وبناءا على مبدأ ترجیح المصالح فلا بد من دفع الضرر الاشد بالضرر الاخف، وهو امر یستقیم مع مااکدته القواعد العامة فی القانون الجنائی العراقی وهو ذات الامر الذی اشار الیه المشرع المغربی کما اسلفنا.
غیر اننا نقترح على المشرع العراقی الکریم ان یتولى صیاغة نص مماثل للنص المغربی یحدد فیه حالات الاجهاض التی یمکن فیها اجهاض المرآة من قبل لجنة طبیة مختصة فی مستشفى حکومی للولادة اذا کانت انقاذ حیاة الام تقتضی ذلک.
المطلب الرابع
آثر توفر الظروف والعناصر الخاصة فی جریمة الإجهاض
على المصلحة محل الحمایة
لقد أفرد المشرع العراقی الفصل الرابع من الباب الأول من الکتاب الثالث الخاص بالجرائم الواقعة على الأشخاص لجریمة الإجهاض ، ولقد تضمن القانون نماذج مختلفة لهذه الجریمة . إذ تضمنت المادة (417/1) النموذج العام لجریمة الإجهاض فی أبسط صورها. وهی إجهاض المرأة الحامل برضاها، غیر أنه باستعراض فقرات هذه المادة نجد أن الفقرة الثانیة منها تعاقب بالسجن مدة لا تزید على سبع سنوات إذا أفضى إجهاض المرأة برضاها ولو لم یتم الإجهاض الى موت المجنى علیها ، فیما تتحدث الفقرة الثالثة عن تشدید عقوبة الجانی إذا کان طبیباً أو صیدلیاً أو کیمیائیاً أو قابلة أو أحد معاونیهم ، کما تنص الفقرة الرابعة من المادة نفسها عن تخفیف عقوبة المرأة التی تجهض نفسها أو أحد أقربائها من الدرجة الثانیة ، إذا کان الإجهاض إتقاءاً للعار إذا کانت قد حملت به سفاحاً ، هذا من ناحیة . أما المادة (418) من القانون نفسه فقد أوردت عقوبات فی فقراتها الثلاث أشد جسامة من عقوبات الفقرات الثلاث الأولى من المادة (417) أنفة الذکر ، وهی حالة الإجهاض عمداً بدون رضا الحامل . والحالة التی یؤدی فیها الإجهاض بدون رضا الحامل الى وفاتها ، وحالة کون الجانی طبیباً أو صیدلیاً، أو کیمیائیاً أو قابلة أو أحد معاونیهم ، إذ جعلت عقوبة الإجهاض عمداً بدون رضا الحامل ، السجن مدة لا تزید على عشر سنین ، وعقوبة الإجهاض بدون رضا الحامل إذا أدى الى الوفاة ، السجن مدة لا تزید على خمس عشرة سنة، وتشدید عقوبة الجانی إذا کان طبیباً أو صیدلیاً ... الخ ، مع الزامه المحکمة بمنعه من مزاولة مهنته مدة لا تزید على ثلاث سنوات .
وباستعراض المادة (419) من القانون نجد أنها تتناول حالة الضرب الذی یفضی الى إجهاض إذ جعلت عقوبتها الحبس .
وإذا ما أردنا معرفة أن کانت المصلحة محل الحمایة فی النموذج العام لهذه الجریمة هی ذات المصلحة فی الصور المختلفة لجریمة الإجهاض التی إستعرضناها أنفاً أم لا ، فلا بد من الإشارة ابتداءاً الى أن معیار التفرقة بین الجرائم المختلفة التی تنتمی الى طائفة واحدة هو (المصلحة محل الحمایة) ، وهی المصلحة القانونیة التی یرعاها المشرع ویسبغ علیها حمایته ویعاقب کل من یعتدی علیها .
وعلى أساس ما تقدم یبدو واضحاً أن تشدید عقوبة النموذج العام لجریمة الإجهاض ، یکون أما بسبب اقتران تلک الجریمة بظرف مشدد أو عنصر خاص مکوناً لجریمة خاصة ، أی إذا اقتصر الأثر على مجرد تشدید أو تخفیف جسامة الاعتداء على ذات المصلحة التی یحمیها النموذج العام للجریمة ، اعتبر العنصر الجدید ظرفاً ، إما إذا کان العنصر الجدید یؤدی أن تغییر المصلحة القانونیة فلا مفر عندئذ من عدة رکناً مکوناً لجریمة خاصة . الأمر الذی یجعل من المصلحة المحمیة هی غیر المصلحة التی رعاها المشرع فی النموذج العام فی جریمة الإجهاض .
المبحث الثالث
النظام القانونی لجریمة الاجهاض
ان البحث فی النظام القانونی لجریمة الاجهاض یستدعی ان نتناول التکییف القانونی لهذه الجریمة والشروع فیها ، فضلا عن ضرورة التعرض لبیان المصلحة محل الحمایة فی التجریم والاباحة وفی احوال عدم المعاقبة ، الى جانب اهمیة بیان موقف المشرع الجنائی من مسالة تدمیر اللقیحة فی الاخصاب خارج الرحم وهذا ما سنتناوله فی ثلاثة مطالب وکما یاتی:
المطلب الاول
التکییف القانونی لجریمة الاجهاض والشروع فیها
لابد من الاشارة ابتداءا الى ان سیاسة المشرع الجنائی لم تکن على وتیرة واحدة فی مختلف الدول فی معالجة جریمة الاجهاض من حیث تجریمها او الشروع فیها ، اذ ذهب المشرع فی بعض الدول ومنها روسیا الحالیة والولایات المتحدة الامریکیة الى تبنی سیاسة عدم تجریم الاجهاض وعدَه حقا طبیعیا للمرأة یمکنها ان تلجأ الیه متى شاءت دون قید او شرط , مستندین فی ذلک الى نظریة الاقتصادی الانکلیزی مالیتوس والتی مفادها ان عدد السکان یتزاید بنسبة اکبر من تزاید المواد الغذائیة والى مبادئ حرکة تنظیم النسل التی انتشرت فی اوربا والدول الاسکندنافیة فضلا عن انهم یستندون الى ان جریمة الاجهاض یصعب اثباتها .
غیر ان جانب اخر من المشرعین اعتمد سیاسة تجریم الاجهاض ، وقد برر هذا الجانب ان المصلحة محل الحمایة فی تجریم الاجهاض تکمن فی حق الطفل بالنمو فی بطن امه والولادة الطبیعیة ,فضلا عن مصلحة الام فی سلامة جسمها ومصلحة المجتمع فی التکاثر والنماء ,الى جانب اعتبارات ومصالح اجتماعیة واخلاقیة ودینیة . غیر ان مواقف التشریعات التی تبنت تجریم الاجهاض قد اتفقت على عدم الاعتداد برضى الحامل فیما یتعلق بتجریم الاجهاض من عدمه ، اذ عدت الجریمة قائمة سواء کان الاجهاض برضى الام او بدونه ، أی ان رضا الحامل لاینفی المسؤولیة عنها ان هی اجهضت نفسها ام اجهضها غیرها برضاها ،لان حق الجنین فی الحیاة هو لیس من الحقوق التی تمتلک الام التنازل عنها فضلا عن کونه حق خالص للجنین فی حیاة مستقبلیة ، غیر ان مواقف المشرع تباینت بشأن مقدار العقوبة عند الاجهاض برضى الحامل عنه بدون رضاها.
اما فیما یتعلق بالشروع بجریمة الاجهاض ، فقد تباینت مواقف التشریعات الجنائیة بشأنه, فمن الدول من نص صراحة على المعاقبة عنه ، اذ تنص المادة (449) من قانون العقوبات المغربی على (من اجهض او حاول اجهاض امرأة حبلى او یظن انها کذلک...) بمعنى انه عاقب على الشروع فی هذه الجریمة سواء کانت استحالة تحقیق النتیجة لاسباب تتعلق بالوسیلة المرتکبة ام بمحل الجریمة وهو ذات الموقف الذی تبناه المشرع السوری اذ نص قانون العقوبات بالمادة (530) على تطبیق احکام المادتین 528 و 529 ولو کانت المرأة التی اجریت علیها وسائل الاجهاض غیر حامل ، أی تطبق العقوبات نفسها التی تفرض على الاجهاض برضى الحامل او عدم رضاها ولو کانت المرأة غیر حامل .
هذا فی حین ذهبت تشریعات اخرى ومنها المشرع المصری الى النص صراحة على عدم المعاقبة عن الشروع اذ تنص المادة (264) من قانون العقوبات (لا عقاب على الشروع فی الاسقاط ....) هذا فیما یذهب رأی فی الفقه المصری الى القول بانه فی الحالة التی ینفصل فیها الجنین ویبقى حیا (کنتیجة لما قام به الفاعل) فانه ینتفی وصف الجریمة عن الاجهاض ویعد مجرد الشروع فیه ، اما بقیة التشریعات ومنها المشرع العراقی فانها ترکت امر الشروع فی جریمة الاجهاض للقواعد العامة فی القانون الجنائی ، اذ لم تتضمن تاکیده او نفیه بنصوص خاصة کما فعل المشرع المصری.
هذا وقد تقترن جریمة الاجهاض برضى المرأة الحامل بظرف مخفف فی حالة اجهاض المرأة نفسها او مکنت احد اقربائها حتى الدرجة الثانیة من ذلک اذا کان الاجهاض اتقاءً للعار. کما تقترن هذه الجریمة بظروف مشددة فقد جعل المشرع من صفة الجانی ظرفا مشددا وذلک اذا کان طبیبا او صیدلیا او کیمیائیا او قابلة او احد معاونیهم، فضلا عن منع الفاعل من مزاولة هذه المهنة مدة لاتزید على ثلاث سنوات. وقد یفضی الإجهاض سواء تم برضا الحامل أم بدون رضاها ، الى موت المجنى علیها ، وحیث أن المصلحة محل الحمایة فی هذه الحالة وهی (حق الأم فی حیاة) أکثر أهمیة وخطورة من المصلحة محل الحمایة لجریمة الإجهاض بمفردها ، لذا فقد أفرد لها المشرع عقوبة هی أشد جسامة من عقوبة جریمة الإجهاض بصورها کافة ، فضلاً عن کونها تمثل نموذجا قانونیاً مختلفاً عن النموذج القانونی العام لجریمة الإجهاض بصورتها المبسطة .
غیر اننا نجد ان المشرع العراقی قد فرض عقوبة وفق (الشق الاخیر) من الفقرة (2) من المادة (417) بالسجن مدة لاتزید على سبع سنوات فی الحالة التی یترتب علیها وفاة المرأة الحامل حتى ولو لم یتم الاجهاض ، وهی عقوبة کما نعتقد خفیفة ولاتتناسب مع النتائج الجرمیة الناجمة عن التعدد الصوری او المعنوی للسلوک الذی ارتکبه الفاعل قاصدا بالاصل جریمة الاجهاض ، اذ بالرغم من التنازع الظاهری للنصوص فی هذه الواقعة ، إذ یتنازع النص الذی یحمی مصلحة الجنین فی الحیاة المستقبلیة مع النص الخاص لحمایة مصلحة الام فی الحیاة ، الا ان المشرع حسم الامر وعد الجریمة التی ترتکب على وفق الصورة المشار الیها بانها جریمة الاجهاض المفضی الى موت کما سماها بعض الباحثین التی یکون الرکن المعنوی فیها رکن مزدوج التکوین یجمع بین القصد والخطأ ، فالقصد یتمثل فی اتجاه اردة الجانی الى الاجهاض ، والخطأ یتجسد فی حدوث النتیجة التی تعدت قصد الجانی وهی وفاة الام الحامل.
اما اذا ادى فعل الاجهاض بدون رضا الحامل الى وفاتها ایضا فان المشرع قد جعل العقوبة السجن مدة لاتزید على خمس عشرة سنة.
وبهذا الصدد فلا بد من التساؤل ونحن بصدد بحث المصلحة محل الحمایة فی جریمة الإجهاض ، هل أن موت الحامل یعد ظرفاً مشدداً لجریمة الإجهاض أم أنه یعد عنصراً فی جریمة خاصة ؟
یذهب الرأی الراجح فی الفقه الجنائی وبحق، الى أن معیار التفرقة فی الحالة المشار إلیها ، هو البحث عن المصلحة القانونیة المعتدى علیها ، فإن اقتصر تفاقم النتائج الجرمیة فی جریمة الإجهاض على مجرد تشدید جسامه الاعتداء ، أو الأمعان فی المساس على ذات المصلحة التی یحمیها النموذج العام لجریمة الإجهاض ، وهو الفقرة (1) من المادة 417 من قانون العقوبات العراقی فی حالة الإجهاض عمداً برضا الحامل ، والفقرة (1) من المادة (418) من القانون نفسه فی حالة الإجهاض عمداً بدون رضا الحامل ، فإن جسامه النتیجة فی مثل هذه الحالة تعد ظرفاً مشدداً . غیر أن المشرع العراقی لم یضمن الفقرة (2) من المادة نفسها بأن موت المجنی علیها بالأحوال المشار إلیها یعد ظرفاً مشدداً ، بالرغم من تشدد العقوبة وجعلها السجن مدة لا تزید على سبع سنوات فی حالة الإجهاض برضاها ، وأصبحت السجن مدة لا تزید على خمس عشرة سنة فی حالة الإجهاض بدون رضاها وحیث أن المشرع العراقی قد أوضح بأن ارتکاب جریمة الإجهاض عمداً سواء برضا الحامل أو بدون رضاها من قبل الطبیب أو الصیدلی أو الکیمیائی أو القابلة یعد طرقاً ظرفاً مشدداً فی الفقرتین (3) من المادتین 417 و 418 ، ولما کان الإجهاض الذی یفضى الى وفاة المجنی علیها ، ینتهک مصلحة غیر تلک التی حماها المشرع فی جریمة الإجهاض المجرمة بالنموذج العام للجریمة ، فلا شک أن موت المجنى علیها یؤدی الى تغییر المصلحة القانونیة ، ولا مناص حینئذ من عدة رکناً مکوناً لجریمة خاصة ، وذلک لتغدر القول بان المصلحة القانونیة محل الحمایة التی حماها المشرع فی الأحوال التی یؤدی فیها الإجهاض الى موت الحامل سواءاً تم الإجهاض برضا الحامل أم بدون رضاها ومنصوص علیهما بالفقرتین (2) من مادتین (417) و (418) من ق ع هی عین المصلحة التی حماها بالنموذج العام لجریمة الإجهاض بصورتها الاعتیادیة .
لذا فان العنصر الإضافی الذی أرتبط بجریمة الإجهاض انفة الذکر ، تمثل رکناً فی جریمة خاصة وهی الإجهاض المفضی الى موت . أما جریمة الإجهاض التی یرتکبها الأطباء ومن فی حکمهم دون أن تؤدی الى وفاة المجنى علیها ، فلا مجال من عدها جریمة إجهاض مرتبطة بظرف مشدد کما نص على ذلک المشرع العراقی بحق فی المادتین (417/3) و (418/3) لکون أرتکاب جریمة الإجهاض من قبل الطبیب والصیدلانی ومن فی حکمهم یغیر فقط من جسامة الاعتداء على المصلحة دون أن یمس مصلحة أخرى مختلفة بالاعتداء .
الأمر الذی تکون معه المصلحة محل الحمایة لیست واحدة ، وبالتالی فان الوصف القانونی لهذه الجریمة یکون (الإجهاض المفضی الى موت) وهی جریمة خاصة تتمیز عن جریمة الإجهاض المجرمة بالنموذج العام باختلاف المصلحة محل الحمایة التی یرعاها المشرع بنص التجریم ، وهی معیار التفرقة بین الرکن الخاص للجریمة والظرف الذی یلحق بالجریمة ویغیر من جسامه الاعتداء على المصلحة دون أن یغیر المصلحة ذاتها ، مما یستلزم التدخل التشریعی لصیاغة نص خاص بجریمة الإجهاض المفضی الى موت .
اما بصدد جریمة من یعتدی على امرأة حامل وهو یعلم بذلک ، بالضرب او بالجرح او بالعنف او باعطاء مادة ضارة ، او بارتکاب فعل اخر مخالف للقانون ، دون ان یقصد اجهاضها ، ولکن الفعل تسبب باجهاضها، فقد فرض المشرع العراقی على مرتبکها عقوبة الحبس بموجب المادة 419 من قانون العقوبات ، ولما کانت هذه الجریمة تعد من جرائم الضرب المفضی الى الاجهاض ، وحیث ان المشرع قد فرض العقوبة المشار الیها ، مع علم الفاعل بان المرأة حامل ، ولما کان على الفاعل ان یتوقع نتائج اجرامیة لفعله المتمثل بالضرب او العنف او الجرح ، وانه قد اقدم على ذلک قابلا المخاطرة بتلک النتائج الامر الذی یجعل من جریمته فی حالة تحقق الفروض المشار الیها جریمة عمدیة ، لذا کان الاجدر بالمشرع ان یشدد عقوبة هذه الجریمة ویطلق علیها جریمة الضرب المفضی الى اجهاض . وفی حالة تعذر ذلک ، فکان على المشرع ان یجعل حالة الاجهاض الناجمة عن فعل عمدی دون ان یقصد الفاعل ذلک ( ضرب مفضی الى اجهاض)، هی احدى صور الایذاء العمد المنصوص علیها بالمادة (412/2) من قانون العقوبات والتی تصل العقوبة فنها الى السجن مدة سبع سنوات .
المطلب الثانی
المصلحة فی تجریم الاجهاض واباحته وعدم المعاقبة عنه
لابد من الاشارة ابتداءً الى ان التشریعات الجزائیة لم تعالج جریمة الاجهاض فی نظام قانونی خاص بها، فبعض المشرعین یجد المحل القانونی لهذه الجریمة فی الاخلاق والاداب العامة التی تتجسد فی القواعد والاداب والفضائل التی تعارف الناس على احترامها واصبح انتهاکها یؤذی مشاعرهم. فیما ذهبت تشریعات اخرى الى تناول هذه الجریمة ضمن الجرائم الواقعة على الانسان بوصف هذه الجریمة تقع على آحاد الناس وبالدقة على احد النساء. اما الاتجاه الثالث فقد عالجها ضمن الجرائم الواقعة على العائلة .
وحقیقة الامر وعلى الرغم من کون المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض تتجسد فی حق الجنین فی الحیاة المستقبلیة وهی المصلحة الاساس ، غیر ان المشرع یأخذ بنظر الاعتبار من خلال تشدید العقوبة ، ما یتداخل مع الاجهاض من ملابسات وأوضاع مثل رضا الام او عدم رضاها فضلا عن حمایته لمصالح أخرى تتصل بنتیجة الاجهاض مثل وفاة المرأة الحامل ، او ظروف تتعلق بالوسیلة التی تستخدم فی الاجهاض او توفر صفة معینة فی الجانی ، او الاجهاض بعد الشهر الرابع ، او بالباعث على الجریمة وقد تشکل قسم من هذه الأوضاع ظروفاً فی الجریمة فیما یمثل القسم الأخر منها عنصراً خاصاً فی جریمة مستقلة .
کما ان المشرع یحمی بذات النصوص التی تعاقب عن جریمة الاجهاض مصالح اخرى مثل مصلحة الام فی ابعاد المخاطر والاضرار المهلکة لها بسبب هذه العملیة ، کما ان الاجهاض ولاشک یؤدی الى اضرار بمصالح المجتمع ویؤدی الى هلاک اعداد هائلة من الاجنة قبل ان ترى النور ، کما تذهب اعداد کبیرة من الامهات ضحیة الموت بسبب حالات الاجهاض .
بمعنى ان المشرع فی الوقت الذی یحمی فیه مصلحة اساسیة من المصالح التی تمثل لبنة فی النظام القانونی للسیاسة الجنائیة التی یتبناها ، والمتمثلة فی حق الجنین فی الولادة الطبیعیة وحمایته من التعرض للموت قبل ذلک ، فانه یحمی النظام الاجتماعی وحقه فی النماء، کما انه یحمی الام التی لابد وان تمس باضرار جراء حالة الاجهاض .
اما فیما یخص المصلحة فی اباحة الاجهاض او عدم المعاقبة عنه ، فلابد من الاعتراف اولا، ان الاجهاض اصبح فضلا عن کونه جریمة له نظامه القانونی الخاص به ، فانه مشکلة اجتماعیة ذات ابعاد اخلاقیة ودینیة تتطلب ایجاد قواعد مشترکة لوجهات النظر المتعارضة وارساء ضوابط تحدد الحالات التی یباح فیها الاجهاض او عدم المعاقبة عنه. فقد ذهب رأی الى ان المصلحة فی اباحة الاجهاض تتمثل فی الصحة الجسمیة والعقلیة للمرأة والجنین فی الحال والاستقبال ، کما انه لیس من الصواب ان ترغم امرأة على حمل طفل لاتریده ، وان الاخلاق تدعو الى نجدة المرأة ضحیة الاغتصاب او زنا المحارم او الفتاة الصغیرة او المتخلفة عقلیا ضحیة الغدر والتغریر .
هذا فیما ذهب رای اخر الى ان المصلحة فی اباحة الاجهاض تکمن فی ان الجنین فی الاشهر الثلاثة الاولى من الحمل لایعدو کونه مجرد نسیج یمثل جزءا من جسم امه ، الامر الذی یعطی المرأة الحق فی البت فی مصیر حمل الجنین .
اما الاتجاه الثالث فیرى ان المصلحة فی اباحة الاجهاض تتمثل فی حمایة الام وحمایة صحتها البدنیة والعقلیة فی حالة الاغتصاب او الزنا او ان کان هناک احتمال کبیر لمیلاد طفل مشوه مع التاکید على تخفیف العقاب عنها ما امکن واعفاءها منه ان لزمت افادتها لتجریم من تولى اجهاضها .
هذا ولقد اختلف الرأی والفقه الجنائی فی تحدید الاساس القانونی لاباحة الاجهاض او عدم المعاقبة عنه ، فبعض التشریعات تذهب الى ان الاساس هو رضا المریض، فیما یزعم بعض أنه انتفاء القصد الجنائی ، وثالث یقول انه استعمال الحق ، ورابع یصرح بانه الدفاع الشرعی ، واخر یفید بانه الاکراه المعنوی .
غیر ان الفقه یکاد یتفق على ان اساس اباحة الاجهاض هو الضرورة ، ویقصد بالضرورة الحالة التی یکون فیها شخص ما فی ظرف یضطره الى ارتکاب سلوک معاقب علیه فی الحالات العادیة وذلک لیدفع عن نفسه او ماله او نفس الغیر او ماله خطرا جسیما محدقا به ، ولو کان فی هذا الدفع اعتداء على حقوق الاخرین.
وقد تناول المشرع العراقی حالة الضرورة فی المادة (63) من قانون العقوبات التی تنص على انه ((لایسأل جزائیا من ارتکب جریمة الجأته الیها وقایة نفسه ، او غیره او ماله او مال غیره من خطر جسیم محدق لم یتسبب هو فیه عمدا ولم یکن فی قدرته منعه بوسیلة اخرى ، وبشرط ان یکون الفعل المکون للجریمة متناسبا والخطر المراد اتقاؤه ولایعتبر فی حالة ضرورة من اوجب علیه القانون مواجهة ذلک الخطر)).
علما ان المشرع العراقی لم ینص على اباحة الاجهاض على اساس الضرورة ، الامر الذی یحمل على اللجوء الى اعمال القواعد العامة والاستفادة من المادة (63) المشار الیها اعلاه للاعفاء من المسؤولیة
المطلب الثالث
موقف المشرع الجنائی من تدمیر اللقیحة فی الاخصاب خارج الرحم
سنتناول فی هذا المطلب مفهوم تخصیب البویضة خارج الرحم ، وموقف المشرع الجنائی من تدمیر اللقیحة خارج الرحم .
الفرع الأول
مفهوم تخصیب البویضة خارج الرحم
إبتداء لابد من الاشارة الى أن الفقهاء المسلمین قد اختلفوا بشأن تحریم الاجهاض قبل أن تنفخ الروح فی الجنین ، أی قبل مرور 120 یوماً على تلقیح البویضة ، فقد ذهب جانب منهم الى تحریم الاجهاض منذ اللحظة التی تستقر فیها النطفة فی الرحم ، ومن حججهم فی ذلک أن مادة التلقیح لها حیاة یعتد بها ، فیکون أفسادها جنایة ، وهی أول مراتب الوجود ، وعنها تتطور مادة الحیاة المتسلسلة وذلک أستناداً لما رواه الأمام مسلم بسنده عن حذیفة أبن أسید الغفاری ، قال : سمعت رسول الله r یقول : (أذا مر بالنطفة أثنتان وأربعون لیلة بعث الله إلیها ملکاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها...) فیما ذهب جانب آخر منه الى إباحة الاجهاض أذا تم قبل نهایة الاربعین یوماً الأولى من الحمل أما الفئة الثالثة فانهم یبیحون الاجهاض قبل نفخ الروح ، أی قبل 120 یوماً ، عند وجود سبب لذلک ویشترطون موافقة الزوج على ذلک ونلخص من ذلک أن أنه بمجرد التلقیح یبدأ الحمل فعلاً ، وتعد المراة حاملاً ، ویکون کل إخراج لحملها سواء کان فی أیامه الأولى أم فی الأشهر الاخیرة ، مکوناً لفعل الاسقاط .
وعلى أساس ما تقدم فلا بد من التساؤل عما إذا کان تدمیر اللقیحة فی الإخصاب خارج الرحم یعد بمثابة إجهاض ، ویخضع للتجریم شأنه شأن جریمة الاجهاض ، أم له وصف قانونی مختلف .
إن تدمیر اللقیحة فی الاخصاب خارج الرحم ، یتم على أثر عملیة التلقیح الصناعی الخارجی بأخذ بویضة من مبیض المرآة بجهاز خاص ، ووضع هذه البویضة فی انبوبة اختبار بها سائل منوی ثم توضیح الانبوبة فی درجة حرارة تشابه حرارة الرحم ، فاذا تم التلقیح والتحم الحیوان المنوی بالبویضة فقد حصل منهما لقیمة کاملة .
وحیث أن هذه اللقیحة ، تنقسم بدورها الى عدد من الخلایا ومن ثم یتکون لدینا بدایة أولى للجنین ، وحینئذ تنقل الى الرحم ، فقد سمی هذا التلقیح بالتلقیح الخارجی ، لان التلقیح قد تم خارج الرحم ،ویطلق على الاطفال الذین یولدون نتیجة بهذا التلقیح اسم أطفال الانابیب.
ولکن الذی یهمنا فی هذا الجانب هو متى تبدأ الحیاة فی هذه اللقیحة ؟ وهل أن تدمیرها یعد تعدیاً على الحیاة فی طور من أطوارها ؟ وأذا نجحت عملیة الزرع فی المرأة فما هو مصیر الفائض من البیوض الانثویة الملقحة ؟ وهل یجوز تدمیرها ؟
الفرع الثانی
موقف المشرع الجنائی من تدمیر اللقیحة خارج الرحم
لقد أختلف الفقهاء المسلمین بشأن إجازة الاجهاض فی مرحلة ما قبل نفخ الروح ، فهو فی نظر بعض مجرد سائل ، أو علقة من دم أو مضغة من اللحم ، ولذلک أجازوا الاجهاض أذا دعت الیه الحاجة، وهناک فریق آخر من الفقهاء ، اختلفوا بشأن النطفة قبل تمام الاربعین على قولین : فقد قیل لا یتبث لها حکم السقط والوأد ، وقیل لها حرمة ولایباح إفسادها.
ومن الحنفیة من رفض الاباحة مطلقاً قیاساً على تحریم کسر بیض الصید فی الحرم بالنسبة للمحرم إذ المحرم لو کسر بیض الصید ضمنه لأنه أصل الصید ، وان الماء بعدها یقع فی رحم المرآة ما له الحیاة فیکون له حکم الحیاة لبیضة صید الحرم.
ووجه هذا الدلیل هو أن الله تعالى قد حرم على المحرم قتل الصید فقال جل شأنه ((یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّیْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنکُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ...)).
أما بشأن موقف المشرع الجنائی من مسألة ، قیام أحد الاطباء الذین یقومون بمهمة التلقیح الخارجی للبویضة ، أو أحد العاملین معه بتدمیر اللقیحة عمداً قبل نقلها الى الرحم ، فان المشرع الجنائی لم یعالج هذه المسألة بمادة عقابیة مستقلة ، ولما کانت البویضة المخصبة هی مشروع أو بدایة أولى للجنین ، ولما کانت مسألة إسقاط الحمل فی بدایة تلقیح البویضة ، سواء کان التلقیح طبیعیاً أم جرى بشکل تلقیح خارجی ، لا تختلفان عن بعضهما شیئأ من الناحیة الطبیة والقانونیة ، وحیث أن المشرع یستجیب دائماً لمعالجة الجرائم الناجمة عن إستخدام التقنیات العلمیة ومنها مسألة الاخصاب خارج الرحمة ، لذا نرى من الضروری أن تخضع مسألة التلقیح خارج الرحم لضمانات شرعیة وطبیة واداریة وامنیة تحت ادارة واشراف نظام مؤسساتی ، تکفل تلقیح بویضة الزوجة بمنی الزوج على وجه التحدید ، وان لاتترک هذه المسألة لاهواء طبیب مختص ینفرد باتخاذ قرار التخصیب واتلاف اللقیحات الزائدة , لما یترتب على الاخلال بهذ العملیة من اثار سلبیة تتعلق بجوانب دینیة واجتماعیة وعلمیة بالغة الخطورة وان یتصدى المشرع لتجریم مسألة تدمیر البویضة المخصبة خارج الرحم عندمأ ترتکب عمدأ من قبل الطبیب أو الکادر الطبی أذا تم ذلک قبل زرعها فی رحم الأم ، وذلک لان الاجهاض مجرم فی جمیع مراحله احتراماً للبذرة التی یخلق منها الانسان وتکریمأ له .
أما مصیر اللقائح الفائضة بعد تحقق الحمل ، والتی تمثل بدایة حیاة الجنین فهل یجوز استخدامها مرة أخرى لامرآة تعانی من العقم ، أم تستخدم لاغراض التجارب والمختبرات العلمیة ، أم یتم اتلافها ؟ لاشک أن البویضات المخصبة والفائضة عند الحاجة لا یجوز استخدام زرعها فی رحم أمرآة تعانی من العقم ، لکون ذلک محرم شرعاً وقانوناً ، إذ کیف لامرآة أن تحمل فی أحشائها جنین لم تشارک فیه لا هی ولا زوجها ، فضلاً من أن ذلک یؤدی الى أختلاط الانساب . ولذلک قرر الفقهاء حرمة ذلک.
أما إستخدام هذه الاجنة من أجل البحث العلمی ومعرفة الأمراض الوراثیة ، فان ذلک قد سمحت به بعض الدول وبحدود ضیقة الى الیوم الرابع عشر من عمر الجنین وذلک قبل تکون الشریط الأول الذی یتکون منه الجهاز العصبی .
أما مسالة جواز إتلاف اللقائح الزائدة ، ولما کانت هناک محاذیر شرعیة وقانونیة فیما متعلق باستخدامها للاغراض العلمیة ، وعدم جواز أعدامها ، لذا فان ترک هذه اللقائح وشأنها للتعرض للموت الطبیعی أمر منطقی ومقبول، ولکن ذلک لا یمنع من أتلافها أذا دعت الضرورة الى ذلک ، کما هو الشأن فی مسألة أجهاض الحامل للضرورة ، غیر أننا نرى أن یصار الى أصدار قانون خاص ینظم عملیات التلقیح الصناعی من الناحیة الطبیة والقانونیة ویتضمن الاجراءات الخاصة الواجب أتباعها للمواضیع أشار الیها ، فضلاً عن ضرورة تضمنه جزاءات رادعة لاساءة أستخدام اللقیمات أو أعدامها عمدأ دون ضرورة.
الخاتمة :
بعد أن انتهینا من دراسة موضوع (المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض) تأصیلاً وتحلیلاً فقد توصلنا الى جملة من النتائج والتوصیات والتی نأمل أن تکون جدیرة باهتمام المشرع العراقی عند مراجعته للنصوص الجزائیة المتعلقة بهذا الموضوع.
النتائج :
1. إن مفهوم المصلحة فی التشریع الجنائی یعد من المواضیع التی نالت نصیبها من البحث والتحلیل قدیماً وحدیثاً، بحیث لم یتفق فقهاء القانون على مفهوم ومعیار محدد لها. فمرة تتعلق بالسعادة الشخصیة، واخرى تقترن بالمنفعة العامة، وثالثة یشترط فیها الحمایة القانونیة.
2. یشترط فی المصلحة أن تتوفر فیها ثلاثة اعتبارات مهمة، وهی أن توجد علاقة تربط الشیء بالمنفعة، وان توجد حالة تقییم تربط بین الاموال والاشخاص، وان یحظى هذا التقییم بحمایة المشرع.
3. توصلنا الى تعریف المصلحة القانونیة بأنها "المنفعة محل الحمایة القانونیة التی یضفیها المشرع على الحق المعتدى علیه أو المهدد بالاعتداء".
4. إن المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض تختلف باختلاف السیاسة الجنائیة التی یتبناها المشرع والتی تستند بدورها الى اعتبارات فکریة ودینیة واجتماعیة واخلاقیة، فمرة تکون هذه المصلحة هی حق الجنین فی الحیاة المستقبلیة والولادة الطبیعیة فحسب، ومرة تکون الى جانب ذلک حق الام فی سلامة جسدها، وحق المجتمع فی النماء والتطور، ومرة یکون رضا الحامل فی الاجهاض مبرراً لتخفیف العقوبة، ومرة آخرى یساوی المشرع فی العقوبة إن تم الاجهاض برضاء الحامل أو دون رضاها.
5. فی الوقت الذی ذهبت فیه بعض التشریعات الجنائیة الى إباحة الاجهاض، فأن تشریعات أخرى حرمته، وعدت الاجهاض جریمة سواءً کان برضا الأم أم بدون رضاها ، إذا تم إسقاط الجنین من بطن أمه عمداً وبأیة وسیلة، فیما لم تعالج هذه التشریعات مسألة أعدام اللقیحة کما فی حالة الاخصاب خارج الرحم، کما اختلفت تلک التشریعات فی مسالة فرض العقوبة عن الشروع فی هذه الجریمة من عدمه، وذهبت بعضها الى ترک الشروع فی هذه الجریمة للقواعد العامة فی القانون الجنائی کما هو شأن المشرع العراقی، فی حین ذهب البعض الآخر منها الى النص صراحة على عدم المعاقبة على الشروع کما هو الامر بالنسبة للمشرع المصری فی المادة (264) من قانون العقوبات.
6. إن المصلحة محل الحمایة فی جریمة الاجهاض ذات جذور قانونیة وطبیة موغلة فی القدم فقد تضمنتها الکثیر من التشریعات القدیمة کقانون حمورابی والقانون الرومانی، وقسم أبقراط فی الطب.
7. إن المشرع الجنائی یحمی بالنصوص التی تجرم الاجهاض، فضلاً عن مصلحة الجنین فی الحیاة المستقبلیة وهی المصلحة الاساس، مصالح آخرى مثل حق الأم فی سلامة جسدها وابعاد المخاطر والاضرار المهلکة عنها ومصلحة المجتمع ممثلة بهلاک الاجنة وتعرض اعداد کبیرة من الامهات للموت بسبب حالات الاجهاض.
8. ان الاساس القانونی لاباحة الاجهاض فی الاحوال التی یجوز فیها ذلک من الناحیة الطبیة والقانونیة، هی حالة الضرورة التی علاجها المشرع العراقی فی المادة (63) من قانون العقوبات والتی هی أحدى حالات الاعفاء من المسؤولیة، ولیس من اسباب الاباحة.
التوصیات :
1. لما کانت جریمة الایذاء عمدا بارتکاب أی فعل مخالف للقانون والتی ینجم عنها حالة إجهاض للمرأة الحامل فی الاحوال التی لا یتوفر فیها القصد الجرمی للفاعل بالاجهاض، تمثل صورة من صور التعدد المعنوی أو الصوری للجرائم او کما تسمى (جریمة الضرب المفضی الى إجهاض)، والتی عالجها المشرع العراقی بالمادة 419 التی تنص على أنه "یعاقب بالحبس من اعتدى عمداً على أمراة حبلى مع علمه بحملها... دون أن یقصد أجهاضها وتسبب ذلک باجهاضها". ولما کان الاجهاض الذی لم ینصرف الیه القصد الجرمی للفاعل فی حالة الاعتداء عمداً، یمکن أن یحصل بسبب الخطأ او الاهمال أو الرعونة، وحیث أن المصلحة محل الحمایة فی الفرضیتین المشار الیهما هی واحدة، فکان الاجدر بالمشرع العراقی أن یعید صیاغة المادة (419) من قانون العقوبات لکی تکون على شقین، یتضمن الأول تجریم الاعتداء عمداً الذی نجم عنه حالة الاجهاض، ولو لم تنصرف ارادة الفاعل الى الاجهاض، وان یتضمن الشق الثانی تجریم أی حالة او صورة من صور الخطأ الذی ینجم عنه الاجهاض، لکون المصلحة محل الحمایة فی الحالتین هی مصلحة واحدة، على أن یآخذ المشرع بنظر الاعتبار، تمییز حالة الاعتداء عمداً عن حالة الاهمال عند تقدیر العقوبة.
- 2. نقترح أن یلتفت المشرع العراقی الى ضرورة صیاغة مادة قانونیة فی الفصل الخاص بالاجهاض تنص بأنه لا عقاب على الاجهاض الذی تستوجبه ضرورة إنقاذ حیاة الام، فی الحالات التی یتقرر فیها الاجهاض لهذا السبب من قبل لجنة طبیة مختصة فی مستشفى حکومی للولادة، دون أ، یترک أمر تقریر هذه الحالة لتعلیمات اللجان الطبیة فقط، واسوة بما ذهب الیه المشرع المغربی فی المادة 435 من قانون العقوبات.
3. ندعو المشرع العراقی الى ضرورة صیاغة نص خاص لتجریم الإجهاض الذی یفضی الى موت المجنى علیها سواء تم الإجهاض برضاها أم بدون ذلک أو تشدید العقوبة فی الاحوال التی یفضی فیها الفعل العمدی الذی یرتکبه الجانی قاصداً الاجهاض الى وفاة الام کذلک، ولو لم یؤدی الفعل الى الاجهاض، إذ جعل المشرع العراقی العقوبة على وفق نص الفقرة (2) من المادة (417) من قانون العقوبات هی السجن لمدة سبع سنوات، فی حین أن الوصف القانونی لهذه الجریمة هی إجهاض مقضی الى موت، أی أن هناک تعدد صوری للجرائم ، ویکون الرکن المعنوی فی هذه الجریمة، مزدوج التکوین، یجمع بین القصد والخطأ فیتجسد فی حدوث النتیجة التی تعدت قصد الجانی وهی وفاة الام الحامل، الامر الذی یستوجب تدخلاً تشریعیاً لتغلیظ العقاب فی هذه الحالة.
4. ندعو المشرع العراقی الى تشدید عقوبة الاعتداء عمدأ على إمرأة حبلى بالضرب أو بالعنف أو باعطاء مادة ضارة، أو أی فعل مخالف للقانون، مع علمه بحملها، ودون أن یقصد اجهاضها وادى ذلک الى إجهاضها والمعاقب عنها بالحبس وفق المادة 419 من قانون العقوبات وأن تتحدد مسؤولیته الجنائیة على أساس القصد الأحتمالی أو أن یجعل حصول حالة الاجهاض بسبب الاعتداء العمدی مع علم الفاعل بحمل المرأة، أحدى صور الایذاء العمد المنصوص علیها فی المادة 412/2 من قانون العقوبات والتی عاقب عنها المشرع بالسجن سبع سنوات
5. ندعو المشرع العراقی الى تعدیل نص المادة 417/2 من قانون العقوبات وتشدید العقوبة عن حالة الاجهاض برضا الام وجعلها الحبس بدلاً من الحبس مدة لا تزید على سنة واحدة، لتقلیل الفرق بینها وبین عقوبة الاجهاض بدون رضا الحامل وهی عشرة سنین، لکون المصلحة محل الحمایة فی الحالتین هی الجنین فی بطن أمه، ولکی لا یستحوذ رضا الام من عدمه فی حالة الاجهاض على کل هذا الفرق الشاسع بین العقوبتین إذ تتعلق بالجنین مصلحته الذاتیة ومصلحة المجتمع فضلاً عن مصلحة الأم.
6. ندعو المشرع العراقی الى معالجة موضوع الاجهاض خارج الرحم والمتمثل بتدمیر البویضة المخصبة عن طریق التلقیح الخارجی، بعد أن توصلت التقنیات الطبیة الى ذلک، ولا سیما وان عملیة التخصیب خارج الرحم تعد بمثابة مشروع أو بدایة أولى للجنین، وحیث أن القانون یعاقب عن الاجهاض بغض النظر عن تاریخ حصول الحمل حتى ولو کان فی الایام الأولى، لذا فأن الاجدر بالمشرع التصدی لتجریم تدمیر البویضة المخصبة خارج الرحم. من خلال ایجاد ضمانات قانونیة یکفل تنفیذها نظام مؤسساتی یخضع لاعتبارات شرعیة وطبیة واجتماعیة واخلاقیة .
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: books and dictionaries
1. Jamal al-Din bin Manzoor, San'a al-Arab, c3, The Egyptian House of Translation and Translation, Cairo, without a year printed.
2. Jamil Saliba, Philosophical Dictionary, C2, Lebanese Book House, Beirut, 1973.
3. Majd al-Din ibn Yaqub al-Fayrouz Abadi, The Surrounding Dictionary, C1, Dar al-Hiyat al-Tarath, Beirut, 2000.
Second: Legal books
1. Dr. Ibrahim Mohamed Ali: interest in the constitutional case, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, no year printed.
2. Dr. Ahmed Mohamed Khalifa: The General Theory of Criminalization, Dar Al-Maarifah Press, Cairo, 1959.
3. Bentam: The Origins of the Laws, translated by Ahmed Effendi Zaghloul, the printing press of Amiri in Boulaq, Cairo, no year printed.
4. Tavka Abbas al-Bustani: Protection of Women in Iraqi Criminal Law, Arbil, 2005.
5. Tawfiq Hassan Faraj, Introduction to Legal Sciences, El-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1966.
6. T. Tawil: The Doctrine of Public Benefit: The Arab Renaissance Library, Cairo.
7. Dr. Hussein Osman Mohamed, Political Systems and Constitutional Law, University House, Beirut, 1988.
8. Dr. Hamid Al-Saadi: Explanation of the new Penal Code, Crimes against people, C3, Al-Ma'aref Press, Baghdad, 1967.
9. Dr. Jalal Tharwat: Explanation of the Penal Code General Department, University House, Beirut, 1989
10. Khalil Jarih: Lectures in the Theory of the Case, II, Nofal Foundation, Beirut, 1980.
11. Dr. Raouf Obaid: Crimes against people and money, 2, Dar al-Fikr al-Arabi, no year printed.
12. Suleiman Marks, Summary of the Introduction to Legal Science, International Press, Cairo, 1953.
13. Cesar Beccaria: - Crimes and penalties, translation d. Yacoub Mohammed Ali Hayani, Journal of Law, Faculty of Law, Kuwait University, p.1, 1984.
14. Dr. Adel Azar: The General Theory in Crimes, International Press, Cairo, 1967.
15. Dr. Abbas Zaboun Al-Abbawi: Explanation of the provisions of the Civil Procedure Law, Dar al-Kutb for Printing and Publishing, University of Mosul, 2000.
16. Dr. Abdel-Azim Morsi: The Predicted Conditions in the Crime, An Empirical Analytical Study, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1983.
17. Abdul Malik Yas, Foundations of Law, Theories of Law and Truth, Salman Al-Azmi Press, Baghdad, 1968.
18. Dr. Fakhri Abdul Razzaq al-Hadithi: Explanation of Penal Code, Special Section, Al-Zaman Printing Press, Baghdad, 1996.
19. Frederick Nietzsche: This is how Zerad Schott, the High Office for Printing and Publishing, Beirut, 1979.
20. Dr. Kamel Al-Saeed: Crimes against Humanity, Al-Dustour Printing Press, Amman, 1988.
21. Louis Shamaan: Applied Forensic Medicine, Al-Arshad Press, Baghdad, 1973.
22. Dr. Maher Abdul Shweish Aldra: Explanation of the Penal Code, Special Section, I 2, Dar al-Kutub for printing and publishing, Mosul, 1997.
23. Dr. Majeed Humaid Al Anbuge: Impact of Interest in Legislation, First Book, Saddam College of Law, No Place to Print.
24. Muhammad Labib Shanab, Lessons in the Theory of Truth, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1977.
25. Dr. Mohamed Nouri Kazem: Explanation of the Penal Code - Special Section - Freedom House for Printing and Publishing, Baghdad, 1977.
26. Mahmoud Taha Jalal: Foundations of Criminalization and Punishment in Contemporary Criminal Policy, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 2005.
27. Dr. Mahmoud Naguib Hosni: Penal Code, Special Section, Crimes against people, Dar al-Nahda al-Arabiya, 1978.
28. Dr. Mustafa Mohamed Jamal and Dr. Abdulhamid Mohammed Jamal, Law and Transactions, University House, Cairo, 1987.
29. Dr. Muftah Mohammed Aqzayt: Civil and Criminal Protection of the Fetus between Islamic Jurisprudence and Positive Law, Legal Books House, Cairo, 2006.
30. Dr. Wasfi Muhammad Ali: Forensic Medicine and Applied Sciences, C2, I 5, Al Ma'arif Press, Baghdad, 1976.
Third: Theses and theses
1. Ahmed Mustafa Ali: The responsibility of the criminal pharmacist for his professional mistakes, Master Thesis, Faculty of Law, Mosul University, 2001.
2. Jasim Leftah Salman: The Crime of Abortion in the Capitalist and Socialist Systems, Master Thesis, Faculty of Law and Politics, University of Baghdad, 1980.
3. Dr. Zayneh Ghanim Al - Obaidi: The Patient 's Will in the Medical Contract, PhD Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2005.
4. Dr. Saleh Hassanein Obaid: General Theory of Mitigating Conditions, PhD Thesis, Faculty of Law, Cairo University, 1970.
5. Dhari Khalil Mahmoud: Reza victim in Comparative Criminal Law, Master Thesis, Faculty of Law and Politics, Baghdad, 1977.
6. Adel Abdul Ibrahim: Doctor's Right to Practice Medical and Criminal Responsibility, Master's Thesis, Faculty of Law and Politics, University of Baghdad, 1977.
7. Dr. Abdel Moneim El Sharkawy: Theory of interest in the case, doctoral thesis, Cairo, 1947.
8. Dr. Mohammed Abbas Al - Zubaidi: The theory of interest in criminal appeal, PhD thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2006.
9. Dr. Mohammed Faiq al-Jawhari: Medical Responsibility in the Penal Code, PhD thesis, Faculty of Law, Fouad I University, 1951.
10. Dr. Mohammed Mardan Ali: Interest in Criminalization, PhD thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2002.
11. Dr. Muneef Hawass Al-Falaj: Crimes with Outcome, Theory and Practice, PhD Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2004.
12. Yasin al-Darkzli: The Criminal Group of the Decisions of the Syrian Court of Cassation, Dar Al-Anwar for Printing, Damascus, 1982.
Fourth: Books Islamic jurisprudence and principles of jurisprudence and modern:
1. Imam al-Ghazali: The Surgeon of the Origins of Science, 1, Dar Sader, Beirut, 1979.
2. Saheeh Muslim with the interpretation of nuclear c.
3. Dr. Mohammed Saeed Ramadan Al-Bouti: The rules of interest in the Islamic Sharia, I 2, Foundation letter, Beirut, 1977.
4. Dr. Mohamed Salam Madkour: The fetus and its related provisions in Islamic jurisprudence, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1969.
Fifth: Research and Legal Studies
1. Dr. Hassanein Ibrahim Saleh: The Idea of Interest in the Penal Code, Research published in the National Criminal Code, vol. 7, p. 2, Cairo, 1994.
2. Dr. Adel Azar: The Concept of Legal Interest, Research published in the National Criminal Code, p. 3, National Center for Social and Criminal Research, Cairo, 1972.
3. Dr. Kamel Khalid Al-Saeed: Abortion, Comparative Study, Research published in Dirasat (Sharia and Law), vol. 11, p3, 1984 University of Jordan, Amman.
4. Dr. Majid al-Anbouqi: The Idea of Interest and the Right, published in the Journal of Legal Studies, p1, p1, House of Wisdom, Baghdad, 1999.
5. Dr. Mohamed Mostafa El Kallaly Bey: abortion, research published in the Egyptian Medical Journal, Q2, p 7, 1937.
Sixth: Websites on the Internet
1 - www.asharqalawsat.com
2. www.rezgar.comaltadhad@hotmail.com
Seventh: Laws
1 - Law Hammurabi
2 - Egyptian Penal Code No. 58 of 1937
3 - Syrian Penal Code No. 148 of 1949
4. The Jordanian Penal Code No. 116 of 1960
5 - Iraqi Penal Code No. 111 of 1969
Eighth: The foreign language
1- clayton, S.Q "obstetrics by ten teachers" 13th ed, Edward Arnold Uk, 1980
مراجع البحث :
اولا : الکتب والمعاجم اللغویة
1. جمال الدین بن منظور ، لسان العرب ، ج3 ، الدار المصریة للتالیف والترجمة ، القاهرة ، بدون سنة طبع .
2. جمیل صلیبا ، المعجم الفلسفی ، ج2 ، دار الکتاب اللبنانی ، بیروت ، 1973 .
3. مجد الدین بن یعقوب الفیروز آبادی ، القاموس المحیط ، ج1 ، دار احیاء التراث ، بیروت ، 2000 .
ثانیا : الکتب القانونیة
1. د. إبراهیم محمد علی : المصلحة فی الدعوى الدستوریة ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، بلا سنة طبع .
2. د. احمد محمد خلیفة : النظریة العامة للتجریم ، مطابع دار المعرفة ، القاهرة ، 1959 .
3. بنتام : اصول الشرائع ، ترجمة احمد افندی زغلول ، المطبعة الامیریة ببولاق، القاهرة ، بلا سنة طبع.
4. تافکة عباس البستانی : حمایة المرأة فی القانون الجنائی العراقی ، اربیل ، 2005 .
5. توفیق حسن فرج ، المدخل للعلوم القانونیة ، منشأة المعارف بالاسکندریة ، 1966 .
6. د.توفیق الطویل :مذهب المنفعة العامة : مکتبة النهضة العربیة ,القاهرة .بدون سنة طبع .
7. د. حسین عثمان محمد ، النظم السیاسیة والقانون الدستوری ، الدار الجامعیة ، بیروت ، 1988 .
8. د. حمید السعدی : شرح قانون العقوبات الجدید ، جرائم الاعتداء على الاشخاص ، ج3 ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1967 .
9. د.جلال ثروت :شرح قانون العقوبات القسم العام ,الدار الجامعیة ,بیروت ,1989
10. خلیل جریح : محاضرات فی نظریة الدعوى ، ط2 ، مؤسسة نوفل ، بیروت ، 1980 .
11. د . رؤوف عبید : جرائم الأعتداء على الأشخاص والأموال ، ط2 ، دار الفکر العربی ، بلا سنة طبع .
12. سلیمان مرقس ، موجز المدخل للعلوم القانونیة ، المطبعة العالمیة ، القاهرة ، 1953.
13. سیزار بیکاریا :- الجرائم والعقوبات ، ترجمة د. یعقوب محمد علی حیانی ، مجلة الحقوق ، کلیة الحقوق ، جامعة الکویت ، ع1 ، 1984 .
14. د. عادل عازر : النظریة العامة فی ظروف الجریمة ، المطبعة العالمیة ، القاهرة ، 1967 .
15. د. عباس زبون العبوی : شرح احکام قانون المرافعات المدنیة ، دار الکتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 2000 .
16. د. عبد العظیم مرسی : الشروط المفترضة فی الجریمة ، دراسة تحلیلیة تأصیلیة ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 1983 .
17. عبد الملک یاس ، اصول القانون ، نظریتا القانون والحق ، مطبعة سلمان الاعظمی ، بغداد ، 1968 .
18. د. فخری عبد الرزاق الحدیثی : شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، المطبعة الزمان ، بغداد ، 1996 .
19. فردریک نیتشة : هکذا تکلم زراد شت ، المکتب العالی للطباعة والنشر ، بیروت ، 1979 .
20. د. کامل السعید : الجرائم الواقعة على الانسان ، مطابع الدستور التجاریة ، عمان ، 1988.
21. لویس شمعان : الطب العدلی التطبیقی ، مطبعة الارشاد ، بغداد ، 1973 .
22. د. ماهر عبد شویش الدرة : شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، ط2 ، دار الکتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1997 .
23. د. مجید حمید العنبکی : أثر المصلحة فی التشریعات ، الکتاب الأول ، کلیة صدام للحقوق ، بلا مکان طبع .
24. محمد لبیب شنب ، دروس فی نظریة الحق ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 1977.
25. د. محمد نوری کاظم : شرح قانون العقوبات –القسم الخاص- دار الحریة للطباعة والنشر ، بغداد ، 1977 .
26. محمود طه جلال : اصول التجریم والعقاب فی السیاسة الجنائیة المعاصرة ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 2005 .
27. د. محمود نجیب حسنی : قانون العقوبات ، القسم الخاص ، جرائم الأعتداء على الأشخاص ، دار النهضة العربیة ، 1978 .
28. د. مصطفى محمد جمال و د. عبد الحمد محمد جمال ، القانون والمعاملات ، الدار الجامعیة ، القاهرة ، 1987 .
29. د. مفتاح محمد اقزیط : الحمایة المدنیة والجنائیة للجنین بین الفقه الاسلامی والقانون الوضعی ، دار الکتب القانونیة ، القاهرة ، 2006 .
30. د. وصفی محمد علی : الطب العدلی علما وتطبیقا ، ج2 ، ط5 ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1976 .
ثالثا : الاطاریح والرسائل الجامعیة
1. احمد مصطفى علی : مسؤولیة الصیدلانی الجزائیة عن اخطاءه المهنیة ، رسالة ماجستیر ، کلیة القانون ، جامعة الموصل ، 2001 .
2. جاسم لفته سلمان : جریمة الاجهاض فی النظامین الرأسمالی والاشتراکی ، رسالة ماجستیر ، کلیة القانون والسیاسة ، جامعة بغداد ، 1980 .
3. د. زینة غانم العبیدی : ارادة المریض فی العقد الطبی ، اطروحة دکتوراه ، کلیة القانون ، جامعة الموصل ، 2005 .
4. د. صالح حسنین عبید : النظریة العامة للظروف المخففة ، أطروحة دکتوراه ، کلیة الحقوق، جامعة القاهرة ، 1970 .
5. ضاری خلیل محمود : رضا المجنی علیه فی القانون الجنائی المقارن ، رسالة ماجستیر ، کلیة القانون والسیاسة ، بغداد ، 1977 .
6. عادل عبد ابراهیم : حق الطبیب فی ممارسة الاعمال الطبیة ومسؤولیته الجنائیة ، رسالة ماجستیر ، کلیة القانون والسیاسة ، جامعة بغداد ، 1977 .
7. د. عبد المنعم الشرقاوی : نظریة المصلحة فی الدعوى ، اطروحة دکتوراه ، القاهرة ، 1947 .
8. د. محمد عباس الزبیدی : نظریة المصلحة فی الطعن الجنائی ، أطروحة دکتوراه ، کلیة القانون ، جامعة الموصل ، 2006 .
9. د. محمد فائق الجوهری : المسؤولیة الطبیة فی قانون العقوبات ، اطروحة دکتوراه ، کلیة الحقوق ، جامعة فؤاد الاول ، 1951 .
10. د. محمد مردان علی : المصلحة المعتبرة فی التجریم ، اطروحة دکتوراه ، کلیة القانون ، جامعة الموصل ، 2002 .
11. د. منیف حواس الفلاج : الجریمة ذات النتیجة المتعدیة ، النظریة والتطبیق ، اطروحة دکتوراه ، کلیة القانون ، جامعة الموصل ، 2004 .
12. یاسین الدرکزلی : المجموعة الجزائیة لقرارات محکمة النقض السوریة ، دار الانوار للطباعة ، دمشق ، 1982 .
رابعا : کتب الفقه الاسلامی واصول الفقه والحدیث :
1. الامام الغزالی :المستصفى من علم الاصول ، ج1 ، دار صادر ، بیروت ، 1979 .
2. صحیح مسلم بشرح النووی ج16 .
3. د. محمد سعید رمضان البوطی : ضوابط المصلحة فی الشریعة الاسلامیة ، ط2 ، مؤسسة الرسالة ، بیروت ، 1977 .
4. د. محمد سلام مدکور : الجنین والاحکام المتعلقة به فی الفقه الاسلامی ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 1969.
خامسا : البحوث والدراسات القانونیة
1. د. حسنین ابراهیم صالح : فکرة المصلحة فی قانون العقوبات ، بحث منشور فی المجلة الجنائیة القومیة ، المجلد /7 ، ع2 ، القاهرة ، 1994 .
2. د. عادل عازر : مفهوم المصلحة القانونیة ، بحث منشور فی المجلة الجنائیة القومیة ، ع3 ، المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة ، القاهرة ، 1972 .
3. د. کامل خالد السعید : جریمة الأجهاض ، دراسة مقارنة ، بحث منشور فی مجلة دراسات (الشریعة والقانون) مجلد 11 ، ع3 ، 1984 جامعة الأردنیة ، عمان .
4. د. مجید العنبکی : فکرتا المصلحة والحق ، بحث منشور فی مجلة دراسات قانونیة ، ع1 ، س1 ، بیت الحکمة ، بغداد ، 1999 .
5. د. محمد مصطفى القللی بک : الاجهاض ، بحث منشور فی المجلة الطبیة المصریة ، س2 ، ع7 ، 1937 .
سادسا : المواقع على شبکة الانترنت
1 – www.asharqalawsat.com
2 – www.rezgar.comaltadhad@hotmail.com
سابعا : القوانین
1 – قانون حمورابی
2 – قانون العقوبات المصری رقم 58 لسنة 1937
3 – قانون العقوبات السوری رقم 148 لسنة 1949
4- قانون العقوبات الأردنی رقم 116 لسنة 1960
5 – قانون العقوبات العراقی رقم 111 لسنة 1969
ثامنا : المصار باللغة الأجنبیة
1- clayton , S.Q "obstetrics by ten teachers" 13th ed, Edward Arnold Uk, 1980
- عدد الزيارات للمقالة: 614
- مرات تحميل الملف الأصلي للمقالة: 2,876