الملخص
تمثل البیئة وتلوثها احد التحدیات الکبرى التی تواجهها دول العالم، والعربیة منها وخاصة العراق نتیجة لمستویات التلوث المرتفعة المحققة فی بیئته،لذا فإن التنظیم القانونی لهذه المشکلة له الأثر فی التقلیل من أثارها ، ومن بین القوانین التی اعتبرت احد الأدوات المهمة لذلک،هو القانون المالی بکل أدواته من رسوم وضرائب ووسائل عمل، وقد رکّز هذا البحث فی تحدید أهم الوسائل التی یمکن استخدامها والتی استخدمتها نظم مالیة متقدمة وأظهرت نتائج حفّزت تلک النظم على الاستمرار بتطبیقها بل والتنوع فیها،من خلال تناول الرسوم العامة وأثارها الجبائیة فی حمایة البیئة والمحافظة علیها،إلى جانب الترکیز بشکل مفصل على الضرائب باعتبارها أهم الأدوات المالیة المؤثرة والمحددة لطرق ممارسة الأنشطة الاقتصادیة من خلال تناول جوانبها القانونیة
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
التشریع المالی وحمایة البیئة -(*)-
Financial legislation and environmental protection
قبس حسن عواد کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Qubas Hassan Awa ALbadrani College of law / University of Mosul Correspondence: Qubas Hassan Awa ALbadrani E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 16/5/2010 *** قبل للنشر فی 7/6/2010.
(*) Received on 16/5/2010 *** accepted for publishing on 7/6/2010.
Doi: 10.33899/alaw.2010.160598
© Authors, 2010, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
تمثل البیئة وتلوثها احد التحدیات الکبرى التی تواجهها دول العالم، والعربیة منها وخاصة العراق نتیجة لمستویات التلوث المرتفعة المحققة فی بیئته،لذا فإن التنظیم القانونی لهذه المشکلة له الأثر فی التقلیل من أثارها ، ومن بین القوانین التی اعتبرت احد الأدوات المهمة لذلک،هو القانون المالی بکل أدواته من رسوم وضرائب ووسائل عمل، وقد رکّز هذا البحث فی تحدید أهم الوسائل التی یمکن استخدامها والتی استخدمتها نظم مالیة متقدمة وأظهرت نتائج حفّزت تلک النظم على الاستمرار بتطبیقها بل والتنوع فیها،من خلال تناول الرسوم العامة وأثارها الجبائیة فی حمایة البیئة والمحافظة علیها،إلى جانب الترکیز بشکل مفصل على الضرائب باعتبارها أهم الأدوات المالیة المؤثرة والمحددة لطرق ممارسة الأنشطة الاقتصادیة من خلال تناول جوانبها القانونیة
الکلمات الرئیسة: التشریع المالی حمایة البیئة
الموضوعات: القانون المالی
Abstract
Environment one of the most important problems faced all the world,especially arab region(Iraq)for the highest level of pollutions,though the legal arrangement for this problem well be influence to achive better results and the finance law well increese it,by its instruments such as public charges and taxes this study deals especially with legal argumentsabout the role of taxes epecially environmental taxes. .
Keywords: Financial legislation Protect the environment
Main Subjects: financial law
المقدمة
یتعرض العالم بشکل واضح إلى متغیرات بیئیة ومناخیة ملموسة منذ فترات زمنیة متلاحقة ، نتیجة للممارسات السلبیة المجتمعیة للموارد الطبیعیة من ماء وهواء وأرض وقد أثرّت هذه المتغیرات المناخیة على الاقتصاد العالمی ومنه الاقتصاد العراقی ، نتیجة لتعرضه للعدید من عوامل التلوث البیئی ولمستویات مرتفعة جداً کنتیجة طبیعیة لما تعرض له من الحروب ومخلّفاتها واستمرار آلیة التلوث بشکل خلّف العدید من الأمراض والکوارث البیئیة (کالجفاف فی المیاه) وتلوّث الهواء مما ادى الى التردی المتزاید فی مستویات المعیشة ، ونتیجة لهذه الأسباب ، کان لا بد من ان یکون للقانون المالی بأدواته العدیدة دوره فی إیجاد الوسائل والحلول المعالجة لحالات التلوث وبذات الوقت وضع الأسس القانونیة لنظام عمل یؤسس لبیئة أنظف تنعکس على الإنسان وتلبیة احتیاجاته ، خاصة وان قضایا البیئة مرتبطة إلى حدٍّ کبیر بقضایا الإنسان .
وقد حاولت العدید من النظم المالیة معالجة هذه المشاکل ، نتیجة للتأثیر المهم للأدوات المالیة من فرض للضرائب وجبایة للرسوم العامة ، فهی وسائل تحمل جانبی الفرض والاقتطاع وبذات الوقت وسیلة تنظیمیة تؤدی الى الوقایة من مشاکل البیئة والعمل على حمایتها وتحسینها .
وسیتناول البحث هذه الأدوات فی مبحثین یقسم إلى مطلبین الأول المصلحة المعتمدة لحمایة البیئة ، وفی المطلب الثانی التأصیل القانونی المالی ، وتناول المبحث الثانی الجبایة الخضراء من خلال البحث فی وسیلتین من وسائل الدولة المالیة وهی الرسوم العامة فی مطلب أول والضرائب فی مطلب ثانٍ .
المبحث الأول
المصلحة المعتبرة لحمایة البیئة
یُعدّ القانون ضرورة مهمة فی أی مجتمع فهو وسیلة المجتمع فی الحفاظ على النظام الاجتماعی وطریقة مهمة لتنظیم الخدمة العامة وسبیلٌ قوی لتحقیق العدالة الاجتماعیة ، والقانون لم یدع ضرباً من ضروب الحیاة إلا ونظمها ولم یدعها عرضة لعدم التنظیم والإهمال .
ومن هذه الجوانب ، البیئة بکل ما فیها من عناصر ومکونات ، تناولها القانون بالتنظیم من خلال استغلالها والطرق المعتمدة فی ذلک ، ونتیجة للمشاکل التی تواجهها البیئة الحیاتیة من نقص فی الموارد وتلوّث فی عناصرها نتیجة للمتغیرات المناخیة والسکانیة والاقتصادیة والعسکریة التی أثرّت بشکل کبیر فی البیئة الحیاتیة التی یعیش فیها الإنسان ، ولذا جاءت أهمیة تحدید المصلحة التی ینشدها القانون عند تنظیم استعمال واستغلال الموارد البیئیة نتیجة لارتباطها المباشر بالوجود الإنسانی واستمراریة هذا الوجود.
المطلب الأول
التعریف بالبیئة وتلوثها
ترجع اغلب التعریفات الفقهیة والقانونیة إلى الجوانب الطبیعیة للبیئة والمکونة لها ، وعند الرجوع إلى التعریفات نجد أنها تنوعت إلى التناول اللغوی والاصطلاحی وکما یلی :
التعریف اللغوی للبیئة ، وأصل الاسم (البیئة) من الفعل بَوّأ کقولهم (بَوّأ المکان) اتخذ منزلاً ومکاناً بعد أن یصلحه ویهیئه کقوله تعالى ((أن تبوءا لقومکما بمصر بیوتاً)) ، ومن المجاز فُلانٌ طیّب المَبَاءَة أی طیب المنزل وقیل منزلُ القوم فی کل موضع ومنه البیئة.
وهذا التعریف اللغوی یوضح ارتباط اللفظة (البیئة) بالمواضع المکانیة وهی المقام والمنزل ، حیث یتخذه الإنسان مکاناً لعیشه وإقامته .
التعریف الاصطلاحی:
تعددّت المفاهیم الاصطلاحیة للبیئة فبعضها ذو خلفیة طبیعیة ترکز على المحیط الذی یتخذه الإنسان مکاناً لمعیشته بکل ما یضمه من
بیئة مادیة ( الهواء – الماء – الأرض) .
بیئة بیولوجیة – حیاتیة ( من إنسان، حیوان، نبات) .
بیئة اجتماعیة ، کنتیجة لتقدّم الحیاة وتنوعها ، وتمثل مجموعة القوانین والنظم التی تحکم العلاقات بین الأفراد وعلاقاتهم مع المؤسسات والهیئات السیاسیة والاجتماعیة .
بیئة صناعیة ، نتاج ما صنعه الإنسان من مدن وقرى ومصانع ومزارع وشبکات ری وما إلى ذلک …
إن ما سبق یمثل تنوع الاتجاهات التی یمکن أن یتخذها الباحث أساساً یتناول منه ما یهم وفی ذلک کله یرتبط الأمر کله بجوانب طبیعیة حیاتیة ، والبیئة یقابلها وجه آخر هو الناتج للمشاکل البیئیة والمقصود بذلک (تلوث البیئة) .
وعرفت البیئة بلفظتین (Ecology) بأنها نتاج دمج کلمتین یونانیتین (المنزل أو المکان الوجود والعلم) ، وإنها العلاقة بین الأشیاء الحیة والمحیط أو علم دراسة البیئة ، وعرفها البعض بأنها مجموعة العوامل البیولوجیة والکیمیائیة والطبیعیة والجغرافیة والمناخیة المحیطة بالإنسان والمحیطة بالمساحات التی یقطنها والتی بذات الوقت تمثل أهم العوامل المحددة للسلوک الإنسانی والمؤثرة على النظم الحیاتیة بکافة أشکالها.
وعند الرجوع إلى التعریفات القانونیة لهذا المصطلح نجد انها رکزت فی الأغلب على استخدام کل ما یؤدی إلى الإحاطة بجوانب البیئة وعناصرها ومشتملاتها .
وعرفت البیئة (Environment) هی الهواء ، الأرض والماء حیث یعیش الإنسان والحیوانات والنبات یعیش، مع التفاوت فی الاختصار الشدید أو التوسع نحو إعطاء الأمثلة ، فنجد إن قانون رقم (3) لسنة 1997 والخاص بحمایة وتحسین البیئة فی العراق قد عرّف البیئة ، بأنها المحیط بجمیع عناصره الذی تعیش فیه الکائنات الحیة ، وهو تعریف حاول الجمع والتعمیم من خلال الألفاظ المستعملة مع التأکید على التأثیرات الحیاتیة ، أما قانون حمایة البیئة الأردنی والسوری فقد کانا أکثر تفصیلاً من القانون العراقی ، فقد عرّف قانون حمایة البیئة الأردنی رقم 52 لسنة 2006 ، البیئة بأنها المحیط الذی یشمل الکائنات الحیة وغیر الحیة وما یحتویه من مواد وما یحیط به من هواء وماء وتربة وتفاعلات أیّ منها وما یقیمه الإنسان من منشئات فیه ، إن هذا التعریف جاء واسعاً بشکل تجاوز الوجود البشری والکائنات الحیة لیشمل الکائنات غیر الحیة ، وقد جاء القانون السوری رقم 50 لسنة 2002 والخاص بحمایة البیئة بموقف وسط عندما عرّف البیئة بأنها (المحیط الذی تعیش فیه الأحیاء من إنسان وحیوان ونبات ، ویشمل الماء والهواء والأرض وما یؤثر على ذلک المحیط) لیرکز بالدرجة الأساس على الکائنات الحیة من إنسان وحیوان ونبات مع الإشارة إلى کل ما یؤثر على هذا المحیط من عوامل بفعل الطبیعة أو بفعل الإنسان .
إن هذه التعریفات للقانون لم تقتصر على تحدید المصطلح بحالته الکائنة وإنما تناولت وحسب الغرض الذی اقتضاه المشرّع من تشریعه للقوانین مصطلحات أخرى تمثل اتجاهات قصد المشرع من خلالها تنظیم النشاط الاقتصادی بالدرجة الأساس الذی یؤثر فی البیئة من جهة المؤثرات السلبیة (تلوّث البیئة) أو من جهة غرض المشرع نحو ما یطلق علیه بمصطلح (حمایة البیئة) .
فقد عرف القانون العراقی الخاص بحمایة البیئة رقم 3 لسنة 1997 تلوّث البیئة بأنها ((وجود أی الملوثات المؤثرة فی البیئة بکمیة او ترکیز او صفة غیر طبیعیة تؤدی بطریق مباشر او غیر مباشر إلى الإضرار بالإنسان أو الکائنات الحیة الأخرى أو البیئة التی توجد فیها)).
وعرّف القانون الأردنی لحمایة البیئة التلوث بأنه ((أی تغییر فی عناصر البیئة مما قد یؤدی بصورة مباشرة أو غیر مباشرة إلى الإضرار بالبیئة أو یؤثر سلباً على عناصرها او یؤثر على ممارسة الإنسان لحیاته الطبیعیة أو ما یخّل بالتوازن الطبیعی)) ، وقد أضاف القانون الأردنی لفظة التدهور لتدلّ على معنى التأثیر على البیئة نحو تقلیل قیمتها أو التشویه لطبیعتها أو استنزاف مواردها أو الإضرار بالکائنات الحیة أو الآثار ، وبنفس الاتجاه سار المشرّع السوری عندما حاول الإحاطة بکافة العوامل المؤثرة والمؤدیة إلى تلویث البیئة نحو تغییرها کماً أو کیفاً فی صفات البیئة الفیزیائیة أو الکیمیائیة أو الحیویة من عناصر البیئة لعنصر أو أکثر من منتج من هذا التغیّر أضرار تهدد حیاة الإنسان وصحته والأحیاء الأخرى أو صحة وسلامة الموارد الطبیعیة ،وفی إطار التنظیم الدولی نجد إن التلوث قد نظمته مبادئ مونتریال التوجیهیة لحمایة البیئة البحریة من التلوث من مصادر بالبر عندما اعتبرته(قیام الإنسان بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة بإدخال مواد أو طاقة فی البیئة البحریة والأخطار على الصحة البشریة وتعویق الأنشطة البحریة..)
إن هذه التعریفات القانونیة لمصطلح البیئة وتلوث البیئة مثلت أسلوب المشرع فی تنظیمه لهذا الجانب المهم فی الحیاة البشریة ، مع ملاحظة إن القانون أضاف لذلک اتجاهاته نحو حمایة وتحسین البیئة کجزء من دور القانون فی تنظیم مناحی الحیاة وتطویرها ، فقد حددّت قوانین البیئة ماهیة حمایة البیئة والغرض الذی تنظمّ لأجله ، فحمایة البیئة تهدف فی اغلب التناولات القانونیة إلى عدة أغراض منها ما ذکره قانون حمایة البیئة السوری نحو النص على :
وضع مجموعة من النظم والإجراءات التی تکفل استمرار توازن البیئة وتکاملها الإنمائی.
تنظیم کل ما یؤدی إلى المحافظة على البیئة السلیمة والصحیة (والتی لم تلوّث بعد) .
الاستغلال الأمثل للموارد الطبیعیة والممتلکات بشکل لا یؤثر على الوجود البیئی وعناصره .
مع ملاحظة أن قانون حمایة وتحسین البیئة العراقی – سابق الذکر - رغم إن الغرض منه تنظیم استغلال البیئة إلا انه لم یتصدى لتحدید المعاییر المعتمدة لتحقق مصطلح (الحمایة) على العکس من القانون السوری الذی أورد لمصطلح الحمایة تحدیداً کما سبق ذکره ، وبذات الاتجاه سار القانون الأردنی .
المطلب الثانی
التأصیل القانونی المالی لحمایة البیئة
أ- الأساس القانونی :
نتیجة لتزاید تدخل النشاط الحکومی ومنه المالی فی الأنشطة الاقتصادیة داخل الدولة ، نجد إن المشّرع فی العدید من النظم القانونیة حاول الإحاطة بموضوع الأنشطة البیئیة رغم حداثتها من حیث التنظیم القانونی لها من خلال فرض العدید من الوسائل القانونیة لمراقبة وتحسین البیئة من خلال أسلوب ممارسة الأنشطة الاقتصادیة على اختلاف أشکالها ، ولکن فی المقابل فان هذا التناول لم یکن مباشراً وإنما بمناسبة تنظیم قانونی ، کما هو الحال فی قوانین الاستثمار المختلفة والتی تلزم المستثمرین بإتباع الوسائل المناسبة للمحافظة على البیئة.
وعند الرجوع إلى قوانین البیئة وحمایتها وتحسینها نجد إنها کانت قوانین اختصت بالجوانب البیئیة ووسائل التنفیذ وآلیة ممارسة النشاط الاقتصادی وخاصة فی العراق فان قانون حمایة وتحسین البیئة رقم 3 لسنة 1997 والقانون المعدل له والصادر فی عام 2001 ، لم یتضمن الإشارة إلى استخدام الأدوات المالیة کوسیلة للرقابة وللضغط على الأنشطة الاقتصادیة المختلفة وإنما کانت وسائل الضغط التی اعتمدتها هی فی النص على فرض العقوبات المالیة کعقوبة جزائیة وذلک بفرض غرامات على المخالفین لقوانین وأنظمة البیئة النافذة فی العراق.
إن هذا التناول العام للتنظیم القانونی لا یمنع من اللجوء إلى الأدوات المالیة (کالرسوم والضرائب) تنفیذاً للأغراض المتوخاة من الحفاظ على البیئة وحمایتها من التلوث ، خاصة وان الأدوات المالیة تمثل أدوات رادعة إلى جانب العقوبات الجزائیة تؤسس إلى إطار عمل مجتمعی منظم یأخذ بالاعتبار کافة الأنشطة الاقتصادیة وضرورة مراعاتها لقوانین البیئة ، وهذا ما سعت إلى تطبیقه معظم دول العالم ، مع تفاوتها فی التطبیق فالعدید من دول أوربا وخاصةٍ الغربیة منها خطت خطوات متقدمة فی فرض الضرائب الخضراء – ضرائب البیئة – وفی تنویع أشکال رسوم حمایة البیئة (وخاصة ألمانیا وسویسرا)،وقد أسهم التنظیم الدولی بشکل بارز فی وضع الأسس القانونیة العامة التی تسمح للدول باتخاذ مفاهیم حمایة البیئة والسیاسات الدیمغرافیة مما یحافظ على البیئة والحیاة البشریة بصورة أکثر فاعلیة وذلک بالنص فی إعلان ریو بشأن البیئة والتنمیة فی حزیران 1992على ضرورة أن تتخذ الدول سیاسات اقتصادیة ومن ضمنها التنظیم القانونی بکافة أطره سواء الجزائیة ام المالیة للحد من أنماط الإنتاج غیر المستدامة وإزالتها وتشجیع ما یؤدی إلى الحفاظ على البیئة باتخاذ سیاسات حکومیة ذات اتجاهین رادع للتلوث البیئی ومشجّع لکل ما یحافظ علیها ویحسّنها وابرز مظاهر هذه الاتجاهات تکون فی القوانین المالیة سواء بفرض رسوم البیئة والضرائب البیئیة أو تشجیع الأنشطة الصدیقة للبیئة من خلال سیاسة منح الحوافز الضریبیة أو المالیة عموما
ونجد إن العدید من الدول العربیة فرضت الکثیر من الرسوم البیئیة خاصة فی دول شمال إفریقیا (تونس ، المغرب) وخاصة ما یتعلق منها باستخدام الموارد المائیة (المصائد ، والغوص البحری) ، کذلک المرسوم التشریعی رقم (42) لسنة 2005 والخاص بفرض الرسوم البیئیة على السیارات فی سوریا.
أما فی العراق فقد خلت التشریعات القانونیة من أی تشریع یختص بفرض الرسوم والضرائب الخاصة بحمایة البیئة أو الحفاظ علیها ، رغم الحاجة الماسة إلیها ، خاصة وان العراق من الدول التی تتعرض لمشاکل بیئیة خطیرة جداً ومن خلال إحصائیات ونشرات المنظمات الدولیة المتخصصة والتی أثبتت تلوث التربة والهواء والماء فی العراق بنسب مرتفعة تمتد آثارها السلبیة إلى فترات زمنیة بعیدة نتیجة لعوامل عدیدة منها ما یعود إلى أسباب عسکریة نتیجة للحروب التی تعرض لها العراق والمخلفات الإشعاعیة نتیجة للقصف وتعرض العدید من المؤسسات (العسکریة منها) إلى أن تکون مصادر تلوث مشعة ، فضلاً عن ضعف البنیة التحتیة (لمشاریع المیاه والصرف الصحی ، والصناعات بکافة أشکالها) أدت إلى زیادة نسب التلوث الناتجة عن المخلفات الصناعیة وقد صاحب ذلک مشاکل مناخیة بارزة کالتصحّر والتعریة وانخفاض مناسیب نهری دجلة والفرات ، إن هذه العوامل الملوثة أدت الى مواجهة مشاکل بیئیة (صحیة على وجه الخصوص) خطیرة جداً کالکولیرا على سبیل المثال.
إن ما سبق یمثل عوامل مهمة تدفع نحو تحدید دور القانون المالی فی أدواته المتعددة کوسیلة مضافة الى ما تم تنظیمه وتشریعه من قوانین وأنظمة عمل بیئیة (فنیة وجزائیة) مع ملاحظة إن الدستور العراقی لعام 2005 قد نص على کفالة الدولة حمایة البیئة والتنوع الإحیائی والحفاظ علیها وذلک فی المادة 33 منه / الفقرة ثانیاً ، ویعد هذا النص الدستوری الأساس القانونی الذی تبنى علیه القوانین والتشریعات الأدنى ، وعلى هذا الأساس فبالإمکان إصدار قوانین مالیة تضاف الى مجموعة القوانین المنظمة لشؤون البیئة لما لذلک من أثره الایجابی فی الوقایة من مشاکل البیئة واعتباره وسیلة للرقابة والردع فی آن ، الى جانب إدخال المفهوم التحفیزی القائم على منح الحوافز الضریبیة والمالیة تشجیعاً للأنشطة الاقتصادیة التی تلتزم بالمعاییر البیئیة السلیمة وهذا له من الأثر الکبیر .
ب- الأساس الشرعی :
اهتمت الشریعة الإسلامیة فی تناول مفاصل الحیاة بجمیع أشکالها ، والبیئة التی یعیش فیها الإنسان (المسلم وغیر المسلم) إذ أکدت على الاهتمام بها والحفاظ علیها ، فالرسول r یقول ((بنی الإسلام على النظافة)) وقال الله تعالى ((ما یرید الله لیجعل علیکم من حرج ولکن لیطهرکم)) وهذا من الأدلة على أن المراد عمارة الظاهر بالتنظیف وعمارة الباطن وما فیه من سرائر.
فالبیئة التی یعیش فیها الإنسان ویشترک مع غیره فی استغلال مواردها والانتفاع منها ((الناس شرکاء فی الثلاث : فی الماء والکلاء والنار)) ، وهذه الشراکة تفرض جملة من الحقوق فی کیفیة الانتفاع منها فی مقابل أداء ما على الإنسان من التزامات توجب الحفاظ علیها وعلى دیمومتها، وهذا التوازن العام بین الحقوق والواجبات من أهم الأسس التی قامت علیها الشریعة الإسلامیة ، استناداً الى مفهوم العدالة ((لا یکلف الله نفساً إلا وسعها))، ومن هذا المنطلق فکما یجب الحفاظ على الحقوق الشخصیة وجب الحفاظ على حقوق الغیر مع التوازن فیما للمعتدى علیه من حقوق کذلک فالله تعالى یقول ((من قتل نفساً بغیر نفس ، او فساد فی الأرض فکأنما قتل الناس جمیعاً ، ومن أحیاها فکأنما أحیا الناس جمیعاً)).
فالأحیاء مقصد دعت الیه الشریعة فی إحیاء الاراضی الموات واستغلالها وفی تعمیر الحیاة وفی المقابل دعت الى إماطة الأذى عن الطریق ، والاذى هنا بکل أنواعه المادیة والمعنویة، وعلى هذا الأساس فان حمایة البیئة وسن القوانین المراعیة لها لیس أمراً لم تدعو الیه الشریعة الإسلامیة بل هو احد المقاصد التی وضعت لها الأحکام والسنن ، ولذا نجد ان من احد التنظیمات القضائیة والإداریة المهمة ((ولایة الحسبة)) ، التی نظم الفقه الاسلامی أحکامها وکیفیة أدائها وما هی الجوانب التی تختص بها ، فالأساس فی قضاء الحسبة یقوم على مبدأ الامر بالمعروف والنهی عن المنکر ، وهنا یقصد به المعروف والمنکر بالمطلق دون تخصیص فهو واجب على جمیع المسلمین ، قال الله تعالى ((ولتکن منکم أمةٌ یدعون الى الخیر یأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر ، أولئک هم المفلحون))، فالآیة بصیغة الأمر مع توجیه الأمر الى البعض ولیس الى الکل (منکم) ، ومعنى ذلک إن القیام بالمعروف والنهی عن المنکر یسقط التبعة عن الاخرین فان لم یقم به احد کان الجمیع أثماً.
وعلى ذلک فان الدعوة الى الحفاظ على البیئة ونظافتها والنهی عن تلویثها لم یترک للأفراد بخیاراتهم وانما حرصت الدولة الإسلامیة على تکلیف فئة بواجبات الرقابة وفی جمیع مجالاتها وخاصة الصحیة منها وهؤلاء هم المحتسبون ، وقد تعددت أوجه الرقابة التی یمارسها المحتسب منها الإداریة الصحیة ومنها المالیة کذلک ، فقد أشار الماوردی فی کتابه ((الأحکام السلطانیة والولایات الدینیة)) إلى أن الامتناع عن إخراج الزکاة یعدّ ماساً بحقوق الله تعالى فوجب على العامل على جبایة الزکاة أن یحاسب الممتنع عن إخراجها وبأخذها منه جبراً إن کانت أموالاً ظاهرة ، أم إن کانت أموالا باطنة وعرف المحتسب بعدم إخراج زکاتها فان من واجبات المحتسب ان ینکر علیه فعله ویجبره على ذلک ، کما ان له ان یعاقبه بإحدى عقوبات التعزیر.
ان هذا التناول لاختصاصات المحتسب تجعله یمارس رقابة إداریة وصحیة ومالیة وحسب کل حالة تعرض له ، وهذا ناجم عن التنظیم الشمولی للشریعة الإسلامیة ، اذ تولت تنظیم حیاة الفرد والحیاة العامة بکل أبعادها.
المبحث الثانی
وسائل الجبایة الخضراء
یعد تطبیق الأدوات المالیة على الصعید الدولی اتجاهاً جدیداً نحو سیاسة الحمایة الدولیة البیئیة ، فقد نصت العدید من الاتفاقیات الدولیة خاصة المتعددة الأطراف نحو اعتماد أسلوب فرض الضرائب والرسوم الخاصة بالبیئة کأحسن وسیلة معاصرة لحمایة البیئة Environmental tax ، تحت عنوان التدابیر المتعلقة بالضرائب فی صورة فوائد ضریبیة وحوافز اخرى للتبرعات الموجهة نحو حفظ التنوع البیولوجی ، مع فرض ضرائب على استغلال الموارد الطبیعیة ، الى جانب الرسوم المفروضة على الشرکات المستخدمة لموارد التنوع البیولوجی کالغابات ومصائد الأسماک ، وضرائب المطارات ، وإتاوات الحیاة البریة ، والحراجة ، وصناعة صید الأسماک، وهذا التوجه وجد له العدید من التطبیقات وخاصة من قبل الاتحاد الأوربی ودوله والتی دعت الى حمایة البیئة عن طریق فرض الرسوم والضرائب من اجل حمایة البیئة ومقاومة الاحتباس الحراری ، وانتقلت هذه السیاسة إلى العدید من النظم القانونیة البعیدة عن هذا التنظیم القانونی المالی ومن هذه النظم ، العراق ، إلاّ أن هذا لا یمنع من البحث فی أشکال هذه الوسائل والأطر القانونیة التی تتخذها واقتراح الأخذ بها ، لیس من باب التقلید لما أخذت به العدید من النظم القانونیة المالیة ، وإنما لان العراق وبکل ما یحیطه ویحتویه من مشاکل بیئیة خطیرة احوج من غیره على الدخول فی هذا المجال وتنظیمه لما فیه من فائدة تعم المجتمع والحیاة .
المطلب الأول
الرسوم العامة
وهی احد أشکال الإیرادات العامة التی تحصل علیها الدول عند تقدیم الخدمات العامة ، ومن الموارد التی تستعملها الدولة کوسیلة تمویلیة بالدرجة الأساس ، ورغم تناقص أهمیته فی النظم المالیة المعاصرة نتیجة لحلول الضرائب محله من حیث الأهمیة ، إلا ان ذلک لم یمنع من استمرار وجود الرسوم العامة کأحد الموارد التمویلیة للدولة ، فالرسم العام مقابل یدفع للدولة نظیر خدمة تقدمها لمن یطلبها شخصاً طبیعیاً ام معنویاً ، وقد ارتبط الرسم العام بالجهات والمنشآت ذات الطبیعة الخدمیة بالدرجة الأساس ، وعند البحث فی التناول المالی لقضایا البیئة ومدى استغلال هذا المورد کأحد الأدوات المحددة لعوامل التلوث ووسیلة للضغط وتقلیل التلوث نجد ان هذا التناول لم یکن بقصد حمایة البیئة ابتداءً وإنما فی إطار تنظیم ممارسة الأنشطة الاقتصادیة بشکل عام إلا ان ذلک لم یخلو من التطبیق للمبدأ الدستوری (الذی سبق ذکره) فی ضمان حمایة البیئة وسلامتها وتأکید ذلک فی النظم القانونیة ، من خلال الرسوم التی تفرضها الدوائر والجهات الحکومیة على طالبی التراخیص والإجازات فی العدید من الأنشطة الاقتصادیة المتنوعة والتی لها علاقة بالجوانب البیئیة من ذلک التراخیص الممنوحة للصید فی الغابات وفی الأنهار ، وهذه مما تعطى لغرض تنظیم وحمایة الموارد الطبیعیة ومنعاً من الاستغلال السیئ لها ، من ذلک ما نص علیه نظام صیانة الأنهار والمیاه العمومیة من التلوّث فی العراق رقم 25 لسنة 1967 ، الذی نظم عملیة تصریف المیاه المتخلفة من المنشات الاقتصادیة على اختلاف أنواعها وإحجامها بضرورة الحصول على إجازة خاصة بذلک من قبل السلطات الصحیة ، ما یعنی فرض رسوم خاصة بتقدیم هذه الخدمة (منح الإجازات والتراخیص)، والأمثلة على هذه النوعیة من الرسوم کثیرة ومتعددة إلا ان ما یذکر فی هذا المجال هو مآل هذه الموارد المالیة ، فالرسم بطبیعته مورد محلی بما یعنی ان تذهب واردات الرسم الى الجهة التی استحصلته أو التی تتبعها (السلطة المرکزیة) ، أما ان یجری تخصیص الرسوم المتحصل من استغلال المشاریع الاقتصادیة المتعددة والتی لها علاقة بالجوانب البیئیة وتحویل هذه الموارد کجزء من الإیرادات التی تستخدمها وزارات البیئة او الهیئات والمجالس البیئیة ، فان النص على ذلک له ابلغ الأثر فی تدعیم واردات هذه الجهات وتفعیل الأهداف التی تسعى الى تحقیقها ، مع ملاحظة إن التناول القانونی لذلک کان متفاوتاً ، ففی قانون حمایة وتحسین البیئة العراقی قد نص على ان مجلس حمایة وتحسین البیئة هو الذی یحدد مقدار الرسوم (والتی یسمیها هنا بالأجور) التی تحصل علیها دائرة حمایة وتحسین البیئة عن الخدمات التی تقدمها لدوائر الدولة والقطاعات الاقتصادیة الأخرى ، وهذا تخصیص لجهة التحصیل ونهائیة المورد إلاّ انه اختص فقط بالخدمات التی تقدمها دوائر البیئة إلى باقی دوائر الدولة ، وکان الأجدى زیادة دعم هذه الجهات من خلال تمویلها عن طریق إیرادات الرسوم المتحصلة لأغراض متعلقة بحمایة البیئة حصراً ومن کافة الجهات الحکومیة وعلى اختلاف أنشطتها ، ونجد أن قانون حمایة البیئة الأردنیة رقم 52 لسنة 2006 ، قد نظم صندوقاً لحمایة البیئة وقد حدّد موارد الصندوق المالیة بالعدید من الصور کالغرامات المنصوص علیها (کوسائل عقابیة) والتبرعات المقدمة للصندوق على اختلاف الجهات المتبرعة أو المانحة وأضاف لذلک واردات الرسوم المستوفاة بموجب قانون حمایة البیئة ، وکذلک الأمر فی قانون البیئة السوری رقم 50 لسنة 2002 ، والذی نص على ذات الشکل (فی تکوین صندوق خاص بدعم وحمایة البیئة) إلا انه اقتصر على التبرعات الممنوحة من المنظمات والهیئات والصنادیق الدولیة والعربیة إلى جانب التمویل الحکومی من خلال اعتمادات الموازنة العامة دون الإشارة الى الموارد المالیة الأخرى ومنها الرسوم العامة. وهنا لا بد من التأکید على ضرورة استحداث رسوم ذات طبیعة بیئیة حصریة وان توجّه وارداتها لتمویل الجهات الإداریة المختصة بحمایة وتحسین البیئة ، من ذلک فرض رسوم ضد تلوث المیاه کما فی الرسوم المفروضة على المیاه المستعملة ذات المصدر الصناعی ، او الرسوم المفروضة على مرور البواخر او السفن فی الأنهر الدولیة المتشاطئة مع العراق (شط العرب) والخلیج العربی ، فإن هذا مما یعدّ وسیلة فعّالة فی مجابهة التطوّر السریع وکثرة الوسائل الحدیثة الملوثة للبیئة .
المطلب الثانی
الضرائب
تمثل أهم الأدوات المالیة التی تحقق أهداف السلطة العامة سواء التمویلیة أم الاقتصادیة أم الاجتماعیة ، وتتمتع الضرائب باستقرار تشریعی وتنظیمی ، فالضریبة قدیمة قدم السلطة ، مع التسلیم بان هذا الاستقرار التشریعی والتنظیمی یواجه العدید من المشاکل الفنیة والتنظیمیة ، یأتی فی مقدمتها مشکلة التهرب الضریبی نتیجة للعدید من الأسباب الداعیة إلى حصول هذه المشکلة سواء العائد منها الى الجهات الإداریة المختصة بفرض وتحصیل الضرائب ، أو العائد منها إلى السلوک الاجتماعی العام للمکلفین نتیجة انخفاض الوعی العام بأهمیة الضرائب ودورها فی تحقیق الرفاهیة الاقتصادیة وفی تحسین المجتمع واقتصاد الدولة ، إلاّ ان هذه المشاکل لم تمنع من البحث فی إمکانیة استخدام هذه الاداة المالیة المهمة فی حمایة البیئة وتحسینها ومنع التلوث ، فهل بالإمکان تطبیق الضرائب على هذه الأنشطة ووفق أی صورة تتخذها الضریبة وعلى من تفرض الضریبة فی هذه الحال (المکلف) .
أولاًً- موقف النظم المالیة من فرض الضرائب البیئیة :
ابتداءً ، فان القول بالضرائب البیئیة یعنی صورة معینة من صور الضرائب تفرض على الأنشطة الاقتصادیة الملوثة للبیئة وهی قد تکون ضرائب ضد التلوث او ضرائب للحفاظ على البیئة وتسمى بـ (Green Tax) الضرائب الخضراء ، او تسمى الضرائب البیئیة (environmental tax) او (ecology tax) الضرائب ضد التلوّث ، وهذا التعدد فی الألفاظ یفرض وجود مجموعة من الصور التی اتخذت هذه المسمّیات . ویلاحظ ان المجال الأکبر الذی ظهرت فیه الضرائب البیئیة کان فی دول الاتحاد الأوربی نتیجة الاهتمام السیاسی والاجتماعی بقضایا البیئة ، فوفقاًَ للعدید من الدراسات المختصة بهذا الشأن فان تسع من دول أوربا الغربیة قد طبقت ضرائب بیئیة کوسیلة لتخفیض التلوث وخاصة الضرائب على الملوثات الناجمة عن انبعاث ثانی اوکسید الکاربون وثنائی اوکسید الکبریت ، او من خلال فرض ضرائب على استغلال الموارد الطبیعیة والهدر فیها کالضرائب على استغلال الأراضی نحو اکتظاظها بالأبنیة وقلة المساحات الفارغة، الى جانب العدید من التغیرات فی النظم المالیة الأخرى سواء فی مشاریع القوانین المقترحة نحو اقتراح عدة إشکال للضرائب البیئیة ، کما فی الصین ووفق دراسة مالیة اقترحت ثلاثة اشکال للخضوع للضریبة:
فرض ضرائب على ارباح الشرکات الناتجة من منتجات تستهلک موارد طبیعیة او تلوّث البیئة .
فرض ضرائب على الشرکات طبقاً لحجم المخلفات الملوثة للبیئة خاصة مخلفات ثانی اوکسید الکبریت وثانی اوکسید الکربون ومیاه الصرف الصحی والمخلفات الصلبة وای شکل من اشکال المخلفات الملوثة للبیئة .
فرض الضرائب على مستهلکی المواد الملوثة (کأنواع معینة من الوقود ، السلع المستهلکة للأوزون ، والأسمدة والمبیدات التی تستخدم فی الإغراض الزراعیة) .
وقد طبقت الضرائب البیئیة فی عدة دول أوربیة مثل سویسرا، التی فرضت ضرائب على السیارات وذلک لتحقیق عاملین أساسیین :
التحفیز نحو انخفاض الطلب : بمعنى ان فرض الضرائب البیئیة على السیارات وخاصة الحدیثة منها تؤدی الى تقلیل استهلاک السیارات .
استبدال السلع التی تسبب التلوث ببدائل اخرى اقل تلویثاً للبیئة او ما یسمى بالمنتجات – السیارات – الصدیقة للبیئة .
ومن بین الضرائب التی تسعى سویسرا لفرضها منها ما یکون نحو رفع قیمة الضریبة على الوقود ، والضریبة على السیارات الجدیدة الى جانب فرض الضریبة على الطرق ، والتی تفرض على مستخدمی الطرق فی کل مرة یدخلون فیها المدن وهذه الضرائب تحاول تطبیقها العدید من الدول التی تعانی من الازدحام الخانق کوسیلة لتقلیل تکالیف هذا الازدحام بجانبها البیئی والمالی ، وهی خلاف الرسم الخارجی الذی یفرض على استعمال الطرق الخارجیة وهو من الرسوم التی استخدمت فی العدید من الدول منذ فترات بعیدة نسبیاً ، وقد فرضت بلجیکا ضرائب بیئیة على الأسمدة والمنتجات التی تتوفر على درجات سمیّة متفاوتة وحسب نسب تعتمدها الجهات المختصة وذلک بمعدل تصاعدی یفرق بین قلیلة السمیّة والسامّة والسامة جداً وتفرض هذه الضریبة على منتجی هذه المواد .
ولم تخلو النظم المالیة العربیة من فرض الضرائب بقصد حمایة البیئة من ذلک المرسوم التشریعی رقم (42) لعام (2005) والذی فرض ضرائب على السیارات المستوردة والتی تؤدی الى تلویث البیئة ، وتعد هذه الخطوة متقدمة على باقی النظم المالیة العربیة التی اکتفت بما لدیها من ضرائب بصورتها التقلیدیة او کما ورد سابقاً نحو سیاسة استخدام الرسوم العامة لإغراض الجبایة البیئیة کالرسوم المفروضة على النفایات الملوثة للبیئة ، رسوم الصرف الصحی وغیر ذلک.
ان ما سبق یؤدی الى الوصول الى نتیجة مفادها رغم حجم التلوث الکبیر الحاصل فی البیئة إلا ان التشریعات الضریبیة لا زالت قاصرة عن التدخل والتأثیر فی هذا التلوث عدا بعض النظم المالیة – الأوربیة حصراً – والتی نجحت فی استخدام هذه الاداة المالیة ، وهذا التفاوت فی استخدام الضریبة یرجع الى اتجاهین مختلفین ، الأول ینادی بفرض ضرائب بیئیة ویقدم مبررات لها والثانی یرفض هذه الضرائب ویعطی مبررات مؤیدة لرفضه .
فالاتجاه المبرر لفرض الضرائب البیئیة یقدم مجموعة من المبررات المتعددة :
1.وفقاً لمفهوم العدالة الاجتماعیة ، فالبیئة المحیط الذی یعیش فیه الإنسان والکائنات الأخرى، وعندما یقوم أشخاص بتلویث هذا المحیط فهذا اشبه بارتکاب فعل مباشر (اعتداء مادی) ضد کل فرد من إفراد المجتمع ، ووفقاً لمبادئ العدالة والأخلاق على من یلوث البیئة ان یدفع کلفة ما یتحمله الآخرون من أضرار بیئیة ، لیس مجرد وسیلة للوصول الى مستوى جید لمنع التلوث وإنما لنقل العبء الناجم عن التلوث ممن یتحمله لیفرض على من أوجده ابتداءً ، الى جانب ان تنظیف البیئة یحتاج الى فترات زمنیة طویلة مما یؤدی الى زیادة الأعباء المفروضة على المستهلکین نتیجة لتلوث البیئة.
2.وفقاً للمبررات المالیة ، فان الضرائب البیئیة تعد احد الوسائل التی توفرّ الموارد المالیة اللازمة لمعالجة الآثار الناجمة عن التلوث او الإضرار بالبیئة ، او تشجیع التوسع نحو الطاقات البدیلة (الطاقة الشمسیة) أو دعم أنشطة النقل العام او دعم الاستقرار الزراعی.
3.وفقاً للمبررات الاقتصادیة ، ان فرض الضریبة البیئیة یساعد او یقلل من استهلاک المواد المضرة بالصحة العامة والکفاءة فی العمل ، مما یعنی رفع مستوى الإنتاجیة ، الى جانب ان الصحة هی احد اشکال التنمیة وجزء مهم من تکوین رأس المال البشری الى جانب رأس المال المادی .
من جهة أخرى فان المنتجات التی تخلّف صناعتها العوادم وما ینجم عنها من آثار سلبیة تتطلب اتخاذ اجراءات اقتصادیة مکلفة للقضاء علیها او تخفیفها ، ففرض الضرائب البیئیة یساهم فی التقلیل من هذه الکلف الاقتصادیة التی یتحملها الاقتصاد الوطنی للدولة .
ولذا نجد ان من قدّم لهذه المبررات – خاصة دول الاتحاد الأوربی – یسعى الى فرض ضرائب بیئیة بأسعار نسبیة استناداً الى قاعدة فرض الضرائب على الامور السیئة وتقلیلها على الجیدة (We Should tax bad things more and tax good things less).
فی المقابل نجد ان الاتجاه الأخر یرفض فرض الضرائب البیئیة – کالولایات المتحدة والیابان- استناداً الى مبررات تقوم فی اغلبها على جوانب اقتصادیة ، ففرض ضرائب بیئیة فی الولایات المتحدة الأمریکیة والیابان سیؤدی الى رفع أسعار الوقود وانعکاس ذلک على الطبقات الفقیرة ، من جهة أخرى فان جماعات الضغط الاقتصادی ترفض هذه الضرائب لما لها من تأثیر على مستویات الأرباح التی تحققها الصناعات الکبرى الى جانب ان هذه الضرائب ستؤثر على صناعات الطاقة وإضعاف المنافسة مع الصناعات المحفزة للطاقة ، وفی ذات الوقت فان الواردات الناجمة من هذه الضرائب ستحوّل بشکل إجباری بین مختلف الصناعات مما یجعل فرض هذه الضرائب یعتمد بالدرجة الأساس على هذه الحرکة (انتقال الدخل) وعلاقة ذلک بالتکالیف الجائزة الخصم من الدخل تؤدی الى حدوث أثار ضارة على الاقتصاد.
ثانیاً- صور الضرائب المفروضة :
ان التفاوت السابق فی الأخذ بالضرائب البیئیة من عدمها اوجد عدة صور ضریبیة بعضها یمثل ضرائب تقلیدیة تفرض لأغراض حمایة البیئة والبعض الأخر فرض بشکل یختص بالبیئة وحمایتها .
الضرائب التقلیدیة ، وهذا نجده فی العدید من النظم الضریبیة التی تفرض ضرائب متعددة کوسیلة او أداة تستخدم لتوجیه الأنشطة الاقتصادیة والاجتماعیة فی المجتمع ، ومن اهم هذه الضرائب ما یفرض على الواردات الأجنبیة المستوردة من الخارج وتمثل ضریبة مهمة من الضرائب المفروضة على الانفاق ولها دورها الکبیر فی حمایة الصحة العامة – بالدرجة الأساس- وقیداً على العدید من السلع والمواد التی تستخدم فی الأنشطة الاقتصادیة المتعددة سواء الصناعیة ام الزراعیة ، والتی تسبب مستویات مرتفعة فی التلوث کما فی الأسمدة والمبیدات والمواد الأولیة التی تدخل فی الصناعات المسببة لحالات الانبعاث الملوثة للهواء ، وغیر ذلک الکثیر . وقد لجأت العدید من الدول الى هذه الضریبة نتیجة للعدید من الأسباب المالیة والاقتصادیة (لغزارة الحصیلة وتحفیز الأنشطة الاقتصادیة الوطنیة ، معالجة الاختلال فی موازین المدفوعات وتحسین نسب التبادل التجاری وغیر ذلک من أسباب عدیدة)، إلاّ ان هذه الضریبة تواجه العدید من المشاکل أهمها الاتفاقیات الدولیة المتعلقة بتحریر الأسواق وفتحها وإلغاء القیود الجمرکیة مما انعکس على أهمیة هذه الضریبة (وخاصة بالنسبة للدول المستقبلة للسلع والمنتجات المختلفة) إلاّ ان ذلک لم یلغی دورها تماماً فی تقیید دخول السلع والمواد المسببة للتلوّث البیئی کما فی الضرائب المفروضة على استیراد السیارات المسببة للتلوث .
الضرائب المخصصة (المستقلة) ، وهذه نوعیة من الضرائب تسمى (Parafiscalite) وهی فرائض او استقطاعات جبریة تفرض بقرار ولیس بقانون صادر من السلطة التنفیذیة ، وتفرض لإغراض اقتصادیة او اجتماعیة وتؤول حصیلتها لصالح احد أشخاص القانون العام او الخاص (کالمؤسسات الإداریة او الجماعات الإقلیمیة) ، وقد أخذت بهذا الشکل من الاستقطاعات الضریبیة فرنسا بالمرسوم الصادر فی 2/کانون الثانی / 1959 ، واعتبرت احد الوسائل التی تستخدم لفرض ضرائب او استقطاعات على تلّوث الهواء فی فرنسا والتی یتم تحصیلها وتورّد لصالح الوکالة الفرنسیة المهتمة بنوعیة الهواء ، کذلک الضرائب المفروضة على استعمال الأجهزة المنزلیة والضرائب المفروضة لتشجیع الدیوان الوطنی الفرنسی المهنی للحبوب ، کذلک الضرائب على استعمال الوقود وعلى الطاقة.
ان هذه النوعیة من الضرائب قد اختلف الفقهاء حولها فهل هی ضرائب ام رسوم ولو رجعنا الى خصائصها لوجدنا أنها تتمیز بعدة مزایا تمیزّها عن الرسم وعن الضرائب :
إن هذه الضریبة لا تدفع مقابل الحصول على خدمة کما هو الحال فی الرسم العام، إلى جانب ان الرسم العام یفرض من قبل السلطات العامة التابعة للدولة بینما هذه الاستقطاعات تفرض من قبل جهات عامة او خاصة ، رغم الاتفاق مع الرسم بل انها تفرض استناداً الى قرار صادر من السلطة التنفیذیة فی الدولة .
تتفق هذه الضرائب مع الضرائب التقلیدیة فی عدة أمور :
إنها فریضة جبریة وکذا الضرائب التقلیدیة .
تتعدد الأهداف التی تفرض لأجلها فقد تکون اقتصادیة او اجتماعیة ، وکذلک الحال بالنسبة للضرائب والتی من أهم خصائصها تعدد إغراضها .
وتختلف عن الضرائب التقلیدیة :
إنها لا تصدر بقانون وإنما بقرار صادر من السلطة التنفیذیة – وزیر المالیة فی فرنسا- مما یعنی إنها قابلة للتعدیل والتغییر بدون الحاجة الى صدور قانون بذلک بخلاف الضرائب والتی أهم خصائصها مبدأ قانونیة الضرائب الذی یقوم على عدم فرض أو تحصیل او تعدیل او الغاء أی ضریبة إلاّ بقانون صادر عن السلطة التشریعیة المختصة بذلک .
ان حصیلتها مخصصة ، توجه لصالح احد الأشخاص المعنویة العامة او الخاصة ولیس الى الدولة کما هو الحال فی حصیلة الضرائب التی تورّد الى الخزانة العامة للدولة ، فهی تخصص لمؤسسات عامة صناعیة او تجاریة او شرکات او جمعیات تقنیة او مهنیة ، إلا ان هذا التخصیص لا یعنی حریة هذه الجهات فی التصرّف بالواردات التی تحصل علیها فهی تخضع لرقابة سنویة على تحصیلها.
ان هذا الاتفاق والاختلاف مع الضرائب جعل الفقهاء یختلفون فالبعض اعتبرها اقتطاعات شبیهة بالضرائب (بسبب عنصر التخصیص والأساس القانونی) والبعض الأخر اعتبرها ضرائب لا تختلف عن بقیة الضرائب الأخرى کاشتراکات التأمین الاجتماعی والضرائب على البنزین، وذلک استناداً الى فکرة قابلیتها للتعدیل والتحدیث من حیث التعریف لیتوافق ذلک مع التطورات الاقتصادیة والاجتماعیة ، ولذا فان استخدام هذه النوعیة من الضرائب وتوجیهها لإغراض بیئیة وتحویل حصیلتها للجهات التی تدافع او تحمی البیئة یعد من الوسائل الرقابیة والعلاجیة المهمة لحمایة البیئة والحفاظ علیها او منع استمرار التلویث لها .
ثالثاً- دور الحوافز الضریبیة فی حمایة البیئة :
ان السیاسة الضریبیة – والمالیة عموماً- لا تعتمد على فرض الضرائب وتحصیلها کوسیلة وحیدة لتحقیق أغراضها ، وإنما تلجأ لأسلوب تقدیم الحوافز الضریبیة کوسیلة لتوجیه النشاط الاقتصادی – فی الإنتاج والاستغلال والاستهلاک- بمختلف صوره ، فکما ان الضرائب احد الأدوات شدیدة الأهمیة التی یستخدمها المشرع (سواء بصورتها التنظیمیة المعقدة أو بمرونتها فی ذات الوقت) فانها وسیلة مهمة لتحدید السیاسیات الاستثماریة الوطنیة ، وبالتالی أداة جاذبة للاستثمارات الوطنیة او الأجنبیة من خلال سیاسة الإعفاءات الضریبیة وخصم تکالیف الإنتاج . ومن هنا فان البحث فی دور هذه الحوافز لیس فقط نحو تنشیط وتنمیة الاقتصاد الوطنی وإنما فی حمایة البیئة التی یعمل فیها هذا الاقتصاد ، الذی یمکن اعتباره احد أهم الأسباب الداعیة إلى تفعیل دور الحوافز الضریبیة فی هذا المجال ، ورغم ما یمکن ان یقال فی هذه الحال من العدید من الدراسات المالیة التی تدعو إلى تحقیق الإصلاح الضریبی من خلال تقلیل أو تخفیض الإعفاءات الضریبیة وخاصة فی الدول النامیة نتیجة للسیاسة السلبیة التی اعتمدتها النظم الضریبیة فإنها تعد وسیلة لتشجیع الأنشطة التی تقلّل من تلوّث البیئة أو تستخدم ما یسمى بالطاقات البدیلة – کما هو الحال فی سویسرا- ، من ذلک الإعفاءات الضریبیة للسلع المنتجة والمستوردة والتی تحترم معاییر البیئة.
وفی بلجیکا تقدم الدولة مجموعة إعفاءات ضریبیة لمن یعمد إلى إعادة تصنیع العبوات المخصصة للمشروبات وهم یمیّزون بین إعادة الاستخدام وإعادة التصنیع وان کان بأسلوب یمیل الى التعقید إذ تقرّر إعفاءات عامة للعبوات المستخدمة على الأقل لسبع مرات على اساس انها تعتمد نظام الإعادة ورد الودائع کطریقة للإنتاج وبشرط ان یکون إعادة استخدامها مؤثراً وهذا یعنی ان الاعفاء الضریبی یمنح للعبوات المعاد استخدامها والعبوات المعبئة لمرة واحدة .
کذلک فان السلع التی یمکن استخدام ادوات او قطع تدخل فی صناعتها سبق ان استخدمت فانه فی هذه الحالة یجری تخفیض الاسعار الضریبیة المقررة علیها وذلک حفاظاً على البیئة ومواردها.
وبالرجوع الى القوانین العراقیة نجد ان کل من قانون الاستثمار العراقی رقم 13 لسنة 2007 ، وقانون الاستثمار الخاص بتصفیة النفط الخام رقم 64 لسنة 2008 ، قد اوجب التزامات ذات طبیعة بیئیة على المستثمر المجاز من قبل الهیئات الوطنیة ، کما فی المادة (15) من قانون الاستثمار الخاص بتصفیة النفط الخام والذی ألزم المستثمر بمراعاة القوانین والضوابط البیئیة ، فی المقابل قدّم قانون الاستثمار العراقی جملة من الإعفاءات الضریبیة بعد إلزام المستثمر بالمحافظة على البیئة والالتزام بنظم السیطرة النوعیة المعمول بها فی العراق والأنظمة العالمیة المعتمدة فی هذا المجال ، وذلک بإعفاء المشروع من الضرائب والرسوم مدة (10) عشر سنوات من تاریخ بدء التشغیل للمشروع، وزاد على ذلک بان نص فی المادة (15 فقرة ثانیاً) نحو سیاسة تشجیع الاستثمارات بإمکانیة اقتراح السلطة التنفیذیة تمدید الإعفاءات أو إضافة إعفاءات جدیدة وفقاً لاعتبارات المصلحة الوطنیة .
إن استخدام هذه الوسیلة (بما فیها من ایجابیات وسلبیات) رهن بطبیعة الاقتصاد الوطنی وبالأهداف التی تسعى السیاسة المالیة ومنها الضریبیة إلى تحقیقها ، وفی مجال حمایة البیئة یمکن الأخذ بهذه الوسیلة کطریق ثانی وموازٍ لتحصیل الضرائب سواءً بصورتها التقلیدیة أو الحدیثة.
الخاتمة
یمکن الخروج بجملة من النتائج لهذه الدراسة :
إن التلوّث البیئی ، مشکلة عالمیة ومحلیة فی ذات الوقت ، وان هذه المشکلة قد أوجدت العدید من الدول – خاصة المتقدمة منها – الوسائل العلاجیة لتفادی حصولها او محاولة تخفیض نسبها بعد حدوثها .
یمثل القانون المالی بکل محتویاته من أدوات مالیة احد الوسائل الموجهة للحفاظ على البیئة واحد القوانین المساندة للقوانین الأصلیة –قوانین البیئة- ، من خلال استخدام الأدوات المالیة فی الحفاظ على البیئة ومنع التلوث ومحاربته .
إن الأساس الذی یمکن الاعتماد علیه فی استخدام الأدوات المالیة له مصادره الشرعیة القائمة على مبدأ (الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر) ومن خلال التنظیم الإسلامی لاستخدام هذا المبدأ بالحفاظ على البیئة وتنظیم ممارسة الأنشطة الاقتصادیة فیها ویبرز ذلک فی ولایة الحسبة التی اعتمدتها النظم المالیة الإسلامیة .
تعد الرسوم العامة احد وسائل الدولة المالیة فی تحدید أوجه النشاط الاقتصادی بشکل یتناسب وقیمة الحصیلة الناجمة عنها ، مع ملاحظة انعدام أو قلة القوانین المالیة الخاصة بالرسوم الموجهة بشکل خاص لحمایة البیئة فی النظم المالیة العربیة على وجه الخصوص .
استخدام الضرائب کوسیلة تنظیمیة لحمایة البیئة من خلال ما یطلق علیه بالضرائب البیئیة وهذا قد ظهر بشکل جلی فی دول الاتحاد الأوربی مع وجود اتجاهات فقهیة بعضها برر للأخذ بهذه الضرائب والبعض الأخر شکک بفرضها واعتبرها من المعوقات للنظام الاقتصادی وتنمیته .
استخدمت الضرائب بعدة صور لإغراض حمایة البیئة سواء بصورها التقلیدیة کالضرائب الجمرکیة المفروضة على السلع المستوردة والمقیدة لمرور العدید من المواد والخدمات الملوثة للبیئة ، أو بصورة وسط بین الرسوم والضرائب یطلق علیها بالضرائب المستقلة والتی توجه حصیلتها لإنفاق معین ، یوجّه فی عدة حالات لأغراض حمایة البیئة .
تعد الحوافز الضریبیة طریقاً موازٍ لاستخدام الضریبة کوسائل لتوجیه السیاسات الاستثماریة الوطنیة والتوجیه نحو الاستخدام الأمثل للموارد الطبیعیة من خلال الإعفاءات الضریبیة الممنوحة للمشاریع الاقتصادیة أو للسلع المستوردة التی تطبق المعاییر الوطنیة او العالمیة المراعیة لقوانین البیئة .
إن سبب ضعف اللجوء إلى الضرائب البیئیة فی الدول العربیة یرجع إلى کونها فی الأغلب من الدول النامیة التی لم تصبح الضرائب على العملیات الإنتاجیة المسببة أضراراً للغیر فیها أمراً مألوفاً ومقبولاً ، لذلک نجد فی اغلب النظم القانونیة العربیة تلجأ إلى الغرامات والتی هی عقوبات مالیة ذات أساس جزائی وفی اغلبها لا تمثل تعویضاً عادلاً یقابل حجم وکلفة الضرر المتحقق .
أصدرت العدید من الدول العربیة قوانین خاصة فی البیئة ومنها القانون العراقی إلا إنها فی الأغلب ذات فاعلیة ضعیفة وذلک راجع إلى عوامل إداریة واجتماعیة وسیاسیة،إذ لاتزال الجهات المختصة بشؤون البیئة تعانی من الضعف والتخبط فی تفعیل القوانین التی صدرت بتشکیلها فضلاً عن صعوبة تحقیق الأهداف التی وجدت لأجلها،فضلاً عن ضآلة الغرامات المالیة المفروضة إذ لا یکفی النصّ علیها فحسب وإنما تفعیل الجانب العقابی فی الغرامة من خلال تقییمها بشکل یتناسب والأضرار الکبیرة التی أصابت البیئة والمجتمع.
التوصیات :
النص على فرض ضرائب بیئیة متخصصة وعدم الاکتفاء بصور الضرائب التقلیدیة وذلک بشکل یتوازن مع حجم وضخامة المشکلة البیئیة وخطرها على الوجود الانسانی والکائنات الاخرى فی البیئة .
النص على إعفاءات ضریبیة مختصة بقضایا البیئة بشکل مباشر ولیس من خلال ممارسة الانشطة الاقتصادیة وبمناسبة تنظیم تلک الانشطة ، فان فی هذا ما یؤدی الى تشکیل ارضیة اجتماعیة سلوکیة تحقق اغراض الحفاظ على البیئة وحمایتها من التلوث ، او على الاقل ایقاف مراحل التلوث الحاصل فی مجتمعاتنا العربیة والعراقیة على وجه الخص.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Books:
1. Dr. Mr. Attia Abdel Wahid, Principles and Tax Economies - Comparative Study of Islamic Thought, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2000.
2. Dr. Adel Falih Al-Ali and Dr. Talal Kaddawi, Economics of Public Finance, Second Book (Public Revenues and State Budget), Dar Al Kutab for Printing and Publishing, Mosul University, Iraq, 1989.
3. Alaa al-Din al-Samarqandi, masterpiece of the fuqaha, Part III, Dar al-Kuttab al-Ulmiyya, Beirut, 1984, p. 318.
4. Al-Mawardi, Ali bin Mohammed bin Habib, Rulings of the Sultan and the Religious States, (Pal-Mat), Cairo, 1960.
5. Mohammed Habib Tijkani, The General Theory of Judiciary and Evidence in Islamic Law with Comparatives of Positive Law, Dar Al-Shala / Afaq Arabiya, Baghdad, (p.
6. Mohammed Mortada al-Husseini al-Zubaidi, Taj al-Arous, part one, the investigation of Abdul Sattar Ahmed Faraj, (Bla-t).
Research and articles:
1. Dr. Mr. Attia Abdel Wahid, Environmental Tax, Journal of Legal and Economic Sciences, Second Issue, Year (43), Faculty of Law, Ain Shams University, Cairo, 2001.
2. Dr. Kamal Raziq, Role of the State in Environmental Protection, published on the World Wide Web www.bbekhi.fr.
3. Swiss Environmental Protection Measures / Swiss News Agency
www. Swiss info. ch
C - University Thesis
1. Salafah Tarek Abdulkarim, International Protection of the Environment from Global Warming, Master Thesis Presented to the Faculty of Law, University of Baghdad, 2003.
International conventions and documents:
1. Rio de Janeiro Declaration on Environment and Development, June 1992.
2. United Nations Convention on Biological Diversity, 2006.
3. Annual Report of the United Nations Environment Program in the Arab Region for 2006 (translated into Arabic). U.N.E.P Post conflict in The Arab region, UN, 2006
Laws and Regulations:
1- Syrian Local Administration Law No. 15 of 1971.
2. The Iraqi Environmental Protection and Improvement Act No. 3 of 1997.
3 - Syrian Environment Law No. 50 of 2002.
4. Legislative Decree No. 42 of 2005 regarding the imposition of environmental charges on the importation of cars.
5. Jordanian Environmental Protection Law No. 52 of 2006.
6- Iraqi Investment Law No. 64 of 2007.
7 - Iraqi investment law for the liquidation of crude oil No. 13 of 2008.
References (English)
Foreign sources:
Books:
1- Cambridge Learners Dictionary, Camb. Univ. Press, UK. 2003.
Research:
1. Christopher st. John, Applying a Green Filter to business subsidies, C.F.E.D, Vol. 2, Num 7, July, 2000.
2. Damon Franz, The environmental Tax shift: polluters pay more so you can pay less-money matters, the Environmental Magazine, March- April, Washington, D.C., Earth Action Network, 2002.
3. Impact of imposition of environmental tax on economy and energy in Japan, http: // criepi. Denken. Or. Jp / en / e-publication / a. 2002.
4. J. Andraw hoerner, harnessing the Tax code for Environmental protection, State note published, Vol. 16, April, Washington, DC. 1998.