الملخص
تتمیز عقود النفط عن بقیة العقود الأخرى ، سواء تلک المبرمة فی إطار المعاملات الداخلیة أم تلک المبرمة فی اطار المعاملات الدولیة من حیث المحل أو الموضوع الذی تنصب علیه هذهِ العقود، ذلک أن عقد النفط لیس من العقود العادیة التی تنصب على عملیة واحدة وتنقضی بمجرد تنفیذها کعملیة شراء السکر أو القمح أو بناء مصنع مثلا، وانما یتضمن عقد النفط استخراج واستغلال مورد هام من الموارد الطبیعیة لفترات زمنیة طویلة .
وتتخذ هذهِ العقود واشکال مختلفة تتباین بموجبها حقوق التزامات طرفی العقد التی یکون أحد اطرافها الدولة المضیفة للاستثمار الأجنبی بینما یکون الطرف الثانی الشرکة الأجنبیة المستثمرة للنفط وهذا العقد یعدُ من العقود الدولیة والتی تخضع لقواعد ومبادئ وأحکام القانون الدولی المالی المتجسدة فی اتفاقیات الاستثمار الثنائیة أو الجماعیة المبرمة بین الدول والتی ساهمت فی تحسن وتطور مناخ الاستثمار فی الدول النامیة فضلاً عن کونها لعبت دوراً أساسیا فی تطویر قواعد القانون الدولی المالی بشکل عام وقواعد الاستثمار الأجنبی بشکل خاص
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
أنماط عقود الاستثمارات النفطیة فی ظل القانون الدولی المالی -(*)-
محمد یونس الصائغ کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Muhammad Yunus Al-Sayegh College of law / University of Mosul Correspondence: Muhammad Yunus Al-Sayegh E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 5/10/2010 *** قبل للنشر فی 24/10/2010.
(*) Received on 5/10/2010 *** accepted for publishing on 24/10/2010.
Doi: 10.33899/alaw.2010.160595
© Authors, 2010, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص :
تتمیز عقود النفط عن بقیة العقود الأخرى ، سواء تلک المبرمة فی إطار المعاملات الداخلیة أم تلک المبرمة فی اطار المعاملات الدولیة من حیث المحل أو الموضوع الذی تنصب علیه هذهِ العقود، ذلک أن عقد النفط لیس من العقود العادیة التی تنصب على عملیة واحدة وتنقضی بمجرد تنفیذها کعملیة شراء السکر أو القمح أو بناء مصنع مثلا، وانما یتضمن عقد النفط استخراج واستغلال مورد هام من الموارد الطبیعیة لفترات زمنیة طویلة .
وتتخذ هذهِ العقود واشکال مختلفة تتباین بموجبها حقوق التزامات طرفی العقد التی یکون أحد اطرافها الدولة المضیفة للاستثمار الأجنبی بینما یکون الطرف الثانی الشرکة الأجنبیة المستثمرة للنفط وهذا العقد یعدُ من العقود الدولیة والتی تخضع لقواعد ومبادئ وأحکام القانون الدولی المالی المتجسدة فی اتفاقیات الاستثمار الثنائیة أو الجماعیة المبرمة بین الدول والتی ساهمت فی تحسن وتطور مناخ الاستثمار فی الدول النامیة فضلاً عن کونها لعبت دوراً أساسیا فی تطویر قواعد القانون الدولی المالی بشکل عام وقواعد الاستثمار الأجنبی بشکل خاص .
Abstract:
Distinguished from the rest of the oil contracts, other contracts, whether those transactions concluded in the framework of the Interior or or those concluded In the framework of international transactions .
In the shop or subject focus of such contracts. The oil contract is not standard contracts that focus on a single process and expire once implemented a process to purchase cotton, grain or building a vessel, for example, but includes oil contract resource extraction and exploitation of important natural resources for long periods of time.
The investor in the oil sector, like other foreign investors do not venture to invest capital funds in any state, even if he was sure that this state is showing potential huge oil as possible to reap from behind huge profits as it does not risk investing in this state only after to make sure that the State intends to which capital investment funds he has had a favorable investment climate of any provision of an appropriate environment for him to invest and means the obligation of the host country for oil investment to the implementation of the commitments made to him about the foreign investors to provide safeguards and adequate legal
And take these contracts and the various forms which vary the rights of obligations of parties to the contract , which is one of the parties the host country for foreign investment while the second party of the foreign company invested oil and this contract is one of the international contracts which are subject to rules and principles of international law and the provisions of the Financial .
Embodied in the bilateral investment agreements or collective agreements between the States, which contributed to improvement and development of the investment climate in developing countries as well as being played a key role in the development of the financial rules of international law in general and foreign investment rules in particular
المقدمة :
یعد النفط من المعادن الاستراتیجیة المهمة ، وتترتب على هذهِ الأهمیة فی حالات کثیرة سیاسة الدول ومجال حیاتها ، بل فی أحیان کثیرة استقلالیتها وکینونتها ، وقوتها أو ضعفها ، وتزداد أهمیة النفط فی العالم یوماً بعد یوم تبعاً لتعدد استعمالاتهِ وتزایدها فی شتى المجالات .
وأهمیة النفط لیست فی حاجة الى تأکید . فالنفط ذو أهمیة اقتصادیة وسیاسیة . ویهم کل الدول المنتجة له ، والتی تنتمی غالباً الى طائفة الدول النامیة أو دول العالم الثالث ، والدول المستهلکة له ، والتی تنتمی غالباً الى طائفة الدول الصناعیة المتقدمة فالنفط بالنسبة لغالبیة الدول المنتجة له یعد ، إن لم یکن المصدر الوحید ، المصدر الرئیسی للدخل القومی .
حیث تشکل العوائد النفطیة بالنسبة للدول المنتجة قرابة 96% من الدخل القومی لهذهِ الدول ، تلک العوائد التی تعتمد علیها الدول المنتجة فی النهوض بتنمیتها الاقتصادیة والاجتماعیة .
وتزداد أهمیة النفط وتتعاظم بالنسبة للدول المتقدمة وذلک لاعتمادها على النفط فی تقدمها وتطورها الصناعی .
فالنفط لم یعد استخدامه قاصراً على الإنارة والتبرید والتدفئة کما کان علیه الحال فی الماضی ، بل لقد أدى التقدم العلمی اللاحق الى التوسع فی استعمالاته ، فأصبح النفط مصدراً للطاقة والحرارة والإضاءة والتشحیم وتولید مرکبات کیماویة وطبیة وصناعیة لا حصر لها . ومن هنا أصبح للنفط دوره الکبیر فی استعمالاتنا المنزلیة والاستهلاکیة الأخرى وفی النقل والصناعة ، وسمح للبشریة ، عن طریق هذهِ الاستعمالات العدیدة أن تزید من رفاهیتها الاقتصادیة.
فالنفط یدخل کمادة أولیة فی کثیر من الصناعات . إذ یستخدم فی إنتاج المفرقعات والنابالم . وفی إنتاج المنسوجات والأقمشة ، وفی مستحضرات التجمیل ، وفی مواد البناء ، کما أنه یعد مصدراً للبروتین کغذاء بشری .
ومجمل القول أن هناک ما یزید على ثلاثة الآف منتج من المنتجات المشتقة من النفط .
واذا کان هذا هو دور النفط فی وقت السلم ، فان دوره فی وقت الحرب أخطر وأعظم ، فقد قال کلیمنصو فی مطلع القرن الحالی " إن قطرة من النفط تساوی قطرة من الدم " وقال ایزنهاور بأن " الحلفاء قد سبحوا نحو النصر فی الحربین العالمیتین على بحیرة من النفط "
فقد لعب النفط دوراً حاسماً فی الحربین العالمیتین فاذا رجعنا الى الحرب العالمیة الأولى وجدنا أن المانیا قد احتلت رومانیا فی 1916 للاستفادة من آبارها النفطیة ، بید انه لم یمض وقت طویل حتى تمکن الحلفاء من تدمیر أغلبیة آبار وأنابیب النفط ومعامل التکریر الموجودة بها حتى یحرموا المانیا من الانتفاع بتلک الموارد النفطیة ، مما أضطر المانیا بالفعل الى طلب الهدنة فی تشرین الثانی عام 1918 . وفی هذا الصدد ، قال المارشال الألمانی " لودندورف "
أن عدم کفایة الموارد النفطیة قد أرغم القیادة الألمانیة على طلب الهدنة .
وفی الحرب العالمیة الثانیة لعب النفط دوراً حیویاً لیس لکونه وقوداً للسفن والطائرات والدبابات فحسب ولکن لاستخدامه فی إنتاج المفرقعات القاتلة مثل مادة " التولین " . وفی حرب السادس من تشرین الأول عام 1973 ، استخدم النفط کسلاح فعال ومؤثر فی هذهِ الحرب . فقد إجتمعت الدول العربیة المصدرة للنفط فی دولة الکویت وأصدرت قرارها التاریخی فی 18 تشرین الأول سنة 1973 باقتراح وضغط من العراق والذی قضى بتخفیض إنتاج النفط بنسبة شهریة لا تقل عن خمسة فی المائة (5%) . ثم زیدت هذهِ النسبة الى خمس وعشرین بالمائة (25%) فی 9 تشرین الثانی عام 1973 . کما أکدوا أیضا على حظر وصول النفط الى الولایات المتحدة الأمریکیة وهولندا بسبب تأیید هما وتقدیم مساعدتهما لإسرائیل .
وفی هذا الصدد انتهى تقریر معهد الدراسات الستراتیجیة فی لندن الى ان عام 1973 الذی سادهُ النزاع فی الشرق الوسط ، إن استخدام سلاح النفط ، قد شهد میلاد قوة سادسة فی العالم هی مجموعة الدول المصدرة للنفط والتی أضیفت الى القوة العسکریة لکل من الولایات المتحدة الأمریکیة والاتحاد السوفیتی (سابقاً) والصین والیابان ودول السوق الأوربیة المشترکة .
وان هذهِ القوة السادسة قد قلبت بعض الموازین والمفاهیم ، وأضفت على منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة ، والمنطقة العربیة بصفة خاصة ، دوراً لا عهد للعالم بهِ.
وقد أصدر العراق وهو طرف بمذکرة التفاهم قرارا بوقف صادراته النفطیة لمدة 30 یوم على اثر التنکیل الصهیونی بأبناء فلسطین المحتلة خلال عام 2001 فی محاولة لم یکتب لها النجاح للضغط على الدول الکبرى من أجل منع الصهاینة من الاستمرار فی هذا العمل .
وإذا کانت أهمیة النفط ومحاولة السیطرة على مصادره قد دفعت الدول الاستعماریة الکبرى الى التناحر والصراع فیما بینها ، فان أهمیة النفط دفعت الدول الاستعماریة الکبرى لممارسة شتى الوسائل للضغط على حکومات الدول المنتجة للنفط للموافقة على منح شرکاتها النفطیة امتیازات استغلال النفط وبالشروط التی تلائم مصلحة هذهِ الشرکات .
وأوضح مثال لذلک الضغط الذی باشرته الحکومة الإنکلیزیة على حکومة العراق والتهدید الذی لوحت به لفصل لواء الموصل عن العراق فی سبیل منح الشرکة الترکیة ( شرکة نفط العراق بعدئذ) امتیاز استغلال نفط العراق .
وأخیراً فإنه من الجائز القول بأن النفط کان من بین الأسباب الرئیسة التی دفعت الجیش العراقی الى دخول الکویت فی الثانی من آب عام 1990 . کما أنه من الجائز أیضاً القول بأن النفط کان هو الدافع الرئیسی للولایات المتحدة الأمریکیة الى التدخل عسکریاً وشن الحرب ضد العراق من أجل اخراج الجیش العراقی من دولة الکویت .
وقد کان السبب الرئیسی فی غزو العراق واحتلالهِ خلال آذار ونیسان من عام 2003 بعیداً عن قرارات مجلس الأمن الدولی .
ویعرف عقد الاستثمار النفطی بکونهُ : اتفاق یبرم بین الدول المنتجة للنفط أو إحدى الشرکات أو المؤسسات أو الهیئات العامة التابعة لها من ناحیة وبین شرکة نفط أجنبیة لغرض البحث عن النفط واستکشافه والتنقیب عنه من ثم إنتاجهِ فی منطقة معینة من اقلیم الدولة المتعاقدة ولمدة زمنیة معینة لقاء مقابل تدفعه الدولة المنتجة للنفط .
وتعد عقود الاستثمارات حدیثة النشأة نسبیاً إذا ما قورنت بالعقود الأخرى المتعارف علیها فی المواد المدنیة والتجاریة سواء فی مجال المعاملات الداخلیة أو فی مجال المعاملات الدولیة الخاصة إذ تمثل هذهِ العقود الأداة القانونیة لاستغلال الثروات النفطیة التی لم تظهر الى حیز الوجود الا بعد اکتشاف النفط وتطور صناعتهِ ، أی منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدایة القرن العشرین .
ویلزم لتمام عقود الاستثمارات النفطیة فی العادة أن تخضع لموافقة أو تصدیق الجهة المختصة للتصدیق على المعاهدات ، وهی عادة السلطة التشریعیة . والإجراء المعتاد فی دول الشرق الأوسط هو الموافقة على عقود استغلال الموارد الطبیعیة بقانون .
ففی معظم الدول المنتجة للنفط ولاسیما فی منطقة الشرق الأوسط تستلزم الأنظمة القانونیة أن یتم التصدیق على عقود الاستثمار من قبل السلطة التشریعیة ومن ثم إصدار قانون خاص بها .
ویأتی وجوب تصدیق عقود الاستثمارات النفطیة نظراً للأهمیة الکبیرة التی تحتلها الثروة النفطیة فی اقتصادیات البلدان المنتجة للنفط اذا یعد العقد وسیلة لاستثمارها کما إن هذهِ الثروة هی ملک الشعب بحسب نصوص أغلب الدساتیر والقوانین الوطنیة لهذهِ البلدان فلا یجوز التصرف فیها الا بموافقة ممثلی الشعب فضلاً عن ذلک فان عقود الاستثمارات النفطیة تبرم مع أشخاص أجانب ولمدة طویلة من الزمن لا تقل عن عشرین عاماً فی أغلب الأحوال ،
ولهذه الأسباب تضمنت أغلب عقود الاستثمارات النفطیة نصاً یشترط لنفاذها أن تصدق بقانون صادر عن السلطة التشریعیة فی البلد المضیف سواء أکانت حکومة هذا البلد طرفاً مباشراً فی هذهِ العقود ، أم کانت المؤسسة الوطنیة .
کما أوجبت ذلک کثیر من الدساتیر والقوانین الوطنیة ، صدور قانون خاص
بالموافقة التشریعیة على عقود استغلال الموارد الطبیعیة .
یمثل التصدیق على العقد من قبل السلطة التشریعیة نوعاً من الرقابة التی تمارسها السلطة التشریعیة على بعض أعمال السلطة التنفیذیة التی تکون ذات أهمیة حیویة للمجتمع بأسرهِ.
وقد دخل التنظیم الدولی المالی مجال حمایة هذهِ الاستثمارات وتشجیعها من خلال ما بذل من جهود شکلت اقتراحات ومشاریع اتفاقیات جماعیة متعددة الأطراف لانشاء هیئة دولیة لضمان الاستثمارات انتهت الى توصل البنک الدولی لعام 1985 بقیام اتفاقیة دولیة لإنشاء الوکالة الدولیة لضمان الاستثمار بوصفها هیئة دولیة مستقلة تتمتع بالشخصیة القانونیة مهمتها تشجیع تدفق الاستثمارات لأغراض انتاجیة فیما بین الدول الأعضاء.
وقد شهدت العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال عدة تطورات متلاحقة . فقد اتخذت فی البدایة شکل عقود الامتیاز Contrats de concession .
ولقد ظل عقد الامتیاز هو الشکل القانونی السائد لتنظیم العلاقة بین الدول المنتجة وشرکات البترول الأجنبیة طوال النصف الأول من القرن الحالی . ثم ظهرت الى الوجود ، منذ النصف الثانی من القرن الحالی ، أشکال تعاقدیة جدیدة یمکن أن نحصرها فی ثلاث هی : عقود المشارکة ، وعقود المقاولة ، وأخیراً عقود اقتسام الإنتاج .
وفی ضوء ذلک سوف نقسم هذهِ الدراسة الى مبحثین : المبحث الأول : نتعرض فیهِ لعقود الامتیاز باعتبارها النمط التعاقدی الأول الذی کان سائداً فی العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة والمبحث الثانی : نتناول فیه الأنماط التعاقدیة الجدیدة .
المبحث الأول
عقود الامتیاز
ظهر هذا النوع من العقود منذ مطلع القرن الحالی وانتشر – بصفة خاصة فی العشرینیات والثلاثینیات – فی أهم البلدان المنتجة للنفط فی منطقة الشرق الأوسط مثل ایران والعراق والسعودیة .
ولقد ظل عقد الامتیاز الشکل القانونی السائد فی تنظیم العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال طوال النصف الأول من القرن الحالی تقریباً .
ولکن لما کانت هذهِ العقود قد أبرمت فی ظل ظروف سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة مکنت الشرکات الأجنبیة من الاستفادة القصوى من هذهِ العقود ، فانه مع تغیر هذهِ الظروف لم تعد هذهِ العقود بالحالة التی کانت علیها وقت إبرامها صالحة لتنظیم العلاقة بین کل من الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها . ولذا کان من الطبیعی أن یتم إدخال تعدیلات على هذهِ العقود لکی تتماشى مع الظروف الجدیدة ، وبما یحقق مصالح کل من الطرفین .
ونعرض فیما یلی ، هذهِ العقود فی صورتها الأولى وللظروف التی صاحبت نشأتها ، ثم نعرض بعد ذلک لأهم التعدیلات التی أدخلت علیها ، کل فی مطلب مستقل .
المطلب الأول
عقود الامتیاز فی صورتها الأولى والظروف التی صاحبت نشأتها
بالاطلاع على العدید من عقود امتیاز النفط التی أبرمت فی النصف الأول من القرن الحالی _ خصوصاً فی منطقة الشرق الأوسط – یمکن تعریف عقد الامتیاز : بأنه ذلک التصرف الذی تمنح الدولة بمقتضاه الشرکة الأجنبیة الحق المطلق فی البحث والتنقیب عن الموارد النفطیة الکامنه فی اقلیمها أو فی جزء منها ، والحق فی استغلال هذهِ الموارد والتصرف فیها ، وذلک خلال فترة زمنیة معینة مقابل حصول هذهِ الدولة على فرائض مالیة معینة .
وعلى الرغم من أن هذهِ العقود قد تتباین فیما بینها من حیث ما تشتمل علیه من أحکام وشروط سواء أکانت شروطاً قانونیة أم مالیة أم فنیة أم تجاریة ، بید أن هناک خصائص عامة وسمات مشترکة بین هذهِ العقود جمیعاً یمکن أن نوجزها فیما یلی :
أولاً : منحت عقود امتیاز النفط الأولى الشرکات الأجنبیة الحق المطلق فی البحث والتنقیب للکشف عن النفط واستخراجه من مناطق الامتیاز ، وکذلک الحق فی نقل النفط المستخرج وتکریره وتصدیره کمادة خام . بید أن أهم حق منحته هذهِ العقود للشرکات الأجنبیة ، وهو : ما یمیزها عن غیرها من الأشکال التعاقدیة اللاحقة ، هو الحق فی ملکیة النفط المنتج والتصرف فیه .
ومن الأمثلة الشهیرة على ذلک عقد امتیاز النفط الذی ابرم فی 29ایار سنة 1901 بین شاه ایران والملیونیر البریطانی الجنسیة ولیم دارسی William Knox Darcy والذی یعد أول عقد امتیاز نفطی تم ابرامه فی منطقة الشرق الأوسط . فقد منح هذا العقد ، طبقاً للمادة الأولى منه ، الطرف الأجنبی المذکور ، الحق فی البحث عن النفط ومشتقاته واستغلاله وتسویقه ونقله وبیعه لمدة ستون عاماً .
ومع ذلک فإنهُ من الجدیر بالملاحظة أن حق الشرکة صاحبة الامتیاز فی تملک النفط المنتج والتصرف فیه لم یکن حقاً مطلقاً . فقد تضمنت غالبیة هذهِ العقود شروطاً تعاقدیة تعد بمثابة قیوداً حقیقیة على ممارسة الشرکة لهذا الحق ومن قبیل ذلک الشروط التعاقدیة التی تنص على حق الحکومة فی أن تأخذ مجاناً کمیات معینة من النفط المنتج . وکذلک الشروط التعاقدیة التی تنص على دفع إتاوة للدولة المنتجة تتمثل فی نسبة معینة من النفط المنتج ومشتقاته ، وتلک التی تنص على حق الدولة المتعاقدة فی شراء نسبة معینة من النفط المنتج لأجل الاستهلاک المحلی لها . هذا الى جانب الشروط التعاقدیة التی توجب على الشرکة صاحبة الامتیاز عدم بیع أی منتجات أو مستخرجات تحصل علیها من منطقة الامتیاز لأیة سلطة أجنبیة معادیة أو غیر صدیقة أو لرعایاها .
ثانیاً : لقد تم إبرام غالبیة هذهِ العقود لفترات طویلة المدة الى حد یفوق المعقول . وقد تراوحت مدة هذهِ العقود ما بین ستین عاماً الى خمسة وسبعین عاماً ، فعلى سبیل المثال ، لقد بلغت مدة عقد امتیاز دارسی مع شاه ایران المبرم سنة 1901 مدة ستین عاماً من تاریخ ابرامه ، وبلغت مدة عقد امتیاز شرکة نفط قطر مع شیخ قطر والمبرم فی 27 أیار1925 خمسة وسبعین عاماً وعلى الرغم من استغراق هذهِ المدد لفترات طویلة ، فانها کانت قابلة للمد ویمکن أن نذکر على سبیل المثال الاتفاق التکمیلی المبرم بین حکومة السعودیة وشرکة استاندرد أویل کالیفورنیا عام 1939 فقد نصت المادة (10) منه على أن " یستمر الامتیاز العربی السعودی.... نافذ المفعول ومعمولا به بصورة تامة لمدة ست سنوات من بعد انتهاء مدة الستین سنة المنصوص علیها فی المادة الأولى من الامتیاز العربی السعودی ".
من الجدیر بالإشارة فی هذا المقام أن عقود الامتیاز التی ابرمتها مصر مع الشرکات الأجنبیة کانت متمیزة عن العقود الأخرى المبرمة فی منطقة الشرق الأوسط من حیث قصر مدتها . وکذلک الحال ایضاً بالنسبة لعقود امتیاز النفط المبرمة بین الشرکات الأجنبیة ودول أمریکا اللاتینیة إذ کانت تتمیز بقصر مدتها بالمقارنة بعقود الامتیاز المبرمة مع دول منطقة الشرق الأوسط .
ثالثاً : کانت منطقة الامتیاز تغطی مساحات شاسعة للغایة من إقلیم الدول المنتجة ، بل وفی بعض الأحیان کانت تغطى منطقة الامتیاز جمیع أراضی الدولة المنتجة ومیاهها الإقلیمیة . ومن قبیل ذلک یمکن أن نذکر ما نصت علیه المادة الأولى من عقد امتیاز شرکة نفط قطر مع شیخ قطر المبرم فی 17 أیار لسنة 1935 من أن " یمنح الشیخ الشرکة فی إمارة قطر حق البحث والتنقیب ... والمقصود بإمارة قطر کل المنطقة التی تمتد الیها حکم الشیخ " . وما نصت علیه أیضا المادة الأولى من العقد المبرم بین شیخ الکویت وشرکة نفط الکویت عام 1934 من ان " یمنح الشیخ الشرکة الحق فی البحث والحفر ... فی کل إمارة الکویت بما فی ذلک الجزر والمیاه الأقلیمیة ".
ومن الجدیر بالإشارة فی هذا الصدد انه على الرغم من المساحات الشاسعة التی کانت علیها منطقة الامتیاز ، لم تکن غالبیة عقود الامتیاز تتضمن نصاً یلزم الشرکات الأجنبیة بالتخلی عن المناطق غیر المستغلة : وحتى عندما تتضمن بعض العقود نصاً ینظم التخلی ، فإننا نلاحظ على هذا النص انه لم یکن یلزم الشرکة الأجنبیة بالتخلی عن المناطق غیر المستغلة ، بل کان یعلق التخلی على محض إرادة الشرکة صاحبة الامتیاز .
رابعاً : بموجب عقود الامتیاز هذهِ حصلت الشرکات الأجنبیة المتعاقدة _ على حد تعبیر بعض الفقهاء – على حصانة دولیة حقیقیة un Veritable Statut exterritorialite . إذ کانت تتمتع هذهِ الشرکات بالإعفاء من ایة رسوم کمرکیة وکان لها الحق المطلق فی الاستیراد وبدون ضرورة الحصول على الترخیص بذلک . کما أعفت هذهِ العقود الشرکات الأجنبیة المتعاقدة من الخضوع للضرائب بأنواعها المختلفة ، المباشرة وغیر المباشرة . ومن قبیل ذلک یمکن أن نذکر على سبیل المثال ما نصت علیهِ المادة (21) من عقد الامتیاز المبرم بین حکومة المملکة العربیة السعودیة وشرکة استاندرد أویل کالیفورنیا عام 1933 من أن " .... تعفی الشرکة والمشروع من جمیع الضرائب المباشرة وغیر المباشرة ومن المکسب والعوائد والأجور والرسوم بما فیها الرسوم الکمرکیة عن الصادر والوارد .... " .
خامساً : کانت المدفوعات المالیة التی تحصل علیها الدول المنتجة _ بموجب هذهِ العقود _ من الشرکات المتعاقدة معها نظیر استغلال هذهِ الشرکات لثرواتها النفطیة عبارة عن محصلة لثلاثة أشیاء :
1- الإتاوة أو الریع وهو عبارة عن مدفوعات نقدیة أو عینیة تلتزم الشرکة صاحبة الامتیاز بأدائها الى الدولة المتعاقدة عن کل وحدة إنتاج بترولی تحصل علیها من المنطقة التی یشملها عقد الامتیاز . ویتم تحدید هذهِ إتاوة أو الریع على أساس مبلغ معین عن کل وحدة من الإنتاج أو على أساس نسبة مئویة معینة من کمیة الإنتاج ،
س2- الإیجار وهو عبارة عن مبلغ من المال یتم دفعه سنویاً من قبل الشرکة صاحبة الامتیاز نظیر استعمال الشرکة لسطح الأرض التی یغطیها عقد الامتیاز . ویبدأ دفع الإیجار منذ تاریخ نفاذ العقد وینتهی بتاریخ بدء الإنتاج ، أو البدء فی تصدیر البترول ، حسبما یقضى العقد ، وذلک فیما عدا عقود الامتیاز التی ابرمتها مصر حیث کانت تنص على سریان الإیجار طوال مدة العقد .
3- مکافأة التوقیع وهی عبارة عن مبلغ من المال تحصل علیه الدولة من الشرکة المتعاقدة بمجرد إبرام العقد ، وذلک بصرف النظر عن قیام الشرکة بعملیات البحث من عدمه ، وبصرف النظر عن النتائج التی قد تسفر عنها عملیات البحث والتنقیب .
وفی ضوء ذلک ، کانت العوائد المالیة التی تحصل علیها الدول المنتجة – بموجب عقود الامتیاز – ضعیفة للغایة بالمقارنة بما حققته الشرکات الأجنبیة المتعاقدة من أرباح ، وبما حصلت علیهِ الدول الأجنبیة التی تنتمی الیها هذهِ الشرکات من عوائد . ویکفی للتدلیل على صحة ذلک أن إیران على سبیل المثال ، قد حصلت على دخل إجمالی من ثرواتها البترولیة فی الفترة من عام 1911- وهو التاریخ الذی بدأت فیه الشرکة الانجلو إیرانیة مباشرة عملیاتها – الى عام 1951 ، تاریخ تأمیم هذهِ الشرکة ، یقدر بحوالی 316 ملیون دولار ، فی حین أن الحکومة البریطانیة وحدها قد حصلت فی خلال تلک الفترة على 700 ملیون دولار کضریبة بالإضافة الى 613 ملیون دولار کأرباح عن حصتها فی أسهم الشرکة .
سادساً : لم تقدم عقود الامتیاز أیة فرصة للدول المنتجة فی أن تشارک فی استغلال ثرواتها النفطیة الکامنة فی أراضیها فقد کانت الشرکات المتعاقدة تنفرد بهذا الحق وحدها ، ولا ینازعها فیه احد .
صحیح ان بعض عقود الامتیاز قد نصت على إمکانیة مشارکة الدولة المتعاقدة فی رأس مال الشرکة المتعاقدة ، کما هو الشأن بالنسبة لعقد الامتیاز المبرم بین حکومة العراق وشرکة نفط العراق عام 1925 ، فقد نصت المادة (34) من هذا العقد على أنه کلما عرضت الشرکة على الجمهور إصدارا من الأسهم ، یجب أن تفتح قوائم الاکتتاب فی العراق وفی الخارج فی آن واحد ویجب أن یعطى العراقیون الموجودون فی العراق حق الأفضلیة للاکتتاب بعشرین فی المائة 20%) على الأقل من هذا الإصدار وکذلک الأمر بالنسبة لعقد الامتیاز المبرم بین ایران والشرکة الانکلو إیرانیة عام 1933 .
فقد أجاز فی المادة (18) منه للمواطنین الإیرانیین الاکتتاب فی أسهم الشرکة فی کل مرة تعرض فیها الشرکة إصدارا من الأسهم . بید أن أی من هذهِ النصوص لم یوضع قط موضع التنفیذ . لعل السبب فی ذلک یرجع بداهة الى ان هذهِ المشارکة کانت مشروطة بإصدار الأسهم فی المستقبل من قبل الشرکة المتعاقدة لزیادة رأسمالها وهو مالم یحدث .
ومن الجدیر بالإشارة فی هذا المقام أن غالبیة عقود الامتیاز خصوصاً منطقة الشرق قد درجت على تضمینها نصا یقضی بتسویة أی نزاع أو خلاف ینشأ بین الأطراف بطریقة التحکیم .
وهکذا جاءت شروط عقد الامتیاز وکأنها أملیت من جانب واحد وصیغت بنودها بالصورة التی ترضی طرفاً واحداً فقط الا وهو الشرکات الأجنبیة صاحبة الامتیاز وعلى نحو یجعل غنائم هذا الاستغلال للشرکات الأجنبیة ولا یعود منه الا بأقل المزایا على البلدان المنتجة .
وبایجاز شدید یمکن القول بأنه فی ظل عقود الامتیاز الأولى کانت الشرکات الأجنبیة هی المهیمنة کلیاً على جمیع مراحل صناعة النفط فی منطقة الشرق الأوسط فقد کان لها الحق المطلق غیر المتنازع فیه فی البحث والتنقیب عن الثروات النفطیة وتطویر وانتاج وتصدیر کمیات النفط بالاسعار والمعدلات التی تحددها هذهِ الشرکات نفسها ، وذلک فی مقابل عوائد Royalty معینة تحصل علیها الدول المنتجة المتعاقدة .
ولعل ذلک کله کان راجعاً للظروف السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة التی ابرمت فی ظلها هذهِ العقود . فمن المعروف أن معظم الدول المنتجة للنفط _ خصوصاً الدول العربیة _ کانت واقعة تحت الاحتلال من جانب الدول الاستعماریة الکبرى التی تنتمی الیها الشرکات الأجنبیة الکبرى العاملة فی مجال النفط وذلک فی الفترة التی ابرمت فیها هذهِ العقود . وکانت حکومات الدول الاستعماریة التی تنتمی الیها شرکات النفط الکبرى دائماً ما تتدخل لمساندة هذهِ الشرکات مستخدمة إمکانیاتها السیاسیة والدبلوماسیة للضغط على حکومات الدول المنتجة للنفط للموافقة على منح عقود امتیاز النفط بالشروط التی تتفق ومصلحة هذهِ الشرکات ، ولعل من أوضح الأمثلة على ذلک ، الضغط الذی مارسته الحکومة البریطانیة على حکومة العراق والتهدید الذی لوحت به لفصل لواء الموصل عن العراق فی سبیل منح الشرکة الترکیة ( شرکة النفط العراقیة فیما بعد ) امتیاز باستغلال النفط فی العراق .
ومن العوامل التی ساهمت ایضاً فی ابرام عقود الامتیاز التقلیدیة بالشکل الذی کانت علیه عدم وجود أنظمة قانونیة فی الدول المنتجة للنفط صالحة لتنظیم النواحی المختلفة والمعقدة المتعلقة بإقامة صناعة مثل صناعة النفط . ومن أجل تکملة هذا النقص فان عقود الامتیاز تم صیاغتها على النحو الذی أصبحت معه مواثیق حقیقیة کافیة بذاتها لمزاولة عملیات استثمار النفط ، وذلک فی ظل غیاب کلی تقریباً للمقومات الأساسیة اللازمة ، وأیة رقابة حکومیة ممکنة . فهذهِ البلدان لم یکن لدیها أنظمة قانونیة تحقق لها السیطرة والسیادة على ثرواتها النفطیة، وتحدد الإطار القانونی الذی تمارس فیهِ الشرکات الأجنبیة نشاطها فی مجال البحث عن النفط واستغلاله .
هذا بالإضافة الى حالة الضعف الاقتصادی التی کانت علیها البلدان المنتجة للنفط مقارنة بالشرکات الأجنبیة الکبرى العاملة فی هذا المجال ، وعدم تقدیر حکومات هذهِ الدول لأهمیة ثرواتها النفطیة ، وعدم وجود أی درایة لها بشؤون النفط، فهذهِ العقود ابرمت بین طرفین غیر متکافئین : أحدهما الشرکات الأجنبیة التی تمتلک الموارد النفطیة فی أراضیها ولا حول لها ولا قوة ، إذ حیث ینقصها رأس المال والخبرة الفنیة والقانونیة لإبرام هذهِ العقود ، وبناء علیهِ استطاعت الشرکات الأجنبیة إبرام عقود تحقق لها السیطرة الکاملة على تلک الموارد وهکذا ، جاءت عقود الامتیاز الأولى متناسبة مع الظروف السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والقانونیة التی کانت سائدة آنذاک فی الدول المنتجة ولذلک لما تغیرت هذهِ الظروف ، کان من الطبیعی ان یتم إدخال تعدیلات على هذهِ العقود لتتمشى مع الظروف الجدیدة ، وهو ما سنعرض له الآن .
المطلب الثانی
أهم التعدیلات التی أدخلت على عقود الامتیاز الأولى
کانت الحرب العالمیة الثانیة نقطة تحول حاسمة فی تاریخ صناعة النفط ، حیث تضاعف استخدام النفط ، ولعب النفط دوراً مهماً وحاسماً فی هذهِ الحرب ، مما أدى الى اشتداد الطلب على النفط وارتفاع أسعاره وبصفة خاصة نفط الشرق الأوسط . ولذلک کان من الطبیعی أن یتم إدخال تعدیلات على عقود الامتیاز التی کانت مبرمة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال .
ویمکن حصر ابرز هذهِ التعدیلات وأهمها فی أربع نقاط هی :
أولاً : الاخذ بنظام مناصفة الأرباح
ثانیاً : مسألة تنفیق الریع أو الإتاوة .
ثالثاً : الأخذ بنظام التخلی
رابعاً : الاخذ بنظام المشارکة .
أولاً : نظام مناصفة الارباح :
یعدّ الأخذ بنظام مناصفة الارباح من ابرز وأهم التعدیلات التی طرأت على عقود امتیاز النفط المبرمة بین البلدان المنتجة للنفط والشرکات الاجنبیة ، ففی عام 1948 أصدرت فنزویلا تشریعاً فرضت بموجبهِ ضریبة ربح على الشرکات الأجنبیة العاملة فی اراضیها بمعدل خمسین فی المائة (50%) مکرسة بذلک ولأول مرة قاعدة مناصفة الأرباح فی العلاقة بین البلدان المنتجة للنفط وشرکات النفط الأجنبیة . مما دفع الدول الأخرى المنتجة للنفط الى المطالبة باعمال هذهِ القاعدة فی علاقاتها مع الشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها .
فأصدرت المملکة العربیة السعودیة فی تشرین الثانی سنة 1950 الموافق 24 محرم لسنة 1670 هجریة المرسوم الملکی رقم 17/2/28/3321 ، والذی فرض لأول مرة ضریبة على ارباح الشرکات العاملة فی الأراضی السعودیة ، کما أصدرت فی 27 کانون الأول سنة 1950 الموافق 17 من ربیع الأول سنة 1370هجریة المرسوم الملکی رقم 17/2/28/7634 والخاص بفرض الضریبة على أرباح الشرکات العاملة فی مجال النفط ، وبناء على هذین المرسومین ، تم ابرام اتفاق مناصفة أرباح بین السعودیة وشرکة الزیت العربیة الأمریکیة (والمسماة أرامکو) فی 30 کانون الأول سنة 1950 الموافق 20 من ربیع الأول سنة 1370 هجریة . ومن اهم ما جاء بهذا الاتفاق " 1- بالرغم مما نصت علیه المادة 21 من اتفاقیة امتیاز أرامکو ، فان ارامکو تخضع لضریبتی الدخل المنصوص علیهما فی المرسومین الملکیین الکریمین رقم 17/2/28/3321 ورقم 17/2/28/7634 المرفقین بهذهِ الاتفاقیة للرجوع الیهما، على أنه من المتفق علیه :
أ- الا یتعدى بأی حال من الأحوال مجموع تلک الضرائب وجمیع الضرائب الأخرى والریوع والإیجارات واستحقاقات الحکومة عن ایة سنة من السنوات عن خمسین فی المائة (50%) من إجمالی دخل ارامکو .... " .
کما أخذ العراق بقاعدة مناصفة الأرباح . ففی عام 1952 أبرمت مع مجموعة الشرکات العاملة فی أراضیهِ _ وهی شرکة نفط العراق وشرکة نفط الموصل ، وشرکة نفط البصرة _ اتفاقیة مناصفة أرباح نصت المادة الثالثة منها على أنهُ للعراق (50%) من الربح الناتج من عملیات هذهِ الشرکات فی اقلیم دولة العراق .
کما أخذت بهذهِ القاعدة دولة الکویت فی عام 1951 مع شرکات النفط العاملة فی اقلیمها .
کما أخذت بها ایضاً الشرکة الوطنیة الإیرانیة فی العقد الذی أبرمته فی 19 أیلول عام 1954 مع مجموعة الشرکات المکونة للکونسرتیوم ، ولقد انتشر الأخذ بقاعدة مناصفة الارباح فی العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة .
ولکن على الرغم من المزایا المالیة التی حققها نظام مناصفة الارباح للدول المنتجة للنفط ، حیث أصبحت هذهِ الدول تحصل بموجبه على خمسین فی المائة 50% من الارباح التی تحققها الشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها ، وما ترتب على ذلک من ازدیاد اهتمام هذهِ الدول بکمیات النفط المستخرجة من أراضیها ، وبأسعار بیع النفط والأرباح التی تحصل علیها هذهِ الشرکات ، بید ان نظام مناصفة الأرباح کان منتقداً من ناحیتین :
فمن الناحیة الأولى ، فان حکومات الدول المنتجة کانت تحصل على نصف الأرباح بعد استقطاع الضرائب التی کانت تدفعها الشرکات المستثمرة للحکومات التابعة لها، وهذا ما کان یحرم الدول المنتجة من نسبة کبیرة من الدخل ویجعل مناصفة فی الارباح أمراً غیر واقعی .
ومن ناحیة ثانیة ، فان نظام مناصفة الأرباح لم یدخل ضمن الأرباح التی کانت تحققها الشرکات الأجنبیة المتعاقدة سوى الأرباح الناجمة عن عملیات الانتاج التی تتم داخل أقالیم البلدان المنتجة ، دون تلک الناجمة عن العملیات الأخرى التی تتم خارج أقالیم هذهِ البلدان ، کنقل النفط وتسویقه وتکریره ، والتی کانت تستأثر بها الشرکات المتعاقدة ، ولما کانت قاعدة مناصفة الأرباح لم تکن تشمل سوى الارباح الناجمة عن عملیات الانتاج فقد عمدت الشرکات الى تخفیض أسعار النفط الخام ، ونقل جزء من الارباح الى العملیات الأخرى التی تتم خارج البلدان المنتجة ، وهو ما کان یؤدی فی النهایة الى تخفیض نصیب الدول المنتجة من الارباح .
ثانیاً : مسألة تنفیق الإتاوة ( او الریع ) :
ظهرت مشکلة تنفیق الإتاوة أو الریع بعد الأخذ بنظام مناصفة الأرباح حیث ثار التساؤل عما اذا کانت الإتاوة أو الریع الذی تحصل علیه حکومات الدول المتعاقدة یدخل ضمن نسبة الخمسین بالمائة (50%)التی تحصل على وفق نظام مناصفة الأرباح أم أنها تعد من قبیل نفقات أو تکلفة الانتاج التی تقبل الخصم من الدخل الاجمالی الذی تحصل علیه الشرکات المتعاقدة عند حساب الضریبة المستحقة علیها طبقاً لقاعدة مناصفة الارباح .
لقد تمسکت الشرکات الأجنبیة المتعاقدة بالنظر الى الإتاوة أو الریع على انه یعد بمثابة جزء من حصة الحکومة فی الارباح یخصم من نسبة الخمسین بالمائة 50% التی تحصل علیه الدول المتعاقدة ، فی حین تمسکت الدول المتعاقدة بالنظر الى الإتاوة أو الریع على أنه یعد من بین نفقات الانتاج أو تکلفته التی تخصم من الربح الإجمالی الذی تحصل علیه الشرکات المتعاقدة وصولاً الى الربح الصافی الذی تفرض علیهِ الضریبة على وفق قاعدة مناصفة الارباح .
ولقد تبنت منظمة الدول المصدرة للنفط المسماة " اوبک" هذهِ المشکلة ، وأجرت فی هذا الصدد مفاوضات مکثفة بین الدول الأعضاء والشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها وأنتهت فی المؤتمر الذی عقد فی جاکرتا بأندنوسیا فی الفترة من 23-28 تشرین الثانی 1964 الى قرارها رقم (49) الذی یقضی بتنفیق الإتاوة أو الریع ، أی عدّه جزءاً من نفقات الانتاج أو تکلفته ولیس جزءاً من حصة الدول المتعاقدة فی الارباح ، ولقد بادرت الدول المنتجة للنفط التی طبقت هذا القرار بتعدیل عقودها المبرمة مع الشرکات الأجنبیة .
ثالثاً : نظام التخلی عن المساحات غیر المستغلة :-
لقد مضت الإشارة الى أن عقود الامتیاز الأولى لم تکن تتضمن نصوصاً تلزم الشرکات المتعاقدة بأن تتخلى عن ایة أجزاء من مناطق الامتیاز غیر المستغلة . مما سمح لهذهِ الشرکات بأن تحتفظ بمساحات شاسعة وتجمد جزءاً کبیراً منها بدون استغلال لکی تتجنب منافسة الشرکات الأخرى .
وکان من شأن ذلک تقیید سلطة الدولة فی استغلال الثروات النفطیة الکامنة فی هذهِ المناطق .
ولقد تنبهت الدول المتعاقدة لهذهِ المسألة ، وبدأت التفاوض مع الشرکات المتعاقدة معها ولقد توصلت بالفعل العدید من الدول الى ابرام اتفاقات مع الشرکات العاملة فی اراضیها تلزمها بالتخلی عن المناطق غیر المستغلة وفقاً لبرنامج زمنی محدد یوضح فیه المواعید التی یتم التخلی فیها والمناطق التی یتم التخلی عنها .
ومن قبیل ذلک یمکن أن نذکر ، على سبیل المثال الاتفاق الذی تم بین حکومة السعودیة وشرکة الزیت العربیة الأمریکیة المسماة " أرامکو" فی 24 آذار عام 1963 .
ومما تجدر الإشارة إلیه فی هذا الصدد أنه عندما لم یتوصل العراق الى اتفاق مع الشرکات الثلاثة العاملة فی أراضیه بشأن التخلی عن المناطق غیر المستغلة ، أصدرت حکومة العراق القانون رقم 80 لسنة 1961 الخاص بتعیین مناطق الاستثمار لشرکات النفط . وبموجب هذا القانون ، استعادت الحکومة العراقیة ما یبلغ 99.6% من الأراضی التی کانت فی حوزة الشرکات النفطیة الثلاث _ شرکة نفط العراق وشرکة نفط الموصل وشرکة نفط البصرة _ ومبقیة بذلک لتلک الشرکات 0.4%من مجموع ما کان تحت سیطرتها سابقاً بموجب عقود الامتیاز الأولى . وعلى أیة حال ، فإن أهم تعدیل أدخل على عقود الامتیاز هو الأخذ بنظام المشارکة وهو ما سنعرض له الآن .
رابعاً : الأخذ بنظام المشارکة فی عقود الامتیاز القائمة :
أهم تعدیل أدخل على عقود الامتیاز ذلک التعدیل الذی أدى الى زوال عقود الامتیاز فی صورتها الأولى التی کانت علیها طوال النصف الأول من هذا القرن ، وهو اشتراک الدولة فی ادارة واستغلال الثروات النفطیة الکامنة فی أراضیها مع الشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها ، ففی أعقاب ظهور عقود المشارکة وانتشارها منذ نهایة الخمسینات وبدایة الستینات على نحو ما سنرى خلال المبحث الثانی من هذا البحث ، سعت الدول المنتجة للنفط الى تعدیل عقود الامتیاز المبرمة بینها وبین الشرکات الأجنبیة العاملة فی أراضیها . والأخذ بنظام المشارکة وذلک من خلال منظمة الدول المصدرة للنفط .
ولقد تبنت بالفعل هذهِ المنظمة السیاسة التی مفادها تعدیل عقود الامتیاز القائمة وتحقیق مشارکة الدول المنتجة فی استغلال ثرواتها النفطیة فقد تضمن قرارها رقم 90 الصادر فی عام 1968 ، النص على حق الدول الأعضاء فی المطالبة بالمشارکة اذا لم تکن تنص العقود النافذة على ذلک استناداً الى مبدأ تغیر الظروف ، أما اذا کانت العقود النافذة تنص على حق الدولة فی المشارکة فی أسهم الشرکة القائمة بالاستغلال ولم یکن قد تم تنفیذ هذا الشرط ، فان النسب المنصوص علیها فی العقد تکون بمثابة الحد الأدنى لحق الدولة فی المشارکة .
وقد واصلت منظمة الأوبک سعیها لتحقیق هذا الهدف فأصدرت فی المؤتمر الخامس والعشرین والذی انعقد فی بیروت خلال أیلول من عام 1971 قرارا تضمن خطوات ایجابیة من أهمها قیام الدول الأعضاء فی منظمة الأوبک باجراء المفاوضات مع الشرکات العاملة على اراضیها سواء أکانت بصفة إنفرادیة أم جماعیة بفرض تحقیق المشارکة وإعمالا لهذا القرار ،أجرت دول الخلیج مفاوضات مع الشرکات المتعاقدة معها ، وانتهت بتوقیع الطرفین للاتفاقیة العامة للمشارکة فی نیویورک عام 1972. وبموجب هذهِ الاتفاقیة ، وافقت الشرکات المتعاقدة على ان تتنازل لهذه البلدان ابتداء من أول کانون الثانی عام 1973 عن خمس وعشرین فی المائة (25%) من أسهمها على ان ترتفع هذهِ النسبة تدریجیاً حتى تصل الى واحد وخمسین فی المائة (51%) فی عام 1983، وعلى أن تستمر هذهِ النسبة حتى بلوغ النهایة الطبیعیة لعقود الامتیاز المبرمة بینهم .
بید أنه یلاحظ أن مجلس الأمة الکویتی قد رفض هذهِ الاتفاقیة بعد أن کانت حکومة الکویت وشرکتی البرتش بترولیم البریطانیة والجلف الأمریکیة _ بصفتهما مالکتین لشرکة نفط الکویت _ فی 26 کانون الثانی عام 1974 ، حصلت الکویت
بموجبه على ستین فی المائة (60%) من ممتلکات ومصالح شرکة نفط الکویت .
کما یلاحظ أیضاً أن بعض الدول المنتجة قد لجأت الى اتخاذ اجراءات انفرادیة من قبلها استهدفت تحقیق المشارکة لها فی عقود الامتیاز المبرمة بینها وبین الشرکات المتعاقدة معها . فعلى سبیل المثال ، لقد قامت الجزائر بتأمیم الشرکات الفرنسیة بموجب القرار الصادر فی 12 تموز عام 1970، ثم قامت بتأمیم الشرکات الفرنسیة بموجب قرارات التامیم الصادرة فی شباط ونیسان عام 1971 . بموجب هذهِ القرارات ، حصلت الجزائر على مشارکة بنسبة واحدة وخمسین فی المائة (51%) فی کل المشروعات التی تعمل فی مجال انتاج النفط فی الجزائر .
وکذلک الأمر بالنسبة للجماهیریة اللیبیة ، فقد بدأت لیبیا بتأمیم شرکة البریتش بترولیم B.P. فی دیسمبر سنة 1973 أصدرت الحکومة اللیبیة قانوناً بتأمیم واحدة وخمسین فی المائة (51%) من ممتلکات ومصالح کل الشرکات الأجنبیة العاملة فی إقلیمها ، ومن الشواهد على تاثیر شرکات الاستثمار النفطی وتاثیرها بالعلاقات الدولیة الطلب الذی تقدم بهِ أربعة من مجلس الشیوخ الأمریکی للتحقیق فی دور B.P فی الضغط على بریطانیا من أجل إطلاق سراح اللیبی عبدالباسط المقرحی (والذی اطلق سراحهُ فعلاً خلال آب من عام 2009 ) المتهم فی قضیة لوکربی والمحکوم علیه بالسجن مدى الحیاة فی مقابل حمایة صفقة للتنقیب عن النفط قبالة الشواطئ اللیبیة تقدر قیمتها بـ 900 ملیون دولار .
وبعد أن عرضنا لعقود الامتیاز واهم التعدیلات التی أدخلت علیها نکون بذلک قد فرغنا من دراسة النمط الأول من أنماط التعاقد والذی کان سائداً فی العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة ، ونعرض الآن للإنماط التعاقدیة الجدیدة والتی أعقبت فی الظهور مباشرة عقود الامتیاز .
المبحث الثانی
الأنماط التعاقدیة الجدیدة
تنحصر الأنماط التعاقدیة الجدیدة التی سادت العلاقة بین الدول المنتجة وشرکات النفط الأجنبیة فی ثلاثة أنماط هی : عقود المشارکة ، وعقود المقاولة ، وأخیراً عقود اقتسام الإنتاج ، ونعرض فیما یلی لهذه الأنماط التعاقدیة الثلاثة کل فی مطلب مستقل ، وذلک على النحو التالی :
المطلب الأول : ونتکلم فیه عن عقود المشارکة
المطلب الثانی : ونتعرض خلالهُ لعقود المقاولة
المطلب الثالث : ونتحدث به عن عقود اقتسام الانتاج
المطلب الأول
عقود المشارکة
لقد مضت الإشارة الى أن الشرکات الأجنبیة الکبرى العاملة فی مجال النفط کانت هی المسیطرة والمهیمنة کلیة على صناعة النفط فی جمیع مراحلها بموجب عقود الأمتیاز التقلیدیة التی ابرمتها مع الدول المنتجة . فقد کان لها ، بموجب هذهِ العقود الحق المطلق فی البحث عن النفط واکتشافه ، کما کان لها الحق فی انتاجه ونقلهِ وتکریره وتسویقه .
ولم تقدم هذهِ العقود ایة فرصة للدول المنتجة للمشارکة فی استغلال ثرواتها النفطیة مع الشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها . وإذا کان حقیقیاً أن بعض عقود الامتیاز قد نصت على امکانیة مشارکة الدولة فی راس مال الشرکة صاحبة الامتیاز بید أن هذهِ النصوص لم توضع قط موضع التنفیذ .
ولقد ظل هذا الوضع قائماً حتى بعد تطبیق قاعدة مناصفة الأرباح والتی لم تستهدف سوى زیادة العوائد المالیة للدول المنتجة ، الى أن جاء عام 1957 والذی یعدّ تاریخاً مهماً فی تطور العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال .
فبدأ من هذا التاریخ ظهور شکل جدید من أشکال التعاقد بین الدول المنتجة والشرکات الأجنبیة استهدف تحقیق مشارکة فعلیة للدول المنتجة فی عملیات اکتشاف النفط واستغلاله . ولذلک یطلق على هذا النوع من العقود عقود المشارکة . ویرجع الفضل فی ظهور هذا النوع الى بروز بعض شرکات النفط الأجنبیة المستقلة عن شرکات النفط الکبرى الأمریکیة والبریطانیة التی کانت تحتکر صناعة النفط فی العالم .
فقد تقدمت هذهِ الشرکات بعروض أفضل للدول المنتجة مما کانت تقدمه الشرکات الکبرى ، حیث أنها أتاحت لهذهِ الدول فرصة المشارکة فی استغلال ثرواتها النفطیة .
ویعدّ قانون النفط الإیرانی الصادر فی 31 حزیران عام 1957 هو أول تشریع – فی منطقة الشرق الأوسط – ینص على الأخذ بنظام عقود المشارکة فی مجال صناعة النفط . فقد نص هذا القانون على أنه یجب على الشرکة الوطنیة الایرانیة للبترول أن تمتلک ، على الأقل ، ثلاثین بالمائة (30%) من رأس مال الشرکة الأجنبیة المستثمرة ، بل لقد رخص لهذه الشرکة أن تشارک فی أنشطة الشرکة الأجنبیة سواء من خلال انشاء شرکة مختلطة Une Societe Mixte تتمتع بالشخصیة القانونیة تقوم بتأسیسها الشرکة الوطنیة الایرانیة والشرکة الأجنبیة المتعاقدة معها ، أو من خلال إنشاء مشروع مشترک Entreprise Commune ، أی هیئة منشأة بواسطة الطرفین المتعاقدین لا تتمتع بالشخصیة القانونیة تقوم بتنفیذ العملیات المتفق علیها فی العقد نیابة عن الطرفین .
ویعدّ أول عقد مشارکة تم ابرامه على وفق هذا القانون العقد الذی ابرم خلال آذار سنة 1957 بین الشرکة الوطنیة الایرانیة للنفط والشرکة الإیطالیة " أجیب" ، وهی إحدى فروع المؤسسة الإیطالیة "أینی" وبموجب هذا العقد یقوم الطرفان بإنشاء شرکة مختلطة تسمى بالشرکة الایرانیة الإیطالیة للنفط "S.I.R.I.P." تتولى أعمال البحث والإنتاج وبیع النفط الخام ومشتقاته .
وقد یمتد نشاطها الى أعمال التکریر والصناعات البتر وکیماویة الأخرى ، ویساهم کل طرف منها بخمسین فی المائة من راس مال الشرکة .
ویتم تسجیل هذهِ الشرکة على أنها شرکة إیرانیة وتخضع للقوانین الایرانیة فی کل المسائل التی لم یتناولها العقد ، وتتمتع هذهِ الشرکة بالشخصیة القانونیة المستقلة عن الأطراف .
وبموجب هذا العقد ایضاً یتم توزیع النفط المنتج بالتساوی بین الطرفین ، ویکون للشرکة المتعاقدة ( أجیب) الحق فی الحصول على نسبة معینة من النفط باسعار خاصة . وتحصل الحکومة الایرانیة على خمسین فی المائة من الارباح الصافیة التی تحققها الشرکة المختلطة ویوزع الباقی على الطرفین ( الشرکة الوطنیة الایرانیة "نیوک" ، والشرکة الایطالیة "اجیب" ) مناصفة . وهو ما یجعل الحکومة الایرانیة تحصل فی نهایة الأمر على 75% من الارباح .
وفی عام 1958 أبرمت الشرکة الوطنیة الایرانیة عقد مشارکة مع الشرکة الأمریکیة ( بان امریکان Pan American) ، بموجب هذا العقد یقوم الطرفان بانشاء مشروع مشترک Entreprise Commune هذا المشروع لا یتمتع بالشخصیة القانونیة ولا یعد کیاناً قانونیاً قائماً بذاته ومستقلاً عن الطرفین ، وتعود ملکیته الى کل من الطرفین بنسب متساویة .
ولا یکون لهذا المشروع أی حق ملکیة على البترول المنتج ، وتنحصر مهمته الوحیدة فی انتاج البترول والذی یتم توزیعه على الطرفین مناصفة فالمشروع المشترک الذی یتم إنشاؤه بموجب هذا العقد لا یتصرف الا باعتباره وکیلاً عن الطرفین .
هذا ولقد أبرمت الشرکة الوطنیة الایرانیة العدید من عقود المشارکة النفطیة الأخرى المماثلة لهذا العقد . ومن قبیل ذلک یمکن أن نذکر على سبیل المثال ، عقد المشارکة الذی أبرمته الشرکة الوطنیة الایرانیة مع الشرکة الکندیة " سافیر Sapphir " سنة 1958 .
ومنذ هذا التاریخ وتوالت عقود المشارکة المبرمة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال ، ففی السعودیة ، أبرمت الحکومة السعودیة مع الشرکة الیابانیة فی 10 کانون الأول سنة 1957 عقداً نصت المادة 28 منه على أنه : " بعد اکتشاف الزیت بکمیات تجاریة ، تتعهد الشرکة المتعاقدة بأن ایة شرکة یکون قد حول الیها هذا الامتیاز أو سیحول الیها سوف تعرض على الحکومة المساهمة لشراء أسهم رأسمالها بالنقد فی حدود عشرة بالمائة (10%) من راس المال المدفوع " .
واذا کان هذا العقد المذکور قد اکتفى بالسماح للحکومة السعودیة بالمشارکة فی رأس مال الشرکة المتعاقدة وبنسبة ضئیلة لا تتجاوز عشرة بالمائة (10%) من رأسمالها ، فان هناک عقوداً أخرى ابرمتها السعودیة وحققت لها مشارکة فعلیة فی جمیع مراحل صناعة النفط . ویمکن أن نذکر من ذلک العقد الذی ابرمته حکومة السعودیة مع الشرکة الفرنسیة "أوکسیراب" فی 4 نیسان سنة 1965 . فموجب هذا العقد ، یتم تأسیس شرکة عربیة سعودیة ، ( خلال الستة شهور التی تلی منح الامتیاز الاستغلال ) ، وان یعرض على الحکومة للاکتتاب فیها بنسبة 40% (المادة 9 ) . عندما تؤسس تلک الشرکة فان امتیاز الاستغلال ینتقل آلیا الى تلک الشرکة ( المادة 10) ویحتفظ الجانب السعودی والجانب الفرنسی بحق تصویت متساو فی مجلس إدارة هذهِ الشرکة ، وینبغی أن یشترکا فی ادارتها على أن یمثل الجانب السعودی المؤسسة السعودیة العامة للنفط " بترومین" ( المادة 11) .
وتتولى هذهِ الشرکة القیام بمختلف مراحل صناعة النفط ، بما فی ذلک انتاج ونقل وتکریر وتسویق ( المادة26) .
کما ابرمت جمهوریة مصر العربیة عدداً من عقود المشارکة النفطیة تکاد تکون متشابهة تقریباً فیما تضمنته من أحکام . فبموجب هذهِ العقود ، تمنح الحکومة المصریة الطرف الوطنی ( المؤسسة المصریة العامة للنفط ) والطرف الأجنبی (الشرکة الأجنبیة المتعاقدة معها ) امتیازا مقصوراً علیهما وحدهما ، مقسماً بینهما على المشاع بنسبة خمسین فی المائة (50%) لکل منهما على أن یقوم الطرفان (الوطنی والأجنبی) بتأسیس شرکة وکیلة عنهما تتولى عملیة استغلال النفط بعد اکتشافه بکمیات تجاریة . ویتکون نصف أعضاء مجلس ادارة الشرکة القائمة بالعملیات من الجانب الوطنی والنصف الآخر من الجانب الأجنبی ن على أن یتولى رئاسة مجلس الإدارة أحد الأعضاء المعنیین من قبل الطرف الوطنی ، ویتولى منصب المدیر العام للشرکة – والذی یعدّ المدیر التنفیذی لها – أحد الأعضاء المعنیین من قبل الطرف الأجنبی .
الا أن قانون النفط والغاز العراقی الصادر عام 2007 لم یوضح طبیعة العقود الأجنبیة التی یمکن لوزارة النفط فضلاً عن المجلس الاتحادی للنفط والغاز ابرامها ، وای شکل یجب أن تتخذهُ هذهِ العقود .
وانما أعطى للمجلس ولوزارة النفط اختیار شکل العقد الذی تریده بناءً على المادة الخامسة /ت خامساً (یتولى المجلس الاتحادی للنفط والغاز اقرار نماذج عقود التطویر والإنتاج واختیار نموذج العقد الملائم لطبیعة الحقل أو منطقة الاستکشاف أوالفرصة التی یتم عرضها) فضلاً عن أن وزارة النفط مکلفة باعداد الخطط السنویة أو کلما دعت الحاجة من أجل الاستکشاف أو التطویر أوالانتاج للنفط ولکن ذلک مشروط بالتشاور مع الهیئات الاقلیمیة والمحافظات المنتجة وهذا ما نصت علیه المادة الخامسة / ث / رابعاً
وبالاطلاع على نصوص العدید من هذهِ العقود – خصوصاً عقود المشارکة المبرمة مع ایران والسعودیة ومصر _ یمکننا أن نوجز الخطوط الرئیسة لعقود المشارکة فیما یلی :
أولاً : تتخذ عقود المشارکة من حیث أطرافها ، أحدى صور ثلاث : فأما أن یبرم العقد بین الدولة المنتجة ذاتها والشرکة الأجنبیة على أن یتم تأسیس شرکة تساهم فیها الدولة أو إحدى مؤسساتها بحصة فی رأسمالها وذلک بعد اکتشاف النفط بکمیات تجاریة کما هو الحال بالنسبة لعقد المشارکة المبرم بین حکومة السعودیة والشرکة الفرنسیة أوکسیراب عام 1965 . أما أن یبرم العقد بین الدولة من ناحیة وبین إحدى مؤسساتها الوطنیة والشرکة الأجنبیة من ناحیة أخرى ، کما هو الشأن بالنسبة لعقود المشارکة التی ابرمتها جمهوریة مصر العربیة مع المؤسسة المصریة العامة للبترول وشرکتی بان امریکان وفیلبس عامی 63/1964 وأخیراً قد برم عقد المشارکة بین إحدى الشرکات الوطنیة التابعة للدولة المنتجة والشرکة الأجنبیة وذلک فی الأحوال التی تخول فیها بعض الدول المنتجة الشرکات الوطنیة التابعة لها الحق فی التعاقد مع الشرکات الأجنبیة من أجل استغلال ثرواتها البترولیة کما هو الحال فی إیران . فقد خول القانون الإیرانی للنفط الصادر عام 1957 الشرکة الوطنیة الایرانیة للنفط الحق فی التعاقد مع الأشخاص الأجنبیة لاستثمار ثرواتها النفطیة .
ثانیاً :تنص عقود المشارکة على أن یقوم طرفا العقد بتأسیس شرکة فی الدولة المنتجة تتمتع بجنسیتها وتخضع للقوانین واللوائح النافذة فیها الى المدى الذی لا تتعارض فیه مع الأحکام الواردة فی العقد المبرم بینهما . على أن لا تتمتع هذهِ الشرکة بشخصیة قانونیة مستقلة عن الطرفین ، والا یکون لها أی حق سواء على النفط المنتج أم على ایة ممتلکات تستخدم بغرض تنفیذ العملیات المتفق علیها فی العقد . ویکون الغرض الوحید لهذهِ الشرکة هو القیام بکل العملیات المتفق علیها فی العقد نیابة عن الطرفین ولیس لها مزاولة أی عمل أو القیام بأی نشاط یتجاوز تلک العملیات .
ثالثاً : تنص عقود المشارکة على ان یشارک الجانب الوطنی بحصة فی رأس مال الشرکة القائمة بالعملیات ، بید أن هذه العقود تتباین فیما بینها فیما یتعلق بمقدار هذه الحصة ، ففی بعض العقود کانت نسبة مشارکة الطرف الوطنی أقل من نسبة مشارکة الطرف الأجنبی وفی البعض الآخر کانت نسبة مشارکة الطرف الوطنی والطرف الأجنبی متساویة ، أی خمسین فی المائة (50%) لکل منهما وفی نوع ثالث من العقود کانت نسبة مشارکة الطرف الوطنی تمثل الأغلبیة فی راس مال الشرکة .
وعلى ایة حال فبعد أن کانت الأغلبیة فی بدایة الأمر من نصیب الشریک الأجنبی والمشارکة بالأقلیة من نصیب الشریک الوطنی ، فان الاتجاه الذی ساد فیما بعد نحو منح المشارکة بالأغلبیة للشریط الوطنی .
رابعاً : تتخذ عقود المشارکة من حیث نطاق العملیات التی تخضع للمشارکة إحدى صورتین : فاما أن یشارک الجانب الوطنی فی العملیات التی تتم فقط على اقلیم الدولة وهی عملیات اکتشاف النفط وتنمیته وانتاجه کما هو الشأن بالنسبة للعقود المبرمة مع جمهوریة مصر العربیة ، وأما أن یتسع نطاق مشارکة الجانب الوطنی لیشمل الى جانب العملیات التی تتم على اقلیم الدولة المتعاقدة ، عملیات نقل النفط وتکریره وتسویقه کما هو الحال بالنسبة للعقود المبرمة مع حکومة المملکة العربیة السعودیة .
خامساً : تکون ملکیة النفط المنتج والتصرف فیه من حق کل من الشریکین الوطنی والأجنبی کل حسب حصته فی المشارکة المتفق علیها فی العقد ویمکن أن نذکر على سبیل المثال ما نصت علیه المادة (17)من العقد المبرم بین الحکومة المصریة والمؤسسة المصریة العامة للنفط وشرکة فیلبس عام 1963 من أنه یکون لکل من المؤسسة وفیلبس کمالکین على المشاع حق الملکیة والحیازة والتصرف ، حسبما تراه کل منهما مناسباً فی الخمسین فی المائة (50%) من جمیع الزیت الخام المنتج بواسطة الطرفین .
وفی الحالة التی تکون فیها المشارکة متکاملة ، أی تشمل الى جانب انتاج النفط نقله وتکریره وتصدیره وتسویقه ، فان الشرکة القائمة بالعملیات التی یتولى تأسیسها الطرفین هی التی تتولى القیام بکل هذهِ العملیات وبناء علیه یمکن القول بأن الشرکة الأجنبیة لم یعد لها الحق المنفرد فی انتاج وتکریر ونقل وتصدیر النفط المنتج کما کان علیه الحال فی ظل عقود الامتیاز.
وبالإضافة الى ذلک تضمنت عقود المشارکة _ کما هو الشأن بالنسبة لعقود الأمتیاز _ شروطاً تعاقدیة تعد بمثابة قیود حقیقیة على حق الطرفین الوطنی والأجنبی فی ملکیة النفط المنتج والتصرف فیه بالبیع أو التصدیر من ذلک الشروط التعاقدیة التی تنص على دفع إتاوة للدولة المنتجة تتمثل فی نسبة معینة من النفط
المنتج ،وتلک التی تنص على حق الدولة فی شراء نسبة معینة من النفط المنتج لأجل الاستعمال المحلی .
هذا الى جانب الشروط التی تحظر على الشرکة عدم بیع أو تصدیر النفط المنتج لأیة سلطة أجنبیة معادیة .
سادساً : تتضمن عقود المشارکة النص على أن یتحمل الشریک الأجنبی وحده مصاریف البحث والتنقیب عن النفط ، مع وضع حد أدنى لقیمة هذهِ المصروفات وتوزیعها على فترات زمنیة متعاقبة ، وذلک الى أن یتم اکتشاف البترول بکمیات تجاریة . وفی حالة اکتشاف النفط بکمیات تجاریة تنقل کافة العملیات المتفق علیها فی العقد الى الشرکة التی یتولى الطرفان تأسیسها ویتحمل کل من الطرفین جمیع المصروفات التی تنفق على عملیات تنمیة حقول النفط المکتشفة واستغلالها کل حسب حصته فی المشارکة .
سابعاً : یتضمن جانب من هذهِ العقود نصاً یلزم الشرکة القائمة بالاستغلال بانشاء معمل أو أکثر لتکریر النفط فی اقلیم الدولة المنتجة بید أن هذا الالتزام کان مشروطاً بوصول الانتاج عند مستوى معین وثبوت الفائدة الاقتصادیة والتجاریة لقیام مثل هذهِ المعامل. ویمکن أن نذکر على سبیل المثال ما نصت علیه المادة (27) من العقد المبرم بین حکومة السعودیة والشرکة الیابانیة عام 1957 من أنه عندما یبلغ انتاج الزیت الخام المستخرج ثلاثین الف برمیل یومیاً لمدة تسعین یوماً ، فعلى بناء معمل لتکریر النفط فی السعودیة ،وذلک فی مدة لا تتجاوز سنتین وعندما یبلغ متوسط مقدار الزیت خمسة وسبعون الف برمیل یومیاً لمدة تسعین یوماً فعلى الشرکة بناء معمل أو معامل للتکریر لا یقل الحد الأدنى لإنتاجها عن ثلاثین بالمائة من انتاج الشرکة .
ثامناً : تتمیز عقود المشارکة بأنها کانت قصیرة المدة بالمقارنة بعقود الامتیاز فلم تتجاوز مدد هذهِ العقود _ فی منطقة الشرق الأوسط _ أکثر من خمسة وأربعین عاماً . کما تتمیز بأن مناطق البحث والتنقیب عن النفط التی کانت تشملها أقل بکثیر من تلک التی کانت تغطیها عقود الامتیاز بل وأکثر من ذلک فان هذهِ العقود قد تضمنت نصوصاً تلزم الشرکات الأجنبیة بالتخلی عن المناطق غیر المستغلة وفقاً لمعدلات وفترات زمنیة معینة بینما لم تکن عقود الامتیاز تتضمن مثل هذهِ النصوص
ومما تجدر الاشارة الیه أن معظم عقود المشارکة تضمنت نصاً یقضی بتسویة المنازعات التی یمکن أن تنشأ عن العقد بطریق التحکیم .
ومن خلال هذا العرض الموجز للخطوط العامة والخصائص الرئیسة التی تتمیز بها عقود المشارکة ، یمکن القول بأن هذهِ العقود تحقق العدید من المزایا للدول المنتجة ، بالمقارنة بعقود الامتیاز ، والتی من أهمها :
1- تتیح هذهِ العقود للدول المنتجة بأن تمارس رقابة فعلیة على أعمال الشرکة الأجنبیة القائمة باستغلال ثرواتها النفطیة، وذلک بما لها من تمثیل فی مجلس إدارة الشرکة القائمة بالعملیات .
2- تلقى هذهِ العقود على عاتق الشرکة الأجنبیة المتعاقدة بمسؤولیة تمویل عملیات البحث والتنقیب عن النفط واکتشافه فلا یلزم الطرف الوطنی بالمشارکة فی هذهِ النفقات الا بعد اکتشاف النفط وبکمیات تجاریة . فاذا لم یکتشف النفط بکمیات تجاریة ، أعفى الطرف الوطنی من المشارکة فی النفقات ، وبذلک فانه بموجب هذهِ العقود تتجنب الدول المنتجة الخسارة الناجمة عن النفقات الضائعة فی الوقت الذی تحقق فیه فائدة استثمار رأس مال أجنبی على اقلیمها فی اعمال البحث والکشف عن النفط .
3- تفسح هذهِ العقود المجال أمام الدول المنتجة فی أن تشترک ولأول مرة سواء بنفسها أو عن طریق المؤسسات أو الشرکات التابعة لها فی عملیات تسویق النفط والتی تعتبر بحق من أدق وأهم مراحل صناعة النفط واکثرها تعقیداً . من خلال ذلک تتیح الفرصة لهذهِ الدول من اکتساب خبرات الشرکات الأجنبیة الکبرى فی هذا المجال .
4- تتیح هذهِ العقود _ خصوصاً عندما تشمل مشارکة الجانب الوطنی کل عملیات استغلال النفط من انتاج ونقل وتکریر وتسویق الفرصة أمام الدول المنتجة لتکوین جیل من الخبراء المتخصصین فی شتى مراحل صناعة النفط .
5- تحقق عقود المشارکة التی یشترک فیها الجانب الوطنی بخمسین فی المائة (50%) على الأقل من رأس مال الشرکة القائمة بالعملیات للدول المنتجة نصیباً من الارباح لا یقل عن خمسة وسبعین فی المائة (75%) من الأرباح الصافیة ، منها خمسون فی المائة (50%) مقابل الضرائب والریوع والایجارات تطبیقاً لمبدأ مناصفة الارباح ، وخمسة وعشرون فی المائة (25%) مقابل المناصفة کشریک فی الارباح الصافیة .
وفی المقابل ، فان هذهِ العقود تحقق للشرکات الأجنبیة نوعاً من الاستقرار والاطمئنان فی علاقاتها مع الدول المنتجة وذلک باعتبار أنها أصبحت شریکاً لها ولیست مجرد صاحب امتیاز على النحو الذی کان سائداً فی ظل عقود الامتیاز .
وأخیراً اذا کانت الدول المنتجة قد استطاعت التوصل الى صیاغة تعاقدیة جدیدة ، نبذت بها نظام الامتیاز التقلیدی ، فانها لم تقف عند حد المطالبة بالمشارکة فی استغلال ثرواتها النفطیة ، بل توصلت الى صیاغة تعاقدیة جدیدة أخرى ، عرفت باسم عقد المقاولة النفطی ، وهو الشکل التعاقدی الذی نتناوله عبر المطلب الثانی .
المطلب الثانی
عقود المقاولة
بعد ان عرضنا لنظام عقود الامتیاز ثم عقود المشارکة ، نعرض الآن لنظام عقود المقاولة بصفته من أهم الاشکال التعاقدیة وأحدثها التی سادت فی العلاقة بین الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة العاملة فی هذا المجال من أجل اکتشاف النفط واستغلالهِ .
ولا یعدّ عقد المقاولة نظاماً جدیداً فی مجال صناعة النفط العالمیة ، فقد ظهر هذا النوع من العقود ، لاول مرة فی المکسیک عام 1950 ، والتی قامت بتأمیم صناعة النفط عام 1938 وأسست الشرکة الوطنیة للنفط المعروفة باسم بیمکس "Pemexe" فقد دفعتها الحاجة للأمکانیات الفنیة الى الاستعانة بعقود المقاولة لمباشرة عملیات صناعة النفط مع الشرکات الأمریکیة . کما أخذت بهذا الشکل التعاقدی الأرجنتین والتی ابرمت عدداً من عقود المقاولة مع الشرکات الأجنبیة فی الفترة من عام 1958-1961 .
ولقد تم ادخال هذا النوع من العقود الى منطقة الشرق الأوسط على ید الشرکة الفرنسیة للبحث والأنشطة النفطیة والمسماة " ایراب" وذلک عندما أبرمت عقد مقاولة نفطی مع الشرکة الوطنیة الایرانیة للنفط فی 27 اب سنة 1966 . کما ابرمت نفس الشرکة عقداً آخر مع شرکة النفط الوطنیة العراقیة فی 3 تشرین الثانی عام 1967 . کما أخذت بهذا الشکل التعاقدی الشرکة البرازیلیة " بتروبراس" وذلک عندما أبرمت عقد مقاولة الشرکة الوطنیة العراقیة للنفط فی 6 آب عام 1972 والتی تتحمل وحدها النفقات اللازمة لأعمال البحث والتنقیب عن النفط مع التزامها بانفاق مبالغ معینة کحد أدنى بالکیفیة المتفق علیها فی العقد . فاذا لم تسفر أعمال البحث والتنقیب عن اکتشاف النفط بکمیات تجاریة فان المبالغ التی انفقتها تضیع علیها نهائیاً . أما اذا اکتشف النفط بکمیات تصلح للاستغلال التجاری فان هذهِ تعتبر قروضاً بدون فائدة تسددها الشرکة الوطنیة خلال الفترة المتفق علیها . کما تلتزم الشرکة الأجنبیة بتوفیر الأموال اللازمة لتمویل عملیات تقییم وتطویر حقول النفط المکتشفة .
على أن هذهِ الأموال تعدّ قرضاً بفائدة تلتزم الشرکة الوطنیة بسدادهِ کما تتولى الشرکة الأجنبیة مساعدة الشرکة الوطنیة فی تسویق جزء من کمیات النفط المنتج .
وفی مقابل کل هذهِ الالتزامات التی تتحمل بها الشرکة الاجنبیة یکون لها الحق فی شراء نسبة معینة من النفط المنتج باسعار خاصة طوال مدة العقد .
وعلى الرغم من أن عقود المقاولة قد تتباین فیما بینها من عقد لآخر سواء أکانت من حیث فترات البحث والتنقیب أم مدة العقد ذاته ، أم من حیث المبالغ التی یجب على الشرکة الأجنبیة أن تنفقها على عملیات البحث والتنقیب ، أم من حیث المقابل الذی تحصل علیه الشرکة الأجنبیة أم من حیث ادارة العملیات ، بید أن هذه العقود تتمتع بخصائص مشترکة وسمات عامة یمکن أن نوجزها فیما یأتی:
أولاً : تعدّ شرکة النفط الوطنیة المتعاقدة مع الشرکة الأجنبیة هی المالک الوحید للنفط المنتج ، ولکافة الأصول الثابتة ، وکذلک الأصول المنقولة التی تستخدمها الشرکة الأجنبیة على وجه الدوام وتحسب تکلفتها على حساب الشرکة الوطنیة . ولعل ذلک یرجع الى کون الشرکة الأجنبیة مجرد مقاول یعمل لحساب الشرکة الوطنیة . ولیست صاحبة امتیاز أو شریکاً للشرکة الوطنیة کما سبق أن ذکرنا .
ثانیاً : تلتزم الشرکة الأجنبیة بأن توفر الأموال اللازمة لتغطیة نفقات البحث والتنقیب عن النفط . وتعدّ هذهِ الأموال قروضاً بدون فائدة تسددها الشرکة الوطنیة فی حالة اکتشاف النفط بکمیات تجاریة فقط ، بحیث أنه فی حالة عدم اکتشاف النفط بکمیات تجاریة ، فان الشرکة الأجنبیة تتحمل وحدها هذهِ النفقات وبدون أن یکون لها الحق فی الحصول على أی تعویض ، کما تلزم أیضا بتوفیر الأموال اللازمة لتمویل عملیات الاستثمار وکذلک نفقات التشغیل . وتعدّ هذهِ الأموال قروضاً بفوائد تلتزم الشرکة الوطنیة بسدادها فی خلال فترة زمنیة معینة .
ثالثاً : تلتزم الشرکة الأجنبیة بتسویق جزء من النفط المنتج فی حالة طلب الشرکة الوطنیة ذلک ، على أن تحصل الشرکة الأجنبیة على تعویض عن نفقات التسویق أو على عمولة یتفق علیها الطرفان فی العقد .
رابعاً : تحصل الشرکة الأجنبیة فی مقابل الالتزامات التی تتحمل بها ، على الحق فی شراء نسبة معینة من النفط المنتج وبأسعار خاصة وفقاً لما هو متفق علیه فی العقد .
خامساً : لا تلتزم الشرکة الأجنبیة تجاه حکومة الدولة المنتجة بدفع أیة ایجارات أو عوائد ، کما تعفى من دفع أیة ضرائب أو رسوم وتلتزم بها الشرکة الوطنیة باعتبارها المالک الوحید للنفط المنتج .
سادساً : تتولى الشرکة الأجنبیة إدارة العملیات خلال فترة البحث والتنقیب عن النفط واکتشافه مع أخذ رأی الشرکة الوطنیة . أما بالنسبة لإدارة العملیات فی فترة الاستغلال _ والتی تبدأ من تاریخ اکتشاف النفط بکمیات تجاریة وحتى نهایة المدة المتفق علیها فی العقد _ فقد نص عقد المقاولة المبرم بین الشرکة الوطنیة الایرانیة والشرکة الفرنسیة " ایراب "على أن تتولى هذهِ الأخیرة إدارة العملیات مع استشارة الشرکة الوطنیة الإیرانیة هذا فی حین نص عقد المقاولة المبرم بین الشرکة الوطنیة العراقیة والشرکة الفرنسیة ایراب على أن تتولى ادارة العملیات لجنة مشکلة من عضوین إثنین : أحدهما عن الشرکة الوطنیة العراقیة والآخر عن الشرکة الفرنسیة : وذلک لابداء الرأی حول القضایا ذات الصلة بعملیات الاستثمار . وبعد مرور خمس سنوات من تاریخ اکتشاف النفط بکمیات تجاریة تنتقل ادارة العملیات الى الشرکة الوطنیة العراقیة على أن تحصل على موافقة الشرکة الفرنسیة " ایراب" على القرارات التی من شأنها إحداث تغییرات رئیسیة فی التکالیف أو حجم الانتاج .
فضلا عما تقدم من خصائص وسمات تتمتع بها عقود المقاولة ، تتمیز هذهِ العقود بقصر مدتها بالمقارنة بالمدد التی کانت علیها عقود الامتیاز ، بل وحتى عقود المشارکة . ففی العقد المبرم بین الشرکة الوطنیة العراقیة والشرکة الفرنسیة ایراب کانت مدة البحث والتنقیب ست سنوات ، وکانت مدة الاستغلال عشرین سنة تبدأ من تاریخ الانتاج التجاری کما تمیزت هذهِ العقود ایضاً بأن المساحات التی کانت تشملها محدودة للغایة ،وکان نظام التخلی عن المناطق غیر المستغلة أشد صرامة بالمقارنة بالتخلی الذی کان منصوصاً علیه فی عقود الامتیاز وعقود المشارکة . ففی العقد المبرم بین الشرکة الوطنیة العراقیة والشرکة الفرنسیة إیراب _ السالف الذکر _ التزمت الشرکة الفرنسیة بالتخلی عن خمسین فی المائة (50%) من المساحة التی یشملها العقد خلال الثلاث سنوات الأولى وعن خمس وعشرین فی المائة (25%) فی خلال السنتین التالیتین ، وعن کافة المساحات غیر المستغلة بانتهاء فترة البحث والتنقیب المنصوص علیها فی العقد .
وأخیراً ، تجدر الإشارة الى أن هذهِ العقود قد نصت على الأخذ بنظام التحکیم کوسیلة لتسویة المنازعات التی تنشأ بین الأطراف .
المطلب الثالث
عقود اقتسام الانتاج
لا تعدّ عقود اقتسام الانتاج نظاماً تعاقدیاً جدیداً فی مجال صناعة النفط العالمیة . فقد ظهر هذا النوع من العقود الى الوجود فی اندنوسیا منذ صدور قانونها النفطی رقم 476 لسنة 1961 .
وتعدّ جمهوریة مصر العربیة رائدة فی الأخذ بعقود اقتسام الانتاج . فقد کانت أول دولة فی منطقة الشرق الأوسط تأخذ بنظام عقود اقتسام الانتاج فی معاملاتها مع الشرکات الأجنبیة العاملة فی مجال النفط .
ویعتبر أول عقد اقتسام انتاج تبرمه مصر ذلک العقد الذی ابرمته مع المؤسسة المصریة العامة للبترول وشرکة شمال سومطرة ( نوسودیکو) فی 16 ایار عام 1970 . ومنذ ذلک التاریخ وحتى الوقت الحالی ، أصبح نظام عقود اقتسام الانتاج هو النظام السائد فی جمهوریة مصر العربیة من اجل البحث عن النفط واستغلاله .
کما أخذت بهذا النظام دولة قطر وذلک عندما ابرمت عقداً من هذا النوع مع مجموعة الشرکات الألمانیة والأمریکیة فی 10 نیسان عام 1976 . کما أخذت به ایضاً سلطنة عمان فی العقود التی ابرمتها مع الشرکة الأجنبیة فی عامی 1975 ، 1976 .
وبالاطلاع على عقود اقتسام الانتاج التی ابرمتها مصر مع الهیئة المصریة العامة للبترول والشرکات الأجنبیة ، وتلک التی ابرمتها حکومة قطر وسلطنة عمان السالفة الذکر ، ویمکن القول بأنه بموجب هذا النوع من العقود یتحمل الطرف الأجنبی ( الشرکة الأجنبیة المتعاقدة) کافة مصاریف البحث والتنقیب عن النفط وتطویره وانتاجه . مع النص على حد أدنى لقیمة المصروفات التی یتعهد الطرف الأجنبی بانفاقها هذا من ناحیة ، وتوزیعها على فترات زمنیة متعاقبة من ناحیة أخرى ، فاذا لم یتحقق اکتشاف للنفط بکمیات تجاریة ، فان الطرف الأجنبی یتحمل وحده کافة المصاریف دون أن یکون له الحق فی الحصول على أی تعویض . وفی حالة اکتشاف النفط بکمیات تصلح للاستغلال التجاری ، یکون من حق الطرف الأجنبی استرداد هذهِ المصاریف ، وتشترک فی ذلک عقود اقتسام الانتاج مع عقود المقاولة على نحو سبق أن تناولناهُ ویسترد الطرف الأجنبی کافة التکالیف والمصروفات الخاصة بجمیع عملیات البحث والتنمیة والانتاج وذلک فی شکل نسبة معینة من النفط المنتج یتم الاتفاق علیها فی العقد . وتتفاوت هذهِ النسبة من عقد لآخر .
ففی العقود التی ابرمتها قطر وسلطنة عمان فی عامی 1975 ، 1976 السالفة الذکر ، بلغت هذهِ النسبة أربعین فی المائة (40%) من النفط المنتج فی حین تتراوح هذهِ النسبة ما بین ثلاثین فی المائة (30%) ، الى أربعین فی المائة
(40%) من النفط المنتج فی العقود التی ابرمتها مصر مع الشرکات الأجنبیة .
أما بالنسبة للکمیة المتبقیة من النفط المنتج _ أی الکمیة المتبقیة بعد سداد مصروفات البحث والتنمیة والإنتاج _ فیأخذها ویتصرف فیها الطرف الوطنی والطرف الأجنبی وذلک وفقاً للحصة المقررة لکل منها والمتفق علیها فی العقد . وتتفاوت هذهِ الحصة من عقد لآخر ، کما أنها تتغیر بتغیر مستویات الانتاج ، وعادة ما تتناقص الحصة المقررة للطرف الأجنبی کلما ارتفعت الکمیة المنتجة من النفط . وللإیضاح نضرب لذلک مثلاً فی العقد المبرم بین الحکومة المصریة والهیئة المصریة العامة للبترول وشرکة شل ویننج الهولندیة فی 22 کانون الأول عام 1987 ، تم الاتفاق على أن توزع الکمیة المتبقیة من النفط المنتج بین الهیئة والشرکة على الوجه الآتی : حتى مائة الف برمیل یومیاً تکون حصة الهیئة 75%وللشرکة 25 % ما یزید على مائة الف برمیل وحتى مائتی الف برمیل یومیاً تکون حصة الهیئة 77.5% ، وللشرکة 22.5% ما یزید على مائتی الف برمیل یومیاً تکون حصة الهیئة 80% وللشرکة 20% ، من کمیة البترول المنتج المتبقیة .
وفیما یتعلق بادارة العملیات فقد اتخذت عقود اقتسام الانتاج طرقاً شتى فقد درجت عقود اقتسام الانتاج التی ابرمتها مصر مع الهیئة المصریة العامة والشرکة الأجنبیة على التفرقة بین فترة البحث والتنقیب عن النفط وفترة التنمیة والاستغلال . ففی الفترة الأولى یقوم المقاول ( الشرکة الأجنبیة المتعاقدة) باعداد البرامج والمیزانیات الخاصة باعمال البحث والتنقیب ، على ان یتولى فحصها لجنة مشترکة تنشئها الهیئة والمقاول بعد تاریخ سریان العقد . وتتکون هذهِ اللجنة من ستة أعضاء یعین کل طرف ثلاثة منهم . وتعیین الهیئة رئیس اللجنة من بین الأعضاء الذین عینتهم .
وفی الفترة الثانیة ، أی فترة التنمیة والاستغلال والتی تبدأ عقب العثور على النفط بکمیات تصلح للاستغلال التجاری ، تتولى ادارة العملیات شرکة تقوم بتأسیسها الهیئة والمقاول ، تتکون من ثمانیة أعضاء یعین کل طرف منهما أربعة منهم ، على أن یتولى أحد الأعضاء المعینین من قبل المقاول منصب المدیر العام ، وتخضع هذهِ الشرکة للقوانین واللوائح النافذة فی مصر فی الحدود التی لا تتعارض فیها مع نصوص العقد أو عقد تأسیسها ، والغرض من هذه الشرکة هو القیام بدور الوکیل الذی تستطیع الهیئة والمقاول من خلاله تنفیذ وادارة عملیات التنمیة والاستغلال المنصوص علیها فی العقد .
ومن هذهِ الزاویة تتشابه عقود اقتسام الانتاج مع عقود المشارکة التی ابرمتها مصر على نحو ما سبق بیانه .
وفی عقود اقتسام الانتاج التی ابرمتها سلطنة عمان یتولى إدارة العملیات الطرف الأجنبی على أن تشکل لجنة للإشراف علیها تتکون من خمسة أعضاء ثلاثة منهم من الطرف الأجنبی ، واثنان عن السلطنة ، وذلک طوال فترة البحث والتنقیب ، ثم یتعدل هذا التشکیل بعد اکتشاف النفط بکمیات تجاریة فیکون اثنان عن الطرف الأجنبی ، وثلاثة عن السلطنة .
وفی عقد اقتسام الانتاج الذی ابرمته حکومة قطر مع الشرکات الألمانیة والأمریکیة _ السالف الذکر _ یتولى الطرف الأجنبی ادارة العملیات طوال مدة العقد . فهو الذی یضع البرامج والمیزانیات الخاصة بأعمال البحث ، وکذلک برامج الانتاج والتنمیة بعد الاکتشاف التجاری ، على أن یخضع فی ذلک لمراجعة الحکومة ولجنة الادارة التی تتکون من ستة أعضاء یعین کل طرف ثلاثة منهم على أن تکون رئاسة هذهِ اللجنة لأحد الأعضاء المعینین من قبل الحکومة .
فضلا عما تقدم ، تتسم عقود اقتسام الانتاج بخصائص مشترکة منها أن الشرکة الأجنبیة الطرف فی العقد لا تلتزم تجاه حکومة الدولة المتعاقدة بأداء أیة ایجارات أو عوائد .
کما أنها لا تلتزم باداء أی نوع من الضرائب أو الرسوم ، وذلک على خلاف ما کان متبعاً فی ظل عقود الامتیاز وعقود المشارکة . ولعل ذلک یرجع الى کون الشرکة الأجنبیة المتعاقدة مجرد مقاول یعمل لحساب الطرف الوطنی . وفی ذلک تتشابه عقود اقتسام الانتاج مع عقود المقاولة .
کما تتمیز عقود اقتسام الانتاج بقصر مدتها بالمقارنة بعقود الامتیاز وعقود المشارکة ، إذ لم تتجاوز مدة البحث والتنقیب عن النفط فی کل عقود اقتسام الانتاج التی ابرمتها مصر ، على سبیل المثال ، مع الشرکات الأجنبیة ثمان سنوات کما لم تتجاوز مدة التنمیة والاستغلال خمسة وعشرین عاماً ومن هذهِ الناحیة تتشابه عقود اقتسام الانتاج مع عقود المقاولة على النحو السابق بیانه .
کما أن المساحات التی تغطیها هذهِ العقود محدودة للغایة بالمقارنة بالمساحات التی کانت تغطیها عقود الامتیاز ، کما أن نظام التخلی عن المناطق غیر المستغلة المنصوص علیه فی هذهِ العقود أشد صرامة بالمقارنة بنظام التخلی الذی کان منصوص علیه فی عقود الامتیاز وعقود المشارکة
فعلى سبیل المثال ، طبقاً للعقد المبرم بین حکومة قطر ومجموعة الشرکات الالمانیة والأمریکیة عام 1976 ، یتخلى المقاول ( أی الشرکات المتعاقدة ) عن خمسین فی المائة (50%) من المنطقة التی یشملها العقد خلال الخمس سنوات الأولى ، ثم یتخلى عن عشرین فی المائة (20%) أخرى فی المنطقة خلال الثمان سنوات الأولى ، ولا یستبقى غیر مناطق العمل الفعلی بعد الاثنی عشر عاماً الأولى . وفی ذلک تتشابه ایضاً عقود اقتسام الانتاج مع عقود المقاولة .
الخاتمة
بعد أن انتهینا من بحث موضوع دراستنا الذی تناولنا فیه (انماط عقود للاستثمارات النفطیةفی ظل القانون الدولی المالی ) فقد توصلنا الى عدة نتائج وخرجنا بجملة من التوصیات یمکن إیجازها بما یلی :
أولاً _ الاستنتاجات
1- تبرم عقود الاستثمارات النفطیة بین الدول المنتجة للنفط ذاتها أو إحدى الشرکات أو المؤسسات أو الهیئات العامة التابعة لها من ناحیة ، وبین طرف آخر یقوم بالتنقیب والإنتاج والتسویق من ناحیة أخرى ، تکون فی الغالب من الشرکات الکبرى المتخصصة القادمة من الدول الصناعیة مستهلکة الطاقة ، والتی تملک من الأموال والخبرة التکنلوجیة ما یمکنها من الدخول فی هذا المیدان ذی المخاطر العالمیة التی لا تستطیع مواجهتها الا شرکات تعمل على مستوى العالم ، أو فی أکثر من دولة ، بحیث توازن أرباحها من استغلال بعض المناطق ، وخسائرها من العمل فی مناطق أخرى قد تنفق فیها رؤوس الأموال الطائلة دون ثمرة ما وهذه العقود هی عقود دولیة تخضع لقواعد القانون الدولی المالی .
2- تعددت الانماط التعاقدیة التی اتخذتها عقود الاستثمارات النفطیة فقد اتخذت فی بدایة الأمر نمط عقود الامتیاز وقد اتسمت هذهِ العقود باختلال التوازن لمصلحة شرکات التنقیب ثم ظهرت الى الوجود بعد ذلک أنماط تعاقدیة جدیدة تمثلت بعقود المشارکة ، والمقاولة ، واقتسام انتاج النفط وقد استهدفت هذهِ العقود تحقیق نوع من التوازن بین مصالح الدول المنتجة للنفط والشرکات الأجنبیة المتعاقدة معها ، فی ضوء مبدأ سیادة الدولة على ثرواتها الطبیعیة والذی أدى الى استقرار المبدأ القانونی الذی یعترف بملکیة الدولة لثرواتها الطبیعیة الکامنة فی اراضیها ، بحیث لا تکتسب شرکات النفط حقاً على أی جزء من هذهِ الثروة الا على ما تستخرجه منها بالفعل وعند رأس البئر فقط . ومن ثم لا تکون للشرکات الا حقوق شخصیة فی الاستخراج، لا حقوق عینیة على النفط تحت الأرض ، وهو ما ذهبت الیه الکثیر من الدول المنتجة للنفط من خلال قوانینها الوطنیة والتی اعتبرت الثروات الطبیعة الموجودة فی اراضیها ومیاهها الإقلیمیة من الأملاک العامة ، ومن ثم فان الدولة وحدها صاحبة الحق فی استثمار هذهِ الموارد ، واذا ما رخصت للغیر باستغلال الموارد الطبیعیة، فان هذا الترخیص یجب أن یخضع لإشراف السلطة التشریعیة ، ویصدر بذلک قانون ، اذ أن السلطة التشریعیة تعبرعن آرائها بقوانین .
ومما سبق فان التکییف القانونی لدور الشرکات الأجنبیة فی عقود اقتسام انتاج النفط لا یختلف عن التکییف القانونی لدور الشرکة الأجنبیة فی عقود المقاولة ، فالشرکة الأجنبیة فی عقود اقتسام انتاج النفط لیست صاحبة امتیاز کما انها لیست شریکة حقیقیة کما هی الحال فی عقود المشارکة وانما هی مجرد مقاول یعمل لحساب الشرکة الوطنیة التی عهدت الیها بتقدیم خدمات مالیة وفنیة وتجاریة محدودة نص علیها العقد فی مقابل عوض معین تلتزم الدولة المضیفة للاستثمار النفطی بادائه ویتمثل هذا العوض بحق الشرکة الأجنبیة المقاولة فی الحصول على حصة من الانتاج بحسب النسبة المتفق علیها فی العقد . فالدولة المنتجة للنفط ممثلة بشرکاتها الوطنیة فی عقود اقتسام انتاج النفط تبقى قانوناً هی المالکة الحقیقیة للثروة النفطیة فی باطن الأرض وعند فوهة البئر . وهی المالکة ایضاً للأراضی وکل الموجودات المخصصة للعملیات النفطیة .
ثانیاً : المقترحات
1- حبذا لو حاولت الدول المضیفة للإستثمار النفطی تنسیق سیاستها تجاه الاستثمار النفطی الأجنبی وذلک فی اطار المنظمات الاقتصادیة الإقلیمیة التی تعد أعضاء فیها کمنظمة الـ أوبک إذ یمکن أن تضع هذه المنظمات المبادئ العامة التی یجب أن تتبعها هذهِ الدول فی معاملتها للاستثمارات الأجنبیة ، والتی یمکن تضمینها فی المعاهدات الدولیة التی یبرمها مع الدول الأخرى .
2- على الدولة المتعاقدة والأجهزة التابعة لها أن تحترم تعهداتها والتزاماتها التعاقدیة تجاه شرکات النفط الأجنبیة المتعاقدة معها ، ولاسیما فیما یتعلق باحترامها لشروط الثبات وعدم المساس ، والا تتبع أسالیب التسویف والمماطلة بأن تدعی عدم صحة هذهِ الشروط أو أن قانونها الوطنی یحظر هذهِ الشروط ویعدها باطلة . اذ أن اتباع الدولة لمثل هذهِ الأسالیب یفقدها مصداقیتها فی تعاملها مع الشرکات الأجنبیة المستثمرة . وعلى المعنیین بإبرام هذهِ العقود مراعاة الإجراءات والأشکال التی یوجب القانون الداخلی اتباعها عند ابرام هذه العقود ، وان یکون فریق المفاوضین على قدر کبیر من الخبرة والکفاءة فی جمیع المجالات المتعلقة بالصناعة النفطیة عند ابرامها ولاسیما ضرورة الاستعانة برجال القانون المتخصصین فی هذا المجال ، لما فی ذلک من أهمیة تکمن فی إعطاء النصوص التعاقدیة الصیغة القانونیة السلیمة .
3- ضرورة تعدیل قانون النفط والغاز العراقی الصادر عام 2007 بما یتماشى مع ما وصلت الیه عقود الاستثمارات النفطیة المبرمة فی الوقت الحالی فی کثیر من الدول المنتجة للنفط ،وعلى المشرع العراقی أن یضع نصب عینیه عقد المقاولة الناجح المبرم مع شرکة ایراب الفرنسیة عام 1967 والعقد الثانی الناجح المبرم مع شرکة بتروبراس البرازیلیة عام 1972 بحیث ینظم هذا التشریع ویضم جمیع المسائل المتعلقة بالصناعة النفطیة ومن ذلک ملکیة الدولة للموارد النفطیة ، وکیفیة اصدار عقود الاستثمارات النفطیة ، وشکل هذهِ العقود ، وبیان الجهة المنوط لها الإعلان عن المناطق المطلوب تنمیتها ، ووضع تنظیم کامل للعملیات النفطیة بدءاً من مرحلة البحث والاکتشاف ، الى مرحلة التنمیة والاستثمار ، مع تحدید المدد فی کل من هاتین المرحلتین .
کما یجب التعرض للشروط المطلوبة من الشرکات النفطیة التی تقدم للعمل فی هذهِ الصناعة المهمة فی العراق ، وتحدد التزاماتها وحقوقها فی حالة منحها حق الترخیص باستغلال تلک الموارد فی العراق لکون قانون النفط والغاز الصادر عام 2007 قد أناط هذهِ المهمات جمیعها بالمجلس الاتحادی للنفط والغاز الذی بینت تشکیلهُ وسلطاتهِ وصلاحیاته وعلاقتهِ بهیاکل الدولة الأخرى المادة الخامسة الفقرة (ت) دون أن ترشح عن هذا المجلس ایة تعلیمات أو اصدارات أو خطط للنهوض بواقع الصناعة النفطیة فی العراق .
إذ ان جولة التراخیص التی منحتها وزارة النفط للشرکات الأجنبیة حسب هدیّ المجلس الاتحادی للنفط والغاز ، لم تدخل حیز التنفیذ لعدم مصادقة مجلس النواب علیها لکون المادة الخامسة أ/ ثامناً من قانون النفط والغاز العراقی ینص على أن مجلس النواب یصادق على جمیع الاتفاقیات النفطیة الدولیة المعدة وذات الاتصال وبالعملیات فی قطاع النفط والغاز التی تبرمها جمهوریة العراق مع الدول الأخرى.
فضلاً عن أن إقلیم کردستان لم یلتزم بهذا القانون لکونهُ قد منح عقود استثمار وتسویق للنفط المستخرج من الإقلیم مخالفاً بذلک المادة الخامسة (ح) المتضمنه اختصاصات الهیئات الإقلیمیة مستندین على قانون النفط والغاز العراقی الاتحادی عام 2007 وعلى المادة 115 من الدستور التی تعطی الأولویة لقانون الأقالیم على القوانین الاتحادیة فی حالة الاختصاصات المشترکة .
مع العلم أن النفط والغاز هو اختصاص لیس مشترک وإنما حصری للاتحادیة حسب المادة 111 والمادة 112 من الدستور .
4- ضرورة شمول شرکات النفط الأجنبیة التی ستستثمر رؤوس أموالها فی العراق ضمانات ومزایا الاستثمار لان منحها ضمانات ومزایا سوف یشجع على قدوم العدید من الشرکات الاستثماریة العاملة فی هذا المجال وذلک بشمولها بأحکام قانون ضمانات ومزایا الاستثمار على غرار القوانین : المصری والسعودی والکویتی والقطری الذی شمل الشرکات العاملة فی مجال الاستثمار النفطی بأحکام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار أسوة بشرکات الاستثمار العاملة فی المجالات الأخرى .
حیث ان قانون الاستثمار العراقی رقم 13 لسنة 2006 لم یتطرق الى الاستثمار فی المجال النفطی ، کون الفقرة (ز) من المادة الأولى نصت على أن المشروع هو النشاط الاقتصادی المشمول بهذا القانون ولم یوضح القانون أو التعلیمات أو الملاحق طبیعة هذه المشاریع وهل أن المشاریع النفطیة تدخل ضمنها ام لا .
5- عدم منح الشرکات الاستثماریة الأجنبیة التی ستستثمر رؤوس أموالها وخبراتها فی العراق فی أی مجال من مجالات الاستثمار حق الملکیة لأیة أراضٍ لازمة لنشاطها الاستثماری وانما فقط تقدیر لها حق الانتفاع او الإیجار لتلک الأراضی اذا کانت ضروریة لعملیاتها الاستثماریة .کما هو موضح فی المادة 11 ثالثاً من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 .
6- یفضل للإدارة العراقیة أن تعتمد مستقبلاً فی تعاقدها مع شرکات النفط الأجنبیة على نمط عقود المقاولة أو عقود اقتسام انتاج النفط نظراً لان الدولة فی ظل هذهِ الأنماط من العقود تبقى قانوناً المالکة الحقیقیة للثروة النفطیة فی باطن الأرض وعند فوهة البئر ، وهی المالکة ایضاً لجمیع الأراضی وجمیع الموجودات المخصصة للعملیات النفطیة .
7- ضرورة تضمین القانون الجدید نص یجعل شکل العقود المبرمة مع الشرکات المستثمرة محصور بالمقاولة واقتسام الانتاج وبأفضل الشروط و الامتیازات التی حصلّت علیها الدول التی سبقت العراق فی ابرام هذهِ العقود .
8-ضرورة التوصل مع دول الجوار وخاصة ایران والکویت الى اتفاقیات مستقرة کی نتجنب استغلال هذه الدول لظروف العراق وهشاشة السلطة فیه والمتجسدة فی ضم اراضی عراقیة تحتوی على آبار نفطیة کما حدث یوم 18/12/2009 عندما قامت قوة ایرانیة بأحتلال البئر النفطی رقم 4 الواقع فی حقل الفکة (الذی کان قد دخل ضمن جولة تراخیص الامتیاز التی جرت خلال حزیران من عام 2009) وقد رفعت ایران علمها على برج البئر مدعیة ان البئر یقع ضمن اراضیها ولکن الواقع هو ان هذا البئر یقع ضمن الاراضی العراقیة وعلى مساحة 500م من خط الحدود مع ایران وانه حقل عراقی 100% ولیس حقل ایران او مشترک وبالرغم من انسحاب القوات الایرانیة مسافة 50م عن البئر فان النزاع ما زال قائم حیث أن هناک استیلاء على 450م من الاراضی العراقیة.
وهذه خطوة ممکن ان تتکرر وتتوسع إن لم یحسم موضوع الحود بجدیة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First in Arabic
Constitutions
1. The Constitution of the Republic of Iraq, 2005
2. Constitution of the Republic of Iraq, 1970
B - Laws
1- Iraqi oil and gas law for the year 2007
2- Iraqi Investment Law No. 13 of 2006
3- The Regulation of Iraqi Mineral Investment Law No. 91 of 1988.
4. Law on the allocation of investment zones to the Iraqi National Oil Company No. 97 of 1967.
5. The Iraqi Basic Law of 1925.
C - Letters and research
1 - Ahmed Al-Khuraiji, Participation of States in the Management of Petroleum Privileges, Research presented to the Sixth Arab Petroleum Conference, Baghdad, 1967.
2- Siraj Hussain Mohammed Abu Zaid, Arbitration in Petroleum Contracts, PhD thesis, Faculty of Law, Ain Shams University, 1998.
3- Dr. Saad Allam, The Conditions of Arbitration in Petroleum Agreements in the Arab Countries, between Retention and Abolition. Research presented to the Seventh Conference of the Arab Lawyers Union, Baghdad, December 1964, Towards the State's Investment of its Petroleum.
4. Abdul Bari Ahmed Abdul Bari, The role of the Organization of Petroleum Exporting Countries in protecting the interests of member states, including the Journal of Economics and Administration issued by the Center for Economic Research and Development, King Abdul Aziz University, the second issue of Muharram 1396 AH.
6- Abdel Rahim Mohamed Said, The Legal System of Petroleum Contracts, PhD Thesis, Cairo University, Faculty of Law, 1970.
7- Dr. Mohamed Talaat Al-Ghunaimi, Changing the Status and Holding of the Petroleum Concession, 6th Arab Petroleum Conference, Baghdad, 1967.
8- Dr. Mohammed Younis Al-Sayegh, Legal Center for Private Foreign Investments in Developing Countries under International Financial Law, PhD Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2005
9. Organization of the Petroleum Exporting Countries and the Principle of Negotiations, Conference of the Fifth Arab Petroleum Conference, Cairo, 1965.
10- Sun Makdad Abdullah Al-Shaheen, Management Obligations in Oil Investment Contracts (Comparative Legal Study), Master Thesis submitted to the Faculty of Law, Mosul University, 2006.
(D) Official facts and newspapers
1 - Iraqi facts No. 8 on 15/4/1925
2 - Iraqi facts number 1449 on 7/7/1967
3 - The Official Gazette of the Arab Republic of Egypt No. 27 bis on 6/6/1987
4. The Official Gazette of the Arab Republic of Egypt Issue No. 26 Continued on 30/6/1988
5 - The Official Newspaper of the Arab Republic of Egypt no. 8 a. On 25/2/1982.
6 - The Official Newspaper of the Arab Republic of Egypt Issue 29 Continued on 29/12/1988
7 - The Official Newspaper of the Arab Republic of Egypt Issue 19 Continued in May 1988
8. The Official Newspaper of the Arab Republic of Egypt No. 31, continued on 2/8/1984
E) Books
1- Dr. Ahmed Abdel-Hamid Ashoush, The Legal System of Petroleum Agreements in the Arab Countries, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, 1975.
2- Dr. Hassan Attia Allah, The sovereignty of developing countries on the natural resources of the earth, study in international law of economic resources, Dar al-Nahda al-Arabia, 1978
3- Dr. Abd al-Jaber al-Khallaf, the monopoly of the current regulatory and administrative oil apparatus, Dar al-Nahda al-Arabiya, 1985.
4- Dr. Saad Allam, Encyclopedia of Petroleum Legislation of the Arab States, the Arab Gulf Organization,
Doha, Qatar, 1, 1978.
5 - Abdul Bari Ahmed Abdul Bari, Legal System of Petroleum Operations, I, 1408 e, without a publisher
6- Dr. Abdul Hamid Al-Ahdab, The Legal System of Petroleum in Saudi Arabia, Novell Foundation, 1, 1982.
7- Dr. Mohamed Labib Choucair and Dr. Gold Owner, Petroleum Agreements and Contracts in the Arab Countries, Part I, World Press, I, 2, 1969.
8. Harvey O'Connor, d. Omar Makkawi and Dr. Rashid Al-Barawi, The Global Crisis in Petroleum, Dar Al-Arab Al-Arabi for Printing and Publishing in Cairo, 1967.
9. Ibrahim Shehata, International Assurance of Foreign Consultations, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1971.
Web sites
1. www.bb.co.uk/arabic/lg/worldnews
References (English)
Second: In foreign language
1. Aitchaalal (Mohamed said.): -Pays producers de petrole et companies internationals these lau sane 1977.
2. Behems (Denis) Les contruts entre et personnes privees enrangeres, Droit applicable et respon sa bilitl international, these, Lausanne, 1988
3. Benchikh (M), les instruments juridiques de la politique
4. Deraux- charbohnel (J) Laccord de New York sur la participation des Etats producteurs de petrole dans le Capital des sociates co
5. EL.Kosheri (A.s), rule juridique cree par Les accounts de participation dans Le domaine Petrolier, Recueil des cours, 1975
6. HANDJANT (A) Les arbitrages enter les Etats et les societes petrolieres, Memoire pour le diplome d Etudes superieures de droit public paris l. 1975.
7. Leboulage (philippe): - Les contrats entre et enterprises etrang eres economica.1985.
8. LOGIE (J), Les contrats petroliers iraniens, R.B.D.I. , 1965
9. Mustupha (Mohamed): - Les aspects des rapports entre Etats prodacteurs de petrole et companies petrolrieres entrangeres, these, paris, 1971.