الملخص
التأمین ضد الأعمال الإرهابیة ـــ دراسة قانونیة مقارنة ـــ یعتبر نموذج من عقود التامین الذی أصبح مهما فی الوقت الحاضر ، بموجبه یضمن المؤمن الآثار الناشئة عن نهوض خطر "الأعمال الإرهابیة "من خلال قیامه بدفع قیمة التامین أو مبلغ التعویض ،مقابل قیام المؤمن له بتسدید قسط التامین . وینبغی أن یتوافر بالعقد کغیره من عقود التامین الشروط الفنیة والقانونیة اللازمة لانعقاده، ویمتاز هذا العقد بذات السمات والخصائص الذی یمتاز به عقد التامین عموما ،الاان ثمة خصائص تمیزه عن غیره وذلک لطبیعته ،باعتبار أن الأعمال الإرهابیة تعد محله.
ویلاحظ أن نطاق الأضرار البدنیة والمادیة المشمولة بالتأمین تختلف من قانون دولة إلى دولة أخرى ،کما یترتب على العقود من أثار ما یترتب على عقد التأمین من التزامات، ولجسامة أثاره فقد لجأت العدید من الدول إلى إنشاء صندوق تغطیة اضرارالاعمال الإرهابیة، فی العراق فأنه لایوجد تشریع ینظم أحکامه على غرار غیره من الدول ،ویاحبذا یلقى اهتمام المشرع ویتولى تنظیمه بتشریع
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
التأمین ضد الأعمال الإرهابیة -(*)-
Insurance against terrorist acts
إسراء صالح داؤد شرکة التأمین /نینوى Esraa Saleh Daoud insurance company / Nineveh Correspondence: Esraa Saleh Daoud E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 1/6/2009 *** قبل للنشر فی 3/11/2010.
(*) Received on 1/6/2009 *** accepted for publishing on 3/11/2010 .
Doi: 10.33899/alaw.2010.160594
© Authors, 2010, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
التأمین ضد الأعمال الإرهابیة ـــ دراسة قانونیة مقارنة ـــ یعتبر نموذج من عقود التامین الذی أصبح مهما فی الوقت الحاضر ، بموجبه یضمن المؤمن الآثار الناشئة عن نهوض خطر "الأعمال الإرهابیة "من خلال قیامه بدفع قیمة التامین أو مبلغ التعویض ،مقابل قیام المؤمن له بتسدید قسط التامین . وینبغی أن یتوافر بالعقد کغیره من عقود التامین الشروط الفنیة والقانونیة اللازمة لانعقاده، ویمتاز هذا العقد بذات السمات والخصائص الذی یمتاز به عقد التامین عموما ،الاان ثمة خصائص تمیزه عن غیره وذلک لطبیعته ،باعتبار أن الأعمال الإرهابیة تعد محله.
ویلاحظ أن نطاق الأضرار البدنیة والمادیة المشمولة بالتأمین تختلف من قانون دولة إلى دولة أخرى ،کما یترتب على العقود من أثار ما یترتب على عقد التأمین من التزامات، ولجسامة أثاره فقد لجأت العدید من الدول إلى إنشاء صندوق تغطیة اضرارالاعمال الإرهابیة، فی العراق فأنه لایوجد تشریع ینظم أحکامه على غرار غیره من الدول ،ویاحبذا یلقى اهتمام المشرع ویتولى تنظیمه بتشریع
الکلمات الرئیسة: التأمین الأعمال الأرهابیة عقود التأمین
الموضوعات: القانون التجاری
Abstract
Insurance against terrorism ,comparative legal study ,is one of model insurances , which it became very important now ,in accordance with contract insurer bears safety and effects resulting from terrorism as insurable risks by paying value of insurance or sum compensation , in opposite of insured must be paid premium .
So it should be achieved technical conditions as well as legal conditions ,in spite of it has same characteristics of other contracts,but it has special characteristics according to its' nature ''terrorism '' which is the subject of contract.
In addition , it should be noted that body and physical damages are different legistation of one country to another . Iraq , there is no legistation in this respect , so my hope to find this insurance interest in Iraq legistation
Keywords: Insurance terrorist acts Insurance contracts
Main Subjects: commercial law
المقدمة :
یؤدی التأمین فی الوقت الحاضر دوراً فعالاً فی المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة، أذ أن هدف التأمین توفیر الحمایة للفرد والمجتمع على حد السواء ضد الأخطار التی یتعرض لها فضلاً عن زیادة حجم رؤوس الأموال المستثمرة فیه مما یجعله رافداً مهماً فی الاقتصاد الوطنی لأیة دولة. وإذا کانت غایة التأمین ضمان التعویض عن الخسائر البدنیة أو المادیة التی تلحق بالمؤمن لهم، الأمر الذی أدى إلى توسیع نطاق ضمان الأخطار المشمولة بالتأمین من حیث نوعها بعد ما کانت عدداً من الأخطار مستثناة من الضمان کالتأمین ضد الأعمال الإرهابیة الذی یعد موضوع نطاق بحثنا.
ان الأعمال الإرهابیة لم تعد حالة محددة بل أصبحت ظاهرة أثرت بشکل أو بأخر على المجتمع وکیانه من خلال ما تخلفه من آثار سلبیة تؤثر على واقع المجتمع اقتصادیاً واجتماعیاً، إذ أن هذه الأعمال قد تزایدت وتنوعت مصادرها، الأمر الذی أدى إلى تفاقم حدتها، لذا عمدت مختلف دول العالم إلى مکافحة هذه الظاهرة من خلال ما أقرته من تشریعات وأنظمة وطنیة أو دولیة عن طریق المعاهدات والاتفاقیات.
ویعود أدراک المشرع الوطنی فی مکافحة هذه الظاهرة إلى ما تخلفه الأعمال الإرهابیة من أضرار وخسائر تلحق بالأفراد والمجتمع فلابد من إیجاد غطاء لهذه الخسائر، إذ ان قواعد المسؤولیة المدنیة لا تفی بالغرض بشکل کامل فیما یخص التعویض عن هذه الخسائر خاصة إذا کان مسبب الضرر مجهولاً ویتعذر الوصول إلیه. فلا بد من إیجاد وسیلة احتیاطیة لها، وبعد التأمین إحدى هذه الوسائل الذی قد لا یکون المؤمن قادر على القیام بالتزاماته تجاه المؤمن لهم إذا کانت نسبة الخسائر جسیمة کما حدث فی هجمات 11 أیلول 2001 التی سبب اکبر خسارة لصناعة التأمین فی العالم، ولهذا لا بد من توفیر غطاء حکومی من خلال صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة، ولقد نظمت العدید من الدول أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة کفرنسا والولایات المتحدة الامیرکیة، فی حین ان المشرع العراقی لم ینظم أحکامه على الرغم من تفشی ظاهرة الأعمال الإرهابیة وما تخلفه من أضرار وخسائر بدنیة ومادیة ألحقت أذى بالفرد والمجتمع ولأهمیة هذا الموضوع سنتناوله بالبحث. وسیقتصر نطاقه من خلال ما جاء بالتشریع الفرنسی اخذین بنظر الاعتبار الأحکام العامة لعقد التأمین. آملین من المشرع العراقی ان یحذو حذو الغیر فی تنظیم أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة بتشریع.
وتقوم خطة البحث على الشکل الآتی:
المبحث الأول: ماهیـة التأمین ضد الأعمال الإرهابیة .
المطلب الأول: التعریف بالتأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
الفرع الأول:المقصود بالتأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
الفرع الثانی: الشروط الفنیة للتأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
المطلب الثانی: خصائص التأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
المبحث الثانی: الأعمال الإرهابیة محل التأمین.
المطلب الأول: الإرهاب الخطر المؤمن ضده.
المطلب الثانی: نطاق الأضرار المشمولة بالضمان.
الفرع الأول: ضمان الأضرار البدنیة.
الفرع الثانی: ضمان الأضرار المادیة.
المبحث الثالث: أثار التأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
المطلب الأول: الالتزامات الناشئة عن التأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
الفرع الأول: التزامات المؤمن.
الفرع الثانی: التزامات المؤمن له.
المطلب الثانی: أعمال الضمان.
الخاتمة.
المبحث الأول
ماهیة التأمین ضد الأعمال الإرهابیة
تترکز دراستنا فی هذا المبحث على بیان المقصود بالتامین ضد الأعمال الإرهابیة من خلال الخصائص التی یمتاز بها، فضلاً عن الشروط الفنیة اللازم توفرها بصفة ان التامین عملیة فنیة تقوم على جملة من الأسس التی تتجلى أهمیتها من خلال إن التامین یقوم على جانبین أولها الجانب القانونی من خلال کونه عقداً یستلزم توفر أرکانه وهذا ما سنتناوله فی المبحث القادم، وثانیهما الجانب الفنی الذی لا یقل أهمیة عن الجانب القانونی وللغرض المنشود قسمنا هذا المبحث إلى مطلبین اولها، التعریف بالتأمین ضد الاعمال الارهابیة ، وثانیها، خصائص التأمین ضد الأعمال الإرهابیة.
المطلب الأول
التعریف بالتامین ضد الأعمال الإرهابیة
لغرض تحدید المقصود بالتأمین ضدالأعمال الإرهابیة، لابد من تعریف معنى الإرهاب لغةً واصطلاحاً، لنستخلص من ذلک تعریفاً جامعاً له، ثم بیان الخصائص التی یتمتع بها، ولتوضیح ذلک، فقد قسمنا هذا المطلب إلى فرعین، أولها، المقصود بالتأمین ضد الإرهاب وثانیها، خصائص التأمین ضد الإرهاب.
الفرع الأول
المقصود بالتأمین ضد الأعمال الإرهابیة
لإعطاء تعریف جامع للتأمین ضد الأعمال الإرهابیة، ینبغی ابتداءً بیان معنى التأمین والإرهاب لغةً ثم اصطلاحاً. فالتأمین لغةً؛ من أَمِنَ والأمان بمعنى جعله فی أمن. یقال تأمیناً على الشیء أی اتخذه امینا،قال: آمین، تأمیناً على حیاته أو مملکته،أی أن التأمین من الأمان أی الطمأنینة. ویلاحظ ان التأمین من أمن والأمانة وکلها تأتی بمعنى واحد هو نقیض الخوف والذعر وجاء فی القران الکریم فی قوله تعالى: "أمنة نعاساً".
أما الإرهاب لغةً، فهو من الرهبة، إذ ان مصدر کلمة إرهاب، ارهب بمعنى أخاف، روّع. وقد ورد فی القرآن الکریم فی قوله تعالى: "أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترهبون به عدو الله وعدوکم.....".
إذاً التأمین ضد الإرهاب لغة توفیر الأمن والطمأنینة للإنسان سواءً أکان على حیاته أم على ممتلکاته من کل فعل یعد مروعاً.
أما التامین اصطلاحاً، فقد عرف المشرع العراقی ضمن أحکام عقد التأمین فی القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951، إذ نصت المادة 983 على انه: (1_ التأمین، عقد یلتزم به المؤمن ان یؤدی إلى المؤمن له اوالى المستفید مبلغاً من المال أو إیراداً مرتباً أو ای عوض مالی اخر فی حالة وقوع الحادث المؤمن ضده وذلک فی مقابل أقساط أوأیة دفعة مالیة أخرى یؤدیها المؤمن للمؤمن له).
فی حین أن المشرع الفرنسی لم یعرف التأمین ضمن أحکام قانون التأمین رقم 5 فی 7 کانون الثانی 1981.
ومن خلال ما جاء فی المادة 983 من القانون المدنی العراقی المشار إلیها فی أعلاه، ان التأمین عقد یلتزم بمقتضاه المؤمن ان یؤدی للمؤمن أوأی مستفید اشترط التامین لمصلحته، مبلغاً من المال أو إیراداً أو مرتباً أو أی عوض مالی فی حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن ضده والمشار إلیه فی وثیقة التأمین فی مقابل قسط أو دفعة مالیة یؤدیها المؤمن له للمؤمن.
أما الإرهاب اصطلاحاً فقد عرفه المشرع العراقی فی قانون مکافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، إذ نصت المادة الثالثة منه على ان: (کل فعل أو امتناع عن فعل صادر من فرد أو مجموعة أفراد یؤدی إلى إیقاع الرعب بین الناس أو ترویعهم إذا کان من شأن ذلک الإخلال بالنظام العام أو تعریض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو إیذاء أشخاصأ وعرض حریتهم أو حیاتهم أو آمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبیئة أو بأحد المرافق أو الأملاک العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستیلاء علیها أو تعریض الموارد الطبیعیة للخطر).
کما عرف المشرع الفرنسی الإرهاب،إذ نصت المادة الأولى من القانون رقم 1020 فی 9 سبتمبر 1986 على انه: (الإرهاب جریمة ترتکب لتنفیذ مشروع إجرامی قد یکون فردی أو جماعی بهدف الإخلال الجسیم بالأمن العام مع إثارة الرعب والترویع).
کما عرّفت وزارة الخارجیة الأمیرکیة الإرهاب على انه: (العنف المتعمد الذی تقوم به جماعات غیر حکومیة أو عملاء سریون بدوافع سیاسیة ضد أهداف غیر مقاتلة ویهدف إلى التأثیر على جمهور الناس).
وکذلک عرفته وزارة الدفاع الأمیرکیة على انه: (هو الإقدام المدروس للعنف أو التهدید باستخدام إشاعة الخوف أو التهدید لإجبار أو إکراه الحکومات أو المجتمعات على تحقیق أهداف سیاسیة أو ایدیولوجیة).
کما لابد من الإشارة إلى أن الإرهاب قد عرفته الاتفاقیات الدولیة، منها الاتفاقیة العربیة لمکافحة الإرهاب، التی أعطت تعریفاً لمفهوم الإرهاب على انه: (کل فعل من أفعال العنف أو التهدید أی کانت بواعثه أو إغراضه ویقع تنفیذاً لمشروع إجرامی فردی أو جماعی ویهدف إلى إلقاء الرعب بین الناس أو ترویعهم بإیذائهم أو تعرض حیاتهم أوأمنهم للخطر أوإلحاق الضرر بالبیئة أوبأحد المرافق أوالأملاک العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستیلاء علیها أو تعریض احد الموارد الطبیعیة للخطر).
کما عرفت اتفاقیة منظمة المؤتمر الإسلامی لمکافحة الإرهاب، إذ جاء فی المادة الأولى على أن: (الإرهاب کل فعل من أفعال العنف أو التهدید به أیاً کانت بواعثه أوأغراضه، یقع تنفیذ لمشروع إجرامی فردی أو جماعی ویهدف إلى إلقاء الرعب بین الناس أو ترویعهم بإیذائهم أو تعریض حیاتهم أو حریتهم أوأمنهم أو حقوقهم للخطر أوإلحاق الضرر بالبیئة أو بأحد المرافق أو الأملاک العامة أو احتلالها أو الاستیلاء علیها أو تعریض احد الموارد الوطنیة أو المرافق الدولیة للخطر أو تهدید الاستقرار أو السلامة الإقلیمیة أو الوحدة السیاسیة أو سیادة الدول المستقلة). فقد عرفت الاتفاقیة ذاتها لجریمة الإرهابیة فی المادة الأولى / 3 على أنها: (الجریمة الإرهابیة: هی أیّ جریمة أو شروع أو اشتراک فیها ترتکب تنفیذاً لغرض إرهابی فی إیّ من الدول او الأطراف أو ضد رعایاها أو ممتلکاتها أو مصالحها أو المرافق والرعایا الأجانب المتواجدین على إقلیمها مما یعاقب علیها القانون الداخلی).
وکذا عرّف القضاء الفرنسی الأعمال الإرهابیة على أنها تلک الأعمال الفردیة، أو الجماعیة التی یفترض توفیر قدر أدنى من التنظیم بهدف بث الخوف أو الذعر أو الرهبة فی نفوس الآخرین.
یلاحظ مما تقدم ان التعریفات لمفهوم الإرهاب التی لم تعط مدلولاً اصطلاحیاً لمفهوم الأعمال الإرهابیة ومنها التشریع العراقی الذی جاء تعریفه لمفهوم الإرهاب على ما یبدو نقلاً حرفیاً لما تضمنته الاتفاقیة العربیة لمکافحة الإرهاب لسنة 1998، فضلاً عن ذلک یلاحظ أن ما أوردته التعریفات للإرهاب جاءت على سبیل الحصر لا المثال. وطبقاً لهذه التعریفات، لکی یکون العمل إرهابیاً، أن یکون فعلاً إجرامیاً یرتکبه الشخص أو مجموعة من الأشخاص أو منظمة ما وان یؤدی هذا الفعل الإجرامی إحداث الضرر البدنی أو الضرر المادی الذی یلحق بالأحوال والممتلکات لتحقیق غایة إرهابیة. ومن هنا فان الغایة من التأمین ضد الأعمال الإرهابیة هو إصلاح الأضرار الناتجة عن جریمة الأعمال الإرهابیة. إذاً ما هو التأمین ضد الأعمال الإرهابیة؟
مما سبق یمکن أن یعرف التأمین ضد الأعمال الإرهابیة عموماً بأنه عقد یبرم بین المؤمن والمؤمن له الذی قد یکون شخصاً طبیعیاً أو معنویاً یلتزم المؤمن بإداء مبلغ التأمین أو التعویض عن الضرر الذی لحق بالمؤمن له أو ورثته نتیجة لتعرضه لعمل إرهابی یدخل فی مفهوم قانون الدولة لمکافحة الإرهاب.
نأمل من المشرع العراقی تنظیم أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة أن یعطی تعریفاً له، ونقترح النص الآتی:
(التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، عقد یلتزم المؤمن بموجبه اداء مبلغ التأمین أو التعویض المشار إلیه فی وثیقة التأمین إلى المؤمن له المتضرر أو ورثته عما لحقه من أضرار نتیجة ارتکاب عملاً إرهابی بموجب قانون مکافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005) وعلیه فان أی ضرر ناشیء من فعل إجرامی لا یدخل فی مفهوم الإرهاب الذی حددته القوانین الوطنیة الخاصة بمکافحة الإرهاب لا یکون مشمولاً بالتغطیة التأمینیة.
الفرع الثانی
الشروط الفنیة للتأمین ضد الأعمال الإرهابیة
إذا کان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة یعد نوعاً من أنواع عقود التأمین، فانه یخضع لذات الشروط الفنیة التی یخضع لها عقد التأمین عموماً، فهل تنسجم هذه الشروط مع الإرهاب کخطر یؤمن ضده باعتباره جریمة تخلف خسائر جسیمة فی الأرواح والأموال والممتلکات، لنرى ذلک وکما یلی:
أولاً: التعاون
أن عقد التأمین یقوم أساساً على التعاون من خلال تجمیع اکبر عدد ممکن من الأشخاص الذین یتعرضون للخطر ذاته، ورغبة منهم فی تجنب ما یترتب على وقوعه من نتائج ودفع ضرره بدلاً من تحمل أثارة بصورة فردیة التی قد یعجز الشخص لوحده عن تلافی آثاره، فإذا ما ساهم المؤمن لهم فی جمع المال عن طریق قیامهم بتسدید اقساط التأمین، ولحق باحدهم ضرر نتیجة لتحقق الخطر المؤمن منه، فان الجمیع یکونون قد ساهموا فی تغطیة الخسائر الناشئة عن وقوع الخطر المؤمن ضده.
وعلى هذا الأساس، فان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة یکون وسیلة لتوزیع وتشتیت الخسائر الناشئة عن الإرهاب التی تؤدی إلى إلحاق الأذى ببعض المؤمن لهم، لأن غایة التأمین تحقیق التضامن والتکافل بین مجموعة من الناس یتعرضون إلى خطر واحد أو مجموعة أخطار تهددهم فی سلامتهم وأملاکهم.
ثانیاً: المقاصة بین الأخطار
تعدّ المقاصة بین الأخطار عملیة فنیة بحته، إذ غایتها توفیر نوع من الحمایة والضمان للمؤمن وذلک من خلال تحویل مجموع مبالغ التأمین التی تستحق عند تحقق الخطر منه، اذن هو مجموع الأقساط المستحصلة من المؤمن لهم.
وبناء على ما تقدم انه کلما زاد عدد المؤمن لهم کلما حقق التأمین اهدافه بتوزیع عبء الأخطار التی تلحق ببعض المؤمن لهم على حساب المؤمن لهم جمیعاً، ولتحقیق المقاصة ان تکون الأخطار ذات طبیعة واحدة من حیث النوع والمدة، إذ یمکن ان تتحقق المقاصة بین الأخطار فی عقد التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، إذ انها متحدة من حیث النوع وهو الإرهاب ومن حیث المدة وهی مدة سریان عقد التأمین.
ثالثاً: عوامل الإحصاء
یقصد بعوامل الإحصاء، العملیات الحسابیة التی من خلالها یمکن للمؤمن ان یتعرف على الحوادث المحتملة الوقوع خلال فترة زمنیة معینة، ویطلق علیها ایضاً بحساب الاحتمالات وذلک لتحدید درجة حدة الخطر لیتمکن المؤمن من تحدید سعر التأمین ومن ثم تحدید القسط الذی ینبغی للمؤمن دفعه.
لذا فان المؤمن لا یمکن له ان یغطی خطر ما الا إذا تمکن من إجراء حسابات احتمالات وقوعه، ای تحققه فی المستقبل بالاستعانة بعلم الاحصاء.
یلاحظ ان الشروط الفنیة تعلب دوراً مهماً فی قبول الخطر بالتغطیة التأمینیة من عدمه، خصوصاً إذا کان الخطر المراد التأمین ضده یعد جریمة کالإرهاب أو السرقة أو خیانة الامانة... الخ. لذا یلاحظ ان المؤمن عادة ما یستعین بما تقدمه وزارة الداخلیة أو وزارة العدل أو وزارة العمل والضمان الاجتماعی من النشرات والتقاریر والإحصائیات الجنائیة لیتمکن من خلالها الاطلاع على معدلات الجریمة أو بمعنى اخر معرفة معدل حجم ظاهرة اجرامیة معینة لکی یقبل بالتغطیة التأمینیة من عدمها(*).
یلاحظ مما تقدم ان فکرة التأمین تقوم على تلک الشروط الفنیة آنفة الذکر، وان المؤمن عند اختیاره للخطر أیاً کان لقبول تغطیته بالتأمین علیه ان یراعی تلک الشروط، لذا فان المؤمن یسعى دائماً إلى اختیاره الخطر الذی یعد منتشراً ویهدد شریحة کبیرة من الأشخاص لیتمکن من تطبیق عوامل الإحصاء.
وعلیه فان خطر الإرهاب شأنه شأن الأخطار الحدیثة کخطر التلوث البیئی أو الخطر التقنی أو القرصنة البحریة التی یعدها المؤمن انها لا تنسجم مع العناصر الفنیة لانها لیست منتشرة نوعاً ما وبالتالی لا یمکن تطبیق عوامل الإحصاء علیها. لذلک لم تکن الاعمال الإرهابیة قابلة للتأمین علیها سابقاً إذ انها تعد من الأخطار المستثناة من التأمین نوعاما قبل احداث 11 سبتمبر 2001، بید ان عقب هذه الأحداث شرعت العدید من الدول القوانین لتنظیم احکامه ,فقد صادق الکونغرس الأمریکی القانون الفیدرالی للتأمین ضد خطر الإرهاب لسنة 2002، وذلک لإمکانیة تطبیق عوامل الإحصاء على خطر الأعمال الإرهابیة بعدما أصبح ظاهرة عالمیة منتشرة. إذ یلاحظ ان حدة الخطر تزداد فی منطقة سیاحیة أو منشأة نفطیة أو صناعیة فی حین یلاحظ انخفاض حدته فی المناطق الریفیة وهذا ما یحقق الشروط الفنیة اللازمة لعملیة التأمین من خلال حصول المقاصة بین الأخطار، لأن قبول ای خطر بالتأمین علیه لابد ان یکون موزعاً على اعتبار انه لا یمکن ان یصیب المؤمن لهم جمیعاً فی وقت واحد، وانما یلحق الضرر بالبعض مما یجعل الخطر ینسجم مع فکرة توزیع الاخطار وبالتالی بالامکان التأمین علیه، وهذا الأمر ینطبق على خطر الاعمال الارهابیة.
المطلب الثانی
خصائص التأمین ضد الأعمال الإرهابیة
لایختلف عقد التأمین ضد الأعمال الإرهابیة عن عقود التأمین الأخرى من حیث ما یتسم به من الخصائص العامة، الا ان لهذا النوع من التأمین له من الخصوصیة ما یجعلنا نتناول خصائصه فی هذا الفرع،إذ انه یرد على جریمة، لذا سنبحث فی خصائصه بشیء من الایجاز وعلى النحو الآتی:
1. عقد تجاری
یعد عقد التأمین عن الاعمال الارهابیة عملاً تجاریاً شأنه شأن بقیة أنواع عقود التأمین، فالمؤمن عند إبرامه لعقد التأمین یکون عن طریق قیام المؤمن له بتسدید قسط محدد القیمة وهذا ما یعد عملاً تجاریاً، لذا فان المؤمن یهدف من خلال هذه العقود إلى تحقیق الأرباح عن طریق استثمار وتوظیف رأسماله، فضلاً عن ان المؤمن الذی یمارس هذا العمل التجاری غالباً ما یکون عبارة عن شرکة مساهمة عامة او خاصة.
لقد نصت المادة 5 / ثالث عشر من قانون التجارة العراقی رقم 30 لسنة 1984 على انه: (تعتبر الأعمال التالیة تجاریة إذا کانت بقصد الربح ویفترض هذا القصد ما لم یثبت العکس اولاً: ... 13. التأمین بکافة أنواعه).
وجاء فی المادة 632 / 12 من قانون التجارة الفرنسی إذ نصت على ان: (یعد عملاً تجاریاً بحسب موضوعه... جمیع عقود التأمین...).
یلاحظ ان المشرع العراقی والمشرع الفرنسی قد أضفى الصفة التجاریة على أعمال التأمین بکافة أنواعه. وعلى هذا الأساس فان عقد التأمین ضد الأعمال الإرهابیة یعد عقداً تجاریاً یخضع لأحکام قانون التجارة ولیس لأحکام القانون المدنی.
2. عقد تأمین اختیاری
یعد التأمین ضد الأعمال الإرهابیة عقداً تأمینیاً اختیاریاً لا عقداً تأمینیاً الزامیاً، حیث ان الشخص طبیعی أو معنوی له حریة التعاقد مع المؤمن ولا یوجد صفة الإلزام بنص القانون للقیام بإبرام العقد، خلافاً لما علیه مثلاً فی التأمین الإلزامی من المسؤولیة المدنیة الناشئة عن حوادث السیارات فی العراق، والتأمین من المسؤولیة المدنیة للمحامی فی فرنسا.
3. عقد قصیر الاجل
من المعلوم ان عقد التأمین من العقود المستمرة. إذ ان العقد المستمر ذلک العقد الذی یشکل الزمن فیه عنصراً جوهریاً، إذ ان الالتزامات تنشأ منه لا یتم تنفیذها دفعة واحدة بل تنفذ خلال فترة سریان العقد لان الزمن له اثر کبیر فی تحدید الحقوق والالتزامات لأطراف العقد، لذا فان عقد التأمین لا تتحقق غایته إلا مع الزمن.
ان مدة العقد تختلف بالنسبة لعقود التأمین، إذ ان بعض عقود التأمین تکون طویلة المدة کالتأمین على الحیاة سواء أکانت لحال البقاء أم لحال الوفاة، بید ان التأمین ضد الحوادث الشخصیة أو التأمین على السیارات تعد من عقود التأمین قصیرة الآجل إذ ان مدة التأمین فیها عادة سنة واحدة قابلة للتجدید، وینطوی التأمین ضد الإرهاب تحت طائلة عقود التأمین القصیرة المدة التی غالباً ما تکون سنة واحدة قابلة للتجدید.
4. عقد تأمین من خطر ثابت
یقصد بالخطر الثابت، الخطر الذی تکون درجة احتماله ثابتة لا تتغیر طیلة مدة سریان عقد التأمین، ولا یعنی ثبات الخطر ان یکون الثبات نسبته ثابتة مطلقاً، إذ انه لا یعنی تقیدها بالزیادة أو النقصان، فالثبات یعنی تکرار وقوع الخطر لدرجة تکاد تکون ثابتة من خلال مدة سریان العقد، ومثال على ذلک إذا امّن شخص ما على سیارة ضد خطر السرقة لمدة (5) خمس سنوات وکانت نسبة احتمال تغییر حدة الخطر أو تحقق السرقة فی السنة الأولى 5% فان هذه النسبة لا تتغیر طیلة السنوات التالیة، لان الخطر یظل ثابتاً نسبیاً وهذا ما یجعله یختلف عن الخطر المتغیر الذی یکون احتمال تحققه طوال مدة العقد متغیرة زیادة أو نقصاناً، کالتأمین على الحیاة، إذ ان الشخص المؤمن على حیاته یکون معرضاً لخطر الموت فی ایة لحظة من حیاته، الا ان احتمالیة وقوع الخطر تکون متغیرة حسب مراحل الحیاة، فاحتمال وقوع الوفاة فی مرحلة الشباب اقل من احتمالیة وقوع الوفاة فی مرحلة الشیخوخة. وتتزاید حدة الخطر مع مرور الزمن. ومن هنا تبرز اهمیة التمییز بین الخطر الثابت والخطر المتغیر فی تحدید سعر التأمین ومن ثم بیان مقدار القسط الواجب سداده، فیکون القسط ثابتاً فی التأمین ضد الخطر الثابت، ومتغیراً زیادة أو نقصان فی التأمین ضد الخطر المتغیر.
نستنتج مما تقدم ان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة یعد تأمیناً ضد خطر ثابت لا متغیر، لأن احتمالیة وقوع الخطر تکون ثابتة لا تتغیر، هذا ما یجعل حدة الخطر مستقرة.
المبحث الثانی
الأعمال الإرهابیة محل التأمین
عقد التأمین لا یختلف عن سائر العقود الأخرى من حیث أرکانه إذ لابد من وجود الرضا والمحل والسبب، بید ان عقد التأمین یختلف عن غیره فی بعض الأحکام، ویعود ذلک إلى الطبیعة الخاصة وخاصة ما یتعلق بالمحل الذی هو الخطر المؤمن ضده، لذلک سوف لن نتطرق فی بحثنا عن الامور المشترکة بین عقد التأمین وسائر العقود الأخرى، وسیقتصر نطاق البحث فی المحل وفیما إذا کانت الاعمال الارهابیة خطراً قابلاً للتأمین علیه من عدمه بعد ما اتضح لنا بالبحث ان الإرهاب یمکن التأمین علیه من الناحیة الفنیة، ولتوخی القصد المنشود فقد قسمنا هذا المبحث إلى مطلبین أولهما،الأعمال الإرهابیة الخطر المؤمن ضدها، وثانیهما، نطاق الأضرار المشمولة بالضمان وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
الاعمال الارهابیة الخطر المؤمن ضدها
لکی نتمکن من معرفة أن الأعمال الإرهابیة یمکن ان تکون الخطر المؤمن ضدها لابد من التعریف بالخطر التأمینی فضلاً عن شروطه.
وتجدر الإشارة إلى ان الخطر محل التزام کل من المؤمن والمؤمن له، إذ یتحقق الخطر ینهض التزام المؤمن باداء مبلغ التأمین أو تسدید التعویض، کما ان لضمان المؤمن له من الخطر یلتزم بأداء قسط التأمین.
لقد سکت المشرع العراقی وکذلک المشرع الفرنسی عن تعریف الخطر، الا ان الفقهاء قد عرفوه على انه الحادثة المحتملة الوقوع، فهو واقعة مستقبلیة غیر محققة الوقوع أو غیر معروف حدوثها من شأنها ان یترتب على وقوعها نهوض التزام المؤمن بأداء مبلغ التأمین أو التعویض.
وعلیه لکی یکون الخطر مشمولاً بالتأمین، ینبغی ان یکون احتمالیاً، وغیر ارادی ومشروعاً، فهل تنطبق هذه الشروط القانونیة على الاعمال الارهابیة بصفتها الخطر المؤمن ضده؟
للإجابة عن هذا التساؤل لابد من توضیح هذه الشروط وعلى النحو الآتی:
أولاً: ان یکون الخطر احتمالیاً:
ان یکون حادثاً غیر محقق الوقوع، وبأن یکون غیر مؤکد الوقوع اذ لایعرف منذ البدایة ما إذا کان سیقع ام لا. فضلاً عن انه غیر مستحیل الوقوع، بمعنى ان لا تکون الاستحالة مطلقة.
ولما کانت الأعمال الإرهابیة جریمة تعد خطراً احتمالیاً قد یقع أو لا یقع الا انه غیر مستحیل الوقوع، حیث ان ای شخص لایستطیع ان یجزم یقیناً بعدم إمکانیة تعرضه فی المستقبل لخطر الأعمال الإرهابیة.
ثانیاً: ان یکون الخطر لا ارادیاً:
ان یکون حادثاً غیر متعلق بمحض إرادة المتعاقدین وخصوصاً المؤمن له، والا انتفى عنصر الاحتمال الذی یقوم علیه الخطر التأمینی ویصبح تحقیق الخطر هنا بمشیئة طرفی العقد، ویترتب على ذلک بطلان عقد التأمین، کما لو تعمد المؤمن له على تحقیق الخطر، هنا یکون قد تدخلت ارادة المؤمن له التی تعد السبب الوحید لوقوع الخطر، والحال نفسه ینطبق على المؤمن إذا تعمد على عدم تحقق الخطر لکی یتهرب من دفع مبلغ التأمین وعندئذ یکون الخطر مستحیلاً. وعلیه لایجوز للشخص ان یؤمن ضد اثار الجرائم التی یرتکبها مثلاً، وکأن یحصل على تعویض من المؤمن بسبب مالحقه من ضرر بدنی أو مادی ناشئ عن فعل إجرامی ارتکبة عمداً، وعلى هذا الأساس ان یکون وقوع خطر الاعمال الارهابیة بمحض الصدفة دون تدخل إرادة کل من المؤمن والمؤمن له،وإلا انتفى عنصر الاحتمال وبالتالی یبطل عقد التأمین، إذا کان منفذ العمل الإرهابی المؤمن له مثلاً.
ثالثاً: ان یکون الخطر مشروعاً:
لا یکفی ان یکون الخطر احتمالیاً وغیر إرادی وانما یشترط ان یکون مشروعاً وغیر مخالف للنظام العام والقانون، نصت المادة 984 / 1 من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 على ان: (یجوز ان یکون محلاً للتأمین کل شیء مشروع یعود على الشخص بنفع من عدم وقوع خطر معین...).
ونصت المادة ل 121 / 6 من قانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: (کل شخص له مصلحة فی الاحتفاظ بشیء یمکنه التأمین علیه، وکل مصلحة مباشرة أو غیر مباشرة فی عدم تحقق خطر یمکن ان تکون محلاً للتأمین).
یلاحظ من النصوص أعلاه ان یکون الخطر محلاً للتأمین مشروعاً، بمعنى ان یکون قابلاً للتأمین علیه. وعلى هذا الأساس لایجوز التأمین على المسؤولیة الجزائیة، أو التأمین على الغرامات، لأن الهدف منها حمایة المصلحة العامة وردع المخالف.
فضلاً عن ذلک. یجب ان یکون هناک مصلحة مشروعة من عدم تحقق الخطر المؤمن منه الذی یجب ان تکون اقتصادیة أی ذا قیمة مالیة.
مما تقدم نستنتج انه یمکن التأمین ضد الاعمال الارهابیة من الناحیة القانونیة لانسجام طبیعة الاعمال الارهابیة مع عناصر وشروط الخطر التأمینی، فهو حادث احتمالی غیر محقق الوقوع، الا انه غیر مستحیل ولا یمکن لأحد ان یجزم بعدم وقوعه.
المطلب الثانی
نطاق الأضرار المشمولة بالضمان
یتولى المؤمن ضمان الأضرار والخسائر الناشئة عن وقوع الاعمال الارهابیة، وهذه الأضرار فیها ما تکون بدنیة تسبب إصابات للأشخاص، ومنها ما تکون خسائر مادیة تلحق ضرراً بالأموال والممتلکات، ولتوخی القصد المنشود سنتولى بالبحث ذلک فی فرعین أولهما، ضمان الأضرار البدنیة، وثانیهما، ضمان الأضرار المادیة وکما یأتی:
الفرع الأول
ضمان الأضرار البدنیة
لقد عالج المشرع الفرنسی تحدید مسؤولیة المؤمن من خلال ضمانه للأضرار الناشئة من وقوع خطر الأعمال الإرهابیة إذ نصت المادة ل 126 / 1 من قانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: (یستحق المتضرر التعویض عما لحقه من ضرر بدنی ناشئاً عن الحوادث الإرهابیة سواءً أکانت مرتکبة على إقلیم الدولة الفرنسیة أم خارجها، على وفق الشروط التی حدتها المادة ل 422 / 1 ، ل 422 / 3(*)، ویسقط حق المتضرر إذا ثبت خطأ المتضرر).
نلاحظ من النص اعلاه انه قد أعطى حقاً بالتعویض للشخص المتضرر من حادث ارهابی سبّب له اصابة بدنیة تؤثر بشکل أو باخر على قیامه بأعماله الیومیة، إذ قد یترتب على الضرر البدنی الذی لحق به عجزاً دائمیاً جزئیاً أو کلیاً، أو قد یترتب عن إصابته بعجز مؤقت یترتب علیه عدم القیام بالعمل لفترة قصیرة او وفاته، فضلاً عن ذلک فقد یتحمل المتضرر نفقات العلاج والمصاریف الطبیة. اذاً فالنص یوفر حمایة للشخص المتضرر او ورثته من خلال تمکینه من الحصول على التعویض المناسب من جهة ذات ملاءه مالیة کافیة.
کما ان الملاحظ من النص فی أعلاه ان التعویض للمواطن الفرنسی المتضرر من حادث عمل إرهابی قد جاء مطلقاً، بمعنى ای فرنسی یتعرض لحادث ارهابی یستحق التعویض سواء أکان قد تعرض لهذا الحادث على اقلیم الدولة الفرنسیة أم خارجها، بید ان تعویض المتضرر لا یکون مطلقاً، وانما مقیداً حسب القواعد العامة لأحکام عقد التأمین، بمعنى إذا کان المتضرر منفذ حادث العمل الإرهابی أو کان قد اشترک فیه أو ثبت من خلال سلوکه قد ساهم فی وقوع خطر العمل الإرهابی أو تفاقم حدته، کما لو ان شخصاً تواجد فی منطقة تعد خطرة تحظر الشرطة أو الجهات الأمنیة تواجد الأشخاص فیها أو قد یکون تواجد جاء بدافع الفضول إلى الاقتراب من موقع تعرض لحادث العمل الإرهابی ادى إلى وقوع حادث عمل إرهابی اخر کما هو الحال فی التفجیر المزدوج لسیارتین مفخختین، وعلى هذا الاساس قد یحرم المتضرر من التعویض کلیاً کما لو کان الشخص المتضرر فاعلاً أصلیأ و مشترکاًٍ فی تنفیذ الحادث إرهابیأو قد ثبت ارتباطه بجماعة أو تنظیم یعتبره قانون الدولة إرهابی وغیر مشروع.
وبالرغم من ان المشرع العراقی لم یتناول أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، بتشریع مع انه قد نظم أحکام مکافحة الإرهاب، الا انه لا یعنی عدم وجود التأمین ضد الاعمال الارهابیة، إذ انه یمکن تغطیة خطر الإرهاب وما یترتب علیه من إصابة بدنیة تلحق بالأشخاص أو الوفاة ضمن نطاق الدولة العراقیة من خلال ضمانه فی عقود التأمین الجماعی أو عقود التأمین من الحوادث الشخصیة الفردیة أو الجماعیة وذلک بإضافة بند یلزم المؤمن بضمان الأضرار البدنیة الناشئة عن خطر الحادث الإرهابی فی مقابل تسدید قسط إضافی على العقود أعلاه ویعود السبب فی ذلک بعدم وجود عقد أو وثیقة تأمین ضد الأعمال الإرهابیة مستقلة، وهذا ماتقوم به شرکة التأمین الوطنیة بتغطیة الاعمال الارهابیة بالتأمین ضمن وثائق التأمین الجماعی او التأمین من الحوادث الشخصیة الفردیة او الجماعیة وغیرها.
نأمل من المشرع العراقی تنظیم أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة من خلال تشریع قانون بذلک لضمان الأضرار البدنیة ونقترح بهذا الصدد النص التالی: (یلتزم المؤمن بتعویض المتضرر عما لحقه من أضرار بدنیة أو الوفاة الناشئة عن حادث عمل ارهابی ارتکب على اقلیم الدولة العراقیة).
الفرع الثانی
ضمان الأضرار المادیة
لم یشمل المشرع الفرنسی الأضرار البدنیة بالتعویض الناشئة عن حادث العمل الارهابی فقط، بل شمل کذلک کل ما یلحق أموال وممتلکات الأشخاص من أضرار. إذ نصت المادة ل 126 / 1 من قانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1980 على ان: (... یجب عدم استبعاد ضمان المؤمن فی عقود التأمین على الأشیاء للأضرار الناشئة عن الحوادث الإرهابیة أو غیرها من مظاهر العنف أو الاعتداء التی ترتکب على أراضی الدولة الفرنسیة، ولایعتد بأی اتفاق یخالف ذلک...).
یلاحظ من النص الفرنسی المتقدم، ان المشرع الفرنسی قد الزم المؤمن بشمول ضمان الأضرار الناشئة عن الحوادث الإرهابیة بالتعویض ضمن نطاق عقود التأمین على الأشیاء ولا یجوز استبعاد ضمان خطر الأعمال الإرهابیة منها، وهذا النص یعد من النصوص القانونیة الآمرة التی لا یجوز الاتفاق على مخالفتها.
وحسناً فعل المشرع الفرنسی ذلک، لان الأضرار الناشئة عن العمل الارهابی تلحق خسارة قد تکون جسیمة جداً بالذمة المالیة للمؤمن له لما تسببه من تلف لممتلکاته أو هلاکها کلیاً أو جزئیاً الأمر الذی یتطلب ضمان هذه الأضرار من خلال شمول الأعمال الإرهابیة بالتأمین.
اما فی العراق فان نطاق التأمین ضد الأعمال الإرهابیة فی عقود التأمین على الأشیاء ضیق جداً حیث ان شرکة التأمین الوطنیة قد شملت الأعمال الإرهابیة بالضمان فی وثائق التأمین على الحوداث الشخصیة ووثائق التأمین على السیارات التی تعطی خطر السرقة أو غیره مثلاً وذلک عن طریق إضافة بند بموجبه تضمن شرکة التأمین الوطنیة خطر الأعمال الإرهابیة مقابل قیام المؤمن له بتسدید قسط إضافی یصل إلى 75% من قیمة القسط الأصلی الواجب سداده فی وثیقة التأمین ضد السرقة. ویعود السبب فی أولاً: إلى ان حدة خطر الأعمال الإرهابیة فی العراق مرتفعة جداً قد تصل إلى أکثر من 80% الآن، الامر الذی یجعل وثائق التأمین ضد الأعمال الإرهابیة غیر متداولة فی سوق التأمین العراقیة إذا ما قورنت بغیرها من اسواق التأمین العالمیة کما قد یؤدی إلى عدم امکانیة قبول اعادة التأمین وثانیا: ان أعمال التأمین تعد عملاً تجاریاً یستهدف المؤمن من عمله فی العراق الربح وتوظیف رأسمال الامر الذی قد یعرضه لخسائر جسیمة فی حالة شمول عقود التأمین على الأشیاء بالضمان ضد خطر الاعمال الإرهابیة خصوصاً إذا علمنا انه لا یوجد غطاء ودعم حکومی لتمکین المؤمن فی العراق من إصدار وثائق التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، وثالثا، ان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة فی عقود التأمین على الأشیاء یتطلب توفیر الکثیر من الشروط منها توافر إجراءات وتدابیر أمنیة مشددة ووجود معدات سلامة تحد من تفاقم الخطر وهذا غیر متوفر ومهیأ ٍفی العراق.
المبحث الثالث
آثار التأمین ضد الاعمال الارهابیة
فی هذا المبحث نتناول الآثار المترتبة على التأمین ضد الأعمال الإرهابیة من خلال بیان ما یترتب من التزامات لطرفی العقد، حیث ان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة کغیره من عقود التأمین الأخرى ینشأ التزامات وحقوق لطرفی العقد، وسیقتصر نطاق البحث على بیان الالتزامات دون الحقوق إذ ان التزامات الطرف الأول تعد حقوقاً للطرف الآخر وذلک لاعتباره عقد معاوضة بأخذ کل طرف مقابلاً لما یعطیه للآخر، فضلاً عن اننا سنتولى بالبحث تسویة الضمان، ولتوخی القصد المنشود، فقد قسم هذا المبحث إلى مطلبین، أولهما، الالتزامات الناشئة من التأمین ضد الأعمال الإرهابیة. وثانیهما،أعمال الضمان، وعلى النحو الآتی:
المطلب الأول
الالتزامات الناشئة عن التأمین ضد الأعمال الإرهابیة
یترتب على التأمین ضد الأعمال الإرهابیة التزامات على المؤمن والمؤمن له، وهذه لا تخرج بطبیعتها عن الالتزامات العامة الناشئة عن التأمین کعقد ولا بأس من البحث فیها بشیء من الإیجاز فی فرعین،أولهما، التزامات المؤمن، وثانیها، التزامات المؤمن له، وکما یأتی:
الفرع الأول
التزامات المؤمن
یعد الالتزام بإداء مبلغ التأمین أو مبلغ التعویض الأهم والرئیسی لالتزامات المؤمن فضلاً عن الالتزام بالرجوع على الغیر المسؤول عن حدوث الضرر الذی سنتطرق الیه بالبحث فی المطلب القادم.
نصت المادة 989 من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951على ان: (یلتزم المؤمن بتعویض الضرر الناشئ من وقوع الخطر المؤمن ضده على ان لایجاوز ذلک قیمة التأمین).
یلاحظ من النص المتقدم، ان مبلغ التأمین هو المبلغ الذی بموجبه یتم تحدید المقدار الذی یلتزم المؤمن بتسدیده للمؤمن له، ویتم تحدید مبلغ التأمین فی وثیقة التأمین من خلال تحدید قیمة الشیء المؤمن علیه وعلى أساسه یتم تحدید سعر التأمین، وبیان القسط الذی یلتزم المؤمن له بتسدیده.
إذا کان وفاء المؤمن بالالتزام باداء مبلغ التأمین أو مبلغ التعویض نقدیاً، الا ان هذا لا یمنع من ان یکون الوفاء بالالتزام غیر نقدی، ای عینیاً من خلال إصلاح الشیء المؤمن علیه أو استبداله بما یعادله من حیث النوع أو الکم حسب الاتفاق المنصوص علیه فی وثیقة التأمین، ویبقى الخیار للمؤمن بذلک حتى ولو کانت قیمة الاستبدال أو التصلیح تقل عن قیمة التعویض.
وفی التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، یلتزم المؤمن اما بإداء مبلغ التأمین المشار إلیه فی وثیقة التأمین بصفتها الوفاء الذی یتضمن عقد التأمین أو الوفاء بالالتزام العینی من خلال استبدال أو تصلیح الضرر لذی لحق بالمؤمن علیه. ویعود ذلک إلى ان عقد التأمین ضد الأعمال الإرهابیة قد یعد تأمیناً على الأشخاص حسب طبیعة الشیء المؤمن علیه. والجاری فی العراق ان الشخص الذی قد أمّن على نفسه بموجب وثیقة التأمین على الحیاة وشمل خطر الأعمال الإرهابیة بالضمان وکذلک الحال إذا کان قد أمّن على نفسه ضد الحوادث الشخصیة الفردیة أو الجماعیة وضمن الوثیقة شمول خطر الأعمال الإرهابیة بالضمان یلتزم المؤمن بتسدید مبلغ التأمین المشار الیه کاملاً فی وثیقة التأمین سواءً التأمین على الحیاة أو التأمین ضد الحوادث الشخصیة الفردیة أو الجماعیة إذ ادى الحادث إلى وفاته.
بینما یلتزم المؤمن بتسدید مبلغ التعویض عما لحق المؤمن له من أضرار بدنیة دون ان تسبب له الوفاة بموجب وثیقة التأمین ضد الحوادث الشخصیة الفردیة أو الجماعیة حتى ولو کان مبلغ التعویض اقل من مبلغ التأمین، وذلک من خلال تطبیق مبدأ النسبیة فی التعویض. والحال ذلک إذا کان التأمین على السیارات قد ضمّن الوثیقة خطر الأعمال الإرهابیة وکان ناقصاً. فاذا کانت السیارة المؤمن علیها قد أتلفت بالکامل وعدّت خسارة علیه سدد المؤمن مبلغ التأمین کاملاً حسبما مشار الیه فی وثیقة التأمین، اما إذا عدت الخسارة جزئیة یطبق مبدأ النسبیة فی التعویض، وقد یتولى المؤمن تصلیح السیارة واستبدال الأجزاء المتضرر فیها.
واستناداً للأحکام العامة لعقد التأمین، فان التزام المؤمن یسقط بدفع مبلغ التأمین أو التعویض إذا کان العمل الإرهابی قد وقع من المؤمن له عمداً أو استخدام السیارة المؤمن علیها فی الأعمال الإرهابیة من خلال تفخیخها أو تلغیمها أو ای نشاط آخر یعلق بالعمل الإرهابی أدى إلى إتلافها وتعد هذه مسألة وقائع یمکن إثباتها بکافة الطرق القانونیة.
الفرع الثانی
التزامات المؤمن له
یترتب على المؤمن له التزامات ناشئة عن عقد التأمین عموماً، ویعد الالتزام بتسدید قسط التأمین، الالتزام الأساسی الذی ینبغی للمؤمن له القیام به، بید ان ثمة التزامات اخرى یتوجب على المؤمن له القیام بها، منها ما تکون سابقة على وقوع الخطر، ومنها ما تکون لاحقة على وقوعه، فالالتزامات السابقة على وقوع الخطر، کالإدلاء بالبیانات المتعلقة بالخطر، والالتزام باتخاذ الحیطة والحذر، فضلاً عن تسدید قسط التأمین وأخیراً الإعلان عن وقوع الخطر المؤمن ضده. اما الالتزامات اللاحقة على وقوع الخطر، کالأخطار بوقوع الخطر المؤمن ضده تفاقم حدته. وهذه الالتزامات تعد من الاثار العامة لعقد التأمین، وحتى لا نخرج عن نطاق موضوع البحث سیقتصر توضیح الالتزام باتخاذ الحیطة والحذر فضلاً عن الالتزام بتسدید قسط التأمین، وکما یلی:
أولاً: الالتزام باتخاذ الحیطة والحذر:
یعد الالتزام باتخاذ الحیطة والحذر فی التأمین ضد الأعمال الارهابیة من الالتزامات المهمة التی ینبغی على المؤمن له القیام به فی التأمین ضد الأعمال الإرهابیة، هذا الالتزام یتعلق بسلوک وتصرف المؤمن له الشخصی، بمعنى اخر، على المؤمن له مثلاً ان یلتزم بالتعلیمات التی تصدرها دوائر ومدیریات وزارة الداخلیة مثلاً فی مجال المحافظة على النفس وسلامتها کعدم تواجده فی مناطق خطرة تعد محظورة على الأشخاص أو تواجده فی منطقة تعرضت للتو لحادث إرهابی خوفاً من وقوع حادث اخر مزدوج فی ذات المنطقة. ومدى إمکانیة التزام المؤمن له باتخاذ الحیطة والحذر مسألة وقائع یمکن إثباتها بکافة طرق الإثبات القانونیة.
ثانیاً: الالتزام بتسدید قسط التأمین:
یعد الالتزام بتسدید قسط التأمین المالی الذی یؤدیه المؤمن له لقاء قیام المؤمن بالتزاماته ألتزاما اساسیا.
لم یعرف المشرع العراقی کذلک المشرع الفرنسی قسط التأمین، الاان المادة986/ 1 من القانون المدنی العراقی نصت على ان: (یلتزم المؤمن له بما یأتی: أ. یدفع الأقساط أو الدفعة المالیة الأخرى فی الآجل المتفق علیه.) یلاحظ من النص ان المشرع العراقی قد الزم المؤمن له فی تسدید قسط التأمین ولا یجوز له التنصل عن هذا الالتزام لای عذر ومسألة تحدید القسط تعد مسألة فنیة یقوم بتحدیدها خبراء فنیون فی التأمین لکی یوازی سعر التأمین للخطر المراد التأمین ضده.
وان التأمین ضد الأعمال الإرهابیة فی العراق تعد من الأخطار التی تکون حدة الخطر فیها مرتفعة قیاساً لدول الجوار مثلاً کما اشرنا سابقاً. ولکی یلتزم المؤمن بتغطیة خطر الأعمال الإرهابیة، فان سعر التأمین یکون عالیاً. وتجدر الإشارة إلى ان شرکة التأمین الوطنیة فی العراق تحدد قسط التأمین ضد الأعمال الإرهابیة کقسط إضافی للمؤمن على حیاته أو ضد الإصابات الشخصیة أو الجماعیة بنسبة 75% من القسط الأصلی لوثیقة التأمین على الحیاة أو التأمین ضد الإصابات الشخصیة أو الجماعیة.
المطلب الثانی
أعمال الضمان
ان غایة عقد التأمین توفیر الحمایة اللازمة للمتضررین من جمهور المؤمن لهم عما لحق بهم من أضرار ناشئة عن الخطر أو الأخطار المؤمنة ضدها. وإذا کان هذا الامر یعد طبیعیاً بالنسبة لعقود التأمین، فان توفیر الحمایة لهولاء المتضررین عما لحق بهم من أضرار ناشئة عن الأعمال الإرهابیة بموجب عقد التأمین قد لا تسعفهم، وربما قد یعجز المؤمن من القیام بالتزاماته بتسدید مبلغ التأمین أو التعویض، لذلک لجا المشرع الفرنسی فی إتباع آلیة توفر الحمایة للمتضررین من الأعمال الإرهابیة من خلال إنشاء صندوق ضمان تعویض ضحایا الأعمال الإرهابیة لعدم قدرة نظام التأمین على تغطیة الأضرار التی تلحق بالمتضررین.
ان نظام صندوق الضمان الخاص بالتعویض لیس بالأمر المستحدث فی فرنسا أو العراق وغیرها من الدول إذ نظمت التشریعات المقارنة لأحکامه، ونذکر على سبیل المثال لا الحصر، فی فرنسا صندوق الضمان عن حوادث السیارات الصادر بالقانون رقم 31 دیسمبر 1951، وکذلک صندوق الضمان الخاص بتعویض المصابین بمرض الایدز بسبب نقل الدم الملوث الصادر بالقانون رقم 1406 – 91 فی 31 دیسمبر 1991، وصندوق الضمان الخاص بتغطیة الأضرار الجسدیة الناشئة عن حوادث السیارات المغربی بموجب الظهیر الملکی الصادر فی 22 فبرایر 1955، وکذلک فی العراق إذ تولى صندوق التعویض الخاص بتغطیة الأضرار التی تسببها السیارات العائدة لوزارة الدفاع بموجب أحکام قانون التأمین الإلزامی رقم 4 لسنة 1986 المعدل، إذ یمول هذا الصندوق من قبل وزارة الدفاع وتتولى شرکة التأمین الوطنیة إدارته، بموجب اتفاق یعقد بین الطرفین لتحدید آلیة التعویض وذلک قبل حل وزارة الدفاع بعد الاحتلال.
وللتعرف حول هیکلیة صندوق ضمان تعویض المتضررین من الأعمال الإرهابیة الفرنسی من حیث تشکیله ومصادر تمویله وآلیة تسدید التعویضات فضلاً عن حق الرجوع على مسبب العمل الإرهابی سنتناول هذه الأمور بشیء من الإیجاز وعلى النحو الآتی:
أولاً: تشکیل صندوق ضمان تعویض المتضررین من الأعمال الإرهابیة وتمویله:
نصت المادة R– 422 / 1 من التنظیم اللائحی لقانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: یتولى مجلس إدارة صندوق ضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة، الذی یتمتع بالشخصیة القانونیة بکل ما یتعلق بالصندوق من أعمال یحددها القانون، ویتکون المجلس من قاضٍ یختاره وزیر العدل من محکمة النقض الفرنسیة وعضویة اربع ممثلین عن وزارة الاقتصاد ووزارة العدل ووزارة الداخلیة ووزارة الضمان الاجتماعی فضلا عن ثلاثة اعضاء یتم اختیارهم من الشخصیات لعامة المهتمة بقضایا الإرهاب وخبیر فی مجال التأمی.
یلاحظ من النص الفرنسی المتقدم فی اعلاه ان المشرع الفرنسی حاول ان تکون تشکیلة ادارة الصندوق من ذوی الخبرة وذات العلاقة لتحقیق اکبر قدر من الحمایة للمتضررین من الاعمال الارهابیة. نأمل من المشرع العراقی عند تنظیم أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة ان یحذو حذو المشرع الفرنسی من خلال انشاء صندوق لضمان التعویض للمتضررین من الأعمال الإرهابیة یدیره ذو الاختصاص، ونقترح النص الآتی: (1. یتمتع صندوق ضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة بالشخصیة القانونیة المستقلة. 2. تتکون ادارة صندوق ضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة من قاضٍ یختاره وزیر العدل من محکمة التمییز الاتحادیة رئیساً وعضویة ستة اشخاص من وزارة المالیة ووزارة الضمان والتقاعد الاجتماعی واتحاد الغرف التجاریة واتحاد الصناعیین وخبیراً فی التأمین).
اما فیما یخص موارد ومصادر تمویل الصندوق فقد عالج المشرع الفرنسی هذا الامر، إذ جاء فی المادة ل / 422 ما یلی: (... یمول صندوق التعویض لضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة بمبالغ نقدیة تستقطع من وثائق التأمین على الاشیاء...). کما نصت المادة R 422 / 4 من اللائحة التنظیمیة لقانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: (یتولى الوزیر المختص تحدید ما یؤدیه المؤمن له فی عقود التأمین على الاشیاء لمصلحة صندوق ضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة...).
یلاحظ من النصوص القانونیة فی اعلاه، ان المشرع الفرنسی قد حدد مصادر وموارد تمویل صندوق ضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة من خلال الزام المؤمن له فی عقود التامین على الاشیاء بتسویة مبلغ نقدی لحساب الصندوق، فضلاً عما تقدمه الهیئات من تبرعات أو هبات وما تسهم به الحکومة من اموال لدعم مالیة هذا الصندوق(*)،لا بأس ان یضمن المشرع العراقی عند تنظیم أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة نصاً یحدد مصادر تمویل الصندوق بما ینسجم والوضع فی العراق، ویقترح لهذا الغرض النص الآتی: (1. یمول صندوق التعویض لضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة من خزینة الدولة بموجب اتفاق یعقد بین المؤمن ووزارة المالیة. 2. یجوز لصندوق التعویض لضمان ضحایا الأعمال الإرهابیة قبول التبرعات والهبات من الجهات الرسمیة وغیر الرسمیة).
ثانیاً: آلیة تسدید التعویضات:
لکی یتمکن المتضررأو ورثته من الحصول على التعویض لابد من وجود آلیة معینة تنظم کیفیة اتخاذ الاجراءات اللازمة التی تضمن حقه. وقد ضمن المشرع الفرنسی هذه الآلیة من خلال ما نصت علیه المادة R 422 / 6 من التنظیم اللائحی لقانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: (یلتزم النائب العام بمجرد وقوع العمل الارهابی ابلاغ صندوق ضمان التعویض عن الأعمال الإرهابیة بظروف الحادث وملابساته مع بیان الکشف عن الاضرار من بشریة أو مادیة الناشئة عنه فوراً لتمکین الصندوق من تسدید التعویض المستحق، ولایتم تسدید ای تعویض الا بعد تقدیم طلب المتضررین أو ورثتهم أو من ینوبهم قانوناً...).
کما نصت المادة R 422 / 7 من التنظیم اللائحی لقانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر على ان: (یخضع المتضرر للکشف الطبی للوقوف على جسامة الاصابة البدنیة من خلال الفریق الطبی الذی یعینه الصندوق...).
یلاحظ من النصین الفرنسیین المتقدمین، ان المشرع الفرنسی قد بیّن الاجراءات التی ینبغی اتخاذها من المتضرر أو ورثته من جراء العمل الارهابی، ویمکن اجمال هذه الاجراءات بما یأتی:
ثالثاً: حلول صندوق ضمان التعویض لضحایا الاعمال الارهابیة:
یعد الحلول من المبادئ التی یقوم علیها التأمین، ویقصد بها أن یحل المؤمن محل المؤمن له فی مطالبة الغیر بحقوق المؤمن له بعد قیام المؤمن بدفع مبلغ التأمین أومبلغ التعویض.
لم یضمن المشرع العراقی نصاً یعطی الحق للمؤمن بالحلول محل المؤمن له فی الحقوق ضمن الأحکام العامة لعقد التأمین، الا انه اورد نصاً بهذا الشأن عند تنظیمه لاحکام عقد التأمین ضد الحریق، ویمکن الاخذ به ضمن التأمین ضد الأعمال الإرهابیة إذا کان الضرر مادی، حیث یبدو ان المشرع العراقی عند تنظیمه لاحکام عقد التأمین ضد الحریق غایته اعطاء نموذج لعقود التأمین على الاشیاء أو ضد الاضرار المادیة، کما ویمکن تلافی هذه الثغرة من خلال اتفاق بین المؤمن والمؤمن له یدرج ضمن بند فی وثیقة التأمین یتضمن حلول الأول محل الثانی فی الحقوق تجاه الغیر المتسبب للضرر الناشیء عن العمل الارهابی.
فی حین ان المشرع الفرنسی قد ضمن نصاً ضمن أحکام قانون التأمین رقم 5 فی 7 ینایر 1981 یعالج الحلول، اذ نصت المادة ل 121 على ان: (للمؤمن الذی یدفع التعویض یحل فی حدود هذا التعویض فی الحقوق ودعاوى المؤمن ضد الغیر المتسبب بفعله احداث مسؤولیة المؤمن).
قد نصت کذلک المادة ل 422 / 1 من قانون التأمین الفرنسی رقم 5 فی 7 ینایر 1981 على ان: (یحل صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة بما سدده من تعویض محل المتضرر تجاه مسبب الاضرار التی لحقت به).
یلاحظ من النص الفرنسی المتقدم انه لا یختلف ما جاء من حکم فیما یتعلق بالحلول الذی نص علیه ضمن الأحکام العامة لعقد التأمین.
وحیث ان المشرع العراقی لم یورد نصاً یعالج الحلول ضمن الأحکام العامة لعقد التأمین، کما سبق ایضاحه، فمن الافضل تضمین أحکام التأمین ضد الأعمال الإرهابیة نصاً بهذا الشأن ونقترح لذلک النص الآتی:
(ان یحل صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة محل المتضررأو ورثته فی الرجوع على متسبب الضرر).
الخاتمة
توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصیات، آملین الاخذ بها عند تنظیم المشرع العراقی للتأمین ضد الأعمال الإرهابیة وعلى النحو الآتی:
أولاً: النتائج
ثانیاً: التوصیات
(1. التأمین ضد الإرهاب، عقد یلتزم المؤمن بموجبه اداء مبلغ التأمین أو التعویض المشار الیه فی وثیقة التأمین إلى المؤمن له المتضرر أو ورثته عما لحقه من أضرار نتیجة ارتکاب عملاً ارهابی بموجب قانون مکافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005.
2. یلتزم المؤمن بتعویض المضرور أو ورثته عما لحقه من أضرار بدنیة أووفاته الناشئة عن عمل ارهابی ارتکب على اقلیم الدولة العراقیة.
3. أ. یشکل صندوق ضمان لتعویض ضحایا الأعمال الإرهابیة الذی یمول من خزینة الدولة بموجب اتفاق یعقد بین المؤمن ووزارة المالیة.
ب. یتمتع صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة بالشخصیة القانونیة المستقلة.ج. یجوز لصندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة قبول التبرعات والهبات من الجهات الرسمیة والغیر رسمیة.
د. تتکون ادارة صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة من قاض یختاره وزیر العدل من محکمة التمییز الاتحادیة رئیساً وعضویة ستة اشخاص من وزارة المالیة ووزارة الضمان والتقاعد الاجتماعی واتحاد الغرف التجاریة واتحاد الصناعیین وخبیراً فی التأمین.
هـ. ان یحل صندوق ضمان التعویض لضحایا الأعمال الإرهابیة محل المضرور أو ورثته بالرجوع إلى متسبب الضرر).
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Arab sources
a. Language Books
1. Imam Abi al-Fadl Jamal al-Din Muhammad ibn Makram bin Manzoor, the Arabic tongue, first part Dar Sader, 1, Beirut, Lebanon, 1990.
2. Gebran Massoud, lexicon of the pioneer, lexicon of linguistics, second edition, Dar al-Ilm for millions, Beirut, Lebanon, 1967.
3. Imam Muhammad ibn Abi al-Razi, Mukhtar al-Sahah, Library of Lebanon.
B. Arabic Books
1. Dr. Barham Mohammed Attallah, Legal and Legal Insurance, University Culture Foundation, Beirut, 1982.
2. Dr. Jalal Mohammed Ibrahim, Insurance, Comparative Study, Dar Al-Nahda Al Arabiya, 1994.
3. Dr. Hossam El-Din Kamel El-Ahwani, General Principles of Insurance, Dar El-Nahda El Arabia, Cairo, 1975.
4. Dr. Hassan Ali Al-Thunoon, Explanation of Civil Law, Principles of Commitment, Al-Ma'arif Press, Baghdad, 1970.
5. Dr. Khamis Khader, Large Civil Contracts, Sale, Insurance and Rent, Dar Al-Nahda Al Arabiya, 1979.
6. Dr. Ramadan Abu Al-Saud, summarized in the explanation of the so-called contracts, the contract of sale - barter - insurance, comparative study in Egyptian and Lebanese law, University House for Printing and Publishing, Beirut, 1994.
7. Dr. Zuhair Abbas Karim, Principles of Commercial Law, Comparative Study, House of Culture for Publishing and Distribution, 1995.
8. Dr. AbdulRazaq Ahmed Al-Senhoury, The Mediator in Explaining Civil Law, Part VII, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1964.
9. Dr. Abdulrushid Mamoun, al-Wajiz in the contracts named, the first book, the insurance contract, without a year printed.
10. Dr. Mohamed Hossam Mahmoud Lotfi, General Provisions of the Insurance Contract, Dar Al-Thaqafa for Printing and Publishing, Egypt, Cairo, 1988.
11. Dr. Mohamed Sami Abdel-Sadek, Insurance Against Crime Risk, Dar Al-Nahda Al Arabiya, 2006.
12. Dr. Mohamed Sharane, Risk in Insurance Contract, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1984.
13. Dr. Mohamed Kamel Morsi, Contracts Named, Insurance Contract, Part III, International Printing Press, 1954.
14. Dr. Nazih Mohamed Sadiq, Insurance Contract, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1979-1980.
15. Dr. Nemat Mohamed Mukhtar, Commercial Insurance and Islamic Insurance between Theory and Practice, Modern University Office, Alexandria, Egypt, 2005.
C. Conventions
1. The Arab Convention for the Suppression of Terrorism, Cairo, signed on 22 April 1998.
2. The Organization of the Islamic Conference Convention against International Terrorism, adopted by the Islamic Conference of Foreign Ministers at its 26th session in Burkina Faso, 1998.
Dr.. Laws
1. Iraqi Civil Code No. 40 of 1951 as amended.
2. French Law No. 71-1125 of December 1971.
3. Compulsory Insurance Law of Car Accidents No. 52 of 1980, amended.
4. French Insurance Act No. 5 of 7 January 1980.
5. French law 1020 on 9 September 1986.
6. Anti-Terrorism Law No. 13 of 2005.
References (French)
E. French sources
1. Lambart - Favive. Y., Droit des Assurances eme ed, Dalloze, 1998.
2. M. Picard et Besson, Les Assurances terrestres, Tom -1- cinquieme edition, 1980.
3. Y Lambaert-Favire, Methodologie de l'indememnisation du domage corpore L.RD.C., 1992.
And. Internet Resources
1. http://en.jurispedia.org/index.
2. http://www.al jazeera.net