الملخص
تقتضی الدعوى المدنیة – کقاعدة عامة – وجود طرفین أساسیین على الأقل، هما المدعی، والمدعى علیه، لکن یجوز أن یتعدد المدعون أو المدعى علیهم فی دعوى واحدة، إذا کانت الغایة من هذا التعدد هو لخدمة الدعوى وأطرافها من خلال الاقتصاد فی النفقات والإجراءات القضائیة ولسرعة حسم الدعوى وتجنب إطالة إجراءاتها، وللحیلولة دون صدور أحکام متناقضة فی دعاوى متعددة یکون الارتباط فیها واضح وجلی بین أطرافها أو محلها أو سببها .
إن الدعوى لا تتجمد من حیث أطرافها على الصورة التی تبدأ بها، بل إنها تتطور أثناء سیرها، فیخرج منها خصوم ویدخل خصوم آخرون، ومن مظاهر مرونة قواعد الدعوى السماح بتغییر أطرافها، وهذا الأمر بطبیعة الحال هو إبراز للدور الإیجابی للمحکمة فی إدارة الدعوى من خلال الدور المهم الذی تضطلع به فی هذا المضمار، ولعل من أبرز مظاهر هذا الدور هی سلطة المحکمة بإخراج خصم مع استمرار الدعوى مع الباقین إذا تبین لها أنه غیر ذی صفة أو أنه فقد هذه الصفة أثناء الدعوى، وقد تأمر بإخراج الخصم بناءً على طلبه إذا أدخل الضامن فی الدعوى
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
التدخل فی الدعوى المدنیة -(*)-
Intervention in civil proceedings
فارس علی عمر کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Faris Ali Omar College of law / University of Mosul Correspondence: Faris Ali Omar E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 14/1/2008 *** قبل للنشر فی 3/3/2008.
(*) Received on 14/1/2008 *** 3/3/2008 accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2009.160553
© Authors, 2009, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
تقتضی الدعوى المدنیة – کقاعدة عامة – وجود طرفین أساسیین على الأقل، هما المدعی، والمدعى علیه، لکن یجوز أن یتعدد المدعون أو المدعى علیهم فی دعوى واحدة، إذا کانت الغایة من هذا التعدد هو لخدمة الدعوى وأطرافها من خلال الاقتصاد فی النفقات والإجراءات القضائیة ولسرعة حسم الدعوى وتجنب إطالة إجراءاتها، وللحیلولة دون صدور أحکام متناقضة فی دعاوى متعددة یکون الارتباط فیها واضح وجلی بین أطرافها أو محلها أو سببها .إن الدعوى لا تتجمد من حیث أطرافها على الصورة التی تبدأ بها، بل إنها تتطور أثناء سیرها، فیخرج منها خصوم ویدخل خصوم آخرون، ومن مظاهر مرونة قواعد الدعوى السماح بتغییر أطرافها، وهذا الأمر بطبیعة الحال هو إبراز للدور الإیجابی للمحکمة فی إدارة الدعوى من خلال الدور المهم الذی تضطلع به فی هذا المضمار، ولعل من أبرز مظاهر هذا الدور هی سلطة المحکمة بإخراج خصم مع استمرار الدعوى مع الباقین إذا تبین لها أنه غیر ذی صفة أو أنه فقد هذه الصفة أثناء الدعوى، وقد تأمر بإخراج الخصم بناءً على طلبه إذا أدخل الضامن فی الدعوى
الکلمات الرئیسة: الدعوى المدنیة الإجراءات القضائیة
الموضوعات: قانون المرافعات المدنیة والاثبات
Abstract
As a general rule, a civil suit requires at least two primary parties, the plaintiff and the defendant, but may be multiple plaintiffs or defendants in one case, if the purpose of this multiplicity is to serve the case and its parties through the economy of expenses and judicial proceedings And to avoid the prolongation of its procedures, and to prevent the issuance of contradictory provisions in multiple cases in which the link is clear between the parties or the subject or cause.The lawsuit does not freeze in terms of the parties in the way it started, but it develops during the course of the exit of the opponents and enter other opponents, and the flexibility of the rules of the lawsuit to allow the change of parties, this, of course, is to highlight the positive role of the Court in the management of the case through its important role in this regard. One of the most prominent manifestations of this role is the power of the court to take out the litigant while continuing the proceedings with the rest of the parties, or if it is found that he is not qualified or that he lost this status during the proceedings, and the court may order to take out the litigant at his request if the guarantor enters the case.
Keywords: Civil lawsuit Judicial proceedings
Main Subjects: civil procedure law and law of evidence
المقدمة :
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سید المرسلین .. وعلى آله وأصحابه إلى یوم الدین وبعد .
تقتضی الدعوى المدنیة – کقاعدة عامة – وجود طرفین أساسیین على الأقل، هما المدعی، والمدعى علیه، لکن یجوز أن یتعدد المدعون أو المدعى علیهم فی دعوى واحدة، إذا کانت الغایة من هذا التعدد هو لخدمة الدعوى وأطرافها من خلال الاقتصاد فی النفقات والإجراءات القضائیة ولسرعة حسم الدعوى وتجنب إطالة إجراءاتها، وللحیلولة دون صدور أحکام متناقضة فی دعاوى متعددة یکون الارتباط فیها واضح وجلی بین أطرافها أو محلها أو سببها .
إن الدعوى لا تتجمد من حیث أطرافها على الصورة التی تبدأ بها، بل إنها تتطور أثناء سیرها، فیخرج منها خصوم ویدخل خصوم آخرون، ومن مظاهر مرونة قواعد الدعوى السماح بتغییر أطرافها، وهذا الأمر بطبیعة الحال هو إبراز للدور الإیجابی للمحکمة فی إدارة الدعوى من خلال الدور المهم الذی تضطلع به فی هذا المضمار، ولعل من أبرز مظاهر هذا الدور هی سلطة المحکمة بإخراج خصم مع استمرار الدعوى مع الباقین إذا تبین لها أنه غیر ذی صفة أو أنه فقد هذه الصفة أثناء الدعوى، وقد تأمر بإخراج الخصم بناءً على طلبه إذا أدخل الضامن فی الدعوى .
فضلاً عما تقدم، فقد تؤدی سلطة المحکمة فی الفصل للدعاوى المرفوعة أمامها إلى نقصان عدد الخصوم أو زیادتهم فی الدعوى الواحدة، کما أن إحالة دعوى من محکمة أخرى بسبب الارتباط قد تزید عدد الخصوم .
إن التدخل فی الدعوى یؤدی بطبیعة الحال إلى إضافة خصوم جدد إلى الدعوى أثناء سیرها، ویتم هذا بناءً على طلب الغیر، فیصبح طرفاً بإرادته واختیاره، أو یتم رغماً عن إرادة الغیر بناءً على طلب خصم أصل أو أمر المحکمة، وتتمیز هذه الحالة أنها قد تؤدی إلى إحداث تغییر فی محل الخصوم، وذلک لأنها تتضمن إضافة طلبات عارضة للدعوى یقدمها الغیر أو تقدم فی مواجهة الغیر، أو قد لا تتضمن تغییراً فی محل الخصومة .
وتبدو أهمیة البحث کونه من الموضوعات الدقیقة فی قانون المرافعات والتی تستوجب من القاضی التعامل مع کافة تفاصیله على النحو الذی لا یؤدی إلى التفریط بحقوق الخصوم الأصلیین فضلاً عن المتدخلین فیه، وذلک بإساءة استعمال الدور الإیجابی الممنوح له بهذا الصدد، الأمر الذی ینعکس أثره سلباً على الخصم الأصلی والطارئ على حد سواء .
لقد جاء قانون المرافعات العراقی بنصوص تحتاج إلى بعض التعدیلات والإضافات وبما یتلاءم وأهمیة الموضوع، حیث سنحاول من خلال البحث بیان هذه الجوانب فی موضوع التدخل آملین أن نساهم بهذا الجهد المتواضع بشیء – ولو بالیسیر – من إغناء المکتبة القانونیة .
ومن الله التوفیق .
وقد کانت خطة البحث على النحو الآتی :
المبحث الأول : مفهوم التدخل
المطلب الأول : التعریف بالتدخل .
المطلب الثانی : شروط التدخل فی الدعوى .
المبحث الثانی : صور التدخل فی الدعوى
المطلب الأول : التدخل الاختیاری فی الدعوى .
المطلب الثانی : التدخل الجبری فی الدعوى .
المبحث الثالث : إجراءات التدخل فی الدعوى والآثار المترتبة علیه
المطلب الأول : إجراءات التدخل فی الدعوى .
المطلب الثانی : الآثار المترتبة على التدخل فی الدعوى .
الفرع الأول : الآثار المترتبة على التدخل الاختیاری .
الفرع الثانی : الآثار المترتبة على التدخل الجبری .
المبحث الأول
مفهوم التدخل
یقتضی التعریف بالتدخل تسلیط الضوء على جملة أمور، لعل من أبرزها بیان المدلول اللغوی والاصطلاحی للتدخل للوقوف عند أهم الآراء التی قیلت بهذا الصدد، فضلاً عن معرفة الحکمة أو الغایة من إجازة التشریعات التدخل فی الدعوى، کما لابد من تمییز تدخل الشخص الثالث فی نطاق الدعوى الحادثة عن صور أخرى من التدخل والتی تحصل فی الدعوى کذلک، إلا أنها لا تعد من قبیل التدخل لاختلاف الأسباب والغایات فیما بینها، وعلى وجه الخصوص التکییف القانونی لها .
أخیراً لابد من بیان الشروط الواجب توافرها لإمکانیة التدخل فی الدعوى إذ بینت التشریعات – کما سیأتی بیانه - جملة شروط لصحة التدخل، وبخلافها تقرر المحکمة عدم قبول ذلک التدخل .
ومن أجل الإحاطة بکل ما تقدم، لابد من تقسیم هذا المبحث إلى المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : التعریف بالتدخل .
المطلب الثانی : شروط التدخل فی الدعوى .
المطلب الأول
التعریف بالتدخل
التدخل : لغةً : دَخَلَ، دخولاً، ومدخلاً الدار : ضد خرج : دخل جعله یدخل .
ویقال : تدخل الشیء، أی دخل قلیلاً قلیلاً .
أما فی الاصطلاح الفقهی، فالتدخل هو طلب طارئ، یتم بمقتضاه، إدخال أحد الخصوم فی الدعوى لشخص ثالث لم یکن طرفاً فیها، أو یتدخل بمقتضاه شخص ثالث فی الدعوى القائمة سواء فی مواجهة أحد الخصوم أو جمیعهم .
ویعرف کذلک بأنه طلب شخص من الغیر أن یصبح طرفاً فی دعوى قائمة . والتدخل بهذا المعنى إذن هو نوع من الطلبات العارضة، یدخل به شخص فی دعوى لم یکن طرفاً فیها، منضماً لأحد أطرافها أو مطالباً بحق ذاتی له .
لقد أجازت التشریعات المقارنة قبول تدخل شخص من غیر الخصوم فی الدعوى الأصلیة، ویسمى بالتدخل فی الدعوى، سواء تم هذا التدخل من جانب هذا الغیر أو من جانب الخصوم أنفسهم أو المحکمة .
والحکمة من إجازة التشریعات للتدخل الطارئ فی الدعوى – رغم کل ما یترتب علیه من آثار لعل من أبرزها هی اتساع نطاق الخصومة سواء من حیث الأشخاص والموضوع – هی بسبب المزایا العدیدة التی یحققها التدخل، والتی تعد فی الوقت نفسه مزایا الدعوى الحادثة على وجه العموم، هذا الأمر الذی دفع بالتشریعات إلى اعتبار هذا الموضوع استثناءاً من قاعدة نسبیة أثر الدعوى والتی تقضی بعدم جواز زیادة الدعوى، والتقید بالطلبات الواردة فی عریضتها ابتداءاً .
ومن أهم المزایا التی یحققها التدخل فی الدعوى هی :
أولاً : یؤدی إلى تحقیق مبدأ الاقتصاد فی الإجراءات القضائیة، وفی هذا توفیر الوقت والجهد والنفقات .
ثانیاً : یحول التدخل دون تکرار موضوع الدعوى، کونه یتجنب إقامة أکثر من دعوى فی موضوع واحد، وهذا الأمر بطبیعة الحال کفیل بتقلیص عدد الدعاوى الکثیرة التی تثقل کاهل المحاکم، مما توفر الوقت ودراسة الدعاوى وحسمهما ضمن الوقت المحدد ومن خلال السقف الزمنی المقرر .
ثالثاً : إبراز الدور الإیجابی للمحکمة فی إدارة الدعوى من خلال الدور المهم الذی تضطلع به فی نطاق التدخل، بحیث یبقى للمحکمة الکلمة الفصل فی قبول التدخل من عدمه، فی ضوء توفر مبرراته من وجود مصلحة للتدخل فضلاً عن توافر الصفة القانونیة له، کما لها الحق فی إدخال أی شخص ترى وجوده فی الدعوى ضروریاً لحسمها . إلا أن هذه السلطة الممنوحة للقاضی لا تکون مطلقة، بل تکفل المشرع فی وضع ضوابط محددة تحکمها لئلا یتعسف فی استعمالها سواء من قبل الخصوم أو القاضی، وتتمثل هذه الضوابط بالشروط التی حددتها التشریعات لصحة قبول التدخل، وکما سیأتی بیانه لاحقاً .
تجدر الإشارة، أنه لابد من التفرقة ما بین التدخل الحاصل من قبل شخص لیس طرفاً فی الدعوى القائمة، ومن کان طرفاً فیها وطلب من المحکمة التدخل بوصفه ممثلاً لأحد الخصوم . حیث لا یعد الشخص من الغیر ولا یعد طلبه تدخلاً إذا کان طرفاً فی الدعوى ویمثله فیها شخص آخر، کالقاصر الذی یمثله الوصی، کما لا یعتبر من الغیر الخلف العام أو الخاص لأحد أطراف الدعوى، ولذا فإنه إذا بلغ القاصر سن الرشد، فإنه لا یتدخل فی الدعوى، وإنما تنقطع المرافعة حتى یشترک فیها بدلاً من الوصی .
کذلک إذا تحققت الخلافة بوفاة الخصم مثلاً، فإن الورثة لا یتدخلون، وإنما تنقطع المرافعة حتى یقوم فیها الورثة مقام السلف، ولکن یعد تدخلاً من الغیر اتصاف شخص أثناء الدعوى بصفته الشخصیة إلى جانب صفته الأصلیة ممثلاً لشخص اعتباری . إذن قد تکون الصفة فی إقامة الدعوى لغیر صاحب الحق المطلوب حمایته، إذا کان لهذا الغیر سلطة استعمال الدعوى نیابةً عن صاحب الحق، حیث لا یعد هذا الإجراء تدخلاً من الغیر، إذ له سلطة التمثیل أمام القضاء، والتی قد تکون اتفاقیة کما فی حالة الوکیل نیابةً عن الموکل، وإما أن تکون قضائیة بقرار من القاضی کالقیم لمال القاصر والمحجور والغائب وخصومة المتولی بالنسبة لمال الوقف، وإما بنص القانون کما فی سلطة الولی .
المطلب الثانی
شروط التدخل فی الدعوى
إن التدخل فی الدعوى لا یکون مقبولاً ما لم تتوافر شروط معینة فیه، إذ تعد هذه الشروط بمثابة الضوابط اللازمة لصحة التدخل شأنها فی ذلک شأن الدعوى الاعتیادیة ، والمحکمة بما لها من سلطة فی هذا المجال حق عدم قبول التدخل فی حال تخلف الشروط المقررة لهذا الإجراء .
لقد بینت التشریعات المقارنة الشروط اللازمة لصحة التدخل، وتتشابه هذه النصوص مع بعضها إلى حد ما، لکن الاختلاف قد یبدو فی الصیاغة أو حتى فی الدقة، الأمر الذی یحتم علینا تمحص هذه النصوص للوقوف عند أبرزها .
ففیما یتعلق بالمشرع العراقی، نلاحظ أن الفقرة (1) من المادة (69) من قانون المرافعات قد عالجت الشروط بقولها "لکل ذی مصلحة أن یطلب دخوله فی الدعوى شخصاً ثالثاً منضماً لأحد طرفیها، أو طالباً الحکم لنفسه فیها، إذا کانت له علاقة بالدعوى أو تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو التزام لا یقبل التجزئة أو کان یضار بالحکم فیها" أما الفقرة (2) من نفس المادة فتؤکد "یجوز لکل خصم أن یطلب من المحکمة إدخال من کان یصح اختصامه فیها عند رفعها أو لصیانة حقوق الطرفین أو أحدهما" .
أما المادة (126) من قانون المرافعات المصری فنصت على "یجوز لکل ذی مصلحة أن یتدخل فی الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحکم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ویکون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل یوم الجلسة أو بطلب یقدم شفاهه فی الجلسة فی حضورهم ویثبت فی محضرها ولا یقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة" .
فی حین أن المادة (40) أصول لبنانی تؤکد على "یشترط لقبول التدخل أو الإدخال أن تکون للمتدخل أو لطالب الإدخال مصلحة شخصیة ومشروعة" کما تنص المادة (77) من المرافعات الشرعیة السعودی على أنه "یجوز لکل ذی مصلحة أن یتدخل فی الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحکم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ویکون التدخل بصحیفة تبلغ للخصوم قبل یوم الجلسة أو بطلب یقدم شفاهاً فی الجلسة فی حضورهم ویثبت فی محضرها ولا یقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة" .
وعند استقراء النصوص المتقدمة، نلاحظ دقة النص العراقی فی تحدید الشروط الواجب توافرها لصحة التدخل، إذ لم یکتفِ ببیان شرط المصلحة کإحدى المستلزمات الضروریة والمهمة لصحة التدخل وحسب، بل عمد إلى ذکر مستلزمات إضافیة – وهی باعتقادنا – لا تقل أهمیة عن شرط المصلحة، بحیث تشکل جمیعها فی نهایة المطاف جملة من الضوابط الصارمة، الهدف منها الحیلولة دون إساءة استعمال هذا الإجراء بالشکل الذی یضر بالخصوم الأصلیین والدعوى على حدٍ سواء .
أما التشریعات الأخرى فالملاحظ أنها لم تتوسع فی نصوصها إلى بیان شروط أو مستلزمات صحة التدخل، مکتفیة بذلک إلى النص على شرطی المصلحة والارتباط . أن المشرع العراقی – ومن خلال النص المتقدم – حرص على عدم إبقاء القاضی فی دائرة النصوص المجملة، بل عمد إلى تحدید النص وبما یزیل الغموض عنه، فأکد على حالات الارتباط ما بین طلبات المتدخل والمطلوب فی الدعوى هذه الحالات التی تعد فی نفس الوقت من مستلزمات الارتباط .
مهما یکن من أمر، فالشروط اللازمة لصحة التدخل یمکن إجمالها کما یأتی :
أولاً : المصلحة :
عند مراجعة النص العراقی ونصوص التشریعات المقارنة، نجد أن شرط المصلحة یمثل أهم تلک الشروط، والدلیل على ذلک أنها أکدت – وبصریح العبارة – على وجوب توفر هذا الشرط فی التدخل، إذ لا یصح من شخص لا مصلحة له فی الدعوى .
والمصلحة هی الفائدة العملیة المشروعة التی یحصل علیها المدعی من التجائه إلى القضاء، ولذلک أصبح من المبادئ المستقرة فی الفقه والقضاء أنه "لا دعوى دون مصلحة" وأن "المصلحة هی مناط الدعوى" .
إن هذا الشرط لا یحتل أهمیة بالغة فی نطاق التدخل وحسب، بل و على صعید الدعوى بشکل عام، حیث أشار المشرع العراقی لهذا الشرط، وأوجب فیه جملة شروط وهی أن تکون المصلحة معلومة وحالة وممکنة ومحققة، مع إجازة المصلحة المحتملة فی نطاق معین .
تجدر الإشارة أن المصلحة هی شرط لقبول أی طلب أو دفع أو حتى طعن فی حکم بصفة أن استعمال الدعوى یکون بطریق الدعوى والدفع، ذلک أن حق اللجوء إلى القضاء قد شرع لحمایة الحقوق ولیست الدعوى والطلب والدفع والطعن فی الحکم إلا وسائل لحمایة الحقوق التی یقرها القانون .
وتطبیقاً للقواعد العامة، فإن مصلحة المتدخل ینبغی أن تکون قانونیة، بمعنى أن تستند إلى حق أو مرکز قانونی، وبمفهوم المخالفة تکون المصلحة غیر قانونیة إذا کانت مخالفة للنظام العام والآداب، وبمعنى آخر أن لا یستند حق المتدخل إلى مرکز أو حق قانونی کما فی حالة التدخل الکیدی من أجل الإضرار بأحد الخصوم أو کلیهما .
کما لابد أن تکون المصلحة معلومة، أی أن تکون طلبات المتدخل غیر مجهولة، إذ لا یصح الطلب بالمجهول، فلا یصح أن یکتنف طلب المتدخل الغموض وعدم الوضوح کأن لم یبین نوعیة تدخله أهو انضمامی لأحد الأطراف أو طالباً الحکم لنفسه .
فضلاً عما تقدم، ینبغی أن تکون مصلحة المتدخل حالة، أی أن یکون حقه فی الطلب غیر معلق على شرط أو مضاف إلى أجل، فتکون المصلحة حالة عندما یطالب المتدخل بالمنفعة التی یقررها الحق فوراً وفی الحال، أی وقت التدخل فی الدعوى .
کما یتحتم أن تکون المصلحة ممکنة أی أن لا تکون المصلحة فی التدخل مستحیلة الوقوع، لأنه لا التزام بمستحیل، والاستحالة قد تکون قانونیة کما فی حالة إعداد المتدخل لطلبه بعد أن قررت المحکمة ختام المرافعة وتحدید موعداً للنطق بالحکم، وقد تکون الاستحالة مادیة کما فی طلب المتدخل – اختصاصیاً – بإلزام المدعى علیهم بالامتناع عن عمل سبق وقوعه .
یبقى التنویه فی هذا الصدد إلى أکثر ضوابط المصلحة دقه إلا وهو ضابط التحقق، أی أن تکون المصلحة فی التدخل محققة، بمعنى أن یکون الحق المدعى به، والذی یهدف المتدخل إلى حمایته قد اعتدی علیه بالفعل أو حصل نزاع بصدده ویتحقق بذلک ضرر یسوغ طلب الحمایة القضائیة .
إن الأصل فی المصلحة لکی تقبل فی الدعوى – عموماً – وفی التدخل – على وجه الخصوص ینبغی أن تکون محققة إلا أن هذا الأصل أصبح یفسر بکثیر من التوسع، حیث أصبحت التشریعات تتبنى شرط المصلحة المحتملة، والتی تعنی أن الضرر فیها والاعتداء لم یقع بعد على رافع الدعوى أو المتدخل فیها، وإنما هو محتمل الوقوع .
إذن تشکل المصلحة المحتملة أو المصلحة الوقائیة الأساس الذی تبنى علیه الدعاوى الوقائیة، وهذه المصلحة تتجسد فی رغبة المتدخل للتوقی من الضرر المحتمل وغالباً ما یکون محدقاً – أی وشیک الوقوع .
تجدر الإشارة أن وصف المصلحة وقائیة کانت أم محققة تختلف باختلاف نوع التدخل الحاصل فی الدعوى، فالتدخل الانضمامی والذی یسمى کذلک بـ "التدخل التحفظی" هو إجراء وقائی یقوم به المتدخل خشیة أن یخسر الخصم الأصلی الدعوى، وهکذا توجد مصلحة للغیر فی التدخل، وهی هنا مصلحة وقائیة تقوم على الضرر المحتمل . وعلى ذلک فإن مجرد المصلحة فی الوقایة من الضرر المحتمل، الذی یصاب به المتدخل من الحکم فی الدعوى المراد التدخل فیها، تکفی لقبول تدخله فی هذا الخصوص، على عکس التدخل ألاختصامی من حیث أنه یقدم على شکل طلب مستقل غیر تابع للخصوم الأصلیین وکما سیأتی بیانه لاحقاً.
وعند مراجعة القرارات القضائیة، نجد أنها تهتم کذلک بشرط المصلحة فی تدخل الشخص الثالث، فقد جاء فی قرار لمحکمة التمییز العراقیة "... أن التضامن لا یمنع من إدخال الشریک المتضامن شخصاً ثالثاً فی الدعوى عندما تتطلب ظروف ووقائع الدعوى ذلک، فقد یکون لدى ذلک المتضامن ما یدفع به الدعوى، وکل ذلک تقدره المحکمة، کما أن من حق الشریک أن یطلب إدخال الشرکاء والغیر شخصاً ثالثاً فی الدعوى صیانة لحقوقه، وهذا الاتجاه مقرر فی المادة 69/1 من قانون المرافعات المدنیة التی تنص على أنه (لکل ذی مصلحة أن یطلب دخوله فی الدعوى شخصاً ثالثاً منضماً لأحد أطرافها أو طالباً الحکم لنفسه فیها إذا کانت له علاقة بالدعوى أو تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو التزام لا یقبل التجزئة أو کان یضار بالحکم فیها ...)" .
ثانیاً : الارتباط :
ویقصد بهذا الشرط أن توجد وحدة ارتباط بین ما یطلبه المتدخل والمطلوب فی الدعوى من حیث السبب والموضوع .
ویعرف الأستاذ (سولیس) الارتباط بقیام صلة بین دعوتین تستلزم العدالة وحسن سیر القضاء جمعها فی محکمة واحدة، وذلک تجنباً لصدور أحکام متناقضة .
أن الارتباط هو ذو مفهوم مرن، فوحدة الطلبات المقدمة من المتدخل مع الدعوى الأصلیة یأخذ عدة صور على وفق ما أشارت إلیه الفقرة (1) من المادة (69) من قانون المرافعات العراقی - کما سبق بیانه – بمعنى أن الارتباط لا یتحقق، ومن ثم لا یصح التدخل ما لم تتوافر أحد الأسباب التالیة :
1- وجود علاقة ما بین طلبات المتدخل والدعوى الأصلیة :
ومثال ذلک وجود نزاع بین مشتری للعقار وبائعه، فیطلب الدّلال الذی توسط فی عملیة البیع والشراء دخوله فی الدعوى تدخلاً اختصامیاً طالباً الحکم لنفسه بأجوره المنصوص علیها فی عقد البیع ذاته .
2- وجود رابطة تضامن بین طالب التدخل وأحد الخصوم :
کوجود رابطة التضامن أو الالتزام وطلب کفیل المدعى علیه التدخل إلى جانبه لرد الدعوى عنه .
3- إذا کان لطالب التدخل التزام لا یقبل التجزئة بینه وبین أحد الخصوم :
ومثال ذلک طلب الشریک التدخل فی الدعوى المقامة على شریکه فی العقار المشترک والمتضمنة المطالبة بقیمة التحسینات التی أدخلها المدعی على العقار المشترک .
4- إذا کان طالب التدخل یُضار من الحکم الذی سیصدر فی الدعوى :
کحالة النزاع الذی یحصل على ملکیة عین بین البائع والمشتری، فیتدخل من یدعی أنه المالک الحقیقی لها ویطلب الحکم له بهذه الملکیة قبل طرفی الدعوى الأصلیین .
ثالثاً : الاختصاص :
من الشروط الأخرى التی تتطلبها القواعد العامة للدعوى الحادثة عموماً والتدخل فی الدعوى خصوصاً هی أن تکون طلبات المتدخل ضمن اختصاص المحکمة التی تنظر الموضوع الأصلی، اختصاصاً نوعیاً، فإن کانت خارج اختصاصها فلا یجوز النظر فی تلک الطلبات، لکون قواعد الاختصاص النوعی والوظیفی من النظام العام، أما إذا کانت غیر مختصة مکانیاً بنظرها فلا یوجد مانع یحول دون قبولها لأن هذا الاختصاص لا یعد من النظام العام بل هو حق للخصوم .
رابعاً : دفع الرسم القانونی :
نصت الفقرة (2) من المادة (70) من قانون المرافعات على وجوب تأدیة رسم دخول الشخص الثالث حتى یکون دخوله معتبراً ومنتجاً لآثاره ذلک أن الدعوى الحادثة لا تعد قائمة إلا من تاریخ دفع الرسم عنها أو صدور قرار بتأجیل استیفائه، ورسم دخول الشخص الثالث قد نصت علیه المادة (15) من قانون الرسوم العدلیة رقم (114) لسنة 1981 المعدل .
فإذا ما سدد طالب الإدخال الرسم المقرر، عندها یصبح الشخص الثالث طرفاً فی الدعوى ویحکم له أو علیه عند ثبوت الحق المطالب به .
وبهذا الصدد قضت محکمة استئناف بغداد بصفتها التمییزیة بـ "... ولدى عطف النظر على الحکم الممیز وجد مخالفاً للقانون، ذلک أن المدعی قد طلب فی لوائحه المتکررة إدخال المدعى علیه (أ) شخصاً ثالثاً فی الدعوى بصفته الشخصیة إلى جانب المدعى علیهم وإلزامه بما ورد فی عریضة الدعوى وتوضیحاتها وقد استجابت المحکمة لطلبه وکلفته بدفع الرسم بتاریخ 21/10/1990 بموجب الوصل المرقم (1865804) وأشر ذلک فی عریضة الدعوى بنفس التاریخ لذا یکون المدعى علیه (أ) قد خوصم بصفته الشخصیة إضافةً إلى مخاصمته بصفته وکیلاً عن زوجته، وحیث أن المحکمة فی حکمها الممیز قد ردت الدعوى لکونه لم یکن أحد المدعى علیهم، وأقیمت الدعوى علیه بوصفه وکیلاً عاماً عن زوجته فیکون حکمها واجب النقض من هذه الجهة ..." .
خامساً : قبول التدخل إلى ما قبل ختام المرافعة :
تتفق التشریعات المقارنة من خلال النصوص المذکورة آنفاً، على الوقت المحدد لقبول التدخل من الشخص الثالث وهی مرحلة ما قبل ختام المرافعة – أو إقفال باب المرافعة – والمقصود بختام المرافعة أن تکون الدعوى قد تهیأت للفصل وأن المحکمة أصبحت لدیها قناعة لإصدار الحکم فیها .
ولا یجوز للمحکمة بعد أن تقرر ختام المرافعة أن تسمع توضیحات من أحد الخصوم إلا بحضور الخصم الآخر، ولا أن تقبل مذکرات ومستندات من أحد الطرفین، غیر أنه یجوز للمحکمة فتح باب المرافعة مجدداً إذا ظهر لها ما یستوجب ذلک على أن تدون ما یسوغ هذا القرار .
تجدر الإشارة أن قبول التدخل من عدمه متروک إلى تقدیر المحکمة، فإن رأت أن قبول التدخل من شأنه أن یعوق سیر الدعوى الأصلیة أو یؤخر حسمها، فیجوز للمحکمة أن ترفض قبولها وتوعز إلى الخصم المتدخل بإقامة دعوى مستقلة بموضوعها .
المبحث الثانی
صور التدخل فی الدعوى
یتخذ التدخل عدة صور ، وهی تختلف عن بعضها باختلاف تکییفها القانونی، إذ العبرة فی وصف نوع التدخل هی بحقیقة تکییفه القانونی، لا بالوصف الذی یسبغه علیه الخصوم . وعلیه، فإن التدخل إما أن یکون تدخلاً اختیاریاً، بأن ینضم المتدخل إلى جانب المدعی أو المدعى علیه، أو أن یختصم بوصفه مدعیاً لکلا طرفی الدعوى .
وقد یتم إدخال شخص ثالث جبراً عنه فی الدعوى، ویکون ذلک إما بناءاً على طلب یتقدم به أحد أطراف الدعوى وتوافق علیه المحکمة، أو أن تقوم به المحکمة من تلقاء ذاتها .
وسنتناول بالبحث تباعاً التدخل الاختیاری بصورتیه، ثم نعقبه بالکلام عن التدخل الجبری ( اختصام الغیر) بنوعیه أیضاً فی المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : التدخل الاختیاری فی الدعوى .
المطلب الثانی : التدخل الجبری فی الدعوى .
المطلب الأول
التدخل الاختیاری فی الدعوى
أجازت التشریعات المقارنة التدخل فی الدعوى عند توافر الشروط والضوابط الأنفة الذکر، أی الأصل فی التدخل أن یکون اختیاریاً، أی یتم بإرادة الشخص المتدخل، ویتخذ هذا النوع إحدى صورتین، فإما یتدخل الشخص الثالث منضماً لأحد أطرافها، وهذا ما یسمى بالتدخل ألانضمامی أو أن یطالب المتدخل بحق ذاتی له، ویطلق على هذا النوع بالتدخل الاختصامی، وهذا ما سنبحثه فی الفرعین الآتیین :
الفرع الأول : التدخل الاختیاری ألانضمامی .
الفرع الثانی : التدخل الاختیاری ألاختصامی .
الفرع الأول
التدخل الاختیاری ألانضمامی
یقصد بالتدخل ألانضمامی بأنه ذلک الطلب الذی یطلب فیه الغیر الانضمام إلى أحد الخصوم، دون أن یطالب لنفسه بحق أو مرکز، وإنما منضماً إلى أی من الخصوم (المدعی أو المدعى علیه) للدفاع عن حق الخصم المنضم إلیه .
ویطلق على هذا النوع من التدخل عدة تسمیات، کالتدخل التحفظی (الوقائی)، إشارةً إلى أنه إجراء وقائی یقوم به المتدخل خشیة أن یخسر الخصم الأصلی للدعوى، فهناک مصلحة للغیر فی التدخل وهی هنا مصلحة وقائیة تقوم على الضرر المحتمل . ویسمى کذلک بالتدخل التبعی لأن هذا النوع إنما یهدف إلى تأیید طلبات المدعی أو المدعى علیه .
کما یمکن أن یسمى تدخلاً دفاعیاً لأن موقف المتدخل ینحصر فی الدفاع عن أحد الخصمین .
إن الأمثلة على التدخل الانضمامی عدیدة، منها تدخل الدائن لمساعدة مدینه فی الدعوى المرفوعة علیه من دائن آخر حتى لا یحکم علیه فینقص الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدینه، وکتدخل الکفیل لمساعدة المدین فی الدعوى المرفوعة علیه من الدائن حتى یتجنب رجوع الدائن علیه فیما بعد، وتدخل البائع فی دعوى الاستحقاق المرفوعة على المشتری حتى لا یخسر المشتری الدعوى فیعود على البائع بالضمان .
وإذا کان التدخل ألانضمامی مباحاً لکل ذی مصلحة، فلیس معنى ذلک أنه بمقدور کل من یرغب فی معاونة أحد طرفی الدعوى أن یتدخل فیها، فالمصلحة التی تبیح هذا التدخل هی المصلحة التی تستند إلى دفع ضرر محتمل عن طالب التدخل، قد یصیبه – بطریق غیر مباشر – إذا لم یتدخل وخسر صاحبه الدعوى وأهم فرض لتحقیق هذه المصلحة هو فرض وجود التزام بالضمان على عاتق طالب التدخل .
تجدر الإشارة أن اتجاهاً فی الفقه یذهب فی شأن التدخل ألانضمامی إلى التمییز بین التدخل ألانضمامی البسیط، وهو تدخل شخص من الغیر فی دعوى قائمة لکی یساعد أحد أطراف هذه الدعوى، والتدخل ألانضمامی المستقل، وهو تدخل شخص من الغیر یطالب أو یدافع عن حق له هو نفس الحق الذی یطالب به أو یدافع عنه أحد طرفی الدعوى فی مواجهة الطرف الآخر .
ویؤکد هذا الاتجاه أن التدخل ألانضمامی المستقل وإن کان یقترب من التدخل ألاختصامی فی أن المتدخل یطالب عن حق لنفسه ولا یقتصر على الدفاع عن حق أحد طرفی الدعوى، إلا أنه یختلف عنه فی أن المتدخل لا یختصم طرفی الدعوى، وإنما یختصم أحدهما فقط، ومن ناحیة أخرى یقترب هذا التدخل من التدخل ألانضمامی فی أنه لا یوجه إلى الخصمین .
ومع تقدیرنا للاتجاه المتقدم، إلا أننا نتفق مع الرأی الغالب فی الفقه والذی یرى فی التدخل ألانضمامی المستقل نموذجاً للتدخل ألاختصامی، على اعتبار أن المتدخل فی هذا الافتراض یطالب بحق ذاتی لنفسه، بغض النظر عن الطرف الذی یختصمه المتدخل .
فضلاً عما تقدم، فإن مفهوم الانضمام یعنی التأیید أو الاصطفاف إلى جانب طرف على حساب الطرف الآخر، بمعنى أن یکون المنضم تابعاً ومدافعاً عن المنضم إلیه، وهذا ما لا یتحقق فی التدخل ألانضمامی المستقل .
کما أن الآثار المترتبة على التدخل المستقل هی لیست آثار التدخل الانضمامی عموماً، وإنما هی فی مجملها آثار التدخل الاختصامی، فعلى سبیل المثال، یتمتع المتدخل تدخلاً مستقلاً بحق القیام بکل ما یستطیع أن یقوم به الخصم، ولا یقیده إلا ما یکون قد حدث من سقوط إجرائی، وإذا تنازل المدعی فی الدعوى عن حقه أو عن دعواه أو ترک الخصومة، فإن تنازله لا یؤثر فی بقاء المتدخل تدخلاً مستقلاً . مما تقدم یتضح أن تقسیم التدخل ألانضمامی إلى بسیط ومستقل غیر ذی جدوى بسبب المبررات المتقدمة .
فالمتدخل الانضمامی إذن لا یرفع دعوى أمام القضاء، ولا یقدم طلباً عارضاً یغیر به موضوع الدعوى، فهو لا یکون شخصاً أصلیاً فی دعوى من الدعاوى، وإنما هو شخص ثانوی أو تبعی فی الدعوى التی ینضم إلیها، ولکنه بتدخله یوسع الدعوى من حیث أطرافها ولذا یعد طرفاً فیها .
الفرع الثانی
التدخل الاختیاری ألاختصامی
التدخل الاختصامی هو صورة من صور التدخل وبمقتضاه یطلب فیها الغیر الحکم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، وبعبارة أخرى هو طلب طارئ یتمسک به المتدخل بحق أو مرکز قانونی فی مواجهة الخصوم الأصلیین أو أحدهم .
ویعرف کذلک بأنه التدخل الذی یقصد به المتدخل حقاً ذاتیاً لنفسه، أو هو الدفاع عن مصلحة خاصة ضد طرفی الدعوى .
ویسمى هذا النوع من التدخل بالتدخل "الأصلی" أو "الهجومی" لأن المتدخل لا یرمی إلى الدفاع عن أحد طرفی الدعوى، بل یهدف إلى مهاجمتهما من حیث أنه یطالب الحکم له خاصةً بطلب یرتبط بالدعوى الأصلیة، وقد ینقلب التدخل ألانضمامی إلى هجومی إذا ما أبدى المتدخل تدخلاً انضمامیاً طلبات تتضمن الحکم له بحق ذاتی .
والأمثلة على التدخل الاختصامی عدیدة، فإذا رفع أحد المحامین دعوى تعویض عن اعتداء وقع علیه أثناء أداء عمله، جاز للنقابة التدخل للمطالبة بتعویض عن الضرر الذی أصاب المهنة من هذا الاعتداء، وإذا رفع الدائن دعوى على أحد المدینین المتضامنین فیحق للمدین المتضامن الآخر التدخل طالباً الحکم ببراءة ذمته . ومثاله أیضاً حالة وجود نزاع بین المستأجر الأصلی والمستأجر من الباطن بطلب الأجرة، فیتدخل المؤجر طالباً الحکم بتخلیه المأجور فی مواجهة الخصمین لمخالفتهما أحکام قانون إیجار العقار .
ویعد المتدخل فی هذه الحالة طرفاً فی الدعوى کالأطراف الأصلیین، ویأخذ فیها مرکز المدعی، مع کل ما یترتب على هذا المرکز من سلطات وأعباء، فله إبداء الطلبات وأوجه الدفاع التی یحق لکل مدع إبداؤها، ویصبح المدعی والمدعى علیه فی الدعوى الأصلیة مدعى علیهما بالنسبة لدعوى المتدخل، ولأی منهما أن یطلب إخراجه من الدعوى بعد التدخل .
ولعل من المنطق أن نتساءل عن مصیر التدخل ألاختصامی فی حالة زوال الدعوى الأصلیة بین المدعی والمدعى علیه ؟ على اعتبار أن التدخل قد حصل بمناسبة الدعوى الأصلیة .. فهل یزول التدخل بزوال الدعوى الأصلیة .
للإجابة على هذا التساؤل لابد من التمییز بین افتراضین : الأول، هی حالة زوال الدعوى الأصلیة بسبب عمل إرادی لأحد طرفی الدعوى، کتنازل المدعی أو تسلیم المدعى علیه بطلبات المدعی، فهذه الحالة لا تؤثر على بقاء التدخل ألاختصامی وخصومته بین أطرافه والسبب فی ذلک أن المتدخل ألاختصامی یمتاز باستقلالیته عن طرفی الدعوى، فالمتدخل هنا لا یعد تابعاً لأحد الطرفین، بل هو فی مرکز الخصم المستقل المواجه للطرفین .
أما إذا کان سبب زوال الدعوى – وهو الافتراض الثانی – راجعاً إلى الحکم ببطلان عریضة الدعوى الأصلیة، فإن ذلک یؤدی إلى بطلان ما تلاها من أعمال إجرائیة ومنها طلب التدخل، ما لم یکن طلب التدخل قد قدم بالإجراءات المعتادة وکانت المحکمة المختصة به وفقاً للقواعد العامة، فإن خصومة التدخل تبقى قائمة باعتبارها خصومة أصلیة وفقاً لنظریة تحول العمل الإجرائی الباطل .
هذا الأمر طبعاً وفقاً للتشریع المصری الذی یقر بمبدأ تصحیح الإجراءات القضائیة الباطلة ومنها طریق تحول العمل الإجرائی الباطل . وأمام صمت المشرع العراقی عن سن نظریة البطلان فی قانون المرافعات عموماً، وعن إمکانیة تصحیح الإجراءات القضائیة الباطلة خصوصاً، نقترح بأن یحذو المشرع العراقی حذو المشرع المصری فی مسألة النص على التخفیف من وطأة بطلان الإجراءات المعیبة، ومنها طبعاً الإجراءات الخاصة بالتدخل، من خلال وضع النصوص القانونیة الخاصة بتلطیف حالات البطلان المتعلقة بالتدخل، وعلى سبیل المثال إجازة طلب التدخل المشوب ببطلان بعض إجراءاته وذلک فی حالة ما إذا توفرت فیه عناصر أخرى صحیحة، أو إذا کان إجراء التدخل باطلاً فی شق منه دون الإجراءات الأخرى فیه فینبغی إبطال هذا الشق فقط، بحیث لا یترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة علیه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تکن مبنیة علیه .
المطلب الثانی
التدخل الجبری فی الدعوى
یسمى التدخل الجبری بـ "اختصام الغیر" ویقصد به تکلیف شخص ثالث من الغیر بالدخول فی الدعوى والاشتراک فیها لمطالبته بذات الحق المطلوب لکی یکون هذا الحکم حجة علیه، ولا یعترض على تنفیذه عند إصداره، وسمی هذا التدخل بالجبری، لأنه یتم دون رغبة الشخص المراد إدخاله فی الدعوى، ویتم التدخل الجبری إما بناءً على قرار من المحکمة أو بناءً على طلب الخصوم وفق ما سیأتی فی الفرعین الآتیین :
الفرع الأول : اختصام الغیر بناءً على طلب الخصوم .
الفرع الثانی : اختصام الغیر بناءً على أمر المحکمة .
الفرع الأول
اختصام الغیر بناءً على طلب الخصوم
یعد اختصام الغیر بناءً على طلب أحد الخصوم طلباً عارضاً یقدمه الخصم فی مواجهة الغیر، وقد یؤدی إلى أن یصبح الغیر طرفاً فی الخصومة، وهذا هو الاختصام بالمعنى الدقیق .
ویتم هذا الاختصام بتقدیم الخصم طلب إدخال الغیر فی الدعوى على وفق الإجراءات التی یستلزمها القانون فی رفع الدعوى .
إن من المستلزمات الرئیسة لهذا الاختصام هی ضرورة توافر شرط الصفة، بمعنى أن تکون الخصومة متوجهة فی الدعوى، فلا یجوز للخصم أن یدخل فی الدعوى إلا من کان یصح اختصامه فیها عند رفعها .
فإذا توافرت الصفة فی الدعوى الأصلیة لأکثر من شخص سواء من ناحیة المدعی أو المدعى علیه، ولم ترفع الدعوى إلا من أحدهم أو لم ترفع إلا على أحدهم، فإنه یجوز اختصام من لم یرفع منهم الدعوى أو لم ترفع علیه الدعوى .
تجدر الإشارة أن مصطلح "من کان یصح اختصامه عند رفع الدعوى" یقصد به من کان یجوز اختصامه إلى جانب أطرافها ولیس من کان یجوز أو یجب اختصامه بدل أحد أطرافها، فالفرض أننا بصدد خصومة متعددة الأطراف . وإذا جاز اختصام من کان یصح اختصامه فی الدعوى عند رفعها فإنه لا یقبل اختصام من کان یجب اختصامه فیها، وبعبارة أخرى یقتصر الحق فی الإدخال على حالة التعدد الاختیاری دون التعدد الإجباری، ذلک أنه إذا رفعت الدعوى ابتداءً دون اختصام من یجب اختصامه، فإنها تکون غیر مقبولة .
ومن صور اختصام الغیر بناءً على طلب الخصوم هی دعوى الضمان الفرعیة، ویقصد بهذه الدعوى اختصام شخص من الغیر فی خصومة قائمة بناءً على طلب المدعی أو المدعى علیه لإلزامه بالضمان فی مواجهة الطالب .
إن أساس دعوى الضمان الفرعیة هو "حق الرجوع بالضمان" یدعیه طالب الضمان فی مواجهة الغیر، وینشأ هذا الحق لعدة أسباب منها مثلاً أن ینقل شخص حق عینی أو شخصی لشخص آخر بعوض، فیلتزم نحوه بضمان الاستحقاق، کالتزام البائع بضمان استحقاق المبیع قبل المشتری .
تجدر الإشارة أن المشرع المصری قد بین تطبیقاً لاختصام الغیر بناءً على طلب الخصم ألا وهی صورة دعوى الضمان، فی قانون المرافعات ونحن إذ لا نتفق مع ما ذهب إلیه المشرع المصری فی هذا الأمر، فإننا نتفق مع موقف المشرع العراقی لسببین : الأول هو أن ذکر تطبیقات معینة دون غیرها فی القوانین قد تحد نوعاً ما من سلطة المحکمة التی تجد نفسها مقیدة بحالة أو تطبیق معین، فکان یکفی إشارة المشرع بإدخال من "کان یصح اختصامه فی الدعوى" لتکون العبارة مطلقة غیر محددة، والسبب الثانی هو أن الإسهاب فی موضوع الضمان فی قانون المرافعات یعد تجاوزاً للقانون المدنی، فتکفی الإشارة البسیطة لإدخال ضامن ومن ثم الإحالة للأحکام العامة للقانون المدنی .
مهما یکن من أمر، فإن دعوى الضمان الفرعیة هی اختصام الضامن فی الدعوى الأصلیة وهی تعنی رفع دعوى الضمان مقدماً للوقایة من خطر خسارة الدعوى الأصلیة، وهی تحقق للطالب عدة مزایا إذ یقوم الضامن بالدفاع عن الطالب فی الدعوى الأصلیة، مما یؤدی إلى تفادی الحکم علیه فی هذه الدعوى، وفضلاً عن هذا یمکنه الحصول على حکم بالتعویض قبل الضامن فی حالة خسارة الدعوى الأصلیة، مع الحکم الصادر ضده فی هذه الدعوى، دون حاجة إلى خصومة جدیدة .
وباختصام الضامن على النحو المتقدم، یصبح طرفاً فی الخصومة، مکتسباً المرکز القانونی للخصم فی خصومة اتسع محلها لیشمل الدعوى الأصلیة ودعوى الضمان لتصبح ثلاثیة الأطراف :
طالب الضمان : وهو الخصم الذی أدخل الضامن، فهو دائماً المدعی فی دعوى الضمان أما مرکزه فی الدعوى الأصلیة فقد یکون مدعیاً أو مدعیاً علیه .
الضامن : وهو المدعى علیه فی دعوى الضمان الفرعیة، فهو طرف فیها .
الطرف الآخر فی الدعوى الأصلیة : ویعد مجرد طرف فیها، ویعتبر من الغیر بالنسبة لدعوى الضمان الفرعیة، وبالتالی لا یعتبر طرفاً فیها ولا یستفید منها کقاعدة عامة .
وإذا ما أدخل طالب الضمان الضامن فی الدعوى، فهل له أن یخرج من الدعوى ؟
یجیب الفقه على هذا التساؤل بالقول، أن القاعدة فی هذا الخصوص أن لطالب الضمان، متى أدخل الضامن أن یطلب إخراجه من الدعوى الأصلیة فقد حل محله فیها الضامن، إلا أن ذلک مشروط بألا یکون طالب الضمان ملتزماً التزاماً شخصیاً فی الدعوى الأصلیة تجاه الخصم الآخر، فإن کان کذلک فلا یستطیع الخروج من الدعوى مثل الکفیل المرفوع علیه الدعوى، وإذا لم یکن طالب الضمان ملتزماً تجاه الخصم الآخر بشیء فیجوز له الخروج منها، مثل المشتری الذی ترفع علیه دعوى استرداد المبیع، فیکون له أن یخرج منها باختصام البائع فیها .
الفرع الثانی
اختصام الغیر بناءً على أمر المحکمة
یقصد به قیام المحکمة بإدخال شخص فی الدعوى للاستیضاح منه عما یلزم لحسم الدعوى من أجل الوصول إلى الحکم العادل
إن اختصام الغیر بناءً على أمر المحکمة یثیر اعتراضات تقلیدیة على أساس أن الخصومة ملک الخصوم، أما القاضی فینبغی أن یفصل فیما یقدمه الخصوم من طلبات فی مواجهة بعضهم بعضاً، فقیام القاضی به یتنافى مع حیاده، ویجعل منه قاضیاً ومدعیاً فی ذات الوقت .
لکن الفکرة الحدیثة للخصومة تجعل للقاضی دوراً ایجابیاً فی توجیهها یصل إلى اختصام من لم یکن طرفاً فیها منذ البدایة، وذلک لخدمة الحقیقة وتحقیق العدالة فضلاً عما یؤدیه اختصام الغیر من تفادی تعدد الخصومات وتعارض الأحکام الصادرة فیها، أما القول بأن القاضی یقوم فی هذه الحالة بدور المدعی فمردود کونه لا یقدم فی مواجهة من یختصمه طلبات جدیدة، وإنما یفصل فی الطلبات التی یقدمها الخصوم .
یلاحظ أن المشرع العراقی قد أشار إلى صورتین للاختصام بناءً على أمر المحکمة الأولى هی حالة وجوبیة متمثلة فی دعوة الودیع والمودع والمستعیر والمعیر والمستأجر والمؤجر والمرتهن والراهن والغاصب والمغصوب منه عند نظر دعوى الودیعة على الودیع والمستعار على المستعیر والمأجور على المستأجر والمرهون على المرتهن والمغصوب على الغاصب.
لقد ألزم المشرع إدخال المالک الحقیقی للعین المتنازع علیها فی الدعوى، إذ قد یصاب المالک بأضرار جراء الحکم الذی یصدر فی الدعوى نتیجة تواطؤ الخصوم للاستیلاء على أموال المالک، لذلک یجب على المحکمة دعوة المالک الحقیقی للمال موضوع النزاع حفاظاً على حقوقه .
أما الحالة الثانیة فهی جوازیة، حیث أجاز المشرع للمحکمة أن تدعو أی شخص للاستیضاح منه عما یلزم لحسم الدعوى وذلک إذا رأت أن الفصل فیها یستدعی إدخاله شخصاً ثالثاً لأجل تسهیل حسمها والوصول إلى الحقیقة .
ویتشابه موقف المشرع السعودی مع موقف المشرع العراقی وخصوصاً فی مسألة تحدید الحالات التی ینبغی إدخال الشخص الثالث فی الدعوى من أجل تسهیل مهمة حسم الدعوى والوصول إلى الحقیقة .
ونعتقد أن موقف المشرعین المصری واللبنانی أدق من موقف المشرع العراقی والسعودی من حیث عدم تحدید حالات الإدخال بأمر المحکمة .
إذ ینبغی إعطاء المحکمة دوراً ایجابیاً فی توجیه الدعوى وتسییر الخصومة فیها، تارکاً للقاضی نفسه تقدیر الأمر فی کل حالة على حدة، تدعیماً لدوره الإیجابی، فهو الذی یستطیع أن یقدر ما إذا کانت مصلحة العدالة أو إظهار الحقیقة تستوجب اختصام أحداً من الأغیار، فیأمر به، وإلا فلا یأمر به .
وفی ضوء ما تقدم، ومن أجل عدم تقیید القاضی بنصوص جامدة تتجاهل دوره الإیجابی الممنوح له أصلاً، نقترح إعادة النظر فی الفقرتین (3-4) من المادة (69) من قانون المرافعات بحیث تدمج الفقرتان لتکون کالآتی "للمحکمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله ضروریاً لتسهیل الحکم فی الدعوى الأصلیة، أو فیه مصلحة للعدالة أو لأجل إظهار الحقیقة" .
إن النص المقترح کفیل بتحقیق هدفین أساسیین :
الأول : إظهار الحقیقة : ویقصد به الوصول إلى الحقیقة فی القضیة المعروضة، کما لو أدخل الغیر لإلزامه بتقدیم ورقة تحت یده .
الثانی : مصلحة للعدالة : وهذا الهدف یخول المحکمة سلطة الأمر بإدخال الغیر الذی له أن یتدخل اختصاماً کما لو أدخل من یظهر من سیر الدعوى أنه صاحب الحق المدعى به بین الأطراف .
المبحث الثالث
إجراءات التدخل فی الدعوى والآثار المترتبة علیه
تناولت التشریعات الإجراءات اللازمة لصحة التدخل من حیث کیفیة تقدیم طلبات التدخل وتحدید المواعید الخاصة به، فضلاً عن کیفیة الفصل فی الطلبات العارضة وخصوصاً فی الطلبات المقدمة من الشخص الثالث حتى یمکن الحکم فی الدعاوى الأصلیة والعارضة بشکل ملائم .
عموماً، فالتدخل یترتب علیه آثار محددة تختلف باختلاف طبیعة التدخل، وهذه الآثار هی تحصیل حاصل للإجراءات القضائیة بصفته المسلک الإیجابی للدعوى ویکون جزءاً من الخصومة، علیه ومن أجل الإحاطة بما تقدم لابد من تقسیم هذا المبحث إلى المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : إجراءات التدخل فی الدعوى .
المطلب الثانی : الآثار المترتبة على التدخل فی الدعوى .
المطلب الأول
إجراءات التدخل فی الدعوى
إن التدخل الاختیاری أیاً کان نوعه (انضمامی أو اختصامی) یتم بالإجراء نفسه الذی یحصل به تقدیم الدعوى الحادثة من قبل المدعی أو المدعى علیه ونعنی بذلک أنه یحصل بإحدى وسیلتین :
الأولى : إبداء الطلب شفویاً فی الجلسة فی حضور الخصم الآخر .
الثانیة : عن طریق الإجراءات المعتادة للدعوى العادیة، أی بتقدیم الشخص الثالث للوائحه ومستمسکاته قبل الجلسة الأولى من المرافعة أو فی المواعید التی تحددها المحکمة بعریضة تبلغ للخصم الآخر .
وقد وضعت التشریعات المقارنة قیداً لا یقتصر على التدخل ألا وهو وجوب حصوله قبل ختام المرافعة .
إذن تبلغ هذه العریضة للخصم إذا قدمت من قبل الخصم الآخر وإلى الخصمین إذا قدمت من قبل الشخص الثالث سواء کان تدخله اختصامیاً أم منضماً لأحد الطرفین، وقد جرت المحاکم على قبول الطلب شفاهاً فی الجلسة إذا أحدثها أحد الطرفین، وتکلفه بدفع الرسم القانونی عنها، أما إذا قدمت من الشخص الثالث، فإن العمل جار على وجوب تقدیمها بعریضة .
وفی شأن إجراءات التدخل، وفی ضوء النصوص المتعلقة به، نعتقد بعدم شمولیتها على النحو الذی یحیط بهذا الإجراء المهم، فقد جاءت هذه النصوص مقتضبة للغایة وفی أکثر حالاتها محیلة للقواعد العامة فی الدعوى، علیه نرى بضرورة إعادة النظر فی النصوص الخاصة بالتدخل بحیث تتم معالجة إجراءات التدخل فی الدعوى بنصوص دقیقة وکافیة .
مهما یکن من أمر، فإن المحکمة المنظورة أمامها طلبات التدخل تفصل فی تلک الطلبات والدعوى الأصلیة معاً کلما أمکن ذلک بشرط ألا تخرج عن اختصاصها أما إذا تعذر علیها الحکم فی الدعویین معاً وکان الحکم فی الدعوى الأصلیة متوقفاً على الحکم فی الطلب، فإنها تفصل أولاً فیها، ثم تنظر بعد ذلک فی الدعوى الأصلیة .
تجدر الإشارة أن محکمة الموضوع تستنفذ ولایتها عند قضاءها بعدم قبول التدخل، فإذا کانت محاکم الدرجة الأولى (البداءة مثلاً) قد کیفت طلب التدخل بأنه طلب انضمامی یقتصر على تأیید أحد طرفی الدعوى، فإن هذه المحکمة تکون قد استنفذت ولایتها فی النزاع القائم وقالت کلمتها فی موضوع الدعوى .
فإذا کانت محکمة الاستئناف قد اعتبرت التدخل تدخلاً اختصامیاً وقضت بإلغاء حکم محکمة الدرجة الأولى وبقبول التدخل، فإنه یتعین علیها ألا تقف عند هذا الحد، بل تمضی فی الفصل فی موضوع طلب التدخل وتحقیق دفاع الخصوم فی الدعوى الأصلیة ودفاع المتدخلین بشأنها، باعتبار أن الاستئناف ینقل الدعوى برمتها إلى المحکمة الاستئنافیة، ولا یحق لها أن تتخلى عن الفصل فی هذا الطلب إلى محکمة الدرجة الأولى لأن الفصل فی موضوع طلب التدخل لا یعد تصدیاً منها، وإنما هو فصل فی طلب استنفذت تلک المحکمة ولایتها بشأنه.
ومن أحکام التدخل فی الدعوى هی ضرورة عدم مخالفة التدخل الحاصل لمبدأ التقاضی على درجتین، فإذا وصف الطاعن تدخله فی الاستئناف بأنه انضمامی ولم یطلب صراحة الحکم لنفسه بحق ذاتی، إلا أن مؤشرات معینة تدل مطالبته بحقوق تجاه الخصوم الأصلیین، فإن تدخل الطاعن على هذا الأساس یکون فی حقیقته تدخلاً هجومیاً ولیس انضمامیاً، مما یقتضی عدم إجازته لأول مرة فی الاستئناف، على عکس ألانضمامی الذی یکون جائزاً فی هذه المرحلة لأنه لا یؤدی إلى تغییر مسار الدعوى .
أما بخصوص إجراءات التدخل الجبری أو اختصام الغیر بشقیه (بطلب الخصوم أو بأمر المحکمة) فالملاحظ أن المشرع العراقی لم یتطرق إلیه، فالنصوص القانویة وإن أشارت إلى جواز إدخال الغیر بطلب الخصوم، أو بناءً على أمر المحکمة، إلا أنها لم توضح کیف تتم دعوة الغیر ؟ وهل تقوم المحکمة بنفسها بدعوة الغیر ؟ وما هی المواعید اللازمة لحضورهم ؟ أمام هذه التساؤلات تبدو الحاجة ملحة لوضع نصوص قانونیة تعالج مسألة إجراءات اختصام الغیر أسوةً بالتدخل الاختیاری، ولئلا یبقى القاضی أمام فراغ تشریعی وما لذلک من عواقب سلبیة .
أما المشرع المصری، فقد بین إجراءات اختصام الغیر من خلال إدخال المحکمة لمن ترى إدخاله فی الدعوى، وفی هذا أشرک المشرع المصری الخصوم مع المحکمة، من حیث أن المحکمة لا تتولى هی ولا تکلف قلم الکتاب (المعاون القضائی) إعلان ذلک الشخص، وإنما تکلف أحد الخصوم الأصلیین بإعلانه (تبلیغه) وهی لا تکلف بذلک إلا من ترى أن التدخل لصالحه .
على أنها تتولى قبل ذلک تحدید الجلسة التی یکون الإعلان إلیها، وقد عبرت الفقرة الثانیة من المادة (118) مرافعات عن ذلک بقولها "وتعین المحکمة میعاداً لا یجاوز ثلاثة أسابیع لحضور من تأمر بإدخاله، ومن یقوم من الخصوم بإدخاله، ویکون ذلک بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى" .
وسواء کان الاختصام بطلب الخصوم أو بأمر المحکمة فإن الإجراءات المتبعة هی الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أی بإیداع صحیفة الدعوى (عریضة الدعوى) قلم الکتاب ومن ثم إعلانها (تبلیغها) للغیر .
بقی أن نشیر بهذا الصدد، أنه لا یجوز للمحکمة أن تحکم للشخص الثالث بأکثر مما تضمنته عریضة الدعوى وإلا کان الحکم معرضاً للنقض، حیث قضت محکمة التمییز العراقیة فی قرار لها بهذا الاتجاه بقولها "... ولدى النظر فی الحکم المطعون فیه الصادر من محکمة استئناف بغداد بعدد 362/س/991 بتاریخ 31/10/1992 وجد أنه مخالف للقانون، وذلک لأنه تضمن الحکم للشخص الثالث بأکثر مما تضمنته عریضة الدعوى، حیث تضمنت منع معارضة المدعى علیه للمدعی بالأثاث التی وضعت أمانة لدیه والعائدة للشخص الثالث (ف.ع) الذی دخل بهذه الصفة فی مرحلة الاستئناف وحیث أن الحکم المطعون فیه قد تضمن تسلیم الأثاث مع المطعم المسمى مطعم الشجرة إلى الشخص الثالث (ف.ع) فیکون الحکم مخالفاً للقانون من هذه الجهة، قرر نقضه وإعادة الدعوى لمحکمتها لإتباع ما ذکر أعلاه والحکم بالأثاث فقط لأن المطعم لم یکن موضوع ادعاء فی أصل الدعوى ..." .
المطلب الثانی
الآثار المترتبة على التدخل فی الدعوى
یترتب على قبول التدخل عدة آثار تختلف باختلاف نوع التدخل الحاصل فیما إذا کان تدخلاً اختیاریاً أم جبریاً، فالمرکز القانونی للمتدخل یتحدد وفقاً للتکییف الذی تقرره المحکمة فی ضوء نوعیة الطلبات العارضة المقدمة إلیها .
وللبحث فی الآثار المترتبة على التدخل لابد من تقسیم هذا المطلب إلى الفرعیـن الآتیین :
الفرع الأول : الآثار المترتبة على التدخل الاختیاری .
الفرع الثانی : الآثار المترتبة على التدخل الجبری .
الفرع الأول
الآثار المترتبة على التدخل الاختیاری
إن التدخل الاختیاری بوصفه التدخل الذی یتم بإرادة المتدخل لا یرتب آثاراً متشابهة لنوعیه ألانضمامی وألاختصامی، کون طبیعة هذین النوعین مختلفة، ففی حین یتمثل التدخل ألانضمامی – وکما سبق بیانه – بالانضمام إلى أحد الخصوم للدفاع عنه، نجد أن التدخل ألاختصامی یهدف إلى مطالبة الشخص الثالث الحق لنفسه، هذا الاختلاف یترک وبلا شک آثاراً متباینة بتباین نوع التدخل، وکما سیأتی بیانه :
أولاً : الآثار المترتبة على التدخل الاختیاری ألانضمامی :
یترتب على قبول التدخل فی هذا الصدد اعتبار المتدخل ألانضمامی طرفاً فی الدعوى یحکم له أو علیه، إذ تنص الفقرة الأولى من المادة (70) من قانون المرافعات (... ویعتبر دخول الشخص الثالث أو إدخاله دعوى حادثة ویصبح الشخص بعد قبوله طرفاً فی الدعوى ویحکم له أو علیه) . على أنه إذا کان طرفاً فی الدعوى فهو طرف تابع لمن ینضم إلیه، کما أنه لیس طرفاً فی الرابطة القانونیة أو المرکز القانونی موضوع النزاع .
إن هذا الأمر یترتب علیه الآثار التالیة :
أ- الآثار باعتبار المتدخل طرفاً فی الدعوى :
1- لیس للمتدخل القیام بأی إجراء یتعارض مع کونه طرفاً فی الدعوى، فلیس له – مثلاً – أن یؤدی شهادة فیها .
فلا یصلح للشهادة أحد أطراف الخصومة أو من یمثله کالمحامی أو الوصی أو القیم علیه، والسبب فی عدم صلاحیة الطرف فی الخصومة کشاهد هو تجنب وضعه فی موقف یخشى معه تغلیب مصلحته الخاصة على واجبه بوصفه شاهداً، فإذا لم توجد مثل هذه الشخصیة فلا مانع من سماع شهادته .
2- لیس للمتدخل سواء صدر الحکم لمصلحته أو ضد مصلحته أن یطعن فی الحکم بطریق اعتراض الغیر، بل یعد حجة علیه، ویجوز له الطعن فی الحکم بطرق الطعن الجائزة قانوناً لمن هو طرف فی الدعوى .
فاعتراض الغیر هو حق منحه المشرع للأشخاص الذین لم یکونوا طرفاً فی الدعوى ویضر بهم الحکم الصادر فیها، والمتدخل لم یعد من الغیر بعد انضمامه للخصم، فلا یستفاد من هذا الطعن .
إذن یحق للمتدخل أن یطعن فی الحکم الصادر فی الدعوى ضد مصلحة من انضم إلیه، إذ یعتبر بهذا ضاراً به، مما یخوله الحق فی الطعن .
3- یؤدی أی نشاط إجرائی للمتدخل إلى منع سقوط الدعوى أو انقضائها بمضی المدة . وسقوط الدعوى هو جزاء یقرره المشرع وبموجبه تزول الدعوى وتلغى جمیع آثارها بسبب إهمال السیر فی الدعوى وفق المدة التی حددها القانون .
فمباشرة المتدخل لإجراءات الدعوى تستمر سیرها کما لو باشرها المدعی بنفسه، وعندها ینتفی الإهمال من جانب المدعی .
تجدر الإشارة أن عدم السیر فی الدعوى أو عدم مباشرة إجراءاتها بسبب لا یعود للمدعی أو المتدخل ألانضمامی لا یؤدی بالنتیجة إلى سقوط الدعوى، کون التقصیر لم یکن منهما، بل یتوجب فی هذه الحالة إبقاء الدعوى موقوفة إلى حین زوال سبب الوقف .
وتطبیقاً لذلک جاء فی قرار محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة "... ولدى عطف النظر إلى القرار الممیز وجد أنه غیر صحیح ومخالف للقانون، لأن قرار وقف السیر فی الدعوى واعتبارها مستأخرة لحین ورود الاضبارة الاستئنافیة المرقمة 154/س/1998 من محکمة التمییز کان بقرار محکمة الموضوع، وأن استمرار وقف الدعوى أکثر من ستة أشهر لم یکن بفعل المدعی أو امتناعه على وفق ما نصت علیه الفقرة (2) من المادة (83) من قانون المرافعات المدنیة، وإنما کان بفعل المحکمة حیث کان علیها متابعة إعادة الاضبارة الاستئنافیة من محکمة التمییز ثم فتح باب المرافعة مجدداً وتبلیغ الطرفین بالحضور والسیر فی الدعوى من النقطة التی وقفت عندها، لذا قرر نقض القرار الممیز ..." .
ب- الآثار باعتبار المتدخل طرفاً تابعاً فی الدعوى :
ثانیاً : الآثار المترتبة على التدخل الاختیاری ألاختصامی :
یترتب على قبول التدخل الاختصامی عدة آثار یمکن إجمالها فیما یأتی :
الفرع الثانی
الآثار المترتبة على التدخل الجبری
یترتب على التدخل الجبری أو ما یسمى باختصام الغیر آثاراً محددة، وبخاصة فیما یتعلق باختصام الغیر بناءً على طلب أطراف الدعوى وهو ما یعد اختصاماً بالمعنى الدقیق، لأن هذا النوع یؤدی بالمحصلة إلى جعل الغیر طرفاً فی الدعوى، وما لذلک من آثار والتی یمکن إجمالها بالآتی :
ولهذا فإن له الطعن بکافة طرائق الطعن التی یبیحها القانون لأطراف الدعوى الأصلیین، کما أن للخصوم أن یطعنوا فی الحکم إذا صدر لصالح من اختصم هذا الشخص فی الدعوى .
وبهذا الصدد إذا کانت المحکمة قد قررت عدم قبول الشخص الثالث فإن له حق الطعن بالحکم بطریق اعتراض الغیر، أما إذا قررت قبوله فلیس له حق الطعن فی الحکم بطریق الاعتراض، بل له الطعن بالحکم الصادر علیه بطریق الاستئناف أو التمییز وفق الطرق المقررة فی قانون المرافعات، لأنه أصبح طرفاً فی الدعوى .
وفیما یتعلق باختصام الغیر بأمر المحکمة، والذی یهدف بالأساس إدخال شخص فی الدعوى لاستجلاء وجه الحق فی الدعوى، ففی هذا النوع قد لا یتمتع المتدخل بالحقوق المقررة أو المرکز القانونی المشابه لاختصام الغیر بطلب الخصوم .
فیذهب جانب من الفقه ونحن معه، أنه لما کان من المسلم به أنه لیس کل من یکون ماثلاً فی الخصومة یعد طرفاً فیها، ومادام الإدخال بأمر المحکمة قد یحدث بقصد مثول الغیر فی الدعوى دون أن یوجه إلیه طلب بالحمایة، کما فی حالة إدخال الغیر لتقدیم مستند تحت یده، فیرى هذا الجانب من الفقه أن مجرد الإدخال بأمر المحکمة لا یؤدی إلى جعل الغیر طرفاً فی الدعوى، لکنه یکون کذلک إذا کان هذا الغیر ممن یصح اختصامه بناءً على طلب الخصم، أی إذا کان ممن یجوز للخصم اختصامه عند رفع الدعوى، أما فی غیرها من الأحوال، فإن عده طرفاً لا یترتب على مجرد إدخاله بل على ما یتضمنه هذا الإدخال من طلب أو ما یقدمه هو من طلب بالحمایة أو بالانضمام .
ومن ناحیة أخرى فإن عد الغیر طرفاً فی الدعوى، لا یعنی بالضرورة أنه طرف فی الرابطة القانونیة الموضوعیة محل الخصومة، إذ یتضح الأمر من مرکزه فی الدعوى وما قد یقدمه من طلبات فیها أو یقدم ضده من طلبات .
من هنا یتضح أن مجرد إدخال شخص فی دعوى قائمة، لا یعنی بالضرورة شموله بالحمایة القضائیة أو منحه مرکزاً قانونیاً، لأن وجوده وإن کان ضروریاً لحسم الدعوى، إلا أن دوره فی الأساس یکمن فی الاستیضاح منه عن أمور معینة تخدم أساساً الأطراف الأصلیین فی الدعوى، دون أن یطالب المتدخل فیها بأیة حقوق أو مکاسب معینة لنفسه تجاه الآخرین لذا کان من العدالة عدم إرهاقه بدفع الرسوم القانونیة کما یفعله المتدخلون الآخرون وتسمى هذه الصورة بالحالة الجوازیة لإدخال الغیر .
الخاتمة :
بعد الانتهاء من البحث لابد من الوقوف عند أهم المحاور فیه، والمتمثلة فی النتائج التی تم التوصل إلیها، فضلاً عن أهم المقترحات التی نأمل من المشرع العراقی الأخذ بها، وکما یأتی بیانه :
أولاً : النتائج :
ثانیاً : التوصیات :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books Language:
1. Imam Ismail bin Hammad al-Jawhari - Dictionary of the Sahih - 1 - Dar al-Maarefa - Beirut - 2005.
2. Louis Maalouf - Upholstered in Language, Literature and Science - 1 - The New Printing Press - 1956.
Second: Legal books:
1. Ibrahim Al-Mashahadi - Mukhtar of the Court of Cassation - Civil Procedure Department - C2 - Baghdad - 1998.
2. Ibrahim Al-Mashahadi - Mukhtar of the Court of Cassation - Civil Procedure Department - C3 - Al-Zaman Press - Baghdad - 1999.
3. A. Ajyad Thamer Nayef - The Fall of the Civil Law and its Expiration by the Duration of the Period - Knowledge Establishment - Alexandria - 2007.
4. Dr. Ahmed El Sayed Sawi - Waseet in explaining the law of civil and commercial proceedings - House of Arab Renaissance - Cairo - 1981.
5. Dr. Ahmed Muslim - Origins of Pleadings - Arab Thought House - Cairo - No publication year.
6. Dr. Adam Wahib Al-Nadawi - Civil Proceedings - Printed University of Baghdad - 1988.
7. Dr. Amina Al-Nemer - The Principles of Civil Trials - Printing the University House - Beirut - No Publication Year.
8. Abbass Al-Aboudi - Explanation of the provisions of the Civil Procedure Law - Printing University of Mosul - 2000.
9. Dr. Abdel Basset Ghali - Principles of Procedure - Arab Thought House - Cairo - 1980.
Dr. Abdul Moneim Al-Sharqawi, Dr. Fathi Wali, Civil and Commercial Proceedings, Arab Renaissance House, Cairo, 1977.
11. Fares Ali Omar - The Principle of the impartiality of the civil judge - comparative study - Master thesis submitted to the Faculty of Law - University of Mosul - 1999.
12. - Preventive suits - comparative study / research published in the Journal of the University of Tikrit for Humanities - Volume (13) Issue (8) September - 2006.
13. Dr. Fathi Wali-Waseet in the Civil Judiciary Law, Cairo, 1980.
14. Dr. Mohamed Mahmoud Ibrahim - Al-Wajiz in the pleadings - Arab Thought House - Cairo - 1983.
15. Dr. Mahmoud Mohamed Hashem - Civil Judiciary Law - C 2 - Dar Al-Fikr Al Arabi - Cairo - No publication year
16. Medhat Al-Mahmoud - Explanation of Civil Procedure Law and its practical applications - Baghdad - 2005.
17. Dr. Wagdy Ragheb - Principles of Civil Debate - I 1 - Arab Thought House - Cairo - 1978.
Third: Laws:
1. Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969.
2. Egyptian Civil and Commercial Procedures Law No. 13 of 1968.
3. Lebanese Civil Procedure Law No. 90 of 1983.
4. Saudi Legal Proceedings System for the year 1421H.