الملخص
کرم الله سبحانه وتعالى بنی آدم (رجالا ونساءا)حیث یقول سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم وتحدیدا فی الآیة 70 سورة الإسراء (وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلًا), کما إن هناک العدید من الآیات الکریمة والأحادیث النبویة الشریفة التی تؤکد على منح المرأة العدید من الحقوق التی تکفل لها العیش بعزة وکرامة وأمن وطمأنینة .ومعلوم إن الحیاة الإنسانیة قد مرت بمراحل عدیدة من التطور قبل أن تصل إلى ماهی علیه الیوم, فمن حیاة العزلة والعیش على انفراد إلى التجمعات الصغیرة التی شکلت القرى, ومن ثم المدن حتى ظهور الدول ,الذی کان انعطافة کبیرة فی حیاة الإنسانیة ,إذ بدأت نزعات الطمع تزداد شیئا فشیئا وتضارب المصالح یأخذ مدیات أوسع وأشمل فغاب منطق العقل فی أحیان کثیرة لیسود منطق القوة والعدوان , واندلعت الحروب فی هذه المناطق أو تلک من العالم لتنتهی بعضها بحالة الاحتلال العسکری . وبالتأکید فأن فترة النزاعات المسلحة أو حالات الاحتلال العسکری شهدت العدید من الانتهاکات الخطیرة والاعتداء لحقوق الإنسان ,والمرأة بوصفها المکون والعنصر الآخر فی الحیاة الإنسانیة إلى جانب الرجل لن تکون بمنأى عن هذه الاعتداءات
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
حمایة حقوق المرأة فی ظل الاحتلال -(*)-
Protect the rights of women under occupation
خلف رمضان محمد الجبوری کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Khalaf Ramadhan Mohammed AlJubory College of law / University of Mosul Correspondence: Khalaf Ramadhan Mohammed AlJubory E-mail: dr.aljoboori@uomosul.edu.iq |
(*) أستلم البحث فی 14/6/2009 *** قبل للنشر فی 16/9/2009,
(*) Received on 14/6/2009 *** 16/9/2009 accepted for publishing on .
Doi: 10.33899/alaw.2009.160548
© Authors, 2009, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
کرم الله سبحانه وتعالى بنی آدم (رجالا ونساءا)حیث یقول سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم وتحدیدا فی الآیة 70 سورة الإسراء (وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلًا), کما إن هناک العدید من الآیات الکریمة والأحادیث النبویة الشریفة التی تؤکد على منح المرأة العدید من الحقوق التی تکفل لها العیش بعزة وکرامة وأمن وطمأنینة .ومعلوم إن الحیاة الإنسانیة قد مرت بمراحل عدیدة من التطور قبل أن تصل إلى ماهی علیه الیوم, فمن حیاة العزلة والعیش على انفراد إلى التجمعات الصغیرة التی شکلت القرى, ومن ثم المدن حتى ظهور الدول ,الذی کان انعطافة کبیرة فی حیاة الإنسانیة ,إذ بدأت نزعات الطمع تزداد شیئا فشیئا وتضارب المصالح یأخذ مدیات أوسع وأشمل فغاب منطق العقل فی أحیان کثیرة لیسود منطق القوة والعدوان , واندلعت الحروب فی هذه المناطق أو تلک من العالم لتنتهی بعضها بحالة الاحتلال العسکری . وبالتأکید فأن فترة النزاعات المسلحة أو حالات الاحتلال العسکری شهدت العدید من الانتهاکات الخطیرة والاعتداء لحقوق الإنسان ,والمرأة بوصفها المکون والعنصر الآخر فی الحیاة الإنسانیة إلى جانب الرجل لن تکون بمنأى عن هذه الاعتداءات
الکلمات الرئیسة: حقوق المرأة ظل الاحتلال
الموضوعات: القانون الدولی العام
Abstract
God honoured the sons of Adam (men and women), where the Almighty says in the arbitrator of his book specifically in verse 70 Surat Al-Isra (We have honoured the sons of Adam; provided them with transport on land and sea; given them for sustenance things good and pure; and conferred on them special favours, above a great part of our creation), and there are many verses The noble and the prophetic Hadiths that emphasize the granting of women many rights that ensure them to live in dignity, dignity, security and tranquility. It is known that human life has gone through many stages of development before reaching what it is today, Isolation and living alone to the small communities that formed the villages, and then the cities until the emergence of States, which was a major turning point in the life of humanity, as greed began to increase gradually and conflict of interests takes broader and more comprehensive areas of the logic of mind often to the logic of power and aggression, Wars broke out in these or that part of the world, some of which ended in the state of military occupation. Certainly, the period of armed conflict or situations of military occupation has witnessed many serious violations and abuses of human rights, and women as a component and another element of human life alongside men will not be immune from such attacks.
Keywords: Women's rights Under occupation
Main Subjects: international public law
المقدمة :
کرم الله سبحانه وتعالى بنی آدم (رجالا ونساءا)حیث یقول سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم وتحدیدا فی الآیة 7 سورة الإسراء (وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلًا), کما إن هناک العدید من الآیات الکریمة والأحادیث النبویة الشریفة التی تؤکد على منح المرأة العدید من الحقوق التی تکفل لها العیش بعزة وکرامة وأمن وطمأنینة .ومعلوم إن الحیاة الإنسانیة قد مرت بمراحل عدیدة من التطور قبل أن تصل إلى ماهی علیه الیوم, فمن حیاة العزلة والعیش على انفراد إلى التجمعات الصغیرة التی شکلت القرى, ومن ثم المدن حتى ظهور الدول ,الذی کان انعطافة کبیرة فی حیاة الإنسانیة ,إذ بدأت نزعات الطمع تزداد شیئا فشیئا وتضارب المصالح یأخذ مدیات أوسع وأشمل فغاب منطق العقل فی أحیان کثیرة لیسود منطق القوة والعدوان , واندلعت الحروب فی هذه المناطق أو تلک من العالم لتنتهی بعضها بحالة الاحتلال العسکری . وبالتأکید فأن فترة النزاعات المسلحة أو حالات الاحتلال العسکری شهدت العدید من الانتهاکات الخطیرة والاعتداء لحقوق الإنسان ,والمرأة بوصفها المکون والعنصر الآخر فی الحیاة الإنسانیة إلى جانب الرجل لن تکون بمنأى عن هذه الاعتداءات. ومن هنا تأتی أهمیة اختیارنا للموضوع (حمایة حقوق المرأة فی ظل الاحتلال) عنوانا لهذا البحث , إذ سیکون نطاقه منصبا على قواعد القانون الدولی (الأعراف والمعاهدات الدولیة) التی نظمت حقوق المرأة سواءا فی الظروف الطبیعیة أم خلال فترة الحروب والنزاعات المسلحة وما قد ینجم عنها من حالات الاحتلال ,فیما ستترکز إشکالیة البحث فی الأسباب والدوافع التی تکمن وراء الانتهاکات الخطیرة التی تتعرض لها حقوق المرأة خاصة فی ظل حالة الاحتلال العسکری على الرغم من أن قواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی قد جاءت بالعدید من الضمانات الکفیلة لحمایة هذه الحقوق, إذ أن مما یؤسف له أن هذه القواعد (قواعد القانون الدولی) یتم تجاهلها فی أحیان کثیرة من قبل العدید من الدول ,وأن مایثیر المرارة فی النفوس أن تکون هذه الدول دولا عظمى وأعضاء دائمیین فی مجلس الامن الدولی, وعلى هذا الأساس سیتضمن البحث ثلاثة مباحث ، سیکون الأول للتعریف بالاحتلال وفی ثلاثة مطالب الأول الاحتلال لغة واصطلاحا والثانی عناصر الاحتلال ,أما الثالث فسیکون لأنواع الاحتلال, وتتناول فی المبحث الثانی ماهیة حقوق المرأة وفی مطالب ثلاثة أیضا, الأول مفهوم الحق وحقوق المرأة ,أما الثانی فهو لحقوق المرأة فی الحضارات القدیمة والدیانات الأخرى وسیکون المطلب الثالث فی حقوق المرأة فی الشریعة الإسلامیة. وفی المبحث الثالث سنتناول حقوق المرأة فی إطار قواعد القانون الدولی والمسؤولیة الدولیة عن انتهاکها فی ظل الاحتلال إذ سنتناول فی المطلب الأول حقوق المرأة فی إطار قواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان ومن ثم نتناول فی المطلب الثانی حقوق المرأة فی إطار قواعد القانون الدولی الإنسانی وأخیرا وفی المطلب الثالث سنتناول المسؤولیة الدولیة عن انتهاک حقوق المرأة فی ظل الاحتلال ومن الله التوفیق.
المبحث الأول
التعـریف بالاحتـلال
الحرب ظاهره بشریة قدیمة قدم التاریخ، تحدث بین الفینة والأخرى لأسباب اقتصادیة أو اجتماعیة أو عقائدیة أو سیاسیة، وغالباً ما تنتهی بسیطرة أحد الفریقین المتحاربین على جزء من أراضی الفریق الآخر أو ربما السیطرة على الإقلیم کله، فنکون هنا إزاء حالة ما یسمى بالاحتلال. مفهوم الاحتلال.
وعلیه فأننا سنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب، نتناول فی الأول ما یعنیه مفهوم الاحتلال (لغة واصطلاحا) أما المطلب الثانی فسیکون للعناصر التی ینبغی توافرها لوجود حالة احتلال حربی أما المطلب الثالث فسنخصصه لأنواع الاحتلال وکما یأتی:
المطلب الأول
الاحتلال لغة واصطلاحا
أولاً. الاحتلال لغة:
أحتل المکان وبه ویقال أحتل القوم وبهم ,بلادا أخرى واستولوا علیها قهرا – ویقال أیضا (حل) المکان أو بالمکان، أی نزله()، ویقال احتل القوم أو بالقوم، أی عسکریا، و یقال أیضا احتل المقام الأول أی تبوأه وکانت له المنزلة الأولى، واحتلال المدن یعنی الاستیلاء علیها بالقوة، و یقال جیوش الاحتلال().
ثانیا. الاحتلال اصطلاحاً:
تنص المادة (42) من لائحة الحرب البریة الملحقة باتفاقیة لاهای لعام 197 والخاصة بقوانین الحرب وأعرافها على أن (تعتبر ارض الدولة محتلة حین تکون السلطة الفعلیة لجیش العدو، ولا یشمل الاحتلال سوى الأراضی التی یمکن أن تمارس فیها هذه السلطة بعد قیامها)(). أما عهد عصبة الأمم لعام 1919 ومیثاق الأمم المتحدة لعام 1945 فقد جاءا خالیین من أی تعریف للاحتلال, والقول نفسه ینطبق على اتفاقیات جنیف لعام 1949 وکذلک أللحقین( البروتوکولین الإضافیین) لعام 1977 على الرغم من أن القسم الثالث من الاتفاقیة الرابعة لعام 1949 قد خصص لحقوق السکان المدنیین فی ظل الاحتلال (المواد47-78)().
ولقد تناول فقهاء القانون الدولی تعریف الاحتلال فی العدید من مؤلفاتهم فمنهم من عرفه على انه (حالة واقعیة تنشأ عندما تجتاح قوات العدو إقلیم الدولة وتستقر کلیة فیه وتباشر علیه سلطاتها)(). ومنهم من عرفه على انه (وجود إقلیم تابع لدولة ما تحت السیطرة الفعلیة لقوات دولة أخرى)() ویعرف الدکتور صلاح الدین احمد حمدی الاحتلال بأنه (الهجوم المسلح مضافاً ألیه السیطرة على الإقلیم)() أما الدکتور عصام العسلی فیعرفه على انه (قیام دولة بغزو إقلیم دولة أخرى بقواتها المحاربة والاستیلاء علیه بالقوة ووضعه کلیاً أو جزئیاً تحت سیطرتها الفعلیة مؤقتاً)(). فیما یعرف الدکتور علی صادق أبو هیف الاحتلال بأنه (تمکن قوات دولة محاربة من دخول إقلیم العدو والسیطرة علیه کله أو بعضه بصفة فعلیة)(). ویذهب الدکتور محمد حافظ غانم إلى تعریف الاحتلال على أنه(دخول إقلیم العدو والسیطرة علیه بحیث یستتب الأمر للمحتل الذی یتمکن من السیطرة بشکل فعلی على الإقلیم المحتل)().
وعلى الرغم مما نکنه من احترام لآراء أستاذنا الدکتور محمد حافظ غانم فإننا لا نشاطره الرأی فیما ذهب إلیه من قول (بحیث یستتب الأمر للمحتل) إذ أن الاستتباب یعنی فیما یعنیه الاستقرار, أی استقرار الوضع فی الإقلیم المحتل لمصلحة الدولة التی قامت بالاحتلال، والمنطق وکذلک الواقع ینفی هذا القول، فلم یذکر التاریخ أن دولة خاضعة للاحتلال قد شهدت استقراراً أو استتب الأمر فیها للمحتل.
أما من الفقه الغربی فإننا سنکتفی بإیراد تعریف الأستاذ أوبنهایم (oppenheim) للاحتلال على انه (ما یفوق الغزو من استیلاء على إقلیم العدو بقصد الاستحواذ علیه، بصفة مؤقتة على أی حال من الأحوال)().
ولا بد من أن نشیر إلى أن الاحتلال هو حالة تعقب الغزو أو تلیه, ولکنها تختلف عن مفهومه, إذ أن الغزو یتحقق بمجرد دخول القوات المسلحة لدولة ما إلى إقلیم دولة أخرى بالقوة أو بدون رضا، مع استمرار المقاومة فی الإقلیم الذی تعرض للغزو، وینتهی الأمر بخروج القوات الغازیة()، ولا یصبح الغزو احتلالا إلا عندما تصبح الحکومة فی الإقلیم المغزو غیر قادرة على ممارسة سلطاتها على الإقلیم وإحلال الدولة القائمة بالاحتلال لسلطاتها محل السلطة الشرعیة()وعموما نقول انه یمکن تعریف الاحتلال على انه (قیام دولة بالاستیلاء عن طریق القوة على إقلیم دولة أخرى وإخضاعه لسلطاتها).
ولابد من التنویه إلى انه قد یحدث لدى البعض لبسا بین مفهوم الاحتلال وکما هو معلوم إن التدخل الدولی هو (تعرض دولة للشؤون الداخلیة أو الخارجیة لدولة أخرى دون أن یکون لهذا التعرض سند قانونی)(). وهو بالتأکید یختلف عن الاحتلال فی عدة جوانب لعل من أبرزها أن الاحتلال هو صورة من صور العدوان، ترفضه القوانین والأعراف الدولیة ,أما التدخل فغالباً ما یکون مبرراً خاصة إذا کانت الأمم المتحدة هی من تقوم بهذا العمل لاعتبارات إنسانیة، کما إن الاحتلال غالباً ما یدوم وقتاً أو زمناً طویلاً على حین إن التدخل غالباً ما ینتهی بمدة اقصر من تلک التی یستغرقها الاحتلال، ونقطة الاختلاف الثالثة بین الاحتلال والتدخل هو إن الاحتلال غالباً ما ینتهی عن طریق القوة سواء أکانت قوة المقاومة التی یواجهها المحتل من قبل أبناء الشعب، کما کان مصیر الاحتلال السوفیتی لأفغانستان الذی بدأ عام 1979، أم عن طریق القوة المستعملة بقرار من مجلس الأمن الدولی، کما حصل مع العراق عقب اجتیاحه الکویت فی الثانی من آب عام 199 أو قد ینتهی الاحتلال بطریقة سلمیة کأن توقع معاهدة سلام بین الدولتین القائمة بالاحتلال والخاضعة له، وأحیانا تتضمن هذه المعاهدات منح قواعد عسکریة لدولة الاحتلال فی الإقلیم الذی کانت تحتله کما حصل مع ألمانیا والیابان عقب هزیمتهما فی الحرب العالمیة الثانیة، أما التدخل الإنسانی عسکریاً خاصة الذی تقوم به الأمم المتحدة فغالباً ما ینتهی بقرار من المنظمة الدولیة.
المطلب الثانی
عناصر الاحتلال
ذکرنا إن الغزو هو مجرد دخول القوات الحربیة التابعة لدولة ما إلى إقلیم دولة أخرى بدون رضاها، أما الاحتلال فهو عملیة الاستیلاء على الإقلیم والتی یعقبها وضع الید على الأجهزة الحکومیة والإداریة للإقلیم المغزو، فالاحتلال والحالة هذه لا یقوم إلا إذا قام الجیش الغازی بإیجاد سلطات تتولى إدارة الإقلیم بشکل فعال، وقد یحصل أحیانا أن یتحول الغزو إلى احتلال حربی کما حصل عندما قامت إسرائیل عام 1967بغزو بعض الأراضی العربیة، ثم تحول هذا الغزو إلى احتلال، وقد لا یتحول الغزو إلى احتلال بل إن الدولة الغازیة تنسحب من الأراضی التی غزتها کما حصل فی 21 آذار 1968 عندها هاجمت إسرائیل موقع الکرامة فی الأردن وبقیت فی المنطقة لساعات قلیلة ثم انسحبت منه، ومن کل ما تقدم یمکن تحدید العناصر التی ینبغی توافرها لوجود حالة احتلال حربی وکما یأتی ():
1. قیام حالة حرب ینجم عنها تمکن احد طرفیها من غزو إقلیم الطرف الآخر واحتلاله کلیاً أو جزئیاً، وبطبیعة الحال فان هذه الحالة تختلف عن حصول احتلال کنتیجة للاتفاق کما حصل عندما قامت الولایات المتحدة الأمریکیة وبریطانیا وفرنسا وبلجیکا باحتلال إقلیم الراین بالاتفاق مع ألمانیا بمقتضى المادتین (42، 43) من معاهدة فرسای.
2. قیام حالة فعلیة وذلک بسیطرة القوات الغازیة على الإقلیم سیطرة فعلیة وإخضاعه لأرادتها الفعلیة، وهکذا یتدخل قانون الاحتلال الحربی لتحدید اختصاصات المحتل وصلاحیاته().
3. قصد الهیمنة على الإقلیم المغزو, إذ قد یحدث الغزو وتتمکن الدولة الغازیة من السیطرة على الإقلیم ثم تتراجع عن ذلک لأسباب تتعلق بها().
ومن الجدیر بالذکر إن الغزو قد یواجه المقاومة وقد لا یواجها، ففی حالة حصول مقاومة ضد هذا الغزو فالمسألة رهن بطول مدة المقاومة، أی أن المحتل هنا لا یتمکن من فرض سلطاته، أما إذا لم تحصل هناک مقاومة ، فان القوات الغازیة سوف تتمکن من بسط سیطرتها على الإقلیم وتمارس صلاحیاتها واختصاصاتها فنکون إزاء حالة احتلال، أی أن المسألة تتعلق بالتحدید بمدى تمکن سلطات الاحتلال من فرض سیطرتها على الإقلیم المحتل().
وینبغی التنویه بمسألتین مهمتین, الأولى تتعلق بتحدید الزمان الذی تبدأ منه حالة الاحتلال، أما المسألة الأخرى فهی المکان الذی یشمله الاحتلال وهذا ما سنوضحه فیما یأتی
(أ) بدایة الاحتلال من حیث الزمان:
یمکن القول إن حالة الاحتلال تبدأ من اللحظة التی تتمکن فیها قوات الغزو من فرض سیطرتها على الإقلیم المغزو()، ولیس من الضروری أن تقوم قوات الاحتلال بالإعلان عن ذلک (أی عن بدء حالة الاحتلال) لکی یعد قائماً، وأن کان سیتحسن ذلک، کی یسهل على السکان معرفة درجة الاحتلال ضماناً لمصلحتهم حیث أوصت المادة (42) من موجز القوانین الحربیة لعام (188) المعروف بموجز أکسفورد، ودرجت على ذلک القوات الأمریکیة وذلک بان تصدر إعلانا رسمیاً حینما تحتل إقلیما ما احتلالاً حربیا، وینتهی الاحتلال عندما تزول سیطرة قوات الاحتلال عن الإقلیم المحتل کرهاً أو طوعاً کما لو أجبرت المقاومة قوات الاحتلال على الانسحاب من الإقلیم أو قامت هی بذلک من تلقاء نفسها().
(ب) نطاق الاحتلال من حیث المکان:
إن الاحتلال یمکن أن یشمل کامل أراضی الدولة المغزوة، کما انه یمکن أن یقتصر على جزء منها فقط، وذلک طبقاً لمدى سیطرة القوات الغازیة، ففی الحالتین تبدأ حالة الاحتلال، وذلک حسب ما نصت علیه المادة (42) من لائحة اتفاقیة لاهای الرابعة من انه( تعد أراضی الدولة محتلة حین تکون تحت السیطرة الفعلیة لجیش العدو، ولا یشمل الاحتلال سوى الأراضی التی یمکن أن تمارس فیها هذه السلطة بعد قیامها)، فالمهم إذا هنا هی عملیة إخضاع الإقلیم مادیاً أو عسکریاً للسیطرة من قبل القوات الغازیة بصورة کلیة أو جزئیة، فإذا لم تتمکن هذه القوات من بسط سیطرتها الفعلیة لا نکون إزاء حالة احتلال، وبناء على ذلک لا یمکن أعتباراحتلال الجیش الغازی عاصمة عدوه احتلالاً لجمیع أرضه وإنما یعتبر احتلالاً للجزء الذی تسیطر علیه هذه القوات دون سواه().
المطلب الثـالـث
أنـواع الاحتـلال
علمنا إن الاحتلال هو حالة وجود إقلیم دولة ما تحت السیطرة الفعلیة لقوات دولة أخرى, وهذا الأمر یشمل مختلف أنواع الاحتلال التی یمکن أن نحددها وذلک حسب درجة الهیمنة على الإقلیم المحتل وهذه الأنواع هی:
1.الاحتلال الضمانی: یقع أحیانا بعد الحرب نوع من الاحتلال یکون بمثابة ضمان أو انتقام، کما حصل عندما قام الألمان عام 1871 باحتلال المقاطعات الشرقیة الفرنسیة تأمیناً لدفع الغرامة الحربیة وکذلک عندما قام الفرنسیون باحتلال الراین والرور عام 1914-1918، وهذا النوع لا یعد احتلالاً حربیاً().
2.الاحتلال الحربی: وهو قیام دولة بغزو إقلیم دولة أخرى بقواتها المحاربة والاستیلاء علیه بالقوة ووضعه تحت سیطرتها الفعلیة، ومن الأمثلة على ذلک قیام إسرائیل بغزو أراض تابعة لثلاث دول عربیة فی المدة الواقعة بین 5 و11 حزیران 1967 وسیطرتها علیها بالقوة وهذا النوع من الاحتلال تنظمه قواعد اتفاقیات لاهای197 وجنیف1949 بشکل حصری()، ویمکن أن نذکر الغزو السوفیتی لأفغانستان عام 1979 مثالا آخر على هذا النوع.
3.الاحتلال التدخلی: ویحدث عندما تقوم دولة بعملیة تدخل عسکری ضد دولة أخرى لإجبارها على إتباع سلوک سیاسی معین کما حدث عندما تدخلت جیوش حلف وارشو فی تشیکوسلوفاکیا، خلال شهر آب 1968.
4.الاحتلال المؤقت: ویسمى أیضا الاحتلال السلمی, ویحدث عندما تقوم دولة بالاستیلاء على بعض مدن الدولة الأخرى لإرغامها على الوفاء بالتزاماتها، ویکتسب الاحتلال المؤقت الصفة الشرعیة إذا کان منصوصاً علیه فی معاهدة بین دولتین، تقوم به احداهما عند عدم قیام الدولة الأخرى بالوفاء بالتزاماتها، فعلى سبیل المثال فان معاهدة فرسای 1919 کانت تنص فی مادتها (43) على انه فی حالة إخلال ألمانیا بإحدى التزاماتها المقررة فی المعاهدة، یکون لدول الحلفاء أن تقوم فوراً باحتلال أجزاء معینة من إقلیم الراین، وقد قامت الجیوش الفرنسیة والبلجیکیة فعلاً بتنفیذ هذا النص وذلک باحتلال هذا الإقلیم لإرغام ألمانیا على أداء تعویضات الحرب التی التزمت بها فی المعاهدة المذکورة().
وبعد أن أوضحنا أنواع الاحتلال لابد أن نشیر إلى أن الاحتلال هو حالة مرفوضة فی القانون الدولی بل هو عدوان صارخ وفقا لقرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة المرقم 3314 فی 14 کانون الأول 1974, الذی عرف العدوان فی المادة الأولى منه على انه (استخدام القوة المسلحة من جانب إحدى الدول ضد سیادة دولة أخرى أو وحدتها الإقلیمیة أو استقلالها السیاسی أو بأی أسلوب أخر یتنافى مع میثاق الأمم المتحدة) کما عد القرار فی مادته الثانیة أن المبادأة باستخدام القوة من جانب أحدى الدول تعد خرقاً للمیثاق، وتشکل دلیلاً کافیاً على ارتکابها عملاً عدوانیاً وذلک فی ضوء الملابسات والظروف المحیطة بالحالة، بما فی ذلک أن تکون الأفعال المرتکبة أو نتائجها لیست على جانب کاف من الخطورة, وأضاف قرار تعریف العدوان، انه ودون الإخلال بما ورد فی المادة الثانیة تنطبق صفة العمل العدوانی على أی من الأعمال الآتیة سواء تم إعلان الحرب أو لم یتم، وأورد القرار تعداداً لهذا الأعمال، نذکر منها قیام القوات المسلحة لدولة ما بغزو أوشن هجوم على أراضی دولة أخرى, أو أی احتلال عسکری (ولو بصورة مؤقتة) ینجم عن مثل هذا الغزو وکذلک فرض الحصار على موانئ أو سواحل دولة من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى, أو قیام القوات المسلحة لدولة ما بقصف أراضی دولة أخرى وکذلک قیام دولة بإرسال عصابات أو جماعات مسلحة وغیر نظامیة أو مرتزقة لارتکاب عمل من أعمال القوة ضد دولة أخرى أو سماح دولة ما لدولة أخرى باستخدام إقلیمها لارتکاب عمل عدوانی ضد دولة ثالثة ().
المبحث الثانی
ماهیة حقوق المرأة
کانت قضایا المرأة وحقوقها وما زالت تثیر العدید من الخلافات فی وجهات النظر ولکن الحقیقة التی لم تعد خافیة على احد أن المرأة مکونا أساسیا من مکونات المجتمع وقد اقتحمت شتى میادین الحیاة فهی الطبیبة والمهندسة والمعلمة الوزیرة والعضو فی البرلمان إضافة إلى دورها الرئیسی کربة بیت وبالتالی أصبحت تتمتع بحقوق کبیرة وعلى جمیع المستویات وعندما نتحدث عن حقوق المرأة لا بد أن نبحث فی ماهیة هذه الحقوق من خلال تناولنا لمفهوم الحق وحقوق الإنسان, وهذا ما سنتناوله فی المطلب الأول أما فی المطلب الثانی فسنتناول حقوق المرأة فی الشریعة الإسلامیة ,على حین سنتناول فی المطلب الثالث حقوق المرأة فی الحضارات القدیمة والدیانات الأخرى وکما یلی:
المطلب الأول
مفهوم الحق وحقوق المرأة
الفرع الأول
الحق لغــة واصطلاحـا
أولا :الحق لغة:
الحق نقیض الباطل حیث یقول سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَکْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)().والحق من أسماء الله الحسنى والحاء والقاف أصل واحد یدلان على إحکام الشیء وصحته وجمعه حقوق وحقاق(). ویقال حق الشیء حقا أی وجب وجوبا, یقال یحق علیک أن تفعل کذا ومنه قوله تعالى (قَالَ الَّذِینَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِینَ أَغْوَیْنَا أَغْوَیْنَاهُمْ کَمَا غَوَیْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَیْکَ مَا کَانُوا إِیَّانَا یَعْبُدُونَ)().ومن معانی الحق فی اللغة (العدل ، الإسلام والمال والصدق والموت والملک أذا کان المقصود بالحق هو المطابقة والموافقة ولم تخرج استعمالاته عن الوجوب والثبات واللزوم() .
ثانیا :الحق اصطلاحـــا:
کثیرة هی التعریفات التی تناولت الحق عند قدامى الفقهاء, فقد عرفه عبد العزیز البخاری (بأنه الشیء الموجود من کل وجه ولا ریب فی وجوده)(). وعرفه القرافی بأنه (حق الله تعالى أمره ونهیه وحق العبد مصالحه أی أن العبد إن أراد حقه على الله فهو ملزم بعبادته وهو یدخله الجنة ویخلصه من النار)(). ونلاحظ أن هذه التعریفات ولکونها لفقهاء قدامى لم تکن واضحة , فهی إما مبهمة أو تعتمد على التعریف اللغوی لکلمة الحق والذی یتمرکز حول الثبوت والوجود تحقیقا لمصالح العباد فی الدنیا والآخرة . أما عن تعریف الحق من قبل الفقهاء المعاصرین فقد عرف بأنه (اختصاص یقر به الشرع سلطة أو تکلیفا ) کما عرف على انه اختصاص یقر به الشرع سلطة على شیء أو اقتضاء أداء من آخر تحقیقا لمصلحة معینة).()
الفرع الثانی
حقوق المرأة وتصنیفها
عندما نتحدث عن حقوق المرأة فلابد أن نشیر إلى مفهوم حقوق الإنسان فقد عرف على أنه (حقوق کافة الأفراد بغض النظر عن الجنس والعرق واللون واللغة والأصل والوطن والعمر والطبقة الاجتماعیة أو المعتقدات السیاسیة أو الدینیة بالنسبة للحریات الأساسیة والجوهریة)().إذن فحقوق الإنسان حیثما وردت فی الإعلانات والمواثیق والاتفاقیات الدولیة تشمل النساء عموما وهذا ما تؤکده المفاهیم الأساسیة لمصطلح حقوق الإنسان وکذلک الإعلان الإعلامی لحقوق الإنسان (یولد جمیع الناس أحرارا متساوین فی الکرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضمیرا وعلیهم أن یعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء)().وان هذا الإعلان (الإعلان العالمی لحقوق الإنسان) یقدم الحقوق نفسها والمسؤولیات بالتساوی وبدون تمیز بین الرجال والنساء والأولاد والبنات عن طریق تقریر إنسانیتهم بغض النظر عن أی دور لهم أو أی وضع هم علیه أو علاقة لدیهم، ومن خلال کل ما تقدم یتضح إن تعریف حقوق المرأة هو تعریف قانون حقوق الإنسان نفسه والذی أوردناه آنفا وبالتالی فإننا نرى انه لا حاجة لإیراد تعریف مستقل لحقوق المرأة.والقول نفسه ینطبق عندما نبحث فی تصنیف حقوق الإنسان,
فإننا عندما نبحث فی تصنیف هذه الحقوق فان هذه التصنیفات تضم أیضا حقوق المرأة والحقیقة التی لا بد من ذکرها انه لا یوجد لحقوق الإنسان تصنیف جامع ومانع, فالبعض یصنفها إلى حقوق أساسیة وحقوق فرعیة ,والبعض الآخر یقسمها إلى حقوق سیاسیة وحقوق مدنیة ویقسمون الحقوق المدنیة إلى حقوق عامة وخاصة وتقسم الخاصة بدورها إلى حقوق مالیة وأخرى غیر مالیة( (,وعلى أیة حال فانه یمکن تقسیم حقوق الإنسان (وبالتأکید حقوق المرأة) إلى ثلاث أقسام أو فئات وکما یلی:
1- الحقوق المدنیة والسیاسیة : وتسمى أیضا الجیل الأول من الحقوق ,وهذه الحقوق ترتبط بالحریات وتشمل الحق فی الحیاة والحریة والأمن وعدم التعرض للتعذیب وحریة الرأی والتفکیر وحریة الاشتراک فی الجمعیات وتحمی هذه الحقوق الإنسان فی مختلف نشاطاته لکی تمکنه من أداء دوره فی المجتمع ویعتمد على نفسه وتبثث هذه الحقوق لکل فرد سواء کان مواطنا أم أجنبیا().
2- الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة: وتسمى بحقوق الجیل الثانی ,وهذه الحقوق تتعلق بالعمل أی حق الإنسان أن یعمل لیکسب رزقه ویترتب على ذلک حقه فی اختیار العمل المناسب والحصول على اجر اجتماعی یلیق به وبأسرته, أی أن هذه الحقوق تتعلق بتامین الشروط الأساسیة للحیاة المادیة والمعنویة للإنسان ولا یمکن النظر إلى هذه الحقوق بصفتها حقوقاً إنسانیة فقط بل یجب النظر إلیها کقدرة على تأکید آدمیة الإنسان من خلال تحقیق الضغط الاجتماعی والتفاوت الکبیر فی دخول ثروات الأفراد ، أما الحقوق الاجتماعیة فهی تلک الحقوق المرتبطة بکرامة الإنسان وبوضعه الاجتماعی وتوفیر إمکانات متکافئة للتقدم الاجتماعی وحق الأسرة فی المساواة وحمایة الأطفال الناشئین ...الخ ().
3- الحقوق البیئیة والثقافیة والتنمویة : وتسمى حقوق الجیل الثالث ,وتشمل حق الإنسان فی العیش فی بیئة سلیمة نظیفة ومصونة من التدمیر والحق فی التنمیة الثقافیة والاقتصادیة والسیاسیة().
وهکذا یمکن القول إن المرأة ینبغی أن تتمتع بکل الحقوق التی ذکرناها آنفا باعتبارها إنسان کفلت له المواثیق والاتفاقیات والأعراف الدولیة کل ذلک .
المطلب الثانی
حقوق المرأة فی الحضارات القدیمة والدیانات الأخرى
ذکرنا فی المطلب السابق إن الشریعة الإسلامیة الغراء قد کفلت للمرأة العدید من الحقوق حیث جاءت الآیات الکریمة فی القران الکریم وکذلک السنة النبویة الشریفة بالعدید من النصوص التی تؤکد على هذه الحقوق ، ولابد هنا من توضیح الوضع الذی کانت تعیشه المرأة فی ظل الحضارات القدیمة وکیف تعاملت الدیانات الأخرى مع مسألة حقوق المرأة.
أولا: حقوق المرأة فی الحضارات القدیمة :
کانت فکرة حقوق الإنسان (والمرأة بکل تأکید) غامضة إلى حد کبیر فی ظل الحضارات القدیمة فقاعدة البقاء للأقوى أو الحق للقوة أباحت انتهاک حقوق الإنسان وحریاته الشخصیة, وتطلب منهج العبودیة الذی کان سائدا لفترات طویلة من الزمن تطلب إضفاء الشرعیة على الرق کحالة طبیعیة وضروریة لتامین العمل اللازم لاستمرار الاقتصاد على الرغم من أن العدید من المدونات القانونیة القدیمة قد أخذت على عاتقها إقرار بعض الحقوق وممارستها عرفیا ومنها حق الحیاة وحق الاتجار وحق التقاضی أمام رئیس القبیلة إلا أن هذه المدونات یمکن وصفها إلى حد کبیر بأنها کانت تتمیز بالقسوة والتشدید فی العقوبات ,وهذا ما نجده فی شریعة حمو رابی التی تضمنت 285 بندا قانونیا استمدت أصولها من قوانین سومریة ،ولقد کانت للمرأة أهمیة اجتماعیة ودینیة عالیة فی بلاد وادی الرافدین یمکن استنتاجها من خلال تماثیل عشتار والهة الحب والخصوبة والحیاة, کما ارتبطت المرأة بالقمر الذی ارتبط بحیاة الإنسان کإشارة للجنس والإخصاب ولقد ضمن المجتمع البابلی للمرأة العدید من الحقوق کحق التملک والعمل والطلاق والتی یمکن ترجمتها فی العدید من القطع الأثریة ، والقول نفسه ینطبق على المرأة فی العصر الفرعونی والذی یتضح من خلال دور الملکات المصریات فی المجتمع والسلطة وإدارة الحکومات ونظم العائلة والزواج(). أما فی الیونان فعلى الرغم من وجود العدید من المدونات منها قانون دراکون وصولون التی منحت الشعب رجالاً ونساءً حق المشارکة فی السلطة التشریعیة عن طریق مجالس الشعب وتحریم حبس المدنیین دون سبب وإطلاق سراح المسترقین لکن هذا لا یعنی أن الإنسان فی حضارة الإغریق کان فی منأى عن دائرة الصراع ذلک الصراع الذی تمثل فی الأشیاء والعبید والفلاحین وملاک الأراضی والأمر نفسه ینطبق على الرومان الذی یعد قانون الألواح ألاثنی عشر من أقدم آثارهم القانونیة حیث ساد التمایز الطبقی على أساس الملکیة وتطور نظام الرق ونشوء دولة مالکی العبید().
ثانیا : حقوق المرأة فی الدیانة المسیحیة :
تحتل المرأة مکانا مهما فی الأیمان المسیحی الذی یرتکز على عقیدتین أساسیتین هما التجسد والفداء ، إذ ترکز الکنیسة الکاثولیکیة على المساواة بین الرجل والمرأة وعلى حقوق المرأة المنبثقة من کونها مخلوقة کالرجل فهی رفیقة دربه وان تبریر المساواة هی کونهما شخصین بشریین وان إرادة الله هی أن یکونا متساویین فی الحقوق وتتجلى حکمة الخالق فیهما ککیانین للرجولة والأنوثة (). وقد أصدرت الکنیسة الکاثولیکیة العدید من الوثائق التی تؤکد على المساواة بین الرجل والمرأة وفی هذا المجال نذکر رسالة البابا یوحنا بولس الثانی التی یقول فیها (لقد وکل الخالق أمر التسلط على الأرض إلى الجنس البشری أی إلى الأشخاص جمیعا إلى جمیع الرجال والنساء الذین یستمدون کرامتهم ودعوتهم من أصلهم المشترک().
ثالثا : حقوق المرأة فی الدیانة الیهودیة :
إن ما یثیر الانتباه إن التوراة لا تعطی موقفا واحدا ثابتا وواضحا تجاه المرأة ,فتارة ترد نصوص تدل على وعی وموقف ایجابی تجاهها وأخرى تعکس عقلیة تاریخیة شرقیة ذکوریة فعلى سبیل المثال (حول ازدواجیة الموقف) جاء فی سفر التکوین نصا على شکلین ، شکل فی الفصل الأول ینص على أن الله خلق آدم وحواء على صورته ومثاله وبالتالی فهما متساویین فی الکرامة(). أما الشکل الثانی فقد ورد فی الفصل الثانی وینص على إن الله خلق أولا آدم ثم استل حواء من جنبه(). وهذا دلیل على التبعیة بین الرجل والمرأة أی أن المرأة تابعة للرجل فی کل شیء.
أما عن المواقف السلبیة تجاه المرأة فی الشریعة الیهودیة ففیها نصوص تدل على تسلط الرجل على المرأة فجاء فی سفر التکوین (إلى بعلک تنقاد أشواقک وهو یسود علیک)(). والسبب فی ذلک بسبب عصیان حواء أولا لأوامر الله فی الجنة ، کما أن دور المرأة ومکانتها فی العهد (عهد شعب إسرائیل مع الله )اقل من مکانة الرجل ودوره کما یحظر على المرأة أن تدلی بشهادة فی المحاکم ، ویحظر علیها أن تکون قاضیة أو إن تقوم بدراسة التوراة.
أما عن النقاط الایجابیة فی التوراة تجاه المرأة فهی أن یتم النسب إلى الشعب الیهودی من خلال ألام لا من خلال الأب ، فالمرأة هی التی تنقل الجینات وان الفتاة ترث من أبیها إن لم یکن هناک ذکور کما لا یمکن بیع المرأة کعبدة أن عجزت عن دفع دین والدها على حین یمکن بیع الرجل کعبد فی الحالة نفسها ().
المطلب الثالث
حقوق المرأة فی الشریعة الإسلامیة
بعث الله سبحانه وتعالى الرسول الکریم سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم رحمة للعالمین لینشر العدل والمساواة بین البشر ,ولقد شملت الشریعة الإسلامیة الغراء کل مخلوق بالرحمة وحفظت له حقوقه وکرامته ,وکان للمرأة بالتأکید نصیبا کبیرا فی عنایة الشریعة والدین الإسلامی الحنیف, ولهذا حرم الإسلام الحط من قدر المرأة أو المساس بکرامتها لان مثل هذه الأفعال إنما تسیء للرسالة نفسها کون أی اعتداء على حقوق المرأة هو اعتداءا على مقاصد الرسالة وتعالیمها().بل إن أحکام الدین الإسلامی الحنیف قد ساوت بین الرجل والمرأة (إلا ما بینت النصوص اختصاص احدهما وتمیزه فیه لأسباب تتعلق بالذکورة أو الأنوثة وبقدر ما یتعلق أساسا بالمسؤولیة الاجتماعیة والوضع القانونی وفی هذا الصدد یقول الله سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم (یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا کَثِیرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلَیْکُمْ رَقِیبًا)().وسنوضح فیما یلی کیف تعامل الإسلام مع المسائل التی تخص حقوق المرأة وکما یلی:
أولا : الحق فی الحیاة :
لقد کفلت الشریعة الإسلامیة للإنسان بصورة عامة وبالتأکید للمرأة أیضا الحق فی الحیاة وعدم المساس بها أو الاعتداء علیها حیث یقول الباری عز وجل (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِیِّهِ سُلْطَانًا فَلَا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کَانَ مَنْصُورًا)(). کما إن الرسول الکریم محمد صلى الله علیه وسلم قد قال فی خطبته الشهیرة فی حجة الوداع (دماؤکم وأموالکم حرام علیکم کحرمة یومکم هذا فی شهرکم هذا فی بلدکم هذا)().
ثانیا : الحق فی حریة العقیدة:
حرصت الشریعة الإسلامیة على إتاحة الحق لکل إنسان رجلا کان أم امرأة أن یعتنق ما یشاء من العقائد وکفلت له الحمایة اللازمة ومن حق صاحب العقیدة أن یمارسها فی الدولة الإسلامیة دون تضییق علیه ولا یجوز أن یجبر احد على اعتناق الإسلام فلکل إنسان الحریة الکاملة فی الاعتناق ,غیر إن ما ینبغی ذکره إن الإنسان إذا اعتنق الإسلام دینا له فانه محرم علیه أن یخرج منه لأنه سیکون مرتدا وعقوبته القتل على أن الشریعة قد نوهت إلى أن حریة العقیدة ینبغی أن تتضمن التفریق بین الاعتقاد المبنی على عقیدة سلیمة وبین من یعتقد على أساس الأوهام والأباطیل والأکاذیب() . إذاً وهکذا یتضح بجلاء إن الشریعة الإسلامیة قد کفلت للمرأة حریة العقیدة بالشروط التی ذکرناها آنفا.
ثالثا : الحق فی حریة التعبیر :
لقد کفلت الشریعة الإسلامیة السمحاء للإنسان (رجلا کان أم امرأة) الحق فی أن یعبر عن رأیه بل جعلت من واجب الإنسان المسلم أن یعبر عن رأیه ویقف مع مبدأ العدالة والمساواة وان یجهر بالحق وإسداء النصح فی المسائل التی تمس المصالح العامة وفی کل ما یعتبر خروقا على القیم وانتهاکا للأحکام الشرعیة المعمول بها فی المجتمع الإسلامی(). فالإنسان المسلم (وبالتأکید المرأة المسلمة) یجب أن لایقف عاجزا عن تغیر المنکر ونصح صاحبه باجتنابه إذ یقول الله جلت قدرته (الَّذِینَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّکَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(). وینهى الرسول محمد صلى الله علیه وسلم على المسلم أن یکون إمعة عند التعبیر عن رأیه إذ یقول صلى الله علیه وسلم (لا یکن أحدکم إمعة یقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وان أساوا أسأت ،ولکن وطنوا أنفسکم إن أحسن الناس أن تحسنوا وان أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم )().
إن الحقوق التی ذکرناها آنفا هی حقوقا أساسیة منحتها الشریعة الإسلامیة للمرأة وبالتأکید فهی لیست کل الحقوق التی جاءت بها الشریعة السمحاء على المرأة بل هناک حقوق أخرى کالحق فی التملک والحق فی المیراث والنفقة وغیرها من الحقوق التی لا یتسع المجال لذکرها وهی حقوق لا یختلف علیها اثنان کونها قد وردت فی نصوص واضحة فی القران الکریم والسنة النبویة الشریفة . غیر أن هناک تباینا فی وجهات نظر الفقهاء إزاء بعض المسائل التی تتعلق بالمرأة ویمکن إیجازها بالاتی :
1- المرأة والعمل :
أثارت مسالة تولی المرأة للوظیفة أو العمل جدلا بین أوساط الفقهاء فمنهم من ذهب إلى عدم جواز عمل المرأة خارج منزلها لان المنزل هو المکان الذی یجب أن تمکث فیه ولا تغادره ویستندون فی ذلک إلى قوله سبحانه وتعالى (وَقَرْنَ فِی بُیُوتِکُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِیَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِینَ الزَّکَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا) () ویرد أصحاب الرأی المخالف بالقول إن هذا النص القرآنی المبارک إنما هو موجه لنساء الرسول محمد صلى الله علیه وسلم ،ویرون إن الإسلام لا یحظر على المرأة العمل وان هناک أکثر من (3) نص فی صحیحی مسلم والبخاری تفید بمشارکة المرأة فی الأنشطة المختلفة التی کانت قائمة فی عصر صدر الإسلام().
2- مسالة ضرب المرأة :
لبحث هذه المسالة لابد من معرفة طبیعة العلاقة الزوجیة بین الرجل والمرأة, ولا خلاف إن هذه العلاقة محکومة بنصوص شرعیة عدیدة سواءً فی القران الکریم أو السنة النبویة الشریفة, ففی القران الکریم العدید من الآیات التی تحث الرجل على معاملة المرأة معاملة حسنة وطیبة کقوله (فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)().وکذلک قوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) () وقوله أیضا (وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَیِّقُوا عَلَیْهِنَّ)(). أما السنة النبویة فهی الأخرى قد حثت على معاملة النساء معاملة طیبة کقول رسول الله صلى الله علیه وسلم (استوصوا بالناس خیرا فإنهن عوان لکم) وکذلک قوله صلى الله علیه وسلم (خیرکم خیرکم لأهله وأنا خیرکم لأهلی)(). وعندما نرجع إلى النص القرآنی المتعلق بضرب المرأة ونتمعن فی قوله سبحانه وتعالى (وَاللَّاتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلًا إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلِیًّا کَبِیرًا)().نقول فی هذا الصدد إن النص واضح وصریح فالإشارة إلى الضرب لاتنصرف إلى عموم النساء بل إلى الزوجة الناشز التی تزدری زوجها وتستعلی علیه بحیث تکره الاتصال به فی أمس وظائف الزوجیة, بعبارة أخرى فان المرأة المعنیة بهذا النص هی التی تکون سیئة الخلق مع زوجها وان سلوکها لایطمأن الیه ، وفی الحالتین فان الزوج لیس له أن یبادر بضربها إنما علیه أن یبدأ بوعظها وعتابها وإذا استمرت على مسلکها له أن یهجرها فی مضجعها وعندما لا ینفع کل هذا فالضرب آخر علاج وعلیه فان التأدیب یکون بالسواک مثلا فلا یکون ضربا مبرحا ولا یکون على الوجه ().
المبحث الثالث
حقوق المرأة فی إطار قواعد القانون الدولی والمسؤولیة الدولیة
عن انتهاکها فی ظل الاحتلال
على الرغم من إن قیام إحدى الدول بالعدوان على دولة أخرى واحتلال إقلیمها یؤشر حالة عجز المجتمع الدولی عن کبح جماح الدول المعتدیة ,فان هذا لا یعنی أبدا أن تترک البلدان الخاضعة للاحتلال وشعوبها فریسة سهلة بل لا بد من وضع قواعد قانونیة دولیة تنظم واجبات سلطات الاحتلال تجاه السکان المدنیین, وهذا ما تکفلت به قواعد القانون الدولی الإنسانی, ومن البدیهی إن قواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان ستکون حاضرة هی الأخرى فی مثل هذه الحالة ,بعبارة أخرى فأن قواعد هذین القانونیین قد جاءت بالعدید من الضمانات التی تهدف إلى حمایة السکان المدنیین فی ظل الاحتلال ، ولقد حظیت المرأة (بوصفها مکونا مهما وأساسیا من مکونات السکان) بهذه الضمانات فی نصوص عدیدة سواء أکانت تلک النصوص خاصة بالمرأة ذاتها أو بالسکان بصورة عامة،وسنحاول فی هذا المبحث أن نوضح الکیفیة التی تعاملت بها قواعد القانون الدولی مع مسألة حقوق المرأة وذلک ضمن إطار القانون الدولی لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی أبان فترة الاحتلال وذلک من خلال تناول أهم الاتفاقیات وکذلک المؤتمرات والإعلانات ضمن هذا المجال ثم نعرج على المسؤولیة الدولیة التی تترتب على انتهاک قواعد هذین القانونیین وکما یأتی:
المطلب الأول
حقوق المرأة فی إطار القانون الدولی لحقوق الإنسان
کثیرة هی التعاریف التی تناولت مفهوم القانون الدولی لحقوق الإنسان وسنکتفی هنا بإیراد اثنتین من هذه التعاریف فقد عرف القانون الدولی لحقوق الإنسان على انه (مجموعة القواعد القانونیة التی تنظم الحریات الأساسیة والجوهریة لکافة الأفراد بغض النظر عن الجنس والعرف واللون واللغة والأصل والوطن والعمر والطبقة الاجتماعیة) ().کما عرفه البعض على انه (مجموعة القواعد القانونیة التی تحدد الحریات الأساسیة الخاصة بالإنسان وأمنه وحقوقه السیاسیة والمدنیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة وتشمل هذه الحقوق على سبیل المثال الحق فی الحیاة وحمایة الفرد من الاعتقال والحجز غیر المبرر ومن التعذیب وحقه فی المحاکمة العادلة والدفاع عن نفسه ....الخ)().وبالتأکید فان المرأة (وکما ذکرنا آنفا) بصفتها مکونا أساسیا من مکونات الحیاة الإنسانیة إلى جانب الرجل تتمتع بکل ماتوفره قواعد هذا القانون (القانون الدولی لحقوق الإنسان) من الامتیازات , ولا یجوز بأی حال حرمانها من أی امتیاز کقلته لها قواعده. وسنسلط الضوء على أهم الاتفاقیات الدولیة التی تضمنت حقوق المرأة فی هذا المجال فضلاً عن المؤتمرات الدولیة المتعلقة بها ولن نتطرق إلى الإعلان العالمی لحقوق الإنسان عام (1948) بصفته الوثیقة العالمیة الأکثر أهمیة فی هذا المجال وذلک لان هذا الإعلان ینظم حقوق الإنسان بصورة عامة سواء أکان رجلا أم امرأة طفلا أو شیخا :
الفرع الأول
الاتفاقیات والإعلانات الدولیة المتعلقة بحقوق المرأة.
کثیرة هی الاتفاقیات الدولیة التی تکفلت بحمایة حقوق المرأة وسنذکر هنا أهم هذه الاتفاقیات والمواد المهمة فیها وکما یأتی:
1. اتفاقیة الحقوق السیاسیة للمرأة 1952:
لقد اعتمدت هذه الاتفاقیة بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة المرقم 64/ د /7 فی 2 کانون الأول 1952، وبدأت بالنفاذ فی تموز عام 1954, وبموجب هذه الاتفاقیة فان للنساء حق التصویت فی جمیع الانتخابات وفقا لشروط تساوی بینهن وبین الرجال دون أی تمیز, کذلک تتمتع النساء بأهلیة تقلد المناصب العامة وممارسة جمیع الوظائف العامة أسوة بالرجال وذلک بمقتضى التشریع الوطنی().
2. اتفاقیة الأمم المتحدة بشان جنسیة المرأة المتزوجة عام 1957:
لقد تم طرح هذه الاتفاقیة بقرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة المرقم 14 /د /11 فی 29 کانون الثانی 1957 ودخلت حیز النفاذ فی 11 آب 1958, وبموجب هذه الاتفاقیة فانه یحظر على الدول المتعاقدة بان تتأثر جنسیة الزوجة بأی حالة انعقاد أو انحلال للزواج بین احد مواطنیها وبین أجنبی, أو حالة تغیر الزوج لجنسیته إثناء الحیاة الزوجیة ، کما أجازت الاتفاقیة المذکورة للزوجة أن تحتفظ بجنسیتها فی حالة قیام زوجها باکتساب جنسیة دولة أخرى أو التخلی عن جنسیته الأصلیة , کما تضمنت الاتفاقیة المذکورة نصا یسمح للأجنبیة المتزوجة من مواطن دولة ما (إذا رغبت) باکتساب جنسیة زوجها من خلال إجراء تجنس امتیازی خاص().
3. إعلان الأمم المتحدة للقضاء على التمیز ضد المرأة 1967:
اعتمد هذا الإعلان بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة 2263 /د /22 فی 7 تشرین الثانی 1967, وقد جاء فی دیباجة الإعلان (وإذ ترى الجمعیة العامة إن التمییز یتنافى مع کرامة الإنسان وخیر الأسرة والمجتمع ویحول دون اشتراک المرأة على قدم المساواة مع الرجل فی حیاة بلدها السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة ویمثل عقبة تحد من الانتماء التام لطاقات المرأة على خدمة بلدها وخدمة الإنسانیة)().
وبموجب المادة (2) من الإعلان المذکور فانه یتعین على الدول إلغاء القوانین والأعراف والممارسات التی تشکل تمییزا ضد المرأة وتعزیز الحمایة القانونیة لتساوی المرأة بالرجل وضرورة أن تنص دساتیر الدول على هذا المبدأ (المساواة)().
4. برتوکول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال لعام2:
ویعد هذا البرتوکول مکملا لاتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الجریمة المنظمة عبر الوطنیة وقد تم اعتماده بموجب قرار اتخذ فی الدورة الخامسة والخمسون للجمعیة العامة فی 15 تشرین الثانی 2 ، وبموجب هذا البرتوکول فانه یجب أن تقوم الدول المتعاقدة بکل ما من شأنه منع ومکافحة الاتجار بالأشخاص وایلاء الاهتمام للنساء والأطفال واحترام کامل حقوقهم الإنسانیة().
ثانیا: المؤتمرات الدولیة المتعلقة بحقوق المرأة :
حظیت قضیة المرأة باهتمام کبیر على المستوى الدولی وقد تبنت منظمة الأمم المتحدة العدید من المؤتمرات لتدارس أوضاع المرأة فی العالم لأعطاءها مکانتها التی تستحقها کأم وزوجة وقوة منتجة ,وفیما یلی عرض موجز لأهم المؤتمرات الدولیة التی عقدت فی هذا المجال :
1.المؤتمر العالمی للمرأة عام 1957 (مؤتمر المکسیک):
عقد هذا المؤتمر فی مدینة نیو مکسیکو (عاصمة المکسیک) وبرعایة الأمم المتحدة تحت شعار (المساواة – التنمیة – السلام) وقد بحث المؤتمر العدید من القضایا المهمة من ضمنها العمل على مشارکة المرأة مشارکة فعالة فی إرساء السلام العالمی والقضاء على أنواع التمییز العنصری والتعصب والاحتلال الأجنبی وغیرها من المسائل, وقد تمخض المؤتمر عن تحقیق انجازین مهمین, أولهما صدور ما أطلق علیه (إعلان المکسیک) الذی یعد وثیقة سیاسیة شاملة تدعو إلى إقامة نظام اجتماعی جدید والقضاء على الاستعمار والامبریالیة والاحتلال الأجنبی والصهیونیة ,أما الانجاز الثانی فتمثل فی الموافقة على خطة عمل دولیة تهدف إلى حث الدول على اتخاذ خطوات فعالة بهدف تغییر النظم الاجتماعیة والاقتصادیة التی تضع المرأة فی مکانة اقل من الرجل والعمل على کل ما من شأنه شمول المرأة بالتدریب المهنی وإتاحة فرص التعلم لها على أن تحقق کل هذه الأهداف فی مطلع عام 198().
2.المؤتمر العالمی الثالث للمرأة ( مؤتمر نیروبی 1985):
عقد هذا المؤتمر فی العاصمة الکینیة (نیروبی) للفترة من 25 ولغایة 26 تموز 1985 وقد تمخض المؤتمر المذکور عن عدة نتائج وتوصیات منها الدعوة إلى المساواة بین الجنسین والقضاء على جمیع أنواع التمییز ضد المرأة وإنشاء جهاز حکومی رفیع المستوى فی کل بلد من البلدان یعنى بتحقیق التقدم فی سبیل المساواة وحق النساء (بصرف النظر عن حالتهن الزوجیة) فی شراء وبیع وإدارة الأموال وغیرها من الموارد بصورة مستقلة ,ومحو أمیة النساء وتوفیر الخدمات الصحیة للمرأة ومراعاة الأمهات العاملات من خلال المرونة فی ساعات العمل().
3. مؤتمری بکین (199، 2 ):
عقد هذین المؤتمرین فی العاصمة الصینیة بکین إذ عقد المؤتمر الأول للفترة من 4 ولغایة 15 أیلول 1995 , أما المؤتمر الثانی فقد عقد بعد خمس سنوات (عام 2) وفی المکان نفسه , وقد اعتمد المؤتمرون برنامج عمل یرکز على إزالة العقبات التی تعترض النهوض بالمرأة وزیادة التوعیة ورفع مستوى التربیة والتعلیم ومحو ألامیة والتأهیل وتعزیز الآلیات القائمة فیما یخص برامج المرأة وقد اقر المؤتمرین ضرورة تحقیق کل هذه المسائل فی موعد أقصاه عام 25() .
وهکذا یتضح بجلاء (ومن خلال کل ما أوردناه آنفا) إن قواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان والتی أقرتها العدید من الاتفاقیات والمؤتمرات الدولیة قد وفرت للمرأة العدید من الضمانات فی ظل الظروف الطبیعیة وبالتأکید إن هذه الضمانات یمکن تطبیقها فی حالات الحروب والنزاعات المسلحة الدولیة وغیر الدولیة وأثناء خضوع الدول للاحتلال العسکری إلى جانب قواعد القانون الدولی الإنسانی والتی سنتناولها فی المطلب القادم .
المطلب الثانی
حقوق المرأة فی إطار القانون الدولی الإنسانی
یعرف القانون الدولی الإنسانی على (انه مجموعة القواعد التی تهدف إلى جعل الحرب أکثر إنسانیة سواء فی العلاقة بین الأطراف المتحاربة أو بالنسبة إلى الأشخاص غیر المنخرطین فی النزاع المسلح أو بخصوص الأعیان والأهداف غیر العسکریة) (). کما یعرف القانون الدولی الإنسانی أیضا على انه (مجموعة المبادئ والقواعد التی تحد من استخدام العنف أثناء المنازعات المسلحة ، أو من الآثار الناجمة عن الحرب تجاه الإنسان بصفة عامة)().
ویمکن تقسیم مصادر القانون الدولی الإنسانی إلى قواعد عرفیة وأخرى مکتوبة وسنقتصر هنا على ذکر المصادر المکتوبة فقط ,کون المصادر العرفیة قد تم إقرارها فی صیغة اتفاقیات دولیة .وأدناه أهم الاتفاقیات والوثائق (المصادر المکتوبة فی هذا المجال :
أولا : قانون لاهای والذی یبین حقوق وواجبات المتحاربین أثناء سیر العملیات العسکریة وتم إقرار هذا القانون فی اتفاقیات لاهای لعامی 1899، 197.
ثانیا : بعض الوثائق الملحقة بقانون لاهای مثل بروتوکول جنیف لعام 1925الخاص بحظر استخدام الغازات السامة وغیرها من الوسائل البکترولوجیة واتفاقیة عام 198 المتعلقة بالأسلحة الکیماویة واتفاقیة عام 1993 المتعلقة بالأسلحة الکیماویة واتفاقیة أوتاوا لعام 1997 الخاصة بحظر إنتاج وتخزین ونقل واستخدام الألغام المضادة للأفراد.
ثالثا : قانون جنیف لعام 1949 والذی یهدف إلى حمایة الفرد من ویلات النزاع المسلح سواء کان من المنخرطین أو غیر المنخرطین فضلاً عن حمایة الأشیاء والأعیان والأهداف غیر العسکریة ویشمل هذا القانون اتفاقیة جنیف الأولى الخاصة بتحسین أحوال الجرحى والمرضى فی المیدان والاتفاقیة الثانیة الخاصة بتحسین أحوال الجرحى والغرقى فی البحر والاتفاقیة الثالثة الخاصة بأسرى الحرب والاتفاقیة الرابعة الخاصة بحمایة المدنیین وقت الحرب والبرتوکولات والاتفاقیات لعام 1977 ، ویمکن أن یلحق باتفاقیات جنیف اتفاقیة منع إبادة الجنس البشری لعام 1948 ().
إذن یمکن القول إن أحکام القانون الدولی الإنسانی تکفل حمایة کبیرة للنساء وهذه الحمایة إما أن تکون فی أحکام عامة أو أحکام أکثر تحدیدا فعلى سبیل المثال جاء فی المادة (14) من اتفاقیة جنیف الثالثة لعام 1949 (.... ویجب أن تعامل النساء الأسیرات بکل الاعتبار الواجب لجنسهن ویجب على أی حال أن یلقین معاملة لا تقل عن المعاملة التی یلقاها الرجال() . ویفهم من هذه المادة انه یجب مراعاة النساء الأسیرات وبما یتناسب مع الوضع الخاص لجنسهن والأمر نفسه ینطبق على النساء السجینات أو المحتجزات فمثلا تحتاج الفتیات والنساء إلى حارسات یتولین الإشراف علیهن وعندما یقتضی الأمر تفتیشهن ،یجب أن یتم ذلک بطریقة تضمن لهن التمتع بأقصى حد ممکن من الکرامة والخصوصیة ،کما ینبغی أن یتاح لهن أداء الشعائر والفرائض الدینیة والثقافیة , کما ویجب مراعاة وجود حارسات أثناء نوبة الحراسة اللیلیة خاصة فی السجون التی تضم محتجزین من الذکور والإناث إذ أن من شأن وجود حراس من الرجال أن یخلق مشاکل للنساء فیما یتعلق بالأمان والخصوصیة ویقید حریتهن فی استخدام مرافق الاغتسال ولا بد من تمکین النساء من العیش بعیدا عن الترویع والتعرض للعنف الجنسی وسوء المعاملة().
کما یجب أن تعطى أولویة قصوى للنظر فی قضایا النساء الحوامل والنفاس الموجودات رهن الاعتقال أو الاحتجاز وان تقدم للنساء المرضعات والحوامل المحتجزات أغذیة إضافیة تناسب احتیاجاتهن الفسیولوجیة وان تقوم المؤسسات الصحیة المختصة بالإشراف على حالات الولادة لدى النساء المحتجزات().ویحظر تنفیذ أحکام الإعدام على النساء الحوامل أو الأمهات المرضعات وکذلک الأمهات اللواتی لهن أطفال صغار یعتمدون على رعایتهن وکذلک یجب أن تکون النساء موضع احترام خاص وان یتم حمایتهن ضد الاغتصاب والإکراه على الدعارة وضد أی صورة أخرى من صور خدش الحیاء ().
ولابد أن نشیر إلى أن قرار مجلس الأمن الدولی المرقم 1325 والصادر فی تشرین الأول عام 2 نقطة مضیئة فی نشاط المجلس تجاه حقوق ,وبموجب القرار المذکور فقد تم شمول مؤسسات المجتمع المدنی خصوصا المنظمات النسویة فی عملیات السلام وتطبیق اتفاقیات السلام, ویدعو القرار إلى ضمان مشارکة المرأة فی عملیات السلام وتطویر حمایة المرأة فی مناطق النزاع(). إذ جاء فی القرار المذکور (یطلب إلى جمیع الأطراف الفاعلة المعنیة عند التفاوض على اتفاقیات السلام وتنفیذها الأخذ بمنظور جنسانی یتضمن الأمور التالیة():
أ- مراعاة الاحتیاجات الخاصة للمرأة والفتاة أثناء الإعادة إلى الوطن وإعادة التوطین وما یتعلق من هذه الاحتیاجات بإعادة التأهیل وإعادة الإدماج والتعمیر بعد انتهاء الصراع.
ب- اتخاذ تدابیر تدعم مبادرات السلام المحلیة للمرأة والعملیات التی یقوم بها السکان الأصلیون لحل الصراعات وتدابیر تشرک المرأة فی جمیع آلیات تنفیذ اتفاقیات السلام.
کما أکد القرار على ضرورة قیام جمیع الأطراف فی الصراعات المسلحة باتخاذ تدابیر خاصة تحمی الفتیات والنساء من العنف القائم على أساس الجنس فی حالات الصراع المسلح والتأکید على حمایة النساء من الاغتصاب والأشکال الأخرى للإیذاء الجسدی ,وان تتخذ جمیع الاحتیاطات اللازمة لعدم إفلات أی شخص یرتکب جرائم ضد المرأة من العقاب وعدم شمول مرتکبی هذه الجرائم بأحکام العفو والتشریعات ذات الصلة().کما دعا القرار الأمین العام للأمم المتحدة إلى القیام بدراسة لآثار الصراعات والنزاعات المسلحة على المرأة والفتاة وضرورة قیامة (الأمین العام) بتقدیم تقریر إلى مجلس الأمن الدولی یوضح فیه التقدم الذی یتم إحرازه فی تقییم المنظور الجنسانی (الجندر) فی جمیع بعثات حفظ السلام وسائر الجوانب الأخرى المتعلقة بالمرأة().
المطلب الثالث
المسؤولیة الدولیة عن انتهاک حقوق المرأة فی ظل الاحتلال
تفرض قواعد القانون الدولی العدید من الالتزامات التی یجب على الدول مراعاتها بغیة حفظ الأمن والسلم الدولیین وضمان المصالح الدولیة, وعندما تخل أیة دولة بالتزاماتها (وفقا للقانون الدولی) تنهض قواعد المسؤولیة الدولیة التی هی عبارة عن (نظام قانونی یکون بمقتضاه على الدولة التی ینتسب إلیها فعل غیر مشروع طبقا للقانون الدولی – التزام بإصلاح ما ترتب على ذلک الفعل حیال الدولة التی ارتکبت هذه الأفعال ضدها)().وحیث تناولنا فی المطلبین السابقین ضمانات حقوق المرأة فی قواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی فان هذه القواعد یجب أن تطبق من قبل الدول التی تقوم باحتلال أقالیم دولا أخرى أو فی حالة النزاعات المسلحة وعلیه فان مخالفة أو انتهاک هذه القواعد یوجب المسؤولیة الدولیة على الدول التی تنتهک هذه القواعد وتخالفها ونعنی هنا المسؤولیة الدولیة بشقیها المدنی والجنائی أی أن هذه الدولة ملزمة (وفقا لقواعد المسؤولیة الدولیة المدنیة) بإعادة الحال إلى ما کانت علیه وفی حالة تعذر ذلک فهی ملزمة بالتعویض المالی والذی یجب أن یکون عما أصاب المتضرر من ضرر وما فاته من کسب أو أن یقوم من تسبب بالضرر بالاعتذار الدبلوماسی أو الإعلان عن عدم مشروعیة الفعل ... الخ من الإجراءات التی تتدرج تحت عنوان أو مفهوم ما یسمى بالترضیة .
أما عن المسؤولیة الجنائیة فان ما ینبغی ذکره هو أن الفقه الدولی قد انقسم على ثلاثة اتجاهات مختلفة فی هذا المجال فمن الفقه من یرى بإمکانیة مساءلة الدولة جنائیا عن الجرائم المرتکبة ومنهم من یرى أن المسؤولیة الجنائیة تقع على عاتق الفرد الذی هو وحده من یرتکب الجریمة الدولیة وبالتالی یجب مساءلته جنائیا ومعاقبته فی حال ثبوت ارتکابه الفعل الإجرامی, سواءا ارتکب هذا الفعل لحسابه الخاص أم لحساب الدولة وبأسمها, أما عن الدولة فیرى أصحاب هذا الاتجاه أنها شخص معنوی ابتدعها الفقه وبررتها ضرورات الحیاة فلا یمکن والحال هذه مساءلتها أبدا (). على حین یرى تجاه ثالث من الفقه أن المسؤولیة الجنائیة تقع على عاتق الفرد والدولة معا ذلک أن الفرد هو الذی یرتکب الجریمة باسم الدولة ولحسابها ومن ثم یجب معاقبته لخطورته الإجرامیة أما الدولة فهی الشخص المخاطب بقواعد القانون الدولی وعلیها احترامها وعدم الخروج علیها وإلا تحملت المسؤولیة الجنائیة على فعلها الإجرامی(). وبدورنا نمیل إلى تأیید الرأی القائل بان الفرد هو الذی یتحمل المسؤولیة الجنائیة والذی ینبغی مساءلته ذلک أن أی فعل سواء أکان مشروعا أم غیر مشروع لا یمکن أن یتم إلا بسلسلة من الإجراءات التی یقوم بها الإنسان بدور رئیسی ،ولا نرید أن نسهب کثیرا فی هذا المجال فما یعنینا هنا هو الانتهاکات التی تطال حقوق المرأة فی ظل الاحتلال والمسؤولیة الدولیة عنها وفی هذا الصدد نقول إن النساء قد تعرضن ولا زلن یتعرضن وفی مناطق مختلفة من العالم إلى العدید من الانتهاکات والاعتداءات على حقوقهن التی کفلتها لهن الشرائع والدیانات السماویة وقواعد القانون الدولی والأمثلة صارخة وکثیرة ولا حصر لها ، ففی العراق الذی یخضع للاحتلال الانکلوامریکی منذ التاسع من نیسان 23 ارتکبت ضد النساء العراقیات أبشع وافضع الجرائم والتی یندى لها جبین الإنسانیة, سواءا تلک التی ارتکبت من قبل قوات الاحتلال وسلطاتها أوعصابات الجریمة المنظمة وغیرها , فلقد تعرضت السجینات العراقیات فی سجون الاحتلال إلى شتى أنواع التعذیب والممارسات الوحشیة من الاغتصاب وغیره خاصة فی سجن أبو غریب حیث دخلت هذا السجن أکثر من 9 امرأة وعندما تم إطلاق سراحهن لوحظت بشکل واضح على أجسادهن آثار التعذیب الجسدی ،أما عن التعذیب الجنسی والاغتصاب فقد رفضت النساء السجینات الحدیث عنه (وهو أمر لا یحتاج إلى تعلیق)وبالتأکید أن ملفات الحکومة الأمریکیة فیها من الأدلة الکثیر التی تؤکد حصول أنواع التعذیب الجسدی والجنسی(*) ،ونذکر هنا على سبیل المثال لا الحصر الجریمة التی ارتکبت فی بلدة المحمودیة (3کم جنوب بغداد) عندما قام الجندی الأمریکی (ستیفن غرین) مع مجموعة من الجنود بتاریخ 11 آذار26 بالدخول إلى منزل عائلة عراقیة واغتصاب الفتاة (عبیر قاسم حمزة) التی لم یتجاوز عمرها (15) سنة وبعد أن نفذ فعلته الدنیئة قام بقتل عبیر وجمیع أفراد عائلتها وأضرم النار فی جثمانهم().وان ما یثیر المرارة إن السلطات الأمریکیة لم تکشف عن الجریمة إلا بعد أشهر من وقوعها على الرغم من أن کل الدلائل تشیر إلى إن معظم المسؤولین العسکریین الأمریکیین عرفوا بالمذبحة لیلة وقوعها(). هذا عن العراق فی ظل الاحتلال الأنکلوأمریکی ، أما فی فلسطین المحتلة فمنذ ستین عاما والنساء الفلسطینیات یتعرضن إلى أبشع أنواع الجرائم على ید قوات الاحتلال الصهیونی التی استباحت ولا تزال تستبیح کل شیء, فالقتل والتعذیب والاغتصاب کلها أسالیب لجأ إلیها المحتل الصهیونی ضد المرأة الفلسطینیة فی محاولة یائسة للنیل من صمودها ومآزرتها لزوجها أو ابنها أو أخیها وهو یواجه العدو الصهیونی المحتل والأمثلة عدیدة ولا تحصى من حوادث القتل والاغتصاب والتعذیب للنساء الفلسطینیات ,ولا یتسع المجال هنا لذکرها بالتفصیل ، هذا عن الاعتداءات المباشرة التی تلحق الضرر بالمرأة الفلسطینیة أما عن الأضرار الغیر مباشرة فیمکن القول إن آثار الحرب والاحتلال على النساء الفلسطینیات تنضح من خلال العدید من الدراسات التی أجریت فی فلسطین المحتلة, ففی إحدى الدراسات اتضح إن 27% من العائلات التی شملتها الدراسة لدیها شهید وفی 25% من هذه العائلات کان الشهید هو الزوج و 7% کان الشهید هو الابن ومعظم الشهداء کانوا المعیلین الأساسیین للعائلة الأمر الذی اضطر النساء إلى الدخول فی سوق العمل وتحمل أعباء شاقة لا تتناسب وترکیبتها العضویة وذلک من اجل مواجهة متطلبات الحیاة , کما إن الإصابة بالإمراض النفسیة قد ارتفعت فی صفوف النساء الفلسطینیات جراء الضغط الهائل المفروض علیهن , ومن أسالیب الاحتلال الإسرائیلی التی انعکست بشکل کبیر على واقع المرأة فی فلسطین عملیات العقاب الجماعی ضد السکان التی ازدادت بشکل کبیر بعد انتفاضة الأقصى عام 22 ، ویکفی هنا أن نذکر انه للفترة من 29 أیلول 2 ولغایة 3 أیلول 23 قتل فی فلسطین المحتلة 2793 شخصا کان منهم 182 امرأة أی ما نسبته 6.5% من مجموع الشهداء() .
إن کل ما ذکرناه من انتهاکات ضد حقوق المرأة فی کل من العراق وفلسطین المحتلین قد حصل فی العدید من المناطق التی خضعت أو لازالت تخضع للاحتلال کجنوب لبنان الذی خضع للاحتلال الصهیونی من عام 1982 ولغایة عام 2 وأفغانستان التی تخضع للاحتلال منذ تشرین الثانی عام 21 وحتى یومنا هذا .وعودة على ما ذکرناه فی بدایة المطلب فان المسؤولین عن عملیات شن الحرب وما أسفرت عنه من احتلال لکل من العراق وأفغانستان وفلسطین ولبنان یتحملون المسؤولیة الجنائیة والمدنیة الدولیة عن کل ما لحق بهذه البلدان من أضرار جسیمة طالت جمیع مفاصل الحیاة وأضرت بالسکان المدنیین (وبالطبع النساء من ضمنهم) ، وان القانون الذی طبق على غلیوم الثانی فی الحرب العالمیة الأولى وعلى مجرمی الحرب النازیین فی محاکم طوکیو ونورمبرغ (عقب الحرب العالمیة الثانیة) یجب أن یطبق الیوم بحق المسؤولین عن شن الحرب على کل من العراق وأفغانستان وفلسطین ولبنان وأن محاکمتهم ینبغی أن تتضمن مساءلتهم عن قیامهم بشن العدوان على هذه الدول واحتلالها وکذلک عن کل ما أسفرت عنه هذه الحروب من مآسی وویلات لشعوب هذه البلدان لان ثبت وبما لایقبل الشک إن هولاء المسؤولین هم مجرمی حرب انتهکوا قواعد القانون الدولی أولا لأنهم ارتکبوا جرائم عدوان على دولا مستقلة وأعضاء فی الأمم المتحدة وثانیا لأنهم مسؤولین عن کل ما حصل من انتهاکات خطیرة لقواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولی الإنسانی أثناء فترات الاحتلال(). ومن ضمن هذه الانتهاکات تلک التی طالت حقوق النساء فی الدول التی ذکرناها آنفا .
الخاتمة :
فی ختام هذا البحث لابد من تسجیل أهم النتائج والتوصیات التی توصلنا إلیها وکما یلی:
أولا: النتائج:
ثانیا: التوصیات:
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books:
Dr. Ibrahim Al-Anani, International Security System, Modern Arabic Printing Press, Cairo, 1997
2. Dr. Ihsan al-Hindi, Laws of Occupation, Political Process, Damascus, 1971
3. Dr. Ahmed Abu Alfa, General Theory of International Humanitarian Law in International Law and Islamic Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2006
4. Pope John Paul II, The dignity of women, publications of the Episcopal Committee for Media, Beirut, 1988
5. Dr. Bashir Murat, War in Public International Law, No Publisher, No Year Printed,
6. Dr. Gerhard van Glan, Law among Nations, Part 3, Beirut, 1970,
7. Dr. Hafez Alwan Hamadi, Human Rights, Hawar Press, Baghdad, 2006
8. Dr. Hassanein Al-Mohammadi in Wadi, The Invasion of Iraq between International Law and International Policy, Knowledge Establishment, Alexandria, 2005
9. Dr. Khalid Rashid, Introduction to the General Principles of Law (General Principles of Law and Right), II, National Library of Printing and Publishing, Amman, 2004
10. Salahuddin Ahmed Hamdi, Aggression in Light of International Law, 1919-1977, Dar al-Qadisiya Press, Baghdad, 1986
Dr. Abdul Wahid Mohammed Al-Faran Human Rights Law in Positive Thought and Islamic Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1991
12. Dr. Essam Al-Asali, International Legitimacy, Publications of the Arab Writers Union, Damascus, 1992,
13. Dr. Ali Sadeq Abu Hafef, General International Law, Knowledge Establishment, Alexandria, I, 17, 1997
14. Dr. Awad Ahmad Al-Zoghbi, Introduction to Law, Dar Wael Publishing, Amman, 2003
15. Louis Lavor, Summary in International Public Rights, Transferring to Arabic d. Sami al-Maydani, Babil Brothers Press, Damascus, 1932
16. Dr. Mohamed Hafez Ghanem, The New Origins of Public International Law, Nahdet Misr Press in Fajala, Cairo, I, 2, 1954,
17. Dr. Mohamed Talaat Al-Ghunaimi, General Provisions in the Law of Nations, The Peace Law, Dar Al Ma'arif, Alexandria, 1970
18. Haitham Manna, Human Production, Eastern Mediterranean, Tribal Neuralism and the State, Dar al-Nidal, Beirut, 1986
Second: dictionaries and dictionaries and books of jurisprudence:
1. Abu Al-Hussein Ahmed bin Fares bin Zakaria, Dictionary of Language Standards, the investigation of Abdel Salam Mohammed Haroun, Dar Al-Hill, Beirut, 1978
2. Abu al-Fadl Gamal al-Din Muhammad ibn Makram bin Manzoor al-Ansari, the tongue of the Arabs.
3. Shahab al-Din Abi-Abbas Ahmad bin Idris Al-Qarafi, The Interpretation of Differences and the Sunnah Rules, Beirut Book World, 1987
4. Safi al-Rahman al-Maharkafoori, the nectar of the nectar, Dar Ibn Katheer, Damascus, 1415
5. Dr. Ali Abdel Wahed Wafi, Human Rights in Islam, Publications of the Supreme Council for Islamic Affairs, No. 6-1, Cairo, 2004,
6. Fatah al-Derini, The Right and the Extent of the State's Power
7. The Bible, The House of the Holy Covenant in the Middle East, Beirut, 1992
8. Dr. Mohammed Beltagy, The Status of Women in the Holy Quran and Sunnah, Youth Library, Cairo, 1966
9. Sheikh Mohammed Al-Ghazali, Women's Issues between the Stagnant and Expatriate Traditions, Dar Al-Shorouq, Cairo, 1990
10. The Medieval Glossary, by Dr. Ibrahim Anas et al., Part One, Second Edition, Dar al-Amwaj, Beirut, 1990,
11. Al-Munajjid Preparatory, Dar Al-Mashreq, The Catholic Press, Beirut, 1969,
Third: Research published in magazines:
1. Dr. Amin Makki Madani, Human Rights Law and International Humanitarian Law, Research published in the Sudanese Journal of Human Rights Culture and Multicultural Issues (Respect), No. 6, 2007
2. Dr. Azzedine Fouda, Legal Center of the Military Occupation, Egyptian Journal of International Law, Volume 25, Nasr Egypt Press, Alexandria, 1969
3. Humanitarian Journal of the International Committee of the Red Cross, No. 25 of 2003
Fourth: University degrees:
1. Dr. Behind Ramadan Muhammad Al-Jubouri, The Work of the State under Occupation, A Study in International Law, PhD thesis presented to the Faculty of Law Council, University of Mosul, 2006
2. Dr. Mahmoud Ihsan Hindi, The Rights of the Civilian Population in the Occupied Territories and its Protection, PhD thesis submitted to the Faculty of Law, University of Damascus, no year printed
Fifth: International conventions, declarations, resolutions and publications:
1. The Universal Declaration of Human Rights of the General Assembly of the United Nations of 10 December 1948.
2. Fourth Geneva Convention of 1949
3. Convention on the Political Rights of Women in 1952
4. United Nations Convention on the Elimination of Discrimination against Women, 1967
5. United Nations General Assembly Resolution No. 3314 of 14 December 1974
6. Additional Protocol I of 1977
7. Women in the World 1970-1990, Trends and Statistics, Statistics and Indicators, Group 8, United Nations New York, 1991,
8. UN Security Council Resolution 1325 of 31 October 2000
9. Protocol to Prevent and Punish Trafficking in Persons, Especially Women and Children, 2000
10. Economic and Social Commission for Western Asia, Report of the Regional Conference Ten Years from Beijing, Call for Peace, Beirut, 8-10 July 2004
11. Women Facing War, ICRC Study on the Red Cross, Division for Policy and Cooperation, October 2002,
Sixth: The Internet:
1. Ansel Daryan, Powell Sanam Taragi, Key International Policies and Legal Mechanisms, Women's Rights in the Context of Peace and Security, Research published on the Internet:
www.indianembassy. org
2. Anlene Kuttab, Reham Albergothi, A Study of the Reality of Palestinian Women, a study published on the Internet at www.escwa.org
3. Joseph Cannon, Rape, Murder and Plotting, article published on the Internet at:
www.mnarebta
4. Sanam Naraji Andrlini, Holin Schumaker, Human Rights, www.hrworg
5. Fahmi Howeidi Islam and women's rights, research published on line.comwww.islam
6. Dr. Mohammed Al-Majzoub, Armed Popular Resistance in Public International Law, Research published on the Internet: www.almoqawma.com
7. Advisor Mohamed Kamel Abdel Sattar, The nature of police work in the light of constitutional and legal human rights, research published online at: www.arabreenewal.com
8. Interview with the American journalist (Taramakifli) in 2005 with many Iraqi women prisoners released from US prisons. The text of the interview is published on the Internet at www.sumoud.com.
9. Hadi Mahmoud, on the concept of women's rights and its relation to the concept of human rights, published on the Internet at www.iraqcp.org/democrat
References (English)
Seventh: Foreign sources:
1. Blu Greenberg contemporary jewish religious though, Charles scribner'ssons, New York, 1987., p.1043
2. Lautherpacht: "oppenheims international law" 7 th ed, 1952.
3. Openheim, international law, vol. II, 1957, P167.