الملخص
تحتل الملکیة العقاریة مکانة مرموقة فی نفوس الأشخاص لما یستفاد منها فی أغراض عدیدة لعل الإیواء (السکن) والمتاجرة من أهم تلک الفوائد الناجمة عنها، فضلا عن أن قیمتها النقدیة العالیة، وان أهمیة هذا النمط من الأموال لا یقتصر على الأشخاص فحسب وإنما یشمل الدولة کون الملکیة العقاریة تشکل بالنسبة إلیها رکیزة من رکائز الثروة الوطنیة، لهذا تهتم قوانین الدول بالملکیة العقاریة أیما اهتمام ولعل کثرة النصوص القانونیة المتکفلة بتوفیر الحمایة القانونیة لها من التعدی والانتهاک خیر دلیل على ذلک
الموضوعات
أصل المقالة
قواعد التقاضی فی قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة دراسة تحلیلیة للقانون رقم (2) لسنة 2006 (*)
Rules of Litigation in the law of the authority for the resolution of disputes on real property
Analytical Study of Law No. (2) of 2006
عمار سعدون المشهدانی کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Ammar Saadoun al-Mashhadani College of law / University of Mosul Correspondence: Ammar Saadoun al-Mashhadani E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 22/2/2008 *** قبل للنشر فی 26/3/2008
(*) Received on 22/2/2008 *** accepted for publishing on 26/3/2008 .
Doi: 10.33899/alaw.2008.160538
© Authors, 2008, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المقدمة:
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سید المرسلین محمدا المبعوث رحمة للعالمین، وبعد:
فأننا نوضح مقدمة البحث من خلال النقاط الآتیة:
أولا: مدخل تعریفی بموضوع البحث:
تحتل الملکیة العقاریة مکانة مرموقة فی نفوس الأشخاص لما یستفاد منها فی أغراض عدیدة لعل الإیواء (السکن) والمتاجرة من أهم تلک الفوائد الناجمة عنها، فضلا عن أن قیمتها النقدیة العالیة، وان أهمیة هذا النمط من الأموال لا یقتصر على الأشخاص فحسب وإنما یشمل الدولة کون الملکیة العقاریة تشکل بالنسبة إلیها رکیزة من رکائز الثروة الوطنیة، لهذا تهتم قوانین الدول بالملکیة العقاریة أیما اهتمام ولعل کثرة النصوص القانونیة المتکفلة بتوفیر الحمایة القانونیة لها من التعدی والانتهاک خیر دلیل على ذلک.
ویعد قانون هیئة حل نزعات الملکیة العقاریة رقم (2) لسنة 2006 الصادر فی 9/1/2006 والمنشور فی جریدة الوقائع العراقیة العدد(4081) فی 6/3/2006 احد تلک القوانین المتخصصة بالملکیة العقاریة.
أن من الصحیح القول أن قانون الهیئة یصنف على انه قانون خاص ومختلط فی آن واحد، فهو قانون خاص لأنه تضمن أحکام خاصة لا تنطبق إلا على الوقائع التی حددها القانون وهو فی بعض إحکامه على خلاف أحکام القواعد العامة، کما وان العمل بأی نص یتعارض مع إحکامه غیر جائز، إلا فیما لم یرد بشأنه نص، وهو قانون مختلط لأنه احتوى على قواعد موضوعیة وقواعد إجرائیة(شکلیة) تسری إحکامها على التصرفات الواقعة على الملکیة العقاریة المشمولة بأحکام هذا القانون.
وبقدر تعلق الأمر بموضوع البحث فأننا سنسلط الضوء على قواعد التقاضی التی نص علیها قانون الهیئة من حیث تشکیل هیئة مختصة بنظر دعاوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه وبیان إجراءات التقاضی الواجبة الأتباع عند إقامة دعاوى الملکیة العقاریة لدى الهیئة وعند نظر اللجان القضائیة قیها، وعند إصدار الحکم فی موضوعها وطرق الطعن المقررة فی هذا القانون.
ثانیا: أهداف البحث ونطاقه:
یهدف البحث إلى عرض قواعد التقاضی التی تضمنها قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة وتأصیلها وبیان مدى دقة التنظیم الوارد فی هذا القانون من عدمه، دون الخوض فی القواعد الموضوعیة التی جاء بها قانون الهیئة لأنها خارج نطاق موضوع هذا البحث.
ثالثا: منهجیة البحث:
نعتمد فی منهجیتنا على أسلوب المنهج التحلیلی والتقییم الذی یقوم على تحلیل النصوص القانونیة والآراء الفقهیة ومناقشتها وترجیح السدید منها، فضلاً عن أننا سنعتمد المنهج التطبیقی من خلال عرض القرارات التمییزیة والآراء الاستشاریة الصادرة عن الهیئة التمییزیة التابعة للهیئة وبیان مدى تطابق المواقف القانونیة والفقهیة والقضائیة من عدمه.
رابعا: هیکلیة البحث:
نتناول موضوع البحث بحسب الخطة الآتیة:
المبحث الأول: الهیئة القضائیة المختصة.
المبحث الثانی: إجراءات التقاضی.
المبحث الثالث: إصدار الحکم وطرق الطعن فیه.
الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج والتوصیات.
المبحث الأول
الهیئة القضائیة المختصة
استحدث قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة هیئة قضائیة للنظر فی الدعاوى المشمولة بأحکامه والفصل فیها واخرج تلک الدعاوى من ولایة القضاء عملاً بالاستثناء الوارد فی المادة (3) من قانون التنظیم القضائی رقم (160) لسنة 1979 والمادة (29) من قانون المرافعات المدنیة رقم (83) لسنة 1969، فمما تتشکل الهیئة القضائیة فی قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة ؟ وما هو اختصاصها القضائی ؟
أن الإجابة عن هذین السؤالین تقضی تقسیم المبحث إلى مطلبین نتناول فی الأول تشکیل الهیئة القضائیة، وفی الثانی نتناول اختصاصها القضائی وعلى النحو الأتی:-
المطلب الأول
تشکیل الهیئة القضائیة
بحث قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة فی تشکیل الهیئة القضائیة المختصة بنظر الدعاوى المشمولة بأحکامه إذ أناط باللجان القضائیة مهمة النظر فی دعاوى الملکیة العقاریة وحسمها، کما وأناط بالهیئة التمییزیة مهمة النظر فی الاعتراضات والطعون المتعلقة بالقرارات والأحکام الصادرة عن اللجان القضائیة، علیه سنتناول تشکیل الهیئة القضائیة فی قانون هیئة حل نزعات الملکیة العقاریة من خلال دراسة تشکیل اللجان القضائیة والهیئة التمییزیة وذلک فی الفرعین الآتیین:-
الفرع الأول
تشکیل اللجان القضائیة
تتشکل اللجان القضائیة الموکل إلیها مهمة النظر فی دعاوى الملکیة العقاریة من ثلاثة أعضاء احدهم رئیس اللجنة، ویجب أن یکون قاضیا یعینه مجلس القضاء الأعلى، وإما العضوین الآخرین، فاحدهما مدیر التسجیل العقاری او من ینوب عنه، وإما الأخر فیرشحه رئیس هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة من الموظفین العاملین فی الهیئة ولدیة ممارسة فی العمل القانونی او مهنة المحاماة مدة لأتقل عن عشر سنوات.
أن من الصحیح القول أن اللجنة القضائیة بموجب قانون الهیئة تعد جهة ذات اختصاص قضائی استثنائی مقتصر على دعاوى محددة قانونا، وان تشکیل هیئات تختص بالنظر فی دعاوى محددة خارج ولایة القضاء، یرجع لأسباب فنیة تتطلب معرفة تفتقدها المحاکم العادیة او لاختزاله إجراءات التقاضی او تبسیطها والتخفیف من النفقات القضائیة عن کاهل الخصوم، ألا أن هذا التشکیل منتقد لما یحدثه من مساوئ للدولة والأفراد، فبالنسبة للدولة فانه یودی إلى اهتزاز الثقة فی القضاء العادی مما یضعف من هیبة الدولة ومن قوة القانون، وإما بالنسبة للأفراد فانه یوقعهم بالخلط فی الإجراءات الواجبة الأتباع او المواعید المقررة لدى تلک الهیئات الاستثنائیة مما سیؤدی حتما إلى ضیاع الحقوق او على الأقل إلى ضیاع الوقت والجهد والمصاریف، فضلا عن ذلک فانه یقضی على فکرة المساواة بین المواطنین التی تدعو إلى خضوع الجمیع لقضاء واحد.
وغنی عن البیان أن قانون الهیئة اخذ بمبدأ تعدد الأعضاء فی تشکیل اللجنة القضائیة وحسنا فعل لان هذا المبدأ یسعى إلى تحقیق العدالة عن طریق المداولة والمشاورة إذ یشترک فی نظر الدعوى رئیس وعضوین مما یجعل العضو أکثر حریة فی أبداء الرأی حول موضوع الدعوى، کما أن هذا المبدأ یحقق رقابة ذاتیة تجعل من العضو رقیبا على الآخرین، فضلا عن انه یتجاوز مأخذ مبدأ القاضی المنفرد من سهولة التأثیر علیه سواء من جانب الحکومة ام من جانب الرأی العام ام من جانب الخصوم، وانه قد یعرض مصالح الخصوم للخطر لاسیما إذا کان حدیث التعیین او عدیم الخبرة.
ونرى أن تبنی مبدأ تعدد الأعضاء فی تشکیل اللجنة القضائیة المختصة بالنظر فی الدعاوى المشمولة بأحکام قانون الهیئة فکرة جدیرة بالتأیید (مع التحفظ حول کیفیة تسمیة الأعضاء) بالنظر لطبیعة تلک الدعاوى، فضلا عن أن رأی الجماعة غالبا ما یکون هو الاصوب من رأی الواحد.
إلا أن الملاحظ على قانون الهیئة فی تشکیل اللجان القضائیة وتسمیة أعضائها قد خرق مبدأ استقلال السلطة القضائیة الذی یعد من المبادى والأسس التی یقوم علیها النظام القضائی فی التشریعات الحدیثة، إذ جعل اثنین من أعضاء اللجنة من منتسبی السلطة التنفیذیة، مما یفسح المجال للحکومة التدخل فی عمل اللجنة من خلال التأثیر على أعضائها لاسیما العضوین بالترغیب او الترهیب او ممارسة الضغوط علیهم بصورة مباشرة او غیر مباشرة، کما أن قانون الهیئة لم یکن موفقا فی تسمیة اللجنة القضائیة، إذ تصح التسمیة التی جاء بها لو کان الأعضاء من القضاة، إما وان غالبیتهم موظفین حکومیین لذا یفترض تسمیة اللجنة باللجنة القانونیة لان الفاصل المشترک بین أعضائها الثلاثة إنهم حملة شهادة البکالوریوس فی القانون على اقل تقدیر.
ونرى أنه إذا کان لابد من تشکیل هیئة تختص بنظر دعاوى الملکیة العقاریة فیستحسن أن تکون محکمة مختصة على غرار محکمة إیجار العقار، علیه نطلب تعدیل المادة (9) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی:ـ(أولا: تشکل فی مرکز کل محافظة محکمة للنظر فی دعاوى الملکیة العقاریة.ثانیا: تتکون المحکمة من قضاة ثلاثة یعینهم مجلس القضاء الأعلى.ثالثا: یجوز تشکیل أکثر من محکمة فی مرکز المحافظة بناء على طلب من مجلس الوزراء وموافقة مجلس القضاء الأعلى).
الفرع الثانی
تشکیل الهیئة التمییزیة
أن من الصحیح القول أن قانون الهیئة استحدث هیئة تمییزیة مستقلة عن محکمة تمییز العراق یکون لها قول الفصل فی دعاوى الملکیة العقاریة بمناسبة الطعن فی الأحکام الصادرة فی تلک الدعاوى من قبل اللجان القضائیة.
وتتشکل الهیئة التمییزیة التابعة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة من سبعة أعضاء أصلیین واثنین احتیاط، یشترط فیهم أن یکونوا من القضاة ممن سبق لهم العمل القضائی فی محکمة التمییز سواءً أکانوا مستمرین فی الخدمة ام من المحالین على التقاعد، ویرشح مجلس القضاء الأعلى خمسة منهم یکون احدهم رئیس للهیئة التمییزیة وأخر نائبا له، إما العضوان الباقیان فیتم ترشیحهما من قبل حکومة إقلیم کردستان، إذ نصت المادة(17) من قانون الهیئة على أن ((تتشکل الهیئة التمییزیة من سبعة قضاة من الذین مارسوا العمل القضائی فی محکمة التمییز یرشحهم مجلس القضاء الأعلى من المستمرین بالخدمة او المتقاعدین یسمى احدهم رئیسا للهیئة التمییزیة وأخر نائبا له على أن یتم ترشیح اثنین منهم من قبل حکومة إقلیم کردستان وتکون هذه الهیئة مستقلة فی قضائها عن محکمة التمییز کما یرشح عضوان احتیاط یحلان محل من یتخلف او یتغیب من أعضاء الهیئة التمییزیة لأی سبب کان وفی حالة تغیب رئیس الهیئة التمییزیة یحل نائبه محله))
مما تقدم یمکن القول إن قانون الهیئة اخذ بنظام التقاضی على درجة واحدة للنظر بدعاوى الملکیة العقاریة وتجاهل فکرة التقاضی على درجتین ذلک انه قصر التقاضی أمام اللجان القضائیة التابعة للهیئة حصرا ولم ینص على تشکیل محکمة او هیئة تختص بنظر الدعوى بعد إصدار اللجان القضائیة الحکم فیها وحسنا فعل لان نظام التقاضی على درجتین او أکثر منتقد بسبب ما سیؤدیه إلى البطء فی إجراءات التقاضی ویزید من النفقات القضائیة ویعرض حقوق الخصوم للضیاع نتیجة التأخر فی حسم الدعاوى، فضلا عن أن التقاضی على درجتین او أکثر یودی إلى تضارب الأحکام القضائیة، کما أن الواقع العملی یشهد أن التقاضی أمام محاکم الاستئناف بوصفها محاکم درجة ثانیة أصبح أسلوبا للمماطلة والتسویف یلجا إلیه غالبیة المحکوم علیهم بغیة إطالة أمد النزاع وللاستفادة من الأثار المترتبةعلیه لاسیما وقف التنفیذ.
کما وتجدر الإشارة إلى أن قانون الهیئة کان موفقا بإصراره على أن یکون أعضاء الهیئة التمییزیة من القضاة الذین سبق لهم العمل القضائی فی محکمة التمییز ذلک أن المعروف بان قضاة محکمة التمییز هم من قضاة الصنف الاول من صنوف القضاة الذین یتمتعون بالخبرة العالیة والإلمام الکامل بمضامین القوانین وإبعادها السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وغیرها من الأبعاد، إلا أنه یؤخذ علیه انه أحدث ثغرة فی تشکیل الهیئة التمییزیة بان سمح للسلطة التنفیذیة التدخل فی عملها من خلال التأثیر المباشر او غیر المباشر على العضوین اللذین یتم ترشیحهم من قبل حکومة إقلیم کردستان، وبهذه الثغرة جاءت تشکیلة الهیئة التمییزیة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة على خلاف مبدأ استقلال السلطة القضائیة، وسدا لهذه الثغرة وتلافیا للنقد نقترح استبدال عبارة حکومة إقلیم کردستان من نص المادة(17) من قانون الهیئة بعبارة السلطة القضائیة لإقلیم کردستان.
المطلب الثانی
الاختصاص القضائی النوعی للهیئة القضائیة
حدد قانون الهیئة الاختصاص القضائی النوعی للجان القضائیة والهیئة التمییزیة، وفی هذا المطلب سنرکز على الاختصاص النوعی للجان القضائیة فی فرع، والاختصاص النوعی للهیئة التمییزیة فی فرع أخر وعلى النحو الأتی:ـ
الفرع الأول
الاختصاص النوعی للجان القضائیة
نصت المادة (4) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة على انه ((تسری أحکام هذا القانون على المطالبات الواقعة على العقارات المشمولة به خلال الفترة من 17/ تموز / 1968 ولغایة 9/ نیسان /2003 وتشمل ما یلی:ـ
أولا: العقارات المصادرة والمحجوزة لأسباب سیاسیة او عرقیة او على أساس الدین او المذهب او أی حالات أخرى تمت نتیجة لسیاسات النظام السابق فی التهجیر العرقی والطائفی او القومی.
ثانیا: العقارات المستولى علیها بدون بدل او المستملکة بغبن فاحش او خلافا للإجراءات القانونیة المتبعة للاستملاک ویستثنى من ذلک العقارات المستولى علیها على وفق قانون الإصلاح الزراعی وقضایا التعویض العینی والاستملاک لأغراض المنفعة العامة والتی استخدمت فعلا للنفع العام.
ثالثا: عقارات الدولة المخصصة بدون بدل او بدل رمزی لأزلام النظام السابق)).
کما ونصت المادة(5) من قانون الهیئة على انه ((أولا: تختص الهیئة بالنظر فی الدعاوى المشمولة بأحکام هذا القانون.
ثانیا: على جمیع المحاکم العراقیة إحالة الدعاوى المشمولة بأحکام هذا القانون على اللجان القضائیة فی الهیئة ولغایة انتهاء مدة تقدیم الطلبات.
ثالثا:للجان القضائیة فی الهیئة التقدم على جمیع المحاکم العراقیة فیما یتعلق بولایتها على الدعاوى المشمولة بأحکام هذا القانون)).
مما تقدم یتضح أن الدعاوى التی تختص اللجان القضائیة فی هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة بنظرها هی دعاوى الأموال العقاریة، والتی جرى علیها معاملات او تصرفات مخالفة للقانون من مصادرة و حجز و استیلاء واستملاک وتخصیص لأغراض شخصیة خلال الفترة المشار إلیها فی المادة (4) أعلاه، وقد الزم قانون الهیئة القضاء بإحالة هذه الدعاوى إذا أقیمت إمامه إلى اللجان القضائیة للنظر فیها حسب الاختصاص النوعی، وللجان القضائیة التقدم على جمیع المحاکم العراقیة فیما یتعلق بولایتها على الدعاوى المشمولة بأحکام هذا القانون، إلا إن قانون الهیئة لم یکن موفقا فی حصر الاختصاص النوعی للجان القضائیة بدعاوى الملکیة العقاریة، فإذا کان الأمر یقتضی وجود هیئة خاصة تختص بنظر دعاوى ناجمة عن سیاسات او تصرفات لا مسوؤله استثناءا من ولایة المحاکم، فان العدالة تقتضی شمول الأموال المنقولة وغیر المنقولة ودون الاقتصار على الأموال العقاریة وإهدار أثار تلک التصرفات.
کما ویلاحظ أن قانون الهیئة استعمل مصطلح المطالبات ومفردها مطالبة، والتی یقصد بها المطالبة القضائیة وهی الأجراء الذی یستعمل به الشخص حقه (الدعوى) ضد شخص معین للحصول على حکم لصالحه، وانه لم یکن موفقا فی استعماله، وذلک لعدم دقته إذ أن أجراء إقامة الدعوى یعد من أولى إجراءات التقاضی، کما أن مصطلح المطالبة قلما یستعمل للتعبیر عن الطلب من القضاء توفیر الحمایة القضائیة، وان مصطلح الدعوى هو الأدق فی التعبیر عما یقصده القانون ذلک أن الدعوى هی طلب شخص حقه من أخر أمام القضاء ، فضلا عن أن مصطلح الدعوى أکثر شیوعا فی التشریع والفقه والقضاء العراقی، لذا نقترح استبدال مصطلح المطالبات بمصطلح الدعاوى فی نص المادة (4) من قانون الهیئة.
کما وتجدر الإشارة إلى أن صیاغة المادة فی أعلاه جاءت مفتقدة إلى مقومات خاصیة العمومیة والتجرید التی یجب أن تتمتع وتتصف بها أیة قاعدة قانونیة، ذلک أن النص اهتم بالأحوال التفصیلیة والاعتبارات الخاصة بواقعة محددة، بینما تتطلب خاصیة العمومیة والتجرید أن یسمو حکم المادة (4) على التفصیلات، وان یعتد بالأحوال والاعتبارات الرئیسة بین مجموع الوقائع بحیث یستوعب فروضا واحتمالات لأتقبل الحصر سواءا ما کان منها قائما وقت صدورها ام ما یستجد منها فی المستقبل، علیة نطلب إلغاء النص الحالی للمادة (4)من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص الجدید بالشکل الأتی(تسری أحکام هذا القانون على الأموال التی أجریت علیها الحکومة تصرفات او معاملات غیر مشروعه او مخالفة للقوانین او الناجمة عن استغلال للسلطة).
الفرع الثانی
الاختصاص النوعی للهیئة التمییزیة
نصت المادة (19) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة على انه ((تختص الهیئة التمییزیة بالنظر فی الطلبات آلاتیة: ا:ـ الطعون المتعلقة فی القرارات والأحکام الصادرة من اللجان القضائیة. ب:ـ نقل الدعوى من لجنة إلى اخرى. ت:ـ تنحی رئیس اللجنة القضائیة. ث:ـ رد القضاة. ج:ـ إعطاء الرأی الاستشاری).
یتضح مما تقدم أن الهیئة التمییزیة التابعة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة تعد فی حدود اختصاصها بمثابة محکمة تمییز، وانسجاما مع القواعد العامة فقد أوکل إلیها قانون الهیئة مهمة التدقیق والرقابة على تطبیق اللجان القضائیة للقانون فی الأحکام والقرارات الصادرة فی دعاوى الملکیة العقاریة، کما أوکل إلیها مهمة التحقق من ضمان نزاهة القضاة العاملین فی اللجان القضائیة والهیئة التمییزیة وحیادهم، فضلا عن أن قانون الهیئة استحدث اختصاصاً لم تعهده القواعد العامة للتقاضی إذ خص الهیئة التمییزیة بمهام إعطاء الرأی الاستشاری.
وفیما یتعلق باختصاص الهیئة التمییزیة فی التدقیق والرقابة على التطبیق السلیم للجان القضائیة للقانون، فقد اختصت الهیئة التمییزیة النظر فی الطعون المقدمة فی الأحکام والقرارات الصادرة فی دعاوى الملکیة العقاریة، فهی ـ أحکام وقرارات اللجان القضائیة ـ لیست باته، وإنما تقبل الطعن فیها بطرق الطعن التی أجازها قانون الهیئة ومنها الطعن بطریق التمییز.
ونرى أن قانون الهیئة کان موفقا فی هذا الاتجاه، إذا لم یجعل الأحکام والقرارات باتة؟ لأتقبل الطعن، لأنها أحکام وقرارات صادرة من بشر یخطا ویصیب، ومن العدل تکلیف جهة او هیئة قضائیة علیا تختص اختصاصا نوعیا بتدقیق ومراجعة تلک الأحکام والقرارات.
وفیما یتعلق بصیانة قضاء هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة من الإساءة والاستغلال وضمان نزاهة أعضائها والتأکد من حیادهم، فقد خص قانون الهیئة النظر فی طلبات نقل الدعوى من لجنة قضائیة إلى اخرى وطلبات تنحی رئیس اللجنة القضائیة سواء کان التنحی وجوبی ام جوازی وطلبات رد القضاة بما فیهم قضاة الهیئة التمییزیة، وجعل هذه المسائل من صلب الاختصاص النوعی للهیئة التمییزیة.
وغنی عن البیان أن هذه المسائل منصوص علیها فی القواعد العامة للتقاضی، والتی یجوز الاستناد إلیها والأخذ بأحکامها فی دعاوى الملکیة العقاریة، وان الإشارة إلیها فی قانون الهیئة تأتی من قبیل التأکید علیها والتعظیم من شانها، وحسنا فعل المشرع ذلک لأنه مهما کان حسن خلق القاضی والثقة فی نزاهته وعلمه، فقد یحدث (بل ومن المتوقع حدوث) ما یخدش فی نزاهة القضاء او یزعزع الثقة فی إحکامه بالنظر إلى طبیعة تلک الدعاوى والقیمة النقدیة العالیة للعقارات موضوعها، إلا أن قانون الهیئة لم یکن موفقا فی تحدید اختصاص الهیئة التمییزیة النظر فی طلب تنحی رئیس اللجة القضائیة حصرا دون بقیة الأعضاء، وکان الافضل مد نطاق اختصاصها بحیث یشمل النظر فی طلب تنحی جمیع أعضاء اللجنة القضائیة لاسیما وان الهیئة التمییزیة عدت عضوی اللجنة بمنزلة القاضی إذ جاء فی رائیها الاستشاری بان( لا یجوز لعضو اللجنة أن یکون خبیرا فی الدعوى الذی هو عضو فی اللجنة التی تنظرها لان صفتی القاضی والخبیر لا یجتمعان وبناءا علیه لا یجوز له أن یتولى نظر الدعوى وتکون حیادیة عضو اللجنة موضع شک وان القرارات والإجراءات المتخذة من قبل اللجنة تعدَّ باطلة وغیر قانونیة وهذا ما نصت علیه الفقرات (5) من المادة (91) والمادة (92) و(3) من المادة (93) من قانون المرافعات ولا یحق لعضو اللجنة الاشتراک فی الدعاوى التی کان خبیرا فیها ویعدَّ ذلک من قبیل الأخطاء الجوهریة الفاحشة)، لذا نطلب تعدیل الفقرة (ت) من المادة (19) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی( تنحی رئیس وأعضاء اللجان القضائیة).
کما ویلاحظ أن قانون الهیئة لم یصب جادة الصواب فی إعطاء الاختصاص للهیئة التمییزیة ببیان الرأی الاستشاری للجان القضائیة قبل حسم الدعوى، لان ذلک یعد من قبیل الإفتاء ومعرفة رأی الهیئة التمییزیة قبل الأوان مما یجعل نتیجة الدعوى معلومة مسبقا ویحبط جهد الخصم فی الدفاع، ویخرج القاضی عن الحیاد ویدفعه إلى التمسک بل والى التعصب لرائیه السابق ولو خالف فی ذلک حسن تطبیق القانون وتحقیق العدالة، کما إن إعطاء الرأی من قبل الهیئة التمییزیة وان وصف بأنه استشاری غیر ملزم، فانه یتعارض مع حریة القاضی فی تکوین قناعته التی تبنى على ضوء الأدلة الثابتة والتحقیقات التی تجریها المحکمة، کما ونرى أن هذا الرأی سیکون ملزما من الناحیة الأدبیة (المعنویة) للجان القضائیة بالنظر لمکانة السادة أعضاء الهیئة التمییزیة فی نفوس أعضاء اللجان القضائیة، وما یتمتع به قضاة الهیئة التمییزیة من خبره وکفاءة علمیة وعملیة عالیتین، فضلا عن ذلک فان هذا الموقف یتعارض مع القواعد العامة للتقاضی التی توجب رد القاضی إذا کان قد أبدى رأیا فی الدعوى قبل الأوان، أو تنحیه عن نظر الدعوى إذا کان قد أفتى لأحد الخصوم.
المبحث الثانی
إجراءات التقاضی
لم یکتف قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة باستحداث هیئة قضائیة للنظر فی الدعاوى المشمولة بأحکامه، وإنما استلزم إجراءات جدیدة یجب مراعاتها عند إقامة دعوى الملکیة العقاریة والنظر فیها إلى جانب الإجراءات التی تتطلبها القواعد العامة للتقاضی.
فی هذا المبحث سنتناول إجراءات إقامة دعوى الملکیة العقاریة والنظر فیها والفصل فی موضوعها وذلک فی المطلبین الآتیین:
المطلب الأول
إجراءات إقامة دعوى الملکیة العقاریة
بینت المادة (7) من قانون الهیئة الإجراءات الواجبة الأتباع عند مراجعة فروع الهیئة لغرض إقامة دعوى الملکیة العقاریة، إذ تبدأ الإجراءات بتقدیم دعوى (طلب) من المدعی او من ینوب عنه قانونا والمتمثل بتدوین دعواه فی الاستمارة المعدة مسبقا من قبل الهیئة.
أن من الصحیح القول أن قانون الهیئة أجاز لأحد الورثة إقامة دعوى إعادة عقار مورثه، وعد الوارث الذی أقام الدعوى باسمه نائب قانونی عن بقیة الورثة، کما أجاز تقدیم عریضة الدعوى (الاستمارة) إلى أی فرع من فروع التابعة للهیئة والموجودة فی عموم البلاد وخارجه،
فإذا کان الفرع غیر مختص اختصاصا مکانیا فعلیه إحالة العریضة إلى الفرع المختص اختصاصا مکانیا، والذی یراعى فی تحدیده (الاختصاص المکانی) الموقع الجغرافی للعقار موضوع الدعوى، إما أن کان الفرع مختصا فعلیه استکمال إجراءات إقامة الدعوى.
وغنی عن البیان أن قانون الهیئة رتب على استیفاء عریضة الدعوى الشروط الواردة فی الاستمارة، قیام الفرع مفاتحة دائرة التسجیل العقاری المختصة بغیة تزویده باستشهاد (تقریر) مفصل عن المعاملات (التصرفات ) التی جرت على العقار موضوع الدعوى، کما رتب على ورود الاستشهاد( التقریر) من دائرة التسجیل العقاری المختصة تسجیل عریضة الدعوى فی سجل الطلبات، وفتح اضبارة خاصة بالمدعی الذی یعطى وثیقة تسمى وصل تسلم یؤید تسلم الفرع لعریضة المدعی ومستنداته، وبعدها یقوم الفرع بتبلیغ المدعى علیه بموضوع الدعوى للإجابة على وفق استمارة خاصة معدة لهذا الغرض من قبل الهیئة تسمى استمارة إجابة الدعوى، خلال مدة أقصاها خمسة عشر یوما ابتداءً من الیوم التالی لتبلغه أوعده مبلغا، ویغنی تبلیغ احد الورثة عن تبلیغ البقیة.
وفی هذا السیاق یذکر أن تعلیمات تسهیل تنفیذ قانون الهیئة أوجبت على فروع الهیئة تشکیل لجنة تسمى لجنة التدقیق مهامها تدقیق الدعاوى من جمیع النواحی والتأکد من مدى استکمال الإجراءات قبل أحالتها إلى اللجنة القضائیة، وإعداد ملخص عنها وإبداء الرأی القانونی فیها بما ینطبق وأحکام القانون، وبعد انتهاء لجنة التدقیق من عملها، تحال عریضة الدعوى إلى اللجنة القضائیة التابعة للفرع للنظر فیها، تعیین موعد للمرافعة وأجراء التبلیغات طبقا للقواعد العامة للتقاضی.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الهیئة الزم الفرع إدخال عریضة الدعوى والمعلومات الواردة فیها وورقة تبلیغ المدعى علیه واستمارة الإجابة قبل إحالة عریضة الدعوى إلى اللجنة القضائیة، فضلا عن إدخال محتویات اضبارة الدعوى بعد صدور حکم فیها من قبل اللجنة القضائیة إلى الحاسبة الالکترونیة، على أن ترسل النسخة الالکترونیة لتلک البیانات إلى قسم الحاسبة المرکزی فی المقر العام للهیئة الکائن فی بغداد ، کما والزم رئیس اللجنة القضائیة وضع إشارة عدم التصرف على قید العقار موضوع الدعوى وأشعار دائرة التسجیل العقاری المختصة بذلک.
مما تقدم یتضح أن الإجراءات التی یتطلبها قانون الهیئة بمناسبة إقامة دعوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه لم تعهدها القواعد العامة للتقاضی، إذ لم یترک المدعی حرا فی کتابة دعواه والتعبیر عنها، وإنما قصر دوره بملأ نموذج الاستمارة المعدة مسبقا من قبل الهیئة، والتی (الاستمارة ) تتکون من تسع صفحات تحتوی على ثلاثة وثلاثین بیانا، منها أربعة عشر بیانا خاصاً بشخص المدعی من حیث الاسم ومحل الولادة والعنوان والجنسیة والتوقیع، وثلاثة عشر بیانا عن العقار موضوع الدعوى من حیث نوع العقار وموقعه وأوصافه قبل الفقدان وأوصافه فی الوقت الحاضر، ومصدر العائدیة وسبب الفقدان وتاریخه، وبیانین عن الأدلة الثبوتیة من حیث المستندات التی تؤید الادعاء وتفاصیل عن الشهود، وبیان عن نوع التعویض المطالب به عینیا ام نقدیا، وبیانین عن الحل الطوعی، وبیان واحد عن المراجعات السابقة المطالبة بالعقار موضوع الدعوى سواء أکانت مراجعات قضائیة (دعاوى ) ام غیرها..
ونرى أن تقید المدعی عند إقامة الدعوى بملء الاستمارة دون ترک المدعی حر فی صیاغة دعواه بالطریقة التی یعدَّ بها عن طلباته من الهیئة القضائیة أمر جدیر بالتأیید، لان هذه الطریقة ستقلل من حالات الوقوع فی الأخطاء الناجمة عن کتابة عریضة الدعوى، کما أن الاستمارة أعطت للمدعی العدید من الخیارات ما علیه إلا التأشیر على الخیار الذی یریده فمثلا البیان رقم (27) الخاص بالتعویض المنشود، اذ منح المدعی فیه العدید من الخیارات منها تملک العقار الذی فقده او حیازته او تعویض مالی او......الخ من الخیارات، فضلا عن أن تقدیم عریضة الدعوى من خلال ملا الاستمارة وتقدیمها لفرع الهیئة یسهل الإلیة التی جاء بها قانون الهیئة والمتمثلة بضرورة وحتمیة إدخال البیانات والمستندات المتعلقة بدعاوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکام هذا القانون إلى الحاسبة الالکترونیة وتحویلها إلى بیانات الکترونیة یسهل الرجوع علیها ویمنع التلاعب بها ویحافظ علیها من السرقة، وهی إلیة مستحدثة جدیرة بالترحیب ندعو المشرع العراقی الى تعمیمها على المحاکم کافة.
وإذا کان قانون الهیئة موفقا فی إعداد استمارة دعاوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه إلا انه ینبغی الحذر من موقفه إزاء السماح لأحد الورثة إقامة باسمه دعوى إعادة عقار مورثه، وعده نائباً عن بقیة الورثة نیابة قانونیة، لأنه یترتب على ذلک إمکانیة إقامة الدعوى دون حاجة إلى ذکرهم، وهذا خلاف القواعد العامة للتقاضی التی أقرت مبدأ تعدد المدعیین فی الدعوى الواحدة شرط أن تقام بأسمائهم وتوقع بتوقیعهم، ولعل السبب الذی دفع قانون الهیئة إلى تبنی هذا الموقف هو الرغبة فی تقلیل المصاریف عن الخصوم واختصار الوقت والتخفیف عن کاهل الهیئة من تزاید الدعاوى الواحدة بتعدد المدعیین.
ونرى أن هذا الاتجاه یحقق تلک المبررات ویمکن العمل به فی حالة کسب الدعوى، إلا انه اتجاه منتقد فی حالة خسارة دعوى الملکیة العقاریة وخصوصا إذا کانت الخسارة تعود لأسباب شخصیة (تتعلق بشخص المدعی)، إذ یترتب على خسارة الدعوى أثار خطیرة تسری بحق الجمیع، منها عدم جواز أقامتها مجددا لسبق الفصل فی موضوعها، فضلا عن أن من حق الوریث الذی أقام الدعوى وخسرها الرجوع إلى بقیة الورثة بالمصاریف، وعلیه نطلب تعدیل المادة (16) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی(یکون الوارث نائبا عن بقیة الورثة إذا أقام الدعوى باسمه للمطالبة بإعادة ملکیة العقار وحکم له فیها).
کما ونلاحظ أن قانون الهیئة أناط بفرع الهیئة وهی جهة إداریة مهمة تسلم طلبات ( الدعاوى) وتدقیقها قبل أحالتها إلى اللجان القضائیة للنظر فیها، والحکم فی موضوعها، مما جعل من الفرع جهة ذات اختصاص عن إقامة دعاوى الملکیة العقاریة إلى جانب اختصاصها الإداری، بمعنى أخر أن قانون الهیئة کلف فرع الهیئة القیام بإعمال ذات طبیعة قضائیة إلى جانب أعماله الإداریة وحجب هذه الأعمال عن اللجان القضائیة، وبذلک یکون قانون الهیئة قد خالف القواعد العامة للتقاضی التی أناطت بالقضاء مهمة تسلم الطلبات القضائیة إلى جانب مهمة النظر فیها والحکم فی موضوعها.
أن من الصحیح القول أنه یترتب على إعطاء فرع الهیئة صلاحیة تسلم دعاوى الملکیة العقاریة عند أقامتها امتناع الفرع عن أبطال الدعوى بسبب وجود نقص او خطا فی البیانات الواردة فی استمارة الملکیة العقاریة ( الدعوى)، ذلک أن هذه الصلاحیة مناطة بالقضاء، وان قانون الهیئة لم یخول الفرع مثل هذه الصلاحیة، وقد کانت فروع الهیئة تعالجمثل هذه الحالات بترکها دون تسجیل فی سجل طلبات الهیئة وعدم أحالتها الى اللجان القضائیة لحین مراجعة المدعی وإکمال النقص وتصحیح الأخطاء، وطیلة تلک الفترة لا تعد دعوى الملکیة العقاریة مقامة، لان العبرة فی إقامة الدعوى بتسجیلها فی سجل طلبات الهیئة، إما ألان فقد اعتمدت إلیة مغایرة اذ یقوم فرع الهیئة بعرض الدعوى على رئیس اللجنة القضائیة لإصدار قرار بإبطالها استنادا للمادة (50) من قانون المرافعات، لذا ندعو إلى إناطة الاختصاص فی إقامة دعوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکام قانون الهیئة إلى اللجان القضائیة مسایرة للقواعد العامة التقاضی، ونطلب تعدیل الفقرات (2 و 4 و 7) و إلغاء الفقرة (9) من المادة (7) من قانون الهیئة ونقترح أن تکون نصوص الفقرات المشمولة بالتعدیل بالشکل الأتی:ـ
الفقرة الثانیة( یقدم صاحب العلاقة (سواء کان شخصا طبیعیا او معنویا) او من یمثله قانونا الطلب إلى الجنة القضائیة فی الهیئة على أن یحال الى اللجنة المختصة تبعا لموقع العقار).
الفقرة الرابعة( تطلب اللجنة القضائیة تقریرا مفصلا عن التصرفات الواقعة على العقار موضوع الدعوى من دائرة التسجیل العقاری المختصة).
الفقرة السابعة( تقوم اللجنة القضائیة المختصة بتبلیغ المدعى علیه للإجابة خلال مدة (15) یوما تبدأ من الیوم التالی لتبلغه او اعتباره مبلغا على وفق استمارة الإجابة المعدة مسبقا من الهیئة).
المطلب الثانی
إجراءات نظر دعوى الملکیة العقاریة
أن من الصحیح القول أن قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة تطرق إلى بعض الإجراءات الواجبة الأتباع عند نظر دعوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه وترک تنظیم البعض الأخر منها إلى حکم القواعد العامة للتقاضی، إذ الزم قانون الهیئة اللجنة القضائیة بنظر الدعاوى المشمولة بأحکامه والمعروضة إمامها بعد عقد جلسة مرافعة ولو لمرة واحدة، ویجوز الاستماع إلى الأقوال المهمة فی حسم الدعوى موقعیا، ولا یحق للجنة القضائیة ترک دعوى الملکیة العقاریة للمراجعة مطلقا لعدم حضور المدعی او المدعى علیه جلسات المرافعة، او تقرر أبطال عریضة الدعوى سواء اکان طلب الإبطال من المدعی ام من المدعى علیه، وعلى اللجنة القضائیة السیر فی الدعوى وإصدار الحکم فیها بغض النظر عن حضور الطرفین او احدهما من عدمه بشرط التثبت من صحة التبلیغ بموعد المرافعة.
وفی هذا السیاق ترى الهیئة التمییزیة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة بان( المشرع فی قانون الهیئة رقم 2 لسنة 2006 وفی المادة (11) منه عالج مسالة عدم ترک الدعوى للمراجعة فی حالة عدم حضور طرفی الدعوى وکذلک عالج مسالة عدم بطلان الدعوى فی حالة حضور أی من إطرافها، وان البطلان المقرر فی مثل هذه الحالة هو بطلان لا یتقرر إلا بقرار من المحکمة وبناءا على طلب الخصم فی حین ان حالات البطلان المقررة فی المواد(83/2 و 87) من قانون المرافعات هی بحکم القانون وان قرار المحکمة ما هو إلا کاشف له.....).
وغنی عن البیان أن قانون الهیئة سمح للمدعی تقدیم طلب سحب دعواه او جزء منها فی أی وقت یشاء مالم تحسم الدعوى، وللجنة القضائیة السلطة التقدیریة فی إجابة الطلب او رفضه، إلا أن قرارها بالرفض یقبل الطعن فیه عن طریق التمییز، فی حین ان قرارها بالموافقة یکون باتا لا یقبل الطعن فیه.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون حث الهیئة على تشجیع الصلح او التسویة الرضائیة للنزاعات العقاریة بین الخصوم وبما لا یتعارض مع أحکام القوانین او النظام العام والآداب العامة، وانه فی حالة استجابة الخصوم او توصلهم إلى اتفاق فان اللجنة القضائیة تقوم بتصدیق الصلح بقرار قابل للطعن فیه عن طریق التمییز.
مما تقدم یمکن القول أن قانون الهیئة لم یجز ترک الدعوى للمراجعة لعدم حضور الخصوم على خلاف القواعد العامة للتقاضیالتی أجازت ترک الدعوى للمراجعة فی هذه الحالة.
ویبرر جانب من الفقه موقف القواعد العامة للتقاضی بان المحکمة لا تستطیع أن تلزم إطراف الدعوى بالحضور، فإذا غاب طرفی الدعوى فلا یمکنها أن تنظر الدعوى سواء أکان هذا الغیاب لأول جلسة ام کان الخصمان قد حضرا جلسات سابقة وبغض النظر عن أسبابه سواء اکان مصدره الاتفاق ام الإهمال ام التماهل، فی حین یرى أخر أن غیاب طرفی الدعوى یجب أن لا یکون مانعا من الفصل فیها، وان القول بخلاف ذلک یودی إلى تأخیر الوصول إلى الحقیقة دون مبرر وإعاقة توفیر الحمایة القضائیة بعمل سلبی هو الغیاب.
ونرى ـ وبقدر تعلق الأمر بدعاوى الملکیة العقاریةـ أن اللجنة القضائیة لا یمکن لها الفصل فی موضوع الدعوى ما لم تکن الدعوى مهیأة للحسم، وتعد الدعوى مهیأة لذلک متى اکتملت مستنداتها وثبتت وقائعها، وان للخصوم دوراً رئیساً وفعالاً فی ذلک، فضلا عن تسدیدهم مصاریف الدعوى، فإذا کانت دعوى الملکیة العقاریة مهیأة للحسم وغاب الخصوم جلسات المرافعة فلا مبرر لترک الدعوى للمراجعة سواء اکان الغیاب لأول جلسة ام کان الغیاب فی جلسات لاحقة وبصرف النظر عن مصدره، لان ذلک یسهم فی تقلیل من عدد الدعاوى ویخفف من الزخم، فضلا عن توفیره للنفقات، إما أذا کانت دعوى الملکیة العقاریة غیر مهیأة للحسم، فلا مانع من ترکها للمراجعة وذلک لاستحالة حسمها من قبل اللجنة القضائیة دون دور یلعبه الخصوم.
إما بالنسبة لأبطال عریضة الدعوى الذی یعد مظهراً من مظاهر سلطان الإرادة وسیادة الخصوم فی الدعوى، فالملاحظ أن قانون الهیئة لم یجز أبطال عریضة دعوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه إذا حضر احد الخصوم جلسات المرافعة على خلاف موقف القواعد العامة للتقاضی التی أجازت أبطال عریضة الدعوى بناء على طلب من المدعی وبغض النظر عن حضور المدعى علیه من عدمه متى تحققت شروطه، او بناءا على طلب من المدعى علیه لعدم حضور المدعی.
أن الحکمة من أبطال عریضة الدعوى بطلب من المدعى علیه طبقا للقواعد العامة للتقاضی ترجع إلى أن عدم حضور المدعی یدل على عدم جدیته فی إقامة دعواه، وان الحکمة من أبطال الدعوى بطلب من المدعی بأنه هو الذی أقامها وهو من یتحمل نفقاتها وهو صاحب المصلحة فی بقائها والحکم فی موضوعها، وقد یرى أن مصلحته تکمن فی صرف النظر عنها من خلال إبطالها خصوصا إذا کان قد تعجل فی أقامتها قبل تهیئة أدلتها.
ونرى أن موقف قانون الهیئة فی هذه المسالة محل نظر وندعو إلى تعدیل المادة(11) منه ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی: ( تنظر اللجنة القضائیة فی الدعوى فی حالة عدم حضور الخصوم بعد التحقق من صحة التبلیغات، ولها حق إصدار الحکم المناسب لحسم الدعوى على ضوء المستندات والمستمسکات المقدمة ولا یجوز ترک الدعوى للمراجعة إذا کانت مهیأة للحسم).
کما ویلاحظ أن المشرع فی قانون الهیئة استعمل مصطلحاً غریباً غیر متداول وهو مصطلح سحب الدعوى الواردة فی المادة (28) منه، یذکر أن الهئیة التمییزیة فسرت هذا المصطلح فی بادی الأمر على انه إسقاط للادعاء إذ جاء فی رائیها الاستشاری بان( المادة (28/1) من القانون رقم 2 لسنة 2006 لحل نزاعات الملکیة العقاریة أجازت للمدعی او من یمثله قانونا سحب الدعوى او جزء منها فی أی وقت یشاء وحتى صدور القرار من اللجنة القضائیة کما وان الفقرة الثانیة منها قد جعلت قرار اللجنة القضائیة بالموافقة على سحب الدعوى قطعیا ولا یجوز الطعن فیه ویتضح مما تقدم أن سحب الدعوى لا یسمح بعد صدور قرار اللجنة ویکون هذا السحب متعلقا بموضوع الدعوى بما لا یجوز معه إعادة أقامتها مجددا لانه یعد إسقاطا للادعاء والساقط لا یعود قانونا....)، ثم عدلت عن هذا التفسیر وعدت سحب الدعوى على انه أبطال للدعوى اذ قضت بان (... سحب الدعوى هو بمثابة أبطال لها ویکون من حق المدعی إقامة دعواه مجددا على ضوء أحکام المادة 54/4 من قانون المرافعات المدنیة....).
ونرى أن موقف المشرع لم یکن موفقا فی استعماله لمصطلح سحب الدعوى لانه کما أسلفنا مصطلح غیر معروف ودخیل على المصطلحات القانونیة، وکان الافضل مسایرة القواعد العامة للتقاضی التی أجازت التنازل بصورة عامة فی المادتین (89 و90) من قانون المرافعات المدنیة، علیه نقترح إلغاء المادة (28) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة.
المبحث الثالث
إصدار الحکم وطرائق الطعن فیه
نظم قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة کیفیة إصدار الحکم الحاسم للدعاوى المشمولة بأحکامه، وحدد طرق الطعن المقررة فی هذه الأحکام.
فی هذا المبحث سنتطرق إلى الإجراءات الواجبة الأتباع لإصدار الحکم أولا، ومن ثم نستعرض طرائق الطعن المقررة ثانیا وذلک فی المطلبین الآتیین:ـ
المطلب الاول
إجراءات إصدار الحکم
أناط قانون الهیئة مهمة إصدار الحکم الحاسم لدعوى الملکیة العقاریة بالقاضی رئیس اللجنة القضائیة حصرا فی جلسة تعقد لهذا الغرض، دون أن یکون لعضوی اللجنة او احدهما أی دور فی حسم الدعوى سوى حق تدوین مخالفته ـ أن وجدت ـ للحکم الصادر فی ورقة مستقلة
وفی هذا السیاق ترى الهیئة التمییزیة أن (حضور ممثل التسجیل العقاری والموظف القانونی الذی یرشحه رئیس الهیئة من العاملین فیها فی جلسات المرافعة أمر وجوبی لانعقاد اللجنة استنادا لأحکام المادة (13) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة، وإما جلسة القرار فیکون بحضور رئیس اللجنة فقط حیث هو الذی یقوم بتوقیع القرار بمفرده ولأی من عضوی اللجنة عند الإطلاع على القرار حق تدوین مخالفته فی ورقة مستقلة إذا أبدى رأیا مخالفا استنادا لأحکام المادة أعلاه....).
یذکر أن الهیئة التمییزیة تعد عضوی اللجنة القضائیة بمنزلة القاضی إذ جاء فی رائیها الاستشاری أن ( لا یجوز لعضو اللجنة أن یکون خبیرا فی الدعوى الذی هو عضو فی اللجنة التی تنظرها لان صفتی القاضی والخبیر لا یجتمعان.....).
ویرى احد الباحثین أن رأی عضوی اللجنة القضائیة سواء العضو القانونی ام العضو ممثل دائرة التسجیل العقاری العامة هو رأی استشاری لیس له أی تأثیر على القرار الحاسم لدعوى الملکیة العقاریة، فی حین یرى باحث أخر أن المشرع فی قانون الهیئة حصر صلاحیة حسم الدعوى برئیس اللجنة القضائیة، أما دور عضوی اللجنة القضائیة فیتحدد بتدوین مخالفتهما بورقة مستقلة ترفق مع القرار، وتتجلى أهمیتها (المخالفة) فی حالة وقوع طعن تمییزی على الحکم من الخصوم او احدهما، ویقترح تفعیل دور عضوی اللجنة القضائیة وجعله مؤثرا فی الحکم على أن یتحملا مسؤولیته او عد مخالفة عضوی اللجنة القضائیة او احدهما بمثابة طعن تمییزی یقتضی عرض الدعوى على الهیئة التمییزیة لإجراء التدقیقات علیها سواء اطعن الخصوم ام لا.
ونرى أن موقف قانون الهیئة فی حصر صلاحیة حسم دعوى الملکیة العقاریة بالقاضی رئیس اللجنة القضائیة فیه اعتراف و إقرار منه بعدم رغبته فی إشراک الحکومة فی حسم الدعوى، کون العضوین هما من الموظفین الحکومیین ویتلقیان الأوامر والتعلیمات من السلطة المنتمین إلیها وهی الحکومة، فی حین أن صاحب الاختصاص الأصیل فی حسم الدعاوى کافة هی السلطة القضائیة، عملا بمبدأ الفصل بین السلطات، وتماشیا مع اقتراحنا حول کیفیة تشکیل اللجنة القضائیة نطلب إلغاء النص الحالی للمادة(13) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی: (تصدر الأحکام بالإجماع او بأغلبیة الآراء فإذا تعددت الآراء وجب على العضو الأقل درجة أن ینضم إلى احد الآراء لتکوین الأغلبیة).
المطلب الثانی
طرق الطعن فی احکام اللجان القضائیة
أجاز قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة الطعن فی الأحکام والقرارات الصادرة عن اللجان القضائیة، ومن الطرائق المقرره للطعن طریقة الاعتراض على الحکم الغیابی وذلک فی حالة الحکم غیابیا على المدعى علیه الذی لم یحضر جلسات المرافعة بالرغم من صحة تبلغه بموعدها، وحدد قانون الهیئة مدة للطعن بالاعتراض عشرة أیام تبداء من الیوم التالی للتبلیغ بالحکم الغیابی او عده مبلغا، وللجنة القضائیة حق رد الاعتراض شکلا إذ قدم خارج مدته القانونیة او خلت عریضة الاعتراض من الأسباب، وبخلافه فان اللجنة القضائیة تنظر فی الاعتراض المقدم من قبل المدعى علیه، وتصدر حکمها بتأیید الحکم المعترض علیه او إبطاله او تعدیله على حسب مقتضى الأحوال.
کما وأجاز قانون الهیئة الطعن فی الأحکام والقرارات التی تصدر عن اللجان القضائیة بطریق التمییزأمام الهیئة التمییزیة التابعة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة خلال مدة قدرها ثلاثون یوماً اعتبارا من الیوم التالی للتبلیغ بالحکم او عده مبلغا.
وغنی عن البیان أن قانون الهیئة عد القرارات الصادرة عن الهیئة التمییزیة بتأیید الحکم او القرار المطعون فیه قرارات باته لا تقبل الطعن فیها بطریقة تصحیح القرار ألتمییزی، وجعل القرارات التمییزیة الصادرة بتعدیل الحکم او القرار الممیز واجبة الأتباع من قبل اللجان القضائیة0
وفی هذا السیاق قضت الهیئة التمییزیة بان(قانون الهیئة الجدید رقم 2 لسنة 2006 والذی أصبح نافذا قد نص فی المادة (21) منه بان قرار الهیئة التمییزیة بالتأیید یکون باتا مما یعنی ذلک من الناحیة القانونیة بان القرار المذکور لا یقبل التصحیح.....).
وفی هذا المقام تجدر الإشارة إلى أن قانون الهیئة أجاز الطعن فی الأحکام الصادرة فی دعاوى الملکیة العقاریة بطریقة إعادة المحاکمة وباعتراض الغیر على وفق القواعد العامة للتقاضی الواردة فی قانون المرافعات المدنیة إذا تحققت شروطهما، وبهذا الاتجاه قضت الهیئة التمییزیة بان( الطعن ألتمییزی واقع ضمن المدة القانونیة فقرر قبوله شکلا ولدى عطف النظر على موضوع الطعن تبین أن الممیز قدم طلب إعادة المحاکمة إلى اللجنة القضائیة موضحا طلباته القانونیة فی عریضة إعادة المحاکمة، فکان المقتضى على رئیس اللجنة القضائیة تحدید جلسة لنظره وتبلیغ الطرفین بذلک وبعد الجمع بین الطرفین للنظر فی طلب إعادة المحاکمة والتحقق من کونه مبینا على سبب من الأسباب المبینة فی المادة (196) من قانون المرافعات المعدل ثم النظر فیه طبقا لما هو مقرر فی المواد 200 و 201 من قانون المرافعات المنوه عنه فی أعلاه، وبعد أن تستکمل اللجنة القضائیة کافة الإجراءات التی تتطلبها الدعوى إصدار القرار الذی یتظاهر لها بما یتفق مع حکم القانون وحیث أن رئیس اللجنة القضائیة لم یهتم بالإجراءات المشار لها، وإنما إصدار قراره برفض الطلب على عریضة إعادة المحاکمة مما یعتبر ذلک خطا قانونیا فاحشا....).
أن من الصحیح القول أن طرائق الطعن المقررة فی قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة هی 1- الاعتراض على الحکم الغیابی 2- التمییز 3- إعادة المحاکمة 4- اعتراض الغیر.
وإما الطعن بطریقة الاستئناف والطعن بطریقة تصحیح القرار ألتمییزی فان قانون الهیئة لم یأخذ بهما.
ویؤخذ على قانون الهیئة أنه أجاز للمدعى علیه الطعن بطریقة الاعتراض على الحکم الغیابی ولم یسمح به للمدعی فی حالة نظر الدعوى غیابیا بحقه وصدور حکم غیابی ضده، إذ جاء فی سیاق الفقرة أولا من المادة (12) من قانون هیئة (... أصدرت اللجنة قرارها غیابیا بحق المدعى علیه وله حق الاعتراض على القرار الصادر...)، ولکون هذا الموقف یفسر بأنه امتیاز لأحد الخصوم ومحاباته على حساب الخصم الأخر ویخل بمبدأ المساواة بین الخصوم فضلا عن مبدأ المواجهة بین الخصوم، کما انه جاء على خلاف ما تقضی به القواعد العامة للتقاضی التی تجیز الطعن بهذا الطریق للخصوم ـ المدعی والمدعى علیه ـ على سواء ودون تمیز بینهم إذا جرت المرافعة غیابیا وصدر الحکم ضد أی منهما، لذا نطلب إلغاء المادة (12) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة والإبقاء على موقف القواعد العامة للتقاضی بشان من یحق له الطعن بطریق الاعتراض على الحکم الغیابی.
وفی هذا الشأن یرى احد الباحثین أنه لیس للادعاء العام أی دور فی مواجهة قرارات وأحکام اللجان القضائیة فی الهیئة وخصوصا تقدیم الطعن لمصلحة القانون، وان السبب یکمن فی أن اللجان القضائیة لیست محاکم مشکلة بموجب قانون التنظیم القضائی رقم 160 لسنة 1979، إنما هی لجان ذات صفة قضائیة وبالتالی فان قراراتها غیر مشمولة بالطعن لمصلحة القانون لانه طریق استثنائی یشمل الأحکام والقرارات الصادرة عن المحاکم ((عدا المحاکم الجزائیة)) او عن مدیر عام دائرة رعایة القاصرین او مدیر مدیریة رعایة القاصرین المختصة او المنفذ العدل حصرا، ویقترح الباحث إعادة النظر فی موقف الادعاء العام من اجل إتاحة المجال له من خلال النص وبشکل صریح على شمول قرارات اللجان القضائیة فی الهیئة بالطعن لمصلحة القانون وذلک ضمانا للمحافظة على المصلحة العامة وتجنب إهدار المال العام او الأضرار به.
ونعتقد أن رأی الباحث جدیر بالتأیید للحجج والمبررات التی ساقها و استند إلیها ونرجو من المشرع الأخذ به.
الخاتمة:
وتتضمن أهم النتائج والتوصیات وعلى النحو الأتی:
أولا: النتائج:
1- انشأ قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة هیئة قضائیة مستقلة عن القضاء تنظر دعاوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه، وهی ـ الهیئة القضائیة ـ تتکون من اللجان القضائیة المناط بها النظر فی نظر الدعوى وحسمها والهیئة التمییزیة المناط بها النظر فی طلبات الاعتراض والطعون بالقرارات والأحکام الصادرة فی دعاوى الملکیة العقاریة.
2- الزم قانون الهیئة جمیع المحاکم العراقیة إحالة دعاوى الملکیة العقاریة المشمولة بأحکامه إلى اللجان القضائیة التی تقدم على جمیع المحاکم العراقیة فیما یتعلق بولایتها على تلک الدعاوى.
3- اخذ قانون الهیئة بمبدأ تعدد الأعضاء فی تشکیل اللجان القضائیة إذ یشترک فی نظر الدعوى رئیس وعضوان.
4- استحدث قانون الهیئة اختصاص جدید لم تعهده القواعد العامة للتقاضی إذ أناط بالهیئة التمییزیة التابعة لهیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة مهمة إبداء الرأی الاستشاری.
5- تبدأ إجراءات إقامة دعوى الملکیة العقاریة بملء استمارة معده لهذا الغرض من قبل الهیئة، وتقدم إلى فرع الهیئة المکلف بتسلمها والتأکد من استیفائها الشروط المطلوبة قبل أحالتها للجنة القضائیة للنظر فیها وحسمها طبقا لأحکام القانون.
6- ألزم قانون الهیئة الفروع کافة إدخال عریضة دعوى الملکیة العقاریة والمعلومات الواردة فیها وورقة التبلیغ للمدعى علیه واستمارة الإجابة قبل إحالة عریضة الدعوى ومحتویاتها بعد صدور الحکم فیها إلى الحاسبة الالکترونیة، وإرسال تلک البیانات إلى قسم الحاسبة المرکزی فی المقر العام للهیئة فی بغداد.
7- الزم قانون الهیئة اللجان القضائیة نظر دعاوى الملکیة العقاریة بعد عقد جلسة مرافعة ولو لمرة واحدة، ولم یجز ترک دعوى الملکیة العقاریة للمراجعة لعدم حضور الإطراف، کما لم یجز أبطال عریضة دعوى الملکیة العقاریة بناء على طلب احد الخصوم.
8- أجاز قانون الهیئة للمدعی تقدیم طلب سحب دعواه او جزء منها مالم یصدر حکم فیها، وعد قرار اللجنة القضائیة بالموافقة على سحب الدعوى قطعیا لا یجوز الطعن فیه.
9- أناط قانون الهیئة مهمة حسم دعوى الملکیة العقاریة برئیس اللجنة القضائیة حصرا ولعضوی اللجنة او احدهما حق تدوین مخالفته فی ورقة مستقلة إذا أبدى رأیا للحکم الصادر.
10- أجاز قانون الهیئة الطعن فی الأحکام الصادرة عن اللجان القضائیة عن طریق الاعتراض على الحکم الغیابی او التمییز او إعادة المحاکمة او اعتراض الغیر.
ثانیا: التوصیات.
1ـ من اجل سیادة مبدأ استقلال القضاء وسد الباب أمام تدخل السلطة التنفیذیة فی عمل اللجان القضائیة نطالب إلغاء النص الحالی للمادة (9) من قانون هیئة حل نزاعات الملکیة العقاریة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی:ـ(تشکل فی مرکز کل محافظة محکمة تسمى محکمة حل دعاوى الملکیة العقاریة. 2ـ تتکون المحکمة من ثلاثة قضاة یعینهم مجلس القضاء الأعلى. 3ـ یجوز تشکیل أکثر من محکمة فی مرکز المحافظة بناءا على طلب من مجلس الوزراء وموافقة مجلس القضاء الأعلى).
کما ونطالب استبدال عبارة حکومة إقلیم کردستان بعبارة السلطة القضائیة لإقلیم کردستان من نص المادة (7) من قانون الهیئة.
2ـ بالنظر لافتقاد نص المادة (4) من قانون الهیئة لمقومات خصائص القاعدة القانونیة، ولتوسیع نطاق اختصاص الهیئة لیشمل الأموال المنقولة أیضا نطالب إلغاء النص الحالی للمادة(4) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی:ـ ( تسری أحکام هذا القانون على الأموال التی أجریت علیها الدولة تصرفات او معاملات غیر مشروعة او مخالفة للقوانین او الناجمة عن التعسف فی استعمال السلطة).
3ـ بهدف صیانة قضاء الهیئة من الإساءة، ولان إبداء الرأی القانونی قبل الأوان یعد سبب من أسباب التنحی او الرد کلا حسب حالته، علیه نطالب إلغاء الفقرة (ج) وتعدیل النص الحالی للفقرة (ت) من المادة (19) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی:ـ ( تنحی رئیس وأعضاء اللجان القضائیة).
4ـ بالنظر للفوائد الجمة الناجمة عن إدخال محتویات الدعوى إلى الحاسبة الالکترونیة وتحول تلک المعلومات إلى بیانات الکترونیة یسهل الرجوع إلیها ویحافظ علیها من السرقة ویمنع التلاعب بها علیه ونرجو من المشرع تعمیم تلک الفکرة على جمیع المحاکم العراقیة.
5ـ من اجل المحافظة على حقوق جمیع الورثة، ولان النیابة القانونیة تسری أثارها الایجابیة دون أثارها السلبیة فی حق الجمیع، علیه نطالب تعدیل المادة (16) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی:ـ (یکون الوارث نائبا عن بقیة الورثة إذا أقام باسمه دعوى إعادة ملکیة العقار وحکم له فیها).
6ـ ندعو إلى إناطة مهمة إقامة دعوى الملکیة العقاریة وتسلم الدعاوى باللجان القضائیة ونطالب إلغاء الفقرة (9) وتعدیل الفقرات (2 و 4 و7) من قانون الهیئة ونقترح أن تکون نصوص الفقرات بالشکل الأتی:ـ
الفقرة الثانیة( یقدم صاحب العلاقة (سواء اکان شخصا طبیعیا ام معنویا ) او من یمثله قانونا الطلب إلى اللجنة القضائیة فی فروع الهیئة على أن یحال إلى اللجنة القضائیة المختصة تبعا لموقع العقار)
الفقرة الرابعة( تطلب اللجنة القضائیة تقریرا مفصلا عن التصرفات الواقعة على العقار موضوع الدعوى من دائرة التسجیل العقاری المختصة).
الفقرة السابعة( تقوم اللجنة القضائیة المختصة بتبلیغ المدعى علیه بموضوع الدعوى لغرض الإجابة خلال مدة (15) یوما تبدأ من الیوم التالی لتبلغه او اعتباره مبلغا وفق استمارة الإجابة المعدة من قبل الهیئة).
7ـ بالنظر لتعذر حسم الدعوى دون حضور الخصوم جلسات المرافعة وتقدیمهم المستندات واثبات الوقائع، لذا نطالب تعدیل المادة (11) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی (تنظر اللجنة القضائیة فی الدعوى فی حالة عدم حضور الخصوم بعد التحقق من صحة التبلیغات ولها حق إصدار الحکم المناسب لحسم الدعوى على ضوء المستندات والمستمسکات المقدمة ولا یجوز ترک الدعوى للمراجعة إذا کانت الدعوى مهیأة للحسم).
8ـ بالنظر لعدم شیوع مفهوم سحب الدعوى ضمن المصطلحات القانونیة وغموضه، نطالب إلغاء المادة (28) من قانون الهیئة والعمل بأحکام المادتین (89 و 90) من قانون المرافعات المدنیة.
9ـ ندعو المشرع إلى إشراک عضوی اللجنة القضائیة فی عملیة إصدار الحکم الحاسم للدعوى على أن یکونوا من القضاة، ونطالب إلغاء النص الحالی للمادة (13) من قانون الهیئة ونقترح أن یکون النص بالشکل الأتی ( تصدر الأحکام بالإجماع او بأغلبیة الآراء فإذا تعددت الآراء وجب على العضو الأقل درجة أن ینضم إلى احد الآراء لتکوین الأغلبیة).
10ـ نطالب السماح للمدعی الطعن عن طریق الاعتراض على الحکم الغیابی إذا صدر ضده حکما غیابیا أسوة بالمدعى علیه، وعملا بمبدأ المساواة بین الخصوم، علیه نقترح إلغاء المادة (12) من قانون الهیئة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
I. Legal books.
1. Ahmed Muslim, Origins of Pleadings, Arab Thought House, Cairo, 1977.
2. Adam Wahib al-Nadawi, Civil Proceedings, University of Baghdad, 1988.
3. Jamal Mouloud Dheban, The Rules of the Health and Justice of the Judiciary in the Case of the City, Cultural Affairs House, Baghdad, 1992.
4. Rahim Hassan al-Ukaili, Studies in Civil Procedure Law, C1, I 1, Sabah Library, Baghdad, 2006.
5. Saadoun Naji Al-Qashtini, Explanation of the provisions of Civil Proceedings 1, 3, Al-Ma'aref Press, Baghdad, 1979.
6. Abbas Al-Aboudi, Explanation of Civil Procedure, Dar al-Kutub for Printing and Publishing, Mosul, 2000.
7. Abdel Aziz Badawi, appeal against appeal and appeal before the Supreme Administrative Court, Egypt, 1970.
8. Abdul Rahman Al-Alam, Explanation of Civil Procedure Law No. 83 of 1969, C 2, Al-Ani Press Baghdad, 1972.
9. Fathi Wali, Mediator in the Civil Judiciary Law, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1987.
10. Mohamed Mahmoud Ibrahim, Al-Wajeez in the Proceedings, Arab Thought House, Cairo, 1983.
11. Mohamed Mahmoud Ibrahim, The General Theory of the Legal Adaptation of Civil Litigation in the Proceedings Law, Arab Thought House, Cairo, 1982.
12. Mahmoud Mohamed Hashim, Civil Judiciary Law, C1, Judicial System, Al-Bukhari Press, Egypt.
13. Mahmoud Mohamed Hashim, Civil Judiciary Law, C2, Litigation before the Civil Court, Dar al-Bukhari Press, Egypt, 1946.
14. Medhat Al-Mahmoud, Explanation of the Law of Pleadings, I 1, Baghdad, 2005.
15. Nabil Ismael Omar, The Appeal and its Procedures in Civil and Commercial Materials, Knowledge Establishment, Alexandria, 1980.
16. Wajdi Ragheb, Principles of the Civil Judiciary, 1, Arab Thought House, Cairo, 1986.
Second: Theses:
1. Ajyad Thamer Al-Dulaimi, The symptoms of civil suit, Master thesis submitted to the Faculty of Law, Mosul University, 2001.
2. Ahmed Samir Al-Sufi, the appeal of the civil defense in civil judgments, Master thesis submitted to the Faculty of Law, University of Mosul, 2003.
Third: Articles:
1. Jamal Nasser Jabbar, appeal to the interest of the law and the law of the Commission for the resolution of real estate disputes, an article published in the magazine solution issued by the Royal Dispute Resolution Authority, No. 4, April 2007.
2. Khudair Abbas Al-Ahmad, The Role of the "Representative of the Commission" in the Judiciary Committee, Opinions and Proposals, Article published in Al-Hal magazine, Issue No. 4, April 2007.
Fourth: Laws and Instructions:
Civil Procedure Code No. 83 of 1969.
2. Iraqi Judicial Organization Law No. 160 of 1979.
3. Instructions to facilitate the implementation of Law No. 2 of 2006 issued by the Commission for the Resolution of Real Property Disputes No. 2181 on 17/4/2007.
Fifth: Resolutions and opinions issued by the unpublished discriminatory authority:
1. Advisory Opinion No. 10/131 of 12/2/2007.
2. The discriminatory decision No. 156 / Discrimination / 2006 on 22/2/2007.
3. The Advisory Opinion No. 19 / Opinion / 2006 on 22/3/2007.
4. The discriminatory decision No. 4273 / Discrimination / 2006 on 3/4/2007.
5. Advisory opinion No. 18 / opinion / 2007 on 22/4/2007.
6. The Advisory Opinion No. 18/642 of 9/5/2007.
7. The discriminatory decision No. 7595 / Discrimination / 2007 on 20/1/2008.
Seventh: Magazines:
1. Journal of the solution issued by the Commission for the resolution of real property disputes number four and fifth, 2007.