الملخص
تعریف موضوع البحث: السرقفلیة مبلغ من المال یدفعه الشخص للمنتفع بالعقار مقابل تنازل الأخیر عن حقه فی الانتفاع به. وتعد السرقفلیة واحدة من المعاملات المهمة التی انتشرت بین الناس ولاسیما بین التجار والمستثمرین سواء أکانوا مالکین أم مستأجرین.
ثانیا: اسباب اختیارموضوع البحث: نظرا لأهمیة الموضوع وانتشاره على صعید التعامل الیومی بین الناس وما ینجم عن ذلک من استغلال وضیاع للحقوق من جهة، ومن جهة أخرى فان السرقفلیة مسألة تباینت فیها الآراء والأحکام ولاسیما حول حالاتها وحکم کل حالة منها، لذلک فقد رأینا ضرورة الوقوف على الحکم القانونی والشرعی لهذه المسالة على اختلاف حالاتها. إذ تعانی المحلات التجاریة ولاسیما الأسواق الیوم من مشکلة بدلات السرقفلیة، لکونها واحدة من الأسباب التی تدفع التاجر إلى وضع هامش ربحی مرتفع على السلع الاستهلاکیة لتسدید النفقات التی تدفع مقابل بدل السرقفلیة مما یعود سلبا على أسعار السلع فیعمل على ارتفاعها وتحمل المستهلک جزءا من أعباء هذا الارتفاع فی الأسعار
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
أحکام السرقفلیة(*)
حبیب ادریس المزوری کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Habib Idris Al-Mzouri College of law / University of Mosul Correspondence: Habib Idris Al-Mzouri E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 23/1/2008 *** قبل للنشر فی 30/3/2008 .
(*) Received on 23/1/2008 *** accepted for publishing on 30/3/2008.
Doi: 10.33899/alaw.2008.160525
© Authors, 2008, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المقدمة:
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا وحبیبنا وشفیعنا محمد وعلى آله وأصحابه وإتباعه ومن اقتفى أثرهم إلى یوم الدین.
أما بعد...
أولا: تعریف موضوع البحث: السرقفلیة مبلغ من المال یدفعه الشخص للمنتفع بالعقار مقابل تنازل الأخیر عن حقه فی الانتفاع به. وتعد السرقفلیة واحدة من المعاملات المهمة التی انتشرت بین الناس ولاسیما بین التجار والمستثمرین سواء أکانوا مالکین أم مستأجرین.
ثانیا: اسباب اختیارموضوع البحث: نظرا لأهمیة الموضوع وانتشاره على صعید التعامل الیومی بین الناس وما ینجم عن ذلک من استغلال وضیاع للحقوق من جهة، ومن جهة أخرى فان السرقفلیة مسألة تباینت فیها الآراء والأحکام ولاسیما حول حالاتها وحکم کل حالة منها، لذلک فقد رأینا ضرورة الوقوف على الحکم القانونی والشرعی لهذه المسالة على اختلاف حالاتها. إذ تعانی المحلات التجاریة ولاسیما الأسواق الیوم من مشکلة بدلات السرقفلیة، لکونها واحدة من الأسباب التی تدفع التاجر إلى وضع هامش ربحی مرتفع على السلع الاستهلاکیة لتسدید النفقات التی تدفع مقابل بدل السرقفلیة مما یعود سلبا على أسعار السلع فیعمل على ارتفاعها وتحمل المستهلک جزءا من أعباء هذا الارتفاع فی الأسعار.
وبسبب بعض المداخلات فی هذا الموضوع یحصل عزوف من أصحاب رؤوس الأموال عن استثمار أموالهم فی میدان بناء العقارات بسبب بعض القرارات المعتمدة على سند قانونی یقید من حریة تصرفهم بأملاکهم وعقاراتهم. کما إن الموضوع یعالج مشکلة العلاقة بین المؤجر والمستأجر تلک العلاقة التی یجب إن تبنى على أساس مبدأ التراضی بوصف إن عقد الإیجار واحد من عقود المعاوضات التی یقرر القانون والفقه الإسلامی ضرورة اعتماده على الرضا التام بین الطرفین لقوله تعالى: (یأیها الذین آمنوا لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراضی منکم 000).
کما إن القانون المدنی العراقی لم یعالج قضیة السرقفلیة على جانب من الأهمیة على الرغم من کونها من المعاملات المعاصرة التی انتشرت أکثر من السابق ولاسیما بین التجار والمستثمرین فضلاً عن کونها من المعاملات التی تعارف علیها التجار.
ثالثا: مشاکل موضوع البحث: إن من أهم المشاکل التی واجهتنی فی موضوع البحث قلة الکتابات القانونیة فی السرقفلیة،فضلا عن عدم العثور على القرارات القضائیة الحدیثة فی قضیة السرقفلیة على الرغم من البحث فی المحاکم ولدى المحامین وفی الانترنیت، وبعبارة أخرى لاحظت عدم وجود قرارات قضائیة بعد صدور قانون إیجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل ، الأمر الذی دفعنی الى الأکتفاء بالقرارات الصادرة قبل صدور القانون المذکور 0
رابعا: منهجیة موضوع البحث: سوف نبحث هذا الموضوع فی نطاق القانون المدنی العراقی وقانون إیجار العقار مؤیدا بأرآء الفقه والکتاب والقرارات القضائیة ، ومن ثم الفقه الإسلامی لغرض الوصول إلى حکم عادل فی قضیة السرقفلیة.
خامسا: خطة موضوع البحث: لقد قسمت خطة موضوع البحث على المباحث الثلاثة الآتیة:
المبحث التمهیدی: التطور التاریخی للسرقفلیة.
المبحث الأول: ماهیة السرقفلیة
المطلب الأول: تعریف السرقفلیة
المطلب الثانی:الأساس القانونی للسرقفلیة
المطلب الثالث :التکییف القانونی للسرقفلیة
المبحث الثانی. أحکام السرقفلیة وإثباتها
المطلب الاول: أحکام السرقفلیة
المطلب الثانی : اثبات السرقفلیة
المبحث التمهیدی
التطور التاریخی للسرقفلیة
السرقفلیة کلمة فارسیة الأصل تتکون من مقطعین: الأول (رأس) والثانی (قفل) فتکون الکلمة بمعنى (رأس القفل) ویراد بها تمکین المستأجر من الانتفاع بالمأجور لقاء مال یدفعه لهذا الغرض.
ویعد القرن الثامن الهجری البدایة التاریخیة لقضیة السرقفلیة التی لم تکن معروفة فی العصور الأولى لدى فقهاء المسلمین، ولکنها عرضت للفتوى فی القرون المتأخرة، وذلک عندما اخذ المجتمع الإسلامی یتعرض لتغیرات اجتماعیة ومعاملات تجاریة أفرزت فیها أنماطا من الأحکام والإیجارات الطویلة الأمد، الأمر الذی اقتضى ضرورة بحثها من قبل الفقهاء فی العصور المتأخرة وبیان الحکم فیها.
إن رفع بدل السرقفلیة عادة قدیمة وجدت منذ مدة طویلة، حتى قبل صدور التشریعات الاستثنائیة، وکانت تمارس فی المحلات التجاریة، حیث یدفع المستأجر الجدید إلى المستأجر القدیم مبلغاً من المال حتى یخلی له المکان فیستأجره هو من المؤجر. ثم تحول الأمر بین المستأجر القدیم وبین المالک المؤجر نفسه، أو إن المستأجر الجدید یدفع هذا المبلغ الإضافی إلى المالک المؤجر حتى یرضى هذا بدوره إن یخلی العین المستأجرة بعد أن امتد الإیجار بحکم القانون.
وواقعة السرقفلیة حصلت عندما طلب المؤجر من المستأجر إخلاء المأجور، ولکن المستأجر امتنع عن ذلک مالم یدفع الیه المؤجر مبلغا من المال. و أن الأسباب التی أدت إلى نشوء السرقفلیة تکاد تتداخل مع العوامل التی أدت إلى انتشارها ودیمومتها، فما دامت الأسباب قائمة فالسرقفلیة موجودة ومستمرة، وهذه الأسباب کثیرة ونسبیة ومتجددة بمرور الزمن، ومن أهمها ما یأتی:
أولا: تصور خسران المنفعة أو إغلاق باب من أبواب الرزق عند ترک المأجور وإخلائه ولاسیما عندما یکون المأجور نافعا بالفعل.
ثانیا: التنافس الشدید على المحلات التجاریة والسکنیة والصناعیة ولاسیما ذات المواقع المتمیزة عن غیرها.
ثالثا: أزمة السکن ومما یتعلق بها من أسباب.
رابعا: الحد من تصرفات المالک فی ملکه.
ولأبد من الإشارة هنا إلى انه قد تم إطلاق مجموعة من المصطلحات والتسمیات المرادفة للسرقفلیة على وفق الأعراف السائدة فی کل بلد أو مدینة أو إقلیم. وذلک على النحو الآتی:
1. السرقفلیة: ذکرنا آنفا أن السرقفلیة کلمة فارسیة تعنی التنازل من قبل المستأجر عما تحت یده من المنافع إلى شخص آخر لقاء عوض من المال یتفق علیه الطرفان وهذه التسمیة شائعة الاستعمال فی قطرنا العراق
2. الفروغ: هذا المصطلح یستخدمه أهل الشام للدلالة على خلو الرجل أو فراغ العین المستأجرة.
3. الجلسة أو الإنزال: یطلق أهل المغرب هذا التسمیة على السرقفلیة بصفة أن مستأجر المحل یجلس فیه ویتخذه محلاً للسکن أو للعمل.
4. المفتاح أو الزینة: أهل مصر یطلقون هذه التسمیة على السرقفلیة على أساس أن مالک المنفعة یستقل بالتصرف فی ملکیة مفتاح العین المستأجرة. أو لان المستأجر یضیف إلى المأجور زینة ومعالم –دیکورات– على وجه الدوام والاستقرار. کما یسمى عند المصریین أیضا بـ (الخلو أو خلو الرجل) نسبة إلى إخلاء المکان.
ومهما یکن من أمر فان موضوع السرقفلیة أمست أمراً واقعا لا یمکن الفرار منه ، ولابد للقانونیین من معالجة قانونیة لهذه المسالة التی اخذ الناس یتعاملون بها من اجل الوقوف على حکم القانون فیها.
وهکذا استمرت قضیة السرقفلیة منذ القرن الثامن للهجری تواکب التطور الاقتصادی الحاصل فی المجتمع الإسلامی حتى وصلت إلى ما صارت علیه الیوم من صیغ وأشکال متعددة وحالات کثیرة تتطلب الوقوف على حکم کل حالة منها.
المبحث الأول
ماهیة السرقفلیة
تعد السرقفلیة من المعاملات المهمة والشائعة بین الناس فی العصر الحاضر، ونظراً لأهمیة الموضوع وانتشاره على صعید الواقع العملی، فانه یتطلب منا تعریف السرقفلیة وبیان اساسها ومن ثم تحدید تکییفها. لذلک فقد ارتأینا تقسیم هذا المبحث على المطالب الثلاثة الاتیه:
المطلب الأول: تعریف السرقفلیة.
المطلب الثانی:الأساس القانونی للسرقفلیة0
المطلب الثالث :التکییف القانونی للسرقفلیة.
المطلب الأول
تعریف السرقفلیة
تعتبر السرقفلیة من المسائل الضروریة فی وقت استجدت وسائل التقدم الحضاری فی العالم ولاسیما فی بلدنا الحبیب، وبوصفها عنصراً من العناصر المادیة للإنسان. فعلیه الالتفات إلیها وتحدید معناها فی الاصطلاحین اللغوی والفقهی. وهذا ما سنبینه فی الفرعین الآتیتین:
الفرع الأول: تعریف السرقفلیة فی الاصطلاح اللغوی.
الفرع الثانی: تعریف السرقفلیة فی الاصطلاح الفقهی.
الفرع الأول
تعریف السرقفلیة فی الاصطلاح اللغوی
تأتی السرقفلیة فی اللغة العربیة بمعنى الخلو. والخلو لغة: مصدر من خلا، یخلو، خلواً. یقال خلاء الإناء مما فیه: أی فرغ. وخلاء البیت من أهله بمعنى صار خالیاً أی فارغاً. والمکان الخالی: الذی لاشی فیه. وتقول تخلیت: أی تفرغت أو فرغت.
یتضح مما تقدم أن المعانی المذکورة آنفاً جمیعها تصب فی معنى واحد ألا وهو الفراغ وعدم کون المحل أو الدار أو المکان مشغولاً بأحد أو لأحد.
الفرع الثانی
تعریف السرقفلیة فی الاصطلاح الفقهی
لم یتطرق المشرع العراقی إلى تعریف للسرقفلیة وإنما ترک لأهل الفقه والقضاء القیام بذلک بوصفه من الجزئیات التی تدخل فی اختصاصهم وهو الأصل فی التعریف. فهناک من یعرف السرقفلیة بأنها مبلغ من المال یدفعه المستأجر الأول إلى المالک، أو یدفعه المستأجر اللاحق إلى المستأجر السابق، أو یدفعه المالک المؤجر إلى المستأجر قبل العقد أو أثنائه مقابل اکتساب أو نقل قدم محل تجاری إلیه.
وعرفه آخرون بأنها مبلغ من المال یدفعه الإنسان نظیر تنازل المنتفع بعقار (ارض أو دار أو مزرعة أو محل تجاری) عن حقه فی الانتفاع به. وهذا التعریف الأخیر کان قد اخذ به احد الفقهاء المعاصرین.
کما ذهب رأی آخر إلى أن السرقفلیة تعنی أن یتنازل المستأجر عما تحت تصرفه من إیجار المحل الذی یستغله إلى الآخر، ویتقاضى إزاء هذه العملیة مقداراً من المال یتفق علیه الطرفان.
وجاء فی قرار لمحکمة تمییز العراق ما یأتی: (ولما کان المبلغ المدفوع من قبل الممیز باسم "السرقفلیة" إنما هو لقاء تنازل المؤجر عن منفعة المأجور وتمکینه من الانتفاع به طیلة مدة العقد ).
ویستدل مما تقدم أن السرقفلیة مبلغ من المال یدفعه الإنسان مقابل تنازل المنتفع بعقار عن حقه فی الانتفاع به، لان بدل السرقفلیة قد یکون من النقود أو غیره، کما أن العقار قد یکون سکنیاً أو صناعیاً أو زراعیاً أو تجاریاً. فضلاً عن ذلک أن السرقفلیة تکون غالباً فی العقارات من دون المنقولات.
المطلب الثانی
ألأساس القانونی للسرقفلیة
یکون هناک کسب دون سبب إذا اغتنمت ذمة شخص بسبب افتقار ذمة شخص أخر ولم یکن هناک ما یبرر هذا الاغتناء فی نظر الشریعة والقانون. والإثراء من دون سبب بهذا المعنى یعد مصدراً من مصادر الالتزام. فالقانون یلزم الشخص الذی أثرى على حساب غیره برد ما انتفع به. وهو یستلهم فی ذلک قواعد العدالة. فالعدالة تأبى إن یثرى شخص على حساب غیره من دون إن یکون لهذا الإثراء سبب مشروع.
وقد نص المشرع العراقی على ما تقدم ذکره بقوله: (کل شخص ولو غیر ممیز یحصل على کسب دون سبب مشروع على حساب شخص أخر یلتزم فی حدود ما کسب دون سبب بتعویض من لحقه ضرر بسبب هذا الکسب ویبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال کسبه فیما بعد). .
وقد ذهبت محکمة تمییز العراق فی قرار لها إلى انه لیس للدائرة الرسمیة إن تأخذ بدل السرقفلیة عند تنازلها عما تبقى لها فی المأجور من منفعة خلال مدة عقد الإیجار، لان أملاک البلدیة لا تؤجر ألاعن طریق المزایدة العلنیة، وعلیه یعد البدل الذی قبضته الدائرة المذکورة والتی تزید على بدل الإیجار إثراء من دون سبب مشروع وتلزم برده إلى صاحبه.
وعلیه یمکن القول بان الأساس القانونی لبدل السرقفلیة فی الحالات التی یکون فیها عقد الإیجار فیها غیر صحیح وفقاً لإحکام قانون الإیجار هو الکسب من دون سبب وهنا یلزم برد بدل السرقفلیة الذی یزید على بدل الإیجار إلى صاحبه إذ لا أساس له فی هذه الحالات.
ومن أهم التطبیقات التی ذکرها المشرع العراقی لنظریة الکسب دون سبب هی المدفوع من دون حق. وان عدم سماع دعوى الکسب من دون سبب هی ما نص علیه المشرع من انه: (لأتسمع دعوى الکسب دون سبب فی جمیع الأحوال المتقدمة بعد انقضاء ثلاث
سنوات من الیوم الذی علم فیه الدائن بحقه فی الرجوع، ولأتسمع الدعوى کذلک بعد انقضاء خمسة عشر من الیوم الذی نشأ فیه حق الرجوع).
وعلیه فان تقادم دعوى حق المستأجر فیما دفعه من بدل السرقفلیة إلى المالک المؤجر أو المستأجر القدیم یسقط بمرور ثلاث سنوات من الیوم الذی یعلم فیه المستأجر بحقه فی الاسترداد، ویسقط حقه فی جمیع الأحوال بمرور خمس عشرة سنة من یوم الدفع. وهذا تطبیق لحکم التقادم فی دعاوى استرداد ما دفع من دون حق 0
المطلب الثالث
التکییف القانونی للسرقفلیة
إذا کانت السرقفلیة من القضایا المهمة فی حیاة الناس، فبماذا یکیفها الفقهاء؟ هل هی حق من الحقوق المکتسبة أم أنها منفعة من المنافع؟ وإذا افترضناها منفعة من المنافع، فهل تعد هذه المنفعة مالا أم لأتعد کذلک؟ هذا ما سنبینه تباعاً.
لقد عالج القانون المدنی العراقی جملة من عقود المعاوضات والتبرعات وکان من بینها العقود التی ترد على منفعة الأشیاء وذلک فی الباب الثانی من الکتاب الثانی تحت اسم العقود الواردة على الانتفاع بالشیء.
کما أن محکمة تمییز العراق ذهبت إلى أن المبلغ الذی یدفع باسم السرقفلیة یعد مقابلاً للتنازل عن منفعة المأجور طیلة مدة العقد.
ویتضح مما تقدم أن التکییف القانونی لبدل السرقفلیة أنها تعد مقابل لتنازل مالک المنفعة عن حقه فی ملکیتها لها، سواء أکان مالکا للرقبة أم لیس مالکا لها.
والفقه الإسلامی. یذهب فی تکییف بدل السرقفلیة بأنه یعد مقابل لتنازل المالک عن منفعة ملکیته لها سواء أکان مالکا للرقبة أم لا، وهی إیجار للمنفعة ولیس بیعاً لجزء منه، والقول بخلاف ذلک یضفی على عقد الإیجار صفة التأبید، أی أن الإیجار الذی یدوم مادامت العین المستأجرة باقیة ویلغى عامل الزمن فیه هو إیجار مؤبد، والإیجار المؤبد لا یجوز، إذ التصرف یقع على منافع الأشیاء لا على ذواتها، ولان انتقال العین من ید إلى ید فهذه لأتمس الذات فی شی من المساس وهذا بخلاف منافع الأشیاء التی تتأثر زیادة أو نقصانا عند الانتقال 0 بعبارة أخرى انه إذا ورد البیع على المنافع بشرط رد العین للبائع فهو إیجار وإلا فهو بیع.
لکن السؤال الذی یطرح نفسه هو هل تعد المنفعة مالا أم لأتعد کذلک؟.نص المشرع العراقی على انه: (ینصرف اثر العقد إلى المتعاقدین والخلف العام). یستنتج من هذا النص أن منافع الأشیاء تعد من الأموال المقومة والتی تنتقل إلى المتعاقدین إثناء حیاتهما والى ورثتهما بعد الموت، إذ أن من آثار العقد الحقوق وهذه مطلقة تجری على إطلاقها فتشمل الحقوق والمنافع المالیة والحقوق والمنافع غیر المالیة، ومن هذه المنافع المتأتیة عن طریق السرقفلیة.
وفی المعنى المذکور آنفا ذهبت محکمة تمییز العراق إلى أن السرقفلیة تعد بیعاً للمحل التجاری وموقعه ومزایاه الأخرى، وجرى العرف على التعامل بها ولا تعد مخالفة للنظام العام وقانون إیجار العقار.
إما الفقه الإسلامی فقد اختلف بشان مالیة السرقفلیة من عدمها. ففقهاء الحنفیة یقولون: بعدم اعتبار المنافع أموالا، وذلک کسکنى الدار ورکوب السیارة لأنه لا یمکن إحرازها، فالمال المملوک عندهم هو ما یمکن إحرازه وما یباح الانتفاع به. وعلى هذا الأساس ذهبوا إلى أن المنافع لأتضمن بالمال المتقوم لأنها غیر متقومة، إذ لا تقوم عندهم إلا بإحرازه.
ونتفق مع من یرى أن ما ذهب إلیه الحنفیة من أن المنافع غیر محرزة ومن ثم فهی لیست أموالا لا یسلم لهم بحال من الأحوال، لان الإحراز یختلف من عین إلى عین ومن مال إلى آخر، ولیس هناک فی الشریعة تحدید لشکل الإحراز وصیغته. فضلاً عن ذلک أن القول بعدم مالیة المنافع إهدار للحقوق وضیاع للمصالح، فالأموال لا یحرص علیها إلا لمنافعها فکیف لا یمکن تقویمها بالمال؟.
بینما جاء فی قواعد الزرکشی مایاتی: (أن منافع الدار مال عند الشافعی. ولیس یتوقف معنى المال فیها على إنشاء عقد، ومنزلتها منزلة أعیان الأموال).
ویرى الحنابلة أن المنافع بمنزلة الأعیان، لأنه یصح تملیکها فی حال الحیاة وبعد الموت وتضمن بالید والإتلاف ویکون عوضها عیناً ودیناً.
کما أن البعض من فقهاء المالکیة یرى أن (الخلو من ملک المنفعة لا من ملک الانتفاع وهو اسم للمنفعة التی یملکها دافع الدراهم لناظر الوقف). وهذه إشارة واضحة إلى أن السرقفلیة من ملک المنفعة.
یتضح من أراء الفقهاء الإجلاء انه إذا عدت المنافع أموالاً فانه یمکن تکییف السرقفلیة عندهم على أنها من جملة المنافع التی تأخذ حکم الأموال، بل هی الغرض من الأموال. فلیس هناک ما یمنع التصرف بالمنفعة من بیع أو هبة أو تنازل بعوض.ومما یدل على ان منافع الاشئیاء اموال ماجآء فی قصة سیدنا موسى وشعیب علیهما السلام فقال الله تعالى : ((قال إنی ارید ان انکحک إحدى ابنتی هاتین على ان تأجرنی ثمانی حجج فان اتممت عشرا فمن عندک وما ارید ان اشق علیک ستجدنی إن شآء الله من الصالحین)) .ومعنى ذلک ان مهر ابنة شعیب التی هی حق من حقوق المرأة المالیة کان منفعة ولیس نقدا متمثلة بان یعمل سیدنا موسى عند سیدنا شعیب علیهما السلام لمدة ثمانی سنوات0
وجآء فی قول البعض من فقهآء المالکیة مایاتی: (اعلم أن الخلو من ملک المنفعة لا من ملک الانتفاع. إذ مالک الانتفاع ینتفع بنفسه فقط ولا یؤجر ولا یهب ولا یعیر ومالک المنفعة له تلک الثلاثة مع انتفاعه بنفسه. والفرق بینهما أن مالک الانتفاع یقصد ذاته مع وصفه کإمام وخطیب ومدرس وقف علیه بالوصف المذکور. بخلاف مالک المنفعة فإنما لا یقصد به الانتفاع بالذات بل بأی منتفع کمستعیر لم یمنعه من إعارته. ثم أن ملک الانتفاع وأراد أن ینتفع به غیره فانه یسقط حقه منه ویأخذه الغیر على انه من أهله حیث کان من أهله. والخلو من ملک المنفعة فلذلک یورث).
یستدل مما تقدم، . إن التکییف القانونی والشرعی للسرقفلیة انها تعد صورة من صور التنازل عن منفعة الأشیاء لقاء عوض مالی یتفق علیه المتنازل والمتنازل له, وذلک حسب الموقع الجغرافی للمنفعة المتنازلة عنها ومزایاها الأخرى فیها.وسواء أکان المتنازل مالکا للرقبة ام غیر مالک لها0
المبحث الثانی
أحکام السرقفلیة وإثباتها
للسرقفلیة حالات متعددة، فقد یأخذ المالک بدل السرقفلیة من المستأجر، ویحصل إن یأخذ المستأجر من المالک، کما یتوقع إن یأخذ بدل السرقفلیة المستأجر القدیم من المستأجر الجدید، ولکل حالة تقدم ذکرها حکمها الخاص بها. کما إن لإثبات السرقفلیة أهمیة کبیرة بین المتعاقدین وأمام القضاء إذ یسهل معرفة صاحب الحق من عدمه، کما إن المطالبة بالحقوق ینبغی إن یکون ذلک خلال مدة محدودة، لحمایة الغیر حسن النیة ولاستقرار المعاملات0 ولغرض تسلیط الضوء على أحکام السرقفلیة وإثباتها سیتم تقسیم هذا المبحث على المطلبین الآتیین: المطلب الأول: أحکام السرقفلیة.
المطلب الثانی: إثبات السرقفلیة.
المطلب الاول
أحکام السرقفلیة
للتعرف على احکام السرقفلیة فی القانون المدنی العراقی وقانون ایجار العقار ومن ثم فی الفقه الاسلامی لابد من تخصیص الفرعین الاتیین لها :
الفرع الاول : احکام السرقفلیة فی القانون المدنی العراقی وقانون ایجار العقار0
الفرع الثانی :احکام السرقفلیة فی الفقه الاسلامی 0
الفرع الاول
أحکام السرقفلیة فی القانون المدنی العراقی وقانون ایجار العقار
لقد أجاز القانون المدنی العراقی التعامل بالسرقفلیة، إذ أجاز للمستأجر التنازل عن الإیجار أو الإیجار من الباطن، حیث جاء فی نص المادة (775) منه ما یأتی: (1. للمستأجر إن یؤجر المأجور کله أو بعضه بعد قبضه أو قبله فی العقار وفی المنقول، وله کذلک إن یتنازل لغیر المؤجر عن الإجارة کل هذا ما لم یقض الاتفاق أو العرف بغیره 2. فإذا اشترط المؤجر عدم قیام المستاجر بایجار العین او تنازله عنها للغیر إلا بموافقة المؤجر فلا یجوز لهذا ألاخیر إن یمتنع عن الموافقة إلا لسبب مشروع).
وقد سار القضاء العراقی فی هذه المرحلة على وفق منهج القانون المدنی وذلک بإجازته بدل السرقفلیة بوصفه ثمن لبیع اسم المحل التجاری وشهرته ومزایاه الأخرى. کما یکون من حق مالک المنفعة التأجیر من الباطن إذا لم یقض الاتفاق بخلاف ذلک. فضلاً عن ذلک فان العرف التجاری یجیز التعامل بالسرقفلیة.
وفی هذا المعنى قضت محکمة التمییز فی قرار لها انه لمالک المنفعة حق التأجیر للمدة التی یکون المأجور خلالها تحت انتفاعه حتى ولو لم یکن مالکاً لـــــــــــــــــــــــــه.
وفی قرار أخر ذهبت المحکمة نفسها إلى: (القول بان السرقفلیة مخالفة لإحکام قانون مراقبة إجارة العقار فغیر وارد، لان السرقفلیة هی ثمن لبیع اسم المحل التجاری وموقعه ومزایاه الأخرى وقد جرى العرف على التعامل بها. وان قانون مراقبة إجارة العقار لم یمنع تدویر إیجار أی محل باسم أخر بشرط موافقة المؤجر).
یلاحظ إن المالک المؤجر لو استلم مبلغاً من المال لقاء تنازله عن منفعة المأجور للمستأجر لمدة محدودة فالظاهر انه صحیح بموجب الأحکام القضائیة. وهذا ما جاء فی قرار لمحکمة التمییز التی حکمت بان بدل السرقفلیة المدفوع کان لقاء تنازل المؤجر عن منفعة المأجور لمصلحة المستأجر وتمکینه من الانتفاع به طیلة مدة العقد. وکذلک قضت فی قرار أخر انه إذا تنازل المستأجر عن منفعة الدکان لقاء مبلغ معین فلیس له الانفراد بالرجوع عن هذا التنازل إلا بعد موافقة المتنازل له.
کما انه إذا أبطل عقد الإیجار بهلاک المحل یبطل معه بدل السرقفلیة أیضا، إذ یصبح لا أساس له یجب رده إلى صاحبه. وفی هذا الصدد ذهبت محکمة التمییز فی قرار لها إلى إن المبلغ المدفوع باسم السرقفلیة الذی هو لقاء تنازل المستأجر عن منفعة العقار المأجور لمستأجر أخر وتمکینه من الانتفاع به مدة العقد، فان بدل السرقفلیة هذا یدور مع عقد الإیجار وجودا وعدما، فإذا فسخ عقد الإیجار لسبب ما فان بدل السرقفلیة ینفسخ معه وذلک لاستحالة التنفیذ الراجع إلى انعدم المحل مما یستحیل معه تنفیذ العقد بالنظر لهلاک العین المؤجرة ویکون من حق المدعی الرجوع على المدعى علیه بما دفعه من مبالغ باسم السرقفلیة.
وأخیرا قضت محکمة التمییز فی قرار أخر انه إذا اشترى المدعی حق منفعة الدکان باسم السرقفلیة من المستأجر مع علمه بعائدیة الدکان إلى الغیر من دون استحصال موافقة المالک ولم یحدد مدة للانتفاع بالمأجور الذی حکم بتخلیته استحق المدعی المبلغ الذی دفعه مطروحا منه ما یوازی مدة انتفاعه بالمأجور حسب تقدیر الخبراء.
نستنتج مما تقدم إن القضاء العراقی أجاز التعامل بالسرقفلیة بموجب الفقرتین الأولى والثانیة من المادة (775) من القانون المدنی. وبما إن السرقفلیة تعد حقاً من حقوق الانتفاع فعلیه یجوز لمالکها إن یتصرف بملکیة المنفعة بجمیع التصرفات کأن یتنازل عنها للغیر بمقابل أو من دون مقابل، إذ إن الانتفاع عنصر من عناصر الحقوق العینیة.
لکن بعد تغیر ظروف بلدنا الحبیب فقد صدرت قوانین استثنائیة غیرت حکم أجازت السرقفلیة الموجود فی القانون المدنی العراقی، فحظر قانون إیجار العقار رقم (87) لسنة 1979 المعدل فی مادته الحادیة عشر التأجیر من الباطن أو التنازل عن الإیجار کلاً أو جزءاً ویقع باطلاً کل اتفاق یقضی بخلاف ذلک. ونتیجة لتلک التغیرات فقد جعل المشرع عقود الإیجار تمتد بحکم القانون بعد انتهاء مدتها مادام المستأجر شاغلاً للعقار ومستمراً على دفع الأجرة.
ومنع المؤجر من إنهاء العقد أو زیادة بدل الإیجار، لذلک منع المستأجر من التأجیر من الباطن أو التنازل عن الإیجار للغیر مهما کانت الأسباب. واستنادا إلى ما تقدم فقد نص المشرع على انه: (لا یجوز للمؤجر أو المستأجر أو الوسیط أو أی شخص أخر إن یحصل على أی مال أو منفعة خارج نطاق عقد الإیجار المبرم وفق إحکام القانون ولا یشمل ذلک ما یستحقه الدلال المجاز من اجر).
وجاء فی الفقرة رقم 18 من المذکرة الإیضاحیة لقانون إیجار العقار بشان النص المذکور آنفاً: (منع القانون المؤجر أو المستأجر أو الوسیط أو أی شخص أخر من الحصول على أی مال أو منفعة خارج نطاق العقد عدا ما یستحقه الدلال المجاز من اجر. والقصد من ذلک منع الاستغلال فقد لا یوافق المؤجر على الإیجار أو لا یوافق المستأجر على الإخلاء أو لا یسعى الوسیط أو غیره فی الدلالة على المأجور إلا مقابل هذا المال غیر المشروع فتلحق بذوی العلاقة أضرار لا مبرر لها).
وهناک من یرى إن المشرع العراقی منع اخذ أو إعطاء مبلغ السرقفلیة مهما کانت الأسباب خارج نطاق عقد الإیجار المبرم على وفق إحکام قانون إیجار العقار النافذ فی 1/7/1979، وذلک لان اقتضاء أی مال أو منفعة یزید على ما نص علیه عقد الإیجار یعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفة ذلک النظام العام. ویحق لمن دفع بدل السرقفلیة إن یسترده على أساس الکسب من دون سبب مشروع الذی لا یقره القانون( 2). والعبرة بتقدیر الإثراء وقت تحققه لا وقت رفع الدعوى ولا فی وقت إصدار الحکم( 3).
ولا نتفق مع الرأی المذکور آنفاً، لان بدل السرقفلیة کما کیفناه سابقاً إنما هو مقابل لتنازل مالک المنفعة عن ملکیة حقه فی الانتفاع بالمأجور وهو من الحقوق العینیة التی تخول صاحبها مطلق التصرف هذا من جانب. کما إن محکمة تمییز العراق ذهبت فی قرار لها( 4) إلى إن العرف قد جرى على إجازة التعامل بالسرقفلیة، ولم یمنع قانون إجارة العقار تدویر المأجور باسم السرقفلیة عند موافقة المؤجر. وکما نعلم إن العرف هو المصدر الثانی للقانون من بعد التشریع بموجب الفقرة الثانیة من المادة الأولى من القانون المدنی. فضلاً عن أن الفقه الإسلامی أجاز السرقفلیة. کل ذلک إذا کان حق المستأجر باقی فی المأجور ببقاء مدة الإیجار وهذا من جانب أخر.
ویلاحظ إن القانون العراقی قد فرض مسؤولیة مدنیة وعقوبة جزائیة على کل من المؤجر والمستأجر والوسیط بینهما أو أی شخص أخر فی حالة مخالفتهم لإحکام قانون إیجار العقار. فعلى الرغم من إجازة القانون المدنی السرقفلیة وفق المادة (775) منه، إلا انه فی ناحیة توجیه السرقفلیة باتجاه العمل غیر المشروع الذی لا یقره القانون ولاسیما بعد صدور قانون إیجار العقار المعدل، وذلک استناداً إلى إحکام الفقرة الثانیة من المادة (209) من القانون المدنی التی تنص على انه: (2. ویقدر التعویض بالنقد على انه یجوز للمحکمة تبعاً للظروف وبناء على طلب المتضرر أن تأمر بإعادة الحالة إلى ما کانت علیه أو إن تحکم بأداء أمر معین أو برد المثل فی المثلیات وذلک على سبیل التعویض).
وکذلک استنادا إلى نص المادة (243) من القانون المدنی التی تقضی بأنه على: (کل شخص ولو غیر ممیز یحصل على کسب دون سبب مشروع على حساب شخص آخر یلتزم فی حدود ما کسبه بتعویض من لحقه ضرر بسبب هذا الکسب ویبقى هذا الالتزام قائما ولو زال کسبه فیما بعد).
فضلاً عما تقدم عندما منع المشرع العراقی السرقفلیة وضع لها عقاباً جزائیاً، حیث نص على انه: (یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزید على سنتین وبغرامة لا تقل عن مائة دینار ولا تزید على خمسمائة دینار أو بإحدى هاتین العقوبتین کل من خالف أحکام المادة الحادیة والعشرین) .
یتضح مما تقدم أن حکم النص العقابی یقتصر على العقارات المشمولة على وفق أحکام قانون إیجار العقار استناداً إلى الفقرة الأولى من المادة الثالثة والعشرین منه. وبعبارة أخرى إذا حصل المؤجر أو المستأجر أو الوسیط أو أی شخص آخر على أی مال أو منفعة خارج نطاق عقد الإیجار وکان العقار خاضعاً لأحکام قانون إیجار العقار فانه یستحق العقاب المذکور آنفا. وفی هذه الحالة فقد أوکلت المادة (24) من قانون إیجار العقار إلى دوائر ضریبة العقار مهمة اتخاذ الإجراءات القانونیة بحق المخالفین لأحکام هذا القانون وذلک بعد إشعار صاحب العلاقة لدائرة الضریبة بوقوع المخالفة. إذ قضت صراحة بان: (تتوالى دوائر ضریبة العقار تنفیذ هذا القانون وإخبار الادعاء العام عن المخالفین لأحکامه).
الفرع الثانی
أحکام السرقفلیة فی الفقه الإسلامی
بینا سابقا أن السرقفلیة تکون على عدة حالات من أهمها: أن یحصل الاتفاق بین المالک المؤجر والمستأجر، أو یتم الاتفاق بین المستأجر والمالک المؤجر، وقد یحدث أن یقع الاتفاق بین المستأجر القدیم والمستأجر الجدید، ولکل حالة حکمها الخاص بها. وسوف نبین موقف الفقه الإسلامی من الحکم فی الحالات المذکورة للسرقفلیة فی المقاصد الثلاثة الآتیة:
المقصد الأول: اتفاق المالک المؤجر والمستأجر على بدل السرقفلیة.
المقصد الثانی: اتفاق المستأجر والمالک المؤجر على بدل السرقفلیة.
المقصد الثالث: اتفاق المستأجر الأول والمستأجر اللاحق على بدل السرقفلیة.
المقصد الاول
اتفاق المالک المؤجر والمستأجر على بدل السرقفلیة
للمالک المؤجر أن یأخذ من المستأجر مقداراً مقطوعاً من المال عند بدء العقد فضلاً عن الأجرة السنویة أو الشهریة إذا اتفقاً على ذلک وقام المؤجر بعدها بتسلیم العقار إلى المستأجر مؤثراً إیاه على غیره من المستأجرین. ویعد المقدار المأخوذ جزءاً معجلاً من الأجرة المشروطة فی العقد، وتکون الأجور التی تدفع فی المستقبل سنویاً أو شهریاً جزءاً آخر من الأجرة مؤجلة الوفاء مضافاً إلى ما تم تعجلیه، مثل اتفاق الزوجین على قسمة المهر إلى معجل ومؤجل عملاً بالعرف السائد فی البلاد الإسلامیة.
لقد اصدر مجمع الفقه الإسلامی قراراً بشان بدل السرقفلیة جاء فیها ما یأتی: (إذا اتفق المالک والمستأجر على أن یدفع المستأجر للمالک مبلغا مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدوریة -وهو ما یسمى فی بعض البلاد خلواً– فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن یعد جزءاً من أجرة المدة المتفق علیها، وفی حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحکام الأجرة).
کما أن الفقه الجعفری أجاز هذا النوع من حالات السرقفلیة، حیث جاء فی إحدى المسائل الفقهیة ما یأتی: (یجوز للمالک اخذ أی مقدار من المال من المستأجر بعنوان السرقفلیة، وإذا کان للمستأجر حق تأجیر العین للغیر أمکنه أن یأخذ منه مقداراً لیدفع له الإیجار، ولا مانع فی هذا النحو من السرقفلیة).
ومن أهم الأسباب التی تدفع المالک المؤجر إلى اخذ بدل السرقفلیة من المستأجر هی أن:
یکون المالک بأمس الحاجة إلى مال لیبنی فیه أرضه، اوإذا کانت هناک قوانین وضعیة تحد من حق المالک المؤجر فی إیجار عقاره باجرة المثل وتلزمه بتسعیرة جبریة أو تحد من حقه فی إخلاء العین المستأجرة. أو إذا کان المحل فی موقع متمیز یفوق غیره من المحلات التجاریة، أو أن المالک حقق له شهرة من خلال استغلاله له والعمل على إبرازه بحسن الصنعة وجودة النوعیة وطیب المعاملة وکسب الزبائن له، وهذا یدخل ضمن حقوق الابتکار.
فان کل ذلک یکون دافعا للمالک المؤجر لطلب بدل السرقفلیة من المستأجر، وذلک لان المنافع تعد أموالاً. ولاشک أن الموقع التجاری المتمیز یمثل منفعة من منافع الإنسان فتعد بذلک مالا تجوز المعاوضة عنه شرعاً کما أن العرف العام جرى على اعتبار ذلک حقاً من الحقوق یجیز التعویض عنه، والعرف العام یعد مصدراً من مصادر التشریع الإسلامی إذا کان لا یعارض نصاً شرعیاً أو أصلاً من أصول الشریعة أو قاعدة من قواعدها العامة( 1).
یستدل مما تقدم انه یجوز للمؤجر أن یبیع منفعته للمستأجر، لأنه مالک لتلک المنفعة، ومن حقه أن یتنازل عنها مقابل عوض یدفعه إلیه المستأجر0
المقصد الثانی
اتفاق المستأجر والمالک المؤجر على بدل السرقفلیة
للمستأجر أن یتفق مع المالک المؤجر على بدل السرقفلیة فی أثناء عقد الإیجار، ولهذه الحالة عدة أسباب هی على النحو الآتی:
السبب الأول: أن یکون المستأجر لا یزال فی مدة التعاقد الأصلیة المتفق علیها فیتمسک المستأجر بالعقد ویرفض إخلاء العین المستأجرة. ففی هذه الحالة هل یجوز للمستأجر اخذ بدل السرقفلیة من المالک المؤجر مقابل فسخ العقد؟.
للفقهاء فی ذلک قولان هما:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلی انه لا یجوز اخذ المال مقابل فسخ عقد الإیجار لان هذا التصرف یعد إقالة. وإقالة عقود المعاوضات لا یجوز إلا بنفس العوض الذی تم التعاقد علیه، إذ أن الإقالة فسخ ولیست بیعاً جدیداً.
القول الثانی: ذهب المالکیة وأبو یوسف من الحنفیة إلى جواز اخذ العوض لان الإقالة بیع جدید فتجوز بأی عوض یتم الاتفاق علیه سواء أکان أکثر من البدل أم اقل منه.
وقد اخذ المشرع العراقی بالقول الثانی إذ نص على أن (الإقالة فی حق المتعاقدین فسخ وفی حق الغیر عقد جدید).
ونتفق مع الرأْی القائل: بأنه یمکن الأخذ بالقول الثانی فی مثل هذه الحالة بحیث یجوز للمستأجر إذا فسخ الإیجار بطلب من المالک المؤجر أن یأخذ منه زیادة على البدل الأول الذی دفعه للمالک.
فضلاً عن ذلک فان هذه الصورة تعد نوعاً من أنواع بیع المنفعة ولیس إقالة، لان من شروط الإقالة أن لا یدخل على محل العقد زیادة أو نقصان. فإذا دخل علیه زیادة أو نقصان کان ذلک بیعاً من البیوع، واخذ حکم البیع، لان المنفعة فی مثل هذه الحالة لم تبق على حالها. فالنقص حاصل من حیث المدة المتبقیة أو الزیادة الحاصلة من حیث الشهرة ونوع المحل الذی مارسه المستأجر فی العین المؤجرة. وعلى هذا الأساس یجوز للمستأجر أن یأخذ بالسرقفلیة من المالک المؤجر عن المدة المتبقیة من مدة العقد مقابل فسخه قبل انتهاء المدة المتفق علیها أصلاً.
کما جاء فی الفقه الجعفری انه: (إذا اشترط المؤجر لنفسه حق الفسخ وقبل المستأجر ذلک بشرط أن یعطیه مقدار من المال بعنوان السرقفلیة لو أراد فسخ الإجارة وقبل الإجارة بذلک صح، وهذا النوع من السرقفلیة حلال ولا مانع منه).
السبب الثانی: أن یکون المستأجر قد استحق بدل السرقفلیة بطریقة مشروعة، کأن یکون قد حصل علیها بالاتفاق بینه وبین المالک المؤجر بان اشترى جزءاً من المنفعة منه مباشرة أو دفع مبلغاً من المال لمستأجر آخر قبله کان قد اشتراه من المالک. ففی هذه الحالة یجوز بدل السرقفلیة من المالک، لأنه أصبح حقاً من حقوق المستأجر الذی یجوز المعاوضة عنه، وسواء أکان ذلک بمثل بدل السرقفلیة الذی دفعه المستأجر أم اقل منه أم أکثر، حیث یکون بدل السرقفلیة فی هذه الحالة خاضعاً لقانون العرض والطلب.
وجاء فی فتوى لمجمع الفقه الإسلامی انه : (إذا تم الاتفاق بین المالک وبین المستأجر أثناء مدة الإیجار على أن یدفع المالک إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخلیه عن حقه الثابت بالعقد فی ملک المنفعة بقیة المدة، فان بدل الخلو هذا جائز شرعاً، لأنه تعویض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه فی المنفعة التی باعها المالک.
فضلاً عما تقدم، أجاز الفقه الجعفری هذه الحالة من حالات السرقفلیة فجاء فی إحدى المسائل الفقهیة انه : (لو اشترط المستأجر على المؤجر فی ضمن عقد الإجارة عدم رفع مال الإجارة إلى مدة، وعدم إخراجه من المکان المستأجر، وان یکون له الحق فی تأجیره منه فی السنوات التالیة بنفس المقدار الذی أجره منه سابقاً جاز له أن یأخذ منه أو من غیره مقداراً من المال بازاء إسقاط حقه، وخلاء المکان، ویعد هذا النوع من السرقفلیة حلالا).
السبب الثالث: أن یکون المستأجر قد استفاد حق القرار فی العین المستأجرة اعتماداً على وضع قانونی لم تأت به أحکام الشریعة الإسلامیة. وهذه الحالة تنشأ فی ظل القوانین الوضعیة التی تعطی للمستأجر حق البقاء الدائم فی العین المستأجرة وبالأجرة نفسها التی انعقد علیها العقد أول مرة بحیث لا یقوم المستأجر بإخلاء الدار أو المحل إلا بعد أن یدفع له المالک مبلغاً من المال دون رضاه ورغماً عنه.
أما حکم هذه الحالة فانه إذا انتهت مدة عقد الإیجار ولم یکن المالک قد اخذ من المستأجر بدل السرقفلیة عند إبرام العقد ورغب المالک لسبب من الأسباب فی استعادة العین المستأجرة فعندئذ على المستأجر أن یخلی العین المستأجرة ویسلم محل العقد إلى المالک من دون اخذ شی منه، لان المسلمین عند شروطهم، وان ما یأخذه من المالک سحت وباطل منهی عنه لقوله تعالى: (ولا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراضی منکم).
وهذا ما أکده مجمع الفقه الإسلامی فی قرار له حیث جاء فیه: ( أما إذا انقضت مدة الإجارة، ولم یتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طریق التجدید التلقائی حسب الصیغة المفیدة له، فلا یحل له بدل الخلو له، لان المالک أحق بملکه بعد انقضاء حق المستأجر).
وموقف مجمع الفقه الإسلامی مشابهه لموقف الفقه الجعفری الذی یرى انه :(فی بعض الدول تجعل الحکومة قانوناً انه لا یحق للمالک إخراج المستأجر من المکان وعلى أساس هذا القانون یحرم على المستأجر أن یأخذ من المالک أو من المستأجر الآخر السرقفلیة لإخلاء المکان وهکذا بعد انتهاء مدة الإجارة فیحرم بقاء المستأجر فی ذلک المکان من دون رضا المالک وصلاته هناک باطلة).
وبما أن ذلک یودی إلى مفاسد کثیرة حیث یقلل من الحرکة العمرانیة فی البلد أو قد یقل من وجود العقارات المعدة للإیجار بسبب الإجحاف والظلم الذی یقع على أصحاب الأملاک من جراء ذلک، فإننا نؤید الرأی الذی یقترح على المشرع تغیر القوانین التی ترعى مثل هذه الإیجارات وإبدالها بقوانین تتفق مع أحکام الشریعة الإسلامیة من حیث جعل عقد الإیجار محدد بمدة معلومة لا یجوز تجاوزها. أو إجراء عملیة تنظیمیة لصیغ الإیجار تعتمد على النظر الدوری السنوی فی بدل الإیجار بحیث یکون متطابقاً مع الأسعار السائدة حتى لا یلحق الظلم والحیف بطرف ما من أطراف عقد الإیجار.
ولاشک أن الرجوع إلى أحکام الإجارة فی الفقه الإسلامی یکفل تحقیق نظام إجارة عصری لبدل الإیجار متطابقة مع مستوى الدخول والأسعار السائدة فلا یضار المالک فی بدل إیجار عقاره ولا یضار المستأجر عن طریق استغلال أصحاب الأملاک له.
المقصد الثالث
اتفاق المستأجر الأول والمستأجر اللاحق على بدل السرقفلیة
للمستأجر الأول أن یأخذ بدل السرقفلیة من المستأجر اللاحق لعدة أسباب أهمها:
السبب الأول: إن یکون المستأجر الأول قد ملک منفعة الخلو بطریقة مشروعة بان یکون قد تعاقد علیه مع المالک المؤجر تعاقداً صحیحاً أو اشتراه ممن اشتراه من المالک المؤجر. ففی هذه الحالة یجوز للمستأجر أن یبیعه لغیره بما شاء من المال قلیلاً کان أم کثیراً مادامت مدة الخلو باقیة، لأنه ملک منفعة الخلو بطریقة مشروعة فله أن یبیعها لمن یشاء أو أن یتصرف فیها بأی شکل یکون من التصرفات من هبة أو تنازل أو غیر ذالک.
وهناک من یرى انه إذا کان قبض المال على سبیل السرقفلیة وان کان صحیحاً للمستأجر الأول إلا أن هذا التصرف لا ینفذ فی حق المالک بل للمالک تمام الحق فی التصرف بأمواله إن شاء أجاز الإجارة الجدیدة وان شاء رفضها، لان الناس لهم سلطة على أموالهم والمفروض عدم ما یحد من هذه السلطة.
السبب الثانی: أن یکون للمستأجر فی عقد الإیجار الذی بینه وبین المالک المؤجر جزءاً من مدة التعاقد الأصلیة التی أجرها المالک المؤجر بکامل حریته وإرادته فیأخذ من المستأجر اللاحق مالاً مقابل إخلائه العین المستأجرة لیحل مکانه فیها. فهذا البدل مشروع للآخذ والمعطی على حد سواء، لأنه فی حقیقته بیع للمدة المتبقیة من المنفعة المستحقة من عقد الإیجار.
و ذهب إلى المعنى المذکور آنفا مجمع الفقه الإسلامی الذی جاء فی فتواه ما یأتی: (إذا تم الاتفاق بین المستأجر الأول وبین المستأجر الجدید أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقیة مدة العقد لقاء المبلغ الزائد عن الأجرة الدوریة، فان بدل الخلو هذا جائز مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بین المالک والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقتضی به القوانین النافذة الموافقة للأحکام الشرعیة)
وجاء أیضاً فی فتوى أخرى ما یلی: (فما یعرف ببیع المفتاح فی بعض البلدان، وبدل الخلو أو خلو الرجل فی بعضها، یجوز إذا کان على الصورة التالیة: وهی أن یکون البائع مستأجراً للمحل من شخص آخر إجارة مستمرة، فیتنازل عنه لشخص آخر مقابل مبلغ معین من المال یدفع له، إضافة إلى الأجرة الشهریة یتفقان علیها، سواء کانت الأجرة نفسها التی یدفعها بائع المفتاح لمالک المحل الأصلی أم أکثر منها. ووجه جواز هذه الصفقة أن بائع المفتاح قد ملک منافع ذلک المحل، وصار هو أحق به من غیره مادامت إجارته للمحل ساریة، وعلى ذلک فله أن یتنازل عن تلک الأحقیة لصالح شخص آخر ویؤجر له المنفعة التی ملکها بما یتفقان علیها. ولابد هنا من التنبیه إلى انه یشترط لصحة إجارة ملک المنفعة أن یکون المستأجر الثانی "وهو مشتری المفتاح" سیستخدم المحل فی مثل ما کان یستخدمه المستأجر الأول "وهو بائع المفتاح" أو فی ما هو اقل ضرراً).
فضلاً عن ذلک، فقد ذهب رأی من الفقه الجعفری إلى انه: (لو استأجر مکاناً لمدة، وجعل لنفسه الحق فی تأجیره لآخر أثناء مدة، ثم ارتفعت قیمة إجارته، أمکنه تأجیره بنفس القیمة التی دفعها للمالک، وان یأخذ من المستأجر الجدید مقداراً بعنوان السرقفلیة).
السبب الثالث: أن لا یکون للمستأجر فی المأجور خلو صحیح، وقد انتهت مدته التعاقدیة الأصلیة ولکنه استفاد حق القرار بناء على وضع قانونی بعد انتهاء مدة الإیجار. ففی هذه الحالة إذا أراد أن یتنازل لغیره عن العین المستأجرة مقابل مال یأخذه من المستأجر اللاحق فهو لیس من الخلو الصحیح؛ لان مدة العقد انتهت فصار حق التصرف بها لمالکها، ولیس لمستأجرها أی حق فی تأجیرها لآخر، إذ انه بیع منافع لم تکن مملوکة له فهو معتد، وعلیه رد ما قبضه للمستأجر اللاحق إن کان قد قبض منه شیئا.
وقد تضمن فتوى مجمع الفقه الإسلامی هذا حیث جاء فیه انه: (إذا تم الاتفاق بین المستأجر الأول والمستأجر الجدید بعد انقضاء المدة فلا یحل بدل الخلو لانقضاء حق المستأجر الأول فی منفعة العین).
وفی الوقت نفسه أفتى الفقه الجعفری بأنه یحرم على المستأجر السابق الذی انتهت مدة إجارته أن یأخذ من الشخص الثانی الذی استأجر المحل بعنوان السرقفلیة، وإذا تلف ما أخذه ضمن.
والحکم المذکور آنفا یسری على عقود الإیجار کافة التی تمتد بحکم القانون بعد انتهاء مدتها مادام المستأجر شاغلاً للعقار ومستمراً على دفع الأجرة استناداً إلى أحکام المادة الثالثة من قانون إیجار العقار النافذ ، وذلک لشمولها بحکم نص المادة (21) من القانون نفسه الذی یمنع المؤجر أو المستأجر أو الوسیط أو أی شخص آخر أن یحصل على أی مال أو منفعة خارج نطاق عقد الإیجار المبرم على وفق أحکام هذا القانون ولا یشمل ذلک ما یستحقه الدلال المجاز من اجر.
وقد یتبادر إلى الذهن أن الحکم المذکور آنفا خاص بالعقارات الخاضعة لأحکام قانون إیجار العقار، فهل ذلک یعنی أن العقارات الخاضعة لأحکام القانون المدنی غیر مشمولة بالحکم المذکور حسب مفهوم المخالفة؟.
الحقیقة أن اخذ بدل السرقفلیة حتى فی العقارات الخاضعة لأحکام القانون المدنی لا ینسجم مع ما استهدفه المشرع العراقی من منع اخذ بدل السرقفلیة سواء أکان ذلک من المؤجر أم المستأجر أم الوسیط بینها عدا الدلال المجاز، ولاسیما بعد انتهاء مدة عقد الإیجار المتفق علیها أو عدم قیام المستأجر بإجراء تحسینات أو إضافات على المأجور.
ویؤید هذا الکلام المادة (343) من القانون المدنی العراقی بوصف أن ذلک یعد کسبا غیر مشروع على حساب الغیر لا یقره القانون ویلتزم المؤجر أو المستأجر فی حدود ما کسبه بتعویض من لحقه ضرر بسبب هذا الإثراء بدعوى الکسب دون سبب على وفق المادة (344) من القانون المذکور آنفا.
إلا انه یمکن للمشرع أن یتخذ قراراً بالسماح للمستأجر الأول إن أراد الاستمرار فی تجدید عقد الإیجار ولکن ببدل جدید یتم الاتفاق علیه عند انتهاء کل مدة الإیجار المتفق علیها بحیث لا یتضرر احد المتعاقدین على حساب الآخر وبالشکل الذی یضمن العدالة بین الطرفین تحقیقا للمصلحة المعتبرة قانوناً وشرعاً.
أما الاعتماد على الوضع الذی یجیز للمستأجر الاستمرار فی عقده على الرغم من المالک فان هذا لا یعطیه الحق فی تصرفه بالعین المستأجرة ولا یسوغ له هذا العمل، لأنه بذلک یکون قد أکل ثمرة جهد المالک بغیر وجه حق.
یستدل مما تقدم أن المشرع العراقی لم یعالج قضیة السرقفلیة بالشکل المطلوب على الرغم من أهمیتها. ومما یؤکد ضرورة معالجة الموضوع بنص واضح ومحدد فی هذا المجال، هو أن التجار والمستثمرین یتعاملون بالسرقفلیة على ارض الواقع. فی حین لاحظنا أن الفقه الإسلامی یجیز للمالک المؤجر أن یبیع منفعة خلوه للمستأجر ، لأنه المالک لتلک المنفعة ومن حقه أن یتنازل عنها مقابل عوض یدفع إلیه المستأجر، فهو فی الحقیقة بیع لجزء من المنفعة. کما انه یجوز للمستأجر إذا فسخ عقد الإیجار بطلب من المالک المؤجر أن یأخذ منه بدل السرقفلیة تعویضاً عن الضرر الذی یلحق به بسبب ذلک الفسخ.
فضلاً عما تقدم یجوز للمستأجر الأصلی أن یتنازل عن حق منفعة خلوه إلى مستأجر جدید مادام ذلک ضمن المدة المتفق علیها مع مالک الرقبة. ومن حق المستأجر الأصلی أن یأخذ بدل السرقفلیة من المستأجر الجدید عن المدة المتبقیة من عقد الإیجار إذا کان قد استفاد من ذلک الخلو بطریقة مشروعة. ففی هذه الحالة یجوز للمستأجر أن یبیعه لغیره بما شاء من المال قلیلاً کان أم کثیراً مادامت مدة الخلو باقیة، لأنه ملک منفعة الخلو بطریقة مشروعة فله أن یتصرف فیها بأی شکل یکون من التصرفات المشروعة من بیع أو تنازل أو غیر ذلک.
واستناداً إلى النص التشریعی الذی یقضی بأنه إذا لم یوجد نص تشریعی یمکن تطبیقه حکمت المحکمة بمقتضى العرف، فإذا لم یوجد فبمقتضى مبادئ الشریعة الإسلامیة.
وکذلک نص القاضی بان: (المعروف عرفاً کالمشروط شرطاً، والتعین بالعرف کالتعین بالنص، والمعروف بین التجار کالمشروط بینهم). فانه یمکن الاستفادة من الفقه الإسلامی الذی عالج السرقفلیة الذی تعارف علیها الناس وتعامل بها فی تجارتهم وعقودهم المالیة، فانه یمکن أن :
أ. نقترح ضرورة اعتماد ضوابط الإیجار الشرعیة التی توجب تحدید مدة الإیجار، وتجدید أجرتها سنویاً ضماناً لتحقیق العدالة بین الطرفین، وتحقیقاً للمصلحة المعتبرة قانوناً وشرعاً وعملاً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار).
ب. نقترح إضافة المادة الآتیة إلى مواد القانون المدنی العراقی ضمن نصوص عقد الإیجار من الفرع الأول من الفصل الأول من الباب الثانی المسماة بـ: (العقود الواردة على الانتفاع بالشیء). لتعالج هذه المسالة المهمة والمستجدة فی العرف التجاری0 وذلک على النحو الآتی:
(1. بدل السرقفلیة (الخلو) مال یدفعه الشخص للمنتفع بالعقار (المالک أو المستأجر) مقابل تنازله عن حقه فی الانتفاع به.
2. للمالک أن یبیع حق الانتفاع إلى المستأجر بصفته مالکا لتلک المنفعة، ومن حقه أن یتنازل عنها مقابل عوض یدفعه إلیه المستأجر.
3. للمستأجر أن یأخذ بدل السرقفلیة ( الخلو ) من المالک إذا کان قد استحقه بطریقة مشروعة، أو لا یزال فی مدة التعاقد المتفق علیها.
4. للمستأجر الأصلی أن یبیع حق الانتفاع إلى المستأجر الجدید عما تبقى له من مدة الإیجار المتفق علیها مع المالک إذا کان قد استفاد هذا الحق بطریق مشروع ولا یزال ضمن الإیجار المتفق علیها سابقا.
5. لا یحق للمستأجر الأصلی أن یبیع حق الانتفاع إلى مستأجر جدید بعد انتهاء مدته التعاقدیة).
3. یعد بدل السرقفلیة ( الخلو ) مصدراً من مصادر الدخل، لذلک یستحسن فرض الضریبة على المتعاملین بها 0
المطلب الثانی
إثبات السرقفلیة
إن المؤجر أو المستأجر القدیم عادة ما یخشى من الوقوع تحت طائلة العقاب فلا یعطی ما یثبت علیه أخذه بدل السرقفلیة إذ إن الحصول على أی مال أو منفعة خارج نطاق عقد الإیجار یعد ممنوعاً قانوناً لمخالفة ذلک نص المادة (21) من قانون إیجار العقار ألنافذ. وهنا قد یتساءل سائل کیف یمکن إثبات اخذ بدل السرقفلیة من المؤجر أو المستأجر القدیم؟.
لقد نص المشرع العرقی على انه :(یجوز إثبات وجود التصرف القانونی أو انقضائه بالشهادة إذا کانت قیمته لأتزید على (5000) خمسة ألاف دینار. أما إذا کان التصرف القانونی تزید قیمته على (5000) خمسة ألاف دینار أو کان غیر محدد القیمة، فلا یجوز إثبات هذا التصرف أو انقضائه بالشهادة ما لم یوجد اتفاق أو قانون ینص على خلاف ذلک).
واستنادا إلى النص المذکور فانه یجب إثبات إعطاء بدل السرقفلیة إلى المؤجر أو المستأجر ألقدیم أو الوسیط بینهما بالبینة التحریریة إذا کان یزید على خمسة ألاف دینار، وذلک لان عبء الإثبات یقع عاتق المدعی استناداً إلى القاعدة العامة القاضیة بان: (البینة على من ادعى والیمین على من أنکر).
ولا یجوز إثبات بدل السرقفلیة بتوجیه ألیمین الحاسمة، لان واقعة السرقفلیة مخالفة للنظام العام. وفی هذا المعنى ذهب القضاء المصری إلى إن اقتضاء مبلغ مقابل التأجیر أو ما یطلق علیه بـ(خلو ألرجل) أمر مخالف للنظام العام ولا یجوز توجیه الیمین الحاسمة فی واقعة مخالفة للنظام العام ومن ثم لا یجوز للمدعی إن یوجه الیمین الحاسمة إلى المدعى علیه بأنه لم یقبض المبلغ المطالب به مقابل خلو الرجل.
وهذا ما نص علیه المشرع العرقی من انه: (یجوز إن توجه الیمین الحاسمة فی أیة واقعة کانت علیها الدعوى، إلا انه لا یجوز توجیهها فی واقعة مخالفة للنظام العام أو الآداب).
ولما کانت بدل السرقفلیة الذی یقبضه المؤجر أو المستأجر القدیم من المستأجر الجدید یتم خارج نطاق عقد الإیجار ولا یثبت فی العقد المبرم بین الطرفین خشیة الوقوع تحت طائلة القانون وعلیه یذهب الرأی القائل بانه یمکن اعتبار السرقفلیة واقعة مادیة یجوز إثباتها بجمیع وسائل الإثبات بما فیها البینة الشخصیة ولیس تصرفاً قانونیاً حتى یصار إلى إثباته بالبینة التحریریة فقط، لذا یجوز إثباته بالشهادة وذلک استناداً إلى حکم المادة (76) من قانون الإثبات التی تقضی بأنه: (یجوز الإثبات بالشهادة فی الوقائع المادیة). وبخلاف ذلک نکون قد ساعدنا المؤجر أو المستأجر القدیم ومکناه من التحایل على المستأجر الجدید والالتفاف حول القانون واخذ بدل السرقفلیة من دون مقابل.
الخاتمة:
بعد الانتهاء من دراسة موضوع أحکام السرقفلیة فی القانون المدنی وقانون إیجار العقار ومن ثم الفقه الإسلامی، فانه یمکننا إبراز أهم النتائج والتوصیات التی توصلنا إلیها وهی على النحو الآتی:
أولا: النتائج:
1. إن قضیة السرقفلیة ابتدأت منذ القرن الثامن الهجری واستمرت تواکب التطور الاقتصادی الحاصل فی المجتمعات الإسلامیة ولاسیما مجتمعنا الحبیب حتى وصل إلى ما وصل إلیه الیوم من صیغ وأشکال متعددة.
2. إن المنافع تعد من الأموال بل هی أحق بالمالیة من الأعیان ذاتها، على أساس أن الأعیان لا تکون أموالاً إلا لاشتمالها على المنافع، لذلک یمکن تکییف السرقفلیة على أنها من جملة المنافع التی تأخذ حکم الأموال. ولیس هناک ما یمنع التصرف بها وأیاً کان طبیعة التصرف کالبیع، إذ أنها منفعة من المنافع المالیة.
3. یجوز للمالک المؤجر أن یبیع خلو عقاره للمستأجر، لأنه مالک لتلک المنفعة، فیجوز له التنازل عنها مقابل عوض یدفعه المستأجر له، سواء أکان ذلک معتمداً على شهرة المحل وموقعه المتمیز، أم للتخلص من بعض الإجراءات القانونیة فی بعض الدول التی تحد من حریة المالک فی إیجار عقاره أو تحد من حقه فی إخلاء العین المستأجرة.
4. یجوز للمستأجر أن یأخذ بدل السرقفلیة من المالک المؤجر إذا کان قد استفاد حق القرار فی العین المستأجرة استناداً إلى وضع قانونی لم تأت به أحکام الشریعة الإسلامیة، لان ذلک یودی إلى مفاسد کثیرة، ولأنه أکل لأموال الناس بالباطل وهو أمر نهت عنه أحکام الشریعة الإسلامیة استناداً إلى قوله تعالى: (ولا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراض منکم).
5. یجوز للمستأجر الأول أن یبیع حقه فی الانتفاع إلى المستأجر اللاحق إذا کان قد استفاد حق القرار فی المأجور بصورة مشروعة. کان یکون قد اشتراه من المالک المؤجر أو انه لا یزال فی المدة المتفق علیها ابتداء. فبدل السرقفلیة هذه مشروع للآخذ والمعطی على حد سواء، لأنه فی حقیقته بیع للمدة المتبقیة من المنفعة المستحقة بعقد الإیجار الأصلی.
6. لا یجوز للمستأجر الأول أن یبیع حق الانتفاع إلى مستأجر لاحق بعد انتهاء مدته التعاقدیة الأصلیة ولو استفاد حق القرار فی المأجور بناءاً على وضع قانونی یسمح له بذلک، لان الاستمرار فی عقد الإیجار على الرغم من المالک المؤجر لا یسوغ له هذا البیع، لأنه یکون قد أکل ثمرة جهد المالک المؤجر بغیر إذنه.
7. یجوز التعامل بالسرقفلیة بصورة علنیة وقانونیة احتراماً للأعراف التجاریة القویة لدى التجار والمستثمرین.
ثانیا: التوصیات:
1. نقترح ضرورة اعتماد ضوابط الإیجار الشرعیة التی توجب تحدید مدة الإیجار، وتجدید أجرتها سنویاً ضماناً لتحقیق العدالة بین الطرفین، وتحقیقاً للمصلحة المعتبرة قانوناً وشرعاً وعملاً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار).
2. نقترح إضافة المادة الآتیة إلى مواد القانون المدنی العراقی ضمن نصوص عقد الإیجار من الفرع الأول من الفصل الأول من الباب الثانی المسماة بـ: (العقود الواردة على الانتفاع بالشیء). وذلک على النحو الآتی:
(1. بدل السرقفلیة (الخلو) مال یدفعه الشخص للمنتفع بالعقار (المالک أو المستأجر) مقابل تنازله عن حقه فی الانتفاع به.
2. للمالک أن یبیع حق الانتفاع إلى المستأجر بصفته مالکا لتلک المنفعة، ومن حقه أن یتنازل عنها مقابل عوض یدفعه إلیه المستأجر.
3. للمستأجر أن یأخذ بدل السرقفلیة ( الخلو ) من المالک إذا کان قد استحقه بطریقة مشروعة، أو لا یزال فی مدة التعاقد المتفق علیها.
4. للمستأجر الأصلی أن یبیع حق الانتفاع إلى المستأجر الجدید عما تبقى له من مدة الإیجار المتفق علیها مع المالک إذا کان قد استفاد هذا الحق بطریق مشروع ولا یزال ضمن الإیجار المتفق علیها سابقا.
5. لا یحق للمستأجر الأصلی أن یبیع حق الانتفاع إلى مستأجر جدید بعد انتهاء مدته التعاقدیة).
3. یعد بدل السرقفلیة ( الخلو ) مصدراً من مصادر الدخل، لذلک یستحسن فرض الضریبة على المتعاملین به.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Arabic dictionaries.
1. Ahmed bin Fares bin Zakaria, Standards of Language, the investigation of Abdul Salam Harun, Part II, Dar Al-Jaleel Press, Beirut, 1411 e, 1991.
2. Ismail bin Hammad Al-Zawahiri, Al-Sahah, Taj Al-Lufah, and Saheeh Al-Arabiya, Ahmad Abdul Ghafoor Attar, Part II, The Arab Book House, Egypt, 1377 AH, 1958.
Second: books of Islamic jurisprudence.
1. Imam Muhammad bin Idris al-Shafi'i, Mother, Part III, Dar al-Shaab Press, Egypt, 1388 AH, 1968 AD.
2. Dr. Abdul Karim Zaidan, Introduction to the Study of Islamic Law, Fourth Edition, Al-Ani Press, Baghdad, 1389 AH, 1969 AD.
3. Sheikh Alaa Al-Din Abi Bakr bin Masoud Al-Kasani Hanafi, Bada'id Al-Sanayeh in the Order of Laws, Part V, Second Edition, Dar Al-Kitab Al-Arabi, Beirut, 1402 H., 1982.
4. Sheikh Muhammad bin Abdullah bin Ali al-Kharashi, al-Kharashi on the Khalil and Bhamhashah, a footnote to the enemy, Part VII, Dar al-Fikr, without place published, 1318 e.
5. Sheikh Muhammad Alish, Grant of the Galilee in explaining Khalil's manual, Part III, Library of Success, Libya, without Dar and Sunnah published.
6. Sheikh Mashhour Hassan Mahmoud Salman, The Position of the Shari'a on the Free Man or Frogiya, First Edition, Dar Al-Fayhaa, Amman, 1407 AH, 1987.
7. Sheikh Muwaffaq al-Din ibn Abi Qudamah Muhammad bin Abdullah bin Ahmed bin Mohammed bin Qudamah al-Maqdisi, singer, investigation d. Abdullah Abdul Mohsen Al-Turki and Dr. Abdul Fattah al-Hilu, Part V, second edition, Hager Foundation for Printing and Publishing, without place published, 1412 e, 1992 AD.
Third: Legal books.
1. Dr. Jafar al-Fadhli, Al-Jazeez in the Contracts (Sale, Lease, Contract), Second Edition, Ibn al-Atheer Publishing House, Mosul, 1426H, 2005.
2. Lawyer Jum'a Saadoun al-Ameri, Al-Zarqafliyah between Sharia and Law, Al-Jahez Printing Press, Baghdad, 1995.
3. Dr. Abbas Aboudi, Explanation of the provisions of the Iraqi Evidence Law, second edition, Ibn al-Atheer Publishing House, Mosul, 1997.
4. Dr. Abdul Razzaq Ahmed Al-Sanhoury, Al-Waseet in explaining the Civil Law, contracts on the use of something, rent and bare, Part VI, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1963.
5. a. Dr.. Abdul Majid al-Hakim. Abd al-Baqi al-Bakri and AA 0 Mohamed Taha al-Bashir, Al-Wakiz in the theory of commitment in the Iraqi civil law, sources of commitment, Part I, Dar al-Kitab for printing and publishing, University of Mosul, 1400 AH, 1980.
6 a. Dr.. Abdul Majid al-Hakim. Abdul-Baqi Al-Bakri and AH 0 Mohamed Taha Al-Bashir, Civil Law and Provisions of Commitment, Part II, Dar al-Kitab for Printing and Publishing, University of Mosul, 1400 AH, 1980.
Fourth: Research.
1. Dr. Abd al-Sattar Ibrahim Al-Hitti, Compensation in the Tenancy Contract, Illustrated and Sentenced, Journal of Law Issued by the Faculty of Law, University of Bahrain, Volume III, First Issue, 1426H, 2006.
2. Dr. (Contracts, sale of trade name, license and waiver of benefit in exchange for substitute for free), Journal of Sharia and Law issued by the Faculty of Sharia and Law, United Arab Emirates University, No. 2, 1408 H, 1988.
Fifth: Articles.
1. Sheikh Hussein Al-Hali, Al-Zarqiliya (free), on the Internet on the following website:
www.balagh.com/mosoa/fegh/u512by6k.htm-17k
2. Lawyer Abdulrahman Haji Zebari, a citizen, both civil and criminal, on the Internet at:
www.sotakhr.com/2006/index.php?id=2293
Sixth: Fatwas and Fiqh Jurisprudence.
1. Decision No. 9528 of the Islamic Fiqh Council Decision No. (6) The fourth session on 8/8/1988 The fourth session of the conference in Jeddah, Kingdom of Saudi Arabia from (18-12) Jumada Al-Akhira 1408 AH (6-12 February) 1988 on the Internet free allowance on the following website:
www.asmilies.com/ra/index.php?sendto=606/code
2. Fatwa No (1839) Decision of the Council of the Islamic Jurisprudence Complex No. (6) The fourth session on 8/8/1988 issued on 27/7/2007 regarding the Internet free allowance on the following website:
www.islam- com / index.php? ref = 1839 & in = ara & + x + = c0 / 0d
3. Fatwa no. (9664), entitled the sale of the key or the allowance of free on 23 Jumada I 1422 e Islamic network on the Internet at the following location:
www.islmweb.net/hajj1425/part.php/vvpart=18thelang=a
4. Sheikh Yusuf Al-Messani, Mesbah al-Maqladeen, Issues in the Rulings of Al-Zarqafiliyah, The Fiqh of the Thaqlin for Jaafari Jurisprudence on the Internet:
www.fegh.org/en/inedex.htm
5. Issues in the Rulings of Al-Zarqafilah, Ijara Attachments, The Practical Message The issues in the Jaafari Jurisprudence on the Internet are shown on the following website:
/resaleh-a/index101.htm www.mohaqkaboli.org
6. Issues in the book of the platform of the righteous in the Internet on the following site:
www.al-shia.com
Seventh: Judicial Groups.
1. Judiciary of the Court of Cassation of Iraq, vol. I and VI, Government Press, Baghdad, 1970.
2. Journal of the Office of Legal Blogging issued by the Office of Legal Blogging at the Ministry of Justice in Baghdad, Government Press, Baghdad, No. 1, fifth year, 1966.
3. The Judicial Judgments issued by the Information Section of the Ministry of Justice in Baghdad, (First issue, tenth year, 1979), (second issue, ninth year, 1978) (fourth issue, seventh year, 1975).
4. Judicial Bulletin issued by the Technical Office of the Court of Cassation of Baghdad, (second issue, second year, 1972), (fourth issue, fourth year, 1975).
Eighth: Laws.
1. Iraqi Civil Code No. (40) for the year 1951 amending the 2005 edition.
2. Rent Control Law No. (6) for the year 1958 amended.
3. Real Estate Registration Law No. (43) of 1971 Amended.
4. The Iraqi Trade Law No. (30) of 1984 Amended.
5. The Rent of Real Estate Law No. (87) of 1979 amending the edition of the year 2000.
6. Iraqi Evidence Law No. (107) for the year 1979 Amending the edition of the year 2000.