الملخص
أن سمات أی عصر من العصور هو ما تفرزه تلک الحقبة ، ومن هذا المنطلق فان واقعنا الراهن یشهد تکنولوجیا الاتصالات المتسارعة ، الذی جعل العالم قریة صغیرة ، بدینامیکیة متفاعلة فی کل مجالاتها وخاصة فی انتقال رؤوس الأموال . فسمی عصرنا بالعولمة ولما کان المال هو عصب اقتصاد العولمة فقد استدرج البعض إلى الحصول علیه أیاً کان مصدره . وفی ظل العولمة ، نشطت عملیات غسیل الأموال ذات المصدر غیر المشروع وتم زجه فی قنوات الاقتصاد الرسمی . فتفاقمت هذه الظاهرة وتنوعت أسالیب الإخفاء والتستر علیه بکل طرق التمویه فأصبح المال بعیداً عن عیون الرقابة
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
ارتباط العولمة بغسیل الأموال وأثرهما على المال-(*)-
Linking globalization with money laundering and their impact on the money
عالیة یونس عبد الرحیم الدباغ کلیة الحقوق/ جامعة الموصل Aleia Younis Abdul Rahim Al-Dabbagh College of law / University of Mosul Correspondence: Aleia Younis Abdul Rahim Al-Dabbagh E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 25/6/2008*** قبل للنشر فی / / 2008.
(*) Received on 25/6/2008 *** accepted for publishing on / /2008.
Doi: 10.33899/alaw.2008.160518
© Authors, 2008, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص
أن سمات أی عصر من العصور هو ما تفرزه تلک الحقبة ، ومن هذا المنطلق فان واقعنا الراهن یشهد تکنولوجیا الاتصالات المتسارعة ، الذی جعل العالم قریة صغیرة ، بدینامیکیة متفاعلة فی کل مجالاتها وخاصة فی انتقال رؤوس الأموال . فسمی عصرنا بالعولمة ولما کان المال هو عصب اقتصاد العولمة فقد استدرج البعض إلى الحصول علیه أیاً کان مصدره . وفی ظل العولمة ، نشطت عملیات غسیل الأموال ذات المصدر غیر المشروع وتم زجه فی قنوات الاقتصاد الرسمی . فتفاقمت هذه الظاهرة وتنوعت أسالیب الإخفاء والتستر علیه بکل طرق التمویه فأصبح المال بعیداً عن عیون الرقابة
الکلمات الرئیسة: العولمة غسیل الموال
الموضوعات: القانون التجاری
Abstract
The characteristics of any age are what the era offers, and from this point on, our current reality is witnessing the accelerated communication technology, which made the world a small village, dynamic interactive in all areas, especially in the transfer of capital. This is why our era is called globalization, as money is at the heart of the globalization economy, some have been drawn to it whatever it may be. In the context of globalization, money laundering operations of illicit origin have been active and mixed in the channels of the formal economy. This phenomenon was exacerbated and the methods of concealment varied in all ways of camouflage, thus making money away from the eyes of censorship
Keywords: Globalization Money laundering
Main Subjects: commercial law
المقدمة:
الحمد لله رب العالمین ، والصلاة والسلام على سیدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعین. وبعد :
أولاً : مدخل تعریفی بموضوع البحث :
أن سمات أی عصر من العصور هو ما تفرزه تلک الحقبة ، ومن هذا المنطلق فان واقعنا الراهن یشهد تکنولوجیا الاتصالات المتسارعة ، الذی جعل العالم قریة صغیرة ، بدینامیکیة متفاعلة فی کل مجالاتها وخاصة فی انتقال رؤوس الأموال . فسمی عصرنا بالعولمة ولما کان المال هو عصب اقتصاد العولمة فقد استدرج البعض إلى الحصول علیه أیاً کان مصدره . وفی ظل العولمة ، نشطت عملیات غسیل الأموال ذات المصدر غیر المشروع وتم زجه فی قنوات الاقتصاد الرسمی . فتفاقمت هذه الظاهرة وتنوعت أسالیب الإخفاء والتستر علیه بکل طرق التمویه فأصبح المال بعیداً عن عیون الرقابة . فادت عملیات غسیل الأموال إلى استنزاف الاقتصاد والعصف به مما دعانا إلى دراسة هذه المشکلة التی تتزامن مع استمرار عصر العولمة والتی نتلمسها فی واقعنا الراهن .
ثانیاً : أسباب اختیار الموضوع :
أن سبب اختیارنا لموضوع البحث . لعل أن یکون مساهمة متواضعة فی تسلیط الضوء على ظاهرة العولمة الخطیرة والتی یستغلها غاسلوا الأموال لغسیل أموالهم ذات المصدر غیر المشروع ، والدعوة إلى إحلال ما جاءت به الشریعة الإسلامیة فی منهج العالمیة بدلاً من العولمة لاصلاح الوضع المالی .
ثالثاً : نطاق البحث :
یتمثل هذا النطاق ، بالأبعاد المشترکة للعولمة وغسیل الأموال عالمیاً ومحلیاً وأثرهما على المال .
رابعاً : فرضیة البحث :
افترض البحث مدى ارتباط العولمة وغسیل الأموال ، فی عصب الاقتصاد والبعد الذی استظل به غاسلوا الأموال من ظاهرة العولمة وعصر الاتصالات الحدیثة وإمکانیة إیجاد البدیل المتوازن لمعالجة المشکلة .
خامساً : منهج البحث :
سنتبع فی منهجیة البحث ، الأسلوب التحلیلی الموضوعی لکی نوضح ارتباط العولمة بغسیل الأموال فی الاقتصاد .
سادساً : خطة البحث :
فی ضوء ما تقدم نقسم دراستنا إلى ثلاثة مباحث وکالاتی :
المبحث الأول : التعریف بالعولمة .
المبحث الثانی : التعریف بغسیل الأموال .
المبحث الثالث : أثر ظاهرتی العولمة وغسیل الأموال على المال .
الخاتمة : وتضمنت أهم النتائج التی أسفر عنها البحث والتوصیات .
المبحث الأول
التعریف بالعولمة
ظهر فی العقد الأخیر من القرن العشرین وعلى اثر المتغیرات الدولیة ، ما یسمى بالعولمة فأسقطت الحدود والمسافات بفضل وسائل الاتصال الحدیثة بین الدول وازدادت التفاعلات فی جمیع النواحی وخاصة الاقتصادیة منها ، وتزاید انتقال رؤوس الأموال فتشکلت بیئة صالحة لإفرازاتها کغسیل الأموال الذی یهدف إلى قطع الصلة بین المال ومصدره غیر المشروع بوسائل التستر والإخفاء .
ولأجل الوقوف على التعریف بالعولمة فلابد لنا أن نقسم هذا المبحث إلى المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : التعریف بالعولمة .
المطل الثانی : صفة العولمة ووسائلها .
المطلب الأول
التعریف بالعولمة
تشکل العولمة ما یشبه حکومة دولیة فی القریة الکونیة وکأنها استحوذت على إدارة شؤون العالم على وفق وجهة نظرتها وسیاساتها وإجراءات تنفیذها . ولأجل التعریف بالعولمة فلابد من بیان تعریفها ، وما یشتبه بها من أوضاع بموجب الفروع الآتیة :
الفرع الأول : مفهوم العولمة .
الفرع الثانی : تمییز العولمة عن ما یشتبه بها من أوضاع .
الفرع الأول
مفهوم العولمة
ان وصف العولمة ، بان العالم قریة صغیرة کونیة إنما یعنی المزید من سیطرة القوة العالمیة على اقتصادیات العالم والحکومات المحلیة، ولبیان مفهوم العولمة فلابد لنا من تعریف العولمة لغةً أولاً ثم تعریفها اصطلاحاً .
أولاً : تعریف العولمة لغةً :
العولمة لیست مصطلحاً لغویاً قاموسیاً فهی غریبة على اللغة علماً بان مجمع اللغة العربیة بالقاهرة قرر اجازة استعمال العولمة بمعنى صفة لشیء عالمیة من حیث النطاق والتطبیق(العالم) . بمعنى الخلق کله والجمع عوالم وعالمون وعلالمواشتقاقاً من صیغة فوعلة وقولبة وضع الشیء فی صیغة قالب ، وتعنی توسیع الشیء لیشمل العالم اجمع.
ثانیاً : تعریف العولمة اصطلاحاً :
عوم مصطلح العولمة ، وتناولته الاختصاصات کافة ، ولم یتفق الباحثون والمحللون على إعطاء تعریف جامع مانح للعولمة . ویعود ذلک إلى الاختلاف فی تحلیلات ذوی الشأن حیث یراها البعض بأنها :
إلغاء حدود الدولة فی المجال الاقتصادی ، المالی والتجاری .
والعولمة سیطرة غیر وطنیة تتمثل بأشخاص دون هویة فی الأسواق التی تفتقد إلى الحدود .
ویعرفها السید کوفی عنان" مصطلح یجسد التفاعلات المتزایدة التعقید بین الأفراد والشرکات والمؤسسات والأسواق عبر الحدود الوطنیة وعلى الدول تقلیل أثارها الضارة " .
ویرى البعض" إن العولمة اندماج أسواق العالم ، فی حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة وخضوع العالم لقوى السوق العالمیة " .
وعلى ضوء ما ورد من تعریفات نستخلص بان العولمة هیمنة اقتصادیة عالمیة توصف بالحداثة والزخم المالی وتهدف إلى تهمیش دور السلطات المحلیة لتمریر سیاساتها .
الفرع الثانی
تمییز العولمة عن ما یشتبه بها من أوضاع
هناک تسمیات یمکن أن تشتبه بها مع مصطلح العولمة ، منها النظام الدولی الجدید ، والنظام العالمی والعالمیة ، والتدویل ، علیه سنتناول کل من هذه التسمیات .
أولاً : النظام الدولی الجدید یشیر إلى أنماط العلاقات والتفاعلات وتوزیع مصادر القوة والنفوذ بین الدول القومیة .
ثانیاً : النظام العالمی : هو أکثر شمولاً إذ یضم فضلاً عن الدول القومیة الشرکات المتعددة الجنسیة والمنظمات الدولیة غیر الحکومیة فان النظام الدولی الجدید یعد جزء من النظام العالمی.
ثالثاً : العالمیة : إذ جاء بهذه التسمیة الإسلام وأکد ذلک القران الکریم فی قوله تعالى )وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین( . ویعنی بالعالمیة : الاعتراف بالتبادل وبه یکون العالم منفتحاً على بعضه مع الاحتفاظ بتنوعاته، فالعالمیة کما یقول البعض" ما هی إلا تثاقف حضاری بین الشعوب والأمم ، فاللغات تلاقحت والمجتمعات تعاونت والحضارات عبرت من مکان إلى مکان " . وان العالمیة لا تلغی خصوصیات الشعوب وتستوعب الحکومات وتهیمن على الأسواق والمال ولا تحتکر السلطات بل إنما تعد صورة متجمعة لخصوصیات الأخر بتفاعل منتج یعود مردوده للجمیع .
رابعاً : التدویل : نظام دولی وضعته الدول لتحدید شکل علاقاتها فی مسالة من المسائل الدولیة، ومضمون هذا النظام کإخراج قناة أو مضیق أو غیرهما من سیادة دولة ما ووضع حق الإدارة بین عدة دول ، ویکون الاستخدام حراً لجمیع الدول ، وتدخل ضمن مفهومه ارث الإنسانیة المشترک والاستخدام مباحاً کأعماق البحار وسطح القمر.
نستنتج بان العولمة فکرة وتطبیق عالمیین لإدارة منظومة العالم نحو إستراتیجیة اقتصاد عالمی رأسمالی مادی مفتوح ، یفتقد إلى التوازن مع الواقع الذی تحضى به العالمیة .
المطلب الثانی
صفة العولمة ووسائلها
ان اقتصاد العولمة رأسمالی وسوق مفتوح یعود الفضل إلى المؤسسات الدولیة التی تتمثل بالشرکات المتعددة الجنسیة وصندوق النقد الدولی والبنک الدولی ومنظمة التجارة العالمیة . ولأهمیة هذه المؤسسات الدولیة فی إدارة العولمة الاقتصادیة فسنتناولها بالبحث ومن ثم سنعرج إلى صفة العولمة وذلک بموجب الفرعین الآتیین :
الفرع الأول : وسائل العولمة .
الفرع الثانی : صفة العولمة .
الفرع الأول
وسائل العولمة
لقد نشطت وسائل العولمة وهیمنت على الأسواق العالمیة وتقدم لها الدعم السیاسی والمالی فی المجتمع الدولی والمحلی ، ولأهمیة هذه الوسائلفسنتقدم بها وکالاتی :
أولاً : الشرکات المتعددة الجنسیة .
ثانیاً : منظمة التجارة الدولیة .
ثالثاً : صندوق النقد الدولی .
رابعاً : البنک الدولی للإنشاء والتعمیر .
أولاً : الشرکات المتعددة الجنسیة :
تشکل الشرکات المتعددة الجنسیة محور اقتصاد العولمة وتهدف إلى تحویل العالم إلى سوق عالمیة ویزداد نشاطها فی مجالات الاستثمار، فضلاً عن انه لا یمکن وصفها بأنها ذات مرکز قانونی داخلی فان لها الأمر فی نقل استثماراتها من بلدانها إلى بلد أخر ، ولکونها کذلک فقد جذبت اهتمام الحکومات المحلیة . على الرغم من فقد فرض الرقابة والتحکم فی نشاطاتها من قبل الحکومات المحلیة. ولأجل ذلک تعد هذه الشرکات لولب اقتصاد العولمة والمسیطر بلا منافس على أسواق المال العالمیة.
ثانیاً : منظمة التجارة العالمیة :
تعد هذه المنظمة أرضیة للعلاقات التجاریة للدول الأعضاء فیها ، واتجاه هذه المنظمة تمویل التجارة العالمیة وعولمتها وغطاءاً شرعیاً للسوق المفتوحةوتحریر التجارة ، واعتماد نظم اقتصادیة مفتوحة قائمة على آلیات السوق.
ثالثاً : صندوق النقد الدولی :
إن مهمة هذا الصندوق ضمان سیر واستقرار النظام النقدی الدولی ، وتنظیم ثبات أسعار الصرف ، وإزالة قیود الصرف الأجنبی ، وتقدیم المشورة المالیة.
رابعاً : البنک الدولی للإنشاء والتعمیر :
یقدم المساعدات والقروض إلى جانب صندوق النقد الدولی برعایة الولایات المتحدة الأمریکیة . والمهیمن الفعال على سیاساته العامة.
الفرع الثانی
صفة العولمة
لقد شملت العولمة جمیع مناحی الحیاة ومما ساعدها على التفشی ما صاحبها من تطور الاتصالات الهائل ، فضلاً عن الدعم السیاسی الدولی والمحلی لها . وبما إن العولمة تکرس سیاستها المادیة ، فإن وسیلة الوصول إلى تحقیق هدفها المادی ، یمر عبر الصفة الاقتصادیة. ولأجل الوقوف على الصفة الاقتصادیة للعولمة فلابد من توضیح لبعض السمات الأخرى التی تصب بالصفة الاقتصادیة . ولأجل ذلک سنقسم هذا الفرع إلى :
أولاً : السمات غیر الاقتصادیة للعولمة .
ثانیاً : الصفة الاقتصادیة للعولمة .
أولاً : السمات غیر الاقتصادیة للعولمة :
- فالسیاسیة منها تتسم بالهیمنة المتفردة وسیادة النظام الرأسمالی ، وسیاسة السوق المفتوح والذی أدى إلى انکفاء الحکومات المحلیة ، وتمریر سیاسة العولمة ، وآلیاتها عبر الحدود المفتوحة لها. فالبعد السیاسی للعولمة هو لإنجاح الصفة الاقتصادیة .
- أما ثقافة العولمة : فان ثقافة العولمة المادیة البحتة ، فإنها ثقافة الشعوب ، وأعرافها وقیمها، وهی الوسیلة التی تکرس اقتصاد العولمة " فمن لا یستطیع تدبیر طعامه بجهده لا یستحق أن یعیش" .
- أما البعد التقنی فیعد المحرک لأی تغیر خاصة فی مجالات وسائل الاتصال ، وان الاتصالات الحدیثة عبر الأقمار الصناعیة والتی لولاها لما عرفت العولمة وعقدت الصفقات التجاریة الالکترونیة.
ومن کل ما تقدم نستخلص بان کل السمات غیر الاقتصادیة هی وسائل لخدمة صفة العولمة الاقتصادیة ، واقتصاد العولمة .
ثانیاً : الصفة الاقتصادیة للعولمة
سبق وان توصلنا إلى أن ایطار العولمة ، هو ایطار اقتصادی ، وان آلیات العولمة المتمثلة بالشرکات المتعددة الجنسیة ومنظمة التجارة العالمیة والبنک الدولی للإنشاء والتعمیر وصندوق النقد الدولی کل منها تهدف إلى تقدیم خدماتها للنظام الرأسمالی ، ولأجل انضمام الدول إلیها ینبغی علیها أولاً أن تؤمن بسیاسة السوق المفتوح والتوسع على حساب حدود الدول وانتقال رؤوس الأموال بحریة ، وکل ذلک یعنی إن الغرض الأسمى لأی نشاط هو لأجل تحقیق الربح وان غرض العولمة الأسمى هو قیادة الاقتصاد العالمی وتحقیق الربح بأی وسیلة تکون إذن سمة العولمة اقتصادیة تکرس الفکر المادی فتلهث للمادة " أینما تکون وکیفما تکون " . " ومن غیر التعرف على مشروعیة مصدر ذلک المال من عدمه "فسمة اقتصاد العولمة مادیة بحتة . تفتقد إلى متطلب تکافؤ الأطراف فی التعامل بین الاقتصاد العالمی والاقتصاد المحلی فلابد من خضوع الطرف الضعیف والسیطرة على اقتصاده وثقافته. وبذلک اختلف دور المال الذی کان یعنی تجمیع المزید منه لتحقیق الربح ، أما الیوم فقد انقلب دوره الى الاعتماد على تشغیله فقط دون خسائر للوصول الى احتکار الربح.
المبحث الثانی
التعریف بغسیل الأموال
بعد أن توصلنا إلى تحقیق هدف العولمة المادی فلابد من بیان ظاهرة غسیل الأموال الذی تصدت له القوانینوالذی یهدف إلى قطع الصلة بین المال ومصدره غیر المشروع . ولأجل التعریف بغسیل الأموال فلابد لنا من بیان مفهومه وتنفیذ عملیة غسیله وذلک بموجب المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : مفهوم غسیل الأموال .
المطلب الثانی : تنفیذ عملیة غسیل الأموال .
المطلب الأول
مفهوم غسیل الأموال
إن من تسمیات غسیل الأموال " تبیض " أو " تطهیر " أو " تنظیف "الأموال أو تجفیف الأموال القذرة ، ویعود أصل مصطلح غسیل الأموال إلى عصابات المافیا الأمریکیة فی الثلاثینات فی القرن الماضی ومجالها شراء محلات الغسالات الآلیة. ولأجل بیان مفهوم غسیل الأموال لابد من الوقوف على مفهومه من حیث مصدره ومفهومه القانونی فضلا عن مفهومه الفقهی وکالاتی :
الفرع الأول : مفهوم غسیل الأموال من حیث مصدره .
الفرع الثانی : مفهوم غسیل الأموال فی القانون .
الفرع الثالث : مفهوم غسیل الأموال لدى الفقه .
الفرع الأول
مفهوم غسیل الأموال من حیث مصدره
إن غسیل الأموال تبعاً لمصدر المال فان له مفهوم ضیق یقتصر فقط على المال الناجم عن تجارة المخدرات ، ومفهوم واسع وفیه یکون مصدر المال قد یتأتى من شمولیة الجرائم . فضلاً عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلیة کتهریب الأسلحة والأشخاص وتهریب النقود وتجارة الرقیق واختلاس المال العام ، ومن ثم إدخال هذه الأموال ضمن النشاطات الاقتصادیة لتداولها.
الفرع الثانی
مفهوم غسیل الأموال فی القانون
لقد عرف القانون المصری غسیل الأموال" کل سلوک ینطوی على اکتساب أموال أو حیازتها أو التصرف فیها أو إداراتها أو حفظها أو استبدالها أو إیداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحویلها أو التلاعب فی قیمتها " إذا کانت متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص علیها فی م/2 من القانون.
الفرع الثالث
مفهوم غسیل الأموال لدى الفقه
عرف غسیل الأموال البعض" التعبیر عن مراحل إخفاء مصادر الأموال غیر المشروعة ، ومن ثم إدخالها فی الدورة الاقتصادیة ثم التداول بها ، ودخولها فی مجال الاستثمار " . وعرفها تمبونی لیمانی" تحویل أو نقل ممتلکات بهدف التکتم أو التستر على المصدر غیر المشروع لهذه الممتلکات أو التکتم على مصدره وموقع هذه الممتلکات أو حیازتها أو استخدامها " . وعرفته اللجنة الأوربیة" عملیة تحویل الأموال المتحصلة من أنشطة جرمیة بهدف إخفاء أو إنکار المصدر غیر الشرعی والمحظور أو مساعدة أی شخص ارتکب جرماً لیتجنب المسؤولیة القانونیة " .
یتبین بان الهدف الرئیسی لعملیة غسیل الأموال هو تحویل المال الناتج عن الأعمال غیر المشروعة إلى أشکال أخرى من اجل التمویه على المال ودمجه بالاقتصاد بهدف نأیه عن الشبهات .
المطلب الثانی
تنفیذ عملیة غسیل الأموال
إن عملیة غسیل الأموال تمتد على المستویین المحلی والدولی ، وعلیه فان نطاق عملیة غسیل الأموال تمتد من غیر حدود یقوم بتنفیذها أطراف معینة ، باستخدام آلیات دون حصر عبر مراحل سنوضحها ضمن هذا المطلب وذلک بموجب الفروع الآتیة :
الفرع الأول : عملیة غسیل الأموال .
الفرع الثانی : إجراءات تنفیذ عملیة غسیل الأموال .
الفرع الثالث : مراحل غسیل الأموال .
الفرع الأول
عملیة غسیل الأموال
إن عملیة غسیل الأموال تتأدیة بوسیلة متمثلة بالشخص الذی یحوز أو یمتلک أموالاً غیر مشروعة ، ویروم تغییر مصدر ذلک المال وذلک باللجوء الى القنوات التی تتعاطى تقدیم خدماتها القانونیة للعملاء کالمصارف وبیوت المال . فیتظاهر غاسلو الأموال بأنهم یبغون الحصول على تلک الخدمات ولکن السبب المراد هو تغییر مصدر المال غیر المشروع لاظفاء المشروعیة علیه . فیلجأ غاسلو الأموال الى استغلال خدمات وخبرات تداول المال والتی من الصعوبة بمکان حصرها لتفنن وتنوع أسالیبها ، وکونها تقوم على أیدی محترفین وذوی خبرة ومتنفذین ویمتلکون القوة والمال والسلطة والمعرفة التقنیة فضلاً عن المتواطئین معهم والتأثیر على ضعاف النفوس من العاملین فی قنوات المال فضلا عن احتساب متغیرات الرقابة وظروف کل عملیة ، کما أن من وسائل غاسلو الأموال تظاهرهم بتقدیم الخدمات الانسانیة .
الفرع الثانی
إجراءات تنفیذ عملیة غسیل الأموال
لا یمکن حصر إجراءات تنفیذ عملیة غسیل الأموال لان هذه الآلیات تتغیر وتتجدد وتبتکر ویکون التخطیط هو إخفاء المصدر الحقیقی لتلک الأموال وإدارة تنظیم العملیة وتوجیه القائمین علیها ، ورقابة أدائهم بأسالیب تتطلب الذکاء ، من اجل التمویه والإخفاء ، المطلوبین لکل عملیة على حدى ولکن لا یمنع من أن نورد بعض الآلیات التنفیذیة الشائعة ، مما دعانا إلى أن نلجأ إلى تقسیم هذه الإجراءات إلى إجراءات غیر مصرفیة وإجراءات مصرفیة
أولاً : الإجراءات غیر المصرفیة .
ثانیاً : الإجراءات المصرفیة .
إن الأعمال غیر المشروعة تولد دخولاً هائلة فیلجأ غاسلو الأموال إلى بعض الآلیات غیر المصرفیة من اجل إخفاء مصدر هذه الأموال غیر المشروع کالتهریب، وإنشاء الشرکات الوهمیة، وتجارة السلع لثمینة والمعمرة ، اللجوء إلى التجارة الدولیة ، وتوظیف الأموال فی شرکات التأمین وتحویل الأموال خارج النظام المصرفی ، واللجوء إلى سوق المزادات العلنیة ، ومحلات البیع بالتقسیط والأسالیب الثقافیة والترفیهیة ، والاستعانة بأرباب المهن المتخصصة والمنازعات القضائیة الوهمیة ، وتقدیم هدایا الحفلات وأوراق الیانصیب الرابحة وإنشاء صالات لعب القمار ، واستغلال شرکات الصرافة وبیع شیکات المسافرین وشراء الفنادق والشرکات والمؤسسات الخاسرة والمتعثرة ، وشراء الأسهم والسندات فی البورصة.
ثانیاً : الإجراءات المصرفیة :
إن المصارف لها الأهمیة فی تنفیذ عملیات غسیل الأموال وهناک إجراءات تقلیدیة وأخرى حدیثة وسنتناولها کالأتی :
1. الإجراءات المصرفیة التقلیدیة:
ان التعاملات المصرفیة التقلیدیة یستغلها غاسلو الأموال لتمریر عملیاتهم ومن هذه العملیات :
أ- الدین المضمون والقرض الوهمی : ذلک بطلب دین من بنک دولة تتبع نظاماً صارماً بضمان الأموال ذات المصدر غیر المشروع المودع فی الدولة التی لا تتبع نظاماً صارماً على مصارفها فعند إخلال المدین بالتزاماته فی موعد الاستحقاق یکفی لغسیل الأموال غیر المشروعة .
ب- استعمال الاعتمادات المستندیة : وذلک بفتح اعتمادات بقصد استیراد بضائع قد تکون وهمیة ومن ثم تزویر الوثائق الخاصة بالشحن لکی تظهر بقیمة أعلى فالفرق هو المبلغ الذی سیتم غسله.
ت- التحویل البرقی للنقود : حیث لا یعلم الغرض من تحویل النقود ولا أسماءهم وتستغل لصالح غاسلی الأموال.
2. الإجراءات المصرفیة الحدیثة :
شهد العالم تطوراً هائلاً فی مجال الاتصالات فحلت التجارة الالکترونیةمحل التقلیدیة وأصبحت فاعلة فی خدمة غاسلی الأموال ، فتوسع نطاق الأسواق التجاریة اذ إن التجارة تعتمد الثقة بین التجار والمستهلکین عبر وسائل الاتصال الحدیثة ، ومن خلال مقارنة واقع التجارة التقلیدیة التی تعتمد على العلاقات المباشرة نجد إن التجارة الالکترونیة عالم بلا حدود فمن الصعوبة معرفة الموقع الجغرافی للجهة التی تمتلک مشروعاً على الانترنیت أو الشخص المتعامل ، فضلاً عن السریة التقنیة والتشفیر واستخدام النقود الالکترونیة. فعالم التجارة الالکترونیة یکتنفه الغموض والشرکات الوهمیة والمراهنات وفرص الغش والتزویر فتح المجال واسعاً لغاسلی الأموال للتحرک بحریة بعقد الصفقات بفضل التطورات التقنیة.
واستغلال البنوک الالکترونیة فضلاً عن استخدام البطاقات الذکیة.
ومن نافلة القول نستدل على إن غاسلی الأموال یستظلون فی ظل العملیات التقنیة التی فجرتها العولمة واستغرقت الأسالیب التقلیدیة فی تبادل المال .
ومن اجل أن نتعرف على کیفیة غسیل الأموال لدى غاسلی الأموال لإضفاء الشرعیة علیه ، فلابد أن نتعرف على مراحل غسیل الأموال المتعارف علیها والتی یتم خلالها غسیل الأموال وهذا ما سنتناوله فی الفرع الأتی .
الفرع الثالث
مراحل غسیل الأموال
من اجل إتمام تنفیذ عملیة غسیل الأموال فان هذه العملیة تمر عبر مراحل تتمثل برحلة الإیداع ومن ثم التمویه والتغطیة وبعدها مرحلة دمج المالذا المصدر غیر المشروع فی الاقتصاد الرسمی وقد لا تطابق بعض أسالیب غسیل الأموال مع هذا التقسیم فقد یتم دمج أکثر من مرحلة فی بعض العملیات.
ومراحل غسیل الأموال تتمثل بالاتی :
أولا : المرحلة الأولى : مرحلة الإیداع .
ثانیاً : المرحلة الثانیة : مرحلة التمویه والتغطیة .
ثالثاً : المرحلة الثالثة : مرحلة الدمج .
أولاً : المرحلة الأولى : مرحلة الإیداع :
ویطلق علیها استبدال النقود ، لإخفاء مصدرها غیر المشروع وتکون هذه المرحلة بالقرب من المصدر غیر المشروع ، وتتطلب هذه المرحلة الدقة والمهارة لأنه یمکن التعرف على أشخاص هذه المرحلة بسهولة. وان الهدف من هذه المرحلة هو التخلص المادی من المال لإبعاد الشبهات عن مالکها کتجزئتها أو اللجوء إلى التزویر لتفادی وسائل الرقابة وإیداعها بعیداً عن مصدر المال.
ثانیاً : المرحلة الثانیة : مرحلة التمویه والتغطیة :
خلال هذه المرحلة تتعدد الأعمال والتصرفات القانونیة التی یقوم بها غاسلو الأموال بعد إیداعها فیحاولون تغییر طبیعة المال الذی تم إیداعه خاصة فی البنوک فیتحرک المال إلى أکثر من دولة. فإذا نجح غاسلو الأموال بمرحلة إیداع الأموال وخاصة فی البنوک وقاموا بالتمویه بإجراء تغییر طبیعة المال المودع فأنهم سیدخلون فی المرحلة الثالثة بعد أن ابتعدت الأموال ذات المصدر غیر المشروع عن مصدرها الأصلی فیصعب رصدها. خاصة وان هذا المال انتقل خارج البلاد فیصعب تتبع مصدره.
إن هذه المرحلة أکثر تعقیداً وأکثر عالمیة بفضل مساعدة الشرکات والمصارف المتساهلةفهذه المرحلة أوفر حظاً لغاسلی الأموال لاستغلال وسائل العولمة .
ثالثاً : المرحلة الثالثة : مرحلة الاندماج :
ویقصد بهذه المرحلة ، دمج الأموال غیر المشروعة بأموال أخرى مکتسبة من مصادر مشروعة وضمها إلى الاقتصاد ومرة أخرىکأموال مشروعة معلومة المصدر فانفصلت عن مصدرها ویظهر المال بتوظیفه فی استثمارات حقیقیة لمحو أی اثر للمصدر. وهذه المرحلة أکثر علانیة من المرحلتین الأولیتین، وأکثر أمانا وأکثر فائدة لغاسلی الأموال ویصعب کشف المصدر غیر الشرعی.
المبحث الثالث
أثر ظاهرتی العولمة وغسیل الأموال على المال
وجدنا بان العولمة فکرة وتطبیق عالمیین لإدارة منظومة العالم نحو إستراتیجیة اقتصاد عالمی ، رأسمالی مفتوح لتحقیق أهدافها على أیدی مؤسسات یقوم علیها أشخاص عالمیون .
کما أن إتمام عملیة غسیل الأموال لا تتم بالقیام بتصرف واحد من قبل شخص معین ، من اجل قطع صلة مصدر المال غیر المشروع . وإنما تحتاج العملیة إلى مؤسسات مالیة وأشخاص متعددون لدیهم الإدارة والفن لإتمام عملیة غسیل الأموال ولأجل أن نجد أن هناک علاقة متطابقة وبالتالی مؤثرة للعولمة على مراحل غسیل الأموال الذی یؤدی بالنتیجة إلى تدهور الاقتصاد ومفرداته فلابد من بیان علاقة العولمة بغسیل الأموال أولاً ومن ثم بیان نتیجتها وذلک بموجب المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : علاقة العولمة بغسیل الأموال .
المطلب الثانی : النتائج المترتبة لعلاقتی العولمة وغسیل الأموال على المال .
المطلب الأول
علاقة العولمة بغسیل الأموال
من اجل أن نتوصل إلى انه هناک علاقة بین کل من ظاهرتی العولمة وغسیل الأموال. فلابد من بیان علاقة الجانب الشکلی والقائمین علیهما والجانب الموضوعی للظاهرتین ، علیه فإننا سنتناولهما فی الفرعین الآتیین :
الفرع الأول : الجانب الشکلی لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال والقائمین علیهما .
الفرع الثانی : الجانب الموضوعی لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال .
الفرع الأول
الجانب الشکلی لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال والقائمین علیهما
قبل أن نتناول وظیفة العولمة وغسیل الأموال الموضوعیة علینا أن نتعرف على وعائی العولمة وغسیل الأموال الشکلیة والتی یتم فی هیکلتهما تحقیق فکرة وتطبق العولمة وغسیل الأموال على أیدی القائمین علیهما أولاً ومن ثم نتعرف على الجوانب الموضوعیة للظاهرتین.
أولاً : علاقة الجوانب الشکلیة لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال والقائمین علیهما:
تشکلت مؤسسات العولمة على النطاق العالمی وفی کبریات الدول التی تبنتها فالبناء المؤسسی لابد أن یوازی تحقیق أهداف هیمنة عالمیة تخدم سیاسة العولمة على المدى البعید کالشرکات المتعددة الجنسیة التی یطلق علیها الشرکات العالمیة والکونیة ، ومنظمة التجارة العالمیة وصندوق النقد الدولی والبنک الدولی للإنشاء والتعمیر .
فتشکیلة العولمة عالمیة وفروعها المحلیة تخدم نطاق حرم العالم ، على أیدی أشخاص العولمة ذوی الهویة العالمیة ، حیث یوظف غاسلو الأموال الأشخاص الموصوفین بذوی الکفاءة وممن لدیهم النفوذ والسلطة ، ومن الصعب أن یخترقوا هؤلاء لحصانتهم وعدم احتکاکهم بالآخرین وتسلیط الضوء على أدائهم فضلاً عن مواقعهم التنفیذیة ولیدهم ممن یعمل متضلعین فی أنظمة الاتصالات والمعلومات الحدیثة والعملیات المالیة والمصرفیة والفنیة والتی ینفذون من خلالها لتحقیق أهدافهم وتمریر صفقاتهم .
وممن لهم الإمکانیة التی تمکنهم أن یستغلوا حاجة وعیوب إرادة المتنفذین وتقدیم المشورة لهم وتنشیط الاستثمارات وبسط النفوذ وذلک باللجوء إلى استغلال الأزمات وتکریس التفرقة خاصة فی الأقالیم الغنیة بالثروات الطبیعیة فیتخفون بعیداً عن الأنظار بتوسط الأشخاص الآخرین لتمویه انتقال الأموال .
کما أن تهمیش العولمة لدور الحکومات المحلیةیفقد الأخیرة أسالیب الرقابة على أوعیتها المالیة کالبنوک أو بیوت المال وهذه الأوعیة هی المنفذ الحقیقی لغاسلی الأموال .
الفرع الثانی
الجانب الموضوعی لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال
الجانب الموضوعی لظاهرتی العولمة وغسیل الأموال تتمثل بوظیفة أوعیتهما فالشرکات المتعددة الجنسیة ومنظمة التجارة العالمیة وصندوق النقد الدولی والبنک الدولی للإنشاء والتعمیر وکذلک البنوک وبیوت المال فإنها تبغی من نشاطها إدارة المال لتحقیق الإرباح . اذ أن نشاط کل هذه المؤسسات تنفذ مهامها الموکلة إلیها بشکل یفتقر إلى السکون للاستحواذ على اکبر قدر ممکن من الربح فلن یتحقق ذلک لولا مرافقة وسائل الاتصال المتسارعة التی رافقت وظیفة العولمة ، ومن هذا المنطلق یمکننا القول أن غاسلی الأموال تمکنوا أن یوظفوا عملیات العولمة لصالحهم خاصة وان إتمام عملیة غسیل الأموال تتطلب المراحل المتعددة والنشاطات التی تلاءم طبیعة کل عملیة على حدى لإتقان عملیة الغسیل فلا یخدمها السکون. وبذلک استغل غاسلو الأموال أفق العولمة الاقتصادی المتحرک والملائم مع مراحل غسیل أموالهم وهکذا توضحت العلاقة الشکلیة والموضوعیة بین ظاهرتی العولمة وغسیل الأموال .
المطلب الثانی
النتائج المترتبة لعلاقتی العولمة وغسیل الأموال على المال
أن النتائج الاقتصادیة التی فتحت أبوابها العولمة مستعینة بالثورة العلمیة والتکنولوجیة امتد أثرها على الواقع المحلی فضلاً عن العالمی ولکون غاسلو الأموال لا تنتهی عملیاتهم بتصرف واحد من اجل دمج المال غیر المشروع المصدر بل قد یتطلب إیداعه خارج دولة مصدره ، خاصة إذا کان المال المراد غسله یتطلب الغسیل المتقن ، والذی تقوم علیه عصابات منظمة ویتطلب استثمارات کبیرة ومتنوعة بما یتلاءم مع وظیفة العولمة الاقتصادیة ونتیجتها والتی یمکن أن یستغلها غاسلو الأموال لتمریر مراحل عملیاتهم مستفیدین من نتائج العولمة حیث سنتناولها کالأتی :
الفرع الأول : استغلال غاسلی الأموال نتائج العولمة .
الفرع الثانی : تأثر المال بنتائج العولمة وغسیل الأموال .
الفرع الأول
استغلال غاسلو الأموال نتائج العولمة
تتمثل نتائج العولمة من فاعلیة حکومة العولمة وتطبیقاتها وتتمثل بتطبیق سیاستها وقوانینها وبرامجها بفضل جهود مؤسساتها الاقتصادیة والمالیة التی تهدف إلى تحقیق استثمارات وسوق عالمیین ، فألحقت تحولات محلیة وعالمیة فی السیاسة الاقتصادیة التحرریة مما سهل عملیات غسیل الأموال .
فمن حیث عددها: فقد تفاقم عدد مؤسسات العولمة فتعذر على الواقع المحلی أن یلم بعددها وعدتها مما ساعد غاسلو الأموال ملاحقة تلک المؤسسات والتستر وراءها للتمویه على نشاطاتهم .ومن حیث تفعیل نشاطاتها : فان حکومة العولمة فعّلت نشاطات مؤسساتها من اجل الربح على حساب الحکومات المحلیة وثروات بلدانها فسادت علیها وأخضعتها لها مواردها من اجل خدمة حکومة العولمة فباتت من أدواتها التنفیذیة المساعدة للعولمة ولکون اعتماد غاسلی الأموال على عنصر الزمن فی غسیل أموالهم وعلى التصرفات المتعددة والسریعة والفاعلة فقد فسح مجال العولمة لهم لتمریر عملیات غسیل أموالهم . خاصة وان الحکومات المحلیة تنشد استثمارات العولمة على أرضها ولکن لمحدودیة خبراتها وخبرة أفرادها وإمکانیاتهم وتمویلهم وقصور أجهزتهم فقد تهمشت وضعف طرفها . مما دعا غاسلو الأموال إلى استغلال هذه الحالة ، بغیة الوصول الى أهدافهم بوسائل غیر مشروعة ، الذی یستغله غاسلو الأموال لمصالحهم .
ومن حیث سیاسة العولمة : فان سیاسة العولمة تدعو الحکومات المحلیة إلى برامج الاندماج والخصخصة من جهة وأسالیب الإغراءات المتزایدة للاستثمارات والمساعدات فقد فرضت العولمة سیاستها وأصبحت الحکومات المحلیة واقتصادها مفتوحاً لتنفیذ اقتصاد العولمة على أراضیها فکان الباب مفتوحاً لغاسلی الأموال کذلک .
أما من حیث إدارة السوق فان العولمة تدعو إلى تصریف منتجاتها المنافسة وتهدف إلى إغراق الأسواق بمنتجاتها کونها بحاجة إلى الأسواق المحلیة بما یتوازى إنتاجها الواسع ، خاصة وإنها تتبع سیاسة السوق المفتوحة ، وإلغاء الحواجز وإملائها لشروط الإعفاءات الضریبیة والکمرکیة فاستغلها غاسلو الأموال لتمریر عملیاتهم .
أما من حیث إدارة التمویلفان مؤسسات العولمة المالیة تقدم المساعدات المالیة والقروض والمشورةلمجمل النشاطات الاقتصادیة على المستوى العالمی فضلاً عن النشاطات المحلیة التی تلبی شروطها . ولکون المال عصب الحیاة الاقتصادیة ولکونها تبغی مردود المال ، وفوائده وإرباحه أیا کان مجال توظیف المال ، وعائده وشرعیتهولکون غاسلو الأموال لا یعیرون الاهتمام لجوانب المشروعیة فانعقدت أهدافهما فی مجالات التمویل والتمویه من اجل تحقیق أهدافهم .
ومن حیث الرقابةفان سیاسة العولمة تعتمد على الحریة الاقتصادیة علیه فان الرقابة تکاد تکون شبه معدومةمما أتاح لغاسلو الأموال التصرف بحریة .
من کل ما تقدم نستنتج بان غاسلو الأموال یتخذون من إدارة وسیاسة العولمة أسالیب فنیة متجددة ومبتکرة لتنظیم سیاستهم وإدارتهم لغسیل أموالهم .
الفرع الثانی
تأثر المال بنتائج العولمة وغسیل الأموال
لقد استغل غاسلو الأموال سیاسة وإدارة العولمة للتمویه على مصدر أموالهم والذی یشکل موقعة اقرب ما یکون إلى مسرح الجریمة فقد بات متاحاً لغاسلی الأموال دمج أموالهم فی مجالات الاستثمار والتجارة والنشاطات المالیة وکالاتی :
فمن حیث تحریک المال : یعد تحریک أموال الجریمة الخطوة التی تتطلب التستر والإخفاء فلابد من تغییر طبیعته ولما بات نشاط الاقتصاد المحلی متاحاً فی ظل العولمة فان سعة تحریک المال وفاعلیته لا یمکن ملاحقتها فأصبح من السهل على غاسلی الأموال تغییر شکل المال وطبیعته وتنفیذ عملیة إیداعه للتخلص من أصل طبیعته خاصة فی الاقتصاد المحلی وبذلک اخفق اقتصاد الدولة .
وحیث ان المال غیر المشروع لا زال قریباً من مصدره فلابد من القیام بتصرفات یصعب على أجهزة الرقابة المحلیة التعرف على مصدر ذلک المال الأقرب إلى مسرح الجریمة لکی یتخطى حدود دولة المصدر . وحیث ان العولمة تدعو إلى إزالة الحواجز والحدود فأصبح فی ظل العولمة المال متاحاً لتجاوز دولة المصدر إلى دول أکثر أماناً وإتباعا لأسالیب الرقابة وإتباعا لإجراءات السریة المصرفیة فاستنزف مالاً هو بالأصل من ثروات تلک الدولة .
وبعد ان تم إیداع المال والتمویه علیه خارج مصدره أمسى المال کأنه ذو مصدر مشروع فیشرع غاسلو الأموال فی مشاریع الاستثمار سواء برجوعه إلى بلد المصدر أو فی أی بقعة أخرى خاصة وان مشاریع العولمة توظف المال فی المجالات الاقتصادیة وبذلک استغل غاسلو الأموال إفرازات العولمة ذات التأثیر المباشر فی الاقتصاد المحلی والعالمی کون المال الذی یحصل علیه غاسلو الأموال یستنزف الموارد البشریةواختلال التوازن الاجتماعی وتفاقم الکسب غیر المشروع الذی یؤدی إلى تدمیر اقتصاد البلاد. وهکذا انظم فی الاقتصاد العالمی مال غیر مسیطر علیه أدى إلى انخفاض قیمة العملة وارتفاع التضخم وإفساد مناخ الاستثمار وتدنی مستوى المعیشة واختلط المال المشروع مع المال غیر المشروع وقد یتقدم به غاسلو الأموال فی المشاریع الاستثماریة أو غیرها فی بلد مصدر المال أو غیره.
الخاتمة
بعد أن انتهینا من بحث أثر العولمة على غسیل الأموال ، فقد توصلنا الى النتائج والتوصیات الآتیة :
أولاً : النتائج :
ثانیاً : التوصیات :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Books:
1. Basem Mohammed Saleh, Commercial Law, Section I, Dar al-Hikma Publications, Baghdad, 1987.
2. Dr. Abdulrahman Al-Sayed Farhan, Contribution of Banks in Anti-Laundry, Faculty of Law, Menoufia, Egypt, 2004.
3. Abdel-Majid al-Hakim and Dr. Abdul Baqi al-Bakri and Muhammad Taha al-Bashir, Al-Wakiz in the theory of commitment in Iraqi civil law, Baghdad, 1980.
4. Fouad Afram al-Bustani, Munjid al-Taleb, I 5, Catholic Press, Beirut.
5. Dr. Mohsen Abdul Majid, Globalization in the Islamic Perspective, I, Baghdad, 2002.
6. Mohammed al-Husseini al-Shirazi, Jurisprudence of Globalization, presented by Bashir al-Iraqi.
7. Mohamed Ayed Jabri, Globalization and Cultural Identity, Issues in Contemporary Thought, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 1990.
Letters and messages:
1. Draneh Hama Baki, Master, Money Laundering, University of Sulaymaniyah, Faculty of Law, 2005.
2. Zina Ghanem Abdul-Jabbar Al-Saffar, Banking Secrets, PhD thesis, Faculty of Law, Mosul University, 2005.
3. Sultan Abdullah Mahmood Al-Jawari, Electronic Commerce Contracts and Applicable Law, PhD Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2004.
4. Talaat Jaid Al Hadidi, International Legal Center for Multinational Enterprises, PhD thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 2005.
5. Our professor d. Abbas Aboudi, Contracting by Immediate Contact, PhD Thesis, Faculty of Law, University of Mosul, 1994.
6. Mayada Saladin, Money Laundering and Means of Countering Them through Legislation and the Banking System, Master Thesis, Faculty of Management and Economics, University of Mosul, 2005.
Magazines, newspapers and articles:
1. Ismail Sabri, Global Capitalism in the Post-Imperialist Period, Al-Mustaqbal Al Arabi, p. 222, Beirut, 1997.
2. Bassil Youssef, Human Rights between Humanity and Humanity, Journal of Cultural Rights, p. 10, Baghdad, 1997.
3. Basem Abdel Hadi Hassan, The Economic Effects of Money Laundering, Al-Mada Newspaper, 2005
4. Dr. Jalal Wafaa Mohammedin, The Role of Banks in Combating Money Laundering, Journal of Law for Legal and Economic Research, Faculty of Law, Alexandria University, p.1, Egypt, 2000.
5. Hussein Tawfiq Ibrahim, The Relationship between the New World Order and Globalization, Journal of Dialogue, p. 37
6. Khawla Rashid Hassan, Money Laundering, Concept, Methods and Economic Impacts, Baghdad College of Economic Sciences Journal, University of Baghdad, 2004.
7. Dr. Seyyed Gemayel, The Concept of Globalization, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 1998.
8. Salah al-Din al-Amarna, Globalization, Al-Mohandes Magazine, p 65, Jordan, 1998.
9. Abdel-Karim Al-Wariqat, Islamic Culture and Globalization, Proceedings of the Third Conference of the Faculty of Sharia, Zarqa Private University.
10. Dr. Aql Yousef Interview, Money Laundering in the Age of Globalization, Journal of Law, University of Bahrain, Vol. 2, p. 1, January, 2005.
11. Dr. Al-Shamaa, Electronic Commerce, Legal Studies, House of Wisdom, Year 2, p4, 1, Baghdad, 2000.
12. Mohammed Al Atrash, The Arabs and Globalization, The Arab Future Journal, p. 229, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 1998.
13. Nabeel Marzouk, Globalization and the Global Economic System, Al-Tarek Magazine, p4, Beirut, 1997
14. Lawyer Younis Arab, Journal of Banks, Jordan, 1990.
15. Mr. Yassin, Globalization and its Implications for the Arab World, Arab Center for Strategic Studies, p17, Cairo, 1998.
Laws:
1. The Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.
2. Egyptian Money Laundering Law No. 80 of 2002, issued on 22 May 2002, published in the Official Gazette, p. 20.
Electronic Resources:
1. Ali Bin Mohammed Al-Jum'ah, Globalization, Saudi Arabia:
E-mail: alio630m@hoymail.com
2. Husam al-Din Hussein: Issue P 1758, Friday 14, c 2, 1423 e.
3. Al-Bayan Newspaper, Sunday 4 July 2000.
4. Electronic Laundry, Saudi Arabia, 1425H Filehtm: The Baghdad Newspaper
5. K1, 2005:
www.Feouities.com/4awamis.
6. www.alshirazi.com/compilations/paty/awlama/fenres.htm.27l04l2005.
الکتب :
الاطاریح والرسائل :
المجلات والجرائد والمقالات :
القوانین :
المصادر الالکترونیة :
E-mail: alio630m@hoymail.com
www.Feouities.com/4awamis.