الملخص
مهما کانت درجة اتجاه إنسان الیوم نحو الذات والمادة ، الا انه لا یخلو من وجود أناس میالون الى فعل الخیرات والمبرات ، ولاسیما اذا کان الانسان مسلماً مؤمناً بان عاقبة الدار یجعلها الله سبحانه وتعالى للذین لا یریدون علواً فی الأرض ولا فساداً ، فیجد هذا الانسان ان الدنیا دار فناء وان الآخرة دار بقاء ، وعلیه ان یتزود من دار دنیاه لدار بقائه ، وان خیر الزاد التقوى ، وان من تقوى الله اتباع قوله تعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
الموضوعات
أصل المقالة
أحکام وقف المریض مرض الموت -(*)-
Provisions of the donation of the patient who does not survive from his illness with his property to Islamic Waqif
محمد رافع یونس محمد کلیة العلوم/ جامعة الموصل Muhammad Rafi Younis Muhammad College of Science / University of Mosul Correspondence: Muhammad Rafi Younis Muhammad E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 15/1/2008*** قبل للنشر فی 6/4/2008.
(*) Received on 15/1/2008 *** accepted for publishing on 6/4/2008.
Doi: 10.33899/alaw.2008.160517
© Authors, 2008, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص
مهما کانت درجة اتجاه إنسان الیوم نحو الذات والمادة ، الا انه لا یخلو من وجود أناس میالون الى فعل الخیرات والمبرات ، ولاسیما اذا کان الانسان مسلماً مؤمناً بان عاقبة الدار یجعلها الله سبحانه وتعالى للذین لا یریدون علواً فی الأرض ولا فساداً ، فیجد هذا الانسان ان الدنیا دار فناء وان الآخرة دار بقاء ، وعلیه ان یتزود من دار دنیاه لدار بقائه ، وان خیر الزاد التقوى ، وان من تقوى الله اتباع قوله تعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
الکلمات الرئیسة: وقف المریض
الموضوعات: القانون المدنی
Abstract
Whatever the degree of human orientation today towards the self and material, but it is not without the existence of people inclined to do good deeds, especially if a Muslim is a believer that the blessed consequence of the abode of the Hereafter, So Allah makes them Almighty God for those who do not want to rise in the earth or corruption, therefore the human finds that the present life is a house of the courtyard and that the Hereafter is a house of survival, and he has to ready himself for the abode of the Hereafter, and that the best way to increase piety, and those who fear God is following his words: ((By no means shall ye attain righteousness unless ye give (freely) of that which ye love; and whatever ye give, of a truth Allah knoweth it well)
Keywords: Donation Patient
Main Subjects: civil law
المقدمة:
مهما کانت درجة اتجاه إنسان الیوم نحو الذات والمادة ، الا انه لا یخلو من وجود أناس میالون الى فعل الخیرات والمبرات ، ولاسیما اذا کان الانسان مسلماً مؤمناً بان عاقبة الدار یجعلها الله سبحانه وتعالى للذین لا یریدون علواً فی الأرض ولا فساداً ، فیجد هذا الانسان ان الدنیا دار فناء وان الآخرة دار بقاء ، وعلیه ان یتزود من دار دنیاه لدار بقائه ، وان خیر الزاد التقوى ، وان من تقوى الله اتباع قوله تعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) ، وقول النبی محمد صلى الله علیه وسلم لعمر بن الخطاب رضی الله عنه عندما أصاب أرضاً بخیبر ، وأتاه یستأمره فیها (( ان شئت حبست اصلها وتصدقت بها)) ، وان الوقف من أحسن الصدقات ، وأجل القربات الى الله سبحانه وتعالى ….
ولعل من نافلة القول ان الانسان بطبیعته ، یتذکر عاقبة الدار على الأغلب ، عندما یکون فی ظروف صعبة تحیط به منها: مرض الموت الذی یموت فیه ، وما یلحق به من أوضاع یشعر فیها انه سوف یموت لا محالة کالخروج الى المعرکة أو عند تنفیذ حکم الإعدام.. إذ یشعر الانسان بدنو أجله ، فیعرف حقیقة الحال وحقیقة الارتحال ، وادخار الأعمال للخیرات،فیحاول ان یربح دار الآخرة، لأنها خیر وأبقى بالوقف – الصدقة الجاریة-.
والوقف تصرف قانونی ینشأ بالإرادة المنفردة للواقف ، ویکون على ثلاثة أوجه : أما فی الصحة منجزاً ، فللواقف ان یقف ما یشاء من أمواله على من یشاء نفعه وبره من أولاده ونسله وعقبه واقاربه ، أو من الأجانب الفقراء ، أو على وجه من وجوه البر ، فیصح ویلزم وقفه ویخرج من ملکه ولا یتوقف على اجازه ورثته .
أو یکون مضافاً الى ما بعد الموت سواء صدر فی الصحة ام المرض ، فهو غیر لازم ، ویصح الرجوع عنه سواء أکان خیریاً ام مشترکاً أو ذریاً شأنه شأن الوصیة ، الا اذا مات الواقف مصراً على وقفه ، ، فیلزم فی حدود الثلث من ترکته .
أو یکون وقفاً منجزاً فی مرض الموت ، فیأخذ حکم الوصیة ، وینفذ من ثلث ترکة الواقف بعد موته ، لأنه فی حالة یغلب موته فیها ، ویظن به انه أراد الأضرار بورثته، فللاحتیاط فی دفع مظنة التهمة عنه ، جعلت حقوق ورثته متعلقة بماله فیما زاد عن الثلث .
لما تقدم فأن أهمیة موضوع البحث تتجسد فی وجود حالة الانسان المریض مرض الموت وما یلحق به ، واستمرار إیقاف الناس لاموالهم ، وکثرة النزاعات القضائیة بعد موت المریض الواقف فی مرضه بین الدائنین والورثة وجهة الوقف.
ولم ینظم القانون المقارن أحکام وقف المریض مرض الموت جمیعها بدقة وتفصیل ، کما ان أحکامه غائبة عن العاملین فی المجال القانونی والقضائی ، ومنهم المحامون وقسمٌ من القضاة ، فضلاً عن ان شراح القانون لم یکشفوا عن قواعده واحکامه ، وهذا ما دفعنا الى اختیار الموضوع، والبحث فیه لبیان أحکامه تفصیلاً وتوضیحاً فی الفقه الإسلامی والقوانین المقارنة.
واعتمدنا فی بحثنا أسلوب المقارنة بین الفقه الإسلامی بمذاهبه المختلفة ، والقوانین العربیة المصریة والأردنیة ، ثم القوانین العراقیة لکی یظهر موقفها جلیاً کلما استطعنا الى ذلک سبیلا ، فضلاً عن اتخاذنا المنهج التحلیلی بإیراد الآراء الفقهیة وتحلیلها وترجیح واقتراح بعض الآراء ، وسحب ذلک على النصوص القانونیة ، مع تعزیز البحث ببعض التطبیقات القضائیة .
اما خطة البحث فمکونة من المطلب الأول التعریف بمفردات الموضوع وهی : الوقف، مرض الموت ، الوصیة ، ثم تناولنا فی المطلب الثانی وقف المریض المدین ، وبیان أحکامه من حیث کون الدین مستغرق أو غیر مستغرق للترکة ، وبحثنا فی المطلب الثالث وقف المریض غیر المدین بأقسام الوقف الذری والخیری والمشترک ، وتزاحم وقوف ووصایا المریض وختمنا البحث بخاتمة تضمنت أهم الاستنتاجات والتوصیات :
وسأعرض موضوع البحث من خلال المطالب الآتیة :
المطلب الأول : التعریف بوقف المریض مرض الموت .
المطلب الثانی : وقف المریض مرض الموت المدین .
المطلب الثالث : وقف المریض مرض الموت غیر المدین .
الخاتمة : أولاً :- الاستنتاجات
ثانیاً : - التوصیات
المطلب الأول
التعریف بوقف المریض مرض الموت
قبل الخوض فی موضوع أحکام بحثنا ، لابد من توضیح أهم ما یقصد بمفرداته ، ولکون وقف المریض الذی یموت به ، یأخذ حکم الوصیة .
لذا یکون مدخل موضوع دراستنا ، هو التعریف بمفردات عنوان البحث وهی : الوقف ، مرض الموت ، الوصیة ، وعلى النحو الآتی :-
الفرع الأول : تعریف الوقف
الفرع الثانی : تعریف مرض الموت
الفرع الثالث : تعریف الوصیة
الفرع الأول
تعریف الوقف
الوقف لغة : الحبس ، یقال وَقَفْتُ الدارَ وقفاً حَبستها فی سبیل الله ، وَوَقَّفْتُ الرجلَ عن الشیء وقفاً منعته عنه ، وَوَقَفَ یقِفُ وقوفاً دامَ قائماً ، ویقال وَقَفَتْ الدابةُ تَقِفُ وقفاً ووقوفاً سَکَنَتْ ، وهو یتعدى ولا یتعدى ، وشیء موقوف ووَقْف أیضا تسمیة بالمصدر والجمع أوقاف ووقوف .
ویظهر ان مصطلح الوقف لغة یعنی : حبس الشیء وتسکینه فی مکان على الدوام ، ومنع التصرف فیه ، وتسبیل منافعه .
وفی اصطلاح الفقه الإسلامی ، اختلف العلماء فی تعریف الوقف ، ونوجز أهمها:-
عرفه أبو حنیفة بأنه : (( حبس العین على ملک الواقف والتصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه الخیر )) وعند الصاحبین : ((حبس العین على حکم ملک الله تعالى على وجه تعود منفعته الى العباد ، فیلزم ولا یباع ولا یوهب ولا یوَّرث)) ،وعند الشافعیة : ((حبس مال یمکن الانتفاع به مع بقاء عینه على مصرف مباح )) ، وعند المالکیة : ((إعطاء منفعة شیء مدة وجوده ، لازماً بقاؤه فی ملک معطیه ، ولو تقدیراً )) وعند الحنابلة والجعفریة : (( تحبیس الأصل وتسهیل المنفعة )) .
ویمکن ان نعرف الوقف بالشکل الآتی : حبس العین المملوکة ملکاً تاماً على حکم ملک الله سبحانه وتعالى ، ومنع التصرف فیها بالبیع ، أو الهبة ، أو الوصیة ، أو الرهن ، أو الإعارة ، وما شابه ذلک … ولا تورث ، والتصدق بمنفعتها فی وجوه الخیر والبر ولو مالاً على وجه التأبید ، والذی عناه صلى الله علیه وسلم بقوله (( اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاثة : صدقةٍ جاریة ٍ ، أو علمٍ یُنتفعُ بهِ ، أو ولدٍ صالحٍ یدعو له )) ، وفسَّر العلماء الصدقة الجاریة بالوقف ، أی صدقة موقوفة (مستمرة) .
الفرع الثانی
تعریف مرض الموت
مرض الموت لغة : لفظ مرکب ، فالمرض : هو العِلَّة التی تصیب الانسان فتغیر صحته بعد اعتدالها، والموت : زوال الحیاة عمن کانت فیه بمفارقة الروح جسده ، وبذلک یکون تعریف مرض الموت فی اللغة بأنه : العلة التی تصیب الانسان ، فتغیر صحته بعد اعتدالها ، وتؤدی الى زوال حیاته ، لانه لا علاج له .
وفی الفقه الإسلامی ، اختلف فقهاء المسلمین فی تعریفهم لمرض الموت ، لاختلافهم فی علاماته الدالة علیه ، ولکنهم یقتربون فی ماهیته من أنه مخوّف للمریض ، ویغلب على ظنه أن موته فیه ، فیتصرف فی أمواله بناء على ذلک ، ولا یعد المرض مرض الموت اذا مضى علیه اکثر من سنة .
فی الاصطلاح القانونی ، فان القوانین المدنیة لم تضع تعریفاً لمرض الموت باستثناء القانون المدنی الأردنی الذی عرفه : (( هو المرض الذی یعجز فیه الانسان عن متابعة أعماله المعتادة ، ویغلب فیه الهلاک ، ویموت على تلک الحال قبل مرور سنة ، فان امتد مرضه وهو على حالة واحدة دون ازدیاد سنة أو اکثر تکون تصرفاته کتصرفات الصحیح )) ، وتجدر الإشارة الى ان المشرع الأردنی اعتمد على مذهب الحنفیة فی تعریفه لمرض الموت ، وسار القضاء العراقی على نحو ذلک فی تعرضه لمرض الموت .
وعدَّ المشرع الأردنی الحالات التی تحیط بالإنسان فیها خطر الموت ، ویغلب فی أمثالها الهلاک ولو لم یکن مریضاً ، بأنها فی حکم مرض الموت .
نستخلص مما تقدم بأن مرض الموت: هو من الأمراض المخّوفة للمریض ، ویشعر صاحبه فیه باقتراب منیته ، لان مرضه لا یرجى الشفاء منه ویؤدی به الى الموت .
لذلک تتقید فیه تصرفات المریض بعد موته بأثر رجعی لحمایة حقوق الدائنین والورثة، لانه یغلب الهلاک فیه ویموت المریض على تلک الحال – المرض – قبل مرور سنة سواء مات بسببه - کالأمراض غیر المزمنة التی لا تستمر مدة طویلة بصاحبها مثل : الکولیرا فمن یصاب بها اما ان یشفى أو یموت بها - ، ام مات بسبب آخر خارجی عنه کقتل أو غرق أو حریق …، وان طالت مد ة مرضه عن سنة وهو على حال واحد دون ازدیاد فان تصرفاته تعد کتصرفات الصحیح ، ولکن لو اشتد المرض به وتغیرت حالته فیعد مریضاً من تاریخ الاشتداد والتغیر الى حین الموت ولو امتدت لأکثر من سنة ان اتصل الموت بها فعلاً ، کالأمراض المزمنة التی لا یرجى شفاؤها مثل : الأمراض الخبیثة (السرطان) ، ونقص المناعة المکتسبة ( الایدز ) . ویلحق فی حکم المریض مرض الموت الأشخاص الذین یکونون فی حالة تجعلهم یخشون معها خطر الموت ویغلب فی أمثالهم الهلاک ، وان لم یکونوا مرضى کحالة المحکوم علیه بالإعدام ، والمرأة الحامل اذا جاءها المخاض ( الطلق ) ، والمقاتل فی معرکة غیر متکافئة للطرف الذی هو منه ، فضلاً عن حالات ارتیاد الفضاء الخارجی ، أو حالات الألعاب الخطرة ، کالقفز الحر والتعمد فی فتح المظلة بتأخیر مقصود … وغیرها .
الفرع الثالث
تعریف الوصیة
الوصیة لغة : مصدر بمعنى التوصیة ، أو الایصاء ، وأَوْصاه ووصّاه توصیةً عهد الیه ، والاسم : الوصاةُ والوصایة والوَصیَّة وهو الشیء الموصى به أیضا ، وأوصیتُ له بشیء ، وأوصیتُ الیه إذ جعلته وَصیّکَ ، وارضٌ واصِیةٌ : متصلة النبات ، وتواصى النبتُ إذا اتصل ، وتواصى القوم ، أی : اوصى بعضهم بعضاً .
یتضح مما تقدم بان لفظ الوصیة یأتی بمعنى الاعهاد الى الغیر للقیام بعمل فهی وصیة عهدیة ، وتأتی بمعنى ما یوصى به من مال فهی وصیة تملیکیة .
وفی اصطلاح الفقه الإسلامی ، فان فقهاء المسلمین لم یتفقوا على تعریف الوصیة ، ولذلک تعددت تعریفاتهم لها، الا ان غالبیتهم ذهبوا الى تعریف الوصیة التملیکیة فی حقیقتها وهی تملیک مضاف الى ما بعد الموت تبرعاً .
وفی الاصطلاح القانونی ، عرفت المادة الأولى من قانون الوصیة المصری رقم 71 لسنة 1946 الوصیة بانها : (( تصرف فی الترکة مضاف الى ما بعد الموت )) ، فی حین عرفتها المادة (64) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی رقم 188 لسنة 1959 بأنها : ((تصرف فی الترکة مضاف الى ما بعد الموت مقتضاه التملیک بلا عوض)) .
ویذهب بعض فقهاء وشراح القانون الى ان تعریف المشرع المصری أفضل واجمع التعریفات ، لانه شمل التصرفات القانونیة کافة ، فی حین قصرها المشرع العراقی على التصرفات الناقلة للملکیة فقط .
ویمکن ان نعرف الوصیة : هی ان یثبت الشخص حقاً لغیره فی ماله ، مضافاً الى ما بعد الموت ، باخراجه من أموال ترکته ، فهو تصرف قانونی من جانب واحد باثبات حق للغیر فی أمواله أثناء حیاته ، مضاف تنفیذه بعد مماته باخراجه من ترکته ، لأنها من الحقوق المتعلقة بالترکة المقدمة على حقوق الورثة .
وتجدر الإشارة الى ان الوقف یتمیز عن الوصیة فی ان الأول تملیک منفعة العین دون رقبتها للموقوف علیه فی أثناء حیاة الواقف وبعد مماته ، أو بعد موته فقط ، فی حین ان الوصیة تملیک لرقبة العین ومنفعتها غالباً ، وأحیانا منفعتها لمدة محددة بعد موت الموصی ، ومع ذلک فان لکل منهما أحکامه الخاصة به التی تظهر فی تشریع مستقل .
ویظهر من کل ما تقدم ، ان وقف المریض مرض الموت هو : تصرف قانونی من جانب واحد بحبس العین المملوکة والتصدق بمنفعتها على وجه التأبید ، عندما یشعر الواقف بدنو أجله لاصابته بمرض لا شفاء منه ، فیأخذ الوقف حکم الوصیة بعد موته فیه فی اعتباره من ثلث ترکته .
المطلب الثانی
وقف المریض مرض الموت المدین
ینشأ الوقف بالإرادة المنفردة للواقف ، ویشترط فی صحته ونفاذه ، شروط فی الواقف، ومنها ان یکون غیر محجور علیه لدین أو مریض مرض الموت … ولذلک اتفق جمهور فقهاء المسلمین – عدا المالکیة – على ان وقف المدین المنجز غیر المحجور علیه فی صحته أو مرضه – قبل اتصاله بالموت - صحیح ونافذ ، ولیس لدائنی الواقف حق إیقاف نفاذه لان حقوقهم متعلقة بذمته ، ولیس بماله بسبب الحجر علیه أو موته فی مرضه .
غیر ان المتأخرین من الحنفیة خالفوا صریح المنقول عن الحنفیة ، وقالوا بان وقف المدین غیر المحجور علیه لا یصح ولا یلزم ، وهذا من قبیل تخصیص القضاء حمایة لمصالح الدائنین
وذهب المالکیة - بالاتفاق - الى ان للغرماء حق أبطال وقف المدین فی صحته قبل الحجر ، فاستعمال هذا الحق قبل حوز ( قبض ) الموقوف علیه للموقوف یکون مانعاً له ، لأنهم یشترطونه فی صحة الوقف .
فضلاً عما جاء فی أعلاه ، فأنه یوجد رأی مخالف أیضا لبعض متأخری الشافعیة والحنابلة ویذهب الى عدم صحة وقف المدین اذا اراد التحایل على الدائنین، ولان الدین حق لغیر واجب علیه سداده فلا یحل ترکة لسنه ، وذهب احد فقهاء المسلمین المعاصرین الى ترجیح الرأی الأخیر حرصاً على حقوق الناس من الضیاع ، وسداً للذریعة عند المماطلة ، أو التعسف فی استعمال الحق .
ونعتقد ان ما اتفق علیه جمهور فقهاء المسلمین هو الرأی الراجح فی أصل المسألة ، وما خالفه هو رأی مرجح استثناء من الأصل عند تحقق أسبابه ، ویکون اذا وقف المدین الصحیح أو المریض – قبل اتصاله بالموت - غیر المحجور علیه عیناً له بعد الدین ولا یملک غیرها لوفاء دینه ، وطالب الدائن فان القاضی یجبره على السداد والاّ یبطل وقفه ویجبره على بیعه لاداء الدین من ثمنها وهذا من قبیل تخصیص القضـاء لحمایـة مصالـح الدائنین .
اما التشریعات العربیة فلها موقف آخر، فالمشرع المصری نص فی المادة (238/2) من القانون المدنی رقم 131 لسنة 1948 على : (( اما اذا کان التصرف – تصرف المدین- تبرعاً ، فانه لا ینفذ فی حق الدائن ، ولو کان من صدر له التبرع حسن النیة ، ولو ثبت ان المدین لم یرتکب غشاً ))، واخذ المشرع العراقی بتمام النص فی المادة (264/ 2) من القانون المدنی رقم 40 لسنة 1951 .
وذهب احد فقهاء القانون الى ان المشرع المصری أخذ برأی المتأخرین من الحنفیة الذین أفتوا بتوقف نفاذ وقف المدین على اجازة دائنیه مطلقاً سواء أکان محجوراً علیه ام غیر محجورٍ علیه وسواء فی صحته أم فی مرضه .
غیر ان الفقه العراقی ذهب الى ان الوقف تصرفاً قانونیاً صادراً من جانب واحد وهو الواقف ، یمکن إیقاف نفاذه بدعوى عدم نفاذ التصرف متى توافرت شروطها المتصلة بحق الدائن ، أو المتعلقة بالتصرف المطعون فیه دون اشتراط الغش والتواطئ لانه من التبرعات عملاً بنص المادة ( 263) من القانون المدنی العراقی .
ونعتقد ان الوقف لا یمکن إیقاف نفاذه بدعوى عدم نفاذ التصرف ، لان المادة (62/ ثانیاً) ، من قانون التنفیذ العراقی رقم 45 لسنة 1980 نصت على انه لا یجوز حجز أو بیع الأموال والأعیان الموقوفة لقاء الدین ، فلا فائدة للدائن من الطعن فی التصرف - الوقف – بدعوى عدم نفاذه ، وحسناً فعل المشرع العراقی ، لان الوقف فی حکم ملک الله سبحانه وتعالى ، وکان الأجدر به ان یقدمه على أموال الدولة فی الترتیب فی النص التی جاءت به المادة المذکورة آنفا لان اموال الوقف فوق أموال الدولة العامة .
أما اذا کان الواقف محجوراً عن التصرف فی أمواله بحکم قضائی بسبب الدین بناء على طلب احد دائنیه قبل انشاء الوقف سواء فی صحته أو فی مرضه قبل موته ، فیتوقف نفاذ وقفه على اجازة الدائنین له من وقت إنشائه لتعلق حقوقهم بذمة الواقف وماله بالحجر.
ویترتب على الحکم بالحجر على المدین المعسر حجز أمواله کافة عدا الأموال التی لایجوز حجزها ، وغل یده عن التصرف فی أمواله - ومنها الإیقاف - لمصلحة الدائنین .
وتجدر الإشارة الى ان الدائنین لا یستطیعون حجز وقف المدین المعسر الذی وقفه قبل الحجر لانه خرج عن ملکه واصبح بحکم ملک الله سبحانه وتعالى ، فضلاً عن المشرع العراقی لم یجز حجزه کما أشرنا الى ذلک .
اما بعد موت الواقف المریض فی مرضه ، فان وقفه غیر لازم لدائنیه – وان لم یکن محجوراً علیه - ومتوقفاً على إجازتهم من بعد موته فی مرضه لا بعد انشاء الوقف لتعلق حقوقهم بذمته وماله بالمرض الذی مات فیه .
وتأسیساً على ما تقدم فان وقف الصحیح والمریض - قبل موته – المنجز غیر المحجور علیه بسبب الدین یکون لازماً بالنسبة لدائنیه ، لان السلامة لیست شرطاً لأهلیة الواقف ، کما لا یعدّ الشخص مریضاً الا اذا اتصل الموت بمرضه ، فضلاً عن عدم الحجر على المدین – الواقف - المعسر بحجز أمواله یجیز له التصرف بأمواله کافة ومنها الوقف لتعلق حقوق دائنیه بذمته ولیس بماله .
اما التصرف - الوقف - بعد الحجر على المدین سواء فی صحته ام فی مرضه قبل اتصاله بالموت فانه غیر لازم لدائنیه لتعلق حقوقهم فی ذمته وماله.
لکن الوقف یکون غیر لازم لدائنی الواقف المریض غیر المحجور علیه ، فی حالة واحدة وهی عند اتصال مرضه بموته ، وما یلحق به ، عندئذٍ یکون وقفه غیر لازم بعد موته لتعلق حق الدائنین بذمته وماله ویأخذ وقفه حکم الوصیة وهذا رأی جمهور الفقهاء – ماعدا الفقیه ابن حزم الظاهری – .
لذلک فانه لا یمکن القول ان وقف المریض الذی مات فیه نافذاً لازماً الا بعد معرفة حال الواقف مدیناً أو غیر مدین وقت موته فی مرضه ، فالمنازعات المتعلقة بالوقف فی مرض الموت تکون بعد موت الواقف .
واذا کان الواقف الذی مات فی مرضه مدیناً ، فاما ان یکون دینه مستغرقاً لترکته جمیعها ، أو غیر مستغرق لها لتعلق حق الدائنین بها ، وعلى النحو الآتی :
ویتضح أنه بعد اخراج الدین من الترکة فان الباقی یأخذ حکم الترکة الخالیة من الدیون هذا ان لم یجز الدائنون الوقف ، فان اجازوه نفذ لان الاجازة من حقهم .
اما موقف القانون، فأن المشرع المصری نص فی المادة (38) من قانون الوصیة رقم 71 لسنة 1946 (( تصح وصیة المدین المستغرق ماله بالدین، ولا تنفذ إلاّ ببراءة ذمته منه، فإن برئت ذمته من بعضه أو کان الدین غیر مستغرق نفذت الوصیة فی الباقی بعد وفاء الدین)) .
ویرى بعض الفقهاء أن وصیة المریض مرض الموت الذی مات فیه ، وعلیه د ین یستغرق ترکته تنفذ من ثلث ترکته بعد إبرائِه من الدین .
یتضح مما سبق ذکره ان ذلک الحکم یسری على وقف المریض ، لأنه یأخذ حکم الوصیة بعد موته فی مرضه ، وتکون البراءة : اما بابراء الدائنین للواقف من الدین المستغرق ، أو تبرع متبرع بوفاء دینه ، أو ظهر أو قدم مال له وسدد الدین منه . وتجدر الإشارة الى ان المشرع المصری استعمل لفظ الابراء بدل الاجازة ، لان الابراء یعنی تخلیص ذمة الواقف المدین من الدین فتصبح ترکته خالیة من الدین ، ولهذا ینفذ الوقف من الثلث . اما الاجازة فتعنی اسقاط حق المدین المتعلق بالوقف دون ذمته التی تبقى مدینة ، لان المجیز خصص الاجازة للوقف ولو استغرق الترکة جمیعها .
اما المشرع العراقی فانه لم ینظم أحکام وصیة المدین المریض مرض الموت الذی مات فیه ، لکی یمکن قیاس وقف المریض علیها.
لذا نقترح على المشرع العراقی الأخذ بالنص الآتی : ( تصح وصیة المدین المستغرقة ترکته بالدین ، وتنفذ من اصل الترکة ان اجازها دائنوه ، ومن ثلثها إن أبرؤوه من الدین کله أو بعضه أو کان غیر مستغرق بعد وفاء الدین ) .
وبذلک یکون وقف المدین المریض الذی یأخذ حکم الوصیة نافذاً من الترکة جمیعها إن إجازة دائنوه ، ومن ثلثها إن أبرؤوه منها دون تخصیص الوقف .
المطلب الثالث
وقف المریض مرض الموت غیر المدین
اذا وقف المریض مرض الموت – سواء أکان وقفه منجزاً ام مضافاً لما بعد الموت ، وظهر انه غیر مدین بعد موته فی مرضه ، فان الحکم على ذلک متباین ویختلف عمّا اذا کان الوقف ( الموقوف) على الذریة من ورثة الواقف أو من غیره ، أو على جهة بر ، أو على کلیهما معاً ، فضلاً عما اذا کان الموقوف فی حدود ثلث الترکة أو تزید علیه …
وفی الفروع الثلاثة الآتیة ، توضیح لاحکام وقف المریض مرض الموت غیر المدین ولکل قسم من اقسام الوقف ، وکالآتی :
الفرع الأول : الوقف الذری للمریض .
الفرع الثانی : الوقف الخیری للمریض .
الفرع الثالث : الوقف المشترک للمریض .
الفرع الأول
الوقف الذری للمریض
یقصد بالوقف الذری : هو ما وقفه الواقف على نفسه أو ذریته أو علیهما معاً ، أو على شخص معین أو ذریته أو علیهما معاً ، أو على الواقف وذریته مع شخص معین وذریته.
لذلک یمکن تقسیم الوقف الذری للمریض الذی مآلَه جهة بر لا تنقطع لان الوقف على وجه التأبید الى :
أ - وقف المریض الذری المحض على بعض الورثة :- اذا کان الوقف بحدود ثلث ترکة الواقف أو اکثر ، فان اجازهِ باقی الورثة جمیعهم غیر الموقوف علیهم ، فان الوقف ینفذ على وفق شرط الواقف فی توزیع غلته على بعض الورثة الموقوف علیهم.
اما فی حالة عدم اجازة بقیة الورثة جمیعهم ، فان مذهب فقهاء الحنفیة هو ان الوقف یلزم
وینفذ فی ثلث الترکة ، غیر ان غلته توزع على الورثة الموقوف علیهم وغیر الموقوف علیهم على قدر میراثهم منه وحسب انصبتهم الشرعیة ، وکل من مات منهم عن ورثة ینتقل سهمه الى ورثته ما بقی احد من الموقوف علیهم حیاً ، فان إنقرض الورثة الموقوف علیهم جمیعهم تکون الغلة للمساکین على وفق شرط الواقف.
فلو وقف أحد فی مرضه الذی مات فیه أرضاً له على أولاده ، واولاد أولاده ، ونسلهم أبداً بالسویة ، ثم على المساکین ، أو أوصى بان توقف أرضه بعد موته على ذلک ، وکانت فی حدود ثلث الترکة ، وکان للواقف بعد موته أولاد ونافله ذکوراً وأناثاً ، وزوجه وابوان
فان اجازه الورثة جمیعهم کانت غلته للموقوف علیهم - بعض الورثة - على وفق شرط الواقف ، وان لم یجیزوا ، فانه ینظر الى عددهم یوم تخلق الغلة ، وتقسم على عدد أولاده لصلبه ونافلته ، فما اصاب ولد الصلب یعطى منه لزوجته ثمنه ولابویه سدساه ، ویقسم الباقی للذکر مثل حظ الانثیین ، لان وقف المریض مرض الموت کالوصیة لا تجوز لوارث دون وارث آخر ، وما أًصاب النافلة خاص لهم ویقسم بینهم بالسویة على وفق شرط الواقف، لانها بحکم الوصیة لغیر الوارث تجوز لهم ، ومن مات من ورثته عن وارث ینتقل نصیبه الى ورثته ، وتبقى القسمة على وفق ذلک ما بقی احد من ولد الصلب ، فان انقرضوا جمیعاً صارت الغلة للنافلة على وفق شرط الواقف لجواز الوقف علیهم لأنهم من غیر الورثة، وسقط ما کان یعطى للزوجة وابویه لأنهم لیسوا بموقوف علیهم ، وأخذوا فرائضهم الشرعیة مما أصاب أولاد الصلب لعدم جواز الوقف فی مرض الموت على بعض الوارثة دون البعض الآخر .
ومذهب الحنفیة فی جواز وقف المریض مرض الموت على بعض الورثة د ون بعض کما بینا یعود الى انهم یفرقون بین الوصیة والوقف ، ولأهمیة الموضوع نبین الفروق بینهما کما یأتی:-
1- الوصیة تملیک لرقبة العین ومنفعتها الى بعض الورثة ، فلا تنفذ الا باجازة باقی الورثة وان کانت بحدود الثلث ، فان لم یجیزوها تبطل وتصیر ملکاً للورثة . بینما الوقف تملیک لمنفعة العین دون رقبتها ، وینفذ فی حدود الثلث وان لم یجزه بقیة الورثة ، لان منفعتها لم تتمحض للوارث الموقوف علیه ، بل له ولغیره من غیر الورثة الموقوف علیهم ، فاعتبر الغیر بالنظر الى الثلث والوارث الى غلته الذی صار وقفاً ، فلا یتبع شرط الواقف ما دام الوارث الموقوف علیه حیاً ، بل تقسم غلة الثلث بین الورثة جمیعاً على فرائض الله سبحانه وتعالى منعاً من ایثار بعض الورثة على بعض ، فان انقرض الوارث الموقوف علیه ، طبق شرط الواقف فی غلة وقفه .
2- الوصیة - الموصى به – یجوز التصرف فیها بنقل ملکیتها بالبیع أو الهبة … وتورث. بینما الوقف – الموقوف - لا یجوز ذلک.
3- مآل کل وقف جهة بر لا تنقطع عند إنقراض الموقوف علیهم من الورثة أو غیرهم ، لأن الوقف على وجه التأبید ، والوصیة لیس کذلک إلاّ إذا خرجت مخر ج الوقف – وصیة بالوقف - فتأخذ حکم الوقف عند ما یکون الموصى به منفعة خصصت لجهة بر على وجه التأبید ، ویقابلها الوقف الذی یخرج مخرج الوصیة ، ویأخذ حکم الوصیة عند إضافة الواقف حکم وقفه الى ما بعد موته .
4- الوصیة لا یظهر حکمها الاّ بعد موت الموصی ، وتنفذ من ثلث ترکته . فی حین یظهر حکم الوقف أثناء حیاة الواقف وبعد مماته غالباً وتجوز بأمواله کلها، وأحیاناً بعد موته فقط بثلث ترکته.
5- الوقف لا یختص بالمعین بل یتعلق به حق من یأتی من البطون بعده فی المستقبل ، فهو وقف مرتب على جمیعهم بمنزلة الوقف على الفقراء الذی لا یبطل برد واحد منهم ولا یقف على قبوله ، بخلاف الوصیة لمعین.
وتجدر الإشارة الى أن الوصیة بالغلة تجوز لغیر الوارث فی ثلث الترکة ، وتکون لمن کان مخلوقاً من الموصى لهم یوم موت الموصی ولا تجوز لمن لم یخلق ، فاذا انقرض الموصى لهم بالغلة ، عاد الموصى به - کالأرض - الى ورثة المیت ویقتسمون أصله على فرائض الله سبحانه وتعالى ، ولا تکون وقفاً إلاّ إذا جعلها الواقف صدقة موقوفة ، أو قال آخرها للمساکین أو للفقراء فأنه أبدها ، فتکون وقفاً ولیس وصیة وتجوز لمن خلق وقت موته، أو لمن لم یخلق بعد من النسل، ولا یملک الوقف ولا یعود میراثاً وغلته على ما شرط الواقف .
ونص المشرع العراقی فی المادة (253) من قانون التسجیل العقاری رقم 43 لسنة 1971 : (( الوصیة بالریع تتضمن الایصاء بصرف ریع العقار على وجه التأبید ، وتسجل فی التسجیل العقاری وفقاً لشروط الموصی،ولا یجوز اجراء التصرفات العقاریة علیها التی تخل بالوصیة )) ، کما لو کانت الوصیة بالریع ( الغلة ) لقوم غیر محصورین لا یمکن انقراضهم کالفقراء أو جهة بر عامة لا تنقطع ، أو لقوم محصورین یمکن انقراضهم ومن بعدهم لجهة بر لا تنقطع ، فأنها تأخذ حکم الوصیة بالوقف على وجه التأبید .
وذهب المالکیة الى بطلان وقف الواقف بمرض موته على وارث ، ولو کان بحدود الثلث لأنه کالوصیة ، ولا وصیة لوارث الا باجازة الوارث الآخر غیر الموقوف علیه، ویستثنى من ذلک اذا کان الوقف ( مُعَقَّباً ) - ادخل فی الوقف عقباً – ، کأن جعل الغلة لاولاده واولاد أولاده وعقبه ، فالتعقیب شرط کالخروج من الثلث ، فأن لم یعقبه بطل على الاولاد إذ لا وصیة لوارث ، وحکم الوقف المعقب نفس حکم مذهب الحنفیة کما وضحنا سلفاً.
وذهب الشافعیة الى أنه اذا وقف شخص على وارثه فی مرض موته ، توقف على اجازة الورثة ، سواء احتمله الثلث ام لم یحتمله ، کالوصیة له .
اما الحنابلة فقد اختلفت الراویة عن احمد فی وقف المریض بمرض موته على بعض الورثة الأولى: - روایة اسحق بن إبراهیم – لا یجوز ذلک ، فان فعل وقف على اجازة سائر الورثة ، وهو مذهب الشافعی . والثانیة : - روایة الجماعة – ، یجوز ان یقف على بعض ورثته ثلث ترکته کالأجانب ، لان الوقف لا یجوز التصرف فیه، ورجح صاحب المغنی الروایة الأولى بعدم الجواز معللاً ذلک بان من لاتجوز له الوصیة بالعین لا تجوز بالمنفعة کالأجنبی فیما زاد عن الثلث .
وذهب الجعفریة والزیدیة الى ان وقف المریض مرض الموت على بعض الورثة یصح وینفذ من الثلث لان منجزات المریض والوصیة تصح للوارث ، کما لو وقف داره، وهی بحدود الثلث على ابنه وابنته بالسویة ، صح الوقف على وفق شرط الواقف دون اجازة الورثة .
اما موقف القانون ، فان المشرع المصری عدَّ الوقف الصادر فی مرض الموت وصیة کأی تبرع ، وصرح بذلک فی المادة (916/ 1 ) من القانون المدنی المصری رقم 131 لسنة 1948 التی تنص : ((کل عمل قانونی یصدر من شخص فی مرض الموت ، ویکون مقصوداً به التبرع یعدّ تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت ، وتسری علیه أحکام الوصیة أیاً کانت التسمیة التی تعطى لهذا التصرف )) .
وقد صرح المشرع العراقی بهذا المعنى فی المادة ( 1109 / 1) من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 التی تنص (( کل تصرف ناقل للملکیة یصدر من شخص فی مرض الموت مقصود به التبرع أو المحاباة ، یعدّ کله أو بقدر ما فیه من محاباة تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت ، وتسری علیه أحکام الوصیة ایاً کانت التسمیة التی تعطى له )) ، ولما کان الوقف تصرف ینقل ملکیة العین الموقوفة من الواقف ( المالک ) الى غیر مالک ، ویقصد به التبرع ، فان وقف المریض تسری علیه أحکام الوصیة .
وبالرجوع الى أحکام الوصیة ، فان المشرع المصری نص فی المادة (37) من قانون الوصیة المصری رقم71 لسنة 1946 (( تصح الوصیة بالثلث للوارث وغیره ، وتنفذ من غیر اجازة الورثة ..)) .
ونص المشرع العراقی فی المادة ( 1108/2) من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 (( تجوز الوصیة للوارث وغیر الوارث فی ثلث الترکة،ولا تنفذ فیما جاوز الثلث الا باجازة الورثة )).
ویتضح ان کل من المشرع المصری والعراقی أخذ بمذهب الجعفریة والزیدیة فی صحة وقف المریض مرض الموت على بعض الورثة ، وینفذ فی الثلث دون اجازه بقیة الورثة ، لأنه یأخذ حکم الوصیة خلافاً لرأی جمهور الفقهاء بان الوقف على بعض الورثة موقوف على اجازه بقیة الورثة فی الثلث أو اکثر .
وذهبت محکمة تمییز العراق الى ان الوقف فی مرض الموت یأخذ حکم الوصیة ویخرج من ثلث الترکة ، وما زاد توقف على اجازة الورثة ومن ثم یعد المریض موت الموت محجوراً علیه جزئیاً لحق الورثة والدائنین .
وتجدر الإشارة الى ان المشرع المصری الغى الوقف الأهلی ( الذری ) - على غیر الخیرات - بالقانون رقم 180 لسنة 1952 ، والقضاة ممنوعین من سماع وتسجیل الأشهاد بالوقف على غیر الخیرات ومنه وقف المریض - قبل موته - على بعض الورثة لأنه یأخذ حکم الوقف عند الإنشاء وحکم الوصیة عند موت المریض فی مرضه . فی حین ان المشرع العراقی جوّز إلغاء الوقف الذری والمشترک ولم یوجب الإلغاء وبذلک یکون قد أجاز أنواع الوقوف کافة ، ومنها وقف المریض مرض الموت الذری على بعض الورثة .
اما المشرع الأردنی فانه لم یجوّز إلغاء الوقف الذری ، وأجاز الوقف الذری بشرط ان لا یتعارض مع أحکام المواریث فی الشریعة الإسلامیة على وفق ما هو مقرر فی قانون الأحوال الشخصیة المعمول به ، ولما کان الوقف الذری على بعض الورثة یتعارض مع أحکام المواریث لان فیه ایثار بعض الورثة على البعض الآخر ، فانه یعنی ان وقف المریض مرض الموت على بعض ورثته لا یصح وان کان بحدود الثلث فی القانون الأردنی .
من کل ما تقدم ، نعتقد ان الأصل فی مسألة الوقف على بعض الورثة فی مرض الموت فی الثلث دون اجازه بقیة الورثة هو الأخذ بما ذهب الیه الحنفیة والمالکیة بان توزع غلة الوقف على الورثة جمیعاً على وفق فرائض الله سبحانه وتعالى ، لأنها أقرب الى العدالة وتمنع التباغض والتحاسد بین الورثة ما بقی احد من الموقوف علیهم الورثة ، فان انقرضوا آلت الى من بعدهم على وفق شرط الواقف لأنهم من غیر ورثته ولم تتمحض الغلة للورثة فقط بل لهم ولغیرهم . والاستثناء هو الأخذ بما ذهب الیه الجعفریة والزیدیة بالجواز فی الثلث دون اجازه بقیة الورثة ، وعلى غرار ذلک سار القانون المصری - قبل إلغاء الوقف الذری – والعراقی ، وحسناً فعل المشرع العراقی والمصری ، لان الوقف على الوارث قد یحمی مصلحة الوارث الموقوف علیه ، اذا کان لا یستطیع العمل ویحتاج الى نفقات مثل الصغیر أو ذا عاهة أو طالب علم ، أو کان قد شارک فی بناء ثروة الواقف أو قدم له خدمات، وقد یحمی أحیانا مصلحة الواقف فیوقف على ورثته الذین یشفقون علیه اذا کان مسناً أو مریضاً وغیرهم عاقاً له ، ویحمی أحیانا أخرى مصلحة الأسرة اذا کان الموقوف علیه الوارث یتصف بالرشد والاستقامة والصلاح ، ویشفق على ضعیف الأسرة ویرعاها .
ونعود إلى موضوع عدم إجازة بقیة الورثة جمیعهم على وقف مورثهم فی مرض موته لبعض الورثة ، فان الفقهاء اتفقوا على ان ما زاد عن ثلث الترکة یؤول ملکاً تاماً للورثة على وفق الفریضة الشرعیة ، ولهم حق التصرف فیه لبطلان الوقف فیما زاد عن الثلث ، لأن حق الورثة تعلق بالمال بوجود المرض فمنع من الوقف بزیادة الثلث .
فلو وقفت امرأة داراً لها فی مرض موتها على بناتها ، ثم من بعدهن على أولادهن واولاد أولادهن أبدا ما تناسلوا، فاذا انقرضوا فللفقراء ، ثم ماتت فی مرضها عن ابنتین وأخت لأب ، والأخت لا تجیز الوقف، ولا مال لها غیر الدار الذی وقفته ، جاز الوقف فی الثلث، ولم یجز فی الثلثین فیقسم الثلثان بین الورثة جمیعهم على قدر اسهامهم فی المیراث قسمة تملک واختصاص ، وتقسم غلة الثلث بین الورثة جمیعهم على سهامهم فی المیراث ما عاشت البنتان، فان ماتت إحداهما صرف نصیبها لورثتها الى ان تموت الأخرى فعندئذٍ تکون غلة ثلث الوقف الى أولادهما واولاد أولادهما على وفق شرط الواقف ولا حق للورثة - الأخت لأب- فی ذلک .
وتجدر الإشارة الى انه لو ظهر أو قدم أو حصل للواقف الذی مات فی مرضه مال آخر یجعل الوقف یخرج من الثلث ، فان کان لا یزال فی ید الورثة فینفذ الوقف بحقهم ، وان باعوه لا ینقض البیع ویؤخذ منهم بدل البیع ویشترى به عیناً تکون وقفاً .
اما موقف القانون ، فان المشرع المصری نص فی المادة (37) من قانون الوصیة المصری ((… وتصح – الوصیة – بما زاد على الثلث ، ولا تنفذ فی الزیادة الا اذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصی وکانوا أهل التبرع عالمین بما یجیزونه…)) . ویتضح من النص ان عدم اجازة الورثة فیما زاد عن الثلث للوقف فی مرض الموت لبعض الورثة - قبل إلغاء الوقف الذری- لا ینفذ ویبطل ، لان الوقف فی مرض الموت بمنزلة الوصیة بعد الموت ، وأخذ المشرع العراقی بالمعنى نفسه بعدم النفاذ عند عدم الاجازة فی المادة (1108/2) من القانون المدنی المار ذکرها ، والمادة ( 70 ) من قانون الأحوال الشخصیة رقم 188 لسنة 1959 التی تنص ((لا تجوز الوصیة بأکثر من الثلث الا باجازة الورثة ، وتعتبر الدولة وارثاً لمن لا وارث له )) ، ومن الجدیر بالذکر ان صیاغة نص الماد ة (1108/2) من القانون المد نی العراقی أدق من (الماد ة 70/ الشق الأخیر) من قانون الأحوال الشخصیة، فضلاً عن الأخیرة لا مبرر لإیرادها لان الأولى تفی بالغرض .
وتجدر الإشارة الى ان أبطال الوقف فیما زاد عن الثلث لصدوره فی مرض موت الواقف یقتضی إصدار حکم قضائی بناء على دعوى یرفعها الوارث ضد متولی الوقف لانه الخصم القانونی للوقف سواء أکانت تمس اصل الوقف ام غلته لد ى المحکمة الشرعیة المختصة .
اما اذا أجاز بعض الورثة من غیر الموقوف علیهم وقف مورثهم فی مرض موته لبعض الورثة ، فان کان الوقف بحدود الثلث أو أزید منه فانه ینفذ فی حق المجیز على وفق شرط الواقف ، وینفذ فی حق من لم یجزه من بعض الورثة من الثلث وتوزع غلته على جمیع الورثة حسب الفریضة الشرعیة على وفق ما فصلناه سابقاً ، ولا ینفذ ویبطل ویکون ملکاً تاماً لهم فیما زاد عن الثلث .
وتجدر الإشارة الى انه من الممکن ان تکون اجازة المجیز لبعض حصته الزائدة من الثلث ولیس جمیعها فیکون مقدار الحصة المجازة وقفاً فقط ، واذا أطلق فی أجازته وزاد عما جعله مورثا وقفاً، فان الزائد یصبح وقفاً من المجیز لا من المورّث .
ومن المهم ذکره فی وقف المریض فی مرض موته على بعض ورثته ، ان ما زا د عن الثلث یتوقف على اجازة الورثة الموقوف علیهم اولاً ، ومن ثم على اجازة الورثة غیر الموقوف علیهم ثانیاً
ب- وقف المریض الذری المحض على ورثته جمیعهم أو الوارث الوحید : - ان أجازوه جمیعهم صرفت غلته علیهم على وفق شرط الواقف ، وان لم یجیزوه جمیعهم نفذ بحدود الثلث وتوزع غلته علیهم على وفق حصصهم فی المیراث الى ان ینقرضوا جمیعهم فتصرف الى الجهة التی سماها الواقف ، والثلثان یصبحان ملکاً تاماً لهم لان الشارع الحکیم لم یجعل للموصی حقاً فیما زاد عن الثلث . فلو وقف شخص داره فی مرض موته على بناته الثلاثة ، ولم یملک عند موته سواها ولیس له وارث غیرهن، فان اجزنه صار جمیعه وقفاً ، وان لم یجزنه فالثلث وقف من الدار والثلثان ملکاً تاماً لهن .
2- وقف المریض الذری على غیر الوارث : - هو ما وقفه المریض فی مرض موته على شخص معین أو ذریته أو علیهما معاً من غیر ورثته کقرابته أو أجانب علیه من غیر قرابته ، ثم على جهة خیریة . واما ان یکون للواقف وارث أو لیس له وارث على وفق التفصیل الآتی : -
أ- وقف المریض الذری على غیر الوارث وله وارث : - کمن یوقف على اخوته وذریتهم المحجوبین بابنائه ، أو على شخص معین وذریته ( اجانب علیه ) مثل زید وذریته أبدا ثم على المساکین ، وینفذ الوقف اذا کان بحدود الثلث دون توقف على اجازة الورثة لانه یعد بحکم الوصیة ومن حق الواقف ، ومازاد یتوقف على اجازة الورثة لانه من حقهم ، فان اجازوه نفذ والا بطّل وصار ملکاً تاماً لهم ، وهذا ما أخذ به کل من القانونین المصری والعراقی ، وان أجاز بعض الورثة نفذ الوقف فی حصة المجیز وبطل فی حصة من لم یجز فیما زاد عن الثلث . فلو وقف مریض نصف ماله على اخوته ، ثم مات فی مرضه عن ابنین ، فان اجازاه نفذ نصف مال ترکته وقف على اعمامهما والنصف الآخر میراثاً بینهما ، وان لم یجیزاه نفذ الوقف فی الثلث وقسم الثلثان میراثاً بینهما ، وان أجاز احدهما دون الآخر عومل المجیز بوصف الوقف نفذ فی النصف وربع الترکة میراثاً له ، ویعامل غیر المجیز بوصف الوقف نفذ فی ثلث الترکة والثلث میراثاً له ، فتکون النتیجة ان الابن غیر المجیز حصته الثلث 4/12 ، والابن المجیز حصته الربع 3/12 ، وحصة الوقف 5/12 من الترکة .
ب- وقف المریض الذری على غیر الوارث ولیس له وارث :- ینفذ وقف المریض على غیر الوارث فی أمواله جمیعها عند موته بمرضه ان لم یکن له وارث ، أو له وارث محروم لقیام مانع من موانع الارث لعدم تعلق حق احد من الورثة فی المال الموقوف .
3- وقف المریض الذری المشترک :- هو ما وقفه على الوارث وغیر الوارث (خلیط) ثم على جهة خیریة . فان کان الموقوف علیهم الورثة جمیعهم أو الوارث الوحید مع غیر الورثة ، واجازوا الوقف، فتعد العین وقفاً کلها وتوزع غلتها على وفق شرط الواقف ، وان لم یجیزوه فالوقف صحیح وینفذ فی حدود ثلث الترکة والثلثین ملکاً تاماً للورثة .
واذا کان الموقوف علیهم خلیطاً من بعض الورثة کاولاده وغیر الورثة کاولاد أخیه، وکان الوقف بحدود ثلث الترکة ، فان اجازوه نفذ ووزعت غلته على وفق شرط الواقف، وان لم یجیزوه الورثة غیر الموقوف علیهم نفذ الوقف ویعطى للموقوف علیه من غیر الوارث نصیبه من الغلة حسب شرط الواقف ، اما نصیب الموقوف علیه الوارث من الغلة فتقسم بینه وبین بقیة الورثة غیر الموقوف علیهم – کالأب والام - على وفق حصصهم فی المیراث ما دام أحدٌ من الورثة الموقوف علیهم حیاً ، فان ماتوا جمیعهم توزع الغلة على الجهة التی عینها الواقف من بعدهم ، ولا شیء للورثة غیر الموقوف علیهم ؛ وإنما أخذوا من الغلة لأن الوقف فی مرض الموت وصیة ، والوصیة لا تجوز لوارث دون وارث آخر .
أما إذا کان الوقف أکثر من الثلث ، فان الزیادة تستلزم إجازة الورثة الموقوف علیهم اولاً، ثم الورثة غیر الموقوف علیهم ثانیاً . فان اجازوه نفذ على وفق شرط الواقف ، وان لم یجیزوه بطل فیما زاد عن الثلث واصبح ملکاً للورثة ، وان أجاز بعض الورثة دون بعض فانه ینفذ فی حق مَن اجازه ویبطل فی حق من لم یجزه..
یتضح من کل ما تقدم ان کل من المشرع المصری والعراقی أخذ بمذهب الجعفریة والزیدیة فی صحة وقف المریض مرض الموت على بعض الورثة ، ونفاذه فی الثلث دون اجازة بقیة الورثة کما بینا ذلک سابقاً .
الفرع الثانی
الوقف الخیری للمریض
یقصد بالوقف الخیری : ما وقفه الواقف على جهة خیریة حین إنشائه أو آل الیها نهائیاً ، وقد یکون على أکثر من جهة خیریة ، فحینئذٍ یکون وقف خیری مشترک تصرف الغلة لهم على وفق شرط الواقف ، والوقف الخیری للمریض الذی یأخذ حکم الوصیة عند موته فی مرضه ربما یکون له وارث ، أو لا یکون على التفصیل الآتی :
1- الوقف الخیری للمریض وله وارث : - هو ما وقفه المریض على جهة خیریة ، ثم مات فی مرضه وله وارث . فان کان بحدود ثلث الترکة صار جمیعه وقفاً ، ولو لم یجزه الورثة ، وان لم یکن بحدود الثلث - ازید منه – واجازه الورثة صار وقفاً وان استغرق ترکته جمیعها، وان لم یجیزوه بطل الوقف فیما زاد على الثلث وصار میراثاً، وان اجازه بعض الورثة دون بعض أو کانوا صغاراً جاز فی حصة المجیز ما زاد عن الثلث، وبطل فی حصة غیر المجیز.فان ظهر أو قدم للواقف مال یجعله یخرج من ثلث الترکة ، فأنه ینفذ جمیعه ، واذا أبطل القاضی الوقف الزائد عن الثلث ، ثم ظهر أو قدم للواقف مال یجعله یخرج من ثلث الترکة ، وکان الوقف لا یزال فی ید الورثة یسترجع منهم ویکون وقفاً جمیعه وان باعوا حصصهم الزائدة من الثلث بعد ابطالها من القاضی ، فلا ینقض البیع بل یغرمون ثمنه، ویشترى عقار غیره یکون وقفاً بدلاً عنه على الجهة الخیریة التی سماها الواقف ، وان باع بعض الورثة دون البعض الآخر، فمن لم یبع یعود وقفاً ، وما بیع یشترى بثمنه عقاراً ویوقف .
وسار على غرار ذلک القانون المصری والعراقی بصحة وقف المریض الذی یأخذ حکم الوصیة بما زاد عن الثلث ، وتنفذ الزیادة باجازه الورثة .
وبهذا الصدد ، ذهبت محکمة تمییز العراق الى تصدیق حکم المحکمة الشرعیة المختصة التی قضت بنفاذ وقف المورِّثة مجموعة من عقاراتها على مدیریة الأوقاف والشؤون الدینیة فی مرض موتها طبقاً للتقاریر الطبیة من ثلث ترکتها بالنسبة لزوجها واختها لانهما لم یجیزا الوقف ، ونفاذه من جمیعه بالنسبة لوالدتها التی أجازت الوقف، وعدّت حصة والدتها فضلاً عن الثلث وقفاً ، والثلثان یعودان الى زوج الواقف واختها طبقاً لاحکام المیراث .
2- الوقف الخیری للمریض ولیس له وارث: هو ما وقفه المریض على جهة خیریة، ثم مات فی مرضه ولیس له وارث ، أو کان له وارث محروم لقیام مانع من موانع الارث . فان کان الوقف بحدود الثلث نفذ لانه من حق المورِّث ، وان کان اکثر من الثلث أو جمیع أمواله فهنالک اختلاف بین الفقه على النحو الآتی :-
الرأی الاول : ذهب الحنفیة والجعفریة والروایـة الأولى عن احمد بن حنبل - والتی رجحها صاحب الشرح الکبیر- الى صحة ونفاذ وقف المریض مرض الموت الذی مات فیه ولیس له وارث فی أمواله جمیعها لعدم تعلق بماله حق وارث ولیس لبیت المال ان یتدخل بعد موته فی ذلک .
الرأی الثانی : ذهب المالکیة والشافعیة والروایة الثانیة عن احمد بن حنبل الى بطلان وقف المریض ولیس له وارث فیما زاد عن الثلث ، لان الزیادة لبیت المال وتعلق حق المسلمین بها:-
ونعتقد ان الرأی الأول هو الأفضل لعدم وجود وارث یتعلق حقه بالزائد عن الثلث بوجود مرض الموت ، فمنع المریض من الوقف بما زاد عن الثلث حتى لا یتهم أنه أراد الأضرار بالورثة . فضلاً عن انه اذا کان من حق الشخص وقف أمواله جمیعها فی صحته وله وارث، فمن باب اولى نفاذ وقفه بما زاد عن الثلث عند موته فی مرضه وعدم وجود وارث له.
واعتمد المشرع المصری على الرأی الاول ، ونص فی الشق الاخیر من المادة (37) من قانون الوصیة المصری ((… وتنفذ وصیة من لا دین علیه ولا وارث له بکل ماله أو بعضه من غیر توقف على اجازه الخزانة العامة)).
ویتضح من النص بصحة ونفاذ وقف المریض فیما زاد عن الثلث ولیس له وارث لان وقفه یأخذ حکم الوصیة عند موته فی مرضه .
اما المشرع العراقی ، فانه وقع فی تناقض ، وذهب الى الآخذ فی الرأی الثانی من أقوال الفقهاء المسلمین ، ونص فی المادة (70) من أصل قانون الأحوال الشخصیة العراقی رقم 188 لسنة 1959 الخاص باحکام الوصیة على انه (( لا تجوز الوصیة بأکثر من الثلث الا باجازة الورثة ، وتعتبر الدولة وارثاً لمن لا وارث له )) .
ویتضح من النص أن المشرع العراقی عَدَّ الدولة وارثاً لمن لا وارث له بحکم القانون، وبذلک یکون وقف المریض بما زاد عن الثلث غیر نافذ ویبطل ویصبح ملکاً میراثاً للدولة لان القیم على خزینة الدولة ( وزیر المالیة) لا یملک الاجازة بما یضر أموال الدولة .
ثم أضاف المشرع العراقی الماد ة ( 88 ) لقانون الأحوال الشخصیة الخاص باحکام المیراث التی تنص على (( المستحقون للترکة هی الاصناف التالیة:-
1- الوارثون بالقرابة والنکاح الصحیح 2- المقر له بالنسب 3 – الموصى له بجمیع المال 4- بیت المال)) .
والمفهوم من النص ان المشرع العراقی عَدَّ وقف المریض بجمیع المال الذی یأخذ حکم الوصیة صحیحاً ونافذاً ان لم یکن له وارث بالقرابة أو الزواج ولا مقر له بالنسب حملاً على الغیر ، وهم المستحقین الذین یسبقوه فی ترتیب الاستحقاق.
وذهب فقهاء القانون العراقی الى ان ما زاد عن الثلث ملک للدولة أخذاً بالمادة (70) من قانون الأحوال الشخصیة ، واعتبروا حکم الفقرة (3) من المادة (88) فی حکم المعطل لان ممثل الدولة لیس له حق الاجازة بما جاوز والثلث .
فی حین ذهب احد شراح القانون الى أنه لیس لبیت المال الاعتراض على الموصى له - وقف المریض – بجمیع المال ، لان المشرع العراقی قدم حقه فی استحقاق الترکة على حق بیت المال فی الماد ة (88/3) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی.
ونمیل الى تأیید الرأی الأخیر لان المادة (88) من القانون أضیفت بقانون التعدیل الأول رقم 11 لسنة 1963 لقانون الأحوال الشخصیة العراقی رقم 188 لسنة 1959 ، وهذا یعنی ان المشرع العراقی قصد بإیراده الفقرة (3) من المادة (88) تعطیل الشق الأخیر من المادة (70) من القانون عملاً بالقاعدة التی مفادها ان النص اللاحق یقید أو یعدل أو یلغی النص السابق ، واراد بنفاذ الوصیة والوقف الذی یأخذ حکمها بأکثر من الثلث عند عدم وجود وارث ولا مقر له بالنسب حملاً على الغیر ، لان ترتیب المشرع لفقرات المادة (88) ترتیب استحقاق للاصناف بان یقوم کل صنف مقام الذی قبله عند عدم وجوده ، ولا یحق لبیت المال التدخل الا اذا کانت الوصیة أو وقف المریض بالثلث أو لا توجد ، فضلاً عن ان اسباب اصدار التعدیل لإعادة توزیع الترکة الى ما کانت علیه قبل صدوره ، وإلا فلماذا أورد المشرع نص الفقرة (3) من المادة (88) ، لاشک أنه أراد نسخ ما یخالفها.
لذا نقترح على المشرع العراقی إلغاء نص المادة (70) من قانون الأحوال الشخصیة لتعارض الشق الثانی منها مع نص المادة (88/3) ، فضلاً عن ان مضمون الشق الأول منها نصت علیه الفقرة(2) من المادة (1108) من القانون المد نی العراقی التی مفادها (( وتجوز الوصیة للوارث وغیر الوارث فی ثلث الترکة ، ولا تنفذ فیما جاوز الثلث الا باجازة الورثة )) .
اما موقف القضاء العراقی ، فان محکمة تمییز العراق ذهبت الى انه اذا زادت الوصیة على ثلث الترکة فیتوقف نفاذها على اجازة الدولة اذا لم یکن للموصی وارث ، وعللت المحکمة قرارها بان الموصى له لا یستحق جمیع المال الا فی حالة اصدار اجازة من الورثة أو الدولة عند عدم وجودهم ، بصحة الوصیة بأکثر من الثلث أو بجمیع المال استناداً الى المادة (70) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی ، وذکرت المحکمة ان ما ذهبت الیه محکمة شرعیة کربلاء بصحة وصیة المتوفى بجمیع أمواله لأنه یتقدم على بیت المال ویحجبه هو من قبیل تحمیل نص المادة (88) لأکثر مما یتحمله..
ولأن وقف المریض بحکم الوصیة ، نعتقد أن محکمة التمییز جانبت الصواب للاسباب التی ذکرناها سابقاً ، فضلاً عن ان الوصی أو الواقف المریض الذی یأخذ حکمه أحق من الدولة فی التصرف فیما زاد عن ثلث ترکته اذا لم یترک وارث له.
ویذهب جانب من الفقهاء المسلمین الى انه لو وقف مریض أمواله کلها ، ثم مات فی مرضه ولیس له وارث سوى زوجته ، صارت أمواله کلها وقفاً ان اجازته ، والاّ أخذت سدس الترکة ، وصار خمسة اسداسها وقفاً لان الوقف یأخذ حکم الوصیة وهذا الحکم یتفق مع نص المادتین (87 و 88) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی المضافتین بقانون التعدیل الأول رقم 11 لسنة 1963 .
ویتضح من کل ما تقدم ان وقف المریض الخیری أو على غیر الوارث یصح وینفذ بحدود ثلث الترکة ، وما زاد باجازة الورثة ، وان هناک خلاف فیما زاد عن الثلث لمن لا وارث له ، ونرجح الرأی القائل بانه لا یحق للدولة إبطاله.
الفرع الثالث
الوقف المشترک للمریض
یقصد بالوقف المشترک : ما وقفه الواقف على جهة خیریة ، وعلى الأفراد أو الذراریّ. أی انه وقف خیری وذری یشترک فی تقاسم غلته الاثنان ونسبة الاشتراک فیه اما تکون معینة، أو تکون غیر معینة کالاوقاف الموقوفة على جهة خیریة ومشروط فیها صرف فضلة غلتها على الافراد أو الذراری أو بالعکس .
والجهة الخیریة الموقوف علیها فی الوقف المشترک ، اما واحدة أو عدة جهات خیریة، والجهة الأخرى الذریة المشترکة معها ، قد تتنوع على وفق شرط الواقف المریض مرض الموت ، فتکون اما على ورثة الواقف جمیعهم أو على بعضهم دون البعض الآخر، أو على غیر ورثة الواقف کنافلته أو اولاد أخیه ، أو على غیر قرابته اجانب علیه کأشخاص معینین بالاسم أو الوصف،أو یجمع الوقف بین الورثة وغیر الورثة من قرابة الواقف والاجانب عنه..
ولاشک ان الوقف المشترک للمریض المنجز الذی یأخذ حکم الوصیة بعد موته فیه اذا کان معین وموصوف بصرف غلته على الموقوف علیهم المعینین جمیعهم بالاشتراک على وفق شرط الواقف فانه یتم التعامل معه جملة بوصفه وقف واحد مشترک من حیث کونه فی حدود ثلث ترکة الواقف أو ازید منها ، واجازة الورثة أو عدمها ، وله وارث أو لیس له … ، فالحکم فی کل حالة یفهم مما سبق ان بسطنا فیه شرحاً وتوضیحاً .
اما لو تعددت وقوف المریض ووصایاه ، کأن وقف عقار له على جهة مشترکة خیریة وذریة ، ثم وقف عقاراً آخر على جهة أخرى غیرها أو أوصى بوصایا لآخرین … ، فسوف تتزاحم وقوفه ووصایاه فی ثلث الترکة ان لم یسعها ولم یجزها ورثته ، أو فی الترکة جمیعها ان لم تسعه واجیزت ، ولا یرجح الوقف فی مرض الموت على غیرها من وصایا الواقف عند التنفیذ
فلو وقف الواقف فی مرض موته عقاراً له على قوم ، واوصى بوصایا لآخرین ، والثلث لا یفی بذلک ، ولم یجزها الورثة ، یضرب لاصحاب الوصایا فی ثلث الترکة بقدر ما أوصی لهم ، ویضرب لأهل الوقف فی الثلث بقیمة العقار ، فما أصاب الوصایا منه أخذوه ، وما أصاب قیمة العقار الموقوف منه أخرج من العقار بذلک المقدار فتصیر وقفاً على من وقف علیهم . فلو کان ثلث الترکة (30) ملیون دینار عراقی ، وقیمة العقار الموقوف (40) ملیون دینار ، ومجموع وصایاه (20) ملیون فیعطى لاصحاب الوصایا (10) ملیون،ونصف قیمة العقار یکون وقفاً ، لان وقف المریض کالوصیة متساویان بالدرجة ، وقسم الثلث بینهما قسمة محاصة أی بالتناسب بینهما . وذهب الجعفریة الى البدء بالاول فالاول حتى یستوفى قدر الثلث ، ثم یبطل مازاد ، وان جهل المتقدم قیل یقسم على الجمیع بالحصص ، واستعمال القرعة حسن .
اما اذا کانت الوصایا ومن فی حکمها وقف المریض غیر متساویة الدرجة ، فیقدم الاقوى فالاقوى عند التنفیذ ، فتقدم الوصیة بالعتق ، لأن الإسلام رافض للرق ، وان العتق اسقاط ملک لا الى مالک ولا یصح الرجوع فیه بخلاف الوصایا ، ثم تنفذ الوصایا بالقربات حسب مراتبها ، الفرائص اولاً کالوصیة بإداء الزکاة ، ثم الواجبات کالوصیة بإداء نذر وجب علیه ، ثم النوافل ومنها الوقف الخیری ثم المشترک ثم الذری ، وهذا مذهب الحنفیة ، فی حین ذهب جمهور الفقهاء الى ان حقوق الله المالیة کالزکاة والکفارات والنذور والحج تنفذ من أصل الترکة کالدیون ، ومنهم من یقدمها على الدین لان دین الله احق بالوفاء ، وتنفذ الوصایا من ثلث الباقی فی الترکة ، واذا لم یسعها یقسم قسمة محاصة ،وخالفهم الجعفریة - کما ذکرنا - بالبدء بما اوصى به الموصی اولاً ثم التی تلیها وهکذا ویعطل ما جاوز الثلث ، اما اذا اشترک عدة اشخاص فی وصیة واحدة کأن قال اوصیت لفلان وفلان … فالثلث بینهما محاصة .
اما اذا تزاحم وصایا للعباد وللقربات ، قسم الثلث أو الترکة حسب الأحوال بینهما قسمة محاصة فما أصاب العباد أخذوه ، وما أصاب القربات تنفذ کما اسلفنا.
ونعتقد ان ما ذهب الیه جمهور الفقهاء جدیر بالتأیید فی إخراج حقوق الله المالیة من أصل الترکة کالدیون وقسمة الثلث الباقی قسمة محاصة بین وصایاه ان کانت بدرجة واحدة، والا للاقوى فالاقوى ..کأن وقف الواقف فی مرض موته وقف ذری ، ثم وقف خیری ، ثم وقف مشترک ، ثم أوصى بوصایا أخرى لاشخاص معینین ، ثم لجهة خیریة ، ثم لجهة مشترکة ..، فینفذ الوقف الخیری والوصیة للجهة الخیریة اولاً ، لان ما یکون للجهة الخیریة حالاً لیس کما یکون مآلاً کما فی الوقف الذری ، ثم ینفذ الوقف المشترک والوصیة المشترکة لاشتراکهما بین الجهة الخیریة والذریة، ثم ینفذ الوقف الذری والوصیة لشخص معین ، ویعطل ما جاوز الثلث أو الترکة جمیعها حسب الأحوال بعدم الاجازة أو الاجازة . واذا لم یفِ الثلث أو الترکة فی أی صنف من الاصناف المذکورة آنفاً فیکون قسمة محاصة بین أصحاب الصنف ولا یفضل الوقف على الوصیة.
اما موقف المشرع المصری من تزاحم الوصایا ، فذهب الى تقدیم الوصیة الواجبة لفرع الولد على غیرها من الوصایا بقدر نصیبه فی حدود الثلث سواء أوصى أم لم یوصِ ، أو أوصى له بأقل من نصیبه ، وتتزاحم بقیة الوصایا الاختیاریة جمیعها ان لم یفِ بها ما تنفذ به بالمحاصة . اما اذا کانت وصایا بالقربات ، فاما متحدة الدرجات کأن کانت نوافل ومنها وقف المریض فیقسم الثلث أو الترکة حسب الأحوال بینهم بالتساوی ، وان اختلفت درجاتها قدمت الفرائض على الواجبات ، والواجبات على النوافل .
اما المشرع العراقی فانه سایر المشرع المصری فی تقدیم الوصیة الواجبة لفرع الولد على غیرها من الوصایا الاختیاریة ومنها وقف المریض فی الاستیفاء من ثلث الترکة، فاذا استغرقت الثلث توقف نفاذ الوصایا الاختیاریة على اجازة الورثة ، ولم یعالج المشرع العراقی تزاحم الوصایا الاختیاریة . لذا نقترح علیه ایراد نص فی قانون الأحوال الشخصیة یتضمن:- (( اذا کانت الوصیة بالقربات ، ولم یفِ بها ما تنفذ فیه ، قدم الاقوى فالاقوى ، ما لم یقل الموصی خلاف ذلک )) فتنفذ الفرائض ، ثم الواجبات ، ثم النوافل ، وکل منها ینفذ حسب قوته ، فاذا کانت نوافل یقدم وقف المریض الخیری ووصایاه الخیریة على وقفه الذری ووصایاه لغیر الجهة الخیریة .
الخاتمــة
بعد ان انتهینا من دراسة موضوع أحکام وقف المریض مرض الموت ، فمن الضروری بیان أهم ما توصلنا الیه من نتائج وتوصیات :-
اولاً: النتائج
1- ان وقف المریض مرض الموت ، تصرف قانونی من جانب واحد بحبس العین المملوکة والتصدق بمنفعتها على وجه التأبید ، عندما یشعر الواقف بدنو أجله لاصابته بمرض لا شفاء منه ، فیأخذ حکم الوصیة بعد موته فیه فی اعتباره من ثلث ترکته .
2- وقف المدین المنجز غیر المحجور علیه فی صحته اومرضه – قبل اتصاله بالموت- صحیح ونافذ ، ولیس لدائنیه حق إیقاف نفاذه لان حقوقهم متعلقة بذمته ، ولیس بماله بسبب الحجر علیه أو موته فی مرضه ، ولا فائدة للدائن من الطعن فی تصرفات الواقف فی وقفه بدعوى عدم نفاذ التصرف – الوقف – لأنه لا یستطیع إیقاف نفاذ وقف المدین وابطاله ، لان المادة ( 62/ ثانیاً) من قانون التنفیذ العراقی رقم 45 لسنة 1980 منعت حجز أو بیع الأموال الموقوفة ، فضلاً عن ان الوقف خرج من ملک صاحبه واصبح فی حکم ملک الله سبحانه وتعالى .
3- وقف المدین المنجز المحجور علیه قبل انشاء الوقف فی صحته أو مرضه متوقف نفاذه على اجازة دائنیه من وقت إنشائه لتعلق حقوقهم بذمته وماله بالحجر.
4- یکون وقف المریض المنجز غیر المحجور علیه لدین صحیح ، ولکن غیر نافذ بحق دائنیه فی حالة واحدة وهی عند اتصال مرضه بموته لتعلق حق دائنیه بذمته وماله بالمرض الذی مات فیه .
5- وقف المریض مرض الموت ، قد یکون ابتداء على وارث أو على غیر الوارث أو على کلیهما معاً ، ثم على جهة بر لا تنقطع ، أو یکون على جهة خیریة ابتداء أو یکون على جهة ذریة وخیریة معاً ، ولکل أحکامه الخاصة به.
6- على الرغم من ان وقف المریض مرض الموت یأخذ حکم الوصیة ، الا انه وجدنا هنالک فروقاً بینهما من حیث ملکیة العین ومنفعتها والتصرف فیها…
7- عَدَّ المشرع العراقی الوقف فی مرض الموت بحکم الوصیة لانه تصرف ناقل لملکیة العین الموقوفة من مالک الى غیر مالک ، ویقصد به التبرع .
8- أخذ کل من المشرع المصری والعراقی بمذهب الجعفریة والزیدیة فی صحة ونفاذ وقف المریض مرض الموت على بعض الورثة ، ونفاذه من الثلث دون اجازة بقیة الورثة.
9- المشرع العراقی وقع فی تناقض بین حکمه فی المادة (70) من قانون الاحول الشخصیة رقم 188 لسنة 1959 عندما عَدَّ الدولة وارثاً لمن لا وارث له بحکم القانون ، والمادة (88/4) من القانون نفسه عندما عدَّ وقف المریض بجمیع المال الذی یأخذ حکم الوصیة صحیحاً ونافذاً ان لم یکن له وارث ، لانه قـدم حقـه على بیت المـال فی استحقاق الترکة بالترتیب .
10- وقف المریض الخیری أو على غیر الوارث یصح وینفذ من الثلث ، وما زاد باجازة الورثة ان وجدوا ، والاّ من أموال الواقف جمیعها ولا یحق للدولة حجب الزیادة ان لم یکن له وارث على الرأی الراجح.
11- لا یرجح وقف المریض مرض الموت على غیره من وصایا الواقف عند التنفیذ ، لأنهما متساویان بالدرجة فی الشریعة والقانون المصری .
ثانیاً: التوصیات
1- نقترح على المشرع العراقی تقدیم الأموال والأعیان الموقوفة على أموال الدولة فی الترتیب الذی جاء فیه نص المادة (62) من قانون التنفیذ رقم 45 لسنة 1980، لان أموال الوقف فی حکم ملک الله سبحانه وتعالى ، وهی فوق أموال الدولة العامة .
2- لم ینظم المشرع العراقی أحکام وصیة المدین المریض مرض الموت ، لکی یأخذ وقف المریض حکمها ، لذا نقترح الآخذ بالنص الآتی : (( تصح وصیة المدین المستغرقة ترکته بالدین ، وتنفذ من أصل الترکة إن أجازها دائنوه ، ومن ثلثها إن أبرؤوه من الدین کله أو بعضه ، أو کان غیر مستغرق بعد وفاء الدین)).
وبذلک یکون وقف المریض مرض الموت نافذاً من الترکة جمیعها إن اجازه دائنوه ، ومن ثلثها إن أبرؤوه منها دون تخصیص للوقف.
3- نقترح على المشرع العراقی إلغاء نص المادة (70) من قانون الأحوال الشخصیة رقم 188 لسنة 1959 المعدل لتعارض الشق الأخیر منها مع نص الفقرة الثالثة من المادة (88) من القانون ، فضلاً عن ان مضمون الشق الأول منها یغنیه ما جاءت به المادة (1108) من القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 .
4- ندعو محکمة تمییز العراق بالاتجاه نحو صحة ونفاذ وصیة أو وقف المریض مرض الموت بجمیع المال لمن لم یکن له وارث بالقرابة أو الزواج ولا مقر له بنسب حملاً على الغیر عملاً بالفقرة الثالثة من المادة (88) من قانون الأحوال الشخصیة رقم 188 لسنة 1959 المعدل لانه اتجاه اکثر انسجاماً مع غرض المشرع العراقی.
5- لم یعالج المشرع العراقی موضوع تزاحم الوصایا الاختیاریة ، ومنها وقوف المریض مرض الموت التی تأخذ حکمها.
لذا نقترح إیراد النص الآتی فی قانون الأحوال الشخصیة العراقی : ((إذا کانت الوصیة بالقربات ، ولم یفِ بها ما تنفذ فیه ، قدم الاقوى فالاقوى ، ما لم یقل الموصی خلاف ذلک)) فتنفذ الفرائض ، ثم الواجبات ، ثم النوافل ، کل حسب قوتها ، فاذا کانت نوافل قدم وقف المریض مرض الموت الخیری ووصایاه الخیریة على وقفه الذری ووصایاه الذریة الاّ اذا شرط الواقف أو الموصی الترتیب فیتبع شرطه .
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
First: Books of Hadith and Dictionaries of Language.
1 - Bukhari, Abu Abdullah Muhammad bin Ismail bin Ibrahim bin Bardzbh Jaafi: Saheeh Bukhari, cared for by Abu Abdullah Mahmoud bin Gemayel, C 1, Cairo, Safa Library, 1423 - 2003.
2- Al-Jawhari, Isma'il Bin Hammad: Al-Sahah, Taj al-Luhah and Saheeh al-'Arabiyya, by Ahmad Abdul Ghafoor Attar, 6, 3, Beirut, Dar Al-Ilm for millions, 1984.
3 - Al-Razi, Muhammad ibn Abi Bakr bin Abdul Qader: Mukhtar al-Sahah, Beirut, the House of Scientific Books, without a year.
4- Sannani, Muhammad bin Ismail: Ways of Peace Explain the attainment of al-Maram from the collection of evidence of judgments, C 3, Amman, Dar al-Furqan, without a year.
5 - Turquoise Abadi, Majd al-Din Muhammad ibn Ya`qub: Ambient Dictionary, C3, Beirut, Arab Foundation for Printing and Publishing, without a year.
6 - Fayoumi, Ahmed bin Mohammed bin Ali al - Maqri: the light bulb, C 2, I 8, Cairo, printing press Amiri, 1939 m.
7 - Nuclear, Mohiuddin Yahya bin Sharaf: Sahih Muslim interpretation of the nuclear curriculum called Explanation of the correct mosque, the investigation of Mustafa Dib Baja, C 3, Damascus, House of Humanities, 1418 - 1997.
Second: Jurisprudence and Legal Books
8 - Ibn Hazm Andalusi, Abu Muhammad Ali bin Ahmed bin Said: Local Sharh Majali, investigation Ahmed Mohammed Shaker, C 10, Beirut, the House of Revival of Arab heritage, 1418 - 1997.
9 - Ibn Abdeen
10 - Son of a judge
11 - Ibn Qudaamah
12 - Ibn al-Murtada
13 - Abu Zahra, Muhammad: Explanation of the Willow Law, Cairo, the Anglo-Egyptian Library, 1950
14. Al-Adhami, Hussain Ali: Waqf Provisions, I 3, Baghdad, Al-Ma'arif Press, without a year.
15 - Bajauri, Ibrahim: Bajouri footnote to the explanation of Ibn al-Qasim Ghazi on board Abi Shuja, Volume II, Beirut, the House of Revival of Arab heritage, 1417 H-1996.
16- Pasha, Mohamed Qadri: The Law of Justice and Equity in the Elimination of Endowment Problems, Study and Investigation: Ali Gomaa Mohamed and Mohamed Ahmed Siraj, Cairo, Dar es Salaam, 1427H - 2006 AD.
17. Badran, d. Badran Abul-Enein: Rulings of Wills and Endowments, Alexandria, University Youth Foundation, 1982.
18- Talafari, Mustafa Muhammad Jamil: The provisions and instruments of will and guardians, Mosul, University Press of Mosul, 1986.
19 - Jaafari, Mohsen: The provisions of the personal status of the Jaafari doctrine, the achievements of the patient, published on the network of the introduction of global information and on the site: http: llwww.al-asfoor.com/article-1211.htm. Hakim, d. Abdul Majid and Abdul Baki al-Bakri and Mohammed Taha al-Bashir: Civil Law and the provisions of commitment, C 2, Baghdad, Dar books for printing and publishing, 1400 H-1980.
20- Haidar, Ali: Arrangement of the Sunnaf in Standing Provisions, 1, Translation and Commentary Akram Abdul-Jabbar and Muhammad Ahmad Al-Omar, Baghdad, Baghdad Press, 1950.
21- Al-Kharshi, Muhammad bin Abdullah bin Ali: A footnote to Al-Kharshi on the manual of Sidi Khalil and Bhamshah, a footnote to Ali ibn Ahmad al-Adawi, c 7, Beirut, Dar al-Kuttab al-Alami, 1417H-1997.
22 - Khatib, Ahmed Ali: Waqf and the commandments, Baghdad, Press Knowledge, 1388 - 1968 m.
23. Light, Ali: The Provisions of the Will, Cairo, World Press, 1962.
24- Dardair, Ahmed bin Mohammed bin Ahmed: the small commentary on the closest path to the doctrine of Imam Malik and Bahmsh language of the closest to the tract of Ahmed bin Ahmed Al-Sawy, C 4, Cairo, the House of knowledge, 1974.
25- Dessouki, Mohammed bin Ahmed bin Arafa: footnote to the Dasouki great explanation and Mehmsh reports of Mohammed bin Ahmed bin alias, known as Alish, 5, 2, Beirut, the House of Scientific Books, 1424 - 2003.
26- Lectures in Waqf, Cairo, Ahmed Ali Mukhaimar Press, 1959.
27- Al-Sabzawi, Abd al-'Ahli al-Musawi: Mahthab al-Hakam in the statement of halal and haram, c 22, Najaf, Al-Adab Printing Press, 1404 H-1984.
28- Shirazi, Ibrahim bin Ali bin Yusuf: Al-Muhasheb, M1, C1, I2, Beirut, Dar Al-Maarefa for Printing and Publishing, 1959.
29- Tahawi, Ahmad: Entourage of the Tahawi Ali Durr Mukhtar, Volume II, Beirut, Dar al-Maarifah, 1395 AH - 1975.
30 - Trabelsi, Burhanuddin Ibrahim bin Musa bin Abi Bakr bin Sheikh Ali: Ambulance in the provisions of the endowments, Beirut, Dar al-Raed al-Arabi, 1401-1981.
31- Ibn Abidin, Muhammad Amin: The response of al-Muhtar to al-Durr al-Mukhtar Explanation of the enlightenment of the vision with the completion of Ibn Abidin for the son of the author, study, investigation and comment: Adel Ahmad Abdul-Muqeem and Ali Muhammad Awad, 6, 2, Beirut.
32 - Ani, Mohammed Shafiq, the provisions of the endowments, Baghdad, the Islamic Company for Printing and Publishing Ltd., 1375 AH - 1955 AD.
33- Al-Omrani, Yahya bin Abi Al-Khair bin Salim bin Asaad bin Abdullah bin Mohammed bin Musa bin Omran: the statement in the jurisprudence of Imam Shafi'i, investigation: Ahmed Hijazi Ahmed Al-Sakka, C 8, Beirut, the House of Scientific Books, 2002 - 2002.
34- Ibn Qadi Samawneh: Mahmoud Ben-Israel: The Mosque of Al-Faslain and Bhamshah The Fine Annotations and Arrivals of Khairi al-Din al-Ramli, Egypt, Grand Printing Press, 1301 AH.
35- Ibn Qudaamah al-Maqdisi: Shams al-Din Abu al-Faraj 'Abd al-Rahman ibn Abi' Umar Muhammad ibn Ahmad: great commentary on the singer, c 6, Egypt, Dar al-Kitab al-Arabi, 1393 AH -72.
36- Ibn Qudaamah al-Maqdisi, Muwafaq al-Din Abu Muhammad Abdullah ibn Ahmad ibn Muhammad: The Singer and the Great Explanation, c 6, Egypt, Dar al-Kitab al-Arabi, 1393 AH - 1972.
37- Qaliubi, Shahabuddeen Ahmed bin Ahmed bin Salama: Entourage of the Kalioubi on the treasure of the desire to explain the curriculum students, C 3, I 2, Beirut, the House of Scientific Books, 1424 - 2003.
38- Al-Kubaisi, Ahmed Obaid: Personal Status in Jurisprudence, Jurisprudence and Law, C2, Wills and Waqf and Waqf, Baghdad, Press Guidance, 1970.
39- Brief description of the Personal Status Law and its amendments, C2, Mosul, Dar al-Kutab for printing and publishing at Mosul University, 1991.
40. Al-Kubaisi, Muhammad Obaid: Rulings on Waqf in Islamic Sharia, c 1, Baghdad, Al-Idris Press, 1977.
41- Al-Kashnawi, Abu Bakr Bin Hassan: Easiest to Explain Ershad Al-Salik in the Doctrine of the Imam of Imams Malik, C1, Beirut, Modern Library, 1424H - 2003.
42 - Investigator ornaments, Jaafar bin Hassan bin Abi Zakaria bin Said al - Hadhli: The laws of Islam in Islamic jurisprudence Jaafari, Beirut, Library of Life, 1978.
43 - Ibn al-Murtada, Ahmed bin Yahya: Sea Desert of the whole of the doctrines of the scholars of the Amazim and Bmahshh book Jawaher News and Antiquities, C 5, Beirut, the House of Scientific Books, 1422 e - 2001.
44- Singer, Mohammed Jawad: Jurisprudence of Imam Ja'far al-Sadiq, J6, without place and year published.
45- The Commandments and Legacies on the Five Schools of Thought, II, Beirut, The National Library, 2004.
46- Encyclopedia of jurisprudence, C 44, Kuwait - Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, 1427 - 2006.
47 - Najdi, Ahmed bin Mohammed al-Manqur Tamimi: many fruits in useful matters, C 1, Damascus, the Islamic Bureau, 1380 e.
48- System, and a group of Indian scholars: Indian fatwas known as the world-famous Fatwas, by the margin of Fatkha Qadihan, C2, I3, Beirut, Revival of Arab Heritage, 1400 H-1980.
49- Hilal Al-Rai, Bin Yahya Bin Muslim Basri: The Rulings of the Waqf, Hyderabad Dakkan (India), The Council of the Department of Ottoman Knowledge, 1355 AH.
50- The son of Hammam al-Hanafi, Kamal al-Din Muhammad ibn al-Wahid al-Suwaisi: Fatah al-Qadeer on the guidance, C5, Egypt, the great printing press Amiri, 1316 e.
Third: Research published in magazines
51- Bach, Mohammed Kamel Morsi: The Patient's Behavior of Death, Research published in the Journal of Law and Economics, Faculty of Law, Cairo University, 3rd issue, eighth year, 1938.
Fourth: University Thesis
52. Al-Hayali, Muhammad Rafea Younis Mohammed: Metwally Al-Waqf, Master Thesis submitted to the Faculty of Law, University of Mosul, 2005.
53- Al-Mazroui, Habib Idris Issa, Behavior of the Patient Death Disease, Master Thesis submitted to the Faculty of Law, University of Mosul, 2005.
Fifth: Judicial and Legislative Groups
54. Al-Fakahani, Hassan: Jurisdiction and Jurisprudence Group of the Arab States, C 26, Cairo, Arab House of Legal Encyclopedias, 1977-1978.
55- Hashemi, Muhammad: Judgment in Your Hands, Al-Najah Press, 1957.
56- Ibn Younis, Muhammad and Nabil Said: Encyclopedia of Arab Legislation, C 9 Legal Provisions - Personal Status - Law, Lebanon, without publisher and year.
57. The first ten-year period of the legal journal: Issued by the Egyptian National Bar Association, 1920-1930, Cairo, Egyptian Book Publishing House, 1932.
58. Judiciary of the Court of Cassation of Iraq: Decisions Issued in the Years 1967-1967, M4, Baghdad, Government Press, 1970.
59- The Legal Encyclopedia: Issued by the Iraqi National Insurance Library, p. 41, Baghdad, 1999.
60. Judicial Notice: Issued by the Technical Office of the Court of Cassation, PO Box 2, 5, Baghdad, 1974.
Sixth: Legislation
61. Journal of Judgments.
62 - Egyptian Will Law No. 71 of 1946.
Law of the provisions of the Egyptian moratorium No. 48 of 1946.
64- Egyptian Civil Code No. 131 of 1948.
65. Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.
66- Decree of the Liquidation of the Iraqi Atomic Stay No. (1) of 1955.
67- The Law of Abolishing the Egyptian National Endowment No. 180 of 1952.
68. Iraqi Personal Status Law No. 188 of 1959.
69- Iraqi Real Estate Registration Law No. 43 of 1971.
70 - Iraqi Execution Law No. 45 of 1980.
71. Jordanian Civil Code No. 43 of 1976.
72- Law of Islamic Endowments and Islamic Affairs of Jordan No. 32 of 2001.